الصفحة الأولى
أدوات الرقابة غير فاعلة ولا تردع المال السياسي.. مختصون: سقف الإنفاق الانتخابي يكرّس عدم التكافؤ بين المرشحين
بغداد ـ طريق الشعب
أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لائحة جديدة بالتعليمات الخاصة بالإنفاق المالي على الحملات الدعائية التي تنفذها الشخصيات والتحالفات السياسية المرشحة لخوض الانتخابات البرلمانية العامة المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، إذ حددت مبلغ 250 دينارا عن كل ناخب، ينفقه المرشح في داخل المحافظة الواحدة. وهذا يعني أن السقف الأعلى المسموح للتحالفات إنفاقه، يكون ناتج ضرب المبلغ المخصص لكل مرشح في عدد مرشحي التحالف.
ووفقاً للقانون، جاءت العاصمة بغداد في المرتبة الأولى من حيث سقف الدعاية الانتخابية، إذ يبلغ عدد ناخبيها 4 ملايين و314 ألفًا و866 ناخبًا، وطبقا للائحة، يصل السقف الأعلى فيها إلى مليار و78 مليونًا و716 ألفًا و500 دينار عراقي للمرشح الواحد!
فيما حلت محافظة نينوى في المرتبة الثانية بسقف إنفاق بلغ 525 مليونًا و607 آلاف و250 دينارًا، تلتها البصرة بمبلغ 405 ملايين و713 ألفًا و750 دينارًا، ثم السليمانية بـ 300 مليون و414 ألفًا و500 دينار، وبابل بـ 286 مليونًا و364 ألفًا و500 دينار، والمثنى بـ 284 مليونًا و673 ألفًا و500 دينار، ثم أربيل بـ 271 مليونًا و970 ألف دينار.
وجاءت بعد ذلك ديالى بسقف قدره 262 مليونًا و785 ألفًا و750 دينارًا، تلتها الأنبار بـ 245 مليونًا و117 ألفًا و750 دينارًا، ثم كركوك بـ 239 مليونًا و535 ألفًا و250 دينارًا، وميسان بـ 213 مليونًا و762 ألفًا و250 دينارًا، وصلاح الدين بـ 209 ملايين و567 ألفًا و500 دينار، وواسط بـ 196 مليونًا و946 ألف دينار، ودهوك بـ 194 مليونًا و711 ألفًا و500 دينار، والنجف بـ 182 مليونًا و267 ألفًا و500 دينار، وكربلاء بـ 169 مليونًا و889 ألف دينار، وذي قار بـ 153 مليونًا و786 ألفًا و750 دينارًا، فيما جاءت الديوانية في المرتبة الأخيرة بسقف دعائي بلغ 127 مليونًا و716 ألفًا و750 دينارًا.
وبناءً على هذه الأرقام، فإن الحد الأعلى المسموح لتحالف انتخابي يمتلك 138 مرشحًا في بغداد يبلغ نحو 149 مليار دينار، وإذا ما طُبّق ذلك على بقية المحافظات، فإن التحالف الواحد يسمح له بصرف تريليون دينار على أقل تقدير على حملته الانتخابية، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول جدوى تحديد الحد الأعلى للإنفاق الانتخابي.
سقف الإنفاق مرتفع جداً
من جهته، انتقد المختص في الشأن الانتخابي دريد توفيق، آليات المفوضية في ضبط الإنفاق المالي للحملات الانتخابية، مؤكداً أن المفوضية "حددت التعليمات، لكنها لم تصدر العقوبات على مخالفتها".
وقال توفيق إن سقف الإنفاق الحالي مرتفع جداً، وكان يفترض أن يكون محدداً بمبلغ ثابت لا يعتمد على عدد الناخبين، لضمان العدالة والتساوي بين المرشحين، مضيفاً أن السقف المالي يجب أن يكون معتدلاً وغير مبالغ به حتى يتيح فرصاً متقاربة بين جميع الأطراف.
وأضاف أن "المشكلة الأساسية تتمثل في أن تبويب الإنفاق المالي تحول من الدعاية الانتخابية إلى شراء الأصوات"، مشيراً إلى أن "المفوضية أنشأت مراصد في كل دائرة انتخابية، بينها اثنان في بغداد بالكرخ والرصافة، لكنها تواجه صعوبة في متابعة الأموال فعلياً".
وبيّن توفيق، أن الكيانات السياسية لم تلتزم بفتح حسابات مصرفية معتمدة لدى المفوضية كما هو مطلوب، ولم تُقدَّم تقارير رسمية عن الإنفاق الانتخابي، مبيناً أن الرقابة حالياً تعتمد فقط على ما يُرى من مخرجات مثل عدد اللوحات واللافتات الدعائية.
واختتم توفيق بالقول: إن المفوضية بمفردها لا تستطيع السيطرة على ملف الإنفاق، وتحتاج إلى فريق ساند ودعم حكومي حقيقي لتطبيق معايير الشفافية والمحاسبة.
ضعف القدرة على الرقابة الفعلية
ورغم أن تحديد سقف أعلى للإنفاق الانتخابي يبدو خطوة تنظيمية تهدف إلى ضبط التنافس ومنع المال السياسي من ترجيح كفة بعض المرشحين على حساب آخرين، إلا أن الواقع العملي في العراق يثير تساؤلات جدية حول جدوى هذا الإجراء.
فالأرقام التي حددتها المفوضية تكشف أن السقوف الموضوعة، تصل إلى مبالغ هائلة تتجاوز قدرة المرشحين المستقلين والقوى ذات الإمكانيات المالية المحدودة وتفتح المجال عملياً أمام القوى السياسية المتنفذة؛ فحين يُسمح للتحالف بإنفاق يناهز التريليون دينار، فإن ذلك يكرّس هيمنة الأحزاب المهيمنة على السلطة بدل أن يحقق العدالة الانتخابية.
أما المشكلة الأعمق، فتكمن في ضعف القدرة على الرقابة الفعلية. فالتجارب السابقة أثبتت أن آليات تتبع حجم الإنفاق الفعلي تكاد تكون معدومة أو شكلية، حيث تُصرف أموال طائلة بطرق التفافية، سواء عبر الوسطاء أو الدعاية غير المباشرة في الإعلام ومواقع التواصل أو حتى عبر شراء الولاءات والخدمات.
وبالتالي، فإن وضع حدود عليا للإنفاق دون وجود أجهزة رقابية مستقلة وفعالة قادرة على التدقيق والمحاسبة لا يتجاوز كونه إجراءً تجميلياً يفتقد للتأثير الواقعي، بل قد يساهم في إضفاء شرعية شكلية على إنفاق ضخم وغير متكافئ، ما يعمّق الفجوة بين القوى المهيمنة على السلطة والمال السياسي والقوى محدودة الامكانات والمستقلين ويضعف تكافؤ الفرص في العملية الانتخابية.
وتضمنت لائحة الإنفاق التي أصدرتها المفوضية تعليماتٍ اخرى، أبرزها حظر قبول أو استلام أي مساهمة مالية من أشخاص أو جهات أجنبية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما يُمنع استلام أي دعم من المؤسسات والشركات العامة الممولة ذاتياً، أو من الشركات التجارية والمصرفية التي يساهم رأس مال الدولة في جزء منها.
ويتوافق هذا الشرط مع إحدى مواد قانون الأحزاب النافذ، والذي يحظر على الأحزاب الارتباط التنظيمي أو المالي بأي جهة غير عراقية، أو توجيه نشاطها بناءً على أوامر أو توجيهات من أي دولة أو جهة خارجية.
لجان لرصد الحملات الانتخابية
من جانب اخر، حذرت مفوضية الانتخابات من استغلال النفوذ الوظيفي وشراء الذمم في الحملات الانتخابية المقبلة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي إن المفوضية شكلت لجانًا لرصد وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضمن نظام الحملات الانتخابية، لمتابعة أي استغلال للموارد العامة أو النفوذ الوظيفي، مثل منح كتب شكر، توزيع الأراضي، تقديم وعود بالتعيينات، أو أي استخدام غير قانوني للمرافق الحكومية.
وأكدت الغلاي أن المفوضية تحاسب كل من يخالف القانون، مشيرة إلى توقيع غرامة قدرها 10 ملايين دينار على أحد المرشحين قبل انطلاق الحملات.
وأوضحت أن عملية الرصد مستمرة في المكتب الوطني ومكاتب المحافظات الانتخابية، وأن المفوضية ملتزمة بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 11 تشرين الثاني المقبل، مع نتائج واضحة لإنجازاتها، لا سيما في مرحلة توزيع البطاقات الانتخابية.
من جانبه، أشار المختص بالشأن الانتخابي سعيد كاكائي إلى أن الحملات الانتخابية تتسم بالقوة والتنافس الشديد بين المرشحين والأحزاب، إلا أنها تواجه مشكلة انتشار ظاهرة شراء الذمم.
وأوضح كاكائي، أن القانون رقم 12 لسنة 2018 في الفصل الخامس من قانون الانتخابات يحظر هذه الممارسات من المادة 24 إلى 34، لكن غياب آلية فعالة لمنعها يجعل الظاهرة مستمرة.
********************************************
راصد الطريق.. خطوة للتغيير لا للهيمنة
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، وعودة أصحاب المناصب العليا إلى أحضان كتلهم السياسية، للشروع في الترويج لمرشحي تلك الكتل، التي تبنّى بعضها لغة تعبئة وتحشيدٍ شعبويّ أقرب إلى "خطاب المعركة"، تحوّلت ساحات المنافسة الانتخابية إلى ميادين صراعٍ سياسي وإعلامي، تتردّد فيها مصطلحات "الحرب الانتخابية" و"معركة الوجود"، وغيرها من المفردات التي لا تعكس الواقع، ولا تقدّم حلولًا عملية لازمتي الحكم والخدمات.
لسنا هنا بصدد تذكير أصحاب المحاصصة بسياساتهم غير المتوازنة وخطاباتهم الرنانة، لكن من الضروري توجيه تحذير واضح إلى الشارع: إن هذا الخطاب الشعبوي سرعان ما يتلاشى بعد تحقيق أهداف المنظومة الحاكمة، لتعود ممارسات المحاصصة والفساد، ويبقى المواطن الخاسر الأول.
إن المواجهة الحقيقية الآن هي مع منطق الاستحواذ الذي يقوّض أسس الدولة المدنية، ويجعل المواطن رهينة لعبة المصالح. وإذا أردنا أن تكون الانتخابات فرصةً حقيقية ورافعة من روافع تغيير واقعنا، فعلينا أن نبدأ من رفض الخطاب الحربي الذي لامعنى له.
الحلّ واضح أمام الناخبين: إعادة ترتيب الأوراق عبر خيارٍ وطنيٍّ واعٍ يرفض منطق المحاصصة، ويمضي في استبدال منطق النفوذ بمنطق المواطنة والعدالة والمصلحة العامة.
نعم، في النهاية، يبقى الخيار للناس: إما المشاركة الواعية والمطالبة بالمحاسبة، أو القبول بتكرار دورة الفشل. الوقت أمامنا قصير، والقرار حاضر؛ فلتكن الانتخابات منصّةً للتغيير لا للهيمنة.
**********************************************
فهمي: تعليمات الإنفاق الانتخابي شكلية والعقوبات لا تردع
بغداد ـ طريق الشعب
قال الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن "تعليمات الإنفاق الانتخابي التي أصدرتها المفوضية أُفرغت من محتواها الحقيقي، وأصبحت مجرد إجراء شكلي يهدف إلى التهرّب من الرقابة الفعلية، إذ ان سقوف الإنفاق الانتخابي المبالغة فيها أصلا قد تم تجاوزها، كما ان العقوبات التي تصدرها مفوضية الانتخابات لا تمثل أي ردع حقيقي للمخالفين"، منوها الى ان "تحديد سقف انتخابي يتجاوز المليار دينار للمرشح في بغداد، وتغريمه مليوني دينار او عشرة يجعل من عملية دفع الغرامة اجراء شكليا، ويقع ضمن تكاليف حملته الانتخابية".
وأشار إلى أن "السقوف المالية التي سُمح بها للمرشحين والأحزاب بلغت أرقاماً خيالية تفتح المجال أمام المال السياسي،"، مبيناً أن "ضعف الرقابة على الإنفاق حوّل الدعاية الانتخابية إلى سوق مفتوحة لشراء الأصوات والنفوذ بدلاً من عرض البرامج والرؤى السياسية".
وأوضح أن "هناك محاولات لاستغلال موارد الدولة ومؤسساتها في الحملات الانتخابية، فضلاً عن ضغوط تمارس على بعض منتسبي القوات الأمنية لحملهم على التصويت لمرشحين محددين"، معتبراً أن ذلك "يمثل انتهاكاً صريحاً لمبدأ حياد مؤسسات الدولة في العملية الانتخابية".
ودعا إلى "اتخاذ خطوات جادة لضمان الشفافية، والعدالة، والمحاسبة الحقيقية في الإنفاق الانتخابي، وغيره من الخروقات وإبعاد مؤسسات الدولة عن التوظيف السياسي".
***********************************************
الصفحة الثانية
تحذير نيابي جديد بشأن عدم إرسال جداول الموازنة
متابعة ـ طريق الشعب
حذر نائب رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة في مجلس النواب، ياسر الحسيني، من تداعيات استمرار تأخر الحكومة في إرسال جداول موازنة سنة 2025، لافتا إلى أن هذا التأخير يهدد الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة، لاسيما مع اقتراب نهاية السنة المالية الحالية وانتهاء عمر الحكومة والبرلمان.
وقال الحسيني إن “تأخر إرسال الجداول التفصيلية للموازنة يثير قلقا بالغا لما له من أثر مباشر على التزامات الدولة تجاه الموظفين والمشاريع الخدمية والاستثمارية”.
وأضاف أن “اللجنة أكدت مرارا على ضرورة الإسراع في استكمال الموازنة ضمن السقف الزمني الدستوري لضمان الشفافية وحسن إدارة المال العام، وتجنب تكرار أخطاء السنوات السابقة التي أدت إلى تعطيل المشاريع وتراكم الديون وتأخير خطط التنمية”.
وأشار الحسيني إلى أن “استمرار التأخير دون مبررات واضحة يعكس ضعف التنسيق بين مؤسسات الدولة التنفيذية، ويضع علامات استفهام حول جاهزية الحكومة لتسليم الملفات المالية بصورة منظمة قبل انتهاء مدتها الدستورية”، مؤكدا أن “أي محاولة لتمرير موازنات أو تخصيصات في الأيام الأخيرة ستكون موضع رقابة ومساءلة نيابية وشعبية”.
*******************************************
إصابات بين المحتجين بعد اعتداء قوات الأمن.. تصاعد الاحتجاجات في ميسان والبصرة وسط أزمات الرواتب والمياه والخدمات
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظتا ميسان والبصرة موجة احتجاجات واسعة، شملت موظفي العقود وعمال النظافة وخريجي التعداد السكاني والرياضيين، إضافة إلى الأهالي المتضررين من أزمة المياه، وسط تزايد الغضب الشعبي من تأخر الرواتب وتردي الخدمات الأساسية، وتدخل أمني لتفريق التظاهرات.
تفريق بالقوة
شهدت محافظة ميسان، تظاهرات غاضبة لعقود المحافظة وعمّال النظافة احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم منذ تسعة أشهر، فيما أصيب عدد من المتظاهرين بعد أن فرّقتهم القوات الأمنية بالقوة أمام مبنى ديوان المحافظة في مدينة العمارة.
وقال شهود عيان، إن العشرات من موظفي العقود نظموا تظاهرة أمام مبنى المحافظة، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة. وأوضح الشهود أن قوات الأمن تدخلت لتفريق التظاهرة بالقوة، ما أدى إلى وقوع إصابات بين المحتجين، وسط حالة من التوتر في محيط ديوان المحافظة.
وبحسب منسقي التظاهرة، فإن المحتجين من فئة العقود العاملين ضمن تخصيصات البترودولار، يعانون من انقطاع رواتبهم منذ تسعة أشهر، رغم وعود الحكومة المحلية والاتحادية بصرفها. وهدد المتظاهرون بتصعيد خطواتهم السلمية في حال استمرار تجاهل مطالبهم، مؤكدين أن أوضاعهم المعيشية أصبحت "لا تُحتمل".
عمال النظافة
وفي سياق متصل، نظم عمال النظافة في مدينة العمارة وقفة احتجاجية منفصلة رفضاً لما وصفوه بـ"مساعٍ لتخفيض رواتبهم الشهرية" من 270 ألف دينار إلى 150 ألف دينار فقط. وأوضح العمال أنهم يعملون بصفة أجر يومي ضمن مشاريع البترودولار، معتبرين أن المبلغ الحالي لا يتناسب مع حجم الجهد الذي يبذلونه في تنظيف الشوارع والأحياء.
وأعرب العمال عن استغرابهم من التوجه لتقليص رواتبهم، واعتبروا القرار مجحفاً ومخالفاً لحقوقهم، ملوحين بالإضراب عن العمل في حال لم يتم التراجع عنه. كما أكدوا رفضهم لأي محاولات لاستبدالهم بعمال جدد أو استخدام رواتبهم كورقة ضغط.
اعتصام مفتوح في البصرة
تواصلت في محافظة البصرة، موجة الاحتجاجات الشعبية التي شملت مناطق وأوساط مختلفة من المجتمع، حيث تركزت المطالب على معالجة أزمة المياه وتوفير فرص العمل ومنح الأراضي للرياضيين.
ففي قضاء الدير شمال البصرة، استمر الاعتصام المفتوح، مع استمرار إغلاق الطريق المؤدي إلى حقلي مجنون والفيحاء أمام موظفي الشركات النفطية. وجاءت هذه الخطوة بعد أن قطع المتظاهرون الطريق الرئيس الرابط بين بغداد والبصرة منذ مساء الخميس الماضي، احتجاجاً على تفاقم أزمة شح المياه وارتفاع نسبة الملوحة في الأنهر.
وقال الشيخ مثنى الربيعي، قائد حراك الدير، إن الأهالي "يعانون من أزمة مياه خانقة"، داعياً الحكومة إلى مد أنبوب إسعافي من قضاء القرنة أو عبر المشروع الياباني لمعالجة المشكلة. وحذّر الربيعي من أن "المماطلة الحكومية ستدفع المحتجين إلى تصعيد خطواتهم السلمية"، مؤكداً أن قضية المياه بالنسبة للأهالي "مسألة حياة أو موت". وشهدت ساحة اعتصام الدير مساء الأحد حضوراً هو الأوسع منذ انطلاق الاحتجاجات، وسط انتشار أمني مكثف تجاوز الألف عنصر وأكثر من 100 آلية، بحسب مصادر محلية. وأكد عبدالله آدم، أحد أعضاء الحراك، استمرارهم في الاعتصام حتى تحقيق مطلبهم الرئيس وهو "توفير المياه الصالحة للاستخدام البشري ومعالجة أزمة الملوحة".
موظفو التعداد والرياضيون
وفي تطور آخر، نظم عدد من خريجي التعداد السكاني لعام 2024 اعتصاماً أمام مبنى ديوان محافظة البصرة، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم بعد مشاركتهم في العملية الإحصائية. وأوضح المحتجون أن هذه هي المرة السابعة التي يطالبون فيها بالتعيين، مشيرين إلى وجود شواغر في ملفات التوظيف الحكومية يمكن أن تستوعب أعدادهم، التي لا تتجاوز 300 خريج. كما رفعوا شعار "مقاطعة الانتخابات المقبلة" في حال تجاهل مطالبهم.
فيما شهدت البصرة وقفة احتجاجية نظمها عدد من الرياضيين والرواد أمام ديوان المحافظة، طالبوا خلالها بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم. وقال أحد المشاركين في الوقفة إن الرياضيين كانوا قد رتبوا لقاءً مع المحافظ لمناقشة الموضوع، لكنه لم يتم، واعتبروا ذلك "تجاهلاً لحقوقهم". وبيّن أن نحو 200 رياضي لم يحصلوا على أراضٍ حتى الآن، مؤكداً استمرارهم في الاحتجاج حتى تلبية مطالبهم المشروعة.
***********************************************
الزراعة تؤكد وفرة الإنتاج المحلي.. تجار يحتجون على قرار منع استيراد الدجاج واللحوم
متابعة ـ طريق الشعب
تظاهر العشرات من التجار والعاملين في قطاع بيع اللحوم والدواجن المستوردة، في 3 محافظات، احتجاجاً على قرار وزارة الزراعة القاضي بمنع استيراد الدجاج المجمد وبيض المائدة واللحوم المستوردة.
محتجون: القرار "غير مدروس"
ففي بغداد، نظم عدد من التجار وقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة الزراعة، معبرين عن رفضهم القرار الذي قالوا إنه تسبب بتضرر تجارتهم وقطع مصدر رزقهم اليومي. ورفع المحتجون لافتات طالبوا فيها الوزارة بالعدول عن القرار، مؤكدين أنه أدى إلى تراجع مبيعاتهم وتوقف العديد من الأنشطة التجارية المرتبطة بالاستيراد. وفي البصرة، نظم أصحاب محال بيع اللحوم المجمدة والمستوردة وقفة احتجاجية في منطقة العشار، معتبرين أن القرار “غير مدروس” وسيسهم في ارتفاع الأسعار داخل الأسواق.
وقال عدد منهم، إن القرار سيزيد الأعباء المعيشية على المواطنين، مشيرين إلى أن أسعار مقطعات الدجاج بدأت بالارتفاع منذ بدء تطبيق القرار. وأضافوا أن الضرائب والغرامات المفروضة على التجار تعقّد الوضع أكثر، مطالبين وزارتي الزراعة والتخطيط بوضع آليات واضحة لتنظيم عمليات الاستيراد والتسعير.
أما في الموصل، فقد شهد حي الجزائر بالجانب الأيسر وقفة مماثلة لتجار اللحوم والدواجن، الذين قالوا إن القرار تسبب بتوقف أعمال الكثيرين منهم، وارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق المحلية. وأكد عدد من المشاركين أن الإنتاج المحلي لا يغطي سوى نسبة محدودة من حاجة السوق، وأن استمرار القرار سيؤدي إلى احتكار السلع وارتفاع الأسعار بشكل أكبر.
الزراعة: نريد حماية المنتج الوطني
من جانبها، أكدت وزارة الزراعة في بيان، أن أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المحلية “مستقرة”، مشيرة إلى أن حملة داخلية أجرتها الوزارة أظهرت بيع طبقة البيض بـ3 آلاف دينار، والدجاجة بسعر 4 آلاف دينار فقط.
وأوضحت أن الفرق التفتيشية تواصل عملها لضمان الالتزام بالأسعار المحددة وتوفير لحوم آمنة للمستهلكين. وأكد وزير الزراعة عباس جبر المالكي في وقت سابق، أن قرار منع الاستيراد يهدف إلى حماية المنتج المحلي وتوفير آلاف فرص العمل في السوق العراقية، مشيراً إلى أن الطاقة الإنتاجية المحلية كافية لتلبية الطلب.
يُذكر أن المجلس الوزاري للاقتصاد كان قد صوت في 8 أيلول 2025 على قرار منع دخول الدجاج المجمد وبيض المائدة المستورد، في إطار سياسة دعم المنتج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. ويستورد العراق عادةً اللحوم والدواجن والأسماك من عدة دول في المنطقة والعالم، رغم امتلاكه ثروة حيوانية كبيرة.
********************************************
الشيوعي الكردستاني يدعو إلى إعادة تفعيل برلمان الإقليم: نرفض استغلال المال العام في الانتخابات
أربيل ـ طريق الشعب
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني اجتماعها الاعتيادي، لمناقشة الأوضاع السياسية العامة في العراق وإقليم كردستان، إلى جانب التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط والعالم وتأثير تغيّر موازين القوى والعلاقات الدولية على واقع العراق وكردستان.
وتطرّق الاجتماع إلى انعكاسات التوجه النيوليبرالي على بنية الدولة ودورها، مشيراً إلى أن هذا النهج ساهم في خدمة المراكز الأوليغارشية والشركات الكبرى، على حساب الأمن الاقتصادي والاجتماعي، ما أدى إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة وتصاعد القيود على الحقوق والحريات العامة.
وأكدت اللجنة المركزية، أن استمرار الأزمة السياسية وتعطيل عمل برلمان كردستان يُعدّ من أخطر التهديدات التي تواجه الشرعية الوطنية والديمقراطية في الإقليم، مشددة على ضرورة إعادة تفعيل السلطة التشريعية في أقرب وقت ممكن.
وأضافت أنه في حال استمرار تعطيله، فلا بديل عن العودة إلى إرادة الشعب وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة لإنقاذ الإقليم، داعية إلى إعداد خارطة طريق واضحة وإرادة سياسية لحل الأزمات بعيداً عن منطق المناطق والنفوذ الحزبي.
وفيما يخص انطلاق حملة الدعاية الانتخابية للبرلمان العراقي، شدّد الحزب على رفض استغلال المال العام والموارد الحكومية، وكذلك توظيف المشاعر الدينية والمؤسسات الدينية لأغراض انتخابية، داعياً إلى خلق بيئة انتخابية متكافئة تقوم على أسس عقلانية وبرامج واقعية تهدف إلى خدمة المواطنين.
وأكد الحزب أن هذا النهج من شأنه أن يمنع تكرار خيبة الأمل لدى المواطنين بعد كل انتخابات، ويجعل من العملية الانتخابية أداة حقيقية لتعزيز الديمقراطية والحقوق والحريات والعيش المشترك، لا وسيلة لتحقيق مصالح الفئات السياسية الضيقة.
******************************************
بيان استنكار صادر من محلية ميسان للحزب الشيوعي العراقي
تعرب محلية ميسان للحزب الشيوعي العراقي عن رفضها الشديد وإدانتها الكاملة للاعتداءات التي طالت صباح هذا اليوم تظاهرة موظفي العقود، من النساء والشباب، في محافظة ميسان، والبالغ عددهم (٥٠٨٦) موظفًا وموظفة، والذين لم يخرجوا إلى الشارع إلا للمطالبة بحقوقهم المشروعة والمتمثلة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ تسعة أشهر، نتيجة التسويف والمماطلة وتبادل الاتهامات بالمسؤوليات والتراشق بين محافظة ميسان ووزارة المالية.
إن التعامل التعسفي والمسيء مع هذه الشريحة من العاملين، الذين يعانون الأمرّين بسبب حرمانهم من قوت عوائلهم، يُعد فعلًا مشينًا ومرفوضًا ولا يمت للقيم الإنسانية والوطنية بصلة.
إن الاعتداء على النساء والشباب المطالبين بحقوقهم هو جريمة أخلاقية وقانونية، ومحاولة بائسة لإسكات الأصوات الحرة التي تنادي بالعدالة والعيش الكريم.
وإذ نُدين هذه الممارسات القمعية، فإننا نؤكد تضامننا المطلق مع موظفي العقود، ونقف إلى جانبهم في مطالبهم العادلة، ونطالب الحكومة الاتحادية ووزارة المالية ومحافظة ميسان بتحمل مسؤولياتهم الكاملة والإسراع الفوري بصرف رواتبهم المتأخرة، وإنهاء سياسة الإهمال والتسويف.
كما ندعو إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية هذه الاحتجاجات المشروعة فورًا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات التي تنسف أسس الديمقراطية وحق التعبير السلمي عن الرأي.
إن محلية ميسان للحزب الشيوعي العراقي، وهي تجدد تضامنها مع مطالب المحتجين، تدعو القوى الوطنية والديمقراطية كافة إلى رفع الصوت عاليًا دفاعًا عن حقوق العاملين، ورفض كل أشكال القمع والتمييز، ومواصلة النضال من أجل دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، التي تصون كرامة الإنسان وتكفل له حقوقه كاملة غير منقوصة.
محلية ميسان
للحزب الشيوعي العراقي
٦/١٠/2025
******************************************
الصفحة الثالثة
النشاط الطلابي النقابي محظور.. والحملات الدعائية قائمة على قدم وساق.. معنيون: أحزاب السلطة حوّلت التربية والتعليم.. من مؤسسات أكاديمية إلى منصات للدعاية الانتخابية!
بغداد – محمد التميمي
لم تعد وزارتا التربية والتعليم العالي، مؤسستين معنيتين بصناعة المعرفة او رعاية الأجيال، بل تحولتا ـ بفضل سلوك السلطة واحزابها ـ إلى منصات دعائية انتخابية ومقار حزبية متنكرة بواجهة أكاديمية. اما مؤسساتها التي يفترض ان تكون صروحا علمية حصينة، فقد بات اكثرها دكاكين تتلاحق للترويج للمسؤول.
وبدل أن تكون القرارات الوزارية رصينة ومدروسة، باتت الاستثناءات والقرارات الارتجالية تصدر بالجملة، وهي في حقيقتها لا تتعدى كونها مبادرات تهدف لاستمالة العوائل والطلبة، وتخدم مصالح سياسية.
السياسة قبل التعليم والتعلم
يقول مختصون ومهتمون بالشأن التعليمي ان المدارس والجامعات التي يُفترض أن تكون فضاءً للعلم، صارت مسرحاً لصور المحافظين والوزراء وشعارات أحزابهم، في مشهد يذكّر بممارسات الأنظمة الشمولية التي حوّلت قاعات الدرس الى معارض للزعامات. أما الاتحادات الطلابية المهنية والنقابية، فقد جرى خنقها ومنعها، في حين تُفتح الأبواب أمام النشاطات السياسية المرتبطة بجهات السلطة، معتبرين ذلك "نتيجة طبيعية لمؤسسات أسيرة المحاصصة، ولوزراء يضعون الولاء الحزبي فوق المصلحة الوطنية، ولطلاب يجري استغلالهم في الحملات الدعائية في مواسم الانتخابات".
قرارات ارتجالية تهدد التعليم
في هذا الصدد، انتقد نقيب الاكاديميين السابق مهند هلال سياسات وزارتي التربية والتعليم العالي، معتبراً أن “القرارات الاستثنائية التي تُتخذ بشكل متخبط باتت تضرب جوهر العملية التعليمية، وتحوّل المؤسسات التربوية والأكاديمية الى أدوات بيد قوى السلطة".
وقال هلال في حديث لـ"طريق الشعب"، ان “الخلل لا يقتصر على وزارة بعينها، او وزارة دون اخرى، إذ نرى ان الموضوع متفشٍ في جميع الوزارات، وينعكس في اغلب القرارات خصوصاً في مرحلة ما قبل الانتخابات".
وأضاف ان الموضوع ليس بجديد، انما تعاملت جميع الحكومات مع ملف التعليم باعتباره وسيلة لتثبيت حضورها السياسي لا كركيزة لبناء الدولة"، مضيفا انه "بدلاً من وضع خطط استراتيجية طويلة المدى، نرى سلسلة من القرارات الارتجالية التي تُعلن فجأة، وغالباً ما تكون مرتبطة بمواسم انتخابية او دعاية حكومية".
وتابع هلال ان "هذا النهج أنتج استثناءات متكررة في القبولات الجامعية، ونقل الطلبة، وإعادة الامتحانات، وتوسيع المقاعد الدراسية على حساب معايير الجودة والقائمة تطول"، مبينا أن جذور المشكلة تكمن في "غياب استقلالية المؤسستين التربوية والتعليمية، إذ لم تُمنحا يوماً مساحة كافية لاتخاذ قرارات مهنية بمعزل عن الضغوط السياسية، ناهيك عن المحاصصة التي تعصف وتعبث بهما".
ورأى انه “حين يصبح الوزير او المدير العام محسوباً على حزب او تيار، فمن البديهي ان القرارات تُصاغ لخدمة الولاء السياسي قبل خدمة الطالب او الأستاذ او العملية بشكل عام"، معتقدا أن المعالجة تكمن في “إعادة الاعتبار لهاتين المؤسستين، وربط القرارات التعليمية بمعايير الجودة، لا بالأمزجة السياسية".
وشدد على ضرورة "تشريع قوانين تضمن استقلالية هذه المؤسسات، بحيث لا تتحول كل دورة انتخابية إلى منصة لإغراق العملية التعليمية بمزيد من الفوضى".
وختم بالقول انه “من دون إصلاح جذري يرفع يد قوى السلطة عن التربية والتعليم، سيبقى الطالب والجامعة والمدرسة رهائن تجاذبات وصراعات سياسية ودعائية لا علاقة لها بمستقبل البلاد".
طلاب ام مهاويل؟
من جانبه، انتقد المراقب للشأن التعليمي علي حاكم ما وصفه بـ”استغلال السلطات المحلية للمؤسسات الحكومية، وفي مقدمتها مديريات التربية، لتحقيق مكاسب انتخابية ودعائية على حساب المصلحة العامة”.
وقال حاكم لـ"طريق الشعب"، إن "المسؤولية الأولى تقع على عاتق السلطة المحلية، سواء في كربلاء أو في عموم المحافظات، لأنها تمسك بزمام الأمور وتوجه المؤسسات الحكومية لخدمة أجنداتها. فمدير التربية المعيّن من قبل حزب أو جهة سياسية لا يستطيع مخالفة تعليمات المحافظ أو وزير التربية، وبالتالي تصبح قراراته مرتهنة بالسلطة السياسية لا بالعملية التعليمية".
وأضاف حاكم أن قرارات توزيع قطع الأراضي أو إطلاق امتيازات للمعلمين غالباً ما تأتي متزامنة مع مواسم الانتخابات، معتبراً ذلك “أداة انتخابية مكشوفة تستهدف العوائل والرأي العام أكثر مما تخدم قطاع التربية”.
وأوضح أن “وزارة التربية ومديرياتها تعاني منذ سنوات من التخبط وكثرة الاستثناءات غير المدروسة، الأمر الذي أثر سلباً على استقرار العملية التعليمية”، منتقداً قيام بعض المحافظين باستغلال مشاريع المدارس لأغراض دعائية.
وبيّن حاكم أنه “نشاهد افتتاح مدارس في كربلاء مثلاً، توضع عليها صور المحافظ وشعارات حزبه وكأنها منجز شخصي، فيما يُمنع في المقابل نشاط المنظمات المهنية داخل المدارس. هذا سلوك يذكرنا بممارسات النظام السابق عندما كانت صور صدام تُعلّق في المؤسسات التعليمية".
وختم بالقول ان “المشكلة الحقيقية تكمن في عقلية السلطة التي تسخّر التربية لأغراض سياسية، فيما يبقى مديرو التربية ووزارة التربية مجرد أدوات بلا تأثير يُذكر، ما الذي يمكن قوله اكثر حين يحول المسؤول الطالب الى مهوال؟".
النشاط الطلابي المهني محظور
ولا تقتصر هذه الدعاية السياسية على القرارات فقط، اذ تحظر وزارتا التربية والتعليم العالي التعامل مع النشاط الطلابي النقابي.
يقول عضو مكتب سكرتارية اتحاد الطلبة العام، احمد سعد، في حديث لـ "طريق الشعب"، ان الوزارتين تمنعان النشاطات والفعاليات الطلابية التي لا تتماشى مع مزاجهما، وتحظران الاتحادات المهنية. فيما تسمحان في المقابل بانتشار النشاط السياسي المرتبط بالأحزاب الحاكمة”.
ويضيف قائلاً انه “من المؤسف أن تتحول المدارس والجامعات إلى ساحات دعائية، في الوقت الذي تُحظر فيه النشاطات المهنية التي تُعنى بحقوق الطلبة وشؤونهم الدراسية ومستقبله"، معتبرا ان هذا التناقض "يعكس طبيعة الخلل العميق في فلسفة الوزارتين، إذ لم تُبنَ سياساتهما على مبدأ رعاية الطالب، وإنما على خدمة الوزير وحزبه".
ويشير سعد إلى أن “القرارات الأخيرة الصادرة من الوزارتين، هي خير دليل، إذ انها لا تُقرأ الا في سياق دعائي انتخابي، بينما يجري غضّ الطرف عن نشاطات طلابية حزبية داخل الحرم الجامعي وحتى الثانويات والمدارس، والتي عادة ما تكون مرتبطة بقوى سياسية مهيمنة على السلطة”.
وبيّن أن “استمرار هذا النهج يخلق بيئة تعليمية غير عادلة، تهمّش أصوات الطلبة المستقلة، وتحوّل الجامعات والمدارس إلى واجهات سياسية بدلاً من كونها صروحا علمية ومؤسسات معرفية”.
وجدد دعوته في السياق الى الغاء الحظر المفروض على الاتحادات والنقابات الطلابية المهنية، ومنحها مساحة مناسبة للعمل المهني داخل المؤسسات التعليمية، الى جانب الحرص على منع استغلال الحرم التعليمي في الدعاية السياسية.
واختتم سعد حديثه بالقول: إن "ترك الوزارتين أسيرتين للمحاصصة السياسية سيبقي الطالب أداة انتخابية بيد السلطة، بينما يُحرم من أبسط حقوقه في التنظيم والعمل الطلابي الحر".
********************************************
أفكار من أوراق اليسار.. اليسار والتضامن
إبراهيم إسماعيل
في أيلول 1973، وما إن انتشر خبر استشهاد سلفادور أليندي، الرئيس الشرعي لتشيلي، على يد المخابرات الأمريكية وجرذها الدموي بينوشيه، حتى اجتاحت العراق حملة تضامن رائعة، أحضرت تلك البلاد البعيدة إلى مقاهينا وبيوتنا، وجعلت مفردات مثل "سانتياغو"، وأسماء كـ "فيكتور جارا"، و"نيرودا"، و"كورفالان"، أليفة للعراقيين، وعزيزة على قلوبهم، رغم أنهم لم يكونوا قد سمعوا بها من قبل. لم تمضِ سوى فترة قصيرة حتى اعتقلت الحكومة الفاشية في الأوروغواي القائدَ الشيوعي رودني أرسميندي، فتكرّر تضامننا لإنقاذه. وأذكر حينها أن أعزّ رفاقي تصوّر، جادًّا أو مازحًا، وجود علاقة قربى بين أليندي وأرسميندي، فقال بحزن: "عمت عيني، ࢰضّوا بيت الندي!" وقبلها وبعدها، كانت لكل من تتلمذ في مدرسة الشيوعيين عشرات المواقف التضامنية مع الشعوب في كفاحها من أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وبقي التضامن بالنسبة لهم توأم اليسار، به يتنفس، ويتقدم، وينمو، وينتشر.
ولهذا، قد تبدو غريبةً تلك الدهشة التي أثارها تبنّي الأحزاب الشيوعية واليسارية في العالم، بما فيها الحاكمة، مواقف تضامنية رائعة ضد جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين. غير أن ما منح تلك الدهشة طعم الفخر، هو خلوّ تلك المواقف من أي طابع شعبوي أو براغماتي، داخليًا كان أو خارجيًا، وتجسيدها لحدوث تغيير عميق في النضال الأممي، سواء ضد الاستبداد والإرهاب الذي يُمارَس لحمايته، أو لإنهاء سياسات الإفلات من العقاب، وازدواجية المعايير، والتغوّل على القانون والشرعية الدولية. كما جاء تطوّر هذه المواقف ليمثل خلاصاً من خيبات التراجع الذي أعقب وأد التجربة الاشتراكية الأولى، وليؤشر عودة حميدة، ليس فقط للاعتراف بشرعية مقاومة القهر والتمسك بالكفاح من أجل الحقيقة والعدالة، بل وبسريان هذا الاعتراف إلى خارج الحدود الوطنية، مبشّرًا بشروق شمس الأممية من جديد، وباعثًا في نفوس الثوريين الأملَ بنهاية حتمية للعبودية والاستغلال.
ورغم أن المجال أضيق من أن يُلمَّ بالتفاصيل، فلا بدّ من الإشادة بجميع الأحزاب الشيوعية، بكوبا التي قاد رئيسها ميغيل كانيل، وهو يرتدي كوفية فلسطينية وقميصًا يحمل وجه جيفارا، أضخم مظاهرة دعمًا لفلسطين، في ميدان تحيط به صور كارل ماركس، وخوسيه مارتي، ومارتن لوثر كينغ. وكذلك بالمكسيك، التي انضمّت، بقيادة الرئيسة كلوديا شينباوم، إلى جنوب أفريقيا في الشكوى ضد إسرائيل، على ما ترتكبه من إبادة جماعية. وفي تشيلي، التي سبق للموساد ودرّب قتلةَ شعبها، قرر الرئيس اليساري بوريك سحب السفارة من تل أبيب وقطع العلاقات التجارية والعسكرية معها. وفي بوليفيا، الأرض التي استُشهد عليها جيفارا، قرر الاشتراكي لويس آرسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وكان الموقف الأبرز مؤخرًا هو تبنّي الزعيم الكولومبي اليساري غوستافو بيترو موقفًا حاسمًا ضد تل أبيب؛ فقطع العلاقات معها، وشارك في تأسيس "مجموعة لاهاي"، التي تسعى إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي.
وفي أوروبا، كان لليسار الحاكم في إسبانيا مواقف مهمة في إدانة إسرائيل، وإيقاف التعاون معها، بل والمشاركة في حملات مقاطعتها وعزلها. وهي ذات المواقف التي تبنّاها حزب اليسار الأوروبي، وحزب "فرنسا الأبية"، واليسار الألماني، وحركة "سيريزا" اليونانية، والتحالف اليساري الحاكم في بلجيكا، وغيرها. وارتفعت هناك، في الهند وسريلانكا وماليزيا وإندونيسيا وغيرها، أصوات التضامن اليساري، وتواصلت.
وفي الوقت الذي تبدو فيه ساحات اليمين التقليدي والمتطرف، ومنها القصور "العربية"، صامتةً كالقبور أو موالية للقتلة، يتجدد يقيني بالكلمات الأخيرة لأليندي: "سيمضون، وستُفتح من جديد الطرق الواسعة للناس الأحرار. قريبًا، سيأتي اليوم الذي تُشرق فيه شمس العدالة على الشعوب، من جديد."
*********************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
اتفاقية النفط بين بغداد وأربيل نموذج للتسوية أم حلّ مؤقت؟
لموقع المجلس الأطلسي، كتبت فيكتوريا تايلور ويريفان سعيد مقالًا حول توصل الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم كردستان، وشركات النفط السبع الكبرى، وشركة نفط كردية محلية، إلى اتفاقٍ بشأن تسويق النفط المُنتَج من آبار الإقليم عبر خط الأنابيب العراقي–التركي، وذلك بعد ما يقرب من عامين ونصف من الحوار.
ووصف المقال الاتفاق بأنه هش، وإنْ كان بالغ الأهمية، لأنه يُمثّل ترتيبًا فنيًا وقانونيًا لاستئناف تدفّق النفط، وتجربة سياسية في التوفيق بين السيادة الاتحادية والاستقلال الإقليمي واحترام العقود المبرمة، في واحدة من أكثر البيئات السياسية تعقيدًا في العالم.
تفاصيل الصفقة
وسرد المقال تفاصيل الخلاف الذي تسبب في نشوء المشكلة بين بغداد وأربيل، والذي أدى إلى خسارة إقليم كردستان لأكثر من 35 مليار دولار، منذ إغلاق خط الأنابيب في آذار 2023، حين أدانت محكمة باريس الدولية تركيا بسبب سماحها للإقليم بتصدير نفطه الخام بشكلٍ مستقل، منتهكةً بذلك معاهدة عام 1972 الموقعة بينها وبين العراق، والتي تُنظّم استخدام خط الأنابيب، وأمرتها بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد.
ورغم أن توقُّف الصادرات جاء نتيجةً لقرار أنقرة بإغلاق الأنابيب، فإن العقبات الرئيسة أمام إعادة فتحها تمحورت حول النزاعات المتعلقة بالسيادة، والموارد الطبيعية، وصلاحيات الحكومتين الاتحادية والإقليمية، وشرعية عقود شركات النفط العالمية في الإقليم، بالإضافة إلى التنافس السياسي في البلاد.
ونبّه المقال إلى ما تتسم به الآليات الفنية والقانونية للاتفاقية الحالية من تعقيدات شديدة، تعكس التوازن بين المصالح الدستورية، والتاريخية، والسياسية، والتجارية، بل وحتى الجيوسياسية المتنافسة؛ حيث تُلزِم حكومة إقليم كردستان بتسليم ما لا يقل عن 230 ألف برميل نفط يوميًا إلى وزارة النفط في الحكومة الاتحادية، مع السماح لها بالاحتفاظ بخمسين ألف برميل يوميًا للاستخدام المحلي، فيما تتولى بغداد دفع رسوم عبور خطوط الأنابيب، وسداد مستحقات شركات النفط العالمية المتعلقة بتكاليف الإنتاج والنقل، وفق تقييم تجريه لاحقًا شركة استشارية دولية تعاقدت معها وزارة النفط.
تنازل متبادل
وأعرب الكاتبان عن اعتقادهما بأن الاتفاق يُمثّل، سياسيًا، انتصارًا ملحوظًا لواشنطن، التي مارست ضغوطًا كبيرة لإعادة فتح خط الأنابيب منذ إغلاقه، في إطار مساعيها لجلب المزيد من النفط إلى السوق العالمية، ولضمان مصالح المستثمرين الأمريكيين في شركات النفط العالمية ذات الصلة.
كما يُمثل الاتفاق ـ حسب الكاتبين ـ انتصارًا وتنازلًا متلازمين لكل من بغداد وأربيل؛ إذ استعادت فيه بغداد الرقابة على الصادرات وأدرجت براميل أربيل ضمن قانون الموازنة الاتحادية، محققةً بذلك هدفًا طويل الأمد، بينما حافظت حكومة إقليم كردستان على قطاع الطاقة محليًا، وضمنت تسديد تكاليف إنتاجها، واحتفظت بالقدرة على بيع النفط في الخارج — على الأقل في الوقت الراهن — وإنْ كان ذلك تحت مظلة المؤسسة العامة لتسويق النفط.
وكما تنازلت بغداد عن الحصانة السيادية بقبولها اللجوء إلى التحكيم الدولي، تنازلت أربيل عن حقها في تسويق مستقل للنفط، الذي سيُطلق عليه اسم "نفط كركوك"، وليس "نفطًا كرديًا"، فيما شعرت شركات النفط ببعض الارتياح مع استئناف الصادرات، نظرًا لإمكانية استرداد مستحقاتها وتكاليفها بعد انقطاع طويل.
استمرار التحديات
ورأى الكاتبان أن من أبرز التحديات الداخلية وجود جو من عدم اليقين، إذ أن الاتفاقية قابلة للتجديد كل ثلاثين يومًا حتى نهاية عام 2025، ما يُؤكد غياب الثقة، ويجعلها عُرضةً لنقاط ضعف ناتجة عن تحولات سياسية محتملة، واضطرابات تشغيلية، وصدمات خارجية — خاصةً إذا استغلها معارضو رئيس الحكومة الاتحادية في الدعاية الانتخابية، إذ كان هؤلاء من أبرز مَن عرقل الوصول إلى الاتفاق، معتبرين إياه تنازلًا كبيرًا لحكومة إقليم كردستان.
وأعرب الكاتبان عن خشيتهما من أن يتحوّل الاتفاق إلى قضية انتخابية، مما قد يخلق ضغوطًا لإعادة النظر في بعض بنوده، أو حتى رفضه، بغض النظر عن مزاياه الفنية، لاسيما في ظل الدعم الذي قدّمته واشنطن لرئيس الحكومة مقابل هذا الاتفاق من جهة، ورغبته شخصياً في الحفاظ على علاقات قوية معها من جهة اخرى.
كما يُشكّل انتهاء صلاحية اتفاقية نقل النفط الخام العراقي تهديدًا خارجيًا للاتفاق. فقد أشارت تركيا بالفعل إلى ضرورة التفاوض على معاهدة جديدة بحلول تموز 2026 لضمان استمرار تدفق النفط. وبالتالي، فإن سعي تركيا إلى اتفاق طاقة أوسع يشمل الغاز والكهرباء، بالإضافة إلى مطالبتها بمرونة أكبر في التعاقد مع مستخدمين آخرين — مثل حكومة إقليم كردستان — قد يُعرّض الاتفاق، بل وربما النظام بأكمله، لخطر التوقف التام.
***********************************************
الصفحة الرابعة
الاختناقات المرورية تعود إلى شوارع بغداد بقوة.. و{الإعمار} ترهن انسيابية الحركة بإنجاز مشاريعها
بغداد - تبارك عبد المجيد
مع انطلاق العام الدراسي الجديد في بغداد، عادت الاختناقات المرورية لتسيطر على شوارع العاصمة، مخلفة تأثيراً مباشراً على حياة المواطنين وسائقي المركبات، فقد أصبح الازدحام جزءاً من الروتين اليومي، حيث تظل الجسور والطرق المخصصة لتخفيف الضغط المروري مكتظة بشكل مستمر، ما يؤدي إلى تأخير الوصول إلى أماكن العمل والخسارة في الرحلات، وسط غياب وسائل نقل جماعي فعالة يعتمد عليها السكان.
الأزمة المرورية في بغداد لم تعد مجرد إزعاج يومي، بل تحولت إلى عبء اقتصادي هائل، إذ تقدر الخسائر السنوية الناتجة عن الوقت الضائع واستهلاك الوقود وصيانة البنية التحتية بمليارات الدولارات، بينما تتأثر إنتاجية العامل العراقي بشكل ملموس بسبب التأخيرات اليومية. ويزداد الوضع سوءاً مع تزايد أعداد السيارات الشخصية، ما يزيد الضغط على الشوارع غير المؤهلة للتعامل مع هذا الحجم الكبير من الحركة المرورية، كما يعزز الانبعاثات الضارة بالبيئة ويضاعف التكاليف الاقتصادية على الدولة والمواطن على حد سواء.
سائق: شوارع بغداد "جحيم يومي"
يقول محمد جاسم، سائق سيارة أجرة في بغداد: "الازدحامات المرورية أصبحت جحيماً يومياً بالنسبة لي كسائق. حتى الجسور والطرق المخصصة لتخفيف الاختناقات، مثل مجسر الأمانة ومجسر الربيعي وجسر القادسية، مكتظة بالسيارات بشكل مستمر، وأضطر للانتظار ساعات طويلة قبل أن أصل لزبائني".
ويضيف جاسم لـ"طريق الشعب"، أن "هذه الأزمة تؤثر مباشرة على عملي، فأحياناً أخسر رحلات أو زبائن بسبب تأخري، وكل يوم يمرّ أشعر بالإرهاق النفسي والجسدي من مجرد التنقل في شوارع العاصمة. لا يوجد حلول عملية حتى الآن، وكل المشاريع التي نفذتها الحكومة لم تسهم فعلياً في تخفيف العبء".
ويبين جاسم، أن السبب الرئيس هو غياب وسائل النقل الجماعي واعتماد الناس على سياراتهم الخاصة، ما يزيد من عدد المركبات، ويجعل حركة السير صعبة للغاية. ويختتم بالقول: "كمواطن وسائق، أصبحت حياتي اليومية محكومة بالازدحام، وأحياناً أشعر أنني أعمل ساعات طويلة لمجرد أن أصل إلى أماكن عملي وزبائني".
ما الحل؟
فيما أكد سلوان الأغا، مهندس معماري، أن هذه الأزمة تتطلب تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى للتعامل مع الكثافة السكانية والحركة الاقتصادية المتنامية.
وقال الأغا لـ"طريق الشعب"، إن المدن الحالية غير قادرة على استيعاب هذه الكثافة، موضحاً أن الحل يبدأ من توزيع مراكز الاقتصاد والإدارة والمراكز التجارية الحيوية بعيداً عن مراكز المدينة، مع توفير بدائل مناسبة لها.
وأضاف أن هذا التوزيع يرتبط أيضاً بالنظام السياسي، وضرورة توزيع الصلاحيات وعدم تركزها في مكان واحد، مشيرا الى أن تطوير الطرق المحورية والحولية يشكل عنصراً أساسياً في تخفيف الاختناقات، بحيث تمر المركبات التي لا تحتاج لدخول المدينة عبر هذه الطرق الخارجية، ما يقلل من ضغط السيارات على الشوارع الداخلية. كما شدد على ضرورة إعادة النظر في اتجاهات الشوارع، وإنشاء التقاطعات والإشارات الضوئية والجسور، بهدف تنظيم الحركة وتسهيل تنقل المواطنين.
وبين الأغا أن بعض الحلول الأخرى تشمل إلزام المباني التجارية والمرافق الكبيرة بتوفير مواقف سيارات كافية تحت الأرض أو وفق التصميم المعماري للبناية، بما يساهم في تقليل الكثافة المرورية داخل المدن، مضيفا أن تنفيذ هذه الإجراءات يحتاج إلى خطة استراتيجية طويلة المدى، مع إجراءات متوسطة المدى تشمل تطبيق قوانين وتشريعات محددة من قبل الوزارات المعنية، مثل وزارتي الإسكان والبلديات، والنقل.
وعن الحلول المستقبلية، شدد الأغا على أهمية تطوير النقل العام والنقل الشامل، بما في ذلك مشاريع الترام والمترو، لتخفيف الضغط على الطرق وتحسين حركة المواطنين داخل المدن، مؤكداً أن النقل الجماعي الفعّال يشكل ركيزة أساسية لتخفيف الاختناقات المرورية على المدى الطويل.
واختتم الأغا بالقول: إن إدارة الحركة المرورية تتطلب تكاملاً بين التخطيط العمراني، تطوير البنية التحتية، التشريعات، وتعزيز ثقافة النقل العام، لضمان استدامة الحركة داخل المدن وحماية المواطنين من الاختناقات اليومية التي تؤثر على حياتهم العملية والشخصية.
غياب منظومة نقل عام
من جهته، يقول عبدالله نجم إن أزمة الازدحامات المرورية في العراق لم تعد مجرد مشكلة يومية بسيطة، بل تحولت إلى عبء اقتصادي هائل يهدد استقرار الاقتصاد الوطني.
ويضيف نجم أن الخسائر المباشرة الناتجة عن الوقت المهدور، واستهلاك الوقود، وصيانة البنية التحتية تصل إلى أكثر من ملياري دولار سنوياً، وهو مبلغ كان بالإمكان استثماره في مشاريع إنتاجية وتنموية تعزز النمو وتخلق فرص عمل جديدة.
ويشير نجم في حديث لـ"طريق الشعب"، الى أن الدراسات الدولية تظهر أن العامل العراقي الذي يتأخر يومياً لمدة ساعة كاملة بسبب الاختناقات المرورية تقل إنتاجيته بنسبة تصل إلى 15 في المائة مقارنة بزملائه، ما ينعكس سلباً على أداء المؤسسات والقطاع الخاص، ويخفض الكفاءة الاقتصادية العامة.
ويبين أن تكاليف النقل المرتبطة بالازدحام في عام 2024 تستهلك حوالي 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وهو رقم كبير يوضح أن الازدحام لم يعد مجرد إزعاج يومي، بل مشكلة اقتصادية على نطاق واسع.
من جهة أخرى، يذكر نجم أن المشكلة تتفاقم بسبب غياب منظومة نقل عام متكاملة، إذ يعتمد المواطن العراقي بشكل شبه كامل على السيارات الخاصة وسيارات الأجرة، ما يزيد من أعداد المركبات على الطرق ويضاعف الضغط على البنية التحتية غير المؤهلة للتعامل مع هذا الحجم الكبير من الحركة المرورية، بالإضافة إلى زيادة استهلاك الوقود المستورد وارتفاع نسب الانبعاثات الضارة بالبيئة.
ويعتقد أن استمرار الوضع على هذا النحو يعني أن الاقتصاد العراقي يدفع فاتورة يومية قاسية، وفقدان مليارات الدولارات سنوياً، مؤكداً أن الحل الاستراتيجي يكمن في الاستثمار العاجل في مشاريع النقل الجماعي، مثل القطارات الخفيفة والحافلات الجماعية، التي تقلل عدد السيارات على الطرق، وتخفض التكاليف الاقتصادية، وتحافظ على البيئة، وتعيد الانسيابية لحركة المواطنين، وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني من خسائر سنوية فادحة تهدر مليارات الدولارات دون طائل.
الإعمار والإسكان تدافع عن مشاريعها
بدوره، ذكر المتحدث باسم وزارة الأعمار والإسكان، نبيل الصفار، أن مشاريع فك الاختناقات المرورية ساهمت بالفعل في تخفيف الضغط المروري في الأماكن التي أنجزت فيها، وهو ما لمسه المواطن بشكل فعلي على الأرض، مشيراً إلى أن العمل لا يزال مستمراً في مشاريع الحزمة الأولى بالإضافة إلى البدء ببعض مشاريع الحزمة الثانية، سواء التي تنفذها وزارة الأعمار والإسكان والبلديات العامة أو تلك التي تنفذها أمانة بغداد.
وقال الصفار لـ "طريق الشعب"، ان "مع اكتمال هذه المشاريع ستشهد العاصمة انسيابية كبرى في حركة السير، لا سيما مشاريع إنشاء الجسور الرابطة بين جانبي الكرخ والرصافة والتي تبلغ ستة جسور"، مشيراً إلى أن بغداد لم تشهد إنشاء جسر عابر لنهر دجلة منذ أكثر من ثلاثين عاماً وهذه الجسور ستوفر محاور ربط حيوية تخفف من الاختناقات المرورية وتسهّل التنقل بين جانبي المدينة.
*******************************************
جفاف الأنهار يهدد الصيادين في الناصرية: آلاف العائلات بلا مصدر رزق!
بغداد - طريق الشعب
يشهد قطاع الصيد وتربية الأسماك في العراق، ولا سيما في محافظة الناصرية ومناطق الأهوار، أزمة غير مسبوقة تهدد مصدر رزق عشرات الآلاف من العائلات، فقد وضع شح المياه وجفاف الأنهار، إلى جانب القرارات الحكومية المتعلقة بإيقاف تجديد إجازات الأحواض الطينية، الصيادين ومربي الأسماك أمام واقع صعب أجبر الكثير منهم على هجر مهنتهم واللجوء إلى أعمال بديلة.
وفيما يحذر ممثلو الجمعيات المختصة من انهيار هذا القطاع الحيوي، يطالب صيادون ومربون الحكومة بالتحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من ثروة مائية وسمكية تشكل جزءاً أصيلاً من تاريخ وثقافة الأهوار العراقية.
مهنة تتلاشى
الحاج سالم حسين، أحد مربي الأسماك في المحافظة، قال لـ "طريق الشعب"، إنّ الأهالي باتوا يخرجون بالحفارات في محاولة لإيصال كميات ضئيلة من المياه إلى أراضيهم الزراعية، إلا أن جهودهم تذهب سدى.
وأضاف: "أقسم المياه لا تصل إلى الأراضي الزراعية، وأنا أشاهد ذلك يومياً. الصيادون لم يعودوا يجدون ما يفعلونه بعد جفاف الأهوار والأنهار."
وأوضح حسين أن عشرات الصيادين كانوا يمتلكون إجازات صيد رسمية صادرة عن وزارة الزراعة/ قسم الثروة السمكية في الناصرية، يجددونها بشكل سنوي، إلا أنهم اليوم بلا مصلحة ولا مصدر رزق، ما دفعهم إلى الاتجاه نحو القطاع الخاص أو الهجرة إلى بغداد للعمل في الفنادق والمطاعم أو الانخراط في أعمال يومية بسيطة.
وتابع "هذه المهنة التي عشنا عليها لعقود انتهت، وكل واحد صار يبحث عن رزقه بما تيسر. البعض صار عاملاً بأجر يومي، وآخرون تركوا مدينتهم والتحقوا بأعمال شاقة بعيداً عن مهنتهم الأصلية".
ويحذر من أن استمرار الأزمة يهدد استقرار آلاف العائلات التي تعتمد على هذا القطاع، داعين الجهات الحكومية إلى التدخل العاجل لمعالجة أزمة المياه، وتأهيل الجداول والأنهار الفرعية، وتأمين الحصص المائية الكافية لإنقاذ الأهوار والأنشطة المرتبطة بها.
في ظل هذا الواقع، يؤكد ان هذه المهنة التي ارتبطت بتاريخ وثقافة الأهوار في جنوب العراق أخذت تتلاشى، فيما يبقى الصيادون بين انتظار حلول حكومية قد تعيد الحياة إلى أنهارهم، أو البحث عن أعمال أخرى تجنبهم العوز، وتضمن قوت يومهم.
أزمات متراكمة
إياد الطالبي، رئيس الجمعية العراقية للأسماك، تحدث عن واقع قطاع الصيد وتربية الأسماك في العراق، كاشفًا عن أزمات متراكمة تهدد هذا القطاع الحيوي.
وقال الطالبي لـ "طريق الشعب"، إن "الصيادين في العراق ينقسمون إلى مجموعتين: الأولى تضم العاملين في مياه الخليج العربي باستخدام اللنجات المرخصة، والذين يواجهون باستمرار إشكالات مع خفر السواحل الكويتية والإيرانية. أما المجموعة الثانية فتضم عمال الصيد داخل الأهوار والأحواض المرخصة، وهؤلاء يختلف وضعهم كليًا عن الصيادين البحريين".
وأضاف أن "ما يشاع حول وجود 35 ألف صياد في الناصرية غير دقيق"، مبينًا أن النشاط الأكبر في تربية الأسماك قائم في محافظات بابل، الأنبار، والكوت، عبر مشاريع الأحواض الطينية والأقفاص العائمة. بينما الناصرية لا تضم سوى مشاريع محدودة جداً.
وبين الطالبي أن "القطاع لا يقتصر على الصيادين فحسب، بل يشمل شبكة واسعة تضم مربّي الأسماك، أصحاب معامل الأعلاف، ناقلي الأسماك، العاملين في التسويق والمطاعم، وهو ما يرفع أعداد العاملين في القطاع إلى ما يقارب المليون ونصف أو أكثر، بحسب المواسم وظروف السوق".
وحذر الطالبي من "انهيار كبير جداً" يهدد القطاع بعد قرارات حكومية أوقفت تجديد إجازات الأحواض الطينية منذ عام 2016، وأغلقت منافذ الري بحجة تأمين مياه الشرب. وأشار إلى أن الحل البديل يكمن في "النظام المغلق لتربية الأسماك"، الذي لا يعتمد على المجاري المائية، موضحًا أن لجنة مختصة برئاسة الدكتور إبراهيم الساعدي وبتوجيه مباشر من رئاسة الوزراء، تعمل حاليًا على وضع القوانين والتعليمات الخاصة بهذا النظام الجديد.
وأكد أن وزارة الزراعة بدأت بالفعل بإصدار تراخيص لمشاريع النظام المغلق، على أن يصبح البديل الرئيسي للأحواض التقليدية. ورغم ذلك، ما تزال هناك تحديات كبيرة، أبرزها القيود على إدخال الأعلاف والإصبعيات إلى المزارع المرخصة، وهو ما تسبب في مشكلات عدة للمنتجين.
وتابع الطالبي بالقول إن الجهود الحكومية واللجان المختصة بدأت تحل تدريجياً أزمة الأعلاف وتسهيل عمل المزارع، مشدداً على أن التحول إلى النظام المغلق يمثل "الخيار الاستراتيجي لإنقاذ قطاع الثروة السمكية في العراق" وضمان استمراره.
حرمان الصيادين من مصدر رزقهم
ناجي ارحيم السعيدي، رئيس جمعية الصيادين في هور الحمار، كشف في حديث صحفي عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها الصيادون في مناطق الأهوار جنوب الناصرية، مؤكداً أن نحو 35 ألف نسمة كانوا يعتمدون على صيد الأسماك كمصدر رزق رئيسي، إلا أن هذا المصدر توقف تماماً خلال الأيام الأخيرة.
وأوضح السعيدي أن الجمعية عقدت لقاءً مع وزير الموارد المائية عون ذياب، لبحث ضرورة تنظيف وإكراء الجداول المائية الفرعية المتصلة بنهر الفرات، بهدف تمكين أصحاب الزوارق من استخدامها كمسالك مائية تربطهم بالأنهار، إلا أن الاستجابة الحكومية ما تزال محدودة، فيما تتفاقم معاناة الصيادين يوماً بعد آخر.
وحذر السعيدي من أن استمرار حرمان الصيادين من مصدر رزقهم الأساسي يهدد استقرار آلاف العائلات في المنطقة، داعياً الجهات الحكومية المعنية إلى تحرك عاجل لإنقاذ هذه الشريحة الضعيفة، عبر تأهيل المجاري المائية وتسهيل حركة الزوارق، بما يضمن استعادة حياتهم الطبيعية.
قضية إنسانية واقتصادية كبرى
من جانبه، قال سجاد علي، ناشط بيئي، في حديث لـ "طريق الشعب"، إن أزمة الصيادين ومربي الأسماك في الناصرية والأهوار "لم تعد مجرد مشكلة قطاعية، بل تحولت إلى قضية إنسانية واقتصادية كبرى تهدد استقرار آلاف العائلات".
وأضاف علي، أن جفاف الأنهار وتراجع منسوب المياه ليس سببه العوامل الطبيعية فقط، بل يتصل أيضاً بـ"غياب السياسات الحكومية الفاعلة لإدارة الموارد المائية بشكل عادل ومنصف". وأضاف ان "ما يجري اليوم من إغلاق منافذ الري وإهمال الجداول المائية يضاعف معاناة السكان، ويدفع شرائح واسعة نحو البطالة والهجرة القسري".
وأكد أن استمرار الأزمة دون حلول عملية “ينذر بتفكك مجتمعي في مناطق الأهوار"، داعياً إلى "إستراتيجية حكومية عاجلة لإنعاش الثروة السمكية، تبدأ من إصلاح البنى التحتية المائية، وتنظيم استيراد الأعلاف، وصولاً إلى تفعيل النظام المغلق كخيار استراتيجي".
وختم علي بالقول ان "المسألة لم تعد تتعلق فقط بسمك أو صيادين، بل بمصير ثقافة الأهوار التي تشكل جزءاً من هوية العراق وتراثه الإنساني".
**********************************************
الصفحة الخامسة
وسط تراجع القدرة الشرائية.. بغداد الأغلى معيشياً.. من قناني الماء حتى العقارات
متابعة – طريق الشعب
في أحد أحياء بغداد الحديثة، أو ما يُطلق عليها "الراقية"، توقفت عبير أمام متجر لشراء قنينة ماء صغيرة لابنها، فاكتشفت أن سعرها 500 دينار. تنهدت وقالت: "في محافظتنا نشتري قنينتين بهذا السعر"!
وبينما دفعت الـ 500 دينار، بدأت تفكر في بدل إيجار المنزل الذي طلبه صاحب العقار، والبالغ نحو 900 دولار شهريا. وهو مبلغ يفوق قدرتها الشرائية ويجعل فكرة انتقالها إلى بيت أوسع في منطقة حديثة نسبيا، حلما بعيد المنال.
قصة عبير ليست غريبة. فهي تلخص معاناة آلاف العائلات البغدادية التي تصطدم يومياً بجدار الأسعار. فمن أبسط الأشياء كقنينة الماء أو أجرة التاكسي، إلى العقارات التي تُباع بملايين الدولارات، تحولت العاصمة إلى "مدينة غلاء" تُثقِل كاهل سكانها وتستنزف دخلهم.
متاهة مكتظة بمحالّ المواد الغذائية والملابس والمطاعم والمقاهي الصغيرة والكبيرة ومراكز التسوّق المتلاصقة، كلها تشكّل صورة لمدينة تقدّم نفسها كسوق استهلاكي مفتوح بلا متنفسات عامة أو ملامح حياة هادئة.
لكن وفرة العروض لا تعني أنها مدينة يسهل العيش فيها. فالأسعار ترتفع إلى مستويات لا تضاهيها حتى أسعار بعض الوجهات السياحية في المنطقة، من وجبة سريعة إلى شقة سكنية، تكاد كل سلعة أو خدمة تكلف ضعف ما يجده العراقي في أي مدينة أخرى.
وعلى الورق تُعرّف بغداد بأنها العاصمة الإدارية ومركز مؤسسات الدولة وملتقى كبار التجار والمستوردين، لكن هذا التعريف يخفي واقعاً آخر، حيث التضخم المفرط الناتج عن شبكة معقّدة من الاحتكار والفساد والطلب غير المنظّم – وفقا لمراقبين يرون أيضا أن مدناً مثل البصرة الغنية بالنفط، وأربيل والسليمانية المعروفتين كوجهتين سياحيتين، لا تزال أقل كلفة من العاصمة.
التجار يتحمّلون كلفا إضافية
حين يُسأل خبراء اقتصاديون عن أسباب الغلاء في بغداد مقارنة بمدن أخرى، يجيبون بأن المسألة تتجاوز العرض والطلب إلى بنية اقتصادية مشوّهة.
الخبير الاقتصادي نبيل جبار العلي، يقسّم المشكلة إلى محاور عدّة: "إيصال أي سلعة إلى العاصمة يحمّل التجار كلفاً إضافية تبدأ من النقل وتنتهي عند الرسوم غير الرسمية. كما أن غياب المنافسة واحتكار بعض السلع من قبل عدد محدود من التجار يضاعف الأعباء".
ويضيف في حديث صحفي قوله أن "بغداد، إلى جانب كونها مركز القرار السياسي، تحولت إلى بيئة مرتفعة الكلفة في كل شيء: الإيجارات، أجور العمال، وكلف النقل التي تتفاقم بسبب الازدحامات اليومية".
لكن العبء الأكبر - كما يقول العلي - يتمثل في الفساد البنيوي "المستوردون يتعرضون لابتزاز مقابل تمرير بضائعهم أو الحصول على الموافقات الرسمية. وهذه التكاليف غير المرئية يدفع ثمنها المواطن في النهاية".
ويقارن العلي الوضع بتركيا وغيرها من البلدان التجارية. حيث تربط شركات كبرى تعمل في خدمة البريد، بين المدن، ما يخفض تكاليف النقل. بينما يفتقر العراق إلى منظومة لوجستية فاعلة في هذا الشأن، ما يجعل حركة البضائع أكثر كلفة وأقل استقراراً.
غير أن التفاوت لا يقف عند حدود النقل. فإقليم كردستان، رغم تسهيلاته الكمركية وانفتاحه التجاري، يواجه هو الآخر مفارقة اقتصادية. إذ يقول العلي أن "الإقليم يتمتع بتسهيلات كمركية واسعة جعلته وجهة للتجارة، لكن بعض السلع خصوصاً التكنولوجية وقطع غيار السيارات، ارتفعت أسعارها بنحو 30 في المائة مقارنة ببغداد".
ويرى أن "السبب يعود إلى منصة البنك المركزي الخاصة بتمويل التجارة بالدولار. فبينما استفاد تجار بغداد من السعر الرسمي عبر المنصة، حُرم الكثيرون من تجار الإقليم منها بسبب غياب المصارف الحكومية، ما اضطرهم لشراء الدولار من السوق الموازية، فارتفعت كلفة الاستيراد والأسعار النهائية".
مفارقات الأسعار
يكشف متابعون لحركة السوق هوّة بين المدن من ناحية الأسعار، مبينين أن قنينة الماء سعة 250 مل، تُباع في بعض مراكز التسوّق البغدادية الحديثة بـ500 دينار، بينما تُباع في بقية المحافظات ومنها محافظات كردستان، بـ250 دينارا فقط.
ويضيفون القول أن معدّل أجرة وقوف السيارة في مواقف السيارات بمركز العاصمة يبلغ 5000 دينار، بينما في كردستان ومدن الجنوب يبلغ معدل الأجرة 1500 دينار.
أما في العقارات، فتُصنّف بغداد بين أغلى مدن الشرق الأوسط. فالإيجار في العاصمة الأردنية عمّان، المعروفة بارتفاع تكاليفها، يتراوح بين 200 و400 دولار شهريا للشقة أو المنزل، بينما لا يقل في مركز بغداد عن 800 دولار لمنزل متواضع. في المقابل، تتراوح الإيجارات في السليمانية وأربيل والجنوب بين 150 و250 دولاراً فقط – حسب متابعين يرون أن هذه الفوارق لا تعكس اختلاف كلف المعيشة فقط، بل غياب سياسة تسعير وطنية عادلة توازن بين الدخل والإنفاق.
دخل مرتفع ومعيشة أثقل
الخبير الاقتصادي صفوان قصي يرى من جانبه أن ارتفاع الأسعار في بغداد يرتبط بمعدل الدخل الأعلى لسكانها مقارنة بالمحافظات الأخرى. ويقول في حديث صحفي: "في بغداد هناك شرائح مجتمعية متعددة ومعدل دخل الأسرة أكبر، وهذا الأمر رفع القوة الشرائية".
ويستدرك "لكن هذه الوفرة النسبية لم تنعكس على رفاه السكان، بل أدت إلى تضخم أكبر في المعيشة"، مقترحا "خلق أسواق متخصصة تربط الجنوب وكردستان بالعاصمة، والسماح بحرية انتقال السلع لتقليص الفوارق السعرية، إضافة إلى رسم خارطة واضحة لإعادة توزيع الدخل عبر سياسات إنفاق عادلة".
وفي السياق، يوضح الخبير الاقتصادي مصطفى الفرج أن "العواصم عادة ما تكون أغلى بطبيعتها. لكن بغداد تحمل عبئاً إضافياً يتمثل في ضعف البنى التحتية وزيادة الإنفاق على الأمن والطاقة".
ويشير في حديث صحفي إلى ان "وجود طبقة من رجال الأعمال وذوي الدخول المرتفعة يسحب الأسعار نحو الأعلى، في حين تتراجع القدرة الشرائية للطبقة الوسطى يوماً بعد آخر".
وبيّن أنه "في حين يمكن شراء منزل متكامل في أربيل أو السليمانية بنحو 100 ألف دولار وأقل في الأحياء الشعبية، فإن السعر في بغداد يقفز إلى مليون دولار أو أكثر في العديد من الأحياء".
الاستثمار في العقارات
إلى ذلك، تتحدث المهندسة كتبة محمد، وهي صاحبة شركة إنشاءات، عن أسباب ارتفاع أسعار العقارات في بغداد مقارنة بالمحافظات الأخرى. وتقول أن "الأزمة تبدأ من نقص المعروض وتزايد الطلب".
وتوضح في حديث صحفي أن "الاستثمار في العقارات أصبح الملاذ الآمن في العراق، ومع تراجع قيمة الدينار أمام الدولار ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق".
لكنها تشير إلى جانب أكثر قتامة: "الكثير من الفاسدين يستثمرون أموالهم في العقارات لتبييضها، ما يضخ أموالاً غير شرعية في السوق ويرفع الأسعار".
وتلفت إلى انه "في بعض أحياء العاصمة الراقية، يتراوح سعر المتر الواحد بين 3500 و14 ألف دولار.
وهي أرقام تنافس أغلى مدن العالم، دون بنى تحتية تبررها".
**********************************************
الكلاب المسعورة تصول وتجول في الرمادي!
متابعة – طريق الشعب
تشهد أحياء مدينة الرمادي منذ شهور، تصاعداً ملحوظاً في أعداد الكلاب الضالة والمسعورة، ما يشكل خطرا على سلامة المواطنين وأطفالهم.
وأسفرت هذه الظاهرة أخيرا عن تسجيل حوادث هجوم متكررة، آخرها تعرض مواطن لإصابات متفاوتة بعد أن هاجمته كلاب قرب حي سكني.
وتنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن مصدر في بلدية الرمادي، قوله أن "الانتشار الكبير للكلاب السائبة يشكل خطراً يومياً على الأهالي، لا سيما الأطفال وكبار السن، في ظل غياب أي حملة جدية من الجهات المعنية لمعالجة الظاهرة".
ويوضح المصدر الذي حجبت وكالة الانباء اسمه، أن "البلدية ترفع تقارير دورية إلى الحكومة المحلية والجهات المركزية تطالب فيها ببرامج عاجلة للحد من هذه المشكلة، لكن حتى الآن لم تُسجّل خطوات عملية على الأرض".
الحوادث الناجمة عن الكلاب السائبة لم تعد فردية، بل تتكرر بوتيرة مقلقة. حيث تسجل المستشفيات بين الحين والآخر حالات إصابة، فضلاً عما تتركه تلك المشاهد من أثر نفسي سلبي على الأطفال.
يقول المواطن علي أحمد، من حي التأميم: "أصبحنا نخشى على أطفالنا من الذهاب إلى المدارس بمفردهم بسبب الكلاب السائبة التي تنتشر بكثرة في الأزقة.
الدولة غائبة تماماً، ولا توجد أي حملة لمكافحة تلك الحيوانات"، مضيفا في حديث صحفي قوله: "في كل ليلة نسمع نباح الكلاب في الشوارع، وبعضها يتجمع بأعداد كبيرة قد تصل إلى عشرة أو أكثر، وهو ما يثير الخوف لدى المارة". وبحسب المصدر البلدي، فإن أبرز أسباب تفاقم الظاهرة هو غياب الدعم الحكومي لبرامج السيطرة على الحيوانات السائبة "حيث أُوقفت منذ سنوات عمليات المكافحة"، مشيرا إلى ان "ضعف التنسيق بين الدوائر الصحية والبيطرية والبلدية، إلى جانب نقص المخصصات المالية، كل ذلك ساهم في ترك المشكلة من دون حلول جذرية".
ويؤكد المصدر أن "البلدية لا تملك سوى إمكانيات محدودة جداً، وغالباً ما تكتفي برفع شكاوى المواطنين إلى الدوائر العليا، من دون أن تجد أي استجابة فعلية.
في المقابل، تزداد المخاطر الصحية، لا سيما مع احتمالية نقل الكلاب أمراضا إلى البشر".
أمام هذا الواقع، ارتفعت أصوات ناشطين يطالبون الحكومتين المحلية والمركزية بوضع خطة طوارئ عاجلة للحد من انتشار الكلاب السائبة.
ويقترح البعض تشكيل فرق مشتركة بين البلديات والبيطرة والصحة، لتنفيذ حملات ميدانية شاملة، إلى جانب اعتماد برامج للتعقيم أو النقل إلى مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية.
***********************************************
اگول.. لماذا يا حكومة واسط؟!
احسان باشي العتابي
الى متى يبقى المواطن يدفع ثمن الإهمال واللامبالاة؟ الى متى تستمر الوعود التي لا تجد طريقها الى التنفيذ؟!
تعيش منطقة الدبية الثالثة الواقعة في مركز مدينة الكوت، مأساة حقيقية لا يمكن السكوت عنها. إذ لا مدارس فيها على الاطلاق، رغم ان نسبة تشييد البيوت تجاوزت نصف مساحة المنطقة تقريبا!
سنوات طويلة والأهالي يناشدون الجهات المعنية إيجاد حل لهذه المشكلة الكبيرة، لكن مناشداتهم ذهبت ادراج الرياح. فلا استجابة من المحافظة ولا من حكومة المركز، وكأن التعليم لم يعد من الأولويات!
واضطر الاهالي إلى تسجيل ابنائهم في مدارس الاحياء المجاورة. لكن تلك المدارس، نظراً لازدياد الكثافة السكانية خلال السنوات الماضية، امتلأت بالتلاميذ حتى اختنقت، وبعض اداراتها أخذت ترفض استقبال اي تلميذ جديد. ومع وجود قانون "الرقعة الجغرافية"، بجانب صعوبة تأمين أجور النقل بسبب الوضع المعيشي الصعب، لا يمكن للأهالي إرسال أبنائهم إلى مدارس مناطق أخرى في المحافظة. فيما التسجيل في المدارس الأهلية أمر مستحيل، في ظل ظروفهم المالية المزرية. لذلك لم يبق أمامهم سوى إبقاء أبنائهم في البيوت وحرمانهم من التعليم!
مدير مدرسة في منطقة مجاورة لمنطقة الدبية، أخبرني شخصيا بأن عدد التلاميذ في الصف الواحد تجاوز 40 تلميذا. اي تعليم هذا؟ اي بيئة مدرسية هذه؟ هذا ليس تعليما، بل كارثة تربوية سيدفع ثمنها التلاميذ وذووهم أولا واخيرا.
خلاصة القول، يحمّل الأهالي مديرية تربية واسط المسؤولية كاملة. فهي بالرغم من علمها بحجم الأزمة، لا يزال ديدنها الصمت! كما يحمّلون الحكومة المحلية المسؤولية. فهي تغض النظر عن مشكلات منطقة الدبية، وتهتم بتقديم الخدمات لمناطق أخرى بشكل يثير الاستغراب!
وأيضا يحمّل الأهالي الحكومة المركزية مسؤولية المأساة هذه. فهي رفعت شعار "اصلاح التعليم" في حين بقيت مناطق كاملة بلا مدارس!
ان اهالي الدبية الثالثة لم يطلبوا رفاهية ولا مشاريع استثمارية، رغم ان ذلك حق من حقوقهم، بل يطالبون ببناء مدارس لأبنائهم حفاظا على مستقبلهم. فهل المؤسسات الحكومية المعنية عاجزة عن ذلك؟!
خلاصة القول، يؤكد الأهالي أن الوضع لم يعد يحتمل المماطلة والتأجيل، وأن أي تهاون جديد سيعتبرونه مشاركة صريحة في "جريمة" حرمان التلاميذ من حقهم في التعليم!
*******************************************
مواساة
• بألم بالغ وحزن عميق ودعت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الاعظمية الرفيق الغيور والحريص على حزبه، العزيز حسبي الوردي (ابو صلاح).
كان الفقيد مربياً ومناضلاً عنيداً تحمل مشقات العذاب من أجل حزبه وبقي وفياً لمبادئه العظيمة.
له الذكر الطيب ولعائلته الكريمة ورفاقه الصبر والسلوان.
• بمزيدٍ من الحزن تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة الرفيق مزعل عذيب (أبو حسين)، الذي توفي بعد معاناةٍ مع المرض.
الذكر الطيب للفقيد وخالص العزاء والمواساة إلى عائلته الكريمة ورفاقه.
• تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا الرفيق العزيز حميد مطشر الهلالي (أبو سلام)، بوفاة أخيه سعد.
الذكر الطيب للفقيد وخالص مشاعر المواساة والتعازي القلبية للرفيق أبو سلام وعائلته جمعاء.
********************************************
الصفحة السادسة
عامان من الإبادة.. أكثر من 76 ألف شهيد ودمار شامل طال 90 في المائة من القطاع.. هيومن رايتس: خطة ترامب لا تتناول المساءلة عن جرائم الحرب في غزة
رام الله – وكالات
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، أمس الاثنين، في تقرير بذكرى مرور عامين على السابع من أكتوبر، يسلط الضوء على ضرورة حماية المدنيين، إن "الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة" التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 أيلول 2025 لا تحل محل الإجراءات العاجلة التي يتعين على الحكومات اتخاذها لحماية المدنيين ودعم العدالة.
المساءلة عن الجرائم الخطيرة
وأشارت المنظمة إلى أن الخطة المكونة من 20 جزءاً لا تتناول بشكل مباشر قضايا حقوق الإنسان، أو المساءلة عن الجرائم الخطيرة المرتكبة منذ السابع من أكتوبر 2023، مشددة على أنه على الحكومات اتخاذ إجراءات فورية، تشمل حظراً على الأسلحة، وعقوبات محددة الأهداف، ودعم المحكمة الجنائية الدولية وفقاً لالتزاماتها القانونية الدولية لمنع حصول الانتهاكات الجارية ووقفها، بغض النظر عمّا إذا كانت خطة ترامب ستنفذ أم لا.
وقال المدير في هيومن رايتس ووتش عمر شاكر: "شهد العامان منذ السابع من أكتوبر 2023 سلسلة لا تنتهي من الفظائع ضد المدنيين، لم تشهد أي تهدئة أو عدالة. على الحكومات ألا تنتظر اعتماد خطة ترامب أو أي خطة أخرى للتحرك لمنع المزيد من الأذى بحق من هم الأكثر عرضة للخطر".
حماية أكثر من مليونَي فلسطيني
وأضاف: "تفاقم القمع على الأرض بعد عقود من (عمليات السلام) كان من المفترض أن يوضح رعونة الاكتفاء بخطط السلام لمعالجة الانتهاكات الجسيمة. على الحكومات اتخاذ إجراءات ملموسة على وجه السرعة لحماية أكثر من مليونَي فلسطيني في غزة".
وأكدت المنظمة أن "الجرائم الفظيعة التي ارتُكبت في إسرائيل وفلسطين على مدى العامين الماضيين أوقعت خسائر فادحة في صفوف المدنيين، حيث تعرض الآلاف للقتل، والتشويه، والتجويع، والتهجير القسري، والاحتجاز رهائن أو الاعتقال غير القانوني، وسُوِّيت مدن وأحياء بالأرض، ودُمرت مجتمعات وحياة أشخاص بأعداد لا حصر لها".
قتل وتشويه واعتقالات
أمّا في الضفة الغربية، فقالت المنظمة إنه قُتل أو شُوه مئات الفلسطينيين، واعتُقل الآلاف، كثيرون منهم دون محاكمة أو تهمة، وهُجِّر عشرات الآلاف، معظمهم على يد القوات الإسرائيلية، ولكن أيضاً على يد المستوطنين.
كما دعت المنظمة إلى الإعراب علناً عن دعم المحكمة الجنائية الدولية والإدانة الشديدة لمحاولات ترهيب مسؤوليها والمتعاونين معها أو محاولات عرقلة عملها، والالتزام بدعم تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها.
إبادة وتجويع وتطهير
أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة تقريرا إحصائيا شاملاً يرصد حصيلة عامين كاملين (730 يوما) من الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، موثقًا حجم الدمار البشري والمادي والانتهاكات الواسعة التي طالت مختلف جوانب الحياة في القطاع.
ووفق التقرير، فإن أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة يتعرضون لعمليات إبادة وتجويع وتطهير عرقي ممنهج، فيما بلغت نسبة الدمار الشامل في القطاع نحو 90 في المائة، مع سيطرة الاحتلال على أكثر من 80 في المائة من مساحة القطاع عبر الاجتياحات والنار والتهجير القسري. كما ألقى الاحتلال أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على مناطق مدنية، واستهدف منطقة المواصي التي يزعم أنها "آمنة إنسانياً" 136 مرة.
39 ألف أسرة تعرضت لمجازر
أشار التقرير إلى أن عدد الشهداء والمفقودين منذ بدء الحرب بلغ 76,639، بينهم 67,139 شهيدًا وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال 9,500 شخص في عداد المفقودين.
وأوضح أن من بين الشهداء أكثر من 20 ألف طفل و12,500 امرأة، بينهم 9,000 أم و22,426 أباً. كما استشهد 1,670 من الكوادر الطبية و254 صحفيًا و140 عنصرًا من الدفاع المدني و176 موظفًا بلديًا.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 39 ألف أسرة تعرضت للمجازر، بينها 2,700 أسرة أُبيدت بالكامل، لافتًا إلى أن 55 في المائة من الضحايا هم من النساء والأطفال والمسنين.
وسجل التقرير 460 حالة وفاة بسبب التجويع وسوء التغذية، إضافة إلى 12 ألف حالة إجهاض بين الحوامل، و17 وفاة بسبب البرد في مخيمات النزوح.
وذكر أن 650 ألف طفل مهددون بالموت جوعًا، و40 ألف رضيع يعانون من نقص حليب الأطفال، في حين يحتاج أكثر من 22 ألف مريض للسفر للعلاج بالخارج ويمنعهم الاحتلال من ذلك.
دمر الاحتلال 725 بئر مياه و5,080 كم من شبكات الكهرباء و700 ألف متر من شبكات المياه والصرف الصحي و3 ملايين متر من الطرق، إضافة إلى 247 مقرًا حكوميا و292 منشأة رياضية و208 موقعًا أثريًا.
وفي القطاع الزراعي، دُمر 94 في المائة من الأراضي الزراعية و100 في المائة من الثروة السمكية، وتقلص إنتاج الخضروات من 405 آلاف طن إلى 28 ألفًا فقط.
*****************************************************
رئيس وزراء فرنسا يقدم استقالته بعد ساعات من إعلان حكومة جديدة
باريس – وكالات
قدّم رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو استقالته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، أمس الاثنين، وفق ما أعلن قصر الإليزيه في بيان، مما يعمق الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد.
وفي تصريحات له، قال رئيس الوزراء الفرنسي المستقيل إنه "لا يمكن أن أكون رئيس وزراء عندما لا تستوفى الشروط"، موضحا أن "الظروف لم تكن مناسبة لأصبح رئيسا للوزراء".
وأضاف "حاولت أن أبني طريقا مع الشركاء والنقابات للخروج من أزمة الانسداد الحاصل" لكن "الأحزاب السياسية لم تقدم تنازلات عن برامجها وكانت تريد فرض شروطها".
وعُين لوكورنو في التاسع من أيلول، وتعرض لانتقادات المعارضين واليمين بعدما كشف الأحد عن تشكيلة حكومته، وهي الثالثة في البلاد في غضون سنة.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عيّن حكومة جديدة أمس الأحد برئاسة لوكورنو، في محاولة منه لإخراج البلاد من أزمة سياسة مستفحلة.
وكشف ماكرون عن تشكيلة الحكومة الجديدة بعد شهر تقريبا على تكليف لوكورنو، وهو سابع رئيس وزراء في عهد ماكرون والخامس في ولايته الثانية.
*********************************************
إيران: لا تفاوض مع أوروبا وتبادل قريب للسجناء مع باريس
طهران - وكالات
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أمس الاثنين، أن إيران ليست لديها في هذه المرحلة خطة للتفاوض مع الدول الثلاثة، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وتركز حالياً على دراسة آثار وتبعات الخطوة التي اتخذتها هذه الدول الأوروبية والولايات المتحدة بإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.
وأشار إلى أنّ تفعيل هذه الدول لآلية "سناب باك" لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران منذ الأسبوع الماضي، يُعد نهجاً "غير مسؤول ومدمّر" في الملف النووي خلال الأشهر الأخيرة، واتّهمها باستغلال آلية تسوية النزاعات في الاتفاق النووي.
وشدّد بقائي على أنّ هذا الإجراء الأوروبي لا يخلق أي التزام على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتنفيذ العقوبات، وأضاف أنّه "بالرغم من تقديم مبادرات سلام لغزة وقضايا أخرى مرتبطة بذلك، لا تزال الجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني في غزة متواصلة".
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية أنّ تبادل الأسرى بين طهران وباريس جارٍ، موضحاً أنّه وفقاً للإجراءات القضائية المتّبعة، فقد جرى النظر في مسألة الإفراج عن اثنين من السجناء الفرنسيين، واتُّخذت الخطوات اللازمة في وزارة الخارجية.
****************************************
المعارضة في كوت ديفوار تدين اعتقال قيادات محلية قبيل الانتخابات الرئاسية
أبيدجان ـ وكالات
ندد حزب الديمقراطيين، أكبر أحزاب المعارضة في كوت ديفوار، باعتقال 8 من قياداته المحلية في أبيدجان، معتبرًا أن الخطوة جزء من "إستراتيجية لتكميم المعارضة" قبل أقل من ثلاثة أسابيع على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأوضح الحزب في بيان أن الاعتقالات طالت مسؤولين محليين في عدة بلديات بالعاصمة، واصفًا إياها بأنها "احتجازات تعسفية" تهدف إلى إضعاف التعبئة الشعبية والمطالبة بحوار سياسي يؤدي إلى انتخابات "شاملة وشفافة وديمقراطية".
وتأتي هذه التطورات بعد رفض المجلس الدستوري ملفات ترشح أبرز قادة المعارضة، بما في ذلك رئيس الحزب تيدجان تيام، والرئيس الأسبق لوران غباغبو، زعيم حزب الشعوب الأفريقية-كوت ديفوار.
من جانبها، أكدت السلطات أن الاعتقالات لا علاقة لها بالانتماء السياسي، مشددة على أنها "إجراءات قضائية عادية"، وأن قرارات المجلس الدستوري "نهائية وغير قابلة للطعن"، محذرة من أن أي محاولة للاحتجاج عليها تعتبر "غير قانونية".
وفي الوقت نفسه، أعلن حزبا المعارضة الكبيران عزمهما تنظيم مسيرة في 11 تشرين الأول للمطالبة بفتح حوار مع السلطة، بعد أن منعت السلطات مسيرة مماثلة في الرابع من الشهر نفسه بدعوى "مخاطر جدية على النظام العام".
******************************************
اسبانيا تتجه لمقاضاة الكيان امام {العدل الدولية} بتهمة تعذيب ناشطي {أسطول الصمود}
مدريد – وكالات
أجمع ناشطون عرب وأجانب شاركوا في أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة على أنهم تعرضوا إلى اعتقال غير قانوني وسوء معاملة قاسية من قبل الجيش الإسرائيلي، في أثناء اعتراض الأسطول في المياه الدولية. وأكدوا أن ما جرى يمثل “دليلاً على إفلات إسرائيل من العقاب”، في حين أعلنت إسبانيا نيتها تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الحادث.
وقال الناشط التونسي محمد علي محيي الدين، قائد سفينة “أمستردام”، عقب الإفراج عنه ووصوله إلى مطار قرطاج مساء الأحد، إن الجيش الإسرائيلي مارس ضدهم التعنيف والتجويع والإهانة، مشيراً إلى أنهم أُجبروا على شرب مياه الصرف الصحي، وتلقوا قطعة خبز صغيرة فقط كوجبة في اليوم. وأضاف: “تعرضت للتعنيف عندما قلت لهم إننا سنأتي إلى غزة في موجات”.
من جهتها، وصفت الصحفية الأميركية آبي مارتن معاملة إسرائيل لناشطي الأسطول بأنها “مهينة وسادية”، وقالت لوكالة الأناضول إن احتجازهم وتعذيبهم “يعكس جنون السلطة والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين”.
وقال الناشط الإسباني رافاييل بوريغو للصحفيين إنهم “ضُربوا وجُرّوا على الأرض وعُصبت أعينهم وقُيّدت أيديهم وأقدامهم”، واصفاً المعاملة بأنها “مهينة ولا إنسانية”.
وفي تصريحات رسمية، قال وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا إن بلاده “ستتقدم بشكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية”، مشيراً إلى أن أي اعتداء على أشخاص في المياه الدولية يُعد “حرماناً من الحرية بموجب القانون الدولي”.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن الحكومة تتابع يومياً وضع الناشطين الذين ما زالوا محتجزين في إسرائيل، موضحاً أن بينهم أعضاء في البرلمان الإسباني يتمتعون بحصانات دبلوماسية.
ووفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أكد عدد من النشطاء أمام القضاة أنهم تعرضوا للعنف والشتائم ومنعوا من الماء ومن التواصل مع محامين أثناء التحقيق، ما أثار موجة تنديد واسعة في الأوساط الحقوقية الدولية.
*******************************************
تشيكا من يمين الوسط إلى اليمين الشعبوي
رشيد غويلب
فازت حركة "آنو" بزعامة الملياردير اليميني الشعبوي أندريه بابيش ً في الانتخابات البرلمانية في جمهورية التشيك، التي جرت السبت، وبهذا تنتقل تشيكا إلى المعسكر اليميني الشعبوي المناهض للاتحاد الأوربي.
حصل حزب "آنو" على قرابة 35 في المائة من أصوات الناخبين، متقدماً بفارق كبير على ائتلاف "سبولو" (يمين وسط) الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بيتر فيالا، الذي حصل على قرابة 23,3 في المائة.
سيحتاج حزب "آنو" إلى شركاء لتشكيل الحكومة الجديدة. وقد تشمل الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليميني المتشدد، المناهض للاتحاد الأوروبي وحلف (الناتو).
وربما تعلن النتائج النهائية الاثنين، وربما يؤدي العمل بالتصويت عبر البريد هذه المرة إلى شيء من التأخير. تنافس في هذه الانتخاب ات4,462 مرشحاً و26 حزباً، وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 68 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ انتخابات عام 1998.
وجاء حزب "ستان" الشريك الرابع في الائتلاف الحاكم المنتهية ولايته، في المرتبة الثالثة بنسبة 11 في المائة، يليه حزب "الحرية والديمقراطية المباشرة" (يميني متشدد) المناهض للاتحاد الأوروبي بنسبة 8,9 في المائة، أما حزب "القراصنة"، العضو السابق في الائتلاف الحاكم الذي انسحب العام الفائت، فحصل على 8 في المائة. وكان حزب "سائقي السيارات من أجل أنفسهم" (شعبوي يميني)، الذي حصل على قرابة 7 في المائة، مفاجأة الانتخابات.
وضع داخلي صعب
على صعيد السياسة الداخلية، يعتزم أندريه بابيش، كما في حكوماته السابقة، السير على خطى قدوتيه دونالد ترامب وسيلفيو برلسكوني. تهدف سياساته إلى إعادة الانتعاش الاقتصادي إلى الجمهورية وتعزيز الاقتصاد والصناعة حتى بدون دعم من بروكسل. وهو وعد قطعه عندما تولى منصبه في عامي ٢٠١٧ و٢٠١٨، لكنه لم يتمكن من الوفاء به. وبينما استمرت الحسابات المصرفية للمليارديرات التشيك، بمن فيهم رئيس الوزراء، في النمو بشكل ملحوظ على مر السنين، لم يستفد عامة الشعب من ذلك. ومع ذلك، وبعد سنواتٍ مماثلة من الفشل في حكومة الائتلاف بقيادة بيتر فيالا، يأمل الناخبون أن يتغير هذا الوضع الآن.
يريد أندريه بابيش، الذي يرى في الحكم إدارةً تجارية، الآن تشكيل حكومةٍ أقلية بقيادة حزبه، وتأمين دعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي القومي اليميني وحركة "سائقي السيارات". وكما يعتقد سيتحقق ذلك بالأساس من خلال التخلي عن الصفقة الخضراء ورفض متطلبات سياسات الحياد المناخي. واعتماد طاقة الوقود الأحفوري، بهدف ى تحفيز الاقتصاد وإعادته إلى مستوى الازدهار الذي بدا أنه بدأ يتطور في أوائل التسعينيات.
لقد فشلت جميع حكومات العقدين الماضيين في هذا المسعى. إضافةً إلى ذلك، تفاقم الانكماش الاقتصادي بسبب مزاعم الفساد العديدة ضد القيادة السياسية، والتي لم تُهزم فقط العديد من المسؤولين من جميع الأطياف، بل هزمت أندريه بابيش نفسه أيضًا. ولم يتمكن من التحرر من الفضيحة المحيطة باختلاس تمويل الاتحاد الأوروبي لمنتجعه الصحي "ستورشينيست" إلا بصعوبة بالغة.
قلق من تهميش التشيك
ويخشى معارضون في التشيك من أن استعاد الملياردير اليميني السلطة، ستحول جمهورية التشيك إلى مصدر قلق جديداً للاتحاد الأوروبي إلى جانب المجر بقيادة فيكتور أوربان، وسلوفاكيا بقيادة روبرت فيتسو.
وقال وزير الخارجية التشيكي يان ليوبافسكي ": "أعتقد أنه إذا نظرنا إلى تصريحاته وحلفائه في أوروبا، مثل فيكتور أوربان وما فعله في المجر، سيبدأ (بابيش) في تهميش جمهورية التشيك".
واستبعدت كافة الأحزاب الرئيسية في البلاد العمل مع بابيش بعد الانتخابات، وهذا لا يترك له أي خيار سوى اللجوء إلى خيارات أكثر تطرفاً. وفي البرلمان الأوربي من المتوقع ان يعود الحزب الفائز إلى كتلة "وطنيون من أجل اوربا"، التي شارك بابيش في تأسيسها، إلى جانب الرئيس المجري أوربان.
تحالف اليسار خارج البرلمان
المعارضة اليسارية، المكونة من الشيوعيين والديمقراطيين الاجتماعيين، والتي خاضت الانتخابات تحت شعار (كفى!)، لم تعد حتى ممثلة في البرلمان. لم يحصل التحالف إلا على 4,3 في المائة من الأصوات. لقد انتهت أيام قيادة الديمقراطيين الاجتماعيين التشيكيين للحكومات بثقة بقيادة ميلوش زيمان وجيري باروبيك، وتشكيل الحزب الشيوعي التشيكي معارضة قوية. تشير كاترينا كونيكنا، رئيسة الحزب الشيوعي، إلى العمل الجاري على المستوى الشعبي. حزبها ناشط بنجاح في العديد من البلديات، وهذا سيؤتي ثماره على المدى البعيد.
**********************************************
الصفحة السابعة
التصدي للتغير المناخي مسؤولية اجتماعية شاملة وملحة
رعد موسى الجبوري
العديد من الخبراء والمثقفين والصحف الوطنية وخاصة طريق الشعب يقومون بالتوعية بتحديات وتهديدات التغيرات المناخية، وفعلا وفي السنوات الاخيرة أخذ المواطن العراقي يلمس بشدة وقساوة هذه التغيرات بشكل مؤلم.
ولكننا وللأسف لا زلنا نلمس تلكؤ وتخلف المجاميع السياسية والإدارية، المهيمنة على أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية، في التصدي لهذه التحديات. فيتم تقديم مشاريع وإجراءات لا تعكس سوى تخلف في إدراك تحديات المرحلة. ولا تلبي الا همهم الأساسي وهو التركيز والانشغال بتقاسم الحصص والإثراء على حساب مصلحة مستقبل الوطن. فهم لايعتبرون هذه التحديات المصيرية من أولويات مهامهم. لذا نؤكد على الاستمرار في التوعية بأهمية هذه التحديات المصيرية.
إن المسؤولية الاجتماعية تجاه تغيرات المناخ قضية معقدة، فهي تشمل المسؤولية الفردية والمسؤولية السياسة الداخلية ونشاطات الاقتصاد والإعمار والزراعة إضافة للعمل والتعاون مع المحيط الاقليمي والمجتمع الدولي.
وهي تتطلب تحولاً اجتماعياً وبيئياً شاملا، منها الابتعاد عن مصادر الوقود غير النظيفة والتوجه نحو مصادر الطاقة النظيفة المستدامة، وهو ما يجب أن يدعمه ويعزز تنفيذه جميع أصحاب المصلحة لضمان مستقبل مناخي عادل للجميع.
ويجب ان تراعي إجراءات التحول الاجتماعي الأمور التالية:
1- تلبية حاجة الناس والمجتمع بشكل فعال وكفء اقتصاديا.
2- تقليل أو إلغاء الأضرار البيئية.
3- توفير العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع.
جميع النشاطات البشرية تؤثر على التغيرات المناخية وتعد مجالات انتاج واستهلاك الطاقة والبناء والإسكان والصناعة والزراعة والنقل بشكل خاص، محاور رئيسية وحاسمة. ولكننا في العراق ولحد اليوم لم نسمع عن برنامج حكومي شامل واضح وعملي لحماية المناخ ولم نجد قوانين تنظم هذه النشاطات هدفها حماية المناخ. بل بالعكس نسمع هرج التطبيل لمشاريع واستثمارات غير مجدية للمواطن ولا تساهم في التصدي للتغيرات المناخية بل تزيد من حدتها.
فعلى البرنامج الحكومي وضع كل مؤسسة من مؤسسات الدولة أمام مسؤولياتها والزامها بوضع أهداف تخص التصدي للتغير المناخي. على سبيل المثال يجب على وزارة النقل ضمان تحقيق أهداف مناخية من خلال الانتقال لاستخدام وسائل نقل حديثة أقل انبعاثا للكربون والغازات الضارة. وعلى وزارة التجارة والداخلية فرض إجراءات تقلل من استخدام السيارات الخاصة ذات التأثير الضار على الهواء لتقليل الاحتباس الحراري. وكذلك تقع على المحافظات والبلديات مسؤولية توفير النقل العام المريح والميسر لفئات الكادحين والشغيلة إضافة لمسؤولية تحديد شروط ومنح رخص البناء للأبنية الصديقة للبيئة والمنخفضة استهلاك الطاقة فقط ومنع تشييد الأبنية والمنشئات التي تسبب أضرارا للمناخ.
وبما أن هذه الاجراءات قد تسبب تحميل الفئات الاجتماعية من ذوي الدخل المحدود أعباء ترهقهم، فيجب على هذه البرامج والتدابير مراعاة العواقب الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن جانب العدالة الاجتماعية، من خلال تدابير تعوض التكاليف الناتجة عن هذه التدابير اجتماعيا، فيمكن على سبيل المثال خفض أسعار الطاقة وأسعار النقل ودعم التجهيز بمنظومات الطاقة الشمسية ودعمها للطبقات محدودة الدخل حصرا، وفي المقابل زيادة الضرائب على نشاطات الفئات الثرية وذات الدخل العالي والتي تبذر وتسرف بالموارد. ويجب تطوير أدوات لحماية المناخ وبشكل فعال. فيمكن على سبيل المثال فرض ضريبة ثاني أكسيد الكربون على الفئات الثرية، فهناك فئات في العراق تمتلك أكثر من سيارة خاصة، مما يعني ان هؤلاء يساهمون ببث غازات ثاني اوكسيد الكاربون الضارة بالمناخ أكثر من العوائل محدودة الدخل والتي تتنقل بواسطة النقل الجماعي والعام. وهذه الضريبة يمكن فرضها على وقود السيارات فتكون أسعار الوقود للسيارات الخاصة مرتفعة وفي المقابل تخفيضها لسيارات النقل الجماعي والعام. وستكون هذه أداة تشجع الناس على تقليل اقتناء السيارات الخاصة واستعمال النقل العام مما يساهم في خفض الازدحامات وتقليل الحوادث المرورية وصد الكارثة المناخية الوشيكة.
من ناحية أخرى على المؤسسات التربوية والتعليمية إضافة لمنظمات المجتمع المدني وبشكل خاص المنظمات المهنية والقوى المدنية الوطنية أن تلعب دورا في نشر الوعي بتحديات التغييرات المناخية وممارسة الضغوط على السياسيين وعلى الاقتصاديين وكافة القطاعات لدفعهم لوضع اجراءات التصدي للتغيير المناخي على اولويات جدول اعمالهم.
التحدي الكبير الذي يواجه العالم اليوم هو تحدي التغييرات المناخية وإذا فشلت دول العالم في الحد من تغير المناخ وتقليص أثاره الناجمة عن أنشطة الإنسان، فمن المتوقع ان تكون تبعات تأثيراته على البيئة والمجتمعات بالغة جدا. فالسيناريوهات التي وضعتها المؤسسات العلمية الدولية المعنية بتغير المناخ، بافتراض عدم فعالية إجراءات سياسات المناخ، تشكل صورة مقلقة للمستقبل، ونلاحظ ذلك بشكل واضح في العراق فمنذ فترة بدأ آلاف الأشخاص في مناطق عديدة من البلاد يفقدون سبل عيشهم وخاصة في الارياف. وهذا يؤثر على جميع المناطق. وتؤثر الاضطرابات والتغييرات البيئية العميقة على الحياة اليومية لجميع الناس ولكنها تمس وبشكل خاص الفئات الواسعة من ذوي الدخل المحدود. أحد هذه التأثيرات هي ظاهرة الهجرة إلى المدن مما يؤدي إلى صراعات اجتماعية وثقافية وسياسية حادة. وخاصة في ظل تراجع الصناعة وقلة توفر فرص العمل.
يعتبر التغيير المناخي أحد اهم التحديات لبناء نظام ديموقراطي صحيح والذي يستوجب ادارة سياسية علمية وحكيمة. وفي هذا السياق، يُطرح السؤال حول ما إذا كانت الأنظمة السياسية وأشكال الحكم المعنية الحالية قادرةً على اتخاذ القرارات المناسبة والتصرف بناءً على تحديات تغيرات المناخ. وبالتالي بإمكانها تحديد ورسم سياسة توفر الظروف لممارسة ديموقراطية حقيقية في العراق على أسس مستدامة تستطيع الاستمرار لبناء المستقبل للأجيال القادمة.
بالرغم من ان الديموقراطيات الأوربية العريقة تواجه أيضا مثل هذه التحديات ولكنها تسير بطريق النجاح لانها تتخذ قرارات فعالة وسريعة وتمتلك من الكوادر السياسية النزيهة والمخلصة والعلمية ذات الخبرة والمؤهلة لاتخاذ هذه القرارات مما يوفر أسسا تتناسب مع الشرعية والعدالة.
ولكن يبقى السؤال قائما بالنسبة لدولة ابتليت بالمحاصصة الطائفية وتكافح من أجل بناء ديمقراطية وليدة: هل ستتمكن هذه الديمقراطيات الناشئة والمبتلاة بالمحاصصة والفساد ومنظمات استبدادية مسلحة من معالجة هذه التحديات بشكل كاف؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟
هذه مشكلة عويصة ومعقدة. ولها بعد ثقافي متجذر في المجتمع، وعلى جميع القوى الاجتماعية الواعية العمل للوصول إلى هذا الهدف.
في الدول الديمقراطية، يدفع الضغط المتزايد لأزمة المناخ لإجراء تغييرات واضحة وجلية على الهياكل والثقافات وينبع هذا الضغط في البداية مباشرةً من الآثار المادية لتغير المناخ، مثل الظواهر الجوية المتطرفة وعواقبها. لكن الضغط من حركات المجتمع المدني المتنامية بشأن المناخ يتزايد أيضا، على سبيل المثال في شكل احتجاجات “من اجل المستقبل”. يمكن لهذه الضغوط ان تحدث تغييرا وتدفع من أجل اصلاحات تتجاوز مستوى السياسات، ويمكنها أيضا توسيع نطاق عمل الديمقراطية وجعلها أكثر فعالية في التعامل مع التحديات المعقدة.
أما في الوضع الحالي في العراق الذي يتسم بضعف الرقابة والضغط الشعبي وأحيانا ممارسة القمع ضد الأفكار والمبادرات الشابة، بالرغم أن المشكلة تضغط على الوضع في الداخل إلا أن الحلول يتم استيرادها واستنساخها من الخارج، وأغلب هذه الحلول لاتناسب دائما ظروف الوضع الداخلي فتقوم فئات الموظفين والمسؤولين الفاسدين بافراغ هذه الإجراءات من محتواها وتستخدمها كمصدر إضافي للفساد وسرقة المال العام. لذا يجب إطلاق قدرة الديموقراطية على تطوير نفسها وإصلاح النظام السياسي بشكل جذري. وهذا من خلال توسيع حريات التعبير عن الرأي وتعزيز مشاركة الجماهير والاستفادة من التنوع في الثقافات لتعزيز هياكل الديموقراطية، وعلى مختلف المستويات داخل النظام الاجتماعي، وبهذا ستظهر مدى مرونة تشكيل الديمقراطية مع مراعاة الخصوصيات المحلية والتاريخية والديموغرافية، وقدرتها على التكيف لمواجهة التحديات المستقبلية المعقدة.
ان تطور الديمقراطية ليس تلقائيا بأي حال من الأحوال. فبصفتها أنظمة اجتماعية فقد تطورت على مر اجيال، وتميل الديمقراطيات، وخاصة في الغرب، إلى أن تكون محافظة هيكليا في شكلها المنظم على أساس الدولة الوطنية. وهنا يجب تجاوز ذلك فعلى السياسيين والاداريين والمجتمع المدني المنظم وحتى المواطنين كأفراد إطلاق مبادرات وعمليات ديمقراطية جديدة بهدف مواجهة التحديات المستقبلية من خلال أشكال غير تقليدية من أشكال العمل والتعاون.
ومن الأمثلة على هذه الابتكارات في العمل من أجل تعزيز عمليات مشاركة المواطنين باتخاذ القرار، يُشارك مواطنون يتم اختيارهم بالقرعة في صنع القرار السياسي بصفة استشارية، من خلال تشكيل ما يُسمى مجالس ال مواطنينCitizens' assembly، وهذه يمكنها ان تكمل وظائف البنية الديموقراطية القائمة، وعلى هذا النمط من التطوير للديموقراطية قام مؤتمر مواطنين من أجل المناخ (Citoyenne pour le Climat) في فرنسا.
إن مواصلة وتصعيد ممارسة قمع حرية التعبير المستمرة وصولا لاستخدام أجهزة قمع مسلحة متعددة الولاءات يحدد من مساهمة الجماهير في اتخاذ القرارات وتطوير العمل وخاصة في مجالات الحد من تأثيرات التغيرات المناخية.
ويشكل تغيّر المناخ تحديا لأنماط سلوكية اجتماعية راسخة على مدى عقود، وهذا يتطلب تغييرات سلوكية شاملة على المستويين الفردي والجماعي. ولا يقتصر الأمر على مجرد دراسة نقدية لسلوك الفرد الاستهلاكي وأسلوب حياته الشخصي بشكل عام، بل يجب أن تُفضي هذه الاعتبارات أيضا إلى تغييرات سلوكية فعلية ملموسة على أرض الواقع.
وينطبق هذا بشكل خاص على سكان المجتمعات الاستهلاكية، الذين تعتمد أنماط حياتهم بشكل كبير على استهلاك الموارد بشكل عشوائي وغير مسيطر عليه مما يُسهم بتراكم انواع النفايات والقمامة وإهمال التعامل معها بالشكل المناسب مما يعزز اطلاق الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، ويكفي إلقاء نظرة إلى قطاع النقل وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من حركة السيارات القديمة تكنولوجيا اليومية التي تستهلك الوقود الاحفوري بكفاءة واطئة متخلفة وكذلك الأبنية والمساكن التي تستهلك الطاقة للتبريد بشكل مسرف لإدراك مدى أهمية ضرورة التفكير في أنماط الحياة الحالية والنماذج الاجتماعية السائدة وضرورة تغييرها لتحقيق الحياد المناخي المنشود.
ولكن حتى مع فهم هذه الضرورات، ورغم الأهمية الكبيرة التي تُعطى للمسؤولية الشخصية، يبقى التغيير الفعّال في سلوك الفرد أمرا صعبا. لأن تصرفات كل فرد من الأفراد جزء لا يتجزأ من الإطار والمحيط السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي السائد، والذي لا يتماشى حاليا وبشكل كبير مع أهداف الاستدامة.
تؤثر الظروف المحيطة التي تطورت تاريخيا بشكل كبير على القرارات التي يتخذها الناس، بوعي أو بغير وعي، في حياتهم اليومية، وكيف تؤثر هذه الإجراءات على البيئة. وهذا يعني أنه على الرغم من تزايد الوعي بالعواقب المناخية، فإن أنماط الحياة والسلوكيات الفردية لا تتغير بما يكفي لتلافي التأثيرات المناخية.
ولهذا السبب، تكتسب الظروف المحيطة والإطار الاجتماعي والاقتصادي والمنظومة القانونية أهمية كبيرة في مكافحة آثار تغير المناخ. فهي تحدد خيارات العمل المتاحة التي (يمكن) للناس اتخاذها في حياتهم اليومية. إن تشكيل وبناء هذه الظروف المحيطة ولوضع سياسة بشكل فعال لتواجه تحديات التغييرات المناخية يمثل رافعة قوية تجعل فرض وتطوير السلوك الفردي الصديق لمواجهة تحديات المناخ أكثر احتمالا: فعلى سبيل المثال، اذا اصبحت المنتجات المصنوعة من مصادر الوقود الأحفوري، التي تطلق (بشكل غير مباشر) ثاني أكسيد الكربون إلى الجو، أكثر كلفة من خلال فرض رسوم عالية، فإن هذا لا يؤثر فقط على قرارات الاستهلاك الفردية في اقتصاد السوق، ولكن من الناحية المثالية يخلق أيضا حوافز للابتكارات والتطوير الأكثر ملاءمة للمناخ وربما خلق المزيد من القطاعات الاقتصادية.
يمكن وصف أزمة المناخ بحق بأنها مشكلة مستعصية. وتتميز بقدر كبير من التعقيد. وفي ظل هذه الخلفية، فإن العمليات الديمقراطية، التي تهدف أساسا، وفقًا للفهم السائد للديمقراطية، إلى تحقيق التوازن بين المصالح المختلفة، قد تبلغ حدودا عالية. وهذا على الرغم من أن الآليات الديمقراطية الأساسية ليست مهمة مستحيلة: فعلى سبيل المثال، تثبت الديمقراطيات مع كل إصلاح أنها قادرة على إحداث تغييرات جذرية.
يتصور القابضون على السلطة انه يكفي - من منظور سطحي بحت - لإحداث تغييرات او تعديلات تناسب مصالحهم بفرض القوانين، حشد أغلبية برلمانية. ولكن ونظرا للطبيعة العميقة والشاملة المعقدة لتغير المناخ، لا يمكن التعامل مع سياسة المناخ كمجرد مجال سياسي تنافسي آخر من بين مجالات أخرى، حيث يتم التفاوض والمساومة والتحاصص. بل إن سياسة المناخ تحدي وقضية شاملة لا يمكن أن تكون فعالة حقًا إلا إذا تم تحديد اهداف ملموسة مشتركة على المستوى الوطني بل مستوى المنطقة بشكل صحيح لتحقيق مجتمع محايد مناخيًا يحظى بدعم جميع القطاعات والمؤسسات والأفراد.
ولايمكن لنظام تحكمه مصالح المحاصصة ويستشري فيه الفساد أن يحقق أهداف جامعة لمصلحة الشعب والمجتمع.
إن البديل هو فرض نظام ديموقراطي وطني يضمن مستوى عال من الشفافية الإجرائية ويسمح لأوسع شرائح المجتمع بالمشاركة والاسهام في اتخاذ القرارات المطلوبة لسياسة مناخية فعالة. وعزل جماعات المصالح الخاصة غير الوطنية من هيئات اتخاذ القرار.
***************************************
ندوة انتخابية في {ريف الخيرات} الكربلائي
كربلاء – طريق الشعب
عقد شيوعيو كربلاء أخيرا، ندوة انتخابية لمرشح الحزب في المحافظة عن "قائمة البديل"، الرفيق مُرتجى فاضل الحلاوي (سكرتير محلية كربلاء)، وذلك في "مضيف آل جاسور" في ريف الخيرات.
أدار الندوة مسؤول الإعلام المركزي للحزب في المحافظة الرفيق غانم الجاسور، بحضور شخصيات اجتماعية ومستقلة.
وقدم الجاسور نبذة عن سيرة المرشّح. فيما عرّج على السلبيات والاخطاء التي شابت العمليات الانتخابية السابقة، ومن ذلك التدخلات الخارجية، واستغلال أموال الدولة والنفوذ السياسي في حملات انتخابية، وخرق "الصمت الإعلامي" والتلاعب والتزوير وغيرهما.
ثم تحدث الرفيق الحلاوي عن الانتخاب باعتباره وسيلة ديمقراطية لإيصال المرشحين إلى مراكز السلطة، وحقا طبيعيا يمارسه المواطن بكل حرية ليختار من يراه مناسبا لتلك المناصب.
كما تحدث عن قائمة "تحالف البديل" التي يُشارك فيها الحزب، مشددا على ضرورة شحذ الهمم لدعم القائمة وخوض الانتخابات القادمة بكل عزم وإصرار.
كما شدد على أهمية أن يشارك الرفاق وعائلاتهم، وأصدقاؤهم ومحبيهم من مؤازري الحزب، في الانتخابات والتصويت على قائمة "البديل" التي تضم شخصيات وطنية ديمقراطية همها انقاذ البلاد من الفساد والمفسدين والمحاصصة.
وأشار الرفيق إلى ان مشروع التحالف سياسي وطني مدني ديمقراطي أساسه المواطنة والعدالة الاجتماعية "لذلك أن نشاطنا الانتخابي قائم على كسب القناعات، لا شراء الأصوات والذمم"، مؤكدا ضرورة استعادة البرلمان دوره الفاعل في تمثل الشعب من خلال التصويت على القوانين المهمة ومراقبة الاداء الحكومي "وهذا ما يعمل عليه تحالف البديل".
وفي سياق الندوة، طرح عدد من الحاضرين أسئلة على المرشح. فأجاب عنها بشفافية. وهم كل من سعيد هادي الغرابي وحسين طارق الياسري وصباح الحمد وسيف فالح وعلاء مشتاق.
****************************************
شيوعيو الصويرة يستقبلون وفدا من {حزب الاستقلال}
الصويرة – طريق الشعب
استقبل شيوعيو قضاء الصويرة السبت الماضي في مقرهم، وفداً من حزب الاستقلال المنضوي تحت "تحالف البديل" الانتخابي إلى جانب الحزب الشيوعي وقوى وشخصيات وطنية ديمقراطية.
وخلال اللقاء تبادل الطرفان الحديث عن الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية. وفي إطار الانتخابات المقبلة، شددا على أهمية العمل لمساندة "تحالف البديل" الذي يحمل التسلسل 250، من أجل السير نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة وترسيخ الهوية الوطنية.
ضم الوفد كلا من الأستاذ همام عبد الغفور والدكتور ليث أحمد، اللذين كان في استقبالهما الرفاق إبراهيم النهر وسيف فاضل ويوسف كاظم.
******************************************
معرض للكتاب في قضاء شط العرب
البصرة – محمد حسن
نظم "فريق شباب قضاء شط العرب" في البصرة بالتعاون مع منظمة الحزب الشيوعي العراقي في القضاء، الجمعة الماضية، معرضا للكتاب.
وشهد المعرض الذي أقيم في الهواء الطلق وسط القضاء، إقبالا كبيرا من الشباب والأهالي الآخرين.
ويأتي هذا المعرض بالتزامن مع بدء الحملة الإعلامية لمرشح الحزب للانتخابات البرلمانية في البصرة، كاظم السعداوي. وقد شهد المعرض توزيع كتب مجانا على الزائرين، فضلا عن توزيع نسخ من "طريق الشعب"، وتنظيم فقرة تعليم رسم للأطفال.
******************************************
الصفحة الثامنة
مدونة الأحكام الشخصية.. كتبت بلغة الرسائل العملية لا بلغة القانون
هادي عزيز علي
يلاحظ ان مدونة الأحكام الشخصية الجعفرية كتبت بلغة الرسائل العملية وهي الرسائل التي كتبت من قبل كبار المراجع الدينية التي بدأت من الشيخ المفيد واستمرت إلى يومنا هذا .الرسائل العملية في الفقه الجعفري هي الوسائل التي من خلالها يتمكن الفقيه من أداء وظيفته فيما يتعلق بالأحكام الشرعية للمكلفين بها وهي إما ان تكون واجبة او محرمة او مندوبة او مكروهة فضلا عن كونها خطابا او وثيقة شرعية تبين واجبات المكلف حسب الفتاوى التي هي الاحكام الظنية التي تتسع فيها دائرة الاجتهاد تنظيما لشؤون الناس ويعمل به في الفقه العملي عند عدم وجود دليل قطعي ويعمل العقل فيما لا نص فيه اذ تسعه الشريعة الاسلامية والأحكام الظنية تلك تخضع لتطور الحياة وتغير الزمان والمكان ولا تلحقها القداسة لكونها منجزا بشريا .
المدونة بصيغتها اللغوية الحالية لا يمكن أن تؤدي وظيفة القانون لعدم انطباق تعريف القانون عليها أي عدم حيازتها على أسباب وشروط القانون والمقتضى والحالة هذه هو تحويل الرأي الفقهي والقاعدة الشرعية إلى قواعد قانونية أي تحويل مضامينها وافكارها إلى قواعد قانونية لكي تحوز تعريف القانون بغية وضعها موضع التطبيق، وبعبارة أخرى اشتغالها ضمن أحكام العملية التشريعية والصياغة القانونية أي دخولها في المشغل التشريعي لكي تحوز على صفة القانون تصح ان يكون نصا يعتمده القضاة في محاكم الأحوال الشخصية ويجري فصل المنازعات استنادا إلى نصوصه وقواعده التي وضعتها السلطة التشريعية وبخلاف ذلك فان المدونة بلغتها الخام هذه لا تصلح ان تكون مادة للأحكام القضائية أي انها ليست قانونا وبالنتيجة لا تؤدي الوظيفة المتوخاة للقانون .
لتوضيح ذلك نذكر حكم المادة (5) من المدونة التي تنص على: (يكفي في صورة العقد بعد تعيين المهر ان تقول الزوجة للزوج: " زوجتك نفسي على المهر المعلوم " فيقول الزوج: " قبلت التزوج ") عند ذلك وحسب هذا النص تعد الرابطة الزوجية منعقدة استنادا هذا النص وهو مجرد رأي فقهي يدل على ان الزواج عقد من العقود الرضائية يصدر فيه الايجاب من المرأة ليقترن بقبول الزوج وهذا النص بصيغته هذه لا يؤدي وظيفة القانون للأسباب التالية :1 – انه يخلو من مجلس العقد. 2 – لم يقترن بتوثيقه توثيق من قبل الشهود . 3 – لم ترد اشارة إلى تسجيله في سجلات رسمية واعتماده كدليل اثبات رسمي عند الخصومة 4 – لم يحصل فيه الفحص الطبي لبيان مدى صلاحية طرفي العقد لهذه المهمة. 5 – غياب الإشهار الذي يتطلبه عقد الزواج 6 – خلوه من الآثار المفضية إلى تكوين أسرة موضوع المادة 29 من الدستور فضلا عن عدم التماهي مع الآية 21 من سورة الروم المحدد فيها الغرض من الزواج: (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
امام هذا الوضع فان المدونة بلغتها الحالية لا تؤدي وظيفة القانون اذ لا بد والحالة هذه من تحويل القاعدة الشرعية إلى قاعدة قانونية ويتم ذلك كما أسلفنا من خلال آليات العملية التشريعية والصياغة القانونية المعتمدة لدى السلطة التشريعية واقتفاء أثر المشرع الذي وضع قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اذ تمكن – وبوعي مبكر - من تحويل القاعدة الشرعية إلى قانونية من دون التقيد بمذهب معين فكان ذلك المنجز الرصين المعروفة احكامه. وبهذه المناسبة لا بد من الإشارة إلى أن العملية التشريعية والصياغة القانونية تعد حديثا فرعا من فروع القانون افردت لها كليات القانون في العالم أقساما خاصة في كليات القانون وظيفتها اعداد كوادر مهنية متخصصة ينحصر عملها بالتشريع، وبالرجوع إلى أحكام المدونة نجدها بعيدة كل البعد عن مفهوم العمل التشريعي المعاصر اذ انها لم تخرج من دائرة الأفكار او الأحكام الفقهية في أحسن الأحوال.
في مقالنا خلصنا إلى أن المدونة هذه لا يمكن باي حال من الأحوال أن تؤدي وظيفة القانون ما لم تمر بالمشغل التشريعي المشار اليه أعلاه، وعلى فرض أن جهدا استثنائيا تمكن من ان يحولها إلى قواعد قانونية فالرأي لدينا ان مضامينها لا تصح الا إلى مرحلة ما قبل الدولة لخلوها احكام المواطنة لتغليب الهوية الجزئية عليها.
*************************************************
قاموس لهجات عرب الأهوار والعامية في جنوب العراق
أطياف مجيد حميد
يا أهوار بيج الطيور تنثر غنه
والمايزورج عمرة ما يعرف وطنه
بين ثنايا الأهوار حيث تمتزج المياه بالقصب تولد لغة تحمل نكهة المكان وروح الإنسان، من هنا يأتي كتاب (قاموس لهجات عرب الأهوار والعامية في جنوب العراق) تأليف الأساتذة أ.م حسين محمد رضا الحميري /أ.م. د علي رحيم ابو الهيل الجابري / أ. د فارس عجيل جاسم الخالدي /أ. م. د باسم عليعل خلف السعداوي، ليكون مرجعا لغويا وثقافيا يوثق لهجة طالما شكلت هوية أهل الجنوب، والكتاب عبارة عن قاموس لغوي ومعجمي يدون الكلمات والتعابير العامية التي يستخدمها سكان الأهوار في جنوب العراق.
وان هذا الكتاب القيم لا يقتصر على الجانب اللغوي فقط بل يكشف عن عمق التراث الشعبي وطبيعة البيئة المائية والحياة الاجتماعية لسكان الأهوار الكلمات التي تحمل دلالات مرتبطة بالعمل والطقوس والغناء وحتى الأمثال الشعبية.
ولا يخفى عليك ايها القارئ الكريم أن الكثير من الكلمات المتداولة في لهجتنا العراقية الأصيلة هي ذات اصول سومرية وأكدية واشورية حيث ورثناها من أجدادنا.
والكتاب مقسم إلى عشرة فصول الأول منها حول الكلمات التي تخص النباتات والأعشاب ومتعلقاتها وسأذكر امثله على ذلك:
*الدنان: - هي البذور الصلبة التي تنمو مع الرز (الشلب) غير صالحه للأكل وهي كلمه ذات أصول أكدية.
*حصرم: العنب غير الناضج
*خلالات: - التمر الناشف
*سحالة: - بقايا الرز (الشلب) او الطحين
أما باقي الفصول فتتكلم عن الحيوانات ومتعلقاتها /الأدوات والاعمال اليدوية / والأمراض ومعالجاتها / الأطعمة والمشروبات / الأفعال/ المهن والوظائف / البيئة والطقس / الصفات / المكاييل والمقاييس والموازين.
إن المؤلفين لهذا الكتاب قد اعتمدوا أسلوبا توثيقيا دقيقا جامعين بين اللغة والمعايشة الميدانية، فصيغ الكتاب أشبه بذاكرة حية تحفظ ما قد يندثر مع تغير الزمن وتبدل البيئات.
الكتاب ليس مجرد معجم للكلمات بل هو جسر يربط القارئ بذاكرة الجنوب ويدعو للتعارف على ثراء اللهجات العراقية وتنوعها، كتاب يستحق القراءة خاصة لكل المهتمين باللغة والتراث والهوية والثقافة العراقية.
أنصح القارئ بقراءة هذا الكتاب حيث يمنحنا فرصة لفهم كيف تعكس اللغة بيئة الانسان وموروثه وتساعدنا في اكتشاف لهجتنا كجزء من هويتنا الأصلية.
********************************************
بشرى سارة
عبد جعفر
نقلت وكالات الإنباء أخبارا سارة من بلد 1.4 مليار نسمة (الصين) إلى بلد 46.1 مليون نسمة (العراق)، إنها بشرى وأي بشرى للعراقيين لما يحدث في الصين، وقد يتساءل البعض ما علاقتنا بما يحدث في هذه البلاد البعيدة المترامية الأطراف والتي تحدها 14 دولة، وتشكل تنينا خطيرا للاقتصادي الأمريكي؟
الخبر يقول: إن الصين (تواجه نقصا حادا في النفايات التي تحتاجها مصانع حرق النفايات. وذلك بسبب إستثمارات الحكومة في البنية التحتية للحرق، وتطبيق سياسة قوية لفرز النفايات وإعادة التدوير، ما أدى إلى تقليل كميات النفايات القابلة للحرق. ويعاني قطاع حرق النفايات من نقص في المواد الخام وتعمل المصانع بطاقة جزئية. مما يشكل خسارة إقتصادية للشركات ويشجعها على شراء النفايات من مصادر أخرى).
أذن الصين تبحث عن مصادر أخرى للنفايات خارج أرضها، ونحن نملك من النفايات تغطي وجه الأرض، إذا جرى نشرها، فبغداد وحدها تنتج عشرة ألاف طن يوميا،لا تستوعبها عمليات الطمر، وتشكل ضغطا هائلا على البنية التحتية. والكميات بالتأكيد أكبر بكثير من التقديرات الرسمية، فالنفايات متكدسة في المحلات والمناطق وخصوصا التي لا تصلها أعمال النظافة من البلدية في بغداد وغيرها من المحافظات.
ويذكر أن مصر عام 2008 كانت تبيع الطن الواحد من القمامة الصين بـ 6 آلاف حنيه مصري (بحدود 120 دولارا) وربما أكثر من ذلك، قياسا بتصريف الدولار في ذلك الوقت. وكانت بريطانيا تصدر إلى الصين نحو 3.5 مليون طن من الورق القابل لإعادة التدوير وتحصل ما قيمته 145 مليون جنيه استرليني (بحدود 195مليون دولار) وإذا أضفنا إليها تصدير بريطانيا من الحاويات الإلكترونية، فأن المبلغ يصل إلى نصف مليار جنيه استرليني أي حوالي 750 ألف دولار امريكي.
فأمام الشعب سوى الاعتماد على (القمامة) لا على نستله، كما يقول جلال الدين الصغير، بعد أن (غسل العراقيون أيديهم من العكس) من خيرات النفط وغيرها بسب الفساد والنهب المنظم للبلاد وغياب التخطيط، من قبل القوى المتنفذة، وسرقات شركات البترول على ضوء عقود التراخيص المجحفة، وفتح الأبواب على مصراعيه أمام الاستيراد على حساب المنتوج الوطني. مولدة لنا (قمامة) من نوع آخر، كثيرة سمية، تلوث حياتنا وأرواحنا بالسخام الأسود، وتنتظر متى تزاح، وإلى أن يحين هذا اليوم، يجب أن تقوم بلديات المحافظات بحملات لجمع النفايات من الشوارع ومناطق السكن، ليس من أجل النظافة فقط وإنما أيضا من أجل التصدير، ويمكنها أن تتعاقد مع الصين أو أي دولة راغبة في شرائها. وبهذا (تحلل خبزتها بدلا من اللغف) وتحقق جمالية لشوارع المدن والقرى ونقاوة الأنهار ومصارف المياه الأخرى، وتحسين أحوالها، وتشغل آلاف العمال من هذا المردود. وتنقذ حياة المواطنين الذين يعيشون على البحث ما يجدونه في (المزابل) لينقذوا أنفسهم من البؤس الذين هم فيه، وتجنبهم الأمراض القاتلة من جراء البحث في بيئة موبوءة وخصوصا الأطفال، وتكون فاتحة خير أن تقوم السلطات بمكافحة التصحر والتلوث البيئي، وإيجاد المناخ صحي كي يعيش فيه العراقيون، قبل أن تبدأ المافيات بسيطرتها على هذا الجانب أيضا، ونضيع (الخيط والعصفور).
*******************************************
بين غياب التخطيط والاهمال والحلول المؤجلة.. بغداد تختنق بين الشاحنات الثقيلة والمركبات العابرة
محمد راسم قاسم
لا أحد ينكر أن الدولة العراقية، خلال هذه السنوات، بذلت جهوداً مميزة في تطوير البنى التحتية للعاصمة عبر إنشاء جسور ومجسرات جديدة، وإعادة تنظيم مسارات بعض الطرق الرئيسة لتخفيف الضغط المروري. وهي إنجازات لا بد من الإشارة إليها، بل ويعتد بها، لأنها تسهم – ولو جزئياً – في تيسير حركة التنقل داخل مدينة يقطنها الملايين وتغص يومياً بالمركبات.
لكن، وبرغم كل ما يتم إنجازه، تبقى الأزمة على حالها، بل وتتصاعد أحياناً لتتحول إلى كابوس يومي يعيشه المواطن البغدادي. فالمشكلة لم تحل جذرياً، لأن أحد أهم مسبباتها ما يزال قائماً: السماح للشاحنات الثقيلة بالدخول إلى قلب العاصمة وكأنها سيارات أجرة، إلى جانب غياب التخطيط لإنشاء طرق حولية تحيط ببغداد لامتصاص حركة السيارات القادمة من محافظات الجنوب باتجاه الشمال، أو بالعكس. هذه الفجوة التخطيطية تجعل بغداد ملتقى قسرياً لكل مركبة عابرة، فيزيد الزخم، وتتضاعف الاختناقات، وتبقى المدينة تدفع ثمن عجز إداري ورؤية مرورية محدودة.
حيث تشهد العاصمة بغداد منذ سنوات طويلة أزمة متفاقمة في طرقها الداخلية وشوارعها الرئيسة، حيث تحولت معظمها إلى مساحات مثقلة بالحفر والتخسفات والانكسارات، ما جعل حركة السير بطيئة ومعقدة. ولعل أبرز أسباب هذا التدهور هو السماح – أو التغاضي – عن دخول الشاحنات الكبيرة (تريلات الحمل) إلى قلب العاصمة، في الوقت الذي يُفترض أن تمنع من المرور في شوارعها الداخلية.
إن دخول هذه المركبات العملاقة إلى شوارع بغداد يترك آثاراً سلبية متعددة، يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:
أولاً.. تخريب البنى التحتية: الوزن الهائل لهذه الشاحنات يؤدي إلى تدمير طبقات التبليط بسرعة، وتهشم الشوارع، وتصدع شبكات الصرف الصحي، مما يفاقم مشاكل المجاري.
ثانياً.. عرقلة السير والازدحامات: إن حجم الشاحنات الضخم يجعلها غير مناسبة للشوارع الداخلية الضيقة والمزدحمة أساساً، الأمر الذي يضاعف أوقات الانتظار ويزيد من حالات الاختناق المروري في شوارع العاصمة. ولا يقتصر الأمر على الشاحنات وحدها، فحتى السيارات والباصات القادمة من جنوب العراق والمتوجهة إلى شماله، وكذلك المركبات القادمة من الشمال والمتجهة إلى الجنوب، كلها تضطر لاختراق بغداد يومياً، مسببةً أزمات مرورية خانقة واختناقات لا مبرر لها، كان من الممكن تجنبها بوجود طرق بديلة خارج العاصمة.
ثالثاً.. المخاطر الأمنية والمرورية: تواجد الشاحنات الكبيرة في طرق غير مهيأة يشكل خطراً على سائقي المركبات الصغيرة والمشاة على حد سواء، إذ تزداد نسبة الحوادث المميتة.
رابعاً.. الأضرار الاقتصادية: إن تدمير الشوارع المستمر يفرض على الدولة صيانة متكررة تكلف المليارات، فضلاً عن الخسائر التي تلحق بالتجار والمواطنين جراء التأخير والازدحام.
من الغريب أن تقف الجهات الحكومية ذات العلاقة – من الحكومة المحلية للعاصمة بغداد وأمانة بغداد، إلى مديرية المرور العامة، وحتى السيطرات الأمنية – موقف المتفرج، وكأن الأمر لا يعنيها. فالمتابع العادي أصبح يدرك جيداً أن هذه المشكلة لم تعد وليدة اليوم، وإنما هي تراكم سنوات من الإهمال وغياب الرؤية التخطيطية. إن استمرار السماح لهذه الشاحنات بعبور بغداد يكشف عن ضعف في تطبيق القانون وغياب التنسيق بين مؤسسات الدولة، وهو ما يطرح تساؤلاً مشروعاً: لماذا تتجاهل السلطات هذه الكارثة اليومية!؟
إن حل هذه الأزمة ليس مستحيلاً، لكنه يحتاج إلى قرار جاد وإرادة سياسية واضحة. وأبرز الحلول العملية يمكن أن تكون:
أولاً.. إنشاء موانئ برية في شمال وجنوب بغداد، بحيث تكون محطات نهائية للشاحنات الثقيلة القادمة من المحافظات الى بغداد.
إن هذه الموانئ ينبغي أن تحتوي على مخازن حديثة، وغرف تبريد، وميزان دقيق، وخدمات فنية وصحية كفيلة بخزن وتوزيع البضائع. ومن هناك، يجري نقل الحمولة إلى داخل العاصمة بواسطة شاحنات صغيرة ومتوسطة الحجم، تتناسب مع قدرة شوارع بغداد.
ثانياً.. تشييد شبكة شوارع حولية (طرق دائرية خارجية) تحيط بالعاصمة من جهاتها الأربع، بحيث تعبر الشاحنات وباصات النقل القادمة من محافظات الشمال إلى محافظات الجنوب أو بالعكس دون الحاجة إلى دخول بغداد أصلاً.
ومن الضروري ايضاً وجود أكثر من طريق حولي الامر الذي سيؤدي الى تخفيف الزخم، وتأمين انسيابية أكبر لحركة المرور. وهذا الإجراء معمول به في معظم عواصم العالم وحتى في بعض محافظات العراق التي أدركت حجم هذه الكوارث وكانت تواجه نفس التحدي.
إن بقاء الحال على ما هو عليه يعني المزيد من الخراب لشوارع بغداد، والمزيد من الأزمات اليومية للمواطنين، والمزيد من الهدر في المال العام. إن الحكومة المحلية للعاصمة بغداد ومديرية المرور العامة وأمانة بغداد، كل بحسب مسؤوليته، مطالبة بتحمل واجبها الوطني والأخلاقي، عبر منع دخول الشاحنات إلى العاصمة بشكل قاطع، وتبني حلول استراتيجية جذرية، بدلاً من مسكنات مؤقتة لا تجدي نفعاً.
إن مدينة بغداد، بما تحمله من رمزية وتاريخ، تستحق أن تكون عاصمة لائقة، وشوارعها يجب أن تكون صورة تعكس هيبة الدولة لا شاهداً على عجزها.
*********************************************
الصفحة التاسعة
شباب العراق يحصدون 23 ميدالية في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى
متابعة ـ طريق الشعب
اختتم لاعبو منتخب العراق لألعاب القوى، مشاركتهم في بطولة غرب آسيا للشباب، بتحقيق ميداليتين ذهبيتين جديدتين إلى جانب برونزيتين، في ختام منافسات البطولة التي احتضنتها العاصمة اللبنانية بيروت على مدى أربعة أيام متواصلة.
وبذلك ارتفع رصيد العراق في البطولة إلى 23 ميدالية متنوعة، بواقع 6 ذهبيات و6 فضيات و11 برونزية.
وقال ميثم الحسني، مدير إعلام المنتخب، إن "اللاعبة نرجس حسين توجت بذهبية سباق 1500 م، فيما خطف أحمد فراس ذهبية سباق العشاري". وأضاف أن "اللاعبة بنت الهدى إبراهيم نالت برونزية رمي القرص"، فيما حصل فريق التتابع 4x400، المؤلف من محمد صادق وسام، وخالد عباس، وكرار زمن، وعبد الرحمن خالد، على البرونزية الثانية.
وأكد الحسني أن حصيلة الميداليات تعكس تطور مستوى لاعبي ولاعبات العراق الشباب، مشيراً إلى أن المشاركة كانت ناجحة وفتحت آفاقاً واعدة للمستقبل.
************************************
المنتخب العراقي يصل السعودية لخوض ملحق المونديال
متابعة ـ طريق الشعب
وصل وفد المنتخب الوطني العراقي إلى السعودية على متن طائرة خاصة، استعداداً لخوض مباراتي الملحق الآسيوي المؤهل إلى كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وشهدت بعثة المنتخب التحاق كل من ريبين سولاقا، ومنتظر ماجد، وأمير العماري مباشرة في السعودية، فيما ينضم اليوم كل من كيفن يعقوب، وزيدان إقبال، وماركو فرج، وإيمار شير، وميرخاس دوسكي. وكان أول الواصلين إلى المعسكر التدريبي في السعودية اللاعبون حسين علي، وزيد تحسين، وبشار رسن، ويوسف الأمين.
ومن المقرر أن يخوض منتخب العراق أولى مواجهاته في الملحق أمام منتخب إندونيسيا يوم 11 تشرين الأول الجاري، فيما يلتقي في المباراة الثانية نظيره السعودي يوم 14 من الشهر نفسه.
وفي السياق ذاته، وجه المدرب العراقي ثائر عدنان رسالة تحفيزية للاعبي المنتخب، مؤكداً ثقته بخيارات المدرب غراهام أرنولد الذي أعلن مؤخراً قائمة تضم 28 لاعباً محلياً ومغترباً. وقال عدنان إن "اللاعب العراقي معروف بقدرته على الظهور وقت الشدائد"، مشدداً على أن مباراتي الملحق تشكلان تحدياً كبيراً يجب إنجازه.
ودعا عدنان الجماهير ووسائل الإعلام إلى تقديم الدعم الكامل لأسود الرافدين، معتبراً أن المهمة وطنية وتمثل العراق بأكمله، مشيراً إلى أن نجاح المنتخب في هذه المرحلة يتطلب تكاتف الجميع من أجل رفع اسم العراق عالياً في التصفيات المؤهلة للمونديال.
************************************************
غموض حول موعد عودة أوديغارد
لندن – وكالات
أعلن نادي أرسنال الإنكليزي، إصابة قائد الفريق النرويجي مارتن أوديغارد بتمزق في الرباط الجانبي الداخلي للركبة اليسرى، خلال مواجهة وست هام يونايتد في الدوري الممتاز.
وكان أوديغارد قد اضطر لمغادرة الملعب بعد نصف ساعة من انطلاق اللقاء إثر احتكاك قوي مع لاعب وست هام كريسينسيو سامرفيل، ليُستبدل بمارتن زوبيميندي، في ثالث مباراة متتالية يخرج خلالها مصابًا في الشوط الأول.
وأكد بيان النادي أن اللاعب سيواصل علاجه وتأهيله في مركز تدريبات الفريق تحت إشراف الطاقم الطبي، من دون تحديد مدة الغياب، فيما أُعلن رسميًا سحبه من قائمة منتخب النرويج خلال فترة التوقف الدولي.
وبحسب تقارير صحفية، قد يمتد غياب أوديغارد لعدة أسابيع إذا تأكدت إصابته من الدرجة الثانية، ما يعني احتمال غيابه عن سبع مباريات مهمة محليًا وأوروبيًا، فيما يقلّل الطاقم الطبي من فرضية غيابه لفترة طويلة تصل إلى 12
********************************************
اتحاد الكرة يحدد موعد استئناف دوري نجوم العراق
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمس الاثنين، إيقاف منافسات دوري نجوم العراق بشكل مؤقت، وذلك استعداداً لخوض المنتخب الوطني مباراتي الملحق الآسيوي المقرر إقامتهما في السعودية، والمؤهل إلى كأس العالم 2026.
وقال رئيس لجنة الحكام في الاتحاد العراقي، محمد عرب، إن "الاتحاد، وبالتنسيق مع رابطة الدوري الإسباني (لا ليغا)، قرر إيقاف دوري النجوم بعد ختام الجولة الرابعة لإتاحة المجال أمام تجمع المنتخب في السعودية قبل خوض مباراتي الملحق".
وبيّن عرب أن الاتحاد حدد يوم 17 تشرين الأول الجاري موعداً لاستئناف الدوري المحلي، مشيراً إلى أن المنتخب الوطني سيتوجه قريباً إلى السعودية للبدء بالوحدات التدريبية في معسكر قصير يسبق المواجهتين الحاسمتين.
وشهد ختام الجولة الرابعة من الدوري تحقيق فريق القوة الجوية فوزاً مهماً في ديربي العاصمة على غريمه التقليدي الزوراء بهدفين دون رد، في اللقاء الذي أقيم على ملعب المدينة الدولي. وسجل محمد جواد الهدف الأول من ركلة جزاء في الدقيقة الخامسة، قبل أن يعزز هيثم جويني النتيجة بهدف ثانٍ في الدقيقة 62.
وفي مباراة أخرى، تغلب الميناء على ضيفه النجف بنتيجة 4-2 في ملعب الفيحاء بالبصرة. وسجل للميناء كل من مسلم موسى (د6)، مهند عبد الرحيم (د19 و46)، وأحمد محمود (د25)، فيما قلّص النجف النتيجة عبر جاتوش بانوم (د90+1) ونسيم صيود
*********************************************
وقفة رياضية.. واجب الصحافة.. تشخيص الأخطاء في المؤسسات الرياضية
منعم جابر
العمل الرياضي تقوده المؤسسات الرياضية الرسمية والشعبية، ويعتمد أولاً على الدعم الحكومي، إضافة إلى النشاطات التي تدر عليه واردات وأموالاً خاصة. إلا أن واقعنا الرياضي تنعم عليه الدولة ومؤسساتها الرسمية بالكثير حتى الساعة، وبحكم هذا الواقع يصبح من واجب القائمين عليه قبول الأفكار والمقترحات والملاحظات، بل وحتى النقد والانتقاد عند حصول العيوب والأخطاء. ذلك لأن الأموال التي تُصرف على الرياضة هي أموال الشعب والمجتمع، ولا يمكن للمجتمع أن يتنازل عن حقه في إبداء الملاحظات والتصويبات تجاه كل المؤسسات التي تدير هذا الواقع الرياضي.
وعلى هذا الأساس، يتوجب على قادة المؤسسات الرياضية، من اتحادات وأندية رياضية ولجنة أولمبية وطنية، أن يؤمنوا بأن هذه الملاحظات والأفكار والانتقادات صادرة من الشعب وإليه، مما يعني وجوب قبولها والتعامل معها بروح رياضية. إلا أن الملاحظ، وعلى جميع الصعد، أن كثيرين من قادة هذه المفاصل الرياضية يتعاملون مع الصحافة والإعلام كسلطة رابعة بحساسية وبمواقف سلبية ومزاجية، بعيداً عن المطلوب والمعروف. فكثير من مسؤولي الرياضة وقادتها نراهم قد اتخذوا مواقف مسبقة من الإعلام الرياضي ومن كتّابه ومعدّي برامجه، بحجة مواقف هذا أو تقاطع ذاك مع أولئك.
إن معدّي هذه البرامج ومقدميها غالباً ما يكونون إيجابيين ومتفاعلين مع الحدث الرياضي، باستثناء قلة قليلة منهم ممن يتعاملون مع أحداث وحكايات هذا الطرف أو ذاك بحساسية ومواقف مسبقة. وهؤلاء لا يمثلون إلا أقلية في الإعلام الرياضي. أما الزملاء العاملون في الصحافة والإعلام الرياضي، فعلى الأغلب هم من الواعين والموضوعيين، الذين يقدمون مصلحة الرياضة والوطن في المقام الأول.
لقد كان الإعلام الرياضي، وسيبقى، إيجابياً تجاه الأحداث الرياضية. فعند الفوز والنتائج الإيجابية، في كل الرياضات فردية كانت أو جماعية، نجدهم متفاعلين ويصفقون لأبطال الرياضة وصانعي الإنجاز الرياضي. أما في حالة الإخفاق والفشل، فنجد الكثير من الملاحظات والأفكار الموضوعية التي يطرحها الزملاء بموضوعية وحيادية، بعيداً عن الشخصانية والحساسيات. وهذه المواقف تخدم الواقع الرياضي، كما تخدم البطل أو الفريق الذي أخفق في هذه الجولة، بعيداً عن تصفية الحسابات والمواقف الشخصية.
ولهذا نقول ونناشد أحبتنا في الإعلام الرياضي: عليكم أن تميزوا في حساباتكم وكتاباتكم وتحليلاتكم بين مواقفكم الشخصية وعلاقاتكم المهنية، وأن يبقى الاحترام والحيادية في ما تعرضونه أو تتحدثون به وتقدمونه لأبناء الرياضة وعشاقها، لأنه أمانة في أعناقكم ومسؤولية تاريخية تجاه شعوبكم ورياضتكم.
ونحن ندعو زملاءنا في الإعلام الرياضي بكل صنوفه إلى تمثيل الموضوعية والتحدث بالحق ومن أجله، بعيداً عن التزلف أو التلاعب بالألفاظ والحكايات لإيهام المتلقي وتزويده بمعلومات غير دقيقة أو غير مسؤولة، مما قد يزرع الشك في معلوماته ويضيع الحقيقة التي يسعى المواطن الرياضي للوصول إليها.
وهنا نقول لأحبتنا في قيادة المؤسسات الرياضية: عليكم أن تقبلوا بكل الملاحظات والأفكار والعيوب التي يبثها الإعلام الرياضي كحقائق عن مؤسساتكم الرياضية، وعن إنجازات وإخفاقات أبطال ألعابكم، لأن المصارحة هي الطريق الوحيد والصحيح للتقدم والنجاح الرياضي.
ونقول لبعض الإعلاميين: عليكم أن تعرضوا الحقائق ونتائج عملكم، وإن أخفقتم فعليكم أن تقبلوا ذلك بروح رياضية عالية، وتؤسسوا لنجاح قادم، بعيداً عن المغالاة
************************************
من بطل إلى حائر.. 3 هزائم متتالية تُربك مسيرة الريدز
لندن – وكالات
لم تمضِ سوى أشهر قليلة على لحظة تتويج ليفربول بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز، حتى وجد الفريق نفسه في دوامة من الشك والأزمات بعد سلسلة من النتائج السلبية.
وتكبد الريدز ثلاث هزائم متتالية، تراجع خلالها الأداء بشكل ملحوظ، فيما بدت نجومه بعيدين عن مستوياتهم المعهودة، وسط محاولات مدربه الهولندي آرني سلوت لإيجاد التوازن المفقود.
ووفقاً لصحيفة "ذا أتلتيك" البريطانية، جاءت الخسارة الأخيرة أمام تشيلسي في "ستامفورد بريدج" لتعمق الأزمة، بعدما سجل الشاب إستيفاو هدفاً قاتلاً كشف عن هشاشة دفاع الفريق وفقدانه السيطرة.
ورغم إنفاق ليفربول نحو 450 مليون جنيه إسترليني (606 ملايين دولار) للتعاقد مع لاعبين بارزين مثل ألكسندر إيزاك وفلوريان فيرتز، فإن الفريق فقد ما ميّزه الموسم الماضي من صلابة وتوازن. وباتت خطوطه سهلة الاختراق، حيث استقبل هدفين في 6 من أصل 11 مباراة هذا الموسم، في حين لم يحدث ذلك قبل أواخر أكتوبر/تشرين الأول من الموسم الماضي.
ويواجه سلوت تحدياً مضاعفاً مع تراجع مستوى لاعبين أساسيين مثل محمد صلاح، إبراهيم كوناتي، وأليكسيس ماك أليستر، إضافة إلى رحيل ترينت ألكسندر-أرنولد، ما خلق أزمة في مركز الظهير الأيمن. كما زاد رحيل لويس دياز إلى بايرن ميونخ من معاناة الخط الهجومي، فيما لم ينجح كودي جاكبو في سد الفراغ.
وتأثر الفريق نفسياً بوفاة المهاجم ديوغو جوتا في يوليو/تموز الماضي، وهو ما أكد عليه القائد فيرجيل فان دايك، مشيراً إلى أن الحزن انعكس على أداء اللاعبين داخل الملعب.
ورغم الأزمات، شدد فان دايك على أن الفريق لا يزال على بُعد نقطة واحدة فقط من صدارة الدوري الإنكليزي، داعياً الجميع إلى الوحدة والدعم قبل المواجهة المرتقبة أمام مانشستر يونايتد بعد فترة التوقف الدولي.
وهكذا يجد ليفربول نفسه أمام مرحلة انتقالية حرجة، بين طموحات مدربه في بناء مشروع طويل الأمد، وواقع صعب يهدد بفقدان هوية الفريق، ليبقى العنوان الأبرز لرحلة الموسم: "من بطل إلى حائر
******************************************".
الصفحة العاشرة
حامد كعيد الجبوري.. شاعرٌ خرج من رحم الحلة ومضى ليكتب للوطن والناس
محمد علي محيي الدين
في مدينة الحلة، حيثُ التاريخ يتكئ على ضفاف الفرات، وحيثُ ينبت الشعر كما تنبت السنابل، وُلد الشاعر حامد كعيد الجبوري عام 1952، في محلة الوردية – تلك الزاوية التي لا تُنجب إلا من يُضيء ليل العراق الطويل. ومنذ أن تشكّلت أولى صور الحياة في عينيه، كانت الكلمة ترافقه كظلّه، وتنبض في وجدانه كما ينبض الدم في الشرايين.
درس في مدارس الحلة، طفلًا يحمل في حقيبته أكثر من كتبٍ وأقلام، كان يحمل في داخله شغفًا خامدًا، ووهجًا سيكبر لاحقًا ليصير صوتًا شجريًا ينمو على ضفاف القصيدة. ثم اتجه إلى الكلية العسكرية، ليكون من ضباط العراق الذين حملوا على أكتافهم رتبةً وسلاحًا، وقلقًا لا يُروى، فخدم حتى رتبة عقيد، ثم تقاعد عن الخدمة العسكرية عام 1988، لكن القصيدة لم تتقاعد، بل كانت تتهيأ لمرحلة المخاض.
كثيرون هم الشعراء الذين وُلدوا في الظل، لكن قلائل هم من احتملوا الظلّ حفاظًا على ضوء القصيدة من أن يُشوَّه. حامد كعيد كان منهم. خلال سنوات الخدمة العسكرية، لم يكن ممكنًا أن ينخرط تمامًا في النشاط الشعري، لا لضعف الموهبة، بل لأن النظام آنذاك كان يريد من القصيدة أن تنحني، وهو لم يُرِد أن ينحني، ولا أن يكتب إلا ما يريده وجدانه، فاختار أن يظلّ بعيدًا عن المنابر، قريبًا من صدق الحرف.
ولأن الطموح لا يشيخ، عاد حامد كعيد ليُكمل دراسته الجامعية، وحصل على بكالوريوس اللغة العربية من الجامعة المستنصرية، وكان من زملائه في تلك المرحلة الأكاديمية الباذخة، الأستاذ الدكتور عبد الإله الصائغ، أحد أعمدة النقد والشعر العربي الحديث.
بعد سقوط النظام البعثي، خرج الشاعر من صمته، لا ليصرخ، بل ليبني. أسّس مع رفاقه من الشعراء المهمَّشين اتحاد الشعراء الشعبيين وكتاب الأغنية، وسرعان ما تحوَّل هذا الكيان إلى بيتٍ يأوي إليه كل صوت شعبي وطني. لكن رصاص الإرهاب لم يدع هذا الحلم ينمو بسلام. استُشهد رئيس الاتحاد الشاعر عباس الحميدي، فكان لا بدّ من إعادة التشكيل والنهوض، وكان حامد كعيد في الصف الأول، لا زعيمًا بل خادمًا للكلمة. فأصبح رئيس اتحاد الشعراء الشعبيين في بابل، وسكرتير الاتحاد العام في العراق، وعضوًا فاعلًا في اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين.
ولعدم صدور قانون النقابات والجمعيات، قام مع زميليه كاتب السطور ولفتة الخزرجي باستحصال موافقة الجهات الرسمية على إجازة جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي، فأصبح رئيسًا لها، وتولّى النيابة محمد علي محيي الدين، والسكرتارية لفتة الخزرجي، وافتُتحت لها فروع في المحافظات، ولا تزال تقدّم عطـاءها في المشهد الثقافي.
أصدر الشاعر ديوانَين "ضمير الأبيض" و"الخلود"، وهما مرآتان لضمير حيّ، وقلب لا يشيخ. كما صدرت له كتب عن المواكب الحسينية في الحلة، وله كتب أخرى في الطريق تتناول موضوعات تراثية وأدبية وسياسية، في مشروع ثقافي لا يزال في تمدّده وحضوره.
شارك في مهرجانات وطنية رعتها وزارة الثقافة العراقية حين كان مفيد الجزائري وزيرًا، كما شارك في مهرجانات دعمتها رئاسة الوزراء، وكان دائمًا بين كبار شعراء العراق الشعبيين، حاملًا كلمته كما يحمل المناضل رايته، فصيحًا في لسانه، راسخًا في موقفه.
لم يقتصر عطاؤه على الشعر، فقد أشرف على صفحة الشعر الشعبي في جريدة الفيحاء الحلية، وقدّم برامج إذاعية في إذاعة الحلة وإذاعة اتحاد الشعب، وكتب دراسات نقدية في الصحف والمجلات مثل: الصباح، طريق الشعب، الحقيقة، ومجلة التراث الشعبي، وكان دائم الحضور في الصحافة الورقية والإلكترونية، يناقش السياسة والثقافة، ويكتب بجرأة الناقد وحكمة المثقف.
وكان للمجالس الأدبية في الحلة نصيبٌ من حضوره الدافئ، فكان ضيفًا، ومقدِّمًا، ومحاضرًا، في مجلس الأستاذ حسام الشلاه، والحاج مالك عبد الأخوة، والأستاذ سلمان الزركاني، والأستاذ سالم المسلماوي، والسيد زيد وتوت، والسيد وحوَدي شعيلة، وغيرهم.
وحين يُذكر حامد كعيد، تُذكَر تلك السلالة من الشعراء الذين لم يكتبوا ليظهروا، بل كتبوا ليبقوا. ولذلك، كتب عنه الناقد ناهض الخياط، وفالح حسون الدراجي، والبروفيسور عبد الإله الصائغ، وجبار الكواز، والدكتور خليل المشايخي، والدكتور محمد عودة سبتي، ورياض النعماني، والدكتور عبد الرضا عوض، وغيرهم من الذين أنصفوا الشاعر في كتاباتهم.
إن حامد كعيد الجبوري ليس مجرد شاعر شعبي، بل هو ذاكرةٌ من لحمٍ ودم، تحمل في حروفها وجع العراقيين وفرحهم، وتصوغ من اللهجة الشعبية منبرًا للصدق. وهو، رغم كل السنين التي عبرت، لا يزال يكتب كمن يكتشف الحرف لأول مرة، ويقدّم كمن لم يُتعبه الطريق.
في زمنٍ عزَّ فيه الوفاء للكلمة، ظلَّ حامد كعيد واقفًا، يكتب.. لا لينال، بل ليُعطي. وقصيدته "هم ترتاح؟" تساؤلٌ يحتاج لأجوبة، وصرخةٌ تثير التساؤل، وبكاءٌ صامت، وأملٌ بغدٍ جديد، أهداها لصديقه الراحل الشاعر علي الشباني:
هم ترتاح ؟..
هم ترتاح ؟..
ڰضه عمرك حزن... وهموم فوڰ هموم
مشيت وما حنيت الراس
أغانيك فرح وشموع
تراتيلك عزيمه
وڰابلت سفاح... هم ترتاح؟..
محطتكم ( قطار الموت ) مر أبخاطره المكسور
فراڰينه صبر وجروح ...وڰف بيها... أبونين وصاح
أشوكت ترتاح ؟
عمرك شيَّب أبعشرين
وطولك خيزران وچف طراوه
أيلاوي فچ الخوف
علَّـه فوڰ البيادر فكرك الوضاح
هم ترتاح ؟
يا أول " شيوعي " أيبوڰ باڰ " الرونيو"
وسنطه طبّع بيها الفكر... ويدرِّس الطلاب
ويوِّعي الشغيله العامل وفلاح
هم ترتاح ؟
زناجيل الحبس ترثيك
و" الحله " وسجنها
و(نكرة السلمان)
أنكسر ضلع ( السراي ) الضيّع الأحلام
وزنزانة " مظفر " والدمع سفاح
هم ترتاح ؟
روّه منك "فرات" وعرف طعم البيك
طعم ( حزبك ) وطن
ويفيض بالخيرات
رُبَـه بين النخل وصرايف الفقره
شرب حد الثماله وما تكضه صفاح
هم ترتاح ؟
لملمت الكتب خليتها أبڰلبك
وعدد آخر جريده من" الطريق " وياك
ما خذ صوغتك للموته هم يردون!!!
تسمِّعهم ونين الأهل والجيران
وأحزان الوطن وهموم الحديثات
وصرخات اليتامى ودمعة الأطفال
وطن يبچي الوطن مو دمعة التمساح
هم ترتاح ؟
****************************************
آنا يعگاب مدنف
الشاعر الراحل عطا السعيدي
محل يعگاب وكتك والشكاير بور
والناعور يصفر والدلو خالي
عطش وأتله المواسم صوهد بتشرين
لابشر بديم ولا نحر چالي
زيزاية حَماد وشح عليها الغيم
چا شلحگ عليها شينفع وشالي
بتبنها ولا توفي ولا تسد طَلاب
حاصل ما أريدن بس ستر حالي
وتعللي ونوالك مثل وسط سهيل
يبطي سهيل وآنا بحضن چتالي
نوالك چود منحر والوكت حدار
ما يلحگ بعد ما بالعمر تالي
وتساوت ما بعد بالروح
مچمن للحزن خالي
ولو شح الرفيج وطول المطراش
چا ياهو اليوصل ليك مرسالي
آنا بعازة فزعتك يالفزعتك غيث
وذراع الگصير بعازة الوالي
عفاني وكاددت والعاتيات اثگال
ما خففن وزني وخفن اثگالي
بعمري ولا شكيت لغير شخصك حال
ولا انت بچلمة المنگود ترضالي
إذا نوبات غيضي يجاوز المعقول
وأثگب وأشتعل لا تنكد أفعالي
اشو مثل الرطينة وعندي مدري شلون
شيغلي الرخيص ويرخص الغالي
وتگلي أسكت وشوف المالهم بالضول
صارلهم مكان وگدر من تالي
عاد أزهگ وكت البالخرچ مضموم
وألحَج بالگباحة الراح والحالي
مهي ساعة وزة مطلوب بيها الغيظ
دخن والعتب خلي العتب تالي
مدام اتوازنت والغي طفح ليفوگ
جاشلك بحيلك والنشط والي
تبي تجرب گدرتي اعلى الصبر يعگاب
لا يخفاك صبري ولا وسع بالي
آنا أبن الكل دهرهم مآتم وعاشور
الفرح طيف ونسيته وراح من بالي
هلي ادور السنين وعيدهم تابوت
من هور الصحين الحزن يبرالي
ولو نوبات أغني بطور آنا الياويل
واليسمع أغناي يگول هنيالي
مو بطران أكابر على اعناد الضيم
ما ودي التورج عليّ عذالي
صلافة عين مني شما يلچني الضيم
وآنا وداعتك لا بطر لا سالي
آنا معاشر الضيم من الصغر لليوم
صار الضيم وصمة بگصتي يلالي
يطويني الحزن طوي الغزل للصوف
وأبعد عن طريچه ويضل بذيالي
آنا بياهي التهي وسنيني كلهن سود
بأولهن بديت ومالهن تالي
ياصبر الصبرته ولا صبر أيوب
وياحزن اللبسته أگدار يحلالي
اورجك خاف أگدار خاطرك يعگاب
وخاف يهز كيانك ثگل حَمالي
فصمت أعنان صبري بدعوة اكعن بيه
وتگنطر عن ضهرها وطاح خيالي
آنا يعگاب مدنف مايگصني السيف
مغتاض اعلى غيضك كل گصد مالي
********************************************
ورقه من دفتر ضوه
كاظم غيلان
الكمره ،
لمت روحها ..
وحطت على امحجركم العالي ..
حمامه
وضحكة امعرسات
بيهه المستحه ايدلي الربيع
اعله الخضار
ابكل جنح يضوي خضار
امطارد اويا الظلمه يضوي
ويترس الصفنه هلاهل
والضوه ايسولف أسرار
... روحي بالصفنات تصعد
للمحجر
يقره بيها الريح دفتر
يقره بيها الريح .. ويغني،
مواويل الزمان
من زمان
الروح ومحجركم العالي
حضن يحضن حضن
واحلام تعبر ،..
تنده الخصر الزغير
تمد اصابعها على الطيف
الشرد من المخده
وتملي صفنتها جراجف
وأنه خايف
خايف انه امن المحجر
والطيور الغابشه
وتالي الضوه النعسان
وامسودن بجيتك
درت روحي
وحرت ويه الكمره اسولف روحي كلهه
ودمع عيني المابجاك
امسودن ابوحدي بجيتك
فوك المحجر نجم
يضوي محبه
وفوك المحجر شمس
تضوي خجل
فوك المحجر
رسم عمري مدينه
ألوانها امتدت كصايب
سبحن بماي الله
ماي مبلل بكل المصايب
*******************************************
وين امشي
سالم الحمداني
وَين اَمشي
وَين ماحُطَّن
يِفَلِش وَكتِي عِشِي
بَعد لا صاحِب تِصدِّگ
اينَشِـّف اَلدَمعَه
اِعلَه رِمشي
دَندَلِت
سَطلِي اِعلَه غَيري
اولا شِكَيت اَلغَيري
عَطشي
دَگ عَظُم بِيَّه اواَصَبُّر
اولا بِدَر
مِن عِندي فَدشِي
اِشبَلِشِچ دِنياي بِيَّه
آنَه اَگلِچ
حَيل اِبلشِي
اَلنَقِش
عِثماني عِندي
ما يِبَدل لونَه نَقشي
جَرِش غَيري
طَلَع ناعِم
اِحجارَه
ما يَردونَه جَرشي
آنَه مو بَطران واگُف
هادِل اِتشوفِين
كَرشِي
اَعتُبُر نَفسي خَرابَه
اَخرَس
اواَطرَم
اواَحشِي
هاي هِيَّه ياصُحُبتي
نوبَه نُفخِي
نوبَه فِشِّي.
*********************************************
هيچ .. انه
جواد الدراجي
صغت الفجر غنوه الك
كحلت بيها الصبح
و ألحاني بسمك ندى
ومن ناشدوني الفرح
ميلاده تتذكره ؟؟
گلت أویه حبك بدا
وغنوات عمري الك
باول خطاوي الهوى
ناذرها كلها فدا
والگلب كافر عشگ
لمن عرف ضحکتك
آمن .. و حب ... وأهتدى
چا ما فزعت بدفو
من شفت برد الجفه
گام بعجل ... فرهده
وبثلك شكاوي الحزن
بدموع صبن عتب
ويسولفن بستده
چا .. ما سگیت العمر
رشفة برد .. بالصيف
ذبلان يشكي العطش
جاسه سموم الجفه
ولا سيرتله بكيف
تدريه .. یعزه الوصل
ویذلّه چف وحشته
وطاري الأسف والحيف
وأشتاگ وأرسم هلا
وأنثرها یم شفتي
وجفني یتخیل طیف
کل یوم انه .. هیچ انه
ناعور اغرف صور
واطرد خیال الزیف
بلکي أنكسر .. خاطرك
وتسير النه حلم
والفرح يسمع خبر
ویحل بجیتك .. ضيف
يل تخطي .. ويفز فرح
رگّص ظلوع الگاع
والاثر .. یزرع دفو
شابگ نسیم الیمر
ویزوگه بالنعناع
ضاعت عطور شكثر
بس عطرك .. الماضاع
من يشت روج الدرب
ويحير بيدي الأمل
أسمك .. يفزلي شراع
ياكلشي ابيض چنت
وانظفر رسمك وجع
يامر سماري وطاع
یمته تجینه شمس؟
والزعل حسبة ثلج
توميله ضحكه وماع
**************************************************
اصدار.. {اغاني الموج} لريسان الخزعلي
علاء الماجد
عن دار الصحيفة العربيّة ببغداد، صدر للشاعر والناقد ريسان الخزعلي، ديوان شعر شعبي جديد، بعنوان "أغاني الموج". وهو الكتاب الخامس والعشرون في سلسلة الكتب التي أصدرها، والتي تنوعت بين الشعر الشعبي والشعر بالفصحى والدراسات وانطولوجيا الشعر العراقي. وسيشكل هذا الديوان إضافة إثرائية وجمالية في الشعر الشعبي العراقي الحديث.
الخزعلي الذي ينحدر من عمق الحضارة السومرية، "من ميسان" وبالتحديد من الميمونة ونهرها "الهدام"، رددت ساحات مدارس ميسان قصائده في سن مبكرة، وشهدت تفوقه حتى قدومه إلى بغداد في منتصف السبعينيات.
وفي عام 1974 اختيرت احدى قصائده في مجموعة "قصائد للوطن والناس" وهي قصائد شعبية صدرت بمناسبة العيد الاربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. احتوت هذه المجموعة " اغاني الموج" على (140) قصيدة ووقعت في (240) صفحة من القطع المتوسط.
في الصفحات الأخيرة من المجموعة ملامسات ذوقيّة للأساتذة الأدباء: ياسين النصيّر، حميد حسن جعفر وحيدر المحسن.
***************************************************
الصفحة الحادية عشر
الجديد في الثقافة
* فرحان قاسم يدعو الى التفكير عالمياً والتصرف محلياً
الرفيق الباحث فرحان قاسم، صدر له كتاب جديد بعنوان "فكر عالمياً وتصرف محلياً/ في نظرية ممارسة موحدة لليسار العالمي" عن دار جلجامش- بغداد 2025.
وكان الكاتب قد اصدر كتاباً مهماً حمل عنوان "لِمَ الماركسية؟" مسارات من تاريخ الاشتراكية في العالم، عن دار الرواد- بغداد 2019.
* مجلة "الاديب الثقافية"
صدر العدد الجديد من مجلة "الاديب الثقافية" في بابل (13/ 2025) يرأس تحريرها الزميل عباس عبد جاسم، ضم العدد مقالات ونصوص ثرية، وكان ابرز المساهمين فيه: د. اسماء جميل، د. انصاف جميل، د. ايمان عبد دخيل، د. مها خالد سلمان، عبد الكريم الكاصد، ادريس علوش، عباس عبد جاسم، فاضل السلطاني، حسب الله يحيى. ومن موضوعاته المهمة:
غزة ما لون الحزن، في الفكر النقدي، الحيز المدني في العراق، المرأة في الخطاب النيتشوي.
********************************************
الثقافة والأبواب المغلقة
د. عبد العظيم السلطاني
هي الثقافة، شأن الناس كلّهم شاءوا أم أبوا، قصدوا أو لم يقصدوا. متدخّلة في كل شؤونهم الحياتية والفكرية والأدبية ومتغلغلة فيها. تقودهم في التعبير عنها وعن ذاتهم من خلال نوعها. إن ارتقت قيمها ارتقوا، وإن تسافلت قيمها تسافلوا. فالناس لا ينالون الاحترام والإجلال لمجرد أنهم بأشكال أدمية. فهذه الأشكال لا تمنع عتاة المجرمين من أن يعبّروا عن وحشيتهم بالقتل والافتراس. الناس يرتقون حين ترتقي ثقافتهم، وبناء على هذا الارتقاء يكون التقدير ويتحقق علو المكانة، سواء أكانوا أفرادا أم مجتمعات.
والتعبير عن الثقافة يأتي من خلال الفعل والسلوك الحياتي. ويأتي في مرحلة متقدّمة معرفيا من خلال التعبير عنها في المنجز المكتوب، سواء أكان أدبا أم نقدا أم غير ذلك. ويأتي التعبير عنها، أيضا، من خلال المعنيين بها من المثقفين، متحدثين عنها وباحثين فيها. والناس في درجات تعلّمهم وإمكاناتهم ليسوا متساوين، لكنهم جميعا في مركب واحد، وحين تُسيء مجموعة منهم، بفعل تفشّي قيم سلبية في ثقافتها، قد تُعطّل سير المركب، وقد تُغرقه بمن فيه، من متنورين وجهله على حد سواء. لذا يصبح سعي المثقف حين يقوم بمحاولة الارتقاء بثقافة مجتمعه بكلّ مستوياته متضمنا رغبته في أن ينجو هو من الغرق، فضلا عن رغبته في أن يُجنّب الآخرين أيضا، هول الهلاك، فهو وهم جميعا في مركب الثقافة. الأفراد المثقفون ثقافة مدنية متوازنة تنتمي لزمانها ومكانها من حيث النوع والقادرون على توصيلها؛ يمكن أن يكونوا بؤر إشعاع ثقافي نافع في مجتمعاتهم، لكن الأكثر أهمية وقدرة على التأثير الثقافي على المجتمع هي المؤسسات ذات الشأن الثقافي، لترتقي بثقافة المجتمع. ومسؤولية الارتقاء هذه تستوجب رؤية معرفية بقوانين الثقافة وكيفية اشتغالها، مثلما تتطلب إخلاصا في العمل، ولغة مناسبة تصل إلى عقول الناس ونفوسهم.
نعم، ثمّة نخبة أو نخب، يتبادلون الأحاديث فيما بينهم، بلغة خاصة تضجّ بالمصطلحات الخاصة والصياغات الخاصة، ويتحدثون في موضوعات خاصة، وتفاصيل معيّنة، كالحديث عن التبئير، وعن أنواع الراوي في السرد، ويتحدثون عن تقنيات قصيدة التفعيلة، وأنواع الصورة الفنية... كل هذا محترم ومقدّر وهو حقّهم، ولكن ثمّة شيئا آخر يمكن أن يشتركوا فيه مع الجمهور، وهو الثقافة التي هي شأن الجميع، ومِقْوَد مَرْكَب الحياة في المجتمع.
قد تشترك التشريعات القانونية والمؤسسات الثقافية والمثقفون الأفراد في الارتقاء بثقافة المجتمع سلوكيا. وهو أمر ممكن في كل المستويات الاجتماعية والثقافية. فالتسامح والإنصاف واحترام الآخر وحب الوطن والحرص على المال العام واحترام القانون والحرص على نظافة الشارع ... بوصفها قيما ثقافية ليست بحاجة إلى مستويات متقدمة من التعليم لإشاعتها وترسيخها في المجتمع. وهذا هو المستوى الأول الذي يشمل المجتمع كلّه، بمختلف مستوياته الثقافية وشرائحه الاجتماعية. وهو في أصله يستند إلى أحد تعريفات الثقافة: حين تكون ((أسلوب حياة شعب)). وهذا "الأسلوب" أو نمط العيش يمكن أنّ يُرتقى به.
التباين في المستوى الثقافي أمر متحقق في كلّ المجتمعات، وإن كانت نسب هذه الفئة أو تلك مختلفة من مجتمع لآخر. والأمر لا يقتصر على مجتمعنا، الذي فيه نُخب ثقافية، مثلما فيه طبقة ثقافية قوامها غير المتعلمين والمطحونون ثقافيا.. ولدينا طبقة ثقافية متوسطة بين الطبقتين، وهم طلبة الجامعات والمتعلمون.. وهذه الطبقة بالذات فيها فرصة للاستثمار الثقافي، يمكن أن تقوم به النخب الثقافية، للارتقاء بها ثقافيا، لا من حيث الارتقاء بأسلوب حياتها فحسب، فهذا حاصل في الهدف العام، فهي جزء من مجتمع مشمول كلّه بهذا الهدف. ما أقصده هو اشتغال النخب على أفراد هذه الطبقة المتوسطة ليكونوا مصطفين مع مبدأ "التثقيف" والعمل على الارتقاء بالقيم الثقافية، ليكونوا متحدّثين في الثقافة وعنها، في المجالس والمنتديات وفي الشارع.
من سُبل تحقيق هذه الأهداف أن تفتح المنتديات المغلقة أبوابها، وأن تنفتح النُخب الثقافية على الجمهور، وتسعى لتوصيل الأفكار بطريقة مبسّطة، دون أن تفقد الأفكار قيمتها ومعناها وتنحرف بفعل الإفراط في التبسيط. الغاية أن تُصاغ الأفكار الثقافية بلغة مفهومة غير مقعّرة ومفرطة في التصنّع. فمعادلة كبار الكتّاب كان رهانها قائما على صياغة العمق ببساطة.
من أشد أنواع الخطر على ثقافة المجتمعات الفصام التام بين النخب من المثقفين والأدباء والكتّاب، وسائر الطبقات الاجتماعية الأدنى منها ثقافة، لاسيما الطبقة الوسطى. ومن خسارات المجتمع العراقي أنّه فقد دور الطبقة الوسطى لتكون حاضرة ومؤثّرة في الثقافة، من خلال تقديمها لثقافتها في الواقع. فقد انحسر دور هذه الطبقة بفعل عوامل عديدة، وبانحسارها خسر المجتمع كلّه بعض روح الثقافة المدنية.
قد يتصوّر أحد أنّ القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي صارت تقدّم للناس فرصة للارتقاء بالثقافة، وهذا ليس سوى ضرب من الوهم. فالواقع أن كل مستوى ثقافي معيّن من الناس سيذهب للقنوات والمواقع التي تخاطب مستواه، وهي لا تريد الارتقاء به بقدر رغبتها في استثماره. ويبقى سابحا في فضائها مستجيبا لرؤيتها.
ما نعنيه بفاعلية المثقف والنخب الثقافية بأنديتها ومؤسساتها، أن تضخ ثقافة تساعد على توازن النوع الثقافي وتخرجه من أحاديته، وأن تساعد في جودة الرؤية الثقافية وتعمل على التنوير وتعميق الوعي، وتحريض الناس على اختيار الموضوعات الثقافية والبرامج التي ترتقي بهم... فثورة المعلومات على اتساعها، مازالت تُضخّ بطريقة تعطّل الاهتمام بجودة الرؤية الثقافية وولادة الجديد. وهي مازالت تؤبّد الوعي الثقافي وتبقيه متخندقا، وقد تزيده سوءا وتسطيحا.
*********************************************
اللغة وطبائع التعبير الشعري
د. علي حداد
لا خلاف في القول أن اللغة في أصل تأسيسها نسق لفظي مسموع من الرموز التي استحالت وعاء تعبير عن مقاصد فئة بشرية في المكان والزمان المعينين. وأن الكلام الذي يجري تداوله منها ـ الموسوم بوصفه (لهجة) ـ فعالية انسانية تختلف من طائفة اجتماعية الى طائفة اجتماعية اخرى ،عبر تمثل واستجابة لسلطة المكان والزمان وطبائع الوجود المجتمعي فيهما.
لقد أوجب هذا التلازم ـ بين اللغة وإنسانها في بيئته ـ حيوية في حركية تلك اللغة لاستيعاب السائد التعبيري وتمثله ، والتماهي مع متغيراته في التفكير والتعبير والتشكل الحواري بينه ومتداولي تلك اللغة.
ولأن في اللغة ذلك الطابع من الاستجابة لحركية الواقع وتمثلات إنسانه فقد صار من الطبيعي أن تستحيل لغة ما ـ وهي تعيش اتساع رقعة تداولها ، واختلاف بيئات الناطقين بها ـ إلى تعددية أدائية ، تخير لها الباحثون في مجالات الجهد اللغوي والأنثروبولوجي مسمى (اللهجات) ، ومفردها (لهجة) ، توصف بكونها مميزات الأداء اللغوي في بيئة خاصة .
وبهذا المعنى فإن اللهجة ـ في حقيقة وجودها ـ تشكلات أدائية ضمن لغة ما ، تتحرك في مدارها التعبيري ، ولكنها تتلمس بعض خصوصيات التمثل التداولي في المكان والزمان ، فتستجيب لها وتتكيف معها عبر سياقات صوتية ودلالية تنماز بها عن سواها من اللهجات الأخرى في اللغة ذاتها،
لقد أتاحت اللهجة الشعبية - وهي تنتج أدبها متمسكة بالأدائية الشفوية وبقيم التمثل الجماعي - للنص الأدبي آفاقاً من الحيوية عبر ذلك الانشداد الحميم الذي يتبادله مع أفراد بيئته، وامتلائه الشعوري والأدائي بما يشغلهم ، حد منحهم فرصة الادعاء بأن كلاً منهم هو منتجه وصانعه، والمتمكن منه، بما يشرعه له من إمكانية التمثل والتعديل والإضافة ، وهو يستجيب لمشاعر الفرد ويتماهى معها ، ويقترب من مقدراته المعرفية والمتاح له من الوعي والإمكانات الثقافية ذات المقدار الذي لا يكاد يتفاوت كثيراً بين ما يمتلكه أبناء تلك البيئة وما يعلنه النص منها.
كما توافرت كل لهجة ـ في مسارها الشفاهي التداولي والأدبي كذلك ـ على سياقات أداء خاصة بها لا يكاد يستطيع إجادتها بالتمثل ذاته غير أبنائها.
وحين ننتقل بالكلام إلى مستوى التعبير الأدبي ـ الشعري خاصة ـ تصبح اللغة اكثر من كونها مجرد أنظمة لنقل الأفكار ، فهي ـ طبقاً لقول أحد النقاد ـ " أكسية غير مرئية تكسو أرواحنا ، لتسبغ على تعابيرها الرمزية شكلاّ مهيئاّ سلفاّ ، وذا دلالة غير اعتيادية نسميه فيها أدباً".
إن المفردات ثوب من الدلالة تخبر به المعاني عن مكنونها السياقي المشخص فيها . وهي إذ يجري تبنيها في الكلام المباشر لتحقيق غايات نفعية تداولية مباشرة ، يكون أبرز مقاصدها إيصال الأفكار، ولكنها في الإبداع الأدبي ـ والشعر خاصة ـ تشهد مناقلة إلى مستوى أبعد من سطوح المعنى وتوصيله. وكلما ابتعدت المفردات عن الحقيقة المباشرة للمعاني دلت على شعرية تعبير لافتة ، ليستحيل الشعر مفردات توقظ في المعاني ما تخبئه تحت سطوحها المباشرة . ألم يقل الجرجاني بـ (معنى المعنى) الذي ستأتي عليه أزمنة لاحقة فيتلقفه (أي. آي. ريشاردز) ليجعله واحداً من مجساته في فحص اللغة الأدبية، وبالمسمى ذاته؟.
واللغة لا تؤدي ـ في التعبير الشعري ـ دورها في الإخبار عن المعاني والدلالات ، وما تجيش به النفس من مشاعر وأفكار حسب ، فتلك وظيفتها على نحو إنساني عام ، إنها هنا تعايش نقلة نوعية شديدة الرهافة تجعل من الشعر إنصاتاً للغة وهي تخبر عن ما تكتنزه من دلالة مخبوءة في الطيات البعيدة من معلنها ، يتهياً للشاعر الأصيل ـ بما له من ملكة لا يتوافر عليها سواه ـ أن يستدرج ما لم يعهده التلقي من بثها ، عبر تخيّر نفسي للمفردات التي يمكن لها أن تكتنز أبعد طاقة من الإدلال التعبيري الذي يسعى إليه. وذاك ما يجعل من الإبداع انتعتاقاً متميزاً يتجاوز ـ باكتمال أدبيته ـ التقييد بأشكال التعبير المتداولة سلفا . ليبدو مترعاً بـكل ما تتخطى التقييد الدلالي للمفردات إلى حيث شاسع الاشتغال المثير واللافت فيما يقيمه من علاقات مغايرة بينها .
ولعل مناقلة هذه الرؤية إلى فضاء اللهجات الشعبية ـ وهي تصنع منجزها الإبداعي عند المهرة الكبار من شعرائها الشعبيين ـ ستضع اليد على تصورات أكثر تمثلاً لهذا النسق من الأداء الذي يأخذ فيها شاسعاً من أريحية التعبير وسلاسته واقترابه من روحية تمثل البوح الجمعي لبيئته الذي لا يتقيد بنظام لغوي صارم بقدر نزوعه نحو الأداء والتوصيل ، ولكن عبر ممارسة (تداولية / جمالية) يلتقي في إدراك مقاصدها المتكلم ومتلقيه ، كونهما يعايشان معاً المنطوق اللغوي للهجتهما ويستوعبان أبعد مراميها التي قد لا يكون متيسراً إدراكها عند غيرهما.
إن ما تفرضه اللهجة ـ أي لهجة ـ هو منقطع خصوصياتها عبر الانعتاق ـ قدر تمكنها ـ من اشتراطات اللغة الأم وتخطي بعض قواعدها ، والتمسك بتداولية الحكي اليومي وطاقته في التوصيل ، لتثري معجمها بفراهة التصرف الأدائي في الاشتقاق واستنباط الدلالة ، وتراتبية السياق اللفظي وتركيب الجملة ، وذلك ما يفضى بها إلى رحابة تعبير لا تكاد تجاريها فيه لغة (الراهن) الفصيحة المتمسكة بأنساق ملزمة . ولعل ذلك مما وفر فرصة للشعر الشعبي أن ينال جماهيرية تداول متسعة ، لاسيما حين يأتي بصياغات تعبيرية لافتة يجيدها الشعراء الشعبيون ، وبما يؤشر خبرتهم المدركة التي تتقصى في اللهجة أخصب طاقتها في التركيب التعبيري المثير الذي يذهب بتلقي الذائقة الشعبية إلى حيث احتياجاتها الشعورية والثقافية واللهجية عبر مقدرة من الإدهاش واستثارة المشاعر ، من خلال غنى تعبيري متمسك بلهجته ، وما يضفيه الشاعر عليها من كشوفات وعيه وانهماكه الوجداني والصياغات الجمالية عالية التشكل التي يستنبطها من لهجته.
***********************************************
الوقتُ حياديٌّ قاسٍ
محمد النوفلي
الوقت لا يُسخّر لأحد،
يمضي بوجهٍ جامدٍ لا يلين،
لكلّ واحدٍ ميزانه الخاص في الانتظار.
السجينُ يتمنّى أن يركض الوقت
كما تركض الخيول في البراري،
لعلّ باب زنزانته ينفتح على الفجر.
أما المحكوم بالإعدام،
فيمسك عقارب الساعة بأظافره المرتجفة،
يُرجعها إلى الوراء،
كأن كل ثانيةٍ من عمره
قطعة نجاة.
الوقت حياديٌّ قاسٍ،
لا يعبأ بدموع هذا،
ولا برجاء ذاك،
يمشي كما هو،
ماضياً في طريقه
بين أمنيةِ الهارب،
وخوفِ المنتظر.
******************************************
قصص لتشرين ورجاله
داود سلمان الشويلي
تكتك الناصرية:
باع (ستوتته) التي كان يضع عليها خزان ماء ألـ R.O (1) ليبيع الماء على الأهالي، وكذلك باع حلي زوجته الذهبية، وذهب إلى بغداد ليشتري "تكتك" اشترط أن يكون أبيضا.
كانت "التكتك" التي جاء بها إلى الناصرية بلون أبيض مثل قلب حبيبته، وقد رسم في واجهتها علم العراق، وكتب عليها بخط جميل "تكتك الناصرية لخدمات ساحة الحبوبي".
قدر {الدولمة}(2):
قالت الجدة لحفيدتها ذات الثمانية أعوام، وهي تزرّر كُم قميصها المدرسي الأبيض: هيا بنا يا إبنتي.
بعد أن أكملت الصبية غلق قميصها بالزرار جيدا، حملت قدر الدولمة لتوزعه جدتها على المتظاهرين، وراحت تسير خلفها، فيما أمها تودعها عند باب الدار، وهي توصيها قائلة: انتبهي لنفسك يا إبنتي.
كان بإنتظارهم أخوها "قمر"، وهو يشغّل "التكتك"(3) خاصته، صعدا إليها، فإنطلق، وهو يقودها إلى ساحة التحرير.
وصلوا إلى ساحة التحرير في وقت الظهر. كانت الساحة مكتظة بالمتظاهرين واصوات تتردد في جنباتها: "بالروح بالدم نفديك يا عراق"، فيما الأخوة، "قمر" و"نجمة" دخلا في خضم الجموع الملتهبة حماسا مرددين الأهزوجة ذاتها.
أزّ الرصاص في الساحة من على جسر الجمهورية فتفرقت الجموع على غير هدى، وتفرق معها الأخوين، وبعد أن سكت الرصاص عادا إلى حيث جدتهم وقدر الدولمة.
كانت الجدة متكومة على القدر، وحركاتها الغاضبة، فانقلبت على جنبها بلا حراك، وفيما خيط من الدم يجري من فمها الخالي من الأسنان.
رواية لم تكتمل:
حمل جسمه الواهن لليوم الخامس، وهو يئن تحت ثقل السبعين عاما، وخرج من بيته و"اللاب توت" معلقا على كتفه متجها إلى ساحة التحرير ليسجل معلومات عامة عن الرواية الجديدة التي ما زال يجمع أفكارها في ذاكرته... لم تحمله أي سيارة اجرة بسبب منعها من الوصول إلى ساحة التظاهرات، غير ان صاحب الـ "تكتك" توقف قربه وهو يقول: تفضل أستاذ، إلى الساحة كما في كل يوم؟
لم ينتظر الى ما سيقوله لسائق التكتك الشاب، وعندئذ ترك جسمه ينهد على المقعد الخلفي "للتكتك"، وقال: نعم يا ولدي.
وصلا إلى الساحة في الوقت الذي كان الرصاص منهمرا على من فيها، وهو ينطلق من لا مكان سريعا، حارا، ملتهبا، من فوهات بنادق على جسر الجمهورية. أخرج الأستاذ "لاب توبه" وقبل أن يكتب ملاحظاته الروائية تكوم عليه بفعل طلق ناري قدم إليه من ناحية الجسر، والجموع المتظاهرة تهتف عاليا "بالروح بالدم نفديك يا عراق".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1 - R,O ماء صالح للشرب معاملا بالأوزون.
2 - الدولمة هي أكلة الملفوف من ورزق العنب أو من نبتة السلق.
3 - التكتك: عجلة صغيرة بثلاث عجلات تستعمل لنقل الأحمال.
**************************************************
الصفحة الثانية عشر
تحدثتْ عن شغف الصحافة والإبداع منى سعيد ضيفةً على {بيتنا الثقافي}
بغداد – طريق الشعب
ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد صباح السبت الماضي، الكاتبة والصحفية منى سعيد، في جلسة عنوانها "شغف الصحافة والإبداع".
الجلسة التي التأمت على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، حضرها جمع من المثقفين والمهتمين في الصحافة، وأدارها القاص والناقد حسب الله يحيى، الذي قدم نبذة عن سيرة الضيفة وتجربتها بناء على علاقته بها الممتدة سنوات.
بعد ذلك، تحدثت منى عن نشأتها وعن بدايات تنامي شغفها بالكتابة والصحافة. فيما ألقت الضوء على تجربتها الصحفية في جريدة "طريق الشعب" إلى جانب زوجها الشهيد الشيوعي سامي العتابي، مشيرةً إلى الظروف الصعبة التي مرت بها إثر اعتقال زوجها بأيدي أزلام النظام الدكتاتوري، وإعدامه لاحقا.
ثم تطرقت إلى عملها في عدد من المجلات كمترجمة عن اللغة الألمانية التي تجيدها. كما لفتت إلى ما تعرضت له من مضايقات أمنية خلال مسيرتها، حتى اضطرت إلى الانتقال لاحقا للإمارات وقطر، والعمل في عدد من مجلاتهما وصحفهما.
ولم يغب الجانب الإنساني عن أجواء الجلسة. إذ تناولت الكاتبة الضيفة معاناتها مع مرض السرطان وتجربتها في التغلب عليه بفضل إرادتها القوية ومعنوياتها العالية وكفاءة الأطباء العراقيين الذين عالجوها.
وفي سياق الجلسة، قدم عدد من الحاضرين مداخلات وشهادات عن الضيفة وتجربتها. وأشادوا بصمودها أمام ظروف صعبة عاشتها.
وفي الختام، قدم رئيس المنتدى د. علي مهدي، شهادة تقدير باسم المنتدى إلى الكاتبة والصحفية منى سعيد، تثمينا لمسيرتها الإبداعية.
***********************************************
شيوعيو الناصرية يهنؤون د. ياسر البراك بمنصبه الجديد
الناصرية – طريق الشعب
قام وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الناصرية، ممثلا بمرشحة الحزب في الانتخابات الرفيقة هيفاء الأمين، بزيارة د. ياسر البراك في مكتبه الرسمي، لتقديم التهاني له في مناسبة تبوئه منصب عميد كلية الفنون الجميلة في جامعة الشطرة.
وخلال اللقاء، عبّرت الرفيقة الأمين عن اعتزاز الحزب بجهود د. البراك الأكاديمية والثقافية، وبدوره البارز في دعم المشهد الفني في ذي قار، مؤكدة أن نجاح الكفاءات الوطنية في مواقعها الأكاديمية يمثل فخراً لكل أبناء المحافظة.
من جانبه، شكر د. البراك وفد الحزب على الزيارة، مثمّناً اهتمام الشيوعيين بالوسطين الأكاديمي والثقافي، ومؤكداً استمراره في دعم الإبداع الفني والطاقات الشبابية في المحافظة. وتأتي هذه الزيارة في إطار اهتمام الحزب بتعزيز التواصل مع المؤسسات التعليمية والثقافية، وتشجيع الطاقات الوطنية على المساهمة في بناء مجتمع مدني ديمقراطي متنوّر.
*******************************************
تشرينُ موقفٌ ضدَ كُلِ متجبّرٍ
عمر السراي
حين يثور شابٌ ضد الطغيان الجاثم على صدره لسنوات، حين تصرخ امرأةٌ شريفةٌ من شدّة الجوع والفقر، حين يساندُ شيخٌ أهله ويهتف بالخلاص من المتسلّطين الأوغاد، حين تُغلق منافذ الأمل بوجه الناس، وهم يرون استهتار المتحكّمين يعلو فوق رؤوسهم.
طلبة يطالبون بالتعيين تجرفهم ألسنة الماء الساخن، فتياتٌ بلا عمل يجرجرهن عتاةٌ قساة، فقراء حلمهم حياة كريمة يُقمعون، منتفضون بسطاء يوذّرهم قنّاصٌ مجرم.
وفي الجانب الآخر؛ طبقةٌ متنعّمةٌ تبصق على رؤوس البسطاء، وبرودٌ يفوق الجليد زمهريراً، ينمو ويتبجّح بتمكّنه من الشعب، وقضائه على مطالبه المستحقّة.
من قال إنَّ الثورة تموت؟!
الثورةُ جذوة حقيقيةٌ لن تخبو..
وتشرين موقفٌ ضد كل متجبّر ظنَّ "أن احدا لن يقدر عليه".
مع تشرين دائماً، تشرين التي عشتُها صادقاً وسأظل أعيشها.
لشهداء تشرين، للجرحى والمخطوفين والمغيّبين، لدمائهم الزكية ورؤوسهم التي حفرتها الدخانيات وقلوبهم التي ثقّبها الرصاص الحيّ، للحَمام الذي اغتيل على نصب الحرية، للأصلاء الذين كان كل همّهم أن ينالوا أمنية بسيطة مفادها: (نريد وطن)
سيستمر هذا الشعار، ويصنع بالإصرار هذا الوطن الذي ينمو رغم المستحيل. وستحمل الآفاق بشرى الخلاص من كل عنيد.
تحية وسلام لمن شادوا وأشادوا ورددوا صوت الجواهري العتيد:
سينهض من صميم اليأس جيلٌ
مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيدُ
يقـايضُ ما يكون بما يُرَجَّى
ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريدُ
لقد نهض هذا الجيل عام ٢٠١٩ وقبله واستمر، وسيظل مستمراً بالنهوض.
**********************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- الدكتور سعدي السعدي تبرع بمبلغ 3300 كرون سويدي وهو ريع كتابه
"دراسة إبن خلدون في ضوء النظرية الإشتراكية"
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
*************************************************
عدد جديد من النصير الشيوعي
عن رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، صدر أخيرا العدد (39) تشرين الأول 2025 من جريدة "النصير الشيوعي".
ضم العدد أخبارا وتقارير عن نشاطات الرابطة في العراق والخارج، وكتابات عن مسيرة الحركة الانصارية وشهدائها، غطت جميعها 12 صفحة ملوّنة.
*************************************************
ليس مجرّد كلام.. {نريدُ وطناً}.. نردد في كل الساحات !
عبد السادة البصري
تشرين عاد، ولا نزال نردد: نريد وطناً! هذه الصرخة التي ظلّت تدّوي في الساحات، وفي كل مكان، والتي أضحت اللازمة الرئيسية لكل متظاهر نزل يطالب بحقّه في العيش الكريم، على أرض دافع عنها هو وأخوته وآباؤه وأجداده، يوم أطبق الظلام على سمائها وهجمت خفافيشه تريد امتصاص دمها!
نزل للساحات وبين شفتيه صرخة انفجرت كالبركان ليقذف بحممه على رؤوس الفساد وسارقي أعمار الشباب، الشباب الذين أخذوا يحملون هذه الصرخة شعاراً لهم، ولكل مَنْ ذاق مرارة الحرمان واليتم والقهر والجوع!
قد يطرق أذهان البعض سؤال : لماذا يريدون وطنا، أليس الذي يقيمون فيه الآن هو وطنهم ؟!
والجواب: نعم، لكنهم لم يشعروا به كذلك أبدا!
الوطن يعني الحضن الدافئ، والقلب الطيب، والروح السامية الخلّاقة، والعنوان، والشموخ، والمحنّة، والانسانية، والكبرياء، والراحة، ورغد العيش، والسكن اللائق، وفرص العمل، واحترام الذات، والأمن والأمان، والسعادة في كل مكان!
كل هذا لم يحظ بها الشباب لحظة واحدة، لهذا فقدوا الإحساس بالوطن، وباتوا يحلمون بوطنٍ يشاهدونه عند الآخرين عبر الإنترنت والفضائيات وكرنفالات الفرح في كل مكان خارج الحدود!
أحلامهم لم تتعدّ الأرض التي ولدوا عليها، وسمعوا عنها الحكايات الكثيرة من جدّاتهم وأمهاتهم، وحينما فتحوا عيونهم وعرفوا أن هذا الحلم سراب، انتفضوا صارخين : نريد وطناً!
كم هي مؤلمة حقاً هذه الصرخة، حين تسمعها من فم شابٍ وفتاةٍ لم يبلغا الحلم بعد؟!
الأعم الأغلب من المتظاهرين كانوا من الشباب الذين لم تبلغ أعمارهم الخامسة والعشرين، بل منهم من لم يبلغوا الثامنة عشرة. لم يبصروا من الوطن الذي سمعوا وقرأوا عنه شيئاً ابدا، فأحسّوا بضياعهم، وضياع كل شيء جميل في حياتهم، بل ضياع حياتهم كلها، واجهوا الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيّل للدموع بصدور عارية، مرددين قول الشاعر محمود درويش : مَنْ ليس له وطن، ليس له كفن!
لأجل أن يمسكوا بحبل نجاة قبل أن تغرق السفينة نهائيا خرجوا للساحات يطلبون وطناً.. وطناً يليق بهم ويليقون به، وطناً يحنو عليهم ويضمّهم بين جناحيه قبل أن يتشردوا لاجئين في بقاع الأرض، وطناً حلموا به منذ نعومة أظفارهم!
لهذا علينا أن نحقّق كل ما يريدون، وان نعرف أنّ المسؤولية الكبرى تقع على مَنْ يقود البلاد والسلطة العليا أولاً، وعلى كل ذي عقلٍ حليم. وعليهم أن يعوا المسؤولية هذه ويفتحوا الأبواب والنوافذ الموصدة مع الشباب اولاً وجميع المواطنين ثانياً، ويبدأوا بتصحيح الأخطاء التي أودت بالبلاد الى الخراب قبل أن تكون الهاوية، كي يشعروهم بأن ثمّة وطناً يقيمون فيه، بعيداً عن الحرمان والقهر والمطاردات وسفك الدماء البريئة. علينا أن نعيد لهم الإحساس بوطنٍ حرٍ يعيشون على أرضه بسلام وسعادة وهناء وعيشٍ رغيد!
*********************************************
قف.. الحيتان تخاشن بعضها
عبد المنعم الأعسم
اولا، لا ينبغي ان نراهن على ما يسفر عنه صراع حيتان المرحلة الذي نتابعه يوميا على الشاشات الملونة، ونقرأ بعض مخاشناته في منافذ وبوستات تعرضها وسائل التواصل الاجتماعي، ونسمع تسريباته المثيرة من على منصات متخصصة بالسطو (لا نعرف كيف) على حسابات تلك الحيتان ومعتمديهم، ونتابع لعبة القط والفار، والجر والعر، والقيل والقال، بين اذرع البيت الحاكم، وبينها وبين رأس الحكومة، وبينهم جميعا وبين المنشقين عنهم، او الذين بدأوا الانشقاق.
اقول، لا ينبغي ان نأخذ مأخذ الجد "المناوشات" بين "اذناب" الحيتان الكبيرة التي تمسك دفة السلطة على الرغم من ان المقذوفات المستخدمة، تعبر محاذير المصالح، وتصل الى العظم، فيما نتذكر، في كل ازمة حيتانية، كيف يتدخل الطرف الثالث لفك الاشتباكات و"إعادة المياه الى مجاريها" وكيف تنسى الحيتان طباعها وانانياتها وشراساتها مؤقتا "بمواجهة الأخطار" ولدى الصيادين ورواد البحار قصص كثيرة عن تلك الحيتان الغادرة، لكني لا اعرف مدى صحة القول بان هذه الحيتان لاتقرب من أي مركب يقل امرأة حائضا، وأشك بالرواية القائلة بان الحيتان لم تكن لتهاجم البواخر الامريكية التي كانت تقل في القرن الثامن عشر نساء سجينات يجري نقلهن الى جزر نائية لزجهن في اعمال السخرة الهمجية.
*قالوا:
" وما خفي كان اعظم".
مأثور شعبي ليس له قائل محدد
***************************************************
غدا في البصرة انطلاق {ملتقى البريكان} الأدبي
متابعة – طريق الشعب
تشهد مدينة البصرة يوم غد الأربعاء، انطلاق "ملتقى البريكان" الأدبي، الذي يُقيمه الاتحاد العام للأدباء والكتاب بالتعاون مع اتحاد الأدباء والكتاب في المحافظة وجامعة البصرة.
ويجيء هذا الملتقى الذي يستمر حتى بعد غد الخميس، في مناسبة صدور الأعمال الشعرية الكاملة للبريكان عن دار الشؤون الثقافية العامة بطبعة أنيقة. كما يمثّل انفتاحاً نحو الجامعة بوصفها المؤسسة الرصينة المعنية بالبحث والثقافة – حسب بيان صادر عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب.
ولد الشاعر محمود البريكان عام 1931 في البصرة. وتخرج في كلية الحقوق بجامعة بغداد وعمل مدرسا للغة العربية في العراق والكويت. وهو يعد من الشعراء الرواد والمجددين. وكان الملمح الأبرز في حياته هو العزلة، والعزوف عن النشر والظهور في المحافل الأدبية والأمسيات الشعرية، بناء على موقفه الشخصي الرافض لنظام البعث. حيث لم يحمل هوية اتحاد الأدباء والكتاب في تلك الفترة، ولم يشارك في مهرجانات ومحافل شعرية. وقد رحل عام 2002 على يد لص سطا على منزله.
ويعتبر الملتقى – حسب بيان الاتحاد - بمثابةِ وقفة علمية رائدة إزاء تجربة البريكان، الذي بدأ الكتابة مع جيل الرواد الشعري، ووضع لقصيدة التفعيلة منطلقات تركت آثارها العميقة في المشهد الثقافي.
وسيتضمن الملتقى جلسات نقدية تشارك فيها نخبة من النقّاد والباحثين. كما سيشهد جلسة قراءات شعرية مع معرض للكتاب تشارك فيه منشورات الاتحاد ودار الشؤون الثقافية.
وستتوزع جلسات المؤتمر بواقع جلستين صباحيّتين في كلية الآداب بجامعة البصرة، وأخريين مسائيّتين في مقرّ اتحاد أدباء البصرة.