اخر الاخبار

أصبحت ظاهرة استبدال مدربي الفرق بعد أول خسارة أو ثاني خسارة، أمرًا شائعًا لدى أغلب أندية دوري نجوم العراق، حيث يتم تحميل المدرب وحده مسؤولية النتائج السلبية، دون تقييم شامل أو مراجعة حقيقية للوضع، بينما الواقع مختلف تمامًا. فالاختيار الأصلي للمدرب يتحمله النادي نفسه، إذ تختار الهيئة الإدارية للنادي المدرب غالبًا دون دراسة متأنية أو تمحيص، بل بشكل سريع ومستعجل، أحيانًا اعتمادًا على العلاقات والصداقة أو التأثيرات الشخصية، وهو ما يشكل خطأ كبيرًا.

اليوم نجد بعض الأندية تبدأ الموسم الجديد 2025–2026 بدون مدرب محدد، وهذا دليل على الاختيارات غير المدروسة التي تؤدي إلى استبدال المدرب بشكل متسرع، وتعيين مدرب جديد دون دراسة سيرته أو الاطلاع على تاريخه التدريبي، وهنا تحدث الكارثة.

لذلك أكرر القول لأندية دوري نجوم العراق: عليكم عند اختيار مدرب لفريقكم أن تدققوا في مستواه وإمكاناته، وأن تحددوا ما تريدون تحقيقه من خلاله، وما هو الموقع الذي تطمحون للوصول إليه مع فريقكم. عندها يمكن اختيار المدرب المناسب الذي يمتلك الإمكانيات اللازمة لتنفيذ خططكم، والقادر على تطوير الفريق في ظل وضعه الحالي.

أيها الإخوة في أندية الدوري، يجب أن تتعرفوا أولًا على المطلوب من المدرب، وما هي النتائج التي تطمحون لها. الأمر المهم أيضًا هو أن يتم اختيار لجنة فنية متخصصة تضم لاعبين سابقين من النادي أو مختصين بكرة القدم، لتقوم بدراسة إمكانية المدرب المتقدم للعمل، وفحص سيرته الذاتية، والاطلاع على خبراته ونتائجه مع الفرق التي سبق له العمل معها، والتأكد من أسلوبه في قيادة الفريق ومستواه العملي والنظري.

أوجه نداءً خاصًا لإدارات الأندية، بأن الواجب عند اختيار مدربي فرقكم هو طلب التزام المدرب للعمل لموسمين على الأقل، لأن الموسم الأول يكون عادة فترة تجريبية للتعرف على اللاعبين وتثبيت أساليب اللعب، وفي الموسم الثاني تظهر النتائج بشكل واضح. أما الطريقة الشائعة في بعض الأندية، حيث يعمل المدرب لنصف موسم فقط ثم يُستبدل في النصف الثاني، فهي أسلوب خاطئ يضر بالفريق ويعرقل الاستقرار الفني.

في الدول المتقدمة والعريقة في كرة القدم، تلتزم الأندية بمدربيها لسنوات طويلة ومواسم متعددة، لأن طول فترة التدريب والاستقرار التدريبي يؤدي إلى تطور الفريق واستيعاب اللاعبين لأفكار المدرب، وهذا ما نفتقده في أنديتنا العراقية.

مما يُظهر أهمية الاستقرار التدريبي، نجد أن نادي الشرطة قد استقر على ملاكه التدريبي لعدة مواسم، الأمر الذي ساهم في تحقيق نتائج متميزة، حيث فاز بالدوري لأربع مواسم متتالية، وهو إنجاز لم يتحقق سابقًا في الكرة العراقية.

لكن الظاهرة العامة في الأندية العراقية هي سرعة استبدال المدربين وتغييرهم لأسباب شتى، وهذه الظاهرة ازدادت حتى أصبحت شبه عادة. السبب الأساسي وراءها هو غياب لجنة فنية متخصصة تضم خبراء وكفاءات في كرة القدم، تكون لها الكلمة الفصل في اختيار المدربين وطواقمهم التدريبية، وتقييم كفاءتهم.

غياب هذه اللجنة الفنية وعدم فاعليتها يؤدي حتمًا إلى ثغرات، ويفتح المجال لتأثيرات أشخاص غير مختصين، مما يضر بالجانب الفني للفريق. لذلك، أدعو إدارات الأندية المشاركة في دوري نجوم العراق إلى تأسيس لجان فنية من أهل الاختصاص وقدامى اللاعبين في النادي، تكون مهمتها دراسة ملفات المدربين ومناقشتهم في الأمور الفنية، وإبعاد الطارئين وغير المختصين عن التدخل في الشؤون الفنية.

المدرب الجيد هو من يجتهد ويعمل بجد من أجل نجاح فريقه، ولذا يجب على إدارات الأندية التريث والتحلي بالحكمة في التعامل مع مدربي فرقها، وعدم الاستعجال عليهم، مع تقديم الدعم الكامل والتعاون لتحسين النتائج. فالمدرب الكفء يحتاج إلى وقت كافٍ ليقدم أفضل أداء ممكن، والاستعجال في استبداله يُعد من الأخطاء الشائعة في عالم التدريب بكرة القدم.