ص1
قوى المحاصصة والفساد منشغلة بالسباق الانتخابي
صمت حكومي مريب إزاء الانتهاك العسكري التركي لسيادة البلد
بغداد ـ علي شغاتي
لم تُكلِّف قوى المحاصصة والفساد، ولا السلطات الاتحادية او في الاقليم بمختلف مستوياتها، نفسها عناء التعليق على قرار البرلمان التركي القاضي بتمديد بقاء القوات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية. والمفارقة اللافتة أن حزب الشعوب الديمقراطي التركي كان الطرف الوحيد الذي أبدى اعتراضًا واضحًا على هذا القرار، في وقتٍ لزمت فيه مؤسسات الدولة العراقية الصمتٍ المطبق، منشغلةً بالحملات الانتخابية وبصراعاتها الداخلية، دون أن تنبس ببنت شفة تجاه الانتهاك التركي المستمر للسيادة الوطنية.
سياسات عدائية
ويكشف هذا الموقف الفاضح عن عجز رسمي مقلق إزاء الأطماع المتجددة لحكومة حزب العدالة والتنمية، التي تحاول أن تُظهر نفسها كـ"صديقٍ للعراق"، فيما تمارس على الأرض سياسات عدائية واضحة، بدءًا من قطع المياه عن البلاد، وصولًا إلى التدخل السافر في الشأن العراقي الداخلي.
ورغم قرار حزب العمال الكردستاني بحل الأطر التنظيمية للحزب ونزع سلاحه، صادق البرلمان التركي، يوم الثلاثاء الماضي، على تمديد الوجود العسكري التركي في العراق وسوريا ولبنان (الاخير ضمن قوات اليونيفيل) لمدة ثلاث سنوات إضافية. جاء ذلك خلال جلسة للجمعية العامة للبرلمان التركي خُصصت لمناقشة المذكرة الرئاسية بشأن تمديد فترة إرسال القوات العسكرية التركية في كل من العراق وسوريا، حيث وافق البرلمان على تمديدها ثلاثة أعوام اعتبارًا من 30 تشرين الأول الجاري.
وأشارت المذكرة الرئاسية التي تحمل توقيع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إلى أن “التهديد الإرهابي المستمر في المناطق المتاخمة للحدود البرية الجنوبية لتركيا، وعدم إرساء الاستقرار الدائم، لا يزالان يشكلان مخاطر وتهديدات للأمن القومي التركي”.
اعتراض تركي
المفارقة الكبرى تمثلت في صمت السلطات العراقية الاتحادية وفي الاقليم، عن إبداء موقف واضح من هذا القرار، في وقتٍ استبق فيه حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب التركي تصويت البرلمان بإعلانه رفض مقترحات الرئاسة التركية المتعلقة بتمديد مهام القوات في العراق وسوريا لمدة ثلاث سنوات إضافية.
وقالت نائبة رئيس المجموعة النيابية في الحزب، غولستان كيليتش كوتشيغيت، إن الحزب صوّت بـ"لا" على المقترحات المتعلقة بالعراق وسوريا ولبنان، مشيرة إلى أن هذه المقترحات تتناقض مع عملية الحل الديمقراطي التي تسعى تركيا إلى إجرائها داخليًا.
وأضافت كوتشيغيت أن تركيا تنتهج سياسة بعيدة عن تلبية احتياجات الشعوب، موضحة ان "هناك عملية جارية في تركيا، وقد تم تجاوز عتبة حاسمة فيما يتعلق بالحل الديمقراطي للقضية الكردية، ومع ذلك هناك تباين بين المقترحات المقدمة إلى المجلس وهذه العملية".
وتساءلت النائبة عن مصطلح "احتياجات النظام السوري" الوارد في المقترحات، مؤكدة أن ما يهم حزبها هو مطالب الشعوب وبناء سوريا ديمقراطية وموحدة، مشددة على أن "هذه المقترحات لن تساهم في تحقيق السلام الإقليمي".
صمت رسمي
وصباح امس، حاول مراسلو "طريق الشعب" التواصل مع المتحدث باسم الحكومة العراقية وكذلك استبيان موقف وزارة الخارجية، فضلًا عن أعضاء لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية في مجلس النواب، إلا أن أياً من هؤلاء لم يرد على اتصالات أو استفسارات الجريدة.
واكتفى نائب رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء تحسين الخفاجي بالقول إن وزارة الدفاع غير مخولة بالتصريح حول الموضوع لأنه سياسي الطابع ويقع ضمن اختصاص وزارة الخارجية.
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب محمد عنوز أن ملف السيادة العراقية يجب أن يُعالج بطريقة شفافة، مشددًا على أن حدود البلاد لا يجوز أن تُستباح من أي قوة أجنبية، سواء كانت تركية أو غيرها، داعياً إلى اتخاذ موقف رسمي واضح من الجهات المختصة إزاء استمرار الوجود العسكري التركي داخل الأراضي العراقية.
وقال عنوز في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “تعزيز ثقة المواطنين بالعملية السياسية واحترام هيبة الدولة يتطلب موقفًا حقيقيًا من الجهات العسكرية والأمنية ومن القائد العام للقوات المسلحة”، متسائلًا: “هل هناك تفاهم رسمي مع الجانب التركي يسمح له باختراق العمق العراقي وتنفيذ ضربات داخل الأراضي العراقية كما حدث في السنوات الماضية، والتي تسببت بسقوط ضحايا من المدنيين والعسكريين في المناطق الكردستانية؟”.
قضية وطنية
وأضاف أن “الصمت الحكومي والسياسي حيال هذه الخروقات يضعف ثقة المواطنين بالدولة، ويجعل من هيبتها موضع تساؤل، لأن الحكومة لم تتخذ حتى الآن مواقف حازمة تجاه التوغلات التركية المتكررة”.
وأوضح النائب عنوز أن "موقف حكومة إقليم كردستان لا يقل أهمية عن الموقف الاتحادي"، مشيرًا إلى أن “التعامل مع هذه القضية يجب أن يكون وطنياً شاملاً، لا أن يُترك ضمن حسابات محلية أو إقليمية”.
وفي ما يتعلق بدور البرلمان، قال عنوز إن “مجلس النواب يعاني من حالة شلل بسبب غياب عدد من النواب، رغم وجود قوانين جاهزة للتصويت”، مضيفًا أن “هذا التعطيل يجعل من الصعوبة الدعوة إلى جلسة خاصة لمناقشة الموقف التركي أو استضافة الحكومة لعرض موقفها أمام ممثلي الشعب”.
وتابع بالقول: “من المفترض أن تضع الحكومة كل المعطيات أمام مجلس النواب والشعب العراقي، لكن واقع الحال لا يعكس وجود فهم حقيقي لطبيعة النظام النيابي ودوره في مراقبة السياسات الخارجية”.
وختم النائب محمد عنوز تصريحه بالتأكيد على أن “استمرار الصمت الرسمي إزاء التمديد التركي يضع علامات استفهام كبيرة حول جدية الدولة في حماية سيادتها، ويُفقد المواطنين الثقة بمؤسساتهم الدستورية وقدرتها على مواجهة التحديات الخارجية التي تمس الأمن الوطني”.
تجاوز خطير
بدوره، أشار الخبير الأمني عدنان الكناني الى أن طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من البرلمان التركي تمديد بقاء القوات التركية في شمال العراق، دون العودة إلى الحكومة العراقية، يمثل تجاوزاً واضحاً على السيادة الوطنية وتجاهلًا متعمّدًا لإرادة الدولة العراقية.
وقال الكناني في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “أردوغان لم يطلب موافقة الحكومة العراقية، بل وجّه طلبه إلى البرلمان التركي مباشرة، وكأن العراق مجرد تابع للقرار التركي، وهذا انتقاص خطير من هيبة الدولة العراقية وسيادتها”.
وأضاف انه “يبدو أن أنقرة تتعامل مع وجودها العسكري في العراق كأمرٍ مفروغٍ منه، وعلى جميع الوطنيين الوقوف موقفاً موحداً لمساءلة الحكومة: ما هو موقفها من هذا التمديد التركي؟”.
وأشار الكناني إلى "ضرورة إعادة النظر في مواقف الحكومات السابقة التي تغاضت عن الخروقات التركية المتكررة"، متسائلًا: “لماذا تم السكوت عن انتهاكات أنقرة؟ ومن هم الذين تواطؤوا أو جاملوا على حساب العراق؟ يجب رفع الكارت الأحمر بوجه كل من تستر على هذه الخروقات”.
وانتقد الكناني الصمت الحكومي والنيابي إزاء التمديد التركي، معتبراً أن “هذا الصمت يعكس غياب الإرادة السياسية الحقيقية للدفاع عن السيادة”، داعياً رئيس الوزراء ووزارة الخارجية إلى اتخاذ مواقف شفافة وواضحة والكشف عن المستور في العلاقات العراقية – التركية.
وأكد الكناني أن "الادعاءات التركية المتعلقة بحزب العمال الكردستاني ليست سوى ذرائع"، مشدداً على أن “التمديد الأخير دليل دامغ على وجود أطماع تركية داخل الأراضي العراقية، لا علاقة لها بالحجج الأمنية المعلنة”.
وكشف الكناني أن "تركيا تمتلك وجوداً استخبارياً وعسكرياً عميقاً داخل الأراضي العراقية منذ سنوات"، موضحاً أن “أنقرة أنشأت عام 2016 محطة استخبارية في منطقة بعشيقة بعمق أكثر من 220 كيلومترًا داخل العراق، إضافة إلى محطات أخرى في كركوك”.
وأضاف أن “تركيا عملت كذلك على كسب بعض العراقيين ومنحهم الجنسية التركية، في إطار مشروع توسعي يهدف إلى إحياء ما تسميه ولاية الموصل والعودة إلى ما قبل اتفاقية لوزان لعام 1923”.
وبيّن الكناني أن "القيادة التركية تسعى لإعادة النفوذ العثماني القديم في المنطقة بالتنسيق مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، بعد أن قدمت أنقرة تنازلات سياسية كبيرة في سبيل الحصول على دعم يعزز مشروعها التوسعي".
وختم الكناني بالقول: “ما يجري اليوم ليس صدفة، وإنما هو جزء من مشروع واسع لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، تمهيدًا لتقسيم المنطقة تحت ذرائع زائفة، وهو مشروع يهدد الأمن القومي العراقي والاقليمي على حد سواء”.
إلى أنظار مفوضية الانتخابات
امامكم وأمامنا جميعا تتكرر حالات استغلال العديد من المسؤولين مواقعهم الوظيفية في الدولة، للدعاية الانتخابية لاشخاصهم ولقوائمهم وكتلهم. وذلك ما لم تسلم منه حتى الفضاءات التابعة لمؤسسات الدولة، في مخالفة صريحة وواضحة لتعليمات المفوضية ذاتها.
ولعل أحدث مثال على ذلك، ما جرى من تحشيد للطلبة تحت حجة لقاء مسؤول في المؤسسة الحكومية التي يتبعونها، ليجدوا انفسهم في النهاية محشورين في تجمع لإحدى الكتل المنخرطة في الانتخابات. الأمر الذي يشكل مظهرا صارخا لاستغلال الدولة ومناصبها ومواقعها.
البعض الآخر يتابع الفعاليات والنشاطات في الاماكن العامة، التي يفترض اما غلقها بوجه الجميع او فتحها للكل. ثم اننا ومع تصاعد الحمى الانتخابية والدعاية والترويج للمرشحين والكتل، نلاحظ كثرة الضرب "تحت الحزام"! وهذا يستدعي اتخاذ مواقف حازمة وجريئة من طرف مفوضية الانتخابات في تطبيق تعليماتها، ويتطلب الحرص على ان تكون سارية على الجميع، من دون انتقائية أو مراعاة لهذا الموقع او ذاك، بسبب موقعه الوظيفي او الديني او الاجتماعي.
لابد في كل الأحوال من قدر معقول من تكافؤ الفرص للمرشحين، من الكتل والتوجهات كافة وفي محافظات الوطن جميعا.
رائد فهمي: نحتاج إلى موقف وطني موحد
رافض للتوجه العدواني التركي الجديد
في إجراء يثير التساؤل والاستغراب صادق البرلمان التركي على "تمديد فترة إرسال القوات التركية لإجراء عمليات عسكرية لملاحقة الإرهابيين لمدة ثلاث أعوام اعتبارا من ٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٥".
يأتي هذا الإجراء على الرغم من الرفض المتكرر للوجود التركي العسكري على أراضينا، والمطالبة بتصفية قواعدها في المنطقة، والكف عن التدخل في شؤون العراق الداخلية
والغريب ان هذا التمديد، يأتي بعد الإعلان عن التوجه من القوى الكردستانية في تركيا الى التفاوض ونبذ العنف وبدء عملية سلام حقيقية فيها.
وهذا الإجراء التركي الذي يعد انتهاكا سافرا لأراضي الإقليم وعموم العراق، ومصادرة للأعراف والقوانين الدولية، يأتي في وقت تواصل فيه تركيا إجراءاتها وحيدة الجانب للحؤول دون ان يحصل العراق على حصته العادلة في مياه نهري دجلة والفرات.
وإذ ندين هذا التوجه العدواني التركي الجديد، نطالب حكومتي العراق والإقليم بالخروج عن صمتهما والإعلان ليس عن الموقف الذي تعودنا ان نسمعه منهما في مثل هذه الحالات وحسب، بل الإفصاح عن الإجراءات المتخذة فعلا لوقف هذا التمادي التركي والتمدد داخل أراضينا.
من جديد نؤكد موقفنا الثابت والرافض للتدخلات الخارجية، من أية جهة جاءت في شؤون وطننا، ولأي مساس بسيادة بلدنا وقراره الوطني المستقل.
رائد فهمي
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
٢٢-١٠-٢٠٢٥
ص2
تفكيك 163 شبكة إجرامية متهمة بالاتجار بالبشر وبالاستغلال الجنسي والتهريب والتسول
بغداد - طريق الشعب
أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية، عباس البهادلي، امس الأربعاء، أن مفارز مديرية مكافحة الاتجار بالبشر في وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية تمكنت منذ الأول من كانون الثاني 2025 ولغاية الخامس عشر من تشرين الأول الحالي من تفكيك عشرات الشبكات الإجرامية في مختلف محافظات العراق.
وأوضح البهادلي في بيان أن المديرية نجحت في تفكيك 96 شبكة استغلال جنسي، و14 شبكة للاتجار بالبشر، و21 شبكة لتهريب العمالة الأجنبية والمهاجرين، و16 شبكة لبيع الأطفال، و16 شبكة للتسول.
وأضاف أن عدد الموقوفين بتهمة السحر والشعوذة بلغ 153 متهماً، مشيراً إلى أن المديرية تواصل جهودها في مجالات متعددة لتعزيز الأمن والاستقرار، ودعم الإجراءات الرامية إلى حفظ وصون كرامة الإنسان في العراق.
هكذا يسرقون شعار لويس الرابع عشر
جاسم الحلفي
صرخ لويس الرابع عشر في القرن السابع عشر في وجه وزرائه قائلاً: "أنا الدولة."
كانت العبارة حينها إعلاناً ملكياً عن سلطةٍ مطلقة لا ينازعه فيها أحد، لكنها رغم طغيانها، بقيت جزءاً من زمنها، زمن الملوك الذين ظنّوا أن الله منحهم مفاتيح الأرض والبشر.
اليوم، وبعد ثلاثة قرون من تطوّر الفكر السياسي، يخرج علينا من يسرق الشعار ذاته ويقدّمه بثوبٍ جديد، انتخابي: "نحن الدولة."
الدولة، في جوهرها، ليست شعاراً انتخابياً ولا لافتة تزيّن بها القوائم حملاتها، بل هي فكرة كبرى في تاريخ الاجتماع البشري، ثمرةُ توازنٍ معقّد بين السلطة والمجتمع، بين القوة والحق، بين القانون والإرادة الشعبية.
وُضعت للدولة معانٍ تتجاوز حدود الأشخاص والمؤسسات عبر قرون من الفكر السياسي، من أرسطو حتى ماكس فيبر. فهي الإطار الذي يُنظّم الحياة المشتركة، ويحتكر العنف المشروع، ويضمن الأمن والعدالة والمواطنة. الدولة هي الباقية حين تتبدّل الحكومات، والتي يفترض أن تكون فوق الجميع، لا أن تُختصر في أحد.
من هذا المنظور، حين ترفع قائمة انتخابية شعار "نحن الدولة"، فهي ترتكب خطيئتين:
الأولى فكرية، لأنها تجهل أن الدولة كيانٌ قانوني ومؤسسي لا يُختزل في حزب أو تيار أو مجموعة أشخاص.
والثانية أخلاقية، لأنها تصادر حق الناس في أن يكونوا هم الدولة، أي أصحاب السيادة ومصدر الشرعية.
الدولة الحديثة، كما تُدرّس في أبسط كتب القانون الدستوري، تقوم على ثلاثة أركان: شعبٌ، وإقليمٌ، وسلطةٌ سياسية. ويضيف بعض المفكرين عنصراً رابعاً هو السيادة، أي قدرة الدولة على اتخاذ القرار الحر داخل حدودها دون تبعية. فكيف يمكن لقائمة، مهما بلغ نفوذها، أن تختصر هذه العناصر الأربعة في نفسها؟ هل هي الشعب كله؟ أم الأرض كلها؟ أم السلطة بكل مؤسساتها؟
شعار "نحن الدولة" يكشف عن ذهنيةٍ استحواذية، ترى السلطة ميراثاً لا تكليفاً، وترى المواطن تابعاً لا شريكاً. منطقٌ يختزل الدولة في جماعة، ثم الجماعة في زعيم، ثم الزعيم في ظلٍّ يظنّ نفسه قدر البلاد.
وهذا بالضبط ما حاربت ضده كلّ الثورات الحديثة، من الثورة الفرنسية إلى انتفاضات الشعوب التي بنت دولاً ديمقراطية، على وفق فكرة أن الدولة ليست ملكاً لأحد، بل هي عقدٌ اجتماعي بين الناس، مؤسَّس على المساواة والحقوق، لا على الولاءات والانتماءات الضيّقة.
من يقول "نحن الدولة" يعلن ضمناً نهاية المواطنة، لأن المواطن في هذه المعادلة يصبح تابعاً للدولة لا شريكاً فيها. ومن هنا، يتحوّل الشعار من دعايةٍ انتخابية إلى وعد بالاستبداد، مغلَّفٍ بلغةٍ انتخابيةٍ ناعمة. لكن الدولة الحقيقية لا تُختصر في أحد، بل تُبنى بتوازنٍ دقيق بين السلطات، بسيادة القانون، وباحترام إرادة الناس.
لويس الرابع عشر قالها وهو يؤسّس إمبراطورية، وهؤلاء يكرّرونها وهم يطلقون دعايةً انتخابية. وشتّان بين ملكٍ يحكم أوروبا، وقائمةٍ تبحث عن مقعد برلماني.
أخيرا .. يجدر بمن يرفع شعار "نحن الدولة" أن يضيف تحته: "ونحن أيضاً سبب خرابها."
احتجاجات في البصرة والنجف تطالب بفرص عمل وبتنفيذ {التدرج الطبي}
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظتا البصرة والنجف موجة جديدة من الاحتجاجات العمالية والمهنية، إذ نظم العاملون في مشروع FCC وقفة للمطالبة بتثبيتهم وتوفير فرص عمل بعد سنوات من الخدمة، فيما خرج أطباء الأسنان في النجف بتظاهرة غاضبة احتجاجاً على تأخر التعيينات وعدم تنفيذ قانون التدرج الطبي. وتأتي هذه التحركات وسط تصاعد الاستياء من سياسات التوظيف الحكومية واستمرار تعطيل القوانين التي تضمن حقوق العاملين والخريجين في مختلف القطاعات.
تظاهرة للعمال
ونظم عدد من العاملين في مشروع FCC وقفة احتجاجية للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم بعد أن عملوا في المشروع على مدى السنوات الماضية.
وقال المحتجون خلال الوقفة التي نظموها في الشارع المؤدي إلى شركة مصافي الجنوب في الشعيبة بقضاء الزبير، إن المشروع قد اكتمل بنسبة تتراوح بين 99 و100%، ومن المقرر أن يتم افتتاحه يوم السبت المقبل من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأكد المحتجون أن المشروع يحتاج إلى نحو ثمانية آلاف درجة وظيفية، وأنهم الأجدر بالحصول على هذه الوظائف نظرًا لما يمتلكونه من اختصاصات وخبرات طويلة في العمل بالمشروع. وأشاروا إلى أنهم تحملوا الظلم طوال فترة العمل، بما يشمل الرواتب القليلة وظروف العمل القاسية، مؤكدين أنهم يتظاهرون منذ نحو عشرة أشهر دون أي استجابة لمطالبهم، وهو ما دفعهم إلى تنظيم هذه الوقفة الجديدة للمطالبة بحقوقهم المشروعة في الحصول على الوظائف المتاحة.
أطباء الاسنان يحتجون
وفي سياق متصل، تظاهر العشرات من أطباء الأسنان في محافظة النجف أمام بوابة المركز التخصصي لطب الأسنان في حي السعد وسط المدينة، احتجاجاً على تأخر تعيين خريجي الكوادر الصحية والطبية.
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها شعارات تحذر من إضراب عام، أبرزها "إضراب يزلزل عروشكم"، مؤكدين أنهم لن يسكتوا عن حقوقهم المشروعة.
ويأتي هذا الاحتجاج على خلفية عدم تنفيذ قانون رقم 6 لسنة 2000 الخاص بالتدرج الطبي والتعيين المركزي، حيث بلغ عدد الخريجين غير المعينين أكثر من 20 ألف خريج من ثلاث دفعات.
وأوضح نقيب أطباء الأسنان في النجف، سلام الأعرجي، أن قلة المراكز التخصصية مقارنة بعدد السكان خلقت عبئاً كبيراً على الخريجين، مشيراً إلى أن المحافظة التي يزيد عدد سكانها على مليوني نسمة لا تحتوي إلا على مركزين تخصصيين، بينما الحاجة الفعلية تتطلب نحو ثمانية مراكز.
وأضاف الأعرجي، "اليوم وقفة وبعدها سنبدأ الإضراب. كل 400 ألف نسمة بحاجة إلى مركز تخصصي، بينما نجد فقط مركزين في النجف، ما خلق عبئاً على الخريجين". وأكد أن غياب التنسيق بين وزارات الصحة والتعليم والتخطيط أدى إلى استيعاب بعض الكليات لطلاب خارج الضوابط، مع تجزئة تطبيق القانون كما حصل مع دفعة 2023.
وحذّر نقيب أطباء الأسنان من أن الإضراب قد يتصاعد ليشمل القطاعين العام والخاص، إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم، مشدداً على أن الأطباء مصممون على متابعة حقوقهم ومحاسبة الجهات المسؤولة عن التأخير.
وبينما تتواصل احتجاجات العاملين في المشاريع النفطية من جهة، واعتصامات الكوادر الصحية والطبية من جهة أخرى، تتزايد الدعوات الشعبية والنقابية للحكومة إلى إيجاد حلول عاجلة لأزمة التوظيف وتفعيل القوانين المعطلة التي تضمن حقوق العاملين والخريجين على حد سواء.
نقابة عمال المنصات الإلكترونية:
ردّاً على بيان رئاسة الوزراء بشأن تأسيس نقابة لعمال التوصيل
بغداد ـ طريق الشعب
أصدرت النقابة العامة لعمال المنصات الإلكترونية في اتحاد نقابات عمال العراق بياناً توضيحياً، ردّاً على ما ورد في بيان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني حول تأسيس نقابة عامة لعمال التوصيل.
وجاء في البيان أن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء كان قد أشار إلى متابعة رئيس مجلس الوزراء لملفات تنظيم سوق العمل وحماية العاملين في القطاعات الخدمية العامة والخاصة، مبيناً أن اللجنة المشكلة بموجب الأمر الديواني رقم (251296) بتاريخ 21 أيلول 2025 رفعت توصياتها المتضمنة 15 إجراءً تنفيذياً شملت الجوانب التنظيمية والقانونية والاجتماعية والأمنية، من بينها تأسيس نقابة عامة لعمال التوصيل وفق أحكام قانون التنظيم النقابي رقم (52 لسنة 1987)، بالتنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لتكون الممثل الرسمي لهذه الشريحة.
وأكدت النقابة في بيانها أنها تثمّن اهتمام رئيس الوزراء بهذه الفئة العمالية الواسعة التي ظلت تعمل خارج أي حماية قانونية أو اجتماعية، معتبرة أن ذلك يمثل خطوة إيجابية نحو الاعتراف بحقوق العاملين في قطاع الخدمات الحديثة.
إلا أن النقابة أعربت في الوقت ذاته عن أسفها لاعتماد الحكومة على قانون التنظيم النقابي رقم (52 لسنة 1987) الذي وصفته بأنه قانون يقيّد الحريات النقابية ولا ينسجم مع المادة (22/ثالثاً) من الدستور العراقي لعام 2005، ولا مع اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي رقم (87) لسنة 1948 التي صادق عليها العراق بموجب القانون رقم (87) لسنة 2017.
وأشار البيان إلى أن هذا القانون قد تعرّض لانتقادات متكررة من لجنة المعايير الدولية ومنظمة العمل الدولية، لكونه لا ينسجم مع معايير العمل الدولية، ولا مع تطلعات الحركة النقابية العراقية في تعزيز حرية التنظيم النقابي وضمان استقلاله.
ودعت النقابة الحكومة إلى أن تعمل على إلغاء القانون رقم (52 لسنة 1987)، والإسراع في إقرار قانون جديد يضمن حرية واستقلال التنظيم النقابي، ويتوافق مع توصيات لجنة الاتصال المباشر في منظمة العمل الدولية، ويتيح للعمال تأسيس منظماتهم بحرية دون تدخل إداري أو سياسي.
كما شددت النقابة على ضرورة قيام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بدورها في تحسين خدماتها وتمكين المنظمات النقابية من أداء مهامها والدفاع عن مصالح منتسبيها بحرية واستقلالية.
وأكد البيان أن تأسيس أي نقابة عامة يجب أن يتم بإرادة العمال أنفسهم ومن خلال نقاباتهم القائمة والمؤسسة وفق القانون والإرادة الحرة، وبما ينسجم مع حقهم المشروع في اختيار من يمثلهم ويدافع عنهم.
وختمت النقابة بيانها بالتأكيد على أن دعم الحركة النقابية العمالية العراقية وتعزيز دورها يتطلب حواراً اجتماعياً جاداً ومسؤولاً بين الشركاء الاجتماعيين – الحكومة وأصحاب العمل والمنظمات النقابية – من أجل حماية حقوق العمال والنهوض ببيئة العمل في العراق.
ص3
خبراء يحذرون: استمرار الإهمال البيئي يحول مساحات واسعة إلى صحراء قاحلة
بغداد – طريق الشعب
يشهد العراق واحدة من أخطر الأزمات البيئية في تاريخه الحديث، إذ تتسع رقعة الأراضي الجرداء وتختفي ملامح الحياة الزراعية في ظلّ تصحرٍ متسارع وشحٍ مائي غير مسبوق. ومع ارتفاع درجات الحرارة وتراجع مناسيب الأنهار، تذبل الحقول ويهاجر الفلاحون من أراضيهم التي كانت يوماً مصدر رزقهم.
وبينما تشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من 60 في المائة من أراضي البلاد خرجت من الخدمة الزراعية، يحذر مختصون من أن استمرار الإهمال وغياب المعالجات الجادة قد يدفع النسبة إلى 70 في المائة خلال العام المقبل، لتتحول مساحات واسعة من العراق إلى صحراء قاحلة تهدد أمنه الغذائي والبيئي.
60 في المائة من مساحة البلاد "متصحرة"
يقول عمر عبد اللطيف من مرصد العراق الأخضر إن "الخطر البيئي تجاوز حدود التحذير وأصبح واقعاً يهدد مستقبل البلاد الزراعي والاقتصادي". ويضيف أن "غياب المعالجات الميدانية وافتقار الخطط الحكومية إلى التنفيذ العملي جعلا الأزمة تتسع يوماً بعد آخر، بينما تتراجع قدرة الأرض على الإنتاج والحياة".
ويؤكد عبد اللطيف في تعليق لـ"طريق الشعب"، أن "الأراضي المتأثرة بالعوامل الصحراوية والصخرية لم تعد صالحة للزراعة، فيما تتوسع البقع الجافة في مختلف المحافظات"، مشيراً إلى أن "آخر إحصائية لوزارة التخطيط أظهرت أن التصحر بلغ 60 في المائة من مساحة البلاد".
وفي مواجهة هذا الواقع المقلق، ترى وزارة الزراعة أن البلاد بحاجة إلى زراعة أكثر من 15 مليار شجرة لإعادة بناء الغطاء النباتي المفقود. وتقول الوزارة إن تحقيق هذا الهدف يمكن أن يُعيد شيئاً من التوازن البيئي والهواء النقي الذي تدهور بفعل التلوث والانبعاثات الصناعية والعوادم.
نقص حاد في الغطاء الخضري!
وتحدث د. جاسم المالكي، عضو المكتب الاستشاري لنقابة المهندسين الزراعيين/ المقر العام، عن الواقع الخضري في محافظة البصرة، قائلا إنها تعاني من نقص حاد في الغطاء النباتي وقلة المساحات الخضراء، نتيجة تفاقم العديد من العوامل التي تراكمت عبر سنوات طويلة.
وأضاف المالكي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "البصرة كانت تُعرف في الماضي بأنها مدينة النخيل، إذ كانت تمتلك واحدة من أكبر غابات النخيل في العالم تمتد على ضفاف الأنهار المتفرعة من شط العرب ونهري دجلة والفرات". وأوضح أن الدراسات تشير إلى أن البصرة كانت تحتضن أكثر من 13 مليون نخلة في سبعينات القرن الماضي، في حين لا يتجاوز عددها اليوم مليونين ونصف المليون نخلة فقط، وهو انخفاض كبير يعكس حجم التدهور البيئي والزراعي في المحافظة.
وتابع قائلاً إن العوامل السياسية والحروب العبثية التي شهدها العراق خلال العقود الماضية كانت من أبرز الأسباب وراء هذا التراجع، إذ خلّفت دمارا في شتى المجالات، ولا سيما القطاع الزراعي.
وأشار إلى أن توسع الشركات النفطية واستحواذها على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المحافظة أسهم في تآكل البيئة الخضراء، فيما جاءت عمليات تجفيف الأهوار لتفاقم المشكلة وتترك أثرا مباشرا على بيئة الجنوب بشكل خاص، والمنطقة عمومًا.
توسع سكاني عشوائي
وبين المالكي أن التوسع السكاني العشوائي أسهم كذلك في تجريف البساتين وتحويلها إلى مناطق سكنية، ما أدى إلى تراجع أعداد الأشجار بشكل كبير، إلى جانب تدهور نوعية المياه الواصلة إلى الأراضي الزراعية، التي أصبحت أكثر ملوحة ورداءة، فتسببت في تدمير التربة وزيادة رقعة التصحر في مناطق متعددة من البصرة.
ووصف المالكي الوضع البيئي في المحافظة بأنه يشهد تغييرا جذريا خطرا، حيث ارتفعت مستويات التلوث إلى معدلات مقلقة تهدد صحة الإنسان والتنوع الحيوي في المنطقة، مبينا أن هناك توجها شعبيا ومؤسسيا نحو زيادة المساحات الخضراء لأغراض بيئية وصحية: "إلا أن الجهود الحالية لا تزال محدودة جداً ولا تتناسب مع حجم الضرر القائم"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الأشجار التي نجحت تقليديا في أجواء البصرة القاسية تشمل النخيل، السدر، اليوكالبتوس، الأثل، الصفصاف، لسان العصفور، كف مريم، والجلفلورا، موضحا أن هذه الأنواع كانت تشكل سابقا مكونات أساسية من المشهد الزراعي.
وأضاف أن حملات التشجير الحديثة أدخلت أنواعًا جديدة من الأشجار مثل الأكاسيا، البونسيانا، الجاكاراندا، ورد الساحل، فرشة البطل، واللوز الهندي، وهي أنواع أظهرت قدرة نسبية على التأقلم مع مناخ البصرة، رغم الصعوبات التي تواجهها خلال أشهر الصيف.
وخلص إلى أن هناك جهودًا ومبادرات تطوعية من قبل ناشطين بيئيين، تسعى لإعادة زراعة بعض الأشجار القديمة التي اندثرت على مرّ السنوات، واصفا هذه المبادرات بأنها "عمل عظيم يسهم في إحياء تراث بصري أخضر كاد أن يُمحى بالكامل".
الزراعة في ميسان "خسارة"
وفي محافظة ميسان يشكو مزارعوها من تدهور الواقع الزراعي، نتيجة لشح المياه وارتفاع أسعار الأسمدة، ما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي وتحوّل مساحات واسعة من الأراضي إلى أراضٍ جرداء غير صالحة للزراعة.
وقال الفلاح عباس الأهواري في حديث لـ"طريق الشعب"، إن "ارتفاع أسعار الخضروات في الأسواق يعود إلى قلة الزراعة، والسبب في ذلك هو شح المياه وارتفاع أسعار الأسمدة".
وأضاف ان "أرضنا تحتاج إلى السماد مثل اليوريا وإذا لم تُشبَع الأرض بهذه المواد فلن تنتج، ما يجعل الزراعة خسارة على الفلاح"، موضحا أن أسعار الأسمدة ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، قائلاً: "كنا نشتري السماد سابقاً ٦٠ ألف دينار، أما اليوم فصار بأكثر من ٢٠٠ ألف، أي أربعة أضعاف، وهذا يجعل الفلاح عاجزاً عن الزراعة".
وأشار إلى أن "شح المياه يزيد من معاناة الفلاحين، فالكثير يزرع ثم ينقطع الماء قبل نضوج المحصول، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة"، مؤكداً أن "غياب الدعم الحكومي فاقم الأزمة".
وبين الأهوازي أن "الحكومة كانت في السابق توفر السماد ضمن خطط زراعية وبأسعار رمزية، إذ كان الفلاح يتسلم كميته حسب مساحة الأرض، أما اليوم فالكميات محدودة والأسعار مرتفعة"، مضيفاً أن "الفلاحين يعتمدون على أنفسهم دون قروض أو دعم، فيما يبيع التجار الأسمدة بأسعار تفوق قدرة المزارع على الشراء".
ولفت إلى أن "كثيراً من المزارعين تركوا أراضيهم بسبب الخسائر المتكررة"، موضحاً أن "الدورات الزراعية انخفضت بشكل كبير، وأصبحت الزراعة اليوم عملا غير مجد اقتصادياً".
وتابع أن "شح المياه الناتج عن انخفاض مناسيب الأنهار والتغيرات المناخية، إضافةً إلى ارتفاع تكاليف الزراعة، تسبب في تراجع المساحات المزروعة في جنوب العراق، إلى أقل من النصف خلال السنوات الأخير".
وطالب الأهواري الجهات المعنية بوضع خطط طارئة لدعم الفلاحين، وتوفير الأسمدة بأسعار مناسبة، وإعادة تأهيل شبكات الري، فضلاً عن مشاريع لمعالجة شح المياه، للحفاظ على ما تبقى من الأراضي الزراعية ومنع تفاقم التصحر.
أزمة المياه "قضية وجود"
من جهته، قال الخبير الزراعي تحسين الموسوي أن "أزمة المياه في العراق ليست مجرد مشكلة زراعية، بل قضية وجودية تتعلق بالحياة نفسها"، مؤكداً أن البلاد تواجه موتاً تدريجياً في بعض المناطق نتيجة فقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وارتفاع معدلات التصحر والتلوث البيئي.
وأضاف الموسوي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن أكثر المحافظات تضرراً من الأزمة تمتد من أسفل بغداد وصولاً إلى الجنوب، وتشمل محافظات البصرة وميسان وذي قار والسماوة والديوانية، مؤكدا أن تأثير الجفاف بدأ يمتد تدريجيا حتى المناطق القريبة من بغداد".
وفي حديثه عن السياسات المائية الداخلية، وصف الموسوي النهج العراقي بأنه "قديم وخاطئ"، موضحاً أن العراق يستهلك كميات كبيرة من المياه دون وجود ثقافة رشيدة في استخدامها.
وتابع أن البلاد تفتقر إلى منظومات حديثة للري مثل الري بالتنقيط والرش، كما لا يتم استثمار مياه الصرف الصحي أو مياه البزل بعد معالجتها لأغراض الزراعة، على غرار ما تقوم به الدول التي تعاني شحًّا مائيًا.
كما انتقد غياب مشاريع تحلية المياه وضعف تطبيق القوانين التي تنظم الاستخدام ومنع التجاوزات، مشيرا إلى أن هذه العوامل جميعها ساهمت في تفاقم الأزمة.
وأكد الموسوي أن العراق اليوم دخل ضمن تصنيف "الإجهاد المائي" العالمي لعام 2023، وهو ما يعني أن البلاد تستهلك أكثر مما يصلها من إيرادات مائية، ما يشكل "مؤشرا خطرا عاليا جداً".
وختم الموسوي بالقول إن حل الأزمة يتطلب إرادة وطنية حقيقية وتعاونا بين جميع الجهات، من المواطن الى المزارع والفلاح وصولا الى أعلى مستويات السلطة، إضافة إلى تدخل المنظمات الدولية واستخدام نقاط القوة في المفاوضات مع دول المنبع.
عين على الأحداث
حسابات فص كلاص!
كشف محافظ البنك المركزي عن ارتفاع الديون الداخلية والخارجية للعراق إلى حوالي 150 مليار دولار، منها 54 مليار دولار ديون خارجية. ويأتي هذا التدهور نتيجة عجز الإيرادات النفطية عن تغطية النفقات التشغيلية، التي تجاوزت 11.5 تريليون دينار شهريًا. وفيما تواصل الحكومة سياستها المالية غير المنضبطة، مدعومة بغياب جداول الموازنة والحسابات الختامية، يحذّر المختصون من مخاطر جدية تهدد مستقبل البلاد والمستوى المعيشي للمواطنين، في حال استمرت سياسة الإنفاق المنفلتة، بالتزامن مع تدهور الإنتاج الوطني، وبلوغ نسبة العجز إلى الناتج الإجمالي 68 في المائة، وبلوغ خدمة الدين أكثر من 40 تريليون دينار سنويًا.
وزارة اللاصناعة!
واصلت وزارة الصناعة سياساتها في بيع وخصخصة عددٍ من الشركات الحكومية، كمعامل الصناعات الجلدية والصوفية والقطنية، والشركة العامة للصناعات البتروكيمياوية، وشركة ابن ماجد العامة وغيرها، مع إحالة موظفيها إلى التقاعد الإجباري، بذريعة كونها شركات خاسرة. وتأتي هذه الإجراءات، التي دمّرت ما يزيد عن نصف مصانع الدولة حتى اليوم، استكمالًا لسنوات من سوء الإدارة، وفوضى التخطيط، والفساد، وذلك بهدف تصفية القطاع العام وبيعه كخردة، والقضاء على الإنتاج الصناعي كمُساهم في الدخل القومي، وبالتالي إبقاء البلاد سوقًا مفتوحة للاستيراد غير المحدود، في ظل اقتصاد ريعي ضعيف ومهدد بالانهيار، وشغيلة تُدفع قسرًا إلى براثن الفقر والتهميش.
كان غيركم أشطر!
كشف تقرير الشفافية السنوي لشركة "ميتا"، المالكة لمنصة "فيسبوك"، عن حملة تقييد ممنهجة تمارسها السلطات العراقية لحجب حسابات ومنشورات لناشطين وإعلاميين، مهدِّدة بتعريض الشركة لخسائر اقتصادية إذا ما رفضت إسكات الأصوات التي توجّه انتقادات للأحزاب السياسية أو للمسؤولين في الدولة. وأكدت الشركة أنها قامت بتقييد الوصول إلى منشورين فقط داخل الأراضي العراقية، امتثالًا للقانون المحلي، رغم عدم مخالفتهما لأي من المعايير العالمية. هذا ويعّد الكثير من المواطنين هذه الإجراءات تضييقًا ممنهجًا على الفضاء الرقمي وتكميمًا واضحًا للأصوات المعارضة، في انتهاك صارخ للدستور، مشيرين إلى أنها ستؤول إلى الفشل، كما حدث في عهود سابقة.
نتيجة متوقعة
كشف مرصد متخصص بشؤون المياه والبيئة عن انخفاض منسوب المخزون المائي من 8 إلى 4 في المائة من إجمالي الخزين الكلي، ما ينذر بأزمة مياه شرب قد تمتد من المحافظات الجنوبية إلى العاصمة، وذلك بسبب الجفاف والانخفاض الحاد في الإطلاقات المائية من تركيا. وتشير الأنباء إلى أن طلب بغداد زيادة هذه الإطلاقات خلال شهري الخريف بمقدار ملياري متر مكعب لإنقاذ الوضع، قد قوبل برفض أنقرة، التي تسعى إلى انتزاع أقصى ما يمكن من امتيازات في ملفات المشاريع الاستثمارية وتجديد عقد أنبوب النفط، على أمل أن نغض الطرف عن انتهاكاتها لسيادتنا الوطنية.
الناس تمشي گدام..
وفق مؤشر "هينلي" لجوازات السفر لعام 2025، صُنّف الجواز العراقي في المرتبة الثالثة قبل الأخيرة، وذلك بسبب قلة عدد الدول التي يتمكن حامله من دخولها دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة. وفيما لم يتفوق هذا الجواز سوى على جوازي أفغانستان وسوريا، كشفت بيانات حصرية من هيئة النقل الجوي الدولي عن سماح 29 دولة فقط للعراقيين بدخول أراضيها من دون تأشيرة. الناس الذين يؤلمهم تصنيف كل شيء في بلادهم — مهد الحضارة والغنية بالثروات — في مراتب متدنية، يُحمّلون منظومة المحاصصة والفساد، المُهيمنة على حكم البلاد منذ عقدين، مسؤولية هذا الواقع المُرّ، مُدركين أن لا حلّ سوى بالتغيير الشامل.
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
الفساد والعنف قبل الانتخابات البرلمانية
حول التحضيرات المتواصلة لإجراء الانتخابات التشريعية، نشر موقع (المنطقة الجديدة) الناطق بالإنجليزية تقريرًا تطرّق فيه إلى البيان الذي أصدره تحالف من أبرز شبكات مراقبة الانتخابات في البلاد، والذي يضم شبكة شمس، ومنظمة تموز، وشبكة عين، وشبكة جاف، والمعهد الكردي للانتخابات، وتحالف الأقليات العراقية، وبعثة نوراقب، وحذر فيه من تزايد الفساد، والترهيب، وخطاب الكراهية خلال فترة الحملة الانتخابية.
وذكر التقرير أن تحالف الشبكات، واستنادًا إلى 309 نماذج مراقبة، وجد أن ما يقرب من 41 في المائة من الانتهاكات شملت إتلاف مواد الحملة، تلتها حالات استغلال الأماكن العامة، والحملات الانتخابية المبكرة، مع وجود أدلة قد تشير إلى إمكانية تحوّل المنافسة السياسية بشكل متزايد إلى العنف، والفساد، والاستقطاب.
تحديات معقّدة
وذكر الموقع أن التحالف أفاد في بيانه بأن عدالة الانتخابات ونزاهتها تواجهان تحديات تتراوح بين الانتهاكات الجسدية، والممارسات المضلّلة، وخطاب الكراهية الذي يهدد السلم الاجتماعي، في وقت أصبح فيه الفضاء الرقمي الساحة الرئيسية للصراع السياسي، لا سيّما في نشر المحتوى التشهيري والتحريض بين الكتل المتنافسة.
وصنّفت الشبكة الانتهاكات إلى ثلاث فئات، خطيرة وهي التي تُهدّد حياة الناس ونزاهة التصويت، وعالية الخطورة وهي التي تُقوّض المساواة وحياد الدولة، ومتوسطة الخطورة وهي التي تشير إلى وجود مخالفات إجرائية أو إدارية.
وتمثلت الانتهاكات المتوسطة الخطورة بأعمال التخريب وإتلاف مواد الحملة الانتخابية، حيث سُجّلت 126 حالة، أي ما نسبته 40.8 في المائة من إجمالي الحالات، وعمليات استغلال الأماكن العامة كالطرق والحدائق وأعمدة الكهرباء في 85 حالة (27.5 في المائة)، والحملات الانتخابية المبكرة قبل الموعد الرسمي في 48 حالة (15.5 في المائة).
كما وُثّق استخدام ممتلكات الدولة، بما في ذلك المباني الحكومية والمدارس والمركبات، في 27 حالة (8.7 في المائة)، وصُنّفت على أنها شديدة الخطورة. وظهرت حالات إعاقة الرؤية ومخاطر السلامة في 24 حالة، وهي انتهاكات شديدة الخطورة لتأثيرها على السلامة العامة.
وحسب الموقع، فقد رصد التحالف 13 انتهاكًا خطيرًا إلى عالي الخطورة، أي ما نسبته 11في المائة، شملت استغلال المشاعر الدينية والرموز المقدسة، واستغلال الفئات الضعيفة بمن فيهم ذوو الإعاقة والفقراء، إضافة إلى التحريض على العنف، والتهديدات الصريحة، والتحريض الأمني، والتشهير، ونشر المعلومات المضلّلة والكاذبة.
الانتهاكات حسب المحافظة
وأشار تقرير الموقع إلى أن هذه الانتهاكات حدثت في جميع المحافظات العراقية، حيث وُثقت 53 حالة في نينوى، شملت إزالة ممنهجة للملصقات، واستغلال المواقع العامة والدينية، و37 حالة في أربيل ركزت على خطاب الكراهية وإساءة استخدام الموارد العامة، تلتها السليمانية بـ 36 حالة، غلب عليها التخريب وحملات الكراهية الموجهة، و33 حالة في كركوك شملت شراء أصوات مقابل وظائف وهجمات مسلحة على مرشحين.
وفي ديالى، تم توثيق 28 حالة، معظمها تتعلق بملصقات كبيرة غير مرخصة وحملات انتخابية مبكرة. كما تم تسجيل 14 حالة تخريب وإساءة استخدام المركبات الحكومية وشراء الأصوات في ميسان، و14 حالة تدمير ممنهج لمواد المعارضة في دهوك، و15 حالة في بابل، من بينها حادثة أمنية خطيرة مرتبطة بنشاط الحملة الانتخابية. أما في كربلاء، فقد سُجّلت 10 حالات عنف وترهيب وإساءة استخدام الأماكن العامة، في حين أبلغت محافظات صلاح الدين والمثنى والنجف عن حوادث متعددة، تتعلق في معظمها بالتخريب والحملات الانتخابية المبكرة.
الفساد والمخاوف الأمنية
وحذّر التحالف من أن خطاب الكراهية وحملات التشهير عبر الإنترنت أصبحت شكلاً جديدًا من أشكال العنف السياسي، يستهدف السمعة ويُعمّق الاستقطاب العرقي والطائفي، لا سيّما في المناطق المتنازع عليها.
كما أكد التحالف أن انتخابات العراق تواجه تحديات تتجاوز الانتهاكات الإجرائية، محذرًا من أن المنافسة تحوّلت من مجرد برامج سياسية إلى صراع على النفوذ المادي والمالي والأمني.
وحثّ التحالف السلطات العليا، بما في ذلك القضاء وجهاز الأمن الوطني، على التدخل لضمان سلامة الانتخابات والمساءلة، لا سيما في ظل ضعف الردع القانوني تجاه أعمال التخريب وتسييس الأماكن العامة، مما يهدد السلامة العامة ويعمّق الانقسام الاجتماعي.
ص4
وسط عجز الدولة عن ضبط الأسعار سوق الذهب في العراق من ملاذ آمن إلى بوابة للمضاربة وغسل الأموال
بغداد – تبارك عبد المجيد
مع الارتفاع القياسي لأسعار الذهب عالمياً، يعيش السوق العراقي واحدة من أكثر مراحله اضطراباً، حيث تتقاطع المضاربات والفساد وضعف الرقابة الحكومية في رسم ملامح مشهد اقتصادي غير منضبط. فبينما يعزو الخبراء الارتفاع إلى عوامل عالمية بحتة، تكشف حركة السوق المحلية هشاشة البنية الاقتصادية، واتساع نفوذ الاقتصاد الموازي الذي حوّل الذهب من سلعة ادخارية واستثمارية إلى أداة لإخفاء الأموال غير المشروعة.
وفي ظل غياب الرقابة الصارمة وارتباك السياسات النقدية، أصبح الذهب مرآة تعكس عمق الأزمات المالية، وتراجع الثقة بالدينار، وتنامي سطوة المصالح الخاصة على حساب استقرار السوق الوطني، ما يجعل ملف الذهب اختباراً جديداً لقدرة الدولة على ضبط الأسواق وإعادة هيكلة النظام المالي المترهل.
أسباب الارتفاع!
وسط تقلبات الأسواق العالمية، يواصل الذهب تسجيل ارتفاعات متتالية دفعت العديد من المستثمرين إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم المالية.
الباحث الاقتصادي حسنين تحسين وصف الوضع الحالي بأنه "تأثر عالمي خالص، لا دخل للعراق فيه، فالعراقي يتأثر فقط بما يحدث في العالم مثل باقي الدول".
وأشار تحسين في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن موجة ارتفاع أسعار الذهب بدأت بعد جائحة كورونا، واستمرت نتيجة سلسلة من الأزمات العالمية، بما في ذلك الحرب الروسية - الأوكرانية، التي دفعت المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
وأضاف انه "كلما واجه العالم صراعات أو أزمات، يلجأ أصحاب المال إلى الذهب كخيار آمن لحماية استثماراتهم"، مبينا أن السياسة النقدية الأمريكية لعبت دوراً في دفع أسعار الذهب نحو الأعلى.
وتابع ان خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، يعتبر إشارة للمستثمرين بأن الذهب سيكون استثمارا آمنا، وبالتالي زيادة عمليات الشراء، مضيفا أن الصين كانت من أبرز الجهات التي دفعت بأسعار الذهب للارتفاع، من خلال عمليات شراء ضخمة بهدف التحرر من سيطرة الدولار الأمريكي، والاعتماد على الذهب كغطاء أساسي للعملة.
وأوضح أن كمية الذهب المتاحة حالياً تمثل نحو 78 في المائة من الذهب العالمي المستخرج، مما يزيد من ندرة المعدن الثمين ويعزز توقعات استمرار ارتفاع أسعاره في المستقبل.
وعن تأثير هذه الارتفاعات على العراق، شدد تحسين على أن البلاد متأثرة فقط، وليس لها القدرة على التأثير في السوق العالمي، مشيرا الى أن استخدام الذهب في العراق يقتصر على الصياغة والمجوهرات، وليس له دور كبير في الصناعات الكبرى، ما يجعل تأثير الأسعار عالمياً على الاقتصاد المحلي محدوداً.
وتطرق تحسين إلى سياسات الحكومة الممكنة لمواجهة تقلبات الذهب، مؤكداً أهمية تعزيز الاحتياطيات المالية، سواء بالذهب أو بالفضة التي تشهد ارتفاعاً عالمياً أيضاً، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الذهب من حيث أهميتها الاستثمارية والصناعية.
واضاف أن هناك استغلالاً محتملاً لسوق الذهب والفضة في العراق، مثل عمليات غسيل الأموال، لكنه شدد على أن ارتفاع الأسعار الحالي مرتبط بالأوضاع العالمية وليس بسلوكيات محلية.
هشاشة البنية الاقتصادية!
يقول الباحث عبدالله نجم إن "الوضع الحالي لسوق الذهب في العراق يعكس هشاشة البنية الاقتصادية وغياب أدوات الدولة للتحكم بأسعار السلع الاستراتيجية. الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كامل على الاستيراد، وغياب الإنتاج المحلي يجعل السوق المحلية عرضة لتقلبات الأسعار دون أي قدرة حقيقية للحكومة على ضبطها".
ويضيف نجم لـ"طريق الشعب"، أن "المواطن العراقي يلجأ إلى شراء الذهب كوسيلة للحفاظ على قيمة أمواله نتيجة تراجع الثقة بالدينار وتذبذب سعر الصرف، ما يزيد الطلب على الذهب ويغذي المضاربات العشوائية، في وقت يفتقد فيه السوق أي رقابة فعالة من البنك المركزي أو الجهات المختصة".
ويشير نجم إلى أن "سوق الذهب اليوم أصبح أداة لإعادة تدوير الأموال غير المشروعة، حيث يُخفى مصدر الأموال تحت مظلة التعاملات القانونية، وهو ما يشكل مثالاً واضحاً لتداخل الاقتصاد الرسمي مع الاقتصاد الموازي. هذا التداخل يساهم في تعميق الفساد، إذ تستخدم بعض الجهات موارد مالية غير قانونية لبناء نفوذ اجتماعي وسياسي، عبر إنشاء شركات وهمية أو تمويل فعاليات ثقافية وخيرية تمنحها صورة قانونية واجتماعية مقبولة".
ويؤكد نجم أن "الاستمرار في هذا الوضع يؤدي إلى فقدان الثقة بالعملة الوطنية ويجعل الذهب عملة بديلة خارج النظام المصرفي، ما يقلص قدرة البنك المركزي على إدارة السيولة ويزيد من مخاطر الضغوط المالية على الدولة. لذلك، فإن معالجة الأزمة تتطلب رقابة صارمة على تجارة الذهب وربطها بنظام تتبع مالي موحد يشرف عليه البنك المركزي وهيئة مكافحة غسل الأموال، مع سياسات نقدية مرنة توازن بين الاستقرار المالي وحماية السوق المحلي من المضاربات والشبكات غير القانونية".
ويختم نجم تصريحاته بالقول: "إعادة السيطرة على سوق الذهب ليست مجرد قضية أسعار، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة على إعادة الانضباط للنظام المالي، ومنع تحوّل الثروة إلى أداة نفوذ، وضمان أن الاقتصاد يعمل وفق قواعد شفافة وعادلة، بعيداً عن سيطرة المصالح الخاصة والاقتصاد الموازي".
أداة لغسل الاموال غير المشروعة
فيما يقول الناشط السياسي علي القيسي، إن "الاقتصاد الموازي يؤثر بشكل كبير على سوق الذهب في العراق، كونه حوّل هذه السلعة إلى أداة لإعادة تدوير الأموال غير المشروعة، بما يتيح للجهات المستفيدة التحرك بحرية خارج الرقابة القانونية. السوق لم يعد مجرد وسيلة للادخار أو الاستثمار، بل أصبح منصة لإخفاء الأموال ومصادرها، ما يفاقم المضاربات ويدفع الأسعار إلى مستويات غير طبيعية".
ويضيف القيسي لـ"طريق الشعب"، أن "الفساد وتبييض الأموال يمثلان تهديدًا مباشرًا لاستقرار الاقتصاد الوطني، لأنهما يحولان الموارد المالية من أدوات إنتاجية حقيقية إلى أدوات نفوذ وسيطرة. الجهات التي تمتلك أموالاً غير قانونية تستخدمها لتوسيع نفوذها السياسي والاجتماعي، عبر إنشاء شركات وهمية أو تمويل أنشطة ثقافية وخيرية تمنحها صورة قانونية واجتماعية مقبولة، وهذا يضعف الثقة بالمؤسسات الرسمية ويزيد من هشاشة النظام المالي".
ويشير القيسي إلى أن "مواجهة هذه الأزمة تتطلب إجراءات رقابية وقانونية صارمة، تشمل إنشاء نظام تتبع مالي موحد يشرف عليه البنك المركزي وهيئة مكافحة غسل الأموال، وفرض الشفافية الكاملة على تجارة الذهب والمصارف التجارية. كما يجب أن تُصاحب هذه الإجراءات سياسات نقدية مرنة تحمي الاقتصاد المحلي من المضاربات، وتعيد الثقة بالدينار، وتضمن أن الذهب لا يصبح وسيلة لتبييض الأموال أو لتغذية الاقتصاد الموازي".
ويختم القيسي تصريحاته بالقول: "إن استعادة السيطرة على سوق الذهب ليست فقط مسألة اقتصادية، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة على حماية مواطنيها، وإعادة الانضباط للنظام المالي، وضمان أن الاقتصاد الوطني يعمل وفق قواعد شفافة وعادلة بعيداً عن نفوذ المصالح الخاصة والفساد المستشري".
محنة الصناعة الدوائية في العراق
إبراهيم المشهداني
تمارس عملية توطين الصناعة الدوائية بمعناها العام تأثيرا أساسيا وملموسا في تأمين الصحة العامة للعراقيين، وتحافظ على الاحتياطي النقدي من التسرب والهروب إلى الخارج من خلال سياسة الاستيراد، والتخفيف من تكاليفها الباهظة التي كان من المفروض إنفاقها على إحياء الصناعة الدوائية الوطنية التي سبق وان شهدت انتعاشا خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ووفرة في الإنتاج الوطني قبل نشوب الحروب، والتركيز على تكاليفها وإدارتها ومن ثم إهمال قطاعات الاقتصاد ومتطلباته الإدارية والتخطيطية ما ساهمت في تغطية حاجة المرضى وخصوصا المصابين بالأمراض المزمنة.
ومن الملاحظ بعد إهمال وتجديد الصناعات الدوائية في سامراء، لجات الحكومة إلى رفع وتيرة استيراد الجزء الأكبر من احتياجات البلد من الأدوية والمستلزمات الطبية كجزء من سياسة اقتصادية عامة التي رسمت أسسها إدارة الاحتلال الامريكي بعد عام 2003 على قاعدة انفتاح السوق على مصراعيه على استيراد البضاعة الأجنبية بما فيها الأدوية ودفع العراق إلى الحصول على عضوية منظمة الصحة الدولية حيث كانت أمريكا عضوا فيها قبل ان تنسحب منها في عهد حكومة ترامب، وبالفعل حصل على عضوية مراقب كخطوة أولى على طريق العضوية الكاملة مع أن العراق ليس مضطرا لهذا الإجراء بحكم افتقاره إلى إمكانيات التصدير باستثناء البترول. وهذه السياسة كلفت العراق أكثر من عشرين مليار دولار بالرغم من إمكانية توفير 60 بالمائة من حاجة العراق إذا ما وفر القاعدة التحتية لصناعات دوائية واعدة.
يعتمد العراق حاليا بشكل رئيسي على استيراد الأدوية حيث يقدر الإنتاج المحلي بحوالي 20 في المائة فقط من الاحتياجات الكلية مما يجعله عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، كما يعاني القطاع الدوائي من غياب التشريعات المرنة والمتطورة وضعف الرقابة النوعية على المنتج المحلي. وتعاني المنشات المحلية من قلة التحديث التكنولوجي وندرة الخبرات التقنية المؤهلة فضلا عن نقص المواد الخام مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويعرض الصناعات الدوائية للتقلبات العالمية، كما أن زيادة السكان تؤدي إلى نمو الطلب على الأدوية بنسبة 10 في المائة مع ارتفاع معدل الأمراض المزمنة. إن امتلاك البلاد لمقومات حقيقية لتطوير صناعات دوائية وطنية مع وجود معامل قريبة من التكامل كلها تسهم في حل جزء كبير من حاجة البلاد إلى الأدوية مع انتشار الكثير من الأمراض الخطيرة كالأمراض السرطانية والفشل الكلوي والأمراض الصدرية وأمراض الأطفال، لكن مما يحول دون ذلك وإلى حد كبير غياب التنسيق بين وزارة الصحة ووزارة الصناعة وظهور ما فيات مهيمنة على عملية استيراد الأدوية من خلال العمولات والمناقصات دون مراعاة الجدوى الاقتصادية والمصلحة الوطنية التي بإمكانها لو حصلت لتحقق التقليل من التكاليف الباهظة وخلق مصادر جديدة للدخل وتوفير فرص عمل وخاصة بالنسبة لخريجي الكليات والمعاهد ذات الاختصاص بالطب والخدمات الطبية ومواجهة الحالات الطارئة التي يتعرض لها الوطن.
ومن جهة ثانية فعلى صعيد الخدمات الطبية فإنها أخذت تتضاءل بشكل حاد في المستشفيات الحكومية التي اعتاد المواطن العراقي ولعقود من الزمن وفي مختلف المراحل على نيل هذه الخدمات بالمجان لكنه صدم منذ سنوات بضآلة هذه الخدمات وتحولها من خدمة إلى سلعة مما اضطر وهو يكابد أوجاعه لمراجعة المستشفيات الخاصة التي على الرغم من توفر الأجهزة فيها إلا أن أجور خدماتها تضطره إلى بيع ممتلكاته رضوخا لسلطانها.
ولمنع المزيد من التداعيات الاجتماعية الخطيرة فان الحكومة مطالبة بمراجعة السياسات السعرية المتبعة، من منطلق تحقيق العدالة الاجتماعية، واتخاذ التدابر الضرورية للحد من مخاطرها. ونرى في هذه المجال اتباع إجراءات عاجلة ونذكر منها:
• العمل الجاد على تحديث المصانع الدوائية الحكومية وإنشاء خطوط إنتاجية جديدة تسهم في رفع نسبة مساهمتها في تلبية الطلب المحلي وتمكينها من التصدير إلى الأسواق الخارجية.
• عقد اتفاقات مع الجامعات الأجنبية لتدريب طلبة الصيدلة والكيمياء في المصانع الدوائية مع تحسين الأبنية التحتية من خلال المناطق الصناعية مع تخصيص مناطق مجهزة للبنية التحتية اللازمة لصناعة الأدوية والاعتماد على الطاقة المتجددة.
وماذا بعد الاقتراض ؟
خليل إبراهيم العبيدي
أعلن محافظ البنك المركزي مؤخرا أن الدين العام بلغ بمجمله 150 مليار دولار تقريبا، وهو ناتج عن جمع ما بذمة الحكومة للغير من دين داخلي وخارجي، وأن للحكومة كما نعرف جميعا دينا بذمة الغير أيضا ولكنه دين عام مسكوت عليه والاسباب مجهولة، وان ما بهم المتابع الدقيق هو، الدين، سواء أكان داخليا ام خارجيا، وأنه بمجمله يشكل فشلا حكوميا تتحمله الاجيال وهي لا ذنب لها فيه، وأنه ترتب على بلادهم جراء أداء حكومات متعاقبة كان عليها أن تحافظ على مستويات معقولة من الدين العام منذ الإعفاءات التي حصل عليها العراق من نادي باريس بعيد الاحتلال عام 2003 جراء الضغط الامريكي على الأطراف الدائنة آنذاك، وقد كتبنا كما كتب غيرنا أن وقع الاقتراض أشد وطأة على الدول من وقع الأمراض، ولكن دون أي اذن صاغية، لا من الحكومة ولا من مستشاريها، لا بل أن المستشار ظل يبرر ويقلل من وطأة الأضرار، ويقارنها بالناتج القومي المستعار، لأن أغلب ذاك الناتج جراء عائدات النفط لا جراء إنتاج الخيرات. لا بل وان البعض يروح أن العراق لا زال يحتفظ بدرجة من الاحترام بين الأوساط المالية، وكأن الامر يتعلق بالمكانة لا في لقمة العيش جراء تراكم الديون. وآخر يرى أنه بشكل 43 في المائة من الناتج المحلي، وكأن القاعدة الاقتصادية تلزم بلدنا للاستهانة بالدين ما دام لا يتعدى المألوف من نسب الناتج المحلي، ومن قال ان معايير النسبة والتناسب مع الناتج المحلي تصلح في حالة الاقتصاد العراقي، الذي يمتلك كل وسائل الانتاج من أموال ومواد خام تستهوي كل العالم، وأيد شابة تتحسر عليها اوربا، وله أرضا كان عليها السواد عنوان بلاد ما بين النهرين، ولكن ما تقول لمن أغلق المصانع وفتح المولات، ولمن أسس شركات انتداب العمال الأجانب والعاملات، وأخيرا لمن فتح باب الاستيراد من الإبرة إلى السيارات.
إن الاقتصاد السياسي يعيب على الدول إهدار الطاقات الانتاجية أو تعطيلها لأسباب سياسية، او ربما لامتلاك السياسي وكالات الماركات الاجنبية، او لخضوع الدولة للإملاءات الرأسمالية، سيما الأمريكية الداعية لمحاربة القطاع العام، او عرقلة نمو القطاع الخاص لأسباب منها تنظيمية او لفساد بعض موظفي الجهات الرسمية، والغريب في الأمر أن الاقتراض من الغير وحسبما كنا نتابع لم يحقق الأهداف والمشاريع موضوعة الاقتراض، والا لكان لها وقعا واضحا على تقدمنا العمراني او الصناعي او البيئي، وكثرت التخصيصات على سبيل المثال لصالح عملية تحلية مياه شط العرب، ولكن ومنذ عقدين على الأقل وأهالي البصرة يستغيثون، والعقود تترى لبناء المدارس، والناتج لا يعادل المطلوب.
والمثل الأهم لا زالت الكثير المدن والنواحي والقصبات تعاني من المجاري او قلة الخدمات. اذن لم القروض والكهرباء لا زال يعاني من الانقطاع، وأين ذهبت المنح والهبات، ولا زالت الدولة تعاني من قلة الإيرادات غير النفطية، في حين أن المتوقع أن تكون عائداتنا منها لو حسنت الأساليب والنوايا لا تقل عن 50 بالمئة من مجموع العائدات النفطية، وهذا كفيل بالابتعاد عن الاقتراض واستسهاله، على رسلكم، ما هو المبلغ المترتب على هذا الدين وما هي كلفة خدماته؟، وصدق من قال الدين ذل لصاحبه في النهار وهم ثقيل في الليل، والسؤال الأهم. ماذا بعد الاقتراض؟
السؤال. لن نجد له إجابة، وان إجاب أحدهم، فستكون الإجابة أنها ليست مسؤوليتي، أنها جزء من الماضي الذي فات، وفي كل الأحوال الخسارة ستلحق بالأجيال في القادم من السنوات.
ص5
أرصفة خُربت وأشجار تضررت
استياء واسع من فوضى الدعاية الانتخابية
متابعة – طريق الشعب
تُبدي الطالبة ربى الجنابي انزعاجا مما تصفه بـ"الاستفزاز والتشويه" كلما مرّت في شارع أبي نؤاس، حيث تغطي "فوضى" الدعاية الانتخابية ملامح الشارع بحلته الجديدة. فيما أشرّ "مرصد العراق الأخضر" المعني بالبيئة تضرر آلاف الاشجار وأنابيب المياه والجزرات الوسطية في عموم البلاد، بسبب الدعايات الانتخابية غير المنظّمة. ويوم الاثنين الماضي تم افتتاح المرحلة الأولى من مشروع توسعة شارع أبي نؤاس، في إطار حملة فك الاختناقات المرورية وتحسين البنية التحتية. ويتألف المشروع من جسرين رئيسين وشارع خدمي يمتد بمحاذاة ضفاف دجلة موازيا للشارع الرئيس. تقول ربى في حديث صحفي، أنه "من حق أي مرشح أن يسوّق نفسه ويطرح برنامجه الانتخابي ويعلّق صوره. وهذا أمر مشروع وفق القانون، لكن شريطة ألا يُشكّل ذلك أية مخالفات قانونية".
وتضيف قولها أن "ما يحصل حالياً في الدعايات الانتخابات هو تشويه حقيقي وتخريب للشوارع والتقاطعات، وأحياناً يشكل استفزازاً للمواطن". وينتشر عدد كبير جداً من الصور واللافتات وملصقات المرشحين على جانبي الشارع وحدائقه وجزرته الوسطية، وهو ما يثير استياء المارّة والعائلات التي باتت تقصده بكثرة بعد أن أصبح متنفسا. حيث بات التلوث البصري يطغي على تفاصيل المكان.
تضرّر 250 ألف شجرة
وكان "مرصد العراق الأخضر" قد رصد تضرر آلاف الاشجار وأنابيب المياه والجزرات الوسطية بسبب الدعاية الانتخابية، مبينا في تقرير أصدره الأحد الماضي، أن نحو 250 ألف شجرة موزعة على 15 محافظة تضررت بسبب الدعايات الانتخابية، وان الاضرار تنوعت ما بين "قطع تلك الأشجار، وثقبها، وتكسير الاغصان من اجل تعليق الدعايات". ويوضح ان هناك جزرات وسطية كثيرة تضررت بشكل تام، مشيرا إلى تضرر النباتات والثيل ومرشات وانابيب المياه، واختفاء النافورات الصغيرة والديكورات الضوئية خلف صور المرشحين.
ويخلص المرصد في تقريره إلى أن "كل ما حصل هو نتاج عدم التزام المرشحين بقواعد الدعاية الانتخابية رغم اصدار تعليمات من قبل المفوضية وامانة بغداد والبلديات الاخرى بضرورة الالتزام بها".
الإصلاح الحقيقي أهم من الصور
من جانبه، يقول المواطن مهدي عبد السادة أن "المبالغة في الدعايات الانتخابية مجرد إنفاق أموال طائلة دون جدوى، وتخريب غير مبرر للشوارع والمتنزهات"، منوهاً في حديث صحفي إلى أن "الدعايات تنتشر بشكل كثيف في الشوارع العامة والجسور والساحات والتقاطعات، وهي مزعجة للبصر".
ويرى أن "الناس بحاجة إلى برامج إصلاحية حقيقية من قبل المرشحين لا إلى الصور والقوائم الانتخابية، وأن من الضروري أن يكون هناك التزام بضوابط الدعاية بدل الفوضى والعشوائية التي نراها في شوارع بغداد منذ بدء الحملات الانتخابية".
ومنذ انطلاق الحملات في 3 من الشهر الجاري، شهدت بغداد والمحافظات خروقاً جمة خلفت أضرارا بالشوارع والطرق والجسور. حيث يخالف بعض المرشحين توصيات أمانة العاصمة وبلديات المحافظات، وما وُضع من ضوابط في هذا الشأن. ويلفت عبد السادة إلى أن "كثرة الصور للمرشح تأتي بالسلب عليه. فهناك مرشح وضع لافتة على طول عمارة سكنية، ووضع أكثر من 50 لافتة بين شارع وشارع، وهذا بالذات يطرح أسئلة كثيرة حول مصدر أموال هذه الإعلانات. وبذلك يخشى المواطن انتخابه".
الالتزام يبدأ من الشارع قبل البرلمان!
تبذل السلطات المحلية في بغداد جهوداً واضحة في حملات الإعمار وإعادة تأهيل الشوارع، ومنها شارع أبي نؤاس، الذي يمتاز بحدائقه الجميلة وموقعه المطل على نهر دجلة. فيما تشوّه الدعايات الانتخابية غير المنظمة تلك الأماكن الحيوية.
وتعرّضت أرصفة شارع أبي نؤاس وجزرته الوسطية إلى تخسفات وحفر جرّاء نصب قواعد حديدية كبيرة تحمل صور المرشحين، واستخدام مادة الاسمنت في تثبيتها. وهي مادة مضرة بالنباتات.
في السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية فيصل عبد القدوس، أن "هناك جهوداً بذلتها الحكومة ومؤسساتها من أجل أن تكون العاصمة جميلة ونظيفة".
وينبّه في حديث صحفي من يرغب في التصدي للمسؤولية والوصول إلى قبة البرلمان إلى "الالتزام بضوابط ومحددات الدعاية الانتخابية التي وضعتها مفوضية الانتخابات، لا أن يخرق القوانين ويشوّه المدينة التي يجب أن يكون هو أول المحافظين عليها".
ويؤكد عبد القدوس أن "العديد من شوارع العاصمة، كذلك الجسور والساحات العامة، تعرّض للتشويه بسبب صور المرشحين، ومنها شارع أبي نؤاس الذي تم تأهيله ليكون مكاناً يجمع العائلات البغدادية ويحتضن الأنشطة الثقافية والاجتماعية".
ويلفت إلى "عدم وجود إجراءات قانونية يمكن التعامل معها لتطبيقها ضد المرشحين المخالفين، باستثناء الغرامات المالية التي لا تشكل رادعاً حقيقياً لوقف التشوّهات التي لحقت بالشوارع".
بين أمانة العاصمة والمرشحين
وكانت أمانة بغداد قد وضعت ثماني توصيات تتعلق بالدعايات الانتخابية، بموازاة تشكيل مفوضية الانتخابات فرقاً لمتابعة ورصد مخالفات المرشحين، وفرض غرامات مالية ضد المخالف.
وفي حديث صحفي، يذكر المتحدث باسم الأمانة عدي الجنديل، أن التوصيات تتضمن عدم لصق أي إعلان انتخابي على الجدران باستخدام الصمغ أو الغراء، وعدم تثبيت لوحات الدعاية على قطع الدلالة المرورية للطرق العامة، وعدم تثبيتها في الحدائق العامة والجزرات الوسطية للشوارع والأرصفة باستخدام مادة الإسمنت.
ويضيف قوله أن "التوصيات تضمنت أيضاً عدم جواز استخدام جدران ومباني الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات والجوامع والحسينيات والأماكن المقدسة والجسور والأماكن التراثية والأثرية والنصب والتماثيل لنشر إعلانات الأحزاب والمرشحين ضمن الحملة الانتخابية". ويُنبّه الجنديل إلى ان التوصيات شددت على أن تكون وسائل الدعاية الانتخابية من المواد التي تسهل إزالتها بعد انتهاء الحملة. كاستخدام القماش واللوحات المعدنية أو الخشبية التي يسهل رفعها، فضلاً عن استخدام لوحات الفلكس الحديثة ضمن الأماكن المحددة لذلك.
فيما يلفت إلى انه "في حالة وضع وسائل الدعاية الانتخابية بشكل مخالف، يتم توثيق المخالفة من قبل كوادر الدوائر البلدية وإزالتها فوراً، وفرض غرامات مالية بحق المرشحين والأحزاب السياسية والائتلافات وفقاً لأحكام القرارات والقوانين البلدية النافذة". في المقابل يحمّل مرشحون الجهات المعنية بتنظيم الحملات الدعائية، المسؤولية عن هذه الفوضى، لعدم توفير الأماكن المناسبة لوضع الدعايات.
وتنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن إحدى المرشحات قولها، أن "الجهات المتخصصة وضعتنا في موقف محرج. فهي تمنع وضع الإعلانات على الأرصفة وعلى الجدران وغيرها، لكنها لم تجهز مناطق مخصصة للإعلانات قبل هذه الشروط".
وتوضح المرشحة التي حجبت وكالة الانباء اسمها، أنه "في الدول الأوربية مثلاً، توجد منصات جدارية خاصة بصور المرشحين بين شارع وآخر، وبالتالي لا يخسر المرشح أموالاً طائلة ولا يشوّه وجه المدينة".
وترى أن "هذه الشروط أحدثت إشكاليات كبيرة بين المرشحين. فالأماكن المحددة والمشروطة أصبحت صغيرة مقارنة بآلاف اللافتات، وبالتالي فإن شجارات كثيرة حصلت بين فرق عمل مرشح وآخر وبعضهم قام بحجز الأماكن مسبقاً".
اگول
قبل التشدد في الجباية وفّروا المقاييس!
علي يحيى
كثيرون من العراقيين يشعرون انهم ضحايا للسرقة عبر وصولات الجباية لرسوم الخدمات.
بينما ترى الدولة أن المواطن يسرق الخدمات.. لكن أية خدمات؟!
تتشدد الدولة في جباية رسوم الكهرباء المتردية والماء الملوّث والمجاري الطافحة والنفايات المتراكمة، من مواطنين أكثرهم غلبه الفقر، بعد أن تحوّلت فرصة العمل من حق دستوري، إلى حلم أسطوري!
لا تتهاون الدولة في فرض تلك الرسوم التي تزايدت في قوانين الموازنة الاتحادية العامة للسنوات الثلاث الأخيرة .. تفرضها بقانون وتجبيها بلا قانون، وبلا مقاييس!
رسوم صرفيات الماء تُخمّن حسب المزاج، ورسوم الكهرباء تُقرر بناء على شكل المنزل ولونه، باستثناء زبائن المسؤولين. فهؤلاء في مأمن من الجابي!
أين المقاييس؟
يقول رجلٌ أحْنَت ظهره الجباية: رسوم الماء تفوق ما استهلكه بكثير.. لو اشتري ماء "آر أو" بدلا من ماء الإسالة، لكان أصرَفَ لي كثيرا، وأنظفَ!
باستدلال تجريبي، حكومات الغفلة عاجزة وستظل عاجزة عن توفير خدمات محترمة للمواطنين، لكن على الأقل يجب ألا تعجز عن توفير مقاييس لتلك الخدمات غير المحترمة!
في مقررات جلسته الأخيرة، لم يوجّه مجلس الوزراء بوضع خطط ناجعة لتحسين دخل المواطن، لكنّه وجّه دوائر الدولة بعدم إنجاز أي معاملة للأخير دون أن يجلب فواتير الجباية!
أية فواتير؟
أن يستفسر المواطن عن أصل الأرقام في تلك الفواتير، فهذا سيجعله تائها في دوامات أمزجة الدوائر. أن يدفع رسومها الباطلة، فذلك ما لا يقوى عليه، وبالتالي لا داعي لمراجعة دائرة!
عدا المناطق المشمولة بالمقاييس الالكترونية للكهرباء أو الماء، هناك مناطق كثيرة مزودة مسبقا بمقاييس تقليدية، لكن هل تتم قراءتها بشكل صحيح قبل تحديد الرسوم.. يشك في ذلك كثيرون!
المواطن لا يسرق الدولة، الدولة هي من تسرق نفسها. تخمين رسوم الخدمات دون مقياس يُسجل الأرقام الحقيقية، يفتح الباب أمام الاستهلاك غير المرشّد، وبالتالي تُصبح الرسوم أقل من المستَهلك، وهذا سببه عجز الدولة عن توفير مقاييس.
إجابة من وزارة النفط
تلقت "طريق الشعب" من وزارة النفط إجابة على موضوع صحفي كانت قد نشرته في عددها المؤرخ 16 أيلول 2025. وهذا نصها:
إلى صحيفة طريق الشعب الغراء
نهديكم أطيب تحياتنا
إشارة إلى ما نشرته صحيفتكم الغراء بتاريخ 16/9/2025، تحت عنوان (احتجاجات ومطالبات شعبية.. الأراضي السكنية، المياه، التعليم وفرص العمل.. أبرز المطالب)، نود اعلامكم بأن شركة نفط ميسان قد بينت وجود آلية مصادق عليها من قبل الحكومة المحلية في محافظة ميسان (المحافظة، ومجلس المحافظة) بخصوص التشغيل في الشركات الأجنبية. علما بأن منطقة العقد (حقل الحلفاية) مستوفية النسبة فيما يتعلق بفرص العمل والتشغيل في الشركات الاستثمارية، أما فيما يخص الاراضي الزراعية المستغلة في عمليات التطوير فقد تم تعويض اصحابها بمبالغ مالية بالإضافة إلى تشغيل ابنائهم بصفة مراقبي منشآت في شركة بتروجاينا الصينية والشركات الثانوية العاملة معاً.
شاكرين تعاونكم معنا مع التقدير
مواساة
• تنعى منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الصالحية/ اللجنة المحلية في الكرخ، الرفيق محمد علي حسين (ابو جاسم)، الذي توفي اثر مرض عضال لم يمهله طويلا.
الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لعائلته ورفاقه.