العربي الجديد
صادقت لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين، على مشروع قانون إعدام الأسرى، وذلك تمهيداً لطرحه للتصويت عليه بالقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست. ويستعد حزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية)، بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لطرح مشروع القانون على الهيئة العامة للكنيست، بعد غد الأربعاء، بحسب ما أوردته إذاعة "كان ريشت بيت" التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، اليوم الاثنين، وسيسمح إقرار القانون بالقراءة الأولى بمواصلة دفعه قدماً في الكنيست المقبلة، حتى وإن لم يُقر نهائياً في دورة الكنيست الحالية بالقراءات الثلاث اللازمة.
وانطلقت صباح اليوم جلسة للجنة الأمن القومي البرلمانية برئاسة عضو الكنيست تسفيكا فوغل لمناقشة مشروع القانون. ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية تصريحات منسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو غال هيرش خلال جلسة اليوم بأن: "رئيس الحكومة أيضاً يؤيد عقوبة الإعدام، ولكن يجب إبقاء استثناء يسمح لمنسق شؤون الأسرى والمفقودين بطلب تغيير العقوبة". وكان هيرش قد قال خلال مناقشة حول الموضوع قبل نحو شهر، إنه طلب من نتنياهو عدم طرح الموضوع على الهيئة العامة قبل إجراء نقاش معمّق في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت).
ورد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على هيرش في جلسة اليوم: "لن يكون هناك استثناء. يجب أن يعلم كل إرهابي أو إرهابية (على حد وصفه للأسرى) أن هناك عقوبة واحدة فقط على قتل الأطفال والنساء وكبار السن، وهي عقوبة الإعدام. لا يجوز منحهم أملاً بعقوبة أخرى. ستكون عقوبة إلزامية دون مجال للتقدير"، وبحسب مشروع القانون، فإنّ الأسير الذي يُدان بالقتل بدافع قومي أو عنصري سيُعاقب بالإعدام، كما ينصُّ الاقتراح على أنه يمكن فرض عقوبة الإعدام بأغلبية الأصوات، ولا يمكن تخفيف الحكم على من يصدر بحقه حكم نهائي.
وقدّم ممثلو الجهات الأمنية في جلسة اليوم آراءهم حول القضية، فيما بقي جزء من النقاش سرياً. ومع افتتاح دورة الشتاء قبل أسبوعين، هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بعدم تصويت حزبه لصالح الائتلاف الحكومي إذا لم يُعرض قانون إعدام الأسرى للتصويت في الهيئة العامة خلال ثلاثة أسابيع. وأفادت هيئة البث، يوم الخميس الماضي، بأن وزارة القضاء والمستوى السياسي توصلا إلى تفاهمات أولية بشأن تقديم عناصر وحدة "النُخبة" التابعة لحماس للمحاكمة. ومن بين النتائج الاتفاق على إنشاء محكمة خاصة لهذا الموضوع، بحيث تُقدَّم استئنافات الأسرى إليها فقط. وسيكون قضاة هذه المحكمة من القضاة المتقاعدين أو أولئك الذين على وشك التقاعد.
وبحسب "كان"، تحتجز إسرائيل ما بين 250 و300 من عناصر وحدة "النخبة" التابعة لحماس، على حد زعمها، ممن شاركوا في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأن التحقيقات معهم في مراحلها النهائية. وتعتزم النيابة العامة اتخاذ قرار بشأن تقديمهم للمحاكمة خلال الأسابيع المقبلة، وجمّدت إسرائيل التقدم في هذا الملف لأشهر عدّة طوال الفترة التي احتجزت فيها حماس أسرى إسرائيليين أحياء، ولكن بعد تسلّمها آخر 20 أسيراً على قيد الحياة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار أعلن وزير القضاء ياريف ليفين أنه سيعمل بسرعة على دفع مشروع القانون قدماً.
نادي الأسير: الاحتلال يسعى لترسيخ جريمة الإعدام
وفي هذا السياق، أكد نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الاثنين، أن تسارع مساعي الكنيست الإسرائيلي لإقرار "قانون إعدام الأسرى"، والمصادقة عليه بالقراءة الأولى من قبل "لجنة الأمن القومي" في الكنيست ليس سوى خطوة إضافية لترسيخ جريمة قائمة وممارسة منذ عقود، وذلك من خلال "شرعنتها" عبر القوانين والتشريعات والأوامر العسكرية.
وأوضح نادي الأسير الفلسطيني في بيان له أنّ الاحتلال لم يتوقف يوماً عن تنفيذ عمليات الإعدام خارج "نطاق القانون" بحق الفلسطينيين، سواء الإعدام المتعمد أثناء الاعتقال، أو التحقيق، أو الاغتيال، أو الإهمال الطبي المميت، ضمن مسار الجرائم الطبية الممنهجة. وقال النادي: "لقد مارست منظومة الاستعمار الإسرائيلي على مدار عقود طويلة سياسات إعدام بطيء بحق مئات الأسرى داخل السجون، عبر أدوات وأساليب ممنهجة أدت إلى استشهاد العشرات منهم، وشهدت هذه السياسات تصعيداً غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة، لتجعل من المرحلة الراهنة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة، حيث بلغ عدد الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال منذ بداية الحرب وحتى بداية تشرين الثاني (نوفمبر) 2025، 81 شهيداً، وهم فقط المعلن عنهم، إلى جانب العشرات من معتقلي غزة الذين تم إعدامهم وما زالوا رهن الإخفاء القسري".
وأشار نادي الأسير إلى أنه من أبرز الشواهد على عمليات الإعدام الجارية جثامين الشهداء الذين تم تسليمهم من غزة بعد الحرب، إذ تبيّن أن جزءاً كبيراً منهم كانوا معتقلين جرى إعدامهم لاحقاً، وظهر بعضهم في مقاطع مصوّرة وهم أحياء، قبل أن يتبيّن لاحقاً أنه تم إعدامهم والتمثيل بجثامينهم. وقال النادي: "إنّ وصول المسار التشريعي لقانون إعدام الأسرى إلى مرحلة القراءة الأولى لم يكن مفاجئاً للمتابعين لقضية الأسرى، خصوصاً في ظل حالة التوحش غير المسبوقة التي تمارسها منظومة الاحتلال، التي تُمعن في الإبادة الجماعية، فيما تشكّل السجون أحد ميادين هذه الإبادة الممتدة من غزة إلى مختلف أماكن الاحتجاز".
وأضاف: "على الرغم من وضوح موقف القانون الدولي الذي عمل على إلغاء عقوبة الإعدام ضمن عدة معاهدات دولية إحداها ذات نطاق عالمي، فإن إصرار الاحتلال على تقنين هذه الجريمة وإضفاء صبغة شرعية عليها، يؤكد مجدداً أن دولة الاحتلال تتصرف باعتبارها فوق القانون وخارج نطاق المساءلة، وهو ما كشفت عنه حرب الإبادة التي أظهرت عجز المجتمع الدولي وتواطؤه الممنهج مع منظومة الاستعمار والقتل". وتابع النادي: "لقد بلغت وحشية الاحتلال مستوى غير مسبوق حتى غدت المفاهيم الحقوقية قاصرة عن توصيفها، إذ لم تكتفِ دولة الاحتلال بقتل عشرات الأسرى والمعتقلين منذ اندلاع حرب الإبادة، بل تسعى اليوم إلى ترسيخ جريمة الإعدام عبر تشريع قانون خاص".
وأكد نادي الأسير أنّ مشروع "قانون إعدام الأسرى" ليس جديداً، بل هو قائم ضمن الأنظمة القانونية للاحتلال، التي ورث جزءاً منها عن أنظمة الانتداب البريطاني، إلا أن تطبيقه ظلّ مقيداً، ومرّ بعدة مراحل وتعديلات استناداً إلى قضايا سابقة طُرحت فيها دعوات لإقرار عقوبة الإعدام بحق مناضلين فلسطينيين.