اخر الاخبار

برغم مرور أكثر من عقدين على التغيير السياسي في العراق، تعيش محافظة ديالى التي كانت واحدة من أبرز المحافظات الصناعية في البلاد، أزمة صناعية خانقة؛ إذ تحول أكثر من 400 مصنع ومنشأة صناعية إلى خردة حديد، فيما فقد 50 الى 60 ألف عامل مصدر رزقهم، وسط غياب واضح للدعم الحكومي.

خطة لإحياء المصانع والورش

يقول رئيس مجلس محافظة ديالى عمر الكروي إن عوامل عدة تضافرت، وأدت الى تحويل أكثر من 400 معمل ومنشأة صناعية داخل المحافظة إلى خردة بعد عام 2003، برغم أن هذه المصانع كانت تنتج أكثر من 100 منتج متنوع من البضائع والسلع، التي كانت تزوّد الأسواق العراقية في عدد من المحافظات، منها العاصمة بغداد.

ويضيف الكروي في تصريح خص به "طريق الشعب"، أن أكثر من 400 معمل ومنشأة صناعية في المحافظة، تحولت إلى خردة حديد بعد عام 2003، ما أدى إلى فقدان ما بين 50 إلى 60 ألف عامل لمصادر رزقهم، مشيرا الى ان "ديالى تعد من أكثر المحافظات تضرراً نتيجة توقف الإنتاج الصناعي".

ويؤكد أن الحكومة المحلية "قدمت قبل أشهر خارطة طريق لإعادة إحياء تلك المصانع والورش الصناعية، وتوفير المناخ المناسب لاستئناف العمل"، معتقدا أن "إعادة إحياء المصانع ستسهم في توفير فرص عمل كبيرة للعاطلين، وتخفف من معدلات البطالة والفقر في مناطق عدة داخل المحافظة".

تأكيد: 400 معمل صارت خردة حديد

من جهته، أكد مدير مكتب صناعة ديالى رسول علوان عيدان، أن الأرقام التي أعلنها رئيس مجلس المحافظة بشأن وجود أكثر من 400 معمل تحولت إلى خردة حديد بعد عام 2003 "صحيحة وتعكس واقعاً صناعياً مؤلماً تعيشه المحافظة منذ سنوات".

وقال عيدان في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "القطاع الصناعي في ديالى تضرر بشدة نتيجة غياب الحماية للمنتج المحلي، وانتشار المنافذ غير الرسمية، فضلاً عن وجود فساد إداري في مقابل غياب الدعم الحكومي الحقيقي للقطاع الصناعي الخاص".

وأضاف أن "من بين أبرز المشكلات التي تواجه أصحاب المعامل هي عدم توفر المشتقات النفطية، خصوصاً مادة الكاز اللازمة لتشغيل المولدات، إلى جانب غياب القروض الداعمة للمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة".

وأشار عيدان إلى أن "دائرة الصناعة في ديالى تتحرك بالتنسيق مع اتحاد الصناعات العام في بغداد، وتم عقد لقاءات واجتماعات عدة، وصدرَت قرارات من رئيس الوزراء لدعم القطاع الصناعي، لكنها للأسف لم تُطبّق على أرض الواقع".

وتابع أن "غياب البنية التحتية المناسبة يمثل عائقاً كبيراً أمام عودة النشاط الصناعي"، داعيا الحكومة الى ايجاد دعم حقيقي للقطاع الخاص، وتوفير الحماية المناسبة للمنتج المحلي، والوقود، وتسهيل الإجراءات الإدارية من قبل الوزارات المعنية.

اهمال متعمد

الباحث في الشأن الاقتصادي عبدالله نجم، يرى أن "تأخر النهوض بالقطاع الصناعي في محافظة ديالى يعكس حالة عامة من الإهمال التي يعاني منها هذا القطاع في العراق"، مؤكدة أن "الصناعات المحلية في ديالى تمتلك مقومات كبيرة كان يمكن أن تجعلها رافداً مهماً للاقتصاد الوطني، لو حظيت بالدعم المطلوب".

ويقول نجم لـ"طريق الشعب"، أن "الاعتماد المتزايد على الاستيراد، وغياب الحماية للمنتج المحلي، سببا شللا كبيرا للصناعة الوطنية، وأديا الى تفاقم معدلات البطالة والفقر في المحافظة"، مشيرا إلى أن "القطاع الصناعي في المحافظة لا يزال يتكئ على مبادرات محدودة لا ترقى إلى مستوى النهوض الشامل المطلوب".

ويشدد على أن "غياب النشاط الصناعي حرم الشباب من فرص التدريب المهني واكتساب المهارات العملية، ما يزيد صعوبة اندماجهم في سوق العمل، ويحد من قدرتهم على خلق فرص عمل لأنفسهم في المشاريع الصغيرة والمتوسطة".

ويرهن نجم إعادة إحياء المصانع المتوقفة بوجود "إرادة سياسية واقتصادية واضحة، وخطة متكاملة لتأهيل البنية التحتية، وتوفير الطاقة، ومنح القروض الإنتاجية، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين المحليين".

وختم بالقول إن "إحياء الصناعة في ديالى لن ينعكس فقط على واقع المحافظة، بل سيكون نقطة انطلاق لإعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس الإنتاج الحقيقي، بدلاً من الاعتماد المفرط على الاستيراد والنفط".