في الفقرة (12) من المحور الاقتصادي لبرنامج التيار المدني الديمقراطي، تبنّى التيار التزاماً يمسّ مصلحة أكبر شريحة اجتماعية، ألا وهي شريحة الموظفين الحكوميين، انطلاقاً من فهمه لمبدأ العدالة الاجتماعية، على أنها تعني إعادة توزيع الثروة، وأن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، لا وفقاً للانتماء السياسي أو الحزبي، بل استناداً إلى معايير الكفاءة العلمية والخبرة العملية، مضافاً إليها الولاء الوطني.
وقد كان لذلك المطلب دعاةٌ كثر من فقراء الموظفين الذين تمايزت رواتبهم عن غيرهم، تبعاً للانتماء إلى هذه الوزارة السخية أو تلك الوزارة المنسية، أو وفق التمايز بين انتماء الموظف إلى الدواوين الرئاسية أو الوزارات القطاعية، بل وحتى الفروقات الهائلة بين راتب الموظف ومديره العام في الدائرة الواحدة، فضلاً عن مخصصات المنصب وبدعة العنوان، أو مخصصات أخرى بمختلف الأشكال والألوان، وكلها تشذّ عن قواعد قانون الخدمة المدنية الذي يُوحِّد بموجبه الوظيفة أينما كانت في الدوائر الرسمية.
ناهيكم عن انتهاك العدالة الاجتماعية في احتساب رواتب الرئاسات وأصحاب "الخصوصية" من الدرجات العليا، وما جرى تخصيصه لأغراض "الحماية" و"الوجاهة" لأصحاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة ومن يتبعهم، على حساب تعاسة بقية الفئات.
أيّ دولة في العالم تخصّص للنائب ستة عشر عنصراً للحماية وبدل سكن ونفقات أخرى قابلة للتأويلات؟
أو ليست مخصصات الحماية تلاعباً وغشّاً؟ بالله عليكم، أين القاعدة وأين داعش؟
أوليس ذلك تجاوزاً على المال العام وتمييزاً طبقياً ومخالفةً لكل الشرائع والأحكام، أن تخصّص الدولة موكباً لكل نائب أو وزير أو وكيل أو مدير عام؟
وكم يكلف ذلك الخزينة من أسعار السيارات الفارهة ورواتب السواق ومخصصات المناوبة وتكاليف التصليح والأدوات التالفة؟
وكم تكلف الدولة مقراتهم الفندقية وولاءاتهم السخية؟
لم يشهد العراق، طيلة قرنٍ من الزمان، تبديداً للأموال ومعاداةً للعدالة الاجتماعية كما هو جارٍ في عهد "الديمقراطية" الحالية!
كل ذلك من حظّ العناوين العالية، أما الموظف، فبالإضافة إلى ضعف راتبه، فقد تعرّض راتبه للتسكين، وتوقفت علاوته السنوية لسنين، وأُلغيت بعض خطوط النقل عن أولئك المساكين، وتنوّعت الاستقطاعات تحت شتى العناوين.
أليس من حق دعاة العدالة الاجتماعية أن يرفعوا صوتهم فوق أصوات الممتنعين عن تعديل سلّم الرواتب وإقامة المساواة بين الموظفين؟