الصفحة الأولى
أكثر 200 مليار دينار.. جدل {المراقبين والركائز} يُعيد ملف المال السياسي إلى الواجهة
بغداد ـ طريق الشعب
أعاد الإعلان عن وجود ما يقارب مليوني مراقب ووكيل كيان سياسي وممثل إعلامي خلال يومي الاقتراع العام والخاص، الملف الانتخابي الى الواجهة، بسبب الجدل الواسع الذي أثاره هذا الرقم غير المسبوق، والذي فاق بكثير ما شهدته الدورات الانتخابية السابقة، وأثار أسئلة جوهرية حول جدوى هذا التضخم، وأبعاده المالية والسياسية، ومدى تأثيره في نزاهة العملية الانتخابية ونتائجها النهائية.
وبجردة حساب سريعة فإن منح 100 الف دينار كمعدل وسطي لكل مراقب كيان سياسي، يعني أن القوى السياسية المشاركة في الانتخابات، انفقت ما يزيد على 142 مليون دولار، فيما يشير مراقبون الى ان تلك القوى منحت كل مراقب كيان سياسي مبلغا يتراوح بين 100 الى 150 الف دينار، وهذا يعني انفاق اكثر من 200 مليار دينار على الوكلاء من قبل تلك الأحزاب والقوى!
من الناحية الأخرى، فأن القوى السياسية صرفت مبلغ 10 مليارات دينار كرسوم منح باجات المراقبة، لكن مفوضية الانتخابات اكدت إعادة هذا المبلغ بالكامل بعد نقض القرار قضائياً، الا ان هذه المبالغ الكبيرة، المصروفة إضافة الى اشكال الدعاية الانتخابية الاخرى، والتي لم يجرِ التوقف عندها، اعادت فتح النقاش حول استخدام المراقبين كأداة انتخابية أكثر مما هم ضمانة للشفافية.
رقم "غير منطقي" يقوّض الثقة
أثير الدباس، منسق التيار الديمقراطي العراقي، رأى أن وجود هذا العدد المهول من مراقبي الكيانات السياسية مثّل "ضربة مباشرة لمصداقية الانتخابات".
وقال الدباس في حديث لـ"طريق الشعب"، إن ما يقارب مليوني مراقب ونسبة المشاركة التي لم تشهد ارتفاعًا كبيرًا، يعني أن هؤلاء المراقبين، مع أقاربهم ودائرتهم الانتخابية، يشكلون ما لا يقل عن 20% من المصوتين فعليًا. وهذه نسبة ضخمة قادرة على تغيير اتجاهات التصويت، ما يجعل دور المراقبين لا يقتصر على المتابعة، بل يتحول فعليًا إلى كتلة تصويتية مدفوعة الثمن.
وتحدث الدباس عن "ممارسات شراء أصوات جرت تحت غطاء تشغيل المراقبين"، إذ أن كثيراً من هؤلاء حصلوا على مبالغ مالية مقابل عملهم، وهو ما ولّد دائرة تأثير انتخابية غير عادلة، استغلت فيها الأحزاب الكبيرة نفوذها المالي وسلطتها داخل مؤسسات الدولة.
ما مصدر هذه الأموال؟
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي حسين النجار، وصف الرقم بأنه "خارج التصور"، قائلاً: لقد جرى ارباك العملية الانتخابية من خلال هذا الكم الهائل من المراقبين داخل المحطات الانتخابية، اذ رصدنا صعوبة في التعامل معهم من قبل المكلفين بإدارة الانتخابات في المراكز الانتخابية، حيث توجب عليهم استيعاب عشرات المراقبين في المحطة الواحدة.
وتساءل النجار في حديث خص به "طريق الشعب"، كيف يمكن لاستحقاق انتخابي محدود البنية التحتية، بعدد مراكز ومحطات معروف، أن يستوعب هذا الكم من المراقبين، الذين يتجاوزون حاجة الرقابة الفعلية بأضعاف مضاعفة؟ وشدد على ان "الكثير من هؤلاء كانوا يلحون على موظفي المفوضية للسماح بالدخول الى المحطات، باعتبار ان ذلك مطلوب منهم، كما ان الحصول على مبلغ الكيان السياسي مرهون به ايضا".
ونبّه النجار الى الجانب المالي لهذه الظاهرة: "الكثير من المراقبين يتقاضون مبالغ مالية يوم الاقتراع، بما يثير تساؤلات حول مصادر هذه الأموال، ومدى خضوعها للرقابة الرسمية، وما إذا كانت ضمن سقوف الإنفاق المسموح به قانوناً للحملات الانتخابية".
وخلص عضو المكتب السياسي إلى أن هذا العدد من المراقبين، يُعامل في حقيقة الأمر كأصوات مضمونة لصالح الجهات السياسية التي دفعت لهم، وهو ما انعكس فعليًا على النتائج الأولية، حيث حصدت الكيانات المتنفذة مكاسب واضحة في مناطق انتشار مراقبيها.
أكثر من 10 مليارات دينار
وكانت مفوضية الانتخابات قد فرضت رسومًا مقدارها خمسة آلاف دينار على منح الباجات للأحزاب والمراقبين والإعلاميين. ومع وصول عدد الحاصلين على الباجات إلى أكثر من مليوني شخص، فإن المبالغ المستحصلة تجاوزت حاجز 10 مليارات دينار.
وفي هذا الصدد، قال المستشار القانوني في مفوضية الانتخابات، حسن سلمان، أن الهيئة القضائية للانتخابات نقضت قرار مجلس المفوضين وعدّته بلا سند قانوني، لتقوم المفوضية بإعادة جميع الأموال إلى الجهات التي دفعتها، من الكيانات السياسية إلى الإعلاميين والمراقبين المحليين والدوليين، والذين تجاوز عددهم 1500 مراقب دولي.
ورغم أن المفوضية استوفت شروط الشفافية المالية من خلال إعادة الأموال، إلا أن الجدل لم ينحسر؛ إذ بقي السؤال الأكبر معلقاً: من الذي موّل تشغيل وتجنيد مليوني مراقب أصلاً؟
"الركائز".. ظاهرة انتخابية جديدة!
الكاتب والإعلامي شمخي جبر اشار إلى ظاهرة جديدة برزت في انتخابات 2025، وهي ما يُعرف بين الحملات الانتخابية بـ"الركائز".
وقال جبر في حديث لـ"طريق الشعب"، أن أحزاب السلطة استخدمت هذه الركائز بكثافة، معتمدة على قدرتها المالية الضخمة، فيما لا تملك القوى الصغيرة حتى القدرة على تمويل 5 آلاف دولار لحملتها الانتخابية.
واضاف جبر، أن امتلاك الأحزاب الكبيرة لهذا العدد الكبير من المراقبين، يعني بالضرورة أن هؤلاء ـ إضافة إلى أسرهم ـ يعدّون خزانات تصويت، ما يجعل البيئة الانتخابية غير عادلة إطلاقاً؛ ففي بلد يعاني من الفقر والبطالة، يصبح المراقب فرصة عمل مؤقتة لكنها ذات تأثير سياسي، ما يجعل الاستقطاب المالي أكثر فعالية من الخطاب السياسي نفسه.
وتابع: أخيرا، لم يعد تأمين نزاهة الإجراءات الانتخابية تشكل التحدي الأكبر، انما الحاجة ماسة لضبط المال السياسي ومنع توظيف النفوذ المالي والسياسي لتوجيه إرادة الناخب، كما هناك حاجة ملحّة لإعادة تقييم شاملة لقواعد الرقابة على الحملات الانتخابية، وآليات منح الباجات، وسقوف الإنفاق، وضمان قدرة جميع القوى على المنافسة العادلة دون ابتلاع أصواتها داخل منظومة تأثيرات معقدة، يتقدم فيها المال على البرامج والمشاريع السياسية والكفاءة والإخلاص والنزاهة.
*******************************************
الشيوعي العراقي: بعزم لا يلين نواصل نضالنا رغم كثافة التحديات
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية لانتخابات مجلس النواب لعام 2025، وتبيّن أن القوى المدنية الديمقراطية لم تحظَ بأي تمثيل في المجلس الجديد.
وهي المرة الأولى منذ عام 2003 التي يُقصى فيها الصوت المدني على هذا النحو الواسع من البرلمان، في مؤشر خطير على طبيعة البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جرت فيها الانتخابات.
إن هذا الإقصاء لا يستهدف حزبًا بعينه، بل يضرب جوهر العملية الديمقراطية نفسها، التي تحولت بفعل منظومة المحاصصة والفساد إلى ديمقراطية شكلية ومفرَّغة من مضمونها، ويقوّض حضور كل القوى المدنية الديمقراطية التي تدافع عن بناء دولة المؤسسات.
لقد كنا ندرك المقدمات التي سبقت هذا الاستحقاق، وما يكتنف العملية الانتخابية من اختلالات بنيوية، ومع ذلك خضنا المنافسة بهمة عالية وروح مسؤولة، إيمانًا منا بضرورة الدفاع عن خيار الدولة المدنية الديمقراطية، وبحق الشعب في بديل وطني نزيه.
غير أن ما أفرزته العملية الانتخابية كان نتاجًا واضحًا لهيمنة المال السياسي والسلاح، والمحاصصة، واستغلال النفوذ والسلطة وموارد الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية، وتأجيج النعرات الطائفية والنزعات العشائرية والمناطقية، وهو ما حوّل التنافس الانتخابي إلى سباق غير متكافئ، أُعيد فيه إنتاج ذات القوى المهيمنة والمصالح الضيقة.
كما أن ملاحظات أخرى تُطرح حول قضايا فنية وسياسية متعددة، منها عدم تنفيذ أي من مواد قانون الأحزاب، وغياب الشفافية في الصرف الانتخابي، وتسجيل هذا الكم الهائل من المراقبين، وشراء الأصوات بصورة علنية، فضلًا عن التعامل غير المتساوي مع القوى المدنية حيث جرى إبعاد العديد من مرشحيها لا لشيء سوى التعبير عن آرائهم، مقابل عدم محاسبة أي من أطراف القوى الأخرى رغم انتهاك الدستور والقانون، وصولًا إلى طريقة احتساب نسبة التصويت، والتجييش والتحشيد أمام مراكز الاقتراع، وغيرها من أساليب الترغيب والترهيب.
ولم تكن هذه الممارسات خافية على أحد، لكن حجمها هذه المرة كشف بجلاء حجم الأزمة التي يمر بها بلدنا.
إن ما أفرزته هذه الانتخابات ينذر بمرحلة صعبة من استمرار التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويُكرّس احتكار السلطة والثروة بيد أقلية متنفذة، وتفشي الفساد في المجتمع ومؤسسات الدولة، واستمرار انفلات السلاح.
ورغم هذا كله، يتوجه حزبنا الشيوعي العراقي بخالص الشكر والتقدير إلى كل المواطنات والمواطنين الذين منحوا أصواتهم لمرشحي الحزب، ولكل المتطوعين في الحملات الانتخابية، الذين عبّروا عن إيمانهم بمشروع التغيير الديمقراطي. هؤلاء يمثّلون قاعدة الأمل التي سنبني عليها استمرار نضالنا من أجل العدالة الاجتماعية والإصلاح الحقيقي.
إننا نؤكد من جديد عزمنا على مواصلة الطريق، جنبًا إلى جنب مع القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية، لإحداث التغيير المنشود وبناء دولة المواطنة والمساواة والمؤسسات والكرامة الإنسانية.
كما اننا سنجري عملية تقييم شاملة للانتخابات ونتائجها بغية الوصول الى استنتاجات مناسبة للعمل على تنفيذها في المستقبل القريب.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
13-11-2025
********************************************
راصد الطريق.. هل يقترب العراق من انهيار مالي؟
الأرقام التي كشفها اخيراً متخصصون في الشأن الاقتصادي بخصوص وصول العجز الحقيقي في الموازنة إلى ما قد يتجاوز 15 تريليون دينار نهاية العام الحالي، لا تترك مجالًا للاطمئنان؛ فهي تشكل تحذيرا صريحًا من أن قدرة الدولة على دفع الرواتب، قد تكون على المحك خلال الأشهر المقبلة. والأخطر من هذا أن الأزمة تتزامن مع تراجع أسعار النفط، وتآكل احتياطيات البنك المركزي إثر لجوئه إلى تغطية أكثر من 11 مليار دولار من الطلب المتزايد على العملة الأجنبية، ما يعني أن هامش المناورة يضيق بسرعة غير مسبوقة.
ورغم وضوح مواطن الهدر، إلا أن أي إصلاح حقيقي ما زال رهينة التجاذبات السياسية، والمصالح الحزبية الضيقة. وإذا كانت الحكومة تفكر في الاقتراض مجددًا، فهل تملك السوق العراقية أصلًا قدرة على استيعاب ديون إضافية، بعد وصول الدين الداخلي بحسب المختصين إلى أكثر من 90 تريليون دينار؟
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل تملك الأقلية الحاكمة إرادة اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الصدد، قبل أن يجد العراق نفسه أمام لحظة فارقة، لا تستطيع فيها الدولة دفع رواتب موظفيها؟
أم تُرانا نتجه مجددًا نحو إدارة أزمة وليس حلها؟
*************************************************
الصفحة الثانية
نقص ملحوظ بمياه الشرب في النجف الموارد المائية: سنستثمر مياه الأمطار!
النجف – طريق الشعب
تشهد محافظة النجف نقصاً ملحوظاً في كميات مياه الشرب، اذ يتم منح الأهالي حصة واحدة كل عشرة أيام، ويأتي ذلك جراء الانخفاض الكبير في منسوب مياه الأنهر والجداول الفرعية في المحافظة.
وقال مدير الموارد المائية في النجف شاكر فايز العطوي، "لدينا مراشنة وحصة مائية للأهالي بواقع مرة واحدة كل 10 أيام، وفق تقسيم عادل للأقضية والنواحي، وهي مياه صالحة للشرب".
وأضاف، انه "بسبب نقص منسوب المياه في العراق بشكل عام "لا توجد حتى الآن خطة زراعية في محافظة النجف".
ويوم امس، أكدت وزارة الموارد المائية، ان العمل جار لاستثمار الأمطار بما ينعكس بشكل إيجابي على الخزين المائي.
وقال المتحدث باسم الوزارة خالد شمال، إن "المؤشرات تعطي دلائل أولية بأنه سيكون هنالك موسم رطب".
وأشار الى أن "الوزارة ستعمل على استثمار الأمطار بما ينعكس بشكل إيجابي على الخزين المائي في العراق"، لافتاً الى أن "هيئة التشغيل نفذت عدة إجراءات لضخ المياه من بحيرة الثرثار لتعويض النقص في نهر الفرات".
******************************************
سيناريو سنوي: مياه راكدة واختناقات مرورية.. أول زخة مطر تُعرّي هشاشة البنية التحتية في بغداد والمحافظات
بغداد – طريق الشعب
مع الساعات الأولى لهطول الأمطار، عادت شوارع بغداد ومحافظات أخرى إلى المشهد السنوي ذاته: مياه راكدة، طرقات مشلولة، اختناقات مرورية تمتد لعدة كيلومترات، وأحياء تتحول إلى ما يشبه البرك المفتوحة. ورغم إعلان الجهات الخدمية حالة الاستنفار القصوى كل عام، فإن أول موجة مطر عادةً ما تكون كافية لتعرية حقيقة هشاشة البنى التحتية، خصوصاً شبكات الصرف الصحي التي لم تعد قادرة على التعامل مع أبسط معدلات الهطول.
هذا المشهد المتكرر يعيد إلى الواجهة التساؤل حول: لماذا تتحول نعمة المطر إلى أزمة وطنية في بلد يعاني أصلاً من واحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخه الحديث؟ وكيف يمكن للعراق أن يجني فوائد الأمطار المأمولة دون أن يدفع ثمنها تعطلاً وخسائر مادية وأضراراً في الممتلكات؟
شبكات منهارة
تُظهر الأمطار كل عام انهياراً واضحاً في جاهزية شبكات الصرف الصحي، التي يعود تأسيس جزءٍ كبير منها إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، دون أن تشهد تحديثاً يتناسب مع تضاعف السكان واتساع المدن. وتؤكد تقارير رسمية أن معظم هذه الشبكات تعمل فوق طاقتها، وتعاني انسدادات، ورداءة في مواد التنفيذ، فضلاً عن ضعف الصيانة السنوية التي يفاقمها تراكم النفايات داخل المناهل.
الخبراء يشيرون إلى فجوة كبيرة بين متطلبات الواقع وإمكانات البلديات. فمدن مثل بغداد تحتاج إلى مضاعفة طاقات محطات الرفع، وتوسيع شبكات الأنابيب، وإنشاء خطوط جديدة مخصّصة لتصريف مياه الأمطار فقط، الأمر الذي لم يتحقق منذ عقود. ومع توسع الأحياء السكنية العشوائية دون بنى تحتية مرافقة، تتفاقم المشكلة بشكل مستمر.
خسائر اقتصادية مباشرة
يقول الباحث الاقتصادي احمد عبد ربه، ان الأمطار لا تعني فقط تجمعات مائية، بل تتسبب أيضاً في خسائر يومية كبيرة، مشيرا الى ان تعطل الطرق يعني ارتفاع كلفة النقل وتأخر الحركة التجارية.
ويقول عبدربه، أن كل ساعة ازدحام إضافية في بغداد قد تكلّف الاقتصاد ملايين الدنانير نتيجة توقف الموظفين والقطاع الخاص والآليات والشاحنات. كما تتسبب الأمطار بضرر واسع على الأرصفة والمنازل المنخفضة عن مستوى الشارع، وعلى خطوط الكهرباء الأرضية، وتؤدي إلى زيادة أعطال السيارات.
ويشير الى انه غالباً ما تتحول شكاوى المواطنين إلى موجة غضب سنوية، يرافقها ارتفاع أصوات تطالب بمحاسبة الجهات المسؤولة عن مشاريع البنى التحتية التي لم تصمد أمام أول اختبار.
بلد عطِشٌ بحاجة لكل قطرة
المفارقة اللافتة أن العراق، الذي يعاني من مشاكل الغرق في المدن، يواجه في الوقت ذاته أزمة جفاف تعدّ الأخطر منذ قرن. فالمياه السطحية تناقصت بشكل كبير، والأنهار القادمة من دول الجوار شهدت انخفاضاً حاداً في الواردات، فيما تراجع خزين السدود إلى مستويات مقلقة في السنوات الأخيرة.
من الناحية المناخية، تُمثل الأمطار مورداً أساسياً لتعزيز المنسوب الجوفي، وتحسين رطوبة التربة، وتخفيف العواصف الترابية التي ضربت العراق بعنف خلال الأعوام الماضية. كما تُعد الأمطار عاملاً مهماً لدعم المواسم الزراعية في المحافظات الوسطى والجنوبية، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الأمطار لتقليل الحاجة إلى الريّ السطحي.
لكن الاستفادة من هذه الأمطار تبقى محدودة في ظل غياب مشاريع حصاد المياه، وضعف إنشاء السدود الترابية، وعدم تطوير تقنيات خزن مياه الأمطار داخل المدن. ففي الكثير من الدول، تُجمع مياه الأمطار في خزانات عملاقة أو تُعاد تغذية الأحواض الجوفية بها. أما في العراق، فإن الجزء الأكبر منها يُهدر عبر المجاري أو يتجمع في الشوارع ويتسبب بمشاكل إضافية.
يشير مختصون إلى أن الحل لا يكمن في معالجة الظواهر الموسمية، بل في وضع خطة استراتيجية تمتد لسنوات، تتضمن: تحديث شامل لشبكات الصرف الصحي واستبدال الخطوط المتهالكة. وإنشاء خطوط موازية خاصة بمياه الأمطار (Rainwater Network) لتخفيف الضغط عن الشبكات الحالية، إلى جانب تطوير محطات الرفع وزيادة طاقتها الاستيعابية.
ويشدد المختصون على ضرورة إطلاق مشاريع حصاد مياه الأمطار للاستفادة منها في الزراعة أو تغذية المياه الجوفية، وفرض رقابة صارمة على النفايات ومنع رميها في المناهل والشبكات، معتبرين هذه الخطوات "استثماراً ضرورياً في بلد يشهد تغيرات مناخية حادة، ويحتاج إلى التكيف معها عبر تعزيز جاهزية بناه التحتية واستغلال موارده المائية بأفضل شكل ممكن".
**************************************************
بسبب العقوبات الامريكية.. تأخر رواتب 1300 موظف عراقي في {لوك أويل} الروسية منذ ٦ أسابيع
متابعة -طريق الشعب
أعلن مرصد إيكو عراق عن تأخر رواتب نحو 1300 موظف عراقي في شركة "لوك أويل" الروسية منذ ستة أسابيع، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على الشركة.
وقال المرصد في بيان، إن "الموظفين العراقيين العاملين في شركة لوك أويل بحقل غرب القرنة 2 بالبصرة، نحو 1300 موظف يواجهون أزمة تأخير في صرف رواتبهم منذ أكثر من شهر ونصف"، مبينًا أن "هذا التأخير جاء نتيجة القيود المالية المرتبطة بالعقوبات الأميركية على الشركة الروسية".
وأوضح أن "الموظفين اعتادوا تسلم رواتبهم بين يومي 22 و25 من كل شهر عبر مصرفي بغداد والأهلي"، مشيراً إلى أنهم "تسلموا هذه المرة كشف الراتب (بودرة الراتب) عبر البريد الإلكتروني فقط، من دون أي تحويل بنكي".
ودعا المهندس الاستشاري سعد البطاط إلى الاستعانة بالجهد الوطني في تشغيل حقل القرنة ٢ بعد إعلان شركة لوك أويل حالة القوة القاهرة، مؤكداً أن هذا سيكون قراراً عراقياً، وأن التصرف الوطني والكلف أقل بكثير من غيرها، مشيراً إلى قدرة العراق على التعامل مع الوضع.
وذكر البطاط في حديث صحفي، أن "العراق كان قادراً على الإنتاج قبل عام 2003، حيث وصل الإنتاج في عام 1979 إلى 3.5 ملايين برميل، وتجاوز 4 ملايين برميل فيما بعد، مؤكداً أن العراق يعد من أوائل البلدان النفطية القادرة على الإنتاج بكفاءة.
وحذر البطاط من أن عدم اللجوء إلى الجهد الوطني سيدمر العقل العراقي ويؤثر على الابتكار والعديد من المجالات، مؤكداً أن استمرار الوضع الحالي قد يقضي على أي مبادرات عراقية، كما حدث في مجالات الصناعة والزراعة، ما أدى إلى الاعتماد الكلي على النفط.
وأشار إلى أن بعض الشركات، خاصة الأمريكية والصينية، قد تتدخل لتحل محل لوك أويل بسبب العقوبات الأمريكية والبريطانية المفروضة على الشركة، لكن العودة إلى الجهد الوطني تبقى الخيار الأمثل للعراق.
*********************************************
ومضة.. مشروعنا الوطني للتغيير.. يحتفظ بكامل حيويته
صبحي الجميلي
يغلب الظن انه ما من متابع رصين لاوضاع بلدنا كان يتوقع ان تاتي نتائج الانتخابات الأخيرة في خطوطها العامة ، بعكس ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات من نتائج أولية، بينت استمرار سطوة وهيمنة القوى المتنفذة ذاتها، التي تحكمت بالمشهد السياسي العراقي منذ ٢٠٠٥ حتى يومنا الحاضر .
فمقدمات هذه الانتخابات، والظروف التي أحاطت بها، وطبيعة القوى او لنقل الأقلية المتحكمة، ونمط تفكيرها وسيرها على نهج الاحتكار والاقصاء، وسعيها بكل وسيلة الى الاحتفاظ بهيمنتها وتفوقها.. هذه وغيرها شكلت مؤشرات قوية على إمكانية تكرار المشهد ذاته مع تغييرات محدودة في الشخوص هنا وهناك، لا تمسّ البتة المنهج والمشاريع السياسية .
وهذا يثير سؤالا مشروعا: لماذا اذن المشاركة والنتائج معروفة، او لنقل واضحة بمؤشراتها العامة، فـ "الكتاب يقرأ من عنوانه"؟
صحيح تماما ان هناك عشرات الأسباب التي تشكل جوا يحبذ المقاطعة وعدم المشاركة. لكن هناك في المقابل عشرات وربما اكثر، من الأسباب التي تدعو وتلح على المشاركة، مع المعرفة التامة بكل مقدمات العملية الانتخابية. يضاف الى ذلك ان تجربة ٢٠٢١ الانتخابية، بما لها وما عليها، اشرت وجود إمكانية لحصول اختراق ما ولو كان محدودا.
هذا جانب، والآخر هو حالة التذمر والاستياء والقلق عند قطاعات عراقية واسعة، من المنزلق الخطير الذي يندفع اليه البلد، مع تنامي حالة عدم الثقة بين المتنفذين ومؤسسات الحكم من جانب، والغالبية التي تعاني فيما اقلية تهيمن على الدولة ومؤسساتها وتسخرها لخدمتها، وتمتلك المال والاعلام والسلاح، وتتجه نحو المزيد من مفاقمة مساويء "الدولة العميقة". انما في الممارسة العملية كان يبدو ان حالة الاستياء والتذمر هذه لن تترجم بالضرورة الى مواقف إيجابية، وفعل ردع للقوى التي كانت السبب في ما يعانيه المواطنونوما زالوا من أزمات وسوء خدمات وضنك عيش.
ومن المؤكد ان انتخابات ٢٠٢٥ افرزت العديد من القضايا التي تحتاج المزيد من التقصي والمتابعة والتحليل والدراسة، ومنها عدم حصول القوى المدنية والديمقراطية والحزب الشيوعي على مقاعد في البرلمان الجديد. وسيكون مفيدا هنا ان يوضع في الاعتبار عند الدراسة، اعتماد نظرة شاملة الى الامور مع مجموعة متكاملة من المعايير، بينها واقع الحال والظروف والبيئة التي جرت فيها الانتخابات، ومدى استعداد قوى الأقلية لارتكاب الموبقات. وهي فعلا ارتكبت الكثير منها، وتجاوزت في نقاط عدة الخطوط الحمر جميعا. ولا ادل على ذلك من الاستعداد للتزوير، الذي اظهرته تسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعي، يتوجب التأكد منها أولا، ومن غيرها أيضا وهي امام مفوضية الانتخابات. كذلك هذا الاستخدام غير المسبوق للمال السياسي، وشراء ذمم المرشحين والناخبين .
ومن نافل القول ان أي تقويم رصين لا يمكن ان يقف على رجل واحدة، لذلك يتوجب اجراء مراجعة جادة من طرف القوى المدنية والديمقراطية لمجمل أدائها ، لمقدماته ونتائجه ، واستخلاص الدروس مما حصل ليكون معينا للعمل اللاحق، الذي لن يتوقف قطعا عند الانتخابات لوحدها. فهي في كل الأحوال، وفي احسنها ، ليست برأينا الا محطة من محطات العمل المتواصل الذي تغنيه التجربة العملية، على وفق رؤى متكاملة تستند الى قيم ومبادئ، يعد التمسك بها والإصرار عليها طوق نجاة للحاضر والمستقبل.
ونرى أيضا، من جانب اخر، ان نتائج هذه الانتخابات ليست ولن تكون بذاتها الأداة المعول عليها لإنقاذ البلد، وتخليصه من أسباب المعاناة والكوارث، ولن تغير، بحكم ظروفها وطبيعة القوى المتنفذة المشاركة فيها، من المشهد المعروف كثيرا. على العكس تماما فهي إعادت تأكيد الازمة البنيوية للمنظومة السياسية الحاكمة ولنهجها. وان قراءة أولية لما حصل تقول باننا مقبلون على اختناقات وصعوبات عدة، على مختلف الصعد.
وامام هذه الصورة يبقى المشروع الوطني العراقي للتغيير الشامل يحتفظ بكامل حيويته وراهنيته، وان من الضروري الشروع بتكوين اصطفاف وطني واسع، سياسي وشعبي، لفرضه وتحقيقه عبر نضال متراكم ومتصاعد، نضال متعدد الأوجه وبأساليب سلمية، سداها ولحمتها الجماهير، مع المراهنة قبل كل شيء على العمل المنظم والمبرمج والمنهجي للارتقاء بالوعي العام.
*****************************************
الصفحة الثالثة
التغيّر المناخي يهدد آثار العراق القديمة ويكشف هشاشة إجراءات الحماية!
بغداد – طريق الشعب
تحت شمس لاهبة ورياحٍ محملة بالملح والرمال، تقف أور وبابل كشيخين هرِمين يحاولان الصمود في وجه الزمن. جدرانهما الطينية تتشقق بصمت، والزقورات التي كانت يوما معابد للآلهة، باتت اليوم تصارع العواصف لاجتياز فصل جديد من البقاء.
حيث تُهدد موجات الجفاف والتصحر بطمس ملامح أولى الحضارات التي عرفتها البشرية، فيما يحذر مختصون من أن ما يتعرض له الإرث الرافديني ليس مجرد تآكل في الآجر، بل تآكل في ذاكرة الإنسانية نفسها.
آثارنا تحتاج إلى جهد حكومي ودولي
ويحذر الخبير الآثاري عامر عبد الرزاق من محافظة ذي قار من التأثيرات الخطيرة التي تُحدثها التغيّرات المناخية على المواقع الأثرية في العراق، ولا سيما في مناطق الوسط والجنوب التي تضم مواقع أثرية تُعدّ من أهم الشواهد على الحضارة الإنسانية.
وقال عبد الرزاق لـ"طريق الشعب"، إن "الظروف الجوية والتغيّرات المناخية أثّرت بشكل كبير على الإنسان، وكذلك على المواقع الأثرية، خصوصاً أن معظم هذه المواقع في وسط وجنوب العراق مشيّدة من الطين أو الطابوق المفخور، وهي مواد تتأثر سريعاً بالعوامل المناخية القاسية".
وأوضح أن "سنوات الجفاف الأخيرة وقلة الأمطار أدتا إلى هبوب رياح قوية محملة بالأتربة والرمال، إضافة إلى ارتفاع معدلات الرطوبة وازدياد نسب الملوحة، وهي عوامل تسببت بتآكل جدران الأبنية الأثرية، خاصة في مواقع مهمة مثل مدينة أور وبابل، ما أثر على الزقورات والهياكل المبنية من الآجر".
وأشار الخبير الآثاري إلى أن "رئاسة الوزراء شكلت مؤخراً لجنة لحماية المواقع الأثرية من آثار التغيّر المناخي، إلا أن الجهود الحالية لا تزال دون المستوى المطلوب"، مؤكداً أن "العراق بحاجة إلى جهد حكومي ودولي أكبر لحماية هذا الإرث الإنساني العظيم".
ودعا عبد الرزاق إلى "تعاون دولي واسع، ولا سيما من منظمة اليونسكو والمنظمات العالمية المعنية بالتراث، للوقوف إلى جانب العراق في الحفاظ على تاريخه وآثاره المهددة بالاندثار"، مشدداً على أن "هذه المواقع لا تمثل العراق وحده، بل هي جزء من تاريخ الإنسانية جمعاء".
كما طالب الحكومة بأن تكون "أكثر سخاء في دعم وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والتراث"، مبيناً أن "الموارد المالية المتاحة للهيئة محدودة جداً، فيما تتطلب أعمال الصيانة والترميم والحفظ مئات الملايين من الدولارات".
وتابع عبد الرزاق حديثه بالقول: "ينبغي على الحكومة أن ترصد مبالغ كبيرة لإنقاذ المواقع الأثرية من التدهور، فالحفاظ على هذا التاريخ الإنساني مسؤولية وطنية وعالمية في آن واحد".
وحذرت وكالة رويترز من خطر متصاعد يهدد الإرث الحضاري للعراق، مهد أقدم حضارات التاريخ، إذ تقف المدن السومريةوالبابلية من أور إلى بابل على حافة الزوال، وسط تصاعد موجات الجفاف وارتفاع نسب الملوحة والعواصف الرملية التي تجتاح الجنوب.
وذكرت الوكالة في تقريرها الصادر بتاريخ 30 تشرين الأول 2025، أن مسؤولين عراقيين وخبراء آثار أطلقوا تحذيرات عاجلة بشأن الأضرار التي تتعرض لها المواقع التاريخية، مؤكدين أن تغير المناخ أصبح اليوم العدو الأكبر لآثار بلاد الرافدين.
وأشار التقرير إلى أن معبد زقورة أور التاريخي في محافظة ذي قار، والذي شُيّد قبل أكثر من أربعة آلاف عام لعبادة إله القمر “نانا”، يشهد تآكلاً متزايداً في أجزائه الشمالية، نتيجة عوامل التجوية والتغيرات المناخية، ما ينذر بفقدان واحد من أهم المعالم الأثرية التي تجسد حضارة وادي الرافدين.
وبين التقرير أن العواصف الرملية وارتفاع درجات الحرارة وتراجع الإطلاقات المائية أسهمت مجتمعة في تسريع عملية التدهور، وسط دعوات من مختصين بضرورة التحرك السريع لحماية المواقع الأثرية وتأهيلها قبل أن تفقد ملامحها التاريخية بشكل كامل.
أور وبابل
وقال ياسين وليد، مهتم بالشأن التراثي، إن "أور وبابل ليستا مجرد مدينتين أثريتين، بل هما رمزان لهوية العراق والعالم القديم".
وأضاف أن أور تُعد من أقدم المدن في التاريخ، إذ تعود إلى حوالي 3800 ق.م، وكانت مركزًا دينيًا واقتصاديًا مهمًا في زمن السومريين. وذكر أن هذه المدينة تضم الزقورة العظيمة، التي تُعد نموذجًا مدهشًا للعمارة الدينية القديمة، وشهدت ولادة النظام الإداري والكتابة المسمارية.
وأشار وليد في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن بابل شهدت ازدهارا ملحوظا في حضارة بلاد وادي الرافدين، خاصة في عهد الملك حمورابي، مؤسس أول مجموعة قوانين مكتوبة في التاريخ. وأضاف أن بابل اشتهرت بالجنائن المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع، وكانت مركزًا للعلم والفلك والرياضيات، ومهدًا للتفاعل الثقافي بين الشرق والغرب.
وأوضح أن أور تمثل بداية الحضارة، بينما تمثل بابل ذروتها الفكرية والمعمارية، وأن العلوم والمعارف التي نشأت فيهما انتقلت لاحقًا إلى الفرس واليونان، إذ تأثروا بعلوم البابليين في الفلك والرياضيات وبفكرة القانون المكتوب والإدارة، ثم نقلها الإغريق إلى أوروبا لتصبح أساس الحضارة الغربية الحديثة.
وأكد أن "أور وبابل تعد الجذور الأولى لكل حضارات العالم".
وحول أثر فقدان هذه المواقع على فهم تاريخ البشرية القديم، قال وليد إن "فقدانها يعني فقدان ذاكرة البشرية نفسها"، مضيفاً أن ذلك سيؤدي إلى خسارة الأدلة المادية التي توضح كيف بدأت المدن وتطورت القوانين والديانات والكتابة، وسيصعب على العلماء ربط المراحل الزمنية بين الحضارات اللاحقة والرافدينية.
وذكر أن العراق سيخسر جزءا من هويته الثقافية العالمية، لأن هذه المدن هي جذور مفهوم الدولة والمجتمع، مشيرا إلى أن "ضياع أور وبابل هو كضياع صفحات من كتاب البشرية الأول".
وأضاف وليد أن مشكلة الملوحة والرمال تعد من أخطر التهديدات البيئية الحالية على المواقع الأثرية، حيث تتسرب الملوحة إلى الطابوق الطيني القديم، فتتبلور الأملاح داخله مسببة تآكل البنية وتفتت الجدران. وذكر أن العواصف الرملية تغطي المعالم الأثرية بطبقات ترابية، ما يؤدي إلى تآكل النقوش وفقدان التفاصيل الدقيقة، مؤكدًا أن ارتفاع الحرارة وتراجع مناسيب المياه الجوفية جعل المواد الأثرية أكثر هشاشة وتشققًا.
وحول المدة الزمنية المتوقعة لبقاء هذه المدن في حال استمرار التدهور، قال وليد إنه لا توجد أرقام دقيقة، لكن الخبراء يقدرون أن الخسائر الجسيمة قد تبدأ خلال 30–50 سنة إذا استمرت الملوحة والعواصف دون معالجة. وأضاف أن بعض الجدران قد تنهار جزئيًا خلال عقد أو عقدين في حال غياب الترميم الدوري، مؤكدًا أن بقاء المدن بشكلها الحالي على المدى الطويل، أي خلال 100 سنة، مهدد جدًا ما لم تتدخل الجهات المختصة وتوفر حماية فعالة.
وتواجه مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار خطرا آخر يهدد معالمها التاريخية، وعلى رأسها الزقورة والمقبرة الملكية، بسبب التغيرات البيئية والمناخية التي تضرب الجنوب منذ سنوات.
تحذير من خسارة الذاكرة الإنسانية
يقول المختص بالآثار والتراث، حسنين يوسف، إن الزقورة تشهد "تآكلا واضحا" في طبقاتها الطينية نتيجة اجتماع الرياح والكثبان الرملية، موضحاً أن الطبقة الثالثة من البناء تعرضت لتلفٍ واسع، بينما بدأت علامات التدهور تظهر على الطبقة الثانية أيضًا، الأمر الذي قد يؤدي، بحسب تقديره، إلى تهديد بقاء المعلم التاريخي خلال العقود المقبلة.
ويضيف يوسف أن المقبرة الملكية القريبة من الزقورة تواجه هي الأخرى تدميرا تدريجيا بسبب تراكم الأملاح داخل جدرانها الطينية، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تفاقمت بفعل الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، ما تسبب في تفكك البنية المعمارية القديمة.
ويشرح المختص أن ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأنهار زادا من ملوحة التربة والمياه في الجنوب العراقي، خاصة عند التقاء دجلة والفرات، وهو ما جعل المواد الطينية التي بُنيت منها المواقع الأثرية أكثر هشاشة وقابلية للتشقق والانهيار.
ويحذر يوسف من أن استمرار الإهمال والتأخر في أعمال الترميم سيؤدي إلى خسارة "جزء ثمين من الذاكرة الإنسانية"، فالمعالم السومرية في أور لا تمثل تراث العراق فقط، بل تعد شاهدًا على بدايات الحضارة البشرية في وادي الرافدين.
ويتابع بالقول إن تقارير حديثة صادرة عن منظمات دولية، بينها اليونسكو، تؤكد أن التغير المناخي بات الخطر الأكبر الذي يهدد المواقع الأثرية الطينية حول العالم، داعياً إلى "تدخل عاجل وخطط ترميم مستدامة وفق المعايير الدولية" لحماية أور من الزوال"
******************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق: هدوء أم استقرار؟
عشية الانتخابات التشريعية، كتب يريفان سعيد لموقع المجلس الأطلسي مقالاً أشار فيه إلى أن الهدوء الظاهري الذي يرافق الانتخابات البرلمانية السادسة، والذي انعكس في أزمات قليلة وعنف محدود وإجماع نخبوي على إبقاء عجلة الحكومة دائرة، ليس مؤشرًا على استقرار البلاد على المدى الطويل، فملامح السياسة العراقية الأساسية بقيت كما هي، حيث تتخذ القرارات بطرق غير رسمية تسبق المصادقة الشكلية، ويقوم نظام المحاصصة على تبادل المناصب مقابل الولاء، وتبقى قوات الأمن منقسمة الولاءات.
هل سيحدث تغيير جدي؟
وعلى الرغم من أن الكاتب استبعد حدوث تغيير جدي نتيجة للانتخابات، فإنه توقع وقتاً أقصر من المعتاد لتشكيل الحكومة، بسبب خروج التيار الصدري من المعادلة. لكنه استدرك بالقول، إن ذلك يعتمد بشكل كبير على نجاح الفائزين في الوصول إلى تسوية مالية وهيدروكربونية بين بغداد وأربيل، وايجاد حلول لأربعة عوامل ضاغطة بطيئة الاشتعال في المجتمع وهي، مشاكل المياه والمناخ، والتوتر الناجم عن الهجرة إلى المدن، وتهريب المخدرات، وتركيز السلطة المفرط في العاصمة.
غياب حالة الطوارئ ليس استقرارًا
وذكر المقال بأن تراجع حرارة الأحداث السياسية، وتقلص عدد المواكب المدرعة، واختفاء الجدران الواقية من الانفجارات، وانتظام اجتماعات مجلس الوزراء، لا يعني استقراراً، فالهيكل الأعمق للسلطة لا زال كما كان عليه منذ عام 2003، حيث تتخذ القرارات المهمة خارج المؤسسات الرسمية، وتُعامل الوزارات كأدوات تمويل حزبي، وتدفع الدولة رواتب بعض قوات الأمن التي لا تخضع لسيطرتها فعليًا.
ووصف الكاتب الأمر بوجود توترين هامين. يكمن الأول في الفجوة بين الشكل والمضمون. فالعراق يحافظ على الشكل الدستوري من انتخابات واقرار الموازنات، فيما يُحسم جوهر السلطة عبر صفقات بين الزعماء، واجتماعات ديوانية، وتحالفات تتجاوز الإجراءات القانونية، ومواطنون يرون شكليات خالية من المساءلة والرقابة، وفشل يتبدد في فضاء "المسؤولية الجماعية". أما التوتر الثاني فيتعلق بطبيعة الهدوء ذاته، فهو نابع من الإرهاق لا الإصلاح. فموجة الاحتجاجات عام 2019 غيّرت حسابات الطبقة السياسية، لكنها لم تخلق حركة منظمة قادرة على تحويل الغضب الشعبي إلى إصلاح سياسي حقيقي. كثير من وجوه تلك الانتفاضة أصبحوا الآن جزءًا من النظام الذي انتقدوه. أما الشباب الذين ملأوا الشوارع بالأمس، فقد انشغلوا اليوم بوظائف مؤقتة وبأحلام الهجرة وبتعايش حذر مع دولة، تقدم خدمات متواضعة بلا رؤية مستقبلية.
الدور الإقليمي المتغير
وذكر المقال بأن موقع العراق الإقليمي قد تغير بطرق تُحافظ على التوازن في البلاد، حيث لم يعد البلد ساحة معركة أمامية للجهاديين العابرين للحدود الوطنية، أو ممرًا لحرب بالوكالة، بل بات ساحة للحوار والتنافس الاقتصادي، ومكان يمكن فيه للجهات الفاعلة المعادية تبادل الرسائل تحت رعاية عراقية. لقد استضافت بغداد محادثات بين إيران والسعودية، وبين إيران ومصر، كما تلعب حكومة أربيل دور الوسيط بين تركيا ودول الخليج، بل وحتى بين تركيا وفرنسا. وتغير النفوذ الإيراني أيضاً في طبيعته حيث باتت طهران تتعامل بحذر أكبر.
المحاصصة باقية
وتساءل الكاتب عما يمكن أن تغيره الانتخابات في ظل هذه الخلفية، غير الآليات ومواقف التفاوض مع الإبقاء على قواعد اللعبة، حيث يأتي الإجراء الحاسم بعد التصويت، وتصمد المحاصصة، وتُقسّم حصص الوزارات وفق صيغ غير رسمية تعتمد ظاهرياً على نتائج الانتخابات، وتدور المساومات الحقيقية في توازن لا يُفرض بالقانون بل بالخوف المتبادل من الإقصاء. وتوقع الكاتب أن ترفض الأطراف المختلفة التجديد لرئيس الحكومة الحالي حتى إذا ما فاز، وتكلّف بتشكيلها رجل متوازن بين طهران وواشنطن، تكنوقراطي شكلاً، والأهم من ذلك كله لا يهدد مصالح القادة الآخرين.
تحديات كبيرة
وأشار المقال إلى أن الاختبار الأوضح للمرحلة المقبلة هو ما إذا كان القادة سيستغلون فترة ما بعد الانتخابات لوضع قواعد دائمة لإدارة الموارد النفطية والمالية، بحيث تصبح الموازنات والعائدات تلقائية وغير خاضعة للمساومات السياسية، معتقداً بأن نجاح هذا المسعى سيعني انتقال العراق من "هدنة سياسية" إلى استقرار مؤسسي، أما فشله، فسيعيد إنتاج الأزمات ويزعزع الثقة في الدولة.
ونبه المقال إلى وجود أربع أزمات تهدد العراقيين في العام المقبل، أولها المياه والمناخ بسبب تراجع تدفقات نهري دجلة والفرات بفعل سياسات تركيا وإيران، وارتفاع الملوحة والحرارة، وهي أزمة يتطلب حلها اعتبار المياه اولوية أمن قومي. أما ثانيها فحل الصدامات الاجتماعية والأمنية التي تسببها الهجرة الداخلية عبر تطوير البلديات، وتعزيز الشرطة المهنية، وخلق فرص عمل. ويكمن التحدي الثالث في تصاعد تجارة المخدرات الاصطناعية، وتداخلها مع الفساد وتمويل الميليشيات. ويتمثل التحدي الأخير في تركّز القرار بيد بغداد على حساب المحافظات، مما يخلق توترات سياسية واقتصادية.
--*************************************
عين على الأحداث
فرهود خو ما فرهود
كشف البنك المركزي العراقي عن مبيعاته من العملة الصعبة، التي بلغت أكثر من 60 مليار دولار خلال تسعة أشهر من العام الحالي، كان منها 58.68 ملياراً كحوالات خارجية، أي بمعدل 6.7 مليارات شهرياً، وبارتفاع قدره 11.61 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي. هذا، وفيما يبقى بيع العملة في البنك المركزي مثيراً للتساؤلات والشكوك حول مصير المبالغ المباعة، وما إذا كانت تعادل كمية السلع المستوردة، ومدى تسرب قسمٍ منها للتهريب ولشبكات الفساد، تؤكد الأرقام المعلنة على أن إجمالي استيرادات العراق سيستنفد أكثر من 80 في المائة من إيراداته النفطية.
بيش فالحين؟!
استورد العراق حبوباً وبقوليات وشوكولاتة ومنتجات كاكاو من تركيا بقيمة 1.4 مليار دولار، وبزيادة قدرها 4.3 في المائة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، وفقاً لبيانات جمعية المصدّرين الأتراك، التي وضعت بلادنا بصدارة الأسواق المستوردة للمنتجات الغذائية التركية، متقدمةً على الولايات المتحدة بعدد سكانها الذي تجاوز 300 مليون نسمة. هذا ويُذكر بأن "أولي الأمر" ما زالوا مصرّين على رفض استخدام الضغوط الاقتصادية في انتزاع حقوقنا المائية المغتصبة، وأبرموا بدلاً من ذلك اتفاقاً أسماه الخبراء "النفط مقابل الماء"، في إشارة إلى مدى الحيف الذي يسببه للعراق، فيما أُهملت فكرة الضغط الشعبي الداعية إلى مقاطعة المنتجات التركية.
الله يستر، شراح يصير!
خلال ما وُصف بأنه أكبر حملة دعاية وصرف للأموال بهدف كسب الأصوات عرفها العراق، قدّر خبراء اقتصاديون وصول إجمالي إنفاق الأحزاب والكتل السياسية والمرشحين في مختلف مراحل الدعاية الانتخابية، ولغاية انتهائها، بأكثر من أربعة تريليونات دينار عراقي، فيما تحدث خبراء ماليون عن بلوغ الصرف نحو ثلاثة مليارات دولار. هذا، وفي الوقت الذي وجد فيه الناس أن هذه الصرفيات تمثل عشرة أضعاف السقف الأعلى للإنفاق المسموح به حسب القانون، دهشوا من قدرة مفوضية الانتخابات على "التسامح" مع المخالفين، وأعربوا عن قلقهم من حجم الفساد الذي سيتطلبه تعويض هذا الإنفاق.
حتى الكوتا باكوها!
أشار أحد المدافعين عن حقوق الإنسان إلى حصول مرشحي كوتا المسيحيين على 40 ألف صوت في التصويت الخاص، وخضوع مقاعد الكوتا لصراع حاد بين القوى المتنفذة. ورأى الناشط أنه من غير المعقول أن يكون لدى المسيحيين كل هذا العدد من المقاتلين، ولا يواجهون تنظيم داعش الإرهابي لمنعه من التجاوز عليهم وتهجيرهم. الناس الذين سخروا من هذه المفارقة أكدوا على أن إلغاء نظام المحاصصة وتطبيق القانون بتشكيل الأحزاب على أساس هوية وطنية واحدة للجميع، ومنع تشكيلها على أساس ديني أو إثني، كفيلان بضمان انتخاب برلمان يمثل جميع العراقيين بلا تمييز.
تمام، بس أكملوها!
اعتبرت وزارة الخارجية التصريحات الأخيرة للمتحدث الإيراني بشأن الانتخابات التشريعية العراقية تدخلاً مستفزاً في الشأن الداخلي، إذ أن العملية الانتخابية شأن وطني خالص يخضع لإرادة الشعب ومؤسساته الدستورية حصراً. وأكدت الوزارة أن العراق يقيم علاقات متوازنة مع جيرانه تقوم على مبدأ احترام السيادة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشددةً على أن الحفاظ على حسن الجوار يتطلب التزاماً دقيقاً بهذه المبادئ وتجنّب أي تصريحات أو مواقف تمس بسيادة العراق. الناس الذين ثمّنوا حرص حكومتنا على سيادتنا، تمنّوا أن يشمل هذا الحماس أيضاً التصريحات المماثلة التي انطلقت من واشنطن أو أدلى بها مندوبها إلى بغداد.
************************************************
الصفحة الرابعة
وقفة أقتصادية.. عملية الانتاج.. بين الضرورة والتحديات
إبراهيم المشهداني
يواجه الاقتصاد العراقي منذ ما يزيد على خمسة وعشرين عاما طائفة من التحديات التي أسهمت في تراجع مريع سببه شكل ومضمون السياسات الاقتصادية التي رسمتها الحكومات المتعاقبة بمعزل عن إرادة وآراء الكفاءات الاقتصادية المتوافرة في البلاد وارتهنت بما تجتهد به تلك الحكومات اما بجهل او بتوصيات من إرشادات خارجية مشبعة بما يسمى اقتصاد السوق دون الإفصاح عن طبيعة هذا الاقتصاد وآليات تطبيقه وكمية الموارد المحركة لاقتصاد السوق ونمط الإنتاج السائد
ومن المعروف لكل من تابع تاريخ الاقتاد السياسي يدرك أن أول من وضع اللبنات الأولى لاقتصاد اقتصاد السوق هما آدم سميث وريكاردو لكن افكارهما طرحت في بيئة اقتصادية شاعت فيها المنافسة التامة وأكدا على أهمية العمل في تحقيق القيمة وقياسها استنادا إلى كمية العمل المبذول في انتاج السلعة بعيدا عن تدخل الدولة، لكن إبعاد الدولة عن التدخل في عملية الإنتاج قد دحضتها النظرية الكينزية التي وضعت حدا لإبعاد الدولة كليا عن الاقتصاد ومن ثم أعاد الانتعاش إلى الاقتصاد الذي تعرض إلى أزمة كبرى في عام 1929 وأية محاولة لإبعاد الدولة عن الاقتصاد وإبقاء العملية الإنتاجية خاضعة لعتلات السوق فقط تأتي بدمار الاقتصاد.
وفي ذات الوقت أن مركزة الاقتصاد بيد السلطة يقوض مقومات الاقتصاد ويبعد الكفاءات عن دورها في إصلاح الاقتصاد. فعلى سبيل المثال حينما أراد الديكتاتور صدام حسين وكان يومها نائبا لرئيس ما يسمى بمجلس قيادة الثورة في عام 1976 فرض رؤاه على دهاقنة الاقتصاد العراقي بما سميت حينها ندوات الإنتاجية انتهى المطاف بأبعاد أربعة من أدهى الاقتصاديين العراقيين وهم إبراهيم كبة ومحمد سلمان حسن وطالب البغدادي وخضير عبس المهر.
إن وجود المجلس الاقتصادي في العراق يمكن اذا ما أتيحت له فرصة رسم السياسات الاقتصادية والتخطيط لها بمفاهيم علم الاقتصاد والياته بالاستناد إلى الخبرة العالمية ، بدون تدخلات قوى الفساد وزبانيتها في المؤسسات الحكومية عندئذ يمكن التفاؤل بإصلاح بنية الاقتصاد المأرومة.
من خلال متابعاتنا لخطط التنمية الخمسة التي كان مصمموها يستهلونها بعدم اليقين في إمكانية تحقيق أهدافها بسبب غياب عوامل نجاحها التي تتمثل في غياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي مما يجعل ترجمتها بنجاح على أرض الواقع تكتنفها الضبابية ولاسيما ضعف إسهام القطاع الخاص بشقيه المحلي والاجنبي، بالإضافة إلى الاعتماد الرئيسي على النفط كمورد وحيد لما يشوبه من تذبذب الأسعار بوصفه سلعة عالمية تخضع لعوامل وظروف دولية غير مسيطر عليها.
ويضاف اليها تحديات أخرى وأكثرها بشاعة انتشار الفساد في معظم هياكل الدولة وتجاوزه على التخصيصات المالية لهذه الخطط بأشكال من النصب والاحتيال عبر الموازنات السنوية التي لم تترك لعملية التنمية الحقيقية سوى 25 في المائة من الموازنات السنوية وحتى هذه النسبة المتواضعة لم تسلم من التجاوز لأغراض الانفاق على الموازنة التشغيلية التي يشوبها هدر فاحش اما ما ينفق على المشاريع الخدمية المتعلقة بخدمات الطرق والجسور فرغم ما فيها من فوائد فأنها لا تحقق التوازن في الاقتصاد العراقي.
وبناء على ما تقدم فان الضرورة تقتضي مراجعة شاملة لكافة السياسات المتعلقة بالإنتاج السلعي والسياسات التجارية والمالية والنقدية بترتيب متناسق وفي المقدمة منها اعداد الموازنات السنوية وترجيح كفة الموازنة الرأسمالية من خلال اتخاذ قرارات جريئة بترشيق الانفاق التشغيلي وشحذ الطاقات الأمنية والقضائية لاستئصال جذور الفساد وابعاد العناصر الهزيلة من الجهاز الحكومي.
******************************************
مختص: عجز مالي يقرب من 15 تريليون دينار.. يهدد قدرة الدولة على دفع التزاماتها
بغداد ـ طريق الشعب
تدخل المالية العامة في العراق مرحلة بالغة التعقيد مع تزايد الضغوط على الإيرادات وارتفاع النفقات إلى مستويات تهدد قدرة الدولة على الاستمرار في الإيفاء بالتزاماتها الأساسية، وفي مقدمتها الرواتب. فالأرقام الرسمية الصادرة خلال عام 2025 تكشف عن فجوة متنامية بين ما تحققه الخزينة من موارد وما تنفقه الحكومة فعلياً، في ظل تراجع أسعار النفط واستنزاف احتياطيات البنك المركزي لتغطية الطلب المتزايد على الدولار. هذا التدهور المتسارع يضع البلاد أمام أزمة مالية لا تبدو عابرة، ويثير مخاوف جدية من دخول العراق في مرحلة عجز مزمن ما لم تُتخذ إجراءات جذرية تعيد الانضباط إلى مسار الإنفاق العام وتحد من الهدر المتفاقم.
تأزم خطير
قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي إن الوضع المالي في العراق يواصل مساره نحو التأزم الخطير، مبيناً أن بيانات شهر آب 2025 تشير إلى أن إجمالي الإيرادات بلغ 82 تريليون دينار، من بينها 73 تريليون دينار من الإيرادات النفطية، مقابل 9 تريليونات دينار فقط من الإيرادات غير النفطية. وفي المقابل، وصلت النفقات العامة إلى 87.5 تريليون دينار، منها 73 تريليون دينار نفقات تشغيلية، يضاف إليها 5 تريليونات دينار كسلف حكومية غالباً ما تدرج في نهاية العام ضمن المصروفات الفعلية، ما يعني أن العجز الحقيقي حتى نهاية آب 2025 بلغ نحو 10 تريليونات دينار.
وأضاف العبيدي أن التقديرات تشير إلى أن العجز الفعلي للموازنة قد يتجاوز 15 تريليون دينار بنهاية العام الحالي. وفي الوقت نفسه، تكشف بيانات البنك المركزي العراقي أن الأخير اشترى من وزارة المالية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام ما قيمته 49 مليار دولار فقط، في حين باع عبر نوافذ بيع العملة الأجنبية أكثر من 60 مليار دولار، ما اضطره لاستخدام نحو 11 مليار دولار من احتياطياته لتغطية الطلب المتزايد على الدولار.
تغطية النفقات
وأشار إلى أن هذا النزيف المستمر، في ظل تراجع أسعار النفط ضمن نطاق 60–65 دولاراً للبرميل، ينذر بأن جزءاً كبيراً من النفقات التشغيلية الأساسية لن تتمكن الحكومة الحالية ولا التي ستليها من تغطيته، ما لم تتخذ إجراءات جذرية وسريعة لزيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق إلى أدنى حد ممكن. ورغم أن الحكومة قد تلجأ إلى الاقتراض مجدداً، إلا أن هذه الخطوة لن تكون بالسهولة السابقة، خصوصاً بعد أن بلغ الدين الداخلي أكثر من 90 تريليون دينار وتقلّصت قدرة السوق المحلية على استيعاب المزيد من أدوات الدين.
وأوضح العبيدي أن الحل الحقيقي يبدأ من تحليل مفصل لجداول الإنفاق العام وصولاً إلى أصغر وحدة إنفاق في مؤسسات الدولة، مع التركيز على كشف مواطن الهدر المالي، خصوصاً في ملفات الرواتب الوهمية والتقاعد وبرامج الرعاية الاجتماعية، التي يذهب قسم كبير منها إلى غير مستحقيه، فضلاً عن استغلالها في بعض الأحيان لأغراض انتخابية. كما يتوجب مراجعة ملفات البطاقة التموينية ودعم الأدوية وغيرها من برامج الدعم التي تحتاج إلى تقييم دقيق يحدد مدى كفاءتها وتحقيقها لأهدافها.
منعطف مالي حرج
وأكد أن العراق اليوم أمام منعطف مالي حرج، خصوصاً مع احتمالية تأخر إقرار موازنة العام القادم نتيجة تشكيل الحكومة الجديدة، ما يعني الدخول في عام مالي غامض من دون سقف إنفاق واضح.
وشدد على أن العجز الفعلي الذي يقترب من 15 تريليون دينار — أي أكثر من 10% من إجمالي الإيرادات العامة — لم يعد مجرد رقم في التقارير، بل خطر حقيقي يهدد قدرة الدولة على الاستمرار في دفع رواتبها والتزاماتها، محذراً من أن عدم معالجة الأزمة بسرعة وبقرارات مسؤولة سيدفع الدولة إلى تبني إجراءات قسرية تمسّ الفقير والعاطل قبل الموظف.
*******************************************
مبادرة حكومية لتسهيل التمويل وسط عقبات قانونية من الكفيل إلى التأمين.. خطوة إصلاحية تعيد رسم ملامح الإقراض في العراق
بغداد – تبارك عبد المجيد
في خطوة تهدف إلى تبسيط إجراءات الإقراض السكني وتحفيز النشاط الاقتصادي، وجّه رئيس مجلس الوزراء بإلغاء شرط الكفيل عند منح القروض السكنية للموظفين الحكوميين، واستبداله بوثيقة تأمين تصدرها شركات تأمين مجازة من ديوان التأمين العراقي. ويأتي هذا القرار ضمن جهود الحكومة لتوسيع فرص تملك السكن للمواطنين، ودعم الطبقات المتوسطة وذوي الدخل المحدود، وتنشيط قطاعات البناء والإسكان والتأمين، عبر نظام مالي أكثر مرونة وعدالة.
وكان مكتب رئيس الوزراء اصدر بتاريخ ٢٤ تشرين الثاني، بيانا، اطلعت عليه "طريق الشعب"، أكد انه "في إطار سعي الحكومة لتوسيع فرص تملك السّكن للمواطنين، وتفعيل المبادرات الوطنية لدعم الطبقات المتوسطة وذوي الدخل المحدود، وتنشيط الدورة الاقتصادية في قطّاعي البناء والتأمين، وجّه السيد رئيس مجلس الوزراء الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ مقترح تبسيط آليات الإقراض السكني للموظفين الحكوميين، الذي أعدّه فريق مشترك من مكتب رئيس مجلس الوزراء، والبنك المركزي العراقي، وديوان التأمين، وممثلين عن المصارف الحكومية والخاصة."
ووفقا للبيان فإن المقترح يهدف إلى “تسهيل حصول الموظفين الحكوميين على القروض السكنية من خلال إلغاء إلزامية توفر الكفيل (الموظف الحكومي الضامن) عند منح القرض للموظف الموطّن راتبه لدى أحد المصارف، لغرض شراء وحدة سكنية، حيث يتيح المُقترح توفر خيار آخر من خلال اعتماد وثيقة تأمين ضد التعثر في السداد تغطّي كامل مدّة القرض ومبلغه، تصدر عن شركة تأمين مجازة من قبل ديوان التأمين العراقي، لتكون بديلاً عن الكفالة الشخصية”.
واكد أن "هذا الإجراء من شأنه أن يسرّع معاملات الإقراض ويقلل التعقيدات الإدارية، ويحسّن جودة المحفظة المصرفية، فضلاً عن دعم قطّاعي البناء والإسكان وتنشيط سوق العمل، وتعزيز الشمول المالي من خلال تشجيع التعامل مع النظام المصرفي الرسمي".
ويصف الخبير الاقتصادي علاء الفهد، القرار الحكومي بإلغاء شرط الكفيل بأنه تحول مهم في السياسة المالية، موضحاً أن القرار "يزيل واحدة من أبرز العقبات التي كانت تعرقل حصول المواطنين على القروض السكنية، ويمنح المصارف مرونة أكبر في التعامل مع المقترضين وفق آليات حديثة وواضحة".
ويقول الفهد في حديث لـ "طريق الشعب"، إن تطبيق هذا القرار "سيساهم في تشجيع استخدام أدوات مالية أكثر تطوراً، ويعزز من ثقة المواطنين بالمصارف"، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تمثل بداية لتحديث منظومة الإقراض في العراق.
ويضيف أن وثيقة التأمين ستكون الركيزة الأساسية في ضمان القروض، من خلال تغطية حالات التعثر أو الوفاة، وهو ما يفتح المجال أمام تعاون أوسع بين القطاعين المصرفي والتأميني، بما ينعكس إيجاباً على حركة البناء وتنشيط سوق العقارات.
ويؤكد الفهد أن نجاح هذه التجربة "مرهون بدقة التطبيق والرقابة الحكومية المستمرة"، مشدداً على أنها قد تسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني ودعم الاستقرار المالي إذا جرى تنفيذها بشفافية ومسؤولية.
المختص في الجانب المالي والمصرفي مصطفى حنتوش يرى أن القرار "خطوة ناجحة تأخر تنفيذها طويلاً"، موضحاً أن الآلية الجديدة "تمنح المواطنين فرصة أوسع للحصول على القروض السكنية والمصرفية دون الدخول في دوامة البحث عن كفيل، التي كانت تشكل عائقاً أمام شريحة كبيرة من العراقيين".
ويشير حنتوش إلى أن وثيقة التأمين ستعيد رسم العلاقة بين المواطن والمؤسسات المالية، كونها توفر ضماناً حقيقياً يغطي حالات التعثر أو الوفاة، وتفتح الباب أمام تعامل أكثر مرونة وعدالة في منح التمويلات.
ويؤكد أن دخول قطاع التأمين في منظومة القروض والإسكان "سيخلق تكاملاً اقتصادياً جديداً"، يجمع بين المصارف وشركات التأمين، ما يعزز من ثقة الجمهور ويزيد من حجم السيولة المتداولة داخل السوق.
ويعتقد حنتوش أن هذه الخطوة قادرة على إنعاش ثلاثة قطاعات رئيسية في آن واحد: المصرفي، والتأميني، والعقاري، مشدداً على أن نجاح التجربة يتوقف على دقة إعداد وثائق التأمين وشفافيتها، فضلاً عن التنسيق الفعّال بين الجهات المعنية لضمان تنفيذها بسلاسة وعدالة.
يقول الباحث الاقتصادي محمد القصاب، ان "من الناحية الاقتصادية، استبدال الكفيل بوثيقة تأمين من شأنه أن يوسع قاعدة الإقراض ويزيد النشاط في سوق العقارات، لأنه يزيل أحد أبرز العوائق التي كانت تحد من قدرة المواطنين على الحصول على التمويل، ما يتيح للمصارف تقديم المزيد من القروض بشكل مرن وأكثر سرعة، ويحفز المستثمرين على الدخول في مشاريع البناء والإسكان".
ويضيف القصاب لـ "طريق الشعب"، أن أبرز التحديات تكمن في "ضعف الثقافة التأمينية لدى المواطنين والبنية التحتية المحدودة لشركات التأمين"، موضحاً أن نقص الخبرة والتجهيزات قد يعيق تطبيق الآلية بشكل كامل، خصوصاً إذا لم تكن شركات التأمين مستعدة للوفاء بدورها كضامن فعال، كما أن محدودية الوعي بالتأمين قد تجعل بعض المقترضين مترددين في قبول الوثائق الجديدة.
وعن تأثير دخول شركات التأمين كطرف ضامن، يرى القصاب أن "هذه الخطوة يمكن أن تعزز الثقة في النظام المالي إذا تم تطبيقها بشكل شفاف وموثوق، لكنها قد تضيف تكاليف إضافية على المقترضين، لذلك من الضروري أن تكون الوثائق والتسعيرات التأمينية عادلة ومدروسة لضمان التوازن بين حماية المصارف وراحة المواطنين".
ويختتم القصاب بالقول انه "لضمان نجاح النظام الجديد، تحتاج الحكومة إلى إصلاحات قانونية وتنظيمية تشمل تحديث التشريعات المالية لتغطية التأمين على القروض، ووضع ضوابط واضحة لشركات التأمين، وتعزيز الرقابة والإشراف على العمليات المصرفية، بالإضافة إلى حملات توعية للمواطنين لتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم ضمن النظام الجديد، بما يحقق أهدافه الاقتصادية ويعزز ثقة الجمهور".
***************************************************
الصفحة الخامسة
معايير السلامة شبه غائبة ضحايا حوادث العمل.. بين الفراغين الإداري والقانوني!
متابعة – طريق الشعب
في ظل غياب أنظمة حماية فعالة وتأمين حقيقي على الحياة، تتزايد حوادث العمل في العراق وتقع ضحيتها سنويا مئات العمال. إذ تتحوّل مواقع العمل في كثير من الأحيان إلى مساحات خطيرة تتكرر فيها الإصابات المميتة بسبب ضعف إجراءات السلامة وانعدام الرقابة وتجاهل أصحاب العمل معايير الوقاية.
وبعد كل حادث، غالبا ما يجد الضحايا وذووهم أنفسهم أمام طريق مسدود قانونياً، ليختار البعض اللجوء إلى العشيرة بوصفها الجهة الوحيدة القادرة على فرض التعويض أو تحقيق نوع من العدالة، ولو خارج الإطار الرسمي.
وتتحدث وكالات أنباء عن تقارير غير رسمية تفيد بتسجيل مئات الإصابات في مواقع العمل خلال العام الجاري. لكن الأرقام الحقيقية تبقى مجهولة في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة وتكتم الكثير من المؤسسات الأهلية عن الإبلاغ عن حوادثها.
تحديات أمام رصد الأعداد الفعلية
تنقل وكالة أنباء "العربي الجديد" عن مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، قوله أن "هناك تحدّيات كبيرة أمام رصد الأعداد الفعلية لضحايا حوادث العمل في البلاد".
ويلفت المسؤول الذي حجبت وكالة الأنباء اسمه، إلى أن "بعض أصحاب العمل يتعمّدون إخفاء الحوادث لتجنب المساءلة أو دفع التعويض"، مشيرا إلى أن "الإصابات الناجمة عن السقوط وانزلاق الأجسام الثقيلة واستخدام المعدات الميكانيكية غير المؤمنة، تشكل النسبة الكبرى من الحوادث في المصانع وورش البناء والمخازن".
هذا الواقع يكشف ضعفاً مؤسساتياً خطيراً في تطبيق قوانين العمل والسلامة المهنية. ورغم أن التشريعات العراقية تنص بوضوح على وجوب حماية العاملين وتأمينهم ضد الحوادث، إلا أن التنفيذ غالباً غير مطبق بسبب ضعف الرقابة الميدانية وغياب العقوبات الرادعة. يضاف إلى ذلك أن قانون الضمان الاجتماعي الذي يفترض أن يوفر شبكة حماية للعمّال، ما زال تطبيقه محدوداً. إذ يمتنع كثيرون من أرباب العمل عن تسجيل موظفيهم لتفادي الالتزامات المالية المترتبة عليهم – وفق ما يذكره مراقبون.
العشيرة بدلا من الدولة!
في ظل فراغ إداري وقانوني، تلعب العشيرة دوراً محورياً عند وقوع الحوادث وما ينتج عنها من نزاعات. فحين يصاب عامل بعجز دائم أو يفقد حياته في حادث أثناء أداء مهامه، يجد ذووه أنفسهم أمام نظام رسمي بطيء ومعقد، لا يضمن تعويضاً عادلاً في وقت قصير. وهنا تتدخل العشيرة باعتبارها السلطة الاجتماعية القادرة على فرض الحلول، سواء عبر التفاوض المباشر مع صاحب العمل أم من خلال مجلس عشائري يحدد مقدار الدية وفق الأعراف المحلية.
غير أن هذا الحل القبلي، رغم أنه يقدم تعويضاً فورياً، إلا أنه يظل مؤشراً على ضعف الدولة في إنفاذ القانون.
يقول الناشط سامي العباسي في حديث صحفي، أن "العدالة العشائرية لا تقوم على أسس تشريعية ثابتة، وغالباً ما تكون خاضعة لتقدير الشيوخ والمكانة الاجتماعية للأطراف. في بعض الحالات، قد يجبر أهل الضحية على قبول تسوية مالية متواضعة مقابل التنازل عن حقوقهم القانونية، أو تجنب نزاع عشائري طويل. هذا الواقع يضع العمّال بين غياب الضمان وسلطة الأعراف التي تحل محل القانون".
تجاوز المخالفات
من جانبه، يقول أحمد فيزي، وهو عامل تابع لشركة مقاولات إنشائية في بغداد، أن "معايير السلامة المهنية لا تزال غائبة في عدد كبير من مواقع العمل، في ظل ضعف الرقابة وتشتت الجهود بين الجهات المعنية". ويشير في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى ان "بعض أرباب العمل يستغلون علاقاتهم الشخصية مع جهات رقابية حكومية لتجاوز المخالفات، ما يُفقد عملية التفتيش مصداقيتها وبالتالي يُعرّض العمال والخدمات الأساسية لمخاطر متزايدة". ويوضح أن "المشكلة لا تتوقف عند أرباب العمل وحسب، بل تشمل أيضا عدم التزام كثيرين من العمال بإجراءات السلامة حتى عندما يوفّرها رب العمل، الأمر الذي يضاعف احتمالات وقوع إصابات كان يمكن تجنبها بسهولة".
ويدعو فيزي إلى تنظيم ورش تثقيفية دورية تستهدف العمال وأصحاب العمل على حدّ سواء، من أجل رفع الوعي بمتطلبات السلامة المهنية وترسيخ ثقافة الوقاية في مواقع العمل، مؤكّدًا أن "الأمن المهني ليس إجراء روتينيا، إنما ضرورة لحماية حياة العامل".
حوادث الورش الشخصية
إلى ذلك، يتحدث فنيون وصناعيون، عن تزايد حوادث العمل داخل الورش الشخصية والمشاغل الصغيرة، وليس فقط في المصانع الكبيرة والمشاريع الإنشائية.
وفي هذا السياق يقول نايف سعيد الليثي، الذي يعمل حدادا في واسط، أن "من بين الأسباب الرئيسة لوقوع حوادث العمل، هو غياب الثقافة الذاتية لدى العاملين تجاه معايير السلامة، والاستهانة المفرطة بالمخاطر التي تحيط بهم أثناء استخدام الأدوات والمعدات الجارحة". ويوضح لـ"طريق الشعب"، أن "الكثيرين من أصحاب الورش الصناعية الصغيرة، وعمّالهم، يعتمدون على خبراتهم الشخصية فقط، دون أي تدريب أو إرشاد مهني، ما يجعلهم عرضة للإصابات البالغة".
ويشير الليثي إلى ان "الالتزام الذاتي بإجراءات الوقاية يجب أن يكون أولوية، خصوصا في الأماكن التي لا تخضع لرقابة حكومية مباشرة"، داعيًا إلى إطلاق حملات توعية مخصصة لهذه الفئة، وتشجيع أصحاب الورش على توفير الإرشادات الأساسية للسلامة وتطبيقها بصرامة.
ويختم حديثه بالقول أن "السلامة المهنية ليست ترفا، إنما مسؤولية فردية قبل أن تكون مؤسسية، وتجاهلها يعني فتح الباب أمام خسائر بشرية ومادية يمكن تفاديها بوعي بسيط وإجراءات فعّالة".
ولا تتوفر قاعدة بيانات رسمية موحدة حول حوادث العمل في العراق، ما يشكل عقبة إضافية أمام وضع السياسات الوقائية. فالحوادث في الورش الصغيرة لا توثق رسمياً، وغالباً ما تسوى داخلياً. أما الحوادث في المؤسسات الحكومية، فغالباً ما تحاط بالسرية لحماية المسؤولين من المساءلة، الأمر الذي يعقد حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها العمّال، خصوصاً في ظل ظروف اقتصادية تدفعهم للعمل في بيئات غير آمنة مقابل أجور متدنية.
******************************************
البصرة: دخان حرق النفايات يخنق مناطق سكنية كل مساء
متابعة – طريق الشعب
يشكو مواطنون بصريون في مناطق متفرقة، من تصاعد أدخنة خانقة وقت المساء، تَبيّن لهم انها ناتجة عن حرق مطامر صحية.
وفي مقطع فيديو نشرته وكالات أنباء، يُعلق مواطن من أهالي منطقة الحوطة في قضاء شط العرب، على دخان كثيف يُغطي مساحة من المنطقة وقت المساء.
ويقول أن هذا الدخان سببه حرق مكب نفايات قريب من قبل أشخاص مجهولين، لغرض فرز النفايات واستخراج المواد المعدنية القابلة للبيع منها، مؤكدا ان هذه المشكلة تتكرر وتتسبب في حالات اختناق كثيرة يجري نقلها إلى المستشفيات.
وفي مقطع آخر نشره مواطن من أبناء قضاء أبي الخصيب، وأعادت نشره وكالات أنباء، تظهر سحابة دخان تمتد على طول الشارع الرئيس وتغطي أحياء سكنية عديدة في منطقتي "الباب الطويل" و"العوجة".
ويعلق المواطن على الدخان قائلا أنه ناتج عن حرق مطمر صحي من قبل ما يُطلق عليهم "النباشة"، الذين يجمعون المعادن من النفايات، مبينا أن الحالة هذه تتكرر باستمرار، لا سيما وقت المساء، وان الأهالي ناشدوا الجهات المعنية مراقبة المطمر ومنع هذه المخالفات، لكن دون جدوى.
ويؤكد المواطن أن مستشفاهم يستقبل باستمرار حالات اختناق نتيجة تلك الأدخنة المتصاعدة، التي تحمل مواد سمّية، مطالبا الجهات المعنية بوضع حد لهذا التلوّث القاتل.
******************************************
اگول.. الكهرباءُ تغفو على طقطقاتِ المطرِ!
علي يحيى
مرةً أخرى تُثبت المنظومة الكهربائية عندنا أنها أكثر هشاشة من مظلة ممزقة تنهار تحت أول رشة مطرٍ. لا عاصفة هائجة ضربت، ولا سيول جارفة اجتاحت، ولا "تسونامي" اقتلع أعمدة.. فهو مجرد مطر خريفي مُعتاد!
لا أحد يفهم كيف يمكن لقطرات بسيطة، تُعد نعمة في كل بلاد العالم، أن تتحول عندنا إلى حالة طوارئ كهربائية. هل شبكة الكهرباء مصنوعة من ورق فسرعان ما تذبل وتتلاشى بالبلل؟ أم أن الصيانة الدورية مجرد بند محفوظ في التقارير وليس على الأعمدة والأسلاك؟!
الأدهى من ذلك هو أن الأزمة تتكرر عاما تلو آخر، ومعها الأعذار من قبيل: الشبكة غيّر مؤمّنة من الماء! هذه الجملة وحدها تكشف حجم الفشل. فكيف لدولة بإمكاناتها أن تعجز عن حماية بناها التحتية من أمطار اعتيادية؟ وإذا كانت الشبكة لا تتحمل المطر الخفيف، فماذا لو جاءتنا أمطار شديدة الغزارة أو ظروف جوية أصعب؟!
في فصل الخريف، تتحسن الكهرباء نوعا ما، فينعم بها الناس بعد صيف ملتهب وتدهور كهربائي يحرق الأعصاب قبل الأجساد..في مثل هذه الأيام الناس لا يتمنون المستحيل، فقط يريدون كهرباء تصمد قليلا تحت لمسات المطر كي يحلو لهم الجو.. يريدون مؤسسات تستعد للفصل المطري كما تستعد له كل دول العالم، لا أن تتفاجأ به كل مرة وكأنه حدث استثنائي طارئ.
إن بقاء الوضع على هذا الحال يعني أمرًا واحدًا: لا صيانة حقيقية، ولا تحديث للشبكة، ولا مسؤول يشعر بحجم المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن عندما يتحول الجو الماطر من أجمل أيام السنة، إلى أسوأها!
وبينما تتكرر أزمة المجاري كل عام وتغرق الشوارع لمجرد أن تشم رائحة المطر، تأتي طامّة الكهرباء لتسقّف الوحل بالظلام. فمع أول انقطاع مفاجئ للتيار يصبح تشغيل مضخات سحب المياه مهمة شبه مستحيلة. فيتجمع الماء في الأزقة وتتحول الأرصفة إلى مجارٍ مفتوحة، ويجد الناس أنفسهم محاصرين بين شبكة تصريف عاجزة ومنظومة كهربائية أعجزَ. هذا الترابط بين خللَين بنيويّين يضاعف الضرر، ويجعل أبسط موجة مطر اختبارا قاسيا لقدرة المدن على الصمود.. اختبارا تسقط فيه الجهات المعنية كل مرة دون مراجعة أو خجل حتى!
المطر نعمة، لكن البنى التحتية في بلادنا تصّر على تحويله إلى محنة!
******************************************
مواساة
• تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الديوانية الرفيق مشتاق علي صياح، الذي توفي بعد صراع مرير مع المرض. للفقيد الذكر الطيب ولعائلته وذويه الصبر والسلوان. كما تتقدم اللجنة المحلية ومعها منظمة الحزب في الشامية، بالتعازي والمواساة إلى الرفيق علي حسين الزريجاوي (ابو دنيا)، بوفاة شقيقه عامر. للفقيد الذكر الطيب ولعائلته وذويه الصبر والسلوان.
• تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المثنى، الرفيقة ساهرة عبد الامير (ام بشار)، بوفاة أخيها الرفيق كريم عبد الامير. للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.
• بقلوب يغمرها الحزن والألم ينعى الانصار الشيوعيون في بغداد رفيقهم النصير حسام رحيم (ابو سيف)، ويعبرون عن عميق حزنهم ومواساتهم لعائلته ورفاقه.
كان الرفيق ابو سيف شيوعياً تتجلى فيه صفات المناضل البارع كقامة لا تنحني امام المغريات في زمن الترهل. وبسبب انتمائه للحزب الشيوعي ونضاله من اجل الفقراء والكادحين تعرض الى الملاحقات والاعتقال والطرد من وظيفته كمهندس في دوائر الدولة، وحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاماً. وبعد سقوط النظام واصل عمله في رابطة الانصار الشيوعيين بنفس الهمة والحماس الذي يتمتع به في مرحلة الكفاح المسلح.
المجد والخلود للنصير المقدام ابو سيف.
• رحل المربي الفاضل عبدالحليم مطر محمد، الشخصية الوطنية وأحد ممن استهدفهم المجرمون الفاشست في حادثة قطار الموت سيئة الصيت عام 1963. الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لعائلته ومحبيه.
*********************************************
ميسان مياه الشرب ملوّثة في {الوادية}
متابعة – طريق الشعب
يشكو أهالي منطقة الوادية التابعة إلى قضاء المجر الكبير جنوبي ميسان، من تلوّث حاد في مياه الإسالة، وذلك بالترافق مع جفاف الأنهر التي تغذي المنطقة وارتفاع مستويات التلوث والتراكيز الملحية فيها.
وذكر عدد من الأهالي في حديث صحفي، أنهم يعتمدون بشكل أساس على ماء الإسالة، ليس للشرب والاستخدامات المنزلية وحسب، إنما حتى لرفد حيواناتهم، مؤكدين أن المواشي هي مصدر عيشهم الوحيد، وبسبب أزمة المياه بدأوا يفقدون هذا المصدر. وأوضحوا أن ماء الإسالة تلوّث بشكل حاد منذ شهور، بسبب انقطاع المياه تماما عن نهر الوادية، ما أدى إلى حصول ارتفاع كبير في نسب الملوحة وتراكم في الملوثات. وناشد الأهالي الجهات الحكومية المعنية، التدخل العاجل لإغاثتهم وإنقاذ حيواناتهم عبر ضخ حصص مائية كافية إلى نهر الوادية، مع ضرورة معالجة مشكلة التلوث.
*******************************************
الصفحة السادسة
المأساة الإنسانية تتفاقم في القطاع مع دخول الشتاء مجلس الأمن يصوت غداً.. على مشروع قرار أمريكي بشأن غزة
رام الله – وكالات
أفادت مصادر دبلوماسية أن مجلس الأمن الدولي سيصوت غدا الاثنين على مشروع قرار أمريكي مؤيد لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن السلام في غزة.
إقامة الدولة الفلسطينية
وذكرت مصادر دبلوماسية أن واشنطن دعت للتصويت على مشروع قرارها الاثنين، مشيرة إلى أن المشروع الذي وزعته الولايات المتحدة يؤيد الخطة الشاملة لإنهاء الصراع في غزة ويحث جميع الأطراف على تنفيذها فورا وبشكل كامل.
وأوضحت المصادر أنه أضيفت إشارة صريحة في مشروع القرار إلى "مسار نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية"، ودور للولايات المتحدة في إطلاق حوار بين إسرائيل والفلسطينيين. وكشفت أن مشروع القرار أصبح يوضح أن سلطة "مجلس السلام"، وإشرافه على قطاع غزة، سيكونان "انتقاليين".
ودعت الولايات المتحدة وعدد من شركائها بينهم مصر وقطر والسعودية وتركيا في وقت سابق الجمعة، مجلس الأمن إلى "الإسراع" بتبني مشروع القرار.
مسار نحو السلام والاستقرار
وأعربت الولايات المتحدة وقطر ومصر والإمارات والسعودية وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا في بيان عن "دعمها المشترك" لمشروع القرار الأمريكي الذي يعطي تفويضا لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبدية أملها في اعتماده "سريعا".
وأطلق الأمريكيون رسميا الأسبوع الفائت مفاوضات داخل مجلس الأمن الدولي الذي يضم 15 عضوا حول نص يشكل متابعة لوقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ عامين، وتأييدا لخطة ترامب.
وقالت واشنطن وشركاؤها في البيان "نؤكد أن هذا جهد صادق، وأن الخطة توفر مسارا عمليا نحو السلام والاستقرار، ليس بين الإسرائيليين والفلسطينيين فحسب، بل بالنسبة إلى المنطقة بأسرها".
ويرحب مشروع القرار بإنشاء "مجلس السلام"، وهو هيئة حكم انتقالي لغزة سيترأسها ترامب نظريا، على أن تستمر ولايتها حتى نهاية عام 2027.
ويخول القرار الدول الأعضاء تشكيل "قوة استقرار دولية مؤقتة" تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثا للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.
أفضل سبيل للسلام
من ناحية أخرى، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصدرين مطلعين قولهما إن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف يخطط لعقد لقاء مع القيادي في حركة حماس خليل الحية قريبا.
وأشار مصدر مطلع للصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار في غزة سيكون أحد المواضيع التي ينوي ويتكوف مناقشتها مع الحية.
ولا يزال الموعد الدقيق للقاء غير واضح حسب مصادر "نيويورك تايمز"، كما أن هناك احتمالا لتغيّر الخطط.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن خطة الرئيس ترامب التاريخية الشاملة لإنهاء الصراع في غزة هي "أفضل سبيل للسلام في الشرق الأوسط".
وأضاف -في منشور له في منصة إكس- أن قرار مجلس الأمن الدولي سيُمكن هذه الخطة ويحظى بدعم دولي وإقليمي واسع.
انتهاكات وخروقات يومية
ووجه روبيو الشكر لدولة قطر ومصر والإمارات والسعودية وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا على دعمهم، مؤكدا أنه لم يسبق للشرق الأوسط أن كان أقرب إلى سلام حقيقي ودائم مما هو عليه الآن.
يشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أوقف إبادة إسرائيلية في القطاع بدأت في السابع من تشرين الأول 2023، وخلفت أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد على 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، مع تكلفة إعادة إعمار قدرت الأمم المتحدة قيمتها بنحو 70 مليار دولار.
لكن إسرائيل تخرق يوميا الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ منذ العاشر من تشرين الأول الماضي، وهذا يسفر عن سقوط شهداء وجرحى فلسطينيين، بينما التزمت حركة حماس ببنود الاتفاق ودعت إلى إلزام تل أبيب بتطبيقها.
حصار على المساعدات
في هذه الاثناء، يعيش سكان قطاع غزة أوضاعاً مأساوية مع بدء تأثر المنطقة بأول منخفض جوي لهذا العام، وذلك بسبب الخيام المتهالكة وتسرب المياه داخلها، حيث تتعثر جهود الإغاثة بسبب مواصلة الاحتلال الإسرائيلي فرض الحصار ومنعه دخول المساعدات كما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار.
ومع تعطل جهود الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، يترك مئات آلاف المدنيين لمصيرهم بلا مأوى أو أي خطط لإعمار البنية المدنية التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية خلال الإبادة الجماعية.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن المأساة الإنسانية التي يعيشها نحو 1.5 مليون نازح في القطاع تفاقمت بعدما أغرقت الأمطار خيامهم البالية، وسط ظروف جوية صعبة. وأمس الجمعة، اجتاحت مياه الأمطار الناتجة عن المنخفض الجوي مئات خيام النازحين ومراكز الإيواء، ما زاد من تفاقم الوضع الإنساني.
وأوضح المكتب الإعلامي في بيان، أن غزة تحتاج إلى "ما لا يقل عن 250 ألف خيمة و100 ألف كرفان كمأوى مؤقت لحين إعادة الإعمار، خاصة مع دخول فصل الشتاء واهتراء الخيام وانهيار المنازل الآيلة للسقوط التي يضطر المواطنون للمكوث فيها هرباً من غرق الخيام بمياه الأمطار أو اقتلاعها بفعل الرياح".
***********************************************
فقدان عشرات آلاف النازحين في دارفور
الخرطوم – وكالات
قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من مدينة الفاشر السودانية لا يزالون في عداد المفقودين، مما أثار مخاوف بشأن سلامتهم بعد ورود تقارير عن حالات اغتصاب وقتل وانتهاكات أخرى من جانب الفارين.
وقال فارون من المدينة إن مدنيين أُطلق عليهم الرصاص في الشوارع وتعرضوا لهجمات بطائرات مسيرة.
وتحدثت تقارير أن نساء وصل بهم الأمر إلى حد البحث عن أوراق الشجر البرية والتوت لغليها لصنع حساء.
من جانبها قالت جاكلين ويلما بارليفليت، رئيسة المكتب الفرعي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من بورتسودان إنه في حين سجلت المفوضية فرار ما يقرب من 100 ألف شخص من المدينة منذ الاستيلاء عليها، فإن حوالي عشرة آلاف شخص فقط تسنى إحصاؤهم في مراكز وصول مثل مدينة طويلة.
وذكرت في إفادة صحافية من جنيف “هناك عدد كبير من الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في مكان ما ولا يستطيعون التحرك أكثر من ذلك بسبب الخطر أو خشية إعادتهم إلى الفاشر أو وجود أشخاص ضعفاء للغاية بينهم”.
********************************************
الصين تطالب مواطنيها بتجنب السفر إلى اليابان
بكين – وكالات
في تصعيد حاد للخلاف الدبلوماسي، دعت الخارجية الصينية، مواطنيها إلى تجنّب السفر إلى اليابان في الأجل القريب، وطلبت من الصينيين المقيمين فيها، توخّي الحذر الشديد، منددة بتصريحات رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، التي ألمحت فيها إلى احتمال تدخل اليابان في حال نشوب صراع عسكري بشأن تايوان، بينما حثت طوكيو بكين، السبت، على اتخاذ "إجراءات ملائمة" للخلافات بينهما، ودعتها للحفاظ على التواصل.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان: "أدلت الزعيمة اليابانية مؤخراً بتصريحات استفزازية بشكل صارخ بشأن تايوان، ما يقوّض بشدة مناخ التبادلات الصينية اليابانية، ويُشكل مخاطر كبيرة على السلامة الشخصية وحياة المواطنين الصينيين في اليابان".
وأضاف البيان: "تذكّر وزارة الخارجية والسفارة والقنصليات الصينية في اليابان المواطنين الصينيين رسمياً بتجنب السفر إلى اليابان في المستقبل القريب".
في المقابل، ذكرت وكالة كيودو للأنباء، أمس السبت، أن طوكيو حثت بكين على اتخاذ "إجراءات ملائمة".
ونقل تقرير الوكالة عن كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، مينورو كيهارا، قوله، إن بلاده "أوصلت الرسالة إلى الصين، ودعتها بقوة لاتخاذ الإجراءات الملائمة".
ونقلت وكالة كيودو عن كيهارا قوله، إن اليابان والصين تختلفان في الرأي بشأن هذه القضية (تايوان)، ومن الضروري الحفاظ على التواصل.
*******************************************
حزب الشعب الفلسطيني يدعو الى دعم المشروع الروسي في مجلس الأمن
القدس – طريق الشعب
دعا حزب الشعب الفلسطيني الدول المعترفة بدولة فلسطين الي دعم المشروع الروسي المطروح في مجلس الأمن، والذي يتضمن التزاما واضحا بقرارات الأمم المتحدة ومرجعيتها، محذراً من اعتماد المشروع الأمريكي بصيغته الحالية وصدوره كقرار عن مجلس الأمن، لما يحمل في طيّاته من محاذير خطرة، تجاه مستقبل قضية الشعب الفلسطيني والقرارات الدولية التي حصلت عليها.
وقال الحزب في بيان تلقته "طريق الشعب": ندعو الدول العربية والإسلامية إلى التعاون مع روسيا والصين وأعضاء مجلس الأمن، لضمان أن يكون القرار خطوة حقيقية في اتجاه تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لا ضربة مميتة لها، ولا مكافأة للاحتلال على جريمة الإبادة الجماعية المرتكبة بحق شعبنا.
وشدد الحزب على أهمية تعزيز التعاون وتكثيف الضغط من أجل إجراء التعديلات اللازمة على المشروع الأمريكي المزمع عرضه على مجلس الأمن يوم غد الاثنين.
واكد الحزب، ان "صيغة القرار المتقرحة من الولايات المتحدة لا تزال قاصرة عن توفير الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية لمعالجة جوهر القضايا، بشكل يضمن الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ويصون الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني".
وأضاف الحزب، أن هذه الصيغة تشكّل تهديدًا خطيرًا لمرجعية قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة كأُسس لحل القضية الفلسطينية، بما في ذلك قرارات الجمعية العامة المتتالية، والتي تؤكد جميعا الاعتراف بالدولة الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس.
**********************************************
المنتدى الأوروبي: في سبيل السلام والسياسات الاجتماعية والديمقراطية
رشيد غويلب
في أيام 31 تشرين الأول -2 تشرين الثاني، عقد المنتدى الأوروبي التاسع للقوى اليسارية والخضراء والتقدمية في فيينا. استضافه لأول مرة الحزب الشيوعي الفرنسي في مرسيليا عام ٢٠١٧. ناقش فيه مندوبون من الأحزاب اليسارية وأحزاب الخضر والديمقراطية الاجتماعية، والنقابات العمالية، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، أوروبا مختلفة وسبل تحقيقها. كان برنامج الاجتماع "من أجل السلام والعدالة الاجتماعية والعدالة المناخية".
حضور متميز
امتاز المنتدى بحضور مكثف لشخصيات يسارية معروفة: اليساري البريطاني جيمي كوربين، وهاينز بيرباوم، رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية، نائبة عمدة باريس هيلين بيدارد، وسوكراتيس فاميلوس، رئيس حزب سيريزا اليوناني، وفالتر باير، رئيس حزب اليسار الأوروبي. يُعدّ حزب اليسار الأوروبي الجهة المنظمة الرئيسية للمنتدى الأوروبي. أكد باير: "يُمثل الاجتماع فرصة فريدة لمناقشة البدائل المتاحة لأوروبا والاتفاق على إجراءات مشتركة، تتجاوز الحدود الحزبية والتنظيمية". وأضاف: "نريد مكافحة سياسات التقشف، ومقاومة العسكرة، والنضال من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية".
وشدد باير على خطورة الوضع. واستشهد بقول المستشار النمساوي الديمقراطي الاجتماعي الأسبق برونو كرايسكي: "بضعة مليارات من الديون لا تُقلقني بقدر عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل"، مؤكدا أن هناك اليوم مئات الآلاف من العاطلين عن العمل في النمسا و13 مليونًا في جميع أنحاء أوروبا. والصناعة الأوروبية في أزمة. وهو تقييم ذهب إليه أيضا بيرباوم من مؤسسة روزا لوكسمبورغ، مضيفا: أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي مُهدد من الولايات المتحدة، والحروب وسباق التسلح، وأزمة المناخ.
وفي بداية المنتدى، أشارت كورنيليا هيلدبراندت، من مركز "تحول أوروبا" التابع لحزب اليسار الاوربي، إلى الحاجة المُلحة إلى هذا الأمر. وذكرت الباحثة أن طفلاً من كل خمسة أطفال في أوروبا ينشأ في فقر. وبينما يمتلك أغنى 10 في المائة من الأوروبيين ثلثي مجموع الثروة، لا يمتلك النصف الأفقر سوى 1,2 في المائة. ومع ذلك، لا يُخصص سوى 14 في المائة من ميزانية الاتحاد الأوروبي للتدابير الاجتماعية، مثل الحد من الفقر والتعليم والتوظيف. وأضافت: "يحدث كل هذا في ظل الحرب في أوروبا وتفاقم أزمة المناخ، التي تُكلف مليارات الدولارات سنويًا".
النضال ضد اليمين المتطرف
وأكدت المناقشات على الترابط الوثيق بين العدالة الاجتماعية والمناخية، والنضال ضد اليمين المتطرف. وأكد فالتر باير: أن "هذه المعركة ستُحسم إما بالفوز أو الخسارة في مجال السياسات الاجتماعية والاقتصادية". ويُمهّد تنامي حالة عدم اليقين، التي تمتد إلى الوسط الاجتماعي والسياسي، الطريق أمام القوى والأحزاب اليمينية الشعبوية واليمينية المتطرفة. وبالفعل، يُشكّل اليمين المتطرف جزءًا من حكومات ثلث دول الاتحاد الأوروبي؛ وبعد انتخابات جمهورية التشيك، أصبح يحتل المركز الأول في خمس دول. ويُعزى "الصعود المروع لليمين المتطرف" (وفق كوربين) إلى حد كبير إلى تفكيك السياسات الاجتماعية.
وكان توفير السكن بأسعار معقولة للجميع، محورًا رئيسيًا لمنتدى فيينا. قالت هيلدبراندت في المنتدى بأن أسرة من كل عشر أسر تنفق أكثر من 40 في المائة من دخلها على تكاليف السكن. وقد جعل اليسار الأوروبي من ملف الإسكان محورًا لعمله السياسي ونشاطاته، وخُصصت جلسة عامة كاملة لهذا الموضوع. وأفاد ناشطون بزيادات حديثة في تكاليف السكن بنسبة 15 في المائة في البرتغال و12 في المائة في كرواتيا. وبشكل عام، ارتفعت هذه التكاليف بنسبة 60 في المائة، منذ عام 2010، في أوروبا.
وطرحت أمثلة إيجابية بشأن ملفات مثل مكافحة سياسات التقشف والعسكرة، والنسوية، والشرق الأوسط، ودور النقابات العمالية، والحفاظ على الديمقراطية، مثلا، تحدث نقابي قبرصي عن التعاون عبر الخط الفاصل بين جانبي الجزيرة؛ وتحدث ناشط فرنسي عن مبادرة محلية لمكافحة الأبخرة السامة المنبعثة من أحد المصانع. وقدّمت الناشطة المناخية فيلي كوفمان مشروع "نقود معًا"، الذي يهدف إلى ضمان ظروف عمل أفضل، لا سيما للعاملين في قطاع النقل، وخاصة سائقي الحافلات. وأوضحت قائلةً: "هذه حملة تجمع بين قضيتين بالغتي الأهمية في عصرنا - وهما القضية الاجتماعية للطبقة العاملة وأزمة المناخ. إن توحيد الجهود مع العمال هو "السبيل الوحيد لإحراز تقدم في السياسات الاجتماعية والبيئية".
السلام قاسم مشترك
تكرر مناقشة قضية السلام في جميع الجلسات العامة. وشمل ذلك نقاشات حول الحرب في أوكرانيا، حيث اتفق المشاركون، على الرغم من اختلاف وجهات نظرهم، على ضرورة إنهائها بسرعة ودبلوماسية. وادينت بالأجماع جرائم إسرائيل في غزة، وعبّر المشاركون عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. وجاء في البيان الختامي للاجتماع: "نرفض منطق التكتلات وإعادة التسلح والعسكرة. ونؤكد من جديد التزامنا بالحل التفاوضي للنزاعات". ومن النقاط الأخرى المطالبة بإعادة توزيع الثروة المجتمعية، وانتقال عادل وديمقراطي وتقدمي اجتماعيًا في مجال الطاقة، وحماية الحقوق الديمقراطية، ولا سيما حقوق النساء.
**********************************************
الصفحة السابعة
الحزب الشيوعي العراقي يؤبّن الرفيق الراحل جواد كاظم
(أبو أوس)
بغداد – طريق الشعب
نظمت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يوم أمس 15-11-2025 مجلسا تأبينيا للرفيق الراحل جواد كاظم الطائي (علي مالية أبو أوس) حضره عدد من اعضاء قيادة الحزب وعائلة الراحل ووفد من حزب التيار الاجتماعي وشخصيات ثقافية واجتماعية ونقابية، وجمهرة من رفاق الحزب واصدقائه
وتوسطت صورة الرفيق قاعة "بيتنا الثقافي" في الاندلس، فيما سيطر الحزن على وجوه الحاضرين لفداحة الخسارة. وفي بداية المجلس طلب الرفيق حسين النجار من الحضور الوقوف دقيقة حداد استذكاراً وتخليداً للرفيق الراحل، ثم قدم الرفيق علي صاحب عضو المكتب السياسي لقراءة كلمة الحزب، أعقبه الرفيق إبراهيم المشهداني سكرتير لجنة الرقابة المركزية في تقديم كلمة اللجنة، ثم قرأ الرفيق الدكتور عودت الحمداني كلمة رابطة الأنصار الشيوعيين في بغداد، فيما تطرقت كلمة عائلة الفقيد التي قدمها السيد علي حسين جواد إلى سيرة حياته الحافلة بالنضال والتضحيات وكيف أثر ذلك على حياة أسرة كظوم عموماً وما عانوه من ملاحقة ومطاردة. وفي المجلس التأبيني تحدث الرفيقان مفيد الجزائري رئيس تحرير طريق الشعب وزهير الجزائري الكاتب والصحفي عن علاقتها بالفقيد ايضاً.
*****************************************
الرقابة المركزية: فقدنا قامة باسقة شديدة المراس
منذ ايام قليلة فجعنا بوفاة رفيقنا البار جواد كاظم (ابو اوس) والمعروف بـ (علي مالية)، وكان الخبر المفجع صادماً يحبس الانفاس لاقترانه باحتفالنا بالمهرجان العاشر لجريدة حزبنا "طريق الشعب" وكان علينا ان نتحفظ على الخبر في محاولة للحفاظ على وتيرة سير المهرجان، فيا لثقل الخبر وفجاعته لكننا اضطررنا لإبلاغ اقل عدد من الرفاق واستمر الوضع على هذه الحال الى نهاية المهرجان. برحيل رفيقنا العزيز ابو اوس، فقدنا قامة باسقة شديدة المراس عرفناه تحت ظلال خيمة الحزب رفيقاً لا يهادن نظام البعث الصدامي ولا يتسامح مع الخطأ والخطايا أياً كان مصدرها كي لا يتسع وتتراكم اضراره مما يعطل مسيرة النضال اليومي.
لقد كان سجله النضالي مليئاً بالتضحية من اجل القضية وقد تجسدت هذه الصفات سواء في إطار عمله التنظيمي او من خلال مشاركته في حركة الانصار التي بانت صفاته بوضوح وجلاء طيلة فترة الكفاح الانصاري او العمل الصحفي في صحيفة الحزب المركزية "طريق الشعب".
وفي آخر مراحل نضجه الثوري وتراكم خبراته النضالية عملنا سوية في لجنة الرقابة المركزية بعد المؤتمر التاسع للحزب وقد تجلت كل هذه المزايا من خلال معايشتنا المشتركة في هذه اللجنة فقد كان متفاعلاً معنا في انجاز مهماتنا ولم يتأفف في ضخامة التحديات وكان صابراً على متابع العمل حينما يتطلب زيارة منظماتنا في المحافظات طول المسافات رغم المرض الذي يعانيه والذي تطور بشكل مؤسف في اواخر الفترة معنا في اللجنة الامر الذي تطلب سفره الى خارج الوطن لاستكمال علاجه ورغم ذلك ظل متواصلاً مع اللجنة وطيلة وجوده في اللجنة برزت بوضوح بعض المزايا التنظيمية مثل التمسك بالالتزام الصارم بقانون الوقت بطريقة حرفية والالتزام بالمبادئ التنظيمية الحزبية في كل تفصيل من تفاصيل عملنا اليومي. معذرة يصعب عليّ تعداد كل صفاته التي اكتسبها في مسيرته النضالية الطويلة.
وأخيراً ورغم شعورنا بفداحة الخسارة وحزن الفراق لهذا الكادر الصلب والمثابر فإننا سنظل متفائلين بالمستقبل وواثقين من صحة الطريق الذي سلكناه معا وما زلنا ثابتين عليه ابدا.
ندعو للرفيق ابو اوس خلوداً ابدياً وذكراً طيباً ولعائلته ورفاقه الصبر الجميل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة لجنة الرقابة المركزية ألقاها الرفيق إبراهيم المشهداني.
*********************************************
زهير الجزائري: كان يُسهّل لي المهمات الصعبة
عشت حياتي في العمل الصحفي وعندي عقدة متأصلة من الأشخاص الذين يعملون في الإدارة والحسابات، لسبب عندي اعتقاد بأن الممنوعات تكمن هنا وكل الاقتراحات تقف في هذا المجال في الإدارة والحسابات.
تعرفت على علي مالية في طريق الشعب في فترة السبعينيات، ولأول مرة اتعرف على إداري بهذه المرونة والروح السمحة وبساطة السلوك والميل إلى الحلول أكثر من الميل إلى الممنوعات، وعندما تكون هنالك ممنوعات يحرص علي على أن يفهم الطرف الآخر طبيعة هذا الممنوع لأي سبب.
وفي فترة السبعينيات وتحديدا النصف الثاني كان الجزء الأساسي من الجريدة وهو المطبعة يقع قريبا جدا من مديرية الأمن العامة فالذهاب والعودة إلى الجريدة كانت مغامرة بحد ذاتها، ففي أي لحظة ممكن اي شخص يتعرض للخطف في هذا الممر الضيق الذي يقع بين الجريدة والمديرية، وكلفت في تلك الفترة أن اذهب للعمل في الصفحة الأولى ولم تكن هذه مهمتي يوميا وهناك التقيت بالرفيق على مالية وبطبعه الهادئ أخبرني بأن الوضع صعب جدا وممكن غدا او بعد غد تهاجم الجريدة أو المطبعة.
بعد هذه الفترة انقطعت عن علي والتقيته في كردستان وفي اليوم الثاني من وصولي لمنطقة بشتاشان الواقعة على سفح جبل قنديل ذهبت بجولة مع علي وكانت رغبتي أن اتعرف على المنطقة وطبيعتها والناس الموجودين فيها، حيث أخذني في جولة أثناء تجوالنا لاحظ وجود شخصين مسلحين في قمة من القمم ومتخفين خلف الأشجار وأخبرني من المحتمل ان يكون هذا كمينا أمامنا ورغم علاقتي الطويلة بالحروب لكن الشعور بأن كمين ينتظرنا هزني بالحقيقة، والمشكلة أننا لا نمتلك طريقا آخر إلا بالرجوع من هذا الطريق نفسه.
الشيء الوحيد الذي بدد مخاوفي هو هدوء علي فكانت تظهر على محياه ويديه الهدوء ورباطة الجأش، بعدها قال لي لننتظر لحين انصرافهم بعدها تبين أن هؤلاء صيادين يتمترسون في الجبل ولم يكن هذا بكمين.
بقيت معه في بشتاتان لفترة طويلة نلتقي كثيرا وفي بعض الأحيان كانوا يكلفونني بمهمات إدارية تتعلق بالتمويل، وعادة أحيل هذه المهمة إلى شخص آخر لأنني استصعبها، لكن علي مالية كان يسهل علي المهمة كثيرا.
في كل مكان كنت أذهب وفي كل انتقالة من منفى إلى مكان التقي بعلي وفي كل مرة تظهر على محياه الجدية في العمل او مبتسما محولا الصعوبات إلى نكتة وكان يميل إلى المرح والنكة وبث الارتياح للشخص الذي يجلس بجانبه، أتذكر أنني كنت مع الوفد الذي أوفد بخطبة زوجته آنذاك وبعد ان اتممنا مراسيم الخطبة قلت له بمزاح لقد تورطت في موضوع الزواج فبادلني الابتسامة.
وطوال الوقت كنت اتذكر سماحته وصبره وطريقته في العمل فهو قليل الانفعال سريع الاستجابة ويميل إلى الحلول وكان وفيا جدا لعمله ووفيا لحزبه، في أي مكان أجد "علي" موجودا أمامي حريصا على ابتسامته وجديته بالعمل ولا أنساه ابدا.
ــــــــــــــــــــــــــ
الرفيق زهير الجزائري في المجلس التأبيني
*********************************************
كلمة عائلة الفقيد تعرض لجانب من سيرة حياة الفقيد الراحل
أنهى الراحل المرحلة الابتدائية في المحمودية الأولى سنة 1962، ثم أكمل دراسته المتوسطة والثانوية في ثانوية المحمودية للبنين وتخرج منها عام 1968، بعدها التحق بجامعة بغداد/ كلية الآداب قسم الجغرافية.
وبعد التخرج التحق بالخدمة العسكرية عام 1972، وعندما أكمل خدمته العسكرية جرى تعيينه في وزارة الصناعة/ شركة الألبسة في الموصل، وخلال هذه الفترة تعرض إلى مضايقات أمنية وضريبة الانتماء إلى الحزب الشيوعي العراقي من قبل محافظ الموصل وزمرته آنذاك.
ومن خلال منصب شقيقه الأكبر المرحوم مهدي كظوم الذي كان مدير التنمية الصناعية في وزارة الصناعة، تم نقله إلى شركة الصناعة في بغداد، وبدأت المضايقات الأمنية الشديدة عليه في الوزارة مما اضطره إلى ترك عمله والسفر إلى خارج العراق بتاريخ 29/ 4/ 1979، تاركاً ولده البكر أوس بعمر (13) يوما ولم يعلم أي أحد من أفراد عائلته بخروجه إلى خارج البلاد لحين زيارة بيته لنبارك له بالمولود وكان شقيقه المرحوم صالح وابن العم حاتم والوالدة الحنونة أم مهدي علموا بهروبه.
وخلال فترة وجوده في الخارج بدأت المضايقات الأمنية على عائلة آل كظوم، فكان شقيقه الأكبر مهدي كظوم معرضا كل أسبوع للاستجواب في مديرية الأمن العامة ولمرات عديدة مع مراقبة الدار. وفي فترة انتمائه للحزب الشيوعي كانت له علاقات طيبة مع ضباط الأمن وهم يخبرونا عند مداهمة البيت، لحين سقوط النظام وعودته إلينا.
فرحنا بعودته، وعند وفاة أشقائه أصبح لنا بمثابة الأخ والأب والعم والصديق لأنه عميد أسرة آل كظوم.
كان محباً للجميع ومحبوبا من الجميع، وكل أهل المحمودية الاصلاء يحملون له الود والاحترام والتقدير، ويعجز اللسان عن وصفه لأنه يحمل كل المعاني الانسانية.
عاش غريباً ومات غريباً في الخارج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قدمها ابن عم الفقيد الأستاذ علي حسين جواد الطائي
*********************************************
الشيوعي العراقي: مضى في طريق مليء بالتحديات
أعزائي أهل الفقيد، رفاقه وأصدقاؤه وزملاؤه
نقف اليوم أمام خسارة موجعة يصعب استيعابها. نودّع رفيقا حمل مسيرة نضال تمتد لأكثر من خمسين عاما، وأعطاها من عمره وراحته وطمأنينته دون أن يتردد لحظة واحدة. نودّع الرفيق جواد كاظم الطائي، الذي عرفناه جميعا باسم “علي مالية” و”أبو أوس”، الإنسان الذي اختار منذ شبابه طريقا يعرف أنه مليء بالتحديات، لكنه آمن أن خدمة الناس والوطن تستحق كل ما يترتب على هذا الطريق. منذ خطواته الأولى في المحمودية، كان يحمل قناعة واضحة بأن العمل الحزبي ليس مجرد انتماء أو شعار، بل التزام يومي، وفعل مستمر، واستعداد دائم للتضحية. عمل في التنظيم، وفي الإعلام، وفي مفاصل الإدارة والمالية، وكان جزءا أساسيا من جريدة الحزب، شاهدا وفاعلا طوال عقود، يعطي دون توقف، ويعمل بصمت، ويثبت أن الانتماء الحقيقي يظهر في التفاصيل الصغيرة وفي المواقف الصعبة. وعندما واجه الحزب حملات القمع العنيفة أواخر السبعينيات، اختار الطريق الأصعب. حمل السلاح، وانضم إلى صفوف الأنصار الشيوعيين، وواجه الدكتاتورية بلا خوف. لم يفعل ذلك طلبا لمجد شخصي أو لمنصب، بل لأنه أدرك أن مواجهة الظلم واجب، وأن الحرية لا تُنتزع من دون ثمن. كان نصيرا شجاعا، صادقا، يعرف معنى الانضباط، ويعرف أن رفاقه يعتمدون على ثباته وهدوئه وقلبه النظيف. وبعد سنوات الغربة والاضطرار، عاد إلى العراق بعد 2003 ليستأنف دوره، وكأن السنوات لم تمر. عاد بروحه نفسها، بإيمانه نفسه، وبعزيمته التي لم تهتز رغم كل ما عاشه. عاد إلى عمله في جريدة الحزب، إلى الناس الذين أحبوه، وإلى رفاقه الذين عرفوا فيه مثالا نادرا في الإخلاص. لم يسعَ لمكاسب ولا أضواء، بل ظل يعمل من أجل أن يبقى الحزب قريباً من الناس، ويبقى الوطن في مقدمة اهتماماته.
كان أبو أوس إنسانا يسبق فعله كلامه.
كان يستمع أكثر مما يتكلم، ويعمل أكثر مما يعد. كان صادقا إلى درجة أنك تشعر بالأمان بالقرب منه، وتشعر أن هذا الرجل خُلق ليحمل عبئا ولا يشتكي، وليكون سندا لرفاقه، ووجها محبوبا بين الجميع.
حتى في أيامه الأخيرة، كان منشغلا بالتحضير لمهرجان طريق الشعب العاشر. ورغم اضطراره للابتعاد عن الوطن، بقي قلبه هنا، في بغداد، في المحمودية، وفي كل مكان عمل فيه وترك فيه أثرا لا يُنسى.
كان يتابع، ينصح، يساعد، ويمد يده لكل من يحتاجه. رحيله صادم، ليس لأنه غير متوقع فقط، بل لأن هذا النوع من البشر يترك فراغا كبيرا. نفتقد اليوم رفيقا صلبا، نظيف اليد، واسع القلب، لم يعرف الخصام، ولم يعرف الأنانية، وعاش حياته وهو يضع الوطن والحزب في مقدمة كل شيء.
إلى عائلته الكريمة، زوجته وأبنائه وبناته وأحفاده،
إلى رفاقه وزملائه ومحبيه،
لكم كل العزاء والمواساة. هذا الرحيل مؤلم، لكنه يحمل معه سيرة تستحق أن تُروى، ومسارا سيبقى حاضرا في ذاكرة كل من عرفه.
وداعا رفيقنا أبو أوس.
وجودك بيننا لن يغيب، لأن القيم التي عشت لها ستبقى، ولأن عطاءك يظل علامة لا تُمحى في طريقنا الطويل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة الحزب الشيوعي العراقي ألقاها الرفيق علي صاحب عضو المكتب السياسي.
*********************************************
الأنصار الشيوعيون: أدرك علي مالية الحقيقة والطريق الذي يؤدي إلى الحرية والعدالة الاجتماعية
الرفيق أبو أوس - جواد كاظم الطائي.. وداعاً إلى الفردوس
ليس هناك أشد قسوة وألماً من أن يفاجأ الإنسان بنبأ رحيل رفيق وصديق عزيز ووفي له ولرفاقه ولمبادئه. ولأن في الموت حزناً وألماً فالبكاء لعزاء النفس قد يخفف من هول الفاجعة، وسوف يبقى عزاؤنا فيك أبا أوس هو الطيب الذي زرعته في قلوبنا.
ان المسيرة النضالية والاجتماعية المشرفة لرفيقنا الراحل أبو أوس تستحق الثناء وهي محل اعتزاز وفخر لكل رفاقه وأصدقائه. ففي تواضعه ولطفه وهدوئه ونكران ذاته كسب قلوب الآخرين وقد أحب الناس والناس أحبته.
وقد تجلت سماته القيادية والشخصية في نضاله السياسي وانخراطه في حركة الأنصار الشيوعية المسلحة التي قادها الحزب الشيوعي لإسقاط الدكتاتورية الدموية، وقد أدرك منذ فتوة شبابه الحقيقة والطريق الذي يؤدي إلى الحرية والعدالة الاجتماعية في اعتناقه العقيدة الشيوعية سلاحاً في الفكر والنضال. وكان بالنسبة لنا نموذجاً للإنسان المتفاني والغيور على وطنه وشعبه وحزبه فهو مناضل من جيل لا يعرف التخاذل. وقد نذر حياته للدفاع عن مصالح الفقراء والكادحين ومن أجل إقامة نظام ديمقراطي يحقق العدالة والمساواة للعراقيين.
وبسبب نضاله ضد الانظمة الدكتاتورية وانتمائه للحزب الشيوعي تعرض إلى اشكال الملاحقات وصنوف الاضطهاد والتشرد والحرمان وقد واجه هذه التحديات بصلابة المناضلين.
في هذا الرحيل المفجع الممزوج بالألم والحسرة نعزي أنفسنا ونعزي عائلة فقيدنا أبو أوس وكافة رفاقه واصدقائه.
وتبقى ذكراه العطرة وسيرته المشرفة خالدة في وجدان الطيبين. المجد والخلود لرفيقنا النصير أبو أوس.
-----------------
كلمة الأنصار الشيوعيين في بغداد قدمها الرفيق د. عودت الحمداني
******************************************
مفيد الجزائري: أبو أوس.. ممن يصعب تعويضهم
رأيت أبو اوس اول مرة وتعرفت عليه في احدى قواعد الأنصار الشيوعيين في جبال كردستان، أوائل الثمانينات، غداة التحاقي بالحركة الانصارية وكفاحها المسلح. ومنذ ذلك اليوم وفي ذاكرتي صورته بملابس البيشمركه : الجمداني (اليشماغ) ملفوفا على الر أس، والسروال الفضفاض، والبشتيم حول الحزام. واتذكر انه كان يُميل الجمداني قليلا الى اليمين، في حركة يحرص عليها الشبان الكرد "الكشّاخة"، وان ابتسامة عريضة كانت تملأ وجهه.
منذ البداية استرعت انتباهي وأشعرتني بالارتياح طبيعته السمحة الودودة، وميله العفوي الى الانشراح والابتسام. معه سرعان ما تحس انك إزاء انسان تعرفه، انسان قريب تألفه، وتأنس اليه وتطمئن. ولا يمر طويل وقت حتى تكتشف ان وشائج ميل متبادل وصداقة، راحت تنمو بينكما وتخضر وتزهر.
وهذا بالضبط ما حدث بيننا، الفقيد الرفيق أبو اوس وأنا، وتكلل بقيام علاقات الرفقة والصداقة المتينة الثابتة بيننا، رغم تباين مواقعنا الجغرافية في القواعد الانصارية، وتنوع توصيفاتنا الوظيفية في الحركة المقاتلة، واختلاف هيئاتنا الحزبية.
في "طريق الشعب" كان موقع الرفيق أبو اوس ودوره مميّزان. فـمدير إدارة الجريدة هو من يُعنى بكل صغيرة وكبيرة تخصها – إداريا وماليا وماديا وفنيا وتنظيميا. وهو من يلمّ باحتياجاتها وبامكانياتها على تلك المستويات جميعا، وبما تستلزم ادامة عملها من قرارات وإجراءات. لذلك فهو، مدير الإدارة أبو اوس، كان على الدوام عضوا فاعلا ومؤثرا في هيئة تحريرها. وفي هذه الهيئة كنا نعمل سوية في السنين الماضية. واذا كنت مع رفاق آخرين معنيين خصوصا بالتحرير والمواد الصحفية عموما، فان الرفيق أبو اوس كان معنياً ليس فقط بقضايا الإدارة والمالية، بل كذلك وخصوصا بالرفاق العاملين في الجريدة وبأمورهم ومجمل شؤونهم. وكانت علاقته بجميعهم مباشرة، وقائمة على المعادلة ذاتها: رفيقك صديقك.
وكانت الترجمة الملموسة لذلك تتجلى في تواصلهم الدائم معه، وانفتاح باب مكتبه امامهم في كل الاوقات، ومتابعته المتواصلة لاوضاعهم، وحرصه على معالجة قضاياهم وتلبية احتياجاتهم ما أمكن. وكان يعير اهتماما خاصا خلال ذلك للعاملين الجدد من الشابات والشباب، الذين صاروا ينظرون اليه كأخ كبير او حتى كأب، بفضل تعامله المفعم بالمحبة والاحترام لهم، وتقديمه النموذج اللائق للشيوعيين في علاقاته معه، وحرصه عليهم وعلى تطورهم كعاملين واعين، وناضجين مهنيا من جانب، وكوطنيين وتقدميين وشيوعيين من جانب آخر. منذ غادرنا أبو اوس للالتحاق بأسرته في الخارج قبل حوالي سنتين، إثر تدهور حالته الصحية، بقي مكتبه في الجريدة على حاله. لم نغير شيئا فيه، ولم نعدل او نستبدل، كل شيء ظل في مكانه .. وحتى اليوم، بباب مفتوح للجميع على الدوام.
فرغم علمنا بصعوبة وضعه الصحي، بقي الأمل يراودنا بحدوث شيء ما، بوقوع حدث، تطور ما، يعيده الى جريدته والينا نحن رفاقه فيها. اليوم، وقد رحل أبو اوس عن عالمنا، ندرك عميقا فداحة خسارتنا برحيله.
صحيح انه ما من انسان الا ويعوض.
لكن هناك من لا يعوضون الا بصعوبة وعناء شديدين، خصوصا في مثل أيام الجدب التي نعيشها.
ومن هؤلاء كان ر فيقنا العزيز أبو اوس – جواد كضيم / علي مالية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهادة قدمها الرفيق مفيد الجزائري رئيس تحرير "طريق الشعب"
*************************************************
الصفحة الثامنة
ست سنوات على انتفاضة 25 تشرين: إرادة الشباب العراقي بين الأمل والمعاناة المستمرة
عصام الياسري
أطلت علينا قبل أيام ذكرى ست سنوات على انطلاق انتفاضة 25 تشرين الأول 2019 في العراق، الانتفاضة التي شكلت منعطفا مهما في تاريخ الشعب العراقي الحديث، وأطلقت شرارة مطالب جماعية واسعة تتجاوز أي حسابات سياسية ضيقة. خرج آلاف الشباب العراقي إلى الشوارع في بغداد ومدن الجنوب والشمال، حاملين شعارات الحرية والعدالة والمحاسبة، مطالبين بحقوقهم الأساسية في حياة كريمة، فرص عمل، خدمات عامة عادلة، ونظام سياسي يعكس إرادة الشعب.
لكن تلك المطالب لم تمر بلا ثمن. فقد تعرّض العديد من شبان الانتفاضة لملاحقات سياسية وقمع أمني منذ الأيام الأولى وحتى اليوم، مع استمرار الاعتقالات والملاحقات القانونية والاجتماعية ضدهم، ما جعل من الدفاع عن الحقوق تحديا يوميا.
تميزت الانتفاضة بشموليتها: كان الشباب من مختلف الفئات العمرية والخلفيات الاجتماعية جزءا أساسيا من الحركة. لم يقتصر حضورهم على رفع الشعارات فحسب، بل كانوا قوة التغيير الفعلية، يقودون التحركات الشعبية وينسقون الاعتصامات والمظاهرات، متحدين العنف والقمع الأمني. كانت الشوارع تمتلئ بالهتافات والأمل، وتصبح ساحات الاحتجاج مسرحا لتعبير جماعي عن الغضب المشروع من الفساد المستشري، والفشل المتواصل في تلبية احتياجات المواطنين.
كانت شوارع بغداد وبقية المدن العراقية مسرحًا لملايين المتظاهرين من مختلف الطبقات والفئات العمرية، متحدين التحديات الأمنية والسياسية، حاملين شعارات "نريد وطن" تطالب "بالحرية والعدالة ومحاسبة الفاسدين". ورغم العنف والقمع الذي واجهتهم، بقيت روح الانتفاضة حية في الوعي العراقي، شاهدة على إرادة شعب رفض الانكسار. ومع مرور ست سنوات، تبقى ذكرى 25 تشرين رمزًا لشجاعة الشباب العراقي وصمودهم، أيضا تذكر بالأعباء التي يتحملها من خرجوا للشارع طالبين الحرية والعدالة، وبحاجة العراق المستمرة إلى إصلاحات حقيقية وشاملة تلبي طموحات شعبه.
لكن الطريق لم يكن سهلاً. فقد واجه الشباب الذين خرجوا للشارع منذ اللحظة الأولى ملاحقات أمنية وسياسية، شملت الاعتقالات التعسفية، المضايقات القانونية والاجتماعية، وحتى التهديد المباشر بحياتهم. بعضهم فقد حياته خلال التظاهرات، وبعضهم لا يزال يعيش تحت ضغط الملاحقة المستمرة، فيما اضطر آخرون إلى الهجرة أو الانعزال عن المجتمع لحماية أنفسهم. هذه المعاناة المستمرة تُظهر الثمن الباهظ الذي دفعه الشباب العراقي للدفاع عن حقوقه المشروعة، وهي شهادة على شجاعة وإصرار جيل رفض الانكسار أمام نظام متأزم.
وبينما استمرت الأصوات المطالبة بالتغيير، بقيت الأزمات في العراق تراكمية ومتداخلة. على المستوى السياسي، شهد العراق صراعات مستمرة بين القوى الحاكمة، وتأجيلات متكررة للإصلاحات، مما أدى إلى فراغ سياسي وإحباط شعبي متزايد. وعلى المستوى الاقتصادي، يعاني المواطنون من البطالة المرتفعة، تدهور قيمة العملة، وغلاء المعيشة، فيما يظل الفقر والحرمان من الخدمات الأساسية واقعا يوميا يعيشه الكثيرون.
الخدمات العامة، من صحة وتعليم وبنية تحتية، ما زالت في وضع هش، إذ تعاني المستشفيات من نقص المعدات والأدوية، والمدارس من اكتظاظ الصفوف وضعف الموارد التعليمية. هذا الواقع يعكس فشل السلطات في تلبية أبسط احتياجات المواطنين، ويزيد من شعورهم بالظلم والإهمال. أما الحقوق العامة والحريات المدنية، فهي لا تزال محدودة، مع استمرار القيود على حرية التعبير والتجمع، وتعرض الناشطين للشبح الدائم للملاحقة.
رغم كل هذه المعاناة، بقيت ذكرى 25 تشرين مصدر إلهام للشعب العراقي، ورمزا لشجاعة وإرادة الشباب الذي رفض الانصياع للظروف القاسية. الانتفاضة لم تكن مجرد احتجاج مؤقت، بل حركة مجتمع مدني مستمرة، تحفر طريقها ببطء نحو التغيير، وتضع الأسس لمستقبل أفضل. إنها تذكير دائم بأن صوت الشعب لا يمكن تجاوزه، وأن المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة ستظل حاضرة مهما طالت التحديات.
اليوم، بعد ست سنوات، يحتاج العراق أكثر من أي وقت مضى إلى الإصلاح الحقيقي والشامل، إلى معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق العدالة للشباب الذين تحملوا المخاطر في سبيل مستقبل أفضل. كما يحتاج إلى ضمان بيئة آمنة تسمح للمواطنين بالمطالبة بحقوقهم دون خوف من القمع أو الملاحقة. إن الإرث الذي تركته انتفاضة 25 تشرين ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل دعوة صريحة لمواصلة النضال والمثابرة، وإصرار الشعب العراقي على تغيير واقعه المؤلم نحو حياة كريمة ومستقبل أكثر إشراقا.
في الختام، ست سنوات على 25 تشرين هي ست سنوات من التحدي والمعاناة، لكنها أيضًا ست سنوات من الأمل والإصرار. إنها شهادة على أن الشباب العراقي، رغم كل الصعوبات، ما زال يحتفظ بحلمه في الحرية والعدالة، وأن صوتهم سيظل حاضرًا، يطالب بمستقبل يليق بشعب طالما انتظر العدالة والكرامة.
*****************************************
أزمة المياه في البصرة والوعود المؤجلة
طارق العبودي
تتوالى المشاكل والأزمات في بلدي، ونحن نعاني من الكثير منها، حتى تأتينا أخرى أقوى وأعقد. بلدٌ عائمٌ على بحرٍ من النفط والخيرات الأخرى، لكن شعبه يعاني من الجوع والبطالة والفقر.
وأضيفت إلى معاناته مشكلةٌ أخرى أكثر ضرراً وتأثيراً، لأنها تتعلق بحياة الإنسان، ألا وهي أزمة المياه، ولاسيما في محافظة البصرة، حيث أصبح الناس يعانون من العطش.
إن أزمة المياه الحادّة وانخفاض منسوبها في نهري دجلة والفرات ناجمان عن بناء السدود العملاقة من قبل دول المنبع، تركيا وإيران. وللأسف، لم تُعالج هذه المشكلة من قبل الحكومة العراقية بأسلوبٍ علمي ومهني، وكأن حياة الإنسان ومستقبله ومصدر عيشه لا يعنيها.
كان من المفترض بناء سدود ومحطات تحلية، وأن تبادر حكومة المحاصصة إلى إرسال وفدٍ متخصص للتفاوض مع دول المنبع من أجل تأمين حصة العراق من المياه. لكنّ اهتمام الحكومة كان منصباً على جمع المال، والحصول على المناصب والامتيازات، دون أدنى اكتراثٍ لهموم الناس ومعاناتهم.
وكان بإمكانها إيجاد حلولٍ لهذه الأزمة لو توفرت الإرادة والإخلاص، فالإمكانيات متوفرة بفضل وجود الأموال والكوادر العلمية القادرة على وضع خطط فعالة.
من المعروف أن الماء هو مصدر الحياة للإنسان والطبيعة، وانعدامه يعني قتل الإنسان وكل أشكال الحياة.
وحتى إن وُجد الماء، فإنه في كثير من الأحيان مالحٌ وغير صالحٍ للشرب، لا تطيقه حتى الحيوانات، ما أدى إلى نفوق الكثير منها وهلاك المزروعات.
ولإيجاد حلولٍ وقتية لهذه المشكلة، استُحدث نظام المراشنة لإيصال الماء الحلو إلى المناطق وفق جدولٍ خاص، لكنه يفتقر إلى العدالة في التوزيع، لاعتماده أسلوب المفاضلة بين منطقةٍ وأخرى.
نسمع بين فترةٍ وأخرى، وعلى لسان بعض المسؤولين، أن المشكلة في طريقها إلى الحل من خلال بناء محطات تحلية أو التعاقد مع شركات استثمارية متخصصة في هذا المجال. لكن سرعان ما تتضح الحقيقة على الأرض: كل تلك التصريحات مجرد وعود وزوابع إعلامية لامتصاص نقمة الجماهير.
ثم إن الشركات الاستثمارية لا ترغب بالعمل في بلدنا بسبب الروتين والبيروقراطية والفساد الذي تمارسه الجهات المتنفذة وأصحاب القرار.
وبسبب هذه الأوضاع المزرية وتفاقم الأمور إلى حدٍّ لا يُحتمل، أُصيب الكثيرون بالأمراض جراء ملوحة المياه غير القابلة للتحمل، ما دفع جماهير البصرة، وخصوصاً سكان المناطق الشعبية، إلى الخروج في تظاهراتٍ واحتجاجاتٍ سلمية ضد سوء الخدمات وانعدام المياه الصالحة للشرب. وللأسف، جوبهت هذه الاحتجاجات بالقوة والعنف من قبل القوات الأمنية.
والمفارقة العجيبة أننا نرى اليوم تسابق المرشحين نحو البرلمان القادم، وهم يعلنون عبر وسائل الإعلام دعاياتٍ انتخابيةً مليئة بالوعود الكاذبة، متعهدين بتوفير الخدمات والمياه الصالحة للشرب، وجعل العراق والبصرة تحديداً أرقى من سنغافورة وماليزيا! والأدهى أن أغلبهم كانوا أعضاءً في البرلمان نفسه الذي فشل سابقاً في حل هذه الأزمات.
لكن هذا الترويج الإعلامي المضلّل لم يعد ينطلي على جماهير شعبنا التي خبرت الزيف والتهريج في الدورات السابقة.
أمام هذه الصورة القاتمة، يتوجب على شعبنا أن يُحسن الاختيار، وأن يكون قراره مبنياً على الضمير والوجدان والروح الوطنية الخالصة، بعيداً عن المحاباة والعلاقات الشخصية والعشائرية والحزبية الضيقة، وأن يختار من يتحلّى بالنزاهة والأمانة والكفاءة والإخلاص للوطن والشعب.
فـ"الإنسان الحر لا يُلدغ من جحر مرتين".
*********************************************
سافايا - عودة بريمر
شاكر كتاب
عندما يقول ترامب في شرم الشيخ إن العراق فيه نفط كثير لكنهم لا يعرفون كيف يتصرفون به ثم حال عودته إلى واشنطن يقرر ان يبعث ممثلاً سامياً عنه فهذا يعني: 1- إنه جاء يعلمنا ديننا وهذا مستبعد ان يكون دون تكاليف معينة والأرجح ان تكون لهم حصة مقابل انهم سيعلموننا كيف نتصرف بنفطنا.
2- إنه جاء ليتصرف هو بنفطنا لأننا "جهلة أغبياء" وهم الحكماء الأذكياء وسيضع يده اليمنى عليه وإصبع يده اليسرى يشير إلى السماء حيث طائراتهم المسيّرة او f-16 او صواريخ إسرائيل لمن لا يعجبه الأمر.
3- ليصحح خطأ امريكا عندما أنهت بعثة بريمر ممثل جورج بوش الجمهوري أيضاً والصهيوني أكثر وصديق نتنياهو أيضا وجاء سافايا ليصحح الخطأ ويواصل مسيرة بريمر: نهب أموال النفط / التطبيع / مواصلة الطائفية/ تحجيم علاقة العراق بمحيطه العربي. فمبارك لأيتام بريمر الذين جاءوا معه ليحكموا العراق ومبارك لمن مهّد الطريق لسافايا وكان سبباً في مجيئه.
**************************************
على بختكم سادتي المسؤولين العراقيين
إحسان باشي العتابي
ردا على بعض المسؤولين العراقيين، ممن تصريحاتهم بشأن الفساد، لا تكتفي بإغضابنا، بل تكاد تدفعنا نحو حتف مستعجل، لولا لطف الاقدار بنا…اقول لهم:
على بختكم سادتي المسؤولين العراقيين، هل يمكن لأحد ان يتجرأ حتى على مجرد التفكير بالفساد، ليكون ظاهرة من جديد… وأنتم من تمسكون بدفة الحكم؟
فقد صار الفساد عندنا، بمرور السنوات، أقرب إلى عرف اجتماعي منه إلى انحراف فردي، وكأن له حصانة مكتسبة لا تمس، ما دام رموزه يتنقلون في المشهد السياسي والوظيفي بكل طمأنينة وثقة. وليس في هذا مبالغة، بل هو تقرير واقع مرير!
والشيء بالشيء يذكر، ومن خلال اطلاعي المتواضع على بعض مبادئ علم النفس، وجدت أن أخطر مراحل انفصام الشخصية هي " المرحلة النشطة " التي تكثر فيها الاوهام والهلوسات، تليها مرحلة " متبقية " تتسم بعواقب قاسية قد تطال الذات والآخرين معا.
وإذا اسقطنا هذا المفهوم على واقعنا السياسي، سنجد ان الكثير ممن تصدروا المشهد، ولا سيما منهم من قادوا البلاد منذ 2003 وحتى اليوم، يعيشون مرحلة انفصام مزمنة، اذ لا يميزون بين المصلحة العامة ومصلحتهم الشخصية، بين الدولة والسلطة، بين الوطن والغنيمة.
والنتيجة: مئات بل الاف ملفات الخراب الممنهج، على كل المستويات، تنتظر محاكمة عادلة تنصف الوطن وابنائه الابرياء.
وفي النهاية… انها مفارقة عراقية بامتياز؛ حيث يختلط الهوس بالسلطة مع الوهم بالمنجز، حتى لم نعد نعرف: هل نعيش مرحلة “نشطة "من الفوضى… أم "متبقية "من مرض قديم لم يشف بعد.
*************************************************
مراجعة لكتاب كونستانتين بوندارينك كيف وصلَ زيلينسكي إلى السلطة؟
أكسل ف. كارلسن
ترجمة وإعداد: د. شابا أيوب
لا بد من إضافة إسم كونستانتين بوندارينكو، البالغ من العمر 56 عاماً إلى قائمة المُنتقدين الأوكرانيين لحكم زيلينسكي. يحظى بوندارينكو كمؤرخ بتقدير كبير في أوكرانيا لأبحاثه. ومع ذلك، فقد تحقق بزوغ نجمه الآن، خلال الحرب، من خلال تحليلات قيّمة على يوتيوب، بصفته صوتاً إنسانياً مُنادياً بالسلام، ومن خلال هذا الكتاب الذي نُشر في عام 2024 (باللغة الروسية ثم الإنجليزية)، والذي كلَّفه النفي.
يتتبع الكتاب نشأة زيلينسكي ومسيرته المهنية كممثل كوميدي ناجح. إلى جانب مجموعة من فناني المسرح الموهوبين والمحامين ورجال الأعمال، حقق زيلينسكي مكاسب جيدة في روسيا وأوكرانيا قبل الحرب، وكوّن شبكة علاقات في دوائر الأعمال. وأصبحت هذه الشبكة قاعدته في الانتخابات الرئاسية لعام 2019. وبصفته رئيساً، انضم إلى الطبقة العليا الأوكرانية.
الانقلاب
يتتبع بوندارينكو خيوط الحرب إلى أحداث الميدان عام 2014، والتي كانت، كما يَكتب، "مزيجاً غريباً من الثورة المُلونة والانقلاب". لم يكن استياء الغرب من الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش نابعاً من عدم رغبته في تلبية مطالب الغرب، بل من "عدم رغبته في معارضة روسيا بشكل كامل". كان الغرب بحاجة إلى أوكرانيا كـ "دولة معادية لروسيا" في صراع النفوذ العالمي.
الرئيس الجديد الذي سبق زيلينسكي، الأوليغاركي بيترو بوروشينكو أشادَ بـ "القيم الأوروبية" وانفتح على رأس المال الغربي. فاستجابت حكومته لمطالب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وقوّضت سيادة البلاد. ومع تراجع التصنيع، والتفاوت الاجتماعي، والخصخصة، بالإضافة إلى "إزالة الشيوعية"، أصبحت أوكرانيا "دولة دُميَة مُتخلفة على غرار دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا - مُتخفيةً وراء شعارات وطنية شوفينية".
أُنتُخب زيلينسكي عام 2019 من قِبل ناخبين غاضبين شعروا بالخيانة. كانَ قد شنَّ حملة شعبوية ضد بوروشينكو والنخبة السياسية.
بدعم من الأوليغارشية الأوكرانية، طوّر زيلينسكي علاقات وثيقة مع دوائر النفوذ الغربية. وأصبحت الولايات المتحدة تلعب "دوراً حاسماً في التعيينات في المناصب السياسية العليا، وتحديد السياسة الخارجية، ومكافحة الفساد، وتطوير صناعة الأدوية، والأمن القومي". وصلَ زيلينسكي إلى السلطة بوعود، منها احترام اللغة الروسية، وترسيخ السلام، ومكافحة الفساد. لكنه اتَّبعَ التيار اليميني السياسي، وتجاهلَ الدستور الذي يضمن حرية استخدام اللغة الروسية في أوكرانيا، على الرغم من تصويت العديد من الأوكرانيين الناطقين بالروسية لصالحه.
رفضْ اتفاقية السلام
كانت إحدى أهم مَهامه السياسية هي التنفيذ التدريجي لاتفاقية مينسك، لكنه "وافق سِراً على مواصلة سياسة موالية للغرب"، والتي لم تكن تهدف إلى السلام في دونباس. يصف بوندارينكو كيف أن زيلينسكي في عام 2022 "استجابَ لضغوط البريطاني بوريس جونسون والغرب ككل" ورفضَ اتفاقية السلام التي أُبرمتْ في إسطنبول مع روسيا.
جرَّدَ البرلمان عمداً من سلطته، وحرَّك الأوليغارشية الأوكرانية ضد بعضها البعض. كلُّ ذلك بدعم من المحامي أندريه يرماك، رئيس أركانه، وشخصيته المرموقة. فأصبح بناء السلطة الاستبدادية ممارسةً في أوكرانيا، وهو ما لا ينسجم إطلاقاً مع الصورة المأساوية- الكوميدية الغربية لزيلينسكي.
كان من المقرر أن تُرَتِّبْ حوالي ٦٠ جماعة ضغط وَوكالة علاقات عامة غربية "منشوراتٍ فخمة في وسائل الإعلام الغربية، وتمنع التغطية الإعلامية السلبية".
كان الأمر يتعلق "بتقديمه كشخصيةٍ بين تشرشل جديد وتشي جيفارا جديد". وهذا ما أسعده، فهو مُعتاد على العروض المُبهرة والتصفيق. فأصبح جزءاً من "عالم الأناقة والثقافة الشعبية" في الغرب.
الفساد والفوضى
وفقاً لبوندارينكو، "غضَّ الغرب الطرف بتكتم عن الفوضى التي تشهدها أوكرانيا". تمَّ طرد الصحفيين غير المرغوب فيهم. ووُصفَ أي شيء يتناقض مع الرواية الرسمية بـ "اختلاقات الكرملين" و "بخيانة الوطن".
أدَّى خنق حرية الصحافة في عام 2023 أيضاً إلى هجرة الصحفيين والمحللين الأوكرانيين: "كانوا هؤلاء وطنيين، لكنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل حكومة عديمة الضمير وغير كفوءة وفاسدة".
انضم إليهم بوندارينكو لاحقاً. ويضيف في الكتاب أنه "بحلول عام 2023، اتضح أن زيلينسكي قد حوّل نفسه إلى ديكتاتور مستبد ومُتعصب، ومُستعد لسجن المعارضين والمشتبه بهم، وإرسال آلاف الأوكرانيين إلى الجبهة".
في الأول من مايو/أيار من هذا العام، فُرضت على بوندارينكو نفسه عقوبات، وجُرِّد من حقوقه المدنية من قبل السلطات الأوكرانية لمدة عشر سنوات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كونستانتين بوندارينكو: صُحفي أوكراني، وشريك أول في فريق مكافحة الاحتكار والمنافسة والتجارة في بروكسل.
أكسل ف. كارلسن: عالم اجتماع وكاتب، (مواليد 1945) أستاذ مشارك فخري، حاصل على دكتوراه في التاريخ من جامعة موسكو، ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة آرهوس/الدنمارك
عن "الشيوعي" جريدة الحزب الشيوعي الدانماركي.
**************************************************
الصفحة التاسعة
ليفاندوفسكي: سأحسم مستقبلي قريباً
مدريد – وكالات
قال البولندي روبرت ليفاندوفسكي، إن "انتقاله إلى نادي برشلونة كان نقطة تحول شخصية وعاطفية قبل أن يكون خطوة كروية"، مشدداً على أنه سيكون جاهزا لاتخاذ قراره بشأن المستقبل قريبا، بعدما باتت المحطة الأخيرة من مسيرته أقرب من أي وقت مضى.
وأوضح ليفاندوفسكي، الذي يتواجد مع منتخب بولندا ويبلغ 37 عاما، أنه يريد الاستفادة من المرحلة المتبقية في مشواره إلى أقصى درجة "على المستوى الرياضي والعاطفي".
وفي تصريحاته لقناة (TVP Sport)، قال اللاعب الذي يخوض موسمه الرابع والأخير في عقده الحالي مع برشلونة: "سأكون مستعدا قريباً لاتخاذ القرار بشأن الطريق الذي أود السير فيه، وسأرى ما هي خياراتي".
وأكد هداف برشلونة، الذي سجّل 108 أهداف منذ انضمامه للفريق عام 2022، أنه يتعامل مع مستقبله بهدوء وصبر، قائلا: "أنا مرتاح. لا أعرف أين سأكون أو ماذا سأفعل بعد بضعة أشهر. لست مضطرًا لفعل أي شيء، ولا أشعر بأي عجلة".
*************************************************
عمار محسن بديلًا عن المهاجم علي الحمادي مدرب منتخبنا الوطني يدعو الجماهير إلى المساندة في البصرة
بغداد – طريق الشعب
باشر المنتخب الوطني في إقامة تمريناته في محافظة البصرة استعداداً لخوض مباراة الإياب أمام نظيره الاماراتي يوم الثلاثاء المقبل، وبعد تعادله مع الإمارات الخميس الفائت، أعرب مدرب منتخبنا الوطني، غراهام أرنولد، عن رضاه عن الأداء الذي قدمه لاعبو المنتخب في مباراة ذهاب الملحق الآسيوي أمام المنتخب الإماراتي، مؤكداً أن الفريق قطع نصف المشوار ويتطلع لحسم التأهل في مواجهة الإياب المقررة في البصرة.
وقال أرنولد في مؤتمر الصحفي أعقب المباراة: إن "المواجهة شهدت أداءً رائعاً من المنتخبين وان الجماهير استمتعت بمستوى فني قوي".
وأوضح أرنولد، أنه "اعتمد أسلوب الضغط العالي منذ بداية اللقاء؛ بهدف حرمان لاعبي الإمارات من امتلاك الكرة والسيطرة على نسق اللعب"، مؤكداً، أن "الفريق قدم ما عليه وخرج بنتيجة يمكن البناء عليها في مباراة الإياب"
ووجّه مدرب المنتخب العراقي رسالة إلى الجماهير، دعا فيها إلى الحضور والمؤازرة في ملعب البصرة الدولي، قائلاً: "أمامنا 90 دقيقة مهمة في الإياب، ونحتاج إلى دعم جماهيرنا، ونترقب حضور 65 ألف مشجع لمساندة اللاعبين وإنهاء المهمة بنجاح".
وفي الأثناء، أعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم، استدعاء عمار محسن ليكون بديلًا عن المهاجم علي الحمادي الذي تعرض للإصابة أمام المنتخب الإماراتي.
وعيّن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، طاقم تحكيم ياباني بقيادة الحكم يوسوكي أراكي لقيادة مباراة الإياب بين المنتخبين، وإلى جانب أراكي (حكم ساحة)، سيكون جون ميهارا (مساعد أول) وكوتا وأتانابي (مساعد ثان) لقيادة المباراة التي ستقام على ملعب جذع النخلة في مدينة البصرة العراقية عند الساعة السابعة مساءً.
وفي المؤتمر الصحفي الاخر لمدرب الامارات أولاريو كوزمين، قال: إن "مواجهة العراق كانت صعبة، مشيراً إلى أن المنتخب العراقي تفوق في الشوط الأول، فيما تحسن أداء فريقه في الشوط الثاني رغم الصعوبات التي واجهها".
وأضاف أن "فرص المنتخبين في التأهل ما زالت متساوية نظرياً"، مؤكداً أن "منتخب الإمارات سيلعب بقوة وشجاعة في مباراة الإياب من أجل تحقيق التأهل".
*********************************************
العراق يحصد ذهبية وفضية في منافسات التضامن الإسلامي
بغداد – طريق الشعب
حصد لاعب المنتخب العراق مصطفى التكريتي، الجمعة، أول ذهبية إلى العراق في منافسات التضامن الإسلامي في المواي تاي، وحصد زمله أياد البدر الميدالية الفضية في البطولة التي تقام حالياً في الرياض عاصمة السعودية.
وفاز التكريتي على اللاعب الإيراني بوزن 75-80 كليو في المباراة النهائية بعد تغلبه في دور نصف النهائي على نظيره الإماراتي، فيما قدم لاعب العراق إياد البدر ومنافسه الكازاخستاني نزالاً قوياً ومثيراً، ليتوج البدر بالميدالية الفضية في وزن 55-60 كغم.
وبهذا الإنجاز، يضيف منتخب المواي تاي الميدالية السادسة (ذهبية وأربع فضيات وبرونزية واحدة) إلى البعثة العراقية المشاركة في دورة ألعاب التضامن الإسلامي.
******************************************
تحديد موعد مباريات الدور الاول لكأس كرة الصالات
بغداد – طريق الشعب
أعلنت لجنة كرة الصالات في الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمس السبت، عن موعد إقامة مباريات الدور الأول من منافسات بطولة كأس العراق لكرة الصالات 2025 - 2026.
وقالت اللجنة، إن "المنافسات ستنطلق يوم الاثنين المقبل الموافق 17 تشرين الثاني بإقامة سبع مواجهات في قاعات بغداد والمحافظات العراقية".
وفي المباريات يتواجه فريق الجنوب مع ضيفه فريق الدفاع الجوي في قاعة بلدية البصرة، بينما يلاقي فريق الجيش ضيفه فريق بلدية البصرة في قاعة نادي الجيش ببغداد.
في حين يواجه فريق نفط الوسط ضيفه فريق الكهرباء بقاعة نادي التضامن في النجف، وفي قاعة نادي الشباب في بغداد يستضيف فريق أمانة بغداد فريق آليات الشرطة، بينما يواجه فريق الشرقية في قاعة الشهيد ميثم بالكوت ضيفه فريق القوة الجوية.
أما فريق الكاظمية، سيستضيف فريق ديالى في قاعة نادي الأعظمية، وأخيراً يواجه فريق الشباب البصري ضيفه فريق المصافي في قاعة بلدية البصرة.
*********************************************
نادي الزوراء يستأنف ضد عقوبات الاتحاد الآسيوي
بغداد – طريق الشعب
وجهت إدارة نادي الزوراء رداً رسمياً إلى الاتحادين الآسيوي والسعودي شرحت فيه موقف النادي من التصرفات غير المسؤولة التي صدرت من بعض من وصفتهم بـ "المحسوبين على جماهير النادي" والتي تضمنت الإساءة إلى لاعب نادي النصر السعودي ساديو ماني خلال المباراة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى صدور عقوبات مالية وانضباطية من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بحق النادي.
وأكدت اتخاذها إجراءات فورية بحق الأشخاص المسيئين وذلك من خلال إبلاغ الجهات الأمنية واتحاد كرة القدم العراقي لاتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة بحقهم.
وأكدت الإدارة، في بيان، أن "هذه الأفعال لا تمثل جمهور الزوراء الحقيقي والمعروف بانضباطه والتزامه وسلوكه الرياضي الرفيع"، مشددةً على أن "من قام بهذه التصرفات هم أفراد محدودون ومندسون لا يعكسون الصورة الحقيقية لجماهير النادي الكبيرة".
كما أوضحت الإدارة أنها باشرت رسمياً بإجراءات الاستئناف ضد العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الآسيوي بهدف السعي إلى إلغائها، معتبرة أن "النادي لا ينبغي أن يتحمل نتائج تصرفات فردية لا تمت بصلة إلى قيمه أو سلوكه المؤسسي أو جماهيره الواعية".
وشددت الهيئة الإدارية على أن "نادي الزوراء سيواصل التزامه بالروح الرياضية واحترام لوائح البطولات"، موضحة أن "جماهير الزوراء ستظل مثالاً للالتزام والانضباط وأن الإدارة مستمرة في حماية سمعة النادي وتاريخه في جميع المحافل".
*********************************************
وقفة رياضية.. نادي القاسم.. بين صراع الأقوياء ومغادرة الميدان
منعم جابر
نادي القاسم كان أحد المنافسين الأقوياء حيث قدم نفسه وبقوة في الساحة الكروية ممثلاً لمحافظة بابل وكان مرعباً للفرق الكبيرة وخاصة في ملعبه، وكان راعياً لمجموعة من لاعبي ومبدعي إحدى اقضية المحافظة (قضاء القاسم) وقدم نفسه بقوة بين الكبار إلا انه اليوم يعيش أياماً عصيبة وقاسية بسبب أوضاعه المالية وضعف امكانياته وفشله في الحصول على المساعدات والدعم المالي مع متطلباته (لعالم الاحتراف) وهذا ما لا تستطيع الأندية الفقيرة ان تقاوم في عالم الاحتراف فكيف الحال لناد في قضاء بسيط في محافظة بابل ولا مكان له بين الأندية الكبيرة ومحاولاته وأدواره المتميزة والبارزة امام اندية بغداد وجهوده مع الأندية الكبيرة وصمد امامها لسنوات طويلة وقدم نفسه بقوة وبثبات امامها وصراعه معها وتشبثه بقوة في أماكن الاطمئنان وقبوله بالمنافسة الشريفة والعادلة ولكنه لا يمكن ان يصمد في دوري نجوم العراق أمام العمالقة و (الأغنياء) وهو لا يمتلك أيا من شروط هذه الأندية سوى الاسم فقط. بينما الشروط الأخرى لا تتوفر وحتى بالحد الأدنى، فهو ناد أهلي وفي قضاء (منسي) ومغمور وليس فيه لا عبين كبار وحتى المحترفين لا يعرفون هذا النادي وأين يقع ومن يلعب له ومن هي الجهات الداعمة وأين المدينة التي ينتمي اليها وهذا الأمر يتطلب منا كإعلام ان نقدم لهذا النادي الكادح والفقير كل اشكال الدعم والاسناد ليستطيع ان يصمد بوجه الكبار وأن يمثل وبشرف محافظته (بابل) التي كانت في يوم من الأيام (أم الدنيا) وقبلة الحضارات الإنسانية، اما أن نقدمه كناد بائس وفقير وبحاجة إلى الدعم والاسناد ونحكم عليه بالضياع والخسران وهو النادي الرياضي الذي جاء بهذا الزمان (الحزين) والبائس مما وضعه في صراع مع الأندية الغنية التي تعود إلى مؤسسات معروفة فيما (نادي القاسم) هذا لا يتمكن ان يرتب حاله ويقدم نفسه واحداً من الأندية (المحافظاتية) التي تعتمد على مؤسسة حكومية قادرة على قيادته والانتقال به إلى الشاطئ الثاني. وهنا اناشد الحكومة المحلية في محافظة بابل ان تعيد البسمة إلى أبناء المحافظة العزيزة بابل وأن تساهم في دعم هذا النادي وتنشيط ادارته وفعاليته وتوفير الحد الأدنى من الدعم والاسناد لهذا النادي النموذجي الذي يمثل مدينة صغيرة (قضاء القاسم)، وأيضاً أناشد الحكومة المحلية في قضاء القاسم وابناءها الغيارى بدون تحيز أن يهبوا لدعم هذا النادي (الناشئ) وتقديم المساعدة لكل اندية المحافظة من أجل ايقافها على قدميها والانطلاق نحو آفاق المستقبل المشرق، وهذا الحال يشبه الكثير من الأندية الرياضية التي تنشط في المدن والمحافظات بلا دعم ولا اسناد مثل نادي الغراف الذي حل ضيفاً جديداً على أندية المحترفين وكذلك نادي الموصل الذي حل هو الآخر ضيفاً على أندية الكبار والمحترفين والذي نجده يمر بظروف ضعيفة، وهنا أناشد الجهات المختصة في رئاسة الوزراء أن يوجهوا جهودهم نحو الأندية الضعيفة والأهلية وأن يقدموا لها الدعم المطلوب لرفع قدراتها في انقاذ احوالها وزيادة قدرتها. اما إذا تعذر ذلك فأرجو من هذه الأندية أن تفتح أبوابها للاستثمار لان لا حل الا بالاحتراف وفتح الأبواب أمام الأندية لتوفير الظروف من اجل البحث عن مصادر للاستثمار وفتح أبواب الرياضة (للاحتراف) وإنقاذ انديتها من العوز والحاجة لان المستقبل اليوم وغداً هو للاحتراف وهناك الكثير من الأندية التي هي بحاجة إلى نظام الاحتراف وإنقاذ الأندية من الفشل بسبب حاجتها إلى الأموال. وعجز الحكومة أن توفر لها الأموال الإضافية لترتيب وضعها الرياضي.
إن المعالجة الحقيقية لهذه الأندية الرياضية بقانون لتنظيم الاحتراف والسعي لإصداره لتنظيم الحياة الرياضية في الأندية وانتخاب مجالس لإداراتها وتنظيم عمل اداراتها. وإسناد مهمة قيادة هذه الأندية لرياضيين لإدارتها وتقديم الدعم والاسناد لهذه الأندية لحين تقدم بعض الإدارات المتمكنة ممن يمثلونها والاستثمار فيها كأندية محترفة تتوفر لديها ميزانيات وامكانيات لغرض ادامة عملها وتنشيط رياضتها. اما محاولة العيش بدون دعم ولا إسناد وخاصة لتلك الأندية التي تعيش (على الماء المقطر) فإنها بلا شك ستخفق وتفشل ولا تقاوم في عالم الاحتراف ولا المحترفين. وهناك إمكانية لأندية تضم الرياضيين من الهواة وممارسي الألعاب وتكون بحاجة إلى الدعم الحكومي والمعونات التي تساهم في نجاحها وهي الأندية الشعبية.
**********************************************
الصفحة العاشرة
إنجلز وعكسه للقضية الهيغلية: كل ما هو عقلي متحقق بالفعل، وما هو متحقق بالفعل عقلي
ربيع ديركي
يرتبط، في النظرية المادية العلمية، النظري مع السياسي في عملية واحدة تميز الديالكتيك المادي الماركسي من الديالكتيك المثالي، سواء أكان عند هيغل أم كنط أم غيرهما من الفلاسفة المثاليين، ويظهر فيه كيف أن المثالية تفرّغ الديالكتيك من مضمونه الثوري وتسهم في تكريس الواقع وما فيه من استغلال طبقي لتأبيد سيطرة الطبقة البرجوازية الحاكمة ونمط إنتاجها الرأسمالي. من تجليات ذلك تحليل إنجلز (1820- 1895) النقدي لقضية هيغل (1770- 1831) الشهيرة في كتابه “أصول فلسفة الحق”، بتحديده “ان اية موضوعة فلسفية لم تستدع اعتراف الحكومات القصيرة البصر وغضب الليبراليين الذين ليسوا أقل قصر بصر، بقدر ما استدعته موضوعة هيغل الشهيرة القائلة: ”كل ما هو واقع معقول، وكل ما هو معقول واقع“”(1) وما مثلته من سند أيديولوجي لدولة البرجوازية البروسية التي رأى فيها هيغل “تحقق الروح، الفكرة” المطلق. يلاحظ إمام عبد الفتاح إمام أن إنجلز قد عكس القضية الهيغيلية، التي هي “إن كل ما هو عقلي متحقق بالفعل، وما هو متحقق بالفعل عقلي”،(2) فهيغل “لم يقل ”ما هو موجود أو ما هو واقعي أو متحقق بالفعلي عقلي“ بل قال: ”إن ما هو عقلي متحقق“ أي إن ما هو عقلي لا بد أن يتحقق بالفعل، وبالتالي يصبح الجزء الثاني من القضية نتيجة مترتبة على الجزء الأول. لكن القضية الهيجيلية شاعت معكوسة؛ وكان انجلز هو الذي عكس هذه القضية وأشاعها في دراسته الشهيرة ”لودفيج فويرباخ ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية“ بحيث تصبح ”كل ما هو موجود عقلي، وما هو عقلي موجود بالفعل“ علماً بأن المتحقق بالفعل عبارة عن مركب الماهية والوجود”. (3)
في القراءة السريعة لعكس إنجلز القضية الهيغيلية نهدف، فقط، إلى تسليط الضوء على المنهجية المادية العلمية التي من خلالها قرأ إنجلز القضية الهيغيلية ليعطي مفهومه المادي العلمي لعلاقة النظري بالواقع المعيش، وسمة المفهوم المادي للديالكتيك، لمضاعفة التمييز بين ديالكتيكين، مادي ومثالي.
منهجية إنجلز في عكسه لقضية هيغل
ملاحظة إمام عبد الفتاح إمام بأن إنجلز قد عكس قضية هيغل دقيقة، وهنا نرى أن إنجلز في عكسه لقضية هيغل أضاء، في جزء من تحليله النقدي، على منهجية هيغل الديالكتيكية المثالية وحركتها التي تنطلق فيها من الوقوف على الرأس وليس على القدمين وما تقود إليه، من منهجية تحقق “الفكرة المطلقة”، وهي منهجية تنقضها المنهجية المادية الديالكتيكية وتوقفها على قدميها. فقضية هيغل بتحديد إنجلز هي أنها “كانت، في الظاهر، تبريراً لكل ما هو موجود، كانت بركة فلسفية للاستبداد. هكذا فكر فريدريك ولهلم الثالث؛ هكذا فكر رعاياه. ولكن كل ما هو موجود، ليس على الاطلاق عند هيغل، واقعاً من كل بد. فان ما يميز الواقع لا يطبق عنده إلا على ما هو ضروري في الوقت نفسه. ”الواقع في تطوره يتكشف ضرورة“. وموضوعة هيغل المطبقة على الدولة البروسية القائمة في ذلك الوقت لا تعني، بالتالي، إلا ما يلي: إن هذه الدولة معقولة وتناسب العقل، بقدر ما هي ضرورية. واذا كانت مع ذلك، في نظرنا، فاسدة، ولكنها تستمر في الوجود، بالرغم من فسادها، ففساد الحكومة يجد تبريراً وتفسيراً في فساد الرعايا. فان البروسيين في ذلك العهد كانت لهم حكومة يستحقونها”.(4)
يكمل إنجلز في تحليله النقدي لقضية هيغل، بحسب ما أوردها، بأن الواقع تبعاً لهيغل ليس صفة تلازم في جميع الظروف نظاماً اجتماعياً أو سياسياً معيناً، ففي مجرى التطور كل ما كان واقعاً في ما مضى يصبح غير واقع، يفقد ضرورته وحقه في الوجود، وصفته المعقولة ليحل مكانه الواقع الجديد “وهكذا، تتحول قضية هيغل هذه، بفضل الديالكتيك الهيغلي نفسه، الى نقيضها: فكل ما هو واقع في مجال التاريخ الانساني يغدو مع مرور الزمن منافياً للعقل، فهو اذن في طبيعته بالذات غير معقول، مطبوع مسبقاً بخاتم اللا عقلية؛ وكل ما هو معقول في رؤوس الناس، محكوم عليه بأن يغدو واقعاً مهما كان مناقضاً للواقع المتصوَّر القائم. فالموضوعة التي تقول بأن كل ما هو واقع، هو معقول، تتحول وفقاً لجميع قواعد طريقة التفكير الهيغيلية، الى موضوعة أخرى، هي أن كل ما هو قائم يستحق الزوال”.(5) في التحليل النقدي لقضية هيغل كما أوردها إنجلز نقع على إبرازه للأهمية الحقيقية والثورية للفلسفة الديالكتيكية التي تكمن في أنه وضع حداً نهائياً لكل تصور عن الطابع النهائي لنتائج فكر الإنسان وفعله، فليس عليه البقاء في تأمل الحقيقة المطلقة التي حصل عليها، والأمر نفسه بالنسبة للنشاط العملي ولمجرى التاريخ الذي “شأنه شأن المعرفة، لن يكتمل نهائياً في وضع مثالي كامل للانسانية؛ ان المجتمع الكامل و”الدولة“ الكاملة إنما هما شيئان لا يمكن لهما وجود الا في المخيلة. بل الامر على النقيض من ذلك، فان جميع النظم الاجتماعية التي تتعاقب في التاريخ ليست سوى مراحل موقتة لتطور المجتمع الانساني، الذي لا نهاية له، من درجة دنيا الى درجة عليا. فكل درجة ضرورية، ويبررها بالتالي العصر والظروف التي ترجع اليها بنشأتها، ولكنها تغدو زائلة لا يبررها شيء ازاء ظروف جديدة، ارقى تتطور شيئاً فشيئاً في أحشائها بالذات . وكما ان البرجوازية تحطم عملياً، بواسطة الصناعة الكبيرة، والمزاحمة، والسوق العالمية، كل المؤسسات القديمة المثبتة التي قدستها العصور، كذلك تحطم هذه الفلسفة الديالكتيكية جميع التصورات عن الحقيقة المطلقة النهائية، وعن اوضاع الانسانية المطلقة المناسبة لها”(6) وممَّا يدل على راهنية التحليل المادي العلمي لآلية تطور الرأسمالية وتوسعها الاستعماري ما نعيشه من استمرار النظام الرأسمالي العالمي بتحطيم المؤسسات القديمة للسيطرة على العالم وللخروج من أزمته البنيوية من خلال إشعال الحروب لإعادة اقتسام الأسواق والهيمنة عليها وعلى طرق المواصلات العالمية. كما أن تاريخ الإنسانية في ضوء المنهج الديالكتيكي المادي بتحديد إنجلز ليس حركة صاعدة وحسب بل أيضاً حركة نازلة ولا يمكن ان نطلب، بحسب إنجلز، من فلسفة هيغل ان تهتم بهذه القضية التي لم تضعها بعد العلوم الطبيعية المعاصرة لها في جدول الأعمال.
إن عكس إنجلز للقضية الهيغيلية الشهيرة في كتابه “أصول فلسفة الحق” عرض من خلاله النتائج والآراء التي توصل إليها من خلال عملية العكس، التي تختلف عن أس منهجية هيغل، الديالكتيكية المثالية وفصلها عن الميدان العملي (الممارسة، البراكسيس)، وهي آراء لم يتمكن هيغل أن يبينها بالوضوح الذي بينه إنجلز لأنها “نتيجة تقود اليها طريقته حتماً، ولكنه هو نفسه لم يستخلصها ابداً بمثل هذا الوضوح لسبب بسيط هو انه اضطر الى بناء منهج، ومنهج فلسفي كان لا بدّ له تبعاً للتقليد الناشئ منذ القدم، ان ينتهي بهذه الحقيقة المطلقة أو تلك ولكن هذا يعني ان كل ما هو عقائدي جامد في منهج هيغل يُعلَن الحقيقة المطلقة، وهذا ما يناقض طريقته الديالكتيكية التي تنسف كل ما هو عقائدي جامد. وهذا يعني خنق الجانب الثوري بضغط الجانب المحافظ المتضخم الى ما لا نهاية له، لا في ميدان المعرفة الفلسفية وحسب، بل أيضاً في مجال النشاط التاريخي. فالانسانية التي توصلت بشخص هيغل الى الفكرة المطلقة، كان ينبغي عليها ان تتقدم في الميدان العملي ايضاً الى درجة تستطيع معها ان تحقق هذه الفكرة المطلقة. وهذا يعني انه لم يكن يترتب على الفكرة المطلقة ان تقدم لمعاصريها متطلبات سياسية كبيرة جداً”.(7)
بين مفهومين للتاريخ والفلسفة
على النقيض من مفهوم هيغل للتاريخ وللفلسفة، فإن مفهومهما المادي العلمي غير المنفصل، ديالكتيكياً، عن مهمتهما ينطلق من الواقع المعيش وتناقضاته المادية، بالارتباط بالممارسة من أجل تغييره. تحديد يشكل أحد ركائز نقد، ونقض، الديالكتيك المثالي، فعلى الرَّغم من عدم وجود حقيقة مطلقة في المنهجية الديالكتيكية العامة، بناء على السيرورات التاريخية وصراع الأضداد إلّا أن هيغل بديالكتيكيه المثالي أوقف السيرورة التاريخية والتقدم والتطور بحرصه “على اختتام التاريخ البشري بـ ”الفكرة المطلقة“ وهو الحد الذي تجاوزه الهيغيليون الشباب”. (8) لذلك فإن قراءة إنجلز للقضية الهيغيلية، القائمة على نقده لديالكتيك هيغل، توضح كيف يتم تغييب الواقع وتطوره وجعله يقف على رأسه ليلائم “الفكرة”، “الروح”، التي وجد هيغل تجسدها في الدولة البروسية، قضية تقود إلى نهاية التاريخ – أعاد تكرارها فرانسيس فوكوياما- بتعرف الإنسانية على “الفكرة المطلقة” الهيغيلية وتحققها في ملكية فريدريك فلهلم الثالث، هكذا منهجية منفصلة عن الواقع وفهمه وعن الپراكسيس الثوري، وبحكم منهجيتها الداخلية “تفسر بصورة كاملة كيف أن طريقة للتفكير ثورية لاقصى حد، قد أفضت الى استنتاج سياسي سلمي جداً”.(9) هنا التمييز بين مفهومين نقيضين للديالكتيك، المثالي والمادي العلمي، يوقف الديالكتيك على قدميه ليكون أداة من أدوات النضال في أجل التغيير، انطلاقاً من قاعدة رئيسة في المنهجية الماركسية، أضاء عليها لينين، هي تمييز كونية القوانين العامة للماركسية، النابعة من الواقع وتناقضاته ومرحلة تطوره التاريخية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر ومراجع:
(1)- انجلس، فريدريك، لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية، دار التقدم، موسكو، لا.ط، لا.ت. ص. 7
(2)- هيجل، أصول فلسفة الحق، المجلد الأول، ترجمة وتقديم وتعليق إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، ط 2، 1983، ص. 86.
(3) – المرجع نفسه، والصفحة نفسها، هامش رقم 41.
(4)-انجلس فريدريك، لودفيغ فورباخ…، مصدر سابق، ص.ص.7-8.
(5)- المصدر نفسه، ص.ص.8-9.
(6)- المصدر نفسه، ص.ص. 9- 10.
(7)- المصدر نفسه، ص. ص11-12.
(8)- هوبزباوم، إريك، عصر الثورة (1789 -1848)، ترجمة فايز الصُيّاغ، تقديم مصطفى الحمارنة، مركز دراسات الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة، ط2، 2008، ص. 463.
(9)- انجلس فريدريك، لودفيغ فورباخ…، مصدر سابق، ص. 12.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منصة "تقدم" – 20 تشرين الأول 2025
*******************************************
أليسا باتيستوني: هكذا فتكت الرأسمالية بالطبيعة.. وبحريتنا!
سعيد محمد
تقدم المفكرة اليسارية الأميركية نقداً مادياً ووجودياً للنظام الرأسمالي الذي يتعامل بنيوياً مع الطبيعة كـ «هبة مجانية» لأنها خارج علاقة الأجر، مقوّضاً حريتنا الجماعية في إدارة علاقتنا بالكوكب.
في لحظة تأزم تاريخي غير مسبوق، تتقاطع فيها أزمات الرأسمالية المتأخرة مع انهيار بيئي وشيك، يأتي كتاب «الهبات المجانية: الرأسمالية وسياسة الطبيعة» (منشورات جامعة برينستون) لأليسا باتيستوني، الأكاديمية والناشطة وأحد أبرز الأصوات في اليسار الأميركي الجديد، ليطرح تحليلاً مادياً عميقاً لعلاقة رأس المال بالطبيعة، لا بوصفها مجرد ضحية للجشع، بل كجزء بنيوي من منطق التراكم ذاته.
يقلب الكتاب الجدل البيئي التقليدي رأساً على عقب. بدلاً من الاستنكار في حيرة أخلاقية (لماذا لا ينبغي تسليع الطبيعة؟)، يطرح سؤالاً أكثر جذرية: «لماذا فشلت الرأسمالية، التي تسعى إلى تحويل كل شيء إلى سلعة، في تسليع أجزاء حيوية من الطبيعة؟».
الإجابة التي تقدمها باتيستوني، مرتكزة على إعادة قراءة خلاقة لنقد ماركس للاقتصاد السياسي، تكمن في مفهوم «الهبة المجانية». هذه ليست «هبة» بالمعنى اللاهوتي أو الأنثروبولوجي، بل شكل اجتماعي رأسمالي بامتياز. «الهبة المجانية» هي الطبيعة التي تُعامل على أنها بلا تكلفة، وبقيمة تبادلية تساوي صفراً، ليس بسبب خطأ محاسبي أو عمى أيديولوجي، بل لأنها تقع بنيوياً خارج علاقة العمل المأجور التي تشكل نواة إنتاج القيمة في الرأسمالية.
مركزية الأجر الأنثروبولوجية وتجريد الطبيعة
في قلب تحليلها، تضع باتيستوني ما تسميه «مركزية الأجر الأنثروبولوجية». ففي ظل الرأسمالية، الكائن البشري هو الوحيد القادر على بيع «قوة عمله» كسلعة منفصلة عن شخصه مقابل أجر. هذه العلاقة الفريدة تجعل من العمل البشري المصدر الوحيد للقيمة التبادلية. أما كل «العمل» الآخر الذي تقوم به الكائنات والعمليات غير البشرية — من تلقيح النحل للمحاصيل، إلى قدرة المحيطات على امتصاص الكربون، إلى خصوبة التربة —، فيُعامل على أنه بلا أجر، وبالتالي بلا قيمة في السوق. إنه يقدم قيمة استعمالية هائلة، ولكن قيمته التبادلية صفر.
ولتوضيح كيف أصبح هذا التعامل أمراً واقعاً، تستعير باتيستوني مفهوم «التجريد الواقعي» من الفيلسوف ألفرد زون-ريتل، مؤكدة أن معاملتنا للطبيعة كـ«هبة مجانية» ليس مجرد فكرة في رؤوسنا، بل هو ممارسة اجتماعية تتجسد في كل عملية تبادل. عندما نشتري بنطال جينز مثلاً، فإننا، وبشكل غير واعٍ، نقيم عمل المزارع والخياط، ولكننا نقيّم عمل الشمس والماء والتربة الذي أسهم في إنتاجه بـ«صفر». هذه ليست أيديولوجيا مفروضة، بقدر ما هي النتيجة المادية لنظام قائم على التبادل السلعي والعمل المأجور.
من المصنع إلى المحيط الحيوي: تشريح الهبة المجانية
تتجلى قوة كتاب باتيستوني في قدرتها على تتبع هذا المفهوم المحوري عبر مجالات مختلفة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية. ففي المصنع، تُظهر كيف يستغل رأس المال «هبتين مجانيتين»: قوى الطبيعة المروضة عبر الآلات، وهبة التعاون البشري التي تزيد الإنتاجية من دون كلفة إضافية.
لكنها تشير أيضاً إلى أن رأس المال يتخلى عن السيطرة المباشرة على القطاعات «القائمة على الطبيعة» (كالزراعة وصيد الأسماك) التي تقاوم الترشيد، مكتفياً بالهيمنة عليها تجارياً. وفي البيئة، تقدم قراءة نقدية لمفهوم «الآثار الخارجية»، حيث لا يعود التلوث مجرد «أثر جانبي»، بل هو الوجه الآخر للهبة المجانية: «مادة فائضة» بقيمة استعمالية سلبية، تفرض الرأسمالية تكاليفها الصحية والبيئية على أجساد العمال وبيئاتهم دون مقابل.
أما في المنزل، فتخوض باتيستوني حواراً نقدياً مع النسوية الماركسية، وتحديداً أطروحة سيلفيا فيديريتشي، لتقدم تفسيراً مادياً لتجاهل قيمة العمل المنزلي. فبدلاً من التفسير الأيديولوجي، ترى أن هذا العمل يقاوم بطبيعته زيادة الإنتاجية والأتمتة، ما يجعله غير مربح، فيتخلى عنه رأس المال ليتم أداؤه مجاناً. وأخيراً، في المحيط الحيوي، تنتقد محاولات تسعير «رأس المال الطبيعي»، موضحة أن الفشل في تحويل خدمات النظم البيئية إلى سلع يعود إلى استحالة «تسييجها» مادياً، ما يجعل رأس المال يتخلى عن مسؤولية الحفاظ عليها.
الحرية الملتبسة في مواجهة الرأسمالية
لكن ما الخطأ في كل هذا؟ هنا، يتخذ الكتاب منعطفاً فلسفياً جريئاً. بدلاً من الاكتفاء بنقد الاستغلال أو التدمير البيئي، تجادل باتيستوني بأن المشكلة الجوهرية في الرأسمالية هي أنها تحدّ من حريتنا الإنسانية، التي تعرفها بالاستناد إلى الفلسفة الوجودية لسارتر وسيمون دو بوفوار، بوصفها «إمكانية أن نختار أن نكون شيئاً آخر غير ما نحن عليه، وأن نتحمل مسؤولية قراراتنا».
تقوض الرأسمالية هذه الحرية عبر آليتين: «حكم الطبقة»، الذي يمنح قلة من الناس سلطة تشكيل عالمنا المادي عبر قرارات الاستثمار الخاصة بهم، و«حكم السوق»، الذي يجبرنا جميعاً على اتخاذ قرارات تتماشى مع منطق الربح التنافسي، بغض النظر عن قيمنا الأخلاقية. نحن مجبرون على معاملة الطبيعة كـ«هبة مجانية»، ليس لأننا أشرار، بل لأن بنية النظام لا تترك لنا خياراً آخر.
هذه «الوجودية المادية» التي تطورها باتيستوني تقدم نقداً يتجاوز الاستغلال الاقتصادي البحت، ليلامس أعمق مستويات الاغتراب: اغترابنا عن قدرتنا الجماعية على تقييم عالمنا وتحديد شكل علاقاتنا مع الكائنات غير البشرية بوعي ومسؤولية. إنها دعوة لاستعادة السياسة كفعل واعٍ لـ«صناعة الكوكب» بدلاً من ترك هذه المهمة للقوى العمياء للسوق ورأس المال.
سلاح نظري لمعركة العصر
يقدم كتاب «الهبات المجانية» مساهمة فكرية استثنائية في زمن الأزمات، ويسلّحنا بفهم أعمق لمنطق الرأسمالية في عصر الأنثروبوسين، كاشفاً أن تدمير البيئة ليس مجرد «كلفة» خارجية، بل نتيجة مباشرة للطريقة التي تنتج بها الرأسمالية القيمة عبر تجاهل كل ما لا يمكن إخضاعه لعلاقة الأجر. قد يرى بعضهم أن استنادها إلى الوجودية يمثل ابتعاداً عن الماركسية التقليدية، ولكنه في الحقيقة إغناء لها، فباتيستوني لا تتخلى عن التحليل الطبقي، بل تعمّقه عبر استكشاف أبعاد الحرية والمسؤولية الجماعية التي دائماً ما كانت في صلب المشروع الاشتراكي.
إن كتاب باتيستوني ليس مجرد إضافة أكاديمية، بل هو أداة فكرية ضرورية لكل من يسعى إلى تفسير العالم الذي تلتهمه الرأسمالية، ويأمل بتغييره نحو مستقبل تسوده حرية حقيقية ومسؤولة تجاه كوكبنا والكائنات التي نتشارك معها هذا الوجود الهش.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الأخبار" اللبنانية – 4 تشرين الأول 2925
********************************************
الصفحة الحادية عشر
أليف شافاك تروي إبادة الإيزيديين
تختار الروائية التركية أليف شافاك أن تتناول في روايتها الجديدة "هناك أنهار في السماء"، ثلاث شخصيات بقصصها المختلفة مع ما يرافق كلاً منها من أحداث وعقبات وفضاءات.
نحن أمام رواية متأرجحة بين نينوى في أربعينيات القرن السابع قبل الميلاد ولندن في القرن التاسع عشر وواقع الشرق والعالم الغربي في القرن 21. هذه الرواية الصادرة بالإنجليزية عام 2024 ثم بالعربية عام 2025 (دار الآداب، ترجمة أحمد حسن المعيني) تتناول قصصاً وأزمنة وأمكنة مختلفة جامعة خيط السرد بقطرة ماء واحدة، تحرك السرد وتوجهه وتبدأه وتنهيه وتسيطر عليه في كل مراحله.
انها مزيج من التاريخ والأسطورة والقضايا الإنسانية الشائكة. من ملحمة جلجامش وصولاً إلى إبادة أتباع الديانة الإيزيدية عام 2014 وما بين التاريخين من إبادات ومجازر تعرض لها الإيزيديون.
*******************************************
الديمقراطية المعلقة: كيف فسر فالح عبدالجبار المجتمع العراقي؟
د. سعد سلوم
أقدّم في هذا المقال قراءة لمشروع فالح عبد الجبار، احتفاءً باختياره شخصية مهرجان طريق الشعب لعام 2025، مركّزًا على إسهاماته في فهم بنية الدولة والمجتمع المدني، وطبيعة العنف والاستبداد في العراق، بوصفها مفاتيح أساسية لتحليل التحولات السياسية والاجتماعية في البلاد، وفهم ما يمكن تسميته "الديمقراطية المعلقة". هذه الحالة ليست ديمقراطية مستحيلة ولا ديمقراطية ممكنة كما ناقش عبد الجبار في دراسته: الديمقراطية المستحيلة – الديمقراطية الممكنة: نموذج العراق (1998)، بل هي وضع يُنجز فيه الانتقال الديمقراطي شكليًا من خلال انتخابات ودساتير، لكنه يظل مقيدًا بهشاشة المؤسسات، وسيطرة الولاءات الطائفية والعشائرية، وضعف المجتمع المدني، ما يمنع تحقيق الإصلاح الحقيقي وحماية الحقوق والمواطَنة.
هذه القراءة لا تكتفي بتسليط الضوء على أطروحاته فحسب، بل تربط بين رؤيته ومشروع علي الوردي، لتقديم صورة شاملة للمجتمع العراقي من الفرد إلى الدولة، ومن الثقافة والوعي إلى المؤسسات والهويات المتعددة. في هذا السياق، يصبح من الضروري وضع عبد الجبار إلى جانب علي الوردي، عالم الاجتماع الأكثر شهرة في العراق، الذي حظي بجمهور واسع من القرّاء والباحثين، بينما لم ينل عبد الجبار نفس الانتشار الجماهيري، رغم أن رؤيته تمتاز بالعمق التحليلي وقدرتها على تفكيك البنى الاجتماعية والسياسية بطريقة لم يغُطّها الوردي بنفس التفصيل. يقدّم مشروع عبد الجبار قراءة مركّبة للعلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، ويكشف كيف أن العنف والاستبداد ليسا مجرد ظواهر سطحية أو طارئة، بل هما متجذّران في البنية المؤسسية والسياسية نفسها، وفي الطريقة التي تُدار بها الدولة، وتُوزّع السلطة والثروة، ويُتشكّل فيها فضاء المواطَنة. بالمقابل، ركّز الوردي على الإنسان الفرد والثقافة، محللاً التناقضات الداخلية والازدواج القيمي الذي يفرزه التحوّل بين البداوة والحضارة. بهذا المعنى، يمكن القول إن الوردي يُعنى بالضمير الجمعي، بينما عبد الجبار يُعنى بالعقل النقدي والسياسة المؤسسية، ليشكّل الجمع بينهما رؤية متكاملة لفهم العراق من الداخل والخارج، من الفرد إلى الدولة، ومن الثقافة إلى السياسة. وفي إطار هذه المقارنة، تسمح لنا هذه القراءة، باستعارة الخيال الاجتماعي والسياسي، لتخيل ما كان يمكن أن يقوله كل منهما لو عاشا اليوم، وما كانت ستكون وصيتهما للمجتمع العراقي في زمن التحولات المعقدة: الوردي، مفسرًا التناقضات الداخلية للوعي الجمعي، وعبد الجبار، مفككًا آليات العنف البنيوي وسياسات الدولة، معًا يشكّلان مشروعًا معرفيًا يربط بين الثقافة والسياسة، بين الإنسان والدولة، بين النظرية والممارسة، ويقدّم نموذجًا للفكر الاجتماعي والسياسي العراقي المعاصر.
الدولة والمجتمع المدني والعنف في رؤية عبد الجبار
ينظر فالح عبد الجبار إلى الدولة والمجتمع المدني والهوية والعنف كعناصر مترابطة لا يمكن فهم التحولات العراقية الحديثة دونها. في كتابه "الدولة: اللّوياثان الجديد"، يصوّر الدولة العراقية كنمط يشبه "اللّوياثان"، حيث تبتلع المجتمع بدل أن تبنيه، من خلال تركيز السلطة، اقتصاد الريع، والسيطرة البيروقراطية، ما أضعف المجتمع المدني ومؤسساته الوسيطة مثل النقابات والجمعيات، وأدى إلى تفكك الهويات الاجتماعية وارتفاع العنف البنيوي. ويمكن رؤية هذا النمط التاريخي في تجربة الدولة الشمولية في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، حين سيطرت أجهزة الأمن والبيروقراطية على النقابات والجمعيات المهنية والثقافية، وقيّدت النشاطات المستقلة، ما أفرغ المجتمع المدني من قدرته على التنظيم الذاتي وحماية مصالح المواطنين. يتقاطع هذا الطرح مع ما ورد في كتابه "اللادولة"، حيث يصف الواقع العراقي بعد عام 2003 بأنه مرحلة تفكك مؤسسات الدولة وضعف المجتمع المدني، مع تصاعد الانقسامات الطائفية والعرقية، في حين يواصل المجتمع المحلي إعادة إنتاج ذاته عبر الممارسات الثقافية والدينية. الدولة ليست جهازًا محايدًا، بل قوة تنتج أحيانًا البنى الاجتماعية والسياسية وأحيانًا تهدم المجتمع المدني، كما ظهر خلال الحكم الشمولي السابق، وهو ما يفسّر ظهور فراغ مؤسسي سمح بتنامي الفصائل المسلحة والصراعات المحلية على النفوذ. أما في كتابه "العمامة والأفندي"، فيركز على تحليل البنية الداخلية للحركة الشيعية، ويبيّن أن الشيعة ليسوا كتلة موحدة، بل مجموعة من جماعات متعددة تختلف بحسب المدن والعشائر والطبقات، وليس فقط وفق المرجعية الطائفية أو الدينية. هذه البنية المعقدة تتكرر في بنية المجتمع العراقي الأوسع، حيث تتشكل الهوية عبر طبقات متداخلة من مؤسسات، مدن، وعشائر، وليس فقط من الانتماء الديني أو الطائفي، وهو ما يجعل أي محاولة لتطبيق نموذج مركزي صارم معرضة للفشل أو لإعادة إنتاج العنف، كما شهد العراق بعد 2003 من خلال النزاعات الطائفية وتصاعد الفصائل المسلحة المحلية. ويؤكد أن المجتمع المدني الفعلي هو فضاء للمواطنين النشطين الذين يمارسون الحراك الاجتماعي والسياسي بشكل مستقل أو من خلال تفاعل حر مع الدولة. وقد تجلّى ذلك بعد 2003 في المبادرات الشبابية والثقافية والمدنية، مثل حملات الدفاع عن حقوق المرأة في بغداد والبصرة، ونشاطات منظمات المجتمع المدني في المحافظات لتعزيز التعليم المدني والمشاركة الشعبية، رغم التحديات الأمنية والسياسية، ما يوضح أن وجود مجتمع مدني قوي شرط أساسي لأي إصلاح سياسي حقيقي. كما يوضح في كتابه "الأهوال والأحوال" أن العنف ليس ظاهرة خارجية أو طارئة، بل نتاج تفاعل البنى الثقافية والاجتماعية والسياسية مع هشاشة الدولة وانقسام المجتمع المدني، إضافة إلى تمزق الثقافة وانهيار الحقول المعرفية، وهو ما يفسّر استمرار الأزمات رغم محاولات الإصلاح السياسي. ويربط بين العنف والهوية والبنية المؤسسية للدولة، موضحًا أن العنف متأصل في تركيبة السلطة، واقتصاد الريع، وغياب فضاء مدني مستقل، فيما تتشكل الهوية العراقية عبر طبقات متداخلة من مؤسسات ومدن وعشائر، وليس فقط وفق الانتماء الديني أو الطائفي. من هذا المنظور، أي محاولة لبناء الدولة أو الانتقال الديمقراطي التي تتجاهل هذه البُنى أو تغضّ النظر عن هشاشة المؤسسات، اقتصاد الريع، وسيطرة النفوذ العشائري، محكوم عليها بالفشل أو إعادة إنتاج العنف، كما شهد العراق بعد 2003. ويشير عبد الجبار في كتابه "الدولة، المجتمع المدني، والتحول الديمقراطي في العراق" الذي قدمه عالم الاجتماع المصري سعد الدين إبراهيم إلى أن التحول الديمقراطي ليس مجرد انتخابات أو صياغة دستور، بل عملية طويلة تتطلب تغييرات مؤسسية ومجتمعية متكاملة تشمل استقلال القضاء، سيادة القانون، فضاء عام نشط، مؤسسات قوية، والحدّ من اقتصاد الريع، مع مشاركة المواطنين كشركاء فاعلين في صناعة الدولة.
وبذلك، يقدم عبد الجبار إطارًا متكاملًا لفهم التحولات العراقية، موضحًا أن الإصلاح السياسي الحقيقي لا يمكن فصله عن البناء المؤسسي والاجتماعي والثقافي، وأن تجاوز العنف البنيوي يتطلب استعادة المواطَنة، تعزيز فضاء عام مستقل، وتفعيل المجتمع المدني، بحيث يصبح المواطن شريكًا فاعلًا في صناعة الدولة وليس مجرد تابع لها.
من الفرد إلى الدولة: فهم المجتمع عبر قراءة الوردي وعبد الجبار
لفهم المجتمع العراقي بشكل متكامل، لا يمكن النظر إلى الفرد بمعزل عن الدولة أو المجتمع المدني، أو تجاهل العلاقة بين الهوية والعنف السياسي. في هذا الإطار، يكمل مشروع علي الوردي مشروع فالح عبد الجبار، فكل منهما يكشف جانبًا أساسيًا من البناء الاجتماعي العراقي. علي الوردي، في أعماله مثل شخصية الفرد العراقي ووعاظ السلاطين ومهزلة العقل البشري، ركّز على الفرد وثقافته وسلوكياته، محللاً ازدواج القيم بين البداوة والحضارة، وبين الولاء القبلي والانتماء المدني. ورصد كيف تتداخل العصبية القبلية مع قيم التسامح والنظام المدني، مما يولد صراعات داخل الشخصية العراقية وتناقضات اجتماعية مستمرة. تجسدت هذه الازدواجية في التاريخ العراقي الحديث، على سبيل المثال، في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، كان الولاء القبلي والعشائري يواجه محاولات الدولة المركزية الحديثة لفرض النظام المدني والقانون، ما أدى إلى صراعات مسلحة بين القبائل وقوات الدولة. وفي العصر الراهن، تجلّت هذه التوترات خلال احتجاجات الشباب في 2011 و2015 و2019، حيث تزاوجت المطالب المدنية والاجتماعية مع رفض المحاصصة الطائفية، وبرزت الصدامات بين الولاءات التقليدية والمطالب الحديثة للديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
على الجانب الآخر، ركّز فالح عبد الجبار على الدولة وبنيتها وعلاقتها بالعنف والمجتمع المدني، موضحًا أن غياب المؤسسات الديمقراطية واستحواذ الدولة على مفاصل السلطة يؤدي إلى إعادة إنتاج العنف البنيوي والطائفية. في كتبه مثل الدولة، المجتمع المدني، والتحول الديمقراطي في العراق والعمامة والأفندي، أشار إلى أن الهوية العراقية ليست ثابتة، بل تتشكل عبر تفاعل مؤسسات الدولة، العشائر، الطوائف، والمناطق. مثال تاريخي على ذلك هو حكم الدولة الشمولية في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، حيث سيطرت الدولة على الجمعيات والنقابات والطوائف، وقلّصت مساحة النشاط المدني المستقل، ما أدى إلى تشديد العنف الاجتماعي والسياسي، كما ظهر أثناء قمع الانتفاضات الداخلية مثل الانتفاضة الشيعية عام 1991 بعد حرب الخليج. بعد 2003، تجلت هذه الصراعات في صراع القوى السياسية الجديدة على السلطة والموارد، حيث أعادت الولاءات الطائفية والعشائرية إنتاج العنف البنيوي، بينما حاول المجتمع المدني إيجاد فضاءات مستقلة من خلال مبادرات شبابية وثقافية، مثل حملات الدفاع عن حقوق المرأة، مبادرات التعليم المدني، وحملات مكافحة الفساد في بغداد والمحافظات.
عبد الجبار يرى أن التحول الديمقراطي ليس مجرد إجراء انتخابات أو صياغة دستور، بل عملية تتطلب تغييرات مؤسسية ومجتمعية متكاملة تشمل استقلال القضاء، سيادة القانون، مؤسسات قوية، فضاء عام نشط، والحدّ من اقتصاد الريع. ومن الأمثلة المعاصرة، الانتخابات العراقية الأولى بعد 2005، والتي أُجريت في ظل مؤسسات هشة وانتشار الفساد السياسي، أسفرت عن ديمقراطية شكلية دون قدرة حقيقية على حماية المواطَنة وحقوق الأفراد، وهو ما يعكس هشاشة بنية الدولة والمجتمع المدني معًا. يتجلى التكامل بين مشروع الوردي ومشروع عبد الجبار في أن الوردي يدرس الإنسان العراقي من الداخل، وعلاقاته بالثقافة والوعي، بينما عبد الجبار يدرس الدولة والمؤسسات والمجتمع المدني. معًا، يشكّلان رؤية شاملة لتحليل المجتمع العراقي من الفرد إلى الدولة، ومن الصراعات النفسية والاجتماعية إلى الصراعات المؤسسية والسياسية، ومن الثقافة إلى السياسة، موفرين أدوات لفهم التحولات العراقية التاريخية والمعاصرة، والتحديات التي تواجه بناء الدولة والمجتمع المدني المستقل. إن الوردي يمثل ضمير المجتمع العراقي، الذي يكشف التناقضات الداخلية للإنسان ويعالج القيم، بينما عبد الجبار يمثل العقل النقدي الذي يسعى لإعادة صياغة العلاقة بين المواطن والدولة على أسس عقلانية ومدنية. وفي فهم العنف، يرى الوردي أنه نابع من ازدواج القيم داخل الفرد، بين التسامح والعدوان، بين الطاعة والتمرد، بينما عبد الجبار يربطه بالبنية السياسية: الدولة الريعية تحتكر العنف لضبط المجتمع وليس لحمايته، والانقسامات الطائفية والعرقية ليست طبيعية بل نتيجة فشل مشروع الدولة الحديثة. كما يختلفان في مقاربة الدين؛ فالوردي يعالجه كمنظومة قيم تضبط السلوك، بينما عبد الجبار يجعله محورًا اجتماعيًا وسياسيًا لا ينفصل عن الظروف المادية والتاريخية، كما تجلّى في صعود أحزاب الإسلام السياسي بعد عام 2003 وتأثيرها على المجتمع المدني.
الازدواجية والقانون: دروس الوردي وعبد الجبار للعراق المعاصر
عند تصور فكر الوردي وعبد الجبار في سياق العراق بعد عام 2003، يظل تحليلهما ذا صلة وثيقة بالواقع المعقد. لو عاش الوردي اليوم، لربما كتب فصلًا جديدًا بعنوان "ازدواج ما بعد الطائفية"، حيث تحول صراع البداوة والحضارة داخل الفرد العراقي إلى صراع بين الولاء الوطني والانتماءات الطائفية أو الحزبية، بين خطاب المواطنة وممارسة المحاصصة. ولربما كتب الوردي ساخرًا عن تناقض العراقي الذي يتباهى بالحداثة والعقلانية، ويعلن تأييده للدولة المدنية أو المرشح الشيوعي النزيه، لكنه في صندوق الانتخاب يختار ويصوت لشخص من طائفته أو عشيرته، وكأن الانتخاب ليس ممارسة للمواطنة بل تمثيل للولاءات التقليدية. هذا التوصيف، المليء بالسخرية، لا يقلل من عمق التحليل، فهو يوضح كيف أن النزاعات والازدواجيات القيمية التي لاحظها الوردي على مستوى الفرد استمرت في الانتقال إلى البنية السياسية والاجتماعية بعد 2003، ما يجعل رؤيته صالحة لتحليل تعقيدات العراق المعاصر. لكنه كان ليلاحظ بعض المؤشرات الإيجابية مثل انفتاح الشباب على العالم وظهور حركات احتجاجية مدنية. أما فالح عبد الجبار، فكان سيركز على تفكيك أشكال العنف البنيوي الجديدة، مثل تشظّي السلطة بين الطوائف والأحزاب، وتسييس المجتمع المدني واحتوائه، مؤكدًا أن الديمقراطية العراقية تحققت شكليًا لكنها افتقدت مضمونها المؤسساتي. وكان سيشير بلا شك إلى ضرورة بناء دولة قانون حقيقية ومجتمع مدني قوي، وهي المطالب التي تتردد شعاراتها على ألسنة الأحزاب باستمرار، لكنها في التطبيق تُنكَر، حيث تعود الولاءات الطائفية والمصالح الضيقة لتقوّض أي محاولة لإرساء حكم القانون أو تمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم بحرية. مثال على ذلك، الانتخابات العراقية بعد عام 2005، التي أُجريت في ظل غياب مؤسسات مستقلة ومنافسة حزبية قائمة أساسًا على الولاءات المذهبية، ما أدى إلى ولادة "ديمقراطية شكلية" مصحوبة بارتفاع مستويات الفساد والانقسام الاجتماعي. بهذا التكامل بين منهجي الوردي وعبد الجبار، يمكن فهم العراق بعد 2003 من زاويتين متكاملتين: الوردي يسلط الضوء على ازدواجية الفرد والصراعات الداخلية للقيم والثقافة، فيما يعالج عبد الجبار آليات الدولة والعنف البنيوي والمجتمع المدني، موفرًا رؤية شاملة للعراق من الداخل والخارج، من الإنسان إلى المؤسسات، ومن الوعي الجمعي إلى البنية السياسية. على صعيد ما تحقق من رؤاهما، يمكن القول إن نبوءة الوردي بشأن تفاقم التناقض القيمي وضرورة إصلاح الوعي الجمعي تأكدت جزئيًا، وكذلك نبوءة عبد الجبار بشأن إعادة إنتاج الاستبداد إذا غابت المؤسسات المدنية. ومع ذلك، لم يتحقق الإصلاح الثقافي العميق الذي دعا إليه الوردي، ولم يكتمل مشروع بناء الدولة المدنية الذي بشّر به عبد الجبار، وما زال المجتمع المدني بحاجة إلى استقلال وقوة. لو تحدث الوردي اليوم، ربما كان ليقول: مشكلتكم ليست في فساد السياسيين فقط، بل في بنية التفكير الاجتماعي التي تتقبل الفساد بوصفه أمرًا طبيعيًا. أصلحوا عقولكم قبل أن تصلحوا حكّامكم، في حين كان عبد الجبار سيضيف: لا ديمقراطية بلا دولة قانون، ولا دولة قانون بلا مجتمع مدني. المجتمع الذي يخاف الحرية لا يمكن أن يحميها. وفي هذا، يتفقان على أن العراق يعيش بين وعي جديد يتشكل ودولة قديمة ترفض التجدد، وأن المجتمع العراقي يمتلك طاقة هائلة على التجدد، وأن الوعي لا يموت بل يتأخر فقط.
يمثل الوردي وفالح عبد الجبار مرحلتين متكاملتين في تاريخ الفكر الاجتماعي العراقي: الأول أسّس لعلم اجتماع الثقافة والإنسان، والثاني أسّس لعلم اجتماع الدولة والمجتمع المدني. كل منهما سعى إلى تشخيص أزمات العراق المزمنة من زاويتين مختلفتين تتكاملان في الجوهر، من الإنسان إلى الدولة، ومن الوعي إلى البنية، ومن النقد إلى الأمل، لتقدّم رؤية مستمرة نحو عراق أكثر وعيًا وعدلاً وإنسانية. ومن هذا المنظور، يمكن تخيّل وصيتهما لنا اليوم: إصلاح الذات والمجتمع المدني معًا، والمثابرة على بناء دولة عادلة، خالية من الطائفية والفساد، ووطن يحتضن العقل والضمير معًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الأصل مداخلة قدمتها في الندوة الخاصة عن فالح عبد الجبار شخصية مهرجان طريق الشعب العاشر، بتاريخ 31-10- 2025.
*********************************************
الدولة المدنية.. والغياب الثقافي
علي حسن الفواز
كلما ضعفت الدولة السياسية/ المدنية صعد نجم الدولة الأمنية والدولة الدينية، وما عاد الحديث عن الدولة المدنية واضحا سوى ما يكتبه "المثقفون" والدستوريون عن الشأن العام وعن رثاثة الطبقات، وعن السلطة التي تجعل فكرة الدولة مُهدَدة.
ضعف الدولة لا يعني وضعها في الحياد، ولا يعني وضع الأمة تحت تفسير فهم جامح، بل يعني وضعها في التاريخ، بوصفها "ظاهرة" قابلة للنمو والحراك والتعثر والصراع، وقابلة للتحدي، بما فيها تحديات العنف والصراع الداخلي والتدخل الخارجي، لا سيما وأن الدولة العراقية من تأسيسها الملكي حملت معها بذور ازمتها، على مستوى التمثيل السياسي والتركيب الطائفي، وعلى وضع "جماعاتها" امام إشكالية التناشز، وجعل الفرد امام خيارين اوحشهما الاطمئنان الزائف، حيث لا شيء بعد ذلك سوى "الوجود الرث" والتمثيل المصطنع ل"الجماعات المتخيلة" ما يميّز حالة "الدولة العراقية" هو بنية التشظي التي تحكمها، والتي تتبدى من خلال تشظيات ثانوية، على المستوى الطائفي والمناطقي، وعلى نحوٍ يهدد مركزية الدولة "الاتحادية" كمفهوم وكنسق للحكم، حيث تبرز حالة السلطة بوصفها مجالا للتخادم الاجتماعي والسياسي والطائفي، تتحول فيه "الحكومات الناشئة" الى قوى طارئة، تمارس قوتها عبر المال والعنف وسوء الإدارة وغياب البرنامج الوطني، وبهذا فإن الحلول والمعالجات ستبدو محدودة، من خلال تدوير المشاكل، وتكريس ثقافة الجماعة والطائفة، وهذا ما يجعل تمثيلها محفوفا بأخطار جمة، ابرزها القبول بالتمثيل المتعالي لجماعة على حساب أخرى، وربط مفهوم الحاكمية بالهيمنة المكوناتية وليس بخيارات الاجتماع العادل، أو بالمواطنة ال دستورية في مفهومنا المعاصر، وصولا الى الدخول في أوهام نظام "اللانهائية" كما سماه الشاعر عقل العويط.
في هذا النظام ستبدو الأشياء مضببة، والمعرفة بعيدة عن الاستعمال، لأن التشيؤ سيكون هو المركز الذي سيضعها داخل المعيار والقياس، وعلى نحوٍ يجعلها محكومة بعوامل الزوال وليس المكوث، وبالطرد وليس البقاء، وهي ثنائيات تفرض شروطها على يافطة السياسة والعصاب والقوة والطاعة، فالكائن المطيع والمتماثل هو "المواطن المثالي" والنافر والمختلف هو اللامواطن، أو هو الخائن والمارق والزنديق والكافر. لا توصيف ثقافي نقدي لهذه الدولة، ولا سياق لوضع مفهومها قيد التداول، حيث تتحول المشافهة الى قوة للحضور، والى خطاب يؤكد الحكم المتخيل لذلك النظام، ولما يمثله من مركزية، أو من علاقات ضاغطة، ومن هوية أو سلطة، لا مؤسسات لها سوى مؤسسة القوة، واجتماع "الجماعة المتخيلة" تلك التي تملك شرعنة الخطاب والثروة والسلطة، وباتجاه تتحول فيه الأفكار الى أدوات، والمعرفة الى جهاز للسيطرة، والتعليم الى بيت للأشباح، والسياسة الى لعبة مفتوحة على احتمالات متعددة، لكنها غير صالحة للاستعمال خارج أفق تلك السلطة. علاقة الدولة بالخيارات تظل مشوشة، ومنها العلاقة بالديموقراطية، إذ تتطلب هذه الديمقراطية وجود الاجتماع الفاعل، ووجود السياق الذي ينظم التنوع، ويقبل بالاختلاف، وهذا ما يثير أسئلة فارقة، فهو تقاطع مع الواقع، ومع السائد الأيديولوجي والجماعوي والشعبوي، لا سيما وأن هناك جماعات مازالت تنظر الى "الدولة" من منظار التاريخ والفقه وليس من منظار القانون والحق والعدالة والسيادة. السؤال الذي يمكن أن يكون صدمة يرتبط بنقد مشروع الدولة، وبمساءلة المفاهيم التي تتحكم بها، وحتى بمراجعة مراحل ازماتها منذ عام 1921 و1958 و 1963 و1968 و1979 و1980 وما بعدها، حيث تحولت الدولة الى جهاز مغلق للعنف السياسي والايديولوجي، وللاستبداد الذي انكسر عبر الاحتلال الأميركي عام 2003. مراجعة هذه "الزمانات" هو الشرط الموضوعي للتعرّف على هشاشة النظام الذي صنعه، ورثاثة الاجتماع الذي تكرّس معها، وكلا المكونين ظلا بعيدين عن الدرس والقراءة والفحص، لا سيما وأن التضخم السياقي للدولة الجديدة تحول الى ظاهرة معقدة، استغرقها التمثيل الطائفي، والصراع من اجله، وكذلك الفساد والفشل الذي تغذى عن طريق الاقتصاد الريعي، وعن طريق الجماعات التي تجاوزت المفهوم الحقوقي للدولة لصالح تكريس سلطة الجماعة والمال والقوة.
الإرهاب السلفي والجماعوي ليس بعيدا عن فشل الدولة، ولا عن رثاثة هويتها الثقافية، ولا عن علاقة سياساتها في مواجهة العنف الداخلي، والفساد السياسي والاقتصادي، وغياب المشروع الوطني الجامع، ولا حسن إدارة ملفات الثقافة والامن الثقافي والتنمية المستدامة والسيادة السياسية إقليميا ودوليا، فهذه الملفات ستظل مفتوحة مع كل حكومة جديدة، مع كل تحول سياسي جديد..
******************************************
الصفحة الثانية عشر
جمعية التشكيليين العراقيين في السويد تقيم معرضها الـ 26
ستوكهولم: محمـد الكحـط
احتضنت قاعة "هوسبي كورد" في العاصمة السويدية ستوكهولم، يومي السبت والأحد 1 و2 تشرين الثاني الجاري، المعرض السنوي السادس والعشرين لجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في السويد.
المعرض الذي حمل عنوان "هوية على قماش"، أقيم برعاية السفارة العراقية في السويد، وبحضور جماهيري لافت من أبناء الجاليتين العراقية والعربية ومن السويديين وممثلي نواد اجتماعية، إضافة إلى ممثلين عن السفارة والسلك الدبلوماسي، تقدمهم القائم بأعمال السفارة د. محمد عدنان.
ووفقا للقائمين عليه، فإن معرضهم السنوي يهدف إلى التواصل الحضاري والثقافي بين الوطن والخارج، وإلى إبراز الهوية الثقافية الأصيلة واستمرار إبداع الفنانين العراقيين أينما كانوا.
وشارك في المعرض 27 فنانا، قدموا 60 عملا في الرسم والنحت والسيراميك والتصوير الفوتوغرافي والخط العربي والتركيب والواقع المعزز، جسدوا فيها موضوعات متنوعة منفذة وفق مدارس فنية مختلفة، بين الواقعية والانطباعية والسريالية.
وتناولت الأعمال موضوعات حياتية أبرزت وجها آخر للعراق، كبلد فن وعطاء وإبداع.
وأدار حفل افتتاح المعرض الأستاذ منذر نعمان. حيث ألقى كلمة أشار فيها إلى أن المعرض يُجسد حوارا بصريا بين الذاكرة والهوية "حيث يتحول القماش إلى مساحة تعبّر عن الانتماء، واللون إلى لغةٍ تحكي حنين الوطن. انه معرضٌ يجمع الأصالة بروح التجديد، ليؤكد أن الفن هو الجسر الأجمل بين الإنسان ووطنه، أينما كان".
من جانبه، ألقى رئيس الجمعية الفنان عمر العاني، كلمة شكر فيها لجان الجمعية على جهودها في إنجاح المعرض. أعقبه القائم بالأعمال بكلمة هنأ فيها بإقامة المعرض وأشاد بأهميته.
وكانت للفنان شاكر عطية، أحد مؤسسي الجمعية ورئيسها لدورات عدة، كلمة تحدث فيها عن بدايات التأسيس قبل 26 عاما، وما حصل من تطور في المعرض السنوي.
وخلال المعرض قدمت الجمعية هدية تذكارية إلى القائم بالأعمال، فيما تلقت باقات ورد من الجمعية المندائية في ستوكهولم و"فرقة ما بين النهرين"، ومن شخصيات.
هذا وكانت للموسيقى حضورها في المعرض. حيث قدم عازف القانون الفنان فيصل الغازي، مقطوعات تراثية.
الفنانون المشاركون في المعرض هم كل من عمر العاني، ساموي، ليث عباس، أشرف الاطرقجي، ياسين عزيز، محمود غلام، شاكر عطية، لبنى الشيخلي، كرستين ويكسترم، هبة سعدون، عباس العباس، مؤيد سام، يعقوب جوخدار، باسم ناجي، أشنا دولت، كريم الذهبي، مارسلين اليا، وفاء غالب، وصفي الهلالي، عصام عودة، آلاء عكلة، لانا كورد، رائد حطاب، فريد الزبيدي، سليمة سليم ونمير حطاب.
*******************************************
فيلم عراقي في صالات هوليوود ونيويورك
متابعة – طريق الشعب
انطلق قبل أيام العرض التجاري للفيلم العراقي الناطق بالانكليزية "إذا رأيت شيئا"، في صالات السينما في هوليوود ونيويورك.
الفيلم الذي تبلغ مدته 97 دقيقة، والذي أخرجه الفنان المغترب عدي رشيد، عُرضَ عالميا أول مرة في تشرين الأول 2024 في مهرجان وودستوك السينمائي الأمريكي، قبل أن يُحدد موعد إطلاقه الجماهيري الأوسع في الولايات المتحدة.
ويسرد الفيلم حكاية علي، الطبيب العراقي الذي يطلب اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، ويقع في حب كاتي، الشابة الأمريكية التي تدير معرضا فنيا في نيويورك. حيث تتعرض علاقتهما لتحول مفاجئ بعد وقوع أزمة في بغداد، تنعكس آثارها على حياتهما البعيدة جغرافيًا، لتكشف عن صراع داخلي يتقاطع فيه الحب مع أسئلة الهوية والمنفى والبيروقراطية. ويجمع الفيلم بين قصة إنسانية رقيقة ونظرة اجتماعية – سياسية تستكشف أثر الأحداث البعيدة في تفاصيل الحياة اليومية داخل المدن الكبرى.
يشارك في بطولة الفيلم آدم بكري وجِس جاكوبس، إلى جانب طارق بشارة ولوسي أوين وهادي طبل وكريستينا العبدو وهند أيوب وريجي غولاند وناصر فارس و ريد بيرني. فيما كتب السيناريو أفرام نوبل لودفيغ وجِس جاكوبس، وتولى التصوير دانيال فيكيوني، والمونتاج سوجين تشونغ، والموسيقى براين كيلر.
المخرج عدي رشيد، المولود عام 1973في بغداد، يُعد من أبرز الأصوات السينمائية العراقية التي ظهرت بعد 2003. عُرف بعمليه "تحت التعريض" و"حَجْر" اللذين نالا إشادات نقدية واسعة في مهرجانات دولية، لما قدماه من رؤية بصرية جريئة لتأثير العنف والحرب على تفاصيل الحياة اليومية.
يقيم رشيد حاليًا في لوس أنجلس، ويمثل هذا الفيلم أول تجاربه الطويلة الناطقة بالانكليزية ضمن إنتاج أمريكي مستقل، ليؤكد من خلاله حضور المخرجين العراقيين في السينما العالمية، ويوسّع نطاق السرد العراقي نحو جمهور دولي.
*********************************************
أصوات ريفية تصدح في بغداد
متابعة – طريق الشعب
تحت شعار "انغام تحفظ الهوية وتتحدى الزمن" أقامت دائرة الفنون الموسيقية أخيرا، حفلاً غنائياً مخصصا لاستعادة الأطوار الغنائية الريفية العراقية، وذلك بقيادة المايسترو علي خصاف.
الحفل الذي أقيم على "قاعة الشعب" وسط بغداد، حضره جمهور من متذوقي الموسيقى والغناء، وشاركت فيه نخبة من الأصوات الغنائية الريفية الشبابية والرائدة، التي أعادت إلى الأسماع أطوار محببة، مثل "الحياوي" و"الغافلي" و"المحمداوي" و"المخالف" و"الشطيت" و"الصبّي"، وغيرها من الأطوار والألوان الغنائية الريفية.
وفي بداية الحفل قدمت الباحثة إسراء المرسومي نبذة تعريفية عن بعض الأطوار الريفية الجنوبية.
وكان بين المطربين المشاركين، كل من يوسف الربيعي وعمار الربيعي ونهلة.
*******************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
من الرفيقة ام دريد.. 750 ألف دينار أخرى لمقر الحزب الجديد
أقامت الرفيقة عفيفة ثابت (ام دريد) بزاراً لمنتجات من صنع يديها، افتتحته في مهرجان طريق الشعب العاشر، الذي شهدته بغداد قبل حوالي أسبوعين. وعرضت الرفيقة ام دريد للبيع في البازار ملابس أطفال وقبعات ولفافات واعمالا يدوية أخرى متنوعة، وجمعت من مبيعاتها مبلغ 750 الف دينار، وتبرعت بالمبلغ كاملا لحملة بناء المقر الجديد للحزب الشيوعي في بغداد، التي دخلت أخيرا مرحلتها الثالثة والاخيرة.
شكراً للرفيقة العزيزة، والى كل من ساهموا ويساهمون متبرعين لبناء بيت الشيوعيين - بيت العراقيين.
*****************************************
مجلس تأبين للرفيق الراحل أبو أوس
بغداد – طريق الشعب
احتضنت قاعة "بيتنا الثقافي" في بغداد ظهر أمس السبت، مجلس تأبين للرفيق الراحل أخيرا جواد كاظم الطائي (علي مالية/ أبو أوس)، أقامته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، بحضور حشد من رفاق الفقيد ومحبيه.
وألقيت في المجلس كلمات مكرسة لذكرى الفقيد، ولسيرته النضالية ومواقفه وخصاله التي أكسبته محبة من عرفوه وعملوا معه، سواء في العمل الحزبي أم الصحفي في جريدة "طريق الشعب".
نصوص الكلمات على الصفحة 7
******************************************
معرض استعادي للتشكيلية الراحلة يسرى العبادي
متابعة – طريق الشعب
استذكرت قاعة "ذا غاليري" في بغداد أخيرا، الفنانة التشكيلية الراحلة يسرى العبادي بمعرض استعادي حمل عنوان "رحلة إلى عالم يسرى العبادي".
حضر مراسيم الافتتاح عدد من المسؤولين الثقافيين والفنانين والمثقفين ومتذوقي الفن التشكيلي.
ضم المعرض 80 لوحة ملونة للفنانة، بأحجام مختلفة وموضوعات متعددة.
جدير بالذكر أن الفنانة يسرى العبادي وُلدت عام 1961 في الديوانية، وتخرجت في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد. وقد شاركت في معارض فنية عديدة داخل العراق وخارجه، منها في دبي والكويت وعمان وألمانيا وفرنسا وأمريكا وإسبانيا، فضلاً عن مشاركاتها المتعددة في معارض جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، حتى وفاتها عام 2022.
*****************************************
قف.. سؤال النتائج
عبد المنعم الأعسم
نتائج انتخابات الثلاثاء الماضي، لم تُفاجئ إلا الذين راهنوا، وطمّنوا النفس (وبشّروا) بانها ستكون شيئا آخر، أو ستغيّر معادلة الحكم القائم على مثلث الفساد والمحاصصة والوصاية، لكن في جميع الاحوال، ينغي لكل القوى المدنية، وفي المقدمة، انصارها المشتغلين في مطابخ التحليل وادارة الجدل والتأمل في المحصلات واتجاهات الاحداث، ان لا يتأخروا عن طرح السؤال، الآني، لا عن الاسباب التي ادت الى الاخفاق القاسي، والممض، في الوصول الى قبة البرلمان(وهي اسباب معروفة وتتوزع على طيف من المسؤوليات والمصادر، ذاتية وموضوعية) لكن عن الوسائل العاجلة لاعادة بناء السياسات والمواقف والادوات التي من شأنها تفعيل دور الرقم الوطني، المدني، اليساري، غير المتورط في مذبحة الدولة.. دولة المواطنة.. بواسطة المال السياسي وخداع الملايين بمستقبل زائف، وتدوير نفايات المرحلة لتبدو (هذه النفايات) منقذة للوضع المندفع الى الهاوية.
وحتى يكون السؤال وجيها، وله ما يبرره، فان اللف والدوران، وتسمية الاشياء بغير اسمائها، والخوف من الاعتراف بالفشل، بجانب هوس تصفية الحساب، وشفاء الغاليل، واختزال المشكلة الى الفردانية، من شأن كل ذلك ان يعقّد الاجابة، ويجعل عملية بناء الموقف السليم من المستقبل بمثابة هرطقة، وكأننا لم نأخذ مما حصل درسا.. اوشيئاً من هذا القبيل.
*قالوا:
"ومن يك ذا فمٍ مرٍ مريضٍ ... يجد مراً به الماء الزلالا".
الغزالي
********************************************
العراق يحصد جائزتين مسرحيتين في الكويت
متابعة – طريق الشعب
حقق المسرح العراقي نجاحا لافتاً في مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، الذي أقيم في الفترة من 9 إلى 13 تشرين الثاني الجاري على خشبة متحف الكويت الوطني، بمشاركة عشرة بلدان عربية وأجنبية.
حيث نال الفنان والكاتب منير راضي جائزة أفضل نص مسرحي عن مسرحيته "ندف الثلج". فيما توّجت الفنانة كاترين هاشم بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في مسرحية "قمر أحمر"، من إخراج علي عادل.
************************************
آفاق أدب الشباب في اتحاد الأدباء
متابعة – طريق الشعب
نظم نادي أدب الشباب في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الأربعاء الماضي، جلسة بعنوان "آفاق أدب الشباب"، تضمنت قراءات أدبية ومداخلات نقدية.
الجلسة التي التأمت على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، شارك فيها الأدباء الشباب: الشاعرة إحسان المدني والقاصة حوراء يوسف والشاعر حيدر حمادي والقاص رضوان مضر الآلوسي. فيما حضرها جمع من الأدباء والمثقفين.
بداية الجلسة ذكر مديرها الشاعر حسين السلطان، أن "هذا اللقاء جاء ليجمع بين جنسين أدبيين أصيلين، هما الشعر والسرد القصصي، لما لهما من حضور وتأثير في المشهد الثقافي العراقي".
وافتتحت الشاعرة إحسان المدني الجلسة بنص شعري يُعبر عن الوجع الإنساني والأمل في التغيير، أعقبتها القاصة حوراء يوسف بنص سردي يتناول لمحات من الواقع الاجتماعي بلغة رمزية مكثفة تعكس رؤيتها الفنية.
أما الشاعر حيدر حمادي فقد قرأ قصائد تحمل رؤى شبابية باحثة عن التجديد والحرية والتعبير الذاتي، ليختتم القاص رضوان مضر الآلوسي، المساهمات بقراءة نص سردي يعكس فيه عمق التجربة الإنسانية وتفاعلها مع تحولات الواقع المعاصر.
وفي سياق الجلسة، قدم الناقد جاسم محمد جسام مداخلة قال فيها أن "الأدباء الشباب قدّموا أداءً لافتاً من خلال تكثيف المعنى وإيصال رسائل فكرية وفلسفية عبر استخدام الرمز بطريقة فنية واعية تُشرك القارئ في عملية التأويل والفهم، ما يعزز تفاعله مع النص ويمنحه دورا شريكاً في اكتشاف المعنى".
أما الناقد أمين الموسوي، فقد ذكر في مداخلة له أن "ما يلفت الانتباه في تجربة الأدباء الشباب، من شعراء وقصاصين، هو أن البدايات غالبًا ما تأتي مفعمة بالحزن ومغلفة باليأس والرمزية، وهو ما يتوزع على معظم الأجناس الأدبية بمختلف صنوفها وموضوعاتها".
واختُتمت الجلسة بمداخلة للناقد علي الفواز، قال فيها أن "الإبداع هو إصرار على الحياة، وأن القدرة على الكتابة والاجتهاد فيها تمثل شكلاً من أشكال الاعتراف بقدرة الإنسان على مراوغة العالم والواقع عبر الفن والمعرفة".
وأضاف قائلا أن "الكتابة الحقيقية لا تنفصل عن المطالعة المستمرة والوعي الثقافي الواسع. فهما الركيزتان الأساسيتان اللتان تمنحان المبدع أدواته للتعبير العميق والتجديد في الفكر والجمال معاً".