اخر الاخبار

متابعة – طريق الشعب

 

رغم مرور أكثر من أسبوعين على انطلاق العام الدراسي الجديد، لا يزال آلاف الطلبة في مختلف المراحل الدراسية، لا سيما السادس الإعدادي، يواجهون أزمة دراسية متمثلة في عدم توفر العديد من الكتب والمناهج. يأتي ذلك خلاف ما أعلنته وزارة التربية مرارا وتكرارا من انها طبعت المناهج الدراسية قبل شهور من بدء العام الدراسي ووزعتها على المخازن الفرعية والمدارس. 

هذه المشكلة لم تعد طارئة أو استثنائية، بل تحولت إلى مشهد يتكرر كل عام، تاركة آثارها على العملية التعليمية ومستقبل الاجيال التي لا ذنب لها سوى انها وقعت ضحية للاأبالية والإهمال والفساد.

وتنقل وكالات أنباء عن طلبة عديدين قولهم انهم لم يتسلموا كتبهم كاملة، وأن ما تسلموه أغلبه قديم ومتهالك، مؤكدين اعتمادهم فقط على تصوير الملازم أو استنساخ نسخ قديمة، ما يكلّف أولياء أمورهم مبالغ إضافية في ظل ارتفاع تكاليف الاستنساخ.

فيما تنقل عن مديري مدارس ومعلمين، القول أن المشكلة ليست فقط في قلة الكتب، بل أيضاً في سوء حالتها، مبينين ان "الكتب التي تصلنا غالباً قديمة وممزقة وغير صالحة للدراسة، ونضطر إلى توزيعها رغم حالتها السيئة، والطلبة يرفضونها لأنها بلا فائدة".

ويؤكدون أن "وزارة التربية لا تجهزنا بالكميات الكافية، وحتى لو وصلت فهي لا تغطي سوى 30 إلى 40 في المائة من حاجة الطلبة، ما يضطر الأهالي إلى شراء الكتب من السوق أو استنساخها".

وفي 14 أيلول الفائت، أفادت وزارة التربية بأنها "مهيأة تماما" لانطلاق العام الدراسي الجديد يوم 21 أيلول، مؤكدة أن "كل المعطيات تسير وفق الخطط المرسومة".

فيما ذكرت على لسان المتحدث باسمها كريم السيد – حسب ما نقلته عنه وكالات أنباء - انها "حققت إنجازا كبيرا خلال السنتين الأخيرتين، تمثل في طباعة الكتب والمناهج الدراسية قبل بدء العام الدراسي".

ووفقا للسيد فإن "المناهج الدراسية طبعت قبل أربعة أشهر ووزعت بين المخازن الفرعية والمدارس".

 

الطلبة يتزاحمون أمام مكاتب الاستنساخ

يتزاحم عدد من الطلبة أمام مكتبة صغيرة قرب إحدى المدارس في بغداد، وفي وسطهم يقف ذو الفقار مرتضى، طالب الصف السادس الإعدادي، حاملا أوراقاً مطبوعة بدلاً من كتاب مدرسي، بينما عيناه تكشفان عن قلق يتزايد منذ أكثر من أسبوعين. إذ لم يبدأ مع زملائه دراسة مادة اللغة الإنكليزية إلا عبر نسخ مستعارة منسوخة عن ملفات "بي دي اف".

يقول ذو الفقار في حديث صحفي: "كل يوم تأخير يزيد مخاوفنا. كنا نتوقع أن نبدأ مع اللغة الانكليزية منذ اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، لكننا تأخرنا في المذاكرة بسبب عدم توفر المناهج، رغم ان هذه المادة الدراسية أساسية، يعتمد عليها المعدل لدخول المجموعة الطبية أو الهندسية".

المشهد يتكرر مع الطالب حيدر محمد، الذي يتساءل: "كيف لمادة أساسية مثل الإنكليزية يتم تأخير تجهيزها للطلبة رغم مرور أسبوعين على العام الدراسي؟".

الارتباك لم يثقل كاهل الطلبة وحدهم، بل انعكس على أسرهم أيضاً. إذ يقول عبد علي حسين، أحد أولياء الأمور، أن "وزارة التربية سحبت يدها من تجهيز المستلزمات الدراسية، من التبريد إلى السبورات وحتى المقاعد، والآن يضاف إلى ذلك عدم تجهيز المناهج الدراسية كاملة"، في إشارة إلى عبء مادي إضافي يتكبده الأهالي بعد الدورات الخصوصية التي دفعوا تكاليفها في العطلة الصيفية.

 

تحديث مفاجئ للمنهج

ما فاجأ طلبة السادس الإعدادي وأربكهم هذا العام، هو وجود تعديلات طارئة على منهج اللغة الانكليزية.

وعن ذلك يقول مدرس اللغة الإنكليزية ميثم الغزي أن "المدارس لم تتسلم سوى الوحدتين الأوليتين من المنهج الجديد بصيغة (PDF).

فقد زوّد الطلبة بهما مؤقتاً ليقوموا بطباعتهما بأنفسهم"، موضحاً في حديث صحفي أن "التعديل في منهج الانكليزية جاء بعد استهلاك بعض القطع والتمارين سنوياً، ما استدعى تحديثاً جزئياً للمحتوى".

هذه التغييرات المفاجئة سرعان ما وصلت إلى قبة البرلمان. حيث وجّه النائب حميد كاظم الزاملي كتاباً رسمياً إلى وزير التربية أعرب فيه عن استغرابه من تعديل مادة أساسية في بداية العام الدراسي، محذراً من أن "أغلب الطلبة استعدوا للمنهج القديم خلال العطلة الصيفية"، وداعياً إلى تأجيل تطبيق التعديلات إلى العام المقبل بعد استكمال النسخ المنقحة.

في المقابل، أوضح الناطق باسم الوزارة كريم السيد أن "التعديل شمل مادة الإنكليزية فقط. فيما خضعت بقية المواد إلى تنقيح وتصحيح بنسبة 30 في المائة، وأُضيفت مادة التربية الأخلاقية ومادة عن جرائم حزب البعث ضمن المناهج الدراسية".

وحسب مراقبين للشأن التعليمي، فإن أزمة الكتب سببها ضعف إدارة ملف الطباعة والتوزيع داخل وزارة التربية، فضلاً عن شبهات فساد مستمرة منذ سنوات، مشيرين في حديث صحفي إلى انه "رغم رصد مبالغ ضخمة مخصصة لطباعة المناهج وتجهيزها، إلا ان غياب الرقابة واستحواذ بعض المتنفذين على العقود، جعلت الكتب لا تصل في وقتها أو تصل بجودة متدنية".

وبين تطمينات الوزارة وانتقادات البرلمان وشكاوى أولياء الأمور، يبقى الطلبة الحلقة الأضعف، يواجهون عاما دراسيا مرتبكا منذ بدايته، محملا بالأسئلة والخوف من ضياع مزيد من الوقت قبل أن تستقر العملية التعليمية.