اخر الاخبار

في ذكرى انتفاضة تشرين

الناشطون وحرية التعبير في خطر

بمناسبة الذكرى السادسة لانتفاضة تشرين الباسلة، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا تفصيليًا عن العراق على مواقع إعلامية عديدة، منها موقعها الرسمي، أكدت فيه على أنه، وبعد ست سنوات من هذا الحدث، تواصل السلطات اضطهاد الناشطين والمتظاهرين، متقاعسة عن تحقيق العدالة ومساءلة المسؤولين عن مقتل المئات وتشويه آلاف المتظاهرين، أو الكشف عن مصير المختفين وأماكن وجودهم.

تحقيقات بلا نتائج

وقالت المنظمة إن الحكومات المتعاقبة سبق أن أعلنت مرارًا عن تشكيل لجان تحقيق للنظر في هذه الجرائم التي ارتُكبت خلال أحداث تشرين أو بعدها، والتي رُفعت بشأنها ما لا يقل عن 2700 قضية جنائية، دون أن تظهر أية نتائج حقيقية، ودون أن يُقدَّم سوى عدد قليل من الأفراد للمحاكمة التي لا يبدو أنها حققت العدالة، هي الأخرى.

وشددت المنظمة على ضرورة كسر حلقة الإفلات من العقاب، والحد من حملة قمع الفضاء المدني، الذي يشهد تزايدًا في تقييد حرية التعبير والتجمع السلمي، لاسيما أن السنوات الست الماضية قد شهدت تعرّض الشباب المشاركين في الاحتجاجات إلى النفي، والإعاقة، وفقدان الوظائف، والقمع المستمر، فضلًا عن استمرار حملات "الانتقام" ضد النشطاء، ومداهمة منازلهم دون أوامر قضائية، واستخدام العنف بشكل متكرر ضد أفراد عائلاتهم، وإجبار العشرات منهم على الاختباء أو النفي، في وقت تتفاقم فيه الاعتداءات على حرية التعبير، خاصة بعد إطلاق حملة وزارة الداخلية على ما يسمى بـ"المحتوى غير اللائق".

القتلة طلقاء ومتنفذون!

وذكرت رازاو صالحي، الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو الدولية، في هذا الصدد، أن "من المؤسف بعد ست سنوات من احتجاجات تشرين، أن تبقى السلطات العراقية منهمكة في ملاحقة وترهيب النشطاء وعائلاتهم، بينما لا يزال المسؤولون عن عمليات القتل والاغتيالات والاختفاء القسري المروّعة طلقاء. وهذا يبدد آفاق العدالة والحقيقة والتعويضات عن الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، التي ارتكبتها قوات الأمن والفصائل التابعة لها أثناء الاحتجاجات وبعدها".

وأكدت صالحي على أن حرية التعبير تتعرض "لهجوم من جميع الجهات. يخاطر النشطاء والمتظاهرون بحياتهم وحياة عائلاتهم بالتعبير عن آرائهم. يجب على السلطات تلبية المطالب التي وعدت بها منذ فترة طويلة: العدالة، ووضع حد لملاحقة وقتل العراقيين المطالبين بحقوقهم الأساسية".

إرهاب العوائل

وأكدت تقارير المنظمة على أن منازل العديد من النشطاء المختبئين نتيجة مذكرات اعتقال صادرة في مدنهم الأصلية، قد دوهمت من قبل قوات الأمن مرارًا وتكرارًا، وتمت مضايقة أقاربهم للضغط عليهم للخروج من مخابئهم. وحين اضطر بعضهم إلى العودة إلى مسقط رأسه على أمل أن يُخفف ذلك من وطأة المداهمات المتكررة التي تشنها قوات الأمن على منزل عائلته، أو يوقفها، تم الحكم عليه بالسجن بتهم ملفقة تتهمه بالعنف خلال الاحتجاجات، ليُبرَّأ لاحقًا بعد إبرام صفقة عبر علاقات عشائرية، تضمنت في الواقع دفع رشوة.

القمع في ذي قار

وذكرت التقارير أن النشطاء وعائلاتهم في الناصرية يواجهون أعمالًا انتقامية لا هوادة فيها، بما في ذلك مداهمات المنازل، والمضايقات، والاعتقالات بموجب مذكرات توقيف "نائمة"، بعضها يحمل تُهَمًا يُعاقَب عليها بالإعدام. وأشارت إلى أن هناك حالات عديدة قامت المنظمة بتوثيقها، شملت قضايا وتُهَمًا بممارسة التعذيب، والانتزاع القسري للاعترافات، ومحاكمات، وإعفاءات، وإعادة محاكمات، دون أن يتمكن مراقبو المنظمة من التدقيق في مدى صحة هذه الإجراءات، من الناحية القانونية، وبما يحفظ حقوق الإنسان وكرامته.

وتوصّلت التقارير إلى تقييم مفاده حدوث تنامٍ كبير في تقييد المساحة المدنية في العراق، واستغلال فكرة مكافحة "المحتويات الفاضحة" على مواقع التواصل الاجتماعي لتشديد ذلك، والحكم على العشرات بدفع غرامات أو السجن بموجب مواد مختلفة من قانون العقوبات، على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح نوع "المحتوى" الذي يُعتَبر فاضحًا، فيما لم تنجح حتى الآن ولحسن الحظ، محاولات البرلمان في إقرار قوانين مقيّدة لحرية التعبير والاحتجاج السلمي ونشاط المنظمات غير الحكومية.