تتواصل الاحتجاجات الشعبية في عدة محافظات، في مشهد يعكس عمق الأزمات المعيشية والخدمية التي يعاني منها المواطنون.
من شح المياه وارتفاع نسبة الملوحة، مرورًا بالقرارات الحكومية التي تهدّد أرزاق شريحة واسعة من العاملين، وصولاً إلى نزاعات عقارية بين الأهالي والوقف الشيعي.
احتجاجات الفلاحين والمزارعين
تظاهر المئات من الفلاحين والمزارعين في محافظات النجف والديوانية والسماوة وكربلاء، صباح أمس السبت 4 تشرين الأول، عند مفرق غماس، احتجاجًا على الأضرار التي لحقت بهم جرّاء شح المياه، مطالبين بتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها، نتيجة عدم قدرتهم على زراعة أراضيهم.
ورفع المحتجون لافتات تؤكد ضرورة وضع سياسات مائية وزراعية تتناسب مع التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي، مشددين على أهمية دعم الفلاحين وتعويضهم، لضمان عدم هجرتهم لأراضيهم بسبب الأزمات المتكررة.
ملوحة المياه تهدد الحياة
أغلق متظاهرون في قضاء الدير بمحافظة البصرة، الطريق الرئيس الرابط بين بغداد والبصرة، احتجاجاً على أزمة المياه وارتفاع نسبة الملوحة فيها.
ويأتي هذا التحرك بعد قرار الحراك الشعبي في الدير ونواحي النشوة والشافي والمصطفى استئناف الاعتصام المفتوح ونصب الخيام مجدداً، بهدف الضغط على الجهات المعنية لإيجاد حلول جذرية لمشكلة ملوحة المياه التي تفاقمت بشكل لافت.
وقال قائد حراك الدير، الشيخ مثنى الربيعي: "أمام الأوضاع القاسية التي يعيشها الأهالي نتيجة شح المياه وارتفاع نسبة الملوحة، نؤكد موقفنا الثابت بضرورة إيجاد معالجات عاجلة لهذه الكارثة الإنسانية التي باتت تهدد حياة الناس وكرامتهم بشكل يومي".
وطالب الربيعي الحكومة المركزية والمحلية والدوائر المختصة بمد أنبوب إسعافي من قضاء القرنة أو عبر المشروع الياباني، محذراً من أن استمرار المماطلة سيدفع الحراك إلى توسيع خطواته التصعيدية بشكل سلمي.
وختم قائلاً ان "قضية الماء بالنسبة لنا ليست مطلباً خدمياً عادياً، بل مسألة حياة أو موت، ولن نتنازل عن حقوقنا حتى تحقيقها بالكامل".
سائقو الكوسترات في كركوك
وتظاهر العشرات من سائقي سيارات الأجرة من نوع "كوستر" في كركوك، يوم الخميس، أمام مبنى المحافظة، احتجاجاً على قرار يلزمهم بتحويل لوحات مركباتهم من "أجرة" إلى "حمل"، واصفين القرار بأنه تهديد لمصدر رزقهم الوحيد.
وقال أحد المحتجين، أحمد عبد الجبار، إن القرار "غير منصف، فنحن نعمل منذ سنوات في نقل الركاب داخل المدينة وبين الأقضية، وفجأة يُجبرنا على تغيير صنف السيارة، ما يعني حرماننا من ممارسة عملنا".
وأضاف عبد القادر جمال، أن "الكثير من العائلات تعتاش على هذه الكوسترات، وإذا تم تحويلها إلى حمل سنواجه مشاكل مالية كبيرة بسبب القروض والالتزامات".
وأشار المحتجون إلى أنهم رفعوا شكاوى للجهات المعنية، مطالبين بإلغاء القرار أو إيجاد حلول بديلة تراعي أوضاعهم الاقتصادية، محذرين من استمرار التظاهرات في حال لم يتم الاستجابة لمطالبهم.
من جهته، أكد مصدر في دائرة المرور بكركوك أن الإجراءات "ليست اجتهاداً محلياً وإنما تعليمات حكومية ملزمة، ودوائر المرور مجبرة على تطبيقها ضمن تنظيم عمل المركبات وإزالة التجاوزات والفوضى"، مشدداً على أن أي تعديل أو استثناء هو من صلاحيات الجهات العليا.
أهالي قرية إمام زين العابدين
وأطلق أهالي قرية إمام زين العابدين في قضاء داقوق، مناشدات للحكومة المركزية للتدخل وإيقاف الإجراءات القانونية التي يتخذها الوقف الشيعي بحقهم، بعد رفع دعاوى قضائية تطالبهم بدفع بدلات إيجار وإزالة ما وصف بالتجاوز على الأراضي العائدة للوقف.
وأكد الأهالي أنهم يقطنون المنطقة منذ مئات السنين بجوار مقام الإمام زين العابدين، مطالبين بتمليك منازلهم، التي لا تزال أغلبها مبنية من الطين، وسط وجود أكثر من 50 دعوى قضائية مرفوعة ضدهم.
وقال المحامي حيدر حسين، أحد سكان القرية: "نحن نسكن بجوار مقام الإمام منذ مئات السنين، لكننا اليوم نتفاجأ بمطالبتنا بدفع بدلات إيجار وكأننا غرباء.
نطالب بإيقاف جميع الإجراءات القانونية وتمليك منازلنا، خاصة أن أغلب الأبنية ما زالت مبنية من الطين". وأضاف: "أنا شخصياً ولدت وعشت هنا منذ طفولتي حتى بلوغي 40 عاماً، واليوم يطالبونني بمغادرة القرية أو دفع الإيجار".
وأكد الأهالي، أن استمرار هذه الإجراءات يهدد استقرارهم ويجعلهم عرضة لفقدان مساكنهم التاريخية، مطالبين بحل عاجل من الحكومة لتفادي أزمة إنسانية كبيرة.