اخر الاخبار

ص6

غزة بعد الاتفاق.. دفن جماعي لشهداء مجهولين وحراك أمريكي لتثبيت الاتفاق

اقتحامات واعتداءات واسعة بالضفة والاحتلال يمنع المزارعين الفلسطينيين من قطف الزيتون

رام الله – وكالات

شهدت الضفة الغربية، أمس الأربعاء، سلسلة اقتحامات وعمليات دهم واعتقالات نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدن وبلدات عدة.

وأفادت وسائل إعلام وشهود عيان بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت بلدة طمون جنوب شرقي مدينة طوباس (شمال الضفة الغربية) من جهة حاجز الحمرا العسكري.

قطاف الزيتون

وفي خربة يانون جنوبي مدينة نابلس منعت قوات الاحتلال المزارعين الفلسطينيين من دخول أراضيهم لقطف الزيتون، وفق ما أفاد به مراسل الجزيرة.

ويأتي هذا في ظل تزايد الاعتداءات التي يتعرض لها المزارعون الفلسطينيون خلال موسم الزيتون السنوي.

كذلك، أكدت مصادر محلية أن قوة إسرائيلية خاصة اقتحمت حي أم الشرايط في مدينة البيرة، وحاصرت بناية سكنية داخل الحي.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن الاحتلال اعتقل المواطن حمزة عدنان محمد شاهين بعد محاصرة البناية.

كما نفذت قوات الاحتلال اقتحامين منفصلين في محافظة بيت لحم، ففي بلدة تقوع داهمت منزلين يعودان للمواطنين محمد ذيب العمور ومحمد محمود العمور، وفتشتهما، دون الإبلاغ عن اعتقالات.

اعتقال بذريعة الاحتفال

وفي قرية الجبعة جنوب غربي بيت لحم داهمت قوات الاحتلال منزل المواطن يعقوب لطفي أبو لطيفة وفتشته أيضا.

وفي بلدة يعبد بجنوب مخيم جنين اعتقلت قوات الاحتلال الشاب محمد جهاد أبو بكر (24 عاما) بعد ساعات من الإفراج عنه من سجون الاحتلال.

وقال والده لوكالة الأنباء الفلسطينية إن الجنود اقتحموا المنزل صباحا وكبلوا يديه ونكلوا به، ثم أعادوا اعتقال ابنه بذريعة الاحتفال بالإفراج عنه.

وكان الشاب قد أمضى 28 شهرا في الاعتقال الإداري، وأفرجت عنه إسرائيل الليلة الماضية.

وفي مدينة قلقيلية اعتقلت قوات الاحتلال الشاب رأفت عويصي بعد مداهمة منزله وتفتيشه، وشهدت بلدتا كفر ثلث وعزون شرقي قلقيلية مداهمات وانتشارا عسكريا، دون تسجيل حالات اعتقال بعد.

علامات تعذيب

في اليوم الـ 12 من دخول اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة حيز التنفيذ، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع دفن جثامين نحو 54 شهيدا مجهولا من الذين سلم الاحتلال جثثهم في الأيام الماضية، مؤكدا ظهور علامات التعذيب على معظمهم.

كما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) افتتاح مركز التنسيق المدني العسكري في إسرائيل، ليكون المركز الرئيسي لمراقبة تنفيذ الاتفاق وتنسيق المساعدات إلى غزة.

إعمار قطاع غزة

من جانبها، شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على ضرورة أن تلعب أوروبا دورا في إعادة إعمار قطاع غزة.

وقالت فون دير لاين في جلسة بالبرلمان الأوروبي، إن النظام الإقليمي والعالمي يتم رسمه مجددا وأنه يجب على أوروبا الدفاع عن مكانتها بين القوى الكبرى.

وأضافت أنه "من الضروري مشاركة أوروبا في إحياء حل الدولتين في فلسطين"، مبينة أنه "يجب أن تعلب أوروبا دورا في إعادة إعمار غزة".

والأسبوع الماضي، كشف خبير اقتصادي تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، متوقعا أن يشمل الإعادة شراكات بين القطاعين العام والخاص بدلًا من تدخل الحكومات وتوزيع الأموال.

عام الإغاثة

وقال رجا الخالدي، المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية، لـ CNN، إن إعادة الإعمار ستكون شراكة بين القطاعين العام والخاص، كاشفا أن أحدث تقدير لتكلفة إعادة بناء غزة هو حوالي 70 مليار دولار.

وأشار الخالدي إلى أن العام المقبل "سيكون كله للإغاثة، وتخفيف الصدمات".

وكان مسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قال: إن عدة دول من بينها الولايات المتحدة وكندا، إلى جانب دول عربية وأوروبية، أبدت استعدادًا مبدئيًا للمساهمة في تمويل خطة إعادة إعمار قطاع غزة، التي تُقدَّر تكلفتها بنحو 70 مليار دولار".

 

كندا.. احتجاج ضد مبيعات الأسلحة لإسرائيل

أونتاريو ـ وكالات

شهدت مقاطعة أونتاريو الكندية، تظاهرة نظمها مؤيدون لفلسطين، طالبوا فيها الحكومة بـ وقف مبيعات الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي ودول أخرى.

وجرت المظاهرة بالتزامن مع انعقاد مؤتمر دفاع عسكري في مدينة لندن بالمقاطعة، شاركت في رعايته شركات مثل "جنرال دايناميكس" و"ديلتك" و"إلبيت سيستمز" و"نورتاك ديفينس"، وهي شركات تزود إسرائيل بالأسلحة أو تتخذها مقراً لها. وقام نحو 100 متظاهر بتطويق المبنى وإغلاق مداخله، مطالبين بحظر توريد الأسلحة لإسرائيل وإدانة شركات الدفاع الكبرى المتورطة في ما وصفوه بـ "الإبادة الجماعية في غزة".

وقال أحد المتظاهرين في مقطع مصور: "من غير المقبول أن تحقق هذه الشركات والمسؤولون الحكوميون أرباحاً من جرائم الحرب". وأعلنت الشرطة عن توقيف أحد المشاركين، بينما كشف تقرير صادر عن أربع منظمات غير حكومية أن قطع غيار أسلحة كندية ما زالت تدخل إسرائيل رغم إعلان الحكومة تعليق الصادرات منذ 2024.

انتقادات لاستخدام الإكوادور العنف ضد المحتجين

كيتو ـ وكالات

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الشرطة وقوات الأمن الإكوادورية بفرض قيود على حرية التجمع واستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة، المندلعة منذ منتصف سبتمبر.  وتشهد الإكوادور مظاهرات يقودها اتحاد السكان الأصليين الأكبر في البلاد رفضاً لإلغاء الرئيس دانييل نوبوا دعم الوقود، الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار أكثر من 50 في المائة.

وأشارت المنظمة إلى أن معظم الاحتجاجات كانت سلمية، رغم لجوء بعض المحتجين إلى العنف، بينما ردّت الحكومة بنشر الجيش واستخدام الغاز المسيل للدموع والأسلحة غير الفتاكة بشكل عشوائي. وأضافت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة اتهمت المحتجين بالإرهاب وجمدت حسابات مصرفية لأشخاص ومنظمات بيئية وسكان أصليين، مطالبة بمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات والاستماع إلى المطالب المشروعة للمواطنين.

وأعلنت المنظمة أنها تحققت من   15مقطع فيديو ووثائق رسمية تظهر القمع والاعتداء على المتظاهرين السلميين، مؤكدة ضرورة احترام حقوق المواطنين ومعالجة أسباب الاحتجاجات المتكررة.

غينيا الاستوائية تتهم فرنسا بالسعي لزعزعة استقرارها

مالابوـ وكالات

اتهم نائب رئيس غينيا الاستوائية، تيودورو نغيما أوبيانغ مانغي، فرنسا بـ "محاولات لزعزعة الاستقرار" و"السعي لتقويض السلم" في بلاده، في تصريحات نادرة عبر منصة إكس الاثنين، عقب منح الناشط المعارض ألفريدو أوكينفي، المقيم في إسبانيا، جائزة حقوق الإنسان الفرنسية-الألمانية. ووصف أوبيانغ هذا القرار بأنه "مكافأة لخيانة الوطن"، محملاً باريس مسؤولية جميع محاولات زعزعة الاستقرار في البلاد، ومشيراً إلى تورط عناصر من الاستخبارات الفرنسية الخارجية في محاولة انقلاب عام 2017.

كما اتهم باريس بـ "الاستيلاء على أصول البلاد" عبر منظمات مثل "منظمة الشفافية الدولية"، مشيراً إلى أن هذه المناورات طالت دولاً أفريقية أخرى مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ويأتي التصعيد بينما يواجه أوبيانغ أحكاماً قضائية في فرنسا تتعلق بالفساد واختلاس الأموال العامة، أبرزها نزاع حول عقار فاخر في جادة فوش بالعاصمة الفرنسية، تقدر قيمته بـ 100 مليون يورو، رفضت محكمة العدل الدولية منع بيعه مؤخراً.

 

خطة أوروبية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

بروكسل ـ وكالات

كشفت مصادر مطلعة عن خطة أوروبية - أوكرانية تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا على خطوط القتال الحالية، وتشمل 12 نقطة أساسية تمنح أوكرانيا ضمانات أمنية، وتمويلاً لإصلاح الأضرار، وفرصة للانضمام السريع إلى الاتحاد الأوروبي. وأوضحت المصادر لوكالة بلومبيرغ أن الخطة تأتي رداً على مطالب موسكو المستمرة بأن تتنازل كييف عن أراضٍ مقابل اتفاق سلام، وتقترح ترؤس الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لمجلس سلام للإشراف على تطبيقها.  كما تقضي الخطة برفع العقوبات المفروضة على روسيا تدريجياً وربط إعادة نحو 300 مليار دولار من الأموال الروسية المجمدة بمساهمتها في إعادة إعمار أوكرانيا. في الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تفاوض بلاده على اتفاقية دفاعية طويلة الأمد مع شركائها الأوروبيين.

من جهته، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء تأجيل اجتماعه المقرر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست إلى أجل غير مسمى، مبرراً ذلك بعدم رغبته في إجراء مباحثات بلا جدوى، مؤكداً أنه سيرى ما سيحدث قبل اتخاذ أي قرار بشأن اللقاء.

 

أفريقيا في القرن الحادي والعشرين: سلاسل جديدة، جراح قديمة/ ماوريسيو هيريرا خان*

ترجمة: رشيد غويلب

أفريقيا هي جرح العالم المفتوح. تدخل القارة الأكثر نهبًا في التاريخ القرن الحادي والعشرين وهي تُكبل بسلاسل قديمة وتُواجه قيودًا جديدة. في الماضي، كانت قوافل العبيد، ثم سفن الذهب والماس؛ أما اليوم، فهي حاويات النفط والليثيوم والكوبالت والكولتان. تتغير الأساليب، ويستمر النهب.

لم ترسم خارطة أفريقيا من سكانها، بل رُسمت في برلين عام ١٨٨٥، حين تقاسمت القوى الأوروبية أراضيها كما تتقاسم العملات. وما تزال هذه الندبة حية. واليوم، بعد ١٤٠ عامًا، لا تزال أفريقيا تدفع الثمن: حدودٌ مُصطنعة، وحروبٌ لا تنتهي، وثرواتٌ تحولت إلى نقمة.

بدأ القرن الحادي والعشرون بوعود العولمة والحرية. وما تلا ذلك كان موجة جديدة من النهب. تحتفظ الولايات المتحدة وأوروبا بشركات تعدين وقواعد عسكرية ومعاهدات خفية تحت ستار التعاون. وترسل روسيا الأسلحة والمرتزقة، وتعرض حمايتها مقابل الذهب في السودان واليورانيوم في النيجر. وتبني الصين الطرق والموانئ، ولكن مقابل النفط في أنغولا، والنحاس في زامبيا، والليثيوم في زيمبابوي. إن ميدان اللعب عالمي، لكن الشعوب الأفريقية ليس لها رأي يذكر.

تمتلك أفريقيا 30 في المائة من الموارد الطبيعية في العالم. تُنتج الكونغو أكثر من 70 في المائة من الكوبالت العالمي، وهو عنصر أساسي في صناعة السيارات الكهربائية والبطاريات. تزخر غينيا برواسب ضخمة من البوكسيت. تُصدر جنوب أفريقيا الذهب والبلاتين. تُنتج أنغولا النفط، والغاز النيجيري، والفحم الموزمبيقي. ويزداد طلب شركات التكنولوجيا على الليثيوم من زيمبابوي. ومع ذلك، يعيش أكثر من 400 مليون أفريقي بأقل من دولارين يوميًا. هذا هو التناقض الصارخ في القرن الحادي والعشرين.

لم يعد النهب مصحوبًا بالسلاح، بل بالقروض والعقود. تُموّل الصين مشاريع ضخمة تُخلّف وراءها ديونًا. يُطالب الغرب بإصلاحات مقابل المساعدات. وتُوظّف روسيا مرتزقة للسيطرة على المناجم. وغالبًا ما تُوقّع الحكومات الأفريقية اتفاقيات تُبيح التنازل عما في باطن الأرض مقابل مبالغ زهيدة. والفساد والنخب المحلية شركاء في نظام يُبقي القارة مُقيدة بالسلاسل.

يحاول الاتحاد الأفريقي الاستجابة. دخلت اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيز التنفيذ عام ٢٠٢١، بهدف توحيد ٥٤ دولة و١.٣ مليار نسمة في سوق مشتركة. تُعدّ هذه خطوة تاريخية لكنها هشة: فالفقر والضغط الخارجي والانقسامات الداخلية تُهدد بإبطال مفعولها.

أفريقيا قارة شابة. 60 في المائة من سكانها دون سن الخامسة والعشرين. ملايين الشباب يطالبون بالتعليم والوظائف ومستقبل أفضل. يملأ هؤلاء الشباب قوارب تعبر البحر الأبيض المتوسط بحثًا عن حياة كريمة في أوروبا. كل جثة تائهة في البحر تشهد على استغلال القارة حتى الإرهاق.

يستمر العنف بلا هوادة. منطقة الساحل ممرٌّ للحرب: مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر. ما يزال الصومال رهينة الإرهاب. والكونغو تحت رحمة الميليشيات التي تسيطر على مناجم الكولتان. والسودان يبحث عن الذهب. والأمن هو أكثر الأعمال ربحًا في أفريقيا القرن الحادي والعشرين. والأسلحة، كالعادة، تأتي من الخارج.

لكن أفريقيا تقاوم. تدافع المجتمعات القروية عن أراضيها ضد شركات قطع الأشجار والتعدين. تُنظّم النساء شبكات إنتاج محلية. يُؤسِّس الشباب حركات رقمية وسياسية لمعارضة الحكومات الفاسدة. دول مثل إثيوبيا وجنوب أفريقيا تشقّ طريقها الخاص. هذه ليست انتصارات نهائية، لكنها شقوق في جدار الاستغلال.

غيّر الاستعمار رايته، لكنه لم يُغيّر منطقه. فحيث كانت هناك أسلحة، أصبحت هناك ديون. وحيث كانت هناك قيود، أصبحت هناك معاهدات. وحيث كان هناك نواب ملوك، أصبح هناك رؤساء مطيعون. والنتيجة واحدة: يختفي الثراء، لكن الفقر يبقى.

لا يمكن للكوكب أن ينجو بدون أفريقيا. لولا الكوبالت لما كان هناك تحول في مجال الطاقة؛ ولولا الليثيوم لما وُجدت السيارات الكهربائية؛ ولولا الكولتان لما وُجدت الهواتف المحمولة؛ ولولا اليورانيوم لما وُجدت الطاقة النووية. تدعم أفريقيا العالم دون أن تتلقى أي مقابل. هذا ظلمٌ صارخ.

المستقبل لم يُكتب بعد. قد يكون دورة جديدة من النهب أو صحوة سيادة حقيقية. يكمن مفتاح أفريقيا في التفاوض ككتلة واحدة، والسيطرة على مواردها، وكسر تبعيتها. عسى أن يحل التعاون محل النهب، وأن تسود الكرامة الإنسانية على المعاهدات.

لن يكون القرن الحادي والعشرون عادلاً إذا استمرت أفريقيا في كونها سلعةً منهوبة. ليست أحدث قارات الأرض محكومةً بنوع جديد من العبودية، بل هي مُقدَّر لها أن تكتب مصيرها بنفسها.

ـــــــــــــــــ

* خبير اكوادوري متخصص في هندسة التعدين وتطوير المشاريع، وكاتب يتناول التحليلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الوطنية والدولية.

 

ص7

قانون يكرس التمييز{المدونة} تفتح أبواب الابتزاز وترفع نسب الطلاق

بغداد – نورس حسن

منذ إقرار "مدونة الأحوال الجعفرية"، تتصاعد الانتقادات الحقوقية والنسوية لما تضمنته من مواد وصفت بأنها تكرس التمييز ضد النساء، وتعيدهن خطوات إلى الوراء. فبعد دخولها حيز التنفيذ، بدأت آثارها بالظهور في الواقع الاجتماعي، إذ سجلت محاكم الأحوال الشخصية مؤخرا ارتفاعا في حالات الطلاق، إلى جانب بروز ظواهر جديدة من الابتزاز الذي تتعرض له نساء كثيرات من قبل أزواجهن السابقين، تحت ذريعة الحضانة أو النفقة.

ابتزاز مالي

وتروي المحامية سرى جبار، قصة إحدى موكلاتها التي عانت من هذا الابتزاز فتقول: "بعد عشر سنوات من الانفصال، عاد طليقها الذي لم ينفق على أطفاله طوال هذه المدة ليهددها برفع دعوى حضانة، مستندا إلى المدونة الجديدة التي تمنح الأب الأفضلية في الحضانة بعد سن السابعة، مطالبا إياها بمبلغ 120 مليون دينار مقابل التنازل". وتؤكد أن "مثل هذه الحالات بدأت تتكرر، لأن القانون منح الرجال مساحة أكبر للضغط على النساء عبر الأطفال".

وترى المحامية أن هذه التعديلات "لم تكتب بروح العدالة، بل بصيغة فقهية جامدة تجاهلت واقع النساء العراقيات"، مشيرة إلى أن "القانون فتح بابا واسعا للابتزاز المالي والنفسي، وأضعف من مكانة الأم في الأسرة".

ارتفاع نسب الطلاق

من جانبها، تقول الناشطة النسوية إباء العزاوي إن "المدونة كانت أحد الأسباب في ارتفاع نسب الطلاق في الأشهر الأخيرة، لأنها منحت الرجل سلطة مطلقة في اتخاذ قرار الانفصال، دون إلزامه بإخطار الزوجة أو الحصول على موافقتها". وتضيف: "كثير من النساء فوجئن بوقوع الطلاق، ما زاد من تفكك الأسر وعمق الفجوة داخل المجتمع".

وتوضح العزاوي أن "القانون بصيغته الحالية شجع بعض الرجال على استغلال النصوص القانونية للتهرب من المسؤولية، أو للتلاعب بمصير أسر كاملة"، مؤكدة أن "النتيجة كانت تراجع الثقة بالمنظومة القانونية وازدياد حالات الانفصال بسبب الخوف من الظلم".

تمييز ضد النساء

وفي بيان صدر مؤخرا، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش "مدونة الأحوال الشخصية" الجديدة في العراق، والتي أقرها البرلمان في 27 آب، بأنها "تمييز ضد النساء لصالح الرجال في مسائل الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال ورعايتهم".

 وأضافت الباحثة في المنظمة سارة صنبر أن "المدونة ترسخ التمييز ضد النساء وتحط من شأنهن قانونيا ليصبحن مواطنات من الدرجة الثانية، كما تسلبهن حق تقرير مصيرهن وتمنحه للرجال".

المدونة، بحسب بيان المنظمة، تتضمن أحكاما "تقوض حقوقا اكتسبتها النساء بشق الأنفس"، من بينها "السماح للزوج بتطليق زوجته دون إخطارها أو الحصول على موافقتها، ونقل مسؤولية الحضانة تلقائيا إلى الأب بعد سن السابعة، والسماح له بتحويل عقد الزواج ليخضع لأحكام المدونة بدلا من القانون 188 لسنة 1959 من دون علم أو موافقة الزوجة".

زواج القاصرات

بدورها، حذرت منظمة العفو الدولية من أن التعديلات "تفتح الباب أمام قنونة زواج القاصرات والزيجات غير المسجلة"، مؤكدة أن ذلك "يجرد النساء والفتيات من الحماية القانونية في قضايا تتعلق بالطلاق والميراث"، فيما تشير تقارير قضائية غير رسمية إلى أن بعض المحافظات شهدت ارتفاعا بنسبة تزيد على 15 في المائة في معدلات الطلاق منذ إقرار المدونة. وتقول المحامية سماح الطائي إن "المشكلة الأساسية تكمن في أن القانون أعطى للرجل حقا دون أن يلزمه بمسؤولية، فبدل أن يكون وسيلة لتنظيم الحياة الأسرية، أصبح أداة للهيمنة والضغط"، مشيرة إلى أن "النساء اليوم يواجهن خيارين كلاهما مرّ: الابتزاز المالي مقابل الحضانة، أو فقدان أطفالهن بحكم قانوني لا يراعي مصلحتهن ولا مصلحة الصغار".

الإضرار بمصلحة الطفل

وتضيف أن "المدونة عمقت هشاشة الأسرة، لأن الخوف من فقدان الحضانة أو الطلاق المفاجئ جعل كثيرا من النساء يعشن تحت تهديد دائم"، مؤكدة أن "ارتفاع نسب الطلاق مؤشر خطير على فشل القانون في تحقيق التوازن بين حقوق الطرفين".

وبينما تتواصل الدعوات لمراجعة المدونة أو إلغائها بالكامل، يرى مراقبون أن استمرار العمل بها سيقود إلى مزيد من التمزق الاجتماعي، إذ لم تعد النساء وحدهن المتضررات، بل الأطفال أيضا، الذين يدفعون ثمن صراعات قانونية معقدة.

وتختم الطائي بالقول "القانون الذي يفترض أن يحمي الأسرة أصبح أحد أسباب تفككها. وما لم يعاد النظر فيه بروح العدالة والمساواة، سنشهد مزيدا من البيوت التي تهدم، ومزيدا من النساء اللواتي يجبرن على التنازل عن حقوقهن تحت مسمى الحضانة أو الطاعة".

83 مقعدا و2248 مرشحة جدل متجدد حول مستقبل الكوتا النسائية

متابعة – طريق الشعب

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني، يتجدد الجدل حول مستقبل الكوتا النسائية في العراق، وسط تساؤلات عن مدى فاعليتها في تمكين المرأة سياسيا. وبحسب بيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يبلغ عدد المرشحات اللواتي يتنافسن على 83 مقعدا مخصصاً للنساء 2248 مرشحة.

المرشحة أنوار الخفاجي ترى أن مشاركة هذا العدد من النساء تمثل "تحولا مهما في المشهد السياسي"، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من المرشحات "اخترن خوض الانتخابات ضمن قوائم جديدة بعيدة عن الأحزاب التقليدية التي فشلت في تلبية طموحات المرأة والناخبين".

لكن المحللة السياسية نوال الموسوي تؤكد أن "أغلب المرشحات غير مستقلات بل ينتمين إلى قوائم حزبية، ما يجعل قرارهن السياسي مقيدا"، لافتة إلى أن الكوتا "أُفرغت من مضمونها وأصبحت مجرد ضمان عددي لوجود النساء، بينما تبقى الهيمنة الحزبية قائمة على أغلب المقاعد".

من جانبها، قالت نائبة الناطق باسم مفوضية الانتخابات، نبراس أبو سودة، إن "القانون يضمن للنساء ما لا يقل عن 25 في المائة من المقاعد، لكن نظام الكوتا لا يشمل مقاعد الأقليات المحددة بتسعة مقاعد". وأضافت أن "الإقبال النسوي الكبير يعكس وعيا متناميا بأهمية المشاركة السياسية".

في المقابل، أكد عضو الفريق الإعلامي للمفوضية حسن هادي زاير "عدم وجود أحزاب نسوية مسجلة رسميا للمشاركة في الانتخابات المقبلة"، ما يعكس محدودية التمثيل المستقل للنساء في الساحة السياسية.

ومع انطلاق الحملات الانتخابية مطلع تشرين الأول الجاري، يبقى مستقبل الكوتا النسائية بين رؤيتين: إحداهما تراها ضمانة لتمثيل النساء، وأخرى تعدها إطارا شكليا ما لم تحقق استقلالا حقيقيا في القرار البرلماني.

 

هوس التجميل.. إبر البوتوكس والفيلر

تحول الحلم بالجمال إلى تشوه دائم

متابعة – طريق الشعب

 

تزايدت في السنوات الأخيرة ظاهرة عمليات وحقن التجميل بين النساء، إذ لم تعد مقتصرة على المشاهير أو الميسورات، بل امتدت إلى فئات واسعة مدفوعة برغبة في تحسين المظهر أو مجاراة معايير الجمال المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن هذا الهوس، بحسب مختصين، تحول في كثير من الحالات إلى كابوس بعد أن تسببت عمليات الحقن بمواد رديئة أو مجهولة المصدر بتشوهات خطيرة في الوجه.

تقول المواطنة رغد خالد، إنها خضعت لجلسة حقن "فيلر" في أحد مراكز التجميل ببغداد بعد أن شاهدت إعلانا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي وتضيف: "بعد أيام من الحقن، بدأ وجهي بالانتفاخ وظهرت بقع زرقاء مؤلمة، وعندما راجعت المركز تبين أن المادة المستخدمة كانت مغشوشة وغير مرخصة". وتابعت بأسى: "كنت ارغب بابراز بعض ملامح وجهي، لكني حصلت على تشوه دائم لا يمكن تصحيحه بسهولة".

من جانبها، حذرت د. زهراء الحسيني، اختصاصية التجميل والليزر، من "الانتشار الواسع لعمليات الحقن بإبر البوتوكس والفيلر في مراكز غير مرخصة أو على يد أشخاص غير مختصين". وأوضحت أن "بعض المواد المستخدمة غير صالحة طبيا وتباع بأسعار زهيدة، ما يؤدي إلى التهابات وتشوهات قد تصل إلى نخر في أنسجة الوجه".

ودعت الحسيني الجهات الصحية إلى "تشديد الرقابة على مراكز التجميل، وتوعية النساء بخطورة اللجوء إلى الأماكن الرخيصة وغير الموثوقة، لأن التجميل الآمن يحتاج إلى إشراف طبي دقيق ومواد معتمدة من وزارة الصحة".

 

حين يتحوّل التعليم إلى ساحة انقسام

قرار وزارة التعليم العالي بإدراج مدونة الأحوال الشخصية الجعفرية ضمن مناهج كليات القانون، يثير تساؤلات عميقة حول اتجاه السياسة التعليمية في البلاد، وما إذا كانت تسير نحو تعزيز الانقسام المذهبي بدلا من ترسيخ مفهوم المواطنة والقانون المدني.

فكليات القانون يفترض أن تكون فضاءاً لتعليم الطلبة أسس العدالة والحقوق الدستورية، لا تفسيراتها وفق رؤى فقهية محددة. وإدخال مدونة تستند إلى مذهب بعينه لا يبدو خطوة أكاديمية، بقدر ما هو توجه سياسي يفتح الباب أمام تعدد القوانين داخل الدولة الواحدة، الأمر الذي قد يهدد مبدأ وحدة التشريع الذي يستند إليه النظام القانوني العراقي.

وفي بلد ما زال يسعى لترميم نسيجه الاجتماعي بعد سنوات من الانقسام، فإن مثل هذا القرار يحمل دلالات رمزية مقلقة، خصوصا وأن المدونة تحتوي على مواد سبق أن انتُقدت لكونها لا تنسجم مع مبادئ حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، كمسائل الزواج المبكر والحضانة والميراث التي أقرها الدستور.

إن إدراجها في المناهج الجامعية لا يعني فقط تدريسها كمادة نظرية، بل إضفاء شرعية معرفية على نصوص تمّيز بين المواطنين على أساس طائفي، وتكرس فهما دينيا واحدا للقانون، وهي أمور تتعارض مع روح الدستور الذي ينص على المساواة وعدم التمييز.

التعليم العالي يجب أن يكون رافعة للوعي النقدي وميدانا لترسيخ فكرة القانون المدني بوصفه المظلة التي تجمع الجميع، لا مساحة لإعادة إنتاج الانقسام في عقول طلبة اليوم وقضاة الغد.

إنه وقت مناسب لأن تراجع الوزارة هذا القرار بهدوء ومسؤولية، وتستمع لآراء المختصين في القانون والحقوق، قبل أن تتحول الخطوة إلى سابقة تهز ثقة المجتمع في حياد التعليم ومصداقية العدالة.

المحرر

سرطان الثدي معاناة نسوية متعددة الأشكال

حوراء فاروق

تطل كل سنة في تشرين الأول حملات التوعية الخاصة بسرطان الثدي، ذلك المرض الذي يختبر صبر النساء وشجاعتهن في مواجهة الخوف والألم والمصير المجهول. لكن في العراق، لا يقتصر وجع سرطان الثدي على الجانب الصحي فحسب، بل يمتد ليشمل أبعادا اجتماعية ونفسية واقتصادية تجعل من رحلة العلاج معركة قاسية على أكثر من جبهة.

في شهر الوقاية من سرطان الثدي، تتزين الكثير من المؤسسات المعنية باللون الوردي، ويرفع الشعار المعروف «الفحص المبكر ينقذ الحياة». غير أن الواقع الصحي للمرأة يكشف هشاشة البنية التحتية الطبية، وضعف الوعي، وقلة الإمكانات، مما يجعل المرض أكثر انتشارا وأشد فتكا.

تشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة العراقية إلى أن سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعا بين النساء في البلاد، ويحتل المرتبة الأولى بين الحالات المسجلة سنويا. إلا أن ما يقلق الأطباء هو أن أغلب الحالات تكتشف في مراحل متقدمة، بسبب غياب الفحص الدوري وقلة التوعية في المناطق الريفية والشعبية، حيث لا تصل الحملات التثقيفية إلا نادرا.

تقول الدكتورة رشا إبراهيم، اختصاصية الأورام: "ما زالت الكثير من النساء يخشين مراجعة الطبيب عند ظهور أي ورم أو تغير في الثدي، خوفا من التشخيص أو من نظرة المجتمع، وهذا التأخر يجعل فرص الشفاء تتراجع بشكل كبير. أكثر من نصف الحالات التي نستقبلها تكون في المرحلة الثالثة أو الرابعة من المرض".

تتحدث الأرقام أيضا عن فجوة واضحة بين بغداد وأربيل والمحافظات الأخرى. ففي حين يمكن للنساء في بغداد أو أربيل الوصول إلى أجهزة الفحص الشعاعي، تفتقر مدن أخرى مثل المثنى وديالى وميسان إلى مراكز متخصصة. وغالبا ما تضطر النساء إلى السفر لمسافات طويلة لإجراء الفحوصات أو تلقي العلاج الكيميائي، وهو عبء نفسي ومادي لا تستطيع الكثيرات تحمّله.

قصص النساء المصابات تتشابه إلى حد كبير، معظمهن اكتشفن المرض متأخرا، وبعضهن فقدن وظائفهن أو هجرهنّ أزواجهن بعد التشخيص. فالمجتمع العراقي، رغم ما شهده من تطور، ما زال يحمل نظرة سلبية نحو المرأة المريضة، وكأن المرض وصمة أو عبء لا يحتمل.

إلى جانب الألم الجسدي والمعاناة النفسية، تواجه المصابات نقصا في الدعم الاجتماعي. فبرامج التأهيل النفسي محدودة، ومراكز الدعم المجتمعي تكاد تكون معدومة. وحتى المبادرات التطوعية التي تطلقها منظمات المجتمع المدني خلال شهر التوعية، غالبا ما تكون موسمية ولا تمتد طوال العام.

في هذا السياق، تشير الناشطة في مجال صحة المرأة رنا كريم إلى أن "التحدي الأكبر يكمن في "تحويل التوعية إلى سلوك دائم وليس مجرد حملة وردية تنتهي بانتهاء شهر تشرين. نحن نحتاج إلى ثقافة وقائية مستمرة، تشمل المدارس والجامعات والدوائر، لأن الفحص المبكر يمكن أن ينقذ حياة آلاف النساء".

وتضيف أن "التحديات الاقتصادية تلعب دورا خطيرا، إذ تمنع كثيرات من مراجعة الأطباء أو شراء الأدوية، خصوصا بعد ارتفاع أسعار العلاج الكيميائي ونقص الأدوية في المستشفيات الحكومية".

في النهاية، تظل المرأة العراقية - تلك التي واجهت الحروب والفقر والنزوح - تواجه اليوم خصما شديدا لا يرى بالعين، لكنه يهدد الحياة ذاتها. ورغم الألم، فإن قصص الناجيات تزرع الأمل، وتؤكد أن الكشف المبكر والعلاج في الوقت المناسب قد يحولان الخوف إلى شجاعة وبالتالي انتصار على المرض.

النساء بحاجة الى رعاية صحية شاملة

انتصار الميالي

لا يزال الطريق طويلاً أمام النساء للحصول على رعاية صحية كافية. ولكي نشهد تقدمًا حقيقيًا يتوجب أن نرى النساء جميعا يشعرن بالاهتمام والرعاية عند اتخاذ قرارات بشأن صحتهن. وهذ يتطلب فهم الاحتياجات الصحية للمرأة، وبضمنها الصحة الإنجابية والنفسية والأمراض المزمنة، التي تتأثر بمجموعة من العوامل الوراثية والبيئية ونمط الحياة. الأمر الذي يستوجب المعالجة لتعزيز صحتهن العامة، ودعمهن بشكل أفضل لتأمين الصحة الضرورية في كل مرحلة من مراحل حياتهن.

وجليّ ان إعطاء الأولوية لصحة النساء والفتيات، شرط مهم لبناء اقتصادات ومجتمعات أكثر عافية. وأن توفير فرص متكافئة يسهم في التعافي الاقتصادي الذي يتصدر هذه الأولويات، وان أي تراجع هنا انما يضعف جهود التعافي، ويضعف بالتالي مساهمة المرأة بفعالية في القوى العاملة. بينما المطلوب دعمها لأسرتها، وإسهامها في النمو الاقتصادي، وزيادة الاهتمام بتحسين حماية الأمومة وحديثي الولادة وصحة الطفل، الى جانب قيام التعليم بدور حيوي في ضمان تمتع النساء والفتيات بحقوق صحية متساوية، وباستقلالهن الاقتصادي، ومشاركتهن في سوق العمل. فينبغي بالتالي أن يشمل كل استثمار في صحة النساء والفتيات، الاستثمار في تكافؤ فرص التعليم، كي تتمكّن الفتيات من اعتماد خيارات مدروسة بشأن صحتهن.

لقد تأثرت صحة النساء والفتيات بشدة أثناء النزاعات وانتشار كوفيد 19 وتغيرات المناخ، وهن يواجهن تفاوتات صحية، وتعاني بعض فئاتهن معدلات أعلى في المشاكل الصحية، نتيجةً للضغوط الاجتماعية والاقتصادية. وإن معالجة هذه التفاوتات أمرٌ أساسي لضمان تمتعهن بالرعاية الصحية، ما يتطلب المتابعة الدورية، وتشجيعهن على التواصل مع مقدمي الرعاية الصحية، التي يجب ألا تقتصر على الرعاية العلاجية، بل تشمل أيضًا الرعاية الوقائية بأعتماد نهج شامل للحفاظ على الصحة في مختلف مراحل الحياة.

ان على المجتمعات المحلية والوطنية اتخاذ الخطوات اللازمة لسد الثغرات في توفير الخدمات الصحية الأساسية للنساء والفتيات، ومضاعفة الجهود وإشراك مختلف الوزارات وصانعي السياسات والجمعيات المهنية والمنظمات غير الحكومية والأكاديميين في ذلك. وان على الجهات المانحة توفير الدعم لضمان حصولهن على خدمات رعاية صحية كاملة ومحترمة.

 

ص8

حملة سكرتير الحزب الشيوعي العراقي تتسع ..رائد فهمي: نعمل من أجل المواطنة والعدالة

بغداد – طريق الشعب

يواصل الشيوعيون في بغداد حملتهم الانتخابية للتعريف بمرشح الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي تسلسل 2 في تحالف البديل ،250 حيث نظمت محليات الحزب على مدار الأيام الماضية حملات طرق الأبواب وتعليق اللافتات الدعائية وتنظيم الطاولات الإعلامية والندوات الجماهيرية في مختلف مناطق العاصمة.

وتحدث الشيوعيون، خلال تلك الفعاليات، إلى المواطنين عن برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي يهدف إلى بناء دولة المواطنة والعدالة والحريات المدنية، وأكدوا أهمية إسهام الناس في عملية التغيير الشامل من خلال المشاركة الفاعلة في الانتخابات.

وفي سياق الحملة، ضيّف ملتقى شمران الياسري الثقافي الرفيق فهمي للحديث عن مشروع الحزب، في فعالية حضرها جمع من المثقفين والمهتمين. ودار نقاش مطول عن الوضع السياسي والتطورات في المنطقة والتأكيد على ان منظومة المحاصصة والفساد خنقت البلاد وتسببت في تراكم الأزمات، ما يستدعي التوجه إلى المساهمة الفاعلة في العملية السياسية من خلال المشاركة في الانتخابات والحراك الجماهيري والتصويت لقوى التغيير.

وفي سياق الفعاليات أيضا، زار الرفيق سكرتير الحزب مضيف قبيلة الحريشيين بحضور عدد من شيوخ ووجهاء القبيلة في منطقة حي أور، وعرض الرفيق برنامجه الانتخابي، مؤكداً أهمية تكاتف الجهود من أجل الخلاص من منظومة المحاصصة.

وأكد الحاضرون على نزاهة الشيوعيين وإخلاصهم في العمل من أجل الوطن والشعب.

وعصر يوم أمس، ضيّف الرفيق فاروق فياض عضو المكتب السياسي، في منزله بمنطقة الغزالية، الرفيق رائد فهمي، في ندوة حضرها عدد من المواطنين في المنطقة، حيث تحدث معهم الرفيق فهمي عن أهمية الاشتراك الواسع في الانتخابات وضرورة تضافر الجهود من أجل الخلاص من الفاسدين.

 

ندوة جماهيرية في ألقوش لدعم المرشحة شميران أوديشو عن الكوتا المسيحية

الموصل ـ طريق الشعب

استضافت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في القوش المرشحة الرفيقة شميران مروكي أوديشو بالتسلسل 319، عن الكوتا المسيحية لمجلس النواب، في ندوة جماهيرية عامة أقيمت في حدائق نادي القوش العائلي، بحضور عدد لافت من الرفيقات والرفاق والأصدقاء.

تحدثت المرشحة خلال الندوة عن أبرز محاور برنامجها الانتخابي الذي يركز على ترسيخ قيم المواطنة والمساواة وتعزيز المشاركة السياسية لجميع المكونات.

كما عقدت أوديشو لقاءً في مقر اللجنة المحلية للحزب في محافظة نينوى مع مجموعة من الرفاق والأصدقاء، وواصلت نشاطها بنشر وتعليق عشرات اللافتات الدعائية وتوزيع البرنامج الانتخابي والكارتات التعريفية في مناطق الموصل، القوش، بعشيقة، وبرطلة.

 

شيوعيو الانبار يدعمون المرشح سلام الزهيري

الأنبار - طريق الشعب

ضيّف الشيوعيون وأصدقاؤهم، يومي الجمعة والسبت الماضيين، المرشح المستقل عن كوتا الصابئة المندائية الدكتور سلام الزهيري في فعاليات متنوعة، تحدث فيها عن مشروعه للتغيير وحماية حقوق الأقليات، إذ رافقه عضو المكتب السياسي للحزب الرفيق حسين النجار، وعمر السعدون سكرتير منظمة الحزب في الرمادي.

واستهلت الفعاليات بعقد اجتماع لعدد من الشيوعيين وأصدقائهم في مقر الحزب بمدينة هيت، حيث جرى الحديث عن أهمية المشاركة في الانتخابات ودعم القوى التي تملك مشروعاً للتغيير. كما تطرق اللقاء إلى الوضع الذي تمر به محافظة الأنبار وأهمه تدهور الزراعة وصعود مستويات الفقر والبطالة، فضلاً عن غياب تعويض المواطنين الذين تضرروا من العمليات الإرهابية.

وفي اليوم ذاته، توجه الزهيري والنجار إلى قرية جبة، حيث نظم الشيوعيون وأصدقاؤهم ندوة واسعة تحدث فيها المرشح عن مشروعه الزراعي وحماية الفلاحين، وشدد على أهمية عودة الحياة إلى نهري دجلة والفرات.

وفي اليوم التالي، استضاف عدد من الشباب في حديثة في جلسة على ضفاف الفرات، الرفيق حسين النجار الذي تحدث عن أهمية مشروع التغيير ودور الشباب الناشطين ومنظمات المجتمع المدني في المساهمة في الانتخابات والتصويت لقوى التغيير.

وفي وقت لاحق، استضاف عدد من الشباب من بينهم أعضاء في التيار الديمقراطي، في ناحية الفرات – تل أسود الرفيق حسين النجار، في حوار واسع عن الوضع السياسي والتحديات التي يمر فيها العراق، وكيفية المساهمة في التغيير.

 

شيوعيو بابل يواصلون الفعاليات والندوات دعما للمرشح بهجت الجنابي

بابل- محمد علي محيي الدين

شهدت محافظة بابل خلال اليومين الماضيين، نشاطات وندوات وجولات ميدانية واسعة أقامها الشيوعيون ضمن حملتهم الانتخابية للتعريف بمرشح الحزب في المحافظة الرفيق بهجت الجنابي، تسلسل (2) ضمن تجمع الفاو – زاخو (رقم 213).

الرفاق المنقطعون يساهمون بالحملة

أقامت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في بابل، ندوة انتخابية ضمن نشاطات مرشحها بهجت الجنابي، وذلك في مقر الحزب بالمحافظة.

وحضر اللقاء الرفيق بسام محي (أبو رافد)، نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب، حيث التقى بعدد من الرفاق المنقطعين في أجواء اتسمت بالودّ والحرص على تجديد التواصل وتعزيز روح العمل المشترك.

وأستعرض اللقاء سياسة الحزب وتوجهاته المستقبلية، مؤكّدا على أهمية المشاركة الفاعلة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بوصفها خطوة أساسية لترسيخ حضور القوى المدنية والديمقراطية في الحياة السياسية.

وقد عبّر الحاضرون عن دعمهم الواضح للمرشح بهجت الجنابي، مؤكدين استعدادهم للانخراط في نشاطات الحزب والعمل بروح جماعية منسجمة مع خطه السياسي.

ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة نشاطات الحزب الهادفة إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في المحافظة، واستنهاض الطاقات الوطنية للمساهمة في بناء عراق ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.

جولات ميدانية في الشوارع والأسواق

إلى جانب ذلك، نظمت اللجنة المحلية للحزب في بابل جولة ميدانية جديدة للتعريف بالمرشح الرفيق بهجت الجنابي.

وشملت الجولة شارع ابن خلدون وسوق علاء القاضي، حيث التقى الرفاق بعدد من أصحاب المحال والمتبضعين، وجرى الحديث حول البرنامج الانتخابي الذي يركز على الإصلاح ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة.

كذلك انتشرت فرق الحزب في أحياء مدينة الحلة وأسواقها وهي تحمل بطاقات التعريف، داعية المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات واختيار مرشح الحزب.

وقد لاقت الجولات ترحيبا وتفاعلا إيجابيا من المواطنين الذين عبّروا عن تقديرهم لدور الحزب في الدفاع عن مصالح الناس وتبنيه القضايا العادلة.

 

حملة فاعلة وجولات متواصلة لختام المعموري ضمن تحالف البديل ببغداد

بغداد ـ طريق الشعب

تتواصل النشاطات الانتخابية للمرشحة ختام المعموري، تسلسل (65) ضمن تحالف البديل (قائمة 250)، وسط تفاعل ايجابي من المواطنين في مختلف مناطق بغداد.

وتضمنت النشاطات الأخيرة زيارة إلى منزل الكابتن عادل أبو سلام في منطقة الغدير، وهو مدرب في الاتحاد العام لكرة القدم النسوية، حيث جرى خلال اللقاء حديث ودي عن أهمية دعم المرأة وتمكينها في مجالات الرياضة والمجتمع، إلى جانب مناقشة القضايا الشبابية والتنموية.

 وخلال لقاءات وزيارات أخرى عديدة، أكدت المعموري سعيها إلى تمثيل جميع مكونات الشعب العراقي، وبالخصوص صوت المرأة العراقية والعمل على تعزيز مشاركتها في مختلف الميادين.

 

أهالي الحيدرية يستقبلون مرشح تحالف البديل حيدر خطاب الربيعي

النجف ـ طريق الشعب

أجرى الدكتور حيدر خطاب الربيعي، مرشح التيار الديمقراطي العراقي بالتسلسل (22) ضمن تحالف البديل (250) في محافظة النجف الأشرف، زيارة إلى ناحية الحيدرية (خان النص)، حيث التقى عددا من أهالي الناحية في مضيف الحاج حسين علي البدور، احد الوجهاء المعروفين.

وجاء اللقاء في إطار التعريف ببرنامجه الانتخابي، الذي يركّز على تعزيز العدالة الاجتماعية وتطوير الخدمات وتحسين واقع التعليم والزراعة في المحافظة.

وشهدت الزيارة حوارا مفتوحا مع الحاضرين حول سبل النهوض بواقع النجف والنهوض بالإدارة المحلية بما يخدم المواطنين، فيما عبّر الأهالي عن تقديرهم لمبادرة الربيعي في التواصل المباشر معهم واهتمامه بقضاياهم المعيشية والخدمية.

 

نشاطات ميدانية واسعة للمرشحة صابرين فهد اسماعيل في واسط

واسط ـ طريق الشعب

بحماس كبير وروح مبادرة عالية، تتواصل الحملة الانتخابية للمرشحة صابرين فهد إسماعيل، تسلسل (12) ضمن تحالف البديل (رقم 250)، في محافظة واسط، عبر نشاطات ميدانية واسعة ومتنوعة شملت المدن والأرياف على حد سواء.

فقد شهدت مناطق الصويرة ومركزها، إضافة إلى قرى ومناطق الحي والمزراك والعزيزية والتنمية، سلسلة من المسيرات الراجلة وفعاليات طرق الأبواب التي نظمتها فرق الحملة للتعريف بالمرشحة وبرنامجها الانتخابي.

كما أقيمت تجمعات نسوية في عدد من البيوت والمناطق الزراعية، جرى خلالها الحوار حول أهمية المشاركة في الانتخابات ودعم الأصوات الوطنية الساعية للإصلاح والتغيير.

وتميّزت الحملة بحضور شعبي وتفاعل من المواطنين، الذين عبّروا عن تقديرهم لجهود المرشحة وفريقها في التواصل المباشر مع الناس في القرى والأحياء.

 

 

التيار الديمقراطي ينفذ نشاطا انتخابيا داعما للمرشحة انتصار عبد المحسن

بغداد ـ طريق الشعب

نظمت تنسيقية الكرخ للتيار الديمقراطي نشاطا انتخابيا ميدانيا في بغداد، دعما للمرشحة انتصار عبد المحسن كاظم طاهر، تسلسل (68) ضمن تحالف البديل (القائمة 250).

وشارك في النشاط خمسة من أعضاء التنسيقية إلى جانب المرشحة، حيث قاموا بتوزيع البطاقات التعريفية في منطقة الحرية – شارع نواب الضباط وكذلك في الشارع الصناعي الخدمي، وسط تفاعل إيجابي من الأهالي وأصحاب المحال التجارية.

وخلال الجولة، حثّت المرشحة المواطنين على المشاركة الواسعة في الانتخابات والتصويت لتحالف البديل ومرشحيه.

وقد عبّر المواطنون عن تقديرهم لحضور المرشحة وفريقها الميداني، مثمنين التواصل المباشر والدعوة إلى العمل من أجل بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.

ص9

خطة دونالد ترامب بشأن مستقبل قطاع غزة: الخلفية والأهداف

د. ماهر الشريف

على الرغم من استمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي في انتهاك وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحيث يسقط كل يوم المزيد من الشهداء وآخرهم 45 شهيداً في يوم أمس، فإن تنفيذ المرحلة الأولى من خطة دونالد ترامب "السلمية"، التي شهدت تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين وقيام حركة "حماس" بتسليم رفات 13 جثماناً إسرائيلياً، شجع مئات الآلاف من الغزيين والغزيات على العودة إلى مدينة غزة وإلى المناطق الواقعة في شمال القطاع، رغم صعوبات استئناف حياتهم في المناطق المدمرة.

توني بلير والخطوط العريضة للخطة

يبدو أن توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق، هو من وضع الخطوط العريضة للخطة التي أعلنها دونالد ترامب بشأن مستقبل قطاع غزة في 29 أيلول/سبتمبر الماضي. فمنذ أسابيع، عرض توني بلير على رئاسة السلطة الفلسطينية، خلال زيارة قام بها إلى مدينة رام الله، تصوّراً لمستقبل القطاع المنكوب، يقوم على إنشاء "سلطة غزة الانتقالية الدولية" من دون مشاركة أجهزة السلطة الفلسطينية. ووفقاً لصحيفة "لوفيغارو" الباريسية، فإن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ليس غريباً عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ هو شغل، بين سنتَي 2007 و2015، منصب المبعوث الخاص للجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ثم أنشأ، سنة 2016، مؤسسة تحمل اسمه، "معهد توني بلير للتغيير العالمي"، وكشف تحقيق أجرته صحيفة "فاينانشيال تايمز"، في تموز/يوليو الماضي، أن هذا المعهد شارك في مشروع "الثقة الكبرى"، وهو خطة لإعادة إعمار القطاع الفلسطيني، بمساعدة مستشارين من "مجموعة بوسطن الاستشارية". وبعد شهر، حلَّ توني بلير ضيفاً على البيت الأبيض، وعُقد اجتماعٌ هناك خُصِّص لبلورة خطة الولايات المتحدة لما بعد الحرب، شارك فيه جاريد كوشنر، صهر الرئيس ورجل الأعمال الذي يقيم علاقات واسعة في الشرق الأوسط [1]. وقد بحث المشاركون في ذلك الاجتماع تشكيل السلطة الانتقالية الدولية في غزة، وبلوروا مشاريع إعادة إعمار رئيسية، تقودها "هيئة تشجيع الاستثمار والتنمية الاقتصادية في غزة" التي ستعمل بصفتها سلطة اقتصادية مستقلة تتبع مباشرة مجلس السلطة الانتقالية الدولية، أي أنها ستعمل من دون تدخل فلسطيني.

كيف تم خداع قادة الدول العربية والإسلامية؟

في 23 أيلول/سبتمبر الماضي، استقبل دونالد ترامب في البيت الأبيض عدداً من قادة الدول العربية والإسلامية وعرض عليهم خطته للسلام في قطاع غزة. وعقب ذلك الاجتماع، صدر بيان مشترك عن ممثلي الدول العربية والإسلامية المشاركين في الاجتماع، أكدوا فيه "التزامهم بالعمل مع الرئيس ترامب، وعلى أهمية قيادته لإنهاء الحرب". ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين عرب قولهم إن المشاركين غادروا الاجتماع "متفائلين للغاية". وقالوا بعد اجتماعهم مع دونالد ترامب: "للمرة الأولى، شعرنا بوجود خطة جادة مطروحة". بينما صرّح مسؤول في البيت الأبيض لوكالة "فرانس برس" أن القادة العرب والمسلمين أكدوا خلال ذلك الاجتماع معارضتهم أي إجراءات من شأنها تقويض إصلاح السلطة الفلسطينية أو منعها من إدارة قطاع غزة والضفة الغربية، تمهيداً للتوصل إلى "حل الدولتين"، وطالبوا بضمانات ضد ضم أجزاء من الضفة الغربية أو أي إجراءات من شأنها تغيير الوضع القانوني والتاريخي الراهن للأماكن المقدسة في القدس. كما طالبوا بضمانات ضد تهجير سكان قطاع غزة، وأي عرقلة لعودتهم، وأي محاولة لاحتلاله.

بيد أن القادة العرب والمسلمين شعروا بالخيبة، كما يبدو، عندما اطلعوا على نص الخطة التي عرضها دونالد ترامب بحضور بنيامين نتنياهو، في 29 من ذلك الشهر، وخصوصاً بعد أن ظهر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نجح في إدخال تعديلات جوهرية على النص الأولي للخطة تتعلق، بحسب صحيفة "لوموند" الباريسية، بمشاريع إصلاح السلطة الفلسطينية، وبأفق قيام دولة فلسطينية تضم إلى جانب قطاع غزة الضفة الغربية وبضرورة اعتماد جدول زمني ملزم للانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع. وبغية القفز عما حدث، اضطر قادة الدول العربية والإسلامية، الذين التقوا الرئيس دونالد ترامب، إلى إصدار بيان مشترك، في 1 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، يوضح موقفهم ويؤكد أن الخطة "تفتح الطريق إلى سلام عادل قائم على حل الدولتين، يكون قطاع غزة في إطاره مرتبطاً بصورة كاملة بالضفة الغربية، ضمن دولة فلسطينية، بما يتوافق مع القانون الدولي"[4]. وبعد يومين من صدور ذلك البيان، أعلن وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار أن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي لا تعكس الوثيقة التي اطلعت عليها باكستان وغيرها من الدول العربية والإسلامية، وقال أمام نواب في البرلمان: "إن الخطة أُدخلت عليها تعديلات"، وأضاف "أوضحت أن هذه النقاط العشرين التي أعلنها ترامب ليست نقاطنا، إنها ليست مماثلة لنقاطنا، أقول إن بعض التغييرات تمت في المسودة التي كانت لدينا".

هل هي خطة "سلام" فعلاً؟

مع أن وقف إطلاق النار الذي تضمنته خطة دونالد ترامب قد حدّ من وحشية جيش الاحتلال، وأوقف إلى حد كبير عمليات التدمير الواسعة، إلا أن هذه الخطة ليس في وسعها، كما يرى معظم المحللين، أن تفضي إلى سلام دائم في المنطقة، ولا إلى إقامة دولة فلسطينية. بل هي تهدف، كما يقدّر الدبلوماسي المصري السابق معتز أحمدين خليل، إلى "إنقاذ سمعة إسرائيل التي شوهتها سنتان من المجازر في الأراضي المحتلة". أما على المدى المتوسط والطويل، فتهدف الخطة "إلى ترسيخ هيمنة تل أبيب على المنطقة"، و"القضاء على جميع أشكال المقاومة في الأراضي المحتلة، وتصفية القضية الفلسطينية، وتطبيع الوجود الإسرائيلي في المنطقة"، ليخلص إلى أن هذه الخطة "لا تعالج القضايا الجوهرية"، وهي "تأخذ برأي الجميع من دون مراعاة رأي الفلسطينيين، أصحاب المصلحة الرئيسيين، أو حتى دعوتهم للمشاركة".

هل هذه "بداية جديدة"؛ "وعد بعصر ذهبي في الشرق الأوسط"، كما جاء في عنوان صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن الرئيس الأميركي؟ أم أن الأمر يتعلق بـ "مسرحية سياسية"، و "مناورة تكتيكية تُتيح استراحة، وقفة إنسانية، لكنها لا تُغيّر شيئاً في منطق المحتل"؟ لا تُخفي صحيفة "واشنطن بوست" تشاؤمها، إذ تقدّر أنه "بينما تمكن دونالد ترامب من فرض وقف إطلاق النار بالقوة، مستغلاً لحظة تصاعد التوتر الإقليمي الشهر الماضي بعد قصف إسرائيل قطر، لا يوجد ما يضمن إمكانية تنفيذ المرحلة الثانية من خطته، التي لا تزال خطوطها العريضة غامضة للغاية". أما صحيفة "لوريان لو جور"، فقد أشادت بدور دونالد ترامب، ورأت "أن الاتفاقية التي أدت إلى الهدنة في غزة، والتي لا تزال هشة ومُهتزة، تظل خياراً أفضل من الحرب".

فالواقع، أن الغزيين والغزيات يريدون الآن وقف المقتلة، ووقف التدمير، والحد من مخاطر المجاعة من خلال إدخال المساعدات ومنع التهجير، لكن الخطة، التي ربما تضمن ذلك، صيغت بنودها بتوافق كامل مع بنيامين نتنياهو، وهي لا تتضمن جدولاً زمنياً ملزماً للانسحاب الإسرائيلي الكامل، وتبقي سيطرة إسرائيل الأمنية على قطاع غزة، وتكرس انفصاله عن الضفة الغربية، وتفرض وصاية أميركية عليه، وتغيّب الفلسطينيين وتستبعد أي دور للسلطة الفلسطينية إلا بعد أن تقوم بإصلاحات جوهرها التخلي عن السردية الفلسطينية وعن ملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الدولية وتدويل القضية الفلسطينية. وتكمن خطورة هذه الخطة في أنها تلقى دعماً عربياً ودولياً واسعاً، وتساهم في فك عزلة إسرائيل الدولية، وتمهد الطريق أمام توسيع نطاق "اتفاقيات إبراهيم" وإعادة هندسة الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية. أما إشارتها إلى "مسار موثوق" نحو دولة فلسطينية، فقد اختيرت هذه العبارة بعناية بحيث لا تتضمن وعداً قاطعاً ولا موعداً نهائياً، بل أفقاً مبهماً، علماً أن بنيامين نتنياهو أعلن، بعد يوم من نشر بنود الخطة، أنها لم تتضمن إشارة إلى الدولة الفلسطينية وأن ترامب يتفهم معارضته لقيامها، ومن المرجح أن الإشارة إلى الدولة الفلسطينية في البند التاسع عشر من بنود الخطة جاء لإرضاء المملكة العربية السعودية التي ربطت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بتبني هدف إقامة دولة فلسطينية. ووفقاً لباربرا ليف، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأوسط في عهد جو بايدن، يبدو أن الرئيس الأميركي قد تجنب " دمج الخطة بحل سياسي يفضي إلى دولة فلسطينية"، وذلك تجاوباً مع موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي "يعارض إقامة دولة فلسطينية، وقد أدان بشدة الدول، بما في ذلك فرنسا، التي اعترفت مؤخراً بدولة فلسطين".

وكان الرئيس الأميركي قد أجاب عن سؤال حول حل الدولتين على متن الطائرة الرئاسية التي عادت به من شرم الشيخ إلى واشنطن بقوله: "سأُقرر ما أراه مناسباً لمستقبل غزة والفلسطينيين بالتنسيق مع الدول الأخرى"، وأضاف: "أنا لا أتحدث عن دولة واحدة، أو دولتين، نحن نتحدث عن إعادة إعمار غزة"، مُؤجلاً هذا النقاش إلى وقت لاحق. ثم أصدر تحذيراً لـ "حماس" بالتخلي عن سلاحها، وأعلن: "إذا لم ينزعوا سلاحهم، فسننزع سلاحهم، وسيتم ذلك بسرعة، وربما بعنف". وأضاف على شبكة "سي إن ن" من أنه "قد يأذن لإسرائيل باستئناف عملياتها العسكرية في غزة إذا لم تحترم "حماس" شروط الاتفاق" وحثّها "على إعادة جميع جثامين الرهائن" الذين قضوا في قطاع غزة. ومن المعروف أن حكومة إسرائيل تتهم حركة "حماس" بالتستر على رفات بقية جثامين الإسرائيليين، وتقوم، في الوقت نفسه، برفض إدخال معدات الحفر تحت الأنقاض، التي تطالب بها الحركة، وتصر على إبقاء معبر رفح مغلقاُـ

ويستغرب موقع "عرب دايجست" الإلكتروني "حديث وسائل الإعلام الغربية عن "بداية جديدة" في الشرق الأوسط، والنظر إلى خطة دونالد ترامب باعتبارها "خطة سلام"، معتبراً أن ما جرى ما هو، في الواقع، سوى "تمثيلية سياسية" لتعطيل دينامية دولية بدأت تصب في مصلحة الفلسطينيين، في الوقت الذي وجدت إسرائيل نفسها معزولة بصورة متزايدة على الساحة الدولية. ويضيف الموقع أن هذه الخطة لا تشكك، بأي حال من الأحوال، في السيطرة الإسرائيلية، بل هي "تتيح مهلة، ووقفة إنسانية، لكنها تُبقي على توازنات القوة بين المحتل والشعب المُحتل كما هي"، بحيث يظهر هذا "الكرنفال الصاخب"، المُحيط باتفاق وقف إطلاق النار، وكأنه "تكرار لما حدث في عهد الرؤساء الأميركيين جيمي كارتر وجورج بوش وبيل كلينتون، الذين زعموا هم أيضاً أنهم مهندسو السلام".

المرحلة الثانية من الخطة يكتنفها غموضٍ كبير

بعد مرحلتها الأولى، يكتنف غموض كبير المرحلة الثانية من خطة ترامب. ففيما يتعلق بقضية حكم قطاع غزة مستقبلاً، يرفض بنيامين نتنياهو رفضاً حازماً أن تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على القطاع. وتثير فكرة تشكيل "مجلس سلام" مكلف بالإشراف على عملية الانتقال، برئاسة مشتركة لدونالد ترامب وتوني بلير، الكثير من التحفظات. أما إنشاء "قوة استقرار دولية" فهي قضية لا تزال في حاجة إلى تفصيلٍ، إذ لا يُعرف شيء عن هذه القوة التي ستحل محل الجيش الإسرائيلي بعد انسحابه من قطاع غزة، ولا عن الدول التي ستشارك فيها، كما أن مصير الضفة الغربية المحتلة ظل مجهولاً، وغابت قضية المستوطنات في الضفة الغربية عن الخطة، علماً أن الحكومة الإسرائيلية منحت، في الشهر الماضي، موافقتها على خطة مثيرة للجدل لتوسيع الاستيطان في منطقة قريبة من القدس من شأنها أن تقسم الضفة الغربية فعلياً إلى قسمين، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية مستقبلية ذات تواصل جغرافي أمراً مستحيلًا. من جانبها، ترفض "حماس" أي نزع للسلاح، وتواصل إعادة انتشارها في بعض المناطق التي أخلاها الجيش الإسرائيلي، في إشارة واضحة إلى رفضها التخلي عن السلطة.

خاتمة:

يرى حكيم القروي، مؤلف كتاب "إسرائيل فلسطين، فكرة سلام" (2025)، أن خطة دونالد ترامب أصبحت "عنصراً أساسياً في أجندات صانعي القرار الإقليميين"، وذلك بعد وقت قصير من المبادرة الفرنسية السعودية للاعتراف بدولة فلسطين، لكنه يقدّر أن هذه الخطة "لا أمل لها في إحلال السلام، لا في غزة، ولا في فلسطين، ولا في إسرائيل؛ إنها مجرد وقف إطلاق نار - وقف آخر - في "حرب المائة عام" الإسرائيلية الفلسطينية التي تُمزق شعوب المنطقة وأرواحها". ويتابع أن هذه الخطة "لا تذكر شيئاً عن الاستعمار الإسرائيلي للضفة الغربية"، و "لا تُحدد أي جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي"، و "لا يُذكَر فيها القانون الدولي قط"، و"يبدو الأمر كما لو أنه بعد ثمانين عاماً من انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، بدأت تظهر محمية جديدة"، ليخلص إلى أن نتنياهو وترامب يعتقدان أن "القول بالسلام بشروطهما هو تحقيقٌ له"، وهو نهج "لن يؤدي إلى السلام، بل إلى استمرار الحرب"، بينما يتوجب على الأميركيين والإسرائيليين "أن يروا الواقع كما هو، لا كما يرغبون فيه فحسب، إذ لا يمكن أن يأتي الحل من تقسيم حسابي، بل من تغيير في المنظور، ولن تنعم إسرائيل بالسلام أبدًا حتى تعترف بوجود الفلسطينيين".

لا يجب أن يظل الفلسطينيون مغيبين

بغية مواجهة المخاطر التي تنطوي عليها خطة ترامب، لا بدّ من تفعيل الدور والحضور الفلسطينيين، وهو أمر يحتم اعتماد موقف فلسطيني موحد إزاء هذه الخطة، ذلك أن ما هو مطروح على بساط البحث ليس مستقبل قطاع غزة وحده بل مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. وإذا كانت الحوارات الفلسطينية الهادفة إلى تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي انطلقت منذ سنة 2007، قد عجزت عن تحقيق الهدف المأمول منها، جراء خلاف الفصيلين الرئيسيين على السلطة، وعلى أشكال المقاومة وعلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، فإن التطورات الأخيرة جعلت هذا الخلاف لا معنى له، بما يمهّد طريق الاتفاق على أرضية سياسية مشتركة وانخراط الجميع في منظمة التحرير الفلسطينية.

 

السودان: تعدّد المليشيات.. أو المجتمع الدولي في ثياب الواعظين

قرشي عوض

تتعدد المليشيات في السودان. والجيش كي يقضي عليها عسكريا فإنه مضطر للتحالف مع بعضها للقضاء على البعض الآخر. ثم يتفرغ لمواجهة صديق اليوم بعد القضاء على عدو الأمس والذي لا يوجد ما يمنع ان يكون صديق اليوم. ولا نختلف مع بعض الأقلام حول عبثية هذه الدوامة. وإن الحل تكوين نظام سياسي مدني يكون في قلب اهتماماته تصفية الواقع المليشياوي. هذا جيد. لكن السؤال كيف نصل الى هذا النظام؟ بالحديث المكرور عنه؟ بوحدة قوى الثورة حوله؟ وهب ان ذلك حدث.. ما هي أدواتنا التي نتمكن من خلالها من القضاء على المليشيات؟ هل بالتفاوض معها وإقناعها بضرورة تسليم سلاحها ووضع نفسها تحت تصرف حكومة مدنية؟ ما الذي يجبرها على ذلك؟ أم ترانا نراهن على وعيها الوطني وتغليبها لمصلحة المجتمع والدولة على أجندتها الخاصة، في الوقت الذي لا نختلف فيه بأن تلك المليشيات تقاتل من أجل السلطة والثروة؟

يجب ان نتحلى بالوضوح ونعلن صراحة بأننا نراهن على الضغوط التي يمكن ان يمارسها المجتمع الدولي على تلك المليشيات. وفي الحقيقة المجتمع الدولي لن يمارس أكثر من خداعنا وبالطريقة التي تجعلنا نحن نصغط على الجيش بقبول حل نفسه وتكوين جيش جديد بعقيدة قتالية وطنية بعد تخليصه من سيطرة الفلول. وهذا يمكن ان يحدث ولكنه لن يضمن لنا ان يكون الجيش الجديد بعقيدة وطنية تحددها القوى المدنية. ونكون فقط استبدلنا السيطرة الحزبية على الجيش بالسيطرة القبلية. إلا إذا كنا سندخل في مغالطة حول الطبيعة الاثنية للاصطفاف داخل المليشيات التي نتحدث عنها الآن. والمجتمع الدولي لن يكون متحمسا لإنجاز هذه المهمة بالقدر الذي يتجاوز تحقيق مصالحه. وهو الذي قبل بقوات إسلامية في سوريا وافغانستان وقوات مناطقية في ليبيا ومن الممكن ان يقبل بقوات عشائرية وقبلية في السودان.

لكن هل سيكون الجيش الجديد والمزمع تكوينه تحت سيطرة الحكومة المدنية؟ هذا ما ننادي به مع علمنا التام بأن الحكومة المدنية حتى وإن التف حولها كل الشعب فإنها لا تملك أدوات السيطرة التي تجعلها تخضع لسلطتها من يحملون السلاح.

فالمجتمع الدولي الذي يخرج علينا اليوم في ثياب الواعظين ويمشي في الأرض ويسب الماكرين والديكتاتوريين ليس من الحكمة ان نطمئن إليه وهو الذي نراه يدعم القتلة والمجرمين في مناطق اخرى من العالم. كما اننا يجب ان لا ننسى ان بعض الدول الفاعلة الآن في المجتمع الدولي هي من دعمت وساندت وسلحت تلك المليشيات.، كما وإن قيادات تلك المليشيات قد هبطت مطار الخرطوم صبيحة ثورة ديسمبر وهي قادمة من عواصم الدول الأوربية التي تقف الآن الى جانب تحقيق العدالة الانتقالية أو حماية المدنيين في السودان وحل المليشيات وتكوين جيش وطني واحد بعقيدة قتالية موحدة، في تناقض ظاهر للعيان بين مواقفها بين عشية وضحاها من ظاهرة واحدة.

 

ص10

المرأة والفكر والأدب: بين الإقصاء وصناعة السمعة

مارلين كنعان

كانت الأسئلة الجوهرية التي يطرحها الباحثون المهتمون بالنتاج الأدبي والفلسفي الموقع بأسماء نسائية هي: كيف بني "المشهد الفكري والأدبي"؟ ومن يملك سلطة تحديد ما هو أدبي وفلسفي وما ليس كذلك؟ ولماذا تقلص حضور الأديبات والمفكرات في المشهد الثقافي العالمي؟

 إن الجواب عن هذه الأسئلة يكشف عن شبكة واسعة من آليات الإقصاء، تبدأ من المدرسة وتنتهي بصفحات الصحف وأروقة الجوائز الأدبية.

تكشف الدراسات، على سبيل المثال لا الحصر، عن أن الكتب المدرسية في فرنسا تكاد لا تذكر أسماء الأديبات والمفكرات إلا نادراً. ففي تحليل شمل 17 كتاباً مدرسياً مخصصاً لتعليم الفلسفة والأدب الفرنسي، لم يتجاوز ذكر الأسماء النسائية ستة في المئة من مجموع الأدباء والفلاسفة الواردة أسماؤهم ضمن متن هذه الكتب. فقبل عام 2003 لم يكن اسم أية امرأة مدرجاً في منهج الفلسفة داخل المدارس الثانوية، وأن هذا المنهج أصبح يشتمل اليوم على نصوص مختارة من كتابات بعض الفيلسوفات كهانا آرندت وسيمون دو بوفوار وسيمون ڤايل وجان هيرش وأيريس مردوك وغيرهن. لكن النصوص، موضوع الدروس والموقعة بأسماء أنثوية، لم تحظَ سوى بنسبة ضئيلة جداً مقارنة بالنصوص المذيلة بأسماء الأدباء والمفكرين الذكور، إذ غالباً ما اقترنت أسماء النساء بصلتهن بـ"الرجال العظام"، كأن تكون المرأة الأم أو الزوجة أو العشيقة أو حتى "الملهمة"، لكن هويتهن ككاتبات أو شاعرات أو مفكرات مبدعات كثيراً ما غُيبت.

علاقات ثنائية

ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى جورج صاند التي ارتبط اسمها بألفرد دوموسيه، أكثر مما ذكرت ككاتبة وروائية بارزة، وسيمون دو بوفوار التي اشتهرت بعلاقتها بسارتر على رغم توقيعها عدداً من الروايات والمقالات والسير الذاتية ودراسات حول الفلسفة والسياسة والقضايا الاجتماعية، لا سيما كتابها "الجنس الآخر" وهو بمثابة نص تأسيسي للنسوية المعاصرة.

إن غياب أسماء الأديبات والشاعرات والمفكرات عن المناهج الدراسية الفرنسية ليس مجرد نقص معرفي، بقدر ما هو نتاج منهج يعمل على ترسيخ فكرة أن الفكر والأدب حكر على الرجال، وأن صوت المرأة لا يستحق أن يُدرس أو يُحتفى به.

وإن تجاوزنا فضاء المدرسة والمناهج الدراسية إلى فضاء الجوائز والأكاديميات، لوجدنا أن الصورة ليست أفضل حالاً. فمنذ تأسيس الأكاديمية الفرنسية على يد الكاردينال ريشوليو عام 1635، لم ينتخب حتى تاريخه من النساء أعضاء في هذه الأكاديمية العريقة سوى 11 امرأة فحسب، كانت الأولى منهن مارغريت يورسنار التي انتخبت عام 1980، تلتها جاكلين دو روميللي وإيلين كارير دانكوس وآسيا جبار، إلخ. أما الجوائز الأدبية الكبرى، مثل جائزة غونكور، فقد ذهبت بغالبيتها الساحقة إلى رجال، ولم تحظ النساء منها إلا بنصيب ضئيل جداً، على رغم كثرة الكاتبات وإبداعهن.

لا تقف المشكلة عند حد غياب التكريم، بل تتجاوزها إلى التمثيل الرمزي. فالمرأة حين تدخل هذه المؤسسات تُستقبل أحياناً بالسخرية أو بالاحتقار. ويكفي أن نذكر ضمن هذا الإطار تعليق الكاتب جول رونار حين انضمت الشاعرة والروائية والمترجمة جوديت غوتييه، ابنة الكاتب الفرنسي الشهير تيوفيل غوتييه، إلى لجنة تحكيم جائزة غونكور في بدايات القرن الـ20، إذ وصفها في دفتر يومياته بألفاظ مشينة قللت من قيمتها كامرأة وكأديبة، علماً أن عدد الروائيات والأديبات بدأ بالتزايد في فرنسا منذ أواخر القرن الـ19.

حضور خفر؟

كيف يمكن إذاً تفسير الحضور الخفر للنساء في المختارات الأدبية؟ وكيف يمكن مثلاً تفسير أن أعمال كوليت أو جورج صاند العديدة اختصرت في مجموعة من الروايات الموجهة إلى اليافعين، وأنه لم يحتفظ منهما سوى بحكايات مغامراتهما العاطفية أو بولعهما بالقطط والمربى؟ وكيف أمكن أن تصبح المرأة في الأدب، كما في مجالات أخرى عديدة، كائناً مخلوقاً، فيما الرجل هو الخالق؟

كان الجواب عن هذا السؤال أن الطبيعة لم تقدر النساء لأن يكن خالقات ومبدعات، وأن على كل فرد في هذا العالم أن يحتفظ بالمكانة التي فرضها عليه جنسه.

 لقد تميز القرن الـ19 بهذا الهاجس المتمثل في البحث داخل الأجساد عن الفوارق بين الرجال والنساء، باعتبارها براهين بيولوجية لا تدحض. ومنح الخطاب الطبي طويلاً شرعية لهذه الرؤية في محاولة لتبرير هذا الإقصاء عبر الحجج البيولوجية أو الطبيعية. ففي القرن الـ19، شاع خطاب طبي وعلمي في أوروبا أكد أن المرأة، بسبب جسدها ودورتها الشهرية وحملها، عاجزة عن ممارسة نشاط فكري رصين. وذهب بعضهم إلى قياس جماجم النساء وأدمغتهن ليخلصوا إلى أنها أصغر وأقل وزناً من أدمغة الرجال، بالتالي أقل قدرة على الإبداع.

لم يكن هذا الخطاب بريئاً، بل كان وسيلة لتثبيت تقسيم صارم للأدوار: إن الرجل مبدع ومخترع وصانع للفكر والفن، أما المرأة فهي أم وأخت وزوجة، أو في أحسن الأحوال ملهمة للرجل. وإن أبدعت، فهي "خارج الطبيعة"، أو كما قيل في وصف "المرأة الأديبة" إنها "فوق الطبيعة والمجتمع".

 لكن المسألة ليست فقط حرمان المرأة من التعليم أو من النشر أو من دخول عالم الأدب، بل تتعلق أيضاً بكيفية استقبال نتاجها الأدبي والفكري. إن الأعمال الممهورة بأسماء النساء كثيراً ما يُقلَّل من قيمتها، أو يُنظر إليها ككتابة عابرة لا تترك أثراً فنياً خالداً. حتى إن بعض الكاتبات أنفسهن استنبطن هذا الحكم، كلور شقيقة بلزاك التي كتبت الشعر لكنها رأت أن نشر قصائدها لا يليق بالنساء.

لكن العالم الثقافي اضطر أحياناً إلى الاعتراف بنساء مبدعات، فلجأ حينها إلى حيلة أخرى: اعتبارهن "رجالاً في زي امرأة". هكذا فعل إدمون دو غونكور حين ذهب حد الادعاء أن النساء المبدعات يمتلكن خصائص جسدية "ذكورية" تفسر تفوقهن. وهكذا تحول الاعتراف نفسه إلى صورة من صور الإقصاء.

مساحة أقل

لم يختف هذا التحيز اليوم كلياً. فما زالت بعض الصحف الكبرى والمجلات الأدبية تعطي مساحة أكبر للكتاب الرجال على حساب الكاتبات. وبيَّنت دراسة فرنسية حديثة أن نسبة المقالات النقدية المخصصة لأعمال النساء لا تتجاوز ثلث ما يُكتب عن أعمال الرجال، وأن المقالات التي تتناول كتبهم ودواوينهم الشعرية غالباً ما تكون أطول وأكثر بروزاً في الصفحات الأولى. ويتبين مما سبق أن "السمعة الأدبية والفكرية" لا تبنى فقط بالموهبة والإبداع، بل بصناعة إعلامية ومؤسساتية تصب دوماً لمصلحة الرجل.

إن القضية، في جوهرها، ليست مجرد إنصاف فردي للمفكرات والأديبات والشاعرات، بل قضية ثقافية كبرى تتعلق بثراء الرؤية الإنسانية. إن كل إقصاء لصوت أنثوي يعني خسارة منظور جديد وتجربة وجودية مختلفة. لقد حذرت فرجينيا وولف في كتابها "غرفة تخص المرء وحده" من خطورة أدب يكتبه الرجال وحدهم، لأنه يحرم الفتيات من إمكانية التماهي والتمثل، ويشوه صورة الإنسان حين يختزل في نصفه الذكوري. ولئن أصبح غياب النساء في عالم الأدب كما في غيره متجذراً، فإن أحداً لم يعد يلحظه. ومن ثم، فإن الخطوة الأولى تكمن ببساطة في التخلي عن الاعتياد على هذا الغياب، وتعلم رؤية ما هو غير مرئي.

في فرنسا ثمة من يبحث اليوم عن نصوص خطتها أقلام النساء لإعادة تشكيل ما يسمى "المتريموان" أي التراث النسوي، على غرار "الباتريموان" في محاولة لتعويض تاريخ أدبي كتب هو أيضاً بصيغة المذكر. هذا ما أوصت به كريستين دو بيزان خلال القرن الـ15، التي بدأت بعد كثرة قراءتها للأدبيات المعادية للنساء تقتنع بأن هؤلاء الرجال العظام على حق. لكنها مع ذلك وقعت "مدينة السيدات"، وهو كتاب دافعت فيه عن النساء من خلال سرد مآثرهن.

لقد صار اليوم من الضروري إحصاء كل أعمال النساء الأدبية وإعادة اكتشاف نصوصهن المهملة وبناء تراثهن، لا سيما في عالمنا العربي. ليس الهدف من ذلك خلق أدب "نسوي" منفصل عن الأدب بعامة، بل دمج التجارب النسائية في النسيج العام للتاريخ الأدبي، بحيث يصبح أكثر إنصافاً وشمولاً.

إن استبعاد النساء من الأدب والفكر ليس قدراً، بل صناعة اجتماعية وثقافية تقوم على التكرار والإخفاء والتبرير. ويكفي أن أشير ضمن هذا السياق إلى أن حركة "طالبان" قررت منذ بضعة أيام سحب 140 كتاباً موقعاً بأسماء نساء من الجامعات الأفغانية، فضلاً عن إلغاء بعض المواد التي تتناول حقوقهن.

ولأن السمعة الأدبية لا تُمنح بل تُصنع، فإن تغيير هذا الواقع يتطلب مساءلة المناهج الدراسية وإعادة النظر في آليات الجوائز والتكريم، وتفكيك الصور النمطية الرائجة عن المرأة. فلا يمكن للأدب أن يكون مرآة صادقة للإنسانية ما لم تتجاور فيه أصوات النساء والرجال على السواء، ذلك أن الاعتراف بوجود المرأة في الأدب ليس مجاملة ولا استثناءً، بل استعادة لجزء مفقود من ذاكرة الثقافة الإنسانية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"اندبندنت عربية" – 6 تشرين الأول 2025

 

رسالة اعتذار الى العم توم

عبد الرزاق دحنون

 

العم توم شخصية محورية في رواية "كوخ العم توم" للكاتبة الأمريكية هارييت إليزابيث بيتشر ستو التي عاشت بين عامي 1811 - 1896 وكانت إليزابيت مناهضة للعبودية، بل قُل إحدى الناشطات في حركة التحرير من العبودية، وواحدة من الشخصيات المؤثّرة فيها، حيث أرسلت لمحرّر جريدة "ناشيونال إرى" رسالة تفيد عزمها على نشر قصتها، وكتبت فيها: "أشعر الآن أنّه حان الوقت الذي يجب فيه حتى على المرأة أو الطفل الذين لهم القدرة على قول كلمة من أجل الحرية والإنسانية أن يتكلموا. آمل ألا تصمت أيّة امرأة تستطيع الكتابة".

نُشرتْ حكايتها أول مرّة على شكل قصص في حلقات أسبوعية بعدّة مسمّيات، ثمّ جمعها جون بي جويت ونشرها في كتاب واحد، فبيعت منها ثلاثة آلاف نسخة في أوّل يوم، وأكثر من ثلاثمئة ألف نسخة خلال عام، وما بين العام 1852 والعام 1860 طُبعت الرواية باثنتين وثلاثين لغة مختلفة، وانتشرت في أوروبا انتشاراً واسعاً، وكان لهذه الرواية ونشأة حزب الأرض الحرّة الأثر في إلغاء الرقّ في الشمال فشبّت حرب أهليّة بين الشمال والجنوب على مدى أربع سنوات شهدت الكثير من المراحل والتغيّرات كسبها الشمال في العام 1865م، فألغي نظام الرقّ، وذكر إبراهام لنكولن الرئيس الأمريكيّ السادس عشر أثر هذه الرواية في نشوب حرب الانفصال: " المرأة الصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة".

ترسم هذه الرواية صورةً مُحزنة ومؤثرة عن حياة العبيد في الولايات المُتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر، وتُسلط الضوء على مظاهر مُعاناتهم تحت وطأة العبودية. يكتشف العم توم، وهو عبدٌ أسود يعمل في مزارع السيد شيلبي، أنّ سيده يعاني هو الآخر ولكن تحت وطأة الديون، وأنه أصبح مجبراً على بيعه، بالإضافة إلى طفل صغير آخر، هو ابن إلايزا خادمة زوجة السيد شيلبي. لكن إلايزا تقرّر الهرب مع طفلها بعد أن فقدت زوجها واثنين من أبنائها بسبب قوانين العبودية، بينما يختار العم توم ألا يخيِّب أمل سيده، الذي وعده بأنه سيشتريه من التاجر هالي مرة أخرى حالما تتيسر أموره.

حين قرأتُ رواية "كوخ العم توم" في أواسط سبعينيات القرن العشرين وكنتُ في طور الفتوة، صبياً متمرداً، لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، كتبتُ على هامش صفحتها الأخيرة بضعة أسطر أتهم فيها السيد توم بالجبن والضعف والهوان والاستسلام، وكتبتُ بيتين ناريين من قصيدة "سلو قلبي" لأمير الشعراء أحمد شوقي: وما نيلُ المطالب بِالتَمنّي/ولكن تُؤخذ الدُنيا غِلابا، وما استعصى على قوم منالٌ/إذا الإقدامُ كان لهم رِكابا.

هذه الحماسة الثوريّة المنفلتة من عقالها؛ ندمتُ عليها أشدّ الندم فيما بعد، وها أنا أعتذر من السيد توم على ذلك "الغضب الساطع" تلك الأيام، فقد كنتُ تحت تأثير قراءة كتاب طُبع في دار النهضة بفرعيها في بيروت وبغداد كان قد صدر في بداية سبعينات القرن العشرين عن الثورة الكوبية هو "مذكرات أرنستو شي غيفارا" مترجم عن الإسبانية. كان المترجم فطنًا حيث صاغ الترجمة بلغة عربية فصيحة مشحونة بالحماس الثوريّ. وأنت تقرأ الكتاب كأنك تُشاهد فيلماً مصوراً عن هؤلاء الشباب الذين امتشقوا السلاح للدفاع عن الحرية والعدالة.

وجدت نسخة وحيدة من هذه المذكرات في مكتبة (وحيد قباني) في مدينة إدلب في شارع شكري القوتلي قرب سينما الزهراء التي عرضت أول الأفلام عن الثورة الكوبيّة. ووجدتُ إلى جوار المذكرات رواية "كوخ العم توم" فاشتريتهما معاً بليرات قليلة-كتب مستعملة- وشاء القدر بأنّ أقرأ "مذكرات أرنستو شي جيفارا" أولاً فتركت تأثيراُ واضحاً على موقفي من العم توم واختيار سُبل حياته، والذي كان من المُفترض أن أتعاطف معه لفقره وعبوديته لا أن ألومه، ولكنها فورة شباب يا سيدي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الاتحاد" الحيفاوية – 22 أيلول 2025

 

 

تانيلا بوني.. سوسيولوجيا جماعية للنساء الأفريقيات

سومر شحادة

مع عملها في حقول متعددة من الأدب والفلسفة، فإن ما يميّز مسيرة الشاعرة والأكاديمية الإيفوارية تانيلا بوني (1954)، هو الرؤية النسوية التي تؤسّس لأعمالها وتنطلق منها، سواء في الشعر أو الرواية أو في المقالات والدراسات الأكاديمية. وضمن هذا المسار، حصلت بوني قبل أيام على "جائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي" التي يمنحها موسم أصيلة الثقافي الدولي.

ورغم انتمائها الأكاديمي إلى الفلسفة الغربية وتدريسها لها في جامعات أبيدجان ــ حيث نالت درجة الدكتوراه من السوربون في الفلسفة القديمة ــ فإن اهتمامها الفعلي يتركّز على التقاليد الفلسفية الأفريقية منذ عودتها إلى ساحل العاج. وقد ساهمت من خلال أبحاثها في نقد المركزية الأوروبية وتفكيك سرديات الاستعمار والعنصرية ضد السود. كما ترك الشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور أثره الواضح في تجربتها، خصوصاً في ما يتصل بالاعتراف بالهوية الثقافية الأفريقية في مواجهة الخطاب الاستعماري، والجمع بين الروح الأفريقية واللغة الفرنسية في الشعر.

عادت بوني إلى فرنسا في منفى مؤقت بعد نشر روايتها "صباحات حظر التجوّل" (جائزة أحمدو كوروما عام 2005)، بسبب تهديدات العيش تحت سلطة "الجبهة الشعبية الإيفوارية"، وإثر الضجة التي أحدثتها الرواية. وفيها استعارت شخصية نسائية تُدعى "زانبا" لتصوير بلدها ساحل العاج، وقدّمت من خلال حكاية اختطاف واغتصاب متكرر على يد أحد رجال الأمن، الذي استولى على مطعم البطلة؛ صورة عن الاضطرابات السياسية والاجتماعية من جهة، وعجز الناس عن مواجهة التعصب والتمييز والعنف من جهة أخرى، حيث حلّت سلطة السلاح محل حكم القانون. كما تستكشف الرواية نتائج الفراغ السياسي والحلول غير الوطنية، في قالبٍ أدبي ينقل انشغالاتها السياسية إلى صلب الحكاية الاجتماعية ودلالاتها.

وربما يكون كتابها "كيف تعيش نساء أفريقيا؟" أوضح إسهاماتها الفكرية، إذ تكشف فيه عن الهيمنة الذكورية التي تعيشها النساء الأفريقيات، من زاويتي التشويه الجسدي والعنف نفسي، في مقاربة تتساءل عن معنى الإهانات التي تُطلق عليهن، كما توثّق رؤيتها بصور فوتوغرافية توضّح الأوجاع الأخلاقية والجسدية، حتى ليبدو الكتاب أشبه بسوسيولوجيا جماعية للنساء الأفريقيات، في كتابة تمزج الحكايات الفردية مع الواقع اليومي لكل بنات جنسها.

مع ذلك، ترى بوني أن النساء الأفريقيات لسن فئة مغلقة محدّدة الانتماء باللون أو الجغرافيا، إنما يشمل المصطلح كل النساء اللواتي يعانين من التمييز، سواء عبر التشويه الجسدي، أو احتكار الوظائف، أو العزل في المطابخ وفي أدوار الإنجاب. ويمكن تلخيص تجربتها في هذا السياق بقولها: "المثقفة الأفريقية تُقبَل ما دامت تلتزم الخطاب السائد. لكن بمجرد أن تعترض تنهال عليها تهم النسوية والتغريب وإنكار الهوية".

 

أيضاً لها مؤلفات في كتب الأطفال واليافعين، إلى جانب تأملاتها في الكتابة. وقد صدر أول دواوينها الشعرية عام 1984 بعنوان "المتاهة"، ولها خمسة عشر ديواناً، من بينها "حبّات رمل"، و"لا توجد كلمة سعيدة"، و"جلدي نافذة على المستقبل". وما يميزها هو ذلك النسيج الفكري الذي يتشكّل من التجربة والثقافة معاً، ليصنع صوتاً خاصاً، يتقاطع فيه الشعر مع الفلسفة، ومع جرح الحرب الأهلية وما أثارته من أسئلة أخلاقية ووجودية حول الهوية والانتماء. وبالنسبة إلى نسوية أفريقية، يكتسب التعبير الشعري صيغة حادّة وغاضبة وتأملية، تعبّر عن اضطهاد مزدوج لامرأة من أفريقيا.

تُعدّ تانيلا بوني من أهم الشخصيات في الأدب الأفريقي الحديث. وهي عضو في أكاديمية العلوم والفنون والثقافات الأفريقية، وقد حازت جوائز عديدة منها "جائزة أنطونيو فيكارو الدولية للشعر" (2009)، و"جائزة ثيودور غوتييه" (2018). ومن المقرر أن تتسلم جائزة أوتامسي في 9 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ضمن فعاليات الدورة السادسة والأربعين من موسم أصيلة الثقافي الدولي في المغرب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"العربي الجديد" – 26 أيلول 2025

 

ص11

حرية التعبير بين حدود القول وقيود الفعل

ثامر عباس

كثيرة هي عبارات وكلمات القاموس السياسي الرائجة التي سحرتنا معانيها وألهمتنا دلالاتها ، للحد الذي أضحت فيه بمثابة ثيمة ، بلّه تعويذة من تعاويذ خطاباتنا السياسية وانتماءاتنا الإيديولوجية المعبرة عن طبيعة التوجهات التي تتبناها هذه الجماعة أو تلك ، وماهية الممارسات التي ينتهجها هذا الطرف أو ذاك . ولعل كلمات من مثل (حرية التعبير) و(حقوق الإنسان) و(العدالة الاجتماعية) و(المساواة أمام القانون) و(مبدأ المواطنة) ، فضلا"عن مفاهيم مثل (الديمقراطية) و(الليبرالية) و(الاشتراكية). من أكثر تلك الكلمات والعبارات شيوعا"في الخطابات وتداولا"في الشعارات ، سواء أكان على صعيد (المجتمع السياسي) بمختلف مؤسساته ، أو على صعيد (المجتمع المدني) بمختلف قطاعاته .  وبقدر ما يتم تواتر استخدام الكلمات والعبارات التي من هذا النمط بين عامة الناس وخاصتهم ، بقدر ما تستقبلها عقولهم ويتمثلوها كما لو أنها حقيقة من حقائق الوجود الطبيعي والاجتماعي ، بحيث يصبح من الصعب حملهم على الشك في صحة مضمونها ، أو الموافقة على نقد مقارباتها ، طالما أنها أضحت شائعة بينهم ومقبولة لديهم . وفي خضم هذه الحالة الملتبسة ، لا يعود مهما"بالنسبة لأولئك الذين لا يتخطى مؤشر وعيهم إطار مشاكلهم اليومية ومصالحهم الآنية ، طبيعة الجهة التي تسوق وتروج لمثل تلك العبارات الجذابة ؛ سواء أكانت حكومة دكتاتورية أم ديمقراطية ، حزب ديني أم علماني ، إيديولوجية يمينية أم يسارية ، جماعة أصولية أم مدنية.  وبصرف النظر عن الطبيعة السياسية للجماعات والحكومات والإيديولوجيات ، فإنه ينبغي النظر الى (حرية التعبير) بالمعنى النسبي والمجازي وليس المطلق . أي بمعنى أن هذه (الحرية) - بالنسبة لبلدان العالم المتقدمة – هي حرية (مشروطة) بجملة من الضوابط السياسية والقواعد الاجتماعية ، التي ليس في وارد تلك البلدان السماح بتجاوزها أو تخطيها مهما كانت الأسباب أو الدوافع التي تحاجج بها الجماعات المتضررة من السياسات الاقتصادية والإجراءات الاجتماعية . فعلى الرغم من ان (حرية التعبير) هنا مكفولة للمواطنين بموجب دستور الدولة القائمة ، ولكنها مشروطة ضمن (الحدود) التي تشرعها الحكومات المهيمنة بما لا يلحق الضرر بوجودها ومصالحها . ولذلك فقد شهدنا - في الآونة الأخيرة - كم (ضيقت) ، لا بل قمعت ، هذه الحكومات الليبرالية من هامش (الحرية) المزعومة ، حين تعلق الأمر بحق التظاهر للجماعات المعنية بحقوق الإنسان ضد ممارسات الدولة الصهيونية حيال الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية .

وإذا ما حاولنا مقاربة (حرية التعبير) من وجهة نظر بلدان العالم المتخلف ، فإن الطابع (المجازي) في استخدام هذه العبارة سيكون هو سيد الأحكام ، وبلا منازع . ومع ان ان حكومات هذه البلدان المتصدعة والمتشظية تنام وتصحو على إيقاع تلك العبارة المستهلكة ، إلاّ أنها لا تخرج عن كونها (ستار) يخفي فساد هذه الحكومات وانحطاطها . ومع أن دساتيرها وتشريعاتها المفبركة تبيح للأفراد والجماعات (حرية التعبير) عما يرونه إجحافا"بحقوقهم السياسية ، وإضرارا"بمصالحهم الاقتصادية ، وتجاهلا" لخصائصهم الثقافية ، إلاّ أنها لا تكتفي بوضع (الحدود) الضرورية – كما في حالة الحكومات الليبرالية - التي تدرأ من خلالها ما يتعارض مع سياساتها ومصالحها الفئوية ، وإنما ، علاوة على ذلك ، تسن جملة من (القيود) الرادعة ذات الطابع الأمني والبوليسي ، التي من شأنها ليس فقط الحدّ من تلك (الحرية) والتضييق عليها فحسب ، بل وجعلها (مصيدة) للإيقاع بكل من يعارض تلك السياسات ويناهض تلك المصالح . ولعل ما أفضت إليه (حرية التعبير) - في عراق ما بعد السقوط - من مآس وفواجع لا نزال نحصد ثمارها المرة مرارة العلقم ، كفيل بجملنا على التعاطي مع هذه الحرية من باب كونها ممارسة تتراوح ما بين (الوهم) في الحالة الأولى ، و(أكذوبة) في الحالة الثانية.

 

نزعة قمع الحريات.. لماذا؟

أ.د قيس العطواني

تُشكّل الحرية أرقى القيم الإنسانية المدهشة، وهي تولد مع الإنسان عندما يكافح وهو مازال جنينا في سبيل الخلاص من رحم أمه . إنّها حاجة فطرية تلازم الفرد من صرخة ولادته حتى الموت، وشعوب الكون منذ فجر السّلالات التأريخية، ورسم خطوط الحضارات المتقدمة، وهي تعمل على نيل الحرية، والخلاص من القيود القاهرة المفروضة عليها، وهذه القيود قد تتخذ شكل الشرائع الدينية، أو الأعراف والتقاليد الرجعية، أو القوانين الي تُسنّ لخدمة النظام الحاكم من دون الشعب، ويمكن أن يتحوّل هذا التوجه في حال قمعها بصورة غير قانونية وفرض القيود المجحفة، وممارسة صور القهر في مصادرتها إلى حالة من التمرد المشوّه تعبيراً عن هذه الفطرة وسعيا إلى مقاومة هذا القمع وتلك القيود، والتحرر منها، فالرغبات بالحرية، وطلب الأمان، وامتلاك الحق بسهولة التحرك والاجتماع، ونقل ما تجيش به الصدور من آراء هي رغبات فطرية لدى الإنسان، تتماهى مع دواخله، وعمق تكوينه، وحتى جيناته الوراثية التي تعبر عن عدم رضاها بالهيمنة، والإصرار على امتلاك زمام القرار تحقيقا للوجود الإنساني، وربّما يصبح التعبير المتمرّد عن النفس شكلا من أشكال المقاومة، ورد فعل طبيعي على القمع المسلّط عليها عندما تعيش في ظلّ معتقدات وأفكار جمعية تقيّد حرية الإنسان، ونزوعه نحو تحقيق الذات، والطموحات الشخصية.

أنّ مفهوم الحرية يتخذ تعريفات، أو أشكال متباينة تبعا لاختلاف البيئات الاجتماعية وطبيعتها التكوينية والمناطقية ولهذا يتباين مفهومها من دولة إلى أخرى ومن ثقافة إنسانية إلى أخرى، ولكنّ المشترك الأكبر بينها في العصر الحديث يجنح إلى عدّ الحرية هي التي تتعلّق بحرية التنظيم السياسي، وحرية إبداء الرأي السياسي والثقافي والتعبير عنه بالتظاهرات، وتشكيل النقابات والجمعيات .. وهناك جانب مهم جدا من الحريات ألا وهو حقّ الحريات الفردية الشخصية مثل حرية الاعتقاد والانتماء والارتباط مع الاخر. وليس من أبجديات الحرية ومفاهيمها ما يستدعي أن توسَم بـ(الانفلات)، و(الانحراف الخلقي)، و(إشاعة الرذيلة). وهذا ماتسوّقه بعض الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة، أو السلطات الدينية المتشدّدة، بل الحرية ألصق بمعاني الخلاص من القيود المانعة لإبداع الإنسان المعرفي والإنتاجي بمختلف النواحي، وهي ألصق بمعنى التخلّص من العبودية القاهرة لجماعة رجعية معينة، أو لشخص موتور ورفض الإجبار وفرض القناعات على الآخر فرضا تعسّفيا . وطالما جابهت هذه الحريات صوراً من التعنيف والتجاوزات، والقمع لأنها لاتستقيم مع توجّهات النظام الحاكم، أو الضابط الديني والقبلي المعلن والمستور. لذلك يتم فرض قيود قاهرة قد تتطور إلى انتهاك الحرمات، والاعتداء الجسدي العنيف لاسيّما إذا كانت مطالب الحرية تجنح إلى انتقاد الفساد المالي، والتراجع الاقتصادي والخدمي، والنهب المنظّم لثروات الشعب، والاحتجاج على صور الاستبداد، وكتم الأفواه التي تفضح صور الفساد السائد في جسد مؤسسات الدولة مما قد يدفع إلى تفجّر الأوضاع الداخلية للبلد، وتهديد السّلم الأهلي مثلما حصل سابقا في عدد من الدول العربية والأجنبية. ولو أتينا إلى شعوب منطقتنا العربية لوجدناها قد خزّنت براميل من البارود المتفجّر في اللاوعي الجمعي نتيجة صور القمع والكبت، ومصادرة الحريات السياسية والاجتماعية، وفرض أفكار ورؤى مشوّهة لاتستقيم مع العصر الحديث المتطوّر للإنسانية، وسرعان ما انفجرت هذه البراميل بعد أن ضاقت الشعوب ذرعا بالتضييق على الحريات، وتكميم الأفواه، وسوء الأحوال المعيشية، واستئثار الطبقة الحاكمة بالمقدرات الاقتصادية، واحتكار الحلقة المحيطة برأس النظام للقرار الاقتصادي والسياسي، وتغلغل الفساد في المؤسّسات العامة، وعدم محاسبة الفاسدين والتخبّط في إدارة دولهم، لتتجه هذه القوى الوطنية نحو الاحتجاجات الشعبية الضاربة التي خرجت في عدد من الدول العربية، مطالبة بتغيير النظام، وتحقيق مطالب الإصلاح الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية.

أن الحريات تلعب دوراً خطيرا في بناء الدولة والمجتمع، فهي ليست منتوجا مترفاً إنّما يمكن لتوظيف الحريات المسؤولة عبر تمكين الفرد من أدواته المعرفية، وتعزيز الاستقلالية الشخصية، وعبر تشجيع الابتكار والاسهام في النمو الاقتصادي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وترسيخ مبدأ الحكم الرشيد، وهذا كلّه يؤدّي إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلام في ربوع البلد، فأنت عندما تُمكّن الأفراد من ممارسة الحرية المسؤولة في التعبير عن الآراء والأفكار التي تحمل مضامين بنائية وإصلاحية، فإنك ستضيف لبنات مهمة في صرح المجتمع والدولة، مما يؤدي إلى خلق مجتمع متنوع وشامل يتقبّل الاختلافات، ويسهم في التعايش السلمي والازدهار المجتمعي.  ان الحريّات التي تعمل على مراقبة أداء الحكومة، ومساءلة وزرائها ومسؤوليها؛ تساهم في تقويم ما اعوجّ من هذا الأداء وتصحيح المسارات الخاطئة، مما يحدّ من الفساد، ويساهم في بناء مؤسسات ديمقراطية قوية. فضلا عن ذلك تؤدّي الحريّات دورا بالغ الأهمية في تحقيق الاستقرار السياسي، والمساهمة في التنمية البشرية ورفاهية المواطنين، عن طريق توفير بيئة مناسبة للعمل واختيار الشخصيات القيادية الكفء، والنزيهة لإدارة عمل المؤسسات، وعن طريق هذه البيئة النظيفة والحرة يمكن أن يتعزّز الابتكار والإبداع في صيغ العمل الجماعي والفردي، من ثمّ تحقيق التنمية البشرية والتمكين من تحقيق الذات الخاصة، والطموحات المشروعة المرتبطة بها.

 

جديد اتحاد الأدباء

صدر عن اتحاد الادباء والكتاب مؤخراً:

- الاعمال الشعرية الكاملة/  شعر سلمان داود محمد.

- الابحار الى كالكوتا/ رحلة البحار سيمو/ حسن البحار.

- ضوء في النظرة الحانية/ قراءات لؤي حمزة عباس.

- عرگشينة السيد/ رواية سلمان كيوش.

ط 4.

- تاريخ المرايا/ رواية علي لفتة سعيد.

- قافز الموانع/ رواية سلام حربة.

- ليس ثمة امل لكلكامش/ رواية خضير عبد الامير.

- عاشقان من بغداد/ قصص خضير عبد الامير.

- ملصقات بيروت/ رواية ماجد الخطيب.

- لا راية بيضاء في الخرطوم/ قصص محمد احمد اسحق.

- رأس القرية/ رواية احمد القيسي.

- ادب النزوح في آشور/ دراسات د. محمد احمد سلطان المشوح.

- عدة من اشياء اخر/ شعر فاضل عباس.

- اجهاض في قصر برميدا/ رواية جواد سيف الدين.

- حبة حلوى/ رواية احمد خضير ابو اسماعيل.

- راية بيضاء للأس/ شعر نامق عبد ذيب.

 

شاعر وديوان

" بهدف تقديم رؤية متكاملة عن شاعر ما، نقدم احدث قصيدة له، تنشر لأول مرة، الى جانب مراجعة نقدية لأحدث ديوان اصدره"

 

المحرر الثقافي

 

حينما تكلَّمَ أَدونيسُ

 

يا وَلَدي عُذرًا

كما حَمَلَتْني الرِّيحُ

هي ذاتُها التي أَتَتْ بِكَ هنا

مُدَّ لي يديكَ

تَعالَ نَجْمَحْ ما تَبَقَّى من الحَطَبِ

نَصْنَعْ لنا سَفينةً

وقُبَّعَةً بَيْضاءَ لإبْحارِنا

تَعالَ، مَن قالَ لنا: “أَرْضٌ واحِدَةٌ”؟

تَعالَ، تَسَلَّقْ فوقَ كَتِفي

شَيِّدْ لنا صارِيًا وشِراعًا

واجْعَلْ من عَيْنَيْكَ تِلِسْكوبًا

أَرْفِقْ بآخِرِ هُدْهُدٍ

هو دَليلُنا لِمُدُنِ الحُرِّيَّةِ.

دَعْ زَيْفَ هذِهِ المُدُنِ

دَعْها نائِمَةً على وِساداتِ الغَباءِ

اسْأَلْني أُعْطِكَ حُجَجَ الرَّحيلِ

جِئْتُ من بُطونِ القَلَقِ

خُطايَ قَلَقٌ

دَقّاتُ قَلْبي قَلَقٌ

قَلَقٌ حتّى على مَن أَحْبَبْتُ

نَديمي الأَمْسِ (النَّكِرَةُ)

ولي من الغَدِ آمالٌ لن تَجيءَ

الخَريفُ زَمَنُنا المُسْتَدامُ

طُفولَتُنا تَنْتَشي بِتِرْياقٍ غَريبٍ

لأَجْلِ أنْ تَنامَ جَدَّتُكَ بهُدوءٍ

جَدَّتُكَ المُرْهِقَةُ من جَفافِ الشِّفاهِ

الحائِرَةُ من قِصَصِ العَذابِ.

تَعالَ نَجْمَعْ حِكاياتِ “أَلْفِ لَيْلَةٍ ولَيْلَةٍ”

أو “كِليلةَ ودِمْنَةَ”، نُخْفيها

لِتَكونَ مُلْهاةَنا المُخَدِّرَةَ للنِّسيانِ.

تَعالَ نَكْسِرِ المَرايا

نُبْعِدْ أَشْباحَ السَّلَفِ المَقيتِ

وإنْ أَبْحَرْنا نَنْتَظِرْ أنْ يَمْنَحَنا البَحْرُ

ساحِلًا وشَجَرَةَ تُفّاحٍ وحُوريَّةً

لِنَأْتيَ بِكَذِبَةٍ نُمَنِّي النَّفْسَ بِها

نَصْرُخْ: “لقد وُلِدَ العالَمُ مِن جديدٍ”

 

آلام متصوفة الحب

سالم محسن

تتمركز كينونة الشاعر عبد الامير العبادي في لحظة معقدة من بعد عقود زمنية قاسية ووحشية  وليس بوسع مجسات الشعر أن تكون خارج تأثيراتها لكون الشاعر قد تجذرت لديه تلك المعاناة والآلام ومع الالتزام بقضايا الأنسان المصيرية ما جعله يمد جسور اللحظة الآنية لتظهر لديه وعبر محاكاة وتجليات في المتون والهوامش على حد سواء  (لي هذيان يتنقل معي ..يبحث عن عتقه..ينزع أغلالا أدمنت معصميك ) . الشعر رهان الشاعر إلى الآخر - المتعدد لاستكمال - ما بدأه من أحلام فتتجه اللغة نحو إنتاج المعنى المتفرد من خلال الجمل الشعرية والعبارات بنوع محدد كالخبرية والفعلية واستخدام الأسماء بدلالات عميقة يتخللها صياح وصراخ يشترك مع (الفقراء/  /مرأة تهز مهد الحضارة  /أطفال هذه البلاد  /سواد العبيد /قهر العراة /صديقي الرسام /حكايات جداتنا / الحشاشين)  في صيحاتهم وصراخهم . في مجموعته الشعرية السابعة (آخر متصوفة الحب) من اصدارات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق لعام 2024 تتدفق قصائد الشاعر عبد الامير العبادي بالمفردات والثيمات في إيقاع ينذر بالمفاجئات لكون القصائد باغلبها تماحك الواقع وتطرح عليه العديد من الاسئلة ضمن  الماضي القريب والماضي البعيد والطبيعة (قمم الجبال العالية والوديان المنخفضة) فهو لا يتوقف عند حد معين من حمل هذه الاسئلة بل يحدد لها أسماء معينة (  حسن الصباح  / حميد البصري /صومعة ابن مسرة القرطبي /شباط الاسود/الوثبة / تشرين / المتوكل/ مستعمرة كلكامش / وطن قرقوش/ اسماؤنا الحسنى/ الجعد بن درهم ) يخاطب العقل والغريزة والروح والمادة والسلطة والشعب والجهل والكسل مقابل الكفاح والنضال ويصب جام غضبه بوجه الشعراء المتملقين في الزمنين . إن هذه المجموعة الشعرية هي شعر الأفكار التي نحتاجها ونحتاج من يذكرنا  خشية من تأثيرات غريبة.. لابد من النظر الى الوراء ولتكن نظرتنا بغضب كما قيل ..( أنظرْ الى الماضي بغضب).. تتماسك الأفكار مع العبارات بشكل مباشر.  الأفكار السابقة حملت قسوتها  وأنتقلت إلى هنا دون أي تغيير.. فالقتل هو القتل وإنْ تعددت الوسائل ..بدون زخارف وكذب.  إن الجدة كما هناك نجدها هنا وهكذا المرأة والطفل والشيخ  والأم والأخت والصديقة والزميلة. إن الشعر قام بمهمته على أكمل وجه عندما يطلق المعلم والتلميذ خارج حدود الصف المدرسي. يكتب الشاعر قصيدة المعنى ولا يهتم  بأشكال الحداثة , فالجملة الشعرية لديه تنمو بين التخزين  والتفريغ  بين الهامش والمتن بين الجملة القصيرة والجملة الطويلة بين الحشو والتجريد.. تتعاضد الكلمات والمعاني للوصول الى جملة القفلة والخروج  من القصيدة بجملة تترك في ذهن القارئ أسئلة مصيرية  أو بجملة من سياق القصيدة تشير إلى إنتهاء ذروة المعنى في حدود الرفض والغضب والحنق, وفي ظل هذه المحمولات أوجد الشاعر له نافذة يطل منها على الكون لوحده دوننا ,وإن عنوان المجموعة الشعرية قد أوحى بتمركز عال وسمو عندما اختار ( آخر /متصوفة/ الحب)  فالكلمات الثلاثة التي يتكون منها العنوان تعد من المطلقات من حيث الأعداد ومعنى التصوف في الثقافة العربية والاسلامية وباقي الثقافات ,أما عن مطلقية الحب  فهو أسمى المشاعر والأحاسيس الانسانية  التي تدل على أي انسان بوجودها وعدمها,   وإن هيمنة العنوان في هذه القصائد تدل على ذلك ( الهزيع الاخير من الليل ) و(اه لك والف اه لي ) و( الارق) و ( طريق الى بنزرت )  و( شذى العيون ) و( مرة ومرة ) و ( ممرات ) . في قصيدة (هودج) هو الوطن وإن المخفي والمضمر في الجمل الشعرية - إن الشاعر لا يريد أن يصرح .. فمن ( ارتحل وبقينا ) ومن هو الملاك ؟فهذه استعارات بعيدة الغور ,واذا ما عدنا الى قراءة المجموعة وفق هذا المنظار فانه يحرك فينا وكما أسلفنا الماضي القريب والبعيد يحاكي علامات لمرجعيات مشتركة تتواشج مع الأنسان  وإن متعة هذا الشعر تتجلى في توزيع اشاراته ودلالاته  لدى القارئ بوضوح وجرأة.

 

مساقط الندى

       

فوزي السعد

 

الندى

قطرةً

قطرةً

يتساقطُ

من بركةٍ في السماء

على الأرض

ممَّ تكوّن هذا الندى ؟

من تصاعد ماقد تبخّر

من عرق الكادحين

وهمْ تحت لفح الهجيرة

من أجل لقمة عيش

مضوا يكدحون

وممّا تصاعد من جرح عاشقة

حينما اكتشفت أنّ من خانها

ساكنٌ بين أضلاعها الحانيات

وممّا تصاعد

من أعين الامّهات

تدرّ أحرّ الدموع

لفقد الأعزّة

قد سقطوا

في غيبة

مالها من رجوع!!

 

ص12

في ضيافة {نادي الكتّاب} الكربلائي القاص سلام القريني و{الجهات الأربع}

كربلاء - غانم الجاسور

ضيّف "نادي الكتاب" في كربلاء، أخيرا، القاص والصحفي سلام مهدي القريني، للحديث عن مجموعته القصصية الجديدة الموسومة "الجهات الأربع"، في أمسية حضرها أدباء ومثقفون يتقدمهم رئيس اتحاد أدباء وكتاب كربلاء سلام البناي.

أدار الأمسية القاص خالد الشمري، واستهلها بتقديم سيرة الضيف الذاتية، والحديث عن تجربته الأكاديمية وعمله المهني، فضلا عن تجربته القصصية.

بعد ذلك، قدم الشاعر صلاح السيلاوي ورقة نقدية عن كتاب القريني، مبينا أن هذه المجموعة القصصية ذات طابع بعيد عن الإطار الأدبي التقليدي، وانها يمكن اعتبارها وثيقة أدبية تاريخية اجتماعية لمرحلة معينة من تاريخ العراق. حيث تتناول الحرب العراقية – الإيرانية، وانتفاضة آذار 1991.

وفي السياق، قدم الصحفي الرفيق عامر الشباني ورقة نقدية عن المجموعة ذاتها، التي رأى انها تؤرخ حقبة مهمة من تاريخ الشعب العراقي، لافتا إلى أن "القريني وضع الحدث التاريخي تحت مجهره، لتحليله بالعمق الماركسي". وأشار إلى أن قصص المجموعة ليست من نسج الخيال، بل هي أحداث واقعية فعلية.

وشهدت الأمسية مداخلات عن تجربة القريني ومجموعته الأخيرة، ساهم فيها السيدان نصير شنشول وأبو نورس. وعلى هامش الأمسية، تحدث القريني عن الانتخابات البرلمانية المقبلة، حاثا على المشاركة فيها وعدم منح الفاسدين وسراق المال العام فرصة لمواصلة سرقاتهم.

كما دعا إلى انتخاب الرفاق الشيوعيين ضمن "تحالف البديل" رقم 250، ومنهم في كربلاء سكرتير محلية الحزب الرفيق مرتجى فاضل والرفيقة صبيحة هاشم زهيان.

وفي الختام، وقّع القريني نسخا من كتابه ووزعها على الحاضرين.

 

{سرد تشكيلي} عراقي في لندن

لندن – نضال إبراهيم

 

شهدت "قاعة باهافان" في لندن، يوم الجمعة 10 تشرين الأول الجاري، افتتاح المعرض السنوي لجمعية الفنانين التشكيليين في بريطانيا، وذلك تحت عنوان "سرد تشكيلي 2"، وبمشاركة فنانين عراقيين وعرب من أجيال مختلفة.

وبلغ عدد الفنانين العراقيين المشاركين أكثر من 31 فنانا وفنانة، هم كل من بتول الفكيكي، ابتهاج البلوري، سلمى الخوري، لينا العجيلي، نادية أوسي، علاء بشير، باسم مهدي، ثامر الخفاجي، جلال علوان، حسين السكافي، حسن الجراح، حسين القاضي، رائد هوبي، سعدي داود، صادق طعمة، علاء جمعة، علاء السريح، مهدي الشمري، محمد الدعمي. ومن "مجموعة الأفق" للفنانين الأكراد، شارك كل من مريوان جلال، صباح محمود، لقمان أحمد، ماهر ستار، عثمان أحمد، نوري محمود، هاشم كوران، آري ميرزا، سونيا أحمد، حمه هاشم وإكو كوران. أما ضيوف المعرض فهم كل من الفنان فيصل لعيبي والخزاف الكويتي علي العوضي والنحات معتصم الكبيسي والفنان سعدي الرحال.

وغصت القاعة بجمهور واسع من محبي الفن التشكيلي، اطلع على لوحات ومنحوتات مُنفذة وفق مدارس وأساليب فنية مختلفة.

وفي سياق المعرض، تحدث الفنان مهدي الشمري لـ"طريق الشعب" عن دور الفنان التشكيلي العراقي تجاه قضايا وطنه، مبينا أنه "من الترف أن يرسم الفنان العراقي أشياء لا تتعلق بوضع وطنه الملتهب منذ أكثر من خمسين سنة. لا أدري قلة اهتمامهم هو يأس من الواقع المتردي أم لاأبالية أو عدم وعي".

ورأى أن "الوضع الاقتصادي الصعب يضطر الفنان للبحث عن مصادر عيش، والتركيز على جوانب فنية أخرى بعيدة عن القضايا الاجتماعية والسياسية"، مؤكدا أنه شخصيا ملتزم بقضايا وطنه، وأن لوحته التي شارك فيها في المعرض تُجسّد "شهرزاد" وهي وسط نيران مشتعلة "حيث ترمز الى لحظة ضرب بغداد. وكأن شهرزاد تسأل لماذا تدمر مدينة ذات تاريخ وحضارة".

وتحدث الشمري عن تأسيس "مجموعة إينانا"، التي تجمع فنانات تشكيليات مقيمات في بريطانيا، هاويات وأكاديميات، موضحا أن التجمع يتيح للفنانات الفرصة لعرض أعمالهن وتطوير مهاراتهن. حيث أقامت لهن معرضا العام الماضي، وتعمل على إقامة معرض آخر السنة المقبلة. 

أما الفنان التشكيلي والخزاف ثامر الخفاجي، فقد تحدث للجريدة عن صعوبة وصول الفنان العراقي والعربي إلى المعارض الفنية الرئيسة في لندن، مشيرا إلى أن "الفن التجاري سائد في لندن، وهناك غاليريهات تخلق فنانا من عدم كفاءته".

ولفت إلى ان "الفنان ينجح في الوصول إلى هذه الصروح إذا كان على علاقة مع أحد البنوك أو الغاليريهات المعروفة".

وفي سياق المعرض نظمت فقرة موسيقية للفنان إحسان الإمام، وفقرة مسرحية للفنان باسم مهدي، فضلا عن فقرة شعرية للشاعر عدنان الصايغ.

 

يوميات

• يُضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، بعد غد السبت، القاضي المتقاعد سالم روضان الموسوي، ليتحدث في ندوة عنوانها "آليات تعديل الدستور العراقي بين النص والتطبيق".

تبدأ الندوة في الساعة الحادية عشرة ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

• في إطار نشاطها الشهري، تُنظم جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، بعد غد السبت، محاضرة بعنوان "العلاقة وتبادل الاستعارات بين الفن التشكيلي والفلسفة.. نصب الحرية تطبيقا".

يُقدم المحاضرة الناقد د. رشيد هارون ويديرها الناقد مؤيد البصام، وذلك في الساعة الحادية عشرة ضحى في مقر الجمعية العام في المنصور.  

• يعقد نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، بعد غد السبت، جلسة احتفاء بالروائي محمد غازي الأخرس وروايته "مخطوطة فيصل الثالث".

الجلسة التي من المقرر أن يديرها الروائي خضير فليح الزيدي، تبدأ في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس. 

• ينظم الاتحاد العام للأدباء والكتاب الأحد المقبل، جلسة تأبين للشاعر والناقد د. عبد الإله الصائغ، في مناسبة أربعينيته، يشارك فيها عدد من الأكاديميين والنقاد.

تبدأ الجلسة في الساعة 5 مساء على قاعة الجواهري.

 

أما بعد .. عن خيرية المنصور

منى سعيد

"ما نرضاش يخاصم القمر سماه ما نرضاش/ مانرضاش تدوس البشر بعضها ما نرضاش/ تهاجر الجذور أرضها ما نرضاش/ قلبي جواي يغني وأجراس تدق صرخة الميلاد .. بمد إيدي لك طب ليه ما تقبلنيش / لا يهمني أسمك لا يهمني عنوانك/ لا يهمني لونك ولا ميلادك مكانك / يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان".

 بهذه الأغنية يفتتح المخرج يوسف شاهين فلمه الشهير "حدوتة مصرية" بصوت محمد منير، والتي تذكرني ببعض من مفردات أغنية للراحل جعفر حسن وهو ينشد للأممية: "لا تسألني عن عنواني لي كل العالم عنوان / لا تسألني أبدا أبدا أنا بيتي في كل مكان". فالفن هنا محرّض ومناضل ومفكر ومصلح اجتماعي .. وقد وجد الفنان يوسف شاهين في إيقونتنا العراقية خيرية منصور، التي كرمت أخيرا في مهرجان السينما العراقية، مثالا للاجتهاد والمثابرة متجسدا في فكرها اليساري، الداعي الى تغيير المجتمع عبر تعرية الواقع المعاش، والخوض في مغامرات لاقتناص الأحلام من بين أنياب الحياة.

زار شاهين العراق في الثمانينات، وحضر جزءا من تصوير فيلم " الأيام الطويلة" للمخرج توفيق صالح، وكانت خيرية مساعدة له وحديثة التخرج من أكاديمية الفنون الجميلة.. وتنبه لخيرية التي تحدثت معه أثناء الاستراحة حول فيلمه "العصفور" وعن مدرسته السينمائية وتبنيها الفكر الديالكتيكي، مسهبة في الحديث عن إيمانها بالماركسية ودورها في حياة الشعوب المقهورة. ولم يتأخر شاهين في دعوتها لتكون مساعدة له كمخرج إثناء تصوير فيلمه "حدوتة مصرية".

خيرية تتبعت خطى شاهين بكل صغيرة وكبيرة، متحملة التعب والعمل ساعات متواصلة ليل نهار، فضلا عن تحمل مزاجه العصبي الحاد. وفي كل ذلك لم يفتها إبداء الملاحظات الإيجابية، ومناقشته بوعي وحرفية، الأمر الذي عمق ثقته بها، فأوكل اليها مهمة مساعد مخرج في ثلاثة أفلام متتالية كان مخرجها. وقد وصفها أمام زملائه: دي خوخة (اسم الدلع) مساعدتي من العراق، عندها مخ كويس وقارئة جيدة وكمان يسارية".

أفادت خيرية من تجربة العمل معه لتتألق بعملها عند عودتها للعراق، فأخرجت أول فيلم روائي طويل بعنوان (6/6) وآخر بعنوان ( 100/100)، وأول فيلم وثائقي قصير بعنوان “بنت الرافدين" بعدما عرضت السيناريو على شاهين الذي وضع لمساته عليه. فحصد الفيلم اكثر من جائزة، وقال لها شاهين مداعبا " “مش خسارة فيك التعب يا بت"! .

وهكذا واصلت المنصور عملها وأخرجت 42 فيلما وثائقيا داخل العراق وخارجه، إضافة إلى العديد من المسلسلات والسهرات التلفزيونية.

 

قف.. ابنة برايمر المدللة

عبد المنعم الأعسم

صناديق اسرار واموال لا يسمح بالوصول اليها.. هكذا  يسمّون الهيئات المستقلة، الواحد والعشرين، في اشارة الى الصلاحيات الاسطورية التي تتمتع بها، والموازنات المالية المليارية التي تديرها، والسطوات القضائية والامنية والمليشياوية التي تلوّح لها. اما الاستقلال، فهي نفسها لا تتشرف كثيرا بهذه الصفة بعد ان توزعت منذ ما بعد انتخابات العام 2005 على اسياد مجلس الفساد والمحاصصة، وفق اعتبارات اثنية وطائفية، فيما حدثت محاولة فقيرة واحدة مسجلة باسم رئيس حكومة العام 2015 حيدر العبادي الذي فاجأ الجميع بالقول: "ان الهيئات المستقلة يجب ان تخرج من المحاصصة وان تكون مستقلة فعلا" ولم يكتف بذلك بل اعلن في 16 آب من ذلك العام عن فتح باب الترشيح لرئاسة هذه الهيئات من اصحاب الكفاءة والخبرة بعيدا عن تدخل الاحزاب السياسية، وذلك قبل ان تنكفئ المحاولة، وتدور الدوائر، ليجري تكريس محاصصة اكثر بُغضا، ليس فقط في توزيع المناصب الرئيسية والقيادية بل وفي سياقات تعيين الموظفين وحتى الشغيلة، والاخطر، في عسكرة الاجراءات والتعبئة والعقوبات، ومن ثم لم تنفع جميع المحاولات التي اتجهت الى تلطيف سمعة وهيكلية وخطيئة إبنة برايمر المدللة كما وصفت آنذاك.. والصفة تتبع الموصوف دائما.

*قالوا:

"لقي المنصور فقيها في الطواف، والفقيه لا يعرفه، فأمسكه من يديه، وقال: أتعرفني؟

 قال: لا أعرفك..ولكن قبضتك قبضة جبار".

من كتاب "الامامة والسياسة"

 

زيارة الأديبين سليمان البكري وعباس الويس

بعقوبة – طريق الشعب

زار وفد من مختصة العمل الثقافي المركزية في الحزب الشيوعي العراقي، يرافقه عدد من أعضاء اتحاد الأدباء والكتاب في ديالى، أول أمس الثلاثاء، كلا من الكاتب والناقد الكبير سليمان البكري في قضاء المقدادية، والقاص والأديب عباس الويس في بعقوبة، وذلك في إطار جولة ثقافية للتواصل مع رموز الأدب والإبداع في ديالى.

واستقبل البكري الزائرين بحفاوة. فيما تبادل معهم الحديث عن مسيرته الإبداعية وأبرز أعماله الأدبية، فضلا عن علاقاته الواسعة في الوسط الثقافي. وقد عبّر الوفد عن تقديره لدوره في إثراء الحركة الأدبية في ديالى والعراق عمومًا.

ثم توجه الوفد إلى الويس في منزله، للاطمئنان على صحته بعد نجاح عملية جراحية خضع لها أخيرا. وقد نقل إليه تحيات الوسط الثقافي وتمنياته له بالشفاء العاجل ودوام العطاء. فيما أعرب هو من جانبه عن امتنانه على الزيارة، مبشرًا بعمل روائي جديد سيصدر خلال الفترة القادمة.

ضم وفد المختصة كلًّا من د. علي مهدي، مفيد الجزائري، د. علي إبراهيم ود. عمران الخياط. ومن أدباء ديالى الشاعر أسامة القيسي رئيس الاتحاد، والقاص كامل التميمي، والناقد د. فاضل التميمي، إضافة إلى السيد محمد الخياط.

مباحثات مع أمريكا لاستعادة الأرشيف اليهودي العراقي

 

متابعة – طريق الشعب

كشفت وزارة الثقافة الاثنين الماضي، عن مباحثات مستمرة بين بغداد وواشنطن بشأن استعادة الأرشيف اليهودي العراقي. وقال وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني في حديث صحفي، أن "هناك لجاناً خاصة مشتركة بين الأجهزة الأمنية ووزارتي الثقافة والخارجية وتنسيقاً مباشراً مع السفارة الأمريكية في بغداد، من أجل إعادة الأرشيف اليهودي إلى العراق".

وكانت قوة أمريكية من وحدة "ألفا" مكونة من 26 جندياً، قد عثرت عن طريق الصدفة في العام 2003، على نحو 200 صندوق داخل قبو للمخابرات العراقية. وذلك أثناء تمشيط القبو بحثاً عن أدلة تشير إلى امتلاك النظام السابق أسلحة دمار شامل. وكان الأرشيف من بين ما عُثر عليه في الصناديق. ويضم الأرشيف عدداً كبيراً من الصور والمستندات والوثائق الخاصة بيهود العراق وتاريخهم. كذلك نسخاً من التوراة ومؤلفات نادرة يعود أقدمها إلى القرن السادس عشر.

ومن ضمن ما عثر عليه أيضاً، كتاب توراة باللغة العبرية يعود إلى 400 سنة مضت، وكتاب تلمود عمره 200 سنة، وغيرهما.