الصفحة الاولى
مثقفون وسياسيون طالبوا بإعادة الاعتبار لها
ثورة 14 تموز.. لحظة مفصلية في تاريخ العراق
لا تزال تُلهم العراقيين وتحفزهم على التغيير
بغداد - محمد التميمي
تحل ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة، والعراقيون يستحضرون أحد أكثر اللحظات تأثيراً في تاريخهم المعاصر، عندما أطاح تحالف الجيش مع الشعب بالنظام الملكي وأعلن قيام الجمهورية العراقية.
وشكلت الثورة منعطفاً حاسماً في حياة العراقيين، إذ أنهت عقوداً من الحكم الملكي الوراثي والارتباط بالسياسات البريطانية، وأطلقت موجة من التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الواسعة. وفي غضون سنوات قليلة، شهد العراق تحولات كبرى شملت توزيع الأراضي على الفلاحين، وتوسيع فرص التعليم، وتعزيز الهوية الوطنية المستقلة، والمواطنة العراقية الجامعة.
ما انفكت محاولات تغييب لحظة تموز برغم كل ما أنجزته الثورة من خطوات باتجاه العدالة الاجتماعية والاستقلال السياسي الكامل، ولم تُمنح المكانة الرسمية التي تليق بها، إذ غُيّبت قسرا عن قائمة الأعياد الوطنية الرسمية، في ظل منظومة حاكمة تتجنب الاعتراف بالمحطات الوطنية الجامعة، لحساب محطات فئوية أو طائفية لا تحظى بإجماع شعبي واتخاذ ذلك عنوانا لإدامة النفوذ والهيمنة.
وبينما تتسابق أطراف السلطة على طمس التاريخ أو القفز عليه، يصرّ مثقفون وسياسيون وأكاديميون على استحضار "لحظة تموز" بوصفها صرخة تحرّر، ومشروع دولة حُرمت من فرصتها في الاكتمال، لكنها ما تزال تلهم المتطلعين إلى غد أفضل بإمكانية التغيير.
تحول تاريخي حقيقي
في هذا الصدد، قال الكاتب والصحفي فلاح المشعل إن ثورة 14 تموز 1958 تمثل محطة تاريخية مجيدة ونقطة تحوّل حاسمة في تاريخ العراق الحديث، إذ أنها أنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية العراقية بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم، أول رئيس عراقي يتولى هذا المنصب في ظل دولة مستقلة ذات سيادة.
وأوضح المشعل في حديث مع "طريق الشعب"، أن عبد الكريم قاسم “كان ضابطاً معروفاً بانتمائه الوطني وروحه العراقية الخالصة”، مشيرًا إلى أن الثورة "جاءت نتيجة تراكم السخط الشعبي والوطني على النظام الملكي الذي كان واقعًا تحت الهيمنة البريطانية، ومتناقضًا مع تطلعات القوى الوطنية، سواء من اليساريين أو الشيوعيين أو القوميين".
وأضاف أن ثورة تموز "لم تكن انقلاباً عسكرياً، وانما جاءت بمشروع تحولي حقيقي تضمن مكتسبات اجتماعية واقتصادية وتعليمية، ورسّخت مفاهيم الدولة الحديثة والعدالة الاجتماعية، ما يجعلها جديرة بتوصيفها كثورة بكل معنى الكلمة".
وانتقد المشعل قرار الحكومة أو البرلمان الحالي بشطب ذكرى الثورة من قائمة الأعياد الوطنية، قائلاً: “أستغرب كيف تجرأت الحكومة أو البرلمان على إلغاء هذه الذكرى، وهي المناسبة الوطنية الأهم، العيد الوطني الحقيقي للعراقيين”.
ورأى أن هذا القرار قد يكون ناتجاً عن تأثير بعض “العقليات الرجعية” أو خصوم عبد الكريم قاسم، أو أولئك الذين يضمرون عداءً تاريخيًاً لليسار أو لمفهوم الجمهورية الحقيقية في العراق".
واختتم بالقول إن الثورة “أنقذت العراق من عهد بائد، وأسست لعهد جديد”، داعيًا إلى مراجعة هذا الموقف الرسمي والإقرار مجددًا بأهمية هذه المناسبة في الذاكرة الوطنية العراقية.
انطلاق نحو عراق عادل
من جهته، أكد المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي أثير الدباس، أن ثورة 14 تموز 1958 تمثل لحظة مفصلية في تاريخ العراق الحديث، وجسّدت إرادة شعب كافح ضد الاستبداد والتبعية، وسعى إلى إقامة دولة العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية.
وقال الدباس في حديث مع "طريق الشعب"، إن فجر الرابع عشر من تموز كان زئيرًا للحرية وقلب الطاولة على الاستعمار وأدواته، معلنًا نهاية حقبة الحكم الملكي وبداية مشروع وطني تحرري بقيادة رجال من طراز خاص".
وأضاف أن الثورة "رغم قصر عمرها السياسي، استطاعت خلال سنوات معدودة تحقيق تحولات كبرى، أبرزها إصدار قانون الإصلاح الزراعي، وإنهاء الإقطاع، وتوسيع التعليم المجاني، وبناء المستشفيات والمدارس، والشروع بقاعدة صناعية وطنية، إلى جانب الانسحاب من حلف بغداد وتبني سياسة عدم الانحياز".
وأشار الدباس إلى أن تموز "جمعت بين القرار الوطني المستقل، والإرادة الشعبية، والعدالة الاجتماعية، وهو ما رسّخ مكانتها في الذاكرة الجمعية للعراقيين رغم محاولات التشويه والإقصاء".
وفي تعليقه على الحاضر، قال إن الثورة اليوم “مطاردة في مناهج التعليم، مُقصاة من احتفالات الدولة”، في وقت “يتسلط فيه من لا يجيدون سوى إنتاج الأزمات وتقاسم الغنائم”، وتسيطر على الحكم منظومة تقوم على المحاصصة والفساد، محوّلة الدولة إلى “غنيمة للطائفة والحزب المتنفذ والعشيرة”.
واستذكر الدباس الفارق الجوهري بين من قاد الثورة، وبين من يحكم اليوم، قائلاً: “بينما كان قادة الثور ينامون دون حماية بين أبناء شعبهم، يعيش المسؤولون اليوم خلف جدران الكونكريت وقوافل الحمايات، وبينما قدّمت ثورة تموز مشاريع حقيقية للفقراء، تُقدّم لنا السلطة الحالية ميزانيات انفجارية تنتهي في جيوب الفاسدين”.
وشدّد على أن العراقيين اليوم بحاجة ماسة إلى قِيَم تموز، لا إلى استنساخها، بل إلى الجرأة في اتخاذ القرار الوطني، والنزاهة في إدارة الدولة، ومشروع وطني شامل يستعيد الدولة من قبضة الفساد والخراب.
واتم حديثه بالقول: “في زمن تتسابق فيه أحزاب السلطة على طمس الذاكرة، تبقى تموز صرخة في وجه النسيان، تقول إن التغيير ممكن، لا بل ضروري، إذا ما امتلكنا شجاعة رجال الثورة الأوائل وانحيازهم للشعب والعدالة”.
ثورة بلا عيد
الى ذلك، قال استاذ العلوم السياسية، د. عامر حسن فياض إن الاحتفاء بثورة الرابع عشر من تموز يجب أن يكون بهدف استذكار دروس النجاح، وتجاوز إخفاقات الماضي، لا للاعتياش على الذكرى أو اجترارها، بل لتحويلها إلى محفز للانتقال نحو مستقبل أفضل يليق بالعراق وشعبه.
ونوه في حديث لـ "طريق الشعب"، ان “العراق لا يستحق ماضيه القديم، ولا حاضره الحالي، بل يستحق مستقبلًا يتجاوز كليهما”، مشيرًا إلى أن "ثورة تموز 1958 كانت ثورة حقيقية بكل المقاييس، سواء من حيث الأسباب والدوافع أو النتائج، إذ جاءت لتُطيح بواقع سياسي لم يكن في صالح العراقيين، وخصوصًا الطبقات الفقيرة".
وأوضح أن الثورة "برغم طابعها الشعبي والتنظيم المحكم الذي قادتها به القوى الوطنية، لم تكن محل ترحيب لدى خصومها في الداخل والخارج، وهو ما ساهم لاحقًا في الالتفاف عليها وتقويض مسارها".
وانتقد فياض غياب الأعياد السياسية والوطنية عن قانون العطل الرسمية في العراق، قائلًا: “من الغريب أن العراق، بكل تاريخه وتضحياته، هو البلد الوحيد الذي لا يمتلك أعيادًا وطنية سياسية حقيقية. القانون الحالي يتضمن نحو 12 عطلة، 10 منها دينية واثنتان مهنية، دون أن تُخصص أي عطلة للمرأة أو للثورات والأحداث الوطنية”.
واختتم بالقول ان “من الطبيعي أن يكون للعراق عيد سياسي على غرار ما تحتفل به شعوب العالم، فهذه مناسبات تستحق أن تُخلّد رسمياً في ذاكرة الأمة”.
راصد الطريق
تسكت لو نحبسك؟!
تشهد البلاد تصعيدا في ملاحقة المطالبين بحقوقهم المشروعة، حتى بات المواطنون يخشون التعبير عن آرائهم، لما يُقابلون به من دعاوى قضائية وتهم كيدية، فضلاً عن حملات ترهيب وتنكيل.
آخر هذه الانتهاكات ما حدث في محافظة البصرة، حيث اقتحمت قوة أمنية منزل الناشط عمار الحلفي، وعرّضت عائلته للترهيب، على خلفية مطالباته بتوفير المياه النظيفة لأهالي المحافظة. حادثة تعيد إلى الأذهان أسلوب "تكميم الأفواه" الذي بات نهجاً متبعا تجاه من يجرؤ على رفع صوته للمطالبة بأبسط حقوقه.
البصرة لم تكن استثناءً، فقد سُجّلت في مدن أخرى، أبرزها بغداد، ممارسات مشابهة، منها ما حدث في منطقة الحسينية، حين تم اعتقال أحد الناشطين قبل عطلة العيد، لضمان استمرار حبسه أطول مدة ممكنة، قبل أن يتدخل القضاء للإفراج عنه بعد انتهاء العطلة.
بعيداً عن النصوص القانونية والدستورية التي تكفل حرية التعبير، فإن هذا الحق يعدّ أساسياً من حقوق الإنسان، وأي محاولة لقمعه أو الالتفاف عليه لن تمرّ دون تبعات، إذ سرعان ما تنقلب هذه الممارسات على أصحابها، وتفقد المؤسسات الرسمية ما تبقى لها من ثقة الشارع، إن بقي هذا الشيء.
إننا نلفت الانتباه هنا إلى أن القضاء والادعاء العام مطالبان اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يؤديا دورهما في كبح هذا التمادي، ومنع أي استغلال للنفوذ، والتصدي لمحاولات معاقبة المواطنين على آرائهم ومطالبهم المشروعة.
فالصمت عن هذه الانتهاكات يعني الكثير..
الصفحة الثانية
العراق في المرتبة 12 عالميًا
باحتياطي الغاز الطبيعي المؤكد للعام الحالي
بغداد – طريق الشعب
حلّ العراق في المرتبة الثانية عشرة عالميًا ضمن قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي للعام 2025، بحسب تقرير نشرته مجلة CEOWORLD الأمريكية. وأوضحت المجلة في تقريرها، أن احتياطي العراق المؤكد من الغاز الطبيعي يبلغ 111 مليارًا و522 مليون قدم مكعب، ما يمثل نحو 1.61% من إجمالي الاحتياطي العالمي. وأشار التقرير إلى أن روسيا، وإيران، وقطر تتصدر قائمة الدول الغنية بالغاز، إذ تمتلك هذه الدول الثلاث مجتمعةً نحو 51% من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة عالميًا، بإجمالي يصل إلى 3.7 كوادريليونات قدم مكعب من أصل 7.3 كوادريليونات قدم مكعب. وتربعت روسيا على الصدارة عالميًا باحتياطي يبلغ تريليونًا و688 مليارًا و228 مليون قدم مكعب، تلتها إيران في المرتبة الثانية بـ1.183 تريليون قدم مكعب، ثم قطر في المركز الثالث بـ850 مليارًا و98 مليون قدم مكعب.
وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الرابعة بـ322 مليارًا و234 مليون قدم مكعب، تليها السعودية خامسًا باحتياطي قدره 303 مليارات و284 مليون قدم مكعب.
يُذكر أن الكوادريليون يساوي مليون مليار، ما يعكس ضخامة الاحتياطيات التي تمتلكها هذه الدول وأهميتها في سوق الطاقة العالمي.
سلسلة احتجاجات في عدد من المحافظات
تصاعد الغضب الشعبي
من الأزمات الخدمية والاقتصادية
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت مدن عراقية عدة خلال الأيام الماضية موجة احتجاجات شعبية غاضبة، عبّر خلالها المواطنون عن استيائهم من تردي الواقع الخدمي، وتراجع الحقوق الأساسية كالمياه وفرص العمل، في مشهد يعكس تزايد الغليان المجتمعي نتيجة السياسات الحكومية، وتنامي الشعور بالإقصاء والتهميش.
البصرة.. الماء يُقابل بالاعتقال
وفي ساحة عبد الكريم قاسم وسط مدينة البصرة، نظم ناشطون مدنيون وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح الناشط علاء البخاتري، الذي اعتُقل عقب دعوته إلى توفير المياه لسكان منطقته.
ورفع المحتجون لافتات تندد بما وصفوه بـ"محاولات تكميم الأفواه"، مشددين على أن "المطالبة بالماء حق، لا تهمة".
رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان علي العبادي، قال: "من هذه الساحة انطلقت احتجاجات 2018 بسبب العطش، واليوم نعود في 2025 لنذكّر الحكومة أن الأزمة مستمرة، وأن صوت المواطن يجب أن يُسمع لا أن يُقمع".
أما الناشط طه المطوري، فقد شبّه ما يجري بـ"استفزاز صارخ"، قائلاً: "نعيش في أيام محرم، ومن يطالب اليوم بالماء يُعامل كأهل الحسين"، في إشارة إلى الظلم التاريخي.
المواطن رحيم عبد تساءل عن دور القضاء قائلاً: "هل يُعقل أن يُعتقل ناشط في مدينة تضم 5 ملايين نسمة لمجرد مطالبته بالماء؟ نطالب بإطلاق سراح البخاتري فوراً"، محذراً من خطورة استمرار الاعتقالات على السلم المجتمعي.
المثنى ترفض التفريط بالسيادة
وفي محافظة المثنى، نظم العشرات وقفة شعبية تحت شعار "خور عبد الله عراقي"، رفضاً لأي اتفاقية تمس السيادة العراقية على هذا المنفذ البحري الحيوي. ورفع المشاركون شعارات تطالب مجلس النواب بعدم التصديق على أي اتفاق يُفهم منه التنازل عن حقوق العراق.
وأكدت الكلمات التي أُلقيت خلال الوقفة على ضرورة توحيد الموقف الرسمي والشعبي في مواجهة أي تهديد للسيادة الوطنية، داعين القوى السياسية إلى تغليب المصلحة العامة ومنع تمرير اتفاقيات مجحفة تمس الأمن الاقتصادي والسياسي للبلاد.
الكوت تواجه سياسة العطش
منطقة البتّار شمالي الكوت شهدت وقفة احتجاجية لمزارعين غاضبين، نددوا بقرارات وزارة الموارد المائية القاضية برفع المضخات الزراعية وتقليص أوقات المراشنة إلى يوم واحد أسبوعياً، ما يهدد بتدمير أراضيهم الزراعية.
المزارع أبو محمد الشمري فقد وصف القرارات بأنها كارثية، قائلاً: "نحن مزارعون لا نملك سوى الأرض والماء، وإذا ضاعت مياهنا ضاع كل شيء".
أما المزارع علي الكعبي، الذي يمتلك 1750 دونماً، فأشار إلى أن "القرار سيقضي على مصدر رزق عشرات العائلات"، مؤكداً أن سكان المنطقة باتوا يعانون حتى في الحصول على مياه الشرب، محذراً من "هجرة جماعية" إذا استمرت هذه السياسات.
ديالى تحتج على سوء الخدمات
وفي محافظة ديالى، خرج العشرات من أهالي مناطق غرب بعقوبة في وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الخدمات، ورفعوا ثلاث مطالب رئيسية وهي تحسين البنى التحتية، وفتح تحقيق عاجل بالمشاريع المتلكئة، وإرسال وفد حكومي رفيع المستوى لتفقد الأوضاع ميدانياً.
المتظاهر أحمد النعيمي قال إن "هذه المناطق تضم الكثافة السكانية الأعلى، لكنها تعاني من إهمال مستمر منذ أكثر من عشرين عاماً"، مطالباً بمحاسبة المسؤولين عن الفساد وتعثر المشاريع الخدمية، لا سيما في قطاعات الطرق والكهرباء والصرف الصحي.
ميسان تصرخ من أجل العمل
وقرب مقر شركة بتروجاينا في محافظة ميسان، نظم العشرات من خريجي قضاء الكحلاء وقفة احتجاجية للمطالبة بتعيينهم ضمن عقود المنافع الاجتماعية، التي تُلزم الشركات العاملة في المناطق النفطية بتوفير فرص عمل للسكان المحليين.
المحتجون، ومعظمهم من مناطق الحلفاية والمعيل، أكدوا أنهم يحملون شهادات دراسية تؤهلهم للعمل، وأن عقود المنافع الاجتماعية تمنحهم الأولوية في التعيين.
وطالبوا الحكومة المحلية بالضغط على الشركة لتفعيل التزاماتها، محذرين من استمرار التهميش وغياب العدالة في توزيع فرص العمل.
وتُظهر هذه الاحتجاجات المتزامنة، من الجنوب إلى الوسط، حالة من القلق الشعبي المتزايد إزاء استمرار الأزمات الخدمية، وتراجع الحريات، وتفاقم التفاوت في توزيع الثروات والفرص.
بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي الكردستاني
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني اجتماعها الدوري في 9 تموز 2025.
وشكّلت قضية تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين عمومًا، وعدم توزيع الرواتب والمعاشات خصوصًا، والذي يعكس أزمةً منهجية، جزءاً رئيسياً من نقاشات الاجتماع. تُدين اللجنة المركزية بشدة استغلال حياة الموظفين وجعل حقوقهم رهينة في الصراعات السياسية. كما تؤكد اللجنة المركزية على أن توفير الدخول والحياة الكريمة لمواطني إقليم كردستان هي من أولويات واجبات حكومة الإقليم، ولا يجوز إهمال هذا الواجب بحجة الأزمات والصراعات. لا يجوز التلاعب بحياة الناس، ويجب تسخير الإيرادات العامة، التي هي نتاج عمل المواطنين، لخدمة المصلحة العامة والفئات الكادحة. يجب منع جميع أشكال الفساد وانعدام الشفافية وإهدار الإيرادات العامة والنفط والمنافذ الحدودية، ومساءلة المسؤولين الفاسدين.
إن قطع الرواتب الذي تنتهجه الحكومة العراقية هي سياسةٌ جائرةٌ تهدف إلى إضعاف معنويات إقليم كردستان وشعبه. نؤكد على ضرورة إنهاء معاناة الشعب من الضائقة مالية ومن انعدام الاستقرار. إن الحق في راتبٍ وحياةٍ كريمةٍ حقٌّ أساسيٌّ لكل إنسان، ولا يجوز استخدامه كورقةٍ ضغط في الصراع السياسي.
ولخلق توافقٍ حقيقيٍّ بين الجماهير والأحزاب، قرر الاجتماعُ التحضيرَ للقاءاتٍ مع الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والتقدمية والناشطين الجماهيريين. يهدف هذا الاجتماع إلى خلق ضغطٍ سياسيٍّ وجماهيريٍّ لإيجاد حلٍّ جذريٍّ لتوفير الرواتب وتحسين حياة المواطنين والخدمات لهم، في أسرع وقتٍ ممكن. كما تُصرُّ اللجنةُ المركزيةُ على تفعيل برلمان كردستان في أسرع وقتٍ ممكن، وتشكيلُ حكومةٍ جديدةٍ قائمةٍ على تغييراتٍ جذريةٍ وإصلاحاتٍ حقيقيةٍ، ومكافحةِ ظواهر الفساد، وإعادةِ الثروةِ العامةِ الى الشعب، وتحقيقِ العدالةِ الاجتماعيةِ والمشاركةِ السياسيةِ الفاعلة للمواطنين. هذا سيُمكّنُ إقليمَ كردستان ويقويه في مواجهةِ ضغوطِات بغداد، وفي القيامِ بدورٍ أكثرَ فعاليةً وتقدماً في حالِ التغييراتٍ المحتملة في المنطقة، واستكمالِ هذه المرحلةِ في خدمةِ المواطنينِ وكردستانٍ متطورة. اعتبرت اللجنة المركزية الخطوات التي اتخذها حزب العمال الكردستاني في عملية السلام مهمة. والآن على الدولة التركية أن تشرع حقوق الشعب الكردي وسائر المكونات الاخرى في إطار الدستور والقانون.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني
التاسع من تموز 2025
تهنئة
الرفيق العزيز الفنان رسمي الخفاجي المحترم
يسعدنا وأنت تحتفل بعيد ميلادك الثمانين، ان نبعث اليك جميل التهاني وخالص الأماني بدوام الصحة والقوة والنجاح في نشاطك الفني وحياتك الشخصية. اليوم نستحضر كل ما عهدناه فيك من روح كفاحية وفيّة أبداً للناس والوطن، ومن قدرة ابداعية معطاء تهب الجمال ولا تنضب، ومن توهج ذهني مُنوِّر ينتصر للأمل وللثقة العميقة بالمستقبل .. نستحضر هذا وغيره من سجاياك الحميدة، ونبتهج برسوخه فيك وأنت تعبر الثمانين، فتيّ الروح ثابت الخطى.
نحيّيك ونعبر عن اعتزازنا بك وبعطائك المتنوع الغزير، ونرجو لك العافية المقيمة وطول العمر.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
11 / 7 / 2025
ومضة
ثورة ١٤ تموز وعِبرها
عصيّة على النسيان
صبحي الجميلي
ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨، كانت بحق تحولا كبيرا وعظيما في تاريخ العراق المعاصر، وهي وإن بدأت بانتفاض مسلح بادرت اليه قطعات من الجيش، فانها ومنذ لحظاتها الأولى ميّزت نفسها عن الانقلابات والتمردات العسكرية التقليدية المعروفة، فاذاعة البيان الأول لها كان كافيا لان يكون الشارع بيد الجماهير المستعدة والمتهيئة؛ حيث أسهم هذا التلاحم بين الجيش والشعب، بشكل فاعل، في انهيار النظام الملكي في ساعات معدودة.
الثورة لم تكن بمعزل عن النضال المتراكم لشعبنا، وعن عمل مضنٍ وشاق وتضحيات جسيمة قدمتها الأحزاب الوطنية والديمقراطية وخاصة الأحزاب المؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني. ولعل الأبرز ما نهض به الحزب الشيوعي العراقي، وعن متغيرات كبيرة في العالم والمنطقة، وانطلاق حركة الشعوب للتحرر من الاستعمار ونيل الاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية. وحصل ذلك في ظل موازين جديدة للقوى على الصعيد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية ودحر الفاشية والنازية وبروز المنظومة الاشتراكية ودورها الداعم والمساند.
وفي اربع سنوات ونصف من عمر الثورة، وفي أجواء مشحونة، ودسائس ومؤامرات وفتن، حققت الثورة الكثير الكثير، وهذا يؤشر على نحو واضح بانه عندما تكون هناك إرادة وطنية، مستندة الى أوسع قطاعات شعبية، وتوجه صادق يقدم المصلحة الوطنية العامة على الخاصة والانتفاع الشخصي او الجهوي، فلا غرابة في تحقيق إنجازات لافتة.
وبعد مضي ٦٧ سنة على انطلاقتها الظافرة، ما زال البعض يتحدث عن ان الثورة قد قطعت الطريق الطبيعي لتطور البلاد سلميا؟ ناسيا او متناسيا هذا البعض بان النظام الملكي ورموزه وداعميهم من الاقطاعيين، ومن كبار البرجوازيين والبيروقراطيين، وبدعم متعدد الاشكال ـ خارجي امريكي وبريطاني ـ ومن دول في المنطقة، قد اجهزوا على كل محاولات الإصلاح البنيوي الحقيقي، وواجهوا مطالب الحركة الوطنية بإقامة نظام حكم وطني ديمقراطي يمثل الإرادة الشعبية، ويحرر البلد من قيود المعاهدات الاسترقاقية، ويطلق طاقاته وامكاناته للبناء والتقدم والانتصار لقضايا شعوب المنطقة بدل التآمر عليها، وسدوا الطريق حتى على البرلمانية السليمة، وخير مثال على ذلك ما حصل بعد انتخابات ١٩٥٤، فبعد ان تمكنت الأحزاب الوطنية من إدخال عشرة نواب وطنيين الى مجلس الامة آنذاك، قام النظام بحل المجلس بعد اول جلسة له، واعقب ذلك بحملة إرهابية واسعة، وسن المزيد من القوانين الاعتباطية بهدف منع الحركة الوطنية من أداء دورها في الدفاع عن مصالح البلد التي فرط بها الحكام، وعن مصالح الشعب بجميع مكوناته.
ونشير أيضا الى انه في غمرة تنامي الشعور الوطني والقومي، والرغبة الجامحة في التخلص من الاستعمار واستلهام الأمثلة من بلدان ودول عدة، ظل النظام الملكي يغامر بمصير البلد واستقلاله، فسعى الى ابرام معاهدة بورتسموث، والتي لم تكن سوى صيغة محدثة لمعاهدة ١٩٣٠، وتجديد للهيمنة البريطانية، المتعددة الاشكال، العسكرية والاقتصادية، ومعلوم ان وثبة كانون قد مزقت تلك المعاهدة. ومثال اخر على استهتار النظام الملكي زج العراق في حلف بغداد عام ١٩٥٥، والذي خرج منه بعد انتصار ثورة ١٤ تموز.
ولأن ١٤ تموز ثورة أصيلة ووضعت لها أهدافا وطنية تحررية، فقد تكالب عليها الأعداء من الداخل والخارج، والمدخل لذلك كان تشتيت وتمزيق جبهة الاتحاد الوطني، وضرب قواها بعضها ببعض ومحاولات الاستئثار بالسلطة والانفراد بها وإثارة حساسية مفرطة تجاه الحزب الشيوعي العراقي ودغدغة عواطف الناس ومشاعرهم الدينية. ولم يكن كل ذلك الا غطاء مهلهلا لاستعادة المصالح والامتيازات المفقودة.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فأعداء الثورة المعروفون، وبنسخهم المعدلة يسعون اليوم جاهدين لطمس أي معلم لها، ومحوها من الذاكرة الشعبية. ولا غرابة في ذلك فالثورة كانت لكل العراقيين، وأعلت روح المواطنة العراقية الجامعة، وهو ما لا يريده المتمسكون بالمحاصصة والتمثيل المكوناتي اليوم، حفاظا على سلطتهم ونفوذهم ومصالحهم، وهم لا يريدون أي ذكر لرموز الثورة، وما يمثلوه من وطنية ونزاهة وعفة. كما انهم مرعوبون من كل حراك شعبي يسعى الى تغيير جدي وجذري.
هذه الدروس والعبر الكبيرة لثورة تموز ستظل منارا هاديا لقادم الأيام، برغم كل محاولات تغييب الوعي الوطني وتسطيحه، واضعاف الفعل الشعبي الثوري وروح المقاومة والتحدي وسيعتمد الكثير على إذكاء ذلك، وتنظيمه ومده بطاقات جماهيرية، شبابية خاصة، وفرض السير على طريق تموز كرمز للتحرر والاستقلال والتخلص من التبعية وقيام حكومة وطنية تمتلك الإرادة للاستجابة الى تطلعات الجماهير وتوقها الى الحياة الآمنة الكريمة.
الصفحة الثالثة
استثمار أجنبي صفري واحتياط نقدي متآكل
خبراء: اقتصاد العراق الهش يؤثر على السلم الاجتماعي والنمو طويل الأمد
بغداد ـ بسام عبد الرزاق
كشف تقرير صندوق النقد الدولي قبل أيام، عن استمرار تسجيل عجز كبير في الميزانية العراق غير النفطية، كما توقع الصندوق أن يقفز الدين الحكومي إلى 62.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، بعد أن ظل مستقراً عند 47.2% في 2024 و2025. ولفت الصندوق أيضاً إلى ارتفاع مخاطر الديون السيادية للعراق مما يستدعي تدخلاً عاجلاً على مستوى السياسات. كما أشار إلى أنه يتعين على السلطات ضبط مستوى الدين على المدى المتوسط.
ولكي تتفادى بغداد العراقيل المالية، فهي بحاجة لإجراء إصلاحات جوهرية لزيادة الإيرادات غير النفطية، والسيطرة على فاتورة أجور القطاع العام، وتعزيز إمكانات النمو غير النفطي، من خلال وضع أجندة إصلاح هيكلي طموحة، بحسب التقرير.
اقتصاد يفقد قدرته على النمو
خبير الاقتصاد الدولي د. نوار السعدي، يرى ان ما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي بشأن العراق يشكّل تحذيراً جدياً يجب أن يُقرأ بتمعّن لا باعتباره أرقاماً تقنية معزولة، بل كمرآة دقيقة لحالة اقتصادية مضطربة تتفاقم بصمت.
وقال السعدي لـ"طريق الشعب"، انه "حين نتحدث عن انكماش في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3% خلال عام 2024، فنحن لا نصف حالة ركود عابرة، بل نتحدث عن اقتصاد يفقد قدرته على النمو الذاتي خارج إطار الإيرادات النفطية"، مبينا ان "المشكلة لم تعد مرتبطة فقط بتقلبات السوق العالمية أو الانكماش في الأسعار، بل أصبحت بنيوية، تتعلق بعجز حقيقي في هيكل الاقتصاد الوطني وفقدان الفعالية في التخطيط والإدارة".
فقدان الأدوات الدفاعية
وأوضح، ان "التقرير يشير إلى أن العراق يتجه من وضع الفائض في الحساب الجاري إلى وضع العجز، بالتزامن مع تقلص الاحتياطيات الأجنبية بوتيرة مقلقة. هذا المسار إن استمر، يعني أن العراق لن يكون معرضاً فقط لانكشاف مالي، بل لفقدان أدواته الدفاعية في حال حدوث أي صدمة خارجية، سواء كانت في أسعار النفط أو في الجغرافيا السياسية المحيطة. هنا لا بد من التوقف عند نقطة بالغة الخطورة، وهي أن الاحتياطي الأجنبي الذي كان يوصف دائماً بأنه صمّام أمان، سيبدأ بالتآكل تدريجياً من دون أي غطاء اقتصادي بديل، لأن الإيرادات لا يعاد تدويرها في الداخل لخلق نمو حقيقي أو فرص إنتاجية مستدامة".
ونوه الخبير الاقتصادي، الى ان "اللافت أن التقرير يشير إلى استقرار نسبي في معدل التضخم وسعر صرف الدينار، وهذه مؤشرات لا يجب النظر إليها كدليل على عافية اقتصادية، بل كاستقرار هش فوق أرضية غير متينة. فالتضخم المنخفض في العراق لا يعكس بالضرورة قوة في الاقتصاد، بل في كثير من الأحيان يعكس ركوداً في الطلب العام وغياب حركة حقيقية في السوق. أما استقرار سعر الصرف، فهو في الوقت الراهن ثمرة لتدخلات مكثفة من قبل البنك المركزي، وليس نتيجة توازن طبيعي بين العرض والطلب على العملة الصعبة".
استثمار أجنبي صفري!
وأشار السعدي، الى ان "ما يثير القلق أيضاً هو أن العراق سيصل إلى عام 2026 بمعدل استثمار أجنبي مباشر يساوي الصفر، وهو أمر يكشف عمق أزمة الثقة في البيئة الاقتصادية والقانونية للبلد"، مشيرا الى ان "البيئة الطاردة للاستثمار لا تتعلق فقط بالأمن، بل البيروقراطية والفساد وتضارب التشريعات، وهذا كله يضعف أي فرصة للنمو خارج قطاع النفط. وفي ظل ارتفاع عدد السكان إلى أكثر من 44 مليون نسمة، ومعدل فقر لا يزال يتجاوز 23% بحسب بيانات قديمة نسبياً، فإن غياب الاستثمارات والفرص الإنتاجية يعني اتساع دائرة الفقر والبطالة والتبعية للموازنة العامة".
وأنهى السعدي حديثه بالقول: ما أقرأه من هذا التقرير هو أن العراق يسير في مسار خطير من التراجع الهيكلي البطيء، حيث يتم استهلاك الفوائض دون أن يتم إنتاج مصادر جديدة للدخل، وتستمر الحكومة في اعتمادها الكلي على الريع النفطي، دون أي جهد جاد لإعادة هيكلة الإنفاق أو تنويع الإيرادات. وفي ظل هذا النهج، فإن كل حديث عن تنمية أو إصلاح سيبقى مجرد أمنيات، ما لم تقترن الإرادة السياسية بخطة اقتصادية شجاعة تبدأ من مراجعة كاملة لنموذج الدولة الريعية وتنتقل إلى مرحلة بناء اقتصاد إنتاجي قادر على الصمود والمنافسة".
مخلص التقرير
وفي اتصال مع الأكاديمي والخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، خص "طريق الشعب" بملخّص لتقرير صندوق النقد الدولي، يشخص جوانب الضعف في الاقتصاد العراقي، نورده كما وصل للجريدة:
أولا: يواجه العراق تهديداً بتفاقم العجز المالي على المدى المتوسط إثر تراجع إيرادات النفط بسبب انخفاض الأسعار فضلاً عن تزايد معوقات التمويل، في الوقت الذي ارتفع فيه تقدير سعر الخام اللازم لتحقيق التعادل في الميزانية ما يزيد عن 55%.
ثانيا: يتوقع أن تؤدي قيود التمويل وانخفاض إيرادات النفط الإنفاق المالي، الى التأثير سلبيا على النشاط الاقتصادي.
ثالثا: أدى التوسع المالي الكبير في السنوات الأخيرة إلى تزايد مواطن الضعف في البلاد، ما فاقمه الانخفاض الأحدث في أسعار النفط.
رابعا: يُنتظر أن تسجل المالية العامة للعراق تراجعاً ملحوظاً، إذ يُقدر العجز في الموازنة العامة بنحو 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، ليتسع إلى 7.5% في 2025، ثم 9.2% في 2026. يأتي ذلك في ظل انخفاض الإيرادات النفطية من 36% من الناتج في 2024 إلى 31% في 2026، مقابل ارتفاع في الإنفاق العام من 43.5% إلى 43.8% خلال الفترة ذاتها، لا سيما في بند الأجور والرواتب الذي سيصل إلى 24.5% من الناتج في عام 2026.
خامسا: رفع سعر النفط اللازم لتحقيق التوازن المالي في العراق إلى 84 دولاراً للبرميل في 2024 من 54 دولاراً في 2020، بسبب التوسع في الإنفاق وضعف الإيرادات غير النفطية.
سادسا: أشار التقرير إلى استمرار تسجيل عجز أولي كبير في الميزانية غير النفطية للعراق، والذي سيبلغ نحو 59.3% من الناتج المحلي غير النفطي في 2024، ويتراجع تدريجياً إلى 51.8% بحلول 2026. كما توقع الصندوق أن يقفز الدين الحكومي إلى 62.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، بعد أن ظل مستقراً عند 47.2% في 2024 و2025.
سابعا: تباطأ نمو القطاع غير النفطي بالعراق إلى 2.5% في 2024 من 13.8% في 2023، وفق تقديرات صندوق النقد الصادرة اليوم، ويُتوقع أن يتفاقم التباطؤ إلى نمو عند 1% فحسب في العام الجاري، قبل أن يتحسن قليلاً إلى 1.5% في العام المقبل، ما يعكس هشاشة الاقتصاد غير النفطي.
ثامنا: توقع الصندوق أن يقفز الدين الحكومي إلى 62.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، بعد أن ظل مستقراً عند 47.2% في 2024 و2025.
هشاشة الاعتماد على النفط
من جانبه، قال الباحث بالشأن الاقتصادي، احمد عبد ربه، ان "تقرير صندوق النقد الدولي يؤشر تحديات هيكلية آخذة في التراكم على الاقتصاد العراقي، خاصة مع التباطؤ الحاد المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 بنسبة 2.3%، وهو أول انكماش اقتصادي منذ سنوات، ما يعكس هشاشة النمو المعتمد على صادرات النفط وظروف السوق العالمية.
واضاف، انه "رغم التوقعات بتحسّن النمو في 2025 و2026، أجد انه أقل بالنسبة للزيادة السكانية السنوية، مما يعني أن النمو الاقتصادي الحقيقي للفرد سيبقى راكدا أو سلبيا، إذا ما أُخذنا ارتفاع نسب الفقر (23%) وضعف الإنتاجية في الاعتبار".
ورأى الباحث الاقتصادي، ان "تراجع الاحتياطيات الأجنبية بمعدل يقارب 21 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، يشير إلى أن الاقتصاد العراقي يواجه ضغوطًا مزدوجة: "ضغوط خارجية تتمثل في تراجع أسعار النفط أو انخفاض صادراته؛ ضغوط داخلية تتمثل في ارتفاع الإنفاق التشغيلي وعدم تنويع مصادر الإيراد؛ كما ان ثبات سعر الصرف الرسمي للدينار في ظل انكماش اقتصادي وتقلص احتياطيات، يعني أن السياسة النقدية للبنك المركزي تراهن على الحفاظ على استقرار العملة مقابل ضغوط متزايدة، وهذا قد لا يكون مستدامًا دون دعم مالي خارجي أو إصلاحات هيكلية".
إصلاحات مؤسسية حقيقية
وأوضح، ان "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو جمود الاستثمار الأجنبي المباشر (0%)، وهو مؤشر يعكس فقدان بيئة الأعمال لجاذبيتها في ظل غياب الإصلاحات المؤسسية وتفشي البيروقراطية وعدم وضوح السياسات الضريبية وضعف القضاء على الفساد".
واقترح عبد ربه، ان "تبدأ الحكومة بإعادة هيكلة الإنفاق العام وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي مع إطلاق إصلاحات مصرفية وضريبية ومؤسسية حقيقية. مع اهمية تسريع تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط".
ويخلص الى انه "من دون هذه الإجراءات، فإن ما يلوح في الأفق ليس مجرد عجز مالي، بل حلقة ضعف اقتصادي ممتدة قد تؤثر على استقرار العملة والسلم الاجتماعي والنمو طويل الأمد".
زار محلية الكرخ
الرفيق رائد فهمي يستعرض استعدادات الحملة الانتخابية
بغداد – طريق الشعب
زار سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، برفقته عضو المكتب السياسي الرفيق عزت أبو التمن، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مقري اللجنة المحلية للحزب في الكرخ بحيي الإعلام والصالحية.
وحضر اللقاءين عدد من الرفيقات والرفاق. حيث تحدث الرفيق فهمي عن استعدادات الحزب لخوض الحملة الانتخابية، مشدداً على ضرورة أن يكون الهدف من الحملة ضمان التصويت لقائمة الحزب، من أجل تحقيق شعاره في تمثيل البديل الوطني الديمقراطي.
كما شدد على أهمية جعل مقرات الحزب مراكز فاعلة في التواصل مع المواطنين، من خلال متابعة مطالبهم وتشكيل وفود للتواصل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة. وشدد أيضا على ضرورة إعداد برامج تثقيفية لتطوير الوعي السياسي للرفيقات والرفاق، خاصة من فئتي الشباب والطلبة.
وشهد اللقاءان مداخلات قيّمة من الرفيقات والرفاق، تناولت سبل تعزيز دور الحزب في المرحلة القادمة.
نسبة الإنجاز لا تتجاوز 50 في المائة.. ومجلس المحافظة ينذر الشركة المنفذة
المستشفى الأسترالي في ديالى.. فساد وسوء تنفيذ يُجهضان المشروع
بغداد – تبارك عبد المجيد
لا يزال مشروع المستشفى الأسترالي في محافظة ديالى يراوح مكانه منذ سنوات، برغم كونه من أبرز المشاريع الصحية الإستراتيجية التي يُعول عليها في تحسين الواقع الصحي المتدهور في المحافظة، لكنه بعد مرور أكثر من 15 عاما على انطلاق العمل فيه، لم تتجاوز نسبة الإنجاز حاجز الـ 50 في المائة، الامر الذي أثار موجة من الانتقادات والمطالبات بالتحقيق في أسباب التلكؤ.
وبينما تشير الجهات الرسمية إلى وجود خلافات بين الشركة المنفذة ووزارة الصحة تتعلق بآليات التمويل والصرف، يتهم ناشطون جهات متنفذة بالفساد وسوء الإدارة وعرقلة المشاريع الخدمية، ما أدى إلى حرمان أهالي ديالى من خدمات طبية كانت من المفترض أن تُحدِث نقلة نوعية في مستوى الرعاية الصحية، خاصة في معالجة الأمراض الخطيرة كالأورام السرطانية.
منظومة فساد مترسخة
وقال الناشط من محافظة ديالى، محمد جاسم إن "الفساد الإداري والمالي، وسوء التخطيط، وهيمنة بعض الجهات النافذة على المشاريع الخدمية، تقف وراء تعطيل العديد من المشاريع الحيوية في المحافظة، وعلى رأسها مشاريع القطاع الصحي".
وأضاف محمد لـ "طريق الشعب"، أن "ما يحدث اليوم من تلكؤ واضح في تنفيذ مشاريع مثل المستشفى الأسترالي وغيره، ليس مجرد فشل إداري، بل هو نتيجة مباشرة لمنظومة فساد مترسخة تعيق كل جهد إصلاحي وتمس حياة المواطنين بشكل يومي". وأشار إلى أن "بعض المتنفذين يسيطرون على مفاصل القرار المحلي، ويتعاملون مع المشاريع الخدمية وكأنها صفقات خاصة، يتم تأخيرها أو التلاعب بها لأغراض سياسية أو اقتصادية ضيقة، على حساب معاناة الناس واحتياجاتهم الأساسية".
وشدد على أن "محافظة ديالى تحتاج إلى وقفة حقيقية، وإلى تحقيقات جادة ومعلنة حول مصير المشاريع المتلكئة، وتقديم كل من تورط بإهدار المال العام أو تعطيل المشاريع للمحاسبة القانونية، مهما كانت صفته".
صحة المحافظة
تكشف أسباب التلكؤ
بدوره، كشف مسؤول إعلام دائرة صحة ديالى، فارس العزاوي، عن استمرار التلكؤ في إنجاز المستشفى لذي يحتوي 549 سريرا.
وأوضح العزاوي لـ "طريق الشعب"، أن "المشروع يعاني من تأخر كبير يعود إلى "خلافات بين الشركة المنفذة ووزارة الصحة"، مشيرا الى ان الشركة ترجع أسباب التلكؤ الى "عدم صرف المبالغ والسلف المالية اللازمة من قبل الوزارة بشكل منتظم، ما تسبب في توقفات متكررة وتعطيل كبير في وتيرة العمل".
وأشار الى ان دائرة صحة ديالى مهمتها الإشراف على العمل كمهندسين، متوقعا أن المستشفى ـ في حال انجازه ـ سيحدث نقلة نوعية في واقع الخدمات الصحية في المحافظة، إذ من المتوقع أن يخدم أكثر من 2500 منتسب، ويخفف العبء الكبير عن مستشفى بعقوبة العام الذي يعود تأسيسه إلى ستينيات القرن الماضي ويشهد زخما متزايدا.
وبيّن فارس أن المشروع يضم 6 طوابق وردهات للأطباء والطبيبات، إضافة إلى 13 صالة للعمليات ومختبرات، ما يجعله مستشفى متكاملا وكبيرا على مستوى المحافظة.
ولفت إلى أنه في حال إنجاز المشروع، سيغني عن معظم المستشفيات الحالية داخل القضاء، ليكون الواجهة الصحية الرئيسية لمحافظة ديالى.
ورغم زيارة رئيس الوزراء قبل نحو ستة أشهر وتوجيهه إنذارا للشركة الأسترالية المنفذة بسبب تباطؤ العمل، لا تزال وتيرة التنفيذ دون المستوى المطلوب.
مجلس المحافظة
ينذر الشركة المنفذة
وأكد فارس أن المشروع يتطلب وجود ما لا يقل عن 250 عاملا في شفت الصباح، ومثلهم مساءً، للإسراع في الإنجاز، بينما لا يتجاوز عدد العاملين حاليا اكثر من 60 إلى 70 عاملاً فقط.
وأضاف، أن رئيس مجلس المحافظة قام قبل يومين بزيارة ميدانية إلى الموقع، وأصدر إنذارا للشركة لمدة أسبوعين، على أن يعاود الزيارة لمتابعة مدى تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء.
وختم فارس حديثه بالتأكيد على أن "أهالي ديالى بأمس الحاجة إلى هذا المشروع الكبير الذي سيسهم في تخفيف الزخم الكبير على مستشفى بعقوبة العام، ويقدم خدمة صحية تليق بسكان المحافظة".
أما عضو مجلس محافظة ديالى عمر الكروي، فيشير الى أن نسب الإنجاز في المشروع "لا تزال متدنية للغاية"، محذرا من أن استمرار هذا التلكؤ "ينذر بتداعيات سلبية خطرة على الواقع الصحي في المحافظة".
وقال الكروي لـ "طريق الشعب"، أن "المراكز الملحقة بالمستشفى صممت خصيصا لمعالجة أمراض معقدة وخطرة، منها الأورام السرطانية، ما يجعل من المشروع ركيزة أساسية في تحسين الخدمات الطبية وتقليل العبء عن مستشفيات بعقوبة ومدن ديالى الأخرى.
وأضاف أن المجلس المحلي وجه دعوات رسمية إلى رئاسة الوزراء ووزارة الصحة بضرورة فتح تحقيق شامل للوقوف على الأسباب الحقيقية خلف التأخير المزمن، مبينًا أن المشروع الذي كان من المفترض أن يُنجز في عام 2028، ما يزال لم يتجاوز الـ50 في المائة من الإنجاز.
الصفحة الرابعة
خلال العام الجاري
دجلة والفرات يسجلان أعلى معدلات غرق منذ 2003
متابعة – طريق الشعب
أفاد النائب باقر الساعدي بأن صيف عام 2025 سجل أعلى معدلات غرق في البلاد منذ عام 2003، مبينا أن نهري دجلة والفرات تسببا في 60 في المائة من إجمالي الحوادث.
وقال الساعدي في حديث صحفي، أن "معدلات الغرق بين الصبية والشباب في الأنهار الرئيسة خلال العام الجاري وصلت إلى مستويات قياسية مقارنة بالسنوات الماضية"، مشيراً إلى أن "بعض المحافظات شهد ما بين 50 إلى 60 حالة غرق، وهو رقم صادم يستوجب تدخلاً سريعاً".
وتتكرر حوادث الغرق في العراق سنوياً مع دخول فصل الصيف. حيث يلجأ كثير من المواطنين، خصوصاً من فئة الشباب والأطفال، إلى الأنهار هرباً من درجات الحرارة المرتفعة، لا سيما وسط تدهور التيار الكهربائي.
يأتي ذلك في ظل عدم توفر أعداد كافية من المسابح النظامية، التي إن توفرت يتطلب الدخول إليها مبلغا من المال قد لا يقوى على دفعه الفقراء ومحدودو الدخل.
وبشكل شبه يومي، تنشر وكالات الأنباء أخبارا عن حوادث غرق في مدن مختلفة من البلاد، الأمر الذي يتطلب تدخلا حكوميا ومجتمعيا عاجلا من أجل وضع حد لنزيف الأرواح هذا.
وأول أمس الجمعة أفادت وكالات أنباء بانتشال جثتي شابين، أحدهما منتسب أمني، من نهر دجلة أسفل جسر الجادرية، مبينة أنه لا توجد أي آثار عنف خارجية على الجثتين، ما يشير إلى احتمال غرقهما أثناء السباحة.
ونهاية حزيران الماضي، انتشلت مفرزة شرطة نهرية، جثة شاب غريق في شط منطقة الهاشمية بمحافظة بابل. وفي اليوم ذاته، تمكنت فرق إنقاذ في الأنبار، من انتشال جثة شاب غريق في نهر الفرات، يُدعى رشوان الفهداوي، بعد جهود بحث مكثفة استمرت أربعة أيام.
وقبل ذلك بأيام انتشلت مفرزة من شرطة نينوى النهرية، جثتي صبيين غرقا اثناء سباحتهما في مشروع إروائي بمنطقة الريحانة غربي الموصل.
أكثر من 60 غريقا في ديالى
أول أمس الجمعة، أعلنت دائرة صحة ديالى إحصائية رسمية لما أسمتهم بـ"ضحايا الأنهر" خلال عام 2025، مؤكدة تسجيل أكثر من 60 حالة غرق في عموم مناطق المحافظة.
وقال مدير إعلام الدائرة فارس العزاوي في حديث صحفي، أن "الإحصائية الشاملة التي أعدّتها الدائرة في جميع الوحدات الإدارية أظهرت تسجيل أكثر من 60 حالة غرق خلال عام 2025، توزعت على الجداول والأنهر الرئيسة"، موضحا أن "30 في المائة من حالات الغرق سُجلت في نهر ديالى. فيما توزعت النسب الأخرى بين نهر خريسان وجدول أسفل الخالص وعدد من المجاري المائية الأخرى، مع تركز واضح في 11 منطقة شهدت النسبة الأعلى من الحوادث".
وأشار إلى أن "أكثر من نصف الضحايا هم من الفئات العمرية الصغيرة، أطفالا ومراهقين، ما يعكس خطورة تركهم يسبحون في الأنهر والجداول العميقة دون رقابة"، مشددا على "أهمية التوعية الأسرية بخطورة السباحة في المناطق غير الآمنة، إضافة إلى أهمية الالتزام بإجراءات السلامة، وتوفير منقذين في المناطق المخصصة للسباحة، للحد من هذه الحوادث المؤسفة".
الفقراء لا يرتادون المسابح
وتُعتبر المسابح النظامية أماكن آمنة لمزاولة هواية السباحة، لا سيما أن مياهها تخضع للتعقيم خلاف مياه الأنهر التي تشهد تلوثا بالغا. فضلا عن ذلك أن المسابح بشكل عام يتوفر فيها منقذون. لكن المشكلة ان أعدادها قليلة، وغالبا لا تتوفر سوى في مراكز المحافظات وبعض المدن، وإن توفرت يكون الدخول إليها مقابل أجور مرتفعة لا تقل عن 5 آلاف دينار للشخص الواحد ولفترة محدودة لا تزيد على ساعتين، وهذا ما لا يقوى عليه الفقراء ومحدودو الدخل، الأمر الذي يضطرهم إلى السباحة في الأنهر، وبالتالي يعرّضون أنفسهم إلى مخاطر جمة.
في حديث صحفي يقول المواطن حسن كريم من كربلاء، أن المسابح أماكن آمنة لمزاولة السباحة، لكن الدخول إليها مُكلف "إذ تصل أجرة دخول الشخص الواحد إلى 10 آلاف دينار وأكثر أحيانا".
ويُعرب المواطن عن أسفه لتكرار حوادث الغرق سنويا، وبالرغم من ذلك، يواصل الشباب والمراهقون السباحة في الأنهر والجداول الخطيرة من دون الالتزام بشروط السلامة، ما يزيد من نسب تلك الحوادث.
فيما يرى المواطن محمد علي شهاب، من محافظة واسط، أن السباحة في الأنهر متعة مجانية متوفرة باستمرار، الأمر الذي يُغري الشباب والفتيان بذلك، مبينا في حديث لـ"طريق الشعب"، أنه بسبب تدهور التيار الكهربائي، تُصبح المنازل خانقة فيضطر الناس إلى اللجوء للأنهر، وبالتالي يُعرّضون أنفسهم لمخاطر الغرق.
ويشير إلى ان الكثير من المواقع في الأنهر والجداول تكون عميقة وذات تيار مائي قوي، والمشكلة أن الكثيرين من المراهقين يدفعهم حماس التحدي إلى السباحة في تلك المواقع، ما يُعرضهم للغرق.
ويدعو المواطن الشرطة النهرية إلى نشر دوريات في الأنهر الرئيسة، لا سيما في الأماكن الخطيرة، لمنع الناس من السباحة فيها.
ولا تتوقف مخاطر السباحة في الأنهر عند الغرق، إنما تتعدى ذلك. فبعض الأنهار ملوّثة ويصاب من يسبح فيها بأمراض معوية وجلدية، خاصة في ظل ازمة المياه وكثرة الملوّثات التي ترمى في الأنهر، كمياه المجاري، ومخلّفات المستشفيات والمخلفات الصناعية، وغيرها.
مواساة
• ببالغ الحزن والأسى تعزي اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رعد محمد علي، بوفاة عمه طالب احمد صالح. وهو من سجناء نكرة السلمان عام 1963.
له الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.
• تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف أهل صديق الحزب الشخصية الاجتماعية جبار كاطع البدران، بوفاته. وهو زوج الرفيقة حياة غافل (ام دنيا) وابن عم الرفيق ناصر غافل البدران (ابو رعد)، وعم الرفيق صفاء الدين يحيى.
له الذكر الطيب ولعائلته الكريمة الصبر والسلوان.
• تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط الرفيق الأديب إسماعيل سكران، بوفاة شقيقه موسى إبراهيم سكران، وهو والد صديق الحزب الأستاذ أحمد موسى سكران.
له الذكر الطيب ولأسرته ورفاقه الصبر والسلوان.
وزارة النفط
الى صحيفة طريق الشعب الغراء
إجابـــة
نهديكم اطيب تحياتنا..
اشارة الى ما نشرته صحيفتكم الغراء بتاريخ 8/5/2025 تحت عنوان (البصرة تختنق بيئياً وسط صمت حكومي)، نود اعلامكم بان شركة نفط البصرة قد بينت بان مديرية بيئة البصرة وبالتعاون مع مديرية الموارد المائية أصدرت تقريراً يتضمن استعراضاً لمواقع التلوث البيئية التي تصب في الانهار الرئيسية وتحديد الجهة المسببة للتلوث حيث سجلت المستشفيات ومحطات الامطار والتصريف والمجاري كجهات مسببة للتلوث، وخلا التقرير من ذكر تشكيلات النفط (ومنها شركة نفط البصرة) في المحافظة. وذكرت الشركة بان التسربات النفطية المذكورة كان مصدرها محطات توليد الكهرباء في المحافظة. اما فيما يخص استخدام شركات جولات التراخيص المياه العذبة في حقن الآبار النفطية يتم حالياً انشاء محطات معالجة لغرض حقن ماء البحر في المكامن النفطية.
شاكرين تعاونكم معنا مع التقدير
مكتب الاعلام والاتصال الحكومي
2/7/2025
عيادة مدينة الشعب تخلو من أدوية الأمراض المزمنة
بغداد – طريق الشعب
شكا عدد من ذوي الأمراض المزمنة في مدينة الشعب شرقي بغداد، من عدم توفر أدوية لهم في العيادة الطبية الشعبية في المدينة.
وقالوا في حديث لـ"طريق الشعب"، انهم مسجلون في هذه العيادة التي توفر لهم حصصا شهرية من الأدوية، يتم توزيعها عليهم مطلع كل شهر، مضيفين أنه منذ بداية تموز الجاري وحتى الآن لم يتم صرف أدويتهم.
وأشاروا إلى انهم كلما راجعوا العيادة لغرض استلام الأدوية، يُلزمون بدفع رسوم البطاقة البالغة 3250 دينارا، ثم يتفاجؤون بعدم توفر العلاجات!
وأكد المرضى انهم باتوا يضطرون إلى شراء أدويتهم الضرورية هذه، التي تتوقف عليها حياتهم، من الصيدليات الأهلية بمبالغ كبيرة. إذ ذكر أحدهم ويدعى عماد عبد الله، انه بسبب عدم توفر الدواء في العيادة، اضطر إلى شرائه من الصيدلية بمبلغ 50 ألف دينار. وهذا المبلغ واجه صعوبة في تأمينه. فهو عاطل عن العمل ولا يتسلم أي راتب من الدولة.
ويطالب المرضى وزارة الصحة وجميع الجهات ذات العلاقة، بالإسراع في صرف أدويتهم، مؤكدين أن الكثيرين منهم فقراء لا يستطيعون تأمين مبالغ شراء الدواء من الصيدليات الخاصة.
بصريون:
أغلقوا شارعاً لغرض صيانته ثم أهملوه!
متابعة – طريق الشعب
وجّه عدد من أهالي مدينة البصرة مناشدة عاجلة إلى وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والحكومة المحلية ومديرية المرور، بشأن استمرار إغلاق "شارع العسكري" منذ أكثر من 23 يوما، من قبل شركة مكلفة بتنفيذ أعمال صيانته، دون أي بوادر مباشرة فعلية في الموقع. وقال الأهالي في مناشدتهم التي نشرتها وكالات أنباء، أن الشارع يُعد من الطرق الحيوية الرئيسة وسط المدينة، ويخدم شريحة واسعة من المواطنين، وان قطعه طيلة هذه المدة دون وجود كوادر أو معدات عمل، سبب معاناة كبيرة للناس وإرباكا شديدا في حركة السير. وأوضحوا أنه بسبب إغلاق الشارع، تضطر المركبات، بما فيها الشاحنات الكبيرة، إلى المرور داخل منطقة دور نواب الضباط السكنية، ما يُخلف ازدحامات يومية ومخاطر على السكان، خاصة الأطفال.
وطالب الأهالي الجهات المعنية، بالتدخل العاجل لإلزام الشركة بإعادة فتح الشارع، أو على الأقل الاكتفاء بقطع الجزء الخاص بمنطقة العمل، مع ضمان السلامة العامة وانسيابية المرور.
وسيلة نقل مجانية للمعاقين في العمارة
متابعة – طريق الشعب
في محافظة ميسان التي تضم أكثر من 20 ألف معاق، وفر علي عقيل، رئيس فريق "صدى ذوي الاحتياجات"، سيارة لنقل المعاقين مجانا، لا سيما المسجلون في جمعيته. وذلك بعد معاناته الشخصية مع التنقل، والتي دامت 35 عاما.
ويقوم علي بنقل المعاقين إلى الأماكن العامة في العمارة، مثل كورنيش شارع دجلة والمولات، بعد أن كانوا يصلون إليها بصعوبة بالغة، وبرفقة معينين.
السيارة مزودة بمنصة كهربائية (رمبة)، ترفع المعاق مع كرسيه المتحرك إلى داخلها. وهي تتسع لشخصين إضافة إلى السائق.
يقول علي في حديث صحفي، انه على مدى 35 سنة لم يتمكن من ركوب سيارة مخصصة لذوي الإعاقة، باعتباره معاقا. لذلك عمل جاهدا من أجل شراء هذه السيارة، التي يتمنى أن ينتبه إليها المسؤولون في الدولة، كي يوفروا مثلها خدمة لشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويوضح انه كتب رقم هاتفه على بدن السيارة، كي يتسنى لأي شخص معاق الاتصال به فيما إذا احتاج الذهاب إلى مكان ما، سواء لمراجعة دائرة حكومية أم للتسوق، أم للتنزه.
لقطة اليوم
انسداد شبكة المجاري في الزقاق 75 – المحلة 910 في منطقة كمب سارة البغدادية.
يقول أحد السكان في منشور على "فيسبوك"، أن هذا الانسداد مضت عليه قرابة شهر، ولم تجر صيانته.
عن "فيسبوك"
الصفحة الخامسة
جبهة الاتحاد الوطني
والتحضير لثورة 14 تموز 1958
كاظم الموسوي
كانت فترة ما بعد الأربعينات من القرن الماضي حافلة بمخططات ومشاريع استعمارية للمنطقة كلها، لتكبيلها وربطها بعجلة الاستعمار ومصالحه. فبريطانيا سعت لجعل العراق قاعدة لتكتل عربي يأخذ صورة جامعة عربية، وتكتل إسلامي أيضا، مستهدفة حماية مصالحها في الشرقين العربي والإسلامي، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تخطط أيضا لحماية مصالحها المتنامية في المنطقة، فمن مشروع ترومان، النقطة الرابعة، إلى الحزام الشمالي، مشروع ايزنهاور، وحلف بغداد. إذ أن بريطانيا "لن تعدل في كل حال عن نهب أو إلحاق فلسطين وما بين النهرين.." كما كتب لينين عام 1917 بينما الولايات المتحدة تسعى إلى توسيع مناطق نفوذها على حساب شركائها الإمبرياليين، وتعمل على احتلال مواقعهم. أي أن المنطقة، والعراق منها، كانت موضع اهتمام رئيسي، وموضوعه في جدول أعمال القوى الإمبريالية وأهدافها الاستراتيجية. فكانت هذه المخططات والمشاريع مجفرا، من جهة أخرى، للحركة الوطنية للمواجهة والنضال الموحد. وبذل الحزب الشيوعي بقيادة سكرتيره الجديد حسين احمد (الموسوي) الرضي - (سلام عادل) جهودا متنوعة للوصول إلى قيام جبهة وطنية موحدة، ببرنامج محدد بوضوح، تجمع عليه القوى الوطنية ويحقق الأهداف والمطالب الوطنية الديمقراطية، ويقرب ساعة الخلاص وإنقاذ الشعب العراقي من الاستعمار والرجعية الحاكمة. في 22 تموز/ يوليو 1956 صدرت جريدة الحزب المركزية باسم "اتحاد الشعب" بدلا من "القاعدة"، رافعة شعارا رئيسيا في صفحتها الأولى يدعو: "ناضلي يا جماهير شعبنا في جبهة وطنية موحدة واسعة، في سبيل الانسحاب من ميثاق بغداد - وإشاعة الحريات الديمقراطية وضمان حقوق الشعب الدستورية وحماية اقتصادنا وثروتنا الوطنية، في سبيل التحرر من نفوذ الاستعمار وسيطرة شركاته وعملائه، من اجل التضامن القومي مع الحركة التحررية العربية".وخصص (المجلس) الكونفرنس الحزبي الثاني المنعقد في أيلول/ سبتمبر 1956 بابا للجبهة الوطنية الموحدة في تقريره الأساس، أكد فيه على مرارة السيطرة الاستعمارية ومآسيها، وخاصة بعد حلف بغداد.. "وعلى هذا الأساس تطرح الجبهة الوطنية نفسها باعتبارها ضرورة تاريخية، باعتبارها اتحادا وطنيا شعبيا شاملا ينبغي أن يضم في إطاره كل أصحاب المصلحة في تغيير الوضع واصلاحه، من العمال والفلاحين وجمهور الكادحين إلى المثقفين والطلبة والنساء والشباب، إلى أصحاب الصناعات الوطنية والتجار والمزارعين، إلى العسكريين ورجال الدين، وكل الوطنيين من مختلف القوميات والأديان".وقضت انتفاضة الشعب التضامنية مع الشعب المصري المقاوم للعدوان الاستعماري الثلاثي، البريطاني والفرنسي والإسرائيلي، تشكيل قيادة ميدان مشتركة من الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث والوطني الديمقراطي والاستقلال، لقيادة التظاهرات الجماهيرية وأدارتها. وقد شهدت ثلاثون مدينة موجات التظاهرات والإضرابات طوال ثلاثة اشهر بعد العدوان، وخاصة في مدن بغداد والنجف والحي والموصل والناصرية.دفع صمود الشعب المصري وقيادته، والتضامن العربي، والإنذار السوفيتي إلى وقف العدوان والانسحاب من ارض مصر، والى انتصار المقاومة المصرية وتطور حركة التحرر الوطني العربية، التي اعتبرت قضية مصر قضيتها، وقد انعكست هذه التطورات على الشارع العراقي أيضا، من خلال ردود الأفعال وإجراءات السلطات الحاكمة الاحتياطية والقمعية وحالة الطوارئ، وكذلك من خلال مواصلة لجان العمل المشترك بين الأحزاب الوطنية، العلنية والسرية، والمنظمات الديمقراطية وتطورها في مطلع عام 1957، بعد تقييم انتفاضة تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، والوصول إلى صيغة عمل وطني مشترك تجلت في "جبهة الاتحاد الوطني"، واعلان لجنتها الوطنية العليا وبيانها التأسيسي في 9/3/1957. وعززت الجبهة اتصالها بالقوى الوطنية العربية من جهة، وبمنظمة الضباط الأحرار مطلع عام 1958، من جهة أخرى. وكان لهذا التعاون والتحالف دوره الكبير والحاسم في تفجير ثورة 14 تموز / يوليو 1958 ونجاحها.ضمت جبهة الاتحاد الوطني ممثلي الحزب الشيوعي، والحزب الوطني الديمقراطي، وحزب الاستقلال، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وعدد من المستقلين الديمقراطيين. (تشكلت لجنتها الوطنية العليا من: جمال الحيدري عن الحزب الشيوعي، محمد حديد عن حزب الوطني الديمقراطي، صديق شنشل عن حزب الاستقلال، فؤاد الركابي عن حزب البعث) كما وقع الحزب الشيوعي اتفاقا ثنائيا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني - العراق، تضمن إلى جانب الأسس العامة لميثاق الجبهة، الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي، ومن ضمنها الحكم الذاتي لكردستان - العراق.وقد طرحت الجبهة الأهداف الوطنية الكبرى في ميثاق عمل مشترك، ضم الى جانب الاهداف ديباجة أو تعريفا بها، وكما يبدو ان النص اكثر نضجا وتعبيرا عن الفكر والسياسة وتطلعات الشعب العراقي بكل مكوناته وطبقاته الاجتماعية، رغم كل الضغوط والتدخلات والاخطار الخارجية، ايضا، وقد نشر نص الميثاق الاهداف التالية:· تنحية حكومة نوري السعيد وحل المجلس النيابي.· الخروج من حلف بغداد وتوحيد سياسة العراق مع سياسة البلاد العربية المتحررة.· مقاومة التدخل الاستعماري بشتى أشكاله ومصادره وانتهاج سياسة عربية مستقلة أساسها الحياد الإيجابي.· إطلاق الحريات الديمقراطية الدستورية.· إلغاء الإدارة العرفية وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين وإعادة المدرسين والموظفين والمستخدمين والطلاب المفصولين لأسباب سياسية.أما أهم الاسس التنظيمية للجبهة فهي:-1- يجب تمثيل الاحزاب المشتركة في الجبهة في اللجنة الوطنية واللجنة التنفيذية واللجان الرئيسية، بممثل واحد أو أكثر على أن يكون لكل حزب صوت واحد دائماً.2- يجوز ضم عناصر لاحزبية الى مختلف لجان الجبهة بما فيها اللجنة الوطنية العليا.3- لايتخذ أي قرار ملزم الا إذا أجمع عليه ممثلو جميع الاحزاب أما العناصر المستقلة فالحصول على موافقتها أمر ضروري ولكن أذا رفض أحدهم تأييد أحد القرارات لايؤدي ذلك الى نقضه.
4- لايشترط تمثيل كل الاحزاب في اللجان الفرعية.5- تظل جميع الاحزاب الداخلة في الجبهة مستقلة عن بعضها سياسياً وكذلك العناصر غير الحزبية.6- في الامور المختلف عليها يحق لكل حزب من الاحزاب أن يدعو الى رأيه الخاص إذا كان ذلك الرأي مناقضاً لروح ميثاق الجبهة والقرارات التي تجمع عليها الاحزاب.كما شكلت اللجان المختلفة لقيادة العمل الوطني، (اللجنة التنظيمية العليا، ضمت حسين جميل عن الوطني الديمقراطي، حمزة سلمان عن الشيوعي واحيانا عزيز الشيخ، زكي جميل حافظ عن الاستقلال، شمس الدين كاظم عن البعث، وصلاح خالص وطلعت الشيباني عن المستقلين) ونسقت بشكل متواز مع منظمة الضباط الأحرار، موفرة العامل الذاتي للثورة التي نجحت في الرابع عشر من تموز (يوليو) 1958. تلك الثورة التي أسدلت الستار على صفحة سياسية من تاريخ العراق، فاتحة أخرى، باعتبارها ثورة وطنية ديمقراطية معادية للاستعمار والرجعية.في نسخة مؤرخة في 19 تشرين ثاني/ نوفمبر 1958، معنونة ميثاق جبهة الاتحاد الوطني، جاء فيها ما يعكس الوعي ووضوح الفكر السياسي لقيادات الأحزاب والمشاركين في قيام وعمل الجبهة، الذي افتقد بعده، ولاسيما بعد الاحتلال الامريكي وحلفائه ومتخادميه عام 2003 فورد في نص الميثاق:1- لما كانت جبهة الاتحاد الوطني تقر أن أمة العرب واحدة فرقها الاستعمار وأعاق توحيدها وان العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، فإنها تعمل على إعلاء شأن القومية العربية وتسعى بشكل خاص من أجل تحديد أفضل وامتن شكل من أشكال الارتباط بالجمهورية العربية المتحدة على أن يجري ذلك بالوسائل الديمقراطية المألوفة.2- تعتبر الجبهة أن الكيان العراقي يقوم على أساس من التعاون بين المواطنين كافة باحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم وتعتبر العرب والاكراد شركاء في هذا الوطن وتقر حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية وتسعى من اجل تطبيق ذلك.3- تعمل الجبهة على صيانة استقلال العراق من كل تدخل أجنبي وتبنيه سياسة عربية متحررة، وانتهاجه سياسة الحياد الإيجابي وإبعاده عن التكتلات والمحالفات العسكرية والأجنبية ومتابعته السير في إقامة وتوسيع علائق التعاون الدولي المتكافئ طبقاً لمبادئ مؤتمر باندونغ والتعايش السلمي على أساس المصالح المتبادلة وحق الشعوب في الحرية وتقرير المصير والعمل على توطيد السلام في العالم.4- تعمل الجبهة على دعم الثورة وتحقيق أهدافها والسير بها لبلوغ حياة ديمقراطية سليمة.5- تعمل الجبهة على توجيه الاقتصاد نحو إعمار البلاد وتصنيعها بسرعة بإقامة الصناعات الكبيرة وتشجيع الصناعات الوطنية الأهلية وتوظيف رأس المال الوطني في المشاريع المنتجة والعمل على تطبيق الإصلاح الزراعي وتطوير الزراعة وزيادة الإنتاج القومي ونشر الرخاء العام.وختمت النص ب: تعتبر الأطراف المشاركة في جبهة الاتحاد الوطني هذا الميثاق عهدا فيما بينها للعمل باتحاد وتضامن من أجل تحقيق أهدافه. والتوقيع: اللجنة الوطنية العليا لجبهة الاتحاد الوطني.عموما كانت التحالفات السياسية وسيلة لتحقيق أهداف مرحلية، وقد بينت التجربة العملية دورها في المنعطفات والأزمات السياسية التي مر بها العراق. وكشفت سياسة التحالفات مدى حرص الأحزاب السياسية وقياداتها وثقتهم بالبرامج والشعارات التي كانوا يرفعونها أمام الرأي العام العراقي، والتذبذب والتردد في تنفيذها. كما بينت سياسة التحالفات أن بعض الأحزاب السياسية، وخاصة السرية منها، كانت قد جعلتها غاية ووسيلة لنشاطاتها في نفس الوقت، مما اضعف موقفها عند الأحزاب الأخرى العلنية التي كانت تريد منها وسيلة ضغط أو كسب مؤقت على الحكام من طرف، وعلى الحركة الوطنية من طرف أخر. كما أن سياسة التحالفات قد عرضت أحزاب عديدة، وخاصة الجادة منها، إلى انشقاقات مؤيدة أو معارضة لها، مثلما حصل للحزب الشيوعي عام 1952، بعد آن رفع شعارات ووضع برنامجا جديدا يساريا "متطرفا" في الاتجاهات العامة، وحدث الأمر نفسه لدى الحزب الوطني الديمقراطي، ولكن بشكل آخر، إذ انشق الجناح اليساري عنه، وكذلك حصل في حزبي الأمة والأحرار.لكن تجربة التحالفات السياسية في العراق أثبتت جدواها، ومسؤوليتها أمام الرأي العام العراقي، وقدرتها على اللحاق بحركة الشارع السياسي، لا سيما في انتفاضة تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، والإعداد للثورة، وبضغطها السياسي وتأثيرها على الحكم، خاصة في انتخابات 1954.كانت دروس التحالف غنية للتعاون والتنسيق السياسي، ولدفع عملية التغيير الثوري في العراق، وإنقاذ الشعب من الهيمنة الاستعمارية والإرهاب الرجعي الحاكم. حيث كانت الفترات التي سبقت التحالفات السياسية تبديدا للطاقات الوطنية وهدرا لإمكانات الشعب الثورية ومدا لعمر الظلم والطغيان والاستغلال الاستعماري.ومن جهة أخرى أبرزت أهمية دورها في تعاون القوى الوطنية، وكونها حاجة ماسة لتصعيد نضال الشعب، وإنجاز أهدافه، وهذا ما أثبتته الأحداث في البلاد. وتجربة جبهة الاتحاد الوطني مثالا.* للمصادر يراجع كتاب الكاتب، العراق: صفحات من التاريخ السياسي، ط1، السويد 1992، ط2 دمشق 1998، ط3 القاهرة 2008، والرابعة إلكترونية، وط5 دار أوراق، بغداد2025. ومدونة الاستاذ د ابراهيم العلاف حول صورة وثيقة الميثاق. وموقع التاريخ الحديث والمعاصر على الفيسبوك..
2- تعتبر الجبهة أن الكيان العراقي يقوم على أساس من التعاون بين المواطنين كافة باحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم وتعتبر العرب والاكراد شركاء في هذا الوطن وتقر حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية وتسعى من اجل تطبيق ذلك.3- تعمل الجبهة على صيانة استقلال العراق من كل تدخل أجنبي وتبنيه سياسة عربية متحررة، وانتهاجه سياسة الحياد الإيجابي وإبعاده عن التكتلات والمحالفات العسكرية والأجنبية ومتابعته السير في إقامة وتوسيع علائق التعاون الدولي المتكافئ طبقاً لمبادئ مؤتمر باندونغ والتعايش السلمي على أساس المصالح المتبادلة وحق الشعوب في الحرية وتقرير المصير والعمل على توطيد السلام في العالم.4- تعمل الجبهة على دعم الثورة وتحقيق أهدافها والسير بها لبلوغ حياة ديمقراطية سليمة.5- تعمل الجبهة على توجيه الاقتصاد نحو إعمار البلاد وتصنيعها بسرعة بإقامة الصناعات الكبيرة وتشجيع الصناعات الوطنية الأهلية وتوظيف رأس المال الوطني في المشاريع المنتجة والعمل على تطبيق الإصلاح الزراعي وتطوير الزراعة وزيادة الإنتاج القومي ونشر الرخاء العام.وختمت النص ب: تعتبر الأطراف المشاركة في جبهة الاتحاد الوطني هذا الميثاق عهدا فيما بينها للعمل باتحاد وتضامن من أجل تحقيق أهدافه. والتوقيع: اللجنة الوطنية العليا لجبهة الاتحاد الوطني.عموما كانت التحالفات السياسية وسيلة لتحقيق أهداف مرحلية، وقد بينت التجربة العملية دورها في المنعطفات والأزمات السياسية التي مر بها العراق. وكشفت سياسة التحالفات مدى حرص الأحزاب السياسية وقياداتها وثقتهم بالبرامج والشعارات التي كانوا يرفعونها أمام الرأي العام العراقي، والتذبذب والتردد في تنفيذها. كما بينت سياسة التحالفات أن بعض الأحزاب السياسية، وخاصة السرية منها، كانت قد جعلتها غاية ووسيلة لنشاطاتها في نفس الوقت، مما اضعف موقفها عند الأحزاب الأخرى العلنية التي كانت تريد منها وسيلة ضغط أو كسب مؤقت على الحكام من طرف، وعلى الحركة الوطنية من طرف أخر. كما أن سياسة التحالفات قد عرضت أحزاب عديدة، وخاصة الجادة منها، إلى انشقاقات مؤيدة أو معارضة لها، مثلما حصل للحزب الشيوعي عام 1952، بعد آن رفع شعارات ووضع برنامجا جديدا يساريا "متطرفا" في الاتجاهات العامة، وحدث الأمر نفسه لدى الحزب الوطني الديمقراطي، ولكن بشكل آخر، إذ انشق الجناح اليساري عنه، وكذلك حصل في حزبي الأمة والأحرار.لكن تجربة التحالفات السياسية في العراق أثبتت جدواها، ومسؤوليتها أمام الرأي العام العراقي، وقدرتها على اللحاق بحركة الشارع السياسي، لا سيما في انتفاضة تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، والإعداد للثورة، وبضغطها السياسي وتأثيرها على الحكم، خاصة في انتخابات 1954.كانت دروس التحالف غنية للتعاون والتنسيق السياسي، ولدفع عملية التغيير الثوري في العراق، وإنقاذ الشعب من الهيمنة الاستعمارية والإرهاب الرجعي الحاكم. حيث كانت الفترات التي سبقت التحالفات السياسية تبديدا للطاقات الوطنية وهدرا لإمكانات الشعب الثورية ومدا لعمر الظلم والطغيان والاستغلال الاستعماري.ومن جهة أخرى أبرزت أهمية دورها في تعاون القوى الوطنية، وكونها حاجة ماسة لتصعيد نضال الشعب، وإنجاز أهدافه، وهذا ما أثبتته الأحداث في البلاد. وتجربة جبهة الاتحاد الوطني مثالا.* للمصادر يراجع كتاب الكاتب، العراق: صفحات من التاريخ السياسي، ط1، السويد 1992، ط2 دمشق 1998، ط3 القاهرة 2008، والرابعة إلكترونية، وط5 دار أوراق، بغداد2025.ومدونة الاستاذ د ابراهيم العلاف حول صورة وثيقة الميثاق. وموقع التاريخ الحديث والمعاصر على الفيسبوك..
برؤية الراحل فائق بطي
الوضع الثقافي قبل وبعد ثورة تموز
إعداد: عبد جعفر
(عاصر الراحل الدكتور فائق بطي (1935-2016) عهودا مختلفة من أنظمة الحكم في العراق، إذ كان شاهد عاصره كصحفي، وكاتبا ومؤلفا للعديد من البحوث القيمة، عميد الصحفيين ومناضلا شيوعيا ساهم في نضالات شعبنا العراقي وانعطافاتها المختلفة، وتعرض للاعتقال وعاش في المنافي، وساهم بتأسيس نقابة الصحفيين العراقيين بعد ثورة 14 تموز.
وهذه مساهمته مستلة من محاضرة ساهم فيها في لندن قبل أعوام، حول رؤيته للوضع، قبل وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958).
يرى بطي إن العهد الملكي تميز بوجود رواد في الثقافة العراقية أمثال الباحث أنستاس ماري الكرملي الذي عرف بإرثه الثقافي الوفير، وتميز مجلته (لغة العرب)، والشعراء جميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي، وعلي الشرقي، والكتاب روفائيل بطي، وإبراهيم صالح شكر ومحمد رضا الشبيبي، وإبراهيم حلمي العمر وخلف شوقي الداودي. كما تميز أيضا بوجود رواد الفكر الإشتراكي الذين أصدروا صحيفة (الصحيفة) في 28 كانون الأول عام 1924،
ومنهم حسين الرحال ومحمد سليم فتاح (أول من ترجم روائع تولوستي) ومصطفى علي (وزير العدل في حكومة ثورة تموز)، ومحمود أحمد السيد (رائد القصة والرواية العراقية) وعوني بكر صدقي وعبد الله جدوع.
ولعبت البيوتات العراقية العريقة أيضا دورا مهما في الثقافة العراقية، إذ كان من أولادهم يساريون وشيوعيون أمثال: آل الشبيبي، والقاضي، وأمين زكي، وحيدر سليمان، وقزانجي، والجادرجي، وآل الجواهري، وبيت الحافظ، وأبو التمن.
وتعزز ذلك بوجود قامات في الثقافة الوطنية، وبعضهم من اليساريين، وكانت لهم مساهمات إبداعية في القصة والرواية أمثال جعفر الخليلي، وذنون أيوب، وعبد الملك نوري، وغائب طعمة فرمان، وفؤاد التكرلي، وأدمون صبري، وجبرا إبراهيم جبرا، وفي الشعر برز محمد مهدي الجواهري، ومصطفى جمال الدين، ومحمد صالح بحر العلوم، ونازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، وبلند الحيدري، وحسين مردان، وكاظم السماوي، ولميعة عباس عمارة، وخالد الشواف، وعدنان الراوي.
وفي الفن التشكيلي برز جواد سليم، ونوري الراوي، وخالد الجادر، وفائق حسن، ومحمد غني حكمت، وعبد الجبار البنا، ومحمود صبري، وفي المسرح: حقي الشبلي، ويحيى فائق ويوسف العاني وغيرهم.
وفي حديثه عن تموز يرى أن بحدوث الثورة تفتحت ألف زهرة وزهرة، وتحققت مكاسب كثيرة من إطلاق الحريات وسراح السجناء، والخروج من حلف بغداد والإسترليني، وقانون الإصلاح الزراعي وقانون رقم 80 للنفط، وغيرها،
ومن المكاسب الثقافية، صدور المجلات، وتعددت المنابر الصحفية، ومنها الثقافة الجديدة، والمثقف (بإدارة غانم حمدون وعلي الشوك) و14 تموز.
وتأسست نقابة الصحفيين التي رأسها الجواهري لدورتين، واتحاد الأدباء في العراق الذي أصدر مجلة (الأديب العراقي)، وكذلك مصلحة السينما والمسرح التي أصبح الفنان يوسف العاني مديرها العام.
كما أنشئت المسارح والفرق المسرحية منها: فرقتا: المسرح الفني الحديث و14 تموز.
وأقيمت النصب والتماثيل وفي قمتها نصب الحرية لجواد سليم، والجندي المجهول لرفعة الجادرجي.
ويرى فائق بطي أنه بالرغم من ذلك فإن النتاج الثقافي كان ضعيفا قياسا بالعهد الملكي ومن أسبابه:
-إستقطاب الصحف والمجلات غالبية المثقفين ومنهم الجواهري وكاظم السماوي، ورشدي العامل وغيرهم.
- زج المثقفين بالعمل السياسي وخصوصا الحزبي ومثال ذلك النشاط في الحزب الشيوعي العراقي.
- توظيف المبدعين في الدوائر والمؤسسات المستحدثة.
- تطلع المثقف نحو العمل في الإعلام على حساب الإبداع.
- الإعتقالات والهجرة للخارج بسبب تخبط سلطات حكومة تموز.
وأنعطف في حديثه عن المثقفين والمبدعين الذين برزوا من جيل تموز من عرب وأكراد وقوميات أخرى ومنهم:
عبد الرزاق عبد الواحد، ويوسف الصائغ، وهاشم الطعان، والفريد سمعان، وعلي الشوك، ورشدي العامل، وصادق الصائغ، وسافرة جميل حافظ، وغانم حمدون، وخليل شوقي، وعبد الله كوران، وشيركو بيكه س، وعزالدين مصطفى رسول، وفلك الدين، ومحمد عارف، وضياء العزاوي، ورافع الناصري، وصلاح نيازي، ونجيب المانع وآخرون.
ودعا بطي أنه آن الأوان، لإصدار مجاميع عن تلك المرحلة من تاريخ العراق التي شكلت تراثا مهما له، مشيرا إلى الجهود الناجحة للتوثيق والأرشفة التي حققها كل من: كوركيس عواد، والدكتور داود سلوم، وعبد الإله أحمد، وجميل الجبوري، وحميد المطبعي، وياسين النصير، وأحمد فياض المفرجي، والدكتورة خيال الجواهري، وباسم حمودي.
الصفحة السادسة
في ضوء الشعر الشعبي
الفلاح العراقي قبل وبعد ثورة 14 تموز 1958
د. مشتاق عيدان اعبيد
أولاً: الفلاح العراقي في العهد الملكي:
تُعدّ دراسة التاريخ من خلال الهامش محاولة لاستعادة صوت الفئات التي طالما ظلت غائبة أو مُقصاة من السرديات الرسمية، ومنها الفلاح العراقي الذي ظلّ لقرون يعاني من التهميش والاستغلال. وإذا كانت الوثائق الرسمية قد أغفلت معاناة الفلاح أو اختزلتها في تقارير اقتصادية أو قانونية، فإن الشعر الشعبي مثّل تعبيراً حيوياً عن مشاعره وأحواله، مسجّلاً بدقة مريرة طبيعة الحياة الريفية في ظل النظام الإقطاعي خلال العهد الملكي (1921–1958). وقد عبّر الشعر الشعبي عن الفلاح العراقي لا بوصفه فاعلاً اقتصادياً فحسب، بل ككائن بشريّ مسحوق، يئن تحت نير الإقطاع والقهر والجهل والمرض.
كرّس النظام الملكي في العراق البنية الإقطاعية التي كانت قد ترسخت منذ العهد العثماني. فبفعل سياسات "الطابو" والالتزام، تحوّلت الأرض إلى سلطة يتحكم بها شيوخ العشائر والملاك الكبار الذين تحالفوا مع الاحتلال البريطاني، بينما جُرّد الفلاح من أي سند قانوني أو حماية اجتماعية. وقد رُوّج لهذه البنية بوصفها الضامن الوحيد للاستقرار الريفي، لكنها في الواقع كانت تكريساً للعبودية الزراعية.
لم يكن الشعر الشعبي مجرّد أداة جمالية، بل كان بمنزلة صرخة في وجه الظلم، وشهادة حية على الاستلاب والتعب والمهانة التي عاشها الفلاح. فقد وثّق الشعراء الفلاحون المعاناة اليومية من جوع وحرمان واستغلال، في قصائد تُعد وثائقَ شفوية تعبّر عن وعي شعبي حادّ بالظلم الطبقي.
يقدّم الشاعر جبر حسن العبيدي لوحة مريرة عن عمل الفلاح في الزرع والحصاد دون أن يجني شيئاً من محصوله:
يا بني الاوطان الكم ارد اوجه هالكلاـم
ليش يتحكم الطاغي، ايكَضي ليله بالغرام
وآنه اكَضي الليل كله بالونين وبالنواعي
حتى تطهير السواقي والبذر كله عليه
والشمس تضرب ابمتني، والحصاد احصد بديه
والدياسه والذراوه والنقل والعنبريه
وبالجَسـم ياخذ ثلاثه وآنه واحد ماله داعي
هذا مرواحي ودكَرتي وهاي مسحاتي وفداني
ودوم شكباني اعله متني وآنه الاكرّب على احصاني
ودوم حافي الجدم وركض ماشفت راحه بزماني
ودوم كوخي اعليه مظلم محد بحالي يراعي
هذه القصيدة، التي تعكس تفاصيل العمل المضني، تصف ببراعة كيف يُسلب الفلاح منجزه الزراعي بينما يُترك في فقر مدقع.
وفي قصيدة اخرى للشاعر خضير الحاج عبد الرضا، تُرسم صورة قاتمة لحياة الفلاح، حيث لا مأكل ولا ملبس ولا أمل:
مو يزّي تاكل حاصلي وابقى بديوني مبتلي
او لاكو أغميس عد هلي اوعريانه كِل اعيالي
وانت ابيتك اشكال عنبر او حنطة بجلال
تلعب اتطشر بالمال وآنه اجويسي خالي
تلبس وتنزع بالقوط وآني اثويبي مرعوط
وامزرزر ابعشر اخيوط او لايوم ترحـم حالي
هنا تتجلى ثنائية العري والجوع بوصفها عنواناً لحياة الفلاح، في مقابل بحبوحة المالك الذي يجني الأرباح دونما جهد.
ويعبّر الشاعر عن انتفاء الكرامة لدى الفلاح، بحيث يُهان ويُسبّ ولا يُنادَى حتى باسمه، كما في هذه الأبيات:
ازرع الحنطه والشلب من بين اديّه او تنّهب
ساعة تشتمني وتسب ساعة تناديني ولَك
تستنكف اتسميني وباسمي متناديني
او لو سلّمت تجفيني متخاف دورات الفك
في هذا المقطع، يتداخل العنف اللفظي مع الاستعباد الرمزي، ليكشف كيف كانت العلاقات الاجتماعية في الريف قائمة على إذلال الفلاح.
ويرصد الشاعر عدنان حسين العوادي دورة العمل الشاق التي لا تقود إلى أي مردود فعلي:
تبدي من الكراب ومنّه تتعدد وبيوم الكري بطرت الفجر تكَعد
ومن بعد الچري والشوچ دس واحصد وتالي الزرع لن ابطركَ هالمرواح
....
تكَضي العمر وانت تلطم وتلهط ما ينكَضي شغلك على طول الخط
وبالتالي ابد ما اضوكَ قزّ القرط وتطلع صفر لا منّ الاجه ولا الراح
حيث يتحوّل العمر إلى تعب متواصل، يُستنزف في الأرض التي لا يعود ريعها لصاحب الجهد، بل لمَن يملك وثيقة الطابو.
وفي قصيدة مؤلمة، يسلط الشاعر الضوء على التفاوت الطبقي الذي يجعل الإقطاعي يمتلك القصر والسيارة، فيما الفلاح لا يملك حتى العلاج:
كِل هذا التعب وانت بعد جوعان وبذاك البرد تمشي شبه عريان
ومن جور المرض جسمك غده نحلان لكن يا طبيب اللّي يداوي جراح
....
والاقطاعي سيارة وقصر عنده من القوط جامع كِل جنس نضده
كل خطوه المشاها يتبعه عبده وعلى راسك يجي يامر بكِل مصباح
هنا تتجلّى بنية الاستغلال بشكل فجّ، حيث تسود القسمة الجائرة وتُختزل العلاقة الإنسانية إلى علاقة عبودية صريحة.
إضافة إلى ما سلف، يجب الإشارة هنا الى ما ذكره المؤرخ حنا بطاطو، بخصوص الشيخ الاقطاعي في العهد الملكي، بعد أن بدأ يعتمد على الحوشية – وهم شرطته المسلحة- لفرض الطاعة والخضوع على أفراد قبيلته، وبدأ الشعور بالنفور يعم أفرادها، ومن هنا بدأت الرغبة في الهروب، ومثال على ذلك، بعض ما ردده رجال قبيلة البو محمد:
أرد اشرد لبغداد من هالعشيره لاتكسر المجبور، لا عدها غيره.
أرد اشرد البغداد من هالفلاحه لاتشبع الجوعان، لابيها راحه.
وبذلك، مثّل الشعر الشعبي في العهد الملكي وثيقة حية لما يمكن تسميته ب ـ"التاريخ غير الرسمي" لحياة الفلاحين في العراق. لم يكن الفلاح مجرد ضحية صامتة، بل كان فاعلاً في قول الحقيقة، وإن لم يكن يمتلك سلطة التغيير. عبر صوته الشعري، قدّم شهادة دامغة على النظام الإقطاعي وممارساته الجائرة، وكشف عن تمزقات الريف العراقي تحت قبضة السادة. وهذا ما يجعل الشعر الشعبي مرآة حقيقية لتاريخ الهامش، ناطقةً بلسان الذين لم يملكوا يوماً سوى معاولهم وأصواتهم وكرامتهم المهدورة.
ثانياً: الفلاح العراقي بعد ثورة 14 تموز 1958:
شكّلت ثورة 14 تموز 1958 لحظة مفصلية في التاريخ العراقي الحديث، وكان الفلاح العراقي أحد أبرز المنتفعين من تغيّر النظام السياسي من ملكيّ إلى جمهوريّ. فقد أنهت الثورة نظام الإقطاع، وشرّعت قانون الإصلاح الزراعي الذي أعاد توزيع الأراضي على الفلاحين، ومكّنهم من المشاركة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية عبر تأسيس الجمعيات الفلاحية. وقد انعكس هذا التحوّل الهائل في وجدان الفلاح العراقي، فكان الشعر الشعبي لساناً ناطقاً بفرحه وفخره ووعيه الجديد، كما عبّر عن التحديات التي واجهت تلك المنجزات لاحقاً.
استقبل الفلاح العراقي ثورة تموز 1958 بفرح جارف، لم يكن سياسياً فحسب، بل وجدانياً وإنسانياً عميقاً. وقد عبّر الشاعر عباس الحاج اهجيّج، رئيس الجمعية الفلاحية في المدحتية، عن هذا الشعور بقصيدة حماسية:
لبس ثوب الشرف والعز اله اتفصل
وشعب اعراكَنه لغزه "بزعيمه" انحل
"بيوم ارباطعش تموز" بي حصل
وحصل حكم "جمهوري" وبي فرحان
في هذه الأبيات، تظهر صورة "الزعيم" عبد الكريم قاسم بوصفه المنقذ، وتجسّد الثورة لحظة ولادة جديدة للفلاح، فيها أمنٌ وأمل. ولم يكن اهجيج وحده من عبّر عن هذه اللحظة؛ فقد كتب الفلاح محمد الأشبال، في أوبريت "بيادر ذهب"، يقول:
أحسب وعد ايام وانطر الحاصل
تاليها حكَي ايصير بالجسمه باطل
...
ارضي ابدموع العين خضر زرعهه
لاجن يجيهه الغير يحظه ابنفعهه
وهذه الأبيات تعبّر عن المفارقة بين الجهد والفقدان قبل الثورة، وتُمهّد لوعي جديد يتوق للعدالة.
صدر قانون الإصلاح الزراعي عام 1959 ليقضي على مظاهر الإقطاع ويعيد توزيع الأراضي على الفلاحين، ما ولّد لدى الفلاح شعوراً بالكرامة والانتماء للدولة، فقال الشاعر عدنان حسين العوادي عن هذا التحول:
قانون الاصلاح البيه تفرح دوم والينصف من الظالم وللمظلوم
والينطي الأرض للّي كبَل محروم وما يبكَه بعد تعبان يا مرتاح
في وقت كان الفلاح متحمساً لحسم هذا الموضوع بأقل وقت، كي يلمس تطبيق قانون الإصلاح فعلياً، ففي هذا الشأن كتب الشاعر حسين جبر العبيدي من الرفاعي:
نريد توزيع الاراضي بليلها كَبل النهار
حتى يتحطم الطاغي تاخذ اعليه القرار
عدل قانونك يعادل خذلي من اعداي ثار
عن لسان النصر هاذي وعن لسان اهل الرفاعي
وانتصاراً للوعي الشعبي للديمقراطية الجديدة، قال الفلاحون:
عهدنهiبخير ديمقراطي يا فلاح
عهدنه بخير بيه انت تظل مرتاح
عهد )عبد الكريم( اصبح عهد اصلاح
(اكريم والله اكريم شاده بعِزه وهو احماه)
وكانت الجمعيات الفلاحية أداة لتنظيم الفلاحين، وتسهيل الوصول إلى القروض والبذور والمعدات الزراعية، وقد عبّر الشعر الشعبي عن هذا التحوّل التنظيمي بإيجابية وحماسة واضحة:
يالفلاح بالحمله الزراعيه
تثمر خير، وتعم الرفاهيه
يالفلاح عنوانك "الجمعيات"
بيهه اشما تريد اتحصل الغايات
حفارات، ماطورات، تسليف، ومفاهيم اجتماعيه .
وكذلك ادى ذلك الى تحوّل اجتماعي عميق، وأصبح الفلاح يفتخر بانتمائه الجمعي، كما في قصيدة:
الجمعيّات الفلّاحيه
تحبك يالبيك الاُمّنيه
وجبت لشعْبك كل حرّيه
بتموز وجبت العز لينه
استرّت لمّن شخّصك سالم
"جمعيتنه ورب العالم
غصّبن عالغادر والظالم
كل حين وكل خاين وينه
رغم كل تلك المنجزات، لم تخلُ الساحة من محاولات الإقطاعيين لاستعادة نفوذهم، أو على الأقل التعبير عن غضبهم من التغيير الذي جردهم من امتيازاتهم. ففي قصيدة ثامر آل حموده، نقرأ سخرية مريرة تعبّر عن فقدان الامتياز:
يا عبد مسلم اشبصرك بيّه
ضاكَت الوسعة تراهي اعليّه
هاي عاقبتي بتالية العمر إفراكّ خلّان اوفكَر فوكَ الكبر
والتعاقد مني ماخذله كتر اوعَلي مغضب ريّس الجمعيّه
وفي أبيات شعرية أخرى أظهر فيها ضعف الاقطاعيين دون مواربة إبان صعود العنف الثوري في العام الأول من الثورة، بشقه الشيوعي وهو يشير إلى "المطرقة والمنجل" وهي الرمز الشيوعي الذي يمثل حسب تعبيرهم "التضامن البروليتاري بين العمال الزراعيين والصناعيين"، وكذلك "الحبال" وهي ترمز للهتاف: (ماكو مؤامرة اتصير والحبال موجودة)، ويوضح رغم خضوعهم لتطبيق قانون الإصلاع الزراعي، إلا أن الشارع الملتهب يراهم مثقلين "بالذنب" كونهم كانوا اقطاعيين، ولم يبرح هذا الذنب أن يفارقهم، للاقتصاص منهم إلى الحد الذي يرون بأن "قتلهم حلال"، كما هو واضح:
اتحيّرت شصنع او شعملْ من شفت وكتي تبدّلْ
اتصابح ابمطركَه او منجلْ ومسي اكَبالي الحبالْ
...
اولو ردت تعرف الداعي مذنب وذنبي اكَطاعي
اخضعت لاصلاح الزراعي اوفوكهه چتلي حلالْ
مما لا شك فيه، أن ذلك لا يرضي القوى الاقطاعية، وجراء ذلك قتل الكثير من الفلاحين في عموم العراق أثناء تطبيق قانون الاصلاح الزراعي، وتأسيس الجمعيات الفلاحية، ونشر الفلاحون الكثير من سائل الاحتجاج في الصحف العراقية، وسنذكر هنا، حادثة اغتيال صاحب ملا خصاف، في ريف الكحلاء في العمارة ، الذي انصرف بعد ثورة 14 تموز بكل حيوية للعمل بين الفلاحين في تكوين جمعياتهم، وكان شوكة في عيون الإقطاعيين والقوى المناهضة للثورة، حتى تأمروا على قتله، واثناء عودته في "مشحوفه" من إحدى جولاته التي يقيمها لأغراض تنظيمية، وتفقد أحوال الفلاحين مع رفيقه السيد حامد الموسوي، استقرت إطلاقات نارية في رأسه وجسمه لتنهي حياته فوراً، في مدخل نهر الكحلاء عام 1959، وقد خرجت تظاهرات في جميع أنحاء العمارة تندد بهذه العملية، وتعالت الاصوات لأخذ الثأر من قاتل صويحب، وبسبب سطوة الشيخ الاقطاعي الذي أمر بقتله، سجل الحادث ضد مجهول في المحكمة، وهكذا أنتهى الموضوع، وقد وثق الشاعر (مظفر النواب) بقصيدته "مضايف هيل" هذه الحادثة، والتي ابتدأها بمقطوعة نثرية، تقول: (بدأ الاقطاعيون بنهر الكحلاء، وابتدأت الرده عام 1959...)، وهي إشارة مهمة، لاسيما مفردة "الردة"، فبعد حركة الشواف ذات النزوع القومي-الاقطاعي، في آذار 1959، بدأ الشيخ الاقطاعي يستعيد انفاسه نوعا ما، لأن سيطرة الإقطاع أو العشائرية في الريف لم تنته بتشريع القوانين، لأن هناك رابطة عشائرية قوية تنعش "سلطة الشيخ"، ولم يقرّوا بالهزيمة التي لحقتهم، وواصلو العمل من أجل استرجاع أراضيهم، وعدم تطبيق قانون الإصلاح الزراعي، الذي دفعهم للتحالف مع القوى القومية والدينية بأدوات مدروسة، على عكس الطبقة الفلاحية التي كانت انفعالية تحركها العاطفة، إلا أن (مظفر النواب) تحدى تلك "الردة" بأخذ الثأر من الاقطاعي، وتناولت هذه القصيدة علاقة وطيدة وواضحة بمجريات الصراع الذي خاضه الفلاح مع الاقطاعي، ليس بسرد وقائعه، وإنما يفجره بتفاصيل رمزية تمتلك داخل السباق الشعري أكثر من دلالة، صبت كلها في التعبير عن تطلعات هذه الأوساط الفلاحية وتوعيتها من الخطر الذي شكله الاقطاعي وأعوانه، وإعدادها للتصدي لهذا الخطر، فمن ثناياها تتعالى أصوات الانتصار على الاقطاع، والتحريض وتحريك الهمم، اذ انطلق هذا الابداع الشعري من موقع المواجهة، وأبرزت هموم الفلاحين، والنواب من الشعراء الذين انخرطوا في الثورة وشاركوا الفلاحين همومهم، ولهذه القصيدة أسوأ أثر في نفوس الاقطاعيين، فقد استهجنوها، وعابوا عليها، لكن "صويحب من يموت المنجل يداعي" بقيت صرخة مدوية تقض مضاجعهم:
مَيْلَن، لا تنگطن، كحل فوگ الدم
مَيْلَن، وردة الخزّامة تنگط سَمْ
جرح صويحب، بعطابه، ما يلتم
لا تفرح ابدمنه .. لا يلگطاعي
صويحب من يموت المنجل يداعي
....
حاه، شوسع جرحك، ما يسده الثار
يصويحب، وحكَ الدم، ودمك حار
من بعدك، مناجل غيظ ايحصدن نار
شيل بيارغ الدم، فوگ يلساعي
صويحب من يموت المنجل يداعي
وبكل الأحوال، عبّرت القصائد عن الفرح بالثورة، والاعتزاز بالقانون، والفخر بالجمعيات الفلاحية، كما سجّلت التحديات التي واجهت هذا التحوّل. إن الشعر الشعبي لم يكن مجرد أداة احتفالية، بل كان وثيقةً توثق لحظة تحرير الإنسان من قيود الأرض والعبودية، وتؤرّخ بصدق لعصرٍ حلم فيه الفلاح بأن يكون شريكاُ لا تابعاً، ومواطناً لا عبداً.
تكشف لنا قراءة الشعر الشعبي في العهدين الملكي والجمهوري عن تحول جوهري في موقع الفلاح العراقي من الهامش إلى المتن، ومن العبودية إلى المواطنة. ففي العهد الملكي، كانت صورة الفلاح كما تعكسها القصائد مفعمة بالوجع والانكسار؛ حيث الجوع، والعراء، والمهانة، وسلب الجهد، والحرمان من أبسط الحقوق. الفلاح في تلك المرحلة كائن مسحوق، لا يُنادى باسمه، ولا يملك من الأرض شيئاً سوى الطين تحت أظافره. والشعر هنا كان صوت المظلومية.
أما في العهد الجمهوري، وخصوصاً بعد ثورة 14 تموز 1958، فقد تحوّلت نبرة الشعر الشعبي إلى التفاؤل والاحتفاء. صار الفلاح يتغنّى باسمه، يفتخر بانتمائه، ويتحدث عن "الجمعية" و"القانون" و"الإصلاح" بوصفها مكتسبات وجودية لا قانونية فحسب. تغيّرت مفرداته من “الطاغي” و”السركال” إلى ”الجمعيات الفلاحية” و”عيد الإصلاح” وغيرها.
رصد الشعر الشعبي الانتقال من علاقة استغلال رأسيّة بين السيّد والعبد، إلى علاقة أفقية بين المواطن والدولة. ومع أن التحولات لم تكن خالية من التحديات والارتدادات، إلا أن الفلاح، لأول مرة، امتلك لغته الخاصة ليُعرّف نفسه بها، لا كما يراه الإقطاع، بل كما يريد أن يكون: منتجاً، حرّاً، مشاركًا في رسم مصير البلاد. وبذلك يكون الشعر الشعبي ليس مجرد مرآة، بل وثيقة صلبة تبيّن كيف غيّرت السياسةُ جسدَ الأرض، وغيّر الفلاحُ صوتَه، فتحرر.
14 تموز.. ثورة تفاجأ بها الغرب
خليل ابراهيم العبيدي
تتبجح وكالات الغرب الاستخبارية، وفي المقدمة C.I.A الأمريكية، وM.I.6 البريطانية، من أنها ملمة بكل شيء، بما في ذلك ثورات الشعوب على الأنظمة الرجعية التي كانت تسير في فلك الاستعمار القديم، والتي بدأت بثورة تموز عام 1958. والتي بدورها وثورة الجزائر كانت وراء إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تصفية الاستعمار، وقرار حق تقرير المصير، وكانت تلك القرارات تصدر بدعم من الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية والصين، وأعضاء مؤتمر باندونغ لعام 1955، ورب من يقول اليوم، أن الحقبة ولت، والرد هو أن عالم اليوم ما كان ليكون بهذه البشاعة لولا النهم الاستعماري القديم واساليب الامبريالية الحديثة، ان ما حدث بعد الاحتلال عام 2003 يهز مشاعر حتى البسطاء من الناس، فلا يعقل على سبيل المثال أن يكون العراق مستباحا إلى هذا الحد، وان يكون منقوص السيادة لولا أن المحتل يريد ذلك، والجار يحب ذاك الضعف، وقد انسحب هذا الضعف حتى على المشاعر الوطنية، التي يراد لها ان تنسحب هي الأخرى على الثوابت الوطنية، ومنها معاداة يوم الجمهورية، والتنكر لثورة 14 تموز التي حدثت باستثناء قلما يعرفه التاريخ الحديث، ثورة تدق أوكار نظام تابع للتاج البريطاني دون علم من مخابراته، او معرفة من ال C.I.A , وهكذا تم مناصبة الثورة العداء منذ لحظاتها الأولى، ومن كان يواكب الثورة ومنجزاتها السياسية سيما تخطيها لقيود الانفتاح على الشرق الاشتراكية والصين، وأنها بسريتها موضع دراسات لكيفية عدم اكتشاف مخطط الثورة بل حتى لحظات تنفيذها السريعة والمذهلة، خاصة وانها قلبت الطاولة على دولة نوري السعيد، دولة الأمن العامة التي لم يكن لاحد الجرأة أن يمر من أمام بابها .
إن قرار الغاء يوم الجمهورية ليس غريبا على من يريد إعادة القديم إلى قدمه، ولكنه كان غريبا على كل من يؤمن بأهمية الثورات في حياة الشعوب، خاصة بعد الثورة الفرنسية في الرابع عشر من تموز عام 1789، التي قد تتشابه فيها الأسباب وتختلف فيها بعض الوسائل، إلا أن الشعب في كلا الثورتين هو من حطم سجون الطغاة، سجن الباستيل وسجن نقرة السلمان ذاك السجن الصحراوي الغريب الذي أسسه الجيش البريطاني، والذي فوتت ثورة تموز الفرصة على مخابراته معرفة قادة الثورة ويوم قيامها المجيد.
الصفحة السابعة
بين الأمس .. واليوم 14 تموز مبادئ ترسم إرادة الشعب
د. تيسير عبد الجبار الآلوسي
تمر اليوم الذكري 67 لثورة 14 تموز العراقية مستمدة من احتفالات سومر لآلاف السنوات والأعوام بتموز الولادة والخصب والنماء محققة التغييرات البنيوية اقتصاديا سياسيا واجتماعيا في عموم البلاد معترفة بالحقوق والحريات ومحررة المجتمع من أسر قيود التخلف والجهل مركزة على أهمية العقل الجمعي العلمي وعلى دوره في البناء والتنمية وفي حركة التنوير ودمقرطة الحياة ومثلما كل ثورة ببعض ما قد يطفو من هنات أو هفوات جرى ويجري تضخيمها تشويها وعداء فإن 14 تموز مرت بتجارب حتى تم اغتيالها بعناصر محلية وتبعية تلك العناصر لتدخلات خارجية لأطراف كبرى مثلما اليوم تبعية قوى وعناصر بتبريرات وتسويق الدين السياسي وشيطنته بالأسلمة ونهجها ما يتطلب 14 تموز وإن بخطاب وآليات نوعية تستجيب لشروط المرحلة الراهنة.. هذه معالجة للثورة بين الأمس واليوم.
بأي حال من الأحوال فإن أحزاب الطبقات الفقيرة توافرت لها شروط التغيير الراديكالي، مضطرة بعد أن تم حجب فرص عملها السلمي ومطاردتها وهي تنهض بمهام التنوير حدّاً وصل إلى التصفيات الدموية بتعليق قادتها على أعواد المشانق!
إن وجود العنصر العسكري من القوات المسلحة ومن داخل الجيش، ليس قضية خيار بلا شروط بل جاء نابعا من انحياز الجيش بروحه الوطني إلى الحركة الشعبية ومن تصديه لظواهر تسليم السيادتين الخارجية والداخلية لأطراف غير وطنية تأتمر بإرادة شركات الاستغلال الرأسمالي عابرة الحدود.
وعليه فإن ما أوقفته ثورة 14 تموز هو تلك الممارسات التي باعت الوطن والناس ووضعت المقدرات في خدمة الاستعمار وما أتت به هو تلبيتها لشروط إطلاق مسيرة العدالة الاجتماعية وردع الاستغلال الفاحش الذي رهن البلاد والعباد للإقطاع والرأسمالية الطفيلية، فكان قانون الإصلاح الزراعي وانتزاع الأرض من مغتصبيها وتوزيعها على أصحابها من الفلاحين والمزارعين الفقراء أحد أهم أركان وصف الرابع عشر من تموز يوليو ثورة وطنية، وكان تأميم الأرض العراقية من شركات النفط ورفض سطوتها على العراق وإنهاء تلك السطوة ركنا آخر للتحرر الوطني. وجاء قانون الأحوال الشخصية ليستكمل خطى الثورة في التحامها مع القيم والمبادئ السامية لتحقيق المساواة والعدل وإلغاء خطاب التخلف وقيمه وتقاليده التي ظلت تجتر شروط حكمها لقرون وعقود مذ أسقطوا بغداد على يد التتار ووحشيتهم.
ثم اتجهت الثورة للإعداد للتعددية الحزبية والانتخابات إلا أنها بقراراتها التي حررت البلاد والعباد من القيود والأغلال لم تنجُ لا من الثورة المضادة ولا من التدخلات الأجنبية التي تبنت جرائم التخريب والانقلاب. وتم وأد الثورة قبل أن تكمل عامها الخامس وتتجه لتلك الانتخابات التي كانت ستضع العراق بمسيرة مختلفة نوعيا.
لنجاح الثورة ولتراجعها عوامل وأسباب موضوعية لستُ بصدد التوقف عندها ولكنني بصدد التذكير بأن السلطات الانقلابية باختلاف تمظهراتها منذ فاشية 1963 حتى اليوم أعادت ارتهان العراق لمقدرات التبعية والخنوع سواء لقوى دولية أم لقوى إقليمية وبذرائع جميعها سياسية الجوهر وإن شاءت تقديم نفسها في يومنا بمرجعية الدين السياسي وادعاء خوضها صراعا وجوديا مع قوى دولية!
إن تراجع الأوضاع في العراق اليوم، يشير إلى ظواهر تكرار التجهيل وتسيّد الأميتين الأبجدية والحضارية عبر تخريب التعليم ومحاصرة ثقافة التنوير وأنشطتها والتضييق عليها بالمطاردة القمعية التصفوية مرة وبحواجز التخلف ومنطق الخرافة والجهل وإغلاق العقول عن أي حوار موضوعي يفضح الحقيقة أو يحاول إضاءة الدروب المدلهمة عتمة وسوادا كالحا. واقتصاديا عادت البلاد إلى ما قبل مرحلة التصنيع والزراعة مع تجفيف رافديها وفرض التصحر والجفاف وتجريف بساتينها وسهوبها وحقولها التي كانت عامرة ومع تخريب المصانع وتقييد الاقتصاد بالنموذج الريعي ونهجه التشغيلي لا الاستثماري بما سهَّل ويسهل النهب وإشاعة اللصوصية وتجويع الناس لاستعبادهم وإذلالهم وامتهان الكرامة!
وهكذا فإن العراق اليوم هو عراق مأزوم متخم بالمعضلات المستفحلة حدا لن ينفع مع ظواهره الاقتصاسياسية والاجتماعية أي معركة ترقيعية إصلاحية على طريقة المكرمات وفرض مطلب هنا أو مطلب هناك.. فالقضية اليوم هي قضية انعتاق وتحرر لا تستطيعه إلا ((حركة تغيير)) جوهرية كلية شاملة، كتلك التي احدثتها ثورة 14 تموز نهاية خمسينيات القرن المنصرم.
لكننا أمام متغيرات نوعية في الأدوات فبينما كان تحالف الحركة الثورية الشعبية والجيش سببا لانتصار الثورة في آلية وصفها أعداء الثورة بالانقلاب العسكري نتيجة خلل في تبصر الحقيقة ونتيجة العنف في التغيير الراديكالي الكبير وهزته الثورية. إذا كان ذلك صحيحا صائبا يومها على وفق شروط الثورة في الخمسينيات ووسائل الكفاح، فإن أوضاع الجيش اليوم تنكشف بخلل بنيوي سواء في تركيبته أم قياداته بل تقييده بتشكيلات من خارجه وتشويه ثقافته وخطابه وظروف عمله وآلياته. هذا إلى جانب أمور منهجية عالمية ومحلية لا تسمح ولا تقر توظيف الفعل العسكري مع الانتباه على ما جرى من نموذج في الثورة الشعبية المصرية..
إن النضال الوطني السياسي وخلق تحالفات جديدة تقبل بوجود اتساعها بنيويا لكل القوى التنويرية الديموقراطية ووضع الاستراتيجية الصائبة للتغيير هو طريق ربما معقد وتقف بوجهه عقبات كأداء إلا أنه على الرغم من كل التضحيات وما يجابه سيكون الطريق لحسم المعركة مع قوى كليبتوفاشية جناحاها المافيا والميليشيا حيث المال السياسي الفاسد وإدارته بعصابات منظمة وليس بمنظومة حزبية كما تمظهر بعض حركات الإسلام السياسي والمحمية بالميليشيا وسلاحها وقوانين الغاب الوحشية التي يتسم بها.
بلى إن طريق الكفاح السلمي وآلياته هو الخيار الراهن للفعل الوطني التحرري بتنوعات خطاه بين المشاركة الانتخابية مرة كليا أو جزئيا والمقاطعة في أخرى وعلى وفق شروط العمل التي تتطلب استثمار منصات متاحة وفرتها متغيرات عصرنا بالإشارة إلى ربع القرن الماضي أو ما ناهزه بعد التغيير الراديكالي الذي جاء بسلطة هجينة سرعان ما كرست نموذجها المرتهن إقليميا الهزيل اقتصاسياسيا والمفكك اجتماعيا.
إن ثورة 14 تموز هي الشمس الساطعة التي مازالت تعيد وتؤكد الثقة بالشعب وحركته التحررية الوطنية ومسيرة دمقرطة الحياة وتلبية شروط العدالة الاجتماعية عبر تغيير منشود ميدانه سوح النضال الشعبي والتفاف الجماهير الأوسع من الفقراء حول الاستراتيجية التنويرية الموحدة الجامعة.
فهلا تبينا أسس البرامج المؤملة لتوحيد الإرادة وتقوية فعلها عبر سلامة الاستراتيجية والتكتيك اللذين تتخذهما؟؟؟
كل عام والمؤمنون بالتغيير هم الأقدر على تنوير العقول والتمسك بخطى تحقيق الأهداف السامية في الانعتاق والتحرر وإنهاء ما يمر به العراق وأهله من ضوائق وتعقيدات كبرى تعيد لحمته وتماسكه الاجتماعي وتخلص اقتصاده ومناهجه السياسية من التبعية ومن كل أشكال الخلل البنيوي الهيكلي.
العدسة والوعي:
ارتجاجات 14 تموز في ذاكرة السينما العراقية
أسامة عبد الكريم
في تموز عام 1958، لم يكن العراق على موعد مع انقلاب عابر، بل مع ضرورة تاريخية فُرضت من عمق التناقضات التي تراكمت في بنيته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. جاءت ثورة 14 تموز كتعبير مكثف عن وعي شعبي بلغ حدّ الانفجار، وكمحاولة لاسترداد السيادة من قبضة التبعية والاستغلال. لم يكن هدفها تغيير الحاكم، بل تغيير المعنى: أن يتحول الشعب من موضوع للحكم إلى فاعل في صنع تاريخه.
في هذا السياق، لم تكن السينما والثقافة ترفاً بل أدوات تحرر. فمنذ اللحظة الأولى، انخرطت السلطة الجديدة في مشروع ثقافي هدفه إعادة تشكيل الوعي الجمعي. فتم إنشاء "مصلحة السينما والمسرح" عام 1959، وإطلاق الإنتاج الثقافي في قطاعات متفرقة، على رأسها السينما التسجيلية، التي تحوّلت إلى مرآة للجمهورية الوليدة. أفلام قصيرة مثل العراق الجديد وعيد الجمهورية وفجر الحرية لم تكن مجرد توثيق بصري، بل سردية ثورية تحاول إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمواطن.
وقد شكّلت الفترة الممتدة من منتصف الخمسينيات حتى 1962 منعرجاً مهماً في السينما العراقية. ففي تلك السنوات، ظهرت أفلام مثل من المسؤول (1956)، أول محاولة جادة لنقد الواقع الاجتماعي بلغة بوليسية رمزية، ثم سعيد أفندي (1957)، من تأليف يوسف العاني، الذي عُدّ أول فيلم ينقل البيئة البغدادية بروح نقدية صادقة. إلى جانبه، ظهر أرحموني (1957) ووردة (1957)، وفتنة وحسن، وأدبته الحياة (1958)، التي كانت آخر أفلام ما قبل الثورة. أما بعد الثورة، فبدأ يظهر أفلام مثل إرادة الشعب (1959)، وهنا العراق (1960)، وعروس الفرات (1961)، ونبوخذ نصر (1962)، أول فيلم ملوّن في تاريخ السينما العراقية.
لكن الأهم من هذه العناوين هو ما حملته من تحولات جمالية وسردية. فقد بدأت السينما العراقية، لأول مرة، تبحث عن صوتها المحلي، متحررة نسبياً من النماذج المصرية. وظهر وعي جديد بدور السينما في مساءلة الواقع بدل الترفيه عنه. هذا ما تكرّس لاحقاً في فيلم الحارس (1965)، الذي جمع بين البنية الفنية العميقة والنقد الاجتماعي.
أما حضور المرأة، فكان من أبرز مكاسب مرحلة ما بعد ثورة ١٤تموز. لقد أسهم تأسيس معهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون في تمكين النساء من دخول مجالات الإخراج والتمثيل والسيناريو، لا كزينة للعرض، بل كصاحبات مشروع فني. من الأسماء البارزة نذكر: ناهد الرماح، التي لعبت دوراً ريادياً في فيلم من المسؤول، وهيفا حسين، التي شاركت في أرحموني ووردة، وخلود وهبي، ومديحة الشوقي، وزينب، التي تركت أثراً واضحاً في سعيد أفندي. هذه الأسماء لم تكن استثناءً، بل جزءاً من تيار نسوي صاعد حاول أن يربط بين الذات الفنية والواقع الاجتماعي. في المسرح أيضاً، برزت أسماء مثل زهراء الربيعي و آزادوهي صاموئيل، اللواتي شاركن في تأسيس لغة تمثيلية جادة، تستند إلى الحس النقدي والواقعية، وتخرج من عباءة الأداء المسرحي التلقيني.
إن ما أحدثته ثورة 14 تموز لم يكن مجرد تحرير للأرض، بل تحرير للرموز، للخيال، للصورة، ولأدوار النساء والرجال على السواء. لقد انفتحت شاشة السينما العراقية بعد تموز على سؤال جديد: ماذا يعني أن نروي حكايتنا بأنفسنا؟ لا بوصفنا متفرجين على ما يُروى عنا، بل كفاعلين في كتابة هذه الرواية. ولئن أجهضت قوى الردة مشروع الثورة لاحقاً، فإن هذا الإرث الثقافي لا يزال من العلامات الأكثر رسوخاً في ذاكرة العراقيين، حيث تظل العدسة ـ مهما تراكم عليها الغبار ـ شاهدة على لحظة كان فيها الحلم ممكناً، والكاميرا متورطة في كتابة التاريخ، لا في تغطيته.
ثورة الرابع عشر من تموز 1958
علامة مضيئة في تاريخ حركة التحرر الوطني
بشار قفطان
تحلّ الذكرى السابعة والستون لثورة الرابع عشر من تموز 1958، ذلك الحدث التاريخي الذي أعاد تشكيل ملامح الدولة العراقية، وأنهى حقبة طويلة من التبعية والاستبداد، لتفتح الثورة الباب أمام حلم بناء عراق جديد، مستقل، ديمقراطي، ينهض على أسس العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية.
لقد كانت ثورة تموز انتصاراً ساحقاً لقوى الخير والتقدم، وتعبيراً عن الإرادة الشعبية التواقة للتحرر من سطوة المعاهدات الاسترقاقية والأحلاف العدوانية، وتحرير البلاد من القواعد العسكرية الأجنبية التي كانت منتشرة على طول البلاد وعرضها، وتهدد أمنها واستقلالها، بل وسلامة المنطقة والعالم بأسره.
إنجازات بحجم الثورة
منذ لحظاتها الأولى، لم تكن ثورة تموز مجرد انقلاب على نظام حكم، بل كانت مشروعاً وطنياً متكاملاً، أثمر عن تحولات جوهرية في بنية الدولة والمجتمع. فقد أقرّت الثورة قانون الإصلاح الزراعي، والبيان رقم 80 الذي وضع حداً لهيمنة الشركات النفطية الاحتكارية، وحرمها من استغلال موارد العراق. كما حرّرت الثورة أكثر من 99.5% من سلطة الاحتكارات الأجنبية، وأصدرت قوانين تقدمية تحفظ حقوق العمال، وتحدد ساعات العمل، وتضمن حرية التنظيم النقابي والحزبي.
وشهد العراق في ظل الثورة تشريع الدستور المؤقت، وصدور قانون الأحوال الشخصية رقم 188 الذي شكل نقلة نوعية في ضمان حقوق الأسرة، لاسيما المرأة، وأعلن عن قيام الجمهورية العراقية الديمقراطية بدلاً من النظام الملكي شبه الإقطاعي، مؤسساً لعهد جديد يتبنى سياسات عدم الانحياز، تماشياً مع مبادئ مؤتمر باندونغ.
واحد من أبرز إنجازات الثورة أيضاً كان التأكيد على الشراكة التاريخية بين العرب والأكراد في إدارة الدولة، وهي شراكة تم تثبيتها في البيان الأول للثورة، باعتبارها مبدأ غير قابل للتجزئة أو التنازل.
عن العنف ومسؤوليات المرحلة
يتحدث البعض عن 14 تموز بوصفه انقلاباً عسكرياً دمويًا، مستندين إلى واقعة مقتل العائلة المالكة، دون التوقف عند حجم القمع والإرهاب الذي مارسه النظام الملكي لعقود طويلة ضد أبناء الشعب، من إعدامات واعتقالات وتشريد ونفي طال حتى أولئك الذين طالبوا فقط بحياة كريمة. كما أن العديد من قادة الثورة أكدوا مراراً أن ما جرى من أحداث مؤسفة لم يكن بأوامر مباشرة، بل تطورات خارجة عن نطاق التخطيط المسبق.
مفتاح النصر
إن ما ميّز ثورة تموز، وأعطاها طابعها الشعبي والوطني العميق، هو التنسيق الوثيق بين حركة الضباط الأحرار (1954) وجبهة الاتحاد الوطني (1957)، ذلك التحالف الذي أثمر عن لحظة إجماع شعبي حقيقية، تَجسّدت في نزول الجماهير من مختلف المدن، ومن جميع الطبقات والانتماءات، تأييداً ودعماً للثورة.
هذا الدعم الشعبي الكبير، مقروناً بتأييد قوى التحرر العالمية – لاسيما دول المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي – أفشل مخططات إسقاط الثورة من الخارج، رغم التهديدات الجدية، ومنها تحريك الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط.
انتكاسة 1963.. محاولة لوأد الحلم
لكن ما لم يتحقق خارجياً تحقق داخلياً في 8 شباط 1963، حين تحالفت قوى داخلية متضررة من مكاسب الثورة، مع أطراف دولية وإقليمية، لتنفذ انقلاباً دموياً أطاح بأحلام البناء والتحرر، وأعاد العراق إلى نفق الاستبداد والانقسام.
إرث الثورة.. شعلة لا تنطفئ
رغم كل ما واجهته، لا تزال ثورة 14 تموز حاضرة في وجدان الشعب العراقي، رمزاً للسيادة، ودليلاً على إمكانية التغيير الجذري حين تتوحد الإرادة الشعبية مع القيادة الوطنية. واليوم، ونحن نحيي ذكراها السابعة والستين، فإننا نؤكد أن روح الثورة باقية في كل صوت حر، وفي كل حلم بدولة عادلة، تحترم مواطنيها وتصون كرامتهم.
الصفحة الثامنة
مجداً للرابع عشر من تموز وهويته الثورية
غانم الجاسور
ثورة تموز التي مازالت حية في ذاكرة العراقيين الشرفاء ولمفجرها الانسان العراقي الاصيل الذي حفر اسمه بين تجاويف القلوب.
في مثل هذه الايام من عام (1958) يستذكر العراقيون بكل اطيافهم وقومياتهم ثورتهم الشعبية الأصيلة الرابع عشر من تموز (الخصب والولادة )، الثورة التي عملت منذ ساعاتها الاولى على إحداث تغييرات جوهرية في جميع المجالات، هذه الثورة التي عملت التغيير الجذري الشامل لتحرير الانسان من العبودية والتمرد على القيود والاوضاع المزرية وتحقيق الحريات الفردية على صعيد حياة الانسان ، وفيها سطر الجيش وبمؤازرة قوى الشعب النبيل ملاحم نضالاته وبطولاته عندما اشترك جنوده الأبطال وضباطه الأوفياء للشعب والوطن تحت قيادة ابن الشعب البار (الزعيم عبد الكريم قاسم) في أجرأ وأروع عملية ثورية شهدها العراق عملية تغيير مسار تأريخ العراق المعاصر بإعلان النظام الجمهوري وإرساء دعائمه على أسس العدالة الاجتماعية والمساواة والتحرر والاستقلال الوطني وإقامة مؤسساته كاملة وبسرعة لا مثيل لها وإعلان النظام الجمهوري الديمقراطي الموحد وتشكيل الحكومة الوطنية من ممثلي الفصائل الثورية والاحزاب المؤتلفة بجبهة الاتحاد الوطني ).
وتعتبر الثورة من أهم الأحداث المؤثرة في ذلك الوقت ولا تزال فكانت علامة مميزة على بداية لعهد جديد في الشأن العراقي عهد يعترف بحق المساواة والحرية لكل فرد في مساحة وطن الرافدين.
هذه الثورة كان لها شرف الريادة ،بأن يكون عامل نجاحها الأساسي هو دعم الشعب بكافة انتماءاته القومية والعرقية ، والتفاف الجماهير الثائرة حول ضباط الجيش الاحرار من الساعات الأولى لإعلان البيان الأول لتحركهم الشجاع ،وتعاون الحركة الوطنية وتوحيد كلمتها في دعم الثورة والثوار، وكان الحزب الشيوعي العراقي على دراية تامة بهذا اليوم التموزي الحاسم وقد هيأ كوادره قبل يومين من تفجيرها لدعم انطلاق الثورة في رسالة داخلية ، وكان أيضا على علم بان تفجير الثورة بات وشيكا فان قيادة الضباط الأحرار استفسرت منه بواسطة رسولها المناضل (رشيد مطلك ) الذي لعب دور الجندي المجهول في الثورة ،عما اذا كان الحزب مستعدا لإنزال الجماهير إلى الشارع ، فأبدى الحزب كامل استعداده لهذا الحدث الجلل واتصل رشيد مطلك بالقيادة عن طريق الهاتف قائلا (العمالة حاضرين ) وعلى إثر ذلك مباشرة أصدر الحزب توجيهاته آنفة الذكر لتهيئة كوادره ومنظماته التي انطلقت إلى الشارع صبيحة اليوم التموزي الاغر .
وإذا بالجماهير العراقية التي كانت في أعلى مزاج ثوري في مدن العراق تكتسح قذارات النظام العميل القديم وتزيح عن سماء العراق الصافية المشرقة غيوم الاستعباد ونجحت الثورة بامتياز في تجسيد صورة نقية لمفهوم التغيير في بنية المجتمع العراقي وعملت بجد وتفان على هدم الكيانات البالية لمنظومة الدولة العميلة واقامة بديلها اسس وركائز الدولة المدنية الحديثة
وقد شهد العراق ما حققته الثورة سيل من الانجازات ونهضة عمرانية كبيرة و مكاسب للشعب ولخدمة الفقراء والمساكين المسحوقين ولكافة المواطنين دون تمييز وطريقة تعاطيها مع أحلام وطموحات الشعب كانت جديرة بالاهتمام والتقدير من قبل القيادة الثورية ،وان التفاف الجماهير الشعبية حول تلك الثورة والزخم الشعبي المؤيد لها ونزول المواطنين إلى الشوارع ومنذ الساعات الاولى لانبثاقها مناصرين ومدافعين، قد أكسب الثورة البعد الجماهيري ومنحها هويتها الثورية الشرعية الوطنية ،واستحقت أن ترقى إلى مستوى الثورة الحقيقية الناجمة عن انفجار الجماهير والتعبير الصادق عن تطلعاتها وحبها للحرية والانعتاق من عبودية الاقطاع والنظام الملكي الرجعي العميل .
وثمة أسباب كثيرة موجبة لقيامها فلقد كان الظلم والارتباك والبؤس متفشيا وكانت الحكومة تتصف بانعدام الكفاءة والرجعية وهناك فوارق كبيرة بين طبقات المجتمع العراقي وكانت الطبقات من الصعب التأثير على حكومة البلاد الرجعية المرتبطة بالعمالة الاجنبية وبالإمبريالية العالمية.
اما العدالة فكانت معدومة وساءت الأحوال العامة بشكل خاص بعد اعدام كوكبة من المناضلين البواسل قادة الحزب الشيوعي العراقي عام (1949) الرفيق الشهيد (فهد ورفاقه الأبطال حازم وصارم) وفي هذا الوقت كان باستطاعة الحكومة القاء القبض على أي شخص دون محاكمة ولأي سبب كان ولأي مدة كانت وكان الفقراء في شظف عيش وعذاب شديد.
وفي تلك الظروف القاسية اصبح الوضع في العراق لا يطاق ولن يحتمل ولن يدوم ولا يمكن ان يدوم طويلا هذا ما نشرته جريدة (اتحاد الشعب) التي كانت تطبع سرآ مقالها الذي نشر في أواخر ايار (1958) تحت عنوان (الحكم الأسود ...اقتربت نهايته ) وجماهير شعبنا على اختلاف طبقاته تشعر بأن هذا الحال يجب ان لا يستمر ولم يعد يطاق والواقع، وان هذا التحسس العام باستحالة دوام الحال على ما هو عليه ،ليس سوى صدآ وانعكاسا لتفاقم التناقضات واستحالة التوفيق بينها، وتعبيرا عن الازمة التي توشك ان تخنق انفاس الحكم الملكي العميل.
وبناء على تطور الاحداث السريع ولاستعداد جميع فئات الشعب للإطاحة بنظام الحكم العميل التي اصبحت قضية حياة او موت بالنسبة له، أصدر الحزب الشيوعي العراقي توجيه عام إلى كافة منظمات الحزب التي كانت تحت الانذار لمجابهة التطورات السريعة في (12/7/1958).
هنا نود ان نشير إلى أن ثورة تموز لم تكن انقلابا عسكريا كما يفسره ضعاف النفوس واعداء الثورة بل هي ثورة الجيش والشعب بمساندة الجماهير الشعبية المنتفضة في عموم البلاد، فالانقلاب عندما يحدث يستبدل وجوها بأخرى كانت متسلطة على رقاب الشعب من دون المساس الجوهري بأحوال الشعب. ويبقى الرابع من تموز والاحتفال بذكراها واجب وطني ودين بأعناق العراقيين الشرفاء متمسكين به.
وعمدت ثورة تموز منذ ايامها الأولى إلى تهديم النسيج الاجتماعي البالي القديم من خلال تحرير الثروات الوطنية من ايدي الشركات الاحتكارية الاجنبية ومن خلال منطق العدالة الاجتماعية الصارم الذي اعتمدته الثورة في توزيع الثروات ووضعت الأسس الاولى للنهضة المدنية الحديثة للعراق ،وتحرير العملة العراقية من الاسترليني وتأميم النفط من الشركات الاحتكارية وقانون الاحوال الشخصية للمرأة وضمان حقوقها في المادة (57/ المرقم /188/ لسنة /1959) وكثير من الاصلاحات الثورية حيث ( يقول الزعيم لنا في كل يوم ثورة ) وهذه المقولة تعَود على ترددها في كل مناسبة او افتتاح مصنع او مشروع خدمي في أرجاء البلاد وهذه المنجزات في نظره هي عمل ثوري بحد ذاته (وعند افتتاحه لمعمل تعليب كربلاء ،قال إن ثورة تموز جاءت استمرارا لثورة الحق على الباطل التي رفع لواءها الامام الحسين .ع.) فقد وضعت الثورة الأسس الصحيحة لصناعة عراقية متقدمة في فترة حكمه القصير وفيض الانجازات التي تصب في مصلحة الشعب والوطن ،ولقد كان الزعيم العسكري والقائد الثوري رجلا إصلاحيا مؤمنا برسالته وتمتعه برجاحة التفكير، بان الجمهورية العراقية الحديثة ثمرة ( 14 تموز) المباركة ، لم تكن وليدة صدفة وانما جاءت تتويجا لنضال الشعب العراقي بكافة اطيافه منذ ثورة العشرين وحتى قيامها.. تلك الثورة التي اصبحت املآ للمحرومين والفقراء والمساكين.. ولقد كرس الزعيم حياته للاهتمام برفع مستوى معيشة الفقراء والضعفاء من أبناء الطبقات الكادحة.
ونحن اليوم في عراق الحضارات ومن مهام الحزب الشيوعي العراقي ونضاله المستميت ومع فئات الشعب كافة نطالب جميع قوى الشعب والجماهير المنضوية تحت خيمة العراق الموحد ان تتكاتف مع كل الجهود العراقية الخيرة وأن تضع خلافاتها جانبا ولنرتقي فوق المصالح الفئوية والشخصية الضيقة ولنعمل بنكران ذات وانتماء وطني حقيقي من أجل العودة ببلادنا إلى السكة الصحيحة مع سلم الانجازات والبناء الحضاري متجاوزين بتحد وثبات طبيعة المرحلة الراهنة الصعبة التي يمر بها العراق ودول الجوار (الشرق الاوسط ) مستذكرين ما حققته ثورة تموز الخالدة من مكاسب وانجازات لاتزال معالمها شاخصة وجاءت من خلال النزاهة والعمل الدؤوب المخلص لإعلاء بنيان الوطن العزيز الغالي ولإقامة الدولة المدنية الديمقراطية دولة العراق الموحد ،وليكن يومها عيدا وطنيا يحتفل به كل العراقيون بكافة انتماءاتهم القزحية من كل عام.
ثورة 14 تموز: مشروع تحرّر ومنجزات وطنية كبرى
ماجد مصطفى عثمان
تُعدّ ثورة 14 تموز 1958 واحدة من أعظم الأحداث التاريخية في مسيرة الشعب العراقي، بما أحدثته من تحوّل جذري في البنية السياسية والاجتماعية، وتقاطعها مع نظام ملكي تابع، وهيمنة استعمارية طامعة بثروات البلاد.
لقد مثلت الثورة زلزالاً سياسيًا أطاح بالنظام الملكي البائد، وأربك القوى الاستعمارية وأجهزتها الاستخباراتية، إذ خرجت الجماهير العراقية إلى الشوارع مؤيدة ومباركة، في مشهد نادر الحدوث في المنطقة.
وفي كل عام تحلّ علينا ذكراها الخالدة، نستذكر باعتزاز الشهيد عبد الكريم قاسم، والقوى الوطنية، وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي، التي مهدت للثورة وقدّمت تضحيات جسيمة في مواجهة الحكم الملكي، ومنها شهداء الحزب الأوائل: فهد (يوسف سلمان)، صارم (حسين محمد الشبيبي)، وحازم (زكي بسيم) الذين أُعدموا عام 1949 وهم يهتفون: "الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من المشانق".
دوافع الثورة
نشأت ثورة 14 تموز نتيجة تراكم طويل من الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عمّقت التناقضات داخل المجتمع العراقي، ودفعت باتجاه تغيير جذري. فقد ترك الاحتلال البريطاني المتكرر للعراق في أعوام 1914 و1917 و1941 آثارًا بالغة، حيث فرض السيطرة على مقدرات البلاد وأخضعها لنفوذه الاستعماري، مما ولّد شعورًا عامًا بالرفض والتمرد.
تأثرت الساحة العراقية أيضًا برياح التغيير العالمي، لا سيما بعد اندلاع ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917، والتي نشرت أفكار العدالة الاجتماعية والتحرر من الاستغلال، فتغلغلت هذه المفاهيم في أوساط المثقفين والعمال. تكررت بوادر الغضب الشعبي في ثورة العشرين، حيث هبّ العراقيون ضد الاحتلال، وسرعان ما أصبحت هذه الروح الوطنية عنوانًا للمرحلة اللاحقة.
المعاهدات السياسية المفروضة مثل معاهدة 1930 وما رافقها من انتفاضات، كحركة الفرات الأوسط عام 1935، أظهرت عمق السخط على الحكم الملكي المتواطئ مع القوى الأجنبية. الانقلاب الذي قاده بكر صدقي عام 1936 بعث آمال بتغيير قادم، رغم أنه لم يحقق الإصلاح المنشود. وفي العقود اللاحقة، تصاعدت الحركة العمالية، كما حدث في مجزرة كاور باغي ضد عمال نفط كركوك عام 1946، وأحداث H3 في حديثة سنة 1947، حين استُهدف عمال النفط بالرصاص الحي.
عام 1948، شهد العراق انتفاضة كبرى أسقطت معاهدة بورتسموث، فيما كانت وثبة تشرين عام 1952 تتقدم خطوة أخرى نحو التمرد الشعبي الذي أطاح بحكومة مصطفى العمري. من جهة أخرى، مثّل تأميم النفط في إيران بقيادة مصدق عام 1951 نموذجًا إلهاميًا للعراقيين، تلاه تأثير كبير لثورة يوليو المصرية عام 1952 التي أسقطت الملكية، ما عزز مناقشة فكرة التغيير الجذري داخل العراق.
في خضم هذا المدّ، تشكل تنظيم الضباط الأحرار بقيادة عبد الكريم قاسم عام 1952، ليعكس حالة التململ داخل الجيش. وتكررت الاحتجاجات والانتفاضات، منها إضراب عمال نفط البصرة عام 1953، وانتفاضة 1956 التي اندلعت تضامنًا مع تأميم قناة السويس في مصر. كما شهد عام 1957 ميلاد جبهة الاتحاد الوطني التي ضمت قوى وطنية يسارية وقومية، بالتزامن مع خيبة أمل واسعة من أداء الملوك العرب خلال حرب فلسطين 1948، والتي دفعت ضباطًا عراقيين إلى التساؤل حول مصير الوطن ومَن يحكمه.
منجزات الثورة
ورغم أن ثورة 14 تموز لم تستمر طويلًا، إلا أن أثرها كان عميقًا وتحولاتها مفصلية. ففي اللحظة التي أُعلنت فيها الجمهورية وأُطيح بالنظام الملكي، دخل العراق عهدًا جديدًا. أحد أبرز التحولات تمثّل في الانسحاب من حلف بغداد الاستعماري، مما أتاح للبلاد التحرر من التبعية الخارجية والبدء بتحديد سياساتها بشكل مستقل.
اجتماعيًا، أقرّت الثورة قانون الإصلاح الزراعي الذي وزّع الأراضي على الفلاحين وقلص سطوة الإقطاع. أما قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، فقد اعتُبر إنجازًا غير مسبوق، إذ ساوى بين المرأة والرجل في الحقوق، وألغى التمييز الطائفي والديني في مسائل الأحوال الشخصية، ما أتاح للمرأة العراقية أن تسترد مكانتها في المجتمع وتشارك بفعالية في الحياة العامة.
السياسة الجديدة شملت أيضًا إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء قرارات نفي المعارضين، وإعادتهم إلى أعمالهم، مما خلق مناخًا أكثر انفتاحًا. أما على الصعيد الاقتصادي، فشهدت البلاد خطوات لتشجيع الصناعة الوطنية، وتأسيس مصانع استهلاكية لتشغيل الأيدي العاملة، وزيادة رواتب الموظفين والعمال، وتطبيق قانون الضمان الاجتماعي.
الثورة لم تهمل استعادة الحقوق السيادية، حيث تم انتزاع جزء كبير من سيطرة الشركات النفطية الأجنبية عبر إصدار قانون رقم 80 لسنة 1961، الذي استعاد أغلب أراضي الامتيازات غير المستغلة، وفتح المجال أمام الدولة لإدارة ثروتها.
في مجال الإعمار والسكن، بُنيت مدينة الثورة لإسكان الفقراء والفلاحين المهجرين، وتم توزيع آلاف قطع الأراضي السكنية لذوي الدخل المحدود. كما جرى دعم التعليم العالي عبر تأسيس جامعة بغداد برئاسة العالم عبد الجبار عبد الله، إلى جانب توسيع الخدمات الصحية والتعليمية لتصل إلى الشرائح المهمشة.
اقتصاديًا، فتحت الثورة باب الاستيراد والتصدير، وسُمح بقيام النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، وتم تحديد ساعات العمل اليومية بثمانٍ، وهو ما شكّل تطورًا في قوانين العمل آنذاك.
الثورة أيضًا لم تغفل البُعد التحرري، فقد أُعلن تشكيل نواة جيش التحرير الفلسطيني، تأكيدًا على التزام العراق بدعم القضية الفلسطينية، وهو موقف انسجم مع السياسة التحررية التي تبنتها الثورة في مجمل توجهاتها.
المرأة وثورة تموز
شكلت الثورة لحظة فارقة في مسيرة المرأة العراقية؛ فكان تعيين الدكتورة نزيهة الدليمي كأول وزيرة في العالم العربي (وزيرة البلديات في 14 تموز 1959)، علامة على دخول المرأة ميدان العمل السياسي. وساعدت الثورة في:
تمثيل المرأة العراقية دوليًا، ومنها مشاركتها في الأمم المتحدة.
السماح بتأسيس رابطة المرأة العراقية، التي ترأستها الدكتورة نزيهة، وكانت قد تأسست عام 1952 سرًا، وضمت مثقفات ومناضلات مثل سافرة جميل حافظ وبشرى برتو وغيرهن.
إقرار قانون الأحوال الشخصية الذي ساوى المرأة بالرجل في الميراث وشهادة المحاكم، وأكّد مكانتها في المجتمع.
إنّ ثورة 14 تموز لم تكن مجرد حدث عابر، بل محطة مفصلية في نضال الشعب العراقي من أجل التحرر والاستقلال والسيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية. وستبقى منارة مضيئة في ذاكرة الأجيال القادمة، ومصدر إلهام لكل الساعين إلى بناء عراق حر ومتقدم.
14 تموز
يوم خالد في تأريخ العراق الحديث
عادل كنيهر حافظ
كلما أوغل التأريخ بيوم الرابع عشر من تموز عام 1958 كلما تجلت الأهمية التاريخية للفعل الثوري الذي نفذته كوكبة من ضباط ومراتب الجيش العراقي، بمساندة الشعب وقواه الوطنية وفي مقدمتهم الحزب الشيوعي العراقي الذي شكل الجيش السياسي للثورة، حيث تمكن أولئك الأشاوس وعلى رأسهم أبن الشعب البار عبد الكريم قاسم وفاضل عباس المهداوي ووصفي طاهر وعبد الكريم الجدة وجلال الأوقاتي وماجد محمد أمين وداود الجنابي وغيرهم ، تمكنوا من إسقاط النظام التابع للإمبراطورية البريطانية، وحولوا العراق من مستعمرة بريطانية يديرها المندوب السامي، إلى جمهورية مستقلة وذات سيادة، ثم واصلوا تحرير العراق من حلف بغداد ومن الارتباط بالنقد الاسترليني ومنع شركات النفط من التنقيب بحوالي98 بالمائة من أرض العراق، وسن قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع آلاف الأراضي على الفلاحين وإنهاء دور الاقطاع وظلمهم، وبناء مئات المستشفيات والمدارس وتوزيع آلاف الدور وقطع الاراضي، وسن جملة من القوانين الوطنية مثل قانون الاحوال الشخصية، وكانت قيادة الثورة تحضر لأجراء انتخابات لمجلس وطني، بغية التحول إلى الحياة المدنية وحل مجلس السيادة العسكري، ولو قدر لحكومة 14تموز البقاء والاستمرار في مسعاها لبناء العراق لجعلت منه بلداً يثير الفخر والاعتزاز، بيد أن مؤامرات الاستخبارات الأمريكية والانكليزية وبقايا الاقطاع وبعض رجال الدين الكبار وحزب البعث الفاشي، تمكن هذا الحلف القذر من وأد ثورة الشعب وقائدها وأنصارها . بيد أن الثورة تركت لنا دروسا بليغة من أهمها: 1- أهمية الاتفاق والتنسيق بين الجيش الجماهيري وقسم من طلائع الجيش الوطنية، الأمر الذي يسهل عملية تحقيق الانتصار على قوى النظام، كون انحياز قسم من الجيش مع المنتفضين، سيعطيهم زخما معنويا وقوة على الاستمرار حتى النصر.
2- استمرار الثورة في تحصين ذاتها والقضاء على إمكانية الانتكاس والردة، وهذا ما تلكأت به ثورة تموز ويجب ألا يغيب عن البال في ثورة الشعب التي تطرق الأبواب.
3- الاعتماد على الشعب والثقة به في الدفاع عن الدولة والثورة، هذا ما لم يعمل به زعيم الثورة لشديد الأسف رغم حبه المعروف للشعب والوطن، ولم يعط السلاح للجماهير التي تهتف في باب وزارة الدفاع وتريد السلاح للدفاع عن الثورة، وهذا من دروس 14 تموز ما يفيد الثوار في الاعتماد المطلق على الشعب أولاً.
4- عدم التهاون في عقاب من يتطاول على ثورة الشعب، واعتماد مبدأ عفا الله عمى سلف كان ضاراً، واستثمره أعداء الثورة وخصوصاً البعثيين، الذين لم يجر عقابهم كما ينبغي، وهذا الدرس يجب وضعه في الاعتبار في أيام الثورة القادمة.
5- عدم السماح للتدخل الخارجي في شؤون العراق، كان من المبادئ الرئيسية لحكومة 14 تموز وكان خلاف الزعيم قاسم مع عبد السلام عارف والبعثيين هو حول تدخل جمال عبد الناصر، ولم يترك المجال لشاه إيران يكون وصياً على شيعة العراق، لذلك أصبح هدفاً لهذه الجهات، وهذا الدرس من حكومة تموز يجب ان يكون في الاعتبار أبداً، لأننا قطفنا الثمر المرّ من تدخل إيران وغيرها لاسيما ونحن في وضع مخاض ينذر بولادة نظام جديد.
6- الموقف الواضح من القوى السياسية والأحزاب الفاعلة في ساحات البلاد ، والموقف الواضح من القوى الديموقراطية واليسارية عموماً ضروري في تحديد السياسة الداخلي للبلاد لأنه يتجلى في السياسة الخارجية للدولة، مع الأسف لم يكن موقف قيادة الدولة منحازاً لقوى معينه بل كانت التوفيقية ومحاولة كسب رضا الجميع أو مداراة جانب على حساب الجانب الآخر مما أربك الرؤى في العلاقات السياسية ، وفسح المجال لأعداء الثورة للنيل منها، وهذا الدرس من حكومة ثورة تموز يضع على عاتق القوى المتصدية للتغيير الشامل بالعراق أنا تأخذه بكامل الاعتبار .
الصفحة التاسعة
بريطانيا.. 60 نائباً عمالياً يطالبون بالاعتراف الفوري بفلسطين
مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين
يعقد نهاية تموز الجاري
متابعة – طريق الشعب
تتواصل المباحثات غير المباشرة بين حركة حماس والاحتلال الصهيوني، لعقد هدنة مؤقتة تفضي لاحقاً إلى وقف الحرب، لكن المحادثات تتعثر وذلك بعد رفض أحد مطالب الحركة في الانسحاب الكامل من غزة.
وفي جريمة مروعة جديدة، نبشت قوات نتنياهو المطلوب للعدالة، قبور الشهداء في خان يونس وسرقت جثامينهم، وفقاً لوزارة الاوقاف في غزة، واعتبرت ذلك "انتهاكا صارخا لكل القيم والأعراف الدينية والإنسانية".
مؤتمر حل الدولتين
قال عدد من الدبلوماسيين لوكالة رويترز، إن "مؤتمر حل الدولتين الذي ترعاه السعودية وفرنسا سيعقد نهاية الشهر الجاري في الأمم المتحدة، بعد أن تم تأجيله الشهر الماضي إثر العدوان الإسرائيلي على إيران.
وحينها مارست إدارة الرئيس الأمريكية دونالد ترامب ضغوطاً على عدة دول في سبيل عدم المشاركة، وهو ما دفع عدة وفود من الشرق الاوسط إلى الاعتذار عن المؤتمر وبالتالي تقرر تأجيله، وفقاً للوكالة.
وينظر كثيرون إلى المؤتمر بوصفه محاولة دولية لإحياء المسار السياسي نحو حل الدولتين، في ظل انسداد أفق المفاوضات وتواصل العدوان على غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة.
الاعتراف الفوري
بدولة فلسطين
طالب 60 نائبا من حزب العمال البريطاني في رسالة موجهة إلى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بالاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية.
وجاءت الرسالة، التي نشرتها صحيفة غارديان البريطانية، بعد أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خططا لإجبار سكان غزة على الانتقال إلى رفح وجعلها منطقة تركيز للنازحين بغرض تهجيرهم اللاحق إلى مصر أو عبر البحر.
وطالب النواب باتخاذ خطوات فورية لمنع الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ خطتها في رفح، والاعتراف الفوري بدولة فلسطين.
وأرسل النواب، الذين يشملون نوابا من الوسط واليسار، رسالة إلى ديفيد لامي يحذرون فيها من أن غزة تتعرض لـ "تطهير عرقي".
وحذر النواب من "أن عدم الاعتراف بفلسطين كدولة، يعني أننا نتراجع عن سياستنا الخاصة بحل الدولتين ونضع توقعات بأن الوضع الراهن يمكن أن يستمر، مما يؤدي إلى محو وضم الأراضي الفلسطينية".
خطة التهجير
من جهتها تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن جمود في محادثات الدوحة، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين أنه "لا تقدم في المحادثات آخر 24 ساعة بسبب خرائط انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وقالت القناة إن "الخلاف الرئيسي في مفاوضات الدوحة هو مدى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تسيطر عليها في قطاع غزة، مدعية أن تل أبيب وافقت على الانسحاب من محور موراغ، الذي يفصل رفح عن خان يونس في جنوب القطاع، مقابل إبقاء سيطرتها على رفح".
ونقلت القناة عن مصدرين مطلعين على تفاصيل المفاوضات تأكيدهما أن الخريطة الجديدة التي قدمتها إسرائيل تتضمن انسحابا من طريق موراغ، الذي يبعد نحو 4-5 كيلومترات عن الحدود بين غزة ومصر.
بَيد أن القناة لفتت إلى أنه، وفقًا للخريطة نفسها، لا تزال إسرائيل تصر على إبقاء قوات جيشها على بعد نحو 2-3 كيلومترات شمال طريق فيلادلفيا (الحدود بين غزة ومصر).
وأضافت: هناك، تريد الحكومة إنشاء مخيم للاجئين يضم مئات آلاف الفلسطينيين، استعدادا لتهجيرهم لاحقا.
دعوة لتعليق العلاقات
وآخذ التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني بالتوسع، وفي سياق ذلك، دعت مجموعة مكونة من 27 سفيرا سابقا بالاتحاد الأوروبي، لتعليق اتفاقية الشراكة بين التكتل ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بسبب استمرار الإبادة الجماعية في غزة.
وأعرب الدبلوماسيون عن بالغ قلقهم إزاء صمت الاتحاد تجاه ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية، وذلك في استخدام القوة العسكرية المفرطة دون تمييز ما أسفر عن استشهاد عشرات آلاف الفلسطينيين، وتدمير معظم البنية التحتية في غزة.
ولفتوا إلى أن الاتحاد يتردد في اتخاذ إجراءات جدية ضد أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الصهاينة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
حزب الشعب الفلسطيني يثمن شجاعة ألبانيز
إدانة واسعة للعقوبات الأمريكية ضد مقررة حقوق الانسان الدولية
متابعة – طريق الشعب
أدانت أحزاب فلسطينية والاتحاد الأوربي العقوبات التي اتخذتها الادارة الامريكية ضد مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز
حزب الشعب الفلسطيني
وأعرب حزب الشعب الفلسطيني عن إدانته الشديدة لهذه العقوبات، وما سبقها من حملة تحريض منظمة وصلت إلى حد مطالبة هيئة الأمم المتحدة بإقالتها من منصبها الأممي.
وثمن الحزب عالياَ مواقف ألبانيز الشجاعة في كشف حقيقة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية وانتهاكات جسيمة ومتعددة، والدور الأمريكي الضالع في هذه الحرب والجرائم، وإصرارها على تطبيق القوانين والتوجه للمحكمة الجنائية الدولية، وفقاً للبيان الذي حصلت عليه "طريق الشعب".
الاتحاد الأوروبي
بدوره، تأسف الاتحاد الاوروبي لقرار الولايات المتحدة إدراج المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن فلسطين فرانشيسكا ألبانيز، على قائمة العقوبات.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أنور العنوني، إن "الاتحاد الأوروبي يدعم منظومة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة". وأعرب عن "أسفه العميق" إزاء القرار الأمريكي.
وأشار العنوني، إلى أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم الجهود الرامية إلى إجراء تحقيقات مستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك تلك التي قد تشكل جرائم دولية.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفوت، عبر منصة "إكس"، إن "بلاده ستدافع عن استقلال الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة" وتعارض أي محاولة لترهيب مسؤولي الأمم المتحدة، بغض النظر عما إذا كانت تتفق مع آرائهم أم لا.
والأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية وضع ألبانيز، على قائمة العقوبات بسبب سعيها لحثّ المحكمة الجنائية الدولية على اتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل لانتهاكهما القوانين الدولية خلال إبادة غزة. وفي نفس اليوم، طلبت واشنطن من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إقالة ألبانيز، متهمة إياها بـ "معاداة السامية"، على حد زعمها.
ترهيب مافيوي
وفي أول تعقيب لها، وصفت ألبانيز، القرار الأمريكي بأنه "ترهيب مافياوي". وقالت في منشور على منصتها الاجتماعية X: "لا تعليق على أساليب الترهيب المافياوية، أنا منشغلة بتذكير الدول الأعضاء بالتزاماتها بوقف ومعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية، ومن يستفيد منها".
وقالت بمنشور آخر: "يستحق المواطنون الإيطاليون والفرنسيون واليونانيون أن يعلموا أن كل عمل سياسي ينتهك النظام القانوني الدولي، يُضعفهم جميعًا ويعرضنا جميعًا للخطر".
والأربعاء، طالبت ألبانيز، إيطاليا وفرنسا واليونان بتقديم توضيحات حيال سماحها بتوفير "مجال جوي آمن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، المطلوب للعدالة الدولية لارتكابه جرائم حرب. اثناء توجهه للولايات المتحدة.
اليونيسف:
الأطفال السودانيون المصابون بسوء التغذية يتضاعفون
الخرطوم - وكالات
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف أن "عدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد في إقليم دارفور غربي السودان تضاعف تقريبا، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
وقالت المنظمة الأممية، إنها "سجلت ارتفاعا كبيرا بنسبة 46 في المائة بعدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد في ولايات دارفور"، وأضافت في هذا الصدد أن أكثر من 40 ألف طفل في ولاية شمال دارفور فقط خضعوا للعلاج من سوء التغذية الحاد وهو ما "ضعف عدد الحالات المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي".
وأشار البيان إلى أن 9 من أصل 13 منطقة في دارفور تجاوزت معدلات سوء التغذية الحاد بها مستويات الطوارئ التي حددتها منظمة الصحة العالمية.
وحذرت من أن دخول السودان ذروة موسم الجفاف في الوقت الراهن يزيد خطر ارتفاع وفيات الأطفال بشكل جماعي، لا سيما في المناطق التي تقترب من مستويات المجاعة.
لبنان: لا تطبيع مع إسرائيل وحصر السلاح {لا رجوع عنه}
بيروت - وكالات
أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، الجمعة، أن "مسألة التطبيع مع إسرائيل غير واردة حاليا، مشددا في الوقت ذاته على أن قرار حصر السلاح بيد الدولة قد اتُّخذ ولا رجوع عنه.
وقال عون، إن "السلام بالنسبة للبنان يعني حالة اللاحرب، أما التطبيع مع إسرائيل فلا مكان له في السياسة الخارجية اللبنانية في الوقت الراهن"، بحسب بيان للرئاسة، في أول رد رسمي على تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بشأن رغبة تل أبيب في تطبيع العلاقات مع لبنان وسوريا.
وفيما يتعلق بالسلاح، شدد الرئيس اللبناني على أن "قرار حصر السلاح بيد الدولة قد اتُّخذ ولا تراجع عنه، لأنه أحد أبرز عناوين السيادة الوطنية"، مشيرا إلى أن "تطبيقه سيراعي مصلحة الدولة واستقرارها الأمني، حفاظا على السلم الأهلي والوحدة الوطنية".
كما أكد أن قرار الحرب والسلم هو من صلاحيات مجلس الوزراء، الذي يتخذ القرار بناء على مصلحة لبنان العليا.
حرائق سوريا تتواصل
والأمم المتحدة تقدم المساعدات
دمشق - وكالات
حذر رائد الصالح وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري، من أن "حرائق الغابات لا تزال تتوسع في ريف اللاذقية، رغم الجهود المكثفة المبذولة من فرق الإطفاء، حيث تجاوزت المساحة المتضررة حتى الآن 15 ألف هكتار".
وبهذا الصدد أعلنت الأمم المتحدة مساعدات طارئة بينما فعّل الاتحاد الأوروبي خدمة "كوبرنيكوس" لتوفير خرائط أقمار اصطناعية محدثة، وذلك للمساعدة في إطفاء حرائق الغابات التي تتواصل منذ 11 يوماً في اللاذقية غربي سوريا.
وأعلن المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى، عن تخصيص مبلغ 625 ألف دولار من صندوق سوريا الإنساني لدعم جهود الاستجابة الطارئة للأشخاص المتضررين من حرائق الغابات في محافظة اللاذقية.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هذه الأموال ستمكن الشركاء في العمل الإنساني من تقديم المساعدة العاجلة لآلاف الأشخاص المتضررين من الحرائق.
من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي تفعيل خدمة "كوبرنيكوس" لتوفير خرائط أقمار اصطناعية محدثة، لتستخدمها فرق الاستجابة لتوجيه العمليات بدقة، ويمكن تكبيرها حتى مستوى القرى لتقييم حجم الأضرار.
في الهند.. 250 مليون يُضربون ضد حكومة مودي العنصرية
عادل محمد
شهدت الهند، الأربعاء الفائت، إضرابًا عامًا جديدا، حيث أغلقت المتاجر أبوابها، وأغلقت الشركات، وقطعت خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة. ووفقًا لتقارير عديدة، شارك أكثر من 250 مليون في جميع أنحاء البلاد في احتجاجا ت تكررت في السنوات الأخيرة ضد سياسات الحكومة التي يهيمن عليها القوميون الهندوس من حزب "بهاراتيا جاناتا" بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والتي لا تُولي اهتمامًا يُذكر بالعمال والمزارعين، وتعطي الأولوية لمصالح الشركات. وكان المزارعون، في مقدمة المحتجين المشاركين في احتجاج "بهارات بانده"، وكذلك عمال الصناعة والمعلمون وموظفو البنوك والهيئات الحكومية. كما حظي الاحتجاج بدعم من قطاع تكنولوجيا المعلومات. وفي الهند، يُعد "بهارات بانده" شكلًا من أشكال الاحتجاج الموروثة من معارك الاستقلال الوطني، والتي تتضمن شل الحياة العامة بوسائل سلمية.
تنوع واتساع
أكدت العديد من المساهمات على أن الخروج المشترك لمختلف الفئات الاجتماعية إلى الشوارع، وتنظيم الاحتجاجات من قبل تحالف واسع متنوع، يعد مؤشرا على ملامح المستقبل. قاد الاحتجاجات تحالف "بهارات باند"، الذي يضم عشرة اتحادات نقابية وطنية قريبة من بين جهات أخرى، للحزبين الشيوعيين وحزب المؤتمر الهندي. بالمقابل رفض حزب "بهاراتيا مازدور سانغ" المشارك في حكومة مودي المشاركة في تنظيم ودعم الاضراب والاحتجاجات.
كانت أوسع مشاركة في ولايات جهارخاند، وتريبورا، وبيهار، وكيرالا، التي يحكمها تحالف الحزبين الشيوعيين: الشيوعي الهندي، والشيوعي الماركسي. ووفقًا لتقارير صحفية، كان هناك شلل اقتصادي شبه كامل. وشهدت ولاية البنغال الغربية الشاسعة، التي حكمها تحالف الشيوعيين لأكثر من ثلاثة عقود، لكن نفوذ التحالف تراجع تدريجيًا منذ مطلع الألفية الجديدة. والآن تشهد الولاية عودة قوية للنقابات العمالية، وكذلك لأحزاب اليسار، عكسته حركة الاضراب والاحتجاجات التي تسببت في عرقلة جديدة لحركة القطارات المحلية.
يعد التوسع في خصخصة شركات القطاع العام وزيادة الاستعانة بمصادر خارجية مجرد نقطتين من بين نقاط متنوعة أثارتها الحركة النقابية. وينصبّ التركيز بشكل خاص على حزمة من أربعة قوانين صدرت عام 2020 تحت ستار "تسهيل الحياة الاقتصادية". تُعيق هذه القوانين بشكل كبير تشكيل النقابات في الشركات، وتُقيّد حقوق الإضراب، وتُمدّد ساعات العمل، وتُلغي في الوقت نفسه تجريم انتهاكات الشركات. ومن الانتقادات الأخرى أن الشركات الكبيرة المملوكة للدولة، مثل السكك الحديدية، تُعيد توظيف المتقاعدين بدلاً من توظيف الشباب، على الرغم من أن 65 في المائة من السكان دون سن 35 عامًا، وأن البطالة في مستويات قياسية، لا سيما بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 – 25 عامًا، وهم في الغالب حاصلين على تعليم جيد.
أضف الى ذلك غضب حركة المزارعين بسبب تقديم الحكومة تنازلات شكلية فقط لحركة الاحتجاجات الواسعة والمستمرة منذ سنوات.
استمرارية تاريخية
من المعروف أن الهند تعيش منذ سبع سنوات أو أكثر احتجاجات متنوعة، منذ عام 2016، تجددت احتجاجات طلابية متكررة ضد الهجوم السياسي على الجامعات الحكومية الهندية. وتمثل جامعة جواهر لال نهرو اليسارية في العاصمة الهندية دلهي، والتي تضم 8 آلاف طالب فقط، أهم مراكز الصراع مع اليمين الهندوسي العنصري الحاكم. وتتمتع احتجاجات طلبة هذه الجامعة بأهمية اجتماعية وسياسية كبيرة، حيث يركز الطلبة المحتجون على الصراعات الاجتماعية المركزية في شبه القارة الهندية: محاولات اليمين الحاكم إحياء وترسيخ نظام الهرمية التراتبية الطبقية والاجتماعية، وفق تصنيفات دينية أو قومية موروثة، التمييز وعدم المساواة الاجتماعية واضطهاد المرأة. ولذلك فإن الجامعة غدت شوكة في عيون اليمين العنصري وسياسات الليبرالية الجديدة الاقتصادية. وفي عام 2019 اندلعت الاحتجاجات في الهند ضد تعديل قانون الجنسية، الذي سهل التغيير الديموغرافي على أسس عنصرية من خلال تجنس المهاجرين من غير المسلمين الذين دخلوا الهند قبل عام 2015، انتهاك صريح لدستور الهند العلماني.
وفي خريف عام 2020، شارك 250 مليون عامل في الهند في الإضراب العام الذي دعت له مجموعة من الاتحادات العمالية، احتجاجًا على سياسات حكومة اليمين المحافظ الداعمة للمستثمرين والشركات الأجنبية على حساب مصالح السكان. وكان تحالفٌ مُكوَّن من عدة نقابات عمالية مركزية قد دعا إلى إضرابٍ شامل على مستوى البلاد احتجاجًا على تمرير قوانين ضد حقوق العمال والمزارعين. ودعمت قوى اليسار السياسية والحركات الاجتماعية العمال المضربين.
والاضرابات العمالية بهذا الحجم واسعة المشاركة ليست جديدة على الهند، التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة، حيث شارك قرابة 200 مليون عامل في إضراب تاريخي بداية عام 2019، وقرابة 150 مليون عامل في إضراب 2016، وقرابة 100 مليون في إضراب عام 2012 متجاوزين كافة الانقسامات العرقية والدينية..
الصفحة العاشرة
في إجابة كانط عن سؤال ما هي الأنوار وتمييزه ضد المرأة
ربيع ديركي*
شكلت فلسفة الأنوار حالة تمرد على العقل المُقيد بالميتافيزيقا والفكر الغيبي لمنعه من الإبداع وحرية التفكير. فلسفة لم تأتِ، بتمردها على الواقع وفكره وأيديولوجيته، من فراغ، كما تصورها بعض الدراسات وكأن أفكارها قد أُنتجت في عليَّاء أبراج عاجية، بل كانت مرتبطة بتطور الواقع وتناقضاته، أي مرتبطة بما يولد من أحشاء نمط الإنتاج وما بلغه، على امتداد تلك المرحلة التاريخية، من تطور وحاجته للتحرر من القيود التي تحد من حريته في استغلال الإنسان للإنسان كي يشرعن، أو لنقل بكلام آخر "يُعقلّن"، الاستغلال باسم “العقل” و”التمرد” و"الأنوار" بمفهومهم المثالي الميتافيزيقي. كيف انعكس ذلك في إجابة إيمانويل كانط (1724- 1804) عن سؤال ما هي الأنوار؟ الذي طرحته مجلة “شهرية برلين” Berlinische Monatsschrift عام 1784 وكان السؤال يمثل محور نقاشات فلاسفة تلك المرحلة التاريخية.
إن أخذ إجابة كانط، بعجالة سريعة، عن سؤال ما هي الأنوار يعود إلى أنها مرتبطة بمشروعه الفلسفي النقدي الذي يمكن عنونته بأنه إخضاع العقل، بوصفه ملكة المعرفة، وأفكاره للنقد لتبيان حدوده وقدراته، ونقد العقل، في المشروع الكَنْطي، ليس نقداً لموضوعات المعرفة، بل هو نقد للعقل نفسه في بنيته وأحكامه. وبالتالي فإن إجابة كانط عن سؤال ما هي الأنوار كانت مؤَسِسة لطروحات عصر الأنوار والفلسفة الحديثة في السياسة والأخلاق والجمال. وقد وصف كارل ماركس فلسفة كانط بأنها كانت النظرية الألمانية للثورة الفرنسية.
" تجرأ على استعمال عقلك "
بين الشعار والتطبيق في الإجابة الكنطية
حرض كانط على “التمرد” ضد القيود ودعى للشجاعة في استعمال العقل ففي إجابته عن سؤال ما هي الأنوار قال إنها “خروج الإنسان من قصوره الذي هو مسؤول عنه. قصور يعني عجزه عن استعمال عقله دون إشراف الغير، قصور هو نفسه مسؤول عنه لأن سببه يكمن ليس في عيب في العقل، بل في الإفتقار الى القرار والشجاعة في استعماله دون إشراف الغير، تجرأ على استعمال عقلك أنت: ذاك هو شعار الأنوار”، (كانط ، جواب عن السؤال: ما هي الأنوار، ترجمة حسين حرب، مجلة الفكر العربي، العدد 48، السنة الثامنة، معهد الإنماء العربي، بيروت، تشرين الأول/ أكتوبر 1987، ص. 129). يكمل كانط ويقول إن الحرية هي “ان يستعمل المرء عقله علانية في جميع المجالات. لكنني أسمع الآن الصراخ من جميع الجهات: ”لا تفكر“! فالضابط يقول: لا تفكر بل نفذ! ورجل المال يقول: ”لا تفكر بل إدفع“! والكاهن يقول: ”لا تفكر بل آمن“! (ولا يوجد في العالم سوى سيد واحد يقول ”فكر قدر ما تشاء وحول كل ما تشاء، إنما أطِعْ“) في كل مكان حد للحرية”. (المرجع نفسه، ص. 130).
أكد كانط في دعوته “التمردية” أن لا قصور في العقل يمنعه من الخروج على ممَّا هو فيه، ولكن هل أكمل في طريق كسر القيود المكبلة للعقل؟ الإجابة كلا، فقد فرق كانط ما بين استعمالين للعقل وضعهما على طرفي نقيض هما: الاستعمال العام لعقلنا ويعني فيه أنه “يجب أن يكون دائماً حراً، وهو وحده يمكنه أن يوصل الأنوار إلى الناس: بينما استعماله الخاص يمكن ان يحد بقسوة بالغة دون ان يمنع ذلك بشكل ملموس تقدم الأنوار”، وحدد كانط الاستعمال الخاص للعقل بأنه هو ذاك الاستعمال “الذي يحق للمرء أن يقوم به في مركز مدني أو وظيفة معينة أسندت إليه. والحال ثمة آلية ضرورية لعدة أعمال تؤمن الصالح العام تفرض على بعض أفراد الجماعة أن يتصرفوا فقط تصرفاً منفعلاً بمقتضى توجيه الحكم، بناء على إجماع مصطنع، نحو غايات عامة أو على الأقل بما يؤدي إلى منعهم من إفساد تلك الغايات. هنا ليس من المسموح إذن التفكير، والمطلوب الطاعة“. (المرجع نفسه والصفحة نفسها. تعليم “هنا ليس من المسموح إذن بالتفكير، والمطلوب الطاعة”، بالخط العريض من عندياتي).
النص الكانطي في تفريقه ما بين الاستعمالين للعقل وتحديد حدود ما يجب على المرء القيام به وحدود التفكير المسموح به، واضح ومباشر، وبالتالي لسنا بحاجة إلى كبير عناء، لقول إن الحرية التي دعى إليها كانط ، والتمرد على أيديولوجية الظلمات والصراخ الذي قال إنه يسمعه من جميع الجهات “لا تفكر”، بالرغم مما تحمله من نزعة “تقدمية” عارض فيها الظلم الإقطاعي، إلا أنه “ثار” على الواقع بصراخ في فضاءات الكلام والتنظير المنفصل عن أرض الواقع لتأبيده بأشكال مختلفة في الشكل متماثلة في المضمون، بما يعكس تأبيد أيديولوجية الاستغلال تحت شعار “العقل وحريته”، على أساس ما تريده سلطة الاستبداد من العقل.
وعليه، نجد في إجابة كانط عن سؤال ما هي الأنوار، بربطها بنسقه الفلسفي النقدي، ما يمكن تسميته “بالحل الوسط” “حرية العقل” وتقييده، أي التأسيس الفلسفي للتناقض بينهما، ومن تجلياته مفهوم “الشيء في ذاته”، الذي هو ركن فلسفة كانط، “فالشيء في ذاته” ا يمكن معرفته، أنه متعال “ترسندنتالي”، والمعرفة بمفهومها الكانطي هي الظواهر لا “الشيء بذاته”، أي ليس معرفة خصائصها بما هي في ذاتها. وبالتالي فإن استعصاء معرفة “الشيء في ذاته” يحد من العقل ويحصره في إدراك الظواهر فقط، وبذلك فإن الحرية، بمفهومها الكانطي، لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع بل في عالم الميتافيزيقا، الماورائيات، وهنا تبرز إحدى جوانب “الحل الوسط” الذي يطرح الحرية على قاعدة تبرير الاستغلال ومنع الثورة عليه، أي مفهوم التطور الذاتي للعقل المنفصل على الواقع وتناقضاته، أي مركزية الذات المفكرة القائمة على ديالكتيك الذات والموضوع المثالي، بما يمنع الثورة، المادية، عليه.
تمييز كانط ضد المرأة
تفرض إجابة كانط عن سؤال ما هي الأنوار؟، إذا ذهبنا بمنطقها الصوري الداخلي إلى نهايته، الدعوة إلى تحرر المرأة من السلطة الفكرية المفروضة عليها، وأن تكون جنباً إلى جنب مع الرجل في النضال من أجل إنهاء الوصاية عليها، والقيود الميتافيزيقية على العقل لتحررها منهما، ولكن على النقيض من ذلك نقع في طروحات كانط على تمييز صارخ ضد المرأة وفرض تحديد قدراتها قسراً، بقرار استبدادي يعكس خلفية ذكورية بائدة، ومن تلك الأحكام الكانطية “أن المرأة لا ترتقي إلى الموضوعية وعاجزة عن تقديم التفكير المحض”، … ووصل به الأمر إلى حد “استثناء النساء من حقوقهن العقلية والسياسية لأنهن يخضعن للرجل”…. طروحات تمييزية وضعها ك كانط بشكل واضح، في “الأنثروبولوجيا من منظور براغماتي” وفي عدد من محاضراته ومؤلفاته.
يعيد كانط في طروحاته التمييزية المتخلفة ضد المرأة القائمة على أساس النوع الاجتماعي، عصر الظلمات بإسم فلسفة الأنوار، وليس في الأمر مفارقة أن لا نقع في طروحات كانط ، على دعوة لتحرر المرأة من “الوصاية الفكرية”، فالإجابة الكانطية عن سؤال ما هي الأنوار، كما مرَّ معنا، لم تخرج على الأساس المادي للاستغلال والتمييز، بل أبدته بإسم الأنوار، وبذلك لم يخرج كانط على السلطة الذكورية السائدة، وأيديولوجيتها.
إن ربط نقد طروحات كانط التمييزية ضد المرأة، كما نقد إجابته عن سؤال ما هي الأنوار، بالوقع الاجتماعي وتناقضاته الذي عاش فيه، نظام الحكم الملكي في ألمانيا، وتحمسه للثورة الفرنسية التي قامت عام 1789 حيث رأى فيها أملاً في أن يعم النظام الجمهوري وتسود الديمقراطية إلخ… من طروحاته، هدفه الرئيس إظهار المحجوب فيها، بقرار منهجي، أي الأساس المادي، بمعنى أنها مرتبطة بأساسها المادي، طبيعة علاقات الإنتاج التي كانت سائدة ومرحلة تطورها في تلك الحقبة التاريخية التي فرضت البحث عن خلفية فلسفية لكسر القيود أمام أشكال جديدة من الاستغلال والتمييز و” شرعنتهما ” باسم الأنوار وهي في ” ثوريتها ” تمجد الثروة والملكية الخاصة، لا تهدم علاقات الاستغلال لا بل تؤبدها. على هذا الأساس من التحديد فإن تغييب الأساس المادي للاستغلال والتمييز، يجعل من النقد، وإنْ كان بإسم العقل والحرية والمساواة والعدالة والأنوار… في موقع الخادم للاستغلال والمبرر له يعيد إنتاج أساسه المادي وأيديولوجيته، ويشوه الوعي، وهو ما يعاد، في جزء منه، إنتاجه بالطروحات الليبرالية والنيوليبرالية الممجدة لطروحات كانط حول الحرية، وبالتحديد الحرية الفردية التي تعني في نهاية المطاف شرعنة حرية الاستغلال وليس الثورة عليه. من يشرعن الاستغلال موقعه في الهامش من يصنع التاريخ من دونه، والمتن في معركة صناعة التاريخ لحفاري قبر الرأسمالية، الطبقة العاملة، بجميع فئاتها، التي تخوض الصراع الطبقي موحدة ضد النظام الرأسمالي، على جميع المستويات، لكسر، الأساس المادي للاستغلال والتمييز وسلب قوة العمل، وعلاقات التبعية، والحروب. صراع تخوضه الطبقة العاملة، في جميع جهات الكرة الأرضية تجمع فيه، بخلفيتها النظرية المادية الثورية، النضال التحرري الوطني الديمقراطي مع مقاومة المشاريع الإمبريالية التوسعية والاحتلال، ضد ظلامية النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي وحروبه الوحشية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سكرتير تحرير منصة "تقدم"
منصة "تقدم" – 21 حزيران 2025
قوى اليسار والاقتصاد المخطط
مجموعة كتاب ألمان
ترجمة: رشيد غويلب
حان الوقت لإجراء نقاش جديد حول الاقتصاد المخطط: كيف تتضافر جهود تلبية الاحتياجات، وإنتاج السلع، والاهتمام بحدود الكوكب؟
يتفق العديد من اليساريين على ضرورة التغلب على الرأسمالية. ولكن ما هو البديل الاقتصادي الملموس الذي يمكننا، نحن الاشتراكيين، تقديمه والذي يراعي تعقيدات المجتمعات الحديثة؟ لقد ناقشت الجماعات والجهات اليسارية الفاعلة هذا السؤال لفترة من الوقت، وهي تعيد اكتشاف فكرة تبدو قديمة: التخطيط الاقتصادي الاشتراكي الديمقراطي.
في ظل اتساع رقعة الأزمات الرأسمالية، ثمة حاجة ماسة إلى التخطيط الاقتصادي. ويتطلب النطاق العالمي والبعد الوجودي للأزمة البيئية آلية بديلة للتنسيق الاقتصادي. وتمثل فكرة التخطيط الاقتصادي الديمقراطي البحث عن شكل من التنسيق الاقتصادي، الذي لا يجعل عدم اليقين قضية فردية، ويقدم فرصا أكثر للجميع مقارنة بالاقتصاد القائم على السوق.
في اقتصاد السوق يُجرى اليوم تخطيط مكثف، وإن كان تحت رعاية رأسمالية. تستخدم الشركات بنى تحتية معقدةً للتخطيط للحد من المخاطر الداخلية. ويتعين على الدول أيضا التخطيط باستمرار لتهيئة الظروف للنشاط الاقتصادي الرأسمالي الليبرالي الجديد. وهذا يبين أن التناقض بين السوق والخطة موقف أيديولوجي.
وتتطلب أزمات عصرنا المتعددة إعادة هيكلة جذرية للاقتصاد والمجتمع، وهذا غير ممكن في ظل النظام الرأسمالي، بما يتضمنه من تنافس اقتصادي مبني على قسرية الربح. فبدلاً من خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والتدمير الجذري للموارد والتنوع البيولوجي، يجري التمسك بنماذج الإنتاج القديمة. وتُرحل التكاليف الاجتماعية والبيئية على نطاق واسع وبمقاييس عالمية. ويفاقم نمط الإنتاج الرأسمالي الأزمة البيئية وأزمة إعادة الإنتاج الاجتماعي؛ ويغذي التفاوت الاجتماعي والقومية والعنصرية. باختصار، يقوّض سبل عيشنا وديمقراطيتنا.
وفي سياق تصاعد أزمة المناخ والتنوع البيولوجي، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، واضطراب الأسواق المالية، فإننا سنواجه في هذه البلاد أيضاً أزمات اقتصادية ومالية، وصدمات أسعار، وخسائر في الدخل، فضلاً عن نقص المياه المتزايد والتغيرات الجوية المتطرفة. لهذه الأسباب وحدها، تتزايد أهمية التدابير الوقائية أو الطارئة الاستشرافية والعادلة اجتماعيا، والتي تتجاوز تنظيم السوق المختل، لضمان بقاء المجتمع، بل تصبح أكثر قبولا لدى الكثيرين.
في الوقت نفسه، نشهد كيف أن التخطيط الحكومي والسيطرة الحكومية تتصدران الأجندة السياسية بشكل متزايد، في أعقاب تزايد المواجهات الجيوسياسية والتنافس الاقتصادي العالمي. تعتمد الولايات المتحدة في منافستها مع الصين، على الأقل في عهد الرئيس بايدن، على التدخل واسع النطاق في السوق لإنشاء وتوسيع صناعات وبنى تحتية ذات أهمية استراتيجية. وتُستخدم التدخلات والتخطيط الحكومي المقصود لتثبيت الهيمنة الاقتصادية للغرب الرأسمالي. ومع احتمال ظهور الرأسمالية الخضراء كنظام تراكمي جديد، ستزداد هذه السياسات، ومن المرجح أن تزداد أهمية التخطيط الاقتصادي داخل الرأسمالية.
الرأسمالية سوق، وكل شيء آخر تخطيط. لقد أصبح هذا التحيز العنيد والمستمر غير مقبول منذ زمن طويل. ومع ذلك، فإن سياسات تدخل الدولة في الرأسمالية لا توفر إطارا إيجابيا لمفهوم اشتراكي للسيطرة والتنظيم، والأهم من ذلك، للتخطيط الاقتصادي. ولكنها قد تفسح المجال أمام إمكانية تصور هذه المقاربات وتفعيلها من جديد، مما يقوّض هيمنة اليد الخفية للسوق.
إذا عدنا إلى المناقشات حول الاقتصاد الاشتراكي المخطط واستكشفنا إمكاناته لمستقبل أكثر حرية ومساواة للجميع، يتعين علينا أن نتجاوز مجرد مناقشة إمكانية تحقيق ذلك: ففي حين ما تزال هناك حاجة إلى الإجابة اليوم على السؤال إلى أي مدى يمكن تصور نظام اقتصادي فعال بدون اعتماد آلية السوق ومؤشرات أسعار، يتعين علينا أيضا أن ننظر في الأشكال السياسية وشروط التخطيط الاقتصادي.
بالنظر إلى ممارسات التخطيط الحالية، لا يبدو هذا النوع من التنسيق خطوة نحو مستقبل اشتراكي: فالتخطيط الرأسمالي، سواء كان من قبل الدولة، أومن قبل القطاع الخاص، يُنظّم اليوم من أعلى إلى أسفل، ويخضع لهدف مضاعفة الربح وتراكم رأس المال. إذن، عن أي شكل من أشكال التخطيط نتحدث عندما نشير بإيجابية إلى التخطيط الاقتصادي ونطور مقترحات ملموسة له؟
في رأينا، يبرز تحديدا عنصران في نقاش التخطيط يميّزان مفهوم التخطيط التحرري. ويتيحان إجراء دراسة نقدية للأشكال الاستبدادية للتخطيط الاقتصادي في تجربة الاشتراكية الفعلية، ويميزانهما عن التخطيط التكنوقراطي، وكذلك عن التخطيط المعبأ لمصالح رأس المال.
1 - يجب أن يكون التخطيط الاقتصادي اليساري ديمقراطيا جذريا، ويستند إلى شكل جوهري من التشكيل الديمقراطي الجماعي للاقتصاد. إن فصل نقاش التخطيط عن مجرد التكهنات حول جدواه يسهم بالفعل في تسييسه. إذا ركزنا على مسألة موضوعات التخطيط، أي من الذي يخطط؟ يمكننا مناقشة كيف يجب أن تبدو، على مختلف مستويات الاقتصاد، المشاركة الشاملة والرقابة الديمقراطية.
2 - يجب أن يكون التخطيط الاقتصادي اليساري متجذرا في التراث الاشتراكي. ويجب ربط ديمقراطية عملية التخطيط بالضرورة بمسألة السيطرة على وسائل إنتاج المجتمع: من يتحكم بها؟ من يملكها؟ في نهاية المطاف، تعتمد آلية التنسيق الاقتصادي وعلاقات الملكية على بعضها البعض؛ فالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج تعيق التخطيط الاقتصادي الفعال والديمقراطي الذي يلبي احتياجات الجميع. يكشف هذا عن صلة بين النقاش المتجدد حول التخطيط الاقتصادي الديمقراطي والصراعات الحالية حول المكية المجتمعية، والتي تتعلق بالاستيلاء الجماعي على البنى التحتية، مثل الإسكان والطاقة والخدمات العامة، بهدف تحريرها من ضغط الربح وإدارتها مستقبلا بما يخدم الصالح العام.
تظهر هذه الأمثلة بالفعل أن مفهوما اشتراكيا وديمقراطيا جوهريا للتخطيط يمكن أن يكسر التضييق التاريخي للتنشئة الاجتماعية على المؤسسات وقطاعات الإنتاج الصناعي. ويمكن للتخطيط الاقتصادي التحرري أن يُتحدى الفصل الرأسمالي بين مجالات الإنتاج وإعادة الإنتاج، وما يرتبط به من تقسيم أبوي للعمل ونظام التميز بين الجنسين. ان الهدف هو إعادة إنتاج جماعي وحياة كريمة للجميع. لذا فإن التخطيط الاقتصادي الديمقراطي لا يشير فقط إلى امتداد الديمقراطية إلى مجال الإنتاج، بل أيضا إلى التصميم الجماعي للبنى التحتية للرعاية، وتحويلها ديمقراطيا، وإعادة توزيع أعباء العمل الناشئة عنها.
لذا، فإن المفهوم التقدمي للتخطيط والمتطلبات المرتبطة به تتعلق بالكل، أي بتحويل شامل للظروف. ويعد هذا المنظور مهما لنتمكن من بدء تحليلنا وسياساتنا في اللحظة الراهنة بمشاريع وخيارات عمل ملموسة دون الوقوع في فخ الإصلاحية. ويبدو لنا أن تطوير مفهوم ديمقراطي واشتراكي راسخ للتخطيط هو عمل تمهيدي وداعم مستمر ضروري لدفع النقاش الحالي بشأن التخطيط الاقتصادي الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، وداخل هذه المحاذير، ثمة مجال واسع للنقاش ولتعريف أدق لما قد يعنيه التخطيط التحرري.
نريد أيضا تعزيز النقاش حول التخطيط الاقتصادي والاقتصاد الاشتراكي، لأننا نعتقد أن المطالب الاقتصادية لليسار المجتمعي قد أظهرت فجوات برامجية صارخة في السنوات الأخيرة (أو حتى العقود). في أعقاب انهيار الاشتراكية الفعلية وترسخ الليبرالية الجديدة، انسحب العديد من اليساريين في البرلمان والحركات إلى نقد الاقتصاد السياسي أو التزموا بنظرية كينزية يسارية إصلاحية، مع سياسة مالية أكثر توسعا هنا وقليل من إعادة التوزيع هناك. في بعض الحالات، شارك حزب اليسار الالماني بنشاط، في برلمانات وحكومات الولايات، في عمليات الخصخصة أو سياسات تعزيز ألمانيا كمركز اقتصادي. من الواضح أن حل أزمة السياسة الاقتصادية اليسارية لا يكمن في مجرد تطوير اقتصاد برجوازي "أفضل"، وإلا، لما كانت سياسة اشتراكية، بل سياسة ديمقراطية اجتماعية تحاول دون جدوى التخفيف من تشوهات التراكم الرأسمالي.
حتى اليسار المجتمعي، غير المنتظم في أحزاب سياسية، يصر على إدانة ما يناضل ضده وما يجب إلغاؤه، بدلا من التصور المشترك لما يمكن أن يحل محل الرأسمالية. هذا صدى "حظر الصور" المنتشر في العلوم الاجتماعية النقدية، أي دوغما عدم رسم صور يوتيبيا مضادة للرأسمالية. ان هذا لا يعيق التطور الجماعي لليوتوبيا الملموسة فقط، بل أدّى أيضا إلى نقص في التوجه والاستراتيجية في الحركات والنضالات. لذلك، لا يوجد مفهوم اقتصادي اشتراكي مقنع يضع اليسار المجتمعي في تضاد واضح مع الظروف السائدة ويتجاوز الرأسمالية. نعتقد أن الجمع بين الملكية المجتمعية والتخطيط الديمقراطي يمكن أن يوفر بوصلة لمشروع مُضاد للرأسمالية، وبالتالي لاقتصاد اشتراكي. لقد حان الوقت لذلك.
إن الفهم المعاصر للتخطيط الاقتصادي يجب أن يجمع بين هذه الرؤية المستقبلية الملموسة وإجابات حول كيف ولماذا ستتحسن الحياة اليومية للطبقة العاملة على تنوعها نتيجة لذلك: ظروف عملهم، صحتهم، مساكنهم وإمدادات الطاقة، توافق العمل والأسرة.. الخ. يتعلق الأمر بفهم يساري للاحتياجات وإشباعها، ولا يركز فقط على إنتاج السلع ويعترف بحدود الكوكب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن جريدة "نويز دويجلاند الألمانية" - 30 أيار 2025
الصفحة الحادية عشر
السمكة
للكاتب التركي الساخر عزيز نيسين
اصطاد رجل سمكة، فسارع بها الى زوجته طالباً منها ان تقليها، لكن زوجته اعتذرت لعدم وجود الزيت.
فقال الزوج: اشويها؟ فاعتذرت الزوجة مرة اخرى لعدم وجود مشواة.
ففكر قليلاً قبل ان يطلب منها ان تسلقها، فصرخت هذه المرة الزوجة..
غاضبة: لا نملك غازاً
فحمل الزوج السمكة وعاد الى البحر ملقياً اياها في الماء.
فهتفت السمكة: تعيش الحكومة.
ذاكرة الصحافة الشيوعية
ثقافتنا اليسارية للوطن والمواطن
ثامر الهيمص
المناسبة التاريخية بصمة وتأسيس ، لا تضاهيها شعارات ومزايدات وانقلابات تطفو كزبد ذهب هباء ، وهذه البصمة الحقيقية باتت تأسيساً لا زال فاعلا وبين المد والجزر، حيث صدرت عام 1935 جريدة "كفاح الشعب"، بعيدا عن النخبويات ، لتنتمي لشعب اكتشف انه ليس مجرد ولايات لها مرجعية في اسطنبول او غيرها ، بل ان الجذر كان محجوبا باستبداد مغلف بشعارات ، كانت وراء جميع عناوين الرعب والظلم ، والادهى انه هذا النفس لا زال نابضا ، ليمثل نموذجا لهيمنات حالية ، نظرا لخصوبة وهشاشة لا زالت في اجندات اغلب المتناغمين المتغانمين من غير اليسار العراقي ، الذي يكاد ان يكون الراية الوحيدة ، لها جذرها وقاعدتها في جغرافية بلد طالما كان ولا زالت اصوله ’ تتشرف بماض كان فجرا للحضارة العالمية .
كان اليسار رمزا وفعلا للوطنية الاتسانية ، وليس مجرد جغرافية زاجفة الى مساحات مجاورة ، بنزعة شعبوية كما يتم ترويجها بأسم عودة الامبراطوريات القديمة المتعكزة على عنصر التفوق التاريخي، وهذا ما حصل مع القوميات التي تفجرت بعد الانحسار الشكلي للاستعمار القديم . بقيادات شعبوية قومية الطابع ، وبدون برنامج او خط اقتصادي واضح يصلح لتعبئة جماهيرية الى جانب الادعات السياسية ، هذا ما كانت تثقف ضده اعلاميا صحافة اليسار العراقي.
ولا زالت تعمل منذ الثلاثينيات ضد التفاوت الطبقي الصارخ الان من خلال الاقتصاد الريعي ، او ما يسمى بالاقتصاد الاحادي الجانب ، بعد تدهور الزراعة والصناعة ، بالعزل التام والحيلولة دون التكامل الاقتصادي داخليا بين القطاعات الثلاث ( الزراعة والصناعة والخدمات) لكي تستمر عملية التدهور والعلاجات الترقيعية خادمة لفساد البيروقراطية ا لتاريخي والمعاصر . فالتفاوت الطبقي كان ولا زال محور الحدث السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي ، في ظهور شعبويات في ظل الشرائح الاجتماعية المهمشة المرعوبة من المجهول لتفتش عن مخلص لا بديل له . بتجليات مختلفة حسب ظروف كل مكون .
وهذا عادة ما يجتاح الشعوب عند تصفير اهدافها ومرجعياتها الثقافية . كما حصل في الدول المتقدمة . التي خسرت في حروبها مع بعضها غالبا . كما حصل في المانيا بعد الحرب العالمية الاولى .
كان اليسار وثقافته العنصر الجوهري الذي اشر الى السبب وادان المغامرات والمجازفات . والعراق خبر نتائجها في الربع الاخير من القرن المنصرم ، ولكن العوامل لا زالت ، لتعزل اليسار عن العمل السياسي ، وحتى من النقابات التي كان مؤسسا لها بنشاطها وثقافتها ، من خلال صحافته ومنشوراته السياسية في السجون وخارجها . بفعل الهزة الاولى لصدور جريدته رسميا "كفاح الشعب" التي حرصت ان تكون لسان حال الوطن والمواطن.
مراجعات ثقافية
الفسحة البينيّة في الكتابة
محمد خضير
اعتدنا أن نقرأ في أزماننا المحدّدة بسمتٍ أيديولوجيّ عمودي فوق الرؤوس، نوعين من الكتابة المقالية والسردية، لا فرجة/ فسحة بينهما لنوع "بينيّ" يزحزح الحدود، ويكسر السّمت الراكز كرمح بيدٍ مشدودة، وعصاب مكفهّر، على السطر المتصلب للخطاب النوعي- المحدود. نوعان إيديولوجيان متسلّطان يصطبغان باتجاهات اللحظة التاريخية الحرجة، لحظة الغروب، أو السقوط، لقيم حافظت على نقطتها الحتمية في نهاية السطور، بلا تزحزح أو امتثال. ومع مرور الأزمان الكارثية وطعن الأجواء برماح الحرب المشتعلة، حما سمتُ العُصاب الأيديولوجي وشهقَ عالياً أمام نصوص "البيْن" يمنع انبثاقَها من تحت الركام، وابتعادَها عن تسلّط النقطة الحتمي على نهايات الجمل، ونضارة البنيات البينيّة النامية كزهرات اللوتس في مستنقع الدّمن الراكد.
مثال ذلك "البيْن" اللا حتمي: رواية ١٩٨٤، التي صدرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حينما شقّت طريقها بين رايات الانتصار الستاليني المظفّر على النازية، والمكارثية المنتشية بحملتها على الشيوعية. اخترع جورج أورويل نوعاً روائياً بينيّاً، أنموذجاً مركباً من رأس اشتراكيّ وجسد بوليسيّ وروح شمولية ومسخ فرديّ سوبرمانيّ. وفسَحَت الرواية بذلك لاختراعات فاقت السوريالية والمستقبلية العلمية بنبوءتها ونفحاتها "اللوتوسية" على سطح المستنقع الرأسمالي والمزرعة الحيوانية العالمية. كانت النذيرَ لهدم سلطة أقوى واقعيّتين روائيّتين: اشتراكية وطبيعية. وفي الفسحة البينيّة تلك توالت روايات أخرى لاحتلال موقعها المتفرّد والمتجدّد (عراة وموتى، الملاك الصامت، الطبل الصفيح، العشب يغنّي، سيد الذباب، دكتور زيفاجو، دروب الحرية، اللص والكلاب، خمسة أصوات، المهزومون).
كانت خمسينيّات القرن الماضي قد شهدت أيضاً مقالات في غاية التفرّد والتزحزح من هيمنة النقطة المركزية المشدَّدة. ظهرت للوجود مقالات ثيودور أدورنو وحنه أرندت وفالتر بنجامين ويورغن هابرماس وفيلهلم رايش وإرنست بلوخ وإيرك فروم وهيربرت ماركوز وكولن ولسون وريجيس دوبريه، لتقطع السّمت الفلسفيّ المطلق والفكر الاجتماعي المتزمّت بتنويرات وتجارب ذاتية، حرّة وبينيّة مبهجة. بلا شكّ فإنّ إنتاج العالم التنويريّ الآخر مكّن الكتّابَ العرب في تلك الفترة الحرجة، فترة التحرر من الوعي الاستعماري، من استلهام تجارب مماثلة نحو تمهيد فسحاتٍ بين نوعين أيديولوجيّين غالبيْن، فرويديّ وماركسيّ- لينينيّ، كانا قد زحفا وأقاما ما يشبه ترس السلحفاة- التشبيه الموازي للوعي الليبراليّ المتعالي، والوعي المحبوس خلف ستار حديديّ، معاً. انتهى هذا الفصل بكوارث حروب متوالية في الشرق الأوسط، ورُدِمت الفسحة البينيّة من جديد بستار ناريّ وتنبؤات يائسة، ركّزت تسلطَ النقطة في قلب فسحة التنوير العربية (فسحات: حسين مروة، عبد الله العروي، صادق العظم، محمود العالم).
تقلّصت الفسحة التنويرية- البيْنيّة إلى أقصى حدّ، مع انزياح الأنظمة العربية الشمولية، وزحفَت الجدران الأصولية لتحتلّ مواقع الحدود القديمة للسّمت الأيديولوجي- بنوعيه: القومي واليساريّ. أصبح الاقتراب من نقطة المركز القديمة محفوفاً بمخاطر التهوين والتسقيط والتكفير. وبموازاة ذلك تطوّرت وسائط النشر والاتصال، ونجحت في نقل المراكز والسلطات، إلا أن الوسائط الإلكترونية المتطوّرة عجزت عن إخفاء شبح "الأخ الأكبر" الذي شرعَ يلوح في الخلفيات المستورة بأقنعة كثيرة مجمَّلة؛ بل زاد هذا الفضاء من خطورة السقوط في شبكة عالمية يجهل روّاد النصّ البيْنيّ حجمَ رقابتها. ما عاد البوح بفسحة شخصية/ موقع إلكترونيّ أو مدوَّنة شخصية مضموناً وآمناً. ثمّة مَن يتربّص بالرأي "البيْنيّ" ونافذته/ رابطه الافتراضيّ عبر جدران فضاء يضيق شيئاً فشيئاً كستارة خفيّة، ولا أخفي إعجابي المتأخّر بمقالات ميلان كونديرا وهيرتا موللر، وعنوان أحد كتب مقالات الأول يحمل عنوان: الستارة، وعنوان مقالات الكاتبة الثانية هو: الملك ينحني ليقتل- والعنوانان يرمزان إلى كواليس العصر وومؤامراته. مهما يكن، فالعنوانان المختاران هذان، يهوّنان من جرأة شقّ النمط الثنائي/ القطبي لمركز العالم القديم، وتحدّي الرقابة المشدَّدة للنقطة في نمط المركز الفضائي الجديد: تأسيس فسحةٍ مهما صغُرت/ شطَّت عن سمتِها المقنَّن بجدران وهمية، يدعو للبهجة المؤقتة/ المكتفية باستنارتِها.
إنّ كتابة "الفسحة" بينما تشقّ لها سبيلاً بين محدِّدَيْن حتميّين- إيديولوجيَّيْن، لحظويَّيْن- إنما تذخر لها امتداداً نصياً تحيا به في كلّ حين، وفي كل مكان. وحين يغدو تفتّقها مصحوباً بلفح الهجير الرقميّ ومخاطر كواليسه المستورة، تصبح الفسحة البيْنيّة واحة خضراء في صحراء مَخوفة، أو محطة استبدال رئيسة في وسائل الإنتاج الأدبي والفكري، وأنواعه التاريخية. ومهما ابتعدنا عن نقطتنا المحلية- الراكزة في اللغة والتراث والمعيار الأخلاقي والإيديولوجي، فقد دنا البرق الذي يشقّ سماءنا المكفهّرة: أن اسمحوا لفسحات صيفٍ "بيْنيّ" كي يقيم سرادقه الأخضر بين جدارين متآكلين، بما اختزناه من هموم ومخاطر وأعمار البُناة والمدافعين عن عُصاب الكلمات الشائخة!
قصة قصيرة
رحلة نحو منصة التتويج
عبدالله حرز البيضاني
احس نبراس الفراوي برعشة خفيفة تسري في بدنه، وانتابه شعور بالتردد عندما اختاره مدير المدرسة لرفع العلم... اختاره كونه احد الطلبة المتفوقين دراسياً ورياضياً في العاب الساحة والميدان...
تقدم نحو سارية العلم...امسك الحبل...اخذ يسحبه من اعلى السارية... العلم ينساب ببطء من يده... يتحرر من طياته ... يصعد مرفرفاً ببطء نحو الأعلى.
ظلت عيناه تراقب العلم بقدسية طافحة بالرهبة، حتى استقر فوق السارية...احس بنسمة خفيفة تداعب وجهه... اخذت تسترضع بخدر حبيبات العرق التي تناثرت على وجهه... تراجع ثلاثة خطوات الى الخلف وادى تحية العلم... النشيد الوطني يتعالى بحماس جماعي من حناجر الطلاب المجتمعين في باحة المدرسة .
عندما انتهى النشيد الوطني...تحرك طلاب المدرسة كل واحد الى صفه... جلس نبراس الفراوي على المنضدة. وراح يفكر... يتأمل لحظات الصمت والسكينة عندما رفع العلم، وكيف احس خلالها بروحه استعذبت بشغف لذة الصمت والحضور المكثف ، كأنها كانت تؤدي صلاة هامسة امام مزار مقدس...
امست هذه المهمة تبعث في نفسه ذلك الإيقاع الشهي الذي يضفي سمراً وعطاء رائعاً في قلبه...وكانت تلك القطعة من القماش بالونها الزاهية... منذ ان كان صغيراً، تفيض في نفسه هالات من السعادة الغامرة، وتظل عيناه تتوهان في منظرها العجيب، الذي ينداح بطراوة ونعومة فوق السواري العالية...
ظلت العاب الساحة والميدان للمسافات الطويلة تجيش في صدرة كجذوة لا تنطفئ وهام في حبها كهواية واعتراف ، واخذ يشارك في البطولات ... حتى لمع نجمه وذاع صيته على مستوى القطر...اقتحمت اعواده الرفيعة وجودها في المحافل الرياضية، وحداه الأمل الأكيد للمشاركة في السباقات الدولية... لتتكحل عيناه وهو يرى علم بلاده يرفرف على سارية الملعب الدولي ، كما كان يراه في وسط ساحة مدرسته... شامخاً يتلوى بألوانه الزاهية...
كانت ندى حبيبته هي الأخرى تود أن ترى علم بلادها يطرز ظهر نبراس بالونه الزاهية ، ويركض به وسط الملاعب...
كان يستنشق أنفاسها ، ويشعر بها واقفة ، تحييه... تصفق له بحرارة ، كأنها تذكره يذلك اليوم عندما كانوا يتمشون على رصيف كورنيش المدينة... لا يفصلهم عن بعضهم شيء ... سوى الصمت ... يحدقون نحو طيورالنورس وهي تتسابق لالتقاط فتاة الخبز الطافحة على صفحات مياه النهر...
كان يستعذب امنياتها الحارة المليئة بالحياة وهي تتمعن في وجهه وتقول له (اريد ان تجعلني مثل الظل يلاحق انفاسك، وأنت تسابق الزمن بخطواتك، وتقطع المسافات الطويلة، وكأس بطولة العالم يتلألأ بين يديك، وصورك تملأ شاشات التلفزة، وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بنقل اخبار انتصارك)...
كان الملعب الذي تقام فيه الألعاب الأولمبية قد ضجت مدرجاته بالوافدين من كل اقطار العالم لمشاهدة هذا الحدث العالمي الذي يقام كل أربعة سنوات...
جلس نبراس الفراوي على احد المقاعد وضع راسه بين يديه...اغمض عينيه... اخذت أفكاره تبحر مع الغيم الى جهة قصية من بلاده... حيث الوجوه التي طوقته بالحب والأغنيات وباقات الورد المبثوثة على الطرقات، ووجه حبيبته الطافح بالأمنيات وذكريات الأيام المنصرمة ، وطيور النورس وهي تتسابق لالتقاط فتاة الخبز الطافحة على صفحات مياه النهر...
اعتراه استيقاظ عجيب ، طرز مخيلته وانغمس بين دفء الأنفاس وحلم اليقظة في ذلك النهار المحمل بروح التحدي، وهو يرى المداليات الذهبية يلمع بريقها الجذاب من بعيد ، واعلام الدول شاهرة على السواري... تنادي احداً يأخذها الى منصة التتويج...
وقف المتنافسون من ابطال العالم على خط الشروع استعداداً للانطلاق ...انطلقت إشارة البدء في السباق...نبراس الفراوي في الخط الوسط ...انطلق يركض... يركض...يطوي المسافة بأسرع ما يمكن... يمتص الدقائق والثواني...خطواته تتسارع كلما اقترب من خط النهاية...ناوله احدهم علم بلاده...فرشه على ظهره... رفع اطرافه الى الأعلى... اخذ يركض به...لف الملعب... مواويل الفرح في داخله تقتحم وجودها بلذة لا توصف ... مستحضرة امامه تاريخ الوطن ورجاله...
اعتلى منصة التتويج ... طفحت وجوه المشجعين بالحماس وتلازمت أصواتهم، واتحدت بصوت واحد مع السلام الوطني لبلاده ... اخذت انغامه تصدح في ذلك المكان...
تطلع نبراس الفراوي نحو علم بلاده وهو ينساب بهدوء، ويعلو الأعلام الأخر، حاملاً معه الرائحة المبلولة بذرات تراب الوطن .وصورة حبيبته تتأرجح بين اطرافه.
اقبال نعيم .. أفول مبكر
ثامر الحاج امين
رحلت مؤخراً الممثلة القديرة " اقبال نعيم " ، وقد اعاد رحيلها؛ استذكار ادائها المميز في مسرحية ( ترنيمة الكرسي الهزاز ) الى جانب زميلتها الممثلة المتألقة " انعام البطاط " ، وقبل عام 1987 كان تاريخ عرضها ولم تكن الممثلة " اقبال نعيم " ممثلة كبيرة في عمرها ومنجزها ، كما لم تكن معروفة للجمهور آنذاك ، ولكن مسرحية ( ترنيمة الكرسي الهزاز ) كانت بداية انطلاقتها الناجحة والجادة مع المسرح ، كان دورها في هذه المسرحية قد تنبه الجمهور الى امكانياتها الكبيرة وطاقتها الشابة حيث قدمت برفقة زميلتها البطاط عملا مسرحيا ظل خالدا في ذاكرة المتابعين لمسيرة المسرح العراقي الجاد حيث جاء العمل وسط فوضى ما يسمى بالمسرح التجاري كما كان العرض بمثابة الصد لتدهور مسيرة المسرح وابعاد الرثاثة عن تاريخه المشرق ومحاولة لحماية ذائقة الجمهور من العروض الهابطة. نالت مسرحية ( ترنيمة الكرسي الهزاز ) التي تم عرضها لأول مرة عام 1987 في منتدى المسرح التجريبي الكائن في شارع الرشيد اهمية وشهرة واسعتين من قبل الجمهور والمهتمين بشؤون المسرح حيث اجتمع فيها رموز الابداع العراقي فالنص كان من تأليف الكاتب فاروق محمد واشعار المسرحية لعريان السيد خلف والاخراج للدكتور عوني كرومي ودام عرض المسرحية مجانا لعدة شهور ذلك ان الجمهور لم يكتف بمشاهدة واحدة لها انما البعض حرص على حضور العرض لعدة مرات وانا واحد من بين الذين حظي بمشاهدتها ثلاث مرات وفي واحدة من المشاهدات كانت بحضور الناقد الكبير " علي جواد الطاهر " الذي وقف في نهاية المسرحية محييا بحماس وفرح القائمين على العمل ومشيدا بالأداء والاخراج وفي اليوم التالي كتب عنها الطاهر صفحة كاملة في واحدة من الصحف الصادرة آنذاك ، كما نالت المسرحية اهتمام النقاد الاخرين ونشرت عنها كتابات عديدة وحصلت على جوائز عديدة منها جائزة افضل عمل متكامل في مهرجان قرطاج المسرحي في عام 1987 وظلت تعرض بشكل يومي لأكثر من ستة شهور متواصلة ، والمسرحية تتحدث عن الحنين الى الماضي وتعرض قصة امرأتين تعيشان مرارة الفقد وتصارعان وحدة العيش ، وعالجت المسرحية هذه الاشكالية بعمق النص وبسمات اخراجية متفردة لم يألفها جمهور المسرح قبل هذا العرض ، وجاء العمل من شخصيتين فقط يجمعهما بيت تبدو عليه اثار السنين ويتماهى مع شخصيتي العمل ، أدت الممثلة " اقبال نعيم " شخصية امرأة تعيش الأمل بعودة الغائب الذي خرج ولم يعد ، كما أدت الممثلة " انعام البطاط " شخصية مغنية فقدت بريق صوتها بعد ان تقدمت في العمر ولكنها بقيت متشبثة بمجدها الآفل وبأمل استعادة ذلك المجد من خلال ترانيمها على " كاروك " فارغ ، وكان لأداء الممثلتين اقبال والبطاط دورا كبيرا وظاهرا في شهرة المسرحية وانتشارها والذي جعل جمهورا كبيرا من المحافظات يأتي بحملات جماعية للاستمتاع بمشاهدتها. لقد ظل المسرح العراقي يحتفظ لـ " اقبال نعيم " بواحد من أهم الأدوار الذي أدته ببراعة خلال مسيرتها الابداعية.
الصفحة الثانية عشر
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
• هاشم عبدالحسين العقابي 250 الف دينار
• غالي العطواني يواصل تبرعه المستمر 100 الف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
الشيوعيون يزورون عائلة الزعيم عبد الكريم قاسم
بغداد – طريق الشعب
في مناسبة الذكرى ٦٧ لثورة ١٤ تموز 1958، زار وفد من المختصة الاجتماعية في الحزب الشيوعي العراقي، أول أمس الجمعة، عائلة الزعيم عبد الكريم قاسم في منزلها.
وكان في استقبال الوفد عميد العائلة السيد عبد الله حامد قاسم. وخلال اللقاء، جرى استحضار الكثير من اللقطات الإنسانية التي دللت على مروءة الزعيم الشهيد، وشعوره الوطني العالي بالمسؤولية، وحبه لأبناء شعبه الكادحين.
ونقل الوفد الى عائلة الشهيد تحيات قيادة الحزب، مستذكرا أهم الدروس المستخلصة من نجاح الثورة، ومن التآمر الذي أجهضها في شباط 1963، والذي قادته قوى رجعية وامبريالية إضافة للبعث الفاشي.
هذا وقدم الوفد إلى العائلة باقة ورد في المناسبة. واتفق معها على التواصل وحضور المناسبات المشتركة. كما وجه لها دعوة للمشاركة في مسيرة 14 تموز صباح غد الاثنين.
وضم الوفد كلا من عضو المكتب السياسي الرفيق د. عزت أبو التمن، وأعضاء المختصة الرفيقتين د. خيال الجواهري ونهاوند جليل، والرفيق عباس حسن.
طالبان عراقيان يتأهلان
إلى أولمبياد الكيمياء الدولي
متابعة – طريق الشعب
أعلنت وزارة التربية الثلاثاء الماضي، عن تأهل الطالب جرجس علاء من مدرسة الموهوبين في نينوى والطالبة رسل فؤاد شهاب من ثانوية المتميزات للبنات في الأنبار، للمشاركة في المرحلة النهائية من أولمبياد الكيمياء الدولي الـ57 لعام 2025، والمزمع تنظيمه في دولة الإمارات.
وذكر المكتب الإعلامي للوزارة في بيان صحفي، أن "تأهل الطالبين يأتي ضمن فريق وطني يضم نخبة من الطلبة المتفوقين، ويتنافس مع أكثر من 360 طالبًا من 90 دولة، وهو ما يعزز حضور العراق العلمي عالميًا".
بدورها، ثمّنت مديرية تربية الأنبار هذا الإنجاز "غير المسبوق". ووصفت تأهل الطالبة رسل بأنه "فخر لمحافظة الأنبار وللعراق بأكمله"، مشيدة بالجهود التي بذلتها إدارة ثانويتها، والدعم التربوي والعائلي المقدم لها. كما أعربت عن شكرها لنقابة الكيميائيين العراقيين على مساهمتها العلمية والفنية في رعاية وتأهيل المشاركين.
ويعكس هذا التأهل، بحسب الوزارة، "قدرة الطلبة العراقيين على المنافسة في أرقى المنصات العلمية الدولية"، مشيرة إلى التزامها بتوفير الرعاية والدعم اللازم للموهوبين من أجل تعزيز مكانة العراق عالميًا في ميدان العلم والمعرفة.
شعارات لمناسبة الذكرى ٦٧ لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨
• المجد لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ وقادتها الامجاد
• التلاحم الوطني صنع ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ وعزز روح المواطنة
• تأمين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل من أولويات المواطنين
• لا للطائفية .. لا للتمييز بين المواطنين
• نرفض التدخلات الخارجية في شؤون وطننا
• نحو اقتصاد وطني متنوع
• نحو مشاركة واسعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة
في البصرة
حديث عن تاريخ الصحافة الشيوعية
البصرة - فالح ياسين الربيعي
نظم المكتب الإعلامي التابع إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة بالتنسيق مع "ملتقى جيكور" الثقافي، أخيرا، جلسة ثقافية ضيّف فيها الأستاذ سوّاد لعيبي، الذي تحدث عن تاريخ الصحافة الشيوعية منذ تأسيسها حتى الوقت الراهن، وذلك في مناسبة الذكرى الـ90 لانطلاق الصحافة الشيوعية العراقية.
الجلسة التي احتضنتها "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية، حضرها جمهور من المثقفين والمهتمين في الشأن الصحفي، وأدارها الكاتب قاسم حنّون، الذي أشار في مستهلها إلى أهمية الصحافة في مسيرة نضال الحزب الشيوعي العراقي، معرّجاً على بعض محطات صحافة الحزب وما رافقها من أحداث.
بعد ذلك، تحدث الضيف عن الصحافة الشيوعية بشكل عام، منذ انطلاقتها الأولى على يد الفيلسوف كارل ماركس، ذاكرا أهم الصحف التي أسسها واشتغل فيها مع صديقه انجلز.
ثم تناول دور لينين في الجانب الصحفي، وما قدمه من أعمال صحفية أسست لصحافة شيوعية عمّالية. بينما أُضِيء تاريخ الصحافة الشيوعية العراقية منذ انطلاقتها على يد الكاتب حسين الرحال عام 1925، الذي استعرض الصحف والدوريات والمنشورات التي أصدرها الحزب خلال مسيرته، مع ذكر أسمائها وأسماء مؤسسيها وكتّابها، وصولاً الى انطلاق "طريق الشعب" عام 1973.
وأشار لعيبي إلى ان هذه الصحف والمنشورات اغلبها كان سرّياً بسبب تضييق الأنظمة الحاكمة آنذاك. فيما تحدث عن عودة صحافة الحزب بعد سقوط النظام الدكتاتوري المباد عام 2003.
وتخللت الجلسة مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين، بضمنهم باسم محمد حسين، مقداد مسعود، عبد السادة البصري، عباس الساعدي، ضياء الدين عاصف وعلاء الصفّار. كما قرأ الكاتب باسم محمد حسين ورقة مرسلة من الأستاذ شاكر الشاهين.
وفي الختام قدّم سكرتير المكتب الإعلامي الرفيق ماجد قاسم شهادة تقدير إلى الأستاذ سوّاد لعيبي. فيما قدّم أعضاء "ملتقى جيكور" إلى رئيس الملتقى الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، لوحا تقديريا في مناسبة فوزه في انتخابات المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب.
قف
القتلة طلقاء.. ويُطلَقون
عبد المنعم الأعسم
عندما يكون القاتل جزءا من السلطة، وفي إمرتها، فان دم القتيل سيكون في رقبة تلك السلطة، ممثلة (في حالة العراق) باحزاب السلطة وواجهاتها التنفيذية، والقضائية، والامنية، ولا يتبرأ من المسؤولية هذه اعلى منصب في الدولة.. هذا ما قضت به القوانين والمعاهدات الدولية والجنائية ذات الصلة بما اسمته "عمليات الاعدام خارج القانون" وهو التوصيف الدقيق للاغتيالات السياسية، وجاء في قانون المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الاساسي بان "الرؤساء مسؤولون عن الاعمال التي يرتكبها من يعملون تحت امرتهم" فيما ينص الاعلان العالمي لحقوق الانسان على وجوب "تأمين السلامة الشخصية لجميع الافراد" واعتبار الاغتيال السياسي جريمة ضد الانسانية. واذا ما أخذنا في الاعتبار بان منظمات حقوق الانسان والعفو الدولية وغيرها تصنّف العراق بانه بلد منازعات، فان من المستحيل إعفاء الحكومة والقضاء من إبقاء القاتل طليقا، فكيف اذا كان القاتل يقع في قبضتها ثم تطلق سراحه؟.. وهذا ما حدث بالضبط عند الاعلان مؤخرا عن اطلاق سراح قاتل الناشط المدني المتخصص في شؤون الجماعات الارهابية المسلحة في العراق هشام الهاشمي.
وكأن الحكومة تُطلق سراح نفسها.. تهانينا.
قالوا:
"زوال الدنيا أهون على الله من قتل انسان بغير حق".
النبي محمد
عن {الأدب كأداة لتعزيز حقوق المرأة}
متابعة – طريق الشعب
نظمت مؤسسة "أنا عراقي.. أنا أقرأ" بالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب وشبكة النساء العراقيات، أول أمس الجمعة، جلسة بعنوان "صوتها حر – الأدب كأداة لتعزيز حقوق المرأة".
الجلسة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، حضرها جمع من المثقفين والأدباء والناشطين، وأدارتها السيدة هبة الفتال، ملقية الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في المجتمع، في مختلف التخصصات الحياتية والثقافية والأدبية وغيرها.
وتحدث في الجلسة الناقد د. أحمد الظفيري، عن كيفية تحوّل الأدب إلى مساحة مقاومة وأداة قوية لرفع أصوات النساء ومناصرة قضاياهن، موضحا أن هناك حاجة ماسة لفهم الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها المرأة في العراق والعالم، من بوابة الأدب.
وأشار إلى نماذج من النساء اللواتي أثّرن في مجتمعاتهن، خصوصاً ممن كتبن بأسماء مستعارة نتيجة سطوة المجتمع الذي حاول إلغاء أدوارهن.
ولفت الظفيري إلى أن الأدب العالمي ركّز على حقوق المرأة في المجتمع والعمل والحياة، بما في ذلك قضايا الهوية واللون، مبينا أن الروائي فؤاد التكرلي، والأديب المصري نجيب محفوظ، كانا من أبرز الأدباء الذين سلطوا الضوء على قضايا المرأة في الأدب العربي.
وشهدت الجلسة مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين، وناقشوا واقع المرأة في العراق والوطن العربي.
في البصرة
حديث عن تاريخ الصحافة الشيوعية
البصرة - فالح ياسين الربيعي
نظم المكتب الإعلامي التابع إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة بالتنسيق مع "ملتقى جيكور" الثقافي، أخيرا، جلسة ثقافية ضيّف فيها الأستاذ سوّاد لعيبي، الذي تحدث عن تاريخ الصحافة الشيوعية منذ تأسيسها حتى الوقت الراهن، وذلك في مناسبة الذكرى الـ90 لانطلاق الصحافة الشيوعية العراقية.
الجلسة التي احتضنتها "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية، حضرها جمهور من المثقفين والمهتمين في الشأن الصحفي، وأدارها الكاتب قاسم حنّون، الذي أشار في مستهلها إلى أهمية الصحافة في مسيرة نضال الحزب الشيوعي العراقي، معرّجاً على بعض محطات صحافة الحزب وما رافقها من أحداث.
بعد ذلك، تحدث الضيف عن الصحافة الشيوعية بشكل عام، منذ انطلاقتها الأولى على يد الفيلسوف كارل ماركس، ذاكرا أهم الصحف التي أسسها واشتغل فيها مع صديقه انجلز.
ثم تناول دور لينين في الجانب الصحفي، وما قدمه من أعمال صحفية أسست لصحافة شيوعية عمّالية. بينما أُضِيء تاريخ الصحافة الشيوعية العراقية منذ انطلاقتها على يد الكاتب حسين الرحال عام 1925، الذي استعرض الصحف والدوريات والمنشورات التي أصدرها الحزب خلال مسيرته، مع ذكر أسمائها وأسماء مؤسسيها وكتّابها، وصولاً الى انطلاق "طريق الشعب" عام 1973.
وأشار لعيبي إلى ان هذه الصحف والمنشورات اغلبها كان سرّياً بسبب تضييق الأنظمة الحاكمة آنذاك. فيما تحدث عن عودة صحافة الحزب بعد سقوط النظام الدكتاتوري المباد عام 2003.
وتخللت الجلسة مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين، بضمنهم باسم محمد حسين، مقداد مسعود، عبد السادة البصري، عباس الساعدي، ضياء الدين عاصف وعلاء الصفّار. كما قرأ الكاتب باسم محمد حسين ورقة مرسلة من الأستاذ شاكر الشاهين.
وفي الختام قدّم سكرتير المكتب الإعلامي الرفيق ماجد قاسم شهادة تقدير إلى الأستاذ سوّاد لعيبي. فيما قدّم أعضاء "ملتقى جيكور" إلى رئيس الملتقى الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، لوحا تقديريا في مناسبة فوزه في انتخابات المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب.