اخر الاخبار

ارم نيوز

كشف مصدر أمني عراقي مطلع أن موجات التشويش المتكررة على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في بغداد جاءت بضغط مباشر من ميليشيات مسلحة، وبتنسيق جزئي مع جهات داخل وزارة الاتصالات، وذلك كإجراء احترازي رداً على تحذيرات أميركية متصاعدة حسب المصدر ذاته.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم كشف هويته لـ"إرم نيوز" أن "العملية نفذت على مرحلتين؛ الأولى تعطيل مؤقت للإشارات في محاور محددة، والثانية بث إشارات مزيفة (spoofing) أدّت إلى تحويل مواقع الأجهزة نحو إحداثيات خاطئة داخل المدينة المركزية، ما أربك أنظمة الملاحة والتتبع المستخدمة لدى شركات التوصيل والخدمات اللوجستية".

وبينما لم تُصدر قيادة العمليات المشتركة أو وزارة الاتصالات بياناً رسمياً يوضح نطاق الإجراءات أو مسؤولية أي طرف، أفاد المصدر أن القرار جاء بعد "سلسلة تحذيرات أميركية" ما دفع التشكيلات المسلحة إلى فرض قيود مؤقتة على عمل الخرائط والملاحة في مناطق حساسة لحماية مواقعها".

 

فوضى الخرائط

وبعد ثلاثة أيام من بداية الإشكال، شهدت منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات سائقي التوصيل في بغداد سيلاً من الشكاوى والتقارير حول "تغير موقع العميل فجأة" وظهور نقاط خاطئة على خرائط Google Maps وWaze، لا سيما حول المنطقة الخضراء ومركز العاصمة.

وتزامنت هذه التطورات مع تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرجل الأعمال مارك سافايا مبعوثاً خاصاً إلى العراق، في خطوة تُقرأ داخل الأوساط السياسية العراقية على أنها بداية لمرحلة ضغط من نوع جديد، تُدار عبر قنوات سياسية واقتصادية، بدلاً من الأدوات العسكرية التقليدية.

ويُعرف سافايا بعلاقاته الواسعة داخل الحزب الجمهوري وبقربه من دوائر صنع القرار في إدارة ترامب، ما يمنحه القدرة على تحريك ملفات حساسة في العراق، من بينها ملف الميليشيات والعقوبات الاقتصادية المفروضة على بعض الشخصيات والفصائل.

 

ملامح ضربة وشيكة

بدوره، أوضح الخبير الأمني كمال الطائي أن "الهدوء الحذر الذي تشهده بغداد وعدد من المحافظات، إلى جانب الانتشار الأمني الكثيف في محيط المنطقة الخضراء وبعض المقرات الحساسة، فضلاً عن إطفاء إنارة الشوارع الرئيسية في ساعات الليل المتأخرة، كلها مؤشرات على أن هناك شيئا ما قد يحدث".

وأضاف الطائي لـ"إرم نيوز" أن "التشويش المتكرر على نظام تحديد المواقع (GPS) يعد من الإجراءات التي تسبق عادةً عمليات حساسة، سواء كانت على مستوى الدفاع الجوي أو تحركات أمنية ميدانية، ما يرجّح أن الأجهزة المعنية تتعامل مع معلومات استخبارية دقيقة بشأن استهداف محتمل"، مشيراً إلى أن "الميليشيات المسلحة ربما حصلت على معلومات دقيقة بشأن استهدافها قبل الانتخابات النيابية".

وتعد وزارة الاتصالات ضمن مسؤوليات رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ضمن نظام توزيع الحصص الذي جرى اعتماده عند تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، ويمنح هذا التقاطع السياسي بعض الميليشيات مساحة نفوذ داخل مؤسسات حيوية، من بينها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، ما يجعل أي إجراءات فنية أو عمليات تشويش تتم بسهولة.

وأحدث هذا التشويش إرباكاً واسعاً لدى المواطنين، سواء من ناحية تعطل تطبيقات الخرائط والملاحة، أو من جهة القلق الذي خيم على الأجواء العامة في العاصمة، فقد شكا سكان مناطق الكرادة والمنصور والجادرية من تغير مواقعهم على الخرائط الرقمية، وتوقف بعض تطبيقات النقل والتوصيل عن العمل لساعات متواصلة، ما زاد من معاناة التنقّل اليومية داخل المدينة.