اخر الاخبار

العربي الجديد

مضى أكثر من 48 ساعة على إعلان حزب العمال الكردستاني انسحاب مقاتليه من تركيا إلى مناطق شمالي العراق، دون أن يصدر أي تعليق رسمي من السلطات العراقية في بغداد أو أربيل في إقليم كردستان، رغم حساسية هذا الإعلان، والجدل الشعبي والسياسي الذي أثارته الخطوة، واحتمالية تأثيره على الوضع الداخلي العراقي. وأعلن حزب العمال الكردستاني في تركيا الأحد، سحب جميع قواته إلى شمال العراق ضمن مسار "تركيا خالية من الإرهاب"، وهي مرحلة جديدة من مراحل حلّ الحزب نفسه وإلقاء سلاحه استجابة لدعوة مؤسسه المسجون عبد الله أوجلان.

واعتبر النائب عن ائتلاف "دولة القانون" عارف الحمامي، في حديث مع "العربي الجديد"، الصمت الحكومي، بأنه "مقلق للغاية ويثير التفسيرات"، مبيّناً أن "ذلك يعطي انطباعاً بعدم وجود موقف واضح تجاه التنظيمات المسلحة الأجنبية التي تتخذ من أراضينا ملاذاً آمناً"، محذراً من تحوّل العراق إلى "ساحة بديلة لصراع إقليمي بين أنقرة وحزب العمال، سيجر البلاد إلى مخاطر جسيمة".

من جهته، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي ياسر الحسيني، لـ"العربي الجديد"، إنه "من غير المقبول أن تلتزم الحكومة الصمت بينما تتحرك جماعات مسلحة أجنبية على الأرض العراقية وكأنها صاحبة قرار فيها، فحزب العمال الكردستاني تنظيم أجنبي مصنف إرهابياً لدى دول عدة، ووجوده داخل العراق يشكل تهديداً مباشراً لأمننا القومي، ويعطي ذريعة للقوات التركية للتوغل والاعتداء على أراضينا بحجة ملاحقته".

وتشير أوساط عراقية إلى أن انتقال مقاتلي حزب العمال إلى العراق يحمل مخاطر على الأمن القومي العراقي، خاصة وأن الحزب لم يتخلَ بشكل نهائي عن فكرة العمل المسلح، ورهن ذلك بتنفيذ باقي مراحل وبنود الاتفاق بينه وبين أنقرة، كما أن الكثير من القراءات تتوقع انشقاق مجاميع من العمال وتشكيلهم مجاميع مسلحة مستقلة داخل العراق.

وفي السياق، رأى عضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن الانسحاب يحمل في طياته الكثير من المخاطر على الأمن القومي العراقي، محذراً من إمكانية فشل الاتفاق بين تركيا والحزب، وتحول الأخير إلى مجاميع مسلحة لا تقدر الدولة العراقية على مواجهتها وطردها. وقال النائب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية لا علم لها أصلاً بانسحاب مقاتلي حزب العمال إلى داخل الأراضي العراقية، ولم تبلغهم الحكومة العراقية بذلك"، مبيناً أن حكومة بغداد على دراية بعملية الانسحاب التي تمت مسبقاً، وفقاً لترتيب بين أنقرة والحكومة وبالتوافق مع حزب العمال".

واعتبر أن هذا الحدث لم يأخذ صداه في الأوساط الرسمية العراقية بسبب انشغال الجميع بالدعاية الانتخابية، والتحضير للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الشهر المقبل. من جهته، أكد الباحث السياسي العراقي غانم العابد أن هذا الخطر متوقع منذ أن اتفق حزب العمال مع الحكومة التركية على جعل تركيا خالية من الإرهاب، والسبب هو إهمال الحكومة العراقية من جهة، ومحاولة الفصائل الموالية لإيران في العراق الاستفادة من حزب العمال في سنجار وقنديل، للضغط على كل من تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل.

وقال العابد لـ "العربي الجديد"، إن "الحكومة العراقية لم تهتم بالاتفاق بين حزب العمال والحكومة التركية، ولم تحاول سابقاً الاستعانة بتركيا لبسط سيطرتها على سنجار، بل أبقت هذه الملفات مفتوحة حتى أنهت تركيا مشكلتها وأصبح الملف خطراً على العراق فقط". وأضاف أن "سورية بدأت بالاستعانة بالولايات المتحدة للضغط السياسي وتركيا للضغط العسكري لمعالجة ملف حزب العمال، عكس العراق الذي تغلب عليه الصراعات الداخلية السياسية وخلافات القوى الشيعية الحاكمة مع الأحزاب الكردية أو مع العرب السنة"