ص1
البرامج الانتخابية غائبة والمال السياسي ينعش الدعاية الفوضوية
انتخابات 2025: مخالفات مبكرة
وغرامات تطال 100 مرشح وتحالف
بغداد – طريق الشعب
مع انطلاق الحملات الانتخابية لمرشحي انتخابات مجلس النواب المقررة في الحادي عشر من تشرين الثاني 2025، كشفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن رصد مخالفات دعائية واسعة وفرض عقوبات مالية على عديد من المرشحين والقوى السياسية. فيما شددت أمانة بغداد على التزام الجميع بالضوابط ومنع التجاوز على الممتلكات العامة، مؤكدة أن لجانها المختصة باشرت رصد الانتهاكات.
مخالفات دعائية
وقال رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، في تصريح صحفي: أن الحملة بدأت رسميًا في الثالث من تشرين الأول وتستمر حتى الثامن من تشرين الثاني، مشيرًا إلى أن بعض القوى السياسية بادرت الى إطلاق دعاياتها قبل الموعد المحدد، وهو ما استدعى فرض عقوبات عليها.
وأكد جميل أن المفوضية فرضت نحو ١٢٠ عقوبة على مرشحين وتحالفات وأحزاب سياسية، بسبب مخالفات دعائية، معظمها في بغداد، شملت ١٠٦ مرشحين و١٢ تحالفًا.
وبيّن جميل أن فرق المفوضية والبالغ عددها أكثر من ١٩٠٠ فريق موزعة على المحافظات، تتابع تنفيذ الضوابط، حيث تسجل المخالفات وترفعها إلى اللجان المركزية.
وأكد أن الغرامات تتضاعف على من يكرر المخالفة، لكنه أشار إلى أنه لم يتم استبعاد أي مرشح حتى الآن، محذرا من شراء بطاقات الناخبين، معتبرا ذلك جريمة انتخابية يحال مرتكبها إلى القضاء.
وأضاف جميل، أن الانتخابات المقبلة ستخضع لرقابة دقيقة، حيث ستوثّق العملية برمتها بالصوت والصورة لضمان الشفافية.
الغرامات لا تكفي!
فيما أكد عضو مجلس النواب محمد عنوز، أن المشهد الانتخابي الحالي بات أشبه بـ”معركة” أكثر من كونه عملية ديمقراطية منظمة.
وشدد عنوز في حديث صحفي، على ضرورة أن تُصدر المفوضية تعليمات واضحة وصارمة تُلزم جميع المرشحين والكتل السياسية بالانضباط واحترام القانون والدستور، مشيرا الى انها مطالَبة بتعزيز ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، من خلال تطبيق الضوابط بعدالة وحزم.
وأوضح أن ما جرى خلال الأسابيع الأخيرة من انطلاق دعايات انتخابية مبكرة قبل الموعد الرسمي يعد خرقاً واضحاً للتعليمات، مضيفا أن المفوضية اتخذت إجراءاتها في بعض الحالات بفرض غرامات مالية، “لكن هذه الغرامات لا تكفي، لأن حجم الإنفاق الانتخابي واستخدام المال العام بلغ مستويات مقلقة، وأصبح المواطن يلمس آثارها في حياته اليومية”.
وشدد النائب على ضرورة أن تكون الإجراءات الرادعة أكثر صرامة، بما يضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين ويمنع أي تجاوزات تضر بنزاهة الانتخابات المقبلة.
الأمانة تتوعد
وفي السياق، توعدت أمانة بغداد المرشحين المخالفين لضوابط الدعاية الانتخابية بفرض غرامات مالية، مؤكدة أن لجانها المختصة باشرت رصد وتوثيق التجاوزات في العاصمة.
وقال المتحدث باسم الأمانة عدي الجنديل: إن "هناك ضوابط متفق عليها بين أمانة بغداد ومفوضية الانتخابات بخصوص منع التجاوز على الممتلكات العامة ومخالفة التعليمات الخاصة بالدعاية الانتخابية"، محذرًا من تعليق الصور أو اللافتات في الأماكن غير المخصصة أو إلحاق الضرر بالممتلكات العامة.
وأضاف أن "الغرامات ستُستقطع من مبالغ التأمينات المودعة لدى مفوضية الانتخابات"، مشيرًا إلى أن "تعليق الدعايات في الأماكن الدينية أو الجزرات الوسطية أو مواقع أنابيب المياه ممنوع تمامًا، كونها تسبب أضرارًا في الممتلكات العامة".
وأكد الجنديل أن "الأمانة شكّلت لجانًا متخصصة لتوثيق هذه المخالفات وإرسالها إلى المفوضية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المرشحين والأحزاب المتجاوزة".
وفي تلك الاثناء، أعلن جهاز الأمن الوطني، امس السبت، اعتقال 46 متهماً ببيع وشراء البطاقات الانتخابية، فيما أشار الى ضبط (1841) بطاقة في أربع محافظات.
وذكر الجهاز في بيان تلقته "طريق الشعب"، أن "مفارز جهاز الأمن الوطني، وبناءً على عمل استخباري دقيق، نفذت عمليات أمنية متفرقة في محافظات (بغداد، الأنبار، نينوى، وغرب نينوى)، أسفرت عن إلقاء القبض على (46) متهمًا متورطين بعمليات بيع وشراء بطاقات انتخابية".
وأشار الى أنه "تم ضبط (1841)، بطاقة ناخب بحوزة المتهمين"، مبيناً أنه "تمت إحالة جميع المتهمين مع المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
البرامج والرؤى
من جانبه، أكد الخبير الانتخابي وائل البياتي، أن جوهر العملية الانتخابية يجب أن يقوم على البرامج الانتخابية التي يطرحها المرشحون، مشيراً إلى أن على الناخبين اختيار المرشحين الذين تتوافق برامجهم مع احتياجاتهم ورؤيتهم، والذين يعتقدون أنهم قادرون على تنفيذ وعودهم.
وقال البياتي، إن "الكثير من المرشحين وللأسف يتجاوزون على الإطار المكاني المخصص للدعاية من خلال تعليق اللافتات على الجسور أو في الجزرات الوسطية أو حتى على واجهات المؤسسات الحكومية، وهو ما يعد مخالفة صريحة للقانون".
وأشار إلى أن هذه المخالفات تستوجب محاسبة المرشحين المخالفين من خلال فرض الغرامات والعقوبات التي حددتها المفوضية، داعياً الجميع إلى الالتزام بالضوابط القانونية لضمان سير العملية الانتخابية بشكل منظم ونزيه.
وفي إطار الاستعدادات الرسمية، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عن مصادقتها على أسماء المرشحين فيما حددت موعد بدء الحملات الانتخابية.
وكانت قد أعلنت الأربعاء الماضي عن المصادقة على أسماء 7768 مرشحا لخوض الانتخابات النيابية المقبلة.
وذكرت المفوضية في بيان، أن "عدد المرشحين من الذكور بلغ 5520 مرشحا، في حين بلغ عدد المرشحات من الإناث 2248 مرشحة".
وأضافت المفوضية، أن "الحملة الانتخابية للمرشحين المصادق عليهم تنتهي عند السابعة من صباح يوم السبت الموافق 2025/11/8".
وكان مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قد حدد الثالث من تشرين الأول موعداً لانطلاق الحملة الانتخابية.
وذكر المجلس في بيان أنه "تم التصديق على قوائم المرشحين الذين يحق لهم المشاركة في انتخابات مجلس النواب العراقي 2025".
وأضاف البيان أن "مجلس المفوضين قرر أن يكون موعد انطلاق الحملة الانتخابية للمرشحين المصادق عليهم يوم الجمعة الموافق 2025/10/3".
6300 مراقب للحملات الدعائية
من جانبه، كشف رئيس شبكة شمس لمراقبة الانتخابات، هوكر جتو، عن تسجيل 301 انتهاك قانوني في الحملات الانتخابية، مبيناً أن هذه الانتهاكات سُجّلت حتى قبل بدء الحملة رسمياً.
وقال جتو: "تمت معاقبة جميع الذين ارتكبوا انتهاكات وفقاً لإجراءات المفوضية"، موضحاً أن "شبكة شمس ستكون جزءاً رئيسياً من تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية التي تضم 6 آلاف و300 مراقب لمتابعة العملية الانتخابية".
يُذكر أن الحزب الشيوعي العراقي يشارك في الانتخابات بعدد من التحالفات، منها تحالف البديل (250) في محافظات بغداد والنجف وكربلاء وواسط والديوانية وديالى، إضافة إلى تجمع الفاو زاخو (213) في محافظتي بابل والبصرة، والتحالف المدني الديمقراطي (206) في محافظة ذي قار.
الشعارات لا تصمد أمام الواقع
ما أغرب أن تُرفع الشعارات وتُغدق الوعود ويُكرَّر الحديث عن أولوية تقديم الخدمات للمواطنين، فيما الواقع على الأرض يُبيّن العكس. وما على من يريد التحقق سوى زيارة المستشفيات الحكومية، التي تفتقد اليوم أدوية الأمراض المناعية وأدوات العمليات الحرجة باهظة الثمن، مثل المتعلقة بأمراض اللوكيميا والنخاع، بسبب غياب التخصيصات المالية. حتى باتت مذاخر الأدوية والمستلزمات الطبية ترفض إقراض إدارات المستشفيات، بعد تراكم الديون عليها حسب تصريح لرئيس لجنة الصحة البرلمانية.
وفي قطاع التربية وبعد أسبوعين وأكثر على بدء العام الدراسي، لم يصل المنهج الجديد للغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. وما يعتمده المدرسون حاليًا ليس سوى تسريبات للوحدات الأربع الأولى. والأغرب أن الوزارة نشرت الوحدتين الثالثة والرابعة فقط من المنهج الجديد، دون تأكيد اعتماد ذلك رسميا حتى الآن.
وبالنسبة للمشاريع عادت المتلكئة منها، وعددها حوالي 3 آلاف، الى التوقف مجددًا بعد استئناف العمل فيها. اما المشاريع الموعودة وغير المنفذة، فمن أبرزها مشروع "مترو بغداد"، الذي ظلت الحكومة تعد كل عام باطلاقه، من دون ان يتحقق شيء.
أما بشأن الفساد والسلاح المنفلت و"الدكات العشائرية"، فواضح ان الصمت أفصح وأبلغ.
ص2
الكهرباء تُقرّ بتراجع إمدادات الغاز الإيراني
بغداد ـ طريق الشعب
حددت وزارة الكهرباء أمس السبت، أسباب انقطاع وتراجع ساعات التجهيز بالطاقة الكهربائية عن بعض مناطق العاصمة بغداد.
وقال المتحدث باسم الوزارة احمد موسى، إن "فك الاختناقات وتأهيل الشبكات وراء انقطاع الطاقة الكهربائية عن بعض المناطق"، مبيناً أن "الوزارة مستمرة في عمليات فك الاختناقات حيث ان هناك عدداً كبيراً من المحطات والمغذيات استحدثت والعمل متواصل فيها، فضلاً عن وجود تحسينات كبيرة جارية لتأهيل شبكات التوزيع للوصول إلى حالة مستقرة للاستعداد لذروة الأحمال الشتوية".
وأضاف أن "ربط هذه المغذيات والمحطات واجراء التحسينات عليها يستدعي إطفاء الشبكات لإنجاز العمل بها ما يجعل بعض المناطق تتأثر بالانقطاع الطاقة لمعالجة هذه الاختناقات" .
وأشار موسى إلى أن "الغاز الإيراني ما يزال منخفضاً حيث يحصل العراق فقط 20 مليون متر مكعب من أصل 40 الأمر الذي انعكس على إنتاج المحطات"، مضيفاً أن "هناك تنسيقاً عالياً مع وزارة النفط لسد النقص من خلال توفير الوقود البديل".
وشهدت بعض مناطق العاصمة بغداد خلال اليومين الماضيين انقطاعات كبيرة في ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية رغم اعتدال الطقس.
يذكر أن وزير الكهرباء زياد علي فاضل قد كشف في وقت سابق، عن استمرار إيران بتوريد الغاز للعراق، فيما أشار إلى وجود مباحثات بشأن الديون المتراكمة على العراق عن قيمة الغاز الإيراني.
تصاعد موجات الاحتجاج في المحافظات
أزمةُ المياه وخلافاتٌ عقارية تُشعِل الشارع
بغداد ـ طريق الشعب
تتواصل الاحتجاجات الشعبية في عدة محافظات، في مشهد يعكس عمق الأزمات المعيشية والخدمية التي يعاني منها المواطنون.
من شح المياه وارتفاع نسبة الملوحة، مرورًا بالقرارات الحكومية التي تهدّد أرزاق شريحة واسعة من العاملين، وصولاً إلى نزاعات عقارية بين الأهالي والوقف الشيعي.
احتجاجات الفلاحين والمزارعين
تظاهر المئات من الفلاحين والمزارعين في محافظات النجف والديوانية والسماوة وكربلاء، صباح أمس السبت 4 تشرين الأول، عند مفرق غماس، احتجاجًا على الأضرار التي لحقت بهم جرّاء شح المياه، مطالبين بتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها، نتيجة عدم قدرتهم على زراعة أراضيهم.
ورفع المحتجون لافتات تؤكد ضرورة وضع سياسات مائية وزراعية تتناسب مع التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي، مشددين على أهمية دعم الفلاحين وتعويضهم، لضمان عدم هجرتهم لأراضيهم بسبب الأزمات المتكررة.
ملوحة المياه تهدد الحياة
أغلق متظاهرون في قضاء الدير بمحافظة البصرة، الطريق الرئيس الرابط بين بغداد والبصرة، احتجاجاً على أزمة المياه وارتفاع نسبة الملوحة فيها.
ويأتي هذا التحرك بعد قرار الحراك الشعبي في الدير ونواحي النشوة والشافي والمصطفى استئناف الاعتصام المفتوح ونصب الخيام مجدداً، بهدف الضغط على الجهات المعنية لإيجاد حلول جذرية لمشكلة ملوحة المياه التي تفاقمت بشكل لافت.
وقال قائد حراك الدير، الشيخ مثنى الربيعي: "أمام الأوضاع القاسية التي يعيشها الأهالي نتيجة شح المياه وارتفاع نسبة الملوحة، نؤكد موقفنا الثابت بضرورة إيجاد معالجات عاجلة لهذه الكارثة الإنسانية التي باتت تهدد حياة الناس وكرامتهم بشكل يومي".
وطالب الربيعي الحكومة المركزية والمحلية والدوائر المختصة بمد أنبوب إسعافي من قضاء القرنة أو عبر المشروع الياباني، محذراً من أن استمرار المماطلة سيدفع الحراك إلى توسيع خطواته التصعيدية بشكل سلمي.
وختم قائلاً ان "قضية الماء بالنسبة لنا ليست مطلباً خدمياً عادياً، بل مسألة حياة أو موت، ولن نتنازل عن حقوقنا حتى تحقيقها بالكامل".
سائقو الكوسترات في كركوك
وتظاهر العشرات من سائقي سيارات الأجرة من نوع "كوستر" في كركوك، يوم الخميس، أمام مبنى المحافظة، احتجاجاً على قرار يلزمهم بتحويل لوحات مركباتهم من "أجرة" إلى "حمل"، واصفين القرار بأنه تهديد لمصدر رزقهم الوحيد.
وقال أحد المحتجين، أحمد عبد الجبار، إن القرار "غير منصف، فنحن نعمل منذ سنوات في نقل الركاب داخل المدينة وبين الأقضية، وفجأة يُجبرنا على تغيير صنف السيارة، ما يعني حرماننا من ممارسة عملنا".
وأضاف عبد القادر جمال، أن "الكثير من العائلات تعتاش على هذه الكوسترات، وإذا تم تحويلها إلى حمل سنواجه مشاكل مالية كبيرة بسبب القروض والالتزامات".
وأشار المحتجون إلى أنهم رفعوا شكاوى للجهات المعنية، مطالبين بإلغاء القرار أو إيجاد حلول بديلة تراعي أوضاعهم الاقتصادية، محذرين من استمرار التظاهرات في حال لم يتم الاستجابة لمطالبهم.
من جهته، أكد مصدر في دائرة المرور بكركوك أن الإجراءات "ليست اجتهاداً محلياً وإنما تعليمات حكومية ملزمة، ودوائر المرور مجبرة على تطبيقها ضمن تنظيم عمل المركبات وإزالة التجاوزات والفوضى"، مشدداً على أن أي تعديل أو استثناء هو من صلاحيات الجهات العليا.
أهالي قرية إمام زين العابدين
وأطلق أهالي قرية إمام زين العابدين في قضاء داقوق، مناشدات للحكومة المركزية للتدخل وإيقاف الإجراءات القانونية التي يتخذها الوقف الشيعي بحقهم، بعد رفع دعاوى قضائية تطالبهم بدفع بدلات إيجار وإزالة ما وصف بالتجاوز على الأراضي العائدة للوقف.
وأكد الأهالي أنهم يقطنون المنطقة منذ مئات السنين بجوار مقام الإمام زين العابدين، مطالبين بتمليك منازلهم، التي لا تزال أغلبها مبنية من الطين، وسط وجود أكثر من 50 دعوى قضائية مرفوعة ضدهم.
وقال المحامي حيدر حسين، أحد سكان القرية: "نحن نسكن بجوار مقام الإمام منذ مئات السنين، لكننا اليوم نتفاجأ بمطالبتنا بدفع بدلات إيجار وكأننا غرباء.
نطالب بإيقاف جميع الإجراءات القانونية وتمليك منازلنا، خاصة أن أغلب الأبنية ما زالت مبنية من الطين". وأضاف: "أنا شخصياً ولدت وعشت هنا منذ طفولتي حتى بلوغي 40 عاماً، واليوم يطالبونني بمغادرة القرية أو دفع الإيجار".
وأكد الأهالي، أن استمرار هذه الإجراءات يهدد استقرارهم ويجعلهم عرضة لفقدان مساكنهم التاريخية، مطالبين بحل عاجل من الحكومة لتفادي أزمة إنسانية كبيرة.
نائب رئيس البرلمان يزور مقر الشيوعيين في كركوك
كركوك ـ طريق الشعب
زار نائب رئيس البرلمان، شاخوان عبدالله، مقر الحزب الشيوعي العراقي في كركوك، حيث التقى سكرتير اللجنة المحلية وأعضاء اللجنة وأعضاء أساسية المدينة. وجرى خلال اللقاء بحث المستجدات السياسية الراهنة وتوطيد العلاقات بين مختلف الأطراف، بالإضافة إلى مناقشة الانتخابات المقبلة والمتغيرات السياسية الأخيرة في البلاد. وأكد عبدالله خلال حديثه أهمية التعاون المشترك لتعزيز العملية الديمقراطية والمساهمة في تطوير المشهد السياسي في كركوك وبقية المحافظات.
تعزية
إلى عائلة الرفيق الفنان
سامي كمال المحترمين
غادرنا يوم الجمعة 3 أيلول 2025 الرفيق الفنان سامي كمال بعد رحلة فنية امتدت عقودا تألق فيها منذ سبعينيات القرن الماضي، ولم يثنه الاضطهاد الوظيفي والملاحقة والمغريات إبان الحكم الديكتاتوري، من مواصلة التزامه بمبادئ حزبه الشيوعي، وتقديم نخبة غنائية رددتها أجيال بعده من بينها "صويحب" رائعة الكبير مظفر النواب وألحان الرفيق الفقيد كمال السيد.
عرف عن الفنان الراحل الدأب والنشاط أينما حل، فكان أحد المؤسسين لفرقة الطريق الغنائية في عدن العام 1978. كما تولى في العام 1982مسؤلية فرقة بيسان الغنائية الفلسطينية وساهم في تأسيس فرقة بابل الغنائية في دمشق.
الذكرى العاطرة لفنانا الرفيق سامي كمال الذي بفقده فقد الفن العراقي المناضل الهادف واحدا من أعلامه.
وتعازينا ومواساتنا للعائلة الكريمة ولكل ذويه ورفاقه ومحبيه.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
04/10/2025
ومضة
زجّ العشائر في الصراع السياسي
لعب بالنار
صبحي الجميلي
مثّلت العشائر العراقية على مر العقود ركائز اجتماعية ووطنية مهمة. وهي ليست قائمة على روابط القرابة والدم والنسب والأرض وحسب، بل وتحمل قيماً سامية؛ فالكرم والضيافة والنخوة والتضامن والتكافل وانصاف المظلوم والنبل والصدق، هو ما جُبلت عليه العشائر، لتغدو جزءا لا يتجزأ من منظومة السلوك الفردي والمجتمعي.
ولم تكن العشائر الكريمة في العراق يوما بمعزل عن هموم الناس والوطن، بل وكانت لها مواقفها الوطنية المشهودة، ومنها الاسهامات المعروفة في ثورة العشرين، وفي الانتصار لقضايا الوطن ودعم حركته الوطنية، وهي تكافح للخلاص من الاستعمار وتُحرر بلدنا. كما كانت ملاذات آمنة للناشطين والفاعلين في الحركة الوطنية.
والمتتبع لدور عشائرنا يلاحظ انه وثيق الصلة بادراك قدرتها على ان تكون قوة إيجابية، وعنصرا فاعلا في تأمين السلم الأهلي عندما لا تضع نفسها فوق القانون، وعندما تكون متماهية مع مشروع وطني جامع، يضع المصلحة العامة في المقدمة وينبذ الانكفاءات الضيقة.
وعلى عكس هذا الدور الوطني الجامع المفترض للعشائر، يحاول البعض انطلاقا من اجندات مصلحية ضيقة وانانية، ان يدفعها الى مواقع تُخرجها من سياق وظائفها الاجتماعية والوطنية، وان يجعل منها أداة لتحقيق مآربه في الهيمنة والتسلط، ولابتزاز الغير وإرهابه، وان تكون وقودا في اتون المصالح السياسية الضيقة، وفي تعويض فشله في بناء دولة المواطنة، التي تنصف الجميع بغض النظر عن قومياتهم واديانهم وطوائفهم.
هذا البعض بفعلته هذه يلعب بالنار، خصوصا في الأوضاع المحتدمة التي يعيشها بلدنا، وفي ظل تسابق انتخابي محموم لجمع الأصوات بأية وسيلة متاحة، وبعيدا عن قواعد السلوك المحددة والمفترضة، وهو ما يتميز غالبا بالضرب تحت الحزام. كما انه يأتي مع استمرار النزاعات العشائرية المسلحة المؤسفة، والتي تستخدم فيها أسلحة من كل الأنواع، ويذهب الكثيرون ضحايا للاقتتال العبثي، الذي يندلع أحيانا لأسباب تافهة، ويثير بعضه السخرية والاشمئزاز معا. وذلك ما عجزت الحكومة ومؤسسات الدولة المعنية عن احتوائه والسيطرة عليه حتى الان.
والأخطر ان البعض يدفع العشائر، لدوافع نفعية وانتخابية أيضا ولتدارك حالة الضعف وعدم المقبولية، الى مواقع الطائفية الضيقة، ويغذي الانكفاء رغم ما يدعي من حرص على المواطنين جميعا وبمختلف انتماءاتهم. وهو بهذا يزرع بذور الفتنة بين المواطنين أبناء البلد الواحد، على حساب المواطنة العراقية الجامعة، ورغم الحديث المكرور عن درء الفتن!
وهذا البعض الطامع بالسلطة أو المتشبث بها، لا يدرك، او يدرك ولا يكترث، بان مثل هذه الممارسات سلاح ذو حدين. فهي وان حققت فائدة آنية، تمثل لغما موقوتا يمكن ان ينفجر في أي وقت، وعاملا دائما في عدم الاستقرار، وفي اضعاف للدولة ومؤسساتها وضرب الدستور ومواده والقانون عرض الحائط.
لقد آن أوان توقف هذا العبث بمصير الوطن والمواطنين، وحان الوقت الذي تدرك فيه عشائرنا الكريمة وشيوخها ووجهاؤها المنزلقات الخطرة، التي يريد البعض دفعهم اليها. وانها وإن تحقق لها بعض المكتسبات العابرة، فان الأهم والأكبر والأكثر دواما هو ان يكون لها ولنا كافة وطن يتسع للجميع، ويتمتعون فيه بحقوقهم ويعيشون بامان وسلام حياة رغيدة تليق بالإنسان العراقي، وان ذلك هو الضامن الأكيد للحاضر والمستقبل.
هذا هو الوطن المرتجى، الذي نهض ثوار ثورة العشرين من أجله. وهو الوطن الذي قدم الشهداء الخالدون دماءهم زكيةً كي ينهض، وهو اليوم أيضا يستحق التضحية والانقاذ من نهج مَن اوصلوه الى الحالة، التي لا يستطيع فيها حتى الدفاع عن ارضه ومياهه واجوائه.
لهذا يتوجب ألا تتوجه الجهود نحو نصرة من جُرّب وإدامة فشله، ودعمه للحفاظ على نفوذه وهيمنته وسلطته، وتشجيعه على زج بلدنا في متاهات جديدة، وكأنْ لم يكفِه ما هو فيه من أزمات وما حل به من نكبات.
ص3
مشروع دولي لتحسين أوضاع المجتمعات الزراعية في ثلاث محافظات
بغداد - تبارك عبد المجيد
في ظل تزايد آثار التغيرات المناخية وشح المياه، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في العراق إطلاق مشروع جديد بتمويل يبلغ 39 مليون دولار، يستهدف محافظات كربلاء والنجف والمثنى.
وتُشير سلسلة من التحذيرات الرسمية الصادرة عن مديريات الصحة والمياه المحلية في محافظات الفرات الأوسط، إلى تفاقم أزمة المياه. وتكشف وثائق حديثة من هيئات المياه في النجف وبابل، بالإضافة إلى رسالة رسمية من مديرية صحة كربلاء، عن انخفاض حاد في منسوب نهر الفرات، ما أدى إلى زيادة عكارة المياه وتلوثها بالبكتيريا، وهو ما يهدد الصحة العامة مباشرة. وقد أثار هذا الوضع موجة من الاستياء على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر السكان صوراً ومقاطع فيديو للمياه غير النظيفة التي تصل إلى منازلهم، مما ينذر ببداية احتجاجات محلية متفرقة.
مشروع بدعم سويدي وكندي
وقال ممثل المنظمة صلاح الحاج حسن في كلمة له خلال الورشة التأسيسية لتنفيذ مشروع أن المشروع، الممول من صندوق المناخ الأخضر بدعم من السويد وكندا ومساهمات حكومية عراقية، يركز على رفع كفاءة استخدام المياه، وتطبيق الزراعة الذكية مناخياً، وتطوير السياسات المرتبطة بالزراعة والمياه والطاقة الشمسية. ويستهدف المشروع نحو مليوني شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، مع إعطاء أولوية للفئات الأكثر تضرراً من شح المياه، فيما يعد خطوة أولى لفتح الباب أمام مزيد من الدعم الدولي للعراق في مواجهة تحديات التغير المناخي.
فيما ذكر مدير بيئة النجف جمال عبد زيد، أن المشروع الذي أطلقته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ما يزال في مراحله الأولى، مشيراً إلى أن ملامحه لم تتضح بشكل كامل بعد، إلا أن أبرز ما يتضمنه هو تنشيط ودعم الجمعيات الفلاحية بهدف المساهمة بصورة غير مباشرة في التقليل من تأثيرات التغير المناخي على المناطق الريفية والمناطق الأكثر عرضة للتغيرات المناخية.
وقال عبد زيد لـ "طريق الشعب"، أن "المشروع يركز على الأعمال والصناعات المحلية، إضافة إلى تطوير أساليب الزراعة عبر إدخال بعض التقنيات الحديثة التي تساعد على رفع الإنتاجية مع تقليل استهلاك المياه، وهو ما يعد أحد التحديات الرئيسة في الزراعة العراقية".
وأشار إلى أن التعاون بين منظمة الفاو ودوائر البيئة والزراعة ليس جديداً، إذ سبق أن تم تنفيذ مشاريع مشتركة تخص المكننة الزراعية وزراعة الشلب، مبيناً أن المشروع الجديد ما يزال في طور التأسيس، وأن تفاصيله الكاملة لم تُعلن بعد.
وبين أنه شارك في ورشة العمل التأسيسية للمشروع، التي أقيمت في بغداد واستمرت ليوم واحد، موضحاً أن الورشة لم تتطرق إلى ذكر الأرقام أو المبالغ المرصودة، لكنها أكدت أن محافظة النجف ستكون من بين المحافظات المستهدفة ضمن هذا البرنامج.
فرق فنية
لتنفيذ دراسات ميدانية
من جهته، أعلن د. أمير كاظم العارضي مدير بيئة المثنى، أن مشروع "تعزيز مرونة سبل العيش الزراعية للمجتمعات الريفية الأكثر هشاشة للتغيرات المناخية"، الممول من صندوق المناخ الأخضر والمنفذ من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في العراق، يستهدف تحسين أوضاع المجتمعات الزراعية في ثلاث محافظات هي: النجف، كربلاء، والمثنى.
وأوضح العارضي لـ"طريق الشعب"، أن المشروع يركز على المناطق الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، ويهدف إلى تحسين سبل العيش وتعزيز الأمن المائي والزراعي، من خلال سلسلة من الدراسات الميدانية التي ستنفذها فرق فنية متخصصة.
وفي محافظة المثنى على وجه الخصوص، بين أن المشروع سيتضمن تنفيذ أربعة مشاريع أساسية، أبرزها مد أنابيب مائية لتوفير المياه للمناطق التي تعاني من نقص حاد سواء في مياه الشرب أو مياه الزراعة. كما ستتم أعمال تبطين المبازل للحد من هدر المياه وتحسين إدارة الموارد المائية.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي استجابة للتحديات المائية الكبيرة التي يواجهها العراق، خاصة مع تفشي ظاهرة شح المياه. وأضاف أن مد الأنابيب سيؤدي إلى الحد من التبخر، وبالتالي زيادة الحصة المائية المخصصة للمحافظة، فضلاً عن الحد من التجاوزات الزراعية على طول مجاري الأنهار.
وأكد العارضي أن المشروع سيترافق مع متابعة ميدانية من قبل مديرية الموارد المائية في المثنى، إضافة إلى تشكيل جمعيات لإدارة المياه بهدف ضمان استدامة النتائج وتحقيق أكبر فائدة للمزارعين والمجتمعات الريفية المستهدفة.
تحركات حكومية "غير جادة"!
من جانبه، حذر الناشط البيئي حجي شلال من التحديات البيئية الخطيرة التي يواجهها العراق في ظل شح المياه والتغيرات المناخية المتسارعة، مؤكداً أن البلاد تتعرض إلى ما وصفه بـ”إبادة خضراء” نتيجة قطع الأشجار، الحرائق، وغياب السياسات الحكومية الفاعلة.
وقال شلال لـ"طريق الشعب"، إن العالم بأسره يعاني من تغيرات مناخية عميقة، والعراق ليس استثناءً، لكنه يفتقر إلى الحلول الجذرية. وأشار إلى أن الحفاظ على المساحات الخضراء يحتاج إلى إيجاد مصادر مائية مستدامة، سواء عبر إنشاء سدود جديدة أو من خلال الحصول على الحصص المائية الكاملة من نهري دجلة والفرات وفق الاتفاقيات الدولية مع تركيا.
وانتقد غياب التحركات الحكومية الجادة للبحث عن بدائل، موضحاً أن العراق يمتلك خبراء ومهندسين قادرين على تطوير تقنيات الري الحديثة، بما في ذلك الزراعة المائية والطاقة النظيفة، لكن هذه القدرات لا تُستثمر بشكل فعال.
وتطرق إلى وضع قضاء سنجار الذي يشهد ـ بحسب وصفه ـ حملات إبادة للأشجار بسبب قطعها وتحويلها إلى فحم يُباع للمطاعم والأسواق، فضلاً عن حرائق الجبال التي تفتقر إلى إمكانيات إخمادها بسبب غياب طائرات الدفاع المدني. وأضاف: "لا بد أولاً من حماية ما تبقى لدينا من غطاء نباتي، ثم التفكير في إعادة التشجير وزيادة المساحات الخضراء".
كما أشار إلى أن القوانين التي تجرم قطع الأشجار ما زالت حبراً على ورق، لافتاً إلى غياب شرطة البيئة، إلى جانب انعدام مصانع إعادة التدوير وضعف الرقابة على الملوثات الصادرة عن السيارات والمعامل.
وختم شلال حديثه قائلاً: "المطلوب هو التفكير بخطط مستقبلية مستدامة. علينا أن نحافظ على ما تبقى من موارد طبيعية، ثم نزرع وننمّي الوعي البيئي لدى الأجيال القادمة، تماماً كما فعل أجدادنا من قبل. فالمناخ والبيئة في العراق ليسا قضية مشاريع مؤقتة، بل قضية بقاء للأرض والإنسان".
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
البصرة وصراع المتنفذين
نشر موقع أمواج البريطاني مقالًا تحليليًا حول تردي البنية التحتية والخدمات في محافظة البصرة، وما تسببه من اضطرابات اجتماعية وسياسية عميقة، تزامنت مؤخرًا مع الغضب الشعبي المتصاعد، الذي ألقى بظلاله على التحالفات السياسية المرتبطة بالانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني القادم.
صراع سياسي
وأوضح المقال أن قمع السلطات للمحتجين على نقص المياه، أدى إلى اتساع رقعة الصراع، ودفع القوى المناهضة للحكومة المحلية إلى استغلال الوضع لتحقيق مكاسب انتخابية، وتوسيع نفوذها في المنطقة. وقد دخلت هذه القوى في صراع مباشر، سعيًا لإزاحة المحافظ وكتلته السياسية، الأمر الذي لم يجعل استقرار البصرة، المركز النفطي الرئيسي في البلاد، على المحك فحسب، بل وأثر أيضًا في توازن القوى السياسية قبيل الانتخابات.
وأشار المقال إلى أن هذه الأزمات السياسية والاقتصادية والبيئية المتشابكة، تدل على أن القضايا المحلية المتجذرة، بما في ذلك الفساد المستشري، وإخفاقات الحكم، والتنافسات السياسية المتصاعدة، تلعب دورًا خطيرًا في إعادة تشكيل الديناميكيات الديمقراطية الدقيقة في العراق.
كارثة بكل المقاييس
وذكر المقال أن البصرة، التي تُعدّ عصب الاقتصاد العراقي، إذ تسهم بنحو 70 في المائة من إنتاج النفط الخام، وتضم ميناء المياه العميقة الوحيد الذي يُصدَّر عبره معظم النفط، تعاني من انهيار الخدمات العامة والبنية التحتية الأساسية، بما في ذلك التلوث الحاد في المياه، والانقطاعات المتكررة للكهرباء بسبب تهالك الشبكة، رغم الميزانيات الضخمة التي خُصصت لإعمارها. كما أشار إلى أن معدل البطالة في المحافظة يبلغ 22 في المائة، أي أعلى بنسبة 50 في المائة من المتوسط الوطني، إضافة إلى افتقار الأحياء إلى الطرق المعبدة، وشبكات الصرف الصحي، وتراكم النفايات، وسوء إدارة ملف النظافة، وتدهور الرعاية الصحية بسبب نقص الكوادر الطبية والأدوية، ورداءة الخدمات في المستشفيات الحكومية، وأخيراً، ظهور ظاهرة "الضباب الدخاني" والغازات المشتعلة قرب بعض المناطق السكنية، وما تسببه من أمراض خطيرة.
ورأى كاتب المقال أنه من الطبيعي أن تؤدي هذه الأوضاع إلى أزمات سياسية واجتماعية محلية عميقة ومستمرة، فضلًا عن الأزمات البيئية والصحية، لا سيما حين يُنظر إليها من قِبل السكان والمراقبين على أنها نتيجة مباشرة وواضحة للفساد والإهمال الحكومي.
وضرب الكاتب مثالًا على ذلك بالاحتجاجات واسعة النطاق التي اندلعت، وترافقت مع اشتباكات دامية مع الشرطة، إثر تفشي تلوث المياه بين عامي 2018 و2020، مما أدى إلى دخول أكثر من 118 ألف شخص إلى المستشفيات، وحرمان عدة أحياء من المياه النظيفة، وإغلاق محطات المعالجة، وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي، فضلًا عن نفوق الماشية وغيرها من الحيوانات.
كلمة حق، ولكن!
وأعرب كاتب المقال عن اعتقاده بأن عودة الحديث عن هذه الظروف الصعبة، ووصفها بـ "الموت البطيء لأربعة ملايين عراقي"، لا يرتبط بحجم المظالم القديمة، بل بما يفرضه العام الانتخابي من صراعات بين المتنفذين. وأشار إلى أن التحديات البيئية، والفجوة المستمرة بين الإمكانات الاقتصادية والمصاعب اليومية، هي قضايا مستمرة منذ زمن طويل، في ظل الحكومة المحلية ذاتها، من دون اعتراض يُذكر من معظم الأطراف.
وأضاف أن قوى سياسية مناهضة للمحافظ قد نجحت، على ما يبدو، في تأليب رئيس الحكومة عليه من جهة، كما أوصت لجنة نيابية تهيمن عليها هذه القوى البرلمان بإقالته، لأسباب تتعلق بملفات فساد مرتبطة بالبنية التحتية الحيوية لميناء البصرة والتجارة التي تمر عبره، وهو الميناء الذي تسعى هذه القوى ذاتها إلى الهيمنة عليه.
آمال واعدة
رصد بعض المراقبين تحسّن اهتمام الشباب بالانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني القادم، قياسًا بما كان عليه الحال في الجولات الانتخابية السابقة. وعلى الرغم من سوء الخدمات، وارتفاع معدلات البطالة، وغياب المشاريع التنموية، وتفشي دعوات اليأس من إحداث تغيير جدي، أعرب الكثيرون عن قناعتهم بأن أي مشروع سياسي حقيقي يلبي احتياجات الناس ومطالبهم، لا يمكن تحقيقه من دون المشاركة في التصويت، وحماية هذا الحق، وعدم التفريط به بأي ثمن كان، وأن تقترن المشاركة بالوعي والدقة في الاختيار، لضمان غلق الأبواب في وجه من أثبتت السنوات فسادهم وفشلهم ومسؤوليتهم عن خراب البلاد وعذابات العباد.
لا مكان للـ{جرخجية}!
تشير التقديرات إلى أن العراق، وباستثناء كردستان، يضم ما بين 13 و16 مليون قطعة سلاح متوسطة وخفيفة. وتبلغ أسعار المسدسات في أسواقه ما بين 1300 و4500 دولار، وسعر "الكلاشنكوف" ما بين 300 و 1100 دولار، وسعر بندقية M4 ما بين 6 و8 آلاف دولار، فيما يبلغ سعر القنبلة اليدوية أقل من 100 دولار. هذا ورغم قرب انتهاء حملة الجمع الطوعي للأسلحة، لم تزد نسبة إقبال المواطنين عليها عن 20 في المائة، ما يؤكد تدنّي ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها، جرّاء فشلها في حصر السلاح بيدها، وضمان تكافؤ الفرص، والمساواة في تطبيق القانون، واجتثاث الفساد.
لماذا الآن؟!
اتهم نواب من لجان مختلفة الحكومة بالتسبب في أضرار كبيرة للمحافظات، نتيجة تأخر إرسال جداول الموازنة وعدم التصويت عليها حتى الآن، مما أدى إلى صرف النفقات التشغيلية من دون العودة إلى البرلمان، وتجميد صرف التخصيصات والمشاريع الاستثمارية والخدمية. واعتبر المتهمون تجاهل الحكومة لدعواتهم المتكررة بإرسال الجداول فعلًا متعمَّدًا، رافضين تبريراتها بأن إعادة احتساب كلف إنتاج النفط في الإقليم تسببت بذلك. هذا وفيما لا يجد الناس مبررات قانونية تتيح للحكومة هذا الخرق الكبير لواجبها الدستوري، فإنهم يتساءلون عن السبب الذي "أيقظ" النواب الآن، وجعلهم يتذكرون أمرًا كان عليهم إلزام الحكومة به قبل تسعة أشهر فقط.
مَنْ وراء التجهيل؟
اشتكى العديد من أولياء الأمور من تخلي وزارة التربية عن مسؤوليتها في تجهيز المستلزمات الدراسية، من أجهزة التبريد إلى السبورات والمقاعد، وتجهيز الكتب والمناهج الدراسية، الأمر الذي ألقى بظلال من القلق على مصير الطلبة ومستواهم الدراسي، وأجبر عوائلهم على اقتطاع جزء من لقمة العيش لشراء هذه المستلزمات من الأسواق. وتجدر الإشارة إلى أن مشكلة هذا التخلي تتكرر مع بداية كل عام دراسي، بعد أن فقد التعليم، الذي ينص الدستور على تأمينه مجانًا، اهتمام "أولي الأمر"، فخصخصوه، وحوّلوه إلى دجاجة تبيض لهم ذهبًا، تاركين طباعة المناهج والكتب لبعض الفاسدين في زبائنية مدمّرة للأجيال.
ما يصْلح!
أطلق مسلحون "مجهولون"، يستقلون مركبات خاصة، النار على المهندسين المتظاهرين قرب المركز الثقافي النفطي وسط محافظة البصرة، أثناء احتجاجهم للمطالبة بتثبيتهم على الملاك الدائم وتحسين أوضاعهم الوظيفية. وفي الوقت الذي أدان فيه الناس هذا العنف المفرط وغير المشروع ضد حرية التعبير، وضد المقهورين المحتجّين على الظلم، وغياب تكافؤ الفرص، وتلكؤ الدولة في توفير فرص عمل للشباب، نصحوا منظومة المحاصصة بالبحث عن "أسطوانة مشروخة" أخرى غير "الطرف الثالث"، لأنها قد تثير المواجع، وتجازف بعمرها المأزوم، لا سيما في هذه الأيام التي تحلّ فيها الذكرى السادسة لانتفاضة تشرين، التي أغرقها نفس "المسلحين المجهولين" بالدم.
ص4
استغلال انتخابي واقتصادي للفقراء
4 آلاف تجمع عشوائي.. والوعود الحكومية تتبخر
بغداد - طريق الشعب
على مدى سنوات، لم تتجاوز وعود الحكومات المتعاقبة وحتى الحالية، بمعالجة أزمة العشوائيات، حدودَ التصريحات والخطاب الإعلامي الموجه، فيما ظل الواقع يتفاقم حتى بات العراق اليوم أمام أكثر من 4 آلاف تجمع عشوائي، يؤوي ما يزيد على ثلاثة ملايين مواطن.
فيما تحولت هذه التجمعات اليوم، الى شواهد حيّة على فشل السياسات العمرانية، وتراكم الإخفاقات الإدارية، وغياب الرؤية التخطيطية، فيما تمتد جذور الأزمة إلى عقود من التساهل مع البناء غير المنظم وغياب نظام واضح لملكية الأراضي.
وبدلا من إنهاء معاناة قاطني هذه التجمعات وتوفير سكن لائق لهم، وجدت الحكومات المتعاقبة بما فيها الحالية، وكذلك القوى المتنفذة، في هذا الملف ورقة انتخابية جاهزة للاستثمار السياسي والاقتصادي، وحتى العسكري.
3.4 مليون نسمة في 4 آلاف تجمع عشوائي
وللايضاح اكثر قال المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن العراق يشهد نمواً سكانياً سنوياً يصل إلى نحو 2.5%، أي ما يعادل أكثر من مليون ومئتي الف نسمة سنوياً.
وأضاف الهنداوي في حديث صحفي، أن العاصمة بغداد تستحوذ على ما لا يقل عن 250 - 300 الف من هذه الزيادة، كونها تمثل قرابة ربع سكان العراق.
وأوضح أن المدينة "بحكم كونها العاصمة وامتلاكها مراكز التعليم والصحة والتجارة، تعدّ جاذبة للسكان القادمين من محافظات أخرى، وهو ما يضاعف الضغط على خدماتها"، لافتاً إلى أن وزارة التخطيط "تعمل عبر سياساتها التنموية على تحقيق توازن بين الزيادة السكانية والموارد والخدمات".
وبين أن وزارته أطلقت "خطة التنمية الخمسية (2024-2028)، فضلاً عن الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية التي تضمنت 11 محوراً، تشمل الصحة والتعليم والسكن، وتمكين الشباب والمرأة، ودعم الطفولة، ومواجهة التغيرات المناخية، وتمكين الفئات الهشة وكبار السن وذوي الإعاقة".
وتابع أن هناك استعدادا أيضاً لإطلاق استراتيجية مكافحة الفقر الثالثة (2026-2030)، والتي ستستهدف بشكل خاص المحافظات والمناطق الأكثر فقراً.
واكد في ختام حديثه، ان معالجة ظاهرة العشوائيات تمثل أولوية، إذ تشير البيانات المتوفرة لدينا إلى وجود أكثر من أربعة آلاف تجمع عشوائي يقطنها نحو 3.4 ملايين مواطن.
العجز عن ايجاد حلول حقيقية!
من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن عجز الحكومة عن معالجة ملف التجمعات العشوائية، لا يعود إلى نقص الموارد المادية فحسب، وانما هو نتيجة تراكمات لسنوات طويلة من الإخفاقات السياسية والإدارية والهيكلية، جعلت الأزمة متجذرة ومعقدة للغاية.
وأضاف السعدي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن جذور المشكلة تعود الى السياسات المتضاربة في إدارة الأراضي خلال مراحل النمو العمراني، حيث جرى التساهل مع البناء غير المنظم في ظل غياب تخطيط فعّال ونظم ملكية واضحة، لتتحول تلك المساحات لاحقاً الى ملاذ للفئات المتضررة من البطالة والتهجير الداخلي ونقص السكن الاجتماعي.
وأشار إلى أن مكامن الخلل الأساسية تتمثل في غياب خريطة وطنية دقيقة للتجمعات وحقوق الأرض، وضعف مؤسسات التخطيط المحلي، وغياب التمويل المستدام لمشاريع الإسكان والبنية التحتية، إضافة إلى ثقافة سياسية تتعامل مع الملف كأداة آنية لا كإصلاح طويل الأمد.
وبيّن أن التعاطي السياسي مع قضية العشوائيات كان في معظمه ذا طابع انتخابي، حيث استُخدمت وعود التوظيف أو توزيع الأراضي وسيلة لكسب الولاءات بدلاً من إدراجها ضمن برامج مدروسة للقضاء الجذري على الأزمة، لافتاً إلى أن بعض المسؤولين أظهروا نوايا إصلاحية حسنة، لكن تحويل الملف إلى ورقة انتخابية أفقده الطابع المؤسسي والتقني اللازمين
وطرح السعدي خطة لمعالجة الأزمة تقوم على ثلاث مراحل متكاملة؛ ففي المدى القصير دعا إلى إجراء حصر رقمي شامل وتوثيق دقيق لحقوق الأرض والسكان، مع التركيز على حماية الجوانب الإنسانية وتوفير خدمات عاجلة مثل مياه شرب آمنة، شبكات صرف صحي مؤقتة، تزويد جزئي بالكهرباء، إضافة إلى برامج عمل مؤقتة تستثمر في صيانة البنية التحتية وتشغيل السكان المحليين.
أما في المدى المتوسط، فقد شدّد على ضرورة "تبني سياسة ترسيم وتراخيص تدريجية ترتكز على مبدأ “الترقية بدلًا من الإخلاء القسري”، من خلال منح عقود إيجار طويلة الأمد أو ضمانات ملكية مؤقتة تشجع السكان على الاستثمار في مساكنهم".
وفيما يخص المدى الطويل، دعا السعدي إلى إعادة هيكلة سياسات الأراضي والإسكان عبر إصلاحات تشريعية تنظم استخدام الأراضي وتفعل آليات الضريبة العقارية وجباية قيمة الأرض لتمويل مشاريع الإسكان.
كما طالب ببناء قدرات البلديات والمؤسسات الاستثمارية المحلية لتخطيط مدن مستدامة وتوفير سكن اجتماعي يتناسب مع قدرات الأسر محدودة الدخل، مع ربط السكان ببرامج تدريب مهني وسلاسل إنتاج محلية تحول التجمعات من عبء إلى رافعة اقتصادية.
وعلى صعيد التمويل، أوصى السعدي بإنشاء صندوق وطني للإسكان يُموّل بجزء من إيرادات النفط أو عبر إصدار سندات محلية مضمونة، إضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب العقارية وتبني برامج دفع بالتقسيط وضمانات بنكية للمشروعات السكنية القانونية لضمان اكتمالها.
أما سياسياً، فقد نبّه السعدي إلى ضرورة "فصل الملف عن أي استغلال انتخابي، من خلال سن إطار قانوني يمنع منح الأراضي أو الامتيازات بقرارات استثنائية خارج خطط الدولة، مع إلزام السلطات بنشر جميع القرارات وإجراءات الترخيص وإتاحة الطعن القضائي السريع".
وحذر من أن "استمرار الحلول المؤقتة سيضاعف كلفة المعالجة مستقبلًا، بينما الالتزام بخطة واضحة قد يقود إلى تحول حقيقي خلال عقد من الزمن".
أراضٍ بديلة وخدمات أساسية
من جانبه، يجد الخبير الاقتصادي صالح الهماشي، أن مشكلة التجمعات العشوائية في العراق ليست حالة استثنائية، بل سبقتها إليها دول أخرى مثل مصر التي واجهت أزمات مشابهة.
وأضاف الهماشي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن العشوائيات لم تقتصر على كونها تجمعات سكنية فقط، إذ تحولت مع مرور الوقت إلى مراكز لنشاطات تجارية واقتصادية بحكم قربها من الأسواق وأماكن العمل، الأمر الذي يجعل التعامل معها أكثر تعقيداً".
واعتبر الهماشي أن هذا الملف "استُخدم سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً، إذ جرى استغلال سكان هذه المناطق ــ ومعظمهم من الفقراء ــ من قبل جماعات مسلحة، ناهيك عن استغلالهم اقتصادياً وانتخابياً".
وزاد بالقول أن مرور عقود على وجود هذه التجمعات اضفى على سكانها “حقاً مكتسباً” في السكن، مشيراً إلى أن "بقاءهم في مواقعهم لعشرين أو خمسة وعشرين عاماً يجعل من الصعب إزالتهم أو إقناعهم بالرحيل، خاصة أن الأعراف والقوانين الدولية تعترف بحق السكن بعد سنوات محددة، وهو ما يعزز حجتهم الدستورية داخل العراق أيضاً".
وفي ما يخص الحلول، شدد الهماشي على أن معالجة الملف "تتطلب خطة حقيقية تقوم على تخصيص ميزانية واضحة، تبدأ بتخصيص أراضٍ بديلة لهؤلاء السكان في مناطق مخدومة ومتصلة بشبكة طرق داخل المدن، مع تزويدها بالبنية التحتية الأساسية".
كما دعا إلى "منح المستفيدين مبالغ مالية لبناء منازلهم بأنفسهم ضمن إطار منظم وقانوني، بدلاً من اعتماد الدولة فقط على إنشاء مجمعات سكنية جاهزة"، معتبراً أن "نجاح أي حل مرهون بوجود قرارات حاسمة وإرادة جادة لتنفيذها".
العراق في مؤشر المخاطر الطبيعية لعام 2025:
تحذيرات من ضعف الاستعداد المبكر وإدارة الأزمات
بغداد - طريق الشعب
أظهرت أحدث إحصائية صادرة عن معهد القانون الدولي للسلام والنزاعات المسلحة (IFHV) وتحالف التنمية (Bündnis Entwicklung Hilft) لعام 2025، ارتفاع مرتبة العراق في قائمة الدول الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية، ليحتل المرتبة 9.24 من أصل 191 دولة.
ورغم أن هذا التراجع في الترتيب يشير الى تحسن نسبي مقارنة بالعام الماضي، إلا أن العراق لا يزال يعاني من ضعف في الجاهزية لمواجهة الكوارث الطبيعية.
وتُظهر البيانات أن العراق يعاني من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، مما يزيد من تعرضه للكوارث الطبيعية. على الرغم من ذلك، فإن البنية التحتية والآليات المتاحة لمواجهة هذه الكوارث لا تزال محدودة،
وبالتالي، فإن الحاجة إلى وضع استراتيجيات علمية شاملة لمواجهة المخاطر الطبيعية أصبحت أمراً بالغ الأهمية، حيث اكد مختصون على أن العراق بحاجة إلى تطوير آليات استجابة مبكرة، وتعزيز قدرات البنية التحتية، وتدريب الكوادر المختصة، بالإضافة إلى نشر الوعي بين المواطنين حول كيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية.
كما انهم حذروا من إن غياب هذه الاستعدادات قد يؤدي إلى تفاقم الأضرار والخسائر البشرية والمادية في حال حدوث أي كارثة غير متوقعة. لذلك، اعتبروا انه من الضروري أن تتبنى الحكومة العراقية سياسات واستراتيجيات فعّالة تستند إلى البيانات العلمية والتقارير الدولية، لضمان جاهزية البلاد لمواجهة التحديات البيئية المستقبلية.
رفع الإمكانيات
في هذا الصدد، أكد عضو المرصد العراقي الأخضر، عمر عبداللطيف، أن العراق يمتلك آليات مبدئية للتعامل مع الكوارث الطبيعية، موضحاً أن وزارة البيئة، وبشكل خاص القسم المختص بالكوارث، لديه خبرة سابقة في إدارة الأزمات، كما حدث مع جائحة كورونا التي اعتبرت كارثة صحية كبيرة على مستوى البلاد.
وقال عبد اللطيف في حديث لـ"طريق الشعب"، ان القسم المختص بالكوارث موجود منذ سنوات، وله ارتباط وثيق مع الجهات المعنية في الدولة والعالم و التي تمتلك بيانات دقيقة حول العراق والكوارث المحتملة فيه”.
وأشار إلى أن طبيعة الكوارث في العراق تختلف عن تلك التي تحدث في دول مثل الصين أو اليابان، حيث الزلازل هناك قد تكون كارثية وتدمر المدن بأكملها، بينما العراق، رغم وقوعه ضمن منطقة زلزالية ضعيفة النشاط، لم تشهد زلازل مدمرة تؤدي إلى خسائر كبيرة في البنية التحتية أو حياة المواطنين.
ونوه بـ"اهمية العمل في السنوات المقبلة على تعزيز قدرات هذا القسم باستمرار، من خلال تطوير أدوات الرصد والتحليل، وزيادة فعالية التحذيرات الموجهة إلى المواطنين عبر وسائل الإعلام المرئية، الإذاعات، ومواقع التواصل الاجتماعي وحتى انشاء تطبيقات خاصة".
وقال: “حتى لو لم تحدث كوارث كبيرة، فإن الاستعداد والاستشعار المبكر يمثلان الدرع الأساسي لحماية المجتمع، ويضمنان استمرارية الحياة اليومية بأقل قدر من الخسائر البشرية والمادية”.
وتابع عبد اللطيف ان العراق اهمل هذا الجانب، كونه لم يمر بتجارب مشابهة كما في اليابان او الصين مثلاً، ولكن هذا لا ينفي اهمية وضرورة ان يكون هناك تخطيط استراتيجي واستعداد مبكر".
وخلص الى القول انه "برغم وجود هذا القسم، لكن المطلوب تعزيز هذه القدرات ورفع مستوى الامكانيات، وانشاء مديرية مختصة بهذا الملف، وايلاء هذا الملف اهتمام اكبر من قبل صانع القرار في البلاد، اضافة لتوسيع نطاق التخطيط الاستراتيجي ليشمل جميع المحافظات، مع بناء وعي مجتمعي حول المخاطر الطبيعية والطرق المثلى للتعامل معها. فهذا هو السبيل لضمان حماية العراق من أي كارثة مستقبلية محتملة”.
ضعف الاستجابة للكوارث الطبيعية
من جانبه، أكد الخبير في الشؤون البيئية أحمد صالح أن العراق لم يعتد على مواجهة الكوارث الطبيعية الكبرى، نظراً لطبيعة مناخه وسلوكه الهادئ، مقارنةً ببعض المناطق الأخرى.
وقال صالح لـ"طريق الشعب"، إن معظم الكوارث التي ضربت العالم في عام 2025، مثل الأعاصير والزلازل والانهيارات الأرضية، لم تتعرض لها مناطق العراق بشكل مباشر، وهذا ما يفسر مسألة ضعف عدم الجاهزية وسرعة الاستجابة وآليات التعامل معها.
وأضاف أن العراق "لا يمتلك تاريخاً في التعامل مع كوارث طبيعية من هذا النوع، مثل البراكين أو الأعاصير أو الأعاصير القمعية “التورنادو”، لا سيما ان تأثيراتها على البشر والنظام البيولوجي للبنية التحتية تكاد تكون محدودة.
ونوه الى ان "أغلب مناطق العراق لم تتعرض لكوارث تضاريسية مؤثرة، وبعض المدن في دول أخرى قد تمحى أو تتضرر بنيتها التحتية بشكل كبير، لكن العراق لم يمر بمثل هذه التجارب، ما جعله يهمل التخطيط والاهتمام بهذا الملف".
وأوضح صالح، أن المنطقة بأكملها تتميز بسلوك طبيعي هادئ، باستثناء الشريط الزلزالي الممتد بين تركيا وإيران، الذي يشهد نشاطًا خفيفًا لا يهدد العراق بشكل مباشر، حيث تصل بعض ارتداداته بشكل محسوس ولكن غير مؤذي.
وبشأن جاهزية الدولة، أكد صالح أن عدم تعرض العراق لكوارث كبيرة في الماضي لا يعني أن الخطر معدوم، داعياً إلى ضرورة إعداد خطط استراتيجية متكاملة لإدارة الكوارث الطبيعية المستقبلية.
وشدد على أهمية "عدم الاكتفاء بالاعتماد على الاستقرار الحالي، فالدولة بحاجة إلى خطط مستقبلية شاملة لمواجهة أي كارثة محتملة، بما يشمل الأعاصير المفاجئة والموجات الفيضان العارمة. ويجب أن تكون هذه الخطط من مهام وزارات البيئة والداخلية، لضمان حماية المواطنين والبنية التحتية على حد سواء".
وأشار الخبير إلى أن تعزيز الاستعداد للكوارث الطبيعية يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية وطنية متكاملة لإدارة الأزمات، مع وضع سيناريوهات واضحة للتدخل السريع وتقليل الخسائر البشرية والمادية.
رؤية علمية شاملة
الى ذلك، يرى المراقب في الشأن البيئي حيدر رشيد أن مواجهة الكوارث الطبيعية تحتاج إلى استراتيجيات علمية متكاملة، وان العراق يمتلك موارد طبيعية ومناخية فريدة، لكن هذا لا يعفيه من المخاطر البيئية المستقبلية.
ودعا رشيد في حديث مع "طريق الشعب"، الى "الاستفادة من دول متقدمة مثل الصين و اليابان وتجاربها في هذا الملف، و من البيانات العلمية الحديثة وتقنيات التنبؤ بالكوارث لبناء نظام متكامل لإدارة المخاطر، يضمن حماية المواطنين والبنية التحتية ويقلل من الخسائر المحتملة.”
وأشار إلى أن "ملف الكوارث الطبيعية وحتى الغير طبيعة، كبير ومتشعب جداً، لذلك يحتاج الى تخطيط علمي للكوارث يشمل دراسة الفيضانات، التغيرات المناخية، الجفاف، وحتى الهزات الأرضية الطفيفة، ووضع آليات استجابة مبكرة".
ودعا الى "الاستثمار في الدراسات العلمية، المحاكاة الرقمية، ونشر الوعي البيئي بين المواطنين، واعطاء الدولة أولوية لمثل هذه الملفات، ولا ان يكون من باب الاجراء الاحترازي، وانما كاستراتيجية وطنية لتعزيز الصمود البيئي والاجتماعي أمام أي تهديد طبيعي محتمل".
ص5
وتبقى أزمة التعليم متواصلة
أسبوعان من الدراسة والمناهج غير كاملة!
متابعة – طريق الشعب
رغم مرور أكثر من أسبوعين على انطلاق العام الدراسي الجديد، لا يزال آلاف الطلبة في مختلف المراحل الدراسية، لا سيما السادس الإعدادي، يواجهون أزمة دراسية متمثلة في عدم توفر العديد من الكتب والمناهج. يأتي ذلك خلاف ما أعلنته وزارة التربية مرارا وتكرارا من انها طبعت المناهج الدراسية قبل شهور من بدء العام الدراسي ووزعتها على المخازن الفرعية والمدارس.
هذه المشكلة لم تعد طارئة أو استثنائية، بل تحولت إلى مشهد يتكرر كل عام، تاركة آثارها على العملية التعليمية ومستقبل الاجيال التي لا ذنب لها سوى انها وقعت ضحية للاأبالية والإهمال والفساد.
وتنقل وكالات أنباء عن طلبة عديدين قولهم انهم لم يتسلموا كتبهم كاملة، وأن ما تسلموه أغلبه قديم ومتهالك، مؤكدين اعتمادهم فقط على تصوير الملازم أو استنساخ نسخ قديمة، ما يكلّف أولياء أمورهم مبالغ إضافية في ظل ارتفاع تكاليف الاستنساخ.
فيما تنقل عن مديري مدارس ومعلمين، القول أن المشكلة ليست فقط في قلة الكتب، بل أيضاً في سوء حالتها، مبينين ان "الكتب التي تصلنا غالباً قديمة وممزقة وغير صالحة للدراسة، ونضطر إلى توزيعها رغم حالتها السيئة، والطلبة يرفضونها لأنها بلا فائدة".
ويؤكدون أن "وزارة التربية لا تجهزنا بالكميات الكافية، وحتى لو وصلت فهي لا تغطي سوى 30 إلى 40 في المائة من حاجة الطلبة، ما يضطر الأهالي إلى شراء الكتب من السوق أو استنساخها".
وفي 14 أيلول الفائت، أفادت وزارة التربية بأنها "مهيأة تماما" لانطلاق العام الدراسي الجديد يوم 21 أيلول، مؤكدة أن "كل المعطيات تسير وفق الخطط المرسومة".
فيما ذكرت على لسان المتحدث باسمها كريم السيد – حسب ما نقلته عنه وكالات أنباء - انها "حققت إنجازا كبيرا خلال السنتين الأخيرتين، تمثل في طباعة الكتب والمناهج الدراسية قبل بدء العام الدراسي".
ووفقا للسيد فإن "المناهج الدراسية طبعت قبل أربعة أشهر ووزعت بين المخازن الفرعية والمدارس".
الطلبة يتزاحمون أمام مكاتب الاستنساخ
يتزاحم عدد من الطلبة أمام مكتبة صغيرة قرب إحدى المدارس في بغداد، وفي وسطهم يقف ذو الفقار مرتضى، طالب الصف السادس الإعدادي، حاملا أوراقاً مطبوعة بدلاً من كتاب مدرسي، بينما عيناه تكشفان عن قلق يتزايد منذ أكثر من أسبوعين. إذ لم يبدأ مع زملائه دراسة مادة اللغة الإنكليزية إلا عبر نسخ مستعارة منسوخة عن ملفات "بي دي اف".
يقول ذو الفقار في حديث صحفي: "كل يوم تأخير يزيد مخاوفنا. كنا نتوقع أن نبدأ مع اللغة الانكليزية منذ اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، لكننا تأخرنا في المذاكرة بسبب عدم توفر المناهج، رغم ان هذه المادة الدراسية أساسية، يعتمد عليها المعدل لدخول المجموعة الطبية أو الهندسية".
المشهد يتكرر مع الطالب حيدر محمد، الذي يتساءل: "كيف لمادة أساسية مثل الإنكليزية يتم تأخير تجهيزها للطلبة رغم مرور أسبوعين على العام الدراسي؟".
الارتباك لم يثقل كاهل الطلبة وحدهم، بل انعكس على أسرهم أيضاً. إذ يقول عبد علي حسين، أحد أولياء الأمور، أن "وزارة التربية سحبت يدها من تجهيز المستلزمات الدراسية، من التبريد إلى السبورات وحتى المقاعد، والآن يضاف إلى ذلك عدم تجهيز المناهج الدراسية كاملة"، في إشارة إلى عبء مادي إضافي يتكبده الأهالي بعد الدورات الخصوصية التي دفعوا تكاليفها في العطلة الصيفية.
تحديث مفاجئ للمنهج
ما فاجأ طلبة السادس الإعدادي وأربكهم هذا العام، هو وجود تعديلات طارئة على منهج اللغة الانكليزية.
وعن ذلك يقول مدرس اللغة الإنكليزية ميثم الغزي أن "المدارس لم تتسلم سوى الوحدتين الأوليتين من المنهج الجديد بصيغة (PDF).
فقد زوّد الطلبة بهما مؤقتاً ليقوموا بطباعتهما بأنفسهم"، موضحاً في حديث صحفي أن "التعديل في منهج الانكليزية جاء بعد استهلاك بعض القطع والتمارين سنوياً، ما استدعى تحديثاً جزئياً للمحتوى".
هذه التغييرات المفاجئة سرعان ما وصلت إلى قبة البرلمان. حيث وجّه النائب حميد كاظم الزاملي كتاباً رسمياً إلى وزير التربية أعرب فيه عن استغرابه من تعديل مادة أساسية في بداية العام الدراسي، محذراً من أن "أغلب الطلبة استعدوا للمنهج القديم خلال العطلة الصيفية"، وداعياً إلى تأجيل تطبيق التعديلات إلى العام المقبل بعد استكمال النسخ المنقحة.
في المقابل، أوضح الناطق باسم الوزارة كريم السيد أن "التعديل شمل مادة الإنكليزية فقط. فيما خضعت بقية المواد إلى تنقيح وتصحيح بنسبة 30 في المائة، وأُضيفت مادة التربية الأخلاقية ومادة عن جرائم حزب البعث ضمن المناهج الدراسية".
وحسب مراقبين للشأن التعليمي، فإن أزمة الكتب سببها ضعف إدارة ملف الطباعة والتوزيع داخل وزارة التربية، فضلاً عن شبهات فساد مستمرة منذ سنوات، مشيرين في حديث صحفي إلى انه "رغم رصد مبالغ ضخمة مخصصة لطباعة المناهج وتجهيزها، إلا ان غياب الرقابة واستحواذ بعض المتنفذين على العقود، جعلت الكتب لا تصل في وقتها أو تصل بجودة متدنية".
وبين تطمينات الوزارة وانتقادات البرلمان وشكاوى أولياء الأمور، يبقى الطلبة الحلقة الأضعف، يواجهون عاما دراسيا مرتبكا منذ بدايته، محملا بالأسئلة والخوف من ضياع مزيد من الوقت قبل أن تستقر العملية التعليمية.
يوزعون الماء بشرط "التصوير"
مرشحون يستغلون عطش الناس انتخابيا!
متابعة – طريق الشعب
بينما جفّت مساحات واسعة من أهوار ميسان وأنهارها بفعل أزمة المياه العامة وعجز الحكومة عن إدارتها، لجأ بعض المرشحين في المحافظة إلى استغلال عطش الناس وسوء أوضاعهم في حملات دعائية رخيصة، مستخدمين صهاريج المياه كأداة للإرشاء الانتخابي!
وحسب ما نقلته صفحات على مواقع التواصل عن أحد المواطنين، فإن "أكثر من مرشح يقومون بهذا الفعل. حيث يشترون صهاريج ماء بمبالغ بسيطة لا تتجاوز 60 ألف دينار للصهريج الواحد، ويضعون عليها صورهم، ثم يشترطون على الناس أن يلتقطوا صوراً يشكرون فيها المرشح الفلاني مقابل حصولهم على الماء"، مبديا أسفه "لاستغلال حاجة العائلات التي ترى مواشيها تنفق أمام أعينها وهي لا حول لها ولا قوة". ويضيف المواطن قوله أن "بعض العائلات في القرى مضى عليها أكثر من ثلاثة شهور بلا ماء. فيما يخسر مربو الجاموس والحيوانات الأخرى، يوميا مواشيهم. وبدلاً من أن يسعى المرشح، الذي قد يكون من النواب، للمطالبة بحصة مائية عادلة، يكتفي بشراء صهريج والتقاط صور مع الأطفال والنساء وكأنه حقق إنجازا".
ويشير إلى ان "الكثيرين من الأهالي رفضوا هذا الأسلوب المهين. وقالوا: نريد ماءً لنعيش، لا صوراً دعائية. لكن البعض اضطر للقبول لأنه لا يملك خياراً آخر"!
السماوة
كلاب سائبة
تعترض طريق التلاميذ
متابعة – طريق الشعب
شكا عدد من أهالي "منطقة 36" في مدينة السماوة، من انتشار الكلاب السائبة في أزقتهم، مؤكدين في حديث صحفي أن أبناءهم التلاميذ باتوا يمتنعون عن الذهاب إلى مدارسهم، بسبب كلاب تعترض طريقهم وتهاجمهم.
وطالب الأهالي الجهات المعنية، بإيجاد حل عاجل لهذه المشكلة التي تهدد سلامة أبنائهم ومستقبلهم، داعين إلى مكافحة تلك الكلاب أو إنشاء محميات لإيوائها بدلا من إبقائها طليقة في الشوارع تُهاجم الناس.
أزمة مياه خانقة في الغراوية
الصويرة – محمد البياتي
تواجه منطقة الغراوية التابعة إلى قضاء الصويرة شمالي واسط، منذ منتصف العام الحالي، أزمة مياه خانقة انعكست بشكل مباشر على الزراعة والثروة الحيوانية.
وحسب مختار المنطقة ضاهد دبيس، فإن "الأراضي الزراعية في المنطقة، وهي ذات مساحة واسعة، لم يبق منها سوى دونمات قليلة تُزرع فعليًا"، مضيفا لـ"طريق الشعب" قوله ان "شح المياه ظهر بوضوح منذ منتصف العام الحالي، وأدى إلى تراجع الزراعة بنسبة تصل إلى 75 في المائة. وقد انعكست الأزمة سلبا على السكان".
وتابع القول أن "مشروع المطور العقاري في واسط، بات يهدد اراضينا الزراعية بعد أن حُجزت مساحات واسعة من قبل مستثمرين مستفيدين من المطور العقاري".
في السياق، أكد عدد من فلاحي الغراوية أن الدعم الحكومي معدوم، مشيرين إلى "أزمة العام الماضي عندما فسد محصول القمح نتيجة مد خط كهرباء الـ ٣٣ والعمل فيه وسط المحصول لينتهي إلى فساده".
وأوضحوا لـ"طريق الشعب" أن "الزراعة في العراق تسير بلا خطة حكومية، ليبقى الفلاح الذي يزرع على مسؤوليته بين مطرقة التاجر وسندان الدولة".
من جانبه، تحدث الفلاح ماجد حمزة البياتي عن لجوء الكثيرين من المزارعين إلى حفر الآبار لمواجهة نقص المياه، مستدركا "لكن هذا الأمر تسبب في مشكلات إضافية. فليس كل الآبار صالحة للري. قسم منها ماؤه مالح أضر بالمواشي، وتسبب في فقدان بصر بعضها".
ولفت إلى ان "كلفة حفر البئر الواحدة تصل إلى مليوني دينار، فيما تكون مياه بعض الآبار غير صالحة للزراعة بسبب احتوائها على مادة الكبريت".
جدير بالذكر ان استخراج المياه من الآبار يتطلب تشغيل مضخات تعمل على وقود الكاز. وتصل قيمة ما يستهلكه الفلاح يوميا من الكاز لتشغيل مضخته، نحو 20 ألف دينار. وهو مبلغ يتجاوز دخل أكثر العائلات الفلاحية.
ولا تتوقف معاناة أهالي الغراوية عند نقص مياه السقي. فالأمر تجاوز ذلك إلى مياه الشرب. إذ ذكر عدد منهم لـ"طريق الشعب" أن مياه الإسالة شبه معدومة، ومنذ شهور عدة لم تصل قطرة واحدة إلى الأنابيب، ما يضطرهم إلى جلب المياه من المدينة ونقلها إلى منطقتهم بواسطة صهاريج مقابل تكاليف باهظة.
وامتدت الأزمة إلى الثروة الحيوانية. فقد اضطر الفلاحون إلى بيع نحو ربع مواشيهم بسبب عدم توفر الماء والعلف، فيما يواجه المتبقي منها خطر النفوق بحلول نهاية العام الحالي، إذا استمرت الأزمة.
الفلاحون انتقدوا غياب الحلول الحكومية لأزمة المياه، مؤكدين أن انعدام الزراعة سببه الأساسي غياب الخطة الزراعية الوطنية. وأشار بعضهم إلى ضرورة أن يتعامل العراق دبلوماسيًا مع دول الجوار، من أجل نيل حقه المائي، مثلما فعلت مصر وإثيوبيا في أزمة سد النهضة، فضلًا عن ربط ملف المياه بالعلاقات التجارية مع تركيا وإيران، ما يشكل ورقة ضغط لحماية الأمن المائي للبلاد التي لها حق قانوني في نهري دجلة والفرات.
وأكد الفلاحون أنه في حال عدم وضع خطة زراعية ستستمر هجرة المزيد من الفلاحين الى المدينة، الأمر الذي يلحق ضررا بالغا بالزراعة الوطنية ويُفاقم البطالة.
اگول
أصحاب البسطات
وقوة العمل المعطّلة!
جبار الشامي
الشوارع والمساحات الفارغة هنا وهناك في احياء مدن العراق ليست جديدة. فقد ولدت مع عمر الدولة العراقية وقبلها بكل تأكيد يومَ كان الفقر ولا زال يفرض نفسهُ في المجتمع بقوة.
أصحاب البسطات، والتي نسميها شعبياً بـ "الچمبر"، هؤلاء الذين لا تتوفر احصائيات رسمية عنهم، هُم لرُبما بالملايين من الكسبة الفقراء الذين رمت بهم ظروف العراق القاهرة عبر كل العقود الى الشوارع، وبالكاد يحصل بعضهم على قوت يومه لكي يعيل عائلته.
ما نشاهده اليوم من حملات لإزالة البسطات في هذه المحافظة أو تلك، ليس وليد اليوم، بل كنا نشاهده ونحن صغار في الدراسة الابتدائية قبل اكثر من نصف قرن، يومَ كان رجال البلدية يجوبون الأسواق الشعبية و يهاجمون اصحاب البسطات في غفلةٍ منهم ويرمون اغراضهم في الشارع في مشاهد فوضى موجعة..!
نحن مع نظافة وتنظيم الشوارع والمدن، والتي تسعى إليها الجهات البلدية في المحافظات، لكن المشكلة هذه مركّبة و تدلُ على ان البطالة في البلد واسعة. وما ان يتم الحدّ من المشكلة بالقسر والقوة دون حلول ترضي البائعين والدولة، سرعان ما تعود ثانيةً وثالثة إلى الظهور مع بقاء ظروف البلاد ذاتها إن لم تكن تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
اصحاب البسطات هؤلاء هم جزء من العاطلين عن العمل، والدولة وحكوماتها عبر كل الأنظمة لم تستوعب هذه الأعداد الهائلة في مشاريع تنموية زراعية او خدمية على سبيل المثال أو في مشاريع الدولة ذاتها او مشاريع مختلطة مع القطاع الخاص او مشاريع القطاع الخاص نفسه، إلا في حدود معينة. وإن هؤلاء العاطلين عن العمل لم يأتوا بسبب الأتمتة التي ظهرت منذ عقود طوال في صناعات بلدان عديدة مع التطور العلمي التكنولوجي الصناعي، والتي تحل محل الأيادي العاملة في المصانع او المعامل. إذ ان العراق يفتقر بشكل كبير لهذه الآلية المتقدمة علمياً او للصناعات بمختلف درجاتها او أنواعها، كذلك لمشاريع زراعية واسعة. فكيف إذا دخلت هذه الاتمتة التي اصبحت جزءا من "قوة العمل" في الوقت الراهن والتي تفرض نفسها مع التقدم العلمي، إلى بلادنا؟
لا ننسى ان هؤلاء العاطلين الذين يفترشون الشوارع والذين بينهم قسم لا بأس به من خريجي الجامعات والمعاهد والمتسربين من الدراسة، يعتبرون في علم الاقتصاد جزءا من قوة العمل المعطلة التي يجب استثمارها في مشاريع عديدة بدلاً من هذه الحال المزرية التي تهدد معيشة ومستقبل الملايين، والتي يبدو ان الدولة عاجزة حتى الآن عن إيجاد حلول حتى آنية لها وسط الظروف السائدة في البلاد.
"لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته"
عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
مواساة
• ببالغ الحزن تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا نبأ رحيل شقيقة الرفيق العزيز طالب العواد (أبو سارة)، سعاد العواد، إثر أمراض اشتدت عليها في السنة الأخيرة.
كانت الفقيدة قد فصلت من عملها ككاتب عدل عام 1981، ولم تتم إعادتها الى الوظيفة، لأنها محسوبة على الحزب الشيوعي. كما تعرضت للاستدعاء الى الدوائر الامنية مرات عدة.
التعازي والمواساة القلبية إلى الرفيق والعائلة. لهم الصبر الجميل وللفقيدة الذكر العطر الدائم.
• تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط، أسرة وأقارب الشهيد الشيوعي عادل عويد، بوفاة الوالدة.
لها الذكر الطيب ولأسرتها الصبر والسلوان.
• تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كركوك الرفيق محمد حسين عطية (ابو رعد)، المناضل منذ خمسينيات القرن الماضي واحد سجناء "نكرة السلمان" و"حركة حسن سريع".
له الذكر الطيب ولأهله وذويه الصبر والسلوان.
ص6
نحو وقف شامل للعدوان وانسحاب كامل وكسر الحصار بشكل تام
قوى فلسطينية ودول عربية وأجنبية ومنظمات ترحّب بإعلان {حماس}
رام الله – وكالات
رحّبت قوى فلسطينية ودول عربية وأجنبية ومنظمات بإعلان "حماس" استعدادها لإطلاق سراح الأسرى بموجب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهادفة إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة.
توحيد الموقف الوطني الفلسطيني
وأكد حزب الشعب الفلسطيني أهمية الموقف الذي عبرت عنه حركة (حماس) في ردها على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة تجاه مطلب الوقف الفوري لحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا منذ نحو عامين في قطاع غزة.
وفي هذا الشأن، يدعو حزب الشعب مجدداَ، إلى ضرورة توحيد الموقف الوطني الفلسطيني على المستويات وفي الميادين كافة، وهو الأمر الذي يتطلب ودون إبطاء وعلى نحو عاجل، عقد لقاء وطني موسع للقوى السياسية الفلسطينية كافة، للتوافق على مضمون وطريقة مواجهة تبعات المرحلة الراهنة بصورة جماعية، والاستحقاقات الوطنية تجاه القضايا المصيرية وسبل حماية حقوقنا الوطنية وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومن أجل طيّ صفحة الانقسام الداخلي والارتقاء لمستوى تضحيات شعبنا الجسيمة، وللملمة ومعالجة جراحه وتوحيده وتعزيز صموده على أرضه.
مسار سياسي فلسطيني
فيما قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن رد حركة حماس على المقترح الأمريكي وطني ومسؤول ويفتح الطريق أمام إنهاء العدوان، والمهمّ الآن هو التزام الاحتلال بوقف العدوان وتنفيذ مراحل الاتفاق، بما يُمهّد لتهيئة الظروف نحو وقف شامل للعدوان وانسحاب كامل، وكسر الحصار بشكل تام، وصولاً إلى مسار سياسي فلسطيني واضح المعالم يحمي حقوق شعبنا.
واضافت الجبهة، "نحمل الإدارة الأمريكية كاملَ المسؤولية عن أية خروقات أو محاولات تعطيل يقوم بها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، لأن صمت واشنطن أو تراخِيها يُعدّ تغطيةً وتشجيعاً على الانتهاك".
مساعدات غير مشروطة
من جهتها، رحّبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالموقف المسؤول لحركة (حماس) من خطة ترامب، مؤكدة أنه "يلتقي مع موقف الجبهة الديمقراطية الذي أعلنت عنه بعد ساعات عن الكشف عن خطة الرئيس الأمريكي في 30 أيلول، أي الوقف الفوري لإطلاق النار، والانسحاب التام لقوات الاحتلال، وتبادل الأسرى، ومد القطاع بالمساعدات غير المشروطة، وتشكيل هيئة وطنية من أبناء القطاع تدير شؤونه، بما يضمن وحدة أراضي الدولة الفلسطينية ووحدة شعبنا وحقوقه وضمان مستقبله".
واعتبرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني رد حركة حماس على خطة الرئيس ترامب الذي عبرت عنه قيادتها، يتسم بالعقلانية والواقعية السياسية، ويعكس مسؤولية وطنية عالية وتوافقا مع العديد من التحفظات المشروعة والتي لا تختلف عن تحفظات القيادة الفلسطينية.
وأكدت الجبهة أولوية وقف الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، ووقف التهجير، ومنع الضم بالضفة الغربية، تتقدم كل الاعتبارات الأخرى.
اغتنام الفرصة
وفي السياق، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السبت، برد حركة "حماس" على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، وجدد الدعوة لوقف فوري ودائم لإطلاق النار بالقطاع.
وأعرب غوتيريش في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك عن "ترحيبه وتفاؤله إزاء البيان الصادر عن حركة حماس الذي أعلنت فيه استعدادها للإفراج عن الرهائن والانخراط على أساس الاقتراح الأخير المقدم من ترامب".
وحثّ الأمين العام للأمم المتحدة "جميع الأطراف على اغتنام الفرصة لإنهاء الصراع المأساوي في غزة"، معربا عن "شكره لقطر ومصر على عملهما المهم في الوساطة".
في متناول اليد
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الإفراج عن جميع الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة "في متناول اليد" بعد الرد الإيجابي من حماس على خطة السلام التي طرحها دونالد ترامب.
من جانبه، وصف رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، قبول حماس لخطة السلام الأميركية بأنها "خطوة مهمة إلى الأمام".
وشدد ستارمر على "الدعم القوي لجهود الرئيس ترامب التي جعلتنا أقرب للسلام أكثر من أي وقت مضى".
الدولة الفلسطينية
بدورها أعربت مصر عن تقديرها لبيان حماس الصادر ردا على خطة الرئيس الأميركي بشأن وقف حرب غزة.
وقالت الخارجية المصرية، ان بيان حماس الأخير يمثل فرصة لإحياء عملية السلام وإنهاء عقود من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدة ضرورة إنهاء حرب غزة بما يفتح الطريق أمام تحقيق السلام وتجسيد الدولة الفلسطينية.
ورحّبت قطر، الجمعة، بإعلان حركة "حماس" موافقتها على مقترح ترامب للسلام في غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في منشور على "إكس": ترحب دولة قطر بإعلان حركة حماس موافقتها على مقترح الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، واستعدادها لإطلاق سراح جميع الرهائن، ضمن صيغة التبادل الواردة في المقترح.
هيئة فلسطينية من المستقلين
ومساء الجمعة، قالت حماس، في بيان، إنها سلمت ردها على خطة ترامب بشأن غزة للوسطاء، معلنة موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات.
كما جدّدت حماس موافقتها على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناء على التوافق الوطني الفلسطيني، واستنادا للدعم العربي والإسلامي.
لكنها أكدت أن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب تناقش في إطار فلسطيني.
وفي تعليقه على رد حماس، قال ترامب، في منشور على حسابه بمنصته "تروث سوشيال": "بناء على البيان الصادر عن حماس، أعتقد أنهم مستعدون لسلام دائم".
وأضاف انه "على إسرائيل أن توقف قصف غزة فورا، حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان وسرعة، وفي الوقت الحالي، من الخطير جدا القيام بذلك".
وتابع ترامب "نحن نناقش بالفعل تفاصيل يجب الاتفاق عليها، الأمر لا يتعلق بغزة فحسب، بل يتعلق بالسلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط".
شكوك الإقصاء السياسي
تهيمن على أول انتخابات في سوريا
دمشق - وكالات
تشهد سوريا اليوم الأحد تصويتا غير مباشر لتأسيس أول برلمان لها منذ الإطاحة ببشار الأسد، وهي خطوة رئيسية في عملية الانتقال من حكمه لكنها أثارت مخاوف بشأن الإقصاء السياسي في ظل القيادة الجديدة للبلاد.
ويعقد التصويت في وقت يحاول فيه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع تعزيز قبضته على دولة مزقتها حرب دامت 14 عاما، وشهدت موجات عنف طائفي في الآونة الأخيرة وهو ما أثار شكوك الأقليات حول الحكومة التي يقودها الإسلاميون. وهاجم منتقدون خطوات التصويت الجزئي وغير المباشر، مؤكدين انه لا يمثل كل الشعب فضلا عن إدارة العملية بشكل مركزي للغاية.
فمدينة دير الزور الشرقية مثال صارخ على ذلك إذ يقسمها نهر الفرات إلى جزءين: النصف الغربي الذي تسيطر عليه الحكومة حيث سيجرى التصويت والنصف الشرقي الذي يسيطر عليه الأكراد حيث لن تعقد الانتخابات.
ويقول المنتقدون إن هذه العملية تفتقر أيضا لمشاركة المرأة والأقليات الدينية والعرقية.
تونس.. حكم إعدام بسبب {منشور} ينتقد الرئيس سعيّد
تونس – وكالات
في حكم أثار انتقادات واسعة وفي عقوبة مشددة غير مسبوقة في مجال حرية التعبير عبر الإنترنت في تونس، حكمت محكمة تونسية بالإعدام على مواطن نشر تدوينة على موقع فيسبوك، بتهمة "نشر أخبار غير صحيحة واستهداف الرئيس"، بحسب محامين.
وقال رئيس رابطة حقوق الإنسان ومحام إن قاضيا تونسيا أصدر حكما بالإعدام بحق رجل لإدانته بتهمتين هما إهانة الرئيس والاعتداء على أمن الدولة بسبب منشورات على فيسبوك، في حكم أثار انتقادات واسعة.
ويمثل هذا الحكم عقوبة غير مسبوقة ومشددة في مجال حرية التعبير عبر الإنترنت في تونس، التي تواجه السلطات فيها اتهامات من منظمات حقوقية بالسعي لوأد حرية التعبير منذ أن سيطر الرئيس قيس سعيد على معظم السلطات في 2021.
ونقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن مصدر بفرع هيئة المحامين في ولاية نابل، صدور حكم الإعدام في حق شخص بتهم تتعلق بـ"نشر أخبار زائفة تستهدف موظفا عموميا وإتيان أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة".
دعوات إلى تظاهرات جديدة
وإقالة الحكومة المغربية
الدار البيضاء - وكالات
دعت حركة "جيل زد 212" في المغرب، إلى التظاهر لليوم السابع تواليا في مدن عدة، احتجاجا على ما تقول إنه تردي الخدمات الصحية والتعليمية.
ونشرت الحركة التي لا تعلن هوية القائمين عليها، على موقع ديسكورد في الإنترنت دعوة للتظاهر في 14 مدينة، "في إطار منظم ومحدد".
وشددت الحركة الجمعة على الالتزام "بالأماكن المعلنة" و"التحلي بالانضباط والمسؤولية حفاظا على سلمية تحركاتنا". كما دعت المشاركين إلى ارتداء ملابس سوداء "حدادا على المصابين والأموات"، خلال أعمال العنف. وليل الخميس الجمعة قالت الحركة في بيان موجه إلى الملك محمد السادس "نطالب بإقالة الحكومة الحالية لفشلها في حماية الحقوق الدستورية للمغاربة والاستجابة لمطالبهم الاجتماعية".
وطالبت الحركة الشبابية "جيل زد 212" مساء الخميس بإقالة الحكومة، بعد ليلة سادسة على التوالي من التظاهرات التي شابها العنف احتجاجا على ما قالت إنه تردي الخدمات الصحية والتعليمية.
لكنها عادت ظهر الجمعة لتوضح أنها ستنشر لاحقا "صيغة رسمية" نهائية لمطالبها. وكانت الحكومة أكدت الخميس استعدادها للحوار مع الحركة، ونقل النقاش من العالم الافتراضي الى حوار داخل المؤسسات.
في الجمعية العامة.. أمريكا اللاتينية تدعو إلى السلام وتدين الإبادة الجماعية
رشيد غويلب
خلال جلسات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، اتخذت حكومات البرازيل وكوبا وفنزويلا وبوليفيا وكولومبيا والمكسيك وتشيلي، ودول أمريكا اللاتينية الأخرى، مواقف واضحة بشأن النزاعات الدولية والهجرة والتعاون الإقليمي. وركزت المناقشات على التدخل العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي، و"الإبادة الجماعية" في غزة، والنقاش حول الإصلاحات المتعددة.
غياب فلسطيني
وأوضح الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أن ديمقراطية بلاده وسيادتها غير قابلتين للتفاوض. ودان الإجراءات الانتقامية الأمريكية ضد البرازيل ووصفها بأنها غير قانونية، لا سيما فرض رسوم كمركية بنسبة 50 في المائة عقب محاكمة الرئيس السابق جايير بولسونارو بتهمة محاولة الانقلاب على الديمقراطية. كما انتقد لولا غياب الوفد الفلسطيني، الذي ألغت واشنطن تأشيراته، وأعلن أن "لا شيء يبرر الإبادة الجماعية الحالية في قطاع غزة". كما دعا إلى رفع اسم كوبا من القائمة الأمريكية "للدول الداعمة للإرهاب"، وإلى الحوار مع فنزويلا، ارتباطا الوجود العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي.
وأكد وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز باريلا، التضامن الدولي التاريخي مع الشعوب في جميع أنحاء العالم في أوقات الصراع والأزمات الصحية والمقاومة ضد الاستعمار، وأعرب عن أسفه للعقوبات الأمريكية المستمرة منذ عقود ضد بلاده.
وشكر وزير الخارجية الفنزويلي إيفان غيل، منظمة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) ومجموعة بريكس والشركاء الدوليين الآخرين على تضامنهم. ودان التهديد العسكري الأمريكي قبالة السواحل الفنزويلية ووصفه بأنه "غير قانوني وغير أخلاقي"، مؤكدًا على الحق في الدفاع عن النفس، ومذكرًا بالعقوبات المفروضة على فنزويلا.
وجدد تطلعات فنزويلا إلى السلام وتقرير المصير، وأعرب عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، ودعا إلى رفع العقوبات المفروضة على كوبا ونيكاراغوا وبيلاروسيا وكوريا الشمالية وإيران، ودول أخرى.
وانتقد الرئيس البوليفي المنتهية ولايته لويس آرسي الوجود البحري الأمريكي المتزايد في منطقة البحر الكاريبي والعقوبات الأحادية الجانب المفروضة على كوبا وفنزويلا وإيران. ووصف هذه الإجراءات بأنها شكل جديد من الاستعمار يهدد السلام والاستقرار العالميين، وحذّر من حرب عالمية ثالثة و"تهديد بالموت" لأمريكا اللاتينية بسبب سيطرة واشنطن على الموارد الاستراتيجية.
ودعا آرسي إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي للحد من حق النقض (الفيتو)، ودعا أيضا إلى إصدار الجمعية العامة قرارات ملزمة. كما اقترح إنشاء لجنة تعويضات دولية لسداد الديون التاريخية الناجمة عن الاستعمار والعبودية والفصل العنصري والإبادة الجماعية.
وأكد آرسي حق بوليفيا في الوصول السيادي إلى المحيط الهادي.
فيما نوّه وزير خارجية المكسيك، خوان رامون دي لا فوينتي راميريز، في إشارة إلى الرئيسة كلوديا شينباوم، بالدور القيادي للمرأة، وذكّر بنجاحات "التحول الرابع" وتحرير ملايين البشر من براثن الفقر. وعارض تجريم المهاجرين، وأكد على السيادة الوطنية والقانون الدولي كأساس للسلام.
كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وأوكرانيا ومناطق الصراع الأخرى. ورفض العقوبات والحصار التجاري، وخصوصاً ضد كوبا.
وشدد الرئيس التشيلي غابرييل بوريك على أهمية التعددية، ودعا إلى حلول قانونية بدلًا من القوة العسكرية. وسلط الضوء على الأمم المتحدة باعتبارها إرثًا من الحرب العالمية الثانية، ودعا بإلحاح إلى تجديدها لضمان السلام والحرية والعدالة في جميع أنحاء العالم.
خطاب استثنائي
للرئيس الكولومبي
دان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو "الإبادة الجماعية" في غزة، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري. ودعا إلى تشكيل قوة عسكرية دولية، مجادلاً بفشل الدبلوماسية في حل الصراع في غزة. وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي، انتقد بيترو عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء كأداة لتعزيز الهيمنة والنفوذ الأمريكي.
من جانبها، ألغت الحكومة الأمريكية تأشيرة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو. ونقلت عدة وسائل إعلام عن وزارة الخارجية الأمريكية قولها إن بيترو نفسه أكد في بوغوتا أنه لم يعد يحمل التأشيرة، واتهم الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي.
ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، اتُخذت هذه الخطوة ردًا على مشاركته في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك، حيث دعا الجنود الأمريكيين إلى "تحدي أوامر ترامب". وطالبهم بـ "عصيان أوامر ترامب. احترموا أوامر الإنسانية".
وبررت وزارة الخارجية الأمريكية إلغاء التأشيرة بتصريحات بيترو بأنها "سلوك متهور ومثير للجدل".
وكان بيترو نفسه قد ردّ بشكل على القرار، متهمًا الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي وتقويض الحصانة الدبلوماسية لرؤساء الدول خلال زياراتهم للأمم المتحدة. ومع ذلك، أكد أنه لا يحتاج إلى التأشيرة لأنه يحمل الجنسيتين الكولومبية والأوروبية.
حكومات يمينية
ودافعت رئيسة بيرو، اليمينية دينا بولوارت، عن استقرار حكومتها ودور الشرطة والقوات المسلحة في قمع الاحتجاجات في بلادها. في الوقت نفسه، احتجّ المتظاهرون ضدها أمام مقر الأمم المتحدة، واصفين إياها بـ"القاتلة"، مطالبين بالإفراج عن الرئيس السابق بيدرو كاستيلو، المحتجز احتياطيًا منذ كانون الأول 2022.
وأشاد الرئيس الأرجنتيني الفاشي خافيير ميلي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسياسته التجارية، والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط إدانة عالمية للإبادة الجماعية في قطاع غزة. وبذلك، أظهر ميلي تحالفه الدولي مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي خطابه، لم يعلق على الإبادة الجماعية في غزة، بل دعا إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
ص7
نوري روفائيل مناضل اسطوري خلدته إسبانيا
أعداد: محـمد الـكحط
أزيح الستار يوم السبت 20 أيلول 2025 في إسبانيا عن لوح تذكاري يخلد المناضل الأممي العراقي الأصل نوري روفائيل، الذي تطوع في لواء أبراهام لينكولن في الحرب الأهلية الإسبانية، حضر تلك المراسيم عدد من الجمعيات الإسبانية والمؤرخين هناك إلى جانب الدكتور موفق داود وعائلته والذي سعي لجمع سيرة نوري روفائيل النضالية في السنوات العشر الأخيرة إلى جانب باقي المتطوعين من الدول العربية الذين بلغ عددهم حوالي 800 من مجموع 45000 متطوع من حوالي 50 دولة آنذاك.
كان نوري المتطوع الوحيد الذي قدم مباشرةً من العراق إلى إسبانيا قبل 87 عاما، وهذا اللوح التذكاري هو الوحيد والأول الذي يخلد اليوم متطوعا عربيا.
تخللت الاحتفالات مساء ذلك اليوم ندوة وعرض أعمال عشرة فنانين استلهموا وكرموا المتطوع نوري روفائيل في الحرب الأهلية الإسبانية وشعروا بارتباط قوي بوطنهم ونضال شعبهم وشعب إسبانيا وكتالونيا. لذلك أبدعوا هذه الأعمال الفنية تخليدًا لذكرى نوري رفائيل والمتطوعين المناهضين للفاشية، ومن الفنانين المذكورين، جودت حسيب، منير حنون، صادق طعمة، وائل المرعب، سعد علي، سعد كاظم، سلام الشيخ، عماد المندلاوي، وعماد المولي. ولابد من تقديم الشكر إلى طلال جموعة وناشئة كوتاني ود. مونا حنا وحسان عاكف وزهير الجزائري وسلم علي وآخرين من مجلس السلم والتضامن العراقي وجمعيات وكوادر اسبانية للاستشارات.
وفي كلمة مؤثرة خلال إزاحة الستار من قبل الدكتور موفق داود والتي تناولت ضمنا بعضا من سيرة المناضل نوري الذاتية جاء مايلي: ((...أيها الأصدقاء والرفاق والضيوف الكرام، نجتمع اليوم لنحفر اسمًا في الذاكرة، ستبقى هذه اللوحة شعلةً تُخلّد تضحية رجلٍ اختار أن يكون في طليعة المدافعين عن الإنسانية والديمقراطية، مُلهمًا الآخرين في هذا الوقت العصيب. نوري رفائيل هو أبن بغداد، متطوع، مُقاتل على خط المواجهة في الحرب ضد الفاشية. من ضفاف نخيل دجلة إلى بساتين الزيتون في نهر إيبرو في كتالونيا. من أرضٍ تحت الاحتلال البريطاني إلى بلدٍ يُحارب القوى الفرانكونية الظلامية. عندما وُجّه النداء عام ١٩٣٧ للدفاع عن الجمهورية الاسبانية، لم يسأل هذا العراقي: "لماذا أذهب هناك بعيدا عن العراق؟".
كان نوري روفائيل من بين العديد من المتطوعين العرب الذين عبروا القارات للانضمام إلى الألوية الأممية، لكنه كان الوحيد الذي جاء مُباشرةً من العراق. بالنسبة لهم، كان انتصار الجمهوريين في إسبانيا يعني إنهاء الاستعمار في العالم العربي على المدى البعيد، وبداية تحررهم. كان نوري رفائيل أحد رواد الفكر الطليعي النخبوي في العراق، تميزت مسيرته المهنية بالنضال المتواصل منذ منتصف عشرينيات القرن الماضي، درس في الجامعة الأمريكية في بيروت ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية. بعد عودته إلى العراق، ترك بصمات مؤثرة على الحركة السياسية العراقية خلال فترة الانتداب البريطاني. كان أحد مؤسسي "لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار" في العراق، في 31 مارس 1934، وهي المنظمة التي أصبحت فيما بعد الحزب الشيوعي العراقي
في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني عام ١٩٣٧، غادر العراق بعد اعتقال معظم الكوادر التقدمية. كان في جبهة أبرو، التي خاضت بلا شك أشرس المعارك وأكثرها دموية في الحرب الأهلية بأكملها. كان نوري في الجبهة من فبراير/شباط إلى ديسمبر/كانون الأول عام ١٩٣٨. كان هنا طوال الـ ١١٥ يومًا القاسية.
كتب في ملفه: "جئتُ إلى إسبانيا لمُحاربة الفاشيين الذين سعوا لتدمير الجمهورية الإسبانية." "أدركتُ كم من الناس يستطيعون القتال والتضحية من أجل حريتهم واستقلالهم."
نعم... إنه أحد أبطال الألوية الأممية، لقد وهب نفسه لإسبانيا دون قيد أو شرط.
كما قالت دولوريس إيباروري، لقد ضحى المتطوعون بعلمهم وخبرتهم؛ بدمائهم وحياتهم؛ بآمالهم وتطلعاتهم - ولم يطلبوا منا شيئًا..... يا أمهات! يا نساء! عندما تمر السنين وتُبلى جراح الحرب؛ عندما تتلاشى ذكرى الأيام الحزينة والدموية في هبة الحرية والسلام والرفاهية؛ عندما يتلاشى الحقد ويشعر جميع الإسبان بالفخر بوطن حر، تحدثوا إلى أطفالكم. أخبروهم عن رجال الألوية الأممية هؤلاء، قد يكون هذا أول نصب تذكاري لمتطوع من الدول العربية في إسبانيا... تحية للعديد من الأبطال ...))
يقول د. موفق داود انه تم جمع المعلومات، ودراستها ومراجعة الملفات والكتب وتم الاتصال بالأكاديمية الإسبانية، وتم تصميم النصب وأخذ الموافقات من الجهات الرسمية الكتالونية في إسبانيا لنصب هذه الجدارية في أعلى تل من جبال باندولس في موقع نصب السلام. COTA 705 SERRA DE PÀNDOLS-MONUMENTO A LA PAZ
وتم تثبيت هذا النصب ليعبر عن القوة الدافعة للتضحية والدفاع عن القيم الإنسانية والديمقراطية، وما تمتع بهِ المناضل نوري من روح أممية مما يعطي الإلهام للآخرين، لذا فاليوم يسجل التأريخ أحد المواقف البطولية والتضامنية الأممية، لهذا المناضل الأممي الذي تطوع في الدفاع عن الجمهورية الإسبانية التي قامت ما بين الاعوام (١٩٣٦ ١٩٣٨). تطوع مع الآلاف من الأمميين والوطنيين ضد التمرد والانقلاب الدموي الذي قاده الجنرال (فرانكو) وبتدخل موسوليني، لم يهن عليه أن يرى إسبانيا تغرق بالدماء، وتجهض الجمهورية.
ولد نوري روفائيل عام ١٩٠٥ في بغداد، وبعد ان أنهى الابتدائية والمتوسطة سافر إلى بيروت عام ١٩٢٣ والتحق بالجامعة الامريكية هناك، وعاد إلى العراق حاملا شهادة في هندسة الطرق والجسور، عمل استاذا لمادة الرياضيات في إحدى الثانويات بين الاعوام١٩٣٠ـ ١٩٣١، ثم التحق بأحدى الجامعات الامريكية في مجال الهندسة في ولاية ماساتشوستس عام١٩٣٣، عاد إلى العراق والتحق بجماعة (الأهالي) التي كانت حديثة التشكيل، عمل مهندسا مساعدا في مديرية المساحة والطرق، وفي آذار 1934م أسس مع (عاصم فليح وجميل توما، ويوسف اسماعيل) الحزب الشيوعي العراقي، ولكن انفرط عقد هذه المجموعة بعد اعتقال عاصم فليح، وكما هو معلوم ان تلك الفترة شهدت العديد من الإرهاصات الفكرية والسياسية في العراق.
تعرض للاعتقال والسجن في الفترة (٢٩ تشرين الثاني - ١٧ نيسان ١٩٣٧)، وغادر العراق بعد إطلاق سراحه بفترة وجيزة متوجها إلى فرنسا لشعوره بالخطر من الاعتقال إثر الفوضى التي تلت اغتيال بكر صدقي، وغادرها إلى إسبانيا ملتحقا بقوافل المتطوعين عن الجمهورية الثانية، وانضم إلى (كتيبة ابراهام لنكولن الأممية) التي كان معظمها من الأمريكان، وتطوع هناك كجندي ثم عريف ورقي إلى رقيب. وأهم مشاركاته كانت في المعارك البطولية في (غندسيا آبرو على الحدود مع كتالونيا)، غادر إسبانيا مشيا على الأقدام بعد انهيار مقاومة الجمهوريين، واعتقل في الحدود الفرنسية الإسبانية، وحاول الفرار ثلاث مرات لكنه نجح في المرة الرابعة، وتشاء الصدف ان يصحبه زميله (يوسف اسماعيل) إلى باريس، وبعد فترة زار السفارة العراقية وهناك التقى زميل دراسته قنصل العراق (علي حيدر سليمان) الذي أصدر له جواز سفر مؤقت وأعطاه بعض المال لتأمين عودته إلى العراق.
وفي العراق من جديد قام بالعديد من المهام النضالية، وتعرض للاعتقال في عدة سجون، حيث اعتكف عن العمل السياسي ومارس التجارة حتى قيام ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨، وعين مديرا للسكك الحديدية، كان ناشطا في حركة أنصار السلام، ومرة أخرى تعرض للاعتقال عقب حركة الشواف عام ١٩٥٩، ولجأ إلى الاختفاء لعدة سنوات إثر انقلاب شباط ١٩٦٣، خرج من جديد عام ١٩٦٨ لكنه كان متعبا، فلم يمارس اي نشاط سياسي حتى رحيله عام ١٩٨٥.
وعشية الذكرى الثمانين لسقوط الجمهورية الاسبانية، تعود ذكرى نوري روفائيل إلى الحياة مرة اخرى في إسبانيا، حيث قام فريق أممي بالأبحاث العديدة لجمع معلومات وافية عن جميع المناضلين الأمميين الذين ساهموا في النضال ضد الفاشية، فتصدرت صورهما مع نبذة عنهما وعن مآثرهما البطولية في فريق المتطوعين الاجانب، بالإضافة إلى الكثير من الكتابات التي نشرتها صحف اليسار والمحاربين القدماء وأنصار الجمهورية عنهم.
فتيحة لهؤلاء الأوفياء الذين لم ينسوا المناضلين الأمميين، وألف تحية لروح المناضل الأممي العراقي نوري روفائيل.
ـــــــــــــــــــــــ
- دولوريس إيباروري (بالإسبانية: María de los Dolores Ibárruri y Gómez) دولوريس إيباروري وتسمى أيضا لاباسيوناريا هي مناضلة شيوعية إسبانية ولدت في الباسك من أسرة فقيرة يعمل أعضاؤها في المناجم. انضمت عام 1917 إلى الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، ثم ما لبثت أن التحقت في 1921 بالحزب الشيوعي الإسباني الذي أسسه عمال ثوريون تأثروا إلى حد كبير بتجربة الحزب الشيوعي السوفييتي. وفي سنة 1925 بدأت تكتب في الجرائد العمالية المحلية، وتوقع باسم «لاباسيوناريا». أصبحت في العام 1931 عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الإسباني. سجنت ثلاث مرات بين 1932 و1936 وقاست عذاب الجوع والحرمان والنفي.
قَرَني جميل (1954–2025): حين يصبح الفن امتداداً للنضال
أسامة عبد الكريم
لم يكن قرني جميل فناناً بالمعنى التقليدي للكلمة، بل كان حاملًا لوعي طبقي حاد، يتقاطع فيه اللون مع الكلمة، واللوحة مع الصفحة المطبوعة، والجمال مع الالتزام السياسي. في كل مرحلة من حياته، ظل وفياً لهذا الانتماء، الذي لا يُختصر في الشعارات، بل يجسّد في الممارسة اليومية: في القاعات الصغيرة، في الورش، في مطابع الحزب، وفي محادثات بسيطة داخل مقهى أربيل.
كان لقائي الأول به عام 1976، في معرضه الشخصي الأول داخل قاعة اتحاد المثقفين الأكراد في الوزيرية، بغداد. لم يكن المعرض حدثاً فنياً فقط، بل مناسبة سياسية أيضاً، حيث كانت اللوحات تُقرأ كبيانات لونية عن واقع الإنسان الكادح في كوردستان. كانت أعماله آنذاك متأثرة بمحمود صبري، لا من حيث الشكل فقط، بل في العمق الجدلي الذي يربط الفن بالصراع الطبقي، ويعيد تعريف الجمال باعتباره انعكاساً لحياة الناس.
في العام التالي، التقيته مجدداً، هذه المرة داخل مطبعة الحزب، يعمل على تصميم ملحق بيري نوي – الفكر الجديد باللغة الكردية – وقد انهمك في النقاش حول أهمية الرسوم في الصحافة التقدمية، وكيف يجب أن تكون الصورة محفّزاً على الوعي، لا مجرد زينة هامشية. لم يكن حديثه تنظيرياً، بل نابضاً بالشغف، ومشبعاً بالإيمان بأن الفن أداة تغيير. خلال وجبة غداء مشتركة، صار الحديث عن قاعات العرض، وكان يتحدث بحماسة عن إنشاء فضاء فني حر في أربيل، يجمع الفنانين والكتّاب الملتزمين بقضايا الناس.
رحل بعدها إلى موسكو للدراسة، ثم إلى فلورنسا، فبرشلونة، وهولندا، قبل أن يعود إلى مدينته أربيل، التي لم تفارقه في أي محطة من محطات الاغتراب. " تعبت… لا أدري أين سيأخذني الدهر، لكنني أريد أن أعود إلى كوردستان"، قالها بنبرة شجن، في إحدى لقاءاتنا الأخيرة داخل مقهى أربيل، قبل أن نمشي معاً نحو اتحاد الأدباء الأكراد. لم يكن كثير الكلام، لكنه حين يتحدث عن كوردستان، تتحوّل ملامحه إلى خريطة من الضوء والظلال. قرني جميل هو أحد أولئك الفنانين الذين لم تنل منهم التحولات، ولا أفسدتهم أسواق الفن ولا الموجات العارضة. ظل يرسم الأرض وكأنها أمّه، يتلمس قشرتها بطبقات من الأكريليك، يزرع فيها البذور والبراغي والرماد، لا ليفسّرها، بل ليعيد بناءها. حتى في أعماله الأخيرة، كانت الألوان تتسلل بين شقوق الطلاء كأنها تستعيد تضاريس حلبجه أو بقايا نداء في نشرة حزبية منسية.
كان قرني ملتزماً، لا كصفة بل كمنهج حياة. التزامه لم يكن صاخباً، بل متجذراً في هدوئه، في تلك الطريقة التي يرسم بها كأنّه يزرع، ويصمت كأنه يستمع لما لم يُقال بعد. لم يغادر انحيازه للكادحين، ولم يتخل عن إيمانه بأن الفن يمكن أن يكون سلاحاً فأصدر مجلة تشكيلية وهو فخور بها بإعدادها الاخيرة، لا في وجه الجمال، بل في وجه الظلم.
برحيله، خسرنا فناناً نادراً، جعل من حياته مرآة لفكر، ومن فنه نفقاً نحو الحلم. لكنّ صوته لا يزال حاضراً، في اللوحات، في الملحقات التي صمّمها، في قصاصات الجريدة المطبوعة بفجرٍ ثوري، وفي عيون من مرّوا من تحت سماء أربيل ورفعوا رؤوسهم نحو الضوء، ورأوه هناك، يرسم كما لو كان يصلي…مدينتك اربيل ما زالت حزينة برحيلك.
رحل الجميل جمال
يوسف أبو الفوز
تقاسمنا مقاعد الدراسة في مدرسة المأمون الابتدائية، وشهد طين شوارع وأزقة السماوة شقاوة طفولتنا. كانت أجواء مدينتنا الغالية السماوة تمنحنا، نحن الصبية، إمكانية أن نكون أكثر من زملاء دراسة وأصدقاء طفولة، فعوائلنا كانت متحابة وعلاقاتها متشابكة. قضيت طفولتي في بيت جدي لأمي (حلو بايش ليلو)، وترعرعت في (عگد اليهود) ـ عگد = زقاق ـ، وكان مدخل العگد يبدأ مباشرة من (سوق السماوة المسقوف) الشهير، وبالضبط مقابل دكان بيع القرطاسية واللوازم المدرسية، لصاحبه السيد عبد العزيز حمود السماوي، والد صديقي جمال، فكان مقراً للقاءاتنا و"قاعدة خلفية" للهرب والاختباء بعد ملل وتعب أهل السوق من عبثنا الطفولي.
في المدرسة الابتدائية، لطالما استفزني الطلبة المتنمرون مع جمال، الطالب الهادئ بطبعه والمسالم. كان جمال وسيماً ونظيفاً دائماً وذكياً، فكان ذلك كما يبدو يثير البعض ويدفعهم للتنمر، وكنت كصديق وزميل نتقاسم مقعداً دراسياً واحداً، دائم العراك مع المتنمرين دفاعاً عنه، فكان البعض يلمح بخباثة إلى أن ذلك بسبب كون جمال يتقاسم معي دوماً ما يشتري من الحانوت، فانحداره من عائلة موسرة يجعله زبوناً دائماً لحانوت المدرسة!
وافترقنا بعد انتقالي للدراسة الجامعية في البصرة، والتحاق جمال لدراسة الموسيقى في بغداد، ولم ينقطع التواصل بيننا.
وأذكر في يوم حفل عقد قران أخي الراحل هاشم علي هداد (1953ــ 2021)، في منطقة العطيفية في بغداد، في 1978 ـ على ما أذكر ـ فاجأنا الجميل جمال بالمجيء إلى الحفل وبصحبته كوكبة من الطلبة الموسيقيين والفنانين من طلاب الأكاديمية والمعهد، منهم صديقنا الفنان قحطان العطار، الذي سبق وزارنا في بيتنا إلى السماوة، والصديق المسرحي عثمان فارس (مقيم حالياً في السويد)، وبعض الأسماء التي أصبحت لها شأن في المسرح والغناء والسينما، ويومها إذ حضر أيضاً صديقنا الفنان الراحل فؤاد سالم، فتحول الحفل، بكل هذا الحضور، إلى شيء مدهش، إذ ازدحمت حديقة البيت بالناس، في احتفالية لم نخطط لها وكان جمال في القلب منها، وراح العديد من الناس يدبكون مع أغانٍ لم يسمعوها من قبل، مثل (اليمشي بدربنه شيشوف يا أبو علي)، و(عمي يا أبو الجاكوج) وغيرها.
وأثر اضطراري لترك العراق صيف عام 1979، إثر تصاعد القمع البعثي العفلقي البوليسي، انقطع التواصل بيننا، وبعد سقوط النظام العفلقي الفاشي، وفي أول زيارة لي إلى بغداد، التقينا، بدون موعد، في مقر الحزب الشيوعي العراقي، في الأندلس، ومن يومها لم تتوقف بيننا اللقاءات والمكالمات الهاتفية. أحزنني في السنوات الأخيرة جداً تدهور أحواله الصحية، وكثرة معاناته من هذا الجانب، وكان يكابر دون شكوى، ويواصل حياته بشكل يثير الاعتزاز، فكنت أتواصل مع شقيقه الصديق سامي للاطمئنان عليه، إذ كنت أتهرب من سؤاله عن التفاصيل في لقاءاتنا مخافة إثارة مواجعه، وأنا أراه يعاني من ذلك كثيراً.
الأيام الأخيرة، مع دخوله المستشفى، كنت على تواصل مع أفراد من العائلة لمتابعة أحواله، ولم أتفاجأ بنشر خبر رحيله، ولكن حين أكد لي العزيز سامي ذلك شعرت بأن شيئاً ثلم من قلبي.
إننا نفقد أحبابنا فرداً فرداً. إن شواهد طفولتنا وصبانا تختفي، ولم يبقَ لنا سوى الألم والذكريات.
ارقد بسلام عزيزي جمال، فأوتار موسيقاك ستظل تصدح وتغرد باسمك لأنك أحببت الناس والموسيقى والحياة.
العزاء الحار لنا ولعائلته ومحبيه.
بطاقة شخصية
الاسم: جمال عبد العزيز حمود السماوي
مواليد: مدينة السماوة 1956
الدراسة: معهد الفنون الجميلة 1974
التخصص: العزف على آلة القانون
شيء عن سيرته الموسيقية: رافق بالعزف أهم المطربين العراقيين مثل فؤاد سالم، ياس خضر، سعدون جابر وحسين نعمة وغيرهم. ساهم وأسس في أكثر من فرقة موسيقية، من آخرها (الأوركسترا الشرقية) التي ضمت حوالي أربعين عازفاً. ألف الموسيقى التصويرية لفيلم (روح السماوة) للمخرج هادي ماهود.
ص8
لماذا هاجمت كييف بولندا بالطائرات المسيرة ؟
د. دكران يوسف
أثار حادث الطائرات المسيرة فوق بولندا، في ليلة العاشر من أيلول الحالي، صدى دوليا واسعا. فبينما اتهمت كييف كعادتها روسيا على الفور، ووصفت وارشو الحادث بانه "استفزاز وتصعيد من جانب روسيا"، يرى الخبراء ان الحادث سلسلة من لعبة كبيرة، قد تتورط فيها بلدان أوروبية اخرى، هدفها جر دول الناتو الى مواجهة مباشرة مع روسيا.
وأصبح الحادث سببا آخر لتفاقم الوضع الدولي المتوتر أصلا. وكان رد فعل ألأطراف المستفزة فوريا ومتوقعا ودعت الى تشديد العقوبات على روسيا. الا أن المسؤولين العسكريين البيلاروسيين قدموا توضيحات تشير الى وصول الطائرات المسيرة من الجانب ألأوكراني.
ويقوم مفهوم الصراع ألأوكراني برمته على ضرورة استنزاف روسيا قبل أي صدام مباشر مع قوات الناتو، لكنهم أدركوا تماما انه في حال وقوع اي مواجهة مباشرة مع روسيا، فلن تكون لديهم أية فرصة للفوز، ولذلك وافقوا على تامين ضمانات أمنية لأوكرانيا.
لذا فان الاستفزاز بالطائرات المسيرة محاولة يائسة من كييف لخلق ذريعة رسمية لدخول الناتو في صراع مباشر مع موسكو. ولا شك في أن اتهامات كييف الفورية والباطلة لروسيا، في غياب تام للأدلة، تؤكد هذه الافتراضات.
ويبدو أن وارشو لم تنجر فورا الى هذا الاستفزاز، بل ارتأت اتخاذ موقف حذر. فرغم تصريحاتها الحادة، لم تقدم بولندا اي دليل على تورط روسيا، واكتفت باتخاذ اجراءات امنية. وهذا يدل على أن العواصم ألأوروبية تدرك المخاطر الحقيقية، حيث لا تزال هناك قوى في اوروبا وامريكا تصر علنا على مواجهة مباشرة مع روسيا.
اقترحت روسيا لبولندا استعدادها لاجراء تحقيق شامل ونزيه مشترك بشان مصدر المسيرات، لكنها لم ترد على هذا الاقتراح، ولأن ألأوروبيين أنفسهم ليسوا بحاجة الى هذا التحقيق، بل يهمهم تصعيد الصراع ألأوكراني وزيادة العداء لروسيا والضغط على ترامب للتخلي عن مساعيه للتسوية السلمية.
ويسعى "حزب الحرب ألأوروبي" لعرقلة تسوية ألأزمة ألأوكرانية عبر اثارة حالة من الهستيريا حول الطائرات المسيرة التي انتهكت المجال الجوي البولندي. وتنوي أوكرانيا من خلال ذلك توسيع نطاق الصراع، بينما لا تفكر في العواقب المترتبة عن ذلك. ولكن، كما أعلنت روسيا، أن ليس لديها أية مصلحة في تصعيد حدة العلاقات مع بولندا. ومن جهة أخرى، أرادت أوكرانيا وحلفاؤها ألأوروبيون ضرب عصفورين بحجارة، وذلك بصرف النظر عن الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة ضد نظام ماكرون المهزوز، والتي اجتاحت فرنسا مؤخرا
وقد أثار ألاسلوب اليدوي البدائي لتهيئة الطائرات المسيرة المذكورة انتباه العديد من الخبراء . وعلى سبيل المثال لاحظ الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريغين أن احدى صور الطائرات المسيرة التي عثر عليها في بولندا تحمل بوضوح آثار "اعادة تفكيك وتجميع" حيث يمكن بسهولة رؤية مخروط أنف الطائرة وهو مغلف بالشريط أللاصق.
وقال الخبير: "روسيا لا تستخدم الطائرات المسيرة للمرة الثانية. انها تُنقَل مباشرة من مصانع الانتاج الى ساحة المعركة دون عودة. وخلال الانتاج تُصنع بطريقة التجميع الموحد الشامل ومجردة من أية "تقوية او مثبتات" بشريط لاصق" أو غيره. واضاف: " رفع ألأوكرانيون الطائرات الساقطة من ساحة المعركة وفككوها بخشونة ثم اعادوا تجميعها بشكل ما واطلقوها باتجاه بولندا دون اخفاء آثار التفكيك والتجميع !
واذا كانت الجهات المُستَفِزة "غبية" الى هذه الدرجة، الا ان روسيا لا تسمح لنفسها بالتورط في هكذا أعمال استفزازية، وان تَرسِل "طائرات مسيرة خالية من أية أجهزة أوكامرات أومتفجرات لا فائدة منها"، والتي لا يتعدى أقصى مدى لطيرانها 700 كم، بينما تبلغ المسافة من روسيا الى الحدود البولندية أكثر من 1100 كم، حسب الخبراء العسكريين الروس !!
ان الهدف الرئيسي من هذه العملية هو دفع بولندا وحلفاء الناتو الآخرين الى اتخاذ موقف اكثر صرامة تجاه موسكو. وكانت كييف تأمل في أن مثل هذه الحوادث تخلق شعورا من "التهديد المباشر" لدول الناتو وتبدأ بالاسراع من وتيرة تسليم ألأسلحة لأوكرانيا، وتساعد على مشاركة أكثر فاعلية للناتو في الصراع.
الصوت الانتخابي والوعي الوطني
د.شاكر كتاب
الانتخابات على الأبواب وسترتفع بأعلى مدياتها الأصوات التي حولتها إلى لعبة أطفال جنونية فترات طويلة. ستغرق الشوارع بصورهم الممتلئة بشاعة وشعاراتهم المحشوة فراغا وخداعا. وسيبحث المواطن عن نفسه وسط هذا الزحام من شجر فحول التوت. لكن الفترة المؤلمة التي ما زلنا نعيش ظلامها علمتنا التفكير بحثا عن مغادرة الخراب واهتداءً إلى صراط مستقيم ستكون بداياته إشعاعا وإن كان باهتا لكنه يفتح في الأفق شيئا من أمل.
المواطن سليم الوعي والشاعر بالمسؤولية سيقارن بين القوائم وهوياتها ومضامينها وشخوصها وسيستذكر سنوات المرار الفائتة وسيهتدي حتما إلى ضالته التي سيجد فيها نفسه ومستقبله ومصلحة بلاده وأهله وكل شعبه.
سيرى أن المدنيين، وبالرغم من أنهم لم ينتظموا بقائمة واحدة وهذا أمر مؤسف حقا، هم أقرب إليه وإلى سلامة الاختيار وهم الأهل للثقة أكثر وهم الأقرب إلى تطلعاته.
ومن بين المدنيين هناك اليسار الديمقراطي الذي، عدا عن تمثيله لمصالح الشعب الوطنية العليا، فهو متمسك بمصالح الكادحين من شغيلة اليد والفكر وآمالهم في العدالة الاجتماعية والمساواة وفي العمل على إعادة الاعتبار للدولة وبنائها على أسس مؤسساتية متينة وراسخة يكون فيها الاقتصاد المزدهر والقضاء العادل المستقل قولاً وفعلاً وقيادة عملية التغيير الجذري بالسبل السلمية الديمقراطية.
سنتذكر ونحن في كابينة التصويت في المراكز الانتخابية:
1- تاريخ المشروع اليساري المدني والديمقراطي في بلادنا، وهو جزء من مشروع إنساني عالمي كبير، الذي يرفض عسكرة المجتمع وأريفة المدينة ومنع تكرار تجربة الحكم الكنائسي في أوروبا أثناء الهيمنة على السلطات والتداعيات المأساوية الناجمة عن ذلك.
2- الإنجازات الحضارية والاقتصادية الكبرى التي حققتها الأحزاب المدنية واليسارية الديمقراطية في البلدان التي تولت فيها الحكم وامتلكت فيها القرارات الحاسمة.
3- الأمن والاستقرار الذي تعمل القوى المدنية والديمقراطية على تحقيقه في بلادنا والذي عجزت حكومات ما بعد الاحتلال عن تنفيذه منذ عام 2003 إلى يومنا هذا.
4- شكل الدولة العصرية التي يعمل المدنيون الديمقراطيون على تحقيقها في بلانا والتي قدمت نماذجها الراقية بلدان العالم المختلفة والتي تمكن الديمقراطيون في مختلف بلدان العالم من تحقيقها على أرض الواقع وأنجبت نماذج تستحق الإعجاب والتقدير والتي تضمنتها برامج قوانا المدنية المساهمة في الانتخابات.
5- على يد المدنيين الديمقراطيين واليسار على وجه الخصوص ستكون حقوق الإنسان كاملة وحرياته المتنوعة أمرا واقعيا وسيكون العمل على تطبيقها نصا وروحا حقيقةً ملموسة وليست شعارات للتمويه والتغطية ولتمرير مآرب آخري.
6- القوى المدنية والديمقراطية واليسارية عملت وتعمل وستعمل على تعزيز الوحدة الوطنية الراسخة والتي رأسمالها الأول هو المواطنة والمواطن لا الطائفية ولا العنصرية.
7- القوى المدنية لا تعترف بالمحاصصة بل تطالب بالنوع المهني المتخصص وبالنزاهة والوطنية كشروط أساسية للترشيح للمواقع الإدارية المسؤولة وغير المسؤولة.
8- نتذكر المستوى الأخلاقي والأدبي ونظافة السريرة ونزاهة اليد لممثلي المدنيين واليسار الديمقراطي عند تسلمهم مواقع تنفيذية وتشريعية متقدمة في الدولة.
9- كانت وستكون مصلحة الوطن العراقي الحبيب لا البلدان الأخرى ومستقبل شبابنا وشعبنا كله لا غيرهم قبل كل شيء وفوق كل شيء.
على الناخب أن يشعر وأن يعرف أنه يتحمل مسؤولية تقرير مصير ومستقبل البلاد والعباد في العراق وهو يتوجه نحو مركز الاقتراع وحين يدخل كابينة ملء استمارة التصويت، بما في ذلك مصيره هو شخصيا ومصير أهله واطفاله ومستقبلهم.
لهذه الأسباب نطرق الأبواب
أحمد الغانم
البطالة ونقص الخدمات والفساد الاداري والمالي وانتشال المواطن من خطر الفقر وتطوير مفردات البطاقة التموينية لأبعاد شبح الجوع وتشخيص الأزمات والماسي التي تتطلب معالجات سريعة وفق تصورات واقعية، وبرامج مخطط لها ومدروسة في مجالات التنمية والاقتصاد والصحة والتعليم والاسكان، لن نتفاجأ حين نطرق الأبواب على المواطنين ونستمع لأحاديثهم عن جولات المرشحين والتحدث عن قواسم مشتركة لبرامج القوائم والكيانات والائتلافات المتنافسة على الانتخابات النيابية القادمة والتي تحدثت عن برامج لمعالجة الاوضاع المزرية التي سادت خلال الدورة المنتهية رغم معرفة المواطن وتأكيده كونه مغلوبا على أمره وغارقا في الوعود الآمال ويضع اللوم على نفسه حين وضع ثقته في بعض المرشحين لأسباب مختلفة، وأدرك جيدا من خلال متابعته للواقع المعاش وما تتناوله القنوات الفضائية من أخبار و حوارات عن غياب الدور الفاعل في التشريعات والرقابة التي تهم حياة الناس، حيث ظاهرتها الأبرز التغيب وعدم الحضور في الجلسات وكأنهم يمثلون على الشعب ولا تهمهم مصالح المواطنين، لذلك حين طرقنا الأبواب على المواطنين وعرّفنا بقائمتنا البديل وبرنامجها ومرشحيها الأكاديميين المفعمين بحب الوطن والحالمين بدولة المواطنة، وخاطبنا عقولهم باحترام واضعين التصورات الواقعية لبرنامجنا في حق المواطن العيش حياة كريمة وآمنة، عند ذاك فتحت القلوب قبل الأبواب ووصلت لمسامعنا الاصوات التي رددت (كل الهلا و هــلاويــن بأصحاب الأيادي البيضاء).
شباب العراق.. بين ضياع الوعي وغياب المساحات الثقافية
سجاد عيدان
في السنوات التي تلت 2003، تبدّدت الكثير من الرموز التاريخية التي كانت قائمة. الخراب لم ينهِ الأبنية فقط؛ بل أضعف روح الشباب، إذ صحتْ أدمغتهم من محتوى يلفّها. فقدنا الثقافة، وانطوى الوعي، واهتزت المساحات التي يمكن أن تزرع فيهما بصيصًا من الرجاء.
إن غياب المراكز الثقافية للشباب في العراق ليس نتيجة ترف، بل فقدٌ لبنية اجتماعية ضرورية لنمو جيل واعٍ. فالشباب، بخاصة في الجامعات والمدن الصغيرة، لا يجدون - في أغلب الأحيان - مكانًا للتعبير أو للتفكير النقدي. هذا الفراغ لم يُملأ إلا بمحطات مفتوحة مثل منتدى *بني سعد* في بعقوبة، الذي أعاد الحياة لأكثر من 1000 شاب يوميًا من خلال ورش فنية، ومسرح، ورياضة، وبرامج إعلامية متجددة [1]. أما بقية المحافظات، فهي تنتظر هذه البذرة لتكبر.
وعلى المستوى الحضري، يئن كثير من المدن تحت وطأة الغياب الكامل للمراكز الثقافية المتخصصة، مثل بيت الطفل الثقافي الذي حاولت وزارة الثقافة في 2018 أن توفر فيه 12 مركزًا للأطفال في بغداد والمحافظات، لكنها لم تستطع تطبيقه بالشكل المطلوب [2].
هذا الفراغ ليس مجرّد فراغ مكاني، بل هو أثر نفساني واجتماعي. الشباب يضيعون بين ضغوط البطالة، وتصدع الهوية، وخوف السلطة، والمحتوى السيئ الذي يملأ وسائل التواصل. السكوت صار السائد، لا الفعل. وحين يخلو الشارع من ثقافة حقيقية، لا يعود هناك إلّا محتوى رخيصاً أو هادماً.
مركز *منتدى بني سعد* ليس حالة استثنائية فحسب؛ بل شهادة عمليّة على أن الاستثمار في الشباب، ثقافيًا وعدديًا، هو أساس الاستقرار والمستقبل. ومبادرات مثل مدارس كرة القدم المفتوحة للأطفال التي شُكّلت في 6 محافظات بمبادرة CCPA بالتعاون مع جهات محلية ويمثل خطوات واعدة في ردم الفراغ [3].
لكن هذا لا يكفي. المطلوب هو نهج شامل يتضمن:
- تأسيس مراكز ثقافية تجمع بين الرياضة، والفن، والمعرفة.
- دعم مشاريع ثقافية شبابية من خلال منظمات حكومية وأهلية.
- توفير وسائل إعلامية مرئية للشباب للتعبير والتدريب.
- تعزيز المجتمع المدني في الجامعات للحصول على البذرة الأولى للوعي.
إن غياب هذه البيئة يمس مستقبل العراق. إذ إن الفكرة الوحيدة التي يعيشها الجيل الحالي ليست حرية الإدانة، بل الانفعال بلا بناء. إذا لم ننشئ لهم المكان الثقافي والزمان المناسب، فلن يصرخوا؛ بل سيصمتون أكثر.
لنحارب هذا الصمت. الطريق تبدأ من بناء مكتبة في زاوية حي، أو سينما في جامعة، أو استوديو إذاعي مفتوح للشباب. الثقافة ليست رفاهاً؛ إنها مقاومة، ووعي، وخطان لمستقبل قابلٍ للإصلاح.
لنأخذ مثالا بسيطاً، حيث كان هناك شارع في مدينة الكوت يسمى شارع دجلة الثقافي، والذي يقع في وسط شارع الكورنيش، والذي أصبح ملاذٍ للشاب المثقف قبل ان يتم تهميشه وإهماله وعدم الاهتمام من قبل الجهات المعنية.
شهيد الغالبي يشدد على التغيير ويدعو لدعم التحالف المدني الديمقراطي في ذي قار
الشطرة ـ احمد طه
واصل مرشح التحالف المدني الديمقراطي، الدكتور شهيد الغالبي، نشاطاته الانتخابية في قضاء النصر شمال الناصرية، من خلال عقد لقاءات مع التربويين وأبناء عشيرته، مؤكداً أهمية التغيير السياسي لتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء عراق آمن ومستقر.
وخلال أمسية تربوية، تناول الغالبي في كلمته واقع العملية السياسية في العراق، مشيراً إلى هشاشتها وضرورة استثمار الانتخابات البرلمانية المقبلة كفرصة لرسم ملامح عراق جديد يعكس تطلعات المواطنين. وقد لقي دعماً من عدد من التربويين الذين أعلنوا مساندتهم لحملته الانتخابية، مؤكدين دورهم في تعزيز المشاركة الديمقراطية.
كما زار الغالبي ديوان السيد عزيز السيد غياض، حيث كان في استقباله أهالي القضاء بترحاب واسع، وجرى خلال اللقاء مناقشة أبرز التحديات التي تواجه المواطنين، إلى جانب بحث دور العشيرة في دعم العملية الانتخابية.
وأبدى الحاضرون استعدادهم للعمل المشترك وتسخير الإمكانيات لدعم حملته، فيما عبّر الغالبي عن امتنانه لحفاوة الاستقبال وتفاعل الشباب، داعياً الجميع إلى ممارسة حقهم الدستوري في الانتخابات بروح من المسؤولية لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.\
بعقوبة.. ندوة حول قانون الأحوال الشخصية
بعقوبة – طريق الشعب
احتضنت مقهى الراحل "أبو رقية" في مدينة بعقوبة أخيرا، ندوة بعنوان "بدايات المحاكم واستقلال القضاء"، تحدث فيها المحامي أحمد خلف الخياط بحضور جمع من رواد المقهى.
الندوة التي نظمها المنتدى الثقافي الشعبي في المقهى، تناول فيها الخياط بدايات سن القوانين في بلاد الرافدين منذ زمن أور نمو وحمورابي. فيما تحدث عن تطور قوانين الأحوال الشخصية، وصولا إلى القانون العراقي رقم 188 لسنة 1959، الذي ذكر انه يُعد من القوانين التي رسخت القيم المدنية في البلاد.
ثم عرّج على التعديل الذي طرأ على القانون، واصفا إياه بـ"المجحف" بحق المرأة والأسرة.
وحضر الندوة رفاق المكتب الإعلامي في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، الذين وزعوا على الحاضرين نسخا من "طريق الشعب" و"الطريق الثقافي".
أمين عام منبر الشباب العراقي الوطني
يدعم تحالف البديل في واسط
واسط ـ طريق الشعب
زار الأمين العام لمنبر الشباب العراقي الوطني المستقل في واسط، الأستاذ علي السعيدي، مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الكوت، في إطار مساعٍ لتوحيد الجهود ودعم تحالف "البديل 250".
وكان في استقبال السعيدي عدد من رفاق الحزب، حيث جرى خلال اللقاء بحث سبل تكريس الجهود للتثقيف ببرنامج وتوجهات التحالف في واسط، والعمل على إقناع المواطنين بدعمه والتصويت له في الانتخابات المقبلة.
يذكر أن السعيدي يُعد من الناشطين المدنيين البارزين في واسط، ومن الداعمين لتحالف البديل ومرشح الحزب الشيوعي العراقي وصفي هلال كاظم.
ص9
العداءة البارالمبية فاطمة فاضل تحرز فضية العالم
نيودلهي ـ وكالات
حققت العداءة العراقية البارالمبية فاطمة فاضل إنجازاً تاريخياً بحصولها على الميدالية الفضية في سباق 200 متر فئة 35، ضمن منافسات بطولة العالم لألعاب القوى البارالمبية المقامة في الهند.
وقال الأمين العام للجنة البارالمبية العراقية ورئيس اتحاد ألعاب القوى البارالمبية، مهدي باقر، إن "هذا الإنجاز يعد وساماً عالمياً ومرحلة مفصلية في مسيرة البطلة، وأول ميدالية عالمية تحصدها فاطمة في مشوارها الرياضي، وصفحة جديدة تضاف إلى تاريخ ألعاب القوى النسوية في العراق".
وأضاف باقر أن "الفوز لم يكن وليد الصدفة، بل جاء ثمرة تدريبات متواصلة وجهود كبيرة من قبل الاتحاد واللجنة البارالمبية، فضلاً عن الدعم والرعاية المقدمة للبطلة".
وأشار إلى أن "فاطمة أظهرت روح المثابرة والإصرار، ما أهلها للتفوق في واحدة من أقوى البطولات العالمية، وحصد ميداليتين في مجمل مشاركاتها الدولية مؤخراً".
أرنولد يختار تشكيلة الحسم وإصابة أيمن حسين تُثير القلق
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن مدرب المنتخب العراقي، غراهام أرنولد، القائمة الرسمية لـ"أسود الرافدين" التي ستخوض الملحق الآسيوي المؤهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، المقرر إقامتها في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، حيث يلتقي العراق نظيره الإندونيسي في 11 تشرين الأول الجاري، ثم يواجه المنتخب السعودي في جدة يوم 14 من الشهر نفسه.
شهدت قائمة الحراس استقراراً واضحاً، إذ ضمت الثلاثي جلال حسن (الزوراء)، وأحمد باسل (الشرطة)، وفهد طالب (الطلبة)، من دون أي مفاجآت جديدة.
في الدفاع، استدعى أرنولد كلاً من ريبين سولاقا (تاي بورت التايلاندي)، ومناف يونس وأحمد يحيى ومصطفى سعدون (الشرطة)، وآكام هاشم (الزوراء)، وزيد تحسين (باختاكور الأوزبكي)، وميرخاس دوسكي (فيكتوريا بلزن التشيكي). كما ضمت القائمة فرانس بطرس (بيرسيب باندونغ الإندونيسي) وحسين علي (بوغون شتشين البولندي)، مع عودة الثنائي حسين علي ومصطفى سعدون بعد غيابهما عن بطولة كأس ملك تايلاند.
في خط الوسط، اعتمد المدرب على مجموعة من اللاعبين المحترفين في الدوريات الأوروبية والعربية، أبرزهم: أمير العماري (كراكوفيا البولندي)، إيمار شير (ساربسبورغ النرويجي)، أسامة رشيد (زاخو)، إبراهيم بايش (الرياض السعودي)، كيفن يعقوب (آرهوس الدنماركي)، وزيدان إقبال (أوتريخت الهولندي).
كما ضمت القائمة شيركو كريم (زاخو)، ماركو فرج (سترومسغودست النرويجي)، منتظر ماجد (هاماربي السويدي)، بشار رسن (باختاكور الأوزبكي)، علي جاسم (النجمة السعودي)، ويوسف أمين (أيك لارنكا القبرصي).
وسجّلت القائمة حضور حسن عبدالكريم "قوقية" بعد غيابه عن بطولة تايلاند، فيما استبعد محمد قاسم (الزوراء) لأسباب فنية. أما في خط الهجوم، فجاء أيمن حسين (الكرمة)، مهند علي (دبا الفجيرة الإماراتي)، وعمار محسن (براغي السويدي) الذي شكّل مفاجأة القائمة، مقابل غياب علي الحمادي (لوتون تاون) بسبب عدم الجاهزية.
وأظهرت الفحوصات الطبية الأولية إصابة المهاجم أيمن حسين بتمزق في العضلة الخلفية خلال مباراة فريقه الكرمة أمام أربيل في دوري نجوم العراق، ما قد يهدد مشاركته في الملحق الآسيوي. وينتظر أن يخضع اللاعب لفحوصات دقيقة لتحديد مدى خطورة الإصابة ومدة غيابه المحتملة.
بهاتين المواجهتين، سيصل رصيد أرنولد مع المنتخب العراقي إلى 6 مباريات، بعد أن قاد الفريق سابقاً في 4 لقاءات حقق خلالها 3 انتصارات مقابل خسارة واحدة. وتُعد مباراتا إندونيسيا والسعودية اختباراً مصيرياً له وللاعبي المنتخب في مشوار التأهل إلى المونديال.
خلاف جديد بين برشلونة والاتحاد الإسباني حول استبعاد لامين يامال
برشلونة ـ وكالات
كشفت تقارير صحفية إسبانية، أمس السبت، عن تفاصيل مثيرة خلف كواليس استبعاد لامين يامال، نجم برشلونة، من قائمة منتخب إسبانيا لمباراتي التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026.
وقالت صحيفة "موندو ديبورتيفو" إن مدرب المنتخب الإسباني لويس دي لا فوينتي أجرى اتصالاً شخصياً باللاعب قبل يوم من إعلان القائمة، ليؤكد استدعاءه وفق البروتوكول، رغم علمه المسبق بإصابته، موضحاً أن أطباء المنتخب سيقيّمون حالته عند وصوله إلى معسكر "لا روخا".
وجاء القرار وسط توتر بين برشلونة والاتحاد الإسباني بعد تبادل التصريحات بين مدرب النادي الكتالوني هانز فليك ودي لا فوينتي، بشأن طريقة التعامل مع اللاعب خلال معسكر الشهر الماضي. وأشارت التقارير إلى أن اتصالات مكثفة جرت بين ديكو المدير الرياضي لبرشلونة، وآيتور كارانكا ممثل الاتحاد الإسباني، من دون أن يصدر النادي بياناً طبياً رسمياً في الوقت المناسب، ما دفع المدرب لإدراج اسم يامال في القائمة التزاماً باللوائح.
وفي النهاية، أعلن الاتحاد الإسباني استبعاد اللاعب بعد استلام التقرير الطبي من برشلونة، مؤكداً أن القرار جاء "حفاظاً على سلامة اللاعب وتسريع تعافيه"، في بيان تضمّن رسالة غير مباشرة للنادي الكتالوني.
وخلال مؤتمر صحفي، دافع دي لا فوينتي عن نفسه أمام انتقادات فليك، قائلاً إنه لم يدفع بلاعب مصاب قط، مضيفاً: "لم أرتكب أي خطأ مع يامال، والاتصالات مع الأندية مستمرة دوماً لتقييم جاهزية اللاعبين".
يُذكر أن لامين يامال (17 عاماً) يُعد أحد أبرز مواهب الكرة الإسبانية، بعدما دخل التاريخ كأصغر لاعب وهداف في تاريخ "لا روخا"، وساهم بتتويج المنتخب بلقب يورو 2024 ووصوله إلى نهائي دوري الأمم الأوروبية 2025، ما يجعله ركيزة أساسية لمستقبل المنتخب الإسباني رغم استبعاده الحالي.
مشرف فريق أكاد عنكاوا للكرة السلة
يطالب بدعم الرياضة النسوية
أربيل ـ طريق الشعب
طالب مشرف فريق أكاد عنكاوا لكرة السلة للسيدات، مؤيد عجمايا، الجهات الرياضية والحكومية في بغداد وإقليم كردستان بتقديم الدعم المادي والمعنوي للفريق، مؤكداً أن النادي يبذل جهوداً كبيرة في تطوير وتشجيع الرياضة النسوية السلوية منذ تأسيسه عام 1992.
وأوضح عجمايا، أن الفريق وصل إلى المباراة النهائية في بطولة أندية العراق الأخيرة بمشاركة 12 نادياً من مختلف المحافظات، حيث تصدّر مجموعته وفاز في الدور نصف النهائي على نادي دربنديخان، قبل أن يخسر النهائي أمام غاز الشمال بسبب إصابة أبرز لاعباته.
وبيّن أن أكاد عنكاوا يمتلك تاريخاً طويلاً في كرة السلة النسوية، إذ حقق تسعة ألقاب محلية، إضافة إلى مشاركات خارجية في بطولات عربية في المغرب ولبنان وسوريا والإمارات، مشيراً إلى أن هذه الإنجازات تعكس قدرة الفريق على تمثيل العراق بصورة مشرّفة إذا ما حظي بالدعم المطلوب.
وأكد عجمايا، أن دعم هذا الفريق لا يصب فقط في مصلحة النادي، بل في تعزيز حضور الرياضة النسوية العراقية وتمكينها على المستويين المحلي والخارجي.
الجولة الرابعة من دوري نجوم العراق تختتم بالكلاسيكو بين الزوراء والقوة الجوية
متابعة ـ طريق الشعب
تختتم منافسات الجولة الرابعة من دوري نجوم العراق لكرة القدم بإقامة أربع مباريات مرتقبة، أبرزها مواجهة كلاسيكو العراق بين الغريمين التقليديين الزوراء والقوة الجوية، التي ستجري على أرضية ملعب المدينة الدولي في بغداد، في قمة كروية جماهيرية ينتظرها عشاق الكرة العراقية.
وسيُحسب لقاء الذهاب ضمن رصيد القوة الجوية، فيما ستكون مباراة الإياب لحساب الزوراء. وتكتسب المواجهة أهمية مضاعفة نظراً للتقارب الكبير في النتائج خلال السنوات الأخيرة، حيث تبادل الفريقان الانتصارات في مختلف البطولات المحلية، وكان آخر لقاء رسمي بينهما قد انتهى بفوز الزوراء بنتيجة (2-1) في نيسان 2025 ضمن منافسات الدوري.
إلى جانب الكلاسيكو، تشهد الجولة مباريات أخرى، حيث يلتقي الموصل مع ديالى، وبغداد مع نفط ميسان، فيما يواجه الميناء فريق النجف، في صراع متكافئ لانتزاع النقاط الثلاث وتعزيز المراكز في جدول الترتيب.
شهدت افتتاحية الجولة مباريات مثيرة، حيث تمكن الطلبة من قلب الطاولة على دهوك والفوز (2-1). سجل للطلبة سيف رشيد في الدقيقة (24) وسيمون مسوفا في الدقيقة (67)، فيما أحرز كريم درويش هدف دهوك الوحيد في الدقيقة (69). وبهذا الفوز رفع الطلبة رصيده إلى 7 نقاط في المركز السابع، بينما بقي دهوك من دون نقاط في المركز التاسع عشر.
وفي مباراة أخرى، واصل أربيل عروضه القوية بفوزه على الكرمة بالنتيجة ذاتها (2-1). سجل لشمال العراق كل من شيرزود تيميروف في الدقيقة (26) ومعتز زدلم في الدقيقة (45+1)، بينما قلص مؤمل عبد الرضا النتيجة للكرمة في الدقيقة (44). ورفع أربيل رصيده إلى 10 نقاط ليتصدر جدول الترتيب مؤقتاً، فيما تجمد رصيد الكرمة عند 7 نقاط في المركز السادس.
كما انتهت مواجهة الكرخ وضيفه النفط بتعادل مثير (2-2) على ملعب الساحر أحمد راضي. سجل للكرخ محمد خالد هدفين في الدقيقتين (29) و(45)، بينما أحرز النفط هدفين عن طريق أحمد خالد من ركلة جزاء في الدقيقة (44) ومحمد سادات في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع للشوط الأول. وأضاع يونس غني فرصة حسم اللقاء بعدما أهدر ركلة جزاء للكرخ في اللحظات الأخيرة.
ضرورة إنشاء قاعات لمختلف الألعاب
منعم جابر
بدأت العديد من دول العالم المتقدمة بتشييد قاعات وملاعب ومسابح مخصّصة لمختلف الألعاب الرياضية، لأن هذه الألعاب لا يمكن أن تتطور وتقدّم نفسها ما لم تتوفر لها بنى تحتية رصينة تُمكّنها من تحقيق الإنجاز الرياضي.
نحن في العراق ما زلنا نعاني من نقص واضح في القاعات الرياضية، وإن وُجدت فهي لا تتعدى بعض الملاعب المخصّصة لكرة القدم؛ فبعد سنوات طويلة، لم يكن لدينا سوى ملعب الكشافة وملعب الميناء في البصرة، إضافة إلى بعض ملاعب الإدارات المحلية التي شُيّدت في منتصف القرن الماضي. ثم جاء ملعب الشعب الدولي الذي تبرعت به شركة "كولبنكيان" النفطية.
اليوم، وبعد التغيير الذي حصل عام 2003، وإقرار الدستور العراقي الدائم الذي أكّد أهمية الرياضة ودورها في بناء الشباب، وتضمينه مادة دستورية تحمل الرقم (36) تنص على أن: "ممارسة الرياضة حق لكل فرد، وعلى الدولة تشجيع أنشطتها ورعايتها وتوفير مستلزماتها"، أصبحت الرياضة بموجب هذا النص جزءاً من العمل المنظّم المقر قانونياً ودستورياً. ومن خلال هذا النص الدستوري صار لزاماً على الدولة والمجتمع أن يهتما بالرياضة، يرعاها ويشجعاها ويدعما ممارستها.
من هنا، أطالب بضرورة إنشاء الملاعب والمسابح وميادين ألعاب الساحة والميدان، لما لها من دور كبير في نشر الرياضة وتوسيع قاعدتها، فضلاً عن تفعيل الأنشطة الرياضية في المدارس، لا سيما بين صغار السن ومن كلا الجنسين، بما يسهم في تعميم الثقافة الرياضية ونشرها بين أبناء المجتمع.
إن أي تطور رياضي يحتاج بالضرورة إلى مستلزمات وبنى تحتية من ملاعب وقاعات تخدم الحركة الرياضية وتؤسس لانطلاقة واقع رياضي متين. فلا نشاط رياضي يمكن أن يُحقق إنجازاً من دون ملاعب متكاملة ومنشآت مجهّزة. فالاهتمام بتشييد القاعات والمنشآت الرياضية وميادين السباقات وتوزيعها بشكل عادل بين المحافظات، سيساعد على تطور الحركة الرياضية واستمرارها.
إن قادة الدولة والمجتمع مطالبون اليوم بالاهتمام الجاد بالمنشآت الرياضية والإكثار منها، لما لذلك من أثر كبير في نشر الرياضة على مستوى الوطن، وتوسيع قاعدتها الجماهيرية.
ص10
هل انتهى عصر الليبرالية الجديدة؟
إعداد: د. إبراهيم إسماعيل
في دراسة مطوّلة نُشرت عام 2018، يقدّم عالم الاقتصاد ديفيد كوتز مقارنة بين نظام التراكم في الولايات المتحدة إبّان سيادة "الرأسمالية المنظّمة" بعيد الحرب العالمية الثانية، والذي أدّى إلى فترة من التوسّع الاقتصادي المستقر نسبيا، ونظام التراكم في عصر "الرأسمالية الليبرالية الجديدة" الذي أدى إلى أزمة مالية وركود عميق منذ عام 2008، معتبرا ذلك مثالا دقيقا على واقع الرأسمالية وأشكالها المؤسسية ببعدها العالمي.
ففي فترة ما بعد الحرب، عملت الدولة بنشاط على تنظيم الأعمال ونشاط السوق، والحفاظ على معدل بطالة منخفض نسبيا، وتوسيع البرامج الاجتماعية، وتخصيص استثمار حكومي واسع النطاق في الخدمات العامة مثل التعليم والبنية الأساسية، وفسح المجال أمام النقابات العمالية لتلعب دورا ما في أماكن العمل. لكن هذه السياسة سرعان ما شهدت انقلابا حادا منذ عام 1979، حيث تم تبنّي ثلاثية التحرر من القيود التنظيمية، والخصخصة، والاستقرار، وحيث صار الهدف تخفيض التضخم بدلا من زيادة فرص العمل، مع التراجع الكلي أو الجزئي عن مكتسبات الشغيلة، وخفض الاستثمار في البنية الأساسية، ونقل عبء الضرائب من الأغنياء إلى الطبقة المتوسطة، وتصفية أو تقليص دور النقابات، وأخيرا تحرير القطاع المالي والسماح بتدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود.
ويعود السبب في هذه الانتقالة إلى أن السياسة الكينزية، التي اعتُمدت في فترة "الرأسمالية المنظّمة" وسمحت بتدخل الدولة لتجنّب المشاكل الاقتصادية الخطيرة، وإيجاد تسوية بين رأس المال والعمل، وتقليل معدلات البطالة، قد فشلت في إيقاف تدهور أرباح الشركات، جراء عدم توافق القدرة الإنتاجية العالية مع التنافس الشديد في الأسواق من جهة، والفارق الكبير بين ارتفاع الأجور وإنتاجية العمالة من جهة ثانية. وقد استغلت الشركات الكبرى هذا الفشل، فأعادت هيكلة الاقتصاد السياسي عبر تقويض القوّة التفاوضية للعمالة، وخفض الضرائب على رأس المال، وفتح مراكز ربح جديدة توفرها الخصخصة، وإلغاء القيود التنظيمية، كتلك المتعلقة بحماية البيئة، وسلامة المستهلك، والصحة المهنية.
وعلى حساب سحق الشغيلة، تمكّنت الرأسمالية النيوليبرالية من التحكم بالتضخم، وتعزيز الأرباح والتراكم على مدى سنوات. فمقابل تراجع نفوذ الشغيلة وتدهور أجورهم بنسبة 4 في المئة، وتقليص العمالة المؤقتة، ارتفعت أجور المديرين التنفيذيين من 22 ضعفا لمتوسط الأجر في عام 1973 إلى 327 ضعفا في عام 2007، فيما أدّت المضاربة إلى إثراء أصحاب الأراضي والأوراق المالية للشركات، في حين تم خفض الضرائب على الدخل المرتفع ودخل العقارات.
إن النمو السريع في الأرباح، بعيدا عن فرص الاستثمار الإنتاجي المتاحة، واعتمادا على إنفاق المستهلكين بما يفوق دخولهم، والاقتراض بلا حدود، وانخراط القطاع المالي في أنشطة محفوفة بالمخاطر وشراء الأصول والعقارات العملاقة، قد أدّى إلى تضخم سلسلة من فقاعات الأصول، خاصة مع بقاء معدلات الاستثمار فاترة، باستثناء الطفرة الاستثمارية في تكنولوجيا معالجة المعلومات والاتصالات.
وخلقت هذه العمليات في أمريكا ثلاثة تطورات غير مستدامة على المدى الطويل، تمثّلت في: تنامي ديون القطاع الخاص (الأسر بنسبة 100 في المئة، والمؤسسات بنسبة 600 في المئة)، وإنشاء مجموعة من الأوراق المالية المشتقة الجديدة التي تعتمد على مجازفات كتغيّر قيمة العقارات، وبقاء الطلب الإجمالي معتمدا على إنفاق استهلاكي مدفوع بالدَّين.
وأدّى التدهور في الإنفاق الاستهلاكي إلى ركود أسعار العقارات ثم انخفاضها، وبالتالي إلى تدني القيمة السوقية للأوراق المالية المشتقّة الجديدة، التي شكلت جزءًا كبيرًا من أصول البنوك، والتي راحت تقلل من الإنفاق الاستثماري ومن معدل استغلال الطاقة بشكل أكبر، كي تتجنب الإفلاس. وتكشف مقارنة لمعدل الربح ومعدل التراكم خلال فترات الثمانينيات والتسعينيات والعقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين، عن تميّز العقد الثاني بأعلى معدل ربح وأقل معدل تراكم.
وهكذا، عجزت إعادة الهيكلة عن تحقيق تراكم مستقر لرأس المال بمستوى مماثل لما كان عليه في فترة "الرأسمالية المنظّمة"، وأعاق تقلص الطلب على الناتج بسبب انخفاض الأجور الحقيقية والإنفاق العام الاستمرارَ في التوسّع الاقتصادي. إن بقاء معدلات تراكم رأس المال منخفضة، على الرغم من تعافي معدل الربح والسياسات النقدية التوسّعية واقتراب أسعار الفائدة من الصِّفر، كان مؤشرا على أن الرأسمالية النيوليبرالية عالقة في أزمة هيكلية، حيث أُغلِقت القنوات الثلاث لتعزيز تراكم رأس المال: معدّل ربح مرتفع، وطلب إجمالي متنامٍ، واستقرار يعطي قدرة على التنبّؤ بالاستثمار الموجّه نحو المستقبل.
وما يؤكد هذا الاستنتاج هو تزامن هذه الأزمة البنيوية مع توقف مؤسسات النظام عن تعزيز التراكم، بعد أن باتت عاجزة عن تحفيز الطلب من خلال فقاعات الأصول والإنفاق الاستهلاكي الممول بالديون، وتدني الطلب، وتقييد قدرة البنوك على الانخراط في الأنشطة المحفوفة بالمخاطر.
غير أن الرأسمالية النيوليبرالية ما زالت تحاول تأخير حدوث ركود جديد، عبر مواصلة استخدام فقاعات الأصول، كما في سوق العقارات وأسهم الشركات، وزيادة الربح من انخفاض الأجر الحقيقي، وهو ما حافظ على طلب مستقر نسبيا، قبل أن تنفجر الفقاعات من جديد ويحل الركود قريبا.
ومع ذلك، فإن التنبؤ بتاريخ الركود القادم مهمّة محفوفة بالمخاطر؛ فالعديد من التطوّرات قد تطيل أو تعرقل التوسع. فمقابل التأثير التحفيزي المؤقت لخفض الضرائب في الولايات المتحدة، مثلا، والذي يفيد الشركات بشكل أساسي، ستسرع حرب ترامب التجارية من حدوث الركود، لا سيما إذا ما عطلت سلاسل الإنتاج العالمية وخلقت مستوى عاليا من عدم اليقين لدى مخطّطي الاستثمار في الشركات. ومهما يكن الأمر، فإن الرأسمالية الليبرالية الجديدة لا تزال غارقة في أزمة بنيوية، لا تخرج منها إلا من خلال تغيير نظام التراكم؛ فاستمرار الركود لفترات طويلة سيولد استياء سياسيا متزايدا، وقد يؤدّي ذلك إلى استبدال النظام القائم، كما حدث في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، عندما اختفى شكل سابق من أشكال الرأسمالية القائمة على السوق الحرة، وحلّت محله الفاشية والرأسمالية المنظّمة.
ويبدو أن البدائل الوحيدة المطروحة على الطاولة هي، من ناحية، نظام دولة يهيمن عليه رجال الأعمال، ومن ناحية أخرى، نسخة جديدة من الرأسمالية الاجتماعية الديمقراطية، كما يروّج لها بيرني ساندرز. ويحاول النظام الأول الاعتماد على تعزيز الموقف التنافسي للشركات الأمريكية من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز التعليم الموجّه نحو المهارات، والابتكار المدعوم، والجمع بين زيادات الأجور المتواضعة ودور الدولة الأكثر نشاطا. ولعل برامج القوميين اليمينيين الاستبداديين تعّد الإيديولوجيا الأكثر قدرة على كسب الدعم لمثل هذه الرأسمالية المنظّمة التي تهيمن عليها الشركات.
أما الاتجاه السياسي الذي يروّج له ساندرز وغيره من اليسار، فقد يؤدي إلى ديمقراطية اجتماعية خضراء، قادرة على حلّ الأزمة البنيوية الحالية من خلال تحقيق نموّ متوازن في الأجور والأرباح، بدعم من الاستثمار الحكومي لخلق اقتصاد مستدام بيئيا، جنبا إلى جنب مع البرامج الاجتماعية الموسّعة والتعليم العالي المموَّل من القطاع العام، بدعم من الضرائب التصاعدية. وفي هذا السيناريو، من شأن ارتفاع إنتاجية العمل أن يجلب أرباحا متزايدة، كما كان الحال في ظل نظام ما بعد الحرب للرأسمالية المنظّمة، في حين أن ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي والحكومي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدل استخدام الطاقة.
وعموماً، يعتمد ظهور نظام جديد للتراكم على توازن القوى التي تحشدها مجموعات وطبقات مختلفة في سياق أزمة هيكلية، ولا مجال لمعرفة مَن ستكون له الغلبة، لكن ما يمكن قوله بثقة هو أن لا الرأسمالية الليبرالية الجديدة، ولا الرأسمالية نفسها، قادرة على أن تكون أبدية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مترجمة ومعدّة بتصرف من مقال للكاتب ديفيد كوتز في سردية اليسار الجديد العدد 113 لعام 2018.
{العولمة ودوافع الاستياء منها}: مناهضة العولمة في عصر ترامب
صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب العولمة ودوافع الاستياء منها، مراجعة ثانية: مناهضة العولمة في عصر ترامب Globalization and Its Discontents Revisited: Anti-Globalization in the Era of Trump، ضمن سلسلة "ترجمان". وهو من تأليف جوزف إ. ستيغلتز وترجمة عبير تقي الدين، ويقع في 592 صفحة، تشتمل على تمهيد ومقدمة وثلاثة عشر فصلًا جُمعت في قسمين، إضافةً إلى خاتمة لطبعة عام 2017، وثبت مصطلحات ومراجع وفهرس عام.
يُعدّ هذا الكتاب نسخة محدّثة من عمل ستيغلتز المعروف، فهو يعيد تقويم وعود العولمة وإخفاقاتها في السياق المعاصر. ويتناول، بأسلوب يجمع بين الوضوح والعمق، السياسات الاقتصادية التي فرضتها مؤسسات دولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، على الدول النامية، مبرزًا كيف أسهمت هذه السياسات في زيادة الفقر وتعميق عدم الاستقرار بدلًا من تحقيق التنمية الموعودة. ويناقش المؤلف آثار الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وصعود الشعبوية، وتراجع التجارة الحرة، وصولًا إلى تحليل السياسات الاقتصادية خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأولى. ويقدّم، من خلال خبرته الواسعة داخل هذه المؤسسات الدولية، رؤيةً نقديةً دقيقةً تكشف أسباب فشل السياسات النيوليبرالية، ويقترح في المقابل بدائل أكثر عدلًا وإنسانية.
وعود العولمة وإخفاقاتها
يصور الكتاب مسار العولمة بما حمله من وعود كبرى وإنجازات بارزة، وما أفرزه في المقابل من إخفاقات ثقيلة ونتائج سلبية جسيمة. فمع صعود ترمب عام 2017، برزت حدود العولمة وتبعاتها بوضوح، لا سيما على الطبقات الوسطى والدنيا، على الرغم من أن النظام الاقتصادي الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية قد عزّز التجارة العالمية وأسهم في انتشال الملايين من الفقر.
غير أنّ مخرجات هذا المسار لم تتوزع بطريقة عادلة؛ إذ إن الشركات العملاقة والطبقات الثرية استأثرت بها، في حين دفعت المجتمعات الصناعية التقليدية والفئات العاملة الثمن بتراجع مستويات المعيشة وتفاقم الأزمات الاجتماعية والصحية. ويبيّن الكتاب أنّ جوهر الاستياء لا يعود إلى مبدأ العولمة في حد ذاته، بل إلى المبالغة في وعودها، وغياب العدالة في تقاسم المكاسب، وانحياز الحوكمة إلى مصلحة الدول الكبرى والشركات العابرة للقوميات، فضلًا عن سيطرة النيوليبرالية وما جرّته من أزمات متلاحقة.
وهكذا نشأت منظومة دولية صُمّمت لخدمة الأقوياء، يصعب تعديلها بفعل تمسّك المستفيدين منها بامتيازاتهم. ومع ذلك، يوضح المؤلف أنّ هذا المسار لم يكن قدرًا محتومًا، بل ثمرة خيارات سياسية؛ فالتجربة الإسكندنافية أثبتت إمكانية إدارة العولمة بسياسات اجتماعية أكثر عدلًا، على النقيض من الولايات المتحدة ومعظم الدول المتقدمة التي فرضت "إجماع واشنطن" القاسي على البلدان النامية، ففاقمت الأزمات ورسّخت التفاوت.
ويبرز الكتاب كذلك مسؤولية العولمة في تفكك المجتمعات المحلية، نتيجة نقل الشركات عملياتها الإنتاجية إلى الخارج؛ ما أدى إلى انهيار مدن صناعية واندثار دورها الاقتصادي والاجتماعي. وتفاقمت خسائر الدول الفقيرة بسبب القواعد الدولية غير العادلة، وسوء إدارة المؤسسات العالمية، إضافة إلى عبء التغير المناخي الذي تتحمله هذه الدول على الرغم من أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الدول الغنية. وزادت الأزمة تعقيدًا مع تحوّل الملكية الفكرية إلى أداة جديدة لنقل الثروات نحو الشمال، وتراجع نموذج التصنيع والتصدير في آسيا، وتصاعد موجات الهجرة وما نتج منها من توترات متراكمة. ومنذ احتجاجات سياتل عام 1999 وصولًا إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008، تعاظم الوعي الشعبي بآثار العولمة غير المتوازنة، ثم جاء صعود ترمب ليغذي هذه الشكوك بخطابه الحمائي، وإن كانت التحولات البنيوية في الاقتصاد العالمي أوسع نطاقا من شخصه وتتجاوزه.
خيارات المستقبل ومقاربات الإصلاح
يطرح المؤلف ثلاث مقاربات محتملة للمستقبل: الأولى، الاستمرار في نموذج "إجماع واشنطن" الذي أثبت فشله؛ والثانية، "الحمائية الجديدة" التي مثّلها ترمب، لكنها بدت عاجزة عن تقديم حلول حقيقية؛ والثالثة، عولمة أكثر عدالة تقوم على إعادة صياغة القواعد الدولية وتوزيع المكاسب بصورة منصفة، مع تبنّي سياسات وطنية تعوّض المتضررين وتعيد التوازن بين العمال والشركات الكبرى، وبين الشمال والجنوب.
ويخلص الكتاب إلى أن نجاح العولمة لا يقوم على تحرير الأسواق وحده، بل على وجود سياسات محلية رشيدة ونظم حماية اجتماعية عادلة، بما يضمن لها قدرًا أكبر من الاستدامة والإنصاف في عالم ما بعد ترمب.
ومن خلال ذلك، يقدّم المؤلف قراءة نقدية لمسار العولمة وتحولاتها خلال العقود الأخيرة، مبيّنا أن الأزمة لم تكن في العولمة نفسها بقدر ما كانت في إدارتها عبر سياسات "إجماع واشنطن" التي عمّقت التفاوتات وأشعلت أزمات مالية متكررة.
فقد أدّت تلك السياسات إلى تآكل العدالة عالميًا، وعودة الحمائية وانسحاب الولايات المتحدة من دورها القيادي التقليدي، في حين واصلت المؤسسات الدولية عملها بقدرة محدودة؛ ما فتح المجال أمام البحث عن إدارة أكثر توازنًا للعولمة.
ويكشف أن الهيمنة الغربية لم تنحسر بعد الحرب الباردة، بل أعادت إنتاج نفسها بأشكال جديدة أقرب إلى استعمار اقتصادي، من خلال فرض شروط قاسية على الدول النامية من دون استثمار فعلي في الإنسان أو البنى التحتية. وبدلا من أن تقود هذه السياسات إلى تنمية عادلة، آلت مكاسبها إلى النخب والدول الكبرى، في حين دفعت بعض البلدان النامية إلى البحث عن بدائل أكثر إنصافا.
وينتقد المؤلف النماذج الاقتصادية التقليدية التي افترضت وجود أسواق مكتملة وسلوك عقلاني، في حين أثبت الواقع هشاشتها. فقد أدّت سياسات التحرير السريع والخصخصة في الاقتصادات الانتقالية والنامية إلى تفشّي الفساد والركود وظهور أوليغارشيات نافذة، بينما برهنت التجارب التدرجية، كما في الصين وفيتنام، على فاعليتها في بناء مؤسسات راسخة وتحقيق نموّ مستدام.
من هنا، برزت الدعوات إلى ما يُعرف بـ "إجماع ستوكهولم"، الذي يقوم على موازنة دور الدولة والسوق والمجتمع، مع مراعاة خصوصية كل بلد على حدة.
إشكاليات رأس المال وتجارب بديلة
يناقش الكتاب إشكالية تدفقات رأس المال بين الدعوات إلى التحرير الكامل والحاجة إلى ضوابط وقائية، موضحا أن الأزمات المالية أكدت أن الأسواق غير المقيّدة لا تحتوي على المخاطر، بل تنتجها، وأّ إنقاذ البنوك الكبرى على حساب المجتمعات لم يؤدِّ إلا إلى تغذية الغضب الشعبي وصعود النزعات الشعبوية. ويكشف المؤلف عن ازدواجية المعايير الغربية؛ فبينما فُرضت سياسات تقشفية صارمة على دول شرق آسيا، لجأت الولايات المتحدة وأوروبا في أزمة 2008 إلى سياسات إنفاق واسعة لحماية اقتصاداتها.
وتبرز التجربة الإثيوبية، بحسب الكتاب، إمكانية تحقيق التنمية خارج وصفات صندوق النقد الدولي، في حال صُمّمت السياسات بما يتلاءم مع الخصوصيات المحلية؛ إذ إن البلاد تمكّنت من تحقيق نموّ استثنائي بفضل الدور الفاعل للدولة في توجيه التنمية الصناعية. ومع ذلك، تبقى تحديات الفقر والبطالة ماثلة، لا سيما في ظل التحول العالمي نحو اقتصاد الخدمات، حيث تتقلص فرص التصنيع التقليدي وتتصاعد مخاطر الاحتكار وتتسع فجوة اللامساواة.
العولمة بين الحوكمة والرقمنة
يؤكد الكتاب استمرار هيمنة النفوذ الغربي والأميركي في مجال الحوكمة العالمية، على الرغم مما تحقق من إصلاحات محدودة، في مقابل بروز مبادرات بديلة من الجنوب، مثل بنوك التنمية الإقليمية ومشروعات الصين ضمن مبادرة "الحزام والطريق". وبذلك غدت العولمة ساحة تنافس جيوسياسي واقتصادي متعدد الأقطاب مع صعود الصين وتراجع القيادة الأميركية. كما يتناول إخفاقات منظمة التجارة العالمية وازدواجية الخطاب الغربي، إلى جانب تحول الاقتصاد الرقمي واقتصاد المنصات إلى ميادين جديدة للهيمنة عبر البيانات والاحتكار التكنولوجي، وهو ما ولّد مخاوف متصاعدة تتعلق بالخصوصية والعدالة وفرض على الدول إعادة التفكير في أطرها التنظيمية.
وتخلص القراءة إلى أن العولمة لا يمكن تجنبها، غير أن إدارتها هي التي تحدد مصائر الشعوب. فإذا استمرت السياسات الراهنة، ستتعمق الاختلالات ولن يستفيد منها سوى الأقوياء، أما الطريق نحو عولمة أكثر استدامة وعدالة فيكمن في إصلاحات شاملة تعيد الاعتبار للعدالة الاجتماعية والازدهار المشترك، وهو ما يشدد عليه المؤلف منذ البداية.
ــــــــــــــــــــــــ
"ضفة ثالثة" – 12 أيلول 2025
"أيّ مدينة نختار؟": الفكر السياسي عند الفارابي وابن رشد
يناقش كتاب "أيّ مدينة نختار؟"، الصادر حديثا عن دار أدليس للنشر والتوزيع في الجزائر، للباحثة قورشال فريال سولاف، فكرة الفلسفة السياسية بين الفارابي وابن رشد، كما يفتح نافذة على الفكر السياسي الإسلامي، في محاولة لإخراج الفلسفة من قاعات الجامعات إلى فضاء القراءة العامة.
ما يميز الكتاب أن مؤلفته لم تعتمد الأسلوب الأكاديمي التقليدي، بل صاغته بلغة أدبية سلسة تجعل القارئ العادي قادرا على ملامسة قضايا الفكر السياسي العميقة من دون تعقيد.
وينطلق الكتاب من رحلة مقارنة بين الفارابي (874م/ 950م)، في المشرق الإسلامي، وابن رشد (1126م/ 1198م)، في المغرب الإسلامي. وكلاهما استلهم الفلسفة اليونانية في بحثه عن معنى السياسة العادلة والمدينة المثالية، لكن مسارهما اتخذ أشكالا مختلفة؛ فقد كان الفارابي مشدودا إلى أفلاطون ومدينة الفلاسفة الفاضلة، بينما وجد ابن رشد نفسه مُضطرا إلى العودة إلى أفلاطون أيضًا في ظل غياب مؤلفات أرسطو السياسية في الأندلس، وهو الذي اشتهر بكونه الشارح الأكبر لأرسطو. ويُبرز الكتاب أيضًا كيف انتقلت الفلسفة السياسية الإسلامية من التجريد الميتافيزيقي عند الفارابي إلى التحليل الواقعي عند ابن رشد.
تُقدّم المؤلفة تصوّرا جديدا تسميه "المدينة الثالثة"؛ وهي مدينة تسعى إلى تجاوز الثنائية الكلاسيكية، بين المثال والواقع، فتجمع بين مثالية الفارابي الحالمة وواقعية أرسطو النقدية، بين إشعاع التراث وأسئلة الحاضر. وهذا التصور لا يقدم إجابات جاهزة بقدر ما يفتح الباب أمام القارئ للتفكير والتأمل.
وفي ختام الكتاب، تطرح المؤلفة أسئلة إشكالية، أبرزها هل الحاكم وحده قادر على تشييد المدينة الفاضلة؟ أم أن التغيير يبدأ من المحكومين، ومن إعادة بناء ذواتنا قبل أي إصلاح سياسي؟ وهل يكفي أن نبحث عن تغيير السلطة، أم أن الثورة الحقيقيّة تكمن في التغيير الداخلي للأفراد؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ضفة ثالثة" – 8 أيلول 2025
ص11
حقيقة مؤتمر المثقفين 2005
في 12 نيسان 2005، افتتحت وزارة الثقافة العراقية في بغداد المؤتمر الاول للمثقفين العراقيين، وقد ساهمت في هذا المؤتمر شخصيات ثقافية وفكرية وابداعية من داخل العراق وخارجه. ووصل مجموع المشاركين في المؤتمر إلى اكثر من 500 مثقف عراقي.
وكان من نتائج ذلك المؤتمر الذي شهد عقد ورش عمل كثيرة، واجراء حوارات وتهيئة خطط في ميادين الثقافة جميعاً، رسمُ خارطة طريق للمسار الثقافي العراقي مستقبلاً.
الا ان هذه الحقيقة التي يعرفها كل المثقفين في العراق وخارجه غابت كما يبدو عن "مؤسسة بابل العالمية" التي دعت الى عقد ما اسمته "مؤتمر المثقفين الاول" خلال الشهر الحالي في بغداد وبابل.
وهذا يشكل – وللأسف – تنكراً لجهود عملت على بناء مشروع ثقافي رصين وفاعل، وأرست اسسه ومنطلقاته، بدلاً من ان تعتمدها وتضيف اليها وتغنيها، بما يخدم تنمية ثقافتنا العراقية والنهوض بها وتحقيق ازدهارها.
البرج والخيمة/ ارتحال في روايات طه حامد الشبيب
انهيار الابراج والممالك والقلاع الاسطورية
التي هيمنت على مدننا العربية
محمد خضير
تكاد روايات طه حامد الشبيب تندرج ضمن تيار مهم من تيارات الأدب الروائي العراقي تحت مسمّى "التاريخانية الجديدة" الذي نشأ في الربع الأخير من القرن العشرين، إلا أنّ كثافتها الرمزية تفرزها صنفاً فريداً في نوعها وبنائها الحكائي. ومن بين من اشتُهِروا بريادة هذا التيار (عبد الخالق الركابي، ومَن لحقَه بعد فاصل التغيير السياسي في ٢٠٠٣، أحمد سعداوي وبرهان شاوي ونصيف فلك ورغد السهيل ومرتضى كزار وضياء الجبيلي ووحيد غانم وبيات مرعي وسعد السمرمد وأحمد دهر). ويكاد الشبيب يستقلّ عن هؤلاء جميعاً بالتنوع وكثرة الإنتاج، والتدفق الخارق للحواجز والموانع الجيلية والظروف المتغيرة. وحين نتوسع في هذه الخصوصية، نجد أن أعمال الشبيب الروائية التي ظهرت في نهاية القرن الماضي (برواية- إنّه الجراد- متسلسلة في جريدة الجمهورية، قبل طبعها في كتاب عام 1995) ووصلت ذروتها مع فاصل التغيير السياسي مطلع القرن الجديد، قد أسهمت في وضع حدّ أخير لظاهرة الأجيال الأدبية، واجتازت ثنائية الكاتب والسلطة التي ربطت الأدباء بهيمنة الإيديولوجيا السلطوية في ذبذبة تراوحت بين الالتصاق والخضوع، أو الهجرة والاغتراب. نقلت روايات طه الشبيب المشغلَ السردي العراقي من حالة الانكماش إلى حالة المواجهة والاقتحام، بارتدائها درع الفانتازيا حيناً، والتجريب "الفكراني" البحت أحياناً كثيرة. وكانت في كل هذه المحاولات التجاوزية تقارب ما يدعوه الشبيب ب"النصّ الداخلي" الذي تنبع حوادثه من نسيجه ذاته، من دون إيحاء خارجي من الواقع؛ فكأنه بهذا الاعتبار نصّ يلقح ذاته بلقاح من جنسه. فالنصّ يبدأ من فكرة أولية يفترضها الكاتب ويبرهن عليها، ثم يدفع بالبرهان إلى القارئ لكي يتفاعل معه من موقعه الخارجي ولحظته التاريخية المحايثة لإجراءات النصّ وتشكله الأخير. ويمكننا تأويل مفهوم "النصّ الداخلي" بنوع من التناصّ الداخلي، المقابل للتناصّ الخارجي، فالرواية تخصّب/ تلقّح ذاتَها بمصل من فكرتها الأولية ذاتها، بما يشبه التطعيم المثيل المعروف في علم الأمراض باسم "الهوموباثي"_ أي تلقيح شخص بلقاح من فيروس المرض الذي تخشى الإصابة به (وتشبيهنا الأخير استوحيناه من اختصاص طه الشبيب الطبّي بعلم الباثولوجي، بالتوازي مع استيحاء فؤاد التكرلي ثيمات أعماله السردية من ممارسته مهنة القضاء، كما شاع بين النقاد).
وبينما في يوم ما كتبتُ مقالاً موسَّعاً عن روايته (مواء) الصادرة عام ٢٠٠٩، إلا أن تنوّع الإنتاج وخصوبته بما يمكن وصفه بالإيقاع المنتظم والتدفق الخارق للحواجز الجيلية والمتغيرات الظرفية، يكفّ أيدينا عن كتابة بحث خاصّ بإحدى روايات طه الشبيب، ويفتح الحديث عن خاصيات تشمل أعماله كلها. وكما أنّ المجال الحرّ لأعمال الشبيب يصرفنا عن حصر أعماله في قيمة معيارية وجمالية واحدة، لا يسعنا إلا الانفلات من حدود المصطلح والانتقال إلى انفتاح النسق الذي تنتظم فيه رواياته. فبدلاً من حصر هذه الروايات بمصطلح نقدي يفترض إضفاء السحر على الواقع مسبقاً، شاء الشبيب أن يقلب العملية بانبثاق السحر من نسيج العمل وفكرته أولاً. وبموجب هذا النسق البرهاني، ينشأ شكلُ الرواية من مضمون يتسع ويتدفق داخلياً ثم يختار بنيانه الحكائي. وتمكننا هذه النقلة النظرية الإشارة إلى نسق ضامّ وشامل هو نسق "الضفيرة" الذي يجدل الأعمال الكثيرة في جديلة متناسقة الجمال والقوة. (علماً أن- الضفيرة- هو عنوان إحدى روايات الشبيب، التي فازت بجائزة نجيب محفوظ عام 2000). ففي رواية واحدة يقوم الكاتب/ الراوي بجدل الحدث في شكل ضفيرة متناسقة الأطراف عديدة الشخصيات. بل إنّنا قد نجد مجموعة ضفائر مجدولة في العمل الواحد، فكأن تشبيهنا لهذا النسق يحاكي ضفر الشَّعر الكثيف في رأس بدويّ أو بدويّة إلى عدد من الجدائل المتدلية في شكل "السّبيب" (أي شَعر الحصان) على حدّ قول أحد شعراء قبيلة "الضفير"، الذي يعزو قوة القبيلة إلى رمزها المتمثل بتضافر رجالها الشبيه ب"سبيب" أو ضفيرة الحصان. والتشبيه الأخير للنسق الروائي عند الشبيب_ الضفيرة_ هو الأنسب والأقرب إلى طبيعة التنوع الروائي عنده، وطريقة كتابته، إذ يقرّبنا من صورة أو سيرة الروائي المرتحِل، غير المتأقلم، أو غير المقيم على نسق واحد. وبقدر انصرافنا عن الانحصار في مصطلح أو طريقة أو خاصيّة واحدة في رواية واحدة لذاتها، فإنّ الاستدلال بنسق الضفيرة يهدينا إلى ضرورة البحث والتأمل في السيرة الروائية الأخرى، أي تتبّع العادات الكتابية عند الروائي، المتعدد، والظاعن أو المرتحِل.
أذكرُ أنّ لقائي الأول بالروائيّ طه الشبيب، كان بصحبة الراحل محمود عبد الوهاب وكاظم الأحمدي، في أحد الملتقيات الأدبية، لعلّه "المربد" في البصرة أو بغداد. ويومها سأل محمود الشبيبَ عن طريقة كتابته رواياته، فقال الشبيب إنه يكتبها دفعة واحدة، وبقلم الحبر، ولا يراجعها أو يعدّل في أحداثها بعد إتمام كتابتها. كتمَ محمود تعجّبه من هذه الطريقة، لكنه صارحني بعد ذلك بوسواسه حول طريقة الشبيب في كتابة رواياته (دفعة واحدة وبقلم الحبر). عُرِف عن محمود حرصه الشديد في تدقيق قصصه التي يكتبها، ومراجعة مخطوطاتها مراراً، فلم يُنتِج بسبب هذا "الوسواس" الكتابي إلا عدداً قليلاً من القصص. ولا ينفرد محمود عبد الوهاب وحده بهذه العادة "الوسواسية"، بل أن قصاصين كثيرين من جيله اتصفوا بهذه الطريقة البطيئة في كتابة قصصهم، كما عُرِفوا بأصحاب المجموعة القصصية الواحدة، أمثال جاسم الجوي وعبد الرزاق رشيد وحمزة سلمان وعبد الملك نوري ونزار عباس وغيرهم. وقد نضيف إلى هؤلاء روائيين معروفين بَنَوا أبراجَهم وقلاعَهم على عدد محدود من الروايات مثل غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي ومهدي عيسى الصقر.
مقارنة بأولئك "الوسواسيين، المتأقلمين"، سنعتبر طه الشبيب من الذين كسروا قاعدة التأقلم والإقامة في مشغل يشبه البرج أو القلعة، حتى أصبح من الذين يفضّلون محيط "الخيمة" المفتوح على فضاء لا حدود لأطرافه، وارتحال دائم لا إقامة لمكانه وحوادثه. وسيتوسع هذا المحيط حين ننقل "الخيمة" من مكانها الطبيعي إلى فضائها الإلكتروني، وتغدو آلية الإنتاج الروائي سريعة التواصل مع الحساسيات الخارقة للإيقاع المنتظم والعلاقات الروتينية في الإنتاج. وهنا نصل إلى أهمية أن يكون للكاتب الروائي مشغل يُوصف بالتشكل المتعدد والرحلة المتغيرة، كالخيمة بدل البرج أو القلعة (بالرغم من أنّ الشبيب بنى قصوراً شبيهة بالأبراج في روايته- وديعة أبرام- إلا أننا سنغادر تلك الأبراج في أعماله الأخرى التي تحتوي فضاء رمزياً ولغة متحوّلة وأشخاصاً افتراضيين، كالذين توفروا في روايته: الأبجدية الأولى، 1996) ولعله اقترب في بناء رواياته من النسق "الترابطي" الذي تتخذه الرواية الرقمية عماداً لها.
وربما يؤدي بنا تقريب مشغل طه الشبيب من شكل الخيمة، إلى تفضيل أشكال انتقالية مألوفة أخرى، ورصد رحلاته التي تمتد حتى روايته الأخيرة (توائم الرجل المسيَّب، 2025) التي يعود فيها الى مسقط رأسه (المسيَّب) بعد أن بدأها أولاً في المكان نفسه في رواية (إنّه الجراد). بعد اغتراب طويل، وتجارب عقلية وأسطورية متنوعة، يضعنا الروائي الشبيب إزاء مشغل تقترب صورته الأخيرة من صورة بيت أثري في مدينة فُراتية قديمة. إنّ رحلته الطويلة في كتابة الرواية تقترن بتاريخ طويل من انهيار الأبراج والممالك والقلاع الأسطورية - الرديف لانهيار السرديات الكبرى- التي هيمنت على مدننا العربية.
إنّنا اليوم إزاء مشغل روائيّ يسمح بإنتاج حرّ، مشيد في أجواء بنائية طليقة تشبه بناء الخيمة أو الجمجمة المتروكة على جانب طريق صحراوية، أو عشّ حَمام في ركن بيت في مدينة صغيرة، أو أيّ تشكيل طبيعيّ يؤشّر إلى ارتحال الكتابة الروائية، وتعدد أشكال الصراع فيها، دونما توقف أو انتهاء. سنلتقط رموزاً وألغازاً ولغات وحوارات في أثر الرحلة، تشير كلها إلى صراع لم ينتهِ بعد في سرديات طه الشبيب المرتحلة، المقتحمة مستقبلاً غير منظور أو غير متوقَع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*توسيع لملاحظات قُدّمت عن روايات طه الشبيب في جلسة رابطة مصطفى جمال الدين بالبصرة بتاريخ ١٨/٩/ ٢٠٢٥.
خريف الشاعر
علي حسن الفواز
ليس للشاعر أن يحيا خارج اللغة، وأن لا يجد سواها مجالا لصناعة أوهامه أو بطولاته، وعلى النحوِ الذي يجعلها لعبته أو اداته في ممارسة الطقوس، وفي الاشهار عن ما يتلجج داخله من وعي صاخب، ومن أسئلة ممضة.. هذا التوهم الداخلي لن يجعله بطلا، بل دفعه الى أن يسطو على التاريخ، وعلى التحول الى كائن منسحب من كينوته، والى حارس بلا براءة، لا يحمي المكتبة، ولا بيت العائلة، ولا ذاكرة التاريخ.. هذا الشاعر المطرود من النسق، النافر عن وهم الجيل، بات عنوانا للهزيمة "الثقافية" التي هي قناعٌ للهزيمة السياسية، حيث تتحول هذه الهزيمة الغامضة الى "حرب دونكيشوتية، لا أعداء حقيقين فيها، سوى ما يتسع من طواحين الهواء، حيث تتضخم اوهامه، مثلما تتضخم كراهيته، حيث يندفع الى مساكنة شهوة البحث عن مزيد من الأوهام، المخدوع بها بترميم الفراغ، أو ربما بالتعويض عنه، لاسيما وأن هذا الشاعر الهارب من الأيديولوجيا، ومن ذاكرة "الحزب السياسي" سيتحول الى "شاعر مراثي" أولها مرثاة نفسه، أو الإعلان عن هزيمة ذاته، حيث يستعيد التاريخ للسخرية، فلا مرايا له سوى العتمة، ولا مساحة له سوى المكوث في الضيق الأيديولوجي، والتذمر الشعري، والتشهي بما يصنعه من وعي مأزوم، ومن استعداد للتحول الى لص، والى صانع كراهيات بامتياز. في الخمسينات كان الشاعر متوّجًا برومانسية الحلم، وسؤال المغامرة، وقلق البحث عن معنى، لذا كان يمزج بين حريته الفائرة، وبين حساسيته الطبقية بالثورة والتجاوز، والتخلص من علّة الفقر الوجودي، فيكتب عن الثورة وكأنه يكتب عن صخب جسده، ويكتب عن "السعادة الثورية" وكـأنه يكتب عن الأنثى الموعودة، وباتجاه أن تكون خياراته في الكتابة، هي ذات الهواجس التي تساكنه، والاسئلة التي تلاحقه.. كتب السياب في البواكير عن "الثورة" وعن الحرية والحلم والبلاد، لكن خذلانه الجسدي والسياسي، وقلقه الوجودي جعله اكثر تمردا، وشغفا بالمغامرة، لكن ذلك التمرد، افقده براءة الحلم، فاندفع الى مزيد من الأوهام التي تشبه الخسارات، حيث خسارة الجسد تناظر خسارة الثورة، وحيث خسارة الأنثى تناظر خسارة اللذة، وحيث خسارة الحلم تناظر خسارة الحرية، فما تبدى من تلك الخسارات، وحتى وإن تعالقت بالتمرد الشعري، الا أنها تركت الشاعر وحيدا إزاء مزيد من القلق والخوف والكراهية، وإزاء خيار لم يكن بعيدا عن خيارات ايديث ستويل وأليوت حول فكرة الموت، الموت الذي ساكن ذاته، لكنه لم يساكن قصيدته..
الشعراء ما بعد الخسارة
في الستينيات ارتهن الزمن الشعري الى زمن سياسي اسود، فقد فيه الشاعر كثيرا من تلك الخيارات، بما فيها خيار البقاء عند الينابيع، حيث اخضعته خطيئة السلطة الى اكراهات الجسد، الذي بات هشا ورثا، وواقفا على قنطرة من المراثي. الحرية في الزمن تحولت الى قهر عميق، والى طرد يشبه خسارة، واللغة بدت اكثر انكسارا، تنزع الى البحث عن المجازات والاستعارات التي تنقذها من الجلاد، ومن الرقيب الأيديولوجي وليس الشعري، حتى السجن تحول الى متخيل متعال، يستعيد معه الشاعر الغائب، والمحذوف، حتى بات وكأنه تعويض عن فكرة الوطن الذي قتله الاستبداد، وصولا الى التماهي مع لعبة اللغة، حيث يجر الشاعر استعاراته، ليمارس من خلالها طقوسه في صناعة القرابين، وفي المراثي، وحتى في التلذذ بأنوثة القصيدة، والشغف بفكرة التطهير، لمواجهة الإحساس بالخسارة والخطيئة.
كثير من الشعراء الهاربين من الخسارة لم يتحولوا الى خيار التعويض، فانكسروا مثل عمود الخزف، اصابتهم لعنة السياسة بلعنة البحث عن اطمئنانات مغشوشة، فذهبوا الى البيان، والى التجريب، والى تقويض ثنائية الشاعر والشاهد، والى ارتكاب الخيانات الصاخبة التي تخلط بين الشعري والسياسي والثقافي والايديولوجي، وبما يجعلهم إزاء تداولية معقدة لمفاهيم الحرية والثورة والقصيدة والتجريب، وباتجاه تبدو فيه تلك المفاهيم وكأنها بلا اغطية، وبلا ضمانات، لأن ما جرى في الستينيات، وبعد انقلاب شباط الأسود 1963 كشف عن المخفي من " النسق الأيديولوجي" الزائف بالمعنى الماركسي، مثلما كشف عن ازمة المثقف بشكل عام، ازمة وعيه لحريته ولجسده، ولطبيعة الأيديولوجيا التي انكسرت صلادتها، وباتت مكشوفة مثل جسدٍ عارٍ امام نوبة التأويل الذي يشبه الرصاص..
خريف الشاعر..
ما بعد الستينيات، تغيّر العالم وكأنه انخرط في العاصفة، حيث اتسعت المنافي، وضاقت الحروب الكبيرة، او تشظت الى حروب صغيرة، لا أحلام فيها سوى إعادة ترميم الجسد الشعري، والذهاب بالقصيدة الى الحرية المخذولة، والى فضاء الأسئلة المُهدِدة، تلك التي تؤسس خطابها على الشك والارتياب.. الشاعر القديم الموهوم بالخلاص الايديوجي وجد في "المنفى" هامشه المفقود، وحريته السائلة، وزمنه الشخصي البارد، مثلما وجد فيه نوعا من "اللادرية" التي جعلته قريبا من خريفات عبرته، من خلال العمر واللغة، لم يتحرر فيها من اسئلته القديمة، ولا احزانه، تستثيره الاحتفالات والاستعادات وكأنها محاولة في ايقاظ المحذوف من زمنه الشعري، حتى صوته بلا ذاكرة، مشدودا الى لعبة، اقصى ما فيها مواجهة النسيان.. صخبه وشتائمه واوهامه لا تعني سوى شغفٍ تعويضي بالمكوث في الزمن، وهوس بالخلود، ذلك الذي لا يشبه حلم كلكامش، وحتى عشبته الشعرية لم تتحول الى ترياق للخلاص، فعاد الى حكاية صناعة الأوهام، يسعى من خلالها الى ترميم الفراغ، والى مواجهة الموت بالصخب، يركض في مضمار لا يخصه، سنواته التي عضّها الخريف جعلته مكشوفا امام خيانة الزمن، وربما جعل منها تهمة مازوخية، أو جرحا نرجسيا، لا يبحث فيه عن القاتل القديم، بل عن اوهامه بخيانة الاخرين له، رغم أن هذه الخيانة لا وجود لها، سوى ما يتخيله من اشباح تطارده، وحكايات لم تعد تثق بلياليه، فتركته عند اوهامه القديمة، يستعيد عبرها بطولة شعرية لم تعد صالحة، في الوقت الذي كان ينبغي أن يجعله الزمن حكيما، يمنح الخريف سحرا، وليس خواء.. شاعر الخريف، هو ذاته الشاعر الماكث في عزلتها، المشغول باحلامه وعقد سردياتها التي كشفت عن خوائه، وعدم قدرته على ممارسة الحرية بوصفها وعيا وليس عدوانا أو كراهيته، أو بوصفها شيخوخة تستدعي الحكمة، وليس السهو، والنسيان، يجاهر بالخسارة الشخصية وكأنها خسارة عمومية، فلا يملك سوى أن يمارس طقوسه في التذمر والسخط والعنف على المنابر، يصرخ، دون يرى العالم امامه، عالم الممكن كما سمّاه غولدمان، ذلك الماركسي الذي ادرك بأن العالم ليس كائنا فقط..
قصة قصيرة
حين تغيّر لون النهار
ايمان عبود سالم
جلست أمام غرفة تكفين الموتى، تتأمل الباب الخشبي الذي يفصل الدنيا عن سكونها. لم يكن الأمر مخيفًا كما كانت تظن؛ بل كان المشهد ينساب إليها بهدوء كجدول ماء بارد في نهار قائظ. رائحة الكافور، التي لم تشمها يومًا، عرفتها فورًا… كأنها رائحة قديمة من ذاكرتها البعيدة. للحظةٍ شعرت أنها ليست غريبة هنا، وأن هذه الرائحة قد عبرت روحها من قبل، في زمنٍ آخر، حين كانت هي الجسد المسجّى، تُغسَّل وتُكفَّن. حتى أنها أحست بمن يشد الكفن بقوة عند قدميها، إحساسًا غامضًا امتد من قلبها إلى أطرافها. الآن، كانت تقف متأملة المغسّلين؛ يتحدثون ويضحكون ببرود الحياة، بينما على الدكّة جثة تنتظر أن تُدفن. العالم في الخارج يمشي على ساعته المعتادة، أما هنا، فقد تغيّر لون النهار، وانحنى الوقت واستقرّ في هذه البقعة، حيث الأرواح تهمس بهمسٍ لا يُسمع إلا بالقلب. هنا في برزخ بين عبث الحياة وشموخ الموت لم تكن ترى الجسد المسجّى على الطاولة البيضاء مجرد جسد، بل كان مرآة لضعفها الإنساني. اليدان الممدودتان بلا حراك بدتا وكأنهما تعاتبان العالم بصمت، والعينان المغمضتان تقولان: “انتهى الدور، وأُسدل الستار.” تأملَت المغسّلين أكثر؛ كانت ضحكاتهم خفيفة، كأنهم اعتادوا العبور بين الحياة والموت يوميًا. لم يبدُ عليهم الحزن، ولا الرهبة… بل تعاملوا مع الجسد كما لو أنه مجرد مهمة. حينها شعرت أن الموت لا يهابه إلّا من لم يواجهه. أما الذين يلازمونه، فقد صار لهم صديقًا صامتًا. كلما انبعثت رائحة الكافور من الماء، كانت تزداد يقينًا أن هذه الرائحة ليست غريبة عنها، كأنها توقيع قديم على عهدٍ أبدي بينها وبين الفناء. همهمات الأرواح ازدادت وضوحًا… لم تكن كلمات، بل ذبذبات تسري في صدرها، تطمئنها وتكشف لها أن الموت ليس نهاية، بل بداية أخرى. رفعت رأسها نحو السقف، وكأنها تنتظر أن ترى بابًا ينفتح إلى عالم غير مرئي. شعرت بخفةٍ غريبة، كأن الأقدام لم تعد تثقلها، وكأنها لو أرادت لارتفعت فوق الأرض. في تلك اللحظة، لم يعد يهمها أن تعود إلى ضجيج الشوارع ولا إلى صخب الأصوات… كل ما أرادته هو أن تبقى في هذه الغرفة، حيث يذوب الخوف، وتنساب السكينة والطمأنينة إلى روحها ، ويصير الموت معلّمًا لا خصمًا
نظرت إلى السماء، فإذا بالنهار يبدو بلونٍ مختلف، كأنه غُسِلَ هو الآخر بالكافور. هناك خلف بابٍ أبيض.
حينها تغيّر لون النهار إلى الأبد .
ص12
احتفى بهما شيوعيو البصرة
المبدعان الكبيران
محمد خضير وكاظم الحجاج
البصرة – ماجد قاسم
احتفى المكتب الإعلامي التابع إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة و"ملتقى جيكور" الثقافي، أخيراً، بالمبدعين الكبيرين القاص محمد خضير والشاعر كاظم الحجاج، في جلسة حضرها جمهور كبير من الأدباء والمثقفين.
الجلسة التي احتضنتها "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية، أدارها الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، وافتتحها مرحباً ومشيراً إلى أهمية الاحتفاء بالرموز الإبداعية.
بعدها قرأ رسالة وصلت من الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق الشاعر عمر السراي، يُحيّي فيها المحتفى بهما وحضور جلسة الاحتفاء، الذين غصت بهم القاعة.
بعدها تحدث خضير والحجاج عن مسيرتيهما في الحياة وفي فضاء الإبداع الأدبي، وذكرا في حديثيهما ان هذا الاحتفاء أسكت ألسناً، وأسعدهما، وملأهما حيوية وهما قد عبرا الثمانين بثلاث سنوات. كما اعربا عن شكرهما وامتنانهما للحزب الشيوعي العراقي باعث شعاع الثقافة والابداع والجمال .
وفي سياق الجلسة، قدّم عدد من الأدباء الحاضرين مداخلات عن تجربتي المحتفى بهما، وهم كل من الناقد جميل الشيبي والشاعر طالب عبد العزيز والكاتبة سرد الحداد والشاعر كريم جخيور والقاص عبد الحسين العامر والمهندس سعيد كنهر والكاتب زكي الديراوي والقاص كاظم صابر ود. ضرغام الأجودي.
وفي الختام، قدم د. ناصر هاشم وصلة موسيقية واغنيات من كلمات الحجاج. ثُم وزّعت هدايا تذكارية على المحتفى بهما من جهات عدة .
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
• اوغسطين يوسف 500 كرون سويدي
• د. قاسم الجلبي 50 يورو
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
أسامة ختلان يصدر كتابا للأطفال بالإنكليزية
نيويورك – كمال يلدو
عن دار النشر الأمريكية "جستنك ماكويلي" صدر كتاب للأطفال عنوانه "عائلة منجل والبيضة الذهبية"، للفنان التشكيلي أسامة عبد الكريم ختلان. ويُعد هذا الكتاب، وهو مصوَّر للأطفال ويقع في ٤٦ صفحة من القطع الكبير، الثاني لختلان. حيث حمل الأول عنوان "المرآة الذهبية الساحرة". وتعود علاقة الفنان أسامة برسوم الأطفال الى عمله في صفحة الأطفال بجريدة "طريق الشعب" إبان سبعينيات القرن الماضي، حتى غادر العراق عام ١٩٧٩. حيث لم يُقبل في أكاديمية الفنون الجميلة، لأنها كانت مقفلة للبعثيين. بينما درس الرسم في معهد الفنون بمدينة فلورنسا الإيطالية. يقيم أسامة منذ عام 1991 في الولايات المتحدة.
في اتحاد أدباء العراق
سيناريوهات للتوعية
بمخاطر المخدرات
متابعة – طريق الشعب
احتضنت قاعة الجواهري في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الخميس الماضي، ورشة للكتابة الإبداعية خاصة بإعداد سيناريوهات للتوعية بمخاطر المخدرات.
الورشة التي نظمتها اللجنة التنفيذية للمحور التوعوي التابعة إلى الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق بالتعاون مع الاتحاد، تأتي في سياق تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات. وقد حضرها ممثلون عن وزارات ومؤسسات معنية، إضافة إلى أدباء.
وتضمنت الورشة محاور عدة، أبرزها توليد الأفكار وبناء الشخصيات وصياغة الحبكة السينمائية في إعداد السيناريوهات التوعوية. حيث شدد مدير الورشة ممثل الاتحاد د. عقيل حبيب، على أهمية توظيف الإبداع في معالجة قضية المخدرات من جوانبها الاجتماعية والأنثروبولوجية.
عضو فريق التوعية من مخاطر المخدرات، د. ورود ناجي، قدمت مداخلة ذكرت فيها أن كل فكرة مهما كانت مهمة أو عابرة، يمكن تحويلها إلى سيناريو إبداعي.
فيما قال رئيس الفريق ومدير التخطيط المالي في وزارة الصحة د. عمر عبد الأمير الكمراوي، أن هذه الورشة تأتي استكمالا لسلسلة ورشات سابقة تناولت التوعية الاجتماعية والصحية والمسؤولية القانونية عبر السيناريو السينمائي، وإنها تهدف إلى إنتاج أفكار جديدة تحمي المجتمع من آفة المخدرات.
وعرّفت الورشة بالبذرة الأولى للقصة والمشهد السينمائي، ثم انتقلت إلى طريقة بناء الحبكة. كما تناولت توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في الكتابة الإبداعية.
وشهدت الورشة تطبيقات عملية لصياغة المشاهد السينمائية وتحديد عناصرها.
مسرحية عراقية تحصد جائزتين في مهرجان جزائري
متابعة – طريق الشعب
فازت المسرحية العراقية "المفتاح" من تأليف د. مثال غازي وإخراج أسامة السلطان، بجائزتي أفضل نص وأفضل ممثل في مهرجان الأيام المسرحية الذي أقيم أخيرا في مدينة سطيف الجزائرية، بمشاركة فرق من بلدان مختلفة.
والمسرحية من تمثيل مازن محمد مصطفى وإيمان عبد الحسين. وقد حظيت بإشادة لجنة التحكيم والجمهور أيضا. حيث تتحدث عن صراع الإنسان مع القيود المفروضة عليه، مجتمعية كانت أم سياسية أم داخلية. وتتمحور أحداثها حول سجين سياسي يعود إلى منزله بعد سبعة عشر عاماً من الاعتقال، محتفظاً بمفتاح البيت الذي صودر، رمزاً للأمل والذاكرة. لكن عودته تتحول إلى مواجهة مع الذات والماضي، فتفتح الباب أمام أسئلة عن علاقة الفرد بوطنه وتاريخه.
ويُبرز العمل التحول الداخلي للشخصية الرئيسة. إذ ينتقل البطل من الغضب والرغبة في الانتقام إلى دعوة واضحة للمصالحة، في إشارة إلى أن التسامح يمكن أن يكون بديلاً عن الكراهية ومدخلاً إلى مستقبل مشترك.
قف
سيناريو بايخ
عبد المنعم الأعسم
انشغل سياسيون واعلاميون ودعاة، اشهرا، بأنباء عن قرب تغيير النظام السياسي في العراق وفق سيناريو امريكي، قالوا انه مُعدّ وقيد التنفيذ على مراحل، ووضعوا تقويما تنتهي خطواته بنهاية العام الماضي، وانخرط في هذه المشغولية متابعون، بعضهم من ذوي النوايا الحسنة، المتطلعين الى التغيير، والحالمين بعراق بلا فساد ولا وصاية ولا سلاح خارج سلطة الدولة، وجرى تعزيز هذا السيناريو باجتزاء تصريحات وتعليقات ومقالات، انتقادية، تنشرها الصحافة الامريكية، وتمّ نفخها، وليّها، وتأويل وجهتها، على انها تمثل قرارات وسياسة للا دارة الامريكية حيال مستقبل العراق، في وقت تتزايد المؤشرات على ان ادارة ترامب تمضي قدما في خطة احتواء الموقف الرسمي العراقي وترويضه واخضاعه، ولا تفكر بتفليش معادلاته المحلية، الضامنة لمصالحها.
من زاوية، يبدو ان حال المراهنين على الوليمة الامريكية الموعودة، مثل حال اشعب الذي صدّق كذبته يوم قال للاولاد ان ثمة وليمة باذخة في منعطف اقصى البيوت، وحين هرعوا الى صوب الوليمة المزعومة ركض وراءهم وهو يردد: ربما الامر صحيحا فانال وجبة دسمة.
*قالوا:
"إذا المرء لم يُدَنِس من اللؤم عرضه...
فكل رداء يرتديه جميل"
السموأل
سامي كمال .. وداعاً!
بغداد – طريق الشعب
فارق الحياة الخميس الماضي في السويد، الفنان سامي كمال عن عمر ناهز 80 عاما، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، ومسيرة قضاها بين مقارعة السلطات الدكتاتورية والمنافي والغناء للعدالة والثورة والضحايا والضعفاء.
ويعد الفقيد أحد نجوم الأغنية العراقية السبعينية. إذ قدم مجموعة من الأغنيات التي لا تزال تتردد حتى اليوم، أبرزها "صويحب"، من كلمات الشاعر الكبير الراحل مظفر النواب وألحان الراحل كمال السيد، فضلا عن أغنيات "بين جرفين العيون" و"راح المطر واجه المطر وانا بلا حبيبة" و"عينه اشكبرها"، وأغنيته الشهيرة "أحبه وأريده" التي كانت سببا لشهرة مطربين شباب برزوا بعد 2003.
وكان الفقيد قد ظهر إلى جانب مجموعة من المطربين النجوم، أمثال رياض أحمد، قحطان العطار، صباح السهل، صلاح عبد الغفور، كمال محمد وغيرهم. إلا انه غادر العراق إلى اليمن عام 1977، بسبب انتمائه للحزب الشيوعي العراقي ومعارضته سياسة النظام الدكتاتوري المقبور. ثم استقر لاحقا في السويد ولم يُقدم أي عمل غنائي جديد.
في معرضه المتواصل {شهود الزور}
ضياء العزّاوي يستحضر {تشرين} وغزة
متابعة – طريق الشعب
يتواصل في "غاليري صالح بركات" في بيروت، معرض شخصي للفنان التشكيلي الكبير ضياء العزاوي، عنوانه "شهود الزور".
يضم المعرض الذي افتتح يوم 11 أيلول الفائت ويستمر حتى نهاية تشرين الأول الجاري أعمالا مختلفة أنجزها العزاوي في مراحل مختلفة من مسيرته، منها جداريات ضخمة ومنحوتات برونزية وفولاذية وتجهيز تركيبي.
وسبقت المعرض محاضرة تمهيدية للفنان نظمتها الجامعة الأمريكية في بيروت، فضلا عن مساهمته في معرض جماعي موازٍ عنوانه "شواهد النار"، أقامه "ملتقى دلول" للفنانين في العاصمة. حيث عرض العزاوي جدارية منسوجة تُجسد مجزرة صبرا وشاتيلا، اشتغلها عام 2018 استنادا إلى عمله الأصلي المنجز عام 1983.
وتمثل جولة العزاوي البيروتية هذه، عودة إلى المدينة التي أقام فيها معرضه الأول خارج العراق أواسط الستينيات. وتبرز في الطابق العلوي من الغاليري منحوتة ستانلس ستيل، نفذها العزاوي ضمن سلسلته "وردة أكتوبر"، إلى جانب تمثال "حنظلة في لبنان" الذي يُحيّي فيه الكاريكاتيري الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، إضافة إلى رسوم فحمية من سلسلته "ليلة الإبادة" ودفتر فني بعنوان "غزة: الألم الذي فتح عيني ابنتي".
أما في الطابق السفلي، فتبرز جدارية مزدوجة بعنوان "خريطة لبغداد بعد 2003". وعلى جانبيها ثبتت لوحة "وردة أكتوبر" بنسختين أخريين. فيما تُعرض في زاوية أخرى تماثيل طوطمية بلا عنوان، مشغولة من البرونز.
وفي قلب المعرض ثُبتت أربع جداريات ضخمة يتوسطها تجهيز تركيبي ممتد على الأرض عنوانه "أطلال بين مدينتين: الموصل وحلب"، مُثقل بالدمار.
الجدارية الأولى التي تحمل عنوان المعرض، تتضمن مزيجا تجريديا من الخطوط، يُظللها الأسود والأحمر. بينما يرتفع فيها رسم شهيد مصلوب وجمع من الناس يديرون ظهورهم له. وفي المقابل جدارية ثانية بعنوان "جنة المنسيين" تُقدم أسماء أكثر من سبعمائة شهيد سقطوا في انتفاضة تشرين 2019. في حين يُضفي اثنا عشر طائرا خزفيا، تتوزع أسفل الجدارية، نوعا من السكينة على المشهد، لتستكمله بالجدارية الأولى حيث الشهيد المصلوب "صفاء السراي".
وبالمثل يضع العزاوي حالة تقابل بين الجداريتين الأخريين، "الموصل: بانوراما الدمار" و"أمنيات خفية". حيث تتناوب شظايا المدن والوجوه والحيوات على مسطّحات متكسّرة.