متابعة _ طريق الشعب
يشهد حقل غرب القرنة 2 في محافظة البصرة، حالة من الغموض بعد تداول أنباء بشأن إعلان شركة لوك أويل الروسية حالة القوة القاهرة، وسط مخاوف من توقُّف الإنتاج، لاسميا ان هذه التطورات تأتي في ظل العقوبات الغربية التي طالت الشركة الروسية.
ويُعد حقل غرب القرنة 2 من أكبر الحقول في العراق والعالم، وتسهم طاقته الإنتاجية المرتفعة في تعزيز مكانة بغداد بسوق النفط العالمية، ويُعوَّل عليه لدعم مستهدفات زيادة إنتاج البلاد إلى 8 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2027.
إلغاء العقود الثانوية
الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، حذر من اضطراب في انتاج حقل غرب القرنية، في حال تأخير عملية تصفية "لوك أويل" لأعمالها في العراق، مبديا خشيته من تسريح 1300 موظف عراقي يعملون في الحقل النفطي.
وقال المرسومي في مجموعة تدوينات، نشرها على حسابه الشخصي في "فيسبوك"، إن "العقوبات الأمريكية على شركة لوك اويل الروسية المشغل الرئيس لحقل غرب القرنة/ ٢، بدأت تؤثر سلبيا على عملها في العراق، اذ بدأت بإلغاء العقود مع الشركات الثانوية ولم تدفع رواتب الموظفين منذ شهرين، بسبب رفض المصارف الحوالات المصرفية من الشركة الروسية، وكذلك عدم قدرة الشركة على شراء الأدوات الاحتياطية وعدم قدرتها بيع مستحقاتها من النفط العراقي بالخارج حيث تم رفض اربع شحنات نفطية قبل اسبوع".
مغادرة العراق قريباً
واضاف، انه "يبدو ان لوك اويل في طريقها لبيع حصتها البالغة ٧٥٪ في حقل غرب القرنة ومغادرة العراق قريبا، وربما ستشتري احدى الشركات الأمريكية حصتها إذا ما تم تحويل صيغة الاستثمار من عقد الخدمة إلى عقد مشاركة للإنتاج"، مبينا ان "أي تأخير في عملية تصفية لوك اويل لأعمالها في العراق قد يؤدي إلى اضطراب الانتاج في الحقل الذي ينتج ٤٢٠ الف برميل يوميا".
ولفت المرسومي الى ان "شركة اويل الروسية التي فرضت عليها العقوبات الامريكية، سرحت الكوادر الأجنبية غير الروسية العاملة في حقل غرب القرنة/ ٢ وحقل اريدو، ويخشى أن يتم تسريح ١٣٠٠ موظف عراقي يعملون في حقل غرب القرنة و٧٠ موظفا يعملون في حقل اريدو".
لا وجود لخطة طارئة
من جهته، قال الباحث الاقتصادي زياد الهاشمي، ان "العراق مهدد بخسارة نصف مليون برميل من انتاجه النفطي يومياً، ومليار دولار شهرياً، بسبب توقف متوقع لإنتاج حقل القرنة-2، بعد فرض عقوبات أمريكية على شركة لوك أويل الروسية المشغلة للحقل".
واضاف، ان "إعلان حالة (الظروف القاهرة) في الحقل، سيتسبب بتوقف انتاج الحقل النفطي العراقي بشكل كامل"، لافتا الى أن "الحكومة العراقية، لا تملك خطة طوارئ بديلة للتعامل مع خروج حقل غرب القرنة عن العمل، ولا تزال تأمل ان تستمر الشركة الروسية في انتاج النفط، رغم العقوبات الأمريكية والغربية التي صدرت عليها قبل أسابيع".
واوضح، انه "بسبب هذا الإجراء من الشركة الروسية، سيُحرم العراق من كميات نفطية وموارد مالية كبيرة لمدة غير معروفة، وسيكون قطاع الطاقة العراقي بانتظار ان تتحرك الحكومة العراقية للتعامل مع هذا التطور الخطير بأسرع وقت".
خمسة حلول
في الاثناء، اقترح مرصد "إيكو عراق"، 5 حلول أمام الحكومة العراقية لضمان استمرار عمل شركتي "لوك أويل" و"روسـنفت" الروسيتين، من بينها تشكيل واجهات قانونية جديدة لتفادي أي تأثير للعقوبات الأمريكية.
وقال المرصد في بيان، إن "الشركتين الروسيتين تلعبان دوراً محورياً في تشغيل وتطوير عدد من الحقول النفطية سواء في البصرة أو في إقليم كردستان، ومن الصعب استبدالهما أو إنهاء عملهما بشكل فوري"، مشيراً إلى أن "العراق بحاجة إلى حلول قانونية ودبلوماسية متوازنة لتجنب أي مساس بالعقوبات الأمريكية".
وأوضح أن "الحل الأول يتمثل في العمل عبر فروع أو واجهات قانونية جديدة من خلال تأسيس شركات فرعية في دول ثالثة مثل الإمارات أو الصين أو تركيا"، مبيناً أن "بعض الشركات الإيرانية اتبعت هذا الأسلوب سابقاً لتصدير النفط إلى آسيا دون خرق العقوبات الأمريكية".
وأضاف أن "المقترح الثاني يتضمن التسوية المالية خارج النظام المالي الأمريكي، بتسديد المستحقات المالية للشركات الروسية بعملات بديلة عن الدولار مثل الروبل أو اليوان، عبر بنوك لا تخضع للرقابة الأمريكية".
ولفت إلى أن "الحل الثالث يتمثل في توفير غطاء قانوني محلي عبر تأسيس شركات خدمية عراقية - روسية مشتركة تُسجّل داخل العراق، بحيث تواصل الشركات الروسية عملها كمزود تقني وخبير فقط".
وأشار البيان إلى أن "الحل الرابع يعتمد على المسار الدبلوماسي من خلال سعي العراق للحصول على استثناء أمريكي أو أوروبي يسمح باستمرار عمل هذه الشركات، وهو خيار سبق استخدامه مع استيراد الغاز الإيراني، وكذلك في تجارب دول مثل الهند ومصر التي حصلت على استثناءات مماثلة لشراء النفط والغاز الروسي".
وتابع أن "الحل الخامس يتمثل في إشراك أطراف ثالثة في إدارة الحقول، عبر إدخال شركات صينية أو هندية كشركاء إداريين أو ماليين، مع بقاء لوك أويل وروسـنفت كشريكتين تقنيتين فقط، ما يقلل من المخاطر القانونية ويضمن استمرار الإنتاج".
قلق بين العاملين
وشهد حقل غرب القرنة 2 في محافظة البصرة، أمس الأربعاء، حالة من القلق بين العاملين العراقيين، بعد إعلان الشركة المشغّلة حالة الظروف القصوى أو القوة القاهرة (Force Majeure)، بسبب ضغوط مالية وعقوبات دولية تواجهها، وهو ما انعكس على تأخر صرف رواتب العاملين عن موعدها القانوني خلال شهر تشرين الأول الماضي، وسط مخاوف من تأثير الأزمة على مستقبل الحقل وضمان حقوق الموظفين المحليين.
وقال عددٌ من العاملين، إنه "منذ شهر تشرين الأول الماضي لم تُصرف رواتبنا في موعدها المحدد، ومع إعلان الشركة المشغّلة حالة القوة القاهرة زادت مخاوفنا بشأن استمرار العمل وضمان حقوقنا".
وأضافوا "نحن نؤدي مهامنا اليومية بكامل التزامنا المهني، ونحرص على استمرار الإنتاج وفق أعلى معايير السلامة والجودة، إلا أننا نواجه مخاوف حقيقية تتعلق بتكرار تأخير الرواتب دون أي ضمانات واضحة، واحتمال بيع أو تحويل ملكية الحقل وعدم وضوح مصير العاملين، فضلاً عن غياب أي تطمين رسمي من قبل الشركة المشغّلة وشركة نفط البصرة".
لا تطمينات رسمية!
وتابع العاملون حديثهم: "نخشى من فقدان وظائفنا أو تعديل عقودنا في حال استبدال المشغّل الحالي، لذلك نطالب وزارة النفط بتوضيح موقفها من تأخير الرواتب بعد إعلان القوة القاهرة، والإجراءات التي تتخذها لمنع تكرار ذلك، إضافة إلى ضمان حماية حقوق الموظفين العراقيين في حال بيع الحقل أو تغيير المشغّل، بما يشمل الرواتب والدرجات الوظيفية والخدمة والإجازات ومكافآت نهاية الخدمة".
وبحسب العاملين، فإن "عقودهم خاضعة لقانون العمل العراقي رقم (37) لسنة 2015 وتحت إشراف الدولة العراقية"، داعين الوزارة إلى "توضيح آلية نقل الحقوق والخدمات عند استبدال المستثمر كما حدث في حقول أخرى، وإصدار تطمينات رسمية للكادر العراقي العامل داخل الحقل".
وخلصوا الى أنه "استناداً إلى المادة (37) من قانون العمل العراقي التي تنص على أن الأصل في عقود العمل أن تكون مفتوحة المدة، و المادة (42) التي تضمن انتقال عقود العاملين بكامل حقوقها عند تغيير صاحب العمل، فإننا نطالب بأن تكون عقودنا مرتبطة بمدة عقد تشغيل الحقل لضمان استمرارية العمل ومنع إنهاء أو تقليص الكادر عند تغيير المشغّل أو نقل الملكية، وبما ينسجم مع طبيعة عقودنا الحالية".
اختتم العاملون بالقول إن "حقل غرب القرنة 2 يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسًا للثروة العراقية، ويُعيل مئات العوائل، ونأمل من وزارتنا التدخل العاجل لضمان حقوقنا واستمرار العمل بأمان واستقرار".