اخر الاخبار

شهدت مدن عراقية عدة موجة احتجاجات متصاعدة، تتنوع أسبابها بين أزمات خدمية واقتصادية ومعيشية، في مشهد يعكس حجم الاحتقان الشعبي إزاء ضعف الاستجابة الحكومية وتباطؤ المعالجات.

من البصرة إلى العمارة فبغداد، خرج المواطنون للمطالبة بالماء الصالح للشرب، وتعبيد الطرق، وتوفير فرص العمل، وصرف المستحقات المالية، فيما لم تجد القوات الأمنية الا تكرار استخدام العنف ضد المحتجين.

أزمة الملوحة تتفاقم

فضّت القوات الأمنية في البصرة، تظاهرات احتجاجية اندلعت في منطقتي التميمية والحيانية وسط المحافظة، احتجاجاً على تفاقم أزمة ملوحة المياه التي أثارت استياء واسعاً بين المواطنين.

وشهدت مناطق التظاهرات انتشاراً مكثفاً للأفواج الأمنية وتطويقاً لمواقع الاحتجاج، بعد أن أقدم المحتجون على إشعال الإطارات وقطع الطرق الرئيسة، ما دفع القوات إلى التدخل وفض التجمعات بالقوة وإعادة فتح الشوارع أمام حركة المرور.

وأفادت مصادر محلية بوقوع إصابات بين صفوف المتظاهرين خلال عملية التفريق، فيما انسحب عدد منهم إلى داخل الأحياء السكنية، وسط استمرار انتشار القوات الأمنية تحسباً لتجدد الاحتجاجات.

وتتواصل الاحتجاجات المسائية منذ أيام وسط مدينة البصرة بسبب عدم وصول المياه الصالحة للشرب إلى عدد من المناطق، في حين تستمر المطالب الشعبية بضرورة تدخل الجهات الحكومية لمعالجة الأزمة بشكل عاجل.

خريجون يطالبون بفرص العمل

وفي سياق منفصل، نظّم خريجو الأقسام الهندسية والاختصاصات النفطية والعلوميين في محافظة البصرة، تظاهرة أمام شركة نفط البصرة – موقع المكينة، مطالبين بحقوقهم في الحصول على فرص عمل.

وشهدت الفعالية احتكاكاً مع قوات الشغب وتعرض بعض الخريجين للضرب من قبل القوات الأمنية.

وأفاد المحتجون أنهم حصلوا على العديد من الموافقات من رئيس الوزراء ووزارتي المالية والنفط، لكنهم تفاجأوا خلال التظاهر بـ"القمع من قبل القوات الأمنية، والتجاوزات اللفظية والجسدية".

وأشاروا إلى أن عددًا من الخريجين تم اعتقالهم خلال التظاهرة، محملين وزير النفط ومدير هيئة تشغيل البصرة المسؤولية عمّا حصل.

وحذر الخريجون من أن عدم الاستجابة لمطالبهم قد يؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات مستقبلاً لضمان حقوقهم في التوظيف.

شوارع بلا تبليط

وفي محافظة ميسان، نظّم العشرات من سكان قرية الدفاس في مدينة العمارة، وقفة احتجاجية للمطالبة بتعبيد وإكساء شوارع منطقتهم التي وصفوها بأنها مهملة منذ سنوات.

وأكد الأهالي أن وقفتهم تأتي بعد فشل جميع الوعود السابقة التي قُطعت لهم من قبل المسؤولين المحليين وفريق الجهد الخدمي والهندسي، مشيرين إلى أن المنطقة تنتظر التبليط منذ أشهر دون استجابة.

وقال عدد من السكان، إن فريق الجهد الخدمي أنجز مشاريع الكهرباء والماء والمجاري داخل القرية، لكنه ترك الشوارع دون تبليط أو إكساء، مؤكدين أنهم يجهلون أسباب هذا الإهمال.

وعبر الأهالي عن مخاوفهم مع اقتراب فصل الشتاء وموسم الأمطار، حيث تتحول الشوارع الترابية في القرية إلى برك مائية وطينية، ما يعيق حركة مرور السكان، وخاصة الأطفال والطلبة والنساء، من وإلى المنطقة.

وناشد الأهالي الحكومة المحلية وفريق الجهد الخدمي بالتدخل العاجل وبدء أعمال تعبيد الشوارع فوراً، لإنقاذهم من المعاناة السنوية التي تسببها مياه الأمطار وتحويل المنطقة إلى مستنقعات خلال فصل الشتاء.

مقاولون يطالبون بمستحقاتهم

وفي العاصمة بغداد، نظّم اتحاد المقاولين العراقيين من مختلف المحافظات، تظاهرة سلمية أمام مقر وزارة المالية احتجاجاً على تأخر صرف المستحقات المالية عن المشاريع المنفذة في مختلف المحافظات.

وقال حسين المالكي، رئيس اتحاد المقاولين العراقيين فرع البصرة، إن "المقاولين يواصلون جهودهم في تنفيذ المشاريع الخدمية والعمرانية رغم الصعوبات المالية والالتزامات الكبيرة، إلا أن تأخر وزارة المالية في صرف المستحقات يهدد استمرار المشاريع ويعرض آلاف العاملين في هذا القطاع إلى البطالة والتعثر".

وأضاف أن الاتحاد وجّه دعوة رسمية إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير المالية للتدخل العاجل وحسم الملفات المالية الخاصة بالمقاولين والشركات المنفذة، لضمان استمرار عجلة الإعمار والبناء في البلاد.

وأشار المالكي إلى أن التظاهرة جاءت بتنسيق كامل مع الاتحادات في جميع المحافظات العراقية، مؤكداً أنها تهدف إلى الضغط السلمي للمطالبة بإطلاق الأموال المتأخرة منذ سنوات.

وحذر المالكي من أن "استمرار التأخير في صرف المستحقات سيؤدي إلى شلل شبه تام في المشاريع الخدمية ويزيد من معاناة الشركات المحلية والعاملين فيها"، مضيفاً أن اتحاد البصرة حذر الحكومة من تجاهل مطالب المقاولين، مؤكداً استمرار التحركات القانونية والسلمية حتى صرف المستحقات بالكامل.

ودائع بلا استرجاع

وفي مشهد آخر من الاحتجاجات المالية، نظم عدد من المواطنين، تظاهرات أمام البنك المركزي العراقي وسط بغداد، احتجاجاً على تأخر صرف أموالهم المودعة لدى مصرف الوركاء.

وطالب المتظاهرون البنك بالتدخل العاجل لإعادة الأموال إلى أصحابها، مؤكدين أنهم قد يلجؤون إلى اعتصام مفتوح في حال عدم تلبية مطالبهم.

ورفع المحتجون شعارات مثل: "لا ثقة ولا مصداقية لدى مصرف الوركاء"، معبرين عن استيائهم من السياسات المالية للمصرف وتأثيرها على حقوق المودعين.

اضراب مرتقب

الى ذلك، نظم أطباء مقيمون وأطباء التدرج، إلى جانب عدد من النقابات الطبية، وقفات احتجاجية في عدد من المحافظات، احتجاجاً على تأخر تعيين خريجي الدفعة 2024، الأمر الذي تسبب بوجود شواغر داخل المستشفيات وتأخر التدرج الطبي.

وهدد المحتجون بالإضراب في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، مشيرين إلى أن تأخر التعيينات يؤثر على سير العمل في المؤسسات الصحية ويزيد من معاناة المواطنين.

وأفادت مصادر طبية بأن الأطباء هددوا بـ توسيع نطاق الإضراب ليشمل المستشفيات ما لم تتدخل الجهات المعنية لتلبية مطالبهم بشكل عاجل.