اخر الاخبار

( 1 )

كَضبة ريح ، آخر اصدارات الشاعر المبدع / عبد السادة العلي / ..، وقد سبق له أن أصدر :  سواجي وعطش ، مفاتيح الشمس ، من فنون الأدب الشعبي  . كما شارك في مجموعة ( قصايد للوطن والناس ) التي صدرت في الذكرى الأربعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي المجيد عام 1974 . كما صدرَ عنه كتاب ( محطات نقدية في شعر عبد السادة العلي ) ضم َّ دراسات ومقالات عن تجربته الشعرية ، تؤشر الملامح الفنية والجمالية في شعره .

( 2 )

الشاعر صوت ستيني الامتداد الزمني والاشتغال الفني . تفاعل مع تحولات القصيدة الشعبية الحديثة بعد التجربة النوابية الرائدة والتجارب اللاحقة لها . تشاغل بتلك التجارب كما كان غيره ، ووقف متلمّسا ً النسغ الجديد فيها ، هذا النسغ الذي أوصل الماء إلى جذور كاد يلفحها اليباس بفعل المراوحة الشكلية التقليدية والمضامين المكررة : أسيرة النمط البدائي والابتدائي . وبذلك يكون الشاعرمن بين شعراء آخرين لامعين ، وُصفت تجاربهم مجتمعة بتجربة ( ما بعد النوابية ) بعد أن إختط َ كل ٌّ منهم طريقته ولونه ضمن حدود تجربته الابداعية ، وقد شكّلوا التأسيس الستيني والسبعيني اللامع حتى اللحظة في مشهد تطوّر الشعر الشعبي العراقي الحديث ، وعيا ً وثقافة ً وادراكا ً لمعنى الشعر وفكرة الشعر والشعرية بصورة عامة .

( 3 )

في هذه المجموعة ، يواصل الشاعر تأصيل لونه الخاص بإمتداد وارتباط واضحين مع مجاميعه السابقة ، اسلوبا ًوبناء ً وتشكيلا ً صوّريا ً إلى الحد الذي يصعب تلمّس تطوّر خطّه البياني . ومثل هذا التشخيص يحتاج استطرادا ً اضافيا ً لا تسعه مثل هذه الوقفه .

إن َّ الشاعر ومنذ بداية تشكّله الشعري يميل كثيرا ً إلى الاسلوب التصويري في صياغات جمله الشعرية على حساب عناصر فنية أخرى ، ومن هنا ، فإن َّ قراءة قصائده تحتاج إلى الكثير من الإنصات والتمعّن في تشكيل صورته الشعرية التي تُعوّل على صوت الصورة ( الدال ) وصولا ً إلى صدى هذه الصورة ( المدلول ) .

( 4 )

في قصائد ( كَضبة ريح ) تكون نبرة الحزن- حزن الخسارة -  هي الطاغية ، وهذه النبرة تبدء من مناخ البيت ،  والأسرة  -  رغم التمويه على بعض مسرّاتها – وحتى التفاعل مع شهداء الوطن وقضيتهم في التضحية . إنها معادلة الخسارة الموصوفة ب ( كَضبة ريح ) ..، هذه القبضه التي لا تقوى على مسك أي شيء ، لتكون عنوانا ً للمجموعة ، من أجل تأصيل فكرة الخسارة ، والوصول إلى الصورة الشخصية الظليّة في المرآة ، في تخاطر مع قول الشاعر أدونيس : كان َ الحُب ُّ مذ كنت ُ ... ماذا يفعل ُ الحُب ُّ إذا مت ُّ .

( 5 )

معظم قصائد المجموعة في بنائها ، تأخذ بناء  الاسترسال المتواصل ، والبعض منها يأخذ استرسال المقطع المرقّم المجرد من العنوان  عدا قصيدة ( رسوم على جدار الريح ) إذ أخذ الاسترسال المرقّم المعنّون ، وقد اكتسبت تفرّدها من الارتكازات الاستهلالية : مهر ، نهر ، بيت ، شجرة .

ومن نبرة الحزن والخسارة ، يكون الاستدلال هنا هو الأسبق في التقديم والإشارة  :

أفك بيبان حزني ...

 ابكل مِسَه إومصباح

 وادوّر للفرح ، مامش بعد مفتاح

سنابل بيدر احلامي كلتها الكَاع ..

 لا مسها الهوه إولا غازلت مرواح

ياشجرة حنيني ابريح المعسرات ،

 ما ذوبَل وركَها إو لا تثنّه إو طاح

يا طعم البچي البعد الهظم واللوم ،

 واغيوم الدمع من تنزف إو تنزاح

يا شوكَ الضوه ..

من تنشتل شمسه علو رمحين كل مصباح .. مو ملّيت خلني ارتاح ...

إن َّ هذا المقطع من قصيدة ( خلني ارتاح ) المهداة إلى ابنة الشاعر وعلى لسانها ، كما تقول المقدمة ، غير أن َّ الدلالة الشعرية تعكس صوت الشاعر ، وأرى أن هذا قناع أبوي وإسقاط تحنان خفي كامن في ذات الشاعر حسب توصيفات علم النفس ، وما يُعزز هذا الاستنتاج الاستدلالبقول أدونيس في مقدمة القصيدة :

لو أنّي ماء ٌ ثقبت ُ الجماد َ ونقّبت ُ عما وراء التراب ِ وعشت ُ مصير َ الندى والضباب... ، وما هذا المصير إلا قبضة ريح أيضا ً .

عرض مقالات: