مع انطلاق الحملات الانتخابية لمرشحي انتخابات مجلس النواب المقررة في الحادي عشر من تشرين الثاني 2025، كشفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن رصد مخالفات دعائية واسعة وفرض عقوبات مالية على عديد من المرشحين والقوى السياسية. فيما شددت أمانة بغداد على التزام الجميع بالضوابط ومنع التجاوز على الممتلكات العامة، مؤكدة أن لجانها المختصة باشرت رصد الانتهاكات.
مخالفات دعائية
وقال رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، في تصريح صحفي: أن الحملة بدأت رسميًا في الثالث من تشرين الأول وتستمر حتى الثامن من تشرين الثاني، مشيرًا إلى أن بعض القوى السياسية بادرت الى إطلاق دعاياتها قبل الموعد المحدد، وهو ما استدعى فرض عقوبات عليها.
وأكد جميل أن المفوضية فرضت نحو ١٢٠ عقوبة على مرشحين وتحالفات وأحزاب سياسية، بسبب مخالفات دعائية، معظمها في بغداد، شملت ١٠٦ مرشحين و١٢ تحالفًا.
وبيّن جميل أن فرق المفوضية والبالغ عددها أكثر من ١٩٠٠ فريق موزعة على المحافظات، تتابع تنفيذ الضوابط، حيث تسجل المخالفات وترفعها إلى اللجان المركزية.
وأكد أن الغرامات تتضاعف على من يكرر المخالفة، لكنه أشار إلى أنه لم يتم استبعاد أي مرشح حتى الآن، محذرا من شراء بطاقات الناخبين، معتبرا ذلك جريمة انتخابية يحال مرتكبها إلى القضاء.
وأضاف جميل، أن الانتخابات المقبلة ستخضع لرقابة دقيقة، حيث ستوثّق العملية برمتها بالصوت والصورة لضمان الشفافية.
الغرامات لا تكفي!
فيما أكد عضو مجلس النواب محمد عنوز، أن المشهد الانتخابي الحالي بات أشبه بـ”معركة” أكثر من كونه عملية ديمقراطية منظمة.
وشدد عنوز في حديث صحفي، على ضرورة أن تُصدر المفوضية تعليمات واضحة وصارمة تُلزم جميع المرشحين والكتل السياسية بالانضباط واحترام القانون والدستور، مشيرا الى انها مطالَبة بتعزيز ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، من خلال تطبيق الضوابط بعدالة وحزم.
وأوضح أن ما جرى خلال الأسابيع الأخيرة من انطلاق دعايات انتخابية مبكرة قبل الموعد الرسمي يعد خرقاً واضحاً للتعليمات، مضيفا أن المفوضية اتخذت إجراءاتها في بعض الحالات بفرض غرامات مالية، “لكن هذه الغرامات لا تكفي، لأن حجم الإنفاق الانتخابي واستخدام المال العام بلغ مستويات مقلقة، وأصبح المواطن يلمس آثارها في حياته اليومية”.
وشدد النائب على ضرورة أن تكون الإجراءات الرادعة أكثر صرامة، بما يضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين ويمنع أي تجاوزات تضر بنزاهة الانتخابات المقبلة.
الأمانة تتوعد
وفي السياق، توعدت أمانة بغداد المرشحين المخالفين لضوابط الدعاية الانتخابية بفرض غرامات مالية، مؤكدة أن لجانها المختصة باشرت رصد وتوثيق التجاوزات في العاصمة.
وقال المتحدث باسم الأمانة عدي الجنديل: إن "هناك ضوابط متفق عليها بين أمانة بغداد ومفوضية الانتخابات بخصوص منع التجاوز على الممتلكات العامة ومخالفة التعليمات الخاصة بالدعاية الانتخابية"، محذرًا من تعليق الصور أو اللافتات في الأماكن غير المخصصة أو إلحاق الضرر بالممتلكات العامة.
وأضاف أن "الغرامات ستُستقطع من مبالغ التأمينات المودعة لدى مفوضية الانتخابات"، مشيرًا إلى أن "تعليق الدعايات في الأماكن الدينية أو الجزرات الوسطية أو مواقع أنابيب المياه ممنوع تمامًا، كونها تسبب أضرارًا في الممتلكات العامة".
وأكد الجنديل أن "الأمانة شكّلت لجانًا متخصصة لتوثيق هذه المخالفات وإرسالها إلى المفوضية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المرشحين والأحزاب المتجاوزة".
وفي تلك الاثناء، أعلن جهاز الأمن الوطني، امس السبت، اعتقال 46 متهماً ببيع وشراء البطاقات الانتخابية، فيما أشار الى ضبط (1841) بطاقة في أربع محافظات.
وذكر الجهاز في بيان تلقته "طريق الشعب"، أن "مفارز جهاز الأمن الوطني، وبناءً على عمل استخباري دقيق، نفذت عمليات أمنية متفرقة في محافظات (بغداد، الأنبار، نينوى، وغرب نينوى)، أسفرت عن إلقاء القبض على (46) متهمًا متورطين بعمليات بيع وشراء بطاقات انتخابية".
وأشار الى أنه "تم ضبط (1841)، بطاقة ناخب بحوزة المتهمين"، مبيناً أنه "تمت إحالة جميع المتهمين مع المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
البرامج والرؤى
من جانبه، أكد الخبير الانتخابي وائل البياتي، أن جوهر العملية الانتخابية يجب أن يقوم على البرامج الانتخابية التي يطرحها المرشحون، مشيراً إلى أن على الناخبين اختيار المرشحين الذين تتوافق برامجهم مع احتياجاتهم ورؤيتهم، والذين يعتقدون أنهم قادرون على تنفيذ وعودهم.
وقال البياتي، إن "الكثير من المرشحين وللأسف يتجاوزون على الإطار المكاني المخصص للدعاية من خلال تعليق اللافتات على الجسور أو في الجزرات الوسطية أو حتى على واجهات المؤسسات الحكومية، وهو ما يعد مخالفة صريحة للقانون".
وأشار إلى أن هذه المخالفات تستوجب محاسبة المرشحين المخالفين من خلال فرض الغرامات والعقوبات التي حددتها المفوضية، داعياً الجميع إلى الالتزام بالضوابط القانونية لضمان سير العملية الانتخابية بشكل منظم ونزيه.
وفي إطار الاستعدادات الرسمية، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عن مصادقتها على أسماء المرشحين فيما حددت موعد بدء الحملات الانتخابية.
وكانت قد أعلنت الأربعاء الماضي عن المصادقة على أسماء 7768 مرشحا لخوض الانتخابات النيابية المقبلة.
وذكرت المفوضية في بيان، أن "عدد المرشحين من الذكور بلغ 5520 مرشحا، في حين بلغ عدد المرشحات من الإناث 2248 مرشحة".
وأضافت المفوضية، أن "الحملة الانتخابية للمرشحين المصادق عليهم تنتهي عند السابعة من صباح يوم السبت الموافق 2025/11/8".
وكان مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قد حدد الثالث من تشرين الأول موعداً لانطلاق الحملة الانتخابية.
وذكر المجلس في بيان أنه "تم التصديق على قوائم المرشحين الذين يحق لهم المشاركة في انتخابات مجلس النواب العراقي 2025".
وأضاف البيان أن "مجلس المفوضين قرر أن يكون موعد انطلاق الحملة الانتخابية للمرشحين المصادق عليهم يوم الجمعة الموافق 2025/10/3".
6300 مراقب للحملات الدعائية
من جانبه، كشف رئيس شبكة شمس لمراقبة الانتخابات، هوكر جتو، عن تسجيل 301 انتهاك قانوني في الحملات الانتخابية، مبيناً أن هذه الانتهاكات سُجّلت حتى قبل بدء الحملة رسمياً.
وقال جتو: "تمت معاقبة جميع الذين ارتكبوا انتهاكات وفقاً لإجراءات المفوضية"، موضحاً أن "شبكة شمس ستكون جزءاً رئيسياً من تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية التي تضم 6 آلاف و300 مراقب لمتابعة العملية الانتخابية".
يُذكر أن الحزب الشيوعي العراقي يشارك في الانتخابات بعدد من التحالفات، منها تحالف البديل (250) في محافظات بغداد والنجف وكربلاء وواسط والديوانية وديالى، إضافة إلى تجمع الفاو زاخو (213) في محافظتي بابل والبصرة، والتحالف المدني الديمقراطي (206) في محافظة ذي قار.