الصفحة الأولى
تضارب المصالح يفضح هشاشة الرقابة الحكومية مراقبون: الأرقام المعلنة لا تعكس حجم الأزمة المالية والفساد المستشري!
بغداد - محمد التميمي
أعلنت هيئة النزاهة عن رصد تضارب مصالح لدى خمسة مسؤولين، واستلام كشوفات مالية لـ524 مكلفاً، حيث كشفت في تقرير لها أن عدد المكلفين الذين أفصحوا عن ذممهم المالية بلغ 524 مسؤولاً، فيما تم رصد مخالفات في موضوع تضارب المصالح لدى خمسة مسؤولين فقط.
وأثار هذا التقرير انتقادات واسعة؛ إذ يشير مراقبون إلى أن هذه الأرقام لا تعكس حجم الفساد الحقيقي، وأن تحديد المخالفين بخمسة أشخاص فقط، يعكس هشاشة الأجهزة الرقابية ومحدودية قدرتها على محاسبة المسؤولين.
فيما يرى المختصون أن النفوذ المالي أصبح مكشوفاً بوضوح، وأن الفترة الحالية التي تسبق الانتخابات شهدت محاولات فاضحة لشراء الولاءات السياسية وذمم المواطنين، حيث وصلت أسعار بطاقات الناخبين إلى مستويات غير مسبوقة في بعض المناطق.
تقرير يكشف هشاشة الدولة ومؤسساتها
وفي هذا الصدد، قال الباحث في الشأن السياسي، يعقوب الحساني ان غياب الشفافية في الإفصاح عن الذمم المالية والممتلكات لا يزال يمثل واحدة من أكبر الثغرات في النظام السياسي، وهو ما يثير القلق بشكل كبير خصوصاً في موسم الانتخابات.
ونبه في حديث مع "طريق الشعب"، الى ان المواطن يرى بعينيه حجم الإنفاق الهائل، ولا يعرف مصدر هذه الأموال ولا الجهات المستفيدة منها، وهو أمر يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى نزاهة مشاركين في العملية السياسية والتزام المسؤولين بالقوانين والأنظمة.
وانتقد البرلمان، الذي من المفترض أن يكون أداة محاسبة لكل مسؤول فاسد، لكنه يظهر اليوم عاجزا، وكأن دوره اقتصر على المراقبة الشكلية فقط، دون اتخاذ أي إجراءات رادعة.
زاد بالقول: ان "هذا الإقصاء لمبدأ المساءلة يعطي انطباعا بأن الفساد مستمر بلا توقف، وأن أية محاولات لمكافحته ستظل مجرد شعارات على الورق، دون ترجمة فعلية على الأرض".
وبحسب الحساني فان الأكثر خطورة هو أن هذا كله "يحدث في ظل أسوأ فترة مالية يمر بها العراق منذ عقود، ونرى فيها بذخا وانفاقا مهولا. بينما يواجه المواطن أزمات معيشية حادة بشكل يومي، والأسعار في ارتفاع مستمر، والخدمات الأساسية شبه غائبة، ومع ذلك لا تتحرك الحكومة لمواجهة هذه الأزمة بشكل جدي وملموس".
واشار الى ان "الفشل الحكومي في هذا الشأن يشجع على الاستمرار في سياسات الفساد ويضعف الثقة بالمؤسسات العامة، ويترك الشعب عرضة لمعاناة مستمرة بلا حلول".
وخلص الى القول: ان "المواطن يستحق حكومة شفافة تعمل لمصلحته. لا مجرد إدارة للثروات العامة لمصلحة نخبة صغيرة على حساب الأغلبية".
علامات استفهام كثيرة
وجاء طرح المحلل السياسي داوود سلمان متسقا مع ما ذهب اليه الحساني، اذ اكد ان "ما نراه اليوم يؤكد أن الملف المالي في العراق أصبح أكثر تعقيداً مما هو معلن، وأن الفساد بات جزءاً متجذراً في نسيج العملية السياسية".
وقال في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "الإعلان الأخير عن رصد تضارب مصالح خمسة مسؤولين فقط، بين أكثر من 500 مكلف بالإفصاح عن الذمم المالية لا يمكن اعتباره مؤشراً حقيقياً على نزاهة النظام الإداري، وانما على العكس، فهو يفضح ضعف المؤسسات الرقابية وفشلها في مواجهة حجم النفوذ المالي الهائل الذي يسيطر على القرار السياسي".
وتابع قائلاً انه "خلال هذه الفترة التي تسبق الانتخابات، يبدو النفوذ المالي مكشوفاً بشكل غير مسبوق، حيث تتحرك الأموال الكبيرة في محاولة واضحة لشراء الذمم وشراء الولاءات السياسية".
وتساءل سلمان عن "كيف يمكن أن يكون عدد المخالفين الرسميين خمسة فقط، في حين أن الاستعراض المالي والبذخ هذه الفترة يبين بشكل فاضح حجم الثراء والثروة مجهولة المصدر لدى هؤلاء؟".
ورأى ان "الافصاح عن الذمم المالية غالباً ما يكون حبراً على ورق، والمخالفات التي يتم رصدها محدودة جداً مقارنة بالحجم الفعلي للفساد والنفوذ السياسي في المؤسسات الحكومية"، لافتا الى ان "هذا الفشل في ضبط الأموال والسيطرة على تضارب المصالح يعكس هشاشة الدولة، ويثبت أن العملية الانتخابية أصبحت رهينة للمال، لا إرادة الشعب".
وخلص الى القول ان "الأخطر في كل ما تقدم، هو أن استمرار هذه السياسات في فترة مالية ومعيشية صعبة يضاعف معاناة المواطنين ويزيد من فجوة الثقة بين الشعب والدولة"، مؤكدا ان "الفساد المالي المكشوف دون محاسبة حقيقية، يضرب أسس الديمقراطية نفسها، ويحوّل الانتخابات إلى مجرد مسرح لاستعراض النفوذ والثراء الشخصي، بدل أن تكون أداة لممارسة الإرادة الشعبية".
فساد مالي يعمّق معاناة المواطنين
الى ذلك، قال المراقب للشأن السياسي زين العابدين البصري، ان غياب الشفافية ما زال يحيط بملفات الإفصاح عن الذمم المالية والممتلكات، وهو الملف الذي يُفترض أن يكون حجر الزاوية في محاربة الفساد، لكنه يبدو، اليوم، بعيدًا كل البعد عن الواقع.
البصري اشر في حديثه لـ"طريق الشعب"، ان المواطن اضحى "يشاهد بعيون مفتوحة كيف تتدفق الأموال خلال الحملات الانتخابية بلا قيود واضحة أو رقابة فعالة، ويطرح نفسه السؤال البديهي: من أين تأتي هذه الأموال، ومن يستفيد منها، ولماذا لا تُكشف أمام الرأي العام؟".
وتابع قائلاً ان "البرلمان في دورته الخامسة يبدو عاجزاً بشكل فاضح، وربما متواطئاً بطريقة غير مباشرة، إذ يقتصر دوره على التأكيد على الإجراءات الشكلية دون ترجمتها إلى ممارسات فعلية تحمي المال العام".
ويجد البصري ان هذا العجز "يعطي انطباعاً بأن منظومة الفساد متغلغلة وقوية ومستمرة واصبحت بلا رادع، وأن أي حديث عن الإصلاح أو مكافحة الفساد في ظل هذه المعادلة القائمة، يظل شعاراً إعلامياً، لا أكثر ولا أقل".
واردف بالقول ان استمرار هذا الوضع يضعف ثقة المجتمع بالمؤسسات الضعيفة اساساً، ويغذي شعور الناس باليأس والإحباط، ويؤسس لمزيد من الانقسام الاجتماعي والسياسي، داعيا الجهات المعنية الى "تفعيل رقابة فعلية واستقلالية حقيقية للهيئات الرقابية، لأننا، بخلاف ذلك، سنشهد استمرارا للفساد كقاعدة حاكمة، وستبقى المؤسسات عاجزة عن حماية المال العام أو ضمان نزاهة العملية السياسية".
********************************************
راصد الطريق.. الأرقام تسولف
كشف مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية عن تراجع مقلق في مؤشرات حرية الصحافة والإنترنت، وارتفاع كبير في حجم الانتهاكات بحق الصحفيين.
ففي مؤشر حرية الصحافة، حصل العراق عام 2024 على 30 من أصل 100 نقطة، مقارنة بـ 25 نقطة فقط عام 2023، في حين كانت النقاط في أعوام 2020 و2021 وما قبلها تدور حول 40 نقطة. وهو ما يعكس تراجعاً واضحاً في مستوى الحريات الصحفية.
وفي حرية الإنترنت سجل العراق أدنى مستوى خلال السنوات الأربع الأخيرة، إذ بلغت نقاطه 40 من 100 في 2024، مقابل 43 و42 و41 في السنوات السابقة.
وعلى صعيد الإفلات من العقاب في الجرائم ضد الصحفيين، أظهر التقرير وجود 17 قضية قتل صحفيين ما زالت غير محسومة منذ أكثر من عشر سنوات.
وفي ملف الانتهاكات بحق الصحفيين، سجل عام 2024 رقماً بلغ 457 انتهاكا، وهو الأعلى خلال ست سنوات، متجاوزاً حتى أحداث عام 2019 التي شهدت 414 انتهاكا. علما ان عدد الانتهاكات بلغ 333 في 2023، و345 و280 و277 في السنوات التي سبقتها.
كل هذا يحدث في سنوات تقول السلطات إنها سنوات استقرار و"بحبوحة" حريات، فيما يبقى الواقع عنيداً لا يقبل الا بما يفرزه!
****************************************
الصفحة الثانية
الزراعة: انخفاض معدلات الأمطار قد يؤدي لإلغاء الخطة الزراعية
بغداد _ طريق الشعب
يؤكد مدير دائرة التخطيط في وزارة الزراعة، إن كمية المياه المخزنة قد انخفضت إلى درجة يحتكر استخدامها للشرب فقط، وقد لا يكون من الممكن الاستفادة منها للزراعة.
وصرح ياسر حسن، مدير دائرة التخطيط والمتابعة في الوزارة، أن الخطة الزراعية لهذا العام ستكون على مرحلتين: الأولى تتعلق بمياه الآبار وأنظمة الري الحديثة، حيث تم إدراج ما يقرب من 3 ملايين و500 ألف دونم من الأراضي التي تعتمد على هذه المصادر المائية ضمن الخطة الزراعية".
وقال حسن، ان "المرحلة الثانية تبدأ في شهر تشرين الثاني وتشمل الأراضي التي تعتمد على مياه الأنهار والسدود، وتبلغ مساحتها حوالي مليوني دونم".
ووفقاً لإحصاءات وزارة الزراعة، بلغت مساحة الأراضي ضمن الخطة الزراعية العام الماضي حوالي 6 ملايين دونم.
وأشار مدير دائرة التخطيط إلى أنه "في السنوات الماضية، كانت مساحة الزراعة والخطة الزراعية تتراوح بين 7 و8 ملايين دونم، لكن قلة الأمطار والجفاف تسببا في تناقص المساحة عاماً بعد عام".
ويتوقع المسؤول العراقي أنه إذا كانت معدلات هطول الأمطار هذا العام والسنوات القادمة مماثلة للعام الماضي أو أقل، فهناك احتمال "أن تزول الخطة الزراعية بالكامل".
****************************************
المجلس العراقي للسلم والتضامن يضيّف ملا بختيار لمناقشة {الديمقراطية ومستقبلها في العراق}
بغداد – طريق الشعب
أقام المجلس العراقي للسلم والتضامن أخيرا، ندوة فكرية حملت عنوان "الديمقراطية ومستقبلها في العراق"، وذلك على قاعة الديوان في نادي العلوية ببغداد، بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والثقافية ووفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي. واستضافت الندوة السياسي والمفكر ملا بختيار، فيما أدارها الدكتور علي الرفيعي، عضو المجلس والأمين العام لحزب التيار الاجتماعي الديمقراطي.
الديمقراطية ليست الانتخابات فقط
واستهل الرفيعي حديثه بمقولة مأثورة: "لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين"، مشيراً إلى أن ما تفتقده القيادات السياسية التي تسلّمت السلطة بعد عام 2003 هو الإيمان الحقيقي بهذا المفهوم.
وبيّن أن الانتخابات لا يمكن أن تكون المعيار الوحيد لقياس ديمقراطية النظام، فالديمقراطية تعني أيضاً حرية التعبير عن الرأي، وضمان الحق في الحصول على المعلومة، وحماية الأقليات الدينية والعرقية، إلى جانب تحقيق العدالة الاجتماعية.
وأشار الرفيعي إلى أن وجود أحزاب وجماعات مسلحة خارج إطار الدولة، فضلاً عن استغلال المال العام للتأثير على الناخبين، وهو ما يظهر بوضوح في الحملات الانتخابية الانتخابات يضعف الشرعية الكاملة للعملية. كما انتقد أداء مجلس النواب الذي "ابتعد في كل دورة انتخابية عن الممارسة الديمقراطية السليمة"، لافتاً إلى أن الدورة الحالية شهدت تمرير قوانين بآلية "السلة الواحدة"، وأخرى ذات صبغة طائفية جاءت كثمن لتسويات بين الكتل المختلفة.
نبذة عن ملا بختيار
وفي تقديمه للضيف، استعرض الرفيعي السيرة النضالية والسياسية لملا بختيار، مشيراً إلى بداياته في الحركة السياسية اليسارية ومشاركته الفاعلة في نضال القضية الكردية، ثم تدرجه في المناصب القيادية، وصولاً إلى عضوية الهيئة العامة للاتحاد الوطني الكردستاني. كما أشار إلى نشاطه الثقافي والإعلامي، حيث أصدر العديد من الصحف والمجلات المتخصصة، أبرزها جريدة "چاودير" ومجلة "المدنية في الشرق الأوسط"، فضلاً عن مؤلفاته التي بلغت 35 كتاباً، بينها "ثورة كردستان ومتغيرات العصر" الذي طبع باللغة العربية في العراق ولبنان ومصر.
ملا بختيار: الديمقراطية مشروع ناقص في العراق
في مداخلته، تطرق ملا بختيار إلى المتغيرات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، وما فرضته من تحديات على الفكر السياسي والاقتصادي، خصوصاً مع صعود مفهوم "العولمة". وأوضح أن الديمقراطية لا تكتفي بالبعد الداخلي في كل بلد، بل تحتاج إلى تعزيز التعاون والتقارب بين القوى الديمقراطية في أوروبا والعالم، بما ينسجم مع التطورات العالمية في الفكر والمنهج السياسي.
وبشأن التجربة العراقية بعد 2003، اعتبر بختيار أنها ما تزال "مشروعاً بين الواقع والطموح". وأكد أن دستور 2005 تضمن نصوصاً وآليات مهمة لبناء دولة ديمقراطية، لكن الطائفية والفساد سرعان ما أعاقا تطبيقه، مما أضعف ثقة المواطنين بالمؤسسات.
الديمقراطية خيار لا بديل عنه
ورغم التحديات، شدد بختيار على أن الديمقراطية تبقى الخيار الوحيد لبناء دولة مدنية عادلة تقوم على مبدأ المواطنة وسيادة القانون. لكنه ربط مستقبلها في العراق بضرورة إصلاح النظام الانتخابي، وتعزيز المشاركة الشعبية، وإعلاء قيم الحوار والشفافية، مؤكداً أن ذلك وحده كفيل بتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي يلبّي تطلعات العراقيين.
**********************************************
الشيوعي العراقي يشارك في مجلس عزاء الموسيقي الكبير الرفيق جمال السماوي
بغداد – طريق الشعب
شارك وفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي، في مجلس عزاء الفنان والموسيقي الكبير الرفيق جمال السماوي، الذي نظمته نقابة الفنانين العراقيين بالتعاون مع جمعية الموسيقيين العراقيين، تقديراً لمسيرته الفنية الطويلة وإسهاماته البارزة في المشهد الموسيقي العراقي.
وحضر المجلس عدد كبير من الفنانين، ومحبي وأصدقاء الفقيد، الذين قدموا واجب العزاء وعبروا عن احترامهم وإعجابهم بمسيرة السماوي الفنية والثقافية.
وضم وفد الحزب الشيوعي العراقي كل من الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية، والرفاق مفيد الجزائري، بسام محي صبحي الجميلي، وعلي مهدي. وقدّم الوفد التعازي إلى أسرة الفقيد، مؤكدين أن خسارته تمثل فقداً كبيراً للمشهد الفني العراقي ولجمهور الموسيقى في البلاد.
********************************
كل خميس.. الحركات الاجتماعية ترسم خرائط العدالة بفعل التضامن
جاسم الحلفي
لم تكفّ الحركات الاجتماعية العالمية عن تقديم دروس غنية في التضامن والدفاع عن السلام، وعن اتخاذ مواقف حازمة ضد الحرب والجبروت والتسلط. وتنوّعت أشكال هذا التعبير: مظاهرات، إضرابات، وقفات طلابية، بيانات نقابية، وكلها جسّدت حرص الشعوب على حقها في السلام والأمان وتقرير المصير. ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، واظبت هذه الحركات على تنظيم التظاهرات استنكارا للجرائم المرتكبة بحق المدنيين، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل إقامة دولته المستقلة.
في إيطاليا تجلّى هذا الحراك بنحو مؤثر. فبدعوة من النقابات العمالية، شهدت البلاد يوم 22 أيلول الجاري إضراباً عاماً، شلّ حركة النقل العام وأغلق الموانئ في جنوه وليفورنو، فيما عمّت المظاهرات 75 مدينة من روما إلى ميلانو ونابولي وغيرها وغيرها. وفي قلب العاصمة احتشد مئات الطلبة أمام محطة تيرميني، ملوّحين بالأعلام الفلسطينية ومرددين هتاف "فلسطين حرة". لم يكن ذلك مجرد رد فعل عاطفي على صور الوحشية الصهيونية في غزة، بل وإعلاناً عن أن الضمير الأوروبي الشعبي بدأ يتجاوز تردد الحكومات، وأن النقابات والطلاب باتوا شركاء فعليين في معركة العدالة.
هذا المشهد الإيطالي لم يكن استثناءً، بل امتداداً لموجة واسعة تجتاح أوروبا والعالم. ففي باريس وبرلين ومدريد ولندن وستوكهولم تتواصل المظاهرات، وفي الجامعات ترتفع أصوات الطلبة ضد الحرب. فلسطين لم تعد قضية بعيدة، بل غدت مرآة تكشف صدقية القيم التي تتغنى بها الديمقراطيات الغربية. والاعترافات المتتالية بدولة فلسطين، من بريطانيا إلى كندا وأستراليا وصولاً إلى فرنسا، لم تكن لتحدث لولا ضغط الشارع الشعبي المتواصل. هذه الاعترافات لم تكن هبة من الحكومات، بل جاءت استجابةً لضغوط القوى الشعبية التي فرضت عليها الإصغاء لإرادة شعوبها، وعدم البقاء بمنأى عن الحراك الاجتماعي العالمي.
الأهم أن هذا التضامن لم يعد مجرد تعاطف أخلاقي، بل تحول إلى أداة فعلية في مواجهة ثقافة الحرب. الجيل الجديد، الذي نشأ وسط إعلام يغذي العنف ويقدّم الحرب كفرجة يومية في السينما وألعاب الفيديو، بدأ يكتشف أن إنسانيته على المحك. حين يرفع علم فلسطين، فإنه لا يتضامن مع شعب بعيد فحسب، بل يدافع عن حقه في العيش في عالم لا تحكمه القوة الغاشمة. لذلك صار التضامن ممارسة يومية: إضراب في مدرسة، وقفة في ساحة، مقاطعة في متجر، أو إغلاق لميناء.
من غزة المحاصرة إلى شوارع روما، يتشكل خيط مقاومة واحد. هناك يقاوم الناس بالدم والأنقاض، وهنا يقاومون برفع الصوت. كلاهما فعل سياسي يفتح أفقاً جديداً للسلام، وهو سلام لا يُملى من فوق ولا تصوغه موائد التفاوض، بل ينبت من الأسفل، من وجدان الناس وضميرهم الحي.
فلسطين اليوم لا تدافع عن نفسها فقط، بل تهب العالم درساً غير مسبوق: أن التضامن حين يتجسد بالفعل، يصبح قوة قادرة على تغيير موازين السياسة. إنها تنقل القضية من ملف إقليمي محاصر إلى معيار عالمي لصدقية العدالة، وتمنح السلام معنى لا ينفصل عن الحرية ولا يقوم إلا بها.
*************************************
نعي
الرفيق فاضل الموسوي (ابو سلام).. وداعاً
بألم وحزن عميقين، تلقينا نبأ الرحيل الفاجع للرفيق فاضل الموسوي (ابو سلام)، بعد مرض لم يمهله طويلاً. برحيل الفقيد ابو سلام خسرنا رفيقاً مثابراً، نشطاً ومخلصاً للحزب، ومدافعاً ثابتاً عن مواقفه وسياساته.
ومنذ عام 2003 بعد التغيير اسهم الراحل في مختلف النشاطات والفعاليات للحزب، وباقتدار نهض بمسؤولياته التي كلف فيها بشأن ادارة مقر اللجنة المركزية للحزب في بغداد.
كما عمل الفقيد بهمة ونشاط في عمل لجنة العلاقات الوطنية، وكذلك في مسؤولية اللجنة الاجتماعية المركزية.
في هذه الخسارة الكبيرة نتقدم بخالص العزاء والمواساة الى عائلته ورفاقه ومحبيه، راجين لهم الصبر والسلوان.
لرفيقتنا العزيز ابو سلام عاطر الذكر.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
24/ 9/ 2025
***************************************
الصفحة الثالثة
صوت الغضب يتصاعد موظفون ومعلمون ومواطنون يطالبون بالعدالة والإنصاف
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت مدن عدة سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات التي عبّر من خلالها مواطنون وشرائح مختلفة من الموظفين والمعلمين والأهالي عن مطالب متنوعة، تراوحت بين المطالب الخدمية والحقوق الوظيفية والعدالة الاجتماعية، وصولاً إلى قضايا إنسانية مرتبطة بحقوق الإنسان والعدالة الجنائية.
احتجاج موظفي نفط البصرة
ونظم موظفو شركة نفط البصرة المعارون للعمل مع شركة توتال إنرجيز يوم الثلاثاء وقفة احتجاجية سلمية أمام مقر الشركة في مخيم المجال بعد انتهاء الدوام الرسمي.
ورفع الموظفون شعارات تطالب بتنفيذ بنود اتفاقية الإعارة وسياسة الموارد البشرية المنظمة لأوضاعهم المالية والإدارية، مؤكدين أن الاحتجاج حضاري ولا يهدف إلى تعطيل العمل أو التأثير على سير العمليات النفطية.
وقال عدد منهم "وقفتنا اليوم سلمية وهدفها حماية حقوقنا. احتجاجنا حضاري ولا يعطل العمل، ونحن ملتزمون بواجباتنا اليومية. لكن شركة توتال لم تلتزم باتفاقية الإعارة ولا بسياسة الموارد البشرية، وهناك تأخير في صرف الرواتب والبدلات والمكافآت."
وأضافوا أن مطالبهم تشمل احترام اتفاقية الإعارة، وتطبيق سياسة الموارد البشرية على جميع المعارين، وتعويض الإجازات غير المستخدمة مالياً، واحتساب الساعات الإضافية بعد 154 ساعة عمل شهرياً، وضمان المساواة في المكافآت مع موظفي نفط البصرة وغاز الجنوب.
وحذروا من استمرار تجاهل حقوقهم، مؤكدين أنهم سيلجؤون إلى التصعيد السلمي عبر رفع شكاوى رسمية إلى الجهات الحكومية، واللجوء إلى القضاء، ومواصلة تنظيم الوقفات الاحتجاجية حتى تحقيق كامل مطالبهم.
وشهدت منطقة الجنينة في محافظة البصرة، تظاهرة واسعة نظمها مواطنون مشمولون بالمادة 140 من الدستور العراقي، مطالبين بصرف التعويضات المالية وقطع الأراضي المقررة لهم منذ سنوات، والتي لم يحصل عليها أغلبهم حتى الآن.
وقال عدد من المتظاهرين إن عدد المشمولين بالمادة 140 يقدر بنحو 170 ألف شخص، ولم تتمكن سوى قلة قليلة منهم من استلام التعويضات المقررة والتي تشمل مبلغ 10 ملايين دينار عراقي مع قطعة أرض سكنية.
وأكدوا أن عملية صرف التعويضات اقتصرت على أصحاب العلاقات والنفوذ، ما فاقم معاناتهم وطالبتهم بمحاسبة الجهات المسؤولة.
وأضاف المتظاهرون: "خرجنا لإيصال أصواتنا، ونتوعد المسؤولين بخطوات تصعيدية تشمل مقاطعة الانتخابات المقبلة إذا استمر تجاهل حقوقنا."
وشهدت التظاهرة رفع شعارات تطالب الحكومة بسرعة تنفيذ المادة 140 وضمان وصول الحقوق إلى جميع المستحقين، بعيداً عن المحسوبيات والواسطة، معتبرين أن هذا الإجراء هو أقل ما يمكن تقديمه لتعويضهم عن سنوات الحرمان من حقوقهم المشروعة.
معلمو نينوى يطالبون بالنقل
وفي نينوى، طالب 121 معلماً ومدرساً من المعيّنين في عام 2020 بالسماح لهم بالنقل إلى مركز مدينة الموصل بعد إتمامهم المدة القانونية للخدمة في أقضية بعيدة مثل البعاج وربيعة التي تبعد نحو 170 كيلومتراً عن أماكن سكناهم.
وقال عدد من المحتجين إنهم خدموا أكثر من خمس سنوات في تلك الأقضية، في وقت نُقل فيه بعض زملائهم إلى داخل الموصل مباشرة دون أن يخدموا يوماً واحداً في المناطق النائية. وأشاروا إلى أن التعيينات الأخيرة التي وفرت أكثر من 22 ألف معلم وإداري، إلى جانب عقود جديدة، كان يفترض أن تُنهي معاناتهم، لكن المشكلة ما زالت قائمة.
وأكدوا أن مطالبهم تتمثل في إصدار قرارات منصفة تعالج الغبن وتضمن العدالة في توزيع الملاكات التربوية، استناداً إلى القانون العراقي الخاص بوزارة التربية الذي ينص على خدمة المعلمين والمدرسين في أطراف المدن بداية التعيين على أن يُنقلوا لاحقاً إلى مناطق أقرب بعد إكمال المدة القانونية.
أهالي الدسيم يطالبون بالخدمات
وفي العاصمة بغداد، تظاهر العشرات من أهالي منطقة خضراء الدسيم أمام مبنى مجلس محافظة بغداد، للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية وإنشاء مدرسة لأبنائهم.
المحتجون وجهوا هتافات ضد الحكومة المحلية، مطالبين المحافظ بالحضور شخصياً إلى موقع التظاهرة والاطلاع المباشر على معاناتهم، ولوّحوا بالتصعيد في حال تجاهل مطالبهم.
وقال المتظاهرون: "نحن أهالي منطقة خضراء الدسيم نطالب رئيس الوزراء بالتدخل الفوري لحل مشاكلنا ونرفض سياسة التهميش. نطالب بتوفير الماء والمدرسة والتبليط والمجاري، فمناطقنا منكوبة ولا توجد فيها أي خدمات عامة."
احتجاج عشائري بعد وفاة معتقل
وفي محافظة واسط، أقدم العشرات من أبناء عشيرة العايد على قطع الطريق العام المقابل لمستشفى الزهراء في حي الكفاءات بمدينة الكوت، احتجاجاً على وفاة أحد أبنائهم البالغ من العمر 48 عاماً، بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية مجهولة.
وبحسب أقارب الضحية، فقد تم اعتقاله من دون معرفة الجهة المنفذة للعملية، قبل أن يتم الاتصال بالعائلة بعد ساعتين لإبلاغهم بوجوده في المستشفى وقد فارق الحياة. وأكدوا وجود آثار تعذيب على جسده وساقيه.
وقال أحد أقارب المتوفى: "الرجل يعمل نائب ضابط في الجيش، وقد اعتقلته قوة لم نتأكد من هويتها حتى الآن، ربما تكون من المكافحة أو الشرطة. لاحظنا آثار تعذيب واضحة عليه، ما دفعنا إلى هذا التصعيد الاحتجاجي للمطالبة بالقبض على القوة المتورطة والتحقيق معها."
وقد تدخل قائد شرطة المدينة ووعد بفتح تحقيق رسمي في الحادث، غير أن الوساطات لم تنجح في ثني المحتجين عن مواصلة اعتصامهم أمام المستشفى.
*************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق ومشاكل الطاقة
حفلت العديد من وسائل الإعلام خلال الأسبوع الحالي بتحليلات وتقارير إخبارية عن مشاكل الطاقة في العراق، سواء فيما يتعلق بتصدير النفط أو تلك المرتبطة باستيراد الغاز.
تصدير نفط الإقليم
ففي مقال له على موقع (Oilprice.com)، كتب ميشيل كيرن مقالًا ذكر فيه أن بغداد قد منحت موافقة أولية لاستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان، والتي توقفت منذ عامين ونصف، على أن تسلّم حكومة الإقليم ما لا يقل عن 230,000 برميل يوميًا إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، مع احتفاظها بخمسين ألف برميل يوميًا للاستهلاك المحلي.
وأضاف الكاتب أن هذا التغيير يبشّر بقرب حل الخلاف الطويل الأمد حول صادرات النفط وتوزيع الإيرادات بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل. وعلى الرغم من أن الأمر لم يكن مفاجئًا، إذ لطالما كان العراق قريبًا من استئناف صادرات نفط كردستان عبر خط الأنابيب المتجه إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، فإن الفشل في حل العديد من القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وبين العراق وتركيا، وكذلك بين العراق وشركات النفط الأجنبية العاملة في كردستان، قد حال دون مواصلة التصدير إلى الساحل التركي حتى الآن.
وأشار الكاتب إلى أن قرار بغداد يتضمّن أيضًا منح شركات النفط الأجنبية موافقة مبدئية على خطة استئناف التصدير، وهو ما كشفه أحد التنفيذيين في شركة نفط دولية تعمل في كردستان لوكالة رويترز، حيث قال إن المناقشات مكثفة اليوم، وإنهم أقرب إلى اتفاق ثلاثي من أي وقت مضى، بعد أن أبدى الجميع مرونة.
وأكد الكاتب أن نجاح الطرفين في تطبيق الاتفاق سينهي صراعًا بينهما دام سنوات حول الجهة التي ينبغي لها، دستوريًا، احتكار تصدير النفط وتوزيع الإيرادات الناتجة عنه، خاصة وأن كلًّا منهما دأب على منح هذا الحق لنفسه، وهو ما أبقى التصدير، الذي بلغ متوسطه 400 ألف برميل يوميًا، متوقفًا لأكثر من عامين.
قضية الغاز التركمانستاني
ونشر موقع Alnvest مقالًا حول محاولة العراق استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر إيران، بهدف التخفيف من أزمة الكهرباء المزمنة التي يعاني منها، وهو المسعى الذي تعرقل بسبب عدم موافقة الولايات المتحدة، ما أجبر بغداد على البحث بشكل عاجل عن حلول بديلة لتأمين إمدادات الكهرباء المحلية.
وذكر الموقع أن بغداد وعشق آباد قد اتفقتا في عام 2023 على استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر إيران، رغم معرفتهما بأن هذا المسار ينطوي على مخاطر انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، مما يجعل الموافقة الأميركية ضرورية. ورغم أشهر من الجهود الدبلوماسية، لم تمنح الولايات المتحدة الموافقة المطلوبة. وقد أدّت سياسة "الضغط الأقصى" التي تبنتها إدارة ترامب ضد إيران إلى تعقيد مهمة العراق، خاصة في ظل التوازن الدقيق الذي تحاول بغداد الحفاظ عليه بين حليفين رئيسيين هما واشنطن وطهران.
تفاصيل الاتفاقية المقترحة
وذكر الموقع أن خطة العراق كانت تتضمّن استيراد نحو 50.25 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز التركماني، بمساعدة الشركة الوطنية الإيرانية للغاز، التي كانت ستستخدم جزءًا من الغاز، لا يتجاوز 23 في المائة منه، لتلبية احتياجاتها المحلية، على أن يتم إشراك جهات رقابية دولية من أطراف ثالثة لضمان الالتزام بالعقوبات الأميركية ولوائح مكافحة غسيل الأموال.
انهيار الاتفاقية
وبسبب تصاعد الضغوط الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني، انهارت الاتفاقية، مما وضع العراق في موقف حرج، خاصة مع اعتماده الكبير على الغاز المستورد من إيران منذ أكثر من عقد، والذي يوفّر ما يقرب من ثلث احتياجات العراق من الكهرباء.
وأشار المقال إلى أن العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، قد فشل حتى الآن في الاستفادة من الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط بسبب ضعف الاستثمارات والنقص في البنية التحتية اللازمة. وفي الوقت الذي يؤدي فيه نقص الغاز الإيراني إلى خفض قدرة إنتاج الكهرباء في العراق بنحو 3,000 ميغاواط، وهو ما يعادل أكثر من 10 في المائة من إجمالي الطاقة الإنتاجية المركبة البالغة حوالي 28,000 ميغاواط، يقترح الخبراء حلولًا عاجلة يمكن لبغداد اعتمادها، مثل استيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG) من قطر وعُمان، مع استئجار وحدة عائمة لاستقبال هذا الغاز، وتسريع تطوير مشاريعها في مجال الغاز الطبيعي، كمشروع حقل الرطاوي الذي تعاقدت عليه شركة TotalEnergies الفرنسية باستثمارات تبلغ 27 مليار دولار، ومشروع إعادة تطوير حقول كركوك العملاقة لاستخراج ما يصل إلى 3 مليارات برميل من المكافئ النفطي، والذي تعاقدت عليه شركة BP البريطانية.
***************************************
عين على الأحداث
هيّه عايزه!
كشفَ البنكُ المركزيُّ أنَّ عددَ بطاقات "توطين الرواتب" قد بلغ 5.6 ملايين بطاقة، وهو رقم يفوق عدد الموظفين المثبَّتين لدى الدولة بأكثر من 1.6 مليون بطاقة. الناسُ الذين يعرفون أنَّ السببَ الحقيقيَّ للمشكلة يكمن في وجود موظفين وهميين، أو ما اصطلح على تسميتهم بـ"الفضائيين"، أو نتيجة التلاعب في الأرقام، سخروا من الادعاء بأنَّ هذا الفرق جاء بسبب عدم شمول البطاقات لموظفي دوائر "التمويل الذاتي"، وذلك لأن أعداد هؤلاء الموظفين لا تكفي لتغطية هذه الفجوة الهائلة. هذا، وتجدر الإشارة إلى أنَّ حكومات البلاد المتعاقبة قد اعترفت، جهارًا نهارًا، بوجود هؤلاء "الفضائيين" في الدولة، في قطاعيها المدني والعسكري.
أعلل النفس بالآمال!
أعلنت الحكومة عن تطلعها إلى وجود عراق متحرر من الريع النفطي، وذي اقتصاد متنوع ومستقر، مع زراعة مستدامة، وصناعة تحويلية رائدة، وأن يكون بوابةً لعبور 20 في المائة من التجارة بين آسيا وأوروبا عبر مشروع "طريق التنمية" الحيوي، إضافة لتحقيق الاكتفاء الغذائي والمائي والطاقة بنسبة 70 في المائة. هذا، وقد تزامن الإعلان المتفائل مع قرار وزارة الصناعة بتصفية المزيد من المعامل والمصانع وبيعها كـ"خُردة"، ومع قرار وزارة الزراعة بتقليص المساحات المزروعة بنسبة كبيرة جراء الجفاف، ومع اشتداد أزمة الكهرباء، وفشل الاتفاق مع إيران وتركمانستان لاستيراد الغاز، وأخيرًا مع التوقعات بنقص كبير حتى في مياه الشرب.
إداراتنا الموحدة محسودة!
تساءلت لجنة العلاقات الخارجية رسميًا عن صحة ما تناقلته وسائل الإعلام حول عدم إيداع وزارة الخارجية خارطة المجالات البحرية لدى الأمم المتحدة لغرض أرشفتها، حفظًا لحدود العراق المائية، مطالبةً بعقد جلسة نيابية خاصة لمعالجة هذا التقصير بسرعة، لاسيما مع غياب الشفافية في قضية "خور عبد الله". هذا، وفيما تعكس هذه القضية الفوضى التي نعيشها في ظل منظومة المحاصصة، التي أضعفت هيبة الدولة والطابع المركزي لإدارتها، وخلقت مصادر متعددة للقرار، فإنها تشدد على الحاجة إلى وجود استراتيجية واحدة لحماية مصالح العراق الدولية واستقلاله وسيادته الوطنية، وإسناد تطبيقها إلى مؤسسات دستورية منبثقة من الشعب وخاضعة لرقابته.
ما حلّلوا خبزتهم!
وصف عددٌ من النواب الدورةَ البرلمانية الحالية لمجلسهم بالأضعف والأقل فاعلية، سواء في الجانب التشريعي أو الرقابي، جراء فشل الجلسات في تلبية مطالب المواطنين، واقتصارها على خدمة فئات محدودة، وتمريرها قوانين دون اكتمال النصاب، والانشغال بالصراعات السياسية، وتشجيع الاستقطاب الطائفي والإثني، وتعطيل الجلسات بالمقاطعة والغيابات غير المبررة، وضعف الانسجام داخل هيئة الرئاسة، وسعي بعض الكتل إلى استثمار الانقسامات الطائفية على حساب الوطن. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن المجلس لم يعقد سوى 51 في المائة من التزامه بالجلسات، ولم يشرّع سوى 25 في المائة مما كان يُنتظر منه من قوانين، ولم يستجوب الحكومة طيلة 4 سنوات.
لا للنعرات القبلية
حذّر ناشطون من مخاطر التحشيد القبلي قبيل الانتخابات، لاسيما في بعض المناطق المبتلية بالخلافات العشائرية لسنوات طويلة، حيث يُوصَف الظفر بمقعد برلماني بأنه "نصرٌ على الخصوم"، وتُعَد الخسارة "عارًا".وفي الوقت الذي يُعَدّ فيه هذا النهج انتكاسةً لقيم التحضر والديمقراطية، وعودةً مدمّرة إلى أساليب ما قبل الدولة، وتهديدًا جديًا للسلام الأهلي ولِبناء مؤسسات قادرة على تحقيق التنمية، فإنه يعكس حجم وعمق الخراب الذي أنتجته منظومة المحاصصة والفساد، وما سببته من استقطاب ممزق لوحدة العراقيين، وأهمية الخلاص منها بالمشاركة في التصويت لصالح القوى المدنية القادرة على تحقيق التغيير الشامل.
****************************************
الصفحة الرابعة
هشاشة البنية الإنتاجية وغياب التخطيط الاستراتيجي اقتصاديون: غياب الإصلاحات الجذرية يبدد فرص تحويل الثروات إلى تنمية مستدامة
بغداد – تبارك عبد المجيد
برغم امتلاك العراق ثروات نفطية ومقومات اقتصادية ضخمة، لا يزال اقتصاده يعاني من اختلالات بنيوية عميقة، انعكست على حياة المواطنين بشكل مباشر، بدءاً من هشاشة البنية الإنتاجية، مروراً بغياب التخطيط الاستراتيجي، وصولاً إلى تفاقم الغلاء وتآكل القدرة الشرائية.
يقول خبراء اقتصاديون، أن الفساد والاعتماد المفرط على النفط، وضعف الإدارة الاقتصادية، تشكل عوامل جعلت أي تحسن في المؤشرات المالية هشّاً ومؤقتاً. فيما يظل المواطن عاجزاً عن لمس نتائج هذا التحسن في تفاصيل حياته اليومية.
تراكمات كثيرة
الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عيد، يرجع أسباب هذه الأزمة إلى تراكمات كثيرة تشمل الفساد وضعف الإدارة، إلى جانب اعتماد البلاد شبه الكامل على النفط كمصدر رئيس للإيرادات.
ويقول عيد لـ"طريق الشعب"، إن هذا الاعتماد جعل الاقتصاد العراقي رهينة لتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية، ما يضع الموازنة العامة في مهب التذبذب الدائم، ويؤثر بصورة مباشرة على قدرة الدولة في تمويل مشاريعها أو تحسين الخدمات الأساسية.
ويضيف أن "الفساد المستشري في مؤسسات الدولة عطّل نمو قطاعات إنتاجية أساسية مثل الزراعة والصناعة، وأضعف قدرة الدولة على بناء مشاريع تنموية مستدامة"، لافتاً إلى أن بيئة الاستثمار لا تزال تعاني من تحديات جسيمة تتمثل في غياب الاستقرار السياسي والإداري، وتعقيدات البيروقراطية، وانعدام الثقة بين الدولة والمستثمرين المحليين والأجانب.
هذه الاختلالات البنيوية انعكست بوضوح على الأسواق المحلية، حيث بات ارتفاع الأسعار ظاهرة مستمرة.
ويجد عيد أن "السبب الرئيس وراء ذلك هو اعتماد السوق العراقي بشكل كبير على الاستيراد، ما يجعله متخلخلا مع حدوث أي تغيّر خارجي في أسعار السلع. كما أن غياب الرقابة الحكومية الفاعلة، وتراجع دور البطاقة التموينية، وارتفاع تكاليف النقل والتوزيع داخل البلاد، كلها عوامل أسهمت في تفاقم الغلاء، وتآكل القدرة الشرائية لدى المواطنين.
ويردف المتحدث كلامه بأن العراق يمتلك إمكانات اقتصادية ضخمة يمكن أن تؤهله للتحول إلى اقتصاد متنوع وقوي، إذا ما وُضعت سياسات إصلاحية جادة، تستهدف مكافحة الفساد، وتنويع مصادر الدخل، وتوفير بيئة استثمارية مستقرة. لكنه يحذر من أن استمرار الأوضاع الراهنة، في ظل غياب التخطيط الاستراتيجي واستمرار الاضطرابات السياسية والإدارية، سيُبقي الاقتصاد في حالة تراجع دائم ويزيد من معاناة المواطنين.
مزيج معقد
من جهته، رهن الأكاديمي والباحث الاقتصادي د. نوار السعدي، ضعف الاقتصاد العراقي بـ"مزيج معقد" من العوامل الهيكلية والسياسية والإدارية، تجعل أي تحسن اقتصادي مؤقتاً وهشاً، وغير قابل للاستدامة.
وقال السعدي لـ"طريق الشعب"، إن العراق، على الرغم من امتلاكه ثروة نفطية هائلة، لم ينجح حتى الآن في تحويل هذه الثروة إلى قاعدة اقتصادية متنوّعة وقوية.
وأضاف أن الاعتماد المفرط على النفط لا يمثل مشكلة تقنية فحسب، بل يرتبط بكيفية إدارة الإيرادات وتخصيصها، موضحا أن المؤسسات المالية ما زالت عاجزة عن خلق قاعدة ضريبية فاعلة أو تحويل الفوائض النفطية إلى استثمارات طويلة الأمد، إذ تُستخدم في الغالب لتغطية النفقات الجارية مثل الرواتب والدعم، ما يترك الاقتصاد عرضة لصدمات أسعار النفط، ويضعف قدرة الدولة على تمويل مشاريع إنتاجية مستدامة.
وأشار السعدي إلى أن البنية التحتية وقطاع الطاقة يمثلان عقبة رئيسية أمام النمو، لافتاً إلى أن شبكة الكهرباء ما تزال مهترئة، وأن اعتماد العراق على واردات الغاز والكهرباء من الخارج، يجعله عرضة لضغوط سياسية.
كما شدد على أن حرق الغاز المصاحب يمثل هدراً اقتصادياً وبيئياً، ويحرم البلاد من فرص استثماره كمورد للطاقة والدخل.
وفي جانب آخر، اعتبر السعدي أن الفساد والجمود المؤسسي من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد، حيث تخضع السياسات المالية والإنفاق العام لمنطق سياسي قصير الأمد، بدلاً من التخطيط الاستراتيجي، ما يفسر – بحسب قوله – عدم تحول البرامج الحكومية الواسعة إلى إنجازات اقتصادية ملموسة.
وعن تقييمه للخطط الاستراتيجية الحكومية الحالية، أشار إلى وجود مبادرات إيجابية في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة وتطوير الغاز المحلي عبر اتفاقات مع شركات عالمية، لكنه شدد على أن معظم هذه المشاريع ما تزال على الورق وتفتقر إلى آليات تمويل مستدامة وإطار مؤسسي قوي.
وبيّن أن نجاح هذه الخطط مشروط بإصلاحات ضريبية وجمركية حقيقية، إضافة إلى إنشاء صندوق سيادي يضمن تحويل نسبة ثابتة من الفوائض النفطية إلى احتياطيات واستثمارات طويلة الأجل.
أما بشأن ارتفاع أسعار السلع والخدمات في العراق، فقد أوضح السعدي أن الأسباب متشابكة، إذ ترتبط جزئياً بارتفاع تكاليف السلع عالمياً واضطرابات سلاسل الإمداد، لكن العوامل الداخلية تبقى الأكثر تأثيراً، ومنها ضعف الإنتاج المحلي، وتذبذب سعر الصرف، ووجود سوق موازية للعملة، فضلاً عن السياسات الحكومية الطارئة التي تزيد السيولة دون إنتاج مقابل.
وزاد بالقول أن الرسوم الجمركية والتعقيدات البيروقراطية واللوجستية تسهم في رفع الأسعار، ما يجعل التضخم في العراق ظاهرة مركبة تحتاج إلى حلول متكاملة تشمل السياسة النقدية والهيكلية.
وختم السعدي بالقول إن الطريق للخروج من المأزق الاقتصادي لا يكمن في البرامج الرمزية، بل في إجراءات جذرية يبدأ تطبيقها فوراً، مثل: تخصيص جزء ثابت من الإيرادات النفطية لصندوق سيادي، إصلاح النظام الضريبي وتوسيع قاعدته، استثمار الغاز المصاحب بعقود شفافة مع شركات كبرى، وإعادة هيكلة الإنفاق العام ولا سيما كتلة الأجور. واعتبر أن هذه الإجراءات كفيلة بتحويل الاستراتيجيات الحكومية من وعود إلى واقع اقتصادي منتج ومستدام، ينعكس على خفض الأسعار وتحسين مستويات المعيشة.
متغيرات جيوسياسية
أما الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي فقد ربط العوامل التي ساهمت في انخفاض سعر صرف الدولار خلال الفترة الماضية بـ"التحول التدريجي في التجارة نحو استخدام الحوالات الخارجية المباشرة، وهو ما قلّل من الطلب على الدولار النقدي في السوق الموازي".
وقال الهاشمي لـ"طريق الشعب"، أن البنك المركزي العراقي ضخ خلال النصف الأول من العام الحالي أكثر من 820 مليون دولار نقداً، إضافة إلى نحو 3 مليارات دولار عبر البطاقات الإلكترونية، الأمر الذي عزز حصول المواطنين والتجار على الدولار بشكل نظامي وبالسعر الرسمي.
وأضاف أن المتغيرات الجيوسياسية التي شهدتها بعض دول الجوار من مواجهات وتغييرات في الأنظمة وتشديد على الحدود، لعبت دوراً مهماً في تقليل الضغط على سحب الدولار النقدي العراقي من الأسواق المحلية.
وتابع أن انخفاض السيولة الحرة من الدينار، وزيادة التعاملات بالدينار عبر الدفع الإلكتروني، ساهما بدورهما في تقليل حالة "الدولرة" داخل الاقتصاد العراقي، مردفا أن "بوادر الركود الاقتصادي وتراجع النشاط التجاري في الأسواق انعكست هي الأخرى على أسعار صرف الدولار".
ونبه الخبير الاقتصادي الى أن ارتفاع قيمة الدينار أمام الدولار لم يقابله انخفاض في أسعار السلع والخدمات، إذ ما زالت المستويات السعرية مرتفعة، وهو ما يعكس بحسب قوله "حقيقة اقتصادية تتعلق بمرونة الأسعار، حيث ترتفع سريعاً مع انخفاض قيمة الدينار، لكنها لا تنخفض بالوتيرة نفسها عند تحسن قيمته".
***************************************
جدليات الاستثمار الأجنبي في العراق
إبراهيم المشهداني
يؤشر مستوى التخلف الاقتصادي في العراق مقارنة باقتصاديات بعض دول المنطقة والعالم، إلى الحاجة إلى منظومة من المشاريع الاستثمارية وخاصة الأجنبية نظرا لقلة الخبرة لدى المستثمرين العراقيين، غير أن التوجه للاستثمارات الأجنبية تشكل مواضيع جدلية بين خبراء وصانعي السياسات الاقتصادية الوطنية على ان يظهر هذا حتى لدى صانعي السياسات الاقتصادية في العالم، لهذا يتعين تشجيع المناقشات الموضوعية حول هذه المسائل الجدلية بهدف الوصول إلى قانون تشجيع الاستثمار الأجنبي واجتذابه.
وما يهمنا في العراق هو البحث في مزايا الاستثمار الأجنبي المباشر والتوقف عند فوائده كمصدر تمويلي خارجي للمشاريع الاقتصادية الإنتاجية والخدمية في إطار الاستراتيجيات الإنمائية الوطني وأولوياته. فأن مزايا الاستثمار المباشر باتت واضحة وذات أهمية ملحوظة بالنسبة لتجارب إنمائية عالمية لافتة كالصين والهند وماليزيا والمكسيك والبرازيل والعديد من دول العالم، ومن مزاياها اكتساب التقنيات الحديثة ومكافحة البطالة من خلال توفير الفرص التي توفرها وتنمية وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني وبالتالي تنويع مصادر الدخل، وهذا ما يحتاجه العراق أكثر من أي وقت مضى في إطار سياسته وتوجهاته لإصلاح الاقتصاد وتنويعه وإعادة الاعمار ومعالجة مشكلة البطالة التي تتفاقم يوما بعد آخر بسب تزايد النمو السكاني من جهة وتفاقم عدد الخريجين من جهة أخرى، وكذلك تحسين نوعية الخدمات وتوسيعها وهي ضرورة ماسة يفرضها النقص الملحوظ في الموارد المالية الداخلية بالنسبة للكلفة الكبيرة المقدرة لتحقيق البرامج والمشاريع التي طالما توقفت عندها البرامج الحكومية للدورات السابقة كما هو معروف.
إن تقديم التسهيلات والدعم للاستثمار الأجنبي لا تعفيهما من الاشتراطات الضرورية لضبط إيقاعها كما يراها الاقتصاديون العراقيون وهي أن التسهيلات المقدمة يجب ان تكون مدروسة ومرتبطة بسقوف زمنية دون أن تؤثر على المستثمر الوطني وأيضا قيام المستثمر الأجنبي بجلب رؤوس أمواله كشرط لتقديم الدعم اللازم من قبل الدولة، فضلا عن أن تكون الاستثمارات الاجنبية شاملة في أنشطتها في مختلف قطاعات الاقتصاد في الصناعة والزراعة والسياحة والنقل وأنظمة الرعاية الصحية، غير أن الملاحظ على الاستثمارات الأجنبية العاملة حاليا أنها انصرفت إلى قطاع العقارات والاعتماد على القروض التي يقدمها البنك المركزي وحتى بدون فوائد وأن هذه العقارات موجهة للأغنياء وأصحاب الدخول الثابتة والمضمونة في تسديد القروض، وأكثر من ذلك أن الشركات المستثمرة في هذا القطاع تستوفي تكاليف الوحدات السكنية مقدما وكأنها في هذه الأحوال تقوم بدور المشرف فحسب بدون أن تقدم رؤوس أموالها كما هو مطلوب فضلا عن ذلك فان مثل هذه المشاريع أبعد من أن تقوم بشمول الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمهمشة.
إن الهيئة الوطنية للاستثمار قد عرضت من خلال مؤتمر الكويت المنعقد في 14—15 شباط عام 2018 عشرة قطاعات استراتيجية للاستثمار تحتوي على 203 فرصة عمل انطلاقا من طبيعة البيئة الاستثمارية المتمثلة بالتنوع في طبيعة القطاعات والمشاريع التي تكون جاذبة ومغرية لرؤوس الأموال الأجنبية كالسياحة الدينية وقطاع العقارات والبنى التحتية المتهالكة والتي تتطلب إعادة اعمارها وقطاع السياحة وقطاعي الصناعة والزراعة. إلا أن ما عرضته الهيئة قد جوبهت بحزمة من المعوقات وفي مقدمتها الروتين الحكومي المرتبط بعمليات ابتزاز تفرضها اللجان الاقتصادية التابعة لأحزاب المحاصصة ومعوقات يفرضها انهيار القاعدة التحتية فضلا عن عوامل سياسية، فالفصائل المسلحة قد وضعت العقبات أمام الاستثمارات السعودية على سبيل المثال التي جرى التفاهم معها في عام 2018 للاستثمار في أراض صحراوية بالإضافة إلى قطاع الطاقة والبنى التحتية، وبعض الاقتصاديين يرجعون هذه العقبات إلى فيتو إيراني ضد الاستثمارات الخليجية مع ان هذه المشاريع تمت بالرغبة المشتركة ين العراق والسعودية ضمن سياسة مد الجسور والتعاون وبناء فرص الاستقرار والتقدم بين بلدين كبيرين. ان سياسة التعاون مع بلدان الجوار عموما والعربية خصوصا تقتضي ان تفوق اية اعتبارات ضيقة لصيقة بموروثات من ماض ضيق بسبب حروب الخليج التي اهدرت نصف قرن من التنمية وأضاعت فرص التعاون فيما بينها على حساب استقرارها وتقدمها.
******************************************
الصفحة الخامسة
المنافذ غير الرسمية وراء غياب التقييس والسيطرة النوعية بضائع مستوردة رديئة تُغرق الأسواق وتضرّ بالمستهلكين
متابعة – طريق الشعب
نظرا لترهل القطاع الصناعي وانحسار المنتجات المحلية، تتصدر البضائع المستوردة واجهات الأسواق في بغداد والمحافظات، ما يجعل المستهلك يواجه صعوبة في الحصول على منتج محلي، وإن حصل عليه سيجده خاضعا لمنافسة شرسة من شبيهه المستورد، الذي غالبا ما يكون رديئا أو حتى منتهي الصلاحية.
وكثيرا ما يشكو مواطنون من ان معظم البضاعة المستوردة المنتشرة في الأسواق، رديئة ولا تصمد حتى فترات قليلة، لا سيما بالنسبة للمواد الإنشائية والأجهزة الكهربائية والملابس، الأمر الذي يعكس عدم دقة فحص البضائع من قبل الدولة، قبل طرحها في الأسواق.
في المقابل، تؤكد وزارة التجارة أنها الجهة المسؤولة عن متابعة الاستيراد ومنح التراخيص ووضع ضوابط دخول البضائع إلى السوق المحلية بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارة التخطيط. لكن الجانبين يشيران أيضا إلى أن هناك تحديات يواجهانها، أبرزها تهريب البضائع الرديئة عبر منافذ غير رسمية.
جدير بالذكر، أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني اعلن الاثنين الماضي وهو يفتتح مصنع الأمبولات والأغطية البلاستيكية في بابل، أحد مشاريع القطاع الخاص، أعلن المحافظة (بابل) عاصمة العراق الصناعية. وذكر في كلمة بالمناسبة انه "بعد 2003 انتقلنا إلى اقتصاد مفتوح بما يسمى اقتصاد السوق، لكنه نوع هجين، وضاع شكل وفلسفة الاقتصاد العراقي بين انفتاح إلى حد الإغراق في السوق العراقية، وبعضه إغراق متعمد من قبل بعض الدول لإجهاض أي صناعة وطنية".
غياب الرقابة الحقيقية عن المنافذ
في حديث صحفي، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى الفرج أن "الاقتصاد العراقي يعاني غزو سلع رديئة تدخل عبر المنافذ الحدودية دون أن تخضع للتقييس والسيطرة النوعية"، مبينا أن "العراق يستورد سنويا بضائع بملايين الدولارات من دول الجوار، لكن غياب الرقابة الحقيقية على المنافذ الحدودية، فتح الباب واسعا أمام البضائع الرديئة التي أضرت بالمستهلك وأضعفت الصناعة الوطنية".
ويشير إلى ان "قرار وزارة التخطيط الأخير بمنع استيراد المواد المنزلية غير المطابقة للمواصفات العراقية يُعد خطوة إيجابية، لكن التحدي الأكبر يبقى في السيطرة على المنافذ ومكافحة التهريب"، مؤكدا أن "غياب الرقابة هو السبب الرئيس لإغراق الأسواق بالبضائع غير المطابقة للمواصفات المطلوبة".
وينوّه الفرج إلى ان "هناك أهمية وضرورة ملحة لتفعيل المصانع العراقية من أجل تقليل اعتماد اقتصاد البلاد على النفط، إضافة إلى تفعيل قطاعات الزراعة والسياحة من أجل تفادي الأزمات الاقتصادية العالمية".
البحث عن البضائع الرخيصة
من جانبه، يقول التاجر رضوان السعيدي أن بعض البضائع الأجنبية مرتفع الأثمان ويتأخر تصريفه في السوق، لكن المواد الرديئة الرخيصة تنفد سريعا، لافتا إلى ان "المستهلك لم يعد يبحث عن الرصانة في المواد، لأنه يعرف سلفا ارتفاع أسعارها".
ويضيف قوله: "نحن نلبي الحاجة بجلب مواد يستطيع كثيرون شراءها. حيث نقوم باستيراد بضائع مختلفة من الصين لأنها أرخص ثمنا مما في الدول الأخرى"، منوّها إلى ان "البضائع المتميزة ذات العلامات التجارية العالمية، تكون محدودة الأرباح، بسبب ارتفاع أسعارها. فالربح الذي يجنيه التاجر منها لا يوازي الجهد وتكاليف النقل، بينما تحقق البضائع منخفضة الكلفة أرباحا لا بأس بها للمستوردين".
الملابس تتهرأ سريعا!
في السياق، يؤكد كثيرون من المستهلكين رغبتهم في توفر بضائع ذات مواصفات عالمية ومناشئ معروفة. إذ تقول الطالبة الجامعية سارة الساعدي، أن "الملابس الرخيصة المستوردة من الصين مثلا، تتهرأ سريعا ويتغير لونها عند الغسيل".
وتضيف في حديث صحفي قولها أن "قطعة الثياب التي تحمل ماركة عالمية، تصمد فترة طويلة تضاهي فترة صمود 20 قطعة من الملابس الرديئة".
أما المواطن كريم هاشم الزركاني، فيؤكد أن "الكثير من الأجهزة الكهربائية التي تغزو الأسواق سيئة للغاية وتتعطل سريعا".
ويرى في حديث صحفي أن "المستوردين لا تعنيهم الرصانة والعمر الافتراضي للمواد قدر ما يعنيهم تصريف بضاعتهم وتحقيق الأرباح"، مشيرا إلى "غياب الرقابة عن كثير من البضائع والسلع، بما في ذلك المواد الغذائية".
وزارة التجارة: نشترط المواصفات القياسية
من جانبه، يوضح المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون، ان وزارته تتابع عمليات استيراد البضائع وفحصها بالتعاون مع الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، فضلا عن وزارة الصحة التي تقوم بمتابعة استيراد الأغذية ومنح الشهادات الصحية لها. ويضيف في حديث صحفي قائلا أن "آليات المراقبة والتنظيم تشمل تسجيل المستوردين. إذ تلزم اللوائح الجديدة المستوردين بتسجيلهم والحصول على هوية مستورد. ويتضمن التسجيل بيانات المستوردين القانونية والمالية"، مبينا أن "الوزارة تشترط المواصفات القياسية والمعايير الفنية الوطنية التي تلزم مستوردي الأغذية والأجهزة الكهربائية أو الملابس بمواصفات الجودة والسلامة، ووضع الملصقات وبلد المنشأ على المواد، وتاريخ الصلاحية بالنسبة للأغذية".
ويلفت إلى "إجراء عمليات تفتيش العينات والفحص المعملي في المنافذ الحدودية والمنافذ الكمركية، لعينات الأغذية والسلع التجارية للتأكد من مطابقتها المواصفات، ويتم ذلك من خلال التعاون بين هيئة الكمارك ووزارتي الصحة والتجارة"، مشيرا إلى أن "هناك آليات لمتابعة السوق المحلية بعد دخول البضائع، للتأكد من أنها مطابقة للمواصفات، وإذا تبين وجود غش أو منتجات رديئة يتم سحبها وتُمنع من التداول كما تتم معاقبة المخالفين".
لكن حنون يؤكد أن "هناك العديد من التحديات التي تواجه عمل الوزارة في هذا المجال، أبرزها ضعف الموارد المختبرية والكوادر الفنية لإجراء الفحص، إضافة إلى عمليات التهريب والدخول غير الرسمي للسلع الذي يجعل الرقابة أقل فعالية في بعض المنافذ، فضلا عن التباين في الالتزام والمراقبة بين المحافظات والمناطق النائية مقارنة بالمراكز".
مشكلة التهريب
إلى ذلك، يقول رئيس الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية فياض الدليمي، ان دائرته هي الجهة المسؤولة عن فحص وتقييم السلع التي ترد إلى البلاد عبر المنافذ الرسمية، من خلال شركات الفحص والتفتيش المرخصة والمخولة من قبل الدائرة.
ويبين في حديث صحفي أن "هذه الشركات تتولى إجراء الفحوصات الفنية ومطابقة المواصفات القياسية العراقية أو الدولية المعتمدة قبل دخول البضائع إلى السوق المحلية"، موضحا أن "جودة بعض السلع المتداولة، خاصة في قطاعات الملابس والأغذية والأجهزة الكهربائية، لا تزال متفاوتة".
وينبه إلى أن "التفاوت يُعزى في بعض الحالات إلى دخول بضائع عبر منافذ غير رسمية أو عمليات تهريب لا تمر بإجراءات السيطرة النوعية"، مشيرا إلى أن "التهريب يعكس ميول بعض التجار إلى استيراد منتجات منخفضة الجودة بهدف تقليل الكلفة ورفع الأرباح، خاصة في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين".
ويرجع مراقبون غياب المنافسة الجادة في الأسواق المحلية، إلى عدم تنوع مصادر استيراد البضائع. فيما يلفتون إلى ان الجهات الرسمية لم تقدم ضمانات لحماية المستهلك، في وقت لا يزال فيه بعض المنافذ الحدودية غير خاضع لسيطرة محكّمة، ما يساعد في رواج عمليات التهريب.
ويشدد المراقبون على أهمية ضبط المنافذ الحدودية، وتعزيز دور مختبرات فحص البضائع، مع تشديد العقوبات على المستوردين والموزعين الذين يروجون سلعا غير مطابقة للشروط.
*************************************
هل مكبّ النفايات هو السبب؟ السرطان يفتك بسكان قرية بابلية!
متابعة – طريق الشعب
تشهد قرية الصياحية التابعة إلى ناحية النيل شمالي بابل، تفشي مرض السرطان بين سكانها. إذ يؤكد مختار القرية أن الإصابات تجاوزت 100 إصابة، بينها 23 وفاة خلال عام واحد. وهي نسبة كبيرة تتجاوز 3 في المائة من عدد السكان الذي يصل إلى 3 آلاف نسمة. وتضم القرية مكب نفايات كبير تودع فيه كابسات البلدية أحمالها، ما سبّب أضرارا صحية وبيئية كبيرة، لا سيما حينما يضطر الأهالي إلى حرق النفايات للتخلص من روائحها الكريهة. وفي حزيران الماضي، أغلق أهالي ناحية النيل الطريق المؤدي إلى مكب النفايات، لمنع وصول الكابسات إليه، مؤكدين أن الموقف الحكومي ضعيف في معالجة المشكلات الصحية التي يتسبب فيها هذا المكب الموجود منذ أكثر من 15 عاما، والذي يغطي 7 دونمات. ويواجه ذوو مرضى السرطان في القرية، صعوبات كبيرة في معالجة أبنائهم، لا سيما انهم مزارعون محدودو الدخل. حيث اضطر الكثيرون منهم إلى بيع سياراتهم وبيوتهم وحتى آلياتهم الزراعية، لتأمين أجور العلاج – وفقا لما يؤكده المختار خليل كريم في حديث صحفي.
ويوضح المختار أن حالات الوفاة سببها تفاقم المرض وعدم وجود أموال كافية لعلاجه، على اعتبار أن المصابين يحتاجون إلى نفقات مالية كبيرة لإجراء الفحوصات وشراء الدواء، مضيفا أنه "حاولنا أن نعتمد على التبرعات من الأهالي لإسعاف المصابين، لكن لا يمكن الاستمرار في ذلك لأن الإصابات تكثر".
وتصل أسعار بعض الحقن العلاجية إلى 3 ملايين دينار، فضلاً عن الفحوصات المتكررة التي يُكلف بعضها 600 ألف دينار في كل مرة، إلى جانب التكاليف المرتفعة لعمليات استئصال الأورام. من جانبه، يقول محارب السرطان مطر عيسى، أنه "منذ أن بدأ تصاعد دخان حريق النفايات في مكب الصياحية، بدأت أشعر بضيق في التنفس. وعندما راجعت الطبيب وأجريت الفحوصات الكاملة، تبين أنني مصاب بسرطان الرئة. بعدها بدأت جلسات العلاج الكيماوي، ثم خضعت لعملية رفع الورم". ويوضح أن "الفحوصات كلفتني مبالغ مالية كبيرة جداً. ففحص (بيت سكان) وحده يُكلف 600 ألف دينار. وقد اضطررت إلى إجرائه 4 مرات"، متابعا القول: "أما العملية فقد كلفتني أكثر من 12 مليون دينار، ولا تزال النفقات مستمرة بسبب ارتفاع أسعار العلاجات". ويشير إلى انه اضطر للسفر إلى الهند "حيث بلغت كلفة رحلة العلاج قرابة 6 آلاف دولار، ومن دون جدوى. واليوم أنا بحاجة إلى فحوصات جديدة، لكنني لا أملك المال الكافي لإجرائها". ويؤكد عيسى أنه "بعت سيارتي وصرفت ثمنها على العلاج، وحالياً انا بلا أي مورد مالي يساعدني. سعر شريط الحبوب يصل إلى 75 ألف دينار، أما الإبرة فيصل سعرها إلى 3 ملايين دينار". وفي السياق، يقول محارب السرطان طالب الدليمي، أن "رحلتي مع العلاج بدأت في كربلاء. حيث جرى تشخيص إصابتي. ثم سافرت إلى الهند للتأكد، وهناك تم تأكيد الإصابة"، لافتا في حديث صحفي إلى ان "رحلة العلاج كلفتي نحو 20 ألف دولار. وحاليا أتابع علاجي في مستشفيات المحلية".
وذكر انه اضطر إلى بيع مولدة الكهرباء التي يعتاش منها. كما باع سيارته، من أجل تأمين مصاريف العلاج. إلى ذلك، يقول محارب السرطان حيدر المعموري، أنه أصيب بسرطان المثانة، وخضع لـ12 عملية جراحية في إيران وأربيل وسوريا، منّوها إلى أن العلاج اضطره إلى بيع سيارته وأرضه وماكينته الزراعية.
****************************************
حظيرة دواجن في مبنى تربية ديالى!
متابعة – طريق الشعب
تداولت وكالات أنباء وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أول أمس الثلاثاء، مقطع فيديو يُظهر حظيرة لتربية الدواجن في مبنى مديرية تربية ديالى.
وفي مقطع الفيديو، تتحدث رئيسة لجنة التربية في مجلس محافظة ديالى، دريا خير الله، عن تلك الحظيرة، مبينة انها تقع داخل قسم المخازن في مبنى المديرية، وتضم دجاجا وبطا وديكا روميا، وتتم رعايتها من قبل موظفين أجبروا على ذلك رغم طبيعة عملهم الإدارية. وتؤكد أن هذا التجاوز غير مقبول على حرمة المؤسسة التربوية، مطالبة وزير التربية بالتحقيق في الأمر. في السياق، قررت نقابة المعلمين في ديالى تأجيل تظاهرتها المقررة أمام مجلس المحافظة إلى إشعار آخر، والتي كانت محددة يوم أمس الأربعاء، احتجاجاً على ما وصفته بالإساءة للكوادر التربوية، بعد تصريحات دريا خير الله ضد مديرية التربية والنقابة، وتهديدها باستجواب المديرية.
****************************************
في الزعفرانية مطالبات بنصب جسر للمشاة في "شارع البُطُل"
متابعة – طريق الشعب
طالب عدد من أهالي حيي الربيع والزوراء في منطقة الزعفرانية جنوب شرقي بغداد، بنصب جسر للمشاة وإنشاء أماكن عبور آمنة واستدارة للسيارات، في "شارع البطل" الفاصل بين الحيين، والذي يقع عليه عدد من المدارس. وكان الأهالي قد نظموا اليومين الماضيين، وقفة احتجاج طالبوا فيها بتأمين طرق سير أبنائهم نحو مدارسهم، مبينين أن هناك حواجز كونكريتية تم وضعها في الجزرة الوسطية للشارع، تعيق حركة المواطنين، لا سيما الطلبة. في حديث صحفي، قال المواطن محمد قاسم، أن الأهالي يُطالبون برفع الكتل الكونكريتية وإنشاء مناطق مخصصة للعبور، مؤكدا أن السيارات تمر على هذا الشارع مسرعة، خاصة بعد تأهيله وتبليطه. فيما ذكر المواطن إسماعيل مطلك، أن "شارع البطل" من الشوارع الرئيسة في المنطقة، ورغم ذلك لا يوجد فيه مكان مخصص لعبور المشاة، ولا حتى استدارة للسيارات، مضيفا أن الكتل الكونكريتية تمنع وصول الناس إلى الجانب الآخر من الشارع. إلى ذلك، لفت المواطن حسين قايم، إلى ان الأهالي ناشدوا المسؤولين منذ أكثر من اسبوعين، حل مشكلة هذا الشارع، لكنهم لم يلقوا اي استجابة، مشيرا إلى انهم لا يُطالبون بشيء تعجيزي، إنما فقط بجسر مشاة. وفيما يُشيد قايم بمشاريع التطوير، ينتقد عدم اتخاذ شروط السلامة والأمان في بعض المشاريع المنجزة.
****************************************
دعاية انتخابية تقطع الكهرباء عن مبنى حكومة نينوى!
متابعة – طريق الشعب
شهدت مدينة الموصل الاثنين الماضي، خللاً كهربائياً في جانبها الأيسر نتيجة تجاوزات مرتبطة بدعاية انتخابية وضعت قرب إحدى محولات الطاقة. حيث أدى ذلك إلى انقطاع التيار عن مبانٍ حكومية ومناطق حيوية.
ونقلت وكالة أنباء "شفق نيوز" عن مصدر في دائرة الكهرباء، قوله أن "عارضاً كهربائياً وقع على القابل الواصل بين كيوسك (837) والغرفة (1848) على مغذي 5/مجمع الدوائر من محطة باب عشتار، وذلك بسبب قواعد حديدية ضخمة نُصبت لإحدى الدعايات الانتخابية قرب المحولة". وأوضح المصدر الذي حجبت الوكالة اسمه، أن "الخلل أدى إلى قطع الكهرباء في مربع تقاطع الجسر الرابع وفي عدد من المباني الحكومية، من بينها مبنى محافظة نينوى"، مؤكداً أن "الفرق الفنية باشرت العمل لمعالجة الأضرار وإعادة التيار الكهربائي".
***************************************
إجابة من وزارة النفط
تلقت "طريق الشعب" من وزارة النفط إجابة على تقرير صحفي نشرته في عددها المؤرخ 9 أيلول 2025. وهذا نصها:
إلى صحيفة طريق الشعب الغراء
نهديكم أطيب تحياتنا
إشارة إلى ما نشرته صحيفتكم الغراء بتاريخ 9/9/2025، تحت عنوان (الاحتجاجات تتواصل ضد تردي الخدمات)، نود اعلامكم بأن شركة توزيع المنتجات النفطية قد بيّنت بأن رئاسة الوزراء قد أصدرت توجيهاتها بشأن تجهيز المولدات الأهلية خلال اشهر الصيف بمنتوج زيت الغاز بالمجان وهي كميات كبيرة جدا، حيث بلغت القدرة الكلية للمحافظات كافة (11229410) Kva وبكمية (45) لتر/ شهريا، مع العرض بأن الشركة تعتمد في عملية التجهيز على الكتب الواردة من وزارة الكهرباء/ مركز الوقود، شهريا، حيث يتم إعلام شركة التوزيع عن ساعات تشغيل الكهرباء الوطنية لكافة المحافظات.
شاكرين تعاونكم معنا مع التقدير
******************************************
الصفحة السادسة
12 انفجارا تستهدف 9 سفن بـ {أسطول الصمود} المتجه إلى غزة الاحتلال يواصل حرب الإبادة ويضيّق على {الضفة الغربية} وسط دعوات لدعم الجنائية الدولية
رام الله – وكالات
طغت حرب الإبادة في غزة على كلمات رؤساء ومندوبي الدول الأعضاء في الاجتماع السنوي الثمانين الذي عقد الثلاثاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
الإفلات من العقاب
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ 7 تشرين الأول 2023، فاقمت العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على نحوٍ يهدد السلام الإقليمي والعالمي. جاء ذلك في كلمة ألقاها، خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن تحت عنوان "الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك قضية فلسطين" في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. وأضاف أن تكثيف إسرائيل هجماتها على غزة يُفاقم الأزمة الإنسانية "الكارثية أصلاً"، مبيناً أن أعداداً لا تُحصى من المدنيين الفلسطينيين محرومين من الغذاء والماء والكهرباء والدواء. وأكد غوتيريش أن وصف الوضع في غزة بأنه "لا يمكن الدفاع عنه أخلاقياً وقانونياً" لا يعكس بدقة حجم المعاناة الإنسانية الحاصلة في القطاع.
وتابع: "لا تزال قرارات الأمم المتحدة تُتجاهل. ويُنتهك القانون الإنساني الدولي. ويسود الإفلات من العقاب، وتتضرر مصداقيتنا الجماعية".
دعوة الى محاكمة نتنياهو
دعا الرئيس التشيلي غابرييل بوريك فونت إلى محاكمة رئيس الوزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو والمسؤولين عن الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية.
وقال خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "في هذه المرحلة، لم أعد أعرف ماذا أقول عن غزة، لأن الكثيرين قد قالوا كل شيء من هذا المنبر ومن غيره، لكن فوق كلماتنا... ما زالت تحدّق فينا عيون الموتى الذين فقدوا حياتهم وهم أبرياء".
وأضاف فونت: "اليوم، في عام 2025، يفقد آلاف الأبرياء حياتهم لمجرد كونهم فلسطينيين"، واصفا الأزمة بأنها أزمة عالمية "لأنها أزمة إنسانية".
وقال: "يفقد آلاف الأبرياء حياتهم لمجرد كونهم فلسطينيين... بدل الحديث عن أرقام أو إدانات أو مطالب، أود اليوم أن نتحدث عن الإنسانية". وعندما يرقد الأطفال تحت الركام، "هناك ألم حقيقي في بلدنا، في تشيلي"، التي تضم أكبر جالية فلسطينية في العالم خارج الدول العربية.
وتابع فونت: "إحدى المشكلات التي نواجهها كبشرية هي أن الألم يولد الكراهية في كثير من الأحيان، لكن علينا مواجهتها... وتحويل دوافع الكراهية إلى رغبات في العدالة. لا نقدم أي تنازلات للعنف".
فرض الأمر الواقع
بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى توفير دعم دولي للمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، مؤكداً أن احترام القانون الدولي يمثل السبيل الأمثل لمواجهة منطق القوة، وفرض الأمر الواقع.
وجاءت دعوة ماكرون في ظل تجاهل بعض الدول لمذكرات توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين على خلفية الحرب في غزة.
فوضى وضغط هائل
وفي القطاع، تشهد المستشفيات القليلة المتبقية في غزة حالة من الفوضى والضغط الهائل، مع تدفق إصابات يومية جراء الضربات الإسرائيلية، وفق ما أفاد به أطباء يعملون في مستشفى الشفاء، أكبر المستشفيات في القطاع.
وصف أطباء أستراليون متطوعون الوضع بأنه "مذبحة جماعية وكابوس"، وأنهم "مضطرون لإجراء عمليات جراحية في ظروف قذرة وبأقل قدر من التخدير ومسكنات الألم". وقالت الطبيبة ندى أبو الرب إنهم أجروا عملية قيصرية طارئة لإنقاذ رضيعة بعد وفاة والدتها، التي قُطع رأسها أثناء الهجوم.
مداهمات واعتقالات
على صعيد ذي صلة، واصلت القوات الإسرائيلية، صباح الأربعاء، حملة مداهمات واقتحامات في مدن وبلدات بالضفة الغربية، تخللتها اعتقالات واعتداءات على المواطنين، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وأفادت مصادر محلية بأن الآليات الإسرائيلية اقتحمت بلدة صانور جنوب جنين وانتشرت في شوارعها، ما دفع السلطات المحلية إلى تأجيل الدوام المدرسي حتى التاسعة صباحاً حفاظاً على حياة الطلبة. كما اقتحمت القوات قرى زبدة والخلجان وأم دار قرب بلدة يعبد، وتمركزت في محيط جسر زبدة، مع استمرار مداهمة المنازل في البلدة.
وأشارت المصادر إلى اعتقال شابين كانا يستقلان دراجة نارية من حي المراح في مدينة جنين.
وفي بلدة يعبد جنوب غربي جنين، داهمت القوات عدداً من المنازل بينها منزل رئيس البلدية، وفتشتها وخربت محتوياتها، فيما شهدت البلدة إطلاق رصاص حي وقنابل غاز سام باتجاه المواطنين.
طائرات مسيّرة
أعلن ناشطون مؤيّدون للفلسطينيين يحاولون الوصول إلى قطاع غزة على متن أسطول مساعدات أنّهم تعرضوا لقصف، وسمعوا "دويّ انفجارات" وسط تحليق "عدّة طائرات مسيّرة" على مقربة منهم قبالة سواحل اليونان. وكتب "أسطول الصمود العالمي" في بيان إنّ "عدّة طائرات مسيّرة أسقطت أجساما مجهولة الهوية، وتمّ تشويش الاتصالات، وسُمع دويّ انفجارات من عدد من القوارب". وقال الأسطول: "حتى الآن: 12 انفجارا استهدف 9 سفن مختلفة تابعة لأسطول الصمود العالمي عن طريق مسيّرات". وأضاف "نحن نشهد هذه العمليات النفسية بشكل مباشر الآن، لكنّنا لن نسمح بأن يتمّ ترهيبنا".
وبحسب الناشطة الألمانية في مجال حقوق الإنسان ياسمين أكار فإنّ خمسة من قوارب الأسطول تعرّضت لهجوم. وقالت أكار في مقطع فيديو على إنستغرام "ليست لدينا أسلحة. نحن لا نشكّل أيّ تهديد لأحد"، مؤكدة أنّ الأسطول يحمل "مساعدات إنسانية فقط".
كسر الحصار الإسرائيلي
والأسطول الذي أبحر في وقت سابق من أيلول الجاري من برشلونة كان قد أفاد عن تعرّضه لهجومين بطائرات مسيّرة حين كان راسيا قبالة تونس. ويضمّ الأسطول ناشطين مؤيّدين للفلسطينيين، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ.
ويريد الناشطون الوصول إلى غزة لإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع و"كسر الحصار الإسرائيلي" المفروض عليه.
ولاحقا، دعت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، عبر "فيسبوك" الأربعاء، إلى وضع الهجمات على الأسطول على جدول أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حاليا.
كما دعت الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى "اعتماد قرار يعالج هذه الانتهاكات الجسيمة".
************************************
{رايتس ووتش} تدعو المشاركين في {مهرجان الرياض للكوميديا} إلى عدم التغطية على القمع
الرياض – وكالات
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومة السعودية تستغل “مهرجان الرياض للكوميديا 2025، المُقام من 26 أيلول إلى 9 تشرين الأول، لحرف الأنظار عن قمعها الوحشي لحرية التعبير وانتهاكاتها الحقوقية الواسعة الأخرى.
تتزامن مواعيد المهرجان مع الذكرى السابعة لاغتيال الصحفي جمال خاشقجي على يد الدولة السعودية، ويأتي بعد أشهر قليلة من إقدام السلطات السعودية على إعدام صحفي بسبب خطابه العلني حسب الافتراض.
وقالت المنظمة في تقرير على صفحتها الرسمية، انه “لتجنب المساهمة في غسل سمعة الحكومة السعودية، على الكوميديين المشاركين أن يستغلوا المهرجان لحث السلطات السعودية علنا على الإفراج عن المعارضين والصحفيين والنشطاء الحقوقيين السعوديين المحتجزين ظلما”.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “الذكرى السابعة للقتل الوحشي بحق جمال خاشقجي ليست نكتة، وعلى الكوميديين الذين يتلقون مبالغ طائلة من السلطات السعودية ألا يصمتوا عن المواضيع المحظورة في المملكة، مثل حقوق الإنسان أو حرية التعبير. على كل من يقدم عروضا في الرياض أن يستغل هذه الفرصة البارزة للمطالبة بالإفراج عن النشطاء السعوديين المحتجزين”.
****************************************
استياء لبناني من تصريحات برّاك ومخاوف من تبعاته الميدانية
بيروت – وكالات
أثارت تصريحات الموفد الأميركي توماس برّاك في إطلالته التلفزيونية الأخيرة صدمة في الساحة اللبنانية التي تعاني أساساً من استقرار هش، وذلك بعدما بدد أجواء التفاؤل الذي ساد بعد مقررات الحكومة حول حصرية السلاح، وأعاد إحياء مخاوف من توسّع رقعة العدوان الإسرائيلي.
وأكد برّاك في حديث تلفزيوني أن "استمرار هجمات إسرائيل تعزز رواية حزب الله بأنه موجود لحماية اللبنانيين منها"، مشدداً على أن إسرائيل لن تنسحب من النقاط الخمس، وأن الوضع في لبنان صعب، كما أن حزب الله يعيد بناء قوّته، محملاً المسؤولية للحكومة اللبنانية، وقال "البعض يريد أن تفعل الولايات المتحدة كما فعل الرئيس دوايت أيزنهاور، ويريدون من الرئيس دونالد ترامب أن يرسل قوات المارينز لحلّ كل شيء. هذا لن يحدث".
وأثار كلام برّاك استياءً كبيراً في الأوساط السياسية اللبنانية، خصوصاً أنه يعطي ذريعة لإسرائيل للاستمرار في ضرباتها ويعد بمثابة "ضوء أخضر" مسبق لأي توسيع للعمليات العسكرية.
وعبّر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، أمس الثلاثاء، عن استغرابه تصريحات برّاك التي تشكّك بجدية الحكومة ودور الجيش، وفق تعبيره، مؤكداً أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاري كاملاً ولا سيما لجهة القيام بالإصلاحات التي تعهدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها.
***************************************
البعثة الأممية: دعم أفريقي أوروبي لخريطة الوصول إلى الانتخابات في ليبيا
طرابلس - وكالات
اتفق الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في اجتماعهم الثلاثي السادس على دعم خريطة الطريق التي أعلنتها المبعوثة الأممية لدى ليبيا أمام مجلس الأمن، للوصول إلى حل للأزمة السياسية في البلاد.
ونقلت بوابة الوسط، عن البعثة الأممية أن الأطراف الثلاثة أكدت دعم خطة المبعوثة الأممية لدى ليبيا، هانا تيتيه، لمضي ليبيا نحو الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة، وهي الخطة المعلنة في 21 آب الماضي.
وأصدرت الأطراف الثلاثة بيانا بعد اجتماع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، ورئيس المجلس الأوروبي أنطوني كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وذلك على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى جانب كبار المسؤولين من أمانات المنظمات الثلاث.
وكانت تيتيه قدمت خريطة طريق أمام مجلس الأمن بنيت على ثلاث ركائز أساسية هي: إعداد إطار انتخابي سليم من الناحية الفنية، وتوحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة، وتنظيم حوار مهيكل يتيح المشاركة الواسعة لليبيين.
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية معقدة، في ظل وجود حكومتين متنافستين، الأولى في الشرق بقيادة أسامة حماد، المكلّف من قبل مجلس النواب، والثانية في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا من خلال انتخابات.
******************************************
الكرملين يرد على إهانة ترامب: {روسيا دب وليست نمرا}
موسكو – وكالات
رد الكرملين، أمس الأربعاء، على تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب وصف فيها روسيا بأنها "نمر من ورق"، مؤكدا أن موسكو دولة قوية قادرة على الدفاع عن مصالحها، وأن عمليتها العسكرية في أوكرانيا ستتواصل حتى تحقيق أهدافها.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات لإذاعة "آر بي سي" إن "روسيا دب وليست نمرا من ورق، ولا وجود لشيء اسمه دب من ورق"، مضيفا أن الرئيس فلاديمير بوتين يقدّر في الوقت نفسه "جهود ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا". وشدد بيسكوف على أن الاقتصاد الروسي "يحافظ على استقراره" رغم العقوبات الغربية المستمرة منذ اندلاع الحرب، مع إقراره بوجود "مشكلات في بعض القطاعات الاقتصادية"، لكنه أكد أن موسكو قادرة على التعامل معها وضمان استمرار عجلة النمو.
*****************************************
ترامب وحكومات الفاشيين الجدد الأوربية يوصمون مناهضة الفاشية بالإرهاب
رشيد غويلب
اعتبر ترامب بموجب قرار رئاسي حركة مناهضة الفاشية منظمة إرهابية محلية، ودخل القرار حيز التنفيذ. تنص الفقرة الأولى من القرار، على أن "مناهضة الفاشية" منظمة عسكرية فوضوية تدعو صراحةً إلى الإطاحة بحكومة الولايات المتحدة، وأجهزة إنفاذ القانون، ونظامنا القضائي ". ويهدد القرار "بالتحقيق والملاحقة القضائية" ضد من يدعمها ماليًا.
بالمقابل شكك خبراء قانونيون أمريكيون في فعالية الأمر، لخلو القوانين الامريكية من توصيف "منظمة إرهابية محلية". ومن المرجح أن تمنع حماية التعديل الدستوري الأول لحرية التعبير وتكوين الجمعيات أي محاولة من جانب الكونغرس لإقرار قانون يسمح للحكومة بتصنيف الجماعات المحلية كمنظمات إرهابية.
والتفسير المقابل، الذي تتداوله أوساط يسارية، يشير إلى إمكانية أن يوظف قرار ترامب كتفويض مطلق لقمع أي نوع من المعارضة اليسارية، من الشيوعيين إلى الديمقراطيين الاجتماعيين ومعارضي الترحيل القسري للمهاجرين، وصولًا إلى أوساط تقدمية في الحزب الديمقراطي.
مناهضة الفاشية حركة مفتوحة
وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، دفعت هذه المخاوف جهات إنفاذ القانون الأمريكية إلى معاملة منظمات النازيين الجدد، مثل "فوج الأسلحة النووية"، كمنظمات إجرامية، بدلا من توصيفها بالإرهابية. وكان ترامب قد أصدر في عام 2020 قرار مشابهًا، لم يسفر عن أية ممارسة ملموسة. فضلا عن ان "مناهضة الفاشية" حركة مفتوحة لا تمتلك هياكل، وليست منظمة هرمية، ولا تملك مصادر تمويل ثابتة. بل هي حركة سياسية - ثقافية متنوعة المشارب يمتد جمهورها من اليسار يكل تياراته، وتيارات قوى الوسط الاجتماعية، وتيارات ليبرالية، القاسم المشترك بينها مناهضة الفاشية والنازية على أساس القيم التي تحفظ كرامة الانسان وتدين الجريمة والعنف والحروب التي تدمر المجتمعات.
يأتي هذا القرار في خضم حملة واسعة النطاق شنّها ترامب لإسكات منتقديه ومعارضيه السياسيين. بلغت هذه الحملة ذروتها باستغلال مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك. وعلى الرغم من وضوح الترابط بين الحدثين، إلا أن ترامب لم يشر صراحة إلى مقتل كيرك.
وبالإضافة إلى تجريم حركة "مناهضة الفاشية"، أعلن ترامب في الأيام الأخيرة أنه سيقوم أيضًا بفحص أنشطة وتمويل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات، مثل مؤسسة فورد، التي تعد في الإطار العام تقدمية.
على خطى ترامب
وعلى الرغم من احتمال عدم فعالية أمر الرئيس الامريكي، فقد اتخذت تهديداته بُعدًا دوليًا: في هولندا، أقرّ البرلمان اقتراحًا قدّمه، زعيم حزب الحرية الفاشي الجديد خيرت فيلدرز لحظر حركة مناهضة الفاشية. وفي إشارة إلى خطة ترامب، تم التأكيد على ان المناهضين للفاشية يعرقلون الفعاليات بانتظام، ويمارسون العنف، ويهددون السياسيين. وبعد يومين، أشعلت مجموعة من اليمين المتطرف النار في سيارات الشرطة وهاجمت مكاتب الأحزاب خلال تظاهرة مناهضة للهجرة في لاهاي، مما يكشف أهداف مقترح زعيم اليمين المتطرف الهولندي. وفي المجر، أعلن فيكتور أوربان أيضًا في مقابلة أنه سيشنّ حملة صارمة على الحركة المناهضة للفاشية.
التشبيك العالمي للفاشيين الجدد يتطور
ان القلق على مستقبل الحركة المناهضة للفاشية جدي وملموس. ويبدو أن الشبكة الدولية لليمين المتطرف أكثر حيوية من أي وقت مضى، منذ الانتصار على النازية والفاشية في أوربا واليابان عام 1945. وما لم يحققه ستيف بانون، خبير الدعاية الانتخابية لحزب البديل من أجل المانيا اليميني المتطرف ومستشار ترامب السابق، بواسطة جولاته الأوروبية الشهيرة، حققه استغلال مقتل الناشط اليميني الأمريكي تشارلي كيرك في لمح البصر. لم يقتصر الأمر أخيرا على ظهور بيئة عالمية لليمين المتطرف من خلال الاستخدام الماهر لوسائل التواصل الاجتماعي والحرب الثقافية والحملات المناهضة لحركة "استيقظوا"، والتي لم تعد تنحصر بالحدود الوطنية. لقد كان كيرك جزءًا منها، ولهذا السبب تحديدًا، تتضاعف قوة رمزية مقتله بلا حدود، ويلقي هذا التطور ظلالا على طبيعة القوى التي نفذت اغتياله.
الفاشيون الجدد وإرث اليسار
إن عمليات السطو على برامج اليسار الاجتماعية، وأساليبه التعبوية من قبل اليمين المتطرف باتت معروفة، وإلى جانب هذه الممارسة هناك سعي حثيث من اليمين المتطرف لافتعال رموز "نضالية" تحاكي رموز اليسار التاريخية، التي تحولت إلى مصدر الهام لشبيبة العالم عبر عقود زمن طويلة، ولعل أبرزها حضور المناضل الاممي ارنستو تشي جيفارا.
في مؤتمر "تحيا أوربا 2025 " للفاشيين الجدد، الذي نظمته أحزاب اليمين المتطرف في العاصمة الإسبانية مدريد، قال زعيم حزب فوكس اليميني المتطرف الإسباني: " نعلم أنهم لا يقتلوننا لأننا فاشيون؛ بل ينعتوننا بالفاشيين ليقتلونا"، هنا تنشر أسطورة الضحية لتترسخ في المجتمع. وهناك محاولة لتحويل كيرك إلى رمز يميني متطرف يوازي رمزية جيفارا. وهكذا، يُطور اليمين المتطرف أيضًا رمزيةً تجذب الناس، وخاصة شبيبة العالم.
ينجح اليمين المتطرف حاليًا في بناء جبهة مشتركة. ويواجه اليسار العالمي تحدي توحيد قواه. وإعلان مكافحة فاشية القرن الحادي والعشرين. إن سياسة إقصاء اليمين المتطرف، مهما كانت ضرورية، أصبحت غير كافيةٍ. إن هناك حاجة إلى استراتيجية عالمية، مترابطة وهجومية بالقدر نفسه.
*********************************
الصفحة السابعة
جدل واسع حول دستورية مدونة الأحوال الشخصية كيف ستنعكس على المرأة والأسرة العراقية؟!
بغداد - نورس حسن
أثار تشريع مدونة الأحوال الشخصية جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والحقوقية والمجتمعية، وسط اتهامات بأنها تخالف مواد دستورية أساسية وتنتقص من حقوق المرأة والطفل. وعلى الرغم من أن المحكمة الاتحادية العليا قد ردّت الدعاوى المقدَّمة ضد هذه المدونة بسبب عدم دستوريتها، فإن أصواتًا قانونية وأكاديمية ونسوية ترى في هذه المدونة خطرًا على وحدة المجتمع والدولة المدنية، فيما وجَّه جمعٌ من أهالي بغداد رسالة إلى المرجعية الدينية العليا يناشدونها فيها التدخّل لمنع التبعات السلبية لهذا التشريع.
{حُرمتُ من أمومتي وانتزعوا أطفالي}
تقول أمٌّ في الثلاثين من عمرها، خسرت حضانة طفليها بعد تطبيق المدونة: "لم أكن أتخيّل أن يأتي يوم يُنتزع فيه أطفالي مني وهم في أمسّ الحاجة إلى حضانتي. كنت أظن أن القانون يحمي الأم والطفل، لكن المدونة حرمتني من أمومتي، وجعلتني زائرة في حياة أبنائي."
المدونة تخالف نصوص الدستور
ويؤكد القاضي هادي عزيز لـ"طريق الشعب" أن مدونة الأحوال الشخصية تضمّنت عدة مخالفات دستورية واضحة، من أبرزها:
• الإرث: نصّت المدونة على أن المرأة لا ترث من الأراضي، في مخالفة للمادة 14 من الدستور التي تؤكد المساواة بين العراقيين أمام القانون.
• الحضانة: اعتبرت المدونة أن من حق الرجل انتزاع الطفل من أمه عند بلوغه سبع سنوات، وهو ما يتعارض مع الفقرة (2) من المادة (29) من الدستور التي تكفل حماية الأمومة والطفولة.
• استقلال القضاء: بحسب المادة (88) من الدستور، القضاة مستقلون ولا سلطة عليهم سوى القانون، بينما أعطت المدونة لرجل الدين سلطة إصدار القرار، وهو ما يُعد انتهاكًا لاستقلال القضاء.
وبيّن القاضي عزيز أن "هذه الانتهاكات لا يمكن معالجتها إلا بقرار من المحكمة الاتحادية العليا، التي تُعد قراراتها باتة وغير قابلة للطعن".
{نحترم قرارات القضاء رغم اعتراضنا}
بدوره، أوضح المحامي محمد جمعة أن المحكمة الاتحادية العليا ردّت مؤخرًا الدعوى المقدَّمة من عدد من الشخصيات الوطنية للطعن بدستورية المدونة، معتبرة أن التعديلات لم تخالف الدستور وتم التصويت عليها بشكل قانوني . وأضاف جمعة خلال حديثه لـ"طريق الشعب" "رأينا، مع العديد من الشخصيات الوطنية، أن المدونة تخالف الدستور، لكننا كقانونيين نحترم قرارات القضاء رغم عدم قناعتنا. نحن نطمح إلى دولة مدنية تحترم حقوق المواطن والقرار القضائي، ونؤكد استمرارنا في استخدام الوسائل القانونية للحد من أضرار هذا التعديل على الأسرة والمجتمع والمرأة والطفل."
خسارة المرأة لمكتسباتها
من جهتها، انتقدت الأكاديمية والناشطة النسوية بشرى العبيدي المدونة، بقولها: "يؤسفني القول إنه لا مخرج اليوم من مواجهة مدونة الأحوال الجعفرية التي أضرت أولًا بمصلحة المجتمع، وكانت المرأة أكبر الخاسرين فيها." وأشارت إلى أن رد المحكمة الاتحادية جعل التعديل واقعًا بعد نشره في الجريدة الرسمية، مؤكدة أن الأمل الوحيد بات معقودًا على مجلس النواب القادم. وأضافت العبيدي: "المرأة النائب أمام تحدٍّ كبير للحفاظ على مكتسباتها، لكننا نواجه مشكلة في غياب الثقة بتمثيلها داخل البرلمان، حيث استُغلّت الكوتا النسوية من قبل الكتل السياسية، وجُعلت المرأة مجرد رقم يُقيد بقرارات لا تؤمن بها، كما حدث مؤخرًا مع التصويت على المدونة."
رسالة إلى المرجعية الدينية
وفي موقف لافت، وجّه مؤخرًا جمعٌ من مواطني ومثقفي وأكاديميِّي ووجهاء بغداد، رسالة إلى المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في النجف، السيد علي السيستاني، دعوه فيها إلى التدخل لمنع التداعيات السلبية للمدونة على وحدة الدولة والمجتمع. وأكدت الرسالة أن قانون الأحوال الشخصية الموحد لعام 1959 شكّل صمّام أمان اجتماعي ووطني، وأن أي بديل طائفي أو مذهبي سيهدد السلم الأهلي ويضعف سلطة الدولة. وختم الأهالي رسالتهم بالتأكيد على ضرورة أن تكون كلمة المرجعية موجهة نحو وحدة الصف وحماية العراق من التشرذم، داعين إلى تطوير القانون الوطني الموحد بما ينسجم مع القيم الدينية والإنسانية ويحفظ حقوق جميع العراقيين.
****************************************
عين المرأة.. النساء المعيلات.. والشمول المالي
انتصار الميالي
النساء المعيلات هن اللواتي اجبرتهن الظروف ومتطلبات الحياة على تولي مسؤولية إعالة أسرهن، فاضطررن للعمل كي يوفرن دخلا، وسواء كن متزوجات او مطلقات أو أرامل. وهذه ظاهرة تنتشر نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية مختلفة وبتأثير حروب وصراعات أدت إلى فقدان الرجل المعيل. مما يتطلب اجراءات وتحركات عاجلة دعمًا وتمكينًا لهؤلاء النسوة في السياسات والبرامج العامة.
تواجه النساء المعيلات مشكلات وتحديات اقتصادية واجتماعية وقانونية ونفسية؛ فكثير منهن لا يجدن فرص عمل مناسبة لمؤهلاتهن وظروفهن، وإذا حصلن على وظيفة فغالبا ما تكون وظيفة غير مستقرة، ولا تحصل منها على أجر كأجر الرجل. وتحد المسؤوليات المركبة بين البيت والعمل ورعاية الابناء من قدرة المرأة المعيلة على تحسين مكانتها الاقتصادية، وهي رغم ذلك قد تتعرض لنظرة سلبية من المجتمع، وقد توصم بالفشل في الحفاظ على أسرتها، فضلا عن التحديات القانونية مثل معارك الحصول على النفقة، أو الميراث، وضغوط القيام بدور الأب في علاج مشكلات الابناء السلوكية الخاصة.
وهناك مسألة الشمول المالي، بمعنى ضمان وصول النساء إلى المنتجات والخدمات المالية مثل الحسابات المصرفية والمدفوعات والادخار والائتمان والتأمين، كون تعزيز الشمول المالي للمرأة يسهم في النمو الاقتصادي، والمساواة بين الجنسين، والتنمية المستدامة، ويمكّن النساء من إدارة المخاطر وتعزيز الفرص الاقتصادية لأنفسهن وأسرهن ومجتمعاتهن. ذلك ان النساء ما زلن يواجهن عقبات مثل صعوبة الوصول إلى الخدمات، وضعف المعرفة المالية، والحواجز الاجتماعية والثقافية.
وتجدر الاشارة للتوضيحات التي تضمنتها صفحات من كتاب (رأس المال) حيث عبر ماركس عن وجهة نظر اكثر دقة بشأن موقع النساء في قوة العمل، فعلى سبيل المثال كتب أنه ما أن تدخل النساء سوق العمل، حتى يحصلن على طاقة أكبر في حياتهن، وتتعزز استقلاليتهن المالية بما يدعم التمكين الاقتصادي لهن، ويسهمن في الوضع المالي لرعاية العائلة، ومن هنا ينطلق دعاة العدالة والمدافعات والمدافعون عن حقوق المرأة في تأكيد حقها بالعمل والحصول على الدخل المستقل، وزيادة وصول الإناث إلى الخدمات المالية.
ونظرا للتحديات الكبيرة التي تواجهها المرأة المعيلة، فلا بد أن يشارك الجميع في حلها ولا تُترك للمرأة وحدها، فالحكومات والمؤسسات والمنظمات مسؤولة عن مساعدتها، وإدماجها في الحياة العامة، ومنحها الأمان والدعم. وكل فرد في المجتمع يمكن أن يكون جزءًا من هذا الدعم، وتوفير فرص عمل وتشغيل لائق، ومنحها أولوية في التوظيف، مع مراعاة طبيعة وظروف المرأة المعيلة، ودعم المشروعات الصغيرة للمعيلات بتقديم قروض بنكية ميسرة، وتوفير مراكز تدريب مهني تمكنهن من دخول سوق العمل، وتوفير منصات لعرض منتجاتهن، وكسر الحواجز أمام الإدماج المالي للمرأة، والانتقال نحو نماذج الأعمال الناجحة والداعمة لتنمية الاقتصاد الوطني.
****************************************
قوانين النساء بين التبرير والتسويف
خرجت النائبة نجوى حميد بتبرير يثير الاستغراب، حين قالت إن انشغال مجلس النواب بعدد من القوانين لفترة طويلة لم يُبقِ له وقتًا للاهتمام بالقوانين التي تخص المرأة، فتعرقل تشريعها. جاء ذلك في جلسة نقاشية انعقدت يوم الأحد 14 أيلول، ضمن نشاطات مشروع تعزيز الحوار والمشاركة في العراق، بالتعاون بين دائرة الإعلام في مجلس النواب والوكالة الألمانية للتنمية، وعلى قاعة الشبيبي في المجلس.
للوهلة الأولى، يبدو كلام النائبة محاولة لتفسير التعطيل التشريعي، لكنه في الجوهر يعكس مشكلة أعمق: التسويف المستمر بحق النساء، تحت ذريعة "ازدحام القوانين" أو "ضغط الملفات". فمن غير المقبول أن تُختزل قضايا المرأة في عبارات إنشائية تضع اللوم على الزمن، وكأن مرور الأيام حجة مقنعة. المجلس لا يفتقر إلى الوقت بقدر ما يفتقر إلى الإرادة. فإذا كانت أبواب البرلمان مشرعة لتشريع قوانين امتيازات المسؤولين وتعديل رواتبهم بين ليلة وضحاها، فلماذا تصبح قوانين حماية المرأة أو إنصافها في العمل والميراث عبئًا ثقيلًا يحتاج سنوات من الانتظار؟
والأغرب أن مجلس النواب وجد متسعًا من الوقت لتشريع مدونة الأحوال الجعفرية المثيرة للجدل، والتي أساءت للمرأة وانتقصت من المكتسبات التي حصلت عليها بشق الأنفس. فكيف يتوافر الوقت لتشريعات ترجع النساء خطوات إلى الوراء، بينما تغيب الإرادة عند الحاجة لتشريع القوانين التي تحمي حقوقهن وتفتح أمامهن أفق المشاركة وتضمن لهن العدالة؟
تبرير النائبة يعيدنا إلى المعضلة الأساسية: غياب الأولويات الحقيقية. فالمرأة العراقية لا تطلب ترفًا تشريعيًا، بل حقوقًا أساسية مؤجلة منذ عقود، من قوانين مكافحة العنف الأسري، إلى تشريعات الرعاية الاجتماعية وضمان التمثيل العادل. وما زال الملف يُرحّل من دورة إلى أخرى، حتى باتت المماطلة سياسة بحد ذاتها.
الخطير أن مثل هذه التبريرات تُشرعن التقاعس، وتحوّل المطالب المشروعة إلى ملفات مؤجلة بلا نهاية.
وعلى العكس، فالمطلوب من النواب، وخصوصًا من يُمثلن النساء، الضغط العلني والجاد لانتزاع حقوق نصف المجتمع، لا الاكتفاء بالاعتذار عن "مرور الأيام".
إن قضايا المرأة ليست هوامش على دفتر البرلمان، بل هي قلب الإصلاح الاجتماعي. وأيّ برلمان يتذرع بالوقت لتبرير إخفاقه، إنما يعترف ضمنًا أنه لا يرى في النساء أولوية تستحق التشريع. والوقت هنا لا يمر عبثًا، بل يمر على حساب كرامة وحقوق ملايين العراقيات.
المحرر
**********************************************
وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية في بغداد
بغداد – طريق الشعب
برعاية سفارة دولة فلسطين لدى العراق، التقت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية منى الخليلي، يوم الثلاثاء 23 أيلول الجاري، عددًا من نساء الجالية الفلسطينية، إلى جانب ناشطات وإعلاميات من العراق، وممثلات عن رابطة المرأة العراقية، بحضور رسمي من وزارات ومؤسسات عراقية، إضافة إلى ممثلين عن الفصائل الفلسطينية.
وأكدت الخليلي خلال اللقاء أن المرأة الفلسطينية في العراق تمثل نموذجًا للصمود والإبداع، مشددة على ضرورة تمكينها وإسنادها في مختلف المجالات. كما ثمّنت دور المرأة العراقية في دعم القضية الفلسطينية وتعزيز حضورها في المحافل المختلفة. من جانبه، رحّب السفير الفلسطيني لدى العراق، أحمد الرويضي، بالحضور، مشيدًا بمتانة العلاقات التاريخية التي تجمع الشعبين، ومؤكدًا أهمية تعزيز التعاون في المجالات التي تمسّ دعم المرأة وتمكينها اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا. وتخلل اللقاء طرح عدد من نساء الجالية الفلسطينية تحديات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية، فضلًا عن قضايا الهوية والانتماء. وأكدت الوزيرة التزام الحكومة الفلسطينية بمتابعة هذه القضايا وتوفير بيئة آمنة تضمن حقوق النساء وطموحاتهن.
كما شهد اللقاء كلمات لرابطة المرأة العراقية وممثلات عن الجالية الفلسطينية، قُدّمت خلالها مقترحات لتعزيز التعاون بين المؤسسات الفلسطينية والعراقية في مجال دعم حقوق المرأة. واختُتمت الفعالية بتكريم الوزيرة الخليلي وعدد من الشخصيات الداعمة لقضايا المرأة والجالية الفلسطينية في العراق.
********************************************
نساء في مواجهة النفايات قصص كفاح صامت
حوراء فاروق
في الأزقة الخلفية للمدن العراقية، حيث تختلط الروائح بالنظرات الاجتماعية القاسية، تعمل نساء في جمع وفرز النفايات، في مهنة تتجاوز كونها مصدر رزق لتصبح شهادة على قسوة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعانين منها. هؤلاء النساء، غير المرئيات غالبًا في الخطاب الرسمي والإعلامي، يُقدّمن نموذجًا صارخًا عن هشاشة الحماية الاجتماعية، وغياب السياسات الداعمة للفئات الأكثر تهميشًا.
مهنة مفروضة لا مختارة
لم تصل النساء إلى العمل في النفايات عن رغبة أو قناعة، بل نتيجة تراكم ضغوط الفقر، غياب فرص العمل، وانعدام مصادر دخل أخرى. تقول أم علي، وهي أربعينية تعمل في جمع البلاستيك والحديد من مكبّات القمامة في بغداد: "أعرف أن الناس ينظرون إلينا نظرة دونية، لكنني مضطرة. لدي أربعة أطفال، ولو تركت العمل ليوم واحد فلن أستطيع إطعامهم." قصتها ليست استثناء، بل هي انعكاس لمعاناة مئات النساء في العاصمة والمحافظات، ممن دفعتهن الأزمات الاقتصادية إلى البحث عن أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة.
ظروف عمل قاسية
تعمل هؤلاء النساء لساعات طويلة، تبدأ من الفجر حتى غروب الشمس، وسط النفايات التي تحمل مخاطر صحية جسيمة: أمراض جلدية، التهابات تنفسية، وتعرض دائم للجروح نتيجة أدوات حادة أو مواد ملوثة.
غياب معدات السلامة يمثل خطرًا مضاعفًا. فالقفازات والكمامات نادرة، والأحذية الواقية غائبة تمامًا. وتروي إحدى العاملات: "كثيرًا ما نُجرح من زجاج مكسور أو إبر طبية. نتعالج بماء وملح فقط لأننا لا نملك ثمن الدواء."
الوصمة الاجتماعية
تواجه النساء العاملات في النفايات وصمة اجتماعية شديدة. ينظر المجتمع إليهن كـ"منبوذات"، فيما يتعرض أطفالهن للتمييز في المدارس بسبب عمل أمهاتهن. هذا العبء النفسي يزيد من قسوة حياتهن اليومية، حيث يُنظر إلى المهنة على أنها "دون المستوى الإنساني"، رغم كونها عملًا أساسيًا للحفاظ على البيئة وإعادة تدوير الموارد.
غياب التنظيم والدعم
لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة عن عدد النساء العاملات في هذا المجال، وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن المئات منهن منتشرات في المدن الكبرى مثل بغداد، البصرة، والنجف. هؤلاء النساء يعملن خارج أي إطار نقابي أو قانوني، فلا ضمان اجتماعي ولا تأمين صحي يغطي إصاباتهن. البلديات، من جانبها، تتعامل مع القضية باعتبارها "ظاهرة هامشية" بدلًا من إدماجها في سياسات إدارة النفايات أو تشغيلهن في وظائف رسمية.
وهكذا تبقى النساء رهينات لسوق غير منظم، يسيطر عليه سماسرة يشترون المواد القابلة للتدوير بأبخس الأثمان.
طفولة معذبة
في كثير من الحالات، لا تعمل المرأة وحدها، بل يرافقها أطفالها الصغار الذين يساعدونها في جمع وفرز النفايات. هؤلاء الأطفال ينقطعون عن الدراسة، ما يُعمّق دائرة الفقر والحرمان ويعيد إنتاجها عبر الأجيال. ورغم الصورة السلبية المرافقة للعمل في النفايات، إلا أن ما تقوم به هؤلاء النساء يُساهم - دون قصد - في تخفيف العبء البيئي. غير أن غياب برامج رسمية لإعادة التدوير يجعل هذا الجهد الفردي بلا قيمة مستدامة، إذ يظل في إطار النشاط غير المنظم والمرتبط بربح يومي محدود.
الحاجة إلى تدخل حكومي
أمام هذا الواقع، تبدو الحاجة ملحة إلى تدخل حكومي يعالج القضية من زوايا متعددة:
1. الاعتراف الرسمي بدور العاملات في النفايات كجزء من منظومة إدارة البيئة.
2. توفير بدائل عمل لائقة للنساء المعيلات، سواء من خلال مشاريع صغيرة أو برامج دعم اجتماعي.
3. إدماج الأطفال في التعليم عبر منح مالية مشروطة، تقلل من ظاهرة التسرب المدرسي.
4. ضمان الحماية الصحية والاجتماعية للعاملات، باعتبارهن ضمن الفئات الأكثر هشاشة.
أصوات منظمات المجتمع المدني
عدد من منظمات المجتمع المدني حاولت تسليط الضوء على معاناة هؤلاء النساء. لكن جهودها ما تزال محدودة بسبب نقص التمويل وضعف التنسيق مع الجهات الحكومية. وتؤكد ناشطات أن تجاهل هذه القضية يعني ترك مئات العائلات في دوامة فقر مزمنة، ما يُهدد بانتشار الظاهرة على نطاق أوسع.
*******************************************
الصفحة الثامنة
لتعريف المواطنين بشعار المواطنة والعدالة
الشيوعيون يواصلون حملة طرق 10 آلاف باب في بغداد
بغداد ـ طريق الشعب
أطلقت تنظيمات بغداد للحزب الشيوعي العراقي، حملة لطرق أبواب 10 الاف عائلة في بغداد، للتعريف بسياسة الحزب وتاريخه ونضاله من أجل تحقيق العدالة وتعزيز مبدأ المواطنة، وتوزيع مطوية تعريفية بسكرتير اللجنة المركزية الحزب الشيوعي العراقي، وتحتوي على عناوين منصات التواصل الاجتماع للحزب.
واستقبل المواطنون هذه الفعالية بترحيب كبير، معبرين عن اعتزازهم بالحزب، ومواقفه الداعمة لمطالبهم.
وفي هذه الجولات جرى الحديث عن أهمية المشاركة في الانتخابات البرلمانية، والتصويت للقوى التي تعبر عن تطلعاتهم في الخلاص من نهج المحاصصة وبناء الدولة المدنية والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
************************************
العمال الشيوعيون يواصلون طرق الأبواب
وفي الأيام الماضية، نظمت المحلية العمالية جولات طرق الأبواب في جانبي الكرخ والرصافة، حيث طرق فريق منها أبواب المواطنين في حي الزهور بمنطقة الكمالية، وطرق فريق اخر أبواب المواطنين في حي العامل.
وشهدت الحملة فتح حوارات مع المواطنين حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، والتأكيد على أهمية المشاركة في الانتخابات، إلى جانب التحذير من مخاطر خصخصة القطاع العام، وإهمال دعم القطاع الخاص، والاعتماد على النفط كمورد وحيد للاقتصاد الوطني.
وأبدت العوائل التي التقاها الفريقان إشادتها بمواقف الحزب ونزاهته ودفاعه عن الكادحين والطبقة العاملة، فضلاً عن المطالبة المستمرة بحقوق المرأة.
كما أنجزت المحلية بواسطة أحد فرقها حملة لطرق عدد من الأبواب في منطقة الشعب.
واكد الفريق ان العديد من المواطنين عبروا عن رغبتهم للمشاركة في الانتخابات والمساهمة في عملية التغيير، فيما أكد آخرون مقاطعتهم للانتخابات وعزوفهم عنها، في تعبير عن رفضهم لمنهج المحاصصة والفساد، لكنههم أكدوا على نزاهة الحزب والشيوعيين.
الحملة مستمرة في محليات أخرى
ونظم فريق من محلية الرصافة الثالثة حملة لطرق الأبواب في حي اور، للحديث مع المواطنين عن تاريخ الحزب ودفاعه عن قضايا المواطنين، وأهمية المشاركة في الانتخابات
فيما شكلت محلية الكرخ الثانية، فريق من هيئة النخبة، لطرق أبواب المواطنين في شارع قطر الندى، وطرق الفريق أبواب عدد من الدور السكنية، والحديث معهم حول هدف الحملة وعرض سياسية الحزب ونضاله من اجل التغيير والعدالة الاجتماعية.
كما شكلت منظمة الكاظمية، فريقاً جوالاً في شارع أكد التجاري، وجرى فتح نقاش مع المواطنين وأصحاب المحال والورش الصناعية عن أهمية مساهمة في عملية التغيير من خلال الاشتراك في الانتخابات ومنح ثقتهم للقوائم التي تحمل مشروعاً للتغيير.
*****************************************
هيفاء الأمين: الصدق والنزاهة رأسمالنا الحقيقي في مواجهة الشعبوية
الناصرية – طريق الشعب
ضيّف مركز البوصلة للحوار والدراسات في ذي قار، النائبة السابقة هيفاء الأمين، إلى جانب عضو مجلس محافظة ذي قار ومحافظها السابق محمد هادي الغزي، في جلسة نقاشية تناولت أبرز القضايا السياسية والانتخابية الراهنة، وسط حضور جمع من المهتمين بالشأن العام.
القاعدة الانتخابية ودور الشباب
وركزت الأمين في حديثها على واقع القاعدة الانتخابية والتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية، مبينة أن المنافسة بين المرشحين المدنيين اليوم أشد مما كانت عليه في انتخابات سابقة، خصوصاً مع دخول جيل جديد من الشباب والشابات الذين بلغوا سن التصويت بعد عام 2018، والذين سيكون لهم تأثير مباشر في النتائج المقبلة.
وأكدت أن العلاقة بين النائب والمواطن يجب أن تقوم على الشراكة الحقيقية وتمثيل إرادة الشعب بعيداً عن الطائفية أو الانتماءات الضيقة، مع الالتزام بمبدأ المساواة بين المواطنين على اختلاف مواقعهم الاجتماعية.
الاستقالة من البرلمان تضامناً مع انتفاضة تشرين
واستعادت الأمين تجربتها البرلمانية، مشيرة إلى أنها قدمت استقالتها بعد شهر واحد من انطلاق انتفاضة تشرين وسقوط أول الشهداء، مؤكدة أنها وضعت نفسها أمام خيارين: "إما التمسك بالمنصب وامتيازاته، أو الانحياز لدماء الشباب وترك المقعد حتى لا أكون شاهدة زور، فاخترت أن أكون مع الشعب".
وانتقدت النائبة السابقة بشدة تأثير المال السياسي في العملية الانتخابية، معتبرة أن القوائم الطويلة غالباً ما تعكس إنفاقاً مالياً واسعاً، في حين أن القوائم القصيرة تراهن على قوة المرشحين ومصداقيتهم. وأوضحت أن ما يميزها عن غيرها هو الصدق والبساطة والنزاهة، مشيرة إلى أن الناخب بات أكثر وعياً، ويطرح على نفسه أسئلة جوهرية: هل هذا المرشح حقيقي أم مجرد شعاراتي شعبوي؟ هل ينتمي للوطن والمواطن أم للطوائف والقبائل؟
التشريعات والأولويات
وحول أولوياتها التشريعية، أكدت الأمين أن الحاجة ملحة لتعديل أو إلغاء القوانين التي تتعارض مع الدستور المدني العراقي ومعايير حقوق الإنسان، إلى جانب تشريع قوانين جديدة تدعم بناء الدولة المدنية. واستذكرت جهودها السابقة عندما ترأست لجنة المرأة والأسرة والطفل البرلمانية، حيث أولت اهتماماً بملفات السجون ورعاية الأحداث والقصّر، مشددة على أنها ستواصل العمل في هذه القضايا إلى جانب تحسين الخدمات، وتطوير إدارة الدولة عبر الحوكمة وتقليل البيروقراطية.
رؤية سياسية جديدة
وختمت الأمين حديثها بالتأكيد على سعيها إلى توحيد مواقف النواب حول قضايا المواطن، سواء في المعارضة أو في إطار الحكومة المقبلة، بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة. كما دعت إلى اعتماد لغة سياسية مهذبة تقوم على الصراحة والاختلاف المحترم، بعيداً عن الشعبوية والاتهامات، مع التمييز الواضح بين الدور التشريعي لمجلس النواب والعمل التنفيذي للحكومة.
***************************************
شهيد الغالبي يلتقي أهالي السيدية في الشطرة: التغيير يبدأ من صناديق الاقتراع
الشطرة – أحمد طه
أكد عضو التحالف المدني الديمقراطي، الرفيق الدكتور شهيد الغالبي، أن التغيير السياسي والخدمي في البلاد لا يمكن أن يتحقق إلا عبر المشاركة الفاعلة في صناديق الاقتراع، داعياً المواطنين إلى استثمار الانتخابات المقبلة لبناء بديل وطني عن قوى الفساد والمحاصصة.
جاء ذلك خلال لقاء الغالبي بجمع من أهالي منطقة السيدية في قضاء الشطرة، وهي من المناطق التي وصفها بـ"المنكوبة"، إذ جرى توزيع أراضيها كقطع سكنية منذ ثمانينيات القرن الماضي، لكنها ما تزال تعاني من غياب شبه تام للخدمات الأساسية حتى اليوم.
رؤية مدنية للإصلاح
وخلال حديثه، طرح الغالبي ملامح رؤية الحزب والتحالف المدني الديمقراطي، مشدداً على ضرورة رسم خارطة طريق جديدة لإصلاح الأوضاع السياسية والخدمية، تقوم على ترسيخ مبدأ المواطنة، وإقامة دولة مدنية عادلة، بعيدة عن نظام المحاصصة الذي أضعف مؤسسات الدولة وأهدر حقوق المواطنين.
دعم شعبي واسع
من جانبهم، عبّر أهالي المنطقة عن تأييدهم لمواقف التحالف المدني ونضاله من أجل حقوق الكادحين والطبقة العاملة، مؤكدين أنهم يقفون إلى جانب القوى المدنية الساعية إلى إرساء العدالة الاجتماعية وبناء دولة المواطنة.
وفي ختام اللقاء، قدّم الغالبي شكره لأهالي السيدية ومشايخها على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكداً عزمه على مواصلة نقل معاناتهم والدفاع عن قضاياهم ضمن برنامجه الانتخابي، ومشيراً إلى أن "التغيير المنشود يبدأ من الناس أنفسهم عبر أصواتهم في صناديق الاقتراع".
************************************
اجتماع لـ{تحالف البديل} في ديالى
بعقوبة – طريق الشعب
احتضن مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، اجتماعا لبعض أطراف "تحالف البديل" الانتخابي في المحافظة.
وشارك في الاجتماع الممثل عن التجمع الجمهوري تلمسان قاسم، والممثل عن الحزب الشيوعي العراقي الرفيق صالح المصرفي، ومنسق التيار الديمقراطي كريم القيسي.
وناقش المجتمعون الأوضاع الانتخابية في المحافظة، ومن ذلك موضوع هيمنة قوى سياسية متنفذة على الحملة الانتخابية قبل انطلاقها رسميا في تشرين الأول المقبل، مشيرين إلى أن هذا الأمر يُعد مخالفة صريحة لتعليمات مفوضية الانتخابات.
كذلك جرى التشديد على أهمية تنظيم حملات واسعة للتعريف بـ"تحالف البديل".
*****************************************
ندوة عن {تحالف البديل} في ناحية العباسية النجفية
النجف – أحمد عباس
نظم شيوعيو النجف السبت الماضي، ندوة سياسية في مضيف الرفيق علاء الجنابي بمنطقة الوهابي في ناحية العباسية النجفية، وذلك للتعريف بمواقف الحزب وبرنامج "تحالف البديل" الانتخابي.
تحدث في الندوة الرفيق كريم بلال عن سياسة الحزب بشكل عام، مركزا على موقفه من المسألة الزراعية وقضية المياه.
فيما اشار الى تنامي الفساد واتساع رقعة البطالة وسوء ادارة الدولة في احياء المشاريع الزراعية والصناعية، نتيجة التمسك بنهج المحاصصة الحزبية. واستعرض الرفيق بلال الحلول المقترحة لمعالجة ازمة المياه، ومنها التفاوض مع دول الجوار بإرادة سياسية حقيقية، ومعالجة مياه الصرف الصحي للاستفادة منها في الاستخدامات الزراعية، فضلا عن استخدام التقنيات الحديثة في الري، وانشاء المصائد والسدود لمعالجة مشكلات المياه التي بدأت تشتد الى درجة الندرة.
وأبدى حاضرو الندوة تفاعلهم مع ما طُرح، مشيدين بسياسة الحزب وبـ"تحالف البديل" وما يضمه من شخصيات مدنية وأحزاب وقوى وطنية تهدف إلى محاربة الفساد والمفسدين والخلاص من نهج المحاصصة المقيت.
*****************************************
شيوعيو الصويرة يزورون الرفيق مكي العبيدي
الصويرة – طريق الشعب
زار وفد من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الصويرة، السبت الماضي، الرفيق مكي علوان العبيدي (أبو ضياء) في منزله، لغرض الاطمئنان على صحته بعد تعرضه لحادث مؤسف.
وتمنى الوفد للرفيق الشفاء العاجل والعمر المديد. وقد ضم كلا من الرفاق محمد البياتي، علاء حميد، كرار بشار وحمزة حسين.
********************************************
الصفحة التاسعة
المواطنة والعدالة الاجتماعية: الطريق المسدود مع حكومات ما بعد 2003
أسامة عبد الكريم ختلان
منذ سقوط النظام السابق عام 2003، دخل العراق مرحلة سياسية جديدة وُعِد فيها الشعب بتحولات كبرى نحو الديمقراطية، العدالة، وإعادة بناء الدولة. غير أنّ ما تكشّف خلال عقدين من الزمن لم يكن سوى إعادة إنتاج للأزمات القديمة بشكل أكثر تعقيداً. تعاقبت الحكومات، وتغيّرت الوجوه والأحزاب، لكن الجوهر بقي واحداً: مصالح ذاتية ضيقة، محاصصة طائفية وإثنية، وغياب شبه كامل لمفهومي المواطنة والعدالة الاجتماعية.
لم يُبْنَ النظام الجديد على أساس دولة حديثة تستند إلى مؤسسات مستقلة وقوانين عادلة، بل على نظام محاصصة جعل الانتماء الطائفي أو القومي معياراً للموقع والسلطة. هذا النهج أفرغ مفهوم المواطنة من معناه، وحوّل العراقي إلى تابعٍ لهوية فرعية لا إلى مواطن في دولة تعترف بحقوقه وتصون كرامته. ومع ترسّخ هذا النمط، أصبح من الطبيعي أن تتقدّم الولاءات الشخصية والحزبية على المصلحة العامة، وأن تتحول السلطة إلى غنيمة يجري اقتسامها بدل أن تكون أداة لخدمة الناس.
لكن لماذا نتحدث عن المواطنة والعدالة الاجتماعية بوصفهما قضيتين محوريتين في مشروع التغيير؟ ببساطة لأنهما يمثّلان الأساس الذي بدونه يستحيل بناء عراق مختلف. المواطنة تعني أولًا أن جميع العراقيين متساوون أمام القانون، بغضّ النظر عن طائفتهم أو قوميتهم أو منطقتهم. إنها العقد الاجتماعي الذي يوحّد المجتمع، ويجعل من الدولة مرجعاً للجميع، لا طرفاً في نزاعات الهويات. وعندما تغيب المواطنة، يتحول الناس إلى جماعات مغلقة، كل واحدة تبحث عن حصتها من السلطة والثروة، فتضعف الدولة وينهار الشعور بالانتماء الوطني. أما العدالة الاجتماعية فهي الوجه الاقتصادي والإنساني لهذا العقد. لا يمكن الحديث عن مواطنة حقيقية فيما نصف الشعب يعيش تحت خط الفقر، والخدمات الأساسية منهارة، والبطالة تنخر في طموحات الشباب. العدالة الاجتماعية تعني توزيعاً عادلًا للثروة، فرص عمل متكافئة، حقاً مضموناً في الصحة والتعليم، وضماناً اجتماعياً يحمي الضعفاء. غيابها لا ينتج فقط حرماناً اقتصادياً، بل يولّد شعوراً بالقهر، ويعمّق الهوة بين طبقة سياسية متخمة بالامتيازات وغالبية شعبية مهمّشة.
لقد اختبرت التجربة العراقية على مدى عشرين عاماً كيف أن غياب هذين المبدأين أدى إلى نتائج كارثية. ففي الوقت الذي تدفقت فيه على البلاد مئات المليارات من الدولارات من عائدات النفط، لم يجد المواطن نصيبه من هذه الثروة، بل تسرّبت إلى شبكات الفساد والمحسوبية. ومع كل حكومة جديدة كان الأمل يتجدد لدى الناس، لكن سرعان ما يتبدد أمام واقع يعيد إنتاج نفسه: صراعات على المناصب، تحاصص في الوزارات، وانشغال بالصفقات والولاءات بدلًا من بناء دولة مؤسسات. إنّ المراقب المنصف لا يستطيع أن يتجاهل أن الطبقة السياسية منذ 2003 وحتى اليوم لم تُبدِ أي اهتمام جاد بالمواطنة والعدالة. هذه النخب اعتبرت السلطة وسيلة للثروة والنفوذ، لا أداة لإدارة البلاد وتحقيق تطلعات الشعب. بل إنها في كثير من الأحيان عززت خطاب الهويات الفرعية لتبرير بقائها في السلطة، مستفيدة من الانقسامات المجتمعية كأداة للسيطرة. وبهذا لم تكن معنية بإصلاح جذري، بل بترتيب مصالحها الذاتية على حساب حاضر العراقيين ومستقبلهم. لهذا، فإن أي مشروع تغيير حقيقي لا بد أن يبدأ من هذين المدخلين: المواطنة والعدالة الاجتماعية. فالمواطنة تضع الجميع على أرضية واحدة وتفتح الباب لبناء دولة قانون، والعدالة الاجتماعية تعطي للمواطن معنى ملموساً لهذا الانتماء عبر شعوره بأن ثروة بلاده تُدار لصالحه لا لصالح فئة قليلة. من دونهما ستبقى الدولة هشة، وستظل الديمقراطية شكلية، والفساد متجذراً.
اليوم، وبعد عقدين من التجارب المريرة، تبيّن بوضوح أن التغيير لا يمكن أن يأتي من داخل الطبقة السياسية نفسها، لأنها ببساطة المستفيد الأكبر من بقاء الوضع على حاله. التغيير الحقيقي لن يُصنع إلا من مشروع وطني بديل يرفض منطق المحاصصة، ويعيد الاعتبار لمبدأ المواطنة، ويضع العدالة الاجتماعية في صدارة الأولويات. هذا المشروع لا بد أن ينبع من وعي شعبي ضاغط، من حركات اجتماعية ومدنية، من قوى ترى في العراق وطناً جامعاً لا ساحة لتقاسم الغنائم. إنّ استعادة العراق ممكنة، لكنها مشروطة بإعادة صياغة الدولة على أساس المواطنة والعدالة. وما لم يحدث هذا التحول، ستبقى الحكومات المتعاقبة تستهلك الوقت والموارد في دوامة المصالح الذاتية، بينما يبقى الشعب ينتظر عدالة غائبة ووطناً موعوداً لم يتحقق بعد.
**************************************
المادية التاريخية.. نحو مشروع وطني ما بعد الاحتلال
محمد علوش
كان لي شرف المشاركة في الندوة الفكرية الهامة التي نظمها المنبر التقدمي الديمقراطي الفلسطيني المستقل تحت عنوان: "المشروع الوطني الفلسطيني من منظور ماركسي"، حيث قدم الرفيق الدكتور مضر قسيس، أستاذ الفلسفة ومدير معهد مواطن في جامعة بيرزيت، ورقة عميقة ومكثفة، فيما أدار الرفيق سهيل السلمان الحوار بروح ملتزمة وواعية بالمسؤولية التاريخية.
لم تكن الندوة مجرد نقاش سياسي عابر، بل كانت استعادة حية للمنهج الماركسي في قراءة الواقع الفلسطيني، بكل ما يحمله من تعقيدات وتشابكات، وفتحاً لأفق جديد يربط قضيتنا الوطنية بسياقها الأممي والجدلي، فمن منظور المادية التاريخية، لا يمكن فهم المشروع الوطني الفلسطيني إلا بوصفه نتاجاً لصراع تاريخي طويل الأمد؛ صراع يتجاوز الاحتلال العسكري المباشر، ليشمل البنية الطبقية الداخلية، وآليات الهيمنة الإمبريالية، ورهانات المجتمع في حاضره ومستقبله. فالتاريخ ليس سردية جاهزة تلقن ولا لوحة مكتملة المعالم، بل هو نتاج ديالكتيك حي تتحرك في فضائه التناقضات وتولد التحولات، وإذا كانت فلسطين اليوم تتوسط واحدة من أفظع المآسي الإنسانية التي يصنعها الاستعمار الاستيطاني، فإنها في الوقت نفسه في قلب معركة أممية أشمل ضد الفاشية الجديدة والإمبريالية العالمية، حيث يتقاطع المحلي مع العالمي، والوطني مع الطبقي، والنضال اليومي مع الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى.
من هنا، يغدو المشروع الوطني الفلسطيني أبعد من كونه ملفاً تفاوضياً أو قضية محلية؛ إنه تعبير عن حركة التاريخ ذاتها، تاريخ الشعوب التي لا تكتب من فوق كراسي السلطة فقط، بل من خنادق المقاومة، ومن ميادين العمال والفقراء والمهمشين، حيث يتجسد المعنى الحقيقي للتحرر الوطني.
وقد جاءت مداخلة الدكتور مضر قسيس لتؤكد أن تحرير فلسطين لا ينفصل عن تحرير الإنسان الفلسطيني نفسه من شروط القهر والاستغلال؛ وأن الدولة المستقلة لا معنى لها ما لم تكن دولةً لمجتمع حر، عادل، ديمقراطي، يعكس جوهر التحولات الثورية التي تصنعها الشعوب عبر مساراتها التاريخية، فالماركسية هنا ليست نظرية جامدة، بل أداة لفهم الواقع وتغييره، ولتفكيك بنياته القائمة وفتح الطريق نحو أفق جديد لما بعد الاحتلال. في هذا السياق العالمي المتموج، حيث تتصدع منظومة الهيمنة الأمريكية وتبرز ملامح نظام دولي متعدد الأقطاب، يتوجب علينا أن نعيد مساءلة مشروعنا الوطني: كيف نصوغه في انسجام مع هذه الموجة التاريخية الصاعدة؟ وكيف ترتقي المقاومة الفلسطينية إلى مستوى التحديات الجديدة، وهي تدرك أن التاريخ لا ينتظر المترددين، بل ينحاز دوماً إلى من يمتلكون الإرادة والفعل؟ خرجت من هذه الندوة أكثر يقيناً بأن المشروع الوطني الفلسطيني لا يمكن اختزاله في شعارات أو صيغ جاهزة، بل هو عملية تاريخية ممتدة، غايتها زوال الاحتلال وبناء مجتمع حر طال انتظاره.
إن المستقبل الذي نطمح إليه لا يتمثل فقط في دولة ما بعد الاحتلال، بل في تاريخ جديد تعيد فيه فلسطين إنتاج ذاتها، مستندة إلى صراعها الطويل، وإلى وحدة نضالها الشعبي، وإلى انتمائها الأممي العميق.
*****************************************
الآلية الرباعية طليعة التدخل الدولي في السودان
السودان ـ قرشي عوض
أعادت الآلية الرباعية المكونة من أمريكا - مصر - السعودية والإمارات، الملف السوداني إلى واجهة الأحداث بالتزامن مع أحداث خارجية تتمثل في اقتراب أسطول السلام من شواطئ غزة وتنامي الغضب الشعبي حتى داخل أمريكا نفسها جراء الحصار والقتل والتجويع الذي تمارسه إسرائيل ضد شعب أعزل، بمساندة أمريكية على كل المستويات، وصل حتى الكونغرس. ومع أحداث داخلية تتمثل في تقدم الجيش في بادية كردفان بعد أن استرد مدينة بارا الاستراتيجية التي تفتح الطريق إلى إقليم دارفور آخر معاقل المليشيا المتمردة.
وعلى الرغم من أن مخرجات اجتماع الرباعية الأخير أعادت تدوير مطالب سبق لها أن وضعتها أمام الحكومة السودانية وقيادة التمرد من قبل، مثل وقف إطلاق نار إنساني لمدة حددها هذه المرة بثلاثة أشهر وتوصيل المساعدات الإنسانية وتسليم السلطة للمدنيين مع ابتعاد طرفي الحرب عن المشهد المستقبلي، في وقت أكد فيه على أن التسوية يجب أن تتم عبر المفاوضات بين الطرفين، إلا أنه من الملاحظ هذه المرة الإصرار على المساواة بين الطرفين في ظل وجود حلفاء السودان في الآلية، مثل مصر والسعودية. هذا عوضًا عن أن هذا الموقف، الذي تم عرضه مرارًا وتكرارًا، ظل مرفوضًا من قبل الحكومة السودانية المعترف بها من قبل المؤسسات الدولية والإقليمية. وقد تسبب هذا الموقف من قبل في إفشال جولات تفاوض في جدة وجنيف.
ولم تكتفِ أمريكا بالتأثير على شركائها في الرباعية لتغيير مواقفهم فحسب، خاصة مصر التي يعتبر البعض أنها قد استثمرت كثيرًا في الجيش السوداني للدرجة التي يعتبر معها خبراء الاستراتيجية في مصر أن أمنها مرتبط بوجود الجيش السوداني على سدة الحكم باستمرار -- بل سارعت الخزانة الأمريكية بإلحاق قرارات الرباعية بإصدار عقوبات على وزير المالية وأحد قيادات القوات المشتركة التي تقاتل إلى جانب القوات المسلحة، جبريل إبراهيم. وكتيبة البراء بن مالك التي تتبع للحركة الإسلامية والناشطة في ميادين القتال إلى جانب الجيش، بعد أن اتهمتها أمريكا بأنها تتعاون مع إيران.
لكن أمريكا تعلم بأن الآلية الرباعية التي تحاول عبرها إبعاد شركائها الأوروبيين من الملف السوداني، رغم أنها كانت قد استعانت بهم من قبل من خلال آلية الترويكا، التي ضمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وفضلت أن تستبدلهم بشركاء إقليميين هذه المرة ربما تأمل في تعاونهم على شواطئ المتوسط - هي في الحقيقة مجرد تحالف سياسي دولي وإن قراراتها ليست لها الإلزامية التي يتمتع بها كل من مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي. ولتسويق هذه المبادرة فلابد من صناعة التفاف شعبي حولها يتزامن مع جهود أخرى لإقناع الاتحاد الأفريقي بتبني تلك المبادرة. ولأجل ذلك سارع تحالف "صمود"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حمدوك، بتأييد المبادرة واعتبرتها قيادات في ذلك التحالف بأنها خطوة تجدد الأمل في وقف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين. كما قابل رئيس التحالف قيادة الاتحاد الأفريقي في أبو ظبي وطالبها باتخاذ موقف داعم لوقف الحرب.
إن أخطر ما في هذه المبادرة الرباعية، إلى جانب مشاركة دولة الإمارات فيها، هو أنها تربط الانتقال بالتفاوض بين الطرفين رغم تأكيدها على إبعادهم عن المشهد المستقبلي أو تأثيرهم عليه. وهذا مستحيل في ظل احتفاظ مليشيا الدعم السريع بقوتها العسكرية وكامل تسليحها، إلى جانب سيطرتها على معظم إقليم دارفور. كما أنها تتجاهل أهم مطالب ثورة ديسمبر، التي يتحدث الجميع استنادًا إلى شرعيتها مع تناسي أنها طالبت بحل مليشيا الجنجويد وذهاب العسكر إلى الثكنات. وبذلك تكون المبادرة الرباعية وعلى أحسن الفروض، حتى وإن نجحت في وقف الحرب الحالية، فإنها تبذر بذور الحرب القادمة. وهي تحيد عن الطريق القويم لتحقيق الاستقرار في السودان المتمثل في تصفية الوجود المسلح خارج الجيش وجمع كل السلاح في مخازنه. لكنه طريق يفضي بالضرورة إلى مراقبة شعبية للقوات المسلحة وتنتج عنه سلطة برأس واحد، فوق أنها مراقبة شعبيًا ولا يمكن عبرها تمرير أجندة معادية لتطلعات الجماهير. وهذا ما لن تسعى إليه المحاور الدولية والإقليمية خاصة أمريكا.
******************************************
الشتائم السياسية بوصفها نصّاً هامشياً مؤرِّخاً للصراع
د. مشتاق عيدان اعبيد
في السياقات السياسية المحتدمة، لا تُنتَج الخطابات الكبرى فحسب، بل تتولد معها تعبيرات شعبية هامشية تفضح ما لا تقوله البيانات الرسمية، وتُلخِّص التحولات الاجتماعية والسياسية بلغة الشارع لا بلغة الدولة. العراق، كغيره من البلدان التي مرّت بتحولات عنيفة منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، شهد صعود "قاموس شتائم سياسية" بات يمثل بحد ذاته مادةً لفهم الصراع، والهويات، والتجاذبات السياسية، وتحول مفهومي الولاء والخيانة إلى علامات لغوية تُختصر بكلمة، بل وتُهتف في الساحات. ومع تراكم هذا القاموس، تحوّلت الشتيمة من فعل لغوي عابر إلى وسيط تأريخي بديل، ومن صوت فردي إلى تعبير جماعي عن رفض وقهر وتصدّع في مفاهيم السيادة والانتماء.
قد يبدو للوهلة الأولى أن الشتيمة لا تستحق التوثيق، غير أن هذا الحكم يفترض أن التاريخ هو ما يُكتب في الوثائق والمؤسسات، بينما تنكر هذه النظرة ما يسميه المؤرخ البريطاني إريك هوبزباوم بـ"تاريخ من لا تاريخ لهم"، أي الذين لم يُسمح لهم بكتابة سيرتهم الرسمية، فعبّروا عنها بأدوات غير تقليدية، ومنها الشتائم، والسخرية، والنكتة، والأغنية، واللافتة. من هنا تُصبح الشتيمة السياسية نصاً ثقافياً مهمشاً، لكنه غني بالدلالة، وهي كما يرى ميشال فوكو، إحدى أدوات "الخطاب المضاد" الذي يُمارس من أسفل ضد منظومة السلطة والمعرفة التي تحتكر تعريف الشرعية، والوطنية، والهوية.
لا يمكن اختزال الشتيمة إلى فعل سبٍّ عابر، بل يمكن تأطيرها في سياق التحليل الثقافي بوصفها آلية مقاومة رمزية، ومرآة لصراع اجتماعي طبقي أو سياسي. الشتيمة السياسية تكشف عن المسكوت عنه في الخطاب العام، وتُعبّر عن الانفعالات الجمعية المترسبة في وعي الشارع. وقد انطلقت هذه الظاهرة في العراق منذ الأيام الأولى للاحتلال الأميركي، واشتدت مع فوضى العملية السياسية الطائفية، إذ سرعان ما أصبح تداول الألقاب مثل: "عميل"، "بوق"، و"ذيل" و"لاحوكَ" و"اولاد الرفيقات" و"ابن السفارة" جزءاً من التداول اليومي، وأداة لفضح الانتماءات أو نزع الشرعية عن الآخر.
برزت مفردة "ذيل" في الخطاب السياسي العراقي بوصفها اختزالاً للتابعية والانقياد، وخاصة حين يُشار بها إلى أولئك الذين يُعتقد أنهم موالون لإيران. وهي كلمة تلغي العقل السياسي للمخاطَب، وتُعيد تشكيله كامتداد تابع لإرادة خارجية، ما يعكس فشل الدولة الوطنية في بناء سردية موحدة للهوية. بالمقابل، وُصفت الشخصيات أو الحركات المقرّبة من الولايات المتحدة أو الداعية للتقارب مع الغرب بـ"لوكَي"، في إحالة إلى صفة التملق والرضوخ، وهي لفظة عراقية عامية تفيد التحقير والتصغير. وتحوّلت هاتان الكلمتان من ألقاب فردية إلى شعارات جماعية، حتى رفع المتظاهرون في احتجاجات تشرين 2019 شعاراً صارخاً في الميادين: "ذيل، لوكَي، انعل أبو ...!"، وهو شعار يلخص تبرُّم الشارع من هيمنة القوى الخارجية، ورفضه لما يعتبره ارتهاناً كاملاً للقرار الوطني في ثنائية جديدة.
أما عبارة "ابن السفارة"، فهي تهمة ثقيلة تُوجَّه إلى الناشطين أو المثقفين الذين يُتَّهمون بأنهم على صلة بالسفارة الأميركية، أو يتلقون دعماً غربياً. وهي عبارة تعبّر عن ازدواج في المعايير، إذ تفضح هوس البعض بالتخوين، لكنها تكشف أيضاً عن أزمة ثقة مجتمعية عميقة، تتعلق بمن يمثل من، ولمصلحة من يُرفَع الصوت أو يُسكَت. وغالباً ما تستخدم هذه العبارة في السجالات السياسية والإعلامية لا لتفنيد الرأي، بل لتجريده من حقه في التعبير، وهو ما يذكّر بمفهوم "القتل الرمزي" الذي طرحه المفكر الفرنسي بيير بورديو، حين تكون الكلمات أدوات لإعدام الشخص معنوياً عبر سلبه شرعيته.
ومن العبارات اللافتة التي راجت أيضاً "لاحوكَ"، وهي تهكم لغوي شعبي على تعبيرات القوى الدينية والسياسية التي تُكثر من استخدام مفردات الأخوّة واللحمة الوطنية، مثل "أخوتكم السنة" أو "إخوانكم الشيعة"، أو تلك التي تستجدي التضامن بـ"لاحوكَ". وبمرور الزمن، صارت هذه العبارات محل تندّر، تُستخدَم لا للدلالة على القرب، بل للسخرية من نفاق السلطة ومؤسساتها، وكشف زيف الخطابات الرسمية التي لا تعكس الواقع المعاش، بل تُمارس، بتعبير المفكر الألماني فالتر بنيامين، "عنفا رمزيا" حين تتحدث بلغة الوحدة وهي تُمارس التفتيت.
هذه الشتائم ليست جزءاً من التاريخ الرسمي، لكنها تمثل وثيقة ثقافية حيّة، تُعبّر عن روح المرحلة أكثر مما تفعل الكتب السياسية أو تقارير المنظمات. إنها تجسيد للهامش وهو يتكلم، وهي أداة توثيق مشحونة بالعاطفة والغضب، تُغني فهمنا لما جرى ويجري في العراق. لقد تمكّن الشباب من تدوين لحظتهم السياسية ليس فقط عبر المقالات والتقارير، بل أيضاً من خلال "قواميسهم" اليومية، التي تنمو في الأزقة ومواقع التواصل الاجتماعي واللافتات الجدارية. وهكذا، تصير الشتيمة سجلاً اجتماعياً بالغ الدلالة، يعكس المزاج العام أكثر مما تعكسه نشرات الأخبار أو خُطب البرلمان. وهي، من هذا المنظور، تشكل ما يسميه المفكر الثقافي ريموند وليامز بـ"البنية الشعورية" للمجتمع في لحظة تاريخية محددة، حيث تُختزن فيها الانفعالات اليومية بوصفها بديلاً عن الوعي الأيديولوجي المؤطر.
إذا كانت الدولة تكتب تاريخها من خلال البيانات الرسمية والأرشيفات الكبرى، فإن الشعوب تكتب تاريخها عبر الموروث الشفهي، والعبارات الساخرة، والشتائم التي تنفلت من رقابة السلطة. "ذيل"، "لوكَي"، "ابن السفارة"، و"لاحوكَ" ليست مجرد شتائم، بل علامات لغوية على انهيارات سياسية، وتعبيرات عن وعي جمعي ساخط يسعى لتفسير الواقع بلسانه، لا بلغة النخب. إنها بقايا الأصوات المقموعة، التي، كما كتب بنيامين في أطروحاته عن فلسفة التاريخ، "تخترق الزمن من خارج تسلسله الخطي، لتُحدِث شروخاً في سردية المنتصر". ولذلك، فإن تأريخ العراق المعاصر لن يكتمل دون الالتفات إلى هذه اللغة الهامشية، التي قالت ما لم تستطع الوثائق قوله، ودوّنت احتجاجها بكلمات قصيرة، جارحة، ومليئة بالدلالة.
*******************************************
الصفحة العاشرة
أرونداتي روي: ما يحدث في غزة إبادة جماعية
حسين جلعاد
لم تعد الكاتبة الهندية الشهيرة أرونداتي روي مجرد روائية عالمية، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى صوت ضمير يلاحق صمت العالم. فقد استثمرت ظهورها وكتاباتها لتوجيه رسائل مباشرة ضد الحرب على غزة، من مقالات صحفية إلى خطابات جوائز وصولا إلى حفل إطلاق كتابها الجديد، وقد ركزت على وصف ما يجري في القطاع بأنه "إبادة جماعية" و"معسكر اعتقال"، وانتقدت الدعم الغربي والإقليمي لإسرائيل.
في حفل إطلاق كتابها الجديد "حين تزورني مريم" (Mother Mary Comes to Me) الذي أقيم في 3 سبتمبر/أيلول الجاري بكلية سانت تيريزا في ولاية كيرالا، لم تتحدث الكاتبة الهندية الشهيرة والحائزة جائزة البوكر أرونداتي روي عن تجربتها الأدبية فحسب، بل استثمرت المنصة لتوجيه رسالة سياسية وأخلاقية قوية بشأن الحرب على غزة.
قالت روي أمام جمهور من القراء والطلاب إن "الولايات المتحدة تساعد في أكبر إبادة جماعية في التاريخ بثروتها، بينما تساعد الهند بفقرها"، مضيفة أن الضرائب التي يدفعها المواطنون الهنود قد تُستخدم بطريقة غير مباشرة في تمويل الحرب الإسرائيلية. وأكدت "لا أستطيع أن أشارك في أي منتدى دون أن أعلن تضامني مع غزة".
موقف روي الصريح من فلسطين ليس جديدا. فمنذ اندلاع الحرب الأخيرة، وصفت غزة بأنها "معسكر اعتقال" يشهد تدميرا شاملا لمستشفياته وجامعاته وبيوته. وانتقدت في مقالات وتصريحات عدة الدعم الغربي لإسرائيل، معتبرة أن "أغنى دول العالم تموّل وتبارك هذه الإبادة الجماعية".
لم تأتِ كلمات أرونداتي روي من فراغ، ولا يمكن قراءة موقفها كتعاطف عابر مع فلسطين. إنها ابنة تجربة طويلة في مواجهة الاستعمار والحروب الإمبريالية منذ روايتها الأولى "إله الأشياء الصغيرة" (1997)، حيث أهدت الأدب الهندي والعالمي نصا مضيئا من التاريخ والذاكرة والمقاومة. لكن روي سرعان ما تجاوزت حدود الرواية إلى الفعل السياسي المباشر، لتصبح واحدة من أبرز الأصوات التي تربط بين الأدب والالتزام الأخلاقي. وعلى مدى ربع قرن، كتبت ضد الحروب الإمبريالية الأميركية، وانتقدت صعود القومية الهندوسية في بلادها، ووضعت فلسطين في قلب خطابها المناهض للاستعمار.
هذا الامتزاج بين السيرة الذاتية والموقف السياسي يشي بأن الكتابة عند روي ليست انعزالا في الجماليات، بل وسيلة لربط الذات بالعالم. فكما كانت علاقتها بأمها مأوى وعاصفة، فإن علاقتها بفلسطين تعكس إدراكها بأن الحرية لا تتجزأ، وأن القمع هنا وهناك متشابك بخيوط غير مرئية.
غزة… المعسكر الذي فضح العالم
وكانت روي قد كتبت من نيودلهي ما يشبه البيان في 7 مارس/آذار 2024، فقالت "لقد تحوّل قطاع غزة إلى معسكر اعتقال… لقد تم تهجير كامل سكان القطاع تقريبا؛ منازلهم، مستشفياتهم، جامعاتهم… تحولت إلى أنقاض."
ولم يكن هذا وصفا تقنيا لحرب، بل صرخة ضمير تعرّي العالم المجبول بصمت قاتل. وتضيف بحدة "أغنى وأقوى دول العالم… تموّل علنا وتصفّق لإبادة إسرائيل الجماعية في غزة."
هنا تضع روي إصبعها على جرح آخر، فليس الاحتلال وحده من يصنع المأساة، بل صمت الدول الكبرى التي تموّل الإبادة وتباركها. بالنسبة لها، الصمت ليس حيادا بل شكلا من أشكال التواطؤ.
الكلمة ترفض المعادلة الزائفة
وفي خطابها بمناسبة جائزة "بن بنتر" (PEN Pinter) عام 2024، أعلنت رفضها لأي مساواة بين الضحية والجلاد وقالت "أرفض لعبة الإدانة المتوازية… لا أقول للمضطهدين كيف يقاومون". هذا الموقف يعكس رؤية واضحة ترفض الحياد المزيّف وتؤكد على ضرورة الوقوف إلى جانب المضطهدين دون فرض شروط على مقاومتهم.
هنا تتجلى فلسفة روي، وملخصها أن المثقف لا يُملي على الشعوب المضطهدة كيف تدافع عن نفسها، بل يقف معها بلا شروط. هذه الرؤية تنسجم مع خطها الفكري الذي طالما انتقد "الإملاءات الأخلاقية" التي يستخدمها الغرب لترويض قضايا التحرر.
وفي مقالها الشهير على موقع "مستر أونلاين" (MR Online) بعنوان "لا دعاية على وجه الأرض يمكن أن تخفي جرح فلسطين"، أكدت روي أن السردية الإسرائيلية قد بدأت تفقد تأثيرها وقوتها في العالم. فقد كتبت "ليس كل المال والسلطة قادرا على إخفاء الجرح الذي هو فلسطين. الجرح يظل مكشوفا أمام العالم، مهما كان حجم الدعاية." هذا التصريح يبرز إيمانها بأن الحقيقة المطلقة للصراع الفلسطيني ستنتصر في النهاية على كل محاولات التضليل.
الجرح هنا ليس مجازا بل حقيقة دامية، تكشف عن هشاشة الهيمنة مهما تزينت بالدعاية. بالنسبة لها، فلسطين ليست مجرد أرض محتلة، بل علامة كونية على الظلم الذي لا يندمل إلا بالعدالة.
بهذا المعنى، تمثل أرونداتي روي نموذجا نادرا في الأدب المعاصر، إنها كاتبة تجعل من النص جدارا ضد الطمس، ومن الموقف الثقافي مقاومة علنية. في عالم تكثر فيه التبريرات ويغيب فيه الصوت الحر، تذكّرنا روي بأن الأدب ما زال قادرا على أن يكون ضميرا كونيا. غزة بالنسبة لها ليست جرحا بعيدا، بل امتحانا لإنسانيتنا جميعا.
ولم تتردد روي في وصف الوضع في غزة بكلمات قوية ومباشرة، حيث وصفتها في مقالتها التي نشرها الموقعان الإخباريان الأميركي "كومن دريمز" (Common Dreams) والهندي "سكرول إن" (Scroll.in) بأنها "معسكر اعتقال". وأضافت في المقال ذاته "شُرد تقريبا كل سكان غزة. بيوتهم ومستشفياتهم وجامعاتهم دُمرت إلى أنقاض." هذه الكلمات الصريحة لم تكن مجرد وصف للدمار المادي، بل كانت أيضا صدمة أخلاقية تهدف إلى كسر حاجز الصمت الدولي.
أصداء الموقف
قُوبلت مواقف روي بردود فعل متباينة، مما يعكس الانقسام العميق حول القضية الفلسطينية في الأوساط الثقافية والسياسية. ففي المجتمع الأدبي، حظيت مواقفها بترحيب واسع من قِبل العديد من الكتاب والناشرين، خاصة في الهند والغرب، الذين اعتبروا كلمات روي امتدادا لتقليد الأدب الملتزم. وقد تم تداول خطابها على نطاق واسع في الصحافة البديلة واليسارية، حيث رُحب بها كصوت للضمير العالمي الذي لا يخشى قول الحقيقة. وقد عزز هذا الموقف مكانتها بين الأصوات الأدبية العالمية المدافعة عن فلسطين، وأكد أن الكتابة الملتزمة لا تزال قادرة على إحداث صدمة أخلاقية في زمن الرقابة.
في المقابل، واجهت روي انتقادات حادة وهجوما عنيفا من دوائر إعلامية محافظة في الهند، حيث اتُهمت بـ"تسييس الأدب" و"تشويه صورة البلاد". وصلت هذه الانتقادات إلى الأروقة الحكومية، حيث صدرت دعوات في البرلمان الهندي لمساءلتها عن تصريحاتها التي انتقدت فيها علاقة الهند بإسرائيل. وتُظهر هذه الضغوط السياسية بوضوح كيف أن مواقف روي لم تبقَ حبيسة الأوساط الأدبية، بل امتد تأثيرها إلى النقاش السياسي العام.
طريق بين الركام
بالنسبة لكثيرين، فإن روي تمثل نموذجا للمثقف الملتزم الذي يرى في الكتابة واجبا أخلاقيا لا يقل أهمية عن الأدب نفسه. وفي عالم يعج بالصمت الرسمي، بدا صوتها في كيرالا صدى بعيدا لصرخة غزة، يذكّر بأن الكلمة قادرة أن تشق طريقها بين الركام.
الكتّاب الكبار ليسوا مجرد صنّاع جُمل جميلة، بل يتحولون إلى ضمير جمعي، إلى شهود وفاعلين في زمن يميل إلى التواطؤ والنسيان. وهذه الروائية الهندية التي جاءت من أقصى الجنوب الآسيوي، رفعت صوتها من نيودلهي حتى رام الله، كأن فلسطين وطنها، وكأنها تعرف المخيمات وأزقتها كما يعرفها أهلها. لم تكتفِ أن تكتب رواية جميلة أو بحثا أكاديميا، بل وقفت لتذكّر العالم أن هناك شعبا يُسحق أمام شاشاته، وأن الكلمات يمكن أن تكون جدارا آخر، هذه المرّة ليس من أسمنت وحديد، بل من ضمير ووجع مشترك.
حملت أرونداتي روي صوت فلسطين كواجب أخلاقي لا يتجزأ من مشروعها الأدبي. ولم تكن كاتبة جوائز فقط، بل مثقفة تدرك أن الأدب لا ينفصل عن العدالة.
وفي مقالاتها ومداخلاتها الأخيرة حول غزة، لا تكتب روي بلغة المحايد الأكاديمي، ولا بلغة المفاوض الحذر؛ بل بلغة الأم التي ترى طفلا يُسحق تحت الركام، والإنسان الحر الذي يعرف أن الاستعمار لا يتغير إلا بالمقاومة.
هاجمت روي الاحتلال الإسرائيلي بجرأة، ورأت في غزة مرآة لكل تاريخ الاستعمار الغربي، من الهند إلى العراق إلى فلسطين. وكأنها تعيد صدى أصواتنا التي يُراد لها أن تخفت، لتقول من هناك إن العدالة لا تتجزأ، وإن صمت العالم جريمة لا تقلّ عن القصف نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الجزيرة" – 11 أيلول 2025
**************************************
فيكتور جارا شهيد الفن الثوري والقضية الوطنية
فيكتور جارا الشعر، الأغنية، اللحن، الغيتار… حكى في أعماله قضايا الناس الفقراء وهمومهم… حمل بالأغنية والموقف مع الثوار راية الثورة على الظلم والقمع والديكتاتورية والتبعية للنظام الرأسمالي – الامبريالي العالمي… وسار في درب الجلجلة درب التقدم والحرية والعدالة والتحرّر… ولدَ المغني التشيلي فيكتور جارا في 28 أيلول/ سبتمبر عام 1932، في قرية “لونكون” التي تبعد 50 ميلاً عن سانتياغو العاصمة التشيلية، ونشأ فيها. رافق في طفولته أمه وهي تحصد الذرة وتغني وتعزف على الغيتار، ورافق والده في الحقول وحرث الأرض… كانت والدته محور العائلة والاهتمام بها… تعمل لتؤمن لأطفالها الحياة. انتقلت عائلة جارا إلى العاصمة سانتياغو لعلاج شقيقته التي احترق جسدها أثناء إعداد الطعام لإخوتها وبقيت في المستشفى لمدة عام. وقررت الأم البقاء في العاصمة والعمل فيها، وإلتحق جارا بالمدرسة الكاثوليكية. وهو في سن الـ 15 توفيت والدته وهي تعمل… حادثة وفاتها تركت حزناً عميقاً داخل جارا. وتمكن، من إنهاء تعليمه إلى أن أصبح أستاذاً في قسم المسرح بجامعة سانتياغو وأصبح المغني الثوري. لحّن جارا قصائد الشاعر الثوري التشيلي بابلو نيرودا.
مجزرة سبتمبر
انتخب الشعب التشيلي الرئيس اليساري سلفادور أليندي وهو حدث ديمقراطي أزعج رأس حربة النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي الولايات المتحدة الأميركية فدعمت وكالة الاستخبارات الأميركية انقلاب الدكتاتور أوغستو بينوشيه على الرئيس أليندي الذي حوصر في قصر الرئاسة “لامونيدا”… واجه أليندي الحصار والقصف بالطائرات بصمود استمده من إرادة الشعب التشيلي الذي انتخبه رئيساً… وعبر عن ذلك بقوله الشهير “نحن نملك التاريخ.. والشعب يصنع التاريخ”… رفض الاستسلام لديكتاتورية بينوشيه الانقلابية قاومها حتى آخر لحظة وسقط واقفاً في 11 أيلول/ سبتمبر 1973 دفاعاً عن تشيلي الحرة.. المستقلة… تشيلي العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية. على اثر نجاح انقلاب بينوشيه الدموي، بدعم أميركي، على الرئيس سلفادور أليندي قامت قوى الانقلاب بارتكاب مجازر ضد الديمقراطيين، وضد الشيوعيين، وضد الأغنية الثورية ومن شهدائها فيكتور جارا أحد أبرز الرموز الوطنية التقدمية الثورية للشعب التشيلي. أقدمت قوى الانقلاب في تشيلي على اعتقال الآلاف من أنصار جبهة الوحدة الشعبية بقيادة الرئيس أليندي والشيوعيين والطلاب. ففي إستاد العاصمة سانتياغو تم اعتقال أكثر من خمسة آلاف من بينهم فيكتور جارا الذي اعتقل في 11 سبتمبر العام 1973 واقتيد إلى الإستاد الرياضي الذي تعرض فيه لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل… كسرت أصابعه وأعطوه غيتاره وقال له الضابط/ الجلاد: “اعزف الآن إن استطعت يا فكتور جارا”… فكان ردّ جارا أن خرجت من بين شفتيه الداميتين الممزقتين، بسبب التعذيب الوحشي، كلمات أغنيته الشهيرة “سننتصر” وهي الأغنية التي كانت تذاع خلال الحملة الانتخابية للرئيس سلفادور أليندي التي حصلت عام 1970 الذي دعمه جارا. أنشد جارا كلمات أغنيته/ النشيد “سننتصر” متحدياً السجّان. وفي مكان اعتقاله وتحت التعذيب الوحشي كتب الشهيد فيكتور جارا في السادس عشر من أيلول / سبتمبر 1973 كلمات أغنيته الأخيرة “إستاديو تشيلي” (ملعب تشيلي)، التي هُربت إلى خارج الإستاد/ المعتقل ومن كلمات بعض مقاطعها:
عيوننا تحدق إلى الموت
أنا أعيش لحظات لا نهائية
حيث الصمت والصراخ صدى غنائي
وفي مقطع آخر من الأغنية:
كم هو عسير أن أشدو عندما اضطر للغناء
من فرط الرعب الذي أعيشه
رعب أموت في غماره
وبعد ساعتين من كتابته لكلمات أغنيته الأخيرة، أغنية العذابات التي تعرض لها مع جميع المعتقلين السياسيين على يد جيش الديكتاتور بينوشيه، أُطلق الرصاص على فيكتور جارا، ولم يتوقف الإجرام عند حد إطلاق رصاصة واحدة على جارا بل مزقوا جسده بإطلاق أكثر من أربعين رصاصة عليه، من بينها رصاصة في الرأس. وألقوا جسده الممزق في أحد شوارع العاصمة سانتياغو. وهناك تعرف أحد الأشخاص عليه وأخذ جثمانه في الخفاء إلى زوجته جوان خوان وسُمح لها بدفنها ولكن منعوها من الإعلان عن استشهاده، وكتب على ضريحه “نحو النصر”. وقد عمدت سلطات حكم بينوشيه على منع إذاعة خبر وفاة جارا، والتعتيم على المجازر التي ارتكبتها بحق المعتقلين السياسيين.
“سننتصر… سننتصر”
… وانتصر فيكتور جارا على الجلاد وعلى الديكتاتورية لأنه كان لسان حال الشعب والفقراء والثوار… الشعب الذي حمل قضية جارا وكرَّمه، وكرم ضحايا الحكم الديكتاتوري في تشيلي، ففي عام 2003 أصبح اسم “ملعب تشيلي” “ملعب فيكتور جارا”. وفي عام 2009، وبعد إجراء تحقيقات جديدة بشأن استشهاد جارا، أُعيد دفن جثمانه في جنازة شعبية كبيرة شارك فيها الآلاف من المواطنين التشيليين. وبفضل نضال زوجته جوان جارا من أجل تحقيق العدالة وإصرارها على متابعة قضية زوجها قضت محكمة مدنية في ولاية فلوريدا الأميركية عام 2016 بمسؤولية الضابط السابق في الجيش التشيلي بيدرو بارّينتوس عن مقتل فيكتور جارا، إضافة إلى إدانة ثمانية ضباط بالضلوع في الجريمة، وعقب صدور الحكم قالت جوان جارا: “أنا واحدة من المحظوظات، فلا يزال الكثيرون هنا في تشيلي لا يعلمون مصير أحبائهم، وهذا هو المصير الأسوأ”. لقد مثّل نتاج فيكتور جارا الفني أحد أبرز أشكال الفن الثوري الملتزم قضية الثورة من أجل العدالة والحق في مواجهة الاستعمار والاحتلال، على النقيض من طروحات “الفن للفن” التي تسعى لإظهار “الفن” وكأنه خارج الواقع وتناقضاته، وهو ما انتقده جارا بقوله “لقد سئمنا الموسيقى التي لا تعالج قضايانا، التي ترفه عنّا للحظة عابرة، ثم تتركنا خاوين من الداخل”. وأضاف: “لقد شرعنا في خلق نوع جديد من الأغنيات؛ التي وُلِدَت من رحم الضرورة المطلقة”… ضرورة التحامها بالواقع وتناقضاته وموقعها فيه لتنشد معنى الانتماء إلى قضايا التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال. فيكتور جارا غنى للثائر الأممي أرنستو تشي غيفارا… لفيتنام الثورة على الاستعمار والانتصار عليه… غنى للثورة… للطبقة العاملة… للأرض… للحب… غنى الوطن…
فيكتور جارا “سننتصر … سننتصر” ويبقى الغيتار مع الكلمة والأغنية إلى جانب البندقية في مقاومة الاحتلال والمشاريع الامبريالية الاستعمارية…
فيكتور جارا تحية ووردة حمراء ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منصة "تقدم" – 15 أيلول 2025
********************************************
جوديث بتلر تنتقد تسليم جامعة كاليفورنيا أسماء أكاديميين لإدارة ترامب
أثارت خطوة جامعة كاليفورنيا في بيركلي جدلاً في الأوساط الأكاديمية والحقوقية الأميركية بعدما سلّمت أسماء 160 من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمن تحقيق فدرالي في "حوادث مزعومة لمعاداة السامية" في الجامعات.
لكن الفيلسوفة النسوية والمنظّرة الأميركية جوديث بتلر، وهي واحدة من أبرز الأسماء الواردة في القائمة، وجهت انتقادات شديدة اللهجة للجامعة ووصفت ما جرى بأنه "ممارسة من حقبة مكارثي" وانتهاك صارخ لحقوق الأفراد والحريات الأكاديمية. وقالت بتلر، وهي باحثة يهودية معروفة بانتقادها لسياسات إسرائيل ودفاعها عن حقوق الفلسطينيين، إنها لم تُبلَّغ بأي تفاصيل عن الاتهامات المزعومة أو أسماء المشتكين، معتبرةً أن الجامعة "ألغت الإجراءات المعتادة" التي تتيح للمتّهمين الردّ والدفاع عن أنفسهم.
وحذّرت بتلر من أن الطلاب الدوليين والمحاضرين بدوام جزئي قد يواجهون ترحيلاً أو طرداً أو فقدان وظائفهم ومراقبة لصيقة بسبب هذه الإفصاحات، كما أشارت إلى أن بيركلي كانت مهد حركة حرية التعبير في الستينيات، وأن ما يجري الآن يقوّض هذا الإرث، متسائلةً لماذا لم تتبنَّ الجامعة موقفاً أكثر صرامة في مواجهة مطالب الإدارة الفدرالية كما فعلت بعض المؤسسات الأخرى دفاعاً عن الاستقلال الأكاديمي.
وفي رسالة إلى المستشار القانوني للحرم الجامعي، عبّرت صاحبة كتاب "مفترق الطُّرق: اليهودية ونقد الصهيونية" (صدرت ترجمته عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، 2017)، عن مخاوفها من أن تؤدي هذه الخطوة إلى "وَسم" الأكاديميين والطلاب في قوائم حكومية وإخضاعهم لقيود على السفر ومراقبة للاتصالات الإلكترونية، داعيةً إلى مقاومة ما وصفته بـ"التطبيع التدريجي للظلم" في الجامعات الأميركية.
تأتي هذه الإجراءات في سياق حملة أوسع يقودها ترامب ضد النشاط الطلابي المؤيد لفلسطين، حيث هدّد بقطع التمويل الفدرالي عن الجامعات التي يتهمها بالتساهل مع "معاداة السامية" أثناء الاحتجاجات. وتشمل الحملة تحقيقات وتسويات مالية ضخمة مع جامعات كبرى مثل كولومبيا وبراون وهارفارد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد" – 18 أيلول 2025
********************************************
الصفحة الحادية عشر
مجلة {بوليتيكيا} .. عدد خاص عن الماركسية
مجلة "بوليتيكيا" الشهرية الجيوسياسية التي تصدر عن دار زمكان في بيروت، كرست عددها الجديد ( 9 ايلول 2025) لدراسة الماركسية وابعادها.
ومن ابرز مواد العدد:
- هل مات اليسار وانتهت الماركسية في العالم؟ د. خالد العربي.
- طرد اشباح اليسار الامبريالي/ تحرير شادي منصور.
- الجذور التاريخية للماركسية العالمية بين الماضي والحاضر/ د. ياسر داغر.
- تحديث الديالكتيك المادي/ كارلو جليان.
- جيفارا/ مشروع الثائر/ عبد الحريم حمود.
- عندما قرر كاسترو الوقوف الى جانب رفاقه/ د. شادي منصور.
- الاشتراكية كطيف وكجسد/ محمد ابو مهجة.
- الماركسية والعلاقات الصينية/ وويوي يانغ.
- الماركسية في العالم العربي/ د. لجين سليمان.
- الماركسية: النظرية والتطبيق/ رشاريا.
- السودان في المنظور الماركسي/ جاد فياض.
- الماركسية والذكاء الاصطناعي/ رنا يتيم.
- التمركس وصناعة التاريخ/ علي نصار.وموضوعات اخرى..
يرأس تحرير "بوليتيكيا" عبد الحليم حمود.
****************************************************
حوار مع الكاتب الافريقي واثيونغو مؤلف «تويجات الدم» و «حبة قمح»
أقرأُ ماركس لأفهم المجتمع، ولأكتب روايات أفضل {3 – 3}
كتابة: بيلي كاهورا
ترجمة : قحطان المعموري
بيلي كاهورا: كيف أثّرَعليك المنفى والبعد عن الأماكن التي كانت تشكل خلفية رواياتك الأولى؟ هل وجدت تجربة كتابة "ساحر الغراب" مختلفة عن تجاربك السابقة حين كنت تقيم في كينيا إلى حد كبير؟
نغوغي وا ثيونغو: كتبت "النهر الفاصل"، و"لا تبك ايها الطفل"، و"الناسك الأسود" في أوغندا. و"حبة قمح" في ليدز، بريطانيا. بدأت "تويجات الدم" في إلينوي، الولايات المتحدة، وكتبت معظمها في كينيا، وأكملتها في يالطا، روسيا. كتبت "شيطان على الصليب" في سجن بكينيا، و"ماتيغاري" و"ساحر الغراب" في بريطانيا والولايات المتحدة. الأعمال الوحيدة التي كتبتها وأنا مقيم كليًا في كينيا كانت المسرحيات: "سأتزوج عندما أريد" (مع نغوغي وا ميريي)، و"محاكمة ديدان كيماثي" (مع ميسيري موغو). أترقب اليوم الذي أكتب فيه رواية كاملة على تراب كينيا. ربما كانت كتابتي صراعًا للبقاء متصلًا بكينيا — قصيدة حب لشعبي الكيني.
* بيلي كاهورا: إن أغلب كُتاب جيلك نشأوا غالبًا في القرى وتلقوا تعليمهم في مدارس الإرساليات، بينما يبدو أن معظم الكُتاب الآن يعيشون في المدن وينتمون إلى خلفيات طبقية "متوسطة"، من منظورك الماركسي، هل ترى أن هذا التحول مهم بالنسبة للأدب الإفريقي، وللأسئلة الكبرى التي طالما طرحتها من خلال كتاباتك، خصوصًا في أعمالك مثل تجربة كاميريثو، ودور الكاتب الآن في إفريقيا؟
- وا ثيونغو: لا يهم أين تلقّى الكاتب الإفريقي تعليمه أو أين يعيش. كل شخص إفريقي متعلّم عليه واجب رد الجميل للغته. إلى متى سنستمر في أخذ ما هو لغوي من لغاتنا لنُغذي به لغات المستعمرين السابقين، الذين حاولوا بكل الوسائل تدمير لغاتنا؟ انظر إلى تجربة (كاميريثو) وكيف عملنا بلغة المجتمع. لكن دعونا لا ننسى أن من دمرت (كاميريثو) هي حكومة إفريقية ، فقط لأننا عملنا بلغة إفريقية محكيّة داخل المجتمع! عقلية الإستعمار هي من أغلق المشروع وسجنتني في سجن شديد الحراسة. بالتأكيد، هناك قلق مشروع بشأن وحدة الدول. لكن، دعونا نتذكّر أن ما يخلق التوتر والاستياء هو النظر الى اللغات من منظور هرمي. ما نحتاج إليه هو آليات للحوار بين اللغات الإفريقية. الترجمة هي واحدة من هذه الآليات. يمكننا حتى استخدام اللغة الإنجليزية كجسر. ولكن يجب أن نستخدمها للتمكين وليس للتعطيل. في الوقت الحالي، تُمكِّن الإنجليزية التواصل بين المجتمعات اللغوية الإفريقية المختلفة عن طريق تعطيل صلة المثقفين بلغاتهم الأصلية.
* بيلي كاهورا: هل تقرأ الروايات الإفريقية الحديثة؟ وما هي أوجه التشابه والاختلاف في الشكل الروائي مقارنة بما كنت تكتبه في الستينيات والسبعينيات؟
- وا ثيونغو: من الصعب عليّ مواكبة هذا الكم الهائل من الإنتاج، وهذا بحد ذاته تعليق على كثرة الكُتّاب والكتب في أنحاء القارة. لكن إعجابي كان بكاتبتين هما: تشيماماندا نغوزي أديتشي وناموالي سيربل. رواية أديتشي "نصف شمس صفراء" هي رواية يجب أن يقرأها كل كاتب. ثم هناك العمل المبهر "الانجراف القديم" لسيربل. من بين العناوين الأخرى التي لفتت إنتباهي ، رواية "رقصة الجاكاراندا" للكاتب بيتر كيماني. أعترف أنني مولعٌ بهذا العمل تحديدًا، كما أنني فخورٌ جدًا بأعمال أبنائي الأربعة المنشورة: تي نغوجي (مواسم الحب واليأس)، وندوكو وا نغوجي (جرائم المدينة)، وموكوما وا نغوجي (حرارة نيروبي)، ووانجيكو وا نغوجي (سقوط القديسين). نحن عائلةٌ من المتنافسين الأدبيين. أصغرهما، مومبي نغوجي وتيونغو نغوجي، فهما يطرقان الباب ويكادان يفتحانه بالقوة. لكنني أتطلع معهما ومع جميع الكُتّاب الآخرين من القارة إلى اليوم الذي يكتشفون فيه تلك القوة السحرية للغات الأفريقية ويتواصلون معها. أود أيضًا أن أحيي مجلتين أدبيتين: (كواني) و(جالادا)، وكلاهما من إبداعات الشباب. لقد كنتما جزءًا من ثورة مكنوناتي الأدبية.
* بيلي كاهورا: المؤسسات التي كنت جزءًا منها مثل قسم الأدب بجامعة نيروبي والصفحات الثقافية في جريدة "ذا نيشن" لم تعد مركزاً للنقاش الأدبي. اليوم، تدورأغلب النقاشات على "تويتر" ومنصات الكُتّاب. فيما يتعلق بإنتاج الروايات الكينية من قبل الكُتّاب المحليين بين عامي 2004 و2019، تم إنتاج حوالي 170 رواية غريبة كما تم تجميعها في مجلة أدب الكومنولث. من بين هذه الروايات، لا يصل عدد الروايات الخيالية إلى 100. بالمقارنة مع المراجع السنوية المماثلة بين الفترة الزمنية نفسها من عام 1968 - 1978، انخفض عدد الروايات "الأدبية" المنشورة في كينيا كثيراً، وهو أمر مفاجئ وبعيد عن التوقعات . ان العديد من أشهر الكُتّاب الأفارقة عالميًا - من ناموالي سربيل إلى هيلون هابيلا إلى مازا منجيستي - يعيشون ويعملون خارج أفريقيا. لا أقول إنه لا توجد أعمال تُنتج في القارة، ولكن أدب "الرواية الأفريقية" أخذ يتراجع تدريجيًا من دور النشر المحلية. ما رأيك في هذا، خاصةً عند مقارنته بالإمكانيات الأدبية في عصرك؟
- وا ثيونغو: الانقسام الكبير هو بين كُتاب إفريقيين يكتبون بلغات أوروبية وكُتاب يكتبون بلغات إفريقية. والحديث هنا ليس عن الجودة. لقد أنتج الأدب الإفريقي باللغات الأوروبية أعمالًا عبقرية كثيرة. لكن ما أريده هو أن أرى هذه العبقرية تستكشف الإمكانيات الكامنة في اللغات الإفريقية. هذه اللغات هي التي تحتاجنا، وليس اللغات الأوروبية.
* بيلي كاهورا: ما رأيك في وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت اليوم مساحة مهمة للنقاش السياسي والاجتماعي وماذا تعني لك ككاتب؟
- وا ثيونغو: هي جزء من حياتنا. لقد مكّنت التكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي من الازدهار. أقول: يجب علينا استغلالها. سمعت أن ناموالي سيربل تكتب رواية عبر تويتر. أتطلع لقراءتها. أود أن نستخدم هذه التقنيات لخدمة اللغات الإفريقية. انظر إلى الأثر العالمي لمحاربين لغويين من السنغال. أريد أن أرى المزيد منهم في القارة.
* بيلي كاهورا: مع وفاة الرئيس الكيني السابق دانيال آراب موي ، يبدو أن جدلاً واسعاً قد ثار حول كيفية تخليد ذكراه. كان الموقف الرسمي للحكومة الكينية هو الاحتفاء به كرجل دولة مخضرم. كما وصفته شخصيات إعلامية مرموقة في الصحف الكينية والمجتمع المدني والكينيين على تويتر بأنه ديكتاتور ومفتاح المشاكل السياسية المستمرة في كينيا. بصفتك الشخصية المحوريّة في واحدٍ من النظامين اللذين دافعتَ عنهما في كتاباتك، ما هو إرث موي برأيك؟
- وا ثيونغو: يذكرني آراب موي بعشرين عامًا من الرعب. كان منتجًا استعماريًا، تمامًا مثل عيدي أمين، موبوتو، بينوشيه وآخرين. الحاكم في روايتي "ساحر الغراب" هو تجسيد لكل هؤلاء الطغاة. يقول البعض إن موي كان يسير على خطى كينياتا. الفرق كبير: جومو كينياتا قضى 40 عامًا من حياته في النضال من أجل حرية الكينيين. لكنه خذلهم عند وصوله للسلطة. أما موي، فقد كان صنيعةً استعماريةً منذ تعيينه في المجلس التشريعي بدعم من المستوطنين وحتى تأسيسه لحزب كادو. إذا نسي الكينيون تاريخ سنوات حكم موي الإرهابي، فقد يُحكم عليهم بتكراره. قد يحمل موي التالي اسماً آخراً. لكن الشيء الجيد الوحيد الذي فعله موي، ثم تخلى عنه بسرعة بناءً على طلب البريطانيين وصندوق النقد الدولي، كان مشروع نيايو كار، القائم على خطة طموحة رسمها المهندس جيكاغا. كانت رؤية جيكاغا هي تطوير كينيا صناعيًا على نطاق واسع لتصبح دولة منتجة للسيارات والطائرات.
* بيلي كاهورا: مع تراجع إنتاج الروايات الأدبية في كينيا مقارنة بزمنك، ما هو دور الأدب في السياسة الإفريقية المعاصرة، خصوصًا بعد أحداث هامة ، مثل أعمال العنف التي أعقبت انتخابات 2007/2008، الدستور الجديد في 2010، التعددية الحزبية في التسعينيات، ونتائج الانتخابات الأخيرة التي حسمتها المحاكم؟
- وا ثيونغو: في الحقيقة، أعتقد أن هناك عددًا كبيراً من الكُتّاب في كينيا اليوم، حتى وإن كان أغلبهم يكتبون بالإنجليزية، مقارنة بزمني. عندما نُشرت روايتي "لا تبكِ أيها الطفلْ" عام 1964، كانت أول رواية بلغة أوروبية لكاتب أسود من شرق إفريقيا. السياسة دائمًا موجودة، وعلى كل جيل أن يستلهم ما حوله.
* بيلي كاهورا: إذا طُلب منك إعطاء نصيحة واحدة للكاتب الإفريقي الشاب، ماذا ستكون؟
- وا ثيونغو : اختر لغة ( وأتمنى أن تكون إفريقية) ، أُكتبْ ، ثم أُكتبْ ، ثم أُكتبْ مجدداً و مجدداً ، وستتقن الكتابة في النهاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر
****************************************
قصة قصيرة.. حتى حزنها جميل
محمد جبر حسن
حين تُبقي المدينة أبوابها مواربةً، تتسلل القصص والأساطير من أفواه الأزقة الضيقة.. في الشهر الأخير من السنة، يكون برد بغداد قاسيًا جدًا، لكنه لا يطفئ الدفءَ الذي يختبئ في قلوب المحبين. ها هو أحد محبيها جالسٌ في غرفته، الضوء الوحيد فيها يرتعش من ولّاعة قديمة، لهبها صغير بالكاد يكفي ليضيء جزءًا منها.. لكنه كان كافيًا لتحريك الظلال على الجدران. لم تكن هناك لوحات ولا صور، فقط جدران صامتة تعرف أسماء مَن سكنوا جوارها. كلما انطفأ لهب الولّاعة، قفز اسمها في ذاكرته.. لم يتذكر وجهها، لكنه شعر بحضورها يتنفس في زوايا الغرفة. ارتدى معطفه دون تفكير، وقاد سيارته في شوارع لم يحدد اتجاهاتها، كما لو أن العجلات تعرف الطريق وحدها.. توقف عند زقاق ضيق في (الكرادة-داخل)، ومنه خرج يتمشى إلى الشارع الرئيسي. الشارع كان نائمًا تحت ضوء المصابيح الخافتة، والدخان المتصاعد من مواقد الشاي وعربات الشلغم واللبلبي يرسم غلالة شفافة فوق الرؤوس. عند ناصية مقهى قديم، وقف لحظات قليلة.. خلف زجاج النافذة كانت هناك طاولة فارغة تنتظره، لكنه لم يدخل.. لم يكن يبحث عن مقعد، بل عن شيء آخر.. شيء لا يعرفه.
-عمو.. عمو.
التفت وراءه.. على الرصيف رأى طفلة تحمل سلة زهور.
رفعت زهرة حمراء نحوه:
-بغداد جميلة.. أليس كذلك؟
كانت الزهرة صغيرة، لكن السؤال كان أكبر من عينيها.
أخذ الزهرة ببطء، تأملها جيدًا وقربها من أنفه قائلًا:
-جميلة؟ نعم، إنها جميلة.. لكن هناك مَن يريدها أن تبقى حزينة.
ضحكت الطفلة وكأنها تعرف سرًّا لا يعرفه أحد:لكن حتى حزنها جميل.
مد يده إلى جيبه.. تردد.. كانت تنظر إليه بعينين لا تطلبان شيئًا.
-هذه هدية مني، لأنك تشبه أبي.
راح يراقبها وهي تختفي بين المارة كظلٍّ لا يترك أثرًا..
أتاه هاجس أن ينهي مسيره ويعود إلى غرفته.. وضع الزهرة في كأس ماء بجوار النافذة، أشعل الولّاعة مجددًا.. لم يتغير الضوء، لكنه شعر أن الغرفة صارت أكثر دفئاً من قبل.
حين حاول النوم، ظل السؤال يتردد في ذهنه: ترى، أين والدها، ولماذا لم تأخذ النقود؟
خالجه شعور بأن شيئًا يسحبه من الفراش.. لم يستطع الانتظار ليوم الغد. ارتدى معطفه مرة أخرى وخرج، راجعًا إلى الشارع نفسه.. وجده كما هو.. كأن الوقت لم يتحرك. على الزاوية وقف بائع زهور عجوز يعيد ترتيب الأزهار بعناية فائقة، اقترب منه وألقى التحية وسأله:
-يا عم.. أسأل عن طفلة تبيع الزهور.. كانت هنا قبل ساعتين.
رفع البائع نظره ببطء، ابتسم بحزن وقال:
-يا بني.. أنت ثالث شخص يسأل عنها اليوم.. الطفلة التي تبحث عنها، للأسف، احترقت مع والدها في تفجير (مجمع الليث) قبل سنوات.. لكن طيفها يظهر بين فترة وأخرى لبعض العابرين.
أحس بقشعريرة تسري في جسده، انخفضت عيناه إلى الزهور أمام البائع، دقق النظر جيدًا، ولاحظ وجود زهرة حمراء تشبه تمامًا تلك التي بين يديه الآن.
-لكنها كانت هنا.. تحدثت معي، قالت لي..
وقبل أن يكمل، أجابه البائع وهو يعيد ترتيب الزهور بلطف:
-هل قالت لك إنك تشبه والدها؟
هز رأسه ببطء:
-نعم.. نعم، قالت ذلك.
رفع نظره فجأة، فرأى البائع يبتعد حاملاً زهراته كلها، كما لو أنه يخبئها من البرد.. تبعه بعينيه، لكن الرجل اختفى في زقاق جانبي لم يكن موجودًا قبل قليل. ظل واقفًا في مكانه للحظات، لا يدري إن كان يحلم أو أنه ما زال في غرفته بجوار الولّاعة ولهيبها.. وحين تحرك أخيرًا، شعر أن طيفًا صغيرًا يمشي إلى جواره ويهمس بصوت طفولي رقيق:
-بغداد جميلة..
حتى حزنها جميل.
ودون أن يدري، أخذ يتمتم معها بصوت خفيض:
-نعم، حتى حزنها جميل..
نعم، حتى حزنها جميل.
*************************************
امرأةٌ تسكن النص
داود السلمان
كيف لي أن أغامر
بكلّ هذه الكمية الهائلة من الهذيان
وأدّعي بأني متسكّع ولهْ
لا أعبأ، لا أفكّر، لا أنكسر؟
كيف لي أن أبدو عابرًا
وأنا الذي
علّقتُ قلبي على حافة شوقكِ
وكتبتكِ في كل تفاصيل الغياب؟
أنا لا أمرّ بكِ مرورًا عاديًا
بل أغرق،
أتوه،
أشتعل بكِ
كأنكِ المعنى حين يضيع العالم
والصوت حين يخفت كل شيء
أخدع نفسي بالهدوء
لكن قلبي
يضجّ باسمكِ
كلما مرّ طيفكِ على أطراف المساء
أنا لست مجنونًا
لكنّني مذ عرفتكِ
فقدتُ التعريف التقليدي للاتزان
وصار الحنين لغتي الأم
وصار الليل يشبهكِ
أكثر من أي شيء آخر
لا أخشى الهزيمة
لكنني أخشى أن أكون عاقلًا
ولا أشعر بكِ
أن أمرّ على أيامي
ولا يعبُرني ظلّكِ
أن أعيش
ولا يُشاركني قلبكِ هذا الهواء
كل ما أفعله
أنني أُهذّي بكِ
بطريقةٍ لائقة
تُبقي كبريائي في مكانه
وتمنحني العذر لأظل منتبهًا لكِ
في كل غيابكِ
أنا لا أبحث عن حبٍ عابر
بل عن امرأة
تفهم انحناءتي من صوتي
ترى حزني في ضحكتي
وتقرأني كما تُقرأ
القصائد التي لم تُكتب بعد
فكيف لي
أن أُخفيكِ
وأنتِ التي تسكنين في داخلي
كما تسكن الفكرة عصب الحروف
كيف أتهرّب منكِ
وأنا حين أهرب
أهرب إليكِ؟
******************************************
الصفحة الثانية عشر
عن {الإنتاج المسرحي بين الإبداع والحاجة} الأسدي وعبد الصمد في اتحاد الأدباء
متابعة – طريق الشعب
عقد بيت المسرح في الاتحاد العام للأدباء والكتاب أول أمس الثلاثاء، جلسة بعنوان "الإنتاج المسرحي بين الإبداع والحاجة"، ضيّف فيها كلا من المخرجين المسرحيين د. جواد الأسدي وأنس عبد الصمد، بحضور جمع من الأدباء والفنانين والمثقفين.
الجلسة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، استبقها مدير بيت المسرح د. علاء كريم بالحديث عن نشاطات بيتهم المرتقبة، وأهمها الانفتاح على المؤسسات المعنية بالفن المسرحي عبر تنظيم الورش وإقامة المهرجانات في الفضاءات المفتوحة، فضلا عن عقد المؤتمر النقدي الثاني للمسرح.
بعد ذلك، قال مدير الجلسة د. جبار خماط أن "هناك فجوة في علاقة المؤسسات بالإنتاج المسرحي". وفيما شدد على "ضرورة مناقشة محور الإنتاج المسرحي لما يحمله من أبعاد فلسفية وفنية مهمة"، لفت إلى ان "الفنان المسرحي العراقي يتجاوز المعاناة، لأنه صانع للحياة".
وفي معرض حديثه، ذكر د. الأسدي أن "قضية الإنتاج المسرحي من أعقد القضايا وأكثرها إلحاحاً، لا سيما في الدول النامية"، مضيفاً القول أن "العراق رغم تاريخه الثقافي والحضاري الطويل، ما زالت علاقته بالمثقف علاقة هامشية ورخوة".
وبيّن أن "الفنان هو الكنز الحقيقي لأي إنتاج، خصوصاً مع غياب المؤسسات التي تحميه وتوفر له بيئة عمل مناسبة من قاعات واستوديوهات وأزياء، كما هو الحال في أوربا".
أما عبد الصمد، فقد رأى أن "مشكلة الإنتاج لا تتعلق بالجانب المالي فقط، بل ترتبط أيضاً بغياب الاهتمام المعنوي والرعاية والمتابعة"، موضحاً أن "التحضير للعروض المسرحية في دول مثل اليابان يبدأ قبل عامين من تقديمها".
ولفت إلى أن "المسرح العراقي يمتلك حضوراً عربياً كبيراً ومؤثراً، وهو ما تؤكده الجوائز التي يحصدها في كبرى المهرجانات العربية"، مؤكدا أن "أكبر تحدٍّ يواجه المسرح العراقي اليوم هو غياب الوجوه الشابة في الإخراج المسرحي".
ختاما، دعا المساهمون في الجلسة إلى دعم الإنتاج المسرحي وتمكين المسرحيين الشباب وتعزيز الشراكات الفنية، فضلا عن توفير بيئة ثقافية مستدامة تواكب التطورات في هذا الميدان الفني.
****************************************
في لندن.. معرض للخطاط عادل الحسني
لندن - نضال إبراهيم
ضيّف المركز الثقافي العراقي في لندن يومي السبت والأحد الماضيين، الخطاط العراقي عادل الحسني، ليُقيم معرضا لمجموعة من أعماله ويقدم محاضرة عن تاريخ تطور الخط العربي، بحضور جمع من المهتمين بفن الخط.
وأطلع الحضور على أعمال الحسني، فيما استمعوا إلى محاضرته.
جدير بالذكر، أن الحسني خريج جامعة بغداد 1964، وهو من أوائل مؤسسي جمعية الخطاطين العراقيين وعضو هيأتها الإدارية في بداية تشكيلها. وقد قام بإنجاز جداريات حروفية في عدد من المساجد في بغداد والمحافظات. وشارك في العديد من المسابقات الدولية في الخط العربي في تركيا والإمارات وغيرهما. كما حصل على تكريم من جمعية الخطاطين الأردنيين بعد مشاركته في مهرجان الخط العربي هناك، وحصل أيضا في العام 2018 على تكريم خاص من الجمعية نفسها، مع شهادة العضوية الفخرية.
*******************************************
شيوعيون يطرقون الأبواب برفق!
فلاح المشعل
يحملون أوراقهم وأحلامهم ومحبة الناس، ويطرقون أبواب البيوت برفق لكي لا يزعجوا أهل الدار.
- تفضلوا، منو أنتم؟
-نحن الشيوعيون جئنا نسلم عليكم، ونحكي لكم عن حلمنا بوطن حر وشعب سعيد، هذا برنامجنا الانتخابي وتلك أفكارنا، ولكم القرار مع المحبة.
لا يملكون فضائيات تبث أفكارهم وبرامجهم وتوجهاتهم السياسية، ولا أموالا استحصلوها من صفقات فساد والمال العام، كما بقية الأحزاب، لكي ينفقونها في المواسم الانتخابية، ليس في أجندتهم وعود للتعيين، أو شراء أصوات وبطاقات انتخابية، بل يريدون تحرير الضمير العراقي من تشوهات الفساد السياسي، وبورصة بيع وشراء الوطن.
إنهم يتطلعون لمستقبل أفضل، وعراق يخلو من اللصوص والأزمات والطائفية والسلاح المنفلت، يريدون عراق مضاء بأنوار الحرية وحياة يتساوى فيها الجميع بتكافؤ الفرص وتنمية الوطن ليستعيد عافيته.
يقطعون المسافات سيرا على أقدامهم، يطرقون الأبواب برفق، يتحاورون بود وتشارك بالشكوى والنقد، يتقبلون النقد والرفض أحيانا، ويتفاعلون بارتياح مع القبول، هكذا تكون الصلة المباشرة، بلا رشوة أو استغلال وظيفي ووعود زائفة!
شاهدتهم في الأعظمية ومدينة الصدر، وفي حي الجهاد وعدد آخر من الأحياء البغدادية، ولا أدري إذا كانت هذه الممارسة في بقية مدن العراق أم هي لبغداد فقط؟
الشيوعيون مبتكرون رائعون لطرق الوصول إلى الناس بمشاعر التشارك بالهمّ أولاً، والحلم الوطني لعراق تسوده العدالة والتقدم والسلام!
**************************************
يوميات
• يُضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، المخرج التلفزيوني صباح رحيمة، ليتحدث في جلسة عنوانها "الدراما التلفزيونية بين الواقع والطموح".
تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
• تُقيم منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب بعد غد السبت، حفل توقيع لثلاثة من إصداراتها الشعرية الأخيرة، هي: "حلاق أشبيلية" لوحيد يوسف، "آخر صدى الماء" لحنان القرغولي و"مطر على خد الطين" لحسين السياب.
يبدأ الحفل الذي سيديره الشاعر د. ميثم الحربي، في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.
***********************************
أما بعد .. ذاكرة وطن
منى سعيد
قد لا يعنى زائر العراق بجمال وأناقة شارع المطار مثلا أو رفاهية فنادق الخمس نجوم ، بقدر اهتمامه البحث عن هوية العراق وتحديد ملامحها التاريخية والاجتماعية والثقافية ، كزيارته للمتاحف وللمعالم السياحية الثقافية كشارعي المتنبي والرشيد وغيرها..
كذا الأمر بالنسبة للشباب اليافعين ممن يعنون التعرف وتثبيت هويتهم الوطنية إذ لابد لهم من التوجه نحو المتاحف والمراكز الثقافية للتزود بمعلومات يسيرة تفتح لهم آفاقا واسعة نحو التفكير بتجذر وطنيتهم والانتماء لها.
وتحمل عادة الصور والوثائق التاريخية مصداقية راسخة إلى جانب محتويات المتاحف التاريخية كالمتحف العراقي ومتحف الموصل الآثاري وغيرها، فضلا عن توفر الوثائق بوسائل التقنية الحديثة بالصوت والصورة عبر الأفلام و الفيديوهات ، وطبعا كل هذا بحاجة لمكان رسمي مُعرَّف يوفر كافة تلك المستلزمات المعرفية.
يؤكد الباحث التراثي والفنان كفاح الأمين ضرورة الانتباه لتوفير مثل هذا المكان الثابت الممثل للهوية العراقية ، لكونه يبقى قائما دائم الإفادة منه بدلا أو إلى جانب الاهتمام بإقامة الفعاليات والمهرجانات الفنية والثقافية على أهميتها وبذل الأموال الطائلة لها مقابل حدوثها وانتهائها بوقت قصير وبأماكن غير ثابتة.
ويقترح الأمين حلا يتعلق بالجهات الرسمية عبر توفر قطعة ارض يمكن إنشاء متحف متواضع مؤلف من عشرة إلى عشرين قاعة في أماكن لائقة بمركز بغداد و مراكز المحافظات. مشيرا إلى توفر مثل هكذا متاحف متخصصة في أغلب القرى ألأوربية وليس في المدن حسب.
وحول إمكانية استغلال البيوت التراثية لهذا الغرض يذكر الأمين ، بأنها غالبا ما تحتوي غرفا صغيرة لا تتوفر على الشروط الجيدة للعروض بما يعيق عرض التنوع الأثيني والاجتماعي لجميع فئات الشعب ، مشددا على أن الأمر بحاجة لقرار سياسي حازم يوفر تلك الإمكانات فضلا عن وجوب الاستعانة بذوي الاختصاص بشؤون المتاحف والمكتبات لتنفيذ هذه المشاريع.
ويدعو الأمين في الوقت نفسه لمشاركة القطاع الخاص بمثل هذه المتاحف المتخصصة خدمة للذاكرة وللثقافة العراقية مع وضع هوامش بسيطة للأرباح .
من جانبه دعا الدكتور هاشم حسن عميد كلية الأعلام سابقا في ندوة في بيتنا الثقافي بمناسبة الذكرى التسعين للصحافة الشيوعية ، إلى ضرورة توفير متحف متخصص بالصحافة العراقية ، يحفظ تاريخها واهم كتَّابها بدلا من تشتت تلك الصحف على أرصفة شارع المتنبي عرضة للغبار والتلف.
وبيَّن توفر بعض صيغ تلك المتاحف في أقسام الأعلام في الجامعات لكنها محدودة وقاصرة الإمكانات. مؤكدا ضرورة وضع نسخا وصورا تؤرخ الصحافة العراقية بدءا من صحيفة الزوراء لعام 1869 العثمانية ، ثم صحافة الاحتلال البريطاني، والعهد الملكي، ثم الجمهوري الأول وعهد العارفيين ، وفترة صدام ، إلى عام 2003 ومابعدها. وكذا الأمر بالنسبة للمجلات . ويذكر الدكتور حسن معلومة ظريفة تذكر أن عنوان صحيفة الزوراء كان " زوراء" فقط في البدء دون أل التعريف ، وتتوفر لديه نسخا تاريخية منها .
مشددا ضرورة توفر متحف حديث متخصص بالإعلام كما في الدول المتطورة كمتحف الأخبار في واشنطن الذي تزين جدرانه الخارجية لوحات ضوئية تعرض الصفحات الأولى والأخبار اليومية لكافة صحف العالم.
****************************************
قف.. جواد الاسدي .. لا تزعل
عبد المنعم الأعسم
صديقي الكبير، لا تزعل مما يزعلنا جميعا: هذا الخراب. اعرفُ انك تدفع عنه اكثر مما يدفعه الكثيرون، وتتحمل من خطاياه ما يتحمله الجبل، لكني وجدتك، منذ ايام، تعلّمنا على التحمل، وتطعم اللوز بلابل الامل. لا تزعل، جواد، من وطن مُختطفٍ، ينكر جميلك، كما انكرك وطن الدكتاتور الجلاد. هذا، وذاك، ليسا ذلك الوطن المُعطّر الذي نحبّه، وقد حملتَه الى كل مهرجانات العالم، وحصدتَ باسمه جوائز وأمجاد، وقدمتَه بهياً بكل الدموع، وكل اللغات، فيما اسمك الذي ينهض على اربعة حروف "جواد" صار على كل لسان. سهلٌ. موسيقي. ذو رنين وأيحاء، وقد انساب خلاقاً في ذاكرة المِداد، من على منصات المسارح. ثمة جمهورٌ مسحور لا تغمض عيناه، وتصفيق لا تبترد حرارته. مديرة مسرح المانية قدمتك بموصوف اسمك: جواد، الحصان الجامح. اما أمك التي لا تجيد القراءة والكتابة فانها تلتقط حروف اسمك، بعينيها، من سطور الصحف، وكانت (هل تتذكر جواد؟) تحضر بروفات مسرحياتك في بغداد، بعباءة سوداء وابتسامة فخر.. لها الذكر الجميل.
ما اكبر قامتك صديقي، إذْ تركتهم يتسلقون اسوار السلاطين الجهلة، الجدد، واكتفيت بعمود القزح الوطيد، وصفّ النياشين الباهرة، من مهرجانات برلين وستوكهولم وقرطاج والقاهرة ودمشق وتونس وبيروت. اكتفيتَ برضى انيقٍ لا ينكسر، وباسمٍ باسقٍ لا يباع. وضحكة لا يعرف سر مرارتها كثيرون، واستراحة لا تشبه، في تأملاتها، استراحات نهاية الخدمة .
امس ارشدتني اليك في "مقهى وكتاب" الكرادة، اصواتُ طبولٍ سرية كنتُ قد سمعتها في مسرحيتك الدمشقية المثيرة "رأس المملوك جابر"..
إذن انت في بغداد: في داخل الاسئلة، وخارج المهزلة.
*قالوا:
"قد لا تعرفون اني دربتُ الدببة على الرقص"
محمد الماغوط
************************************
في ستوكهولم الجمعية المندائية تقيم مهرجانها التشكيلي الـ 15
ستوكهولم - عاكف سرحان
أقامت الجمعية المندائية في ستوكهولم في الفترة من 19 إلى 20 أيلول الجاري، مهرجانها السنوي الـ15 للفنون التشكيلية، وذلك في مقرها بمنطقة فلنكبي.
حضر افتتاح المعرض القائم بأعمال السفارة العراقية في السويد د. محمد عدنان، وممثلو منظمات عراقية عاملة في ستوكهولم، وجمهور كبير من الفنانين والمهتمين بالتشكيل من أبناء الجالية العراقية والسويديين.
وبعد إشعال شموع رمزية في الذكرى الـ15 للمهرجان، ألقى رئيس الجمعية فاضل ناهي كلمة أشاد فيها بالمهرجان وبالمشاركات الشبابية التي يشهدها. فيما أثنى على اللجنة الفنية وعملها المتواصل مع الهيئة الإدارية للجمعية، من أجل إقامة المهرجان بأبهى صورة.
بعدها طاف الحاضرون بين الأعمال الفنية المعروضة، متأملين ما جسدته من موضوعات مختلفة.
وتنوعت خامات الأعمال وأساليب تنفيذها. فهناك لوحات زيتية وأخرى مائية، إلى جانب لوحات رقمية ولوحات منجزة بالحرق على الخشب، فضلا عن أعمال النحت والسيراميك والتصوير الفوتوغرافي.
وفي حديث لـ"طريق الشعب"، قال الفنان راجح نوري أن المهرجان يضم أعمال 26 فنانا، بينهم 6 شابات تتراوح أعمارهن بين 14 و18 عاما "ما يؤكد رعاية الجمعية المواهب الشابة".
وضيّف المهرجان الفنانة هبة سعدون والفنان محمود غلام، وهما من غير أعضاء الجمعية. كما شارك في المهرجان الفنان عباس العباس.
وفي ختام اليوم الأول، قدّم عدد من ممثلي المنظمات المندائية والعراقية في السويد، باقات زهور إلى القائمين على المهرجان. منها باقة أهداها الرفيق جاسم هداد والرفيقة خولة مريوش، باسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد.
أما اليوم الثاني، فقد اختتم بتقليد رئيس الجمعية فاضل ناهي، الفنانين المشاركين وأعضاء اللجنتين التحضيرية والإعلامية، قلادة المهرجان، مع منحهم شهادات تقدير.