الصفحة الأولى
صراع الهوية والحريات.. لا لوصاية القوى المتنفذة على المجتمع واستغلال الدين لأغراض سياسية
بغداد - طريق الشعب
لم تدّخر القوى المتنفذة المسؤولة عن خراب البلاد، جهداً في السعي لفرض وصايتها على الفضاء العام والتضييق على الحريات، من بغداد والحلة وكربلاء وصولا الى الناصرية والبصرة مؤخراً.
فقد شهدت هذه المدن موجات متكررة من الانتقاد والملاحقة والتهجم على الحفلات الغنائية والفعاليات الاجتماعية والثقافية، في إطار توظيف الخطاب الديني لإقصاء الآخر وتحجيم الحريات الفردية.
ويقدم الرأي العام تفسيرات متعددة لسبب حماسة القوى الدينية ضد الأنشطة العامة هذه الأيام، حيث يرجح طيف منها محاولة هذه الجهات اصطناع استقطاب اجتماعي جديد، في لحظة سياسية مأزومة بفعل نتائج الانتخابات. بينما عبّر آخرون عن مخاوف جدية من استمرار تأويل الفقرات الضامنة للحريات في الدستور العراقي.
وقبل يومين قدّم المحامي ضرغام البعاج إخباراً إلى محكمة تحقيق البصرة، طالب فيه بإيقاف حفل غنائي، يعتزم الفنان محمد عبد الجبار إقامته هناك قبل نهاية الشهر الجاري.
وطبقاً للإخبار فإنه "بتاريخ 27 تشرين الثاني تُقام حفلة ماجنة و(غناء ورقص) في منتزه (البصرة لاند) بحضور المطرب محمد عبد الجبار، وان مثل هكذا حفلات تسيء للمبادئ والشعائر الحسينية، وتورث ضغائن طائفية لا نعرف من يكون خلفها".
وأضاف أن "هذه الحفلة تشكل فعلا اجراميا يتناسب مع خرق الآداب والذوق العام، وكذلك تشكل جريمة وفق أحكام المادة 373 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969"، مطالبا محكمة تحقيق البصرة بتدوين أقواله بهذا الصدد.
وكانت محافظة ذي قار قد شهدت، قبل أيام، جدلاً حول الفعاليات الفنية، وتحديدا حفل الفنان محمد عبد الجبار وعدد من الفنانين، ضمن فعالية ترويجية لمشروع استثماري، رغم تأكيد اقتصار الحفل على اغان وطنية.
افلاس سياسي واجتماعي
وللحديث اكثر، قال الأكاديمي وائل منذر إن هذا الذي تشهده مدن العراق، يعكس محاولة واضحة من بعض قوى الاسلام السياسي لفرض وصاية على المجتمع، وتكريس لون واحد من التفكير والسلوك، رغم تعددية المجتمع وتنوع بناه الثقافية والمدنية.
وأضاف وائل في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هذه القوى “تتعامل مع المجتمع بوصفه كتلة ذات لون واحد، وتعتبر نفسها صاحبة الحقيقة المطلقة، وتسعى إلى فرض رؤاها على الجميع، في إطار مشروع أوسع يهدف إلى تأطير المجتمع ومنع أي مظاهر أو أنشطة تُعبّر عن رأي مختلف”.
ونبّه الى أن ما يحدث يمثل “مسعىً لفرض أمر واقع بالقوة الاجتماعية لا بالقانون، رغم أن الحفلات والفعاليات والمهرجانات تُقام بعد الحصول على موافقات رسمية من الجهات المعنية، سواء وزارة الثقافة أو الحكومات المحلية".
وتابع أن القوى المذكورة “لا تكتفي بمحاولة فرض وصايتها على المجتمع، بل تتجاوز ذلك إلى محاولة فرض إرادتها على الدولة نفسها، عبر رفضها الالتزام بالقواعد القانونية التي تمنح التراخيص وتكفل الحريات”.
واعتبر أن هذا النهج جزء من “خطوات منهجية تسعى لإضفاء صبغة أحادية على المجتمع، وإقصاء أيّ أصوات أو أنشطة لا تتوافق مع توجهاتها الدينية أو السياسية”.
وفي ما يتعلق بدور الدولة، شدد منذر على أن "مؤسسات الدولة، مطالبة بالتصدي لهذه المحاولات، خاصة أن بعض الحملات تتضمن تهديدات مبطنة، وأخرى صريحة باستخدام العنف، ضد القائمين على الأنشطة الثقافية والاجتماعية”.
وأوضح أن “التهديد يُعد جريمة وفق القانون، ويجب على الادعاء العام والجهات الأمنية تحريك دعاوى ضد مطلقي مثل هذه التهديدات”، معتبراً أن التهاون في ذلك “يفتح الباب أمام فوضى مجتمعية، وتوسّع في تطبيق القانون خارج إطار الدولة”.
وعما اذا كان هذا التوجه يعبر عن افلاس سياسي، اكد أن "جزءاً كبيراً من هذه الحملات يحمل دافعاً سياسياً واضحاً، يتمثل في محاولة بعض القوى إثبات حضورها وقوتها في مواجهة الدولة ورؤى المجتمع المتعدد، وفرض رأي واحد باعتباره الرأي المهيمن”.
وحذّر من أن تجاهل الدولة لهذه الممارسات “سيؤدي إلى تشجيع جهات اخرى، وتكرارها مع أي نشاط لا ينسجم مع توجهات هذه الجهات، ما ينقل المجتمع من إطار الدولة إلى اللادولة، ويعود به إلى ما قبل نشوء الدولة الحديثة”.
واختتم منذر بالقول إن العودة إلى منطق “القوى التي تأخذ تطبيق القانون بيدها” في القرن الحادي والعشرين “يشكل تراجعاً خطيراً"، محذرًا من ان "السماح بتكريس هذا النهج يقوّض سلطة القانون، ويفتح الباب أمام نزاعات وفوضى".
يذكر أن محافظة كربلاء شهدت عام 2019 جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والسياسية العراقية، بعدما تم افتتاح بطولة غرب آسيا، التي أقيمت على ملعب كربلاء الدولي، بعزف فتاة النشيد الوطني العراقي على آلة الكمان، فضلاً عن رقص بعض السيدات خلال الحفل.
وأثار الحفل حينها حفيظة مؤسسات دينية، منها ديوان الوقف الشيعي الذي رفع دعوى قضائية على اتحاد كرة القدم، بسبب تنظيمه الحفل الذي رآه مخالفاً لضوابط وخصوصية المدن المقدسة والأخلاق والآداب العامة.
وبداعي "القدسية" ايضا، أثار مهرجان بابل الدولي للثقافات والفنون عام 2021 الجدل، ما أدى إلى إلغاء الفعاليات الغنائية بناءً على "دعاوى من طلبة علوم دينية وشخصيات اجتماعية"، بدعوى الحفاظ على "قدسية" المحافظة، ما أشعل حينها اعتراضات فنية وثقافية على إلغاء الفقرات الغنائية من المهرجان.
محاولة فرض نمط اجتماعي واحد
من جهته، قال الناشط السياسي منتظر محمد إن أزمة الحفل أخيرا في ذي قار، ليست سوى انعكاس لصراع أعمق حول هوية المحافظة، ومحاولة بعض القوى السياسية إعادة تشكيل صورتها بما يتعارض مع تاريخها الثقافي والمدني.
وأضاف محمد في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن “ذي قار، التي عُرفت عبر عقود بأنها مدينة الحضارة والفن والتمرّد وفضاء التنوع، تواجه هي أيضا مسعى واضحاً من بعض جهات الاسلام السياسي، لتحويلها إلى بيئة منغلقة تُقيَّد فيها الحريات، ويُفرض عليها نمط اجتماعي واحد، لا ينسجم مع تاريخها ولا مع نسيجها الاجتماعي الواسع”.
وتابع أن “الاعتراضات التي خرجت ضد الحفل تحت عناوين مكافحة الفساد أو صون الأخلاق، ليست إلا جزءاً من خطاب ممنهج، يهدف إلى تضييق الفضاء المدني. في حين أن الكثير من تلك الجهات تفتقر إلى المصداقية في أطروحاتها، خاصة وأنها لم تقدّم خلال السنوات الماضية، نموذجاً يُحتذى في حماية القيم أو مكافحة الفساد”.
وأشار إلى أن ذي قار “مدينة غنية بتنوعها الفكري والديني والسياسي، وتضم أطيافًا متعددة من الانتماءات والاتجاهات، وهو ما منحها خصوصيتها المميزة عبر السنوات”، مؤكّداً أن “محاولة فرض وصاية سياسية أو دينية على المجتمع تمثل تجاوزاً على إرادة الناس، واعتداءً على حقهم في الاختلاف، وفي ممارسة حياتهم اليومية دون تقييد غير مبرر”.
ويرى الناشط السياسي أن هذه الاحتكاكات تعكس “صراعاً متجدداً بين رؤيتين: الأولى تسعى لتكريس المدنية والحريات الفردية، والثانية تعمل على إعادة إنتاج أنماط قديمة من السيطرة والتحكم الاجتماعي، مستندة إلى خطاب ديني مؤطّر سياسياً”.
وخلص محمد الى تأكيد أن أبناء ذي قار “أثبتوا مراراً أنهم قادرون على الدفاع عن مدينتهم، وأنهم لن يسمحوا لأي جهة بفرض وصاية على حياتهم”، داعياً القوى السياسية إلى “احترام إرادة المجتمع، والابتعاد عن استخدام الدين كأداة سياسية، والتركيز بدلاً من ذلك على تقديم حلول حقيقية لمشكلات المحافظة".
ابتزاز سياسي تحت غطاء ديني
من جانبه، أكد الناشط المدني صادق السهل أن الأحداث الأخيرة تكشف عن بُعدين أساسيين، يقفان خلف محاولات منع الفعاليات المدنية والفنية في المحافظة، مشيراً إلى أن الأمر لم يعد مجرد اعتراض ديني، بقدر ما تحوّل إلى أداة سياسية تسعى بعض الجهات إلى توظيفها لكسب التعاطف الشعبي.
وقال السهل في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “بعض الأحزاب ذات الطابع الإسلامي دأبت على إثارة حملات ضد الحفلات والأنشطة المدنية في المحافظات الجنوبية، ولاحظنا ذلك أيضا في بغداد والحلة والبصرة وغيرها، في إطار محاولة منهجية لبناء رصيد سياسي، عبر رسائل دينية موجّهة”.
وأشار إلى وجود “مؤشرات على ممارسة ابتزاز تجاه بعض رجال الأعمال في الناصرية، بينها مطالب مالية ووحدات سكنية لصالح أحد الأحزاب”، لافتاً إلى أن هذه الجهات انتقلت إلى استثمار الخطاب الديني، بعدما فشلت محاولاتها المالية في تحقيق أهدافها.
وواصل القول أن البعد الثاني يتمثل في “الاستهداف المباشر للحريات الفردية ومحاولة الالتفاف على الدستور عبر الاستناد الانتقائي إلى المادة الثانية، مع تجاهل المواد اللاحقة التي تكفل حقوق الجميع بما لا يتعارض مع حقوق الإنسان”، مؤكداً أن العراق ملتزم أيضاً بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهو ما يجعل هذه الممارسات “تجاوزاً صريحاً للضمانات القانونية والدستورية”.
وأوضح السهل أن ما يجري ليس جديداً، إذ اعتادت بعض القوى السياسية توظيف الخطاب الديني لتقليص هامش الحريات المدنية، لكن ما يميز موقف الناصرية هذه المرة هو “الرفض الشعبي الواسع”، حيث أظهر الأهالي تفاعلًا لافتًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وشكّلوا حملة مضادة واضحة لم تشهدها محافظات أخرى بالزخم ذاته.
وبيّن أن هذا الرفض اتخذ أشكالًا مختلفة، من التفاعل الإعلامي إلى الاستعداد للنزول إلى الشارع عند الحاجة، مشيراً إلى أن هذا النمط من النشاط أصبح “سلوكاً ثابتاً"، لدى الشباب، في مواجهة القرارات والتوجهات التي تُعد جائرة أو مقيّدة للحريات.
وختم السهل حديثه بالإشارة إلى أن التفاعل الشعبي، يعكس رغبة واضحة لدى الأهالي بالمشاركة في الفعاليات المدنية، مستشهدًا بالنفاد السريع لتذاكر إحدى المناسبات، خلال أقل من ساعة، وهو ما اعتبره “رسالة بليغة” حول توجهات الشارع، ورغبته في حماية فضائه المدني".
******************************************
راصد الطريق.. لعد وين صارت توجيهات الحكومة؟
في نهاية الشهر الماضي، وجّه رئيس الوزراء الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات لتبسيط آليات الإقراض السكني للموظفين، ضمن مساعي توسيع فرص تملّك السكن، ودعم الطبقات المتوسطة وذوي الدخل المحدود، وفقاً لبيان من المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء.
وحسب البيان أعد المقترح فريق من ممثلي مكتب رئيس الوزراء، والبنك المركزي، وديوان التأمين، والمصارف الحكومية والخاصة. وان المقترح يهدف إلى تسهيل حصول الموظفين على القروض السكنية، عبر إلغاء شرط الكفيل للموظف الموطّن راتبه لدى أحد المصارف، واستبداله بخيار وثيقة تأمين ضد التعثر في السداد، تغطي كامل مدة القرض ومبلغه.
ولكن لم تمر أيام حتى أطلق المصرف العقاري مبادرة للإقراض الخاص بشراء الوحدات السكنية. والمفارقة هنا أن المصرف شدّد على ضرورة جلب كفيل مدني، يغطي راتبه ضعف القسط الشهري للراغبين في الحصول على القرض.
وهنا تبرز الإشكالية الجوهرية: فما دامت الحكومة قد أعلنت عن تبسيط إجراءات الإقراض، وإلغاء شرط الكفيل عبر آلية التأمين، فلماذا تشدد المصرف العقاري وتمسكه بشرط الكفيل؟
هل ان المصارف الحكومية تعمل بمعزل عن توجهات الحكومة وقراراتها؟
أم أن ما يُعلن إعلامياً شيء، وما يُطبَّق بالفعل داخل المؤسسات المالية شيء آخر؟
*************************************
الصفحة الثانية
العمل تؤكد: لا إحصائيات دقيقة.. للعمالة الأجنبية غير الشرعية وأعداد المسجلين 47 الفا
بغداد ـ طريق الشعب
كشف المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حسن خوّام، عن دخول 47 ألف عامل أجنبي إلى العراق بطرق رسمية وفق الأطر القانونية المعمول بها، مؤكداً أن جميعهم يمتلكون إجازات عمل معتمدة.
وأضاف خوّام، أن موضوع العمالة الأجنبية غير الشرعية لا تملك أي جهة إحصائية دقيقة بشأن أعدادها، موضحاً أن الكثير من هؤلاء الوافدين يدخلون البلاد بصفة سائح مستفيدين من سمة الدخول التي تُمنح لمدة 30 يوماً، ثم يتسللون لاحقاً إلى مواقع العمل.
وأشار المتحدث إلى أن بعض أصحاب العمل يتسترون على العمالة المخالفة، ما يصعّب إصدار رقم دقيق للعمالة غير الشرعية.
وبيّن أن فرق التفتيش في وزارة العمل تبلغ الجهات المعنية فور اكتشاف أي عمالة غير قانونية داخل مواقع العمل، ليتم ترحيل العمال المخالفين، فيما يُحال صاحب العمل إلى محكمة العمل لمحاسبته قانونياً على التستر.
*********************************
بين الأراضي السكنية وقيود الإعمار احتجاجات في البصرة والموصل.. مطالب خدمية وحقوق مؤجلة
بغداد _ طريق الشعب
شهدت محافظتا البصرة ونينوى، موجة جديدة من الاحتجاجات المرتبطة بالحقوق السكنية والخدمية، حيث تصاعد غضب منتسبي وزارة الدفاع في البصرة بعد تقليص مساحات الأراضي المخصصة لهم في مقاطعة الشهيد وسام، مقابل احتجاجات في الموصل طالب خلالها سكان حاوي الكنيسة بالسماح بالبناء ورفع القيود المفروضة على إعمار منازلهم.
وتأتي هذه التحركات وسط اتهامات بالتمييز، وغياب واضح للتخطيط العمراني والخدمات، ما يعكس اتساع الفجوة بين القرارات الحكومية واحتياجات المواطنين اليومية
احتجاجات في البصرة
ونظم المئات من منتسبي وزارة الدفاع في البصرة، وقفة احتجاجية، أمام مبنى ديوان المحافظة، للمطالبة بإفراز قطع الأراضي لمقاطعة الشهيد وسام والتي خصصت لهم.
وقال ممثل المنتسبين المحتجين خالد محمود، إن "مقاطعة الشهيد وسام كانت مخصّصة بالكامل لمنتسبي الدفاع، ووعدنا محافظ البصرة بإنهاء الملف وإكمال جميع خدمات البنى التحتية، وقد شمل التوزيع في البداية أكثر من 16 ألف منتسب، وكانت القطع مخصصة للجميع دون استثناء".
وأضاف "إننا فوجئنا لاحقاً بإبلاغنا بأن 7 آلاف قطعة فقط تم تثبيتها لنا، فيما جرى تسليم باقي الأراضي إلى مستثمر لتحويلها إلى معرض البصرة الدولي، رغم أن منتسبي الدفاع هم المدافعون عن الوطن وقدّموا ضحايا وشهداء وجرحى، وهذا الحق هو أقل ما يمكن منحه لهم".
وأكد أن "الاعتصام سيبقى مفتوحاً أمام مبنى الديوان لحين إنهاء الملف وشمول جميع المنتسبين بالتوزيع"، محذراً من "خطوات تصعيدية في حال استمرار إهمال مطالبهم".
كما أكد محتجون، أن هذه القطع تم تخصيصها بأمر من القائد العام للقوات المسلحة، مشيرين إلى ان المساحة المستهدفة بعد التخطيط هي 1500 دونم فقط أي ما يعادل 7000 قطعة أرض سكنية، في حين أن المساحة المثبتة حسب الكشوفات الصادرة من قبل وزارة الدفاع ومحافظة البصرة تبلغ 2749 دونما، مطالبين المحافظ بالتحرك لحل هذا الأمر، مؤكدين في الوقت ذاته رفضهم لتقليص مساحة الأرض المخصصة لهم.
وقال مراسل "طريق الشعب"، أن عددا من المحتجين دخلوا إلى باحة ديوان المحافظة وعبروا من خلال أهازيج بمطالبهم التي وصفوها بالمشروعة.
وكان محافظ البصرة أسعد العيداني، أكد خلال لقائه مجموعة من منتسبي وزارة الدفاع مطلع الشهر الجاري، استكمال جميع الإجراءات الإدارية والفنيةِ الخاصة بمقاطعة الشهيد وسام، مشيراً إلى أن توزيع قطع الأراضي في المقاطعة سيبدأ بعد الانتخابات بأيام قليلة.
.. في الموصل ضد قيود البناء
فيما نظم سكان حاوي الكنيسة في أيمن الموصل، وقفة احتجاجية طالبوا خلالها بفتح بناء الدور السكنية في المنطقة، مؤكدين معاناتهم من غياب الخدمات الأساسية مثل المدارس وشبكات الماء والمجاري.
وقال عدد من المشاركين في الوقفة، إن منع البناء يسري على المواطنين فقط، بينما لا يسري على من يمتلك معارف.
من جانبه، ردّ محمد أحنيد، مدير قطاع الربيع في بلدية الموصل، قائلاً إن كتاباً ورد من محافظة نينوى طلب بيان الرأي بخصوص البناء في منطقة حاوي الكنيسة، مبيناً أن المنطقة تنقسم إلى جزأين الأول سكني ومفتوح للبناء ولا يوجد عليه منع، أما الثاني فهو مصنف استعمالات خضراء ترفيهية، ولا يسمح بالبناء فيه إلا لأغراض سياحية محددة وفق الضوابط القانونية.
وأضاف أن نحو 1500 دار سكني في الجزء المحاذي لمنطقة تموز شُيّدت قبل العام 2014 وتخضع حالياً لإجراءات وفق قرار 320، أما الجزء غير المبني فهو خارج نطاق الاستعمال السكني ولا يمكن منح موافقات بناء فيه.
وأشار أحنيد، إلى أن البلدية تعدّ الأبنية المقامة في هذا الجزء تجاوزاً على الاستعمالات المقررة، مضيفاً أن منح الإجازات يخضع للتصنيف العمراني ولا يمكن تجاوزه إلا بتشريع أو قرار رسمي جديد.
************************************
وسط هشاشة مالية وتراجع تصنيفي تحذيرات دولية ومحلية من تفاقم الأزمة الاقتصادية في العراق
بغداد ـ طريق الشعب
أبقت وكالة موديز للتصنيف الائتماني على تقييم العراق طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية عند Caa1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، لكنها في المقابل حذّرت من تحديات بنيوية خطيرة تواجه الاقتصاد العراقي، يأتي في مقدمتها ضعف المؤسسات والحوكمة والاعتماد شبه الكامل للمالية العامة على عائدات النفط.
وفي تقريرها المفصّل، أوضحت موديز أن ما يقرب من تسعين في المئة من إيرادات الحكومة يأتي من قطاع الهيدروكربون، الأمر الذي يجعل البلاد أكثر عرضة لتقلبات أسعار النفط، ولا سيما مع التوقعات التي تشير إلى انخفاض الأسعار خلال عامي 2026 و2027 مقارنة بالمستويات المسجلة بين 2023 و2025، وهو ما يمثل ضغطاً إضافياً على الموازنة وقدرة الدولة على تمويل نفقاتها.
عوامل سياسية متداخلة
وتربط الوكالة هذه التحديات بعوامل سياسية متداخلة، إذ ترى أن المشهد السياسي المتجه نحو التشرذم بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2025 قد يعيد سيناريو التأخير في تشكيل الحكومة وإقرار الموازنة كما حصل بعد انتخابات 2021، في وقت تنتهي فيه الموازنة الثلاثية الحالية بنهاية 2025، ما يضع البلاد أمام احتمال فراغ مالي إذا لم يُحسم الاتفاق السياسي مبكراً. كما تتوقع موديز أن يصل العجز المالي إلى 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، قبل أن يتسع إلى نحو 9% خلال عامي 2026 و2027، نتيجة تراجع أسعار النفط وارتفاع النفقات الحكومية. وتضيف الوكالة أن الدين الحكومي مرشح لتجاوز حاجز 60% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2026، مشيرةً إلى أن الاقتصاد، بعد انكماشه في 2024، سيشهد نمواً متواضعاً في 2025 قبل أن يتسارع إلى 4% في 2026 مع تعافي الإنتاج النفطي.
ورغم الصورة القاتمة، تعتمد النظرة المستقبلية المستقرة للعراق على جملة من العوامل المساندة، يأتي في مقدمتها أن تركيبة الدين الحكومي تميل إلى الكلف المنخفضة، إلى جانب امتلاك البنك المركزي احتياطيات قوية من النقد الأجنبي تمنحه قدرة أكبر على امتصاص الصدمات.
كما أن حجم الدين الخارجي الفعلي يبقى محدوداً، إذ إن الجزء الأكبر من الديون المتأخرة يعود لبلدان خارج نادي باريس ولا يجري تسديده حالياً، وهو ما يقلص مخاطر السيولة على المدى القريب رغم الاحتياجات التمويلية المتزايدة.
وتشير موديز كذلك إلى أن تقييم العراق ضمن مؤشر البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) يقع عند مستوى منخفض جداً يعكس التعرض العالي للمخاطر البيئية والاجتماعية والضعف المؤسسي العميق الذي يسهم في خفض التصنيف الائتماني.
جرس انذار داخلي
وفي موازاة التحذيرات الدولية، أطلق الخبير الاقتصادي منار العبيدي جرس إنذار داخلياً، محذراً مما سمّاه "الوهم الاقتصادي" الذي يروّج لفكرة أن العراق قادر على تجاوز أزماته المالية تلقائياً أو من خلال حلول شكلية لا تمس أصل المشكلة.
ويؤكد العبيدي أن البلاد تتجه نحو "صعقة اقتصادية ومالية قريبة" ستفرض واقعاً لم يُستعد له بعد، بينما يواصل أصحاب القرار اتباع سياسات تقوم على التأجيل وتخفيف الصدمات عبر إجراءات قصيرة الأمد لا تعالج الخلل البنيوي.
ويرى العبيدي أن صانع القرار المقبل سيكون أمام مفترق طرق؛ فإما مواجهة الحقيقة عبر عمليات إصلاح جذرية تشمل إعادة هيكلة الإنفاق العام وتخفيض الالتزامات التشغيلية وإصلاح منظومة الدعم، وهي خطوات مؤلمة لكنها ضرورية، وإما اللجوء مجدداً إلى تأجيل الأزمة من خلال إصدار نقدي إضافي أو زيادة الاستدانة، وهي حلول تزيد المشكلة تعقيداً وترحّلها لسنوات مقبلة.
تأجيل وتهدئة
ويشير العبيدي إلى أن الحكومة المقبلة تبدو حتى الآن متجهة نحو نهج التأجيل والتهدئة الإعلامية، مقدمةً صورة وردية لا تعكس الواقع الاقتصادي. كما يلفت إلى أن من ينتقد هذا المسار يُتهم مباشرة بالسلبية أو التضخيم، بينما الحقيقة أن الاقتصاد لا يُصلح بالإنكار. ويوضح أن الأزمة في العراق ليست مرتبطة حصراً بملف الرواتب كما يعتقد البعض، بل تشمل انهيار المنظومة الصحية وتراجع جودة التعليم وتدهور الأمن المائي والغذائي واستنزاف الموارد المالية دون بناء بدائل اقتصادية حقيقية، في ظل اعتماد المجتمع شبه الكامل على الدولة مقابل غياب دور إنتاجي فعّال.
ويختتم العبيدي تحذيراته بالقول إن الاستمرار في سياسة التأجيل والاستدانة وتوسيع الإنفاق الاستهلاكي لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلات ودفعها إلى المستقبل حيث ستعود أكبر وأقسى وأكثر خطورة، مشدداً على أن الحل الحقيقي يكمن في الإصلاح الجاد والعميق مهما كانت كلفته، لأن الاستدامة الاقتصادية لا تتحقق عبر الشعبية بل عبر القرارات الصعبة التي تؤسس لمستقبل أفضل.
***********************************
الصفحة الثالثة
من بين 150 قانوناً لم يُصوَّت عليها الحرائق تتمدد.. غياب التشريعات يترك العراقيين فريسة الأبنية المخالِفة
بغداد - محمد التميمي
في بلد تتكدس فيه الأبنية المخالفة، وتتحول فيه المناطق السكنية إلى مستودعات وقنابل موقوتة، تبدو منظومة السلامة العامة في العراق رهينة فراغ تشريعي قاتل رغم ما قد اتخذ من اجراءات للحد من الحرائق.
وبينما تتصاعد الحرائق وتتمدّد أخطارها في المدن، يقف الدفاع المدني مكبَّل اليدين بلا صلاحيات كافية، فيما تعطّل البرلمان لأكثر من نصف عام، تاركاً خلفه أكثر من 150 مشروع قانون معلّقاً، بينها قوانين تمسّ حياة الناس وسلامتهم بشكل مباشر.
قوانين عتيقة وخلافات تودي بحياة الناس
معنيون اكدوا ان غياب الإرادة التشريعية، وتراجع حسّ المسؤولية لدى بعض النواب في الدورة النيابية الخامسة، وتحويل الخلافات السياسية إلى بوابة لتعطيل الدولة، كلها عوامل دفعت البلاد إلى مواجهة الأخطار بقرارات منقوصة وقوانين عتيقة لا تردع مخالفاً ولا تمنع كارثة.
وفي ظل هذا الجمود، تتكرر مشاهد الحرائق التي تُخلي الأحياء السكنية من نومها الآمن، بينما القوانين التي من المفترض أن تمنعها لا تزال أسيرة “قراءة أولى وثانية” بلا تصويت، وبلا أفق واضح.
بدون صلاحيات!
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم مديرية الدفاع المدني نؤاس صباح إن “نسبة الحرائق في البلاد انخفضت خلال عام 2025 بنحو 58 في المائة، وذلك بعد اتخاذ سلسلة من الإجراءات بحق المخالفين لمعايير وإجراءات السلامة”.
وجدد صباح في حديثه لـ"طريق الشعب"، المطالبة "بتعديل قانون الدفاع المدني رقم 44 لسنة 2013، بما يمنح صلاحيات أوسع للجان الدفاع المدني في المحافظات لغلق المشاريع المخالِفة لإجراءات السلامة"، مشيراً إلى أن القانون النافذ “يمنح صلاحية الغلق للمحافظين فقط ولمدة لا تتجاوز 15 يوماً، وهي مدة غير كافية إطلاقاً لوقف الخطر أو إزالة مسبباته”.
وبيّن صباح أن المديرية تطمح من خلال التعديل الجديد إلى “منح الدفاع المدني صلاحية غلق المشروع بشكل كامل، وعدم السماح بإعادة افتتاحه إلا بعد استيفاء جميع شروط السلامة ومتطلبات الحماية”.
وأوضح بالقول: “اليوم، عندما نغلق مولاً مخالفاً لمدة 15 يوماً، فإنه يعاود نشاطه في اليوم السادس عشر فيما تبقى المخالفات على حالها، وهذا لا يحدّ من الخطر الذي يهدد حياة المواطنين”.
وفي ختام حديثه، أكد المتحدث أن إقرار هذا القانون “سيُسهم بشكل كبير في خفض نسبة الحرائق”، مبيناً أن غالبية الحوادث المسجلة تعود إلى الإهمال في شروط السلامة".
واستشهد بحادث الطالبية الذي وقع في منطقة لا تتوفر فيها أي إجراءات سلامة، قائلاً إن "الأرض كانت مخالفة، والبناء مخالف، والخزن فوضوي، والمواد المخزنة شديدة الاشتعال، فيما بذل الدفاع المدني جهوداً كبيرة لحماية البيوت السكنية المجاورة من امتداد النيران".
ونبه إلى أن عدداً من المناطق السكنية، مثل الحارثية وجميلة والشورجة، تحولت إلى مخازن ومستودعات وأسواق مكتظة، خلافاً لشروط السلامة، مبينًا أن “شوارع هذه المناطق ضيقة ولا تتسع لعجلات الدفاع المدني، ما يعرقل سرعة الوصول إلى موقع الحادث ويزيد من خطورته”.
ولفت إلى أن "العقوبات الحالية، سواء كانت غرامات أو إجراءات قضائية، لا تعالج جوهر المشكلة، لأن المشروع يستمر بالعمل رغم الخطر”، مؤكداً أن الدفاع المدني يطالب بأن تكون العقوبة موجّهة للمشروع ذاته عبر الغلق التام لحين إزالة المخالفات، وذلك حفاظاً على أرواح المواطنين وتقليل الخسائر وتقليل فرص اندلاع الحرائق.
وفي ما يتعلق بالغرامات، أشار المتحدث إلى أن القانون الحالي “يفرض غرامات تتراوح بين (250) الفاً إلى مليون دينار فقط، وهي غير رادعة”، مبيناً أن البعض “يشيد طوابق مخالفة بألواح السندويچ ويكتفي بدفع الغرامة السنوية، رغم الأرباح الكبيرة التي يجنيها من تأجير المخازن المخالفة”.
وأكد أن مشروع التعديل الجديد يقترح رفع الغرامات إلى 10 ملايين دينار لردع المخالفات والحد من الحرائق.
وعن مسار التشريع، أوضح صباح أن “تعديل قانون الدفاع المدني قُرئ قراءة أولى وثانية في الدورة البرلمانية السابقة لكنه لم يُقرّ”، معرباً عن أمل المديرية بأن تُطرح مسودة القانون مجدداً في الدورة البرلمانية السادسة “لمنح الدفاع المدني الصلاحيات القانونية الكافية لاتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين”.
حزمة قوانين مركونة
من جهته، اكد عضو مجلس النواب السابق محمد عنوز إن تعطّل مجلس النواب لأكثر من ستة أشهر شكّل أحد أبرز أسباب شلل العملية التشريعية في البلاد.
وقال عنوز في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن المجلس “لم يعقد جلسة واحدة طوال هذه المدة، وهو ما أدى إلى تجميد عشرات القوانين المهمة والملحّة، وفي مقدمتها قانون الدفاع المدني، وقانون الصحة النفسية، وقانون حق الحصول على المعلومة”.
وأوضح عنوز أن هذا التعطيل “لم يكن أمراً طارئاً، إذ جاء نتيجة الخلافات السياسية التي شلّت إرادة المجلس، اضافة لعدم فهم النائب دوره ومهمته، وهو ما حال دون عقد جلسة تشريعية واحدة يمكن من خلالها إتمام ما تبقى من جدول الأعمال”.
وتابع أن هذه الحالة “جعلت الدورة البرلمانية الخامسة واحدة من أقل الدورات إنتاجاً منذ 2003، إذ لم تتحقق فيها أبسط متطلبات التشريع والرقابة”.
وأشار إلى أن المجلس “تعطّل فعلياً منذ شهر تموز تقريباً، واستمر التعطيل حتى نهاية الدورة، ما أدى إلى بقاء أكثر من 150 قانوناً من دون تصويت، بعضها يلامس حياة المواطنين اليومية، وبعضها يمثل متطلبات أساسية لإصلاح القطاعات الحيوية.
وشدد عنوز على ضرورة أن “تستوعب الدورة النيابية الجديدة حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وأن يدرك النواب الجدد أهمية دورهم التشريعي، بعيداً عن التجاذبات السياسية التي عطلت المجلس السابق”، داعياً إلى “عدم تكرار مشهد الشلل التشريعي الذي عانى منه المواطن والدولة معاً”.
وبيّن أن جميع القوانين التي قُرئت أو وصلت إلى مرحلة التصويت “سيعاد فتحها من الصفر”، إذ يتطلب الأمر قراءتها قراءة أولى وثانية مجدداً، لأن المجلس الجديد والحكومة الجديدة قد يرغبان أو لا يرغبان بالمضي في تشريعها، وهو ما يعني – بحسب عنوز – أن “الوقت الضائع في الدورة السابقة ستتحمله الدورة التالية، ما لم تُدار العملية التشريعية بمسؤولية أكبر”.
***************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
هل من حكومة جديدة في القريب العاجل؟
ما زالت الانتخاباتُ البرلمانية التي جرت في العراق مؤخرًا، والنتائجُ التي أسفرت عنها، تحظى باهتمام العديد من المؤسسات الصحفية الأجنبية. فقد كتب تامر بدوي في موقع المعهد الملكي البريطاني للخدمات مقالًا ذكر فيه أن الفترة التي سبقت الانتخابات اتسمت بعمليات شراء أصوات واسعة النطاق، واستخدام أساليب التهويل الطائفي في العديد من الدوائر الانتخابية، رغم المستويات المنخفضة من العنف السياسي.
خلافات عميقة
وبعد أن استعرض الكاتب النتائجَ المتمثلة بفوز قوى الإطار الشيعي في الوسط والجنوب، وحزب تقدّم في المنطقة الغربية، والحزب الديمقراطي الكردستاني في الإقليم، ذكر أن ائتلاف الإطار قد أعلن نفسه الكتلةَ البرلمانية الأكبر، تلبيةً للشرطِ الدستوري الذي يخولُه ترشيحَ رئيس الوزراء القادم، مشيرًا إلى أن هذا الائتلاف مكوّن من عدة أحزاب، بعضها يمتلك أجنحة مسلحة ونفوذًا قويًا في السلطات الثلاث: التنفيذية والقضائية والتشريعية المنتهية ولايتها. واستدرك بدوي بالقول إن هذا الإعلان جعل فرصَ رئيس الحكومة الحالي في ولاية ثانية أمرًا غير مؤكد، رغم حصوله على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، وذلك بسبب رفض أطراف قوية في الإطار لهذه الولاية، وسعيهم ربما لتفتيت تكتله كي يفقد أغلبيته، أو تفعيل دعاوى قضائية ضده كقضية التنصت على النواب.
تغيير التسلسل
وتوقع الكاتب حدوث ماراثون تفاوضي بين القوى الفائزة من أجل بناء تحالف حاكم، شارحًا الخطوات التي تسبق عملية تعيين رئيس وزراء في العراق، والتي تبدأ بتقديم الطعون والبتّ فيها، والتصديق على الفائزين، ثم انتخاب رئيس للبرلمان ورئيس للجمهورية، ومن ثم تكليف أحد بتشكيل الحكومة خلال 30 يومًا. ونقل عن رئيس مجلس القضاء الأعلى قوله إن الفترة المثالية لإنجاز هذه الخطوات تقع في أربعة أشهر، لكنها امتدت لعام كامل بعد انتخابات 2021.
العامل الخارجي
وأكد المقال الدورَ المهم للخارج في عملية تشكيل الحكومة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى أن يتعهد رئيس الحكومة الجديد بحصر السلاح بيد الدولة، فيما تريد إيران من هذا الرئيس تحييدَ المسعى الأمريكي هذا، أو التخفيفَ ـ في حال التعرّض لضغوط شديدة ـ من نطاق ووتيرة أي إجراءات من هذا القبيل. ورأى الكاتب أن الانتخابات جاءت في وقت تواجه فيه طهران ضغوطًا دولية كبيرة وانكماشًا في النفوذ الإقليمي، مما يمثل لحظة حرجة جيوسياسيًا، ويجعل العراقَ المجاور الساحةَ المتبقية الأكثر قيمةً للتحالف الذي تقوده، والشريانَ الاقتصادي الحاسم لها، ولهذا ستتدخل بقوة لصيانة هذه الامتيازات.
أربعة عوامل شجعت على المشاركة
وأكد الباحث في معهد تشاتام هاوس البريطاني، حيدر الشاكري، في حوار حول الانتخابات البرلمانية العراقية نشره موقع ذا نيو ريجيون، أن هناك أربعة عوامل ساعدت في زيادة الإقبال على المشاركة في الانتخابات. أوّلُها التصويت الخاص الذي لعب دورًا رئيسيًا، حيث وصلت نسبة مشاركة بعض قوات الأمن إلى 99 في المائة، مما يشير إلى أن العديد من الأجهزة الأمنية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأحزاب السياسية قد شجعت أفرادها على المشاركة. أما العوامل الثلاثة الأخرى فتتخلص في الإنفاق الهائل، والقضايا أو الشبكات الحزبية، والولاءات الطائفية؛ حيث شكّل ثمانيةُ ملايين مستفيدٍ من رواتب القطاع العام في العراق قاعدةً موثوقة من الناخبين المُحشَّدين، الذين شُجّع الكثير منهم أو ضُغط عليهم للمشاركة، إضافةً إلى عودة الخطاب الطائفي بين بعض الجهات السياسية الفاعلة، خاصةً في حثّ الناخبين على استعادة الهيمنة على مدن معينة، أو الترويج ضد خطاب الطائفة الأخرى.
صراع محتدم
وعلى موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، كتبت بريجيت تومي تحليلًا لنتائج الانتخابات، أشارت فيه إلى أن انتهاء التصويت لا يعني بالضرورة تشكيل حكومة جديدة في القريب العاجل، إذ لم تُسفر العملية عن فائز واضح، رغم حصول كتلة رئيس الحكومة الحالي على 11 في المائة من الأصوات، وهو غير كافٍ بالطبع لإنجاز المهمة.
وأشارت الكاتبة إلى أنه من غير المتوقع أن يتمكن الإطار التنسيقي الحاكم، الذي يهيمن على 187 مقعدًا، من تشكيل الحكومة بسهولة بسبب عمق الانقسامات التي يعاني منها، ورفض أطراف مهمة منه ولايةً ثانية لرئيس الحكومة الحالي، الذي يوصف بقدرته على الموازنة بين طهران وواشنطن، وإصرار الأخيرة على إبعاد ست قوى تمتلك أجنحة مسلحة عن التشكيلة الجديدة، في وقت تسعى فيه هذه القوى للوصول إلى مناصب مهمة في الوزارات والمؤسسة الأمنية والهيئات الخاصة. وتوقعت الكاتبة أن تصرّ واشنطن على إبعاد حلفاء إيران عن الحكومة الجديدة ومنع حصول طهران على أي مزايا مالية أو اقتصادية منها.
عين على الأحداث
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصر
شبَّهت وزارة الثقافة ما مرّ ببغداد منذ عام 2003 بالغزو المغولي، لأنه استهدف عمقها الحضاري والثقافي والعلمي. وأعربت الوزارة، في تصريحها بمناسبة الذكرى 1263 لتأسيس المدينة، عن قناعتها باستعادة بغداد اليوم لمكانتها، وهو ما انعكس في اختيارها عاصمةً للثقافة الإسلامية لعام 2026. الناس، الذين تفرحهم عودة عاصمتهم الحبيبة إلى ألقها، لا يتفقون مع تفاؤل الوزارة؛ فما زالت المدينة تعيش فوضى عمرانية، وأزمة مرورية، وبيئةً ملوّثة، وخدمات غائبة، وتعليماً متدنياً، وقطاعاً صحياً متخلفاً، إضافةً إلى تفشّي الفساد في مؤسساتها وهيمنةِ تباينٍ طبقيٍّ بشع، بين أقليةٍ تحكم وتملك كل شيء، وأكثريةٍ محرومةٍ من كل شيء.
شياطين أم ملائكة؟
اعترف أغلب ممثلي المتنفذين بالدور السلبي والخطير الذي لعبه المال السياسي في التأثير على نتائج الانتخابات، من دون أن يعترف أيٌّ منهم بمسؤولية جماعته عن ذلك. وكانت أقلّ التقديرات قد كشفت عن صرف أكثر من 4 تريليونات دينار لشراء آلاف البطاقات البايومترية بما لا يقلّ عن 150 ألف دينار للواحدة، ودفع 11 مليار دينار تكاليف الإعلان على منصات التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى تقديم "مكافآت" لحوالي 1.5 مليون مراقب، بحسب المفوضية. الناس، الذين أغضبهم تزييف إرادتهم بهذه الصورة، تساءلوا ساخرين عن الجحيم الذي جاءت منه الشياطين لتقوم بهذا التزييف، ما دام جميع المتنفذين كانوا من الملائكة!
{ديموقراسي}
تضمّنت العديد من التقارير الدولية انتقادات لمسار العملية الانتخابية التي جرت مؤخراً، بسبب ضعف البنية التنظيمية، كالأعطال الفنية والمشاكل الإدارية، وعدم الحد من الضغوط المباشرة وغير المباشرة التي مارسها حملة السلاح من وكلاء بعض الأحزاب، وغياب الشفافية في التمويل، والتساهل الفاضح تجاه المال السياسي والإنفاق غير القانوني، وعدم تحقق مراقبة متوازنة مما ترك بعض المراكز عرضةً لانتهاكات عديدة غير موثّقة. هذا ويتذكر الناس، وهم يتابعون فرحة بعض الفائزين بهذه الانتخابات، كيف ادّعى القذافي يوماً بأن مفردة "ديموقراسي" عربية وأصلها "دول مع الكراسي"، لأنهم يرون بأن الكثير من هؤلاء الفرحين، لا يبقى لهم معنى من دون الكراسي.
الناس تسأل
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً بإنهاء أعمال مجلس النواب الحالي، معتبرةً أن يوم الاقتراع العام لانتخاب البرلمان الجديد يشكّل نهايةً فعلية لولاية المجلس وصلاحياته، ومحوِّلةً صلاحيات الحكومة إلى تصريف أعمال فقط. هذا، وفيما بدا القرار، الذي صدر دون انقضاء 1460 يوماً من عمر المجلس، وقبيل إعلان النتائج النهائية للانتخابات، أمراً غير مفهومٍ، طالب الناس بتوضيح شفاف حول حدود تدخل القضاء في مراحل الانتقال السياسي، لاسيّما مع عدم وجود نصٍّ دستوري يمنح المحكمة هذه الصلاحية، إذ تحصر المادة 64 أولاً هذا الحق بالمجلس نفسه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه أو من رئيس الحكومة بموافقة رئيس الجمهورية.
حقوق {الفائزين}
قامت وزارة الثقافة بسحب أوليات مشروع فندق "نينوى أوبروي" من هيئة استثمار المحافظة للتدقيق، رغم إعلان الوزير بأن المشروع قد اكتملت إجراءاته، وسيُوضَع حجرُ أساسه قريباً، بعد إنهاء ملف المستثمر السابق جراء ثبوت مخالفات مالية وإدارية فيه. هذا ويدرك الناس أن ملف إعادة تأهيل الفندق، الذي كان يُعدّ من أبرز المعالم السياحية في المحافظة قبل أن يتعرض للتخريب على يد داعش، مثالٌ على الفوضى وتضارب الصلاحيات والتشريعات، وربما على صراع الفاسدين والمافيويين والمسلحين المتنفذين؛ لاسيّما حين تميل كفةُ طرفٍ على آخر، على أساس نتائج الانتخابات “الديمقراطية” في بلادنا الجميلة.
************************************
الصفحة الرابعة
تقرير دولي: هيمنة قوى متنفذة على الجامعات كفاءات جامعية تُسحب إلى مشاريع الطائرات المسيّرة
بغداد – طريق الشعب
سلّط تقرير حديث لمجلة ذا إيكونوميست الضوء على تنامي نفوذ الجماعات المسلحة داخل الجامعات العراقية، محوّلةً بعض المؤسسات الأكاديمية إلى ساحات نفوذ حزبي وعسكري، في تطور خطير يعيد طرح تساؤلات عميقة حول مستقبل التعليم واستقلاليته في البلاد. وكشف التقرير عن تدخلات واسعة في النشاط الطلابي، وسحب طلبة متفوقين إلى برامج تصنيع الطائرات المسيّرة، وتمويل تجمعات طلابية موالية، وصولاً إلى شراء شهادات عليا عبر شبكات حزبية، في مشهد يعكس اتساع الفجوة بين دور الجامعة المفترض والواقع المفروض عليها.
وأوضح التقرير، أن هذا النفوذ تعاظم بعد سيطرة قوى متنفذة على وزارة التعليم العالي وعلى النشاط الطلابي، وتتضمن هذه الانشطة، ممارسات مثيرة للقلق مثل سحب أفضل طلاب الهندسة للعمل في برامج تصنيع الطائرات المسيرة، وتمويل اتحادات طلابية موالية، وشراء الدرجات العلمية العليا عبر علاقات حزبية وشخصية.
وأشار التقرير إلى أن هذه الممارسات تشكّل تحوّلاً خطيراً في العلاقة بين التعليم العالي والسياسة المسلحة، ما يضع مستقبل الجامعات العراقية واستقلاليتها الأكاديمية على المحك.
كفاءات عراقية متقدمة مُستغلة
في هذا الصدد، أكد الخبير الأمني سيف رعد وجود كفاءات عراقية قادرة على تطوير وتصنيع الطائرات المسيرة وإعادة برمجتها، مشيراً إلى أن هذه العقول غالباً ما تُهمش نتيجة سياسات لا ترغب في احتضانها أو دعمها.
وقال رعد في حديث مع "طريق الشعب"، أن "ملف الفساد يلعب دوراً محورياً في هذا الإقصاء، إذ يحوّل بعض جوانب هذا المجال إلى ميدان لممارسات فاسدة، تمنع الكفاءات من الوصول إلى إمكاناتها الكاملة".
وأضاف رعد أن هناك "مهندسين وعقولا عراقية تمتلك القدرة على إنتاج طائرات مسيرة تتناسب مع الواقع الاقليمي"، وشدد على أن صناع القرار السياسي "غالباً ما يسعى لإقصاء هذه الكفاءات، لصالح عقود تُوقَّع لتحقيق مكاسب اقتصادية لأحزاب وشركات مرتبطة بها".
واكد انه نتيجة لذلك، "يُحرم المهندسون من الدعم الإداري والمالي الضروري لتطوير مهاراتهم، وقد يضطر بعضهم إلى اللجوء لجهات تستثمر قدراتهم، سواء لتعزيز كوادرها الفنية في مجالات الطائرات المسيرة أو الأمن السيبراني، أو لتوفير حماية شكلية عبر مناصب وتسميات ظاهرية".
وأشار الخبير إلى أن الاعتماد على مصادر خارجية في مجال هذه التقنيات، "يعود جزئياً إلى تأثيرات إقليمية ودولية، وأحياناً إلى قرارات ليست عراقية المنشأ، ما يدفع إلى الاستيراد بدلاً من الإنتاج المحلي".
وأوضح رعد أن القرار السياسي "يُشكّل جزءاً من منظومة الفشل والفساد التي تمنع استثمار العقول العراقية في تصنيع الطائرات المسيرة محلياً، رغم توافر الإمكانات والتقنيات المتقدمة لدى بعض المهندسين".
وزاد بالقول أن "المؤسسات المسؤولة عن التصنيع الحربي تعتمد في كثير من الحالات على التوجيهات الخارجية، حيث يتم استيراد طائرات مسيرة بأسعار باهظة، بينما لو أُنتجت محلياً لكانت تكلفتها أقل بكثير"، مشيراً إلى أن "جزءاً من ذلك مرتبط بمخاوف إقليمية ودولية من امتلاك العراق لقدرات متقدمة".
وأكد أن هناك عقولاً "لا تفصح عن إمكاناتها خوفاً من التصفية و الاستهداف الجسدي، في حين تعاني أخرى من غياب الحاضنة الحكومية التي توفر لها الحماية والدعم".
وختم الخبير الأمني تصريحه بالقول إن هذا الواقع "يدفع بعض الجماعات المسلحة إلى استقطاب هذه الكفاءات العراقية، أو يبقى دور هذه المواهب العلمية محدوداً داخل مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، دون أن تتاح لها الفرصة الكاملة لتطوير تقنيات محلية تنافس مثيلاتها الإقليمية، وبكلفة أقل بكثير".
تطوير القدرات العراقية
من جانبه، أكد المحلل السياسي والأكاديمي داوود سلمان اهمية أن تكون أي جهود لتطوير قدرات تقنيّة عراقية، بما فيها الطائرات المسيرة وغيرها من التقنيات التي لها استخدامات سلمية كثيرة وحتى عسكرية، بيد الدولة فقط وتحت إشرافها المؤسسي، لا بيد جماعات أو جهات خاصة.
وقال سلمان لـ"طريق الشعب"، إن "تطوير القدرات الوطنية حقٌ سيادي يهدف إلى حماية الأمن الوطني وتعزيز منظومة الدفاع؛ ومع ذلك، يجب أن تكون هذه المشاريع امتداداً لسياسةٍ حكومية واضحة ومرتكزة على مؤسسات الدولة، لا مشروعاتٍ تنتشر في هامش الفعل الرسمي أو تُدار من خلال فئاتٍ مسلحة أو مصالح حزبية".
ونوه الى ان أي مسارٍ معاكسٍ يعرّض الأمن القومي للخطر ويقوّض سلطة الدولة في إدارة أدوات القوة وقد تضعها في مرمى سياسات قاسية من الولايات المتحدة.
وشدد سلمان على "حماية المؤسسات التعليمية والطلبة من عسكرة مباشرة أو غير مباشرة، ويجب إبعاد الجامعات والكليات والمعاهد التقنية عن أي عمليات عسكرة او استغلال مَن فيها لصالح برامج عسكرية غير رسمية".
واكد على ان "المدرسة والجامعة والمؤسسة البحثية مكان للمعرفة والتعلم والابتكار المدني — ولا يجوز أن تتحول إلى أدوات توظيف سياسي أو عسكري".
قيود امريكية وضغوط على الحكومة
وتساءل الخبير الأمني عدنان الكناني حول انه في حال صحّت الأنباء التي تشير إلى وجود توجهات أو أنشطة من هذا النوع، عن دور الأجهزة الأمنية والاستخبارية العراقية، قائلاً "ما هو دور جهاز المخابرات الوطني، وجهاز الأمن الوطني، ومديريات الاستخبارات في التعامل مع مثل هذه الجهات؟".
وأضاف الكناني في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هناك "العديد من التساؤلات المشروعة التي تُطرح في هذا السياق، وتثير الكثير من الشكوك حول ما إذا كانت الحكومة على علمٍ بعمل تلك الجهات أم لا"، مؤكداً في الوقت نفسه "أهمية أن تتخذ الحكومة إجراءات واضحة وصريحة بهذا الشأن، حفاظاً على هيبة الدولة ووحدة القرار الأمني".
وأشار إلى أن هناك "ضغوطا تتعرض لها الحكومة بشأن إنشاء منشآت استراتيجية وامتلاك أسلحة متطورة، من بينها أنظمة الطائرات المسيرة". إلا انه اكد أن تطوير مثل هذه الأنظمة "يفترض ان يكون حقاً مشروعاً للعراق كدولة ذات سيادة، خاصة وأن هذه التقنيات لم تعد حكراً على الاستخدام العسكري". غير أنه شدد على أن هذه المشاريع يجب أن "تكون ضمن توجهات حكومية رسمية، وأن تُنفذ حصراً عبر جهات معتمدة وموثوقة ومؤتمنة تخضع لإشراف الدولة ورقابتها".
وبيّن أن ملف الأسلحة المسيرة "يخضع لتقنينٍ ورقابةٍ دولية صارمة، ولا يمكن للنظام العسكري العراقي تطويره بمعزل عن موافقات أو تفاهمات مع الولايات المتحدة"، مبيناً أن "ما سُمح للعراق بتصنيعه من تقنيات لا يزال أقلّ كفاءةً وتأثيراً من نظيراته في دول مثل تركيا".
وختم الخبير الأمني حديثه بالقول إن "الهدف المعلن من هذه السياسات هو منع العراق من امتلاك منظومة دفاع جوي متكاملة وقادرة على إحداث توازنٍ في ميدان المعركة"، مؤكداً ضرورة أن "تكون هذه الملفات بيد الدولة حصراً، وأن تُدار بعقل أمني وطني موحد يحفظ مصالح العراق العليا".
********************************************
التخطيط تتبنى إستراتيجية جديدة لتخفيف الضغط السكاني في العاصمة!
مراقبون: نجاح مشاريع التوسع الحضري يعتمد على الخدمات والبنية التحتية
بغداد – تبارك عبد المجيد
تسعى الحكومة خلال هذه المرحلة إلى إعادة تنظيم التوسع العمراني عبر خطوات تهدف إلى تخفيف الضغط عن مراكز المدن، وفي مقدمتها بغداد.
وتشمل الإجراءات الجديدة استحداث نواحٍ على مسار طريق التنمية، ونقل بعض الأنشطة التعليمية والتجارية إلى الأطراف، وتأتي هذه التوجهات في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مساحات سكنية وخدمية مخدومة، بعيداً عن الاختناقات التي باتت تعيق الحركة اليومية والنشاط الاقتصادي في المدن.
ويرى مراقبون أن النجاح في تخفيف الضغط السكاني والعمراني يعتمد على قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ هذه المشاريع بفعالية، وضمان وصول الخدمات والبنية التحتية للمواطنين قبل أي توسع سكاني. كما شددوا على أن المشاريع تحتاج إلى متابعة دقيقة لمنع أي استغلال أو مضاربات قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي وتقلل من أثر المبادرات الاجتماعية والاقتصادية المعلنة.
ستراتيجيات حكومية جديدة
وكشفت وزارة التخطيط، عن تبني استراتيجيات جديدة للحد من الضغط السكاني والعمراني في المدن الكبرى، وفي مقدمتها بغداد، مؤكدة المضي في خطة تهدف إلى حصر إنشاء الجامعات الأهلية والأسواق الكبيرة في أطراف العاصمة، إلى جانب استحداث نواحٍ جديدة على مسار طريق التنمية.
وقال مدير عام دائرة التنمية الإقليمية والمحلية في الوزارة، محمد السيد، إن "الاستراتيجية الحالية تُركّز على تخفيف الزخم الذي تواجهه بغداد ومراكز المحافظات، من خلال خلق مساحات عمرانية جديدة قادرة على استيعاب التوسع السكاني والخدمي".
وأضاف أن استحداث النواحي يمثل خطوة أساسية في هذا الاتجاه، إذ تُعامل كل ناحية باعتبارها "مدينة ناشئة" تُخصَّص لها بلدية وتصميم أساسي، مبيناً أن ترقية بعض النواحي إلى أقضية يسهم أيضاً في تخفيف الضغط عن المدن المركزية.
وأشار السيد إلى أن الوزارة تعمل على تعزيز أقطاب التنمية خارج بغداد، مؤكداً أن مشروع ميناء الفاو سيكون محركاً رئيسياً لولادة مدينة الفاو الجديدة، وما يرافقها من فرص عمل تسهم في تقليل الضغط عن محافظة البصرة.
وفي ما يخص التنمية الاقتصادية، أوضح أن المدن الصناعية حُدد لها ما لا يقل عن 500 دونم في كل محافظة، إضافة إلى تخصيص مساحات مماثلة عند المنافذ الحدودية بهدف تطويرها وإعادة بنائها، بما يدعم النشاط الاقتصادي في المحافظات ويخفف التركّز في المدن الكبرى.
وذكر أن التوجّه الحالي يشمل أيضاً نقل الجامعات الأهلية والأسواق الكبرى خارج بغداد، في خطوة تهدف لإنعاش المدن الجديدة والحد من الاختناقات داخل العاصمة.
ولفت إلى أن الطريق الحلقي الرابع سيكون له دور حاسم في تشجيع التوسع العمراني ونشوء مدن جديدة، مؤكداً أن الوزارة استحدثت بالفعل مجموعة من النواحي على مسار طريق التنمية، منها ناحية الخور في البصرة، ناحية أور في ذي قار، ناحية ساوة في المثنى، ناحية البسامية في الديوانية، ناحية النور في النجف، فضلاً عن مدينة ضفاف كربلاء في محافظة كربلاء.
كما شمل المسار مشاريع أخرى، من بينها ترقية ناحية العامرية إلى قضاء في الأنبار، واستحداث ناحية بوابة السلام في بغداد القريبة من مدينة الجواهري الجديدة، وإعلان ناحية النصر والسلام، إضافة إلى نواحٍ جديدة في صلاح الدين مثل السهل والحجاج والثرثار باتجاه نينوى، إلى جانب نواحٍ مقترحة أخرى.
وأكد مدير عام التنمية الإقليمية، أن هذه المشاريع مجتمعة تهدف إلى إعادة توزيع الكثافة السكانية وتخفيف الضغط عن بغداد والمحافظات، مشدداً على أن المخططات الهيكلية المعتمدة تُعد "إرشادية"، وأن الوزارة تعمل على إلزام المحافظات باتباعها عند تنفيذ المشاريع، من خلال تقديم سندات الأراضي والموافقات المتوافقة مع التصاميم المحلية المعتمدة.
توسع خارج المدن
قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن تخطط حالياً إلى التوسع العمراني خارج مراكز المدن، بهدف تخفيف الزخم السكاني والمروري في العاصمة بغداد وبقية المحافظات.
وأوضح الهنداوي في حديث خص به "طريق الشعب"، أن العمل بدأ في ثلاث مدن جديدة في أطراف بغداد، من بينها مدينتا الجواهر والصدر الجديدتين، مشيراً إلى أن هذه المشاريع أُنشئت خارج مركز المدينة لتعزيز التوزيع السكاني وتخفيف الضغط عن المناطق الحضرية المكتظة.
وأضاف أن المحافظات الأخرى تسير بالاتجاه نفسه من خلال إنشاء مجمعات ومدن سكنية خارج الحدود الحضرية، لافتاً إلى أن خطة الوزارة تعتمد على إقامة مشاريع تنموية وأقطاب اقتصادية، يمكن أن تسهم في خلق فرص عمل وتنشيط الحركة الاقتصادية في تلك المناطق.
وبين الهنداوي أن هذه المشاريع تشمل أيضاً مراكز تجارية كبيرة ومنشآت رياضية، إضافة إلى مشاريع البنى التحتية مثل طريق التنمية والطرق الحلقية في بغداد، مؤكداً أن هذه المشاريع من شأنها استقطاب السكان لأنها توفر الخدمات وفرص العمل، وهو ما يساعد على إعادة توزيع الكثافة السكانية وتحقيق التنمية المتوازنة.
معالجة الاختناقات المرورية
وقال أستاذ التخطيط المعمار، د. بلال سمير إن توجه الحكومة نحو استحداث نواحٍ جديدة ونقل جزء من الأنشطة العمرانية والخدمية إلى أطراف المدن يُعد خطوة ضرورية لمعالجة الاختناقات السكانية التي تعاني منها العاصمة والمحافظات.
وقال سمير لـ"طريق الشعب"، أن "الضغوط الحالية على بغداد ليست ناتجة من النمو السكاني فقط، بل من تمركز الجامعات والأسواق الكبرى والدوائر الخدمية داخل المدينة، وهو ما يجعل أي توسع حضري غير قادر على مواكبة الزيادة الدائمة بالطلب على السكن والخدمات".
وأضاف أن "استحداث نواحٍ جديدة على مسار طريق التنمية، وربطها بشبكة طرق حديثة مثل الطريق الحلقي الرابع، سيخلق محاور نمو جديدة تشجع السكان على الانتقال نحو الأطراف، شريطة تنفيذ الخدمات الأساسية والبنى التحتية قبل بدء التوسع السكاني".
وبيّن أن "مشاريع تحويل الأراضي الواسعة إلى أراضٍ مخدومة بأسلوب المطور العقاري يمكن أن تحدث فرقاً حقيقياً في تخفيف أزمة السكن، خصوصاً إذا وُجهت للفئات ذات الدخل المحدود وبأسعار مناسبة، مع الالتزام بالمخططات الهيكلية ومنع التمدد العشوائي".
وأكد أن "المعالجات الحضرية لا يمكن أن تنجح دون رؤية متكاملة تجمع بين التخطيط الإقليمي وتوزيع الأنشطة الاقتصادية وخلق فرص عمل في المدن الجديدة"، مشدداً على أن "التوسع نحو الأطراف يجب أن يُبنى على دراسات سكانية واضحة، لكي تكون هذه المدن مراكز حقيقية، لا مجرد تجمعات سكنية بلا خدمات".
تغيير معادلة العرض والطلب
من الناحية الاقتصادية، يعلّق الباحث عبد الله نجم قائلاً: القرارات الحكومية المتعلقة الخاصة بالسكن بالأنشطة التجارية والخدمية، تحمل بعداً اقتصادياً أساسياً، لأنها تعالج واحدة من أقدم المشكلات في العراق: تركز الثروة والفرص داخل مساحة ضيقة من العاصمة. هذا التركز هو الذي خلق الفجوة بين بغداد وبقية المناطق، ورفع أسعار السكن بشكل يفوق قدرة أغلب العائلات."
وأضاف نجم لـ"طريق الشعب"، أن "تخصيص الأراضي الواسعة وتحويلها إلى قطع سكنية جاهزة للتوزيع، خصوصاً للفئات ذات الدخل المحدود، يمثل خطوة يمكن أن تغير معادلة العرض والطلب. فعندما تتوفر خيارات سكنية خارج العاصمة بأسعار مقبولة، يبدأ الضغط على بغداد بالتراجع تدريجياً، وهذا الانخفاض في الضغط ينعكس مباشرة على الأسواق، سواء في أسعار الأراضي أو الإيجارات".
وبين أن "هذه المشاريع لن تحقق نتائج حقيقية ما لم تُرفق بخدمات وبنى أساسية وفرص عمل قريبة. فالمواطن لن ينتقل إلى منطقة جديدة لمجرد أنه حصل على قطعة أرض، ما لم يشعر بأن حياته اليومية ممكنة هناك مدارس، صحة، نقل، وفرص اقتصادية. الاستثمار في هذه العناصر هو ما يجعل التوسع مثمراً وليس مجرد نقل سكاني".
وأشار إلى أن "إدارة ملف الأراضي تتطلب رقابة صارمة لمنع المضاربات، لأن دخول التجار والمكاتب العقارية على الخط قد يرفع الأسعار ويفقد المشروع غايته الاجتماعية. لذلك، الحسم في هذا الجانب ضروري لحماية الفئات المستحقة وضمان وصول الأراضي فعلاً إلى من يحتاجها".
وختم نجم قائلاً: إذا طبقت الإجراءات بشكل سليم، فنحن أمام مشروع يمكن أن يغير خريطة السكن في العراق خلال السنوات المقبلة، ليس فقط بتخفيف أزمة السكن، بل بإعادة توزيع النمو الاقتصادي وتحريك الأسواق في مناطق كانت مهمّشة لسنوات طويلة. وهذا بحد ذاته مكسب اقتصادي كبير للبلد".
**************************************
الشيوعيون يتفقدون التشكيلي قاسم العزاوي
بغداد – طريق الشعب
زار وفد من مختصة العلاقات الاجتماعية المركزية في الحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، الرفيق الفنان التشكيلي قاسم العزاوي في منزله ببغداد، وذلك للاطمئنان على صحته بعد إصابته بجلطة دماغية.
ونقل الوفد إلى الفنان تحيات قيادة الحزب وتمنياتها له بالصحة والسلامة. فيما أعرب هو من جانبه عن شكره إلى الزائرين، وحمّلهم تحياته لقيادة الحزب واللجنة المحلية للمثقفين.
ضم الوفد كلا من الدكتورة خيال الجواهري والرفيق عباس حسن والرفيقة نهاوند المالكي والرفيق نقيب الفنانين السابق صباح المندلاوي.
****************************************
الصفحة الخامسة
بين الجفاف والتجفيف هور الحويزة .. ذاكرة الماء تتلاشى على أرض قاحلة
متابعة – طريق الشعب
لا تزال صورة الماء الأزرق المترامي الأطراف والضوء المتغلغل في أعماقه، عالقة في ذهنه مهما ابتعد عن بيئة هويته الأصيلة. هذا ما يؤكده الناشط البيئي الشاب مصطفى هاشم وهو يصف علاقته بهور الحويزة، الذي اضطر وعائلته إلى تركه، قسرا، بعد جفافه.
وُلد مصطفى عام 2002 في قرية تقع على حدود هور الحويزة ضمن محافظة ميسان، لا في عمق الهور نفسه. إذ لم يُسمح للناس بالعيش داخل هذا المسطح المائي بعد حملات تهجير قسري شهدها إبان الثمانينيات والتسعينيات.
ويُعد هور الحويزة أحد أكبر الأهوار العراقية. ويقع في محافظتي ميسان والبصرة على الحدود مع إيران، ويتميز بتنوع بيئي وثقافي غني. وتبلغ مساحة هذا الهور حوالي 1377 كيلومتراً مربعاً، أما عرضه فيصل إلى 30 كيلومتراً، وطوله 80 كيلومتراً. بينما تبلغ نسبة الجزء العراقي من مساحته أكثر من 80 في المائة، والجزء الإيراني نحو 20 في المائة.
وبسبب آثار التغيّرات المناخية المتسارعة، وسوء إدارة ملف الموارد المائية، تعرّضت الأهوار العراقية إلى جفاف شديد بعد أن كانت موطنا غنيا بالمياه والحياة البرية والزراعية والتنوّع البيئي. فيما يُشكك مراقبون في كون الواقع المناخي هو السبب الوحيد لجفاف تلك المساحات المائية، معتقدين أن هناك أيضاً "تجفيفا متعمدا"!
ولا يبدو ان تلك الأزمات المائية والبيئية مجرد تحدٍ عصري، بل امتداد لتاريخ طويل من الإهمال والتهميش. حيث يجد السكان المحليين أنفسهم مضطرين للهجرة أو التأقلم مع ظروف قاسية لم تعرفها المنطقة من قبل.
وهنا تبرز قصة مصطفى، الذي أصبح صوتا حيا ينقل معاناة أهل الأهوار وأثر الجفاف والتغير المناخي على حياتهم اليومية، ساردا قصة تحوّل المساحات المائية التي شكلت هويتهم إلى صحراء جافة موحشة.
ومنذ طفولته كان يسمع قصص الحياة القديمة في قلب الهور، وكيف كان الناس يعيشون بحرية وسط الماء والقصب والجاموس، وكيف كانت الحياة بسيطة ومتصلة بالطبيعة.
يقول مصطفى في حديث صحفي انه كان يجلس عادة وسط "البلم" ويمد رأسه لينظر إلى قاع الهور. حيث كان يبيت مع والده وسط "بركة أم النعاج"، ذلك المسطح المائي الذي تبلغ مساحته 100 كيلومتر مربع وتحيط به غابات قصب كثيفة يصعب اختراقها.
ويذكر أنه "في كل مرة كنّا نربط البلم وسط الهور وننام.. مشهد السماء المليئة بالنجوم، ونسيم الهواء، وصوت الطيور.. أتذكر كل ذلك جيدا".
وقبل الجفاف، كان عمل مصطفى ووالده، هو صيد الأسماك. حيث يبدآن عملهما منذ الفجر، ليصطادا قوت العائلة، لكن تلك الحياة تبددت مع بداية الجفاف، ليضطرا في النهاية إلى العمل في منشأة نفطية قريبة كانت قيد البناء، مقابل أجور زهيدة.
ومع اكتمال بناء المنشأة، تم تسريح مصطفى ووالده ومن معهم، فانتقلا للعمل في محطة كهرباء.
ذريعة التغيّرات المناخية!
يتحدث مصطفى عن الاعتقالات والتنكيل وحتى الموت الذي واجهه أبناء منطقته خلال صراعهم مع السلطات الدكتاتورية من أجل البقاء.
ويقول: "ترعرعت في دولتي كمواطن من الدرجة الثانية، كما ترعرع والدي وعائلتي وكل من أعرف". فيما يرى أن "التغيرات المناخية أصبحت ذريعةً بيد الحكومات الجديدة، لتبرير فشلها في إدارة ملف المياه".
ويتابع قائلا: "نحن بلا نصيب من مياه دجلة والفرات، لا من تركيا التي تحبس الماء خلف سدودها، ولا من إيران التي تحوله إلى مناطقها المركزية، ولا من حكومتنا التي تتركنا للجفاف وتمنح أراضينا للشركات النفطية".
ويلفت مصطفى إلى انه "بعد 2022 تغيّر كل شيء.. الهور بات محاطا بساتر أمني، ولا يمكننا دخوله إلا بتصريح خاص يُجدَّد كل ستة شهور أو سنة. نحن السكان الأصليين مطالبون بتسليم هوياتنا الشخصية عند الدخول، ونتسلّم باجًا مكتوبًا عليه (صياد أهواري)، وعلينا الخروج قبل الرابعة عصرًا"، مشيرا إلى ان "النساء ممنوعات من دخول الهور تمامًا بحجة أنه لا يمكن تفتيشهن، فيما يُفتَّش الرجال بطريقة قاسية. حتى إن جلبتَ حشائش من الهور فعليك إنزالها بالكامل عند الحاجز الأمني لتفتيشها، وهي عملية مرهقة. هذه الإجراءات تزداد تعقيدا عاما بعد آخر، كأننا نعيش تحت سلطة لا ترانا مواطنين، بل غرباء على أرضنا"!
تجفيف متعمّد؟!
يرى ناشطون بيئيون أن هور الحويزة تعّرض منذ نهاية 2021 إلى تجفيف متعمد، مبينين أن إجراءات حكومية ساهمت في حرمان الهور من الإطلاقات المائية، رغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن "إنعاش الأهوار واستدامتها".
وعن ذلك يقول الناشط البيئي مرتضى عبد الرزاق، في حديث صحفي إبان نيسان الماضي، ان "هذا التجفيف استمر حتى عام 2023، عندما أعلنت الحكومة ضمن جولة التراخيص النفطية الخامسة، عن تحويل هور الحويزة إلى حقل نفطي يحمل الاسم ذاته. فاستحوذت عليه إحدى الشركات الصينية".
ومنذ ذلك الحين – الحديث لعبد الرزاق – تواصل وزارة الموارد المائية "تزييف الحقائق بشأن واقع المياه في الأهوار".
ويلفت إلى ان "شركة الاستكشافات النفطية بدأت أعمالها في الهور نهاية عام 2024 لصالح شركة صينية، وأن معداتها تم إنزالها داخل المنطقة التراثية المصنفة ضمن لائحة التراث العالمي، في مخالفة صريحة للقرارات الدولية والمحلية التي تمنع أي أعمال استكشافية أو إنشائية داخل هذه المناطق دون موافقات رسمية، والتي لم تُستحصل حتى الآن".
سوء الادارة
وفي السياق، يتحدث رئيس "مؤسسة جلجاموس" المعنية بالآثار والأهوار، علي المسافري، عن سوء إدارة الموارد المائية كسبب رئيس لجفاف هور الحويزة وغيره من الأهوار، فيما يشير إلى سبب آخر متمثل في إجراءات تتخذها وزارة الموارد المائية ووزارات أخرى، لتحويل هذا الهور إلى حقل نفطي.
ويلفت في حديث صحفي سابق إلى ان "بوادر التجفيف الأساسية التي شهدها الهور بدأت مع بناء السدة الترابية الحدودية القاطعة، التي تبعد 600 إلى 700 متر عن الحدود الإيرانية، بعرض قاعدة 30 متراً، وارتفاع 12 متراً، وعرض شارع نهائي 6 أمتار. وتمتد السدة 120 كيلو متراً من البصرة إلى الشيب"، معتبرا أن "هذه السدة عملية تجفيف فعلية لهور الحويزة".
وحددت حكومة ميسان أوقات دخول الصياديين إلى الهور بساعات معيّنة. ووفقا لما أفادت به لجنة الأهوار في مجلس المحافظة، فإن هذا القرار يأتي لمنع عمليات الصيد الجائر باستخدام التيار الكهربائي.
وبالعودة إلى مصطفى، فإنه يرى هور الحويزة "ليس مجرد مكان، بل هو روح وهوية، لذلك نسمي ما يحدث اليوم احتلالًا وهيمنة على أراضينا، لأنهم لا يمنعوننا من الدخول فقط، بل يمنعون عنا الذاكرة والحياة التي شكّلتنا".
*************************************
اگول.. أهالي الوردية بين شكر وعتاب!
مهدي صالح الكعبي
في الفترة الأخيرة شهدت منطقة الوردية التابعة إلى ناحية الجسر جنوبي بغداد، حملة تبليط واسعة شملت معظم شوارع المنطقة. وهي خطوة لاقت ترحيبا كبيرا من الأهالي الذين لمسوا تحسنا واضحا في الخدمات، وعبروا عن امتنانهم للجهات العاملة التي بذلت جهدا ملحوظًا في إعادة تأهيل الطرق.
جهود مباركة.. لكن بقي سؤال واحد يطرحه السكان: لماذا تُرك شارع "مدرسة عمر المختار" دون تبليط؟!
يُعد هذا الشارع واحدًا من أهم شوارع المنطقة، خاصة ان عددا كبيرا من التلاميذ يسلكه يوميا. إذ ان تركه دون تأهيل يُرهق التلاميذ وأهاليهم، لا سيما انه يمتلئ بالماء والوحل خلال موسم الأمطار.
الأهالي يؤكدون أنهم لا يُنكرون جهود الجهات المعنية في حملات التبليط، بل يثمّنون كل عمل يُساهم في رفع مستوى الخدمات. إلا أن العتاب يأتي بدافع الحرص، وبصوتٍ يسعى لاستكمال ما بدأته فرق العمل، وتحقيق خدمة متكاملة للمنطقة دون استثناء.
إن إعادة النظر في وضع شارع "مدرسة عمر المختار"، وإدخاله ضمن خطة التبليط، سيكون خطوة إيجابية تُظهر التزام الجهات الخدمية باحتياجات المواطنين، وتعكس حرصها على تكامل الخدمات.
ختاما.. يبقى أهل الوردية على ثقة في أن صوتهم سيصل، وأن الجهود ستستمر لتغطية ما تبقى من النواقص، لأن خدمة المواطن هي الهدف، ولأن الأطفال يستحقون طريقًا آمنًا إلى مقاعد الدراسة.
*********************************************
ماء بسماية بطعم النفط!
متابعة – طريق الشعب
أفاد "مرصد العراق الأخضر" المعني بالبيئة، بوجود روائح غريبة في المياه الواصلة إلى سكان مجمع بسماية جنوبي بغداد. وفي بيان صحفي صدر عنه أول أمس الجمعة، نقل المرصد عن عدد من سكان المجمع قولهم ان "المياه التي تصل الى الوحدات السكنية في المجمع تحمل رائحة النفط الأبيض، ولزوجة محسوسة باليد، وهذا دليل على وجود طحالب وفطريات". وأوضح المرصد في بيانه ان "العائلات نوّهت إلى ان هذه الحالة حصلت بعد نشر الادارة الخدمية لمجمع بسماية عبر موقعها الرسمي، خبراً بالصور والفيديو يفيد بانها ستقوم بتنظيف خزانات المياه الخاصة بالمجمع". وناشد المرصد الجهات المسؤولة والادارة الخدمية حل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن، وإيصال المياه الصالحة للشرب الى سكان هذا المجمع النموذجي، كي لا يضطروا الى شراء المياه بمبالغ باهظة.
************************************************
النجف مدرّس رياضيات يوزع ملزَمته مجاناً على الطلبة
متابعة – طريق الشعب
بسيارته الشخصية، يتنقل مدرس الرياضيات عدنان الحسناوي بين مدارس مدينة النجف، ليوزع مجانا على الطلبة، نسخا من ملزمته التلخيصية. ويقوم مدرسون عديدون بتلخيص المناهج الدراسية أو شرحها، أو تحويل المنهج إلى أسئلة وأجوبة كما فعل الحسناوي، ثم ينسخونها على شكل مطبوعات يُطلق عليها "ملازم". وبينما يبيع المدرسون هذه الملازم عادةً، يقوم الحسناوي بتوزيعها مجانا. إذ يقول في حديث صحفي أنه يسعى إلى رفع أعداد المتفوقين في المدارس الحكومية. وانضم إلى الحسناوي مدرس لغة انكليزية من بغداد، اسمه سجاد العبيدي. حيث ارسل نسخا مجانية من ملزمته. فيما يعد الأول الطلبة، بضم المزيد من المدرسين المتطوعين، إلى مبادرته. ويفضل الطلبة طريقة الملازم في الدراسة، لكن خبراء تربويين يشددون على ضرورة العودة دائماً إلى الكتاب، الذي أشرفت على كتابته لجان من كبار التدريسيين ووفق نظام تحدده "يونسكو"، مع إقرارهم بضرورة الاستعانة بالملازم أحياناً. وعن هذه المبادرة، يقول الحسناوي انه يعمل على دعم الطلبة وتشجيعهم على تحقيق معدلات عالية، خصوصا طلبة المدارس الحكومية، مبينا أنه وزع بداية 250 نسخة من ملزمة الواجبات التي تتضمن أسئلة ونتائج نهائية لتمكين الطالب من اختبار نفسه ومراجعة الحلول بشكل مباشر. ويضيف قوله أنه "مع نجاح التجربة توسعت المبادرة تدريجياً، وارتفع عدد النسخ الموزعة إلى 840 نسخة لاقت ترحيباً من أساتذة آخرين، مثل الأستاذ سجاد العبيدي من بغداد، الذي ساهم في 100 نسخة إضافية". وعما يميز ملزمته، يقول أن المادة فيها مختصرة ومرتبة، وتحتوي على باركودات تُحيل إلى مقاطع فيديو تعليمية على موقع "يوتيوب". فيما يوضح أن ملزمته صممها لتكون "صدقة جارية على روح والدتي الراحلة". ويؤكد الحسناوي ان المبادرة ستتوسع قريبا لتشمل جميع المواد الدراسية الخاصة بالصف السادس الإعدادي، وان التوزيع سيتم في أماكن يعلن عنها قريبا.
في سياق ذي صلة، يقول الاختصاصي في المناهج التعليمية وسام المحنة، أن "هناك فرقا جوهريا بين الكتاب المدرسي والملزمة. فالكتاب تُعاد مراجعته من قبل اختصاصيين ويُنجز وفق نظام اليونسكو العالمي ويطبق تقريباً في جميع دول العالم، ما يجعله مصدراً علمياً موثوقاً للطلبة. أما الملزمة فهي ملخص للكتاب يعِدّه عدد من المدرسين والمحاضرين والأساتذة سواء من الجامعات أو من التعليم التربوي. لذلك لا يمكن الاعتماد عليها كمرجع رئيس في الدراسة العادية". لكن الطالب حيدر زاير، يرى أن "الملازم التي يوزعها بعض الأساتذة ليست خروجاً عن المنهج، بل انها تختصر الوقت للطالب. فالمدرس لا يأتي بمعلومات من خارج الكتاب، إنما يأخذ المحتوى نفسه ويقدمه بشكل مركز ومنظّم على هيئة ملزمة واحدة تسهّل عملية الدراسة".
*************************************
على إثر حادثة مدرسة اليوسفية السلطات: المبنى شُيّد من قبل الأهالي
متابعة – طريق الشعب
في حادث مؤلم يُضاف إلى سلسلة حوادث مماثلة، لقي طالب حتفه وأصيب آخرون بجروح متفاوتة، الأربعاء الماضي، بسبب انهيار سياج في "متوسطة القدّوس" المختلطة في منطقة اليوسفية جنوبي بغداد.
وعلى إثر ذلك، باشرت الجهات المتخصصة فتح تحقيق للوقوف على ملابسات الحادث واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين. حيث أمهل وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري، اللجنة الفنية العليا برئاسة المدير العام للتخطيط التربوي، مدة 24 ساعة لإعلان نتائج التحقيق.
وأخلت مخرجات اللجنة ساحة وزارة التربية من المسؤولية. إذ توصلت إلى ان المبنى شُيّد من قبل الأهالي ولا يرتبط بمشاريع المحافظة أو الوزارة.
وحسب بيان صادر عن الوزارة، فإن "الجبوري وجّه شعب الأبنية المدرسية في المديريات العامة بعدم السماح للإدارات المدرسية بإضافة أي منشآت أو أبنية خارج الضوابط، خصوصا تلك التي ينفذها المتبرعون، إلا بعد استحصال الموافقات الوزارية الأصولية، مع المباشرة بإجراء جرد شامل لجميع المدارس في عموم البلاد لضمان السلامة الإنشائية".
لكن مراقبين وتربويين، يرون أن الوزارة لا يمكنها التنصل من المسؤولية ازاء الحادث، منوّهين إلى أن إدارة المدرسة جهة رسمية تابعة للوزارة، ومن واجبها إعلام وزارتها بأي إجراءات إنشائية في المبنى المدرسي، لتقوم الأخيرة من جانبها بإرسال لجنة لتقييم المبنى وفحص جودته ومدى توافقه مع شروط السلامة.
وليس هذا الحادث هو الوحيد من نوعه في البلاد. إذ تكررت خلال السنوات الأخيرة حوادث مماثلة في المدارس، أُغلقت ملفاتها في النهاية بتبريرات غير مُقنعة – وفقا لمراقبين. ومنذ سنوات تتصاعد التحذيرات من مخاطر المدارس الطينية والكرفانية والمتهالكة، على حياة الطلبة والتلاميذ، لكن الجهات المعنية غالبا لا تأخذ تلك التحذيرات على محمل المسؤولية.
************************************
مواساة
• تعزّي اللجنةُ المحليةُ للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة الرفيقَ شاكر خضير، بوفاة ابن عمّه. للفقيد الذكر الطيب، ولأسرته وذويه الصبر والسلوان.
***********************************************
الصفحة السادسة
غزة تموت جوعاً رغم الهدنة وسط تراجع مقلق للتبرعات ألبانيزي: الأمم المتحدة عاجزة عن وقف الانتهاكات في فلسطين
متابعة – طريق الشعب
لا يتوقف الاحتلال الصهيوني عن قتل وتشريد وتجويع المدنيين الأبرياء في فلسطين المحتلة، وتواصل قواته قصف المدن والاحياء السكنية والمخيمات في مدينة غزة، في موازاة ذلك، تقوم بتهجير ممنهج للمواطنين في الضفة الغربية، حيث نزحت عشرات العائلات الفلسطينية، من حييّ التفاح والشجاعية شرقي مدينة غزة، بفعل توغل وتمدد الجيش الإسرائيلي داخل المناطق التي انسحب منها وفق اتفاق وقف إطلاق النار، وسط إعلان إسرائيلي بالقيام بعمليات عسكرية برفح جنوبا.
العالم يعيش تحت قانون الأقوى
أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي، أن" القضية الفلسطينية لم تعد مجرد مأساة إنسانية، بل عبئا سياسيا عالميا تتداخل فيه مصالح كبرى، محذرة من استنساخ السياسات المعادية للفلسطينيين داخل أوروبا، ومن محاولات الالتفاف على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، عبر تحويل الأنظار إلى صراعات أخرى، مثل السودان"، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة عاجزة عن وقف ما يحصل في فلسطين، واعتبرت في تصريح صحفي تابعته "طريق الشعب" أن "العالم يعيش اليوم تحت قانون الأقوى"، في مقابل تراجع فاعلية القضاء الدولي والدبلوماسية.
كما شددت على أن ما يجري في غزة يرقى إلى الإبادة الجماعية التي تنكرها معظم الدول الغربية، مؤكدة أنها تواصل عملها رغم التهديدات "لأنها لا تريد أن تعيش وهي تشاهد إبادة تتكشف يوما بعد يوم" حسب قولها.
وعبّرت فرانشيسكا ألبانيزي عن قلق بالغ إزاء ما وصفته بـ (العجز البنيوي) الذي أصاب الأمم المتحدة ومؤسساتها، خاصة في قدرتها على منع الجرائم أو وقفها أو جبر الضرر الناتج عنها.
ورغم قناعتها بأن المنظمة بإمكانها إيجاد مخرج إن توفرت الإرادة، تعتقد المقررة الخاصة للأمم المتحدة أن هذا العجز لا يتعلق بالفلسطينيين فقط، بل يمتد ليشمل عشرات الصراعات التي لم تُناقش بعد داخل المنظومة الأممية.
وقالت ألبانيزي "الأجواء نفسها تهب على مباني وإجراءات كل من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية التي تعد جزءا من الأمم المتحدة، ونحن عالقون بين الأمل واليأس، هناك أمل في أن يسود حكم القانون في المحاكم الدولية وأمل في أن تستعيد الدبلوماسية السيطرة على الوضع".
الاحتلال يواصل نسف المباني
وشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر وصباح أمس السبت، سلسلة غارات جوية ترافقت مع عمليات نسف وقصف مدفعي وإطلاق نار مكثف استهدف فيها مناطق عدة خلف ما بات يعرف بالخط الأصفر في قطاع غزة، ففي مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات جوية متتالية شمالي وشرقي المدينة.
كما أفادت مصادر محلية بإطلاق الدبابات الإسرائيلية نيران رشاشاتها الثقيلة تجاه منازل المواطنين. وفي السياق، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان له مساء الجمعة، إن قواته "تعمل منذ أسابيع على تدمير الأنفاق المتبقية في رفح والقضاء على المسلحين داخلها".
شبكات الإغاثة تنهار
وتناولت صحف ومواقع عالمية تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة رغم الهدنة، مؤكدة أن الجوع والمرض يواصلان حصد الأرواح، في ظل تراجع التبرعات الدولية وانهيار شبكات الإغاثة، في حين تتكشف ملامح معاناة يومية تضيق معها فرص النجاة لسكان القطاع.
وركزت صحيفة غارديان على الانخفاض الحاد في التبرعات المخصصة لغزة منذ إعلان وقف إطلاق النار، معتبرة أن العالم يتعامل مع الهدنة وكأنها أنهت الحاجة للمساعدة، بينما تتزايد المخاطر مع اقتراب الشتاء وغياب المستلزمات الأساسية.
وأوردت غارديان شهادة منظمة تعمل في مبادرات الدعم التطوعي، قالت إنها كانت ترسل نحو 5 آلاف دولار أسبوعيا لغزة، لكنها لم تتمكن إلا من جمع مبلغ لا يتجاوز ألفي دولار عبر جميع حملاتها، وهو مؤشر على أزمة تمويل خانقة.
أما صحيفة لوتون، فقد أبرزت جانبا أكثر قتامة من الأزمة، وذلك عبر مقابلة مع لورلين لاسير مديرة الشؤون الإنسانية في منظمة أطباء بلا حدود بغزة، التي تحدثت عن استمرار الموت رغم الهدنة، مؤكدة أن السكان يموتون جوعا أو مرضا أو بردا أو يأسا بعد شهور من الحرب المدمرة.
ووصفت لاسير ما يعيشه الفلسطينيون بأنه جحيم يومي تتراكم فيه تداعيات الحرب مع نقص الغذاء وتدهور الرعاية الطبية وانتشار التلوث، بينما تنتشر الأمراض في بيئة منهارة لا تتوفر فيها أدنى مستويات الحماية الصحية.
شبكة للدفاع عن فلسطين
أعلن السياسي البلجيكي مالك بن عاشور تأسيس شبكة للتنسيق بين النواب الأوروبيين من أجل الدفاع عن فلسطين والدعوة إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي، واكد في تصريح صحفي ان "الشبكة ستعمل على تنسيق الإجراءات وجمع النواب المتعاطفين مع القضية الفلسطينية ومواجهة الخطابات المهيمنة التي تغذيها الحكومة الإسرائيلية مباشرة".
وأضاف أن هناك "مجتمعا مدنيا في أوروبا يريد أن يكون ممثلوه أكثر نشاطا في هذا الشأن"، وتابع قائلا "غالبية الأوروبيين تدافع عن حق الفلسطينيين والعدالة والسلام في الشرق الأوسط. وشوارع بروكسل شهدت أكبر المظاهرات لدعم فلسطين".
وأعرب بن عاشور عن أسفه لعدم فاعلية أوروبا وصمتها إزاء انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
**************************************
ممداني في لقاء ترامب: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بتمويل أميركي
واشنطن - وكالات
استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس بلدية نيويورك المنتخب زهران ممداني بترحاب حار على نحو لافت، وأشاد بما حققه في الانتخابات، رغم أن الرجلين كانا قد تبادلا هجمات عنيفة في السابق، بما في ذلك وصف ترامب لممداني بأنه شيوعي في منشوره الذي أعلن فيه عن اللقاء.
إلا أن الجانبين ركزا هذه المرة على أرضية مشتركة تتعلق بموضوع القدرة على تحمل تكاليف المعيشة، ورغبتهما في رؤية ازدهار مدينة نيويورك.
وكان مضمون النقاش لافتا، لكن نبرة اللقاء بدت في بعض الجوانب أكثر إثارة للدهشة. فقد بدا الطرفان ودودين إلى حد كبير، سواء في التصرفات أو التعليقات الصغيرة.
وقال ترامب، إنه "يعتقد أن ممداني سيكون عمدة رائعا لمدينة نيويورك. وأضاف أنه لم يناقش خلال اللقاء ما إذا كان ممداني سيصدر قرارا باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة- لو زار نيويورك.
وأضاف الرئيس الأميركي أن الاجتماع مع ممداني فاجأه، لافتا إلى أنه "قد نختلف في الوسائل لكن نتفق في الغاية". وأوضح ترامب في هذا السياق أن بعض أفكار العمدة المنتخب ممداني هي ذاتها الأفكار التي يحملها، لدينا قاسم مشترك واحد. نريد أن تتحسن أحوال مدينتنا التي نحبها".
من جهته، قال ممداني، إنه يقدر الاجتماع مع الرئيس ترامب وإنه يتطلع إلى العمل معا، مضيفا أنه بحث مع الرئيس ترامب الأهداف المشتركة لهما.
وقد أبلغ ممداني ترامب قلق العديد من سكان نيويورك ورغبتهم في توجيه أموال دافعي الضرائب لمصالحهم، كما تحدث عن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بتمويل أميركي، وأضاف أنه يشارك الرئيس "فكرة تخصيص أموالنا لخدمة مواطنينا".
وأضاف: بحثت مع الرئيس رغبتنا ليس فقط في اتباع قوانين مدينتنا بل في اتساق سياساتنا على كافة المستويات". مشيرا في هذا السياق إلى مناقشة مسألة تدخل إدارة الهجرة في نيويورك وتطبيق قانون الهجرة وتأثير ذلك على المدينة.
وشدد ممداني على ميوله السياسية خلال تصريحه للصحفيين قائلا "أنا ديمقراطي اشتراكي وقد كنت دوما صريحا بشأن ذلك".
************************************
غيابات واسعة في قمة العشرين بجنوب افريقيا
جوهانسبرغ – وكالات
شدد الرئيس الجنوب افريقي في الجلسة الافتتاحية لقمة العشرين التي انطلقت صباح أمس، انها تمثل فرصة لتعزيز الشراكة والتعاون بين الدول للتوصل إلى حلول مشتركة للأزمات والمشكلات العالمية، وشدد على أن التفاهم والتعاون الدولي شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، داعياً إلى العمل المشترك من أجل تنمية الاقتصاد والحد من مخاطر التغير المناخي، مشيرا إلى ضرورة إطلاق الاستثمارات في البلدان النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
كما طالب رئيس جنوب أفريقيا مؤسسات التنمية الدولية بزيادة الموارد لإغاثة المناطق المنكوبة، والعمل على إنهاء النزاعات المسلحة حول العالم.
وأضاف أنه من الضروري وضع حد للفقر والبطالة، خاصة في دول الجنوب، مؤكدا أن القمة تحمل آمال القارة الأفريقية في تحقيق مستقبل أفضل.
ويغيب عن القمة الرئيس الأمريكي الذي أعلن مقاطعة القمة، متهما جوهانسبرغ بانها تمارس التمييز ضد البيض، كما سيغيب الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، والرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو فضلاً عن رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، وانتقد مواطنون هذه الحدث وتكاليفه الباهظة في ظل الضغوط الاقتصادية التي تمر بها البلاد، خاصة مع ارتفاع البطالة إلى نحو 31 في المائة.
******************************************
رايتس ووتش تدعو لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية
متابعة – طريق الشعب
دعت منظمة هيومن رايتس ووتش، الاتحادين الأفريقي والأوروبي إلى وضع احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في صلب شراكتهما، وحثتهما على مضاعفة الجهود للتعامل مع الفظائع المرتبطة بالنزاعات وتعزيز المؤسسات والمعايير التي تحمي الحقوق".
وطالب ألان نغاري، مدير المناصرة في إفريقيا، قبل القمة السابعة المنتظرة بين الاتحادين يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، في العاصمة الأنغولية لواندا، بـ "ألا يدّخرا جهدا في محاسبة مرتكبي الفظائع ودعم الإستراتيجيات في كلا القارتين وغيرها للتصدي للتحديات الحقوقية المستمرة والناشئة".
وأكدت المنظمة أن النزاعات المسلحة الوحشية أدت إلى تهجير ملايين المدنيين، إذ نفذت الأطراف المتحاربة هجمات متعمدة وعشوائية عليهم، ما تسبب في حالات وفاة وإصابات وانتهاكات جسيمة أخرى.
وطالبت "رايتس ووتش" الاتحادين الأوروبي والأفريقي بـ "العمل معا بشكل عاجل لدعم مبادرات قوية لحماية المدنيين وسد فجوة المساءلة في السودان"، واتهمت قوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها، بتنفيذ عمليات قتل خارج القانون وتعذيب وإخفاء قسري، بالإضافة إلى الاعتداء الجنسي على النساء والفتيات ومنع وصول المساعدات ا
************************************************
جوزيف عون: لبنان تعبت من حالة اللادولة
بيروت - وكالات
أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون، استعداد لبنان للتفاوض مع إسرائيل برعاية أممية أو أميركية أو دولية مشتركة لوقف الاعتداءات عبر الحدود بشكل نهائي. وقال عون، في كلمة تلفزيونية بمناسبة عيد الاستقلال، إن "المبادرة تتضمن تولي الدول الشقيقة والصديقة تحديد مواعيد واضحة لآلية دولية لدعم الجيش اللبناني، وإعادة الإعمار وصولا للهدف النهائي المتمثل في حصر السلاح بيد الدولة. وأكد مجددا استعداد الجيش اللبناني لتسلم النقاط المحتلة على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل". وقال الرئيس اللبناني إن الظروف تغيرت، وإن لبنان تعب من (حالة اللادولة)، مؤكداً أن "الجيش الذي يحمي اللبنانيين ثابت في مواقفه والتزامه في الدفاع عن الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال".
*********************************
تحذيرات للطيران المدني في أجواء فنزويلا تحشيد عسكري أمريكي – فنزويلي.. هل ستندلع المواجهة؟
متابعة – طريق الشعب
تواصل واشنطن تحشيد قواتها قبالة السواحل الفنزويلية بحجة انهاء وجود مهربي المخدرات، في حين تشير مصادر صحفية إلى ان "ترامب يعد العدة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو".
حماية المواقع الحيوية
وأمر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الجيش والمجموعات المسلحة البوليفارية وأفراد قوات الدفاع الشعبي بحماية المواقع الحيوية في البلاد مثل منشآت النفط والغاز والكهرباء، متهماً وكالة المخابرات المركزية الأميركية بمحاولة تنفيذ مخطط يهدف إلى تخريب منشآت استراتيجية في البلاد للإضرار بالاقتصاد الفنزويلي.
وأفاد مادورو بأنه أعطى تعليمات بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ في المنطقة المطلة على الساحل الكاريبي قائلا: "توجد خطة دفاعية شاملة لكامل خط كراكاس-لا غوايرا. حددت بالتفصيل، شارعا شارعا، وحيا حيا. وستكون جميع أنظمة الأسلحة الثقيلة والصواريخ في حالة جاهزية للعمل".
وفي وقت سابق، أبدى الرئيس الفنزويلي استعداده للحوار مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، وكان قد أعلن سابقا حشد قوات يبلغ قوامها 4.5 ملايين شخص في البلاد واستعداده لصد أي هجوم.
ادعاءات أمريكية
ويتهم ترامب مادورو بتزعم تجارة المخدرات تجاه الأراضي الأميركية، وتحدثت تقارير إعلامية أميركية عن تلقي ترامب خططا من القادة العسكريين وسعي إدارته لتغيير النظام في فنزويلا. وبالإضافة إلى فنزويلا، لوح الرئيس الأميركي باستهداف عصابات المخدرات في المكسيك وكولومبيا.
وحشدت الولايات المتحدة قوة كبيرة في الكاريبي بالقرب من فنزويلا، ويشمل ذلك حاملة طائراتها الأكثر تطورا "يو إس إس جيرالد فورد" وسفنا حربية أخرى.
وتتوّج حاملة الطائرات فورد أكبر حشد للقوة النارية الأميركية في المنطقة منذ أجيال، وبوصولها تشمل مهمة "عملية الرمح الجنوبي" ما يقارب 12 سفينة حربية ونحو 12 ألف بحار ومشاة البحرية.
وشنت القوات الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية ضربات جوية استهدفت قوارب في الكاريبي والمحيط الهادي، تقول واشنطن إنها تُستخدم في تهريب المخدرات.
المجال الجوي في خطر
وأصدرت سلطات الطيران الأميركية، تحذيرا للطائرات المدنية التي تحلق في أجواء فنزويلا، مشيرة إلى ما يمكن أن يتسبب به "النشاط العسكري المتزايد" في المنطقة من مخاطر، وسط حشد كبير للقوات الأميركية.
وحثت هيئة الطيران الفدرالية الأميركية الطائرات المدنية في الأجواء الفنزويلية على توخي الحذر، نظرا "لتدهور الوضع الأمني وتزايد النشاط العسكري في فنزويلا أو حولها".
وأضافت "قد تشكل هذه التهديدات خطرا محتملا على الطائرات بجميع الارتفاعات، بما في ذلك أثناء التحليق ومرحلتا الوصول والمغادرة و/أو المطارات والطائرات على الأرض".
أيامه معدودة؟
وفي حديث صحفي لترامب في وقت سابق، أكد أن "أيام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو معدودة لكنه شكك في أن الولايات المتحدة ستخوض حربا مع فنزويلا، وجاء هذا التصريح رغم تسارع خطوات وزارة الحرب الأميركية لحشد قطع بحرية متقدمة في المياه الدولية بالقرب من شواطئ فنزويلا.
وفي الوقت الذي يواجه فيه رئيس فنزويلا مادورو، لائحة اتهام بالاتجار في المخدرات في الولايات المتحدة، يعتقد بعض المراقبين أن ما يقوم به ترامب يهدف لاستخدام تهريب المخدرات كذريعة "لتغيير النظام" في كاراكاس والاستيلاء على النفط الفنزويلي.
**************************************
الصفحة السابعة
في العام الستين للانقلاب الدموي إندونيسيا تشهد انتفاضة شعبية استثنائية
رشيد غويلب
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت إندونيسيا أول دولة في جنوب شرق آسيا تعلن استقلالها في 17 آب 1945. وخضعت إندونيسيا للاستعمار الهولندي لأكثر من ثلاثة قرون. إ لم تعترف هولندا باستقلال مستعمرتها السابقة إلا في نهاية عام 1949، بعد محاولات فاشلة لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء بـ "إجراءات بوليسية". ومن المفارقات أن الولايات المتحدة هي التي أقنعت لاهاي باتخاذ هذه الخطوة، حرصًا منها على تجنب تطور مماثل لما حدث في الصين.
خطر الشيوعية
في بداية عام ١٩٦٥قيّمت حكومة الولايات المتحدة الوضع السياسي في إندونيسيا بأنه حرج للغاية، ليس بسبب تطورات الحرب في فيتنام فقط، في حزيران ١٩٦٤، أفادت صحيفة الحزب الشيوعي الإندونيسي، "هاريان راكيات" (صحيفة الشعب)، بأن عدد أعضاء الحزب تجاوز ثلاثة ملايين عضو، وهو نمو هائل مقارنةً بـ ٨٠٠٠ عضو وقت إعلان الاستقلال عام ١٩٤٥. ووفقًا للصحيفة، بلغ إجمالي عدد الأعضاء والمتعاطفين مع الحزب ١٨ مليونًا. وهكذا، شكّل الحزب الشيوعي الإندونيسي تهديدًا حقيقيًا من وجهة نظر القوى المحافظة المؤثرة في البلاد وفي واشنطن. ويتجلى هذا في أن الحزب كان أيضًا مشتركا في حكومة الاستقلال الأولى. وفي السياسة الخارجية، كان هناك اتفاق بين الحزب الشيوعي الإندونيسي والرئيس سوكارنو على نهج مناهض للإمبريالية. ومنذ استضافة مؤتمر تأسيس حركة عدم الانحياز في باندونغ، سعى سوكارنو إلى تحقيق توازن داخلي بين "القومية والدين والشيوعية".
أثارت المشاورات المتزايدة بين كبار الضباط الإندونيسيين والأمريكيين مخاوف بعض الضباط الشباب وقيادة الحزب الشيوعي الإندونيسي من أن "مجلس الجنرالات" الموالي لواشنطن يخطط للإطاحة بسوكارنو، والقضاء على الشيوعيين والنقابيين والقوميين اليساريين، واعتماد سياسة خارجية موالية للغرب، وإلغاء التأميمات المؤقتة إلى مالكيها الأجانب، وفتح البلاد أمام الاستثمار الأجنبي. وان موعد تنفيذ الانقلاب ربما سيكون في 5 تشرين الأول 1965، تزامنا مع ذكرى تأسيس القوات المسلحة.
أُحبطت خطة الانقلاب المفترض بانقلابٍ مضاد نفّذه المقدم أونتونغ سيامسوري، قائد الحرس الشخصي للرئيس سوكارنو، ليلة 30 أيلول - 1 أتشرين الأول 1965. ونجحت قواته في أسر ستة جنرالات رفيعي المستوى، بمن فيهم القائد العام ياني. قُتل الضباط الأسرى وأحد مساعديهم، وهو ملازم. وفي صباح 1 تشرين الأول، أعلنت إذاعة جاكرتا الحكومية عن تشكيل "مجلس ثوري". ولم يُكشف عن أسباب العملية سوى إدانة كبار الضباط بالتواطؤ مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وبالتالي تهميشهم. ووفقًا للبيان الإذاعي، فإن الرئيس سوكارنو في مأمن، وسيواصل إدارة شؤون الدولة كالمعتاد.
على الرغم من غموض الخطة وغموض البرنامج السياسي لـ "حركة 30 سبتمبر"، إلا أنها انهارت بنفس السرعة. التزم سوكارنو الصمت ولم يُدلِ بأي تصريحات مؤيدة أو معارضة للأحداث، ولم تُوجّه قيادة الحزب الشيوعي الإندونيسي أي دعوات للشعب لدعم "حركة 30 سبتمبر". بل على العكس، كان الأمر كما هو: التزموا الهدوء. من المستفيد من كل هذا؟ سيطر اللواء سوهارتو، قائد الاحتياطي الاستراتيجي للجيش، وحدة كوستراد النخبوية، على كل شيء في غضون ساعات قليلة. ولا سيما أن بعض "الانقلابيين" كانوا من بين مُقرّبيه. وبحلول مساء الأول من أكتوبر، كان "الانقلاب" قد فشل فشلاً ذريعاً. وما تلا ذلك كان انتقاماً لا هوادة فيه من المنتصرين.
مارس الانقلابيون الجدد إبادة جماعية علنية ضد أعضاء الحزب الشيوعي والمتعاطفين معه، مدعومة صراحةً مع ترحيب لا لبس فيه من كبار ملاك الأراضي وحلفائهم في المؤسسة الدينية. لقد مارست ميليشياتهم إرهاب الدولة الذي أطلقه سوهارتو. لقد كان الانقلاب موجها بالأساس لتدمير الحزب الشيوعي ومحيطه الديمقراطي، على غرار انقلاب 8 شباط 1963 الأسود في العراق. تم قتل نصف مليون مواطن على الأقل وتُقدر بعض المصادر عدد القتلى بثلاثة ملايين. لقد نجحت خطة سوهارتو والغرب ومنذ ذلك الحين، برزت إندونيسيا كشريك موثوق للولايات المتحدة الأمريكية.
انتفاضة 2025 ضد الأوليغارشية
بلغت الاحتجاجات، التي اجتاحت إندونيسيا خلال عام 2025، ذروتها في نهاية آب وخرج الآلاف إلى شوارع مدن البلاد الرئيسة، للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وإصلاح مؤسسات الدولة.
بدأت الانتفاضة بتحرك شعبي في 25 آب، ردا على قرار الحكومة، منح أعضاء البرلمان بدل سكن يزيد عشرة أضعاف على الحد الأدنى للأجور، في حين أن الملايين يغطون بالكاد تكاليف معيشتهم.
وتصاعد الغضب عندما شارك أعضاء مجلس النواب في رقصات خلال الاجتماع السنوي، ووصف أحدهم المتظاهرين بـ "أكبر حمقى في العالم". وأدلى أعضاء آخرون في المجلس بتصريحات مهينة مماثلة. وسرعان ما أدى التناقض الصارخ بين الواقع الاقتصادي القاسي الذي يعيشه الإندونيسيون يوميًا وغطرسة الطبقة السياسية إلى تفجر الغضب على مؤسسات الدولة.
استمرت الانتفاضة حتى 28 آب. وطالبت بزيادة الأجور، ووضع حدٍّ للاستعانة بمصادر خارجية، وإصلاحٍ انتخابي، ودعت الدولة إلى حماية مصالح مواطنيها. إلا أن موجة الاحتجاجات سرعان ما تصاعدت، وتصاعد معها رد السلطة، مما أدى إلى وفاة أحد المحتجين، يعمل سائق دراجة أجرة نارية ويبلغ من العمر 21 عامًا، دهسته الشرطة في حادث تصادم. وتحول موته، إلى تجسيد لعنف السلطة ضد مواطنيها، مما دفع آلافا إضافية إلى النزول إلى الشوارع.
لم تعد المقاومة ضد الحكومة الحالية تقتصر على العمال، بل شملت أيضًا الطلاب وذوي الكفاءات العالية، وحتى سائقي خدمة التوصيل. ولا تنحصر الانتفاضة ضد مجلس النواب، بل شملت أيضًا الشرطة، التي غالبًا ما تستخدم العنف لقمع المواطنين. ومع ذلك، لم تشكل الاحتجاجات حتى الآن تهديدًا للطبقة الحاكمة.
إرث الانقلاب الدموي
منذ انقلاب عام 1965 الدموي، عاشت إندونيسيا عقوداً تحت الحكم العسكري المباشر أو غير المباشر. ومع وصول الرئيس الحالي برابوو، إلى دفة الحكم، تجددت مخاوف إحياء دكتاتورية الجنرالات، إلى الرئاسة، وجاءت التعديلات القانونية الأخيرة التي منحت الجيش صلاحيات تتعلق بحياة المواطنين اليومية، لتعمق هذه المخاوف، وتمثل للكثيرين تهديد ملموس للمكتسبات الديمقراطية الهشة أصلا. وأعاد إلى الأذهان يوميات ديكتاتورية سوهارتو.
الرئيس الحالي برابوو سوبيانتو، هو جنرال ووزير الدفاع أسبق، أصبح رئيسا للجمهورية، بعد فوزه في جولة الانتخابات الأولى عام 2024، بحصوله على 58,6 في المائة من أصوات الناخبين.
وهو ينتمي إلى النخبة العسكرية، وبعد تقاعده تحول إلى رجل أعمال، لكن هذا لم يغير الكثير في علاقته بالعسكر والنخبة الحاكمة فهو صهر الدكتاتور والرئيس الأسبق سوهارتو.
تزوج برابوو عام 1983 من ستي هدياتي هاريادي، الأبنة الثانية لسوهارتو، بعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية عام 1974 وخدم في الجيش لمدة 28 عاما، وشارك في بمهمة قمع الحركة "الانفصالية" في تيمور الشرقية في عام 1976.
وأصبح برابوو قائدا لكتيبة المشاة المحمولة التابعة لقيادة الاحتياط الإستراتيجي للجيش في عام 1987 بعد إكمال دورة ضباط القوات الخاصة في قاعدة "فورت بينينغ" بالولايات المتحدة.
وبعد إجبار الانتفاضة الشعبية في عام 1998 سوهارتو على التخلي من رئاسة للبلاد.، وبداية سلطة النظام الجديد القائم على التعددية الحزبية والديمقراطية، تولى برابوو قيادة كلية الأركان في باندونغ، وبعدها بفترة وجيزة تم تسريحه من الجيش بعد اتهامه بالتورط في اختطاف طلاب منتفضين في عام 1998 وانتهاكات لحقوق الإنسان في بابوا وتيمور الشرقية.
وجاء تسريحه من الخدمة العسكرية أيضا بعد أن أمر قواته بمحاصرة القصر الرئاسي في عهد يوسف حبيبي، الذي خلف سوهارتو في حكم البلاد، بقرار من محكمة عسكرية في 14 تموز 1998 بعد إدانته بـ 7 تهم.
بعد إقالته تنقل بين الأردن وبلدان أوربية، ثم عاد إلى إندونيسيا عام 2001، وسار على خطى شقيقه الأصغر رجل الأعمال هاشم جوجوهاديكوسومو، الذي يعد أحد أغنى رجال الأعمال في إندونيسيا.
أنشأ برابوو عدة شركات تعمل في مجال الطاقة وزيت النخيل والفحم والغاز والتعدين والزراعة وصناعات صيد الأسماك.
وبالتالي فإن أداءه السياسي والاقتصادي كرئيس للبلاد، أعاد تاريخه العسكري إلى الذاكرة، بالإضافة إلى انتمائه إلى عائلة الدكتاتور سوهارتو.
أسباب اقتصادية
يعود غضب السكان أساسا إلى هيمنة الأوليغارشية الثرية على النظام السياسي في البلاد. وفقًا لمعطيات منظمة مراقبة الفساد في إندونيسيا، فإن 354 من أصل 580 عضوًا في مجلس النواب في الفترة التشريعية 2024-2029، أي ما يقارب 61 في المائة، ينتمون بأشكال متعددة إلى عالم رجال الأعمال. في الفترة التشريعية 1999-2004، كانت النسبة 33,6 في المائة.
تضمن هيمنة الأوليغارشية على السياسة، عمل مؤسسات الدولة لمصالحة الأثرياء، وليس للمصلحة العامة. في عهد الرئيس برابوو سوبيانتو، ارتفع عدد العاطلين عن العمل، في شباط 2025، إلى 7,28 مليون (مجموع سكان البلاد 283,5 مليون /2024)، بزيادة قدرها 80 ألفًا مقارنة بالعام السابق. وتعود أسباب ذلك إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال وشحة فرص العمل نتيجةً للفشل في تنفيذ إصلاحات هيكلية وغياب عملية تصنيع الاقتصاد الإندونيسي. في الوقت نفسه، ارتفع عدد العمال غير النظاميين إلى 86,58 مليون، أي ما يمثل 59.4 في المائة من القوى العاملة.
ولا يعود تدهور الرعاية الاجتماعية في ظل الحكومة الحالية إلى الأزمة الاقتصادية فقط، بل أيضًا إلى سياسات الإنفاق. فبعد توليها السلطة في تشرين الأول 2024، طبّقت حكومة برابوو إجراءات تقشفية لكبح جماح الإنفاق المفرط للحكومة السابقة، وأدى نقل العاصمة إلى إيبو كوتا نوسانتارا إلى استنزاف موارد الدولة وتضخم الدين العام. وقُلّصت بنود الميزانية الأساسية، مثل التعليم والصحة، بينما ازداد الإنفاق على الجيش والشرطة.
يُبين هذا النمط أن حكومة برابوو لا تنوي حل المشكلات الهيكلية القائمة بضمان الأمن الاجتماعي للسكان، بل بتعزيز جهاز عنف الدولة. وهذا يؤكد بوضوح أولوياتها: فبدلاً من السعي لكسب الشرعية من خلال الضمان الاجتماعي، تعتمد الحكومة بشكل متزايد على الإكراه، وهو تطور غالبًا ما يُصاحب ترسيخ حكم الاستبدادي.
دورات التعبئة
لا يمكن فصل انتفاضة آب عن المقاومة الأوسع نطاقًا التي تختمر ضد الأوليغارشية منذ سنوات. بدأت حركات مختلفة من الاحتجاجات على إصلاحات الرئيس السابق جوكو ويدودو (المعروف أيضًا باسم جوكوي)، بما في ذلك الحركة الطلابية عام ٢٠١٩ والتعبئة الجماهيرية عام ٢٠٢٠ ضد التصديق على ما يُسمى بقانون خلق فرص العمل الشامل، الذي ألغى العديد من حقوق العمال باسم تشجيع الاستثمار.
سبقت احتجاجات آب عشر تظاهرات حاشدة، منذ تولي الرئيس الحالي مهام منصبه على الاقل، اثنتان منها جديرتان بالملاحظة بشكل خاص. كانت الأولى احتجاجًا شبابيًا في شباط بعنوان "إندونيسيا المظلمة"، عكست ازدياد تشاؤم المتظاهرين الشباب بشأن المستقبل بسبب فشل الحكومة في حماية المواطنين من الآثار السلبية لسياسات التقشف. ومن الأمثلة على ذلك برنامج "الوجبات الغذائية المجانية"، الذي عانى، على الرغم من تمويله بقرابة 22 مليار يورو، اي ما يساوي 11 في المائة من الموازنة العامة، من مشاكل مثل سوء جودة الطعام وحالات التسمم الجماعي في العديد من المدارس. ومن المعروف أن الشباب يشكل أكثر من 50 في المائة من سكان البلاد، ومعظمهم دون الثلاثين. وهو جيل طموح ومتمرد، يحاول إجبار الحكومة على تلبية حاجته إلى فرص العمل والتعليم والخدمات، لكنه يصطدم بواقع محدودية فرص العمل المضمونة وفرص العمل المؤقتة. ولذا، ليس غريبا ان تقود الشبيبة موجة الاحتجاجات الأخيرة. وعلى الرغم من أن الرئيس لم يمضِ في الحكم سوى عام واحد، إلا أن كثيراً من المحتجين لا يرونه وجهاً جديداً، بل امتداداً لطبقة سياسية عسكرية - مدنية قديمة، متهمة بالفساد والتواطؤ. لذلك لم ينتظر الناس سنوات للحكم عليه، بل رأوا في سياساته المبكرة دليلاً على سعيه لإعادة إنتاج النظام السابق، ولكن بحلة جديدة.
وأثر النجاح السريع في اقتلاع منظومة الفساد الحاكمة في سريلانكا، في انتشار عدوى التغيير، بالإضافة إلى تجربة طلبة إندونيسيا الناجحة في إسقاط نظام سوهارتو، ومع ذلك، لم تنجح أي من هذه الاحتجاجات في إقناع الحكومة بتغيير سياساتها.
انتشرت التعبئة أيضًا في أنحاء إندونيسيا الشاسعة. في 13 آب، واندلعت احتجاجات حاشدة في باتي، بجاوة الوسطى على خطط زيادة ضرائب العقارات بنسبة تصل إلى 250 في المائة، إذ شعر السكان بأن ذلك يهدد سبل عيشهم. كما اندلعت احتجاجات مماثلة في بونه، بجنوب سولاويزي، حيث خططت الحكومة المحلية لزيادات ضريبية تصل إلى 300 في المائة. وهكذا، كان ما شهده العالم في نهاية آب الاحتجاج الأبرز، ولكنه جزء من موجة احتجاجات تصاعدت منذ عام 2019 بسبب عدم اكتراث الحكومة برفاهية الأغلبية.
البديل
ما يجعل الانتفاضة الجماهيرية الأخيرة لافتة للنظر هو ممارسة الطبقة الحاكمة القمع المنهجي. أفادت لجنة حقوق الإنسان المعنية بالمفقودين وضحايا العنف بقيام الشرطة بممارسة العنف المباشر في 602 حالة ضد المعارضين السياسيين بين حزيران 2024 وتموز 2025، شملت عمليات قتل كيفية، وتعذيب، واعتقالات غير قانونية. كان العنف ضد الحركات الاحتجاجية دوما جزءًا من السياسة الإندونيسية، إلا أن شدته ونطاقه كانا أكبر بكثير خلال هذه الفترة مقارنةً بالعقود الأخيرة، مما يشير إلى أن الحكومة الحالية تزداد استبدادا.
ومع تصاعد الاحتجاجات في آب الفائت، كثّفت السلطة هجماتها وحاولت تشويه سمعة المحتجين بوصفهم بثيري شغب ودعاة العنف. لقد أدت جهود السلطة لإسكات صوت المحتجين عبر القمع والعمليات الاستخباراتية إلى عرقلة التعبئة الجماهيرية. لم يعد المواطنون الغاضبون راغبين في النزول إلى الشوارع، خوفًا من أن يُساء فهم مطالبهم المشروعة، لذلك كانت حصيلة محاولات التعبئة التالية في أوائل ايلول منخفضة، ويعود ذلك أساسًا إلى الخوف من عمليات القمع الدموية. في الجانب الآخر قدّم نشطاء الفئات الوسطى عدة مطالب إلى مجلس النواب لم يتحقق منها شيء ملموس.
تكشف هذه الديناميكية عن مفارقة جوهرية في السياسة الإندونيسية الراهنة: من جهة، احتجاجات واسعة النطاق ترفض سياسات التقشف وترسيخ حكم الأوليغارشية. ومن جهة أخرى، ونظرًا لغياب حركة منظمة، يفتقر الغضب الشعبي في التحول إلى قوة دفع واضحة تُزعزع أركان السلطة الأوليغارشية. وفي نهاية المطاف يؤدي القمع الواسع إلى تشديد قبضة الأجهزة الأمنية على المجتمع، ولو لحين.
وكذلك يعد التشتت أكبر نقاط ضعف الحركات الاحتجاجية الحالية في إندونيسيا: فالعمال يُناضلون من أجل مطالبهم الاقتصادية، والمزارعون معزولون في دفاعهم عن أراضيهم، والمجتمعات الحضرية الفقيرة تُقاوم عمليات الإخلاء على المستوى المحلي فقط، والطلاب يُتظاهرون في الحرم الجامعي، لكن هذه النضالات نادرًا ما تُشكل جبهة موحدة. وبالتالي نحن إزاء فعل احتجاجي متواصل، لكنه غير موحد وهش، لا يستطيع تحقيق أهدافه المرجوة، على الرغم من صور البطولة التي يرسمها المحتجون.
للتغلب على التشتت، يجب على الحركات الاحتجاجية في إندونيسيا إدراك أنه لا يمكن لأي قطاع، مهما بلغ تنظيمه، أن يواجه وحيدًا تحالف الأوليغارشية والنخب السياسية. وبالتالي فان غياب قيادة سياسية، متجذرًا في النضالات المستمرة للشباب المحرومين من حقوقهم، والفلاحين، والعمال غير النظاميين.
يعود هذا الغياب إلى النتائج الكارثية لانقلاب 1965، فمنذ إبادة الحزب الشيوعي الاندونيسي، لم يستطع اليسار العودة إلى القدرة على التأثير في تنظيم وتوجيه الأكثرية المتضررة. وهذه الظاهرة لا تنحصر في اندونيسيا، بل تكاد تكون مشتركة في جميع البلدان التي شهدت انقلابات مماثلة، كان للمخابرات المركزية الامريكية الدور الأساسي فيها، باستثناء الحزب الشيوعي التشيلي، الذي استطاع، ان يلملم جراحات القمع الفاشي، ويعود إلى صف القوى المتصدرة للمشهد السياسي، وقد تصبح مرشحة اليسار والقيادية الشيوعية جانيت جارا، الرئيسة القادمة في تشيلي.
إن أوساطا واسعة غير منظمة تنخرط في مقاومة عفوية ومحلية، ولكن أفرادها لم ينتموا بعد إلى نقابة أو حزب سياسي، ويتمتعون بطاقة وإبداع هائلين. إن الجمع بين هذه الطاقة واستقرار أطر منظمة ليس مرغوبًا فيه فقط، بل ضروري للغاية.
ومن الثابت: أن النضال السياسي المشترك يُقوّي الحركات، في حين يُضعفها التشرذم. ولمواجهة هذا التحدي، يجب على الشعب الإندونيسي أن يتوحد، ليس بمحو التباينات، بل بدمجها في نضال أوسع من أجل العدالة والمساواة والديمقراطية. كانت انتفاضة آب أوضح برهان حتى الآن على رغبة الشعب في تغيير حقيقي. ربما يكون السعي لهذا التغيير قد توقف هذه المرة، لكن يجب أن يبدأ البحث الآن عن أشكال مقاومة أكثر فعالية، أي البحث عن أطر عمل لا تعتمد على الانفعالات والعفوية بقدر ما تعتمد على العمل الدؤوب لبناء قوة جماعية مستدامة.
*************************************
الصفحة الثامنة
ناجح المعموري.. سلاماً وانت تغالب المرض
أحمد الناجي
كنت واحداً من كثيرين تعرفوا الى ناجح المعموري منذ بدايات مشواره الأدبي، بوصفه أديباً ومبدعاً حمل هموم الكلمة وجمالها، غير أني كنت من القلة التي شاءت لها الأقدار أن تنال حميمية صداقته. عرفته عن قرب، ولامست في حديثه دفءَ الإنسان وصدق المبدع، فتوطدت بيننا صداقة متميزة، قوامها الانسجام الفكري والتقارب الثقافي. وقد منحتني رفقته فرصة ثمينة للتعرف اليه معرفة عميقة، الى شخصيته.. وطباعه.. وذوقه.. وسلوكه.. وفكره.. وآرائه التي تشي بعمق التجربة وصفاء الرؤية، وما أكتبه عنه الآن ليس ألا ومضات خاطفة من انطباعات صادقة، تومض ببعض ما انطوت عليه روح هذا المبدع الكبير، الذي ترك أثراً ثقافياً لا يخفت مع الأيام.
تجري الأيام وتتلاحق السنوات، يكبر ناجح بالعمر وتتسع مداركه، فينضج وهو يدرك تماماً أين يقف، وما ينبغي أن يكون، والى أين يجب أن يسعى، وقد تجلى وعيه مبكراً، حين ظهرت ملامح انطلاقته الأولى في مرحلة الدراسة الإعدادية، إذ قادته قناعاته الى طريق السياسة، منجذباً نحو الفكر التقدمي إبان ثورة 14 تموز 1958، تلك التي لامست أحلام الفقراء وآمالهم، وبقي طيلة حياته صادقاً مع نفسه، وفياً لفكره، تتنامى اهتماماته، وتتعمق إرادته، حتى ولج عالم الأدب هاوياً في ستينيات القرن الماضي، يسكب آماله على الورق، ويجعل من الكتابة مرآة لروحه الباحثة عن معنى.
وجد ناجح نفسه في مستهل مشواره الكتابي موزعاً بين القصة والرواية، يصوغ عوالمه الجمالية في فضاءات السرد مازجاً بين خصوبة المخيلة ودقة التصوير، وكان قلمه يميل في الوقت ذاته الى توثيق الموروث الشعبي، حيث تنبض الحكايات بالمرويات والأساطير، ولم يكن ذلك التنوع في البدايات سوى سمة مألوفة في مسار الأديب الباحث عن ذاته في ميادين الإبداع، الى أن جاءت النقلة النوعية التي حملته من حقول الأدب الى آفاق البحث في عوالم الميثولوجيا، حيث اتسعت رؤيته واشتد ألق تجربته في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وتحديداً حين انقلب المشهد الثقافي العراقي رأساً على عقب، بعدما جنحت السلطة الحاكمة الديكتاتورية الى تقويض سقف الحرية، وتبنت نهجاً يقوم على أحادية الفكر والثقافة. أثر الأديب ناجح أن ينأى بنفسه الى الهامش، بعيداً عن دوائر الضوء، ملتجئاً الى عزلة اختيارية يستعين بها على وحشة الزمن الغادر، أبتعد عما يسلب الإنسان إرادته ويصادر حريته ويخدش نقاء روحه، وارتضى أن يكتوي بلهيب الفاقة والإقصاء، وظلت (الشمس تشرق من الجهة اليسرى)، كما أعلن ذات يوم عنواناً لمجموعته القصصية المشتركة، شاهدة على رؤيته وانحيازه الإنساني. ومع ذلك كانت الدنيا تزيده مكابدة بعد أخرى، فيشتد الخطب ويلتمع الخوف في عينيه، ويشتعل الإبداع في أعماقه قلقاً وتوقاً الى الانفلات.
لم يحتمل سكون القلم ولا جفاف مداده، ولم يرتضِ أن يتلبسه الصمت فيغدو ساكناً بلا ممارسة للكتابة، فاليد لا تكل والدنيا محطات، يمضي من واحدة الى أخرى، بحثاً عن أفق جديد، جذبته الأسطورة وأنجذب هو الى سحرها بشغف صاف، فكانت صفحة الميثولوجيا مدخله الى مضمار طويل في مسيرته الثقافية وهناك بدأ فصل الكتابة من جديد، مستعيناً بأزمنة الماضي ووهجها، متنقلاً مع الأسطورة من ورقة الى أخرى، يتخذ منها ملاذاً يكسر بها رتابة الواقع، وفي ذلك الملاذ أعاد ترتيب ذاته في المشهد الثقافي، بما تمليه قسوة الظروف وتمنحه فسحة الإبداع بين الوجود والتواجد، والهموم والأحلام ومشاغل الكتابة وهواجس البوح التعبير.
لقد وجد ضالته في عالم ساحر، تتجلى فيه بدئية التكوين الإنساني، وينجلي الإحساس بالوجود في حضرة الانزواء الخلاق. هناك، حيث مكمن صالح للعيش وممكن للحياة، حتى وإن غاصت الأحلام في أعماق الروح، فإنها تظل قادرة على احتواء قدراً من الطموح، ويبقى المغزى الأسمى هو البقاء والديمومة خارج دائرة الارتهان. وقد فعل ونجح في مسعاه، وهو الناجح حقاً، ولكل أمري من أسمه نصيب، كان موفقاً في انصياعه لرغبته العميقة، تلك المتصلة بدخيلته الجوانية اتصالاً وثيقاً، إذ لا يمكن إغفال دافعية اللاوعي ومهيمنات اللاشعور غير المدركة، التي قادته نحو الميثولوجيا، وجذبته بقوة الى منطقة اشتغالات المخيلة العميقة، لينفتح عبرها على أفق معرفي وموسوعي شامل.
سعى الى تكوين شخصيته الثقافية بتميز واضح، وظل يسابق الزمن مندفعاً بشغف لا يهدأ، يطالع يقرأ ويتعلم في حماسة تتقد يوماً بعد آخر، حرص على نسج مكوناته الثقافية بتفرد لافت، فلم يكتفِ بما بين يديه من معارف، بل مضى أبعد من ذلك، متوغلاً في مديات قصية من أعماق التاريخ، وقد قاده شغفه بدراسة التاريخ القديم الى حضور دروس طلبة الماجستير في قسم الاثار بجامعة القادسية، لا من باب السعي وراء شهادة أكاديمية، بل رغبة صادقة في الاستزادة من معارف حضارات العراق القديمة، والاطلاع على امتداداتها العميقة في مسيرة التاريخ الإنساني.
انغمر في ميدان البحث والتقصي في أغوار تاريخ الحضارات، متتبعاً أثر الأساطير، باحثاً عن منفذ الى أسرار الميثولوجيا وآفاقها الرحبة. وتقدم بإصرار في تطوافه التنقيبي، تتسع معارفه عمقاً وغزارة، وهو يحفر تحت طبقات الزمن، وينفض الغبار عن النصوص التي توارت بفعل التقادم في متاهات التاريخ، ولم يتردد في تقديم قراءاته النقدية الفاحصة، وإن حملت كشوفاته بعض التأويلات (المضاعفة والمخصبة) والمغايرة لما هو سائد، إذ كان ينطلق من فهم عميق واقتدار معرفي، ومن رغبة صادقة في إعادة اكتشاف المعنى، وإضاءة ما خفي واندس في ضفة المسكوت عنه من الموروث الأسطوري.
يا صديقي.. وأنت في هذه اللحظات القاسية التي تغالب فيها المرض، لا يسعني ألا أن أستعين بغوايتك المحببة (ملحمة كلكامش)، لأستحضر منها فكرة الخلود التي انشغل بها (جدنا) كلكامش وتاق اليها، تلك الفكرة التي تكشف أن ما يخلد الإنسان حقاً هو عمله وما يتركه من أثر باقٍ في الذاكرة. فأقول مطمئناً: تبقى الحياة قصيرة والزمن سريع العبور، ويبقى الموت -بعد عمر مديد- استحقاقاً مؤجلاً لنا جميعاً، لا يملك أحد منا أن يختار ميعاده، أو يرسم شكله، أو يحدد لونه، غير أنه ليس نهاية على الإطلاق. ويكفيك فخراً يا من تنتمي الى نسل كلكامش، أنك قد شيدت صرحاً فوق أديم كوكب الأرض، متمثلاً في منجزك البهي، الذي يلتقي فيه الماضي بالحاضر، والخيال بالواقع، والفكر بالإحساس، تلك المؤلفات المدهشة التي حازت مكانة مرموقة في المكتبة العراقية والعربية، واقترب عددها من الخمسين كتاباً، توزعت على مختلف الأجناس الأدبية والميادين الثقافية والحقول المعرفية، فكن مطمئناً، يا صاحبي أن لديك حصيلة غزيرة باقية وخالدة، لا تضاعف أمد الحياة فحسب، بل تبقيك حياً في ذاكرة الإبداع ووجدان الأجيال. وقد خرجت قبل أعوام قليلة من براثن الجائحة الكورونية سالماً، وأرجو الله المقتدر في هذه اللحظات، أن يمن عليك بالعافية، ويعينك على تجاوز هذه الشدة، لتعود كما عرفناك دائماً، مفعماً بالحياة والإبداع.
*******************************************
السودان.. ما بين معارك كسر العظم وتليين المواقف التفاوضية
قرشي عوض
مصطلح "تليين المواقف الدفاعية" يستخدمه العسكريون ويقصدون به إزالة التحصينات قبل بداية العملية البرية التي يقوم بها المشاة. وفي عملية التليين تلك يدخل سلاح الطيران العادي والمسير، كما تستخدم المدفعية من مسافات بعيدة. وفي حرب السودان التي دخلت مرحلة ما يسمى بتوازن القوة، التي تفضي إما إلى الإفناء المتبادل او التسوية السياسية للأزمة، تنشط هذه الأيام فوق سماوات المدن والبلدات خطوط النار المتبادلة، خاصة في إقليم كردفان. وفي وقت أعلن فيه قائد الجيش السوداني رفضه لأي هدنة او تفاوض، ذلك في ظل المبادرة الرباعية التي تتزعمها أمريكا وتضم السعودية ومصر والإمارات.
ويجيء هذا التصعيد بعد احتلال قوات الدعم السريع لمدينة الفاشر الاستراتيجية والتي تتمركز فيها واحدة من أكبر فرق الجيش السوداني التي شاركت في الحرب العالمية الثانية إلى جانب قوات الحلفاء، إضافة إلى مكانة المدينة التاريخية كعاصمة لمملكة الفور التي ضمتها بريطانيا إلى أملاك الخديوي في وادي النيل وسواحل البحر (هكذا كان يعرف السودان في المراسلات البريطانية لمنع توغل الدول الاوربية فيه) عام 1916.
إذا فقد هذه المدينة يمثل هزيمة عسكرية ومعنوية للجيش. وقد سادت موجة من الإحباط وسط جموع الشعب عقب دخول قوات الدعم السريع اليها، الشيء الذي يفسر اللغة المتشددة التي تحدث بها قادة الجيش في الأيام القليلة الماضية.
لكن من ناحية أخرى فإن مجلس الأمن والدفاع السوداني، وفي بيانه الأخير الذي تلاه وزير الدفاع، لم يغلق الباب نهائيا أمام الوساطة الدولية لحل النزاع سلميا. رغم انه لم يخرج في مضمونه عن لغة التعبئة العامة للحرب وأكد على ان السودان له حق مشروع في الدفاع عن سيادته الوطنية ووحدة أراضيه. والنقطة الاخيرة فسرها خطاب البرهان الأخير بضرورة خروج قوات الدعم السريع من المدن التي يسيطر عليها وتسليمه للسلاح الثقيل وتجميع قواته في معسكرات يتم الاتفاق عليها. وهو موقف لم يتطور كثيرا عن مخرجات اتفاق جدة في وقت سابق. وهي خطوة قال عنها "الدعم السريع" انها تمثل أحلاما غير واقعية من قبل الجيش، في الوقت الذي أعلن فيه موافقته على الهدنة بلا قيد او شرط. وذلك من أجل تخفيف الضغط الدولي عليه بعد توالي الإدانات عليه بسبب الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها قواته في دارفور، خاصة في الفاشر. وكان أبرزها موقف وزارة الخارجية الامريكية التي سمت قوات الدعم السريع بالاسم وحملتها مسؤولية ما حدث وطالبت بمنع تدفق السلاح اليها وحذرت الدول التي تقوم بذلك دون أن تسميها. وهذا الموقف اعتبره مراقبون يميل إلى صالح الجيش. كما أدان مجلس حقوق الانسان تلك الانتهاكات وكون لجنة بشأنها وطالب بإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولامتصاص هذه الهجمة سارع "الدعم السريع" بقبول الهدنة في وقت لا زالت فيه المظاهرات تجوب عواصم العالم أجمع تنديدا بما حدث في الفاشر. وتتهم الإمارات بأنها تبيد الشعب السوداني بدعمها لهذه المليشيا.
في ظل هذه الظروف أطلق الجيش السوداني أكبر عملية برية استعاد بموجبها ثلاث مناطق في محيط مدينة الأبيض الاستراتيجية، والتي توجد بها أكبر حاميات الجيش في إقليم غرب السودان. وبها مطار استخدم في حرب الجنوب ونقل المساعدات الانسانية إلى دارفور وجبال النوبة ومنطقة أبيي المتنازع عليها وإلى غرب افريقيا. كما أعلنها الجيش مركز قيادة متقدما لطرد مليشيا الدعم السريع من غرب كردفان تمهيدا لاستعادة مدن دارفور التي تسيطر عليها تلك القوات المتمردة.
سخونة العمليات الحربية تشير إلى أننا مقبلون على أحد احتمالين، اما عمليات كسر العظم وانتصار أحد الطرفين او تليين المواقف التفاوضية بإحراز نقاط تقدم في الميدان قبل الجلوس إلى مائدة التفاوض. وفي الحالتين سوف تشتد وتيرة المعارك الحربية ويزداد تأثيرها السالب والمدمر على حياة المدنيين الذين يحتاج أكثر من 70 في المائة منهم للمساعدات الانسانية العاجلة حسب تقارير الأمم المتحدة.
******************************************
تشيلي
مشروع إصلاحيّ قابل للتفاوض
أسامة عبد الكريم
في مشهد سياسي بالغ التعقيد، دخلت تشيلي مرحلة جديدة من الاستقطاب بعد صدور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التي أفرزت تقدّم المرشحة الشيوعية جانيت جارا بحصولها على 26.85 في المائة من الأصوات، مقابل 23.92 في المائة لمنافسها اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست، في سباق سيُحسم نهائياً خلال الجولة الثانية المقررة في 14 ديسمبر 2025. ويعكس هذا التقدم الأولي تحوّلاً متنامياً في المزاج الشعبي نحو خيارات اجتماعية أكثر راديكالية، لكنه لا يعني بالضرورة أفضلية مضمونة في المرحلة الحاسمة، خاصة في ظل حالة التشتت التي يعيشها اليسار وانخفاض شعبية حكومة الرئيس غابرييل بوريتش.
تأتي جارا إلى هذا السباق محمّلة برصيد نقابي وسياسي منحها حضوراً لافتاً في السنوات الأخيرة. فهي ابنة الحركة العمالية أكثر من كونها نتاج النخبة السياسية التقليدية، حيث اشتهرت بقيادتها اتحاد موظفي الدولة (ANEF) ودفاعها عن حقوق العمال والطبقات الشعبية. ومنذ تعيينها وزيرة للعمل والضمان الاجتماعي في حكومة بوريتش عام 2022، برزت بوصفها مهندسة لإصلاحات اجتماعية جوهرية، أبرزها رفع الحد الأدنى للأجور وتقديم مشروع إصلاح نظام التقاعد، الساعي إلى استبدال النظام الخاص القديم (AFP) بآخر يقوم على مبادئ التضامن والعدالة الاجتماعية. هذه الخلفية جعلت منها رمزاً لقوى اليسار الديمقراطي الباحثة عن تجديد خطابها واستعادة ثقة القواعد الشعبية.
في المقابل، يواصل خوسيه أنطونيو كاست تعزيز موقعه عبر خطاب أمني متشدد يركّز على مهاجمة المهاجرين ووعود استعادة “النظام”، وهو خطاب يجد قبولاً واسعاً في المناطق الريفية وبين فئات تشعر بأن الدولة فقدت قدرتها على ضبط الأمن. وينتمي كاست إلى عائلة ارتبطت ارتباطاً مباشراً بمرحلة ديكتاتورية أوغستو بينوشيه، ولا يُخفي إعجابه بتلك الفترة التي يعتبرها نموذجاً للاستقرار. هذا الموقف الذي يراه أنصاره قوة ووضوحاً، يثير في المقابل مخاوف عميقة لدى عائلات ضحايا التعذيب والاختفاء القسري، الذين يعتبرون صعوده إهانة للذاكرة الجماعية ومحاولة لإعادة تلميع ماضٍ قمعي ما زالت جراحه مفتوحة. تظهر استطلاعات سبتمبر أن جارا قد تتقدم في الجولة الأولى بنسبة تقارب 28 في المائة، لكنها قد تواجه صعوبة في الفوز بالجولة الثانية، حيث يظل المزاج العام متأثراً بشدة بانخفاض الثقة في حكومة بوريتش. التحدي الأكبر لجارا لا يتمثل في حشد قواعد اليسار فحسب، بل في قدرتها على استقطاب الناخبين المترددين الذين يشعرون بخيبة أمل من أداء الحكومة الحالية، ويرون في الوقت ذاته أن صعود اليمين المتطرف يحمل مخاطر حقيقية على النموذج الديمقراطي الذي بُني في العقود الثلاثة الماضية. إنّ هذا الصراع الانتخابي ليس مجرد تنافس بين مرشحين، بل هو تعبير مكثّف عن استمرار تأثير إرث الديكتاتورية في بنية المجتمع والسياسة في تشيلي. فبعد أكثر من ثلاثين عاماً على انتهاء حكم بينوشيه، لا تزال أسئلة العدالة الانتقالية وحقوق الضحايا حاضرة بقوة. ومع تنامي الشعور بعدم الأمان وانتشار الهجرة غير المنظمة، يجد خطاب كاست أرضاً خصبة، ما يجعل صعوده جزءاً من موجة عالمية لليمين الشعبوي المتشدد.
وسط هذا المشهد المتقلّب، تظهر جارا بوصفها إحدى أبرز الشخصيات القادرة على بلورة مشروع يساري ديمقراطي ذي طابع اجتماعي تقدمي، يجمع بين الإصلاح والقدرة على التفاوض. وقد اكتسبت خلال عملها الوزاري احتراماً حتى من بعض خصومها، بفضل خطابها الهادئ ومعرفتها التقنية الدقيقة بالملفات الاجتماعية. وبين خيار العودة إلى نموذج سلطوي يعيد إنتاج مظاهر الماضي، وخيار يمنح فرصة لمسار ديمقراطي يعتمد الإصلاحات ومعالجة جذور الأزمات، تقف تشيلي اليوم أمام لحظة حاسمة سيحدد الناخبون عبرها شكل المستقبل السياسي للبلاد.
*************************************
الصفحة التاسعة
زيدان في انتظار قيادة فرنسا بعد المونديال
باريس ـ وكالات
قبل أشهر من انطلاق كأس العالم 2026، حسم رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم فيليب ديالو الجدل بشأن مستقبل الجهاز الفني، مؤكداً أن الإعلان عن خليفة ديدييه ديشامب سيتم في الوقت المناسب احتراماً لمسيرته الممتدة منذ 14 عاماً.
وقال ديالو في تصريحات لصحيفة ليكيب إن الحديث عن زين الدين زيدان “نابع من احترام كبير له”، لكنه شدد على أن الأولوية الآن هي الحفاظ على هدوء المنتخب واستعداداته للمونديال. وأضاف أن خيار الإعلان المبكر بين اذار ونيسان 2026 “مستبعد”، مرجحاً أن يتم الحسم بعد نهاية كأس العالم.
***********************************
تأجيل جديد لدوري نجوم العراق مع ختام الجولة السابعة
متابعة ـ طريق الشعب
تختتم اليوم الأحد منافسات الجولة السابعة من دوري نجوم العراق لكرة القدم، بإقامة مباراتين؛ إذ يستضيف فريق بغداد نادي الطلبة عند الساعة الخامسة مساء، فيما يلتقي زاخو بضيفه القاسم على ملعبه عند الساعة السابعة والنصف.
شهدت مباريات الجمعة من الجولة نفسها أحداثاً دراماتيكية ونتائج مؤثرة على جدول الترتيب. ففي بغداد، تمكن الزوراء من تحقيق فوز مهم على ضيفه نوروز بنتيجة 2-1 في اللقاء الذي أُجري على ملعبه عند الخامسة مساء.
وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، قبل أن يفتتح حسن عبد الكريم التسجيل للنوارس من ركلة جزاء في الدقيقة 63. وسرعان ما عاد نوروز للتعديل عبر روا يوسف عند الدقيقة 66، لكن اللاعب نفسه، حسن عبد الكريم، عاد مجدداً ليهدي الزوراء النقاط الثلاث بهدف ثانٍ في الدقيقة 74.
وشهد اللقاء تعرض قائد المنتخب الوطني وحارس الزوراء جلال حسن لإصابة أجبرته على مغادرة الملعب عند الدقيقة 25.
وفي ميسان، انتهت مواجهة دهوك ونفط ميسان بالتعادل الإيجابي 2-2 في مباراة مثيرة امتدت أحداثها حتى الثواني الأخيرة.
تقدم دهوك أولاً بهدف منتظر محمد في الدقيقة 38، قبل أن يعدل نفط ميسان النتيجة عبر حسين طالب (54)، ثم أضاف علاء سعد الهدف الثاني لأصحاب الأرض (78). وعند الدقيقة 90+7 خطف بيتر كوركيس هدف التعادل لدهوك من ركلة جزاء.
أما في بغداد، فحقق فريق الموصل فوزاً ثميناً على مضيفه النفط بنتيجة 2-1 في مباراة أقيمت عند السابعة والنصف على ملعب الشعب الدولي.
تقدم النفط أولاً عبر حسام جاد الله في الدقيقة 38، قبل أن يقلب المحترف السوري علاء الدين الدالي النتيجة لصالح الموصل بهدفين متتاليين (71 من ركلة جزاء، و74).
وشهد اللقاء طرد محترف النفط الغاني محمد سادات عند الدقيقة 90+2، فيما أضاع النفط ركلة جزاء قاتلة في 90+17 عبر إبراهيم غازي بعد أن علت كرته العارضة.
وبالتزامن مع هذه الجولة، أعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم تأجيل مباريات الجولة الثامنة من دوري نجوم العراق، استجابة لطلب مدرب المنتخب الوطني غراهام أرنولد، استعداداً لبطولة كأس العرب – قطر 2025 المقررة بين 1 و18 كانون الأول المقبل.
وذكر الاتحاد في بيان أن التأجيل يأتي نظراً لاعتماد المنتخب على لاعبي الدوري المحلي، إضافة إلى إغلاق بعض الملاعب لزراعة البذور الشتوية. وأوضح أن استئناف دور الـ 16 من بطولة الكأس سيتم تحديد موعده لاحقاً.
وسيعقد أرنولد سلسلة اجتماعات مع مدربي المنتخبات الأولمبي والشباب-المدرب عماد محمد والمدرب أحمد صلاح- لبحث إمكانية استدعاء لاعبين متألقين في المراكز التي يحتاجها المنتخب، خصوصاً الظهير الأيمن وقلب الدفاع.
كما وضع المدرب الأسترالي عدداً من المحترفين في الدوري السويدي ضمن حساباته، مثل منتظر الماجد (هاماربي)، وعمار محسن (براغي)، ودانيلو السعد (هاكين)، إضافة إلى محاولة ضم علي جاسم وإبراهيم بايش إذا وافقت أنديتهما الخليجية.
وسيقام معسكر تدريبي في البصرة لمدة أسبوع، قبل التوجّه إلى الدوحة لخوض المباراة الأولى في البطولة، التي أوقعت العراق في المجموعة الرابعة إلى جانب الجزائر والفائز من البحرين- جيبوتي، والفائز من لبنان- السودان.
*****************************************
إيطاليا تستعد لخوض نهائي كأس ديفيز بعد تأهل مثير أمام بلجيكا
روما ـ وكالات
تتجه الأنظار، اليوم الأحد، إلى مدينة بولونيا الإيطالية حيث تُقام المباراة النهائية لبطولة كأس ديفيز 2024، بعدما حجزت إيطاليا مقعدها في النهائي للعام الثالث على التوالي عقب فوز مثير على بلجيكا (2-0) يوم الجمعة. ودخلت إيطاليا المواجهة وهي في قمة جاهزيتها، بعدما منح ماتيو بيريتيني فريقه الأفضلية بفوزه على رافائيل كولينيون (6-3 و6-4)، قبل أن يقدّم الشاب فلافيو كوبولي ملحمة استثنائية أنقذ خلالها سبع نقاط مباراة ليفوز بصعوبة على البلجيكي زيزو بيرجس (6-3 و6-7 و7-6) في لقاء أشعل مدرجات صالة "سوبر تينيس أرينا".
وقال كوبولي بعد المباراة، وفق موقع رابطة اللاعبين المحترفين: "قاتلنا من أجل بلدنا، ولقد تحقق حلمي بالتأهل للنهائي. هذا أحد أفضل أيام حياتي."
واحتفل اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً بتمزيق قميصه بعد الفوز، في صورة جسّدت حجم اللحظة التي قادت إيطاليا للنهائي للمرة الثالثة على التوالي—وهو إنجاز لم يتحقق منذ منتخب أستراليا عام 2001. وتنتظر إيطاليا في نهائي اليوم الفائز من مواجهة نصف النهائي التي جمعت أمس السبت إسبانيا وألمانيا، واللتين وصلتا إلى هذه المرحلة بعد مسارات درامية في البطولة. ويسعى المنتخب الإيطالي إلى تحقيق لقبه الثالث على التوالي في كأس ديفيز، ليصبح أول من يحقق هذا الإنجاز منذ الولايات المتحدة عام 1971، بينما يمتد رصيده الحالي إلى 13 انتصاراً متتالياً في السلسلة.
*************************************
عقوبات الخزانة الأميركية تزيح عقيل مفتن من رئاسة الأولمبية
متابعة ـ طريق الشعب
أعلنت اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، تخويل النائب الأول لرئيس اللجنة عبد السلام خلف بإدارة شؤون العمل الأولمبي بشكل مؤقت، وذلك في ظل استمرار الإجراءات الخاصة بالقضية المرتبطة بوزارة الخزانة الأميركية.
وقالت اللجنة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز إن هذا الإجراء جاء "بمبادرة من رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية عقيل مفتن، ووفق الإجراءات القانونية النافذة"، مشيرة إلى أنه تم إبلاغ اللجنة الأولمبية الدولية رسمياً بهذا القرار منذ أكثر من أسبوعين.
وأضاف البيان أن رئيس اللجنة الأولمبية كلّف فريقاً متخصصاً من المحامين بمتابعة قضيته مع الخزانة الأميركية، مؤكداً أن ما يتم تداوله بشأن الملف "لا يمت للحقيقة بصلة"، ووصفه بأنه "افتراءات تهدف إلى التشويه وإحداث الإرباك".
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت، في 9 تشرين الأول 2025، فرض عقوبات قالت إنها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وكتائب حزب الله، وشملت رئيس اللجنة عقيل مفتن وشقيقه علي مفتن خفيف البيداني.
واتهمت الخزانة الأميركية الشقيقين بإدارة بنك تجاري مرتبط بالحرس الثوري، وبالضلوع في غسل الأموال وتهريب النفط والمخدرات، إضافة إلى "استغلال موقع عقيل مفتن في اللجنة الأولمبية العراقية لأغراض مالية غير قانونية".
******************************************
سنحاريب يمثل العراق في بطولة أندية غرب آسيا للسيدات بالكرة الطائرة
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن الاتحاد العراقي للكرة الطائرة، أمس السبت، وقوع فريق سنحاريب، ممثل الكرة الطائرة النسوية العراقية، في المجموعة الثالثة من بطولة أندية غرب آسيا للسيدات، المقرر انطلاقها مطلع الشهر المقبل في دولة الكويت. وقال رئيس الاتحاد، حبيب علي لاوندي، إن الاتحاد "يقدم كامل الدعم لفريق سنحاريب لإنجاح مهمته في البطولة المقبلة"، معبّراً عن ثقته بقدرة اللاعبات على "تقديم مستوى مشرف يعكس تطور الكرة الطائرة النسوية في العراق". وأوضح لاوندي أن الكويت ستستضيف النسخة الأولى من البطولة، والتي تُعد أول منافسة رسمية لأندية السيدات في المنطقة، مضيفاً أن المجموعة التي تم وضع سنحاريب فيها "متوازنة"، وتضم فرق الفيحاء السعودي والنصر الأردني والقدس الفلسطيني، وهي فرق تمتلك مستويات جيدة. وستقام البطولة في الكويت للفترة من 1 إلى 14 كانون الأول المقبل، بمشاركة عدد من الأندية العربية. ويُذكر أن فريق سنحاريب كان قد توّج في 29 آب 2025 بلقب الدوري العراقي للكرة الطائرة – سيدات بعد فوزه في المباراة النهائية على فريق أكاد عنكاوا بثلاثة أشواط مقابل شوط واحد.
******************************************
وقفة رياضية.. قيادات الاتحادات المركزية والتحصيل الجامعي العالي
منعم جابر
أصبحت المؤسسات الرياضية بحاجة ماسة إلى قيادات كفوءة ومتمكنة قادرة على إدارة العمل الرياضي بنجاح، مستندة إلى خبراتها العملية ومستواها العلمي. فعدم الاهتمام بالقدرات الأكاديمية والمعرفية يؤدي حتمًا إلى فشل هذه المؤسسات، وحينها لا تنفع ساعة ندم.
لذلك، أدعو قادة المؤسسات الرياضية إلى اختيار القيادات من ذوي الاختصاص الأكاديمي والخبرة الرياضية، ومن الأفضل أن يكون لديهم سجل إنجازات وبطولات في مجالاتهم. فالقائد الرياضي الناجح يجب أن يمتلك القدرة النظرية، والخبرة العملية، والتوجهات العلمية التي تمكنه من قيادة المؤسسة نحو النجاح والتألق.
لقد مر أكثر من عقدين منذ بداية ظهور أجيالنا الشابة، التي أظهرت قدراتها وكفاءتها بقوة، ما يفرض علينا وضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون محاباة أو مجاملة، فالعمل في المؤسسات الرياضية يتطلب جهودًا مضنية، ومعارف اختصاصية، وخبرة ميدانية تسهم في تشكيل شخصية القائد ودفعه نحو النجاح.
النشاطات الرياضية تتطلب مزيجًا من الخبرة الميدانية والعلم المتخصص، ولهذا يجب أن تتوفر في القيادات الرياضية مستويات عالية من التحصيل العلمي، ليتمكن القائد من رفع قيمة المؤسسة وتحقيق الإنجازات المنشودة. فالإبداع في العمل الرياضي يؤدي إلى التطور والنهوض بالمؤسسات الرياضية، ويواكب السباق العالمي في صناعة المجد الرياضي.
لا مكان للقيادات الضعيفة أو الكسولة في الساحة الرياضية، بل يجب تقديم الكفاءات المتميزة والمجتهدة. وعلى القادة الواعدين من الشباب الرياضي أن يغتنموا الفرصة لتولي المواقع القيادية والمساهمة في تطوير المؤسسات الرياضية من الداخل.
إن حرصي على تطوير القيادات ينبع من رغبتي في رفع مستوى الأداء العلمي والمعرفي لقادة المؤسسات الرياضية، فالتحصيل الجامعي والاختصاص الأكاديمي للقادة يؤكد أهمية هذه المؤسسات ودورها الفاعل في المجتمع. فقيادة الأندية والاتحادات تتطلب كفاءة وقدرة عالية وحسن إدارة، وهو ما يجعل المسؤولية كبيرة ويحتاج إلى شخصيات متميزة.
اليوم، يشهد القطاع الرياضي نشاطًا شبابيًا واعيًا ومتحمسًا، ويجب على القيادات التعرف على معاناتهم وحل مشكلاتهم، ما يتيح إيجاد حلول فعّالة لأهم القضايا المتعلقة بالشباب.
رياضة اليوم تمثل ممارسة متنوعة للشباب، بين الصحة واللياقة والمتعة وتحقيق الإنجازات والبطولات. ومن هنا، أناشد قادة الأندية والمؤسسات الرياضية العمل بهمة عالية ونشر الرياضة وتشجيع الشباب على ممارستها، بما يرفع مستوى الألعاب ويحقق الإنجاز والتقدم لرياضتنا الوطنية.
***************************************
ليان وداليا وريتاج يتألقن بميداليات غرب آسيا للجودو
متابعة ـ طريق الشعب
حققت لاعبتا نادي الدفاع الجوي العراقي، ليان منتصر حسين وداليا حيدر، إنجازات بارزة خلال منافسات بطولة غرب آسيا للجودو المقامة في الأردن، بحصدهما الميداليات الذهبية ضمن فئتي 44 كغم و70 كغم على التوالي، فيما حصلت اللاعبة ريتاج منتصر على الميدالية الفضية في وزن 52 كغم.
وأكد المدير الإعلامي للنادي، عهد فالح، أن ليان وداليا قدمن عروضًا قوية وثابتة طوال النزالات، مما مكنهما من تصدر المنافسة وتحقيق المركز الأول بجدارة، مضيفًا أن هذه الإنجازات تعكس تطور مستوى لاعبات النادي ودعم حضور العراق في البطولات الإقليمية.
وأشار فالح إلى أن هذه النتائج جاءت نتيجة الدعم الكبير من إدارة النادي، واهتمام رئيس الهيئة الإدارية، الفريق الركن معن السعدي، الذي يوفر بيئة تدريبية مثالية للاعبين واللاعبات، لتعزيز فرصهم في تحقيق الإنجازات ورفع راية الوطن في المحافل الرياضية.
****************************************
الصفحة العاشرة
ما وراء الرأسمالية (1 - 2)
عرض: إبراهيم إسماعيل
في دراسة نشرتها مجلة نيو لفت ريفيو (اليسار الجديد) بعدديها 153 و154 لسنة 2025، أكد الباحث آرون بيناناف* أن الاضطرابات السياسية الراهنة تُخفي وراءها خللاً اقتصاديًّا عميقًا، يعكس أزمة الرأسمالية، حيث تتباطأ معدلات النمو في الدول المتقدمة، وتتركز السلطة الاقتصادية في أيدي عددٍ قليلٍ من الشركات الكبرى التي تنهب المكاسب المتأتية من تحفيز الاقتصاد، وتحتكر سلاسل الإنتاج العالمية، وتحتفظ بحقوق الملكية، تاركةً عمليات الإنتاج لجهاتٍ خارجيةٍ أرخصَ سعرًا وأشدَّ قدرةً على التنافس فيما بينها، مع تحويل معظم الأرباح التي تُحقّقها إلى أصول مالية مؤمَّنة بعمليات الإنقاذ الحكومية.
وقد باتت هذه الشرائح الصغيرة تتحكَّم بقرارات الاستثمار التي يتوقف عليها مستقبل الحياة على الأرض، كالهندسة الجيولوجية، والذكاء الاصطناعي، واحتجاز الكربون، والطاقة النووية، في وقتٍ يجري فيه تحوُّلٌ أفقيٌّ من التصنيع إلى الخدمات، كالصحة والتعليم والإدارة، وهي نشاطاتٌ تتسم إنتاجيتها بمعدلات نموٍّ متدنية، ولا يتحقق فيها الربح إلا من خلال تكثيف الاستغلال أو رفع الأسعار.
الرأسمالية ومشكلة الربح
رغم أن الرأسمالية تعني تاريخيًّا نوعًا مميزًا من اقتصاديات السوق، قائمًا على تركيز الملكية الخاصة واستغلال العمال ونهب الموارد لإثراء المستثمرين، فإنها ساهمت، بمجرى تنافسها على الربح، في خدمة غاياتٍ مفيدةٍ اجتماعيًّا، كالكفاءة الاقتصادية والديناميكية، وكإحداث قفزاتٍ هائلةٍ في مستويات المعيشة المادية ونشر الابتكارات.
لكن نجاحات الرأسمالية هذه هي ما سبَّب أزماتها؛ فالتوسع الهائل في التصنيع أدَّى إلى تخريبٍ أكبرَ للبيئة وتهديد الحياة على الكوكب. كما أصاب تراجع الكفاءة الاقتصادَ بالركود، وشجَّع على هروب رؤوس الأموال إلى الأصول المالية، وزيادة التفاوت، وتدنّي الأجور، وارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية، وتفاقم مشاكل الفقر والمرض وعدم كفاية المساكن والاغتراب الاجتماعي والضغط النفسي، وترسيخ سلطة الاحتكار التي اشتدَّت عدوانيةً، فراحت تُقلِّص مكتسبات الشغيلة، وتتمسك بأولوية الربح على كل القضايا والمبادئ، كالاستهلاك الأخلاقي، والتدابير الاجتماعية الديمقراطية، والتنظيم البيئي، والحوكمة، وغيرها.
ويعود البحث عن معيارٍ اقتصاديٍّ غير الربح إلى بدايات الرأسمالية نفسها. ففي رواية "يوتوبيا" لتوماس مور (1516)، يقول الراوي: "حيثما يكون المال مقياس كل شيء، يصبح من المستحيل أن تكون الدولة عادلة أو مزدهرة."
وفي القرن الثامن عشر، رأى روسو في فرنسا أن القانون لم يكن سوى مبررٍ للأغنياء، وأنه يجب تقليص دور المال بشكلٍ حادٍّ إن لم يكن إلغاؤه. وبعد جيلٍ من الطوباويين (أوين وفورييه وسان سيمون) رفع الجمهوري الراديكالي إتيان كابيه شعار"لكلٍّ حسب حاجته، ومن كلٍّ حسب قدرته"، وهو الشعار الذي استعاره ماركس لوصف "المرحلة العليا من المجتمع الشيوعي" في كتابه "نقد برنامج غوتا" (1875)، مؤكِّدًا على أن مجرَّد إدخال شكلٍ "أصدق" من النقود قائمٍ على وقت العمل لن يقضي على عدم المساواة، بل يجب تغيير نمط الإنتاج بأكمله، مع إحلال التنظيم المجتمعي محل السعي وراء الربح الخاص، ومتنبئًا بظهور قيمٍ أخرى مع التنظيم الجماعي للاقتصاد.
وكادت الموجة الثورية التي اندلعت بين عامي 1917 و1921 أن تحقق شروط ماركس المتمثلة في اقتصادٍ يُدار من قِبَل المجتمع، متحررٍ من المال والملكية الخاصة.
لكن الفرصة ضاعت، وواجهت الحركات العمالية مقاومةً شرسةً من الطبقات الحاكمة، ثم راحت تواجه هياكلَ رأسماليةً اقتصاديةً واجتماعيةً أكثرَ تعقيدًا، مدعومةً بوسائل الإعلام الجماهيري، ومسنودةً بطبقاتٍ اجتماعيةٍ وسطى.
كما وقعت تغييراتٌ بنيويةٌ أعمق؛ فلم تتقارب الأشكال التقنية للعمل مع القيم الاجتماعية، وأدَّت التنمية الصناعية إلى خلق أنماطٍ من التخصص أثَّرت سلبًا في تجانس الطبقة العاملة وآليات تنظيمها، فيما ظهرت حركاتٌ اجتماعيةٌ وقوميةٌ وبيئيةٌ جديدة، كالنسوية، والمناهضة للعنصرية وللاستعمار، راحت تطرح مطالبَ متباينةً ومتنافسةً حول ما الذي يُعتبَر مهمًّا، مثل الاستقلالية، والأمان، والكرامة، والرعاية، والاستدامة، وحول كيفية ترتيب هذه القيم وتحديد أولوياتها.
إن تجاوز أزمة الرأسمالية من جهة، وتخطِّي هذه المآزق الخطيرة والمتغيرات البنيوية من جهةٍ مكمِّلة، لا يمكن أن يتحقَّق باللهاث وراء الربح، بل يتطلَّب، حسب بيناناف، تطويرَ نظامٍ اقتصاديٍّ يتجاوز الرأسماليةَ نفسها، نظامٍ جديدٍ يقوم على تعدُّد المعايير، حيث لا يكون الربح هو الهدف الوحيد، بل تتداخل معه أهدافٌ أخرى، ويتم التوازن بينها عبر نقاشٍ سياسيٍّ ديمقراطي، فهذا النظام متعدد المعايير يستلزم إعادة تنظيمٍ عميقةٍ لعملية الإنتاج وطرائق اتخاذ القرار الاقتصادي.
الاشتراكية والتخطيط
بحلول عام 1921، ومع انتصار الجيش الأحمر في الحرب الأهلية، بدأ الاتحاد السوفيتي الوليد في بناء أول مجتمعٍ صناعيٍّ مُخطَّطٍ مركزيًّا، واستبدال توزيع السوق بخططٍ خمسيةٍ مركزيةٍ لا تهتم بالربح، بل بتعظيم الإنتاج.
وقد حققت تلك الخطط، التي طُبِّقت بين ثلاثينيات وخمسينيات القرن العشرين، صناعاتٍ متطورةً باستثماراتٍ ضخمة، مؤكدةً أن التخطيط المركزي واستخدام الاستثمار المنسَّق كمحرّكٍ للتنمية الاقتصادية يمكن أن يوفرا ديناميكيةً صناعيةً استثنائيةً، ويعجّلا نموَّ وتطويرَ البنية التحتية، ويوسّعا القدرات الإنتاجية، والتي لولاها ما كان ممكنًا للاتحاد السوفييتي أن يهزم ألمانيا النازية.
ومهما كان الموقف من الستالينية، لا يمكن إنكار إنجازاتها التنموية. فبعد دمار الحرب العالمية الثانية، استأنف الاتحاد السوفيتي نموَّه لعقدين آخرين؛ وشملت ابتكاراته القنبلة الهيدروجينية، وإرسال أول إنسانٍ إلى الفضاء، وتحقيق مستوى أساسيٍّ من الأمن الاقتصادي لسكانه، مع فرص عملٍ وفيرة، وتوظيفٍ أعلى للنساء، ورعاية أطفالٍ عامة، ودولةِ رعايةٍ اجتماعيةٍ شاملة.
لقد استهدف الاقتصاد المخطَّط تلبيةَ الحاجات الفعلية للمجتمع، مع حسابٍ دقيقٍ لكمية العمل المطلوبة لإنتاج كل سلعةٍ أو خدمة، مما يمنع الاستغلال ويساهم في تنظيم الإنتاج وتجنّب الهدر بالموارد والنقص في الكفاءة، خاصةً في حالات التغيير الكبرى مثل بناء صناعاتٍ جديدة، أو التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، أو تقليل استخدام البلاستيك. وفيما يعيش النظام الرأسمالي صراعًا حادًّا حول توزيع الدخل بين العمال وأصحاب رأس المال، ارتكز الاقتصاد المخطَّط على مبدأ العدالة الاجتماعية.
لقد عمد بعض الاشتراكيين إلى استخدام وقت العمل كوحدةٍ أساسيةٍ لحساب قيمة الأشياء؛ فإذا عرفنا كم ساعةَ عملٍ يحتاج إنتاجُ كل شيء، يمكننا توزيع العمل والموارد بدقةٍ لتلبية احتياجات المجتمع دون الحاجة إلى السوق. وبهذا الشكل، يحصل كلُّ شخصٍ على ما يناسب مساهمته أو حاجته، بشكلٍ شفافٍ وعادل.
لكن التجربة السوفيتية أظهرت أن لهذا النهج حدودًا، فاختزال كل شيء إلى ساعات عمل لا يعكس الفروق الكبيرة بين أنواع العمل والموارد المختلفة، مما استدعى تطوير طرقٍ أكثرَ عملية، مثل نماذج "المدخلات والمخرجات" التي تحسب المواد والعمل والطاقة المطلوبة لإنتاج كل شيء.
ومع ذلك، ظهرت مشاكل في التطبيق، أولها صعوبة وضع خطةٍ موحدةٍ لأن المصانع تختلف في معداتها وظروفها الجغرافية وطرق عملها، وثانيها عدم مرونة الخطط المحكمة في التعامل مع المتغيرات المفاجئة مثل تأخُّر المواد أو تغيّر الطلب، وثالثها الاهتمام بإنتاج أكبر قدرٍ ممكنٍ بأقل تكلفةٍ دون الالتفات إلى الأهداف الأخرى مثل تقليل التلوث أو تحسين بيئة العمل.
وبمجرد أن عانى الاقتصاد شديد المركزية من نقص الموارد جراء انخفاض عائدات النفط والإنتاجية، في ظل إهمال الأسعار السوقية، أصيب بالركود المزمن، واختناقات في المعلومات، وصعوبة في التكيّف مع التغيرات، ومشكلات في مرونة السوق، فراح يصنع منتجات ناقصة الجودة أو غير مناسبة، وتعطلت سلاسل الإمداد، وانتشر الهدر وظهرت السوق السوداء كآليةٍ للبقاء.
ورغم اتفاقه مع تصوّر أوغست بيبل عن توافق المصالح الشخصية مع المصالح الاجتماعية، بحيث يكون إشباع الأنانية الشخصية متناغمًا مع خدمة المجتمع، ومع ما أكده ماركس وإنجلز وكاوتسكي من أن النظام الاشتراكي سيسعى منذ البداية إلى تنظيم الإنتاج ديمقراطيًّا، يرى بيناناف أن الاشتراكية لن تستطيع تعظيم جميع الأولويات دفعةً واحدة، حتى حين تكون قادرةً على الجمع بين تأمين أوقات عملٍ وراحةٍ مناسبة وتوازنٍ بيئيٍّ ورعايةٍ اجتماعية، مما يستدعي حوارًا مجتمعيًّا حول كيفية تنظيم الإنتاج واتخاذ القرارات الاقتصادية، على طريق بناء نظامٍ اقتصاديٍّ متعدد المعايير.
إن توسيع هذا المفهوم للديمقراطية الاقتصادية يمر عبر نقد الطرائق المحدودة التي فُهمت بها هذه الديمقراطية في الماضي، والبحث في مصير فكرة الاشتراكية متعددة الأبعاد وهي تواجه التعقيد المتزايد للمجتمع الرأسمالي الحديث، وابتكار أشكالٍ من التنسيق تتجاوز دافع الربح والتخطيط المركزي إلى نموذجٍ أوسع يراعي تعدد الأهداف مثل العدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية، وجودة الحياة، والتعليم، والفن، والمشاركة المجتمعية. ولكي يحدث هذا، يجب ألا يكون التخطيط مجرد عملٍ تقنيٍّ وحساباتٍ رقمية، بل عمليةً ديمقراطيةً يشارك فيها الناس في تحديد أولوياتهم وما يريدون تحقيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أَروِن بيناناف مؤرخ اقتصادي ومنظر اجتماعي متخصص في موضوعات العمل، والأتمتة، والتوظيف، وتغيّرات الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى البدائل الممكنة للرأسمالية.
******************************************
الحرية والاقتصاد: رؤية نقدية للمنظومة الرأسمالية وسبل الخلاص
بول سويزي*
تستهل هذه الرؤية النقدية باستعارة قوية: إنها سفينة الدولة الأمريكية، يقودها قبطان مجنون، تتجه بلا هوادة نحو حطام مؤكد. في مثل هذا السيناريو، تتبدد كل المفاهيم التقليدية للحرية التي تركز على تنظيم العلاقات بين الرّكاب لتقليل الإكراه المتبادل، ليبرز المعنى الجوهري الوحيد للحرية في هذا السياق المصيري: القدرة الجماعية على انتزاع زمام القيادة، والسيطرة على السفينة، وتحويل مسارها بعيداً عن الكارثة نحو برّ الأمان. بهذه الاستعارة التصويرية، يضع الكاتب أسس طرحه: إن المجتمع الأمريكي، وغيره من المجتمعات الرأسمالية المتقدمة، يعيش لحظة مصيرية مماثلة، حيث لم يعد الخيار حول تحسين شروط الحياة داخل النظام القائم، بل حول تغيير النظام نفسه لتجنب المصير المحتوم.
مقدمة: سفينة على شفا الهاوية جذور الأزمة: النظام الإمبريالي وتصدعاته
تعود جذور هذا المسار الكارثي إلى البنية الاقتصادية العالمية التي تشكلت خلال القرون الخمسة الماضية. فابتداءً من عصر الاكتشافات الجغرافية، أقامت القوى الأوروبية نظاماً عالمياً للاستغلال، قسّم العالم إلى «مراكز رئيسة» استعمارية قليلة تتطور، و»مستعمرات» وشبه مستعمرات كثيرة تتخلف. وقد اتسمت ديناميكية هذا النظام بالصراع الدموي والمستمر بين هذه المراكز الاستعمارية على مركز «القوة الأولى»، وهو صراع بلغ ذروته في حربين عالميتين خرجت منهما الولايات المتحدة كقوة مسيطرة.
غير أن ضحايا هذا النظام، شعوب المستعمرات، لم يكلوا عن المقاومة. وقد أتاحت الحروب بين القوى الاستعمارية فرصاً تاريخية للشعوب المستعبدة. فبعد الحرب العالمية الأولى، نجحت روسيا في الخروج من المنظومة الإمبريالية، وشكلت نواة نظام اجتماعي واقتصادي جديد. وبعد الحرب العالمية الثانية، انضمت دول عديدة إلى هذا المسار، مشكلة نظاماً دولياً بديلاً يقوم على أسس مختلفة، ويتحرر تدريجياً من استغلال الطبقات والأمم. هذا التحول أطلق موجة مد تاريخية جارفة من التحرر بين الشعوب المستغَلة، التي أدركت أخيراً إمكانية تحقيق حلمها في التحرر والكرامة الإنسانية والعمل من أجل الذات.
المأزق الأمريكي: قيادة نظام منهار
هنا يكمن لبّ المأزق الأمريكي: فبوصفها القائدة الرئيسية والراعية للنظام العالمي القديم، والمستفيد الأكبر من استمراريته، تكرس الولايات المتحدة طاقاتها الهائلة لمحاولة كبح هذا المد التحرري العالمي، والإبقاء على نظام أصبح بغيضاً في أعين الغالبية العظمى من البشر. يؤكد التحليل أن الاستمرار في هذا المسار لا يحمل إلا نتيجتين محتملتين: إما الدمار الشامل في حرب نووية طاحنة، أو الإرهاق والتآكل التدريجي في حرب ثورية عالمية ممتدة، تظهر بذورها في فيتنام وغيرها، وقد تصل إلى داخل حدود الولايات المتحدة نفسها، حيث تعيش أقلية تعاني من القمع الداخلي.
غير أن هناك بديلاً وحيداً للخلاص: وهو أن تختار الولايات المتحدة بنفسها طريق الهروب من نظام الاستغلال والامتياز القديم، والانضمام إلى الركب البشري في بناء النظام الدولي الجديد القائم على قيم الملكية الاجتماعية، والتخطيط الاقتصادي العقلاني، والإنتاج لتلبية الحاجات الإنسانية الحقيقية. فقط عبر هذا التحول الجذري يمكن للشعب الأمريكي أن ينتزع حريته الحقيقية، التي هي في جوهرها حرية جماعية للتحكم في المصير المشترك، بدلاً من الانجراف نحو الهاوية تحت وطأة قوى عمياء.
الحرية الزائفة: تناقضات المجتمع الرأسمالي المتقدم
يذهب النقد إلى ما هو أبعد من الأزمة الخارجية، ليغوص في التناقضات الداخلية للمجتمع الأمريكي. فبرغم قدرة النظام على توفير مستوى معيشي مادي مرتفع لقطاعات واسعة، إلا أنه فشل فشلاً ذريعاً في بناء مجتمع عقلاني أو سعيد. ففي ذروة تطوره التكنولوجي، يعاني الاقتصاد من بطالة هيكلية مزمنة تعطل طاقات بشرية وإنتاجية هائلة، بينما يعيش جزء كبير من السكان في فقر مهين وسط وفرة غير مسبوقة. والأكثر إيلاماً، أن «نجاحات» الاقتصاد الأمريكي في العقود الماضية اعتمدت اعتماداً كبيراً على الإنفاق الحربي الهائل، الذي لم يعد هدفه سوى الدفاع عن نظام يرفضه العالم. كما أن جهازاً ضخماً للإسراف والهدر، تخلقه الشركات العملاقة المسيطرة، يشوه الذوق العام ويجبر قطاعات متزايدة من القوى العاملة على الانخراط في وظائف تخلو من الكرامة، أو المعنى، أو الفائدة الاجتماعية. إنه مجتمع، كما وصفه أحد النقاد، يفتقر إلى العمل الحقيقي، والخطاب الصادق، والفرصة لكي يكون المرء مفيداً، مجتمع يُشوه المواهب ويخنق الإبداع ويُفقد الحياة معناها.
في ظل هذا النظام، يصبح كل حديث عن الحرية مجرد وهم. فالأفراد فيه ليسوا أحراراً، بل هم مجرد أدوات في قبضة قوى لا عقلانية تتحكم بمصيرهم. لا يمكن للحرية الحقيقية أن تتحقق إلا من خلال تغيير جذري يحرر المجتمع من تناقضات الملكية الخاصة، التي تطلق، حسب تعبير أحد الفلاسفة، «أعنف وأحقر وأخبث مشاعر الصدر البشري»، ليحل محلها العقل والمنطق في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الصالح العام.
ملامح الحرية في النظام البديل: إجابات على إشكاليات مألوفة
يقر التحليل، أن الانتقال إلى نظام جماعي، والوجود داخله، يطرحان أسئلة حقيقية حول مفهوم الحرية. أسئلة الانتقال مرتبطة بمقاومة القوى المهيمنة للتغيير الجذري، وهي تختلف بحسب الظروف. أما الأسئلة الهيكلية فهي في جوهرها إشكاليات مألوفة، ويمكن معالجتها بناءً على تجارب المجتمعات الاشتراكية القائمة وإمكانيات التطور المستقبلية:
حرية اختيار المستهلك: يمكن الحفاظ على حرية الاختيار ضمن إطار الدخل والأسعار، مع فتح النقاش حول كيفية تحديد تشكيلة السلع المعروضة، هل بناءً على تفضيلات المستهلكين أم المخططين، أو عبر صيغ جديدة.
حرية اختيار المهنة: يوسع النظام الجماعي نطاق هذه الحرية من خلال توفير التعليم الجيد للجميع، ويقلل من عنصر الصدفة عبر التخطيط طويل المدى الذي يوضح الاحتياجات المستقبلية.
حرية تغيير الوظيفة: تفنيد الادعاء بأن الدولة تصبح صاحب العمل الوحيد، فالمؤسسات المستقلة كثيرة، والتجارب السابقة تشير إلى وجود حركة عمالية مرتفعة بين الوظائف.
الحرية داخل مكان العمل: تشكل هذه قضية محورية، وترتبط بتطورات الأتمتة والتعليم، وطبيعة العلاقة بين الإدارة والعمال، ويتوقع أن تحظى باهتمامٍ متزايدٍ في مجتمع يضع الإنسان في مركز اهتمامه.
خاتمة: تحولات تاريخية وأمل مستقبلي
يختم التحليل بتشخيص واقعي: فقيادة العالم آخذة في الانتقال من الحضارة الغربية البيضاء إلى حضارة جديدة، شرقية وغير بيضاء في غالبيتها. ورغم أن الولايات المتحدة تبدو غير مستعدة لقيادة مسيرة التحرر الجماعي، بل تواصل انزلاقها نحو العزلة والرفض العالمي، إلا أن الأمل يبقى في أن تنجح الحضارة الإنسانية الناشئة في تحقيق الإمكانات الكامنة للجنس البشري، التي أخفقت حضارتنا الحالية في تحقيقها.
فالحرية الحقيقية ليست في التمسك بنظامٍ بالٍ، بل في الشجاعة لبناء عالم جديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بول مارلور سويزي Paul Marlor Sweezy (1910 -2004) اقتصادي ماركسي أميركي، مؤسس ومحرر مجلة (مونثلي ريفيو)
إعداد: "قاسيون" عن "مونثلي ريفيو" – أيلول 2025
"قاسيون" – 2 تشرين الثاني 2025
*******************************************
الصفحة الحادية عشر
قصة قصيرة.. ديمقراطية
سلام حربه
ولدت في منطقة شعبية في مدينة الحلة تدعى محلة الوردية تغفو صيفا وشتاءً على شط الحلة، فرع من نهر الفرات، الذي بدأ ينحل كل عام بفقر الماء المزمن الذي لا يصلح معه كل علاج، دكنت موجاته واخضرت وعطنت رائحته وبرزت أضلاع أرضه الداخلية حتى أن كثيرا من الأطفال اللاهين والعابثين يعبرونه ركضا من ضفة الى أخرى بعد أن كان ولعمره الذي يمتد الآفا من السنين جاريا لا يقاوم أمهر السباحين أمواجه العاتية المنطلقة بسرعة وقد أغرق فائضها الضفاف وكأنها على موعد هام مع أحباء لها في الجنوب. لا أعلم وأنا أقترب من الستين من العمر حين اتأمل احتضاره وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لمَ تذكرني موجاته الحزينة بنظرات أمي وهي على فراش الموت. كان عمرها في السبعين، لم تنطق بأية كلمة ولكن لغة عينيها فصيحة وهي تندب حظي وتشفق عليّ وقد وصلتُ الى حال كان يدمي قلبها وأنا أقترب من حافة الجنون وأهيم وحدي في الطرقات حتى أن عائلتي بدأت تتنكر لي وتغلق أحيانا الباب بوجهي فمن يوم كان يضرب بي المثل على أناقتي وثقافتي حتى كان يطلقون عليّ لقب ( أبو كتاب)، رغم أن لدي عدد من الأولاد والبنات وصلوا الى مستويات دراسية وعلمية محترمة وحتى ابني البكر طارق المحامي الناجح والشخصية اللامعة في المدينة قلة من الأصدقاء من كان يناديني بأبي طارق وبقي اسمي سائلا على الألسن (أبو كتاب). ماتت والدتي قبل خمس سنوات وفقدت من كان يحميني بجناح رحمته ومن بغض وكراهية أخويّ نادر وسليم. كنت أهيم وحيدا في الطرقات بملابسي الرثة ولحيتي الشعثاء ورأسي المنكس، كنت أتمنى أن ينفصل عني لأتخلص من ثقله الذي يفوق أكثر الجبال علوا ووزنا ووعورة لكثرة ما فيه من كلام، الكلمة الفاعلة المؤثرة وزنها آلاف من الأطنان، كانت نظرات أبناء مدينتي تُرطّب بالشفقة والرثاء الى ما وصل اليه حالي علما بأني ما زلت أبعد خطوات قليلة من حافة الهذيان ولكنه الصمت الذي تجمد في داخلي جبالا من الجليد والسكون. حين تكل قدماي من الدوران في المدينة، وقبل أن أغادر الى البيت في ساعة متأخرة تقترب من منتصف الليل، كنت أجلس في مقهى أبو سراج بنوافذه الزجاجية على حافة النهر الذي استدان من مظهري البائس بعضا من رثاثته وكهولته وموجاته الكسيحة الملتصقة بالقعر، كنت أشعر بالفرح حين يقبل صديقي وزميلي في التدريس في اعدادية الحلة للبنين الأستاذ عدي الذي لم ينقطع يوما سؤاله عني وملاحقتي أنّى أذهب، هو موقن بأني سأجلس في المقهى أخيرا قبل أن أتوجه الى البيت وتحمل مشقة نظرات الزوجة والأبناء الذين كانوا يرغبون أن أودع الحياة قبل أن تشتد حالتي وأصبح مصدر هزء وسخرية وعار وتصغير لهم. جلس عدي أمامي في المقهى وعيناه تشعان بريقا خاصا يختلط معه اشارات مبهمة لم أستطع أن أفك شفراتها، المشكلة انها ليست نقية خالصة بل تعكس معها حزمة أسئلة لا أعرف مصدرها. بادر عدي بالكلام معي حتى ينشط عواطفي الخامدة..
_ مبارك ترشيح أخيك سليم الى انتخابات المجلس، أعتقد أنه سيفوز، أرى صوره وقد غزت أعمدة الكهرباء والجزرات الوسطية وعلى جدران المباني العالية وحتى معلقة في الفضاء في كل شارع وزقاق وحديقة وساحة عامة، أعتقد أن كلفة حملته الانتخابية تتجاوز المليار دينار عراقي. بوصفك أخوه الأكبر من أين له هذه الأموال ونحن نعرف بعضا جيدا منذ خمسين عاما وأننا نحن وأنتم من العوائل الفقيرة التي تتدبر معيشتها بصعوبة ..؟
لا أعرف أين تقع الآن نوافذ الفرح في روحي لأنها أغلقت جميعا ولكني رسمت ابتسامة لا تبان في لحيتي الكثة التي تخفي خدي الضامرين لكن من ينظر الى عيني وهما تضيقان سيعرف أن كان نبيها بأني أبتسم. قلت بعد نوبة تفكير..
_ أعتقد إنْ فاز أخي سليم فان سكني المفضل سيكون مستشفى المجانين..
أطلق عدي ضحكة مدوية انتبه لها الجالسون في المقهى ولكنهم انصرفوا الى لغوهم ولعبهم للدومينو والطاولي لأنهم يعرفون أننا اصدقاء ومن رواد هذه المقهى قبل أكثر من ثلاثين عاما. قال عدي محاولا قمع ضحكته لكنها كانت تتقطع بالكلمات التي يصعب أحيانا فهمها لأن بعض حروفها شوهتها قهقهاته التي تصعد وتنزل مع أنفاسه ..
_ ولماذا سيكون مصيرك مستشفى المجانين..؟
نكست رأسي الثقيل، أن تعيد المأساة وتقلب ذاكرتك يعني أن تعرض روحك ومشاعرك لسكاكينها الباترة وأنا لا مهجة لدي ولا قوة على احتمال هذا الذي يحصل أمام عيني، كنت أتمنى من عدي أن يغفل عن سؤاله ولكن حالما تأخرت في الاجابة حتى أعاد السؤال بنبرة أشد وكأني أمام محقق مجبر على اجابته، صح أن عدي صديقي أيام الدراسة، يسبقني بمرحلتين دراسيتين، لكنه فتح عينيّ كي تبصرا حقائقَ لم أكن أراها في السابق ونحن طلابا في كلية الاداب. اضطررت الى الاجابة ولكن بهمة فاترة.
_ يا أخي عدي ، هي مصيبة، أنا أعرف أخي سليم جيدا، هو غبي وأنا كمدرس أعرف أن هذا الكائن لا مجال لاصلاحه، كان في المرحلة المنتهية في الاعدادية المهنية ومديرها الأستاذ عباس زميلنا، جاءني سليم قبل أكثر من عشر سنين وقال لي أنه رسب في الاعدادية وطلب من أن أتصل بمديرها الذي كان صديقي عسى أن يساعده لأنه اذا نجح من هذه الاعدادية فسيبقى أخي نادر العضو في المجلس اكثر من دورة وسيكون المسؤول الكبير في دائرة أمنية مهمة بتعيينه ضابطا في سلك الشرطة، اتصلت بالمدير وطلبت منه مساعدة أخي سليم إن كان هناك مجالا لمساعدته فضحك أستاذ عباس وقال لي بالحرف الواحد أنه لم ير طالبا أكسل وأغبى منه ولا طريق لمساعدته الا بمنحه درجة مئة لكل درس كي ينجح وهذا غير ممكن لأن كثيرا من الدروس لم يحصل فيها الا على الصفر، لا طريق هناك لمساعدته، واعتذر مني عباس كثيرا.
قال عدي وقد غامت ملامحه واظلمت، قمع الضحكة الشامتة التي بانت قبل قليل على وجهه..
_ وهل نجح في السنة الثانية من الاعدادية..؟
أجبت بعصبية كمن يطلب من نديمه أن لا يلح في الأسئلة كثيرا..
_ رسب في السنة الثانية وتم طرده من الاعدادية وعلمت بعد ذلك أن أحد المدارس الدينية منحته شهادة الدراسة الاعدادية، أصبح بوساطة نادر ضابطا وحصل على شهادة كلية قانون مزورة..
لم يحتمل عدي كلامي، قفز من مكانه وقد طُعنت ملامحه البيضاء بهمّ اسود ثقيل، خرج من المقهى دون أن يودعني، اعتقدت أن جمرة غضبه لم تتقد من سليم فقط بل مني أيضا وربما اتخذ قرارا أن عائلتنا هي سبب المصائب في هذه المدينة وجروح النفس الدفينة التي تركها أخي نادر لدورتين انتخابيتين لا يمكن لأي عاقل في المدينة أن ينساها. بقيت في المقهى لوحدي حد الساعة الثانية عشر وكنت دائما آخر المغادرين، وأنا أعبر الشارع الى المحلة القديمة، توقفت بقربي سيارة سوداء حديثة، نزل منها شخصان مفتولي العضلات شواربهما كثة..حملوني ورموني في المقعد الخلفي في السيارة وجلسا جنبي كجدارين أصمين، قال لي أحدهم بأنه سيقتلني إن صرخت أو تحركت أو تفوهت بأية كلمة. دارت بنا السيارة في أزقة ودروب حي الكرامة في الصوب الكبير من المدينة وتوقفت أمام بيت فخم أعرف أنه يعود لأخي نادر لم أدخله في حياتي، عند الباب الخارجية مظلة يقف عندها أحد الحرس..اقتادني الحارسان الى داخل البيت، دخلنا الى الصالة كان أخي نادر جالسا كالطاووس مرتديا عباءة سوداء مزينة أطرافها بخيوط الذهب، أشار لي بالجلوس ودعى، بطرف عينه، الحارسين للخروج. أنا أكبر نادر بعشر سنين، لم يكن ينتمي الى فصيلة البشر خلاياه وشفراته الجينية فاسدة وغريبة لا يتورع عن عمل أي شيء، تاجر مخدرات يمتلك أوكارا للدعارة والقمار، سيرة حياة لا نضير لها بين البشر قد يركّب مثلها كاتب بارع بمخيلة جامحة في رواياته وقصصه، ولكن في الواقع هو حالة نادرة تشبه اسمه تماما. كنت أتحاشى ذكر اسمه بين زملائي في المدرسة وياما أحرجني طلبتي حين يذكر اسمه في الدرس فكنت أهرب منهم ولا أجد مثل الكتاب المدرسي المقرر كي أشوش انتباههم وأغرقهم بكلماته وشروحه. كان نادر يكرهني لأني كنت نقيضه فقد كنت أحمل كتابا في المقهى والمتنزه وفي الصف الدراسي، ويحرسني قرب سرير نومي. كان نادر يشكل عقدة لأبي رحمه الله، في أحد الأيام حين عاتبه على عمل شاذ مع بنت أحد أصدقائه، قام بضرب والدي على عينه، هجمت عليه ولكنه لاذ بالفرار ومن يومها انقطع عن البيت واستأجر بيتا صغيرا. مات والدي ولم يحضر جنازته، كان يصلنا شرر جرائمه وأفعاله المخزية. تزوجتُ وانتقلتُ من بيتنا في الوردية الذي بقي لأمي وأخي سليم واشتريت بيتا صغيرا في محلة الجامعين، لم أفكر يوما أن أتعقب أخبار نادر وسليم ولكني كنت في زيارة دائمة الى أمي التي كانت دائما ما تردد أنها لم تنجب سواي وأن أخويّ شيطانان بهيئتي بشر.انقلب حال البلد وبدأت الناس تسمع بالديمقراطية بعد أن كانت ترزخ تحت دكتاتورية مقيتة وظهر سياسيون لم يكن قد سمع بهم أحد في السابق، حصلت عدة دورات للانتخابات كل سنة أو سنتين أو أربع سنوات حسب رياح السياسة إن عصفت أو هدأت بسفينة الحكم. الغريب في الأمر أن أخي نادر فاز بدورتين انتخابيتين، رغم علمي أنه لم يحصل على شهادة دراسية، وأصبح سيد المدينة الذي لا يستطيع أحد منازلته، موكبه عشرات السيارات السوداء الحديثة ويتداول الناس الحديث عن ثروته التي لا يستطيع أحد حسابها لكثرتها في بنوك الداخل والخارج أما البيوت والعمارات فلا عدّ لها وينفق الكثير من ثروته لشرائها، كان كأي بائس أو مُشرّد وان امتلك عشرات البيوت والأبنية لكنه يشعر أنه بلا مأوى. كل هذه الخواطر والذكريات تقاطرت علي وأنا أجلس أمام نادر في صالته الكبيرة البهية الساطعة..كان يتأملني بقرف من قمة رأسي حتى أخمص قدمي . قال نادر بغضب..
_ كيف نرتضي وأنت أخونا الكبير في الجنسية أنا وسليم أن يكون مظهرك مقرفا هكذا وأنت تعمل جاهدا أن تنكس رأسينا في الوحل..؟
لم يربطني بنادر يوما ما خيط من الأخوة..أجبته وأنا أشد امتعاضا منه..
_ أنا أنكس رأسيكما في الوحل..؟ عشت حرا وكريما ومثقفا طيلة حياتي لم تلطخ سيرتي أية نقطة سوداء، وما مظهري هذا الا شعوري بالألم والحزن والحيرة على عائلتي وأحفادي، وأنا المسؤول عن وجودهم، أنا على يقين أنه سيفوز في هذه الانتخابات بعد أيام، مما سيزيد خراب حاضرنا ويعتم أكثر مستقبلنا الأسود المجهول وكل ما عملتوه طيلة هذه السنين هو الفساد والدمار وأنتم من مرغ رأس البلد في الوحل، أنا الآن على حافة الجنون بسببك وأمثالك من الماسكين بالسلطة، ما تراه فيّ الآن هو الحال الذي أوصلتم الناس اليه، الجنون ولا غير الجنون..
أن يغضب المرء لا يعني أن يتلفظ بكلام ناب أو يستعمل يديه في الحوار ضربا ولكما للخصم، لكن قد تراه يفرك يديه ويحرك قدميه بلا وعي وغالبا ما يكتسي وجهه لونا أصفر يظهر جليا في البشرة السمراء. كتم نادر غيظه ربما علمته السياسة أن يكون أكثر هدوءً في أشد المواقف قسوة..تنحنح نادر وقال بصوت مرتجف..
_ أنت تكبرني بعشر سنوات وتكبر سليم بخمس عشرة سنة ولكني أكرهك من يوم فطنت على الدنيا وأنت تحمل كتابا فأنا أكره الكتب وأمقت لغتك التي تتكلم بها التي لا أفهمها، طيلة حياتي أتمنى أن أتخلص منك وها هي الفرصة سانحة أمامي.. سادت فترة صمت ملغومة، فهمت ما كان يرمي اليه ولكني تغابيت كي أتيقن تماما من مرمى كلامه..
_ نادر، ماذا تقصد..؟
أطلق ضحكة ماجنة، الضحكة صدى للروح إنْ كانت طاهرة أو خليعة، نهض من كرسيه، تحرك أمامي وعباءته تسحل وراءه دون أن يلتفت الي، قال:
_ لن يراك أحد في المدينة بعد اليوم، لقد أنفقت المليارات على حملة سليم الانتخابية، مئة ألف دينار لكل من ينتخبه، أنا لم أترشح في هذه الدورة الانتخابية بسبب اللغط والقيل والقال عن ثروتي وأملاكي وارتباطاتي السابقة وأجنداتي المشبوهة، رشحت أخي سليم إن فاز سأستمر بمشروعي من خلاله وأحركه بخيوطي كدمية عمياء، عند فوز سليم وأنا متيقن منه، سيكون مصيرك مستشفى المجانين، وإن خسر سيكون مصيرك الموت لأنك سبب هذه الخسارة..
تخشبت حنجرتي وتجمدت الكلمات فيها، حتى عيناي تحجرتا وقد صلبتا على جسد نادر الواقف أمامي كتمثال لشيطان رجيم.
أيامي الآن أقضيها في مستشفى المجانين وقد ربطوا يديّ ورجليّ بالسلاسل الثقيلة وحجروني في غرفة صغيرة ومنعوا دخول الآخرين اليها لأني خطر على الدين والبلد وعلى زملائي المجانين .
*********************************
رواية {خان الشّابندر} بالفارسية
صدرت في كل من لندن وطهران، الطبعة الثانية من الترجمة الفارسية لرواية الكاتب العراقي محمد حيّاوي "خان الشّابندر" (سراى شابندر)، عن دار نشر مهري، بترجمة غسان حمدان. وكانت الطبعة الأولى قد صدرت في العام 2022 وحققت انتشارًا واسعًا في إيران والدول الناطقة بالفارسية، وكُتب عنها العديد من الدراسات والمتابعات النقدية، إضافة إلى إطروحة دكتوراه قدمتها الباحثة كريمة مدني في جامعة "دنكشاه خوارزمى". الرواية سبق وأن تُرجمت إلى لغات عدة، من بينها الإنكليزية والهولندية والفرنسية والتركية والكُردية، كما صدرت منها باللغة العربية سبع طبعات، في كل من بيروت وتونس والقاهرة وبغداد. حسب موقع ويكيبيديا، فأنّ رواية "خان الشّابندر" لقطة مكثّفة ومركّزة لحياة بغداد السرّية والمعتمة، البائسة والمحزنة التي سبّبها حكم شمولي ثم احتلال أميركي. تتأرجح حيوات هند وضويّة ونيفين بين أمواج الانفجارات المرعبة والعالم الفانتازي الذي يقف على رأسه "مجر"، الفيلسوف الصوفي الغريب. قبل أن تأتي نهاية الرواية، بالضبط مثل كائناتها الضوئية، صادمة وموجعة وغير متوقعة.
***************************************
{قطار سقراط} وتحرير الانسان من قيوده *
كريم غانم
القطارات كثيرة، وتحتاج إلى سكك طويلة تمر في كل مكان، الدرابين، الصحاري، الشوارع، الازقة، المدن المكتظة بالناس، تختلف القطارات ولا تتشابه في حمولتها،، منها تحمل جثث الموتى، ومنها تحمل الأسلحة لمحاصرة رجل كهل اجتاز الثمانين من عمره، ومنها تحمل المشاريب والاطعمة، لكنها قليلة تلك القطارات التي تحمل المعرفة، و"قطار سقراط"، كتاب فلسفي يحاور الجميع عن كل شي ليصل الى حقيقة وجوهر الأشياء، اما هذا القطار فهو صياغة مفاهيم واسألة جديدة وايضاحها يأخذ ايريك وينر جملة من أهم الفلاسفة ليحاورهم بطريقة أدبية فلسفية حتى يعرفنا على حيواتهم الشخصية، هفواتهم مواعيدهم غذاءهم الاوقات التي ينامون فيها، حتى يجعلنا نتماهى معهم، يقول كامو مؤلف "الغريب": "هنالك جملة ما تعطي معنى للوجود".
وفي اول صفحة يقول المؤلف "عاجلاً ام اجلاً.. تحولنا الحياة جميعاً الى فلاسفة" حيث نستخدم الفلسفة في كل شيء، حتى في نقد الفلسفة ورفضها، فمن المستحيل ان نتقبل الشي او نرفضه دون أن نستخدم الفلسفة هذه الحركة الذهنية التي تبعث على التجديد والتقدم، أن التساؤلات عن معنى الأشياء هو نزوع فطري يبدأ منذ الصغر حين يبدأ الإنسان بالنظر إلى الأشياء وملامستها يبدأ يسال عن أصلها ومن أين تأتي، فتظل الفلسفة هي نزوع فطري لدى كل إنسان، يقسم ايريك وينر الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، وأربعة عشر فصل لكل فيلسوف فصل، فهذا ماركوس اوريليوس الإمبراطور الروماني صاحب كتاب التأملات الذي كان يعتبر التأملات هي التي تيقودنا إلى المعرفة، وتمنحنا السلام الداخلي، وهذا سقراط الذي لم يدون شيئاً ولكنه انزل الفلسفة من عليائها حتى جعلها تتجول في الشوارع والازقة مهمتها تحرير الإنسان من قيوده الداخلية، وهذا روسو، صاحب "العقد الاجتماعي"، الذي نظم الأفراد وجعلهم شعوب مدينة تعيش على وفق قوانين، وهذا شوبنهاور سيد التشاؤم والحكمة، يبعث كل لحظة، بفضل حكمته وارادته، إنه فيلسوف الإرادة، هذه الإرادة التي تجعلنا نسحق كل شيء في سبيل البقاء. وهذا ابيقور الحكيم الهادئ الزاهد الذي يرضى بالقليل، يعلمنا ان لا نخاف المجهول طالما هو لم يحدث، ويعلمنا ان نوفق بين احلامنا وامكانياتنا، وهذا غاندي الثائر الحكيم، وهذا نيتشه صاحب المطرقة، وهذا حكيم الصين كونفشيوس، ويختم بالفيلسوف الفرنسي، ميشيل دي مونتاني، مؤلف كتاب "المقالات" الذي انتقل من كوخ صغير بأطراف إحدى القرى النائية ليعتزل عن ضجيج العالم ويتفرغ للمعرفة، بوصفها المنقذ الوحيد لحياتنا من الخراب المحيط بهذا العالم، ثقافتنا عموماً تميل إلى حل مشكلاتها دون عيش اسئلتها، هذه الجملة العميقة البسيطة هي الفلسفة حيث السؤال الدائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*"قطار سقراط" بحثاً عن دروس من فلاسفة راحلين. تأليف ايريك وينر، ترجمة عمر فتحي. منشورات درابين.
**************************************
المفاهيم.. النسق والوظيفة النقدية
علي حسن الفواز
من الصعب وضع المفاهيم في انساق جامدة، وتحويل مرجعياتها الفلسفية الى معايير وقياسات كثيرا ما تقتل النصوص، أو تحبسها في التاريخ، وهذا ما يجعل الكشف عن تناقضات الاحكام النقدية عشوائيا، وموضوعا شائكا، ومعقدا، وباعثا على أسئلة أكثر غموضا..
ثمة من يجد في هذه المغامرة تحريكا لواقع نقدي جامد، وثمة من يراها نوعا من التهويم النقدي، وربما المعرفي، لأن التعاطي مع المفاهيم لن يكون أمرا سهلا، وأن الهروب اليها سيتجاوز خيار تلك المغامرة، ويثير الأسئلة حول مساحة اشتغالها الثقافي والفلسفي، ومنح الناقد القدرة على تقويض مركزية المفهوم والمصطلح، ومنح الأفكار طاقة للتجاوز، ولأن تكون في حالة من الاستنفار الدائم، وبما يجعل وظائفها متشعبة، ومتعددة الاستعمالات، على مستوى المساءلة والتجديد، أو على مستوى أدائها في كشف فاعليتها في صياغة الأسئلة، وفي تقويض قيود "التاريخ" والسلطة، وتعميق رهاناتها المعرفية في التجريب، وفي الدرس النظري، وعلى نحوٍ يجعل من الخطاب النقدي اكثر حيوية في تمثيل تلك الأفكار، من خلال السعة في بيانات الحراك النقدي، وفي دراسات المنهج والنظرية، وباتجاه دعمها لتبني سياسات ثقافية، وحركات ثقافية تساعد على تشغيل تلك المفاهيم، عن طريق تجديد الأنساق ذاتها.
التصادم ما بين السياسة والثقافة ليس بعيدا عن التصادم المفاهيمي، وعن علاقة هذا التصادم بالأسئلة التي تخص علاقتها بأعمال مؤسسات السياسة ومؤسسات الثقافة، فما تصنعه مؤسسات "الرأسمالية" وقناعها الليبرالي الجديد يعمد الى تفريغ المفاهيم من روحها النقدية، ومن انسانيتها، لا سيما ما يتعلق بمفاهيم الحداثة، وما بعد الحداثة، والحرية والحق والديمقراطية والفردانية، إذ باتت هذه المفاهيم مكشوفة للنصب والاحتيال الرأسمالي، ولوظائفية متعسفة تعمل على اعادة انتاج مركزيات القوة والرقابة والسيطرة، وأحسب أن ما يحدث في "الغرب الديمقراطي" من بشاعة ومن تغويل في الرسملة الطبقية، وفي تضخم أنماط الاستهلاك، وشيوع مظاهر " الفاشية الخوارزمية" كما سمّاه ماركوس، ومظاهر الانحدار الأخلاقي، فضح أنماط السياسات المهيمنة، وجعل من مؤسسات الثقافة غير فاعلة في أدائها النقدي، وفي الكشف عن عبثية المفاهيم وشعبويتها، واستعمالها في الترويج لخطاب ثقافي متعال، وغامر بأطروحات ملتبسة عنها، حتى بدت هذه الشعبوية اكثر اثارة للجدل والاختلاف، لا سيما وأنها جزء من السلطة والايديولوجيا، ومن اوهامها حول الغرب التاريخي والغرب الثقافي، وحتى الغرب المسيحي، والتي تحول وجودها في الخطاب السياسي، وفي تمثيل الصعود الشعبوي لليمين المتطرف، ولمظاهر التعمية التي تنامى معها الشعور بفقدان الثقة بالرهانات الثقافية، وبقدرة الثقافي على مواجهة خيارات العنف والكراهية والعنصرية، والى ما تكرسه من "دوستوبيات" معادية، على مستوى العلاقة مع الأمكنة وتمثيلها الاجتماعي والثقافي، أو على مستوى تمثيل الهويات التي تبحث عن وجودها في عالم لا يمكنه أن يصنع "اليوتوبيا"
ما يحدث في الغرب بات يحدث عندنا، حتى بات التناقض بين السياسي والثقافي مفضوحا، لا سيما في تداولية واستعمال المفاهيم، فالحرية لها قناع، والديمقراطية لها اقنعة، والعدالة لها توريات، والهويات عرضة للتمركز والسحق تحت تأويل القناع وليس الأصل. وهذا ما اعطى التوصيف الثقافي ابعادا كبيرة، تخص المفاهيم وتعقيداتها متعسرا وصعبا، لأنه يتعرّض الى تشويش مفاهيمي من جانب، والى إعادة صياغة وتموضع من جانب آخر، لا سيما وأن الفلسفة بوصفها صانعة المفاهيم كما يقول دولوز، تعيش مأزقها الوجودي، وأزمة تمثيلها الثقافي، وأن نزعتها الشكوكية تجعلها مطرودة من الحواضن النسقية لسلطة السياسي والايديولوجي والتاريخي والطائفي والقومي..
تمثيل المفاهيم نقديا ليس يسيرا، وليس عالقا في فراغ، بقدر ما هو مجال مفتوح على مقاربات ثقافية ومعرفية، وعلى وفق علاقتها بالفلسفة، ولما تتسع له من مساءلات نقدية تخص هوية المفهوم والمصطلح، وهوية النسق الذي يمارسان من خلاله وظائفهما في البناء والدلالة وفي تحقيق ما سماه الغذامي ب" الوظيفة النسقية" التي أسهمت بشكل كبير في تأطير فاعلية المفهوم في نظام الخطاب، وفي تمثيل المعالجات النقدية للظواهر الثقافية..
*************************************
الصفحة الثانية عشر
في اتحاد الأدباء عن "السينما العراقية 2025"
متابعة – طريق الشعب
عقدت الجمعية العراقية لدعم الثقافة والاتحاد العام للأدباء والكتاب، الخميس الماضي، جلسة بعنوان "السينما العراقية 2025"، تحدّث فيها الناقد السينمائي علاء المفرجي بحضور جمع من الأدباء والمثقفين والسينمائيين والمهتمين بالفن السابع.
الجلسة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، استهلها رئيس الجمعية الرفيق مفيد الجزائري بالقول أن هذا النشاط يأتي ضمن الاحتفاء بالإنجازات التي حققها صناع السينما العراقية في الوطن العربي والعالم.
من جانبه، ذكر مدير الجلسة الناقد علي الحسن، في كلمة قصيرة، أن عمر السينما العراقية يمتد الى أكثر من قرن من الزمن، وانها أنتجت أكثر من ١٠٠ فيلم "رغم أن هذا التاريخ لم يحقق الفارق المرجو، بوجود تجارب سينمائية جيدة".
الناقد المفرجي، وفي معرض حديثه، قال أن السينما العراقية بدأت منذ الأربعينيات بإنتاج مشترك خجول، ولم تحقق النتائج المطلوبة، ما دفع المخرج كاميران حسني، الذي اشتهر بإخراج فيلم "سعيد افندي"، الى مغادرة العراق نهائياً.
وبيّن أن فترتي الستينيات والسبعينيات شهدتا إنتاج أفلام جيدة مثل "الجابي" للمخرجَيـْن جعفر علي وجعفر السعدي، وفيلم "الضامئون"، الذي يعود الفضل في نجاحه لمدير التصوير حاتم حسين والمخرج الراحل محمد شكري جميل، قبل أن تشهد السينما تراجعاً في الثمانينيات والتسعينيات بعد سيطرة الحكومة على قطاع السينما.
وعن الفترة بعد 2003، اشار المفرجي الى بروز المخرج عدي رشيد. حيث أعاد للسينما العراقية وجهها الناصع، لما كان يمتاز به من وعي وخيال واسع، مبينا أن رشيد حفّز السينمائيين الشباب على إنتاج الأفلام القصيرة، تلاه المخرج الشاب محمد الدراجي وأحمد ياسين ومحمد الباقر، ومجموعة من المخرجين الشباب الذين ساهموا في تجديد الحركة السينمائية العراقية.
وشهدت الجلسة مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين، ورأوا فيها أن السينما العراقية تمتلك اليوم مقومات الإبداع والتميز، وتستحق الدعم لتطوير محتواها وجذب جمهور أكبر إليها.
يعقد نادي الثقافة الموسيقية في الاتحاد العام للأدباء والكتاب بالتعاون مع جمعية الموسيقيين العراقيين، الأربعاء المقبل، جلسة تأبين للفنان الراحل جمال السماوي، بحضور عائلته.
الجلسة التي من المقرر أن يديرها الفنان ستار الناصر، تبدأ في الساعة 5 مساء على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.
**************************************
غيمري.. كُدت أصبح إماما
عن "دار المدى" للطباعة والنشر والتوزيع، صدر حديثا كتاب بعنوان "غيمري.. كدت أصبح إماما"، للكاتب جورج منصور.
الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية يغلب عليها طابع الرحلة عبر الذاكرة. حيث يُلقي المؤلف الضوء على طفولته وشبابه، وعلى تشابك الأحداث بين الواقع والحلم في رحلة بحث عن الذات والوطن في المنفى.
**************************************
اختتام "مهرجان صلاح الدين" الشعري الثالث
متابعة – طريق الشعب
اختتمت أول أمس الجمعة في مدينة تكريت، فعاليات "مهرجان صلاح الدين" الشعري الثالث، الذي أقامه اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة صلاح الدين برعاية رابطة المصارف العراقية الخاصة، وبمشاركة شعراء من مختلف أرجاء البلاد.
المهرجان الذي استمر يومين، افتتح على قاعة قصر الثقافة والفنون في تكريت. وقد أدار حفل الافتتاح الشاعر د. سعد جرجيس، فيما استهله الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب الشاعر عمر السراي، بكلمة قال فيها أن "تكريت ستبقى مدينة تصنع الحياة والسلام"، مشيراً إلى أن "هذه المدينة ستظل رافداً للجمال بكل أشكاله ومختبراً حقيقياً للإبداع العراقي".
ثم ألقى د. محمد ناطق، كلمة باسم رابطة المصارف العراقية، أشار فيها إلى أهمية الأنشطة الثقافية في تعزيز الهوية الوطنية، مبينا أن الشعر يمثل جزءاً أصيلاً من الوعي الجمعي وأن دعم هذه الفعاليات يأتي في إطار مسؤولية المؤسسات العراقية تجاه المجتمع.
أما كلمة اتحاد أدباء صلاح الدين، فقد ألقاها د.غنّام محمد خضر، وذكر فيها أن "إقامة هذا المهرجان هو رسالة حياة وإصرار، وأن الشعر ما زال قادراً على جمع القلوب، وأن صلاح الدين تعود اليوم لتفتح ذراعيها للفعل الثقافي الحقيقي".
وشهد المهرجان في يوميه جلسات شعرية شارك فيها شعراء من صلاح الدين ومحافظات أخرى.
***********************************
ندوة في لاهاي مسارات المجتمع من البنى التقليدية إلى الحداثة
لاهاي - مجيد إبراهيم خليل
عقدت تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي في هولندا، أخيرا، ندوة حوارية بعنوان "انتقال مسارات مجتمعاتنا من البنى التقليدية إلى الحداثة"، ضيّفت فيها الباحث المصري أحمد سعد زايد، وذلك على "قاعة زوترمير" في أحدى ضواحي مدينة لاهاي.
الندوة التي أدارتها الأستاذة وئام السوادي، استهلها الباحث الضيف بسؤال مفاده: كيف ولماذا نحن متخلفون؟!
وفي إجابته عن السؤال، تناول تجربة مصر ومحاولاتها في الانعتاق من العصور الوسطى للوصول إلى الدولة الحديثة، مشيرا إلى المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي الذي عاصر الاحتلال الفرنسي لمصر وكتب عنه.
كما أشار إلى طموح محمد علي لبناء دولة حديثة قوية، وكيف انه انشغل بتحديث دولة لا تحديث مجتمع. ثم استعرض أسماء أبرز أعلام مصر من المفكرين والأدباء الذين ساهموا في حركة إصلاح مجتمعية منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الآن، مع تقييم مساهماتهم فكريا واجتماعيا.
وعلى هامش الندوة دار حوار تفاعلي بين الضيف والجمهور. حيث عكست تساؤلات العديد من الحاضرين أزمات الواقع العربي، وتطلع الشعوب العربية إلى الحياة الكريمة والحرية وسيادة القانون في دولة مدنية حديثة.
وفي الختام، قدم السيد خالد حسين باقة ورد إلى الباحث أحمد زايد.
*****************************************
اختتام "مهرجان كلاويز" الدولي في السليمانية
متابعة – طريق الشعب
اختتمت أمس السبت في مدينة السليمانية فعاليات "مهرجان كلاويز" الدولي السنوي، أحد أعرق الفعاليات الثقافية في كردستان.
وشهد المهرجان الذي استمر ثلاثة أيام، مشاركة واسعة من أدباء وفنانين، وحضور جمهور كبير من المهتمين في الشأن الثقافي. وتضمن اليوم الأول حفل افتتاح تخللته وصلات موسيقية وغنائية قدمها الفنانان ناصر رزازي وأيوب علي. ثم جرى الإعلان عن عدد من الجوائز في مجالات الفن والأدب.
أما اليوم الثاني، فقد شهد فعالية بحثية شارك فيها باحثون من العراق وإيران. حيث قدموا بحوثا في الأدب والفكر. ثم انطلقت جلسات للقراءات القصصية والشعرية.
وتضمن برنامج المهرجان محورا خاصا بالذكاء الاصطناعي وأثره في فضاء الثقافة والمعرفة المعاصرة، إضافة إلى سلسلة فعاليات مرافقة بينها معرض للكتاب شاركت فيه دور نشر كردية وعربية وفارسية.
كما افتتح معرض تشكيلي مخصص لأعمال الفنانين الكرديين الراحلين لالة عبدە وقرنی جمیل، تكريماً لمسيرتيهما.
جدير بالذكر، أن هذا المهرجان يُقام سنويا منذ عام 1996 من قبل "مؤسسة كلاويز" للثقافة والإعلام في السليمانية.
****************************************
قف.. بازار
عبد المنعم الأعسم
منصب رئاسة الحكومة المقبلة دخل البازار من اوسع ابوابه، بزيادة يومية، وعلى مدار الساعة لاعداد المرشحين، حتى اختلطت الاسماء لتضم اشخاصا متوفين. احكام البازار بسيطة: أن تدفع قطرة، قطرة، حتى تصل الى قطرة الحياء، وشروط المنصب ابسط: انْ تسترضي كل من يعترض، أو يتدلل عليك، للعبور الى الكرسي، لا بالكلام المعسول والوعود المجروخة، بل بجزء من سلطة المستقبل، ولسوء حظك انّ المطلوب استرضاؤهم يتناسلون بطريقة شيطانية، داخل الحدود وخارجها. يتحدثون الفصيح الجاد، أو يرطنون بالحسجة المُضحكة. يهددون بالويل والثبور، ويتوعدون بعظائم الامور.
ويشاء الحظ العاثر للمرشح الى هذا البازار ان يكون مادة جدل، وأخذ ورد، على الشاشات الملونة، حيث يشمّر كلُّ من هبّ ودبّ ذراعيه ليخوّض في خصوصياته المنسية، وعثراته المحرجة، وحساباته المبيتة، ويمتدّ الخوض ُ الى زلّاته، وزلات آبائه حتى الجد السابع، فيما هو يكافح وينافح، ويشقق ويرقّع، ويصرف لليمين ويدفع للشمال، قبل ان يصل الى خط النهاية ليجد هناك ما هو اشقى وأقسى وأسوأ من كل ما مرّ به: بوس اللحى.
*قالوا:
"السياسة موضوع اخطر بكثير من ان نتركه للسياسيين".
ديغول
************************************
الشاعر عمر السراي في ضيافة البصرة
البصرة – طريق الشعب
ضيّف "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة و"دار الأدب البصري"، الأربعاء الماضي، الشاعر عمر السراي في جلسة حضرها جمع من المثقفين والأدباء ومحبي الشعر، وأدارها الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، رئيس الملتقى.
الجلسة التي التأمت على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، استهلها مديرها بالحديث عن علاقة السراي بالبصرة، وكيف انه يحملها "حبا بين جوانحه".
بعدها تحدث الضيف عن عشقه لهذه المدينة. ولفت إلى انه زارها أكثر من 150 مرّة. ثم قرأ قصيدته "سلام على البصرة".
وشهدت الجلسة حوارا تفاعليا بين الشاعر والجمهور، إضافة إلى قراءة ورقتين نقديتين عن تجربة السراي، من قبل د. محمد جواد البدران والكاتبة خنساء العيداني.
وعلى شرف الضيف، قدمت فرقة الفنان قصي البصراوي وصلتين غنائيتين بمشاركة المطرب جبار السعد.
وفي الختام، قدم الشاعر الكبير كاظم الحجّاج هدية باسم "دار الأدب البصري" إلى الشاعر عمر السراي.
*************************************
بغداد تستعد لـ"مهرجان لقاء الأشقاء"
متابعة – طريق الشعب
تواصل دائرة الفنون الموسيقية تحضيراتها لعقد لقاءات تنسيقية وبحث آليات التعاون مع عدد من الجهات المعنية بالفن والثقافة، استعداداً لتنظيم "مهرجان لقاء الأشقاء" السنوي للهوايات والحرف.
وحسب القائمين عليه، فإن هذا المهرجان يحمل في جوهره رسالة إنسانية تعكس معاني الأخوّة والمحبة بين الشعوب، من خلال برنامج فني متنوع يضم حفلات موسيقية وعروضاً مختلفة في مجالات الفنون كافة، بما يبرز ثراء التجارب الإبداعية وتعدد أشكال التعبير الفني.
ويُقام المهرجان تقليدياً على أرض المحطة العالمية للسكك الحديد في بغداد، بمشاركة واسعة من مؤسسات ثقافية وفنية تقدّم أعمالاً تمثل الأصالة والتراث والفكر والإبداع، ما يجعل الحدث مساحة تحتفي بالهوية الثقافية وتبرز جماليات الفن كجزء من الموروث الاجتماعي.
جدير بالذكر أن هذا المهرجان عادة ما يُقام في تشرين الثاني أو كانون الأول من السنة.
**************************************
تقديراً لجهوده في تعزيز العلاقات الثقافية المتبادلة وسام فرنسي رفيع لفلاح العاني
باريس – طريق الشعب
قلد سفير فرنسا في بغداد باتريك دوريل، الاثنين الماضي، المدير العام السابق لدائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة، فلاح شاكر العاني، وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي للفنون والآداب.
وجرت مراسم تقليد الوسام خلال حفل في دار السفير في بغداد، حضره حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاعلامية العراقية، الى جانب أركان السفارة الفرنسية.
وأثنى السفير دوريل في كلمة ألقاها، على جهود العاني في دعم الفنون والآداب. وقال انه مُنح هذا الوسام "تقديرا لدوره المحوري في تعزيز التعاون الثقافي الفرنسي".
وسبق لثلاثة فقط من العراقيين ان فازوا بهذا الوسام الرفيع، منذ تأسيسه في فرنسا سنة 1957 ليُمنح للشخصيات الثقافية المبدعة من الفرنسيين والاجانب. وبذلك يكون فلاح العاني رابع عراقي يحصل عليه.
وكان العاني خلال عمله في وزارة الثقافة مديرا عاما للعلاقات الثقافية وقبلها مديرا عاما لدار المأمون. وقد عُرف بسعيه المثابر لتطوير العلاقات الثقافية مع الدول الاخرى أيضاً، خصوصا المتقدمة، بما يعود بالنفع للثقافة العراقية، لا سيما في المجالات التي تمس فيها حاجتها الى المعارف والخبرات الأجنبية.