وكالات
في تطور لافت في مشهد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، أعلن حزب الدعوة الإسلامية، اليوم السبت، ترشيح أمينه العام نوري المالكي لتولي منصب رئيس الوزراء. يأتي ذلك في محاولة واضحة لإعادة رسم موازين القوى داخل تحالف "الإطار التنسيقي" وتحدياً غير مباشر لمكانة رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، الذي حصدت قائمته العدد الأكبر من مقاعد البرلمان المقبل، من بين قوائم قوى "الإطار" في البرلمان الجديد.
ووفقاً لبيان للحزب، فإنّه "رشح أمينه العام نوري المالكي لرئاسة الوزراء"، مشيراً إلى أنّ "المالكي يمتلك الخبرة والقدرة على قيادة البلاد في مرحلة دقيقة تتطلب حكماً رشيداً وتوازناً سياسياً".
إعلان ترشيح المالكي بدا وكأنه فتح الباب أمام منافسة مباشرة داخل قوى "الإطار التنسيقي"، الذي يضم أبرز القوى الشيعية في البلاد عدا التيار الصدري، فعلى الرغم من أن السوداني يعد صاحب الحظ الأوفر بنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن خطوة ترشيح المالكي تعكس رغبته في استعادة موقعه القيادي، مستنداً إلى نفوذ سياسي ممتد داخل الإطار التنسيقي.
وفي إطار جهود المالكي لتوسيع قاعدة التأييد، وصل اليوم إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، في زيارة للقاء الزعامات الكردية، على رأسها زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، لبحث مستقبل الشراكة السياسية وتشكيل الحكومة الجديدة. وقال المالكي، في تصريحات للصحافيين، حال وصوله أربيل "لا يوجد قرار في الإطار التنسيقي بحرمان السوداني من منصب رئيس الحكومة"، مشيراً إلى أنّ "الإطار التنسيقي وضع مواصفات وشروطاً محددة لشخصية رئيس الوزراء المقبل".
وأشار إلى أنّ "تشكيل الحكومة مرتبط بالتوافق، وبالإمكان تشكيلها بعد شهر من إقرار النتائج"، مبيناً أنّه "يجب على الكرد الإسراع باختيار شخصية رئيس الجمهورية، وعلى السنة اختيار رئيس البرلمان". ويأتي إعلان ترشيح المالكي، بعد ساعات قليلة من تصريح المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى العراق مارك سافايا، أن بلاده "تراقب عن كثب"، مجريات الملف الحساس، مشدداً رفضها القاطع لأي تدخل خارجي في عملية تشكيل الحكومة، الأمر الذي يشكل تصعيداً في نبرة الخطاب الأميركي.
لا خطوط حمراء
من جهته، أكد عضو "الإطار التنسيقي" عدي عبد الهادي، أن قائمة المرشحين لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة ستكون واضحة في تفاصيلها الأولية نهاية الأسبوع المقبل. وقال عبد الهادي في تصريح صحافي إن "لجنة مركزية شكلها الإطار للانفتاح على الأسماء التي ستُطرح في الأيام المقبلة لتولي منصب رئيس الوزراء، ومن المتوقع أن تُعلن نهاية الأسبوع المقبل الأسماء المرشحة للمنصب"، مؤكداً أن "الإطار لا يضع خطوطاً حمراء أمام من يجد في نفسه الكفاءة والخبرة لتولي هذا المنصب، والأمر مرتبط بالنقاط التي حددها الإطار والتفاهمات، والتي ستقلص حتماً عدد الأسماء المرشحة".
ورأى عبد الهادي أن "الإطار متفق على ضرورة تسريع وتيرة تشكيل الحكومة، مع توقع أن تبدأ الحوارات على نحوٍ واضح ومتسارع ابتداءً من بداية الأسبوع المقبل، وهو منفتح على كل القوى السياسية الممثلة للمكونات لتشكيل حكومة توافقية وطنية، على أن تحسم هذه الحوارات طبيعة هوية الوزارات والبرنامج الحكومي، والذي يمثل جوهر عمل الحكومة المقبلة".
وكانت قوى تحالف "الإطار التنسيقي"، المظلة الجامعة للقوى العربية الشيعية في العراق، قد أعلنت الأسبوع الفائت، عن عودة التئام التحالف مجدداً بالعنوان نفسه وبالكتل السياسية نفسها، والتوقيع على كونها الكتلة الكبرى التي ستشكل الحكومة المقبلة.
وتواجه اللجنة الداخلية التي شكلها تحالف "الإطار التنسيقي" لاختيار رئيس حكومة جديد عقبات عدة؛ أبرزها الانقسامات بين الكتل السياسية والضغوط الداخلية والخارجية، وصعوبة التوصل إلى توافق سريع على مرشح يحظى بقبول واسع. هذه المعوقات يضاف إليها الموقف الأميركي، يجعل من عملية اختيار رئيس الوزراء اختباراً حقيقياً لقدرة "الإطار التنسيقي" على تحقيق الاستقرار السياسي.