الصفحة الأولى
خروقات الصمت تصل عقوبتها إلى الاستبعاد والداخلية تبدأ خطة محكمة.. اليوم.. 4500 محطة تستقبل عناصر القوات الامنية والنازحين في الاقتراع الخاص
بغداد ـ طريق الشعب
دخل الصمت الانتخابي للانتخابات البرلمانية العراقية حيز التنفيذ، امس السبت، إيذاناً بتوقف الحملات الدعائية للمرشحين المتنافسين على 329 مقعداً في مجلس النواب، والتي تشمل 83 مقعداً مخصصة للكوتا النسائية و9 مقاعد للاقليات، موزعة على كافة المحافظات، بما فيها إقليم كردستان. ويستمر الصمت حتى انتهاء الاقتراع العام في 11 تشرين الثاني الجاري.
مفوضية الانتخابات جاهزة ليوم الاقتراع
واكد عضو الفريق الإعلامي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات حسن هادي زاير، اتمام جميع الاستعدادات ليوم الاقتراع، ولا سيما التصويت الخاص، حيث وصلت جميع المواد الخاصة بالاقتراع، كما أن القوات الأمنية وفرت الحماية الكاملة لتلك المراكز.
ويبلغ عدد مراكز التصويت الخاص، طبقا لزاير، 800 مركز تضم 4500 محطة جاهزة بالكامل، لافتًا إلى أن المفوضية ستقوم بتركيب كاميرات المراقبة، إلى جانب تنفيذ إجراءات سريعة تشمل توزيع البطاقات وتدريب الموظفين، مؤكداً أن العملية الانتخابية باتت جاهزة للتنفيذ.
وقال عضو الفريق الإعلامي، إنّ المفوضية فتحت باب المراقبة منذ فترة، وخاطبت 90 دولة عبر وزارة الخارجية للمشاركة في مراقبة الانتخابات، موضحًا أن هناك تواصلاً مستمراً مع الأمم المتحدة، وتم تسجيل أكثر من 37 مراقباً أممياً، فضلًا عن مشاركة مكتب المساعدة وجامعة الدول العربية والبعثات الأوروبية وعدد من المنظمات الدولية، ليبلغ إجمالي المراقبين الدوليين أكثر من 800 مراقب حتى الآن.
وأضاف زاير، أن المفوضية وزعت أكثر من 2,700,000 بطاقة ناخب حتى الآن، فيما تبقى نحو 800,000 بطاقة سيتم توزيعها قريبًا، مبينًا أن المفوضية شكّلت لجانًا في مراكز التسجيل لتمكين الناخبين من تسلم بطاقاتهم حتى يوم الانتخابات.
مع بدء فترة الصمت الانتخابي في عموم المحافظات، بيّن الزاير أن "المفوضية تتابع بدقة التزام المرشحين بفترة الصمت الانتخابي التي بدأت أمس، وأي خرق أو دعاية انتخابية خلال هذه المدة، تعد مخالفة واضحة قد تصل عقوبتها إلى الاستبعاد من السباق الانتخابي".
وتابع أن "المفوضية حذّرت جميع الكيانات السياسية والمرشحين مسبقاً من الاستمرار في نشر الإعلانات أو التصريحات الدعائية بعد بدء الصمت الانتخابي"، مشيراً إلى أن "فرق الرصد الميدانية والإلكترونية تتابع جميع المنصات والحملات الدعائية لضمان نزاهة العملية الانتخابية".
العقوبة تصل للاستبعاد
من جانبها، بينت مساعد المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات، أن عقوبة الحملات الانتخابية بعد هذا الوقت قد تصل إلى الاستبعاد.
وقالت نبراس أبو سودة، مساعد المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، امس السبت، أن الحملات الانتخابية خلال فترة الصمت الانتخابي هي انتهاك قانوني وسيعرض مرتكبها للعقوبات.
وأضافت أن العقوبات تختلف باختلاف أنواع الانتهاكات، حيث تبدأ بالغرامات المالية وتصل إلى الحرمان والاستبعاد، وذلك حسب نوع الانتهاك.
حثّ على المشاركة الفاعلة
أما الخبير القانوني عباس العقابي، فقد نبّه الى أن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يقع على عاتقها دور كبير في دعم المشاركة الشعبية، ليس فقط من خلال تحديث بيانات الناخبين وإصدار البطاقات الانتخابية، بل أيضًا عبر الإفصاح عن أسباب استبعاد بعض المرشحين ممن لا تتوافر فيهم شروط النزاهة أو حسن السيرة والسلوك أو الصفات المطلوبة لعضو مجلس النواب".
وبيّن أن "فلسفة وجود البرلمان تقوم على تمثيل الشعب العراقي بصدق وشفافية، والابتعاد عن خطابات الطائفية والنعرات القومية أو المذهبية"، لافتًا إلى أن "استبعاد أي مرشح يحمل هذه السمات يُعد خطوة في اتجاه برلمان نوعي يقوم على الكفاءة والنزاهة، لا على الكمّ العددي".
وأشار العقابي إلى أن "هذه الخطوات تمثل نداءً غير مباشر للمواطنين لحثّهم على المشاركة الفاعلة في الانتخابات، باعتبار أن المفوضية غير معنية بإرسال دعوات مباشرة للناخبين، بل يقتصر دورها على ضمان نزاهة العملية الانتخابية وإتاحة بيئة ديمقراطية سليمة".
الى ذلك، أوضحت الناطق باسم المفوضية جمانة الغلاي، أن التصويت الخاص للعسكريين الذي سيبدأ اليوم 2025/11/9 عند الساعة السابعة صباحاً ويستمر حتى الساعة السادسة مساءً، سيشهد مشاركة 1.313.980 ناخب عسكري وأمني، وبعدد مراكز اقتراع بلغ 809 مراكز، و4.501 محطة اقتراع. وفي اليوم ذاته يبدأ التصويت الخاص للنازحين، ويحق لـ26.538 نازحاً الإدلاء باصواتهم عبر 27 مركز اقتراع و97 محطة.
الداخلية تبدأ تأمين مراكز الاقتراع
بدوره أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية، العقيد عباس البهادلي، اكتمال جميع الاستعدادات الأمنية والفنية الخاصة بتأمين العملية الانتخابية المقررة خلال اليومين المقبلين، مؤكداً أن القوات الأمنية أصبحت في حالة جاهزية تامة لتأمين مراكز ومحطات الاقتراع في عموم البلاد.
وقال البهادلي، إن “كافة القطاعات الأمنية أخذت مواقعها ضمن خطة الانتشار والانفتاح، سواء في المراكز الانتخابية أو محيطها، وذلك لضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة وأمان”، مشيراً إلى أن “قوة حماية المركز تتوزع على ثلاثة محاور رئيسة: قوة حماية المنشآت، والشرطة المحلية والاتحادية، إلى جانب وحدات من الجيش العراقي”.
وأضاف أن “الجهود الأمنية متكافئة ومتكاملة بين جميع الأجهزة، وقد استُكملت الإجراءات الفنية والاستخبارية مسبقاً، من خلال عمليات مسح ميداني واستطلاع شامل شمل جميع المراكز والمحطات الانتخابية في مختلف المحافظات”.
وأوضح البهادلي أن “التوجيهات الصادرة من وزير الداخلية ورئيس اللجنة الأمنية العليا للانتخابات كانت واضحة وصارمة بعدم السماح بأي تجاوز أو محاولة للتأثير على الناخبين أو موظفي المفوضية”، مؤكداً أن “القوات ستتعامل بحزم مع أي محاولة لعرقلة سير العملية الانتخابية أو الإخلال بالنظام العام”.
وبيّن أن “القوات الأمنية ستكون منتشرة في جميع المناطق، وتؤدي واجبها لخدمة المواطن وضمان نزاهة الاقتراع”، مشيراً إلى أن “الخطة الأمنية اعتمدت على تجارب السنوات الماضية، والتي أثبتت نجاحها في منع أي خروق أو تجاوزات”.
وفي ما يتعلق بمرحلة ما بعد التصويت، أشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن “عملية نقل صناديق الاقتراع وعصي الذاكرة ستُنفذ وفق خطة محكمة، حيث تُنقل المواد من المراكز القريبة براً، ومن المراكز النائية جواً، وصولاً إلى المركز الوطني في بغداد”، مضيفاً أن “القوات الأمنية ستبقى مرابطة في المراكز الانتخابية ومحطات الفرز حتى إعلان النتائج النهائية لضمان أمن العملية الانتخابية بالكامل”.
*************************************
كتب المحرر السياسي: الانتخابات التشريعية اختبار جديد لإرادة التغيير
انتهت فترة الدعاية الانتخابية في الانتخابات التشريعية السادسة لتبدأ اليوم أولى مراحل الاقتراع، بمشاركة أكثر من مليون وثلاثمئة ألف ناخب من منتسبي القوات الأمنية والسجناء والنازحين، قبل أن يلتحق بهم بعد غد الثلاثاء أكثر من عشرين مليون ناخب، لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد.
هذه اللحظة الانتخابية تأتي وسط أجواء مثقلة بالتحديات، إذ برزت خلال فترة الدعاية مؤشرات واضحة على استمرار بعض القوى السياسية المتنفذة في اعتماد أساليبها التقليدية، القائمة على الالتفاف والمراوغة واستغلال موارد الدولة وأجهزتها وأموالها لتحقيق مكاسب انتخابية، في ظل ضعف الإجراءات الحكومية وعدم القدرة على ردع تلك الانتهاكات بشكل فعّال.
فقد لجأت قوى الفساد والسلاح المنفلت إلى توظيف كل ما تملك من أدوات النفوذ، من الإعلام المموَّل إلى المال السياسي، لتسويق شعارات غايتها إيهام المواطنين بحمايتها المكونات أو الدفاع عن مصالحها، في وقت لم تعد هذه الخطابات تلقى صدى واسعاً لدى الشارع العراقي، الذي أنهكته سنوات من الوعود الكاذبة وسوء الإدارة وتفشي الفساد. بل إن بعض هذه القوى تجاوزت الخطوط القانونية والأخلاقية، بمحاولات شراء الأصوات علناً عبر الإعلان عن فرص "عمل" كوكلاء لكيانات سياسية، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 250 ألف دينار، هي في حقيقتها مبالغ لشراء الاصوات لا غير.
إن استمرار هذه الممارسات يمثل تحدياً صارخاً لصدقية الانتخابات، ويجعل من محاسبة تلك القوى وإقصائها من المشهد السياسي مهمة وطنية، لا بد منها لتصحيح مسار النظام السياسي في العراق ونهجه. فالإصلاح الحقيقي يبدأ من كسر حلقة السيطرة، التي فرضتها منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت، ووضع أسس جديدة لبناء دولة المواطنة والعدالة والمساواة.
ندرك أن نتائج الانتخابات المقبلة قد لا تحمل تحولاً جذرياً في موازين القوى، لكنها تبقى ساحة مهمة لاختبار الوعي الشعبي وإرادة الرفض، وفرصة لتثبيت حضور القوى الوطنية في مواجهة محاولات اختطاف الدولة ومؤسساتها. ان وجود معارضة داخل البرلمان يظل ضرورياً، لردع العبث بالمسار الديمقراطي وفضح سياسات الإقصاء، ونبذ النهج الأحادي الذي تحاول قوى متنفذة فرضه على بلادنا وادامة هيمنتها.
وندرك جيدا أن القوى الوطنية مطالبة اليوم بالدفاع عما تبقى من مكتسبات ديمقراطية، تواصل المنظومة المهيمنة تقويضها تدريجياً في ظل غياب الموقف البرلماني الرادع.
وندرك تماما كذلك أن ترك المؤسسة التشريعية في أيدي الفاسدين والعاجزين عن أداء دورهم، هو شكل آخر من أشكال التفريط. فكل صوت وطني داخل البرلمان هو سدّ في وجه التراجع، وكل مشاركة واعية هي خطوة في طريق مليء بالتحديات نحو التغيير، مهما كانت المشاق والعقبات.
******************************************
الصفحة الثانية
التخطيط: 7 ملايين سيارة في العراق.. وأكثر من ربعها في بغداد
بغداد ـ طريق الشعب
أعلنت وزارة التخطيط، وجود أكثر من سبعة ملايين سيارة في العراق، مشيرة الى أن أكثر من مليوني سيارة توجد في العاصمة بغداد فقط.
وقال المتحدث باسم الوزارة، إنه وفقاً للإحصاءات التي لديهم حالياً، "هنالك أكثر من سبعة ملايين سيارة في العراق، ويشمل هذا الرقم إقليم كردستان".
وأضاف أن "نحو ربع هذه السيارات، بواقع أكثر من مليوني سيارة، في العاصمة بغداد وحدها، والباقي في المحافظات"، مبيناً أنه "لا يوجد قانون يمنع تملّك المواطن العراقي سيارة اذا كان قادراً على ذلك".
بشأن إجراءات الحد من استيراد السيارات بما يفوق الطاقة الاستيعابية للمدن والشوارع، أشار عبد الزهرة الهنداوي، الى أنه "بقدر تعلق الأمر بوزارة التخطيط، أصبح هنالك تشدد بتطبيق المواصفات العراقية على استيراد السيارات، كي تتوفر بها شروط المتانة والسلام والأمان".
ولفت المتحدث باسم الوزارة، إلى أنه "اعتباراً من مطلع العام المقبل 2026 سيكون هنالك تطبيق الزامي للمواصفات العراقية على السيارات المستوردة، ولن يسمح باستيراد سيارات غير مطابقة للمواصفات العراقية بأي حال من الأحوال".
على الرغم من تنفيذ مشاريع البنى التحتية وتوسعة شبكة الجسور في بغداد خلال السنوات الأخيرة، ماتزال العاصمة تعاني من زحامات مرورية خانقة، خصوصاً في ساعات الذروة.
بحسب وزارة الإعمار، فإن عدد المركبات في العاصمة بغداد يفوق قدرتها الاستيعابية بأكثر من سبعة أضعاف.
******************************************
مفارقة الموازنة ومخاطر الاعتماد الأحادي الاقتصاد العراقي بين الريع النفطي ومحدودية الإيرادات غير النفطية
بغداد – طريق الشعب
كشفت البيانات الرسمية لوزارة المالية أن الإيرادات الكلية في الموازنة الاتحادية للأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، بلغت أكثر من 82 تريليون دينار، في حين وصلت مساهمة النفط إلى نحو 90 في المائة من إجمالي الإيرادات العامة، وهو ما يعيد تأكيد الطابع الريعي للاقتصاد العراقي، واستمرار تبعيته المطلقة لعائدات الخام.
وتشير جداول المالية إلى أن الإيرادات النفطية سجلت 73 تريليوناً و821 مليار دينار، مقابل 8.5 تريليونات فقط من الإيرادات غير النفطية، ما يعكس فجوة كبيرة في هيكل الاقتصاد الوطني، وغياب التنوع المالي الذي يفترض أن تشكله قطاعات أخرى كالمنافذ الحدودية، والزراعة، والصناعة.
في المقابل، بلغت النفقات الجارية نحو 73 تريليون دينار، بينها 44 تريليوناً رواتب موظفين، و12.5 تريليوناً للمتقاعدين، و3.7 تريليونات للرعاية الاجتماعية، ما يؤكد استمرار تضخم الإنفاق التشغيلي على حساب الإنفاق الاستثماري.
إنتاج نفطي مرتفع وإيرادات ضخمة
وبحسب تقرير مرصد "إيكو عراق"، فإن إنتاج العراق من النفط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بلغ نحو 965 مليون برميل، صُدّر منها 816 مليون برميل، بإيرادات تقارب 73 تريليون دينار، كان أعلاها في شهر آب/ أغسطس الذي شهد إنتاج أكثر من 124 مليون برميل وتصدير 104 ملايين برميل.
هذه الأرقام تعزز من مكانة النفط كمصدر شبه وحيد لتمويل الموازنة، لكنها تطرح في الوقت ذاته تساؤلات جدية حول مدى قدرة الاقتصاد العراقي على مواجهة تقلبات الأسواق العالمية أو أي انخفاض محتمل في الأسعار.
تناقض بين مبيعات الدولار وإيرادات المنافذ
في جانب آخر، أظهر تقرير البنك المركزي، أن مبيعات العملة الصعبة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 تجاوزت 47 مليار دولار، بزيادة تقارب 11% عن العام الماضي، إذ توزعت بين 46 ملياراً عبر الحوالات الخارجية، و1.6 ملياراً كمبيعات نقدية.
وفي الوقت الذي تسجّل فيه هذه المبيعات أرقاماً ضخمة تعكس حجم الطلب على الدولار لتمويل الاستيرادات، تشير بيانات هيئة المنافذ الحدودية إلى أن إجمالي الإيرادات المتحققة خلال الأشهر العشرة الماضية لم يتجاوز 2.1 تريليون دينار، مع توقعات ببلوغ 2.7 تريليوناً بنهاية العام المالي.
هذا التفاوت الكبير بين مبيعات الدولار وبين إيرادات المنافذ الحدودية يثير تساؤلات حول كفاءة الرقابة الكمركية، ومدى واقعية الفواتير التجارية التي تُقدَّم للبنك المركزي مقابل تحويلات الاستيراد، وهو ما يعيد الجدل حول ظاهرة الاستيراد الوهمي والتسرب المالي عبر المنافذ.
مخاطر الربع النفطي
ويرى خبراء اقتصاد، أن استمرار ارتفاع نسبة مساهمة النفط في الموازنة العامة يضع العراق أمام خطر ما يُعرف بـ"الربع النفطي"، أي الاعتماد المفرط على مصدر واحد للإيرادات، بما يجعله عرضة للأزمات في حال تراجع أسعار الخام أو تقلص الطلب العالمي عليه.
وأكد الخبير في الشؤون النفطية والاقتصادية أحمد عسكر، أن الوضع المالي والاقتصادي في العراق سيبقى مرهوناً بـ"التقلبات العالمية" في أسعار النفط، مشيراً إلى أن أي انخفاض في الأسعار قد يضع ضغوطاً كبيرة على الموازنة العامة والقدرة على تمويل الخدمات والمشاريع الاستثمارية.
وقال عسكر، إن "الاعتماد شبه الكامل على العوائد النفطية يجعل الاقتصاد العراقي هشاً أمام هذه التقلبات، ما يستوجب اعتماد سياسات مالية مرنة ومخططاً لها مسبقاً، وليس مجرد ردود أفعال آنية".
وأضاف أن "العراق قد يواجه، في حال تراجع أسعار النفط، تحديات تتعلق بتمويل النفقات العامة، واستقرار سعر الصرف، وارتفاع نسب التضخم"، مبيناً أن "المرحلة المقبلة تتطلب إصلاحات حقيقية وجذرية تضمن تحصين الاقتصاد من الصدمات الخارجية".
وأوضح الخبير أن أبرز تلك الإصلاحات تتمثل في "وضع موازنات مبنية على سيناريوهات متعددة لأسعار النفط، وإنشاء صندوق ادخاري أو آلية استقرار مالي لتأمين النفقات عند انخفاض الإيرادات، وتنويع مصادر الدخل عبر تطوير القطاعات غير النفطية، فضلاً عن تعزيز الشفافية في الإنفاق وتوجيه الموارد نحو مشاريع ذات جدوى اقتصادية".
وخلص عسكر الى التأكيد على أن "العراق بحاجة عاجلة إلى سياسات اقتصادية واضحة تضمن استقرار الاقتصاد على المدى القريب، وتمهد الطريق نحو تنويع مستدام يخفف من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات".
ويحذر المختصون من أن هذا النهج الريعي يُبقي الموازنة رهينة لتقلبات السوق النفطية، ويحول دون تحقيق استقرار مالي واقتصادي طويل الأمد، خصوصاً في ظل ضعف التنويع في الموارد وغياب سياسات فعالة لتطوير القطاعات الإنتاجية.
وتأتي هذه الاحصائيات لتنسف الحديث الحكومي عن رفع المساهمات غير النفطية بتمويل الموازنة العامة، يظل العراق نموذجًا واضحًا للاقتصاد الريعي، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على مصدر دخل واحد، وهو النفط. هذا النمط الاقتصادي أحادي الجانب جعل البلاد عرضة للصدمات المالية والاقتصادية.
ويؤكد الباحثون، أن الإصلاح الاقتصادي في العراق يتطلب تنويع مصادر الدخل، وإعادة توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية، وتطبيق سياسات عادلة لتوزيع الثروة، وخلق بيئة تشجع على المعرفة والإبداع بدل الاعتماد على الريع وحده. وإلا فإن الاقتصاد العراقي سيظل هشًا، معرضًا للتقلبات، ويزيد من الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى الخبراء أن التحول نحو اقتصاد مستدام ومنتج، يعتمد على الصناعة والزراعة والسياحة والطاقة المتجددة، أصبح ضرورة ملحة لوقف مسلسل الفقر الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاقتصادية بين مختلف شرائح المجتمع العراقي.
******************************************
احتجاج فلاحي حاشد في مفرق غماس يندد بشحّ المياه وبالتجاهل الحكومي للخسائر
النجف – احمد عباس
تظاهر المئات من الفلاحين والمزارعين من محافظات النجف والديوانية والسماوة في مفرق غماس، عند تقاطع النجف/الديوانية، احتجاجًا على شح المياه وحرمانهم من ممارسة الزراعة على أراضيهم، مطالبين الحكومة بتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها نتيجة عدم قدرتهم على زراعة محاصيلهم. وأكد المتظاهرون، أن غياب سياسة مائية زراعية واضحة أدى إلى تعطيل الزراعة بشكل واسع، ما تسبب بخسائر مالية كبيرة، مطالبين بتوفير المستلزمات الأساسية من المياه والأسمدة والمبيدات والبذور، ووضع خطط شاملة لدعم القطاع الزراعي وضمان استمرارية الإنتاج. ورفع المعتصمون لافتات تطالب بـ"سياسات مائية وزراعية مناسبة" وتأكيد "أهمية دعم الفلاحين وتعويضهم لضمان عدم هجرتهم لأراضيهم بسبب الأزمات المتكررة".
ويواصل المزارعون اعتصامهم لليوم السادس على التوالي عند مفرق غماس، مستخدمين سياراتهم الزراعية لقطع الطريق تعبيرًا عن غضبهم، فيما أظهرت صور انتشار الحاصودات على الطريق، ما شكل حاجزًا أمام حركة مرور السيارات. وأشار المعتصمون إلى ضرورة السماح بزراعة محاصيل مثل العنبر التي مُنعت سابقًا بسبب استهلاكها الكبير للمياه، مؤكدين أنهم سيستمرون في الاحتجاج حتى تلبية مطالبهم المشروعة.
*******************************************
ومضة.. مبعوث أمريكي ثالث إلى العراق .. لماذا؟!
صبحي الجميلي
أعلنت الولايات المتحدة الامريكية أخيرا عن تعيين مارك سافايا، العراقي الكلداني الأصل، مبعوثا خاصا لها في العراق. وأثار هذا التعيين اهتماما وجدلا في الأوساط السياسية والإعلامية واوساط الرأي العام، داخل العراق وخارجه.
ثالث مبعوث امريكي بعد ٢٠٠٣ ، في مقطع زمني حساس ليس فقط بالنسبة للعراق، بل وللمنطقة. فهو يجيء بعد قمة شرم الشيخ ووقف الحرب العدوانية الصهيونية على سكان قطاع غزة والشعب الفلسطيني عموما، وبعد التطورات في لبنان وسوريا واستمرار اعتداءات دولة الاحتلال عليهما، كذلك الضغوط الامريكية متعددة الاشكال على العراق، ليبتعد عن ايران ويتخلص من السلاح خارج مؤسسات الدولة ويفكك ما سواه، وبعد التهديد بأشد العقوبات في حال التهاون في ذلك، والى جانب تشديد العقوبات على ايران والتلويح بمعاودة مهاجمتها عسكريا .
ويأتي المبعوث الجديد عشية الانتخابات البرلمانية العراقية الجديدة، وما تشهد من تدافع شرس بين الأقطاب المتنفذين ليس على عضوية البرلمان فقط، بل أساسا على المواقع الثلاثة الأولى في الدولة، وسط انقسامات حادة في شان العلاقة مع كل من أمريكا وايران.
ولا يقل الملف الاقتصادي أهمية عن تلك الملفات الشائكة والعالقة، وانعدام المقاربة الوطنية الموحدة في التعامل معها. خصوصا لجهة المعارضة الأمريكية لما يسمى " النفوذ الاقتصادي الصيني في العراق ". ولاقى هذا الضغط أخيرا استجابات من الجهات الرسمية العراقية، خاصة في مجال النفط والعقود التي ابرمت مع شركات أمريكية، جرى فيها التخلي عن عقود الخدمة لصالح الشراكة ، وهي عودة غير حميدة لتيسير التحكم بالنفط العراقي وهيمنة الشركات عليه. وهنا يجدر التذكير بما قاله ترامب في مؤتمر شرم الشيخ من ان "العراق بلد مليء بالنفط ، لديهم الكثير من النفط لدرجة انهم لا يعرفون ماذا يفعلون به، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة عندما تملك الكثير ولا تعرف كيف تتصرف به"!
ويشكل تعيين سافايا تجاوزا للطرق الدبلوماسية التقليدية، ويجيء ضمن الظروف المتشابكة داخليا وإقليميا، ومساعي ادارة ترامب الدائبة لتمديد "الاتفاقات الابراهيمية" والتطبيع مع الكيان الصهيوني. فعلى أيّ الملفات سيركز سافايا ؟ قبل هذا وذاك تتوجب الإشارة الى ان التعيين بحد ذاته لا يعكس وضعا طبيعيا، بل ربما تريد إدارة ترامب عبره ان تقول لنا ان أوضاع بلدكم الاستثنائية تتطلب إجراءات استثنائية، مع اقتراب الموعد المفترض لانهاء وجود قوات التحالف الدولي، الذي بدأ غداة تمدد داعش الإرهابي في أراضي الوطن.
وطبيعي ان يثير هذا التعيين قلقا عراقيا وطنيا مشروعا، ليس فقط ارتباطا بغموض مهمته والملفات المراد تعامله معها، بل كذلك بالنظر لتعامل المبعوثين الامريكيين السابقين وممارستهم دور "المندوب السامي"، مثلما فعل بول بريمر وبريت ماكغورك.
وبغض النظر عن دوافع هذا تعيين المبعوث الثالث هذا، وقول سافايا ان مهمته "تتركز على إعادة بناء الثقة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين العراق وواشنطن"، ورفعه شعار "لنجعل العراق عظيما من جديد "، فان هذا الاجراء الأمريكي المنفرد يؤشر من جانب آخر وجود مشكلة عراقية داخلية، وهي حقا كذلك. وهذا ما تجلى في هشاشة المواقف السياسية والرسمية من هذا التعيين، والتي تعكس عمق الانقسامات الداخلية، التي تحول دون بلورة موقف وطني موحد، خصوصا في موضوع سيادة العراق واستقلالية قراره الوطني وشبكة علاقاته الإقليمية والدولية، والقدرة على إقامة علاقات متوازنة تحكمها المصالح المشتركة.
ان مثل هذا الاجراء الأمريكي غير الاعتيادي، وفي هذه الظروف الحساسة والمعقدة، يتوجب ان يكون رسالة تحذير وجرس انذار للعراقيين، كي يعيدوا التقويم والمراجعة، والتيقن من ان أوضاع البلد الداخلية لن تُحل بالتماهي مع اجندات خارجية، او على مكاتب هذا المبعوث او ذاك. وانما هي قبل كل شيء بحاجة الى إرادة وطنية عراقية قوية، ترتقي الى مستوى ما يحيط البلد من إشكالات بنيوية جدية، وتمضي عبر اصطفاف وطني وبمشروع وطني، لإنقاذ البلد مما هو فيه. وبعكسه سيزداد عدد المبعوثين الخاصين، وتتفاقم تدخلات الاخرين الخارجيين بمختلف الاشكال والانواع. ذلك ان ضعف الوضع الداخلي وهشاشته، يغريان الآخرين بالتدخل تحقيقا لمصالحهم ومآربهم .
***************************************
تعزية
ببالغ الحزن والأسى، ينعى المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي العراقي رحيل الزميل عوف عبد الرحمن العطّار، عضو تنسيقية الكرخ للتيار الديمقراطي العراقي وعضو التيار القاسمي، الذي فقدناه بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإخلاص والالتزام بالمبادئ الوطنية والديمقراطية.
لقد كان الفقيد مثالًا للإنسان الصادق في انتمائه، والمخلص في عمله، والمدافع عن قيم المواطنة والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية، مشاركًا بفاعلية في نشاطات التيار ومبادراته المجتمعية.
إننا إذ نودّع زميلًا عزيزًا ورفيق دربٍ صادق، نتقدّم بأحرّ التعازي إلى عائلته الكريمة، وزملائه في تنسيقية الكرخ، وأصدقائه في التيار القاسمي، وجميع محبّيه، سائلين المولى عزّ وجل أن يتغمّده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان.
للفقيد الرحمة والخلود،
ولأهله ورفاقه ومحبيه حسن العزاء.
المكتب التنفيذي
للتيار الديمقراطي العراقي
بغداد – ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
**********************************************
الصفحة الثالثة
دعوة نيابية لتضمين جولات التراخيص المقبلة {فقرة بيئية} للحد من التلوث في البصرة.. الانبعاثات النفطية ترفع معدلات السرطان والأمراض التنفسية
بغداد – تبارك عبد المجيد
تعد محافظة البصرة قلب الاقتصاد العراقي وأغنى مدنه بالنفط، لكن سكانها يعيشون اليوم وسط واحدة من أخطر الأزمات البيئية في البلاد؛ فبينما تحتضن المحافظة أكثر من 70 في المائة من احتياطي النفط العراقي، تختنق سماؤها بدخان الحقول وتغمرها روائح الغاز المحترق، ما جعل من “نعمة النفط” نقمة تهدد حياة الناس وصحتهم.
وتشير شهادات محلية وتقارير طبية إلى تزايد ملحوظ في أعداد المصابين بالأمراض السرطانية والتنفسية خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في المناطق القريبة من مواقع استخراج النفط، حيث تتصاعد الانبعاثات الغازية بلا رقابة فاعلة أو حلول جذرية، في ظل صمت حكومي يثير قلق الأهالي وخبراء البيئة على حد سواء.
وبالحديث عن تزايد حالات الإصابة بالأمراض السرطانية والتنفسية، عزا النائب عن محافظة البصرة علي عبد الستار المشكور، الأسباب إلى الانبعاثات الغازية الناتجة عن عمليات استخراج النفط، مبيناً أن "هذه الظاهرة باتت تهدد حياة المواطنين بشكل مباشر، لا سيما في المناطق القريبة من الحقول النفطية مثل الزبير والقرنة والرميلة".
وقال المشكور في حديثه لـ"طريق الشعب"، إن "محافظة البصرة تشهد ارتفاعا في معدلات الإصابة بالأمراض التنفسية والسرطانية بسبب الانبعاثات الغازية المصاحبة لاستخراج النفط، في ظل غياب إجراءات بيئية فاعلة، للحد من التلوث".
ودعا النائب الحكومة ووزارة النفط إلى "إدراج فقرة خاصة بالانبعاثات الغازية ضمن جولات التراخيص النفطية المقبلة، تلزم الشركات باتخاذ تدابير صارمة لحماية البيئة وتقليل الآثار المترتبة على عمليات الإنتاج"، مؤكداً أن "حماية صحة المواطنين يجب أن تكون أولوية وطنية لا تقل أهمية عن العوائد الاقتصادية التي تحققها الصناعة النفطية".
هواء البصرة خليط من المواد السامة
وقال محمد الياسري، متخصص في الكيمياء الحياتية، إنّ “الهواء في البصرة لم يعد نقياً كما كان؛ فعمليات حرق الغاز المصاحب في الحقول النفطية تطلق خليطاً من الغازات السامة التي تُعد من أخطر الملوثات الكيميائية على الإطلاق".
وأضاف الياسري في تعليق لـ"طريق الشعب"، أن "انبعاثات مثل ثاني أوكسيد الكبريت وأوكسيدات النيتروجين والجسيمات الدقيقة الناتجة عن الاحتراق غير المنضبط، لا تبقى في الهواء فقط، بل تتفاعل مع المكونات الجوية لتنتج مركّبات أكثر سمية، تؤدي إلى التهابات مزمنة في الرئتين وتضعف المناعة وتزيد من احتمالات الإصابة بالسرطان".
فيما حذر الياسري من أن "خطر التلوث لا يتوقف عند الهواء، بل يمتد إلى عمق الأرض والمياه الجوفية بفعل تسرب المواد الكيميائية الناتجة عن المصانع النفطية ومحطات المعالجة"، مشيراً إلى أن "هذه الترسبات السامة تغيّر تركيب التربة وتضعف خصوبتها، كما تجعل المياه غير صالحة للاستخدام الزراعي أو البشري، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للغذاء وصحة السكان".
وتابع أن "ما يحدث اليوم في البصرة ليس تلوثاً عادياً، بل أزمة بيئية متكاملة الأبعاد، تتفاقم مع غياب الرقابة وضعف المعالجة الحكومية"، لافتاً إلى أن "المدينة أصبحت تُصنف من بين أكثر المدن تلوثاً في الشرق الأوسط، ما يستدعي إعلان حالة طوارئ بيئية ووضع خطط عاجلة للحد من الانبعاثات وتنقية مصادر المياه والتربة".
تفاقم الأمراض السرطانية والتنفسية
من جهته، قال سعد البصراوي، ناشط بيئي من محافظة البصرة، إن "مع غياب الحلول الجذرية حتى الآن، تبقى سماء البصرة محملة بدخان الحقول ومخلفات مواقد الغاز التي لا تنطفئ، فيما يتزايد قلق سكانها من أن تتحول محافظتهم الغنية بالنفط إلى بؤرة للأمراض والتلوث البيئي المستدام".
وأضاف البصراوي في تعليق لـ"طريق الشعب"، أن "المشهد في مناطق مثل الرميلة والقرنة لا يختلف كثيراً، حيث سحب سوداء كثيفة تغطي الأفق ليل نهار، وروائح خانقة تحاصر البيوت والمدارس والمزارع"، ويؤكد ان "الإحصاءات المحلية تشير إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات أمراض السرطان والحساسية والربو بين الأطفال والنساء على وجه الخصوص".
وأوضح البصراوي أن "الانبعاثات الناتجة عن حرق الغاز المصاحب ليست مجرد مظهر بصري مزعج، بل هي مصدر لمواد كيميائية سامة كأول أوكسيد الكربون والهيدروكربونات الثقيلة التي تتغلغل في الهواء والماء والتربة"، مؤكداً أن "السكوت الرسمي عن هذه الكارثة يمثل تجاهلاً لحق الناس في بيئة نظيفة وصحية".
وختم بالقول إن "الأهالي يشعرون بأن ثروة النفط التي كان يُفترض أن تكون نعمة، تحولت إلى عبء يهدد حياتهم اليومية، في ظل غياب رقابة بيئية حقيقية أو استراتيجيات حكومية للحد من التلوث، وهو ما يجعل أزمة البصرة البيئية تتجه نحو مرحلة خطيرة إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة".
البصريون بمواجهة كارثة بيئية يومية
من جهتها، قالت د. زهراء كاظم، الطبيبة الأخصائية في البصرة، إنّ "الواقع الصحي في المحافظة يواجه ضغوطاً كبيرة نتيجة الارتفاع المستمر في أعداد المصابين بالأمراض السرطانية والتنفسية، خاصة في المناطق القريبة من الحقول النفطية".
وأضافت كاظم لـ"طريق الشعب"، أن "أغلب المستشفيات في البصرة تعمل بإمكانات محدودة لا تتناسب مع حجم الإصابات، فعدد الأسرة المخصصة لمرضى السرطان أقل بكثير من الحاجة الفعلية، كما أن بعض الأجهزة التشخيصية والعلاجية تعاني من أعطال متكررة أو نقص في المواد المشعة والمحاليل الضرورية للفحوصات".
وأشارت الى أن المحافظة افتتحت مستشفى بسعة ما يقارب ٤٠٠ سرير، مطالبة بإيجاد قسم خاص للأمراض التنفسية.
وتابعت أن "المرضى يضطرون في كثير من الأحيان للسفر إلى بغداد أو خارج العراق لإكمال علاجهم بسبب قلة الأدوية الكيماوية وتفاوت وصول الجرعات في المواعيد المقررة، ما يؤثر سلباً على نتائج العلاج ويضاعف معاناة العائلات"، مؤكدة أن "الأمراض التنفسية أيضاً تسجل زيادة لافتة، فيما تفتقر المستشفيات إلى أجهزة تنقية هواء وغرف عزل مناسبة لحالات الربو والتحسس الشديد".
وختمت كاظم بالقول إن "الواقع الصحي في البصرة لا يمكن فصله عن أزمة التلوث البيئي، فالمستشفيات اليوم تعالج نتائج كارثة بيئية يومية، في حين أن الحل الحقيقي يبدأ من السيطرة على مصادر الانبعاثات وتقليل التلوث في الهواء والماء، وليس فقط من قاعات العلاج".
****************************************************
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق بين المطرقة والسندان
نشرت مجلة (ذي أتلانتك) الأمريكية مقالًا للكاتب روبرت وورث، وصف فيه العراق الغني بالنفط بأنه آخر حليف لإيران في الشرق الأوسط، وأنه ما زال عاجزًا عن الخروج من دائرة الصراع بين واشنطن وطهران، رغم نجاته من الحروب والصراعات الدامية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية.
هدوء مشوب بالحذر
وذكر الكاتب أن الطريق السريع المؤدي من مطار العاصمة الدولي، والذي كان يُعد الأخطر في العالم قبل عقدين، يبدو اليوم جميلًا، وقد اصطفت على جانبيه الأبراج السكنية الشاهقة. غير أن العراقيين يخشون ألا يدوم هذا الهدوء طويلًا، بعدما وجد العراق نفسه في وضع غير مريح، إذ بات آخر حليف رئيسي لطهران في المنطقة، وشريان حياة اقتصاديًا لها، على حدّ تعبير الكاتب.
ورغم أن رئيس الحكومة، الذي ينسب إلى نفسه الفضل في تحقيق توازن مثمر في العلاقة مع واشنطن وطهران، كان وراء العديد من هذه المشاريع، بما في ذلك تعيين أكثر من مليون موظف حكومي خلال العام الماضي في محاولة لمعالجة أزمة البطالة، فإن حالة الهدوء والازدهار النسبيين اللذين يسبقان انتخابات الحادي عشر من تشرين الثاني المقبل، تواجه مخاطر جدية في حال تعرضت الدولة للإفلاس أو زُجّت مجددًا في ساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران.
مشكلة الفساد
وأشار الكاتب إلى أن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا وفّر للعراق موارد مالية كبيرة، لكن تفشي الفساد التهم معظمها، رغم أنه لا أحد يستطيع تحديد حجم الأموال المنهوبة بدقة، باستثناء ما كُشف عنه في بعض الفضائح الكبرى، مثل "سرقة القرن". واستدرك وورث قائلًا إن معظم الأموال المسروقة تتسرب إلى خزائن الأوليغارشية المهيمنة، من عسكريين ومدنيين. كما أشار إلى أن التوظيف الحكومي الهائل قد يكون سببًا في خفوت أصوات الاحتجاج مؤقتًا، إلا أنه من المتوقع أن تعود هذه الأصوات إلى الواجهة حالما ينخفض سعر النفط إلى ما دون مستوى لا تستطيع عنده الحكومة دفع رواتب موظفيها.
الانتخابات
وفي ما يخص الانتخابات، توقّع الكاتب – استنادًا إلى ما وصفه باستطلاعات للرأي – أن تكون نسبة المشاركة في التصويت منخفضة على نحوٍ قياسي، مما قد يعقّد تشكيل الحكومة المقبلة. وأضاف أن تردي الخدمات الأساسية، ولا سيما الكهرباء، يضعف من مصداقية الحكومة وحماسة الناخبين.
تحديات خطيرة
وفي موقع Responsible Statecraft كتب جيمس دورسو مقالًا أشار فيه إلى أن الحكومة العراقية المقبلة ستواجه ثلاثة تحديات رئيسية، أزمة المياه، والعلاقات مع الولايات المتحدة، والتشابك الإقليمي مع إيران.
فعلى صعيد التحدي الأول، تُعد ندرة المياه المشكلة الأكثر إلحاحًا في العراق، إذ يعتمد على تركيا وإيران في توفير نحو 75 في المائة من مياهه العذبة. ورغم توصل بغداد وأنقرة إلى مسودة اتفاقية لتقاسم المياه تتضمن إعادة تأهيل البنية التحتية بواسطة شركات تركية، وتشكيل مجموعة استشارية دائمة لتنسيق قرارات تقاسم المياه المستقبلية، فإن البلاد ما زالت تعاني من الجفاف، حيث تحتفظ خزاناتها المائية بأقل من ثمانية مليارات متر مكعب، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من ثمانية عقود. كما تراجعت الأهوار بصورة تهدد التنوع البيولوجي وتُشرّد المجتمعات المحلية.
أما التحدي الثاني، فيتمثل في تنظيم العلاقة مع واشنطن في ضوء الاتفاق الأخير الذي أدى إلى انسحاب القوات القتالية الأمريكية، مع بقاء وحدات صغيرة في كردستان العراق وقاعدة عين الأسد الجوية للمساعدة في عمليات مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، فإن إدارة هذه العلاقة عمليًا لا تبدو بالسهولة المتوقعة.
ويتعلق التحدي الثالث بتجنّب التورط في الصراع الأمريكي–الإيراني والتحول إلى ساحة معركة بالوكالة، في ظل وجود أصوات قوية في الكونغرس الأمريكي تدعو إلى فرض عقوبات على العراق كجزء من حملة "الضغط الأقصى" على إيران، وتشمل هذه العقوبات القطاعين المصرفي والنفطي العراقيين، ووزير المالية، ورئيس المحكمة الاتحادية العليا، وآخرين، وهو ما قد ينسف اقتصاد العراق ويقوض سيادته.
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن شعار “العراق أولًا” يتطلب مواجهة الديناميكيات التي تهدد الاستقرار الوطني، من خلال الموازنة بين واشنطن وطهران، والحفاظ على استقلال العراق الهش، وإجراء إصلاحات اقتصادية وأمنية، وموازنة الاحتياجات المحلية مع الضغوط الخارجية، لأن ذلك – كما يرى – سيحدد مستقبل العراق أكثر بكثير من نتائج الانتخابات المباشرة.
*******************************
عين على الأحداث
{معالي} اللصوص
كشف مكتَب إعلانات "ميتا"، الذي يرصد الحملات السياسية المموَّلة في كل بلد، عن قيام عددٍ من المرشحين في الانتخابات القادمة بإنفاق أكثر من مليون دولار أمريكي على إعلاناتٍ ممولة في "فيسبوك" و"إنستغرام" خلال الفترة بين تموز وأيلول 2025. وفيما حظيت محافظتا بغداد ونينوى بأعلى حصة من هذا الإنفاق (حوالي 40 في المائة)، بقيت هوية 60 في المائة من أصحاب هذا الإنفاق مجهولة للشركة وللرأي العام. هذا وفيما يُتوقَّع أن تتجاوز تكاليف الحملة الانتخابية في العاصمة 150 مليار دينار، يخشى الناس من مستوى النهب الذي ستشهده البلاد بعد الانتخابات، كي يستعيد المنفقون أموالهم.
إتقان العمل فضيلة!
أعلن مركز "مترو" لحماية الصحفيين، واستنادًا إلى مؤسسة "شمس" لمراقبة الانتخابات، عن وقوع 1150 انتهاكًا خلال الحملة الانتخابية حتى الآن. وسُجِّلت معظم الانتهاكات في محافظات بغداد والبصرة وأربيل والسليمانية. وشملت بعض هذه الانتهاكات استخدام موارد الدولة في الدعاية الانتخابية، وتمزيق ملصقات المرشحين، ونشر رسائل الكراهية والتحريض، والاعتداء على المرشحين عبر وسائل الإعلام الرقمية، وشراء الأصوات، ومحاولات التأثير على آراء الناخبين أو تغييرها بشكلٍ غير قانوني. ويرى المراقبون أن التهاون الذي تبديه المفوضية مع منتهكي تعليماتها لا يُضعف مصداقية العملية الانتخابية فحسب، بل وقد يقلل أيضًا من حماس الناخبين للمشاركة فيها.
شمنتظرين؟!
بسبب سحب الكبريت والانبعاثات السامة، سُجِّلت في بغداد حالات اختناقٍ شديدة، وشكا المواطنون من تعرضهم لموتٍ بطيء جراء هذه السموم، التي تنطلق – وفق وزارة البيئة – من ثمانية آلاف منشأة صناعية، و177 كورة لصهر المعادن، و60 معملاً للطابوق، و30 معملاً للأسفلت، بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من مواقع الحرق العشوائي للنفايات، والغازات الهائلة المنبعثة من آلاف المولدات والمركبات. هذا وفيما يحتلّ العراق المرتبة السادسة بين أسوأ دول العالم في جودة الهواء، إذ يبلغ تلوثه في بغداد تحديدًا 26.8 ضعفًا للقيمة الإرشادية بحسب منظمة الصحة العالمية، يتساءل الناس عمّا يعيق المسؤولين عن معالجة المشكلة بعد أن شخصوا أسبابها.
{مستقلين} وداعتك!
تراجع عدد المرشحين المستقلين من 789 مرشحًا في الانتخابات السابقة إلى 76 فقط هذا العام، في واحدةٍ من أكبر حالات الانكماش السياسي في تاريخ التجربة الديمقراطية العراقية الحديثة. ويُعزى ذلك إلى اعتماد قانون سانت ليغو المعدَّل الذي يمنح الأفضلية للأحزاب الكبيرة ويحرم المرشحين الفرديين من فرص الفوز، وإلى قيام المتنفذين باستنساخ أنفسهم على شكل مرشحين لا حزبيين، مما أفقد الاستقلالية مصداقيتها، إضافة إلى خيبة الناس من أغلب النواب "المستقلين" الذين تخلوا عن حيادهم، مقابل مغريات السلطة والثروة. هذا ومن المتوقع أن تؤثر هذه الظاهرة سلبًا على نسب التصويت، وأن تخدم منظومة المحاصصة المأزومة.
اعتراض (يوك)!
وجّه مراقبون انتقادات شديدة إلى الاتفاق الذي وقّعته الحكومة مع تركيا، للحصول على مليار متر مكعب من المياه مقابل منح الشركات التركية السيطرة على البنية التحتية المائية، وتمويل ذلك من عوائد النفط، في ما صار يُعرف بـ "النفط مقابل الماء". واستندت الانتقادات إلى تفريط الحكومة بأربعة عشر بندًا قانونيًا يمكن بها ضمان حقوقنا المائية، ومن بينها اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية، واتفاقية رامسار للأراضي الرطبة، وقواعد هلسنكي وبرلين، وبروتوكولات 1946 و1978 و1987 بين البلدين، فضلًا عن محاضر اجتماعات لجان المياه العراقية–التركية الممتدة 1980 ـ 2020، إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة.
****************************************
الصفحة الرابعة
في بابل.. {الأرض تحرق لتباع} تجريف منظم وتحذير من كارثة بيئية وشيكة
بغداد – طريق الشعب
في وقت تتزايد فيه التحذيرات من مخاطر التصحر والجفاف، تشهد محافظة بابل جدلاً واسعًا حول ظاهرة تجريف الأراضي الزراعية والغابات وتحويلها إلى مناطق سكنية أو استثمارية، ما دفع وزارة الزراعة إلى تشكيل لجنة تحقيقية عاجلة للنظر في أسباب هذه التجاوزات وتداعياتها البيئية.
وتزامن القرار مع تصاعد الشكاوى من مسؤولين محليين وخبراء بيئيين بشأن تفاقم الأزمة الزراعية في المحافظة، في ظل تراجع الإطلاقات المائية وغياب التنظيم في إدارة الأراضي، فيما توجه الاتهامات إلى جهات نافذة بالضلوع في عمليات البيع والتجريف.
لجنة زراعية عاجلة
شكلت وزارة الزراعةلجنة تحقيقية عاجلة للتحقيق في ظاهرة تجريف أراضي الغابات في محافظة بابل. ووفقاً لبيان الوزارة، فقد جاء قرار وزير الزراعة خلال اجتماع هيئة الرأي الحادي عشر بناءً على ما عرضه مدير عام الدائرة القانونية وما أُثير مؤخراً، والذي وجه بالتحقيق في ملابسات التجريف والعقود الاستثمارية المبرمة على تلك الأراضي.
وأوضح البيان، أن "اللجنة ستباشر عملها فوراً لرفع تقرير مفصل"، مؤكداً "اتخاذ إجراءات قانونية رادعة لحماية الثروة الوطنية من أي تجاوزات". كما دعت المواطنين إلى "التعاون والإبلاغ عن أية حالات تجاوز أو تجريف".
مخالفة قانونية صريحة
ذكر مسؤول إعلام قائمقامية قضاء المحاويل، علي محسن، أن لجنة خاصة تتابع ملف تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مناطق سكنية في القضاء، مشدداً على أن "الدولة تقف ضد هذه الممارسات كونها تمثل مخالفة قانونية صريحة".
وقال محسن لـ"طريق الشعب"، أن "بعض المواطنين يعمدون إلى رفع الأراضي الزراعية وتسويتها بهدف بناء مساكن بدلاً من استغلالها للزراعة"، مبينًا أن "السبب الرئيس وراء ذلك يعود إلى الجفاف وتراجع الموارد المائية، ما يدفع المزارعين إلى ترك الزراعة والبحث عن بدائل سكنية أرخص من شراء الأراضي السكنية الرسمية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير".
وأشار إلى أن "اللجنة التي شُكلت لهذا الغرض مستمرة في متابعة المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، للحد من هذه الظاهرة التي تهدد الأمن الغذائي وتؤثر على البيئة الزراعية في القضاء".
مرحلة خطيرة
من جهتها، أكدت مستشارة محافظ بابل لشؤون الزراعة والمياه والاثار، هبة الدليمي أن العراق يمرّ حاليا بمرحلة خطرة من التصحر والجفاف، مشيرةً إلى أن مظاهر الشتاء تكاد تختفي تماما، فلا أمطار ولا برودة ولا حتى مؤشرات موسمية طبيعية كما كان في السابق.
وقالت الدليمي لـ"طريق الشعب"، "نحن الآن في منتصف الموسم تقريبا، لكن لا نرى أية علامات على حلول الشتاء، لا أمطار ولا برد، والأنهار تعاني من قلة الإطلاقات المائية، خصوصًا من نهر الفرات، ما أدى إلى تفاقم حالة الجفاف".
وأضافت أن هذا الجفاف انعكس بشكل مباشر على الزراعة، مبينةً أن " الزراعة شبه معدومة في الموسم الحالي، كما ان بعض المناطق لم تزرع ذرة إطلاقًا".
وأوضحت الدليمي، أن من أبرز العوامل التي كانت تسهم في تلطيف المناخ وتنقية الهواء هو الزراعة والغطاء النباتي.
وانتقدت الدليمي بشدة ظاهرة تجريف الأراضي الزراعية وبيعها، مشيرةً إلى أن "كثيرين ممن يملكون المال يشترون الأراضي الزراعية ويجرفونها ويبيعونها بأسعار خيالية، حتى إن بعض مديري الطابو متورطون في هذه التجاوزات".
وأردفت قائلة إن "الزراعة تقدّم شكاوى يومية ضد المتجاوزين، لكن دون نتيجة. هذا في وقت أصبح فيه المتنفس الطبيعي الوحيد للعراق في خطر، فلا أمطار، ولا إطلاقات مائية من تركيا، ولا غطاء نباتي يحافظ على توازن الجو".
كما بينت أن أشجار النخيل لا تؤدي نفس دور بقية الأشجار في إنتاج الأوكسجين أو تلطيف المناخ، مضيفة: "النخيل لا يساهم في إنتاج الأوكسجين كما تفعل أنواع الأشجار الأخرى، وبالتالي الاعتماد عليه وحده لا يكفي".
وتحدثت الدليمي عن إهمال تنظيف الأنهر والجداول، مشيرةً إلى أن انتشار النباتات المائية والقصب يمنع تدفق المياه، ويؤدي إلى زيادة التبخر وخسارة كميات كبيرة منها.
وقالت ان "الآليات التي نمتلكها لتنظيف الجداول والأنهر بدائية ومتهالكة، وهذا يفاقم المشكلة. الزهرة التي تظهر الآن في بعض الأنهر تمنع وصول المياه وتزيد من معدلات التبخر بشكل كبير".
وأكدت أن الحكومة المحلية بصدد تشكيل لجنة تحقيقية الأسبوع المقبل برئاستها، لمتابعة ملف تجريف الغابات وتحديد الجهات المستفيدة والمسؤولة عن هذا الدمار البيئي، مشيرةً إلى أن وزارة الزراعة شكّلت أيضا لجنة خاصة بالموضوع.
واختتمت حديثها بالقول: "لدي تقرير شامل سأقدمه الأسبوع المقبل يوضح حجم الكارثة وأطرافها، على أمل أن نبدأ بخطوات فعلية للمعالجة".
شحّ مائي
وقال مدير زراعة بابل ثامر الخفاجي إن المحافظة تُعد من أهم المحافظات الزراعية في العراق، نظراً لما تمتلكه من أنهار وجداول رئيسية تمر عبرها مثل نهر المشروع وجدول المحاويل وبابل والخميسية التي تغطي مساحات واسعة من أراضيها الزراعية.
وأضاف أن بابل تشهد في الوقت الحالي شحاً مائياً واضحاً أثّر على النشاط الزراعي وأدى إلى تراجع المساحات الخضراء بشكل ملحوظ، موضحاً أن هناك أراضي مزروعة لا تملك سجلات قانونية أو تصنيفات رسمية، الأمر الذي يجعلها خارج إطار الغابات أو الأراضي الزراعية المعترف بها.
وأوضح الخفاجي، أن وزارة الزراعة اتخذت خطوات تنظيمية جديدة لمعالجة هذا الملف، حيث شكل وزير الزراعة لجنة وزارية برئاسة معاون المدير العام للأراضي وعضوية ممثلين عن الوزارة المعنية لتصنيف الأراضي الزراعية في المحافظة وفق معايير محددة وقد تم اعتماد نظام الألوان لتحديد وضع كل قطعة أرض بهدف تنظيم الاستثمار وحماية الغابات والأراضي المشجرة.
وبيّن أن الأراضي التي تحتوي على أشجار مثمرة جرى تصنيفها ضمن الأراضي الخضراء بينما الأراضي التي كانت مفرغة سابقاً بقيت على حالها وفق النظام السابق أعطيت اللون البنفسجي، في حين تم تحديد الأراضي المتجاوز عليها كأراض حمراء سيتم عرضها للاستثمار أو تأجيرها. أما الأراضي البيضاء فهي غير المستثمرة أو الخالية من الغطاء الشجري وسيُعاد تأهيلها ضمن مشاريع استثمارية مستقبلية.
وأشار إلى أن الوزارة باشرت فعلاً توزيع الأراضي البيضاء على المستثمرين بمساحات صغيرة تتراوح بين عشرة وعشرين دونماً، على أن يتعهد المستثمرون بتنظيفها وإعادة تشجيرها بأشجار النخيل والحمضيات والزيتون ذات الجدوى الاقتصادية العالية، مبيناً أن بعض المستثمرين بدأوا إزالة النباتات الطبيعية القديمة التي يتجاوز عمرها ثلاثين أو أربعين عاماً من أجل زراعة أنواع جديدة ذات مردود اقتصادي أفضل.
وأوضح أن هذه الممارسات أثارت ردود فعل واسعة بعد أن عُدت من قبل بعض النواب والمهتمين تجريفاً للأراضي المشجرة واعتداء على الغابات الطبيعية ما دفع الوزارة إلى تشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة طبيعة ما جرى في الغابات، وحجم الضرر الذي لحق بالأشجار.
وأكد أن أحد نواب بابل قدم بلاغاً رسمياً حول قيام بعض الفلاحين بإحراق أجزاء من الغابات بغية إزالة صفة الغابة عنها، وتحويلها إلى أراض بيضاء قابلة للاستثمار.
وتابع، ان "احد المتفرغين (مهندس زراعي منحت له ارض، تملك له بعد ١٥ عاما) باع أرضا بمساحة ٤٠ دونماً، إلى نقابة المعلمين التي وزعتها هي الاخرى على المعلمين. واحد أصحاب هذه الدور قام بحرق نفايات خلف بيته، ما أدى إلى حريق التهم ١٣ دونما، وكانت النيران مهددة بالامتداد إلى أكثر من ألف ومئتين وخمسة وعشرين دونماً وربما إلى تسعة آلاف دونم.
وأوضح أن "الجهات المحلية تمكنت من السيطرة على الحريق بسرعة كبيرة بعد تدخل المحافظ الذي وجّه بتشكيل غرفة عمليات مشتركة ضمت الدفاع المدني والشرطة والزراعة والموارد المائية والمجاري، وتم توفير ٢٠ آلية إطفاء، و٢٠ آلية حربية لتغذيتها بالمياه".
وأكد الخفاجي أن هذا الجهد اعتُبر من أكبر وأسرع الإنجازات في التعامل مع حرائق الغابات في العراق، مقارنة بدول كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وأستراليا التي تواجه صعوبة في السيطرة على حرائق الغابات رغم إمكانياتها الضخمة، لافتاً إلى أن فرق الدفاع المدني بقيت داخل الغابات لمدة ثلاثة أيام متواصلة، تحسباً لاشتعال النيران مرة أخرى، حتى تم إخمادها بالكامل.
********************************************
قرار التسليح ما زال في يد الولايات المتحدة هيمنة سياسية محلية وإقليمية عطلت بناء سلاح الجو العراقي
بغداد - طريق الشعب
بعد مرور 22 عاماً على الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط النظام السابق، تواصل القوات الجوية العراقية مواجهة تحديات كبيرة انعكست على وضعها الحالي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
فقد شهد السلاح الجوي العراقي تراجعاً حاداً في قدراته القتالية، وما زال يعاني من التخلف تكنلوجياً، ما جعله يحتل المراتب الأخيرة عالمياً وفق التصنيفات الدولية الحديثة.
ما أسباب التراجع؟
ويعزو خبراء هذه الهشاشة إلى تفكيك منظومات الدفاع الجوي والقوة الجوية بعد الاحتلال، والفساد وضعف الاستثمار في التحديث والتطوير، إضافة إلى سيطرة الولايات المتحدة على صفقات التسليح وقطع الغيار، بهدف منع تسرب التكنولوجيا المتقدمة إلى العراق أو منه الى دول أخرى.
وانعكست هذه الحالة بشكل واضح، على عجز العراق عن حماية أجوائه وتأمين سيادته الوطنية، كما حدث في حرب الـ 12 يوما مثلاً بين إيران والكيان الصهيوني، وتضعه أمام واقع صعب يتطلب إعادة النظر في أولويات التسليح وتطوير القوة الجوية، ضمن رؤية وطنية مستقلة رغم القيود الخارجية والضغوط الإقليمية والدولية.
العاشر عربياً و74 عالمياً
وحلّت القوات الجوية العراقية في المراتب الأخيرة على مستوى العالم وفق تصنيف مجلة CEOWORLD الأميركية لعام 2025، الذي يقيم قدرات سلاح الجو في مختلف الدول.
ويعتمد تصنيف المجلة على معايير تشمل عدد الطائرات القتالية والنقل والتدريب، بالإضافة إلى القدرات التكنولوجية ومستوى الجاهزية والتحديث، ويغطي 79 دولة حول العالم.
على الصعيد العالمي، جاءت الولايات المتحدة في المركز الأول كأقوى قوة جوية، بحصولها على 97 نقطة من أصل 100، تلتها روسيا في المركز الثاني بـ94 نقطة، ثم الهند ثالثة بـ93.5 نقطة، والصين رابعة بـ93 نقطة، بينما احتلت اليابان المركز الخامس بـ91 نقطة.
أما عربياً، فتصدرت السعودية قائمة الدول العربية، محتلة المركز 13 عالمياً بـ57 نقطة، تلتها مصر بـ56.05 نقطة، ثم الجزائر بـ56 نقطة، فيما سجلت الإمارات 51 نقطة والأردن 49 نقطة.
وجاء ترتيب الدول العربية الأخرى على النحو التالي: المغرب 34 نقطة، الكويت 32.86 نقطة، قطر 32 نقطة، عُمان 27 نقطة، والعراق 74 عالمياً بـ16 نقطة، بينما سجلت اليمن 13 نقطة وسوريا 11 نقطة.
عقود التسليح تخضع لرقابة أمريكية
في هذا السياق، أكد الخبير الأمني والاستراتيجي سيف رعد أن أزمة تسليح وتطوير سلاح الجو العراقي ليست وليدة اللحظة، وهي نتيجة تراكمات ممتدة لسنوات وفشل متعاقب للحكومات في رسم سياسة دفاعية واضحة، مشيراً إلى أن “العراق بدأ عملياً من الصفر في بناء قدراته الجوية بعد عام 2003، وسط ملفات فساد وضعف في اختيار منظومات التسليح والطائرات المناسبة”.
وقال رعد إن “العراق واجه عقبات سياسية كبيرة، إذ إن بعض الكتل السياسية والأطراف النافذة كانت تمتلك موقفاً سلبياً تجاه المؤسسة العسكرية، ولم تكن راغبة في إعادة بناء جيش قوي قادر على فرض هيبة الدولة”، مبيناً أن “الهيمنة الأمريكية بعد 2003 ساهمت في فرض قيود على نوعية السلاح المستورد، خصوصاً في مجال الطيران الحربي”.
وأضاف أن “هناك دولاً إقليمية مؤثرة لا ترغب بوجود جيش عراقي قوي يمتلك قدرات جوية متطورة، لأنها ترى في ذلك تهديداً لتوازن القوى في المنطقة”، مشيراً إلى أن “الواقع الحالي في عام 2025 يزداد تعقيداً في ظل التغيرات الدولية والإقليمية، ورغم امتلاك العراق لقوة جوية وطيران جيش فاعلين، إلا أن ضعف التنوع في التسليح والدعم اللوجستي يبقي قدراته محدودة مقارنة بمعايير الجيوش الكبرى”.
وأوضح رعد أن “كل العقود التسليحية الكبرى، ومثلاً صفقة الطائرات الفرنسية من نوع (رافال) وطائرات النقل (كاراكال)، تخضع لرقابة واشنطن ومرهونة بموافقتها، لأن العوائد النفطية العراقية ما زالت تحت الوصاية الأمريكية عبر وزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفيدرالي”، مشيراً إلى أن “الولايات المتحدة تتحكم فعلياً في مسار التعاقدات العسكرية بحجة الخشية من تسرب التكنولوجيا الامريكية إلى دول مثل روسيا أو إيران أو الصين”.
وبيّن الخبير الأمني أن “العراق بحاجة إلى بناء جسور ثقة مع الولايات المتحدة عبر تعاون استراتيجي واضح، لأن واشنطن لا تزال الضامن المالي الأكبر للعراق والحامي الرئيسي لعائداته النفطية”، مؤكداً أن “الخيارات أمام بغداد تبقى محدودة ما لم تتوفر إرادة سياسية قوية قادرة على فرض استقلالية القرار العسكري”.
وأشار رعد إلى أن الضغوط الإقليمية تلعب دورا محوريا بتراجع تسليح سلاح الجو.
واوضح ان "إسرائيل مثلاً رفضت تزويد العراق بصواريخ (ميت يور) المتطورة الخاصة بطائرات الرافال، وهذا بحد ذاته يحدّ من فاعليتها القتالية”، لافتاً إلى أن “الشركات الأمريكية تحتكر حتى الآن أعمال الصيانة والتشغيل لطائرات F-16 العراقية، الأمر الذي يجعل هذا السلاح الاستراتيجي عرضة للتعطيل في أي لحظة حال انسحاب تلك الشركات أو توقف الدعم الفني”.
وختم رعد بالقول إن “تنويع مصادر التسليح خيار ضروري للعراق، لكن امريكا ستعرقل هذا الامر، كما ان تحقيقه يتطلب وجود حكومة قوية قادرة على إدارة علاقات متوازنة مع الشرق والغرب في آنٍ واحد، وضمان عدم تسرب التكنولوجيا العسكرية إلى أطراف خارجية، وهو ما يشكل أساساً لأي مشروع وطني لبناء قوة جوية عراقية مستقلة وفاعلة”.
وضع هش وقدرات محدودة
من جهته، أكد الخبير الأمني عدنان الكناني أن تراجع قدرات سلاح الجو العراقي نتيجة عملية ممنهجة بدأت مع احتلال البلاد وما رافق ذلك من تفكيكٍ لمنظومات أساسية في الجيش.
وقال الكناني لـ"طريق الشعب"، إنّ “السيطرة على الأجواء مفتاح النصر، وما جرى بعد حل الجيش العراقي كان هدماً متعمّداً لثلاث ركائز أساسية: القوة الجوية، الدفاع الجوي، والصناعات الحربية”.
واشار الى ان هناك "فرقاً كبيراً بين القدرات الجوية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي — عندما كانت قوة جوية كبيرة ومتطورة نسبياً — والوضع الحالي"، مبيناً أن الطائرات والقدرات الحالية "لا ترقى لمستوى الطائرات المتاحة في بعض دول الجوار التي تحظى بتجهيز غربي واضح حتى طائرات F16 التي نملكها تختلف عن نظيراتها في دول المنطقة".
كما نوه إلى أن السيطرة الأمريكية على سلسلة الصيانة وقطع الغيار ومراكز التشغيل تجعل السلاح عرضة للخطر في حال انسحاب الشركاء أو توقف الدعم.
وتحدث في السياق عن منظومة الصواريخ بمختلف أنواعها (الباليستية، بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى) والطائرات المسيرة، مؤكداً أن هذه العناصر تعد جزءا لا يتجزأ من “سلاح الجو” الحديث، وتلعب دوراً أساسياً في الردع وصناعة مساحة استراتيجية تردع العدو.
في ما يتعلق بخيارات التنويع، شدّد الكناني على أن تجارب دول مثل مصر أظهرت جدوى التوجّه نحو مصادر متعددة للتسليح (روسيا، الصين، وغيرهم)، لكنّه رأى أن هذا الخيار رهين بوجود سلطة وطنية قوية قادرة على إدارة ملفات التموين والتعاقد والمخاطر المرتبطة بالعقوبات الدولية وتحويل الأموال.
وأضاف أن “العراق اليوم يبدو مرهوناً بإرادة خارجية — أميركية بالدرجة الأولى — ما يجعل مسار التسليح يخضع لاعتبارات سياسية ومالية وأمنية مفروضة من الخارج”.
واعتبر أن التصدي لهذا الارتهان يبدأ "بإعادة بناء البيت الداخلي، و مكافحة شبكات التجسّس والفساد التي تضعف قدرة الدولة على إدارة مواردها وسيادتها، وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية بحيث تصبح القدرة الدفاعية أولوية لا تفاوض بشأنها".
وختم الكناني بالتأكيد على أن "العقاب أحياناً جزء من الإصلاح، وأن محاسبة من خانوا الثقة أو فرّطوا بسيادة العراق وموارده تمثل رسالة ردع ضرورية لمن يتواطأ مع مشاريع أجنبية على حساب الوطن".
****************************************
الصفحة الخامسة
المطاعم المتنقلة .. ملجأ للشباب العاطل عن العمل
متابعة – طريق الشعب
خلال السنوات الأخيرة انتشرت في عدد من مناطق بغداد والمحافظات، مطاعم متنقلة "فود تراك"، تبيع الأطعمة والمشروبات بأسعار مناسبة. حيث تتواجد في مناطق مزدحمة، وتستقطب المواطنين.
وتجهز تلك العربات، وغالبا ما تكون شاحنات صغيرة، بالمستلزمات الضرورية لطهي الطعام وإعداد المشروبات. ولسهولة تنقلها تستطيع الوصول إلى الزبائن في أماكن مختلفة، حتى في أماكن إقامة المهرجانات والفعاليات. ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة استثمارا تجاريا مبتكرا ومنخفض التكلفة نسبيا.
تأتي هذه الظاهرة في ظل صعوبة الظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة وتفشي البطالة، ما دفع العديد من الشباب العاطلين عن العمل إلى اللجوء لمثل هذه المشاريع الصغيرة.
ويستغرق تحويل العربة إلى مطعم متنقل أكثر من عام. إذ يقول المهندس الشاب أيمن عبد الكريم، الذي أمضى عاماً ونصف العام في تحويل سيارة مرسيدس قديمة إلى عربة للشواء، أن "تصميم هذه العربات يحتاج إلى جهد ويستغرق زمناً يتجاوز العام، لكنها مفيدة ونافعة وتستحق الجهد، ويمكن استخدامها لبيع الطعام والقهوة والمرطبات أو أي شيء آخر".
ويضيف في حديث صحفي قوله أن "سعر العربة يتراوح بين 6 و8 ملايين دينار، وأن العمل فيها يدر مردودا ماليا جيدا.
وعلى الرغم من تزايد أعداد هذه العربات ووقوفها في مناطق مأهولة مثل المنصور والكرادة والعطيفية، إلا أن الجهات المعنية لم تحدد إحصائية دقيقة لأعدادها.
ويقول المتحدث باسم أمانة بغداد عدي الجنديل، في حديث صحفي، أن "كل دائرة بلدية تمنح الإجازات للعربات العاملة ضمن نطاقها الجغرافي وفق تعليمات محددة، ولا يُسمح لأي عربة غير مجازة بالوقوف، أو مزاولة النشاط في غير منطقتها".
ويوضح أن "أمانة بغداد تنظم عمل العربات والبسطات بما يحافظ على المظهر الحضاري للعاصمة ويمنع التجاوزات".
ويُفضل أصحاب العربات الوقوف في المناطق المزدحمة، خاصة خلال العطل والأعياد والمهرجانات، لتقديم الأطعمة والمشروبات للعائلات. وتخضع العربات للرقابة الصحية، ويشترط فيها الحصول على إجازة من قبل الجهات الصحية.
وبحسب ثامر عبد الحسن، وهو صاحب عربة مطعم، أنه لم يحصل على الإجازة إلا بعد أن خضعت عربته للفحص، تأكدا من مطابقتها الشروط الصحية، مبينا أن الفحص يشمل العربة والعاملين فيها، وأن الجهات الصحية تنفذ جولات تفتيشية مستمرة لضمان نظافة العربات وجودة الأطعمة التي تُقدمها.
ويؤكد مواطنون انهم يدعمون هذه العربات، معتبرين أنها توفر خيارات غذائية بأسعار مناسبة، إضافة إلى كونها توفر مصدر معيشة للشباب العاطلين عن العمل، ما يتطلب دعمهم وتحفيزهم.
وفي هذا السياق تقول المواطنة سناء عيسى أن "تلك العربات تقدم أطعمة جيدة بأسعار مقبولة. كما توفر أماكن للجلوس. إذ من الممتع تناول الطعام في الهواء الطلق، خاصة أن بعض تلك العربات يتواجد قرب حدائق".
فيما يقول المواطن حسن صبار أن "الشباب الذين يديرون هذه العربات، وبينهم خريجون، يقدمون مأكولات نظيفة وصحية، وأنا مطمئن لجودة طعامهم".
************************************
مرصد بيئي: 300 ألف شجرة تضررت بسبب الدعاية الانتخابية
متابعة – طريق الشعب
جدد مرصد "العراق الأخضر" المعني بالبيئة، أمس السبت، اتهامه عدداً من مرشحي الانتخابات بإلحاق أضرار جسيمة بالبيئة خلال حملاتهم الدعائية، مبينا أن أكثر من 300 ألف شجرة تضررت في عموم العراق.
وقال في بيان صحفي أن "أولئك المرشحين لم يتحملوا رؤية الأشجار الخضراء، خصوصاً المعمرة منها في مناطق بغداد وبقية المحافظات، ليستخدموها في تعليق دعاياتهم، ما ادى الى تضرر نحو 300 الف شجرة سواء بالقطع او تكسير اغصانها او تثبيت مسامير على سيقانها خلال مدة الحملة الاعلامية التي استمرت 36 يوماً".
وأشار الى بيان سابق له تحدث فيه عن تضرر بنى تحتية وأعمدة كهرباء وجزرات وسطية مزروعة، بسبب الدعايات.
ولفت المرصد إلى ان "المرشحين لم يكتفوا بعرض صورهم في الشارع، بل ان البعض منهم ارتأى العودة الى لصق الصور على اعمدة الكهرباء رغم التحذيرات من قبل امانة بغداد والمفوضية بالابتعاد عن وضع هذه الملصقات على الأعمدة، بسبب صعوبة إزالتها بعد انتهاء الحملة الإعلامية".
وأشار إلى أن "الأمانة توعدت المخالفين بغرامات كبيرة، نتيجة مخالفتهم تعليماتها التي صدرت عنها قبل بدء الحملة الاعلامية، اضافة الى المبالغ التي ستستوفى من التأمينات من اجل ازالة الصور العدوة للبيئة، فضلاً عن أنها ستقوم بإزالة الصور خلال الأيام القادمة من قبل ملاكاتها التي ستستنفر لهذا الغرض".
ودعا المرصد إلى أن تكون هناك "عقوبات أشد صرامة، وأن يشمل حسن السيرة والسلوك كل من يخالف تعليمات الدعاية الانتخابية خلال المرحلة القادمة، لأن تعليق الصور بهذا الشكل بعيد كل البعد عن السلوك الحضاري".
وجدد تأكيده "التزام محافظات إقليم كردستان بأصول الدعاية الانتخابية نظراً لوجود عقوبات صارمة بحق المرشحين المخالفين. ولهذا لا توجد هناك أي صور في الجزرات الوسطية. حيث تم الاتفاق مع شركات متخصصة تعرض الصور على شاشات الكترونية يسهل رفعها أو استبدالها بعد انتهاء الحملة الإعلامية".
******************************************
مجلس ديالى: الثروة السمكية في "العظيم" انتهت بالكامل
متابعة – طريق الشعب
أفاد مجلس محافظة ديالى الأربعاء الماضي، بأن الثروة السمكية في بحيرة سد العظيم انتهت بالكامل، بعد أن جفّت البحيرة بشكل تام.
وقال رئيس اللجنة الزراعية في المجلس رعد مغامس، أن "وصول بحيرة سد العظيم، ثاني أكبر السدود في ديالى، إلى مرحلة الجفاف التام بنسبة 100 في المائة، كانت له ارتدادات خطيرة ومتعددة الاتجاهات، أبرزها انتهاء الثروة السمكية بشكل كامل. إذ فقد العشرات من الصيادين مصدر رزقهم، وتحولت البحيرة إلى صحراء قاحلة في الوقت الحالي".
وأضاف مغامس في حديث صحفي قوله أن "فقدان ديالى ثاني أكبر سدودها يمثل حالة مقلقة للغاية، خاصة أن بحيرة السد كانت تحتضن في مواسمها الطبيعية خزيناً مائياً يتجاوز ملياراً و500 مليون متر مكعب من المياه. حيث تقع البحيرة على نهر يُعد أحد أهم روافد دجلة".
ولفت إلى أن "الوضع المائي سيكون صعباً جداً في حال عدم هطول أمطار كافية أو وصول سيول قوية خلال الشهور المقبلة لإعادة إحياء ولو 30 إلى 40 في المائة من خزين البحيرة الاستراتيجية".
*****************************************
ألبان {أبو غريب} تواجه منافسة شديدة من المستوردة
متابعة – طريق الشعب
يرى مواطنون أن بضائع معمل ألبان "أبو غريب" تكاد تكون معدومة في الأسواق، بسبب المنافسة الشديدة التي تواجهها من قبل الشركات الأجنبية وبضائعها التي تغزو الأسواق. بينما يُناشد مدير المعمل محمد الزوبعي، المواطنين دعم منتجاتهم التي تمتاز بكونها طازجة وخالية من المواد الحافظة، وهو ما يجعل عمرها أقصر مقارنة بالمستوردة التي يُفضلها التجار لإمكانية خزنها فترات طويلة.
ويشير الزوبعي في حديث صحفي إلى ان إنتاجهم قليل وبضاعتهم لا تتوفر باستمرار في الأسواق، بسبب المنافسة التي يتعرضون لها من دول الجوار "حيث تُقدم تلك الدول عروضا قوية للسيطرة على الأسواق العراقية، وهو ما ينعكس سلبا على إنتاجنا".
ويلفت إلى أن بضاعتهم تتوفر في مركز البيع المباشر في الشركة. حيث يبيعونها بالجملة والمفرد.
في السياق، يقول معتز تحسين، المدير المفوض لشركة "المتحالفون للصناعات الهندسية"، المستثمرة لمعمل الألبان، أنهم ينتجون شهريا قرابة 500 طن من منتجات مختلفة، كالروائب والألبان والزبد والدهن الحر والقشطة وأجبان الشيدر والأجبان الكريمية.
وينوّه في حديث صحفي إلى ان انتاجهم قليل، ويرتبط بحاجة السوق. كما انهم يعمدون إلى تقليله لتفادي انتهاء صلاحيته في حال زاد على الطلب، مؤكدا انهم قادرون على زيادة الطاقة الإنتاجية "إذ لدينا خطة لزيادة عدد نقاط البيع والتوسع".
ويلفت تحسين إلى ان لديهم وكلاء في بغداد والبصرة والنجف وكربلاء وواسط وكركوك ونينوى، وانهم سيقومون بفتح مراكز أخرى في بقية المحافظات.
*******************************************
قضاء الخضر أهالي "آل توبة" يُطالبون بإكمال بناء مدرسة مُهمَلة
متابعة – طريق الشعب
شكا عدد من سكان منطقة "آل توبة" في قضاء الخضر بمحافظة المثنى، من استمرار توقف مشروع بناء "مدرسة زين العابدين" الابتدائية المختلطة، رغم وصول نسبة الإنجاز فيه إلى 75 في المائة.
وأوضحوا في حديث صحفي، أن المدرسة بُنيت عام 1975، وبسبب تضررها تم تهديمها قبل سنوات لبناء أخرى جديدة بأسلوب البناء الجاهز، مبينين أن التلاميذ، ويصل عددهم إلى 480 تلميذا، تم نقلهم إلى صفوف كرفانية غير نظامية، ما تسبب في معاناتهم ومعاناة الكادر التعليمي.
وأشار المواطنون إلى أن استئناف العمل في مشروع المدرسة الجديدة متوقف على إطلاق التمويل، مطالبين الحكومة المحلية مخاطبة الجهات المركزية المعنية، من أجل الإسراع في بناء المدرسة، وإنهاء معاناة التلاميذ ومعلميهم.
************************************************
حتى مياه الآبار ملوّثة في السليمية!
متابعة – طريق الشعب
شكا سكان عدد من القرى في منطقة "السليمية" التابعة إلى قضاء الميمونة غربي ميسان، من تلوث مياه الآبار التي يعتمدون عليها حاليا كمغذٍ مائي رئيس لهم ولحيواناتهم، بعد أن جفت الأنهار والجداول في مناطقهم. وقال عدد منهم في حديث صحفي أن جفاف الأنهار المحاذية لقراهم دفعهم لحفر الآبار بطرق بدائية، الا ان المياه التي تأتي من الآبار تلوثت بفعل الجفاف واصبحت غير صالحة حتى للاستحمام. وأوضحوا أنه بسبب تلوث المياه انتشرت بينهم وبين أطفالهم أمراض جلدية، فضلا عن الأضرار الصحية التي طالت حيواناتهم، مشيرين إلى أن التراكيز الملحية مرتفعة كثيرا في المياه. ولفتوا إلى أن "غالبية العائلات باتت تبحث عن مصادر ماء بديلة. إذ تجلب المياه من مركز قضاء الميمونة بواسطة السيارات، ومن يتعذر عليه ذلك سيتطلب منه انتظار مجيء السيارات الحوضية الأهلية، كي يظفر ببضعة لترات مقابل مبلغ مالي"!
***************************************
السماوة تجدّد المطالبات بمنع {الرعي} في الأحياء السكنية
متابعة – طريق الشعب
جدد مواطنون في مدينة السماوة مطالبة السلطات المحلية بوقف ظاهرة رعي المواشي في الأحياء السكنية. وأوضحوا في حديث صحفي أن هذه الظاهرة، إضافة إلى كونها تعكس وجها غير حضاري للمدينة، خلفت أضرارا بيئية وصحية، مبينين أن المواشي تقوم بنبش النفايات ونثرها على الأرض بحثا عن الطعام، ما يتسبب في تصاعد الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والقوارض. وأضافوا القول أن بعض أصحاب المواشي يعمدون إلى إخراج اكياس القمامة من الحاويات، وفتحها ونثر محتوياتها على الأرض، على أمل إيجاد طعام مناسب لمواشيهم. وأشار المواطنون إلى أن الكثير من النباتات التي يزرعها السكان قرب منازلهم تضررت بسبب هذه الظاهرة. حيث تقوم المواشي، لا سيما الماعز، بتخريب المزروعات وقلعها، ما يعرّضهم لخسائر بالغة، خصوصا أن هناك شتلات غالية الثمن ينفق عليها الأهالي مبالغ لشراء المواد المغذية والمنشطة.
وطالب المواطنون الجهات المعنية بإيجاد حل لهذه الظاهرة عبر وضع عقوبات جادة للمخالفين. وكثيرا ما تنشر وكالات أنباء شكاوى لمواطنين في مدينة السماوة، من ظاهرة الرعي العشوائي في الأحياء السكنية، لكن يبدو أن الجهات المعنية لم تتخذ إجراءات حازمة في هذا الشأن.
*********************************************
الصفحة السادسة
المساعدات لا تغطي ثلث الاحتياجات الأساسية لسكان قطاع غزة {الجبهة الديمقراطية}: انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات {العار} خروج عن الإجماع الإنساني
رام الله – وكالات
أعلنت دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، استنكارها إعلان انضمام كازاخستان لما يسمى "اتفاقيات أبراهام"، في وقت تتواصل فيه جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلي المتصاعد على لبنان وسوريا".
وقالت إن هذا القرار يمثل انحيازًا فاضحًا للاحتلال الإسرائيلي الفاشي، وإهانة لتضحيات الشعب الفلسطيني ونضالاته المستمرة من أجل الحرية والاستقلال، كما يشكل محاولة لتبييض صورة الاحتلال وفك عزلته الدولية المتزايدة نتيجة جرائمه بحق الإنسانية.
وتؤكد دائرة المقاطعة أن ما يسمى "اتفاقيات أبراهام" ليست اتفاقيات سلام، بل هي تحالفات تطبيعية تخدم مصالح العدوان والهيمنة الصهيونية على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وخرق واضح لقرارات القمم العربية ومبادرة السلام العربية التي ربطت أي تطبيع بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ودعت دائرة المقاطعة حكومة كازاخستان إلى التراجع الفوري عن هذه الخطوة المشؤومة، والاصطفاف إلى جانب الشعوب الحرة الرافضة للتطبيع، وإلى دعم النضال الفلسطيني العادل لإنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
كما دعت الشعوب والقوى الحرة في العالم إلى تعزيز حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) على الاحتلال الإسرائيلي، كوسيلة فعّالة لعزله ومحاسبته على جرائمه ضد الإنسانية.
وختمت دائرة المقاطعة بيانها بالتأكيد أن: "انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات العار في لحظة تُرتكب فيها الإبادة في غزة هو تواطؤ سياسي وأخلاقي مع الجريمة، وخروج عن الإجماع الإنساني الداعم للعدالة وحقوق الشعوب".
قال مدير المركز الفلسطيني للمفقودين، أحمد مسعود، إن الجولات الميدانية التفقدية، تشير لقرابة 10 آلاف فلسطيني شهداء تحت الأنقاض.
وأكدّ مسعود، أن أرقام المفقودين هي أكبر بكثير في ظل وجود المئات من أبناء شعبنا، قد فقد مصيرهم بشكل كامل تقريبا، سواء عند مراكز التوزيع، أو في المناطق المصنفة لدى الاحتلال حمراء وصفراء، أو من المعتقلين داخل السجون.
وبين مسعود أنّ هذه الأرقام تأتي في سياق التأكيد على ضرورة وجود معدّات ثقيلة، لرفع الأنقاض.
ودعا لتشكيل لجنة تحقيق دولية، لمعرفة مصير المعتقلين في سجون الاحتلال، في ظل عملية الإخفاء القسري التي يتعرض لها أبناء شعبنا.
من جانبه، قال المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عدنان أبو حسنة، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار لا يزال بالغ الصعوبة، مؤكدًا أن ما يدخل من مساعدات "لا يتجاوز 30 في المائة من الاحتياجات الأساسية"، رغم زيادة عدد الشاحنات مقارنة بالفترة السابقة.
وأضاف أبو حسنة، أن متوسط ما يدخل إلى القطاع يتراوح بين 150 و200 شاحنة يوميًا، وهي كمية "بعيدة تمامًا" عن الحجم المتفق عليه لتلبية الحد الأدنى من احتياجات نحو 2.3 مليون فلسطيني، معظمهم من النازحين الذين لم يلمسوا أي تحسّن جوهري في ظروفهم المعيشية.
وأوضح أبو حسنة أن البنية التحتية في غزة مدمرة بالكامل، بما يشمل شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والاتصالات، دون تنفيذ أي عمليات إصلاح حتى هذه اللحظة، ما يجعل الخدمات الأساسية شبه منعدمة.
وفي السياق الصحي، أشار إلى أن القطاع الصحي يعيش حالة انهيار تام، مع نقص خطير في الأدوية والمعدات والكوادر الطبية المنهكة، مؤكدًا الحاجة العاجلة إلى "فرق طبية متخصصة ومستشفيات ميدانية" لمواجهة عشرات الآلاف من الحالات الطارئة والحرجة.
وبيّن أن انتشار الأمراض في تصاعد مستمر نتيجة انعدام المناعة وسوء التغذية وتلوث المياه، موضحًا أن أكثر من 90 في المائة من سكان غزة يعانون من درجات متفاوتة من سوء التغذية، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية متفاقمة.
وأشار أبو حسنة إلى أن مئات الآلاف من النازحين، خصوصًا في شمال القطاع ومدينة غزة، لم يجدوا منازلهم بعد الدمار الهائل، وأن بعضهم "لم يتعرف على معالم المدينة أصلًا"، فيما يعيش آخرون في العراء ويحتاجون إلى إيواء فوري سواء بخيام أو وحدات سكنية مؤقتة.
وكشف أن الأونروا تمتلك ستة آلاف شاحنة محمّلة بالمساعدات، ما تزال متوقفة على المعابر، وتحتوي على مواد غذائية تكفي لثلاثة أشهر، إضافة إلى مستلزمات إيواء لنحو 1.3 مليون فلسطيني، لكن "الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمنع إدخالها"، ما يعمّق الأزمة الإنسانية ويعطل قدرة الوكالة على تنفيذ مهامها.
************************************************
برّي: التطبيع مع إسرائيل غير وارد
بيروت – وكالات
أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن التطبيع مع إسرائيل غير وارد وكل التهديدات والغارات الإسرائيلية لن تغير في موقف بلاده.
وقال بري في تصريح: "مَن يطلب التطبيع، فعليه أن يعرف أنه غير ممكن، وما زلتُ عند رأيي في موضوع الميكانيزم باعتبارها الآلية التي تضم جميع الجهات ولا مانع من الاستعانة بمدنيين اختصاصيين عند الحاجة إلى ذلك، كما حصل عند ترسيم الخط الأزرق الحدودي عام 2000؛ حيث تمت الاستعانة بخبراء جيولوجيين وخبراء خرائط".
وشدد عل أن "كل التهديدات والغارات الإسرائيلية لن تغير في موقفنا هذا".
**********************************************
في السعودية {رايتس ووتش}: اعتقالات تعسفية للعمال الوافدين
الرياض – وكالات
كشفت منظمة هيومان رايتس ووتش، أن السلطات السعودية اعتقلت 11 عاملًا وافدًا من شركة "بايتور العربية السعودية للإنشاءات" بعد مشاركتهم في إضراب بمكة المكرمة، للمطالبة برواتبهم المتأخرة منذ أكثر من 8 أشهر.
وأكدت المنظمة الحقوقية، أن عدد العمال المتضررين يتجاوز 600 شخص، ويعمل هؤلاء ضمن مشروع "مسار" البالغة تكلفته 26 مليار دولار، والممول من صندوق الاستثمارات العامة، ويمثلون جنسيات متعددة، بينها تركيا والهند ومصر وباكستان، كما أفادت المنظمة أن بعضهم تعرّض للترهيب والاعتقال بعد نشر فيديوهات توثّق احتجاجهم في معسكر العمال بمكة.
وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "السرقة الصارخة لأجور عمال وافدين محدودي الأجر من قبل شركة تتولى مشروعًا بمليارات الدولارات في مكة، هي أوضح انعكاس لعيوب نظام حماية الأجور السعودي.
وأضاف بَيْج: "يتحمل العديد من العمال الوافدين الحر الشديد وظروف العمل القاسية في السعودية من أجل تأمين عيش كريم لأسرهم ومستقبل أطفالهم، لا يوجد أي عذر لحرمان هؤلاء العمال من أجورهم المستحقة".
***********************************************
الاتحاد الأفريقي يرفض تهديدات ترامب لنيجيريا
أديس أبابا – وكالات
عبرت مفوضية الاتحاد الأفريقي عن قلقها إزاء التصريحات الأخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة، والتي اتهمت فيها حكومة نيجيريا بالتواطؤ في عمليات قتل تستهدف المسيحيين، ملوّحةً بإمكانية التدخل العسكري تحت ذريعة "الدفاع عن الحرية الدينية".
وشددت المفوضية في بيان رسمي على التزامها الراسخ بمبادئ السيادة وعدم التدخل، والحرية الدينية، وسيادة القانون، كما ورد في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي والصكوك ذات الصلة.
وأكد البيان أن جمهورية نيجيريا الاتحادية تُعد دولة عضوة محورية في الاتحاد، وتلعب دورا أساسيا في الاستقرار الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، وحفظ السلام، والتكامل القاري، مشددًا على ضرورة احترام حقها السيادي في إدارة شؤونها الداخلية، بما في ذلك الأمن وحقوق الإنسان، وفقًا لدستورها والتزاماتها الدولية.
كما أعربت المفوضية عن رفضها ما وصفته بـ "الخطاب الذي يستغل الدين كسلاح"، معتبرة أن تبسيط التحديات الأمنية في إطار ديني قد يعيق الحلول الفعالة ويهدد استقرار المجتمعات.
****************************************
الأمم المتحدة: عشرات المخطوفين والمفقودين في سوريا خلال أشهر
دمشق – وكالات
بعد عام على سقوط نظام الأسد، تتحدث الأمم المتحدة عن عشرات الحالات الجديدة من المختطفين والمفقودين داخل سوريا، وسط مخاوف من عودة ظاهرة الإخفاء القسري إلى البلاد.
قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن نحو مئة شخص اختُطفوا أو فُقدوا في سوريا منذ بداية العام الجاري، في وقت تتزايد فيه المخاوف من عودة ظاهرة الإخفاء القسري إلى البلاد.
وصرّح المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، في مؤتمر صحفي بجنيف أن المفوضية "تلقت تقارير مقلقة عن اختفاء عشرات الأشخاص خلال الأشهر الماضية”، مشيرًا إلى صعوبة تحديد العدد الحقيقي بسبب تدهور الوضع الأمني.
وتُضاف هذه الحالات إلى أكثر من مئة ألف شخص فُقدوا خلال فترة حكم الرئيس السابق بشار الأسد، الذي أُطيح به العام الماضي بعد حرب استمرت 13 عامًا.
وقال الخيطان إن المفوضية لا تزال تتلقى شكاوى من عائلات تبحث عن أقاربها منذ سنوات، رغم تشكيل لجان وطنية لمتابعة ملف المفقودين.
وأوضحت المفوضية أن التوترات الأمنية الأخيرة في الساحل السوري ومدينة السويداء فاقمت صعوبة الوصول إلى مناطق النزاع أو تعقّب المفقودين.
وأضاف الخيطان أن بعض الأهالي "يتعرضون لتهديدات بسبب تعاونهم مع الأمم المتحدة أو حديثهم علنًا عن عمليات الخطف”.
وأعادت المفوضية التذكير بقضية حمزة العمارين، المتطوع في منظمة " الخوذ البيضاء "، الذي فُقد في تموز الماضي أثناء مهمة إنسانية في السويداء، داعية إلى احترام القانون الدولي الإنساني وحماية العاملين في المجال الإغاثي.
ورغم تشكيل الحكومة السورية الجديدة لجانًا للعدالة والمفقودين في أيار الماضي، تقول الأمم المتحدة إن الجهود ما زالت محدودة، بينما يبقى آلاف السوريين عالقين بين الأمل والغياب.
************************************************
زهران ممداني يهزم اليمين في حزبَيْ مؤسسة السلطة الامريكية
رشيد غويلب
تميزت انتخابات عمدة مدينة نيويورك بسعة المشاركة في التصويت. لقد أدلى 735 ألف بأصواتهم قبل يوم الانتخابات، وهو رقم قياسي. وعند إغلاق صناديق الاقتراع مساء الثلاثاء الفائت، كان أكثر من مليونين قد صوتوا، وهو عدد يفوق أي انتخابات بلدية أخرى شهدتها مدينة نيويورك في العقود الأخيرة.
فاز زهران ممداني، الذي ركزت وسائل الإعلام على أنه مسلم ومهاجر، ولم تركز أغلبها على هويته اليسارية، وأنه أحد أعضاء منظمة "الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكان" اليسارية، بحصوله على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، فيما حصل منافسه الأشد ضراوة، أندرو كومو من الجناح اليميني للحزب الديمقراطي، والحاكم السابق لنيويورك، على قرابة 42 في المائة، ومني المرشح الجمهوري، كورتيس سليوا بهزيمة كبيرة بحصوله على 7 في المائة فقط. ومن المثير ان دونالد ترامب، وإيلون ماسك قد دعما كومو، الذي هزمه ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
الأولوية لاحتياجات الناس الأساسية
جاء انتصار اليساري ممداني في أكبر مدينة في الولايات المتحدة، تهيمن عليها حركة ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا"، لتمثل لحظة فرح استثنائي، وقد احتفل أنصاره اليسار بحماس، وخصوصا في الدائرة التي يمثلها ممداني حاليًا في برلمان المدينة. وهتف الحضور: "إنها ليست لحظة، بل حركة "، متعهدين بمواصلة دعمه في أداء مهامه.
لقد لعب برنامج ممداني الانتخابي دورا محوريا في تحقيق الانتصار: خفض تكاليف المعيشة بواسطة تحديد سقف أعلى للإيجارات، وتوفير النقل ورعاية الأطفال مجانا، وتوفير متاجر بأسعار معقولة في المدينة، ورفع الحد الأدنى للأجور، وزيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، عاكسا بذلك حاجات الأغلبية. ولاقى وعده بجعل المدينة "محصنة ضد ترامب" تجاوبا كبيرًا من العديد من المهاجرين، والمجموعات السكانية الأخرى التي هاجمها ترامب. وحظيت معارضته لحرب إبادة الشعب الفلسطيني بدعم واسع، بما في ذلك من العديد من اليهود المعارضين لدولة الفصل العنصري الصهيونية. وكان من العوامل الحاسمة في فوز ممداني أيضًا دعم رفيقاته ورفاقه في منظمة "الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكان"، الذين طرقوا، خلال حملة تطوعية 1,6 مليون باب دعما لمرشحهم.
وتجاوزت أهمية الانتصار حدود نيويورك. لقد دعمت الشخصيات اليسارية الأبرز في الحزب الديمقراطي مثل بيرني ساندرز، السيناتورة إليزابيث وارن، وألكسندريا أوكاسيو كورتيز، أبرز عضوة يسارية في الكونغرس، بالإضافة إلى العديد من الفنانين البارزين والنقابات العمالية والمنظمات اليسارية الاخرى.
نضال من أجل الأولويات داخل الحزب الديمقراطي
لقد رأى أبرز ممثلو الجناح اليميني السائد في الحزب الديمقراطي، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وهما من مدينة نيويورك، في فوز المرشح اليساري خطرا مقبل، فتردد جيفريز طويلًا قبل أن يدعو بفتور إلى انتخاب ممداني، ولم يستطع شومر تأييده حتى النهاية. ورغم أن قلة من الديمقراطيين أيدوا كومو علنًا، بدا أن الكثيرين يأملون سرًا أن الحاكم السابق، الذي يترشح الآن كمرشح مستقل، قد يكون قادرًا على هزيمة ممداني هذه المرة.
يزيد فوز ممداني الآن الضغطَ على المؤسسة الحزبية القديمة بشكلٍ واضح. ويبين الصراع الدائر حول الموقف منه مدى حدة الصراع الداخلي بشأن توجه الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي خلال العام المقبل.
يدعو الجناح اليساري إلى قطيعة واضحة مع سياسات الليبرالية الجديدة. وتقول دراسة حديثة دعمها مكتب مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية في نيويورك، أن مصطلح "الاشتراكية الديمقراطية" والمرشحين الذين يُعرّفون أنفسهم كاشتراكيين يحظون بدعم قوي بين ناخبي الحزب الديمقراطي.
وعلى الرغم من ذلك، يواجه ممداني تحديات هائلة. لقد أعلن ترامب عن خطط لخفض التمويل الفيدرالي للمدينة. ويخشى العديد من سكان نيويورك أيضًا من أن البيت الأبيض سيرسل قريبًا قوات الحرس الوطني إلى المدينة. في الوقت نفسه، يرد الكثيرون بشجاعة، قالت يسارية شابة: "مهلاً، نحن سكان نيويورك. إنه لا يخيفنا".
ولتمويل برنامجه، يحتاج ممداني دعم حاكمة ولاية نيويورك، كاثي هوشول. ورغم تأييد هذه الحاكمة الديمقراطية انتخابه، رفضت دعوته لزيادة الضرائب على الأثرياء. وسيكون من المثير للاهتمام أيضًا، كيف ستتعامل منظمة "الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكان" معه بعد ان يتولى مهام منصبه في كانون الثاني المقبل.
***********************************************
الصفحة السابعة
تقدم كبير في مكافحة السرطان
متابعة ـ طريق الشعب
في خضمّ صراع البشرية مع مرض السرطان، شهد العام الجاري العديد من النتائج العلمية الباهرة التي تُبشّر بقُرب حلول اليوم الذي يختفي فيه هذا المرض. فقد ورد في تقريرٍ نشرته AACR الإشارةُ إلى الموافقة على عشرين علاجًا جديدًا لمضادات السرطان، بالإضافة إلى جهازين واختبارين جديدين لفحص سرطان القولون، فضلًا عن أدوات ذكاءٍ اصطناعيٍّ متعددة للتشخيص المبكر. وأشار التقرير إلى أن التقدّم في الكشف المبكر، والعلاج المناعي، والطبّ الدقيق قد أدّى إلى انخفاضٍ في معدل الوفيات من السرطان بشكلٍ عام.
إن وجود أكثر من مئتي نوعٍ من السرطان، والتغيّر المستمر الذي تُظهره بيولوجيا الورم بحيث تجد الخلايا السرطانية مسارًا جديدًا إذا ما حُجب عنها مسارٌ لنموّها، يؤكد أنه مرض "تعلّم" المقاومة، وأنّ للمقاومة الذاتية دورًا مهمًّا في علاجه. وبغيةَ التغلّب على التحديات الشائعة، مثل مقاومة العلاج لدى المرضى الذين يصعب شفاؤهم، يواصل العلماء استكشاف خياراتٍ حديثة للالتفاف على أساليب الهروب التي يتّبعها السرطان، عبر تطوير العديد من الأدوية الجزيئية الصغيرة التي تستهدف المسارات الدقيقة لنموّ الخلايا، والتدخّل لتحديد العناصر الداخلية التي تُحفّز هذا النموّ بشكلٍ غير منضبط، وبالتالي غلق مسارات هروب المرض.
أورام المثانة
ومن أبرز هذه التطورات اكتشاف علاج TAR-200 لسرطان المثانة غير العضلي الحرّ. ففي تجربةٍ سريرية من المرحلة الثانية (2b)، حقّق نظام الإفراز الدوائي داخل المثانة معدّل استجابةٍ كاملة لدى مرضى كانوا يعانون من سرطان مثانةٍ عالي الخطورة، في حين لم يستجب المرضى أنفسهم للعلاج التقليدي. وتجدر الإشارة إلى أن سرطان المثانة من الأنواع التي لم تشهد تغيّرًا علاجيًّا كبيرًا لعقود، الأمر الذي يجعل هذا الاكتشاف تقدّمًا جوهريًّا يُعطي أملًا فعليًّا بتحسّنٍ كبيرٍ في نتائج المرضى.
الجلد
ولمعالجة الأورام الصلبة المقاومة، أُعلن مؤخرًا عن أن علاج Lifileuce، وهو نوعٌ من علاج الخلايا التائية المخصّصة، يُطيل عمر المصابين لأكثر من خمس سنوات، مما يعكس قدرة هذا العلاج على تحقيق استجاباتٍ مستدامةٍ وطويلة الأمد.
أورام القولون
كما أظهرت تجربةٌ أخرى إمكانية استخدام فحص ctDNA لتحديد ما إذا كان بإمكان مرضى سرطان القولون إعادة استخدام علاجات EGFR بعد ظهور مقاومةٍ أولية. وأثبتت النتائج أن الطب الدقيق قادر على تحديد التوقيت المناسب لإعادة تطبيق علاجٍ سبق وأن فشل، مما يزيد من فعاليته.
أورام الكبد
وفيما يخصّ هذا النوع من الأورام غير القابلة للجراحة، تبيّن أن الجمع بين علاجين مناعيَّين يمكن أن يُسهم في تمديد حياة نسبةٍ مهمةٍ من المرضى لمدةٍ لا تقل عن خمس سنوات، بعد أن كان هذا المرض فتاكًا لا يترك للمصابين فرصًا طويلةً للبقاء.
البروستات
وأخيرًا، تمّ تطوير جهازٍ يستخدم نبضاتٍ كهربائيةً موضعية لتدمير ورم البروستات من دون التسبّب بأضرارٍ كبيرةٍ للأعصاب أو المثانة. ويُسهم هذا الجهاز في تقليل تكاليف العلاج الطويل وفترات المراقبة، كما يُسرّع عودة المريض إلى حياته الطبيعية، مما يقلّل الأضرار الجانبية والتكاليف المترتبة الأخرى.
*******************************************
بين حالنا وحالهم
د. إبراهيم إسماعيل
ذكر الباحث زول موسى في مقالٍ له على موقع PublishingState أن عدد البحوث العلمية المنشورة خلال العام الماضي في العالم كله بلغ 5.14 ملايين دراسة، محطِّمًا الرقم القياسي السابق المسجَّل في سنوات ما قبل جائحة كورونا. وإذ يقف وراء هذا الارتفاع تطوّر بيئة النشر التي أصبحت أكثر تنافسيةً وصار الوصول إليها أيسر، فإن متغيّراتٍ كبيرةً أخرى ساعدت على ذلك، مثل حدوث تحوّلاتٍ جذرية في كيفية إجراء البحث ونشره واستهلاكه، وتوسّع التأليف المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتقلّص هيمنة عددٍ قليلٍ من البلدان لصالح ظهور مؤلفين غزيري الإنتاج في شتى أنحاء العالم، مما يضعف التصوّر السابق عن انتهاء دور المجلات العلمية ويفتح آفاقًا أكثر حيويةً ومتعةً لمزيدٍ من إنتاج المعرفة.
ووفقًا للمعطيات، فإن هذا الرقم يأتي في ظلّ الارتفاع المطّرد، بزيادةٍ تراكميةٍ بلغت 22.78 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية، ليس فقط على صعيد التخصّصات التقليدية التي تُغذّي النمو، بل أيضًا في تخصّصاتٍ أخرى مثل علم المناخ، والذكاء الاصطناعي، والمعلوماتية الحيوية.
وتحتلّ الصين الموقع الأول في هذا الإنتاج المعرفي، إذ نُشر فيها 900,124 بحثًا، أي بنسبة 18 في المائة من أبحاث العالم، تليها الولايات المتحدة بنشر743884 مقالة، بنسبة 15 أي المائة. وتستمرّ الصين، على وجه الخصوص، في التقدّم، مدعومةً بسياساتٍ حكوميةٍ تُكافئ الإنتاجية العلمية والظهور الدولي.
أما الولايات المتحدة، فلا تزال قوية، مدعومةً بشبكاتٍ واسعةٍ من مؤسسات البحث والتطوير في الشركات والتعاون الأكاديمي الصناعي.
وقد لوحِظ أن الهند تمكّنت من توسيع بنيتها التحتية البحثية بسرعة، فيما راحت دولٌ جديدة تحتلّ مواقع مرموقة في سُلَّم الإنتاج المعرفي مثل إيران وتركيا وإندونيسيا ومصر والبرازيل، مع بقاء دول الاتحاد الأوروبي في الصدارة، إذ دأبت على تحقيق إنجازاتٍ كبيرة في مجالاتٍ مثل العلوم البيئية والصحة العامة.
ولعل من المفيد الإشارة إلى أن هذا الإنتاج المذهل يستند إلى ثقافةٍ بحثيةٍ عالميةٍ مدفوعةٍ بحوافز ماليةٍ واجتماعيةٍ مهمّة، منها تعرّض الجامعات لضغوطٍ لتحسين الأداء، وتحفيز الباحثين على النشر أو الخروج من الحلبة، حتى باتت الدول تتنافس على الإنتاج العلمي كما لو كانت في دورة الألعاب الأولمبية. ومن الأمثلة على ذلك قيام الهيئة الملكية للبحوث العلمية في السويد بانتقاد جامعات البلاد على ضعف الزيادة النوعية المعتادة في عدد الأبحاث العلمية المنشورة في مجلاتٍ مُحكَّمة. وذكرت الهيئة أن هذه الجامعات أجازت ما يقرب من 39,000 مقالة علمية في عام 2024، وهو ما يمثّل زيادةً بنسبةٍ تقارب 2 في المائة مقارنةً بعام 2023. وأشارت الهيئة إلى أن عامي 2023 و 2024 قد شهدا انخفاضًا في إجمالي عدد المنشورات البحثية في مجالات العلوم الإنسانية والفنون والتكنولوجيا والطب والعلوم الصحية، في حين ارتفع عدد البحوث في مجالي العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية، بنسبةٍ بلغت 3 في المائة عمّا كانت عليه في السنة المنصرمة.
أما في العراق، الذي يضمّ 107 جامعات منها 35 حكومية و72 أهلية، فلم يتجاوز عدد البحوث والدراسات المنشورة 6,000 بحثٍ سنويًا، وهي في الغالب ذات جودةٍ متدنّية، إذ لم يُنشر أكثر من 15 في المائة منها في المجلات ذات التأثير العالي عالميًا ( Q1 وQ2 ).
كما أن تصنيف الجامعات العراقية في جودة البحث وفق تصنيف Scimago Institutions Ranking لعام 2024 يشير إلى أن جامعات بغداد والمستنصرية والتكنولوجية جاءت ضمن أعلى 5,000 جامعة عالميًا من حيث تأثير البحوث. ورغم أن البلاد تتبوأ المرتبة 47 عالميًا في كمية الإنتاج البحثي، فإنها تحتلّ مراكز منخفضة من حيث عدد الاقتباسات لكل بحث مقارنةً بدول المنطقة مثل إيران وتركيا. وأخيرًا، تم تصنيف سبع جامعات عراقية في القائمة الحمراء بسبب مخاطر تتعلق بسلامة البحث العلمي، وفق مؤشر RI2 لعام 2025، ويأتي هذا التصنيف على أساس ما تم رصده من انتهاكاتٍ منهجيةٍ علمية، واعتداءاتٍ على حقوق الملكية الفكرية، أو غياب معايير الجودة والنشر.
***********************************************
أخبار علمية
متابعة ـ طريق الشعب
1
تمَّ تصنيع إنسانٍ آليٍّ لفرز النفايات يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويُستخدم في مراكز المعالجة لتصنيف المواد القابلة لإعادة التدوير بدقةٍ عبر كاميراتٍ وأدوات ذكاءٍ اصطناعي. ويسهم هذا الابتكار في توفير آلاف الدولارات سنويًا على البلديات وشركات النفايات من خلال تقليل كمية النفايات المطمورة، كما يفتح آفاقًا جديدة لأسواق تقنيات إعادة التدوير والتشغيل الآلي.
2
اختُرعت ملعقة كهربائية لزيادة الإحساس بالملح، تعمل بتوصيل كهربائي بسيط يؤثر في الإحساس بالطعم المالح في الطعام، وذلك للمساعدة في تقليل استهلاك الصوديوم. ويخدم هذا الاختراع السوق الاستهلاكية لتقنيات الصحة والرفاه، كما يفتح فرصًا لصناعات التغذية الذكية وتطوير أدوات مبتكرة للمستهلكين، مع إمكانية خفض تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالأمراض الناتجة عن الإفراط في تناول الملح.
3
أُجريت العديد من التجارب على نظام "هايبرلوب" فائق السرعة لنقل الركاب، والذي يعتمد على كبسولاتٍ تمرّ عبر أنابيب منخفضة الضغط بسرعةٍ تفوق 800 كم في الساعة. ويسهم هذا النظام في تقليل وقت التنقل بين المدن، ويفتح أسواقًا ضخمةً في مجال النقل والبنية التحتية، كما يُقلّل التكاليف التشغيلية مقارنةً بوسائل النقل الجوي أو البري التقليدية.
4
تمَّ تصنيع لاصقةٍ ذكيةٍ رقيقة تُلبَس على الجلد وتراقب مؤشراتٍ صحيةً متعددة مثل ضغط الدم، ومستوى الجلوكوز، ونسبة الترطيب، مع تقديم تنبيهاتٍ طبيةٍ فورية. وتُقلّل هذه اللاصقة تكاليف المراقبة المستمرة في المستشفيات، وتفتح سوقًا واسعةً لأجهزة مراقبة الصحة عن بُعد، بما يحقق فوائد كبيرةً لقطاع التأمين الصحي.
5
حذّرت البروفيسورة الأمريكية ماريا أبرو، المتخصّصة في أبحاث سرطان القولون، من أن المشروبات النباتية مثل حليب الشوفان واللوز والصويا قد تُفسِّر ارتفاع معدلات إصابة الشباب في الولايات المتحدة بهذا المرض. وأوضحت أن المواد الكيميائية والبكتيريا الموجودة في الأطعمة فائقة المعالجة يمكن أن تُحفّز إنزيمًا في الأمعاء يُسبب التهابًا مزمنًا، وهي حالة قد تتطور، في أسوأ الأحوال، إلى سرطان القولون.
*******************************************
الإطارات المعدنية العضوية الجيل الجديد من المواد الذكية في الكيمياء الحديثة
حسين علي حياوي المؤذن
شهد علم الكيمياء في العقود الأخيرة تحولات جذرية في فهم المادة وبنيتها. أحد أهم هذه التحولات كان ظهور الإطارات المعدنية العضوية (Metal–Organic Frameworks)، أو اختصاراً MOFs، وهي فئة جديدة من المواد الصلبة التي تمثل ثورة في تصميم المواد من حيث المسامية العالية، والقدرة على التحكم بالبنية الجزيئية، والتطبيقات الواسعة في الطاقة والبيئة والطب. وتُعد هذه المواد مثالاً على التلاقي بين الكيمياء غير العضوية والعضوية في بناء هياكل ثلاثية الأبعاد يمكن ضبط خصائصها بدقة شبه جزيئية.
أولاً: المفهوم البنيوي للإطارات المعدنية العضوية
الإطارات المعدنية العضوية هي مواد بلورية تتكوّن من عقد معدنية (metal nodes) متصلة بروابط عضوية تُعرف باسم الروابط الجسرية (linkers). ترتبط هذه العقد بروابط تنسيقية (coordination bonds) لتشكّل شبكة بلورية ذات تجاويف وفراغات نانومترية. ويمكن تخيّل الـ MOFs كشبكة ثلاثية الأبعاد من المكعبات الصغيرة، حيث تمثّل الذرات المعدنية زوايا المكعب، وتشكّل الجزيئات العضوية الجسور التي تربط هذه الزوايا. إن ما يميز هذه المواد هو التحكم الدقيق في المسامية، إذ يمكن تصميمها بحيث تحتوي على مسامات ذات حجم محدد يسمح بمرور جزيئات معينة دون غيرها، تماماً كما تفعل الأقفال والمفاتيح على المستوى الجزيئي.
ثانياً: الخواص العامة للإطارات المعدنية العضوية
تُعد الـ MOFs من أكثر المواد المسامية المعروفة في العلم حتى اليوم. فبعضها يمتلك مساحة سطح داخلية تتجاوز 7000 متر مربع لكل غرام من المادة، أي ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم كامل داخل غرام واحد من المسحوق. وتتميّز هذه المواد بالخصائص التالية:
1.مسامية عالية جداً: المسامات تتراوح بين 0.3 إلى 5 نانومتر.
2.قابلية التعديل البنيوي: يمكن اختيار نوع المعدن ونوع الرابط العضوي للتحكم بالخواص.
3.ثبات حراري وكيميائي: بعض الأنواع تتحمل درجات حرارة تتجاوز 400 درجة مئوية.
4.إمكانية إعادة الاستخدام: يمكنها امتصاص الجزيئات ثم تحريرها دون أن تتلف بنيتها البلورية.
ثالثاً: طرق تحضير الإطارات المعدنية العضوية
يتم تحضير الإطارات المعدنية العضوية عادة باستخدام تفاعلات التنسيق (coordination reactions) بين أملاح معدنية ومركبات عضوية متعددة الوظائف في مذيب مناسب. وهناك عدة طرائق لتحضيرها:
1. الطريقة التقليدية الحرارية (Solvothermal method): تُذاب المواد في مذيب مثل ثنائي ميثيل الفورماميد (DMF)، ثم تُسخن داخل أوعية مغلقة عند درجات حرارة مرتفعة لعدة ساعات أو أيام. وتنتج هذه الطريقة بلورات ذات جودة عالية.
الطريقة الميكانيكوكيميائية (Mechanochemical synthesis): تُخلط المواد الصلبة في مطحنة كروية دون الحاجة إلى مذيبات. وتُعد صديقة للبيئة لأنها تقلل النفايات السائلة.
3- الطريقة الميكروويفية (Microwave-assisted synthesis): تُستخدم الموجات الميكرووية لتسريع التفاعل، مما يقلل زمن التحضير من ساعات إلى دقائق.
4. التحضير الكهروكيميائي (Electrochemical synthesis): وتعتمد على تكوين الأيونات المعدنية من القطب مباشرة، مما يتيح تحكمًا أفضل في التركيب النهائي.
وتؤدي كل طريقة من هذه الطرائق إلى اختلاف في البنية البلورية، وحجم المسامات، وثبات الإطار الناتج.
رابعاً: آلية عمل الإطارات المعدنية العضوية
تعتمد آلية عمل الـ MOFs على الامتزاز (adsorption)، وهو تراكم الجزيئات على سطح المسامات الداخلية. وتتحكم طبيعة المسام، وحجمها، وشحنتها السطحية في نوع الجزيئات التي يمكن أن تدخل الإطار. بعض الإطارات تُظهر ما يُعرف بـ "التنفس البلوري (crystal breathing)"، أي أنها تتمدد أو تنكمش تبعاً لنوع الجزيئات الممتزة داخلها. هذه الظاهرة تمنح الـ MOFs سلوكاً يشبه المواد الحية، حيث يمكنها الاستجابة للظروف البيئية المحيطة مثل الرطوبة، أو الضغط، أو نوع الغاز.
خامساً: التطبيقات الصناعية والعلمية
• تخزين الغازات: أحد أكثر التطبيقات شهرة هو تخزين الهيدروجين والميثان. بسبب المسامية العالية، تستطيع الـ MOFs امتصاص كميات كبيرة من الغاز في حجم صغير نسبياً. ويجعلها هذا مرشحة قوية لتطوير خزانات وقود آمنة للسيارات الهيدروجينية. وقد أظهرت بعض الإطارات قدرة على تخزين أكثر من 10 في المائة من وزنها غازاً في ظروف معتدلة.
• فصل الغازات وتنقيتها: يمكن تصميم الإطارات بحيث تسمح بمرور غاز معين وتمنع آخر. على سبيل المثال، يمكنها فصل ثاني أكسيد الكربون عن خليط من الغازات الصناعية، مما يجعلها مفيدة في تقنيات احتجاز الكربون (Carbon Capture) المستخدمة لتقليل انبعاثات المصانع.
*******************************************
الذكاء الاصطناعي: الإمبراطور العاري
متابعة: طريق الشعب
باتت الإشادة بالذكاء الاصطناعي ظاهرةً مرتبطةً بالحديث عن الاقتصادات الناجحة. لكن الباحثة السويدية إيما إنغستروم، من معهد الدراسات المستقبلية، ترى أن تقديم هذا الذكاء على أنه ابتكار ذو إمكانات نموٍّ كبيرة، يتم بمعزلٍ عن الإشارة إلى ما يتميز به من قصورٍ فريدٍ وخطير، خاصةً فيما يتعلق بتأثيره على شكل التعلّم العميق والشبكات العصبية، وهو تأثيرٌ يستعصي فهمه حتى على الخبراء.
وتشير الباحثة إلى أن قدرة البشرية على صياغة واختبار النظريات التي تفسّر عوامل حدوث الثورة الصناعية ومقومات نجاحها وما قدّمته من خدماتٍ ملموسة، كانت وراء جعل تلك الثورة بدايةَ مرحلةٍ فريدةٍ في التاريخ، مما سهّل كثيرًا تعزيز الاختراقات والابتكارات العلمية بطريقةٍ مستدامة. فالفرق بيننا وبين سكان العصور الوسطى لم يكن لأننا أذكى، بل لأننا بدأنا من فهمٍ أعمق؛ إذ لا أحد يحتاج أن يبدأ من الصفر.
لكن ما يمكن أن نسمّيه مشكلة الذكاء الاصطناعي، والتي يختار الكثيرون تجاهلها، تكمن في أنه يحتوي على ملايين أو مليارات من البيانات والأنظمة التي يستخدمها للقيام بتنبّؤٍ معيّن مثلًا، من دون أن تستطيع الأغلبية الساحقة تفسير كيفية أو سبب قيامه بذلك بهذه الصورة دون غيرها. وبالتالي، فنحن نستخدم أشياء كثيرة لا نفهمها. قليلون مثلاً، من يستطيعون شرح كيفية عمل المصعد بالتفصيل، لكننا على الأقل نعلم أن هناك من يمكنه ذلك. ودائماً هناك فنانٌ ما يستطيع رسم لوحةٍ وشرحها، أما عند قيام الذكاء الاصطناعي برسم لوحةٍ ما بطريقةٍ معينة، فلا أحد يمكنه تفسيره لماذا تم الرسم بهذه الطريقة، حتى ولا الشخص الذي كتب الشيفرة.
يحاول الباحثون تطوير أساليب تجعل الذكاء الاصطناعي أكثر قابليةً للفهم، لكن غالبًا ما تنتهي جهودهم إلى نتائج غير دقيقة. فأحيانًا يتم تبسيط نموذج الذكاء الاصطناعي ليُحاكي النموذج الأصلي محليًا، ولكن تبقى المشكلة الأساسية على حالها. ولهذا يمكن القول بثقة إن الدراسات المعروفة حتى الآن لم تُقدّم إجاباتٍ مُرضية على سؤالنا حول سبب قيام الذكاء الاصطناعي بما يفعله.
كما تشير الباحثة إلى أن العديد من مجالات البحث الكميّ اليوم تستند إمّا إلى المبدأ العلمي الكلاسيكي القائم على النظرية والبيانات، أو إلى استخدام الذكاء الاصطناعي الذي غالبًا ما يصل إلى الإجابات دون الحاجة إلى أي نظرية. وعمومًا، هناك تفضيلٌ للذكاء الاصطناعي لأنه فعّال ويميل إلى الصواب، خاصةً أن البعض بات يرى أن قابلية التفسير ليست ضرورية. فإذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على التنبؤ بالطقس بدقة 99 في المائة، فما حاجة خبراء الأرصاد الجوية إلى فهم سبب توصّله إلى ذلك بهذه الطريقة؟
وتؤكد الباحثة أن هذه الحجة معقولةٌ في سياقاتٍ محددة فقط، إذ إن الكثير من القرارات والخطط والبرامج على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي تحتاج إلى التفسير. ولذلك، فعلى أيّ شخصٍ يشيد بهذه التكنولوجيا أن يُقرّ بأن الذكاء الاصطناعي غير مفهوم، وأن ملابس الإمبراطور ليست جميلة، لأن الإمبراطور ببساطةٍ عارٍ.
***************************************************
الصفحة الثامنة
حاجي ژن.. حين تغدو المرأة وطناً يُؤوي الأرواح
سهيل الزهاوي
وُلدت عائشة قادر سعيد، المعروفة باسم حاجي ژن، عام 1925 في قلعة دزة، المدينة التي تتكئ على الجبال وتستقي من صلابتها روح الصمود. منذ طفولتها، كان القدر يخطّ لها طريقًا مختلفًا، كأنه يهيئها لتغدو أكثر من امرأة، لتصبح ذاكرةً للنضال وصوتًا لا يخرس أمام الجور.
تزوجت من سوفي محمد رسول لوس، وأنجبت ثلاثة أولاد وبنتين. لكن يد الإقطاع امتدت لتخطف زوجها وتسطو على أملاكه، تاركةً خلفها أرملةً تواجه عالمًا لا يرحم. لجأت إلى المحاكم لتسترد حقها، لكن العدالة كانت حبيسة قصرٍ يحرسه الإقطاعيون. وحين لم تجد بابًا مفتوحًا، وجدت في نفسها بابًا إلى النضال. لاحقوها بالاغتيال مرارًا، لكنها كانت تنجو لأن للحياة رسالةً كتبت باسمها.
في نهاية عام 1958، أعلنت انتماءها رسميًا إلى الحزب الشيوعي، لا كخيارٍ سياسي، بل كميثاقٍ روحي مع العدالة، منذ ذلك اليوم، لم تعد حياتها ملكًا لها، بل أصبحت نذرًا لقضيةٍ تتجاوز الذات وتلامس جوهر الإنسان.
بعد قصف قلعة دزة في عام 1974، حملت قلبها ورحلت إلى رانية، وهناك وجدت في رابطة المرأة العراقية بقيادة پەرژين أحمد باپير وطنًا من النساء اللاتي يحوّلن الألم إلى طاقة، والخذلان إلى فعلٍ مقاوم. وفي عام 1977، اضطرت إلى الانتقال إلى السليمانية بسبب مضايقات الأجهزة الأمنية، حيث التقت بالرفيقة نجيبة صديق، فانفتح أمامها طريق الحزب الشيوعي العراقي، لتفتح هي بالمقابل باب بيتها وتهبه للحزب: بيتٌ صغير صار ملاذًا للأمل، ومأوى للسرية، وموقدًا للحلم الجماعي.
في عام 1984، تحوّل بيتها إلى مطبعة سرية تنبض بالحياة. بين جدرانها كانت تُطبع أدبيات الحزب وبياناته، وتخرج من بين يديها كلمات تتوهج كجمرة في ليل الوطن. كان صوت المطبعة الخافت في العتمة يشبه نبض قلبها، وكانت الأوراق تفوح برائحة التضحية والوفاء.
وفي العام ذاته، حملت على عاتقها خط البريد الحزبي بين المنظمة والقيادة، متنقلة بين الأزقة والجبال، تحمل الرسائل كمن يحمل الأرواح. ذات يومٍ، وقعت في كمينٍ للجحوش، لكن حيلتها وشجاعتها أنقذتاها. أنقذت البريد، وأنقذت معها وعدها للحزب، ووعدها للوطن.
كانت حياتها مسيرةً لا تعرف السكون. إذا ابتعدت عن النضال أثقلها الحزن، وإذا كُلّفت بمهمة أضاء وجهها كأنها تُبعث من جديد. وعندما استُشهد ابنها الأصغر عبد الرحمن في 15 تموز 1982، لم تبكِ، بل قالت: لا تحزنوا، بل اذكروه بالخير، لأنه استُشهد من أجل قضية، دفاعًا عن مصالح الكادحين." كانت كلماتها مرثيةً تحولت إلى نشيد، ودمعةً ارتفعت إلى راية.
بل وأكثر من ذلك، حين كُلّفت بمهمة حزبية بعد أيام من استشهاده، تركت مجلس العزاء بهدوءٍ شامخ، وذهبت لتنفيذ المهمة، كأنها تؤمن أن الوفاء لدمه هو في مواصلة الطريق، لا في البكاء عليه.
وفي المنفى، ظلت تحمل أمنيةً واحدة: أن تزور ضريح لينين في موسكو. وقد تحققت لها تلك الأمنية، كأن القدر أراد أن يمنحها طمأنينة اللقاء الأخير مع رمزٍ من رموز العدالة التي آمنت بها. وفي الثالث من كانون الثاني 1995، أُسدلت الستارة على حياةٍ ملأى بالنور، ودُفن جسدها في قرية إيسكرا قرب موسكو، بينما بقيت روحها تحرس ذاكرة النضال، وتضيء للأجيال درب الإيمان والوفاء
لم تكن حاجي ژن امرأة عابرة في سجل التاريخ؛ كانت وطنًا يُؤوي الأرواح، وتاريخًا ينطق بضميرٍ أنثوي لا ينام فحين تؤمن المرأة، تصير وطنًا، وحين تناضل، تصير تاريخًا، وحين تُضحّي، تصير ضميرًا لا يُمحى.
********************************************
هل ستكون فنلندا مسرحا لحرب روسية قادمة؟
حمزة حوني طراد
مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وتعذر محاولات إحلال السلام، صار هذا السؤال يتردد كثيرا، على لسان العديد من المراقبين والمتابعين لعلاقات حلف الناتو مع روسيا، وخططه، في اتباع حرب استنزاف طويلة الأمد تؤدي إلى هزيمتها وتحجيم دورها الاقتصادي والسياسي وبالتالي تقسيمها.
أبرز من كرر طرح هذا الفرضية والسؤال هو الدكتور توماس مالينين، الأكاديمي الفنلندي، ومن أبرز خبراء الاقتصاد وتحليل المخاطر، لاحظ بعض المراقبين مؤخرا، تهميش ظهوره في الإعلام الفنلندي، فتلقفه الإعلام الروسي لينشر مقالاته وأقواله هناك، موجها نقدا لاذعا لسياسة الحكومتين الفنلندية والأوكرانية ولحلف الناتو، بل وينسب إليه اعتبار أوكرانيا المسبب الحقيقي للهجوم الكبير الذي شنته روسيا في عام 2022، وأن حلف الناتو أنشأ لاستمرار حرب النازيين ضد روسيا، وهناك من يعتقد أن آراءه هذه قادت "جماعة مجهولة"!!، حزيران الماضي، للاعتداء عليه في ملهى ليلي في هلسنكي، نقل على أثرها للمستشفى، فغرد على موقعه في منصة "X" بأن ظهوره الإعلامي وأراءه الناقدة وراء الهجوم الغادر!
من المعروف ان العقيدة العسكرية والسياسية في فنلندا، تغيرت مع دخول دبابات بوتين إلى الأراضي الأوكرانية، فمن دون اللجوء إلى استفتاء شعبي، كما هو منتظر، قرر البرلمان الفنلندي، بأغلبية ساحقة الدخول في عضوية حلف الناتو، التي أعلنت في نيسان/ أبريل 2023، منهية عقودا طويلة من الحياد تميزت به سياسة فنلندا، الجار الأهم لروسيا الاتحادية، بحدود طولها 1340 كيلومترا تمتد عبر غابات وبحيرات متشابكة، لتتحول إلى حدود حلف الناتو مع روسيا.
ومع توقيع الحكومة الفنلندية اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة الامريكية ودخولها حيز التنفيذ في 1 أيلول/ سبتمبر 2024، التي وفرت إمكانية استخدام 15 قاعدة عسكرية في فنلندا، إضافة لتواجد القوات الأميركية وتدريبها وتخزين معدات دفاعية في الأراضي الفنلندية، صار الحديث يدور أكثر حول الدور المنتظر من فنلندا أن تلعبه في ظل التصعيدات المستمرة بين روسيا وفنلندا، ومع الغرب عموما؟
لم تكتف فنلندا بالمعاهدة الامريكية، فصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية سلطت الضوء على الاستعدادات الكبيرة التي تجريها فنلندا تحسبا لتوسّع رقعة الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فبعيدا عن وسائل الإعلام، ودون استفزاز مباشر، راحت تعزز دفاعاتها بعقلانية، من خلال جعل أغلب المباني بمواصفات محددة لتخصص كملاجئ للمدنيين، وتوجيهات لبقية السكان لاستخدام مواقف السيارات الأرضية للاحتماء بها، كما أن حلبات التزلج على الجليد وحمامات السباحة تكون جاهزة لتصبح مراكز إجلاء، وعلى حد تعبير قائد قوات الدفاع الفنلندية السابق، يارمو ليندبرغ، فالعاصمة الفنلندية، هلسنكي، أصبحت أشبه بـ"الجبنة السويسرية" وذلك لحفرها عشرات الكيلومترات من الأنفاق. ووفقا للصحيفة ذاتها فأنه مع بدء الحرب في أوكرانيا، عززت فنلندا، من مخزوناتها الاستراتيجية من الإمدادات لتلبي احتياجات فترة لا تقل عن 6 أشهر من جميع أنواع الوقود والحبوب الرئيسة، وعملت شركات الأدوية على تأمين مخزون يكفي حوالي عشرة أشهر من جميع الأدوية المستوردة. إضافة إلى زيادة الإنفاق العسكري في فنلندا، فوصل إلى مستويات غير مشهودة سابقا، اقتربت من نسبة 3 ,3 من الناتج المحلي، ويبلغ حوالي 7 مليارات دولار سنويا. ويمكن للقوات المسلحة الفنلندية، التي تعتمد التجنيد الاجباري، تعبئة قوة قتالية زمن الحرب تبلغ 280,000 جندي بسرعة، يدعمها احتياطي ضخم يضم حوالي 900,000 مواطن مدرب، إضافة إلى إمكانية دمج حرس الحدود مع القوات المسلحة أثناء الحرب. وما يعني أن فنلندا لديها أحد أكبر الجيوش في أوروبا مقارنة بحجمها. إضافة إلى أن صفقات التسليح الضخمة مع الولايات المتحدة الامريكية، شملت 64 مقاتلة F 35 بقيمة تجاوزت 9 مليارات دولار، إلى جانب نشر أنظمة دفاع جوي إسرائيلية متطورة مثل نظام "مقلاع داوود" بصفقة بقيمة تبلغ قيمتها 346 مليون دولار، وربما هذا يفسر تردد فنلندا في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أسوة بشركائها من الدول الاوربية.
من جانب آخر، فالاستعدادات العسكرية الروسية عند الحدود الفنلندية لم تتوقف، حيث رصدت الأقمار الاصطناعية، نقل روسيا لجزء من القوات التي شاركت في حرب أوكرانيا قريبا من فنلندا، وبنت جسورا لوجستية ومواقع وتحصينات وانشأت مستودعات للمدرعات في عدة مواقع، وأهلت للعمل مطارات عسكرية قديمة تقع قريبا من الحدود.
وبالعودة إلى الدكتور توماس مالينين، وتحديدا حواره المتلفز مع الدكتور باسكال لوتاز، الأستاذ المساعد لدراسات الحياد في معهد واسيدا للدراسات المتقدمة في طوكيو، يرى ان هناك قوى مظلمة في اوربا تتحرك مثل ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي، ملمحا للقوى الفاشية، ويسميها ( التحالف الأوربي للحرب)، يعتقد أنها تهيئ فنلندا وتدفع بها لتكون الجبهة القادمة للحرب ضد روسيا، بل يذهب أكثر من ذلك معتقداً أن الرئيس الفنلندي الحالي "الكسندر ستوب"، يتم تحضيره ليكون فولوديمير زيلينسكي القادم، من خلال تلميع صورته في واشنطن ودول الناتو والإشادة بخطابه العدواني ضد روسيا. ويبدو أن "فاينانشال تايمز" البريطانية توافق على هذه التوقعات فتقاريرها تشير إلى ان الاستعدادات الكبيرة التي تجريها فنلندا ما هي الا تحسبا لتوسّع رقعة الصراع بين روسيا وأوكرانيا. من جانب آخر يحدد بعض المراقبين أهم الاحتمالات القادمة للمواجهة مع روسيا: فأما تركيز فنلندا على تعزيز القدرات الدفاعية دون الدخول في مواجهة مباشرة، أو تكون هناك مواجهة محدودة مع السعي لتسوية الخلافات، وقد تكن حربا شاملة مع حلف الناتو فيما إذا شنت روسيا هجوما على فنلندا، وستكون لذلك تبعات مدمرة وكارثية عديدة على نطاق عالمي.
******************************************************
العراق بين إشكالية الحكم والأزمات السياسية والمجتمعية والخدمية!
عصام الياسري
لا يمر يوم على العراق دون التوقف عند الوضع السياسي المعقد والأزمات المتراكمة ومنها الاقتصادية والمجتمعية وأزمة المياه والكهرباء وقطاع الصحة والمعيشة وو. ويراوح المحلل في مكانه يسأل نفسه عن تكرار تناوله هذه القضايا وأسبابها التي تشغل بال العراقيين ومصيرهم دون أن تجد حلول ولو جزئية بسيطة من أصحاب المسؤولية وهما في الأساس ـ السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إشكالات العراق الحالية مركّبة ومتداخلة، باختصار: أزمات سياسية وانقسام في الحكم ووجود ميليشيات ونفوذ فصائل مسلحة يضعف سلطة الدولة ويعرقل إصلاحات سريعة. هشاشة مالية واقتصاد معتمد كليا على النفط، وفيرُ العائدات النفطية يجعل الميزانية والإنفاق عرضة لتقلبات الأسعار ولأخطاء السياسات. أزمات خدمات حادة مع فقدان الشفافية ومشاركة المجتمع المدني للحد من سوء الأوضاع.. النقص الحاد في الغاز المحلي والاعتماد على واردات أو على إمدادات إيرانية تسبب انقطاعات في الكهرباء؛ استيراد الغاز من تركمانستان عبر إيران يتعثر لأسباب سياسية/ دبلوماسية. البنية التحتية للطاقة تعاني من فقدان غاز مصاحب لإنتاج النفط، مما يزيد التناقض بين الثروة والقصور الخدمي. جفاف حاد وانخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات، بسبب سياسات تحكم مياه المنبع (سدود تركيا وإيران)، ما يؤدي لملوحة المياه وتدهور الزراعة. كلّها تغذي الاحتقان الاجتماعي وتُضعف قدرة الدولة على الاستجابة لتنفيذ الإصلاحات. فيما أسباب كل ملف، تداخلاتها، المخاطر المحتملة، تتوارد باستمرار دون حلول عملية قصيرة ومتوسِّطة أو على أقل تقدير طويلة الأمد.
السؤال ـ ما السبب في تعثر الحلول، رغم مرور أكثر من عقدين على التغيير؟
الجواب في الحقيقة يكمن في البعد السياسي، أي فهم السياسة بلغة الشعارات والمصالح الحزبية ـ تحالفات طائفية وإقليمية تجعل الحكومة المركزية غير قادرة على اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية صعبة. نفوذ الفصائل المسلحة "الميليشيات" المدجّجة بسلاح، السياسي والاقتصادي. حوادث احتكاك مع السلطات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار المالي والسياسي والأمني ويقلّص قدرة السلطة على إدارة ملفات الخدمات والإصلاح. وإذا ما نظرنا إلى الأمر من وجهة نظر اقتصادية: فنجد الإيرادات النفطية تشكل غالبية التمويل العام للدولة، لكن الأحزاب المتنفذة هي من تستهلكه أو تستبد به ـ وأي هبوط في الأسعار أو تعطّل في التصدير يضغط على الميزانية، ويجبر الحكومة على الاقتصار في الإنفاق أو تراكم العجز. بيد أن ضعف التنويع ومحدودية الإيرادات غير النفطية، إلى جانب ضغط كبير على أجور ورواتب القطاع العام، يحدّ من قدرة الدولة على تمويل البنية التحتية الأساسية وتحسين الخدمات كما يؤدي إلى هشاشة مالية ومحدودية المساحة لإصلاحات واسعة دون تدابير هيكلية.
وبالعودة إلى أزمة الكهرباء والمياه في مقابل صرف أكثر من 90 مليار دولار، وانعكاس ذلك على الوضع المجتمعي والإنساني، فمآلاته، مزيج من أسباب فنية وسياسية: ضعف الشبكة وتعطل محطات قديمة زائد نقص الغاز المستخدم في التوليد يؤدي إلى انخفاض كبير في القدرة الفعلية. العراق يستورد كميات غاز من جيرانه (بما في ذلك إيران) لتعويض العجز؛ هذه الروابط عرضة لعقبات سياسية ودولية (مثل رفض مصادقة بعض صفقات بسبب قيود دولية)، وقد تسبّبت بخسارة آلاف ميغاواط خلال فترات الذروة. مفارقة: جزء كبير من الغاز المهدور المصاحب لإنتاج النفط يُحرق بديلاً من التقاطه واستخدامه في محطات توليد ـ وهذا عائق فني وتنظيمي قابل للحل ولكنه يتطلب استثمارات وسياسات واضحة.
أما أزمة المياه ـ المباشرة والهيكلية، سببها الجفاف وتغير المناخ ـ فيما تسجل السنوات الأخيرة مستويات أمطار أقل وارتفاع درجات الحرارة، ما يخفض مناسيب تدفق الأنهار. سدود ومنشآت في دول المنبع (تركيا وإيران) تقلّص تدفق المياه موسمياً وتغيّر توقيتها، مما يؤثر بشكل خاص على الجنوب (البصرة والمناطق الزراعية). والأخطر، الانخفاضات أدّت إلى تسرب المياه المالحة في المصب وتلف المحاصيل الزراعية والبيئة الساحلية. يقابلها إدارة محلية ضعيفة وممارسات ري غير كفوءة وشبكات متهالكة وزيادة استهلاك في قطاعات غير مُدارة (الزراعة القائمة على طرق ري مائية قديمة).
الكهرباء والماء قطاعان حيويان في الحياة المجتمعية والانسانية، أي ترهل في شأنهما يفاقم عدم الرضا الشعبي، ويعيد إشعال احتجاجات شعبية. وضعف الخدمات يزيد هجرة الكفاءات ونزوح بعض السكان من المناطق المتضررة (خصوصًا الجنوب)، ويضغط على النظام الصحي والغذائي. وقد يؤدي إلى مخاطر مستقبلية لا يحمد عقباها ان لم تتخذ إجراءات طارئة فعالة زائد تمويل ودعم دولي زائد تنفيذ مشاريع الغاز والطاقة المتجددة (مثل مشاريع شمسية) تحسّن الإمدادات وتخفض الاحتقان خلال 3 سنوات، ذلك يتطلب بالتأكيد إرادة سياسية واستقرارا أمنيا. أي سيناريو وسط: تحسّن جزئي في الكهرباء بفضل استيراد الغاز وإنشاء مشاريع فورية غير مدروسة ـ بالإضافة إلى استمرار تدهور مناسيبب المياه والاعتماد على النفط تقيد في كل الأحوال الإصلاحات المرجوة. وفي حالة استمرار الجفاف، وفشل إصلاحات الطاقة، وتفاقم النزاعات المحلية ـ الفصائلية يؤدي إلى أزمة إنسانية أوسع واضطرابات اجتماعية.
العراق، وبالأساس المواطن العراقي ـ بحاجة ماسة ـ إلى اتخاذ الحكومات "المركزية والمحلية" خطوات فورية على النحو التالي: خطة طوارئ للمياه في عموم العراق والجنوب على وجه الخصوص، تشغيل محطات تحلية متنقلة، توزيع مياه آمنة، صيانة شبكات المياه الرئيسة في البصرة وموانيها، بناء المنشآت الكهربائية الحيوية الحديثة وحفظ الطاقة للأوقات الحرجة لتجنّب انفجار غضب شعبي مفاجئ وانهيار كامل للحقيقة المصدر الرئيس للحياة العامة من حيث الحديث عن العبث السياسي الذي ينتهجه من يحكم!
*********************************************
الصفحة التاسعة
ليفاندوفسكي يقرر البقاء مع برشلونة حتى نهاية الموسم
برشلونة – وكالات
حسم البولندي روبرت ليفاندوفسكي موقفه من البقاء مع برشلونة حتى نهاية موسم 2025-2026، في ظل التكهنات حول رحيله المحتمل، بحسب الصحفي الإيطالي فابريزيو رومانو.
ويواجه ليفاندوفسكي (37 عامًا) منافسة على موقعه الأساسي من الإسباني فيران توريس، حيث شارك هذا الموسم في 11 مباراة، بدأ أساسياً في 4 منها، وسجل 4 أهداف فقط. وينوي النجم البولندي إكمال الموسم مع الفريق الكتالوني، مع إمكانية الرحيل مجانًا في صيف 2026.
وفي الوقت ذاته، يدرس برشلونة التعاقد مع مهاجم جديد لتعويض رحيله المحتمل مستقبلاً، ويبرز اسم الإنكليزي هاري كين بين الخيارات المتاحة، بعد أن أبدى اللاعب اهتمامًا بالانتقال إلى النادي الكتالوني في الميركاتو الصيفي المقبل.
************************************************
مُطارداً حلم المونديال المنتخب العراقي يغادر إلى الإمارات
متابعة ـ طريق الشعب
يغادر اليوم الاحد وفد المنتخب الوطني إلى دولة الإمارات، لخوض مواجهة الملحق الآسيوي أمام المنتخب الإماراتي، ضمن التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026.
وقال المنسق الإعلامي للمنتخب، سلام المناصير، إن "المنتخب سيغادر بغداد صباح اليوم الأحد متوجهًا إلى الإمارات للدخول في معسكر قصير يُقام هناك استعدادًا للمباراة المرتقبة يوم الخميس الموافق 13 من الشهر الحالي". وأضاف أن "المنتخب سيتوجه باللاعبين المحليين المشاركين في دوري نجوم العراق، إلى جانب الطاقم التدريبي والإداري، فيما سينضم اللاعبون المحترفون إلى الوفد يوم الاثنين، ليخوضوا تدريبات المنتخب في الإمارات حتى موعد المباراة".
وكان المنتخب العراقي قد أجرى تدريباته يوم الجمعة في بغداد، بمشاركة اللاعبين المحليين فقط، تحت إشراف الجهاز الفني بقيادة مدرب المنتخب غراهام أرنولد، استعدادًا لمباراتي الإمارات ضمن الملحق الآسيوي، المقررتين يوم 13 من الشهر الجاري في الإمارات، والإياب يوم 18 منه في البصرة.
كشف المدرب الأسترالي غراهام أرنولد، في وقت سابق، عن فلسفته في اختيار لاعبي المنتخب، مؤكدًا أن "لا مكان إلا للمقاتلين على أرض الملعب". وأعلن أرنولد عن قائمة المنتخب المكونة من 25 لاعبًا، والتي شهدت غياب لاعب الرياض السعودي إبراهيم بايش بسبب الإصابة، فيما شهدت استدعاء اللاعبين المحليين والمحترفين الذين يمثلون قوة الفريق الأساسية.
وتتضمن القائمة كلًا من: جلال حسن، أحمد باسل، فهد طالب لحراسة المرمى، واللاعبون ريبين سولاقا، مناف يونس، آكام هاشم، زيد تحسين، مصطفى سعدون، حسين علي، شيركو كريم، أحمد يحيى، ميرخاس دوسكي، إيمار شير، أسامة رشيد، أمير العماري، كيفن يعقوب، زيدان إقبال، يوسف الأمين، منتظر الماجد، ماركو فرج، حسن عبد الكريم، علي جاسم، أيمن حسين، مهند علي، علي الحمادي.
وفي تصريحات له، قال أرنولد: "أشعر بسعادة كبيرة بالعودة إلى العراق، ولدينا مباراتان مهمتان أمام المنتخب الإماراتي في أبو ظبي، ومن ثم في البصرة. سنعمل كل ما نستطيع لتأمين وصول العراق إلى كأس العالم، خاصة أن التأهل عبر نصف المقعد يمثل إنجازًا لم يتحقق من قبل". وأضاف: "على الرغم من إحباط الإعلام والجمهور بعد مباراة السعودية، أنا سعيد بأداء اللاعبين والتزامهم الكامل، وعلينا الاستعداد بشكل مثالي لمباراتي الإمارات".
وتطرق أرنولد إلى تفاصيل فلسفته التكتيكية، مؤكدًا: "لقد اخترت اللاعبين الجاهزين للقتال على أرض الملعب طوال دقائق المباراة، فالمواجهة ستكون عبارة عن ساحة قتال. نأمل أن نحقق الحلم الذي انتظرناه طويلاً، رغم التحديات والصعوبات الكثيرة التي واجهها الفريق العراقي".
وحث المدرب الجماهير على دعم المنتخب، قائلًا: "إلى الجمهور العراقي، واصلوا الإيمان بنا، فدعمكم مهم جدًا. نأمل أن يمتلئ استاد البصرة، لتكونوا اللاعب رقم 12 في مساعدة المنتخب على التأهل إلى المرحلة المقبلة من التصفيات العالمية التي ستُقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك".
سيلتقي المنتخب العراقي نظيره الإماراتي ذهابًا وإيابًا ضمن الملحق الآسيوي المؤهل إلى كأس العالم 2026. مواجهة الذهاب ستقام يوم الخميس 13 نوفمبر على ملعب محمد بن زايد في أبو ظبي عند الساعة الثامنة مساءً، فيما سيستضيف استاد البصرة الدولي مباراة الإياب يوم الثلاثاء 18 تشرين الثاني عند الساعة السابعة مساءً.
وسيتأهل الفائز من مجموع المباراتين إلى الملحق العالمي المؤهل إلى كأس العالم، حيث ستتنافس ستة منتخبات على مقعدين فقط للوصول إلى نهائيات المونديال في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك عام 2026.
****************************************
ريال مدريد يعلن ميزانية قياسية ويؤكد قوة برنابيو التجاري
مدريد – وكالات
يستعد نادي ريال مدريد لعرض ميزانية قياسية تبلغ 1.248 مليار يورو أمام الجمعية العمومية نهاية تشرين الثاني، في أعلى رقم يقدمه النادي في تاريخه دون احتساب عائدات الانتقالات.
ويعزو النادي هذا النمو إلى تشغيل ملعب سانتياغو برنابيو بكامل طاقته التجارية وعقد اتفاقيات تجارية طويلة الأمد، حيث حقق الملعب وحده 79.1 مليون يورو خلال موسم 2024/2025 من جولات سياحية وفعاليات ومطاعم.
ويتوقع النادي ارتفاع إيرادات العضويات والمباريات إلى 402.4 مليون يورو في الموسم المقبل، مع توسع مناطق الضيافة وتنظيم فعاليات دولية كبرى، ليؤكد الملعب دوره كمحرك اقتصادي رئيسي للنادي الملكي.
********************************************
يوفنتوس يترقب مكسبًا ماليًا محتملًا من إنكلترا
تورينو – وكالات
يراقب نادي يوفنتوس الوضع في وولفرهامبتون الإنكليزي بعد إقالة مدربه فيتور بيريرا، حيث يدرس النادي الإنجليزي تعيين تياغو موتا أو إيغور تودور، المدربين السابقين للبيانكونيري.
ويسعى يوفنتوس من هذه الخطوة لتخفيف عبء رواتبهما التي تصل إلى نحو 27 مليون يورو حتى صيف 2027، إذ سيتيح توقيع أي منهما مع نادٍ جديد توفير هذه المستحقات، في وقت يسعى فيه النادي لإعادة التوازن لميزانيته.
ورغم الفائدة المالية المحتملة، يبدو أن كلا المدربين متردد في خوض التجربة بالدوري الإنجليزي الممتاز، مفضلين انتظار فرصة تدريبية أكثر استقرارًا في إيطاليا أو في أحد الأندية الأوروبية الكبرى.
**********************************************
فيفا يرشح جماهير زاخو لجائزة المشجعين العالمية
متابعة ـ طريق الشعب
رشح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جماهير فريق زاخو العراقي للجائزة الخاصة بالمشجعين، نتيجة المبادرة الإنسانية التي قاموا بها خلال إحدى مباريات الفريق ضمن منافسات دوري نجوم العراق.
وتحديدًا في 13 أيار 2025، خلال مباراة "أبناء الخابور" أمام الحدود في الجولة الـ 33 من الدوري، قامت جماهير زاخو برمي دمى الأطفال على أرض ملعب زاخو الدولي، تضامنًا مع الأطفال المرضى بالسرطان.
وأوضح الاتحاد الدولي عبر موقعه الرسمي: "أظهر مشجعو نادي زاخو لمسة إنسانية مميزة حين ألقوا آلاف الدمى المحشوة على أرض الملعب، حيث تم جمع الألعاب قبل انطلاق المباراة والتبرع بها للأطفال المرضى بالسرطان".
ونقل الاتحاد الدولي بيان نادي زاخو الذي أكد أن "إلقاء ألعاب الأطفال داخل الملعب يجسد روحًا إنسانية راقية تُقدرها الأوساط الرياضية في كردستان والعراق وآسيا. جماهيرنا هي نبض الفريق وتواصل لفت الأنظار بمبادراتها الإبداعية".
وقال عضو إدارة نادي زاخو طه الحكيم: "المشاهد الإنسانية ليست جديدة على جماهير نادينا، والذين أظهروا تلك الروح في أكثر من مناسبة. مبادرة دعم أطفال السرطان حظيت بمساندة الجميع، وكل من حضر المباراة كان مبتسمًا ومتفهمًا للمبادرة".
وأضاف الحكيم: "إدارة النادي تعمل على إيصال العلامة التجارية للفريق الكروي إلى أبعد نقطة في العالم، وترشيح جماهيرنا لهذه الجائزة سيمنح الفريق شهرة واسعة. المشاركة وحدها كافية لجعل اسم زاخو يتردد في أهم المحافل الكروية العالمية، ونتمنى أن يفوز جمهورنا بالجائزة هذه المرة".
وأوضح أن "ترشيح جماهير زاخو لهذه الجائزة جاء لأنهم أول من قام بهذه المبادرة، ولأن جائزة فيفا تركز على الجانب الإنساني، ودعم الأطفال المصابين بالسرطان يعد مثالًا حيًا على الإنسانية. جماهيرنا لديها المزيد من المبادرات الإنسانية التي ستقدمها مستقبلًا".
وتتنافس جماهير زاخو مع مشجعين عالميين، من بينهم أليخاندرو سيغانوتو من الأرجنتين، مشجع نادي راسينغ كلوب دي أفيلانيدا، المعروف بتنقله براً لدعم فريقه في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية، والمشجع الإسباني الراحل مانويل كاسيريس المعروف باسم "مانولو الطبال"، الذي قضى أكثر من أربعة عقود في تشجيع المنتخب الإسباني قبل وفاته في مايو الماضي عن عمر ناهز 76 عامًا.
يُذكر أن جائزة فيفا للمشجعين تُمنح لتكريم اللحظات أو المواقف الإنسانية أو العاطفية التي تجسد روح كرة القدم من جانب الجماهير، ويتم اختيار الفائز عبر تصويت جماهيري عالمي على موقع الاتحاد الدولي، وتُمنح منذ عام 2016.
********************************************************
لا تتعجلوا استبدال مدربي فرقكم بعد الخسارة
منعم جابر
أصبحت ظاهرة استبدال مدربي الفرق بعد أول خسارة أو ثاني خسارة، أمرًا شائعًا لدى أغلب أندية دوري نجوم العراق، حيث يتم تحميل المدرب وحده مسؤولية النتائج السلبية، دون تقييم شامل أو مراجعة حقيقية للوضع، بينما الواقع مختلف تمامًا. فالاختيار الأصلي للمدرب يتحمله النادي نفسه، إذ تختار الهيئة الإدارية للنادي المدرب غالبًا دون دراسة متأنية أو تمحيص، بل بشكل سريع ومستعجل، أحيانًا اعتمادًا على العلاقات والصداقة أو التأثيرات الشخصية، وهو ما يشكل خطأ كبيرًا.
اليوم نجد بعض الأندية تبدأ الموسم الجديد 2025–2026 بدون مدرب محدد، وهذا دليل على الاختيارات غير المدروسة التي تؤدي إلى استبدال المدرب بشكل متسرع، وتعيين مدرب جديد دون دراسة سيرته أو الاطلاع على تاريخه التدريبي، وهنا تحدث الكارثة.
لذلك أكرر القول لأندية دوري نجوم العراق: عليكم عند اختيار مدرب لفريقكم أن تدققوا في مستواه وإمكاناته، وأن تحددوا ما تريدون تحقيقه من خلاله، وما هو الموقع الذي تطمحون للوصول إليه مع فريقكم. عندها يمكن اختيار المدرب المناسب الذي يمتلك الإمكانيات اللازمة لتنفيذ خططكم، والقادر على تطوير الفريق في ظل وضعه الحالي.
أيها الإخوة في أندية الدوري، يجب أن تتعرفوا أولًا على المطلوب من المدرب، وما هي النتائج التي تطمحون لها. الأمر المهم أيضًا هو أن يتم اختيار لجنة فنية متخصصة تضم لاعبين سابقين من النادي أو مختصين بكرة القدم، لتقوم بدراسة إمكانية المدرب المتقدم للعمل، وفحص سيرته الذاتية، والاطلاع على خبراته ونتائجه مع الفرق التي سبق له العمل معها، والتأكد من أسلوبه في قيادة الفريق ومستواه العملي والنظري.
أوجه نداءً خاصًا لإدارات الأندية، بأن الواجب عند اختيار مدربي فرقكم هو طلب التزام المدرب للعمل لموسمين على الأقل، لأن الموسم الأول يكون عادة فترة تجريبية للتعرف على اللاعبين وتثبيت أساليب اللعب، وفي الموسم الثاني تظهر النتائج بشكل واضح. أما الطريقة الشائعة في بعض الأندية، حيث يعمل المدرب لنصف موسم فقط ثم يُستبدل في النصف الثاني، فهي أسلوب خاطئ يضر بالفريق ويعرقل الاستقرار الفني.
في الدول المتقدمة والعريقة في كرة القدم، تلتزم الأندية بمدربيها لسنوات طويلة ومواسم متعددة، لأن طول فترة التدريب والاستقرار التدريبي يؤدي إلى تطور الفريق واستيعاب اللاعبين لأفكار المدرب، وهذا ما نفتقده في أنديتنا العراقية.
مما يُظهر أهمية الاستقرار التدريبي، نجد أن نادي الشرطة قد استقر على ملاكه التدريبي لعدة مواسم، الأمر الذي ساهم في تحقيق نتائج متميزة، حيث فاز بالدوري لأربع مواسم متتالية، وهو إنجاز لم يتحقق سابقًا في الكرة العراقية.
لكن الظاهرة العامة في الأندية العراقية هي سرعة استبدال المدربين وتغييرهم لأسباب شتى، وهذه الظاهرة ازدادت حتى أصبحت شبه عادة. السبب الأساسي وراءها هو غياب لجنة فنية متخصصة تضم خبراء وكفاءات في كرة القدم، تكون لها الكلمة الفصل في اختيار المدربين وطواقمهم التدريبية، وتقييم كفاءتهم.
غياب هذه اللجنة الفنية وعدم فاعليتها يؤدي حتمًا إلى ثغرات، ويفتح المجال لتأثيرات أشخاص غير مختصين، مما يضر بالجانب الفني للفريق. لذلك، أدعو إدارات الأندية المشاركة في دوري نجوم العراق إلى تأسيس لجان فنية من أهل الاختصاص وقدامى اللاعبين في النادي، تكون مهمتها دراسة ملفات المدربين ومناقشتهم في الأمور الفنية، وإبعاد الطارئين وغير المختصين عن التدخل في الشؤون الفنية.
المدرب الجيد هو من يجتهد ويعمل بجد من أجل نجاح فريقه، ولذا يجب على إدارات الأندية التريث والتحلي بالحكمة في التعامل مع مدربي فرقها، وعدم الاستعجال عليهم، مع تقديم الدعم الكامل والتعاون لتحسين النتائج. فالمدرب الكفء يحتاج إلى وقت كافٍ ليقدم أفضل أداء ممكن، والاستعجال في استبداله يُعد من الأخطاء الشائعة في عالم التدريب بكرة القدم.
********************************************
الصفحة العاشرة
الماركسية وتاريخ الفلسفة: نحو مهمة فلسفية معاصرة
هيلينا شيهان
تطرح الفيلسوفة هيلينا شيهان، الأستاذة الفخرية في جامعة دبلن سيتي والمحاضرة الزائرة في جامعة بكين، سؤالاً جوهرياً: كيف نفهم العلاقة بين الماركسية وتاريخ الفلسفة؟ ولماذا أولى الماركسيون، رغم انشغالهم بالصراعات السياسية الملموسة، اهتماماً كبيراً بتاريخ الفلسفة؟ وفي ظل العودة الراهنة إلى هيغل، خصوصاً بين بعض الماركسيين المعاصرين، هل هذه العودة مفيدة حقاً لفهم الوضع التاريخي الراهن ومواجهته؟
تشير شيهان إلى أن الفلسفة اليوم تعاني من تهميشٍ متزايد؛ فالأقسام الأكاديمية تُغلق، والمكتبات تتخلّص من مجموعاتها الفلسفية، والفلسفة نفسها تُدرَّس خارج سياقها التاريخي، كأنها سلسلة من الأفكار المعزولة عن الزمن والمكان، منفصلة عن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية. في المقابل، كان المفكرون الماركسيون الكبار- من ماركس وإنجلز إلى لينين وبوخارين وغرامشي- يتعاملون مع تاريخ الفلسفة باعتباره عملية مترابطة وجذرية، جزءاً لا يتجزأ من تاريخ البشرية ككل، ومرآة لوعي العصور وصراعاتها الجوهرية.
لقد فهم هؤلاء أن الفلسفة ليست مجرد تأملات عابرة، بل هي تعبير عن الوعي التاريخي لعصرها، حتى لو بدا أحياناً غارقاً في التجريدات والتعقيدات. ولهذا رأوا أن مهمتهم لا تقتصر على تفسير الأفكار، بل على ربطها بحركة التاريخ المادي، واستخلاص أعلى أشكال الوعي الممكنة لعصرهم.
إن المنظور الماركسي للفلسفة يضعها في سياقها المادي والاجتماعي، فإنتاج المعرفة متجذر في إنتاج كل شيء في الحياة. ليست الأفكار نتاجاً مستقلاً، بل هي تتكثف من العمل الجماعي وقرون من التاريخ الاجتماعي. كلّ نمط إنتاج يولد أنماطاً فكرية مميزة. ففي صعود البرجوازية، على سبيل المثال، ولدت نضالاتها الفكرية لنيل الهيمنة نظريات المعرفة العقلانية والتجريبية، والمذاهب الليبرالية والفردية. لكن مع استقرار سيطرتها ومواجهتها ضغوطاً من اليسار، تراجعت نحو تيارات لا عقلانية ومعادية للمادية.
وقد دفع شيهان إلى هذا الفهم نهجان رئيسيان: تحولها إلى الماركسية، الذي جعلها ترى الأفكار كنتاج لعملية إنتاج المعيشة المادية، وتدريسها لمقرر تاريخ الأفكار لطلاب لن يدرسوا الفلسفة مرة أخرى، ما اضطرها إلى التركيز على الأسئلة الأساسية التي تشكل جوهر الفلسفة عبر العصور.
هل المعرفة ممكنة؟
من هذه الأسئلة: هل نفسّر العالم الطبيعي بقوى داخله أم خارجه؟ هل المعرفة ممكنة، وما علاقتها بالواقع؟ هل الكون منظم أم فوضوي؟ وما علاقة الفرد بالمجتمع؟ هذه الأسئلة، التي تتجدد وتتعمق عبر التاريخ، تشكل الإطار الذي تتحرك فيه الفلسفة، وتحدّد طريقة تفكيرنا في كل شيء، من الأخبار اليومية إلى القرارات السياسية.
اليوم، يسود المشهد الفكري مزيج من الوضعية الضيقة، وما بعد الحداثة المُلبِّكة. رغم تعارضهما الظاهري، فإنهما يتشاركان في رفض «السرديات الكبرى»، وتفكيك النظرة الشمولية، وإعاقة الفكر التوليفي الذي يجمع بين العمق التجريبي والتركيب النظري. كلاهما فلسفتان «تفكيكيتان» أنتجهما نظام اجتماعي متفكك يسعى إلى إخفاء طبيعته النظامية.
المشكلة في بعض أشكال الماركسية الهيغلية، أنها تميل كثيراً نحو التعقيد المثالي والمطلقات، مبتعدة عن الإنتاج المعرفي الخصب القائم على التفاعل مع علوم ووقائع عصرنا. بل إن بعضهم، مثل: ريتشارد سيمور، يعلن صراحة انتقاله من المادية إلى المثالية، زاعماً أن الوعي هو واقع أولي لا يمكن تفسيره مادياً.
السياق الاجتماعي والتاريخي
ترى شيهان أن الماركسية، على عكس الفلسفات الأخرى، لا تنفصل عن السياق الاجتماعي والتاريخي. فهي ترى في إنتاج المعرفة امتداداً لإنتاج الحياة ذاتها، وترفض الفصل بين العمل الذهني واليدوي، وبين العلوم الطبيعية والإنسانية. وقد نشأت الماركسية في بيئة فكرية هيمن عليها هيغل، لكنها لم تكتفِ باستيعابه، بل تجاوزته عبر ربط الديالكتيك بالمادة والتاريخ، محوّلة الفلسفة من تأملٍ مثالي إلى أداة للعمل والتحول. غير أن شيهان تنتقد العودة المعاصرة إلى هيغل، خصوصاً التركيز المفرط على «علم المنطق»، الذي يُقدَّم أحياناً كمفتاح سحري لحل معضلات العصر. وتتساءل: لماذا، في زمن الأزمات المتعددة- السياسية والبيئية والثقافية- يصرّ بعض الماركسيين على الغوص في مفاهيم، مثل: «الكينونة المحضة» أو «الكم المحض»، وكأنها كيانات مستقلة؟ ولماذا يُستخدم هيغل كملاذ نخبوي بعيد عن الصراعات الواقعية؟
تؤكد، أن هيغل قدّم إسهامات مهمة- مثل فكرة الكلّية، والوعي التاريخي، والتطور الديالكتيكي- لكن الماركسية لم تأخذها كما هي، بل أعادت تأصيلها في إطار مادي وتاريخي. وتشير إلى أن كثيراً من هذه الأفكار لم تأتِ من هيغل وحده، بل من تراث فكري أوسع، بما في ذلك التجارب الدينية والعلمية والاجتماعية. وتستشهد بماركس نفسه، الذي قال: إنه «يغازل» هيغل، لكنها ترى أن هذا لا يعني أن علينا أن نفعل الشيء نفسه اليوم.
«مثالية بروليتارية»
الأدهى من ذلك، حسب رأيها، هو أن بعض الماركسيين المعاصرين ينزلقون إلى المثالية صراحة، بل ويبررون ذلك كـ «مثالية بروليتارية» أفضل لفهم الأزمات البيئية والوجودية. وترفض شيهان هذا المنحى جذرياً، مؤكدة أن المادية ليست عائقاً أمام الفهم، بل أساسه الوحيد القادر على ربط الفكر بالواقع، والنظرية بالممارسة.
وتذكّر بأن لينين، رغم عودته إلى هيغل في لحظة أزمة (اندلاع الحرب العالمية الأولى)، لم يتخلّ عن أسسه المادية، بل طوّرها ليشمل بعداً أكثر دينامية وتفاعلية مع الواقع.
في مواجهة هذا الاتجاه، تدعو شيهان الماركسيين إلى أن يقفوا في زمنهم، لا أن يعودوا إلى نصوص الماضي بحثاً عن حلول جاهزة. فالمهمة الحقيقية للفلسفة الماركسية اليوم ليست شرح هيغل أو ماركس، بل فهم الواقع المعقد: تتبع التحولات في الاقتصاد العالمي، وتحليل الأزمات البيئية، ونقد الثقافة الشعبية، وكشف الأيديولوجيات المدفونة في وسائل الإعلام والتعليم. إنها مهمة تتطلب وعياً شاملاً، لا تجريداً معزولاً.
علينا أن نُظهر كيف أن النظام الرأسمالي هو المسؤول عن ظلم العالم وتدميره البيئي، وعن الانحطاط الثقافي والاضطراب النفسي. نحن نقدم ليس فقط التحليل، بل الحل أيضاً: حركة لكشف هذا النظام، وبناء بديل اشتراكي. نحن نقدم المعنى والغاية.
وفي زمن يعاني فيه كثيرون من فراغ وجودي وانهيار في القيم، تقدم الماركسية رؤية متماسكة وشاملة، تربط المعنى بالعمل، والفهم بالتغيير. إنها ليست مجرد نظرية، بل مشروع حياة يمنح الغاية والاتجاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة وتلخيص: قاسيون عن مجلة (مونثلي ريفيو)
"قاسيون" – 19 تشرين الأول 2025
********************************************
أميتاف غوش مسائلاً التاريخ الاستعماري
علي عاشور
في كتابه «للحرب وجه آخر»، يعيد الكاتب الهندي أميتاف غوش مساءلة التاريخ الاستعماري من أرخبيل الباندا إلى أزمات المناخ اليوم، رابطاً بين الإبادة والاستيطان والرأسمالية. يكشف كيف تحوّلت الأرض من كيانٍ حيّ إلى ملكية، وكيف أوصل الاستعمار وهيمنة الرأسمالية الكوكب إلى حافة الخراب والفناء عندما اجتاحت جائحة كوفيد-19 العالم عام 2020، آخذة معها آلاف الأرواح في شهر آذار (مارس) حيث أعلن الحجر الجبري على الناس في كل أنحاء العالم، كان الكاتب الهندي أميتاف غوش وحيداً في مدينة بروكلين الأميركية، يسائل نفسه عن أحداث وقعت في القرن السابع عشر في أرخبيل/ جزر الباندا الأندونيسية. كيف يمكن أن يتسبّب سقوط مصباح في حرب إبادية؟ سؤال قاد غوش إلى البدء برحلة البحث وكتابة «للحرب وجه آخر» الصادرة ترجمته العربية عن «منشورات تكوين» (ترجمة إيمان معروف). يبدأ غوش بسرد أحداث إبادة سكان قرية سيلامون في أرخبيل باندا عام 1621 على يد المستعمرين الهولندين، وارتباط هذه الأحداث بتجارة الشركة الهولندية، وتشكيل الاستعمار الأوروبي لخرائط العالم وتقسيمه بحسب المصالح الاقتصادية والسيطرة على مسارات التجارة البحرية.
الاستعمار والأرض
يتمحور الكتاب حول ثيمتَي الاستعمار والأرض، ومعالجتهما كوحدة واحدة شكّلت العالم الحديث، لا على المستوى السياسي والاقتصادي فقط، وإنما أيضاً ما يتعلّق بالمنظور الثقافي لماهية الأرض وتحولاته التي أنتجها الاستعمار على مدار أربعة قرون، والعلاقة الوثيقة ما بين هذه التحولات وأزمة المناخ العالمية. كانت الأرض – وما تزال عند شعوب كثيرة - هي الأم، والروح، والبيت، والمأكل، والأمان، والبركة، والمصدر، والأصل، ثم تحوّرت لتتقلص ضمن مجال قانوني ينحصر ما بين الملكية الخاصة والحق العام. هذا التحوّر أخذ معه ملايين الأرواح وعشرات الثقافات ومئات اللغات، حتى وصل إلى سؤال الخلاص ودراسة الأمراض والكوارث الطبيعية، وحركة الهجرات من الجنوب العالمي إلى شماله.
تتبّع مسار الحروب
يتتبّع غوش في بحثه مسار الحروب الاستعمارية، خصوصاً مسيرة الاستعمار الاستيطاني وإفناء شعوب السكان الأصليين في الأميركيتين، الذي برّر ثقافياً ودينياً للاستيلاء على الأرض. فماهية الحروب الاستعمارية الاستيطانية لم تنحصر بين الجماعات البشرية فقط، بل أخذت معها التربة والأشجار والأنهار وحولتها إلى أسلحة طبيعية ضد السكان الأصليين. يقول غوش: «إن التمييز المطلق بين الطبيعي والإنساني الذي يعدّ أساسياً جداً في طرق التفكير الغربية، لا يترك مجالاً لغير البشر كي يكونوا أبطالاً في التاريخ أو السياسة؛ بل يمكن في أحسن الأحوال التعامل معها كعناصر خاملة في ظروف بيئية معينة». هكذا عمل المستعمرون الإنكليز، على سبيل المثال، على تغيير العوامل البيئية، سواءً الصيد المفرط للحيوانات، أو منع السكان الأصليين من الصيد، أو قطع الأشجار وحصر الأنهار وردم الجداول، لتشريد السكان الأصليين من أراضيهم.
نشر الأمراض سلاح في المواجهة
كان للأمراض توظيفها الممنهج للقضاء على السكان الأصليين. لم تكن تجارة العبيد وقدوم الأوروبيين وحدهما اللذان تسبّبا في انتشار الأمراض في الأميركيتين. فقد عمل المستعمرون على نشر الأوبئة في مجتمعات السكان الأصليين بوعي تام ومنهجية محو وإحلال مدروسة. يستشهد غوش بالتاجر البريطاني ويليام ترينت الذي كتب في مذكراته «أعطيناهما بطانيتين ومنديلاً من مستشفى الجدري. آمل أن يكون لها التأثير المطلوب»، مشيراً إلى ما اعتبره مبعوثان من قبيلة لينابي في فورت بيت، في بنسلفانيا، هدية من الأوروبيين لقبيلتهما. وما هذا سوى مثال واحد على آليات الإبادة الاستعمارية.
أزمة المناخ
يربط غوش مسار تشكّل المستعمرات والمنظومة الرأسمالية بأزمة المناخ العالمية اليوم. فالقضاء على الغابات واستخراج المعادن الذي تماهى مع بناء المستعمرات، إضافة إلى صعود الثورات الصناعية واستخراج النفط والغاز، كلّها عوامل لا تنفصل عن الأزمة المناخية الوجودية. كما إنّ الارتباط الوثيق ما بين الحروب والأزمة المناخية وهجرة الشعوب الآسيوية والأفريقية إلى أوروبا وأميركا الشمالية، يفرض على الباحث والمراقب مساءلة الحداثة الأوروبية ومزاعمها. «في البلدان الغنية غالباً، وبشكل رئيسي في البلدان الأكثر امتيازاً، يُنظر إلى تغير المناخ على أنه مصدر قلق تقني واقتصادي موجّهٌ نحو المستقبل؛ وبالنسبة إلى الفقراء في العالم، في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء، فإنّ الأمر مرتبطٌ في المقام الأول بالعدالة، ومتجذر في تاريخ العرق والطبقية والجغرافيا السياسية. ووفقاً لذلك، فإنّ مفاوضات المناخ لا تتعلق فقط بالانبعاثات وغازات الاحتباس الحراري؛ بل تتوقف تحديداً على القضايا التي لا/ لن تناقش أبداً – القضايا التي ترتبط في نهاية المطاف بالتوزيع العالمي للسلطة». يؤكد غوش على أن مساءلة التاريخ لا تعني العودة إلى التكتلات والتعصبات الاجتماعية والدينية، إنما حركة فكرية وجدلية نحو المستقبل، ووجهة مصير البشرية جمعاء. ميراث الاستعمار وهيمنة الرأسمالية أوصلا الكوكب إلى مرحلة الخراب والفناء. كتاب «للحرب وجه آخر» تقليم للتاريخ وأدوات البحث والمراجعات الفلسفية، ودعوة للسؤال والحوار والكتابة، والمقاومة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الأخبار" اللبنانية – 11 تشرين الأول 2025
**********************************************
قاموس اقتصادي فلسفي
الرأسمال الإقراضي
إعداد: د. صالح ياسر
هو جزء منفرد وشكل محور للرأسمال الصناعي. فهو رأسمال نقدي يقرضه مالكوه الرأسماليون لرأسمالين آخرين، لقاء تعويض معين على شكل فائدة. وخلال دورة الرأسمال الصناعي، يتشكل رأسمال نقدي مؤقتاً. وبمساعدة الائتمان تتحول الوسائل النقدية الحرة مؤقتاً الى رأسمال اقراضي، يستعمله الرأسماليون الصناعيون لتوسيع الانتاج والتجارة. والسمة المميزة للرأسمال الاقراضي هي استخدامه في الانتاج، من قبل رأسمالي غير مالكه. أما مصدر الفائدة الاقراضية، ودخل المقرضين، فهو فائض القيمة الناتج عن استغلال العمال. ان الرأسمال الاقراضي يعبر مباشرة عن العلاقة بين الرأسماليين النقديين والرأسماليين الانتاجيين، وهو يعبر، في نهاية المطاف، عن العلاقات الانتاجية الأساسية في المجتمع البرجوازي – علاقات استغلال طبقة الرأسماليين للعمال الأجراء.
وبهذا المعنى فانه جزء منفرد وشكل محور للرأسمال الصناعي. فهو رأس مال نقدي يقدمه الملاك كقرض، ويعود بفائدة ترجع في اساسها الى استغلال المأجور، ويعمل أساسا في خدمة دورة الراسمال العامل. غير ان الرأسمال الاقراضي لا يعتبر موارد نقدية تعطي كتسليفات للافراد، وانما هو تجسيد العلاقات الاقتصادية بين المقرِض والمقتَرِض. تلك العلاقات التي تعتبر جزءا وشكلا للنظام الموحد للعلاقات الرأسمالية.
وتتمثل المصادر الرئيسية للرأسمال الاقراضي في:
الرأسمال النقدي المتوفر سائلا لدى قطاعات الانتاج المختلفة ؛
جزء من فائض القيمة المتوفر لدى المؤسسات في صورة نقدية ؛
دخل ومدخرات السكان ؛
الموارد السائلة لميزانية الدولة ؛
أرصدة المعاشات والتأمينات.
تتخذ النقود المخصصة للقروض شكلا خاصا للسلعة بوصفها رأسمالا يباع لصاحب العمل الرأسمالي لمدة معينة. وبالنسبة لهذا الاخير تكمن منفعة هذه السلعة (الرأسمال) في قدرتها على تحقيق ربح عادي يزيد عما يدفع نظير تشغيل هذا الرأسمال. والمبلغ الذي يدفع عن تشغيل هذا الراسمال يسمى فائدة وهي عبارة عن جزء من الربح المتوسط الذي يحصل عليه الرأسمالي صاحب العمل من تشغيل هذا الرأسمال. أما الجزء الاخر من الربح الذي يبقى لدى الرأسمالي صاحب العمل فيسمى دخل التشغيل. وتقسيم الربح الى فائدة ودخل تشغيل يخفي الاستغلال الراسمالي. وفي صيغة الراسمال الاقراضي ن – نَ (نون فتحة) تظهر الفائدة كنتيجة للنمو الذاتي للنقود. ويبدو دخل التشغيل وكأنه " اجراء رقابة ". والحقيقة ان الفائدة ودخل التشغيل هما شكل محور لفائض القيمة. ويقاس مقدار الفائدة بمعدل الفائدة أي النسبة المئوية لجملة الدخل السنوي من الراسمال القرضي الى مقدار الراسمال القرضي.
ويتذبذب معدل الفائدة في حدود الربح المتوسط، وذلك تحت تأثير النسبة بين عرض وطلب الرأسمال الاقراضي. فاذا زاد طلب الراسمال الاقراضي عن عرضه ارتفع معدل الفائدة. أما إذا توفرت في السوق كميات وفيرة من رؤوس الاموال النقدية السائلة وكان طلبها محدودا فان الفائدة تنخفض.
تتم حركة الرأسمال الاقراضي في شكل قرض. وعلى خلاف دورة الراسمال الصناعي تتخذ هذه الحركة الصيغة التالية: ن – نَ (نون فتحة للتميز لها عن ن الاولى). وتؤدي القروض الى ان ينفصل عن بعضها، بل وبتضاد كل من:
الراسمال " بوصفه ملكية " وهو الذي لا يمت بصلة مباشرة الى الانتاج ؛
والراسمال " بوصفه وظيفة " وهو الذي يستغل العمل مباشرة.
وعموما فحركة الرأسمال الاقراضي، وإن كانت وثيقة الارتباط بحركة الرأسمال التجاري والصناعي بل وناشئة عنها، فإنها تتمتع باستقلال خارجي، وتخضع مباشرة لقوانينها الاقتصادية الخاصة. ومن هنا تنشأ امكانية افتراق وعدم تطابق حركتي هذين الشكلين من أشكال الرأسمال وامكانية حدوث أزمات قرضية نقدية حادة.
في المجتمع الرأسمالي توجد الأشكال الرئيسية التالية للقروض:
- القرض البنكي الذي يمنحه اصحاب رؤوس الاموال النقدية السائلة والبنوك للراسماليين اصحاب الاعمال.
- القرض التجاري الذي يتمثل في السلفيات التي يقدمها الراسماليون اصحاب الاعمال، بعضهم للبعض، بهدف الاسراع في تصريف السلع.
- القرض الاستهلاكي الذي يقدمه البائعون للسكان لتصريف السلع الاستهلاكية.
- القرض الحكومي الذي يشكل نظاما من العلاقات الاقراضية بين الدولة واصحاب رؤوس الاموال النقدية ، والدولة هنا هي الطرف المقرض.
- القرض الدولي الذي يعني انتشار العلاقات الاقراضية خارج نطاق مختلف البلدان.
وللقروض تاثير بالغ في تطور الإنتاج الرأسمالي للأسباب التالية:
فهي تساعد على تسوية معدلات الربح؛
وتقلل تكلفة الانتاج؛
وتعجل الى حد كبير من تركز وتمركز الرأسمال؛
وتوسع السوق وقتيا، مما يزيد نمو درجة الاستغلال؛
استعباد واستغلال البلدان الاقل تطورا من جانب نسق الاقتصاد الرأسمالي العالمي.
ومن المفيد التذكير كذلك أن حركة الرأسمال الاقراضي تساعد على تسوية معدلات الربح عن طريق تعجيل وتسهيل انتقال رؤوس الاموال الى قطاعات الاقتصاد الأكثر ربحا. إلا ان القروض إذ تساعد على الغاء اختلال معين وتسوية معدل الربح، إنما تساعد في الوقت نفسه على ظهور اختلالات جديدة وتشدد فوضى النمو في مختلف قطاعات الاقتصاد.
إن حركة الرأسمال الاقراضي تشدد تركز وتمركز الراسمال. فبواسطة البنوك يجري تجميع الموارد النقدية الصغيرة وتحويلها الى رؤوس اموال عاملة ضخمة. وتعتبر الشركات المساهمة أهم شكل لتمركز الرأسمال. فهي توحد رؤوس اموال سائلة كثيرة في كيانات اقتصادية ضخمة موحدة. ويسمح هذا بامكانية بناء منشآت كبرى، واستعمال وسائل تكنيكية معقدة وغالية الثمن. وبذلك يساعد تمركز الرأسمال على تنمية حجم الانتاج وتطويره وزيادة تراكم الرأسمال.
وبالمقابل تعتبر القروض سلاحا جبارا في صراع المنافسة. فهي تدعم المؤسسات الكبرى، وتساعد على الحاق الافلاس بالرأسماليين الصغار، والفلاحين والحرفين.
ولا يقتصر دور القروض الرأسمالية هذا على الصعيد المحلي فقط بل يتعداه ليتخذ أبعادا ما فوق قومية/عالمية. ففي هذا المجال تصبح القروض الرأسمالية واحدة من الأسس التي يقوم عليها الاقتصاد الراسمالي العالمي، ووسيلة هامة يستغلها الامبرياليون في استبعاد واستغلال شعوب البلدان الأخرى. لقد توصل ماركس من خلال تحليله لدور القروض على الصعيد العالمي الى استنتاج مؤداة ان "القروض تعجل التطور المادي للقوى الانتاجية وقيام السوق العالمية الشاملة. وان الوصول بهما – كأسس مادية للشكل الجديد للانتاج – الى مستوى معين من التطور لهو المهمة التاريخية لاسلوب الانتاج الراسمالي. والى جانب ذلك فالقروض تعجل بالتفجير العنيف لهذه التناقضات والازمات وبالتالي فهي تقوي عوامل تفسخ اسلوب الانتاج القديم ".
***********************************************
الصفحة الحادية عشر
الجديد في المكتبة
- مولع بزياد/ تأليف علي عبد الامير عجام، اصدار: دار الرافدين وتكوين- بغداد. الكتاب يتحدث عن الفنان التقدمي الراحل زياد الرحباني، موسيقاه وألحانه وحياته.
- القعل ضد السلطة/ رهان باسكال، تأليف نعوم تشومسكي وجون بريكمون. ترجمة عبد الرحيم جزل، اصدار: دار التنوير- بيروت.
- مسرحيات للأطفال/ تأليف كفاح عباس، اصدار: دار ماروسي- بغداد. ست مسرحيات كتبت لمخاطبة الاطفال في اعمارهم المختلفة.
- دياجير الموصل/ رواية مها الفارس، اصدار دار الحكمة – لندن. تقع الرواية في 486 صفحة من الحجم الكبير وتتحدث عن المراحل القاسية التي مرت بها مدينة الموصل في ظل جرائم داعش/ 2014.
- نسيج النص/ بحث في ما يكون الملفوظ نصاً/ تأليف الازهر زناد، اصدار المركز الثقافي العربي. وهي دراسة قيمة وجديرة لمعطيات النص وآفاقه.
********************************************
ثقافة الاستهلاك في المجتمع العراقي
إسماعيل نوري الربيعي
تُعد ظاهرة الاستهلاك واحدة من أبرز المؤشرات على التحولات الاجتماعية والثقافية في المجتمعات الحديثة، إذ لم تعد مقتصرة على تلبية الحاجات الاقتصادية أو الوظائف النفعية للأشياء، بل أصبحت نمطًا من العلاقات الاجتماعية ومنظومة دلالية تنتج المعنى والهيبة والتميّز الاجتماعي. وفي هذا السياق، يقدم جان بودريار في كتابه "المجتمع الاستهلاكي رؤية تأسيسية لفهم بنية المجتمعات الغربية، لا سيما الأمريكية، من منظور اجتماعي ونقدي"، إذ يحلل كيف تحوّل الاستهلاك من مجرد نشاط اقتصادي إلى نظام رمزي وثقافي يحكم العلاقات الإنسانية ويعيد تشكيل القيم والهوية. إن قراءة هذا المنهج في سياق المجتمع العراقي تساعد على تفسير التحولات الاستهلاكية المعاصرة وتأثيرها على التراتب الاجتماعي، الهوية الثقافية، ومفهوم الحرية الفردية.
من الاقتصاد إلى الرموز: تحول الاستهلاك إلى نظام دلالي
ينطلق بودريار من تفكيك وهم الحياد الاقتصادي الذي يقوم عليه السوق الرأسمالي، موضحاً أن الأشياء لم تعد تُستهلك بوصفها أدوات نفعية، بل أصبحت علامات في نظام لغوي جديد. وفي العراق، يمكن ملاحظة هذا التحول بشكل واضح في الطريقة التي تتحرك بها السلع الفاخرة، سواء كانت سيارات، هواتف ذكية، أو ملابس مستوردة، داخل الفضاءات الحضرية، حيث لا تمثل هذه المنتجات قيمة وظيفية بقدر ما تمثل إشارات اجتماعية للتميّز والانتماء. تصبح السلع لغة، تُعبر بها الفئات عن نفسها، وتحدد من خلالها الفجوة بين الطبقات، وتعيد إنتاج نظام اجتماعي رمزي يعتمد على الرغبة في التفوق الرمزي أكثر من الوظيفة العملية للمنتج. هذا التحول يجعل من المجتمع الاستهلاكي في العراق لغة جديدة، يترجم من خلالها الأفراد مكانتهم الاجتماعية ويخلق شبكة معقدة من المعاني التي تتحرك بين الصور والإشارات.
الأسطورة الحديثة؛ الإعلان والموضة كأداة لإنتاج الرغبة
يلعب الإعلان والإعلام دورًا محوريًا في صناعة الرغبات في المجتمع العراقي، تمامًا كما لاحظه بودريار في السياق الغربي. فالإعلان لا يبيع المنتج نفسه، بل يبيع وعدًا بالسعادة والنجاح والقبول الاجتماعي، وهو ما يسميه بودريار «أسطورة الرغبة». في العراق، تنتشر هذه الأساطير عبر وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُزرع في الأفراد مشاعر النقص والحاجة المستمرة، فتخلق دائرة لا نهائية من الإغراء والإشباع المؤجل. من خلال هذه الدائرة، يصبح الاستهلاك أداة أيديولوجية تضمن استمرارية النظام الاجتماعي الرمزي، بحيث يُنظر إلى امتلاك السلع الفاخرة كرمز للهيبة والمكانة الاجتماعية، وليس فقط كحل لمتطلبات الحياة اليومية.
الطبقات والتمييز الاجتماعي؛ من التفاوت الاقتصادي إلى التراتب الرمزي
يعيد المجتمع الاستهلاكي إنتاج الفوارق الطبقية على شكل رمزي، حيث لم يعد التفوق يُقاس بامتلاك وسائل الإنتاج، بل بامتلاك العلامات الفاخرة. في العراق، تتجلى هذه الظاهرة في سلوكيات الطبقة الوسطى التي تحاول تقليد الطبقة العليا وذلك بشراء المنتجات ذات العلامات التجارية الفاخرة، ما يخلق سلسلة من الرغبات الطبقية تضمن استمرارية النظام الرمزي. يضرب بودريار مثال الغسالة التي تُستخدم كعلامة للوجاهة والتميّز بدلًا من وظيفتها العملية، ويمكن ملاحظة هذا في السياق العراقي، حيث تتحول المنتجات اليومية إلى رموز اجتماعية، تمامًا كما كانت الأنساب والمكانة تحدد الهيبة في المجتمعات التقليدية.
الاستقلال الزائف للفرد؛ الحرية في وهم الاختيار
يرى بودريار أن المجتمع الاستهلاكي يروّج لفكرة الحرية الفردية والاختيار الشخصي، بينما الإنسان في الواقع مُسيّر عبر منظومة من الرموز والإعلانات. في العراق، يشعر المستهلك بأنه يختار بحرية، إلا أن هذه الاختيارات غالبًا ما تكون استجابات مبرمجة ثقافيًا، تعكس أساليب السيطرة الناعمة التي يمارسها النظام الاجتماعي الرمزي. فالحرية الزائفة هذه تُخدع الفرد باللذة والرضا اللحظي، لكنها في الوقت نفسه تثبّت النظام الطبقي وتعيد إنتاج الرغبات وفق منطق العلامة، لا الحاجة.
منطق العلامة؛ من الحاجة إلى الرغبة
يفرق بودريار بين منطق الحاجة (النفعي) ومنطق الرغبة (الرمزي). في العراق، كما في المجتمعات الاستهلاكية الأخرى، لم تعد الأغراض تؤدي وظيفة محددة، بل تكتسب معناها من شبكة دلالية من الإشارات والعلامات التي تحيل بعضها إلى بعض. تصبح المنتجات مكونات نظام رموز مغلق على ذاته، يشتغل كخطاب اجتماعي بدلًا من أداة عملية. السيارات، الهواتف، الملابس وحتى الأجهزة المنزلية، جميعها تتحول إلى لغة رمزية، ينقل من خلالها الفرد صورته الاجتماعية ويحدد موقعه ضمن التراتب الاجتماعي.
المجتمع الاستهلاكي كدين رمزي
إن المجتمع العراقي المعاصر يتعرض لتحول واضح نحو ثقافة الاستهلاك، حيث تتحول الأشياء إلى رموز، والرغبة تصبح أداة ضبط اجتماعي، والاستهلاك يتحول إلى دين رمزي جديد. المجتمع الاستهلاكي ليس مجرد مرحلة من تطور الاقتصاد، بل نظام شامل من المعاني والأساطير التي تعيد إنتاج الإنسان في صورة مستهلك دائم، يعيش في وهم الحرية بينما توجهه الرموز من وراء الستار. النتيجة هي تفكك القيم الحقيقية، وتحول العالم إلى مرآة من الصور، يُستبدَل فيها الواقع بالإعلان، والحقيقة بالتمثيل، والوجود بالاستهلاك، مما يجعل فهم الظواهر الاجتماعية في العراق مستحيلًا من دون الإحالة إلى التحليل الرمزي والاستعانة بمنهجيات بودريار في قراءة المجتمع الاستهلاكي.
************************************************
تمرد الكاتب ومتاهة القارىء
علي حسن الفواز
حين قررت أن أكون كاتبا، كنت اتوهم بأني سامنح الكتابة فرصة لتجعلني فاعلا، وقادرا على مواجهة تاريخ طويل من النسيان، ومن المؤجل، إذ تكون الكتابة نوعا من الحضور والقوة والسلطة، وهذا ما جعل اختياري للكتابة رهانا على إعادة الاعتبار لنفسي، لأني تركتها تحت سلطة القارىء الذي يحرس المكتبة، ويعاشر نساء الروايات، ويحلم بالثورات والانقلابات الورقية.
تظل العلاقة بين الكاتب والقارىء ملتبسة وغامضة، وربما مفروضة لأنها مسكونة بالأسئلة والهواجس، وبالشهوات التي تجعل من الكتاب بطلا، ومن القارىء متفرجا، مثلما تجعل من المكتبة فضاء يصلح للقتال وللجنس والتخيل وللطقوس، فالكتب هي أرواح واشباح وليست نظاما تابعا الى عمران البيت فقط.
اختياري للكتابة لا يعني اختياري لوظيفة، بل هو اختيار للحرية، ولعادة ترتيب العلاقة مع تلك الاشباح، ومع ما تتركه من تخيلات وأفكار، وربما من أوهامٍ كثيرا ما أصدّقها، واجعها جزءا من لعبتي في صياغة اسئلتي، ومن تصوراتي الشخصية عن العالم الذي تصنعه الكتب..
أنا اعترف بأني ابنٌ مخلص للكتب، فعلاقتي معها منذ أربعين عاما جعلت مني جزءا من طقوسها، ومن مرجعياتها التي تدفعني الى خيارات متعددة، لا اتردد ازاءها، بوصفي جزءا من سلطتها، ومن أحلام مغامريها الذين يصنعون لي زمنا ساحرا، وحكايات اكثر سحرا، وربما أفكارا زرعت فيّ نزوعا للثورة، وعشق الحرية والنضال من اجل الحق والحب والعدل، وحتى الحديث على علاقة الأيديولوجيا بالزيف لم أكن اصدقه بالكامل، فهذه الأيديولوجيا ليست بعيدة عن الكتب، ولا عن سحر اشباحها الذين يشاطرونني طقس القراءة، نتحاور أحيانا، نختلف أو نضحك معا، أو نضجر، ونتبادل الشتائم، فأرمي الكتب، وكأني ارمي مؤلفيها بحجر.
قرأت كثيرا، حتى لم أفكّر يوما بإجراء جردٍ للكتب، وحتى لم اعرف اعدادها الغاطسة في مكتباتي الموزعة في البيت، حيث مكتبة "سطح المنزل" ومكتبة السرير وما تحته، ومكتبة الصالون، ومكتبة المطبخ.. هذه الخارطة المكتباتية تثير الضحك، حتى بتُّ اتوهم أن بعض اشباح الكتب يرفضون الاختباء تحت السرير أو في المطبخ، وأن سحرهم التأليفي وغرورهم يجعلهم يفضلون امكنة متعالية كالصالون مثلا، رغم أن مكتبته صغيرة، وفيها شيء من الاستعراض..
قراري بأن أكون كاتبا بدا وكأنه تمرد على تلك الخارطة، وعلى القارىء القديم الذي يسكنني، أو ربما هو محاولة ساخرة للبحث عن مكان ساحر للكتب التي سأفكر بكتابتها، والتي لن اجعلها تحت السرير حتما، لأنها تخص اشباحي ورغبتي بأن أكون ازاءها بطلا واستعراضيا، وأن اجعل من ذلك القارىء صديقا لي، يشاطرني إعادة ترتيب الأفكار، وتحريرها من الكبت العاطفي والنفسي والجنسي، فالكتابة حرية والقراءة اختناق رغم لذتها العميقة، لذا كنت اكتب بصخب، وبشهوة من يريد أن يتمرد على صمت القارىء..
صحيح أن قراءاتي بدأت مع الرواية والشعر، لكنّ اكتشافي لقراءة الفلسفة والفكر السياسي والنقد الأدبي اصابتني بأعراض خطيرة، أولها القلق، وثانيها المساءلة، وثالثها الشك والارتياب، وهذا ما جعل حساسيتي اكثر هوسا بالبحث عن المختلف، والتمرد عليه، والبحث عن صورة أخرى للبطل الثقافي، البطل الذي يهرب من الرواية الى الفلسفة، ومن القصة الى النظرية الأدبية، ليس لمواجهة المفارقة بين تلك الهروبات، بل لتوهمي بأن الأولى تبدو ناعمة، وتبعث على النعاس، والثانية خشنة وتحرض على الصحو والقلق، فاشباحها يبدون وكأنهم محاربون أو حطابون، وأن فؤوسهم واسلحتهم تجعل من رأسي وكأنه سندان، أو خارطة رمل.
التفكير بالقراءة غير التفكير بالكتابة، فبقدر ما تحمل هذه المغايرة من صدمة، فإن الحاجة الى إعطاء الكتابة المقام العالي، يرتبط بما تمتلكه من سلطة، ومن قدرة على إعادة النظر بمفهوم القارىء الذي سيظل يشبه السجين الذي يتشهى زنزاته، ويتعاش على ما توفره من زاد معرفي تصنعه الاشباح التي تألفه وتتقافز حوله، في الوقت الذي يتحول فيه الكاتب الى متمرد هروبي، والى مشاكس عنيد لتلك الاشباح، رافضا لسلطتها، ولما تملكه من اغواء المكوث في يوتوبيا الكتب..
*****************************
سمكة بطَعم التفاح
ياسين غالب
سمكةٌ بطَعمِ التفاح أنتِ،
امرأةٌ بطَعمِ الصيفِ والتبغِ المغشوش،
كلما لامستُكِ على مهل، أو على ثَمَل،
ارتبكتْ أجزاؤكِ الألف،
كملاكٍ بأجنحةٍ من بازلٍ ملوَّن.
كلما تجاوزتُ حواجزَكِ الشائكة،
عند صُرَّةِ الوقتِ المستدير، كثمرِ الخطيئة،
كلما منحتِني بضعَ أمتارٍ في سمائِك، منحتُكِ مطَري.
وكلما منحتِني حفنةً من رملِ وقتِكِ الذهبي،
محَتكِ موجةٌ عابرة.
وكلما كنتَ أنتَ، كنتُ أنا الغائب.
ماءٌ مُذابٌ بماءٍ ـ هكذا نمتزج.
تقولين عني:
أنتَ بوصلةٌ بلا قُطب،
ونصفُ مدينةٍ
تحترقُ كلَّ مساء،
وتغرقُ كلَّ صباح.
وأقول لكِ: من الذي جاء بنا إلى بعض،
وأشعلَ كلَّ هذه الحروب؟
يا جميلةً كالنعاس، ومتَّسعةً كالسحاب،
يا وردةً في فمِ النارِ تنمو،
تلسعني بالمفارقة،
أنا من رمالِ الصحارى،
وأنتِ من صحارى الثلوج.
فلنغادرْ هذا الحديث،
أو فلنغادرْ بعضَنا.
********************************************
المنحى الملحمي والروح المتوسطية في شعر نوري الجراح ملحمة الانسان في كوكب يتوحش!
عواد علي
استطاع الشاعر السوري نوري الجراح أن يؤسس نبرةً خاصةً في الشعر العربي الحديث، نبرة تمزج بين المنحى الملحمي والبعد الوجداني الإنساني الذي يتجلى في استحضار الروح السورية بأبعادها الحضارية والتاريخية وأفقها المأساوي. فشعر الجراح لا يكتفي بأن يكون تعبيراً عن الذات، بل هو سعي دائم لكتابة سيرة جماعية تمزج بين الأسطورة والذاكرة والمأساة، بين الطفولة الأولى في الوطن والخراب اللاحق به.
ينطلق نوري الجراح من وعيٍ شعري يرفض الانغلاق داخل حدود القصيدة الغنائية الفردية. إنه يطمح إلى كتابة قصيدة واسعة الأفق، توازي في طموحها الأشكال الملحمية القديمة، بلغة حديثة ورؤية معاصرة. ففي أعماله الكبرى مثل "الخروج من شرق المتوسط"، و"قارب إلى لسبوس"، و"نهر على صليب"، و"مراثي هابيل"، و""ولا حرب في طروادة" و"الأيام السبعة"، و"يأس نوح"، و"الأفعوان الحجري"، وأحدثها "فتيان دمشقيون في نزهة" نلمس نزوعاً نحو البناء الملحمي الذي يقوم على:
- تعدد الأصوات، حيث لا يتحدث الشاعر وحده، بل تُسمَع أصوات الغرقى، والمنفيين، والضحايا، والبحّارة، والنساء اللواتي ينتظرن عند ضفة المأساة. قصيدة الجراح في جوهرها رحلة عبر الجغرافيا والتاريخ والذاكرة، رحلة من المشرق إلى المنفى، ومن البحر إلى الصحراء، ومن الماضي السوري إلى الحاضر الكارثي.
ومن سمات شعره تلك اللغة المشهدية، فقصيدته تُبنى على المشهد لا على التداعي، وكأنها لوحة سينمائية كبرى تلتقط الحركة والمكان والزمن في تناغم سردي وشعري.
بهذا المعنى، تتحول قصيدة الجراح إلى ملحمة معاصرة للمنفى والخراب السوري، أو "ملحمة مضادة"، كما أطلق عليها الناقد خلدون الشمعة في كتابه الصادر مؤخراً "التموزية والملحمة النقيض"، لكنها لا تستعير الأسلوب الملحمي القديم، بل تعيد كتابته بلغة رمزية تعكس تفتّت العالم واغتراب الإنسان.
الروح السورية والذاكرة الجماعية
يستمد نوري الجراح موضوعاته الشعرية وطاقته كشاعر، خلال العقد الأخير، من الجرح السوري الكبير، لكنه لا يكتب عن الحرب مباشرةً، بل عن الإنسان السوري الممزق بين المنفى والبيت وبين الذاكرة والنسيان. فقصيدته ليست سياسيةً بالمباشر، لكنها تحمل في عمقها صرخةً وجوديةً ضد القتل والاقتلاع والنسيان.
الروح السورية عنده ليست انتماءً جغرافياً، بل هوية شعرية تتأسس على مفهوم يرى إلى سوريا لؤلؤة في قلب المتوسط تخاطفتها أيدي الغزاة والديكتاتوريين، هوية مفتوحة لا تني تتشكل وتعيد تشكلها من علاقات معقدة بين الحاضر الحي والذاكرة التاريخية، حيث يستعيد الشاعر ملامح من دمشق القديمة، تدمر، أوغاريت، صور وصيدا وعسقلان وأنطاكية ومدن أخرى في البحر المتوسط، بوصفها رموزاً لحضارة طالها الدمار والحريق، رائياً إلى دمشق مدينة أبدية فهي طائر الفينيق المنبعث من الرماد.
ويلوح المنفى كقدر سوري، أما السوريون "الخارجون من لوح الأبجدية المكسور" فهم في شعره طرواديو العصر، فتتجسد في هذا الشعر مأساة السوريين (وكذلك ساكنة شرق المتوسط) الذين أُلقي بهم في المراكب، أو تشردوا في المنافي الأوروبية، أو ظلوا وحيدين في ركام مدنهم المدمرة. أطفالهم مشاهد مؤثرة في ملحمة جماعية للبراءة المهدورة.
لا نهاية لصور البحر في شعر نوري الجراح، إنه أكثر من مجرد مكان؛ إنه فضاء الوجود والمنفى، وهو مقبرة الأرواح الضائعة وبؤرة الانبعاث من الموت وفي دواوينه الأخيرة، يتحول البحر إلى بطلٍ ملحمي، يجمع بين صورة الهاوية والرحمة، وبين الولادة والموت. والبحر أيضاً ذاكرة السوريين الغرقى، الذين ركبوا الموج بحثاً عن خلاصٍ أو وطنٍ بديل. وبلغة شعرية حديثة يتحول البحر إلى فضاء أسطوري يعيد ربط الحاضر بالأساطير الأولى: أوديسيوس، جلجامش، وعوليس، كأن الشاعر يرى في السوري المعاصر البطل التراجيدي لعصرنا، مكرساً البحر رمزاً ملحمياً لرحلة السوريين الجماعية من أرضٍ إلى أخرى، ومن معنى إلى آخر، في ما يشبه الأوديسة الحديثة.
في البنية الشعرية والأسلوب
يكتب نوري الجراح بلغة شفافة ومشحونة بالصور والأساطير، فهي لغة سردية- شعرية تجمع بين التقطيع الغنائي والامتداد الملحمي. وغالباً ما يستخدم ضمير الجمع أو المجهول ليعبّر عن المصير الجماعي لا الفردي. كما نلحظ في شعره التوازي البنائي بين السرد التاريخي والأسطوري، والواقعة المعاصرة التي تعيد إحياء المأساة في سياقها الحديث. وهذا ما يمنح قصيدته طابعاً شبه مسرحي أو سينمائي، إذ تتحرك الشخصيات في فضاء رمزي تتداخل فيه الأزمنة، وكأن التاريخ السوري يعاد تمثيله في كل جيل.
بين الملحمة والمرثية
على الرغم من طابعها الملحمي، تبقى قصيدة نوري الجراح في جوهرها مرثية كبرى لعالم يتمزّق إنسانه. إنها قصيدة تطلع من قلب الفاجعة، لكنها لا تنغلق في الحزن، بل تبحث في لغتها الشاعر عن معنى جديد للحياة. فالملحمية هنا ليست بطولية تقليدية، بل بطولة الضعفاء والمنفيين، بطولة الهاربين من الموت وقد نجوا ليصونوا الحياة والذاكرة.
إن الشاعر نوري الجراح إذ يكتب ملحمة الإنسان السوري في القرن الحادي والعشرين، بلا سيوف ولا ملوك، ولكن ببحرٍ يعجّ بالغرقى، وبأرواح هاربة من مدائن تحترق بحثاً عن النجاة والخلاص، إنما يكتب ملحمة الإنسان في كوكب يتوحش، وبهذا، يغدو شعره وثيقةً إنسانيةً وشعريةً كونيةً فريدةً، تخلّد مأساة البشر في مواجهة قوى الشر من طغاة وغزاة لا كحدثٍ سياسي، بل كقدرٍ شعري ووجوديٍّ مفتوح على الأبد. إنه حقا كما ردد يوما "شاعر متوسطي يكتب بالعربية"، موسعاً بذلك فضاء قصيدته، ومنبهاً إلى الدور الحضاري لثقافته العربية والمكانة التي تحتلها اللغة العربية في الفضاء الحضاري للمتوسط.
*******************************************
الصفحة الثانية عشر
أدباء المثنى يؤبنون الفنان جمال السماوي
السماوة – عبد الحسين ناصر السماوي
أقام اتحاد الادباء والكتاب في محافظة المثنى، الأسبوع الماضي، حفل تأبين للفنان الكبير الراحل جمال السماوي، في مناسبة أربعينيته.
الحفل الذي أقيم على قاعة غرفة تجارة المثنى في مدينة السماوة، حضره جمع كبير من الأدباء والفنانين والمثقفين، إضافة إلى عائلة الفقيد. وتضمن شهادات وكلمات وقصائد في الذكرى.
شقيق الفقيد، سامي عزيز، ألقى كلمة رحب فيها بالحاضرين. ثم تحدث عن سيرة حياة أخيه وعن دراسته في معهد الفنون الجميلة في بغداد بين عامي 1974 و1979، وكيف انه نجح الأول على دفعته في العزف على آلة القانون، التي أبدع فيها وأصبح من أوائل العازفين عليها في العراق.
وأضاف قوله أن السماوي كان مدرسا ناجحا و مبدعا في اختصاصه، وانه أصبح مشرفا تربويا. فيما اهتم كثيرا بتعليم الصغار العزف على القانون، وساهم في الكثير من الحفلات الموسيقية داخل البلاد وخارجها.
وتحدث عزيز عن انتماء السماوي إلى الحزب الشيوعي العراقي، وعما تحمله من مطاردات أزلام النظام المباد، مؤكدا أن شقيقه بقي مخلصا لحزبه حتى وفاته.
بعد ذلك، ألقى د. عزيز السماوي كلمة باسم اتحاد الأدباء والكتاب في المثنى، مما قاله فيها: "نعزّي أنفسنا وأسرة الفقيد جمال بموته الذي فجع كل محبيه ومثّل خسارة كبيرة للحركة الفنية في العراق".
وكانت للمخرج السينمائي هادي ماهود كلمة عن الفقيد، استذكر فيها لحظة قبوله في معهد الفنون الجميلة. فيما أشار إلى ان الراحل ساهم في تأليف موسيقى عدد من أفلامه، وحاز عنها جوائز قيمة.
من جانبه، استذكر الشاعر والناقد هاتف بشبوش مشاركة السماوي في حفل خيمة "طريق الشعب" في مهرجان "لومانتيه" في باريس، وكيف انه تألق في عزف قطع موسيقية عديدة. فيما تحدث مدير غرفة التجارة كريم محمد علي، عن الفقيد وإبداعه في مجاله الموسيقي، حتى أصبح من الموسيقيين الأوائل في الإذاعة والتلفزيون.
وساهم في الحديث أيضا كل من الأستاذ سعد حسين ود. غانم نجيب، اللذين استذكرا الفقيد ومحطات من مسيرته.
بعدها جاء دور الشعر. إذ قرأ الشاعران الكبيران صادق الزعيري ويحيى السماوي، قصائد في رثاء الفقيد.
وفي الختام، وزعت "جامعة ساوة" الأهلية على الحاضرين، نسخا من أحد أعداد مجلتها. حيث يضم موضوعا عن الفقيد السماوي.
************************************
في ستوكهولم نزهة حكواتية إلى بغداد في العشرينيات
ستوكهولم - محمـد الكحـط
ضيّفت رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين في ستوكهولم وشمالي السويد، بالتعاون مع الجمعية المندائية في ستوكهولم، أخيرا، الباحث كفاح الأمين (كاردو)، الذي تحدث في ندوة عنوانها "نزهة حكواتية بالصور والوثائق عن بغداد في عشرينيات القرن الماضي"، ووقع كتابيه الجديدين "نريد وطنا - من يوميات انتفاضة تشرين "و"كفاح وسلاح - أوراق من سفر الحركات الشيوعية واليسارية المسلحة في العراق".
الندوة التي أدارها رئيس فرع الرابطة سعد شاهين، استهلها الأمين بسرد حكايات عن أحداث حصلت خلال عشرينيات القرن الماضي في العراق، بداية تأسيس الدولة العراقية، عاكسا في حكاياته ملامح الحياة المدنية في بغداد خلال ذلك العقد.
وبعرض مشوّق تناول الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بغداد، وطبيعة المجتمع المتكون من عشائر وقوميات وأقليات وطوائف وأديان مختلفة، مبينا أن بغداد كانت تجمع الوافدين من مختلف الألوية والأقضية.
ثم تحدث الضيف عن حارات بغداد وشوارعها البسيطة ومقاهيها ومحالها البدائية في ذلك الحين، وعن تنظيم الحياة وسن القوانين العصرية في مجالات البيئة وحماية المجتمع والصحة العامة والبلدية. وقدم نماذج من تلك القوانين واللوائح.
وتناول أيضا بالصور والوثائق، بدايات تأسيس السينمات والمسارح والمدارس الفنية. كما تحدث عن الحركات الاجتماعية وبواكير التنظيم المدني البسيط وقتذاك، مقدما رؤية تحليلية لتلك المرحلة.
وفي الجزء الثاني من الندوة، وقّع الأمين كتابيه الجديدين. وفي الختام تلقى باقة ورد باسم رابطة الأنصار من الأستاذ سعد ماهر، وأخرى من الأستاذ لؤي حزام عن الجمعية المندائية.
************************************************
تشييع الرفيق الراحل {أبو أوس} إلى مثواه الأخير
أمستردام - طريق الشعب
بقلوب يملؤها الأسى ودّع الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم في هولندا، الرفيق العزيز جواد كاظم الطائي (علي مالية) في مثواه الأخير في مقبرة مدينة (نيُونِن)، وذلك ظهر يوم الاثنين الماضي. حيث توافد إلى جانب أبنائه وأحفاده حشد من رفاق ومحبي الراحل لتوديعه.
ويصعب على كل من عرف الرفيق الفقيد "أبو أوس" أن ينساه. فقد ترك أثرا طيبا وانطباعا جميلا لا يمكن للذاكرة أن تنساه. وكان للفقيد حضور ملموس بين رفاقه ومحبيه، ما أوجعهم فقدانه. وكان حضوره بهيا في كل مكان ينزل فيه، حيث ترك أثرا جميلا في قلب كل من عرف خصاله الحميدة وأخلاقه الرفيعة. وقد عُرِف الراحل بمواصفات الإيثار والمحبة ونكران الذات.
وعند قبر الراحل، ألقى الرفيق هلال البندر كلمة باسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا، تناول فيها سيرته العطرة والعطاء الذي قدمه، ونضاله المتعدد الأوجه في مختلف النشاطات الحزبية.
ثم ألقى النصير عماد كريم كلمة باسم رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين - فرع هولندا، أشاد فيها بمساهمة الفقيد المتميزة ودوره في حركة الأنصار.
*******************************************
رسم وشعر وخشّابة شيوعيو البصرة في مهرجان {طريق الشعب}
البصرة – طريق الشعب
شارك وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، في فعاليات مهرجان "طريق الشعب" العاشر، الذي أقيم في الفترة من 31 تشرين الأول حتى 1 تشرين الثاني على حدائق أبي نؤاس.
حيث حملت خيمة شيوعيي البصرة في المهرجان، اسم مجلة "الغد". ووزع كادرها على الزائرين نسخا من المجلة.
ولم تقتصر مساهمة شيوعيي البصرة على ذلك، بل ساهموا في فعاليات أدبية وفنية. حيث عرض الفنان التشكيلي البصري عباس السعد، مجموعة من لوحاته أمام الخيمة.
فيما ساهم الشاعر البصري محمد أمين المظفر، في قراءة قصيدة تتغنى بحب "طريق الشعب".
وجذبت خيمة "الغد" الكثيرين من الزائرين. إذ تجمعوا حولها ليستمعوا باهتمام إلى أغنيات الخشابة التي أدتها "فرقة قصي البصراوي" بقيادة محمد حميد.
*******************************
اليونسكو تتحرك لحماية زقورة آشور
متابعة – طريق الشعب
تُقود منظمة اليونسكو جهودا دولية لحماية زقورة آشور، أحد أبرز مواقع التراث العالمي في العراق، والتي تقع في محافظة صلاح الدين، بعد أن تعرّضت لتهديدات خطيرة ناجمة عن التعرية وأضرار مياه الأمطار التي طالت بنيتها الطينية.
وقالت اليونسكو في بيان صحفي أول أمس الجمعة، أنها تُقود جهودًا لحماية الزقورة وصيانتها، مبينة أن ذلك جاء بتمويل من مركز التراث العالمي، وبالتعاون مع الهيأة العامة للآثار والتراث و"مركز كراتر" الدولي للعمارة بالطين.
وتُعد زقورة آشور من أقدم المعالم الأثرية السومرية الآشورية المدرجة على قائمة التراث العالمي منذ عام 2003. وتمثل رمزًا لتاريخ العراق الحضاري وأحد أبرز شواهد العمارة الدينية في بلاد الرافدين.
******************************************
بدء أعمال التنقيب في عاصمة {مملكة اشنونا}
متابعة – طريق الشعب
أعلن رئيس مجلس ديالى عمر الكروي، الثلاثاء الماضي، بدء أعمال التنقيب في "تل أسمر" الأثري أقصى جنوبي المحافظة، والذي يعتبر مهد عاصمة مملكة أشنونا، إحدى أشهر الممالك التي برزت في الألف الثالث قبل الميلاد.
وقال الكروي في حديث صحفي، أن "بعثة أثرية قادمة من أحد المراكز المهمة في إيطاليا بدأت منذ يوم الاثنين الماضي أولى مراحل التنقيب عن الآثار في التل"، مضيفا قوله أن "الموقع جرى تنقيبه قبل عقود طويلة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تعود فيها فرق تنقيب دولية إلى العمل فيه".
وأشار إلى ان "البعثة الحالية ستكون بداية لوصول بعثات أخرى خلال عام 2026 للتنقيب في تلال ومواقع أثرية أخرى في المحافظة".
ولفت الكروي إلى أن "تل أسمر يُعد من المواقع الأثرية المهمة جداً على خارطة ديالى، ونأمل أن تساهم أعمال التنقيب الجديدة في الكشف عن المزيد من أسرار مملكة أشنونا التي كانت تشكل جزءاً حيوياً من حضارة وادي الرافدين".
**********************************************
قف.. المسؤولية علم.. لو تعلمون
عبد المنعم الأعسم
لدينا أزمة مسؤولية تضرب الاشخاص الموكلة لهم مهام ادارة السياسة وتأمين الخدمة على حد سواء، وتظهر في احوال ومواقف لا حصر لها على مدار الساعة، وتثير تعليقات واحتجاجات، وبخاصة ما يتعلق بالانتخابات، اذ تُمرغ بالوحل المدونات التي تعرّف المسؤولية كالتزام بموصوف شرف الانسان.
المسؤولية علم. من مسؤولية ادارة فندق الى مسؤولية ادارة حكومة. ومنذ اكثر من مائة عام بدأ علم الادارة والمسؤولية يغزو المعاهد والاكاديميات ورفوف الكتب، حتى ان العالم الفرنسي "سان سيمون" فضّل ان يشحذ شعوره بالمسؤولية دائما، حيث املى على حارسه ان يوقظه، كل صباح، بعبارة "إنهض سيدي الكونت.. فان امامك مهام عظيمة لتؤديها الى البشرية" فيستيقظ بهمة، ممتلئا بشعور الغيرة على شعبه ومسؤوليته الادبية التي لم تكن سوى القراءة والتاليف والتبشير بفكرة السلام الاهلي، وفي برنامج تلفزيوني امريكي عنوانه "علّمي طفلك المسؤولية" يحرص مقدّم البرنامج ان يقدم نماذج من مسؤولي الدولة الذين فشلوا في مهمتهم، وذلك لانهم لم يوفروا الثقة باعمالهم بين المحيطين بهم، وفي حوار ذي مغزى مع طفل (لم يكن ذكيا بالضرورة) عن رأيه في رئيس حكومة ولايته، يقول: لا احبه. انه يتكلم كثيرا. ويَعِد كثيرا. انه يفزعني حين يطوّح بيديه كثيرا وهو يخطب".
*قالوا:
"اذا شعرت انك قليل الادب فانت مؤدب، لأن قليلي الادب لا يشعرون".
مارك توين
*****************************************
في البصرة صفاء الهاجري يوقّع روايته الأولى
البصرة – طريق الشعب
احتضنت قاعة الشهيد هندال في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الثلاثاء الماضي، جلسة توقيع لرواية "كوخ الأحد"، أولى روايات الشاعر صفاء الهاجري بعد مجموعات شعرية عدة أصدرها خلال مسيرته.
الجلسة التي نظمها "ملتقى جيكور" الثقافي و"دار الأدب البصري"، حضرها جمع من الأدباء والمثقفين، وأدارها رئيس الملتقى الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، مستهلا إياها بالحديث عن تجربة الهاجري، وعن أولوية الشعر في الملاحم والروايات التي كتبت قديما وحديثا.
بعد ذلك، ألقى الهاجري الضوء على أحداث روايته، وكيفية اشتغاله عليها.
ثم قدم عدد من الحاضرين مداخلات عن تجربة الهاجري الروائية، وهم كل من زكي الديراوي، باسمة الحسن، علي الامارة، خالد النجّار، ناظم المناصير، عبد الكريم حمزة عباس وابو عدي الخزاعي.
وفي الختام، وقّع الهاجري نسخا من روايته ووزعها على الحاضرين. فيما قُدمت له ولمدير الجلسة هدايا تذكارية من "دار الأدب البصري". وتلقى أيضا هدية من "مؤسسة ثغر الفيحاء" وشهادة تقدير من "مؤسسة النهضة" الثقافية.
***********************************************
مكتبة الطفل العراقي تستأنف نشاطها
بغداد – مروة فاضل
استأنفت مكتبة الطفل العراقي التابعة إلى رابطة المرأة العراقية في مدينة الثورة (الصدر)، أخيرا، نشاطها للعام الدراسي الجديد. حيث فتحت أبوابها أمام الأطفال، لتشجيعهم على الدراسة ومساعدتهم في التعلم من خلال ما تقدّمه من دروس تعليمية وتثقيفية، إلى جانب ألعاب الترفيه وورش قراءة القصة والرسم الحر.
وتعدّ هذه المكتبة من أهم المشاريع طويلة الأمد لرابطة المرأة العراقية. إذ تجاوز عمرها أربعة عشر عاما من العمل المتواصل في مدينة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
ولهذا العام الدراسي أعد كادر المكتبة برامج وأنشطة موجهة للأطفال، إضافة إلى خطة لتوزيع المعونات على العائلات المتعففة. وتتضمن خطة العمل أيضا تنظيم سفرات ترفيهية للأطفال وأمهاتهم، بهدف تعزيز العلاقات بين الأسر.