الصفحة الأولى
شهود عيان يوثقون الانتهاكات: مناطقنا تغرق بالمخلفات الكيماوية خبراء بيئة ونفط يكشفون لـ{طريق الشعب} تداعيات أنشطة نفطية بلا رقابة
بغداد ـ بسام عبد الرزاق
شهدت الـ15 سنة الأخيرة في العراق، توسعاً كبيراً في مشاريع النفط على مستوى الاستكشاف وتطوير حقول الخام، فيما ساهم هذا التوسع في تفاقم الأزمة البيئية، لا سيما في المناطق الجنوبية، خاصة وأنه يتزامن مع تغيرات مناخية في المنطقة، حصد منها العراق تأثيرات واضحة على وضعه المائي.
وقالت وزارة النفط إنه تم توقيع عقود كبرى مع شركات عالمية لتطوير حقول النفط في الناصرية وكركوك.
ويرى مراقبون ان مناطق في محافظة ميسان، توسعت فيها الأنشطة النفطية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، اصبحت نموذجاً فاضحاً لانتهاكات شركات النفط المتكررة، وغياب الضغط الحكومي والإجراءات التي تحد من مخاطر التلوث، والتي ظهرت في مشاهد مصورة مؤلمة قبل أيام، من خلال طيور مهاجرة ابتلعتها مخلفات نفطية كيماوية تركت في العراء، دون معالجات من قبل شركات النفط.
شهود عيان من أهالي محافظة ميسان يوثقون منذ أيام انتهاكات الشركات النفطية، وسط صمت غريب من قبل الجهات المسؤولة، حيث أظهرت مقاطع فيديو في منطقتي الفكة والطيب المعروفتين بانتشار المساحات الخضراء والتلال والوديان، وهي غارقة اليوم بمخلفات كيماوية تؤثر بيئياً على المستوى القريب والبعيد.
بحيرات الفضلات الكيماوية
الخبير البيئي، احمد صالح نعمة، يرى ان الاراضي التي تحولت الى بحيرات كيماوية، بسبب النشاط النفطي، يستحيل تحويلها مستقبلا الى بحيرات مائية او مناطق للزراعة أو الى اي استخدام أخر، غير كونها منخفضات خزنية للمواد الكيماوية، في هذه المواد التي دخلت عليها غيّرت نوعية التربة، التي امتصت الكثير منها، وتشبعت بها واصبحت ملوثة.
وقال نعمة لـ"طريق الشعب"، انه "في كل شركة نفطية يوجد هناك ما يسمى بحيرة لفضلات النفط وهذه الاماكن يجب ان تغطى من اجل حماية الطيور، ومنع وصولها الى هذه الاماكن، فضلا عن ان اي عملية تصليح أو صيانة تخرج هذه السوائل الكيميائية الى الخارج، ولكن يجب ان تبقى محاطة بساتر ومحصنة ولا تضر النظام البيولوجي للحيوانات والحشرات والزواحف وما الى ذلك".
محددات ضعيفة
وأضاف ان "هذه الأخطاء تتكرر كثيرا في اغلب المواقع النفطية في العراق، ويتكرر هذا الامر على اعتبار ان المحددات البيئية على شركات النفط ضعيفة وليست ذات جدوى، بالتالي هذه الطيور تأتي ليلا، ولكون المسطح المتكون من السوائل الكيماوية لامعاً تعتقد هذه الطيور ان البرك مائية وبحيرات فتقوم بالنزول فيها"، لافتاً الى ان "هذه البرك الكيماوية تحولت الى فخاخ ومصائد للحيوانات".
وأشار نعمة إلى ان "مديرية بيئة ميسان حالها حال باقي مديريات البيئة في عموم العراق، عملها رقابي، وتقوم برفع التقارير والكتب الى الجهات المعنية"، مبيناً ان "الامر برمته عائد الى وزارة النفط وعليها اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تسرب هذه السوائل. واذا كانت هناك ضرورة لوجود هذا التسرب فلا بد من حصرها وتسييج المكان ووضع آلية للحيلولة دون الاضرار بالنظام البيئي والنظام البيولوجي للحيوانات".
ورأى الخبير البيئي، انه "من الضروري اتخاذ تدابير ومحددات بيئية كبيرة وكثيرة جدا للحيلولة دون الاضرار البيئي، والذي اصبح سمة طبيعية وهو الشائع بدلاً ان يكون هو الاستثناء"، مشيراً الى ان "الإضرار بالبيئة هو إضرار بالبيت، واذا ما نظرنا الى البيئة بكونها البيت الذي نعيش فيه والوسط الذي نتحرك داخله، فسوف تتدهور الامور الى اكثر من ذلك بكثير".
وفي مدينة البصرة، يشكو السكان الذين يعيشون بالقرب من المواقع النفطية، من إرتفاع معدل الإصابة بالأمراض السرطانية، وأمراض الجهاز التنفسي والعصبي، مع ندرة توفر الأدوية وفقر الرعاية الصحية في القطاع العام، ما يُجبر المرضى للسفر خارج البلاد مثل: إيران والهند وتركيا والأردن ولبنان، بإنفاق يصل إلى 6 مليون دولار أميركي شهرياً، بحسب تقارير، لتلقي الرعاية الصحية والعلاج.
كارثة بيئية
وحذّر الناشط البيئي مرتضى الجنوبي من تفاقم التلوث البيئي في محافظة ميسان نتيجة ممارسات بعض الشركات النفطية الصينية العاملة في الحقول النفطية هناك، مؤكداً أن هذه الأنشطة خلفت آثاراً مدمرة على الطبيعة.
وقال الجنوبي إن "الشركات تترك مخلفاتها على امتداد الأنابيب الناقلة للنفط، وهو ما يتسبب أحياناً بحدوث تسربات نفطية تخلّف وراءها بقعاً نفطية واسعة".
وبحسب الناشط، فإن "أكثر المناطق المتضررة تتمثل في الطيب والشرهاني والفكة، حيث تبرز بوضوح آثار هذا التلوث على التربة والغطاء النباتي".
وأشار إلى أن "استمرار هذه الممارسات دون رقابة أو محاسبة جادة، قد يؤدي إلى كارثة بيئية تهدد التنوع الحيوي في مناطق تعدّ من الأهم بيئياً وزراعياً في المحافظة".
كما دعا الناشط الجهات المعنية إلى "التحرك العاجل" لإلزام الشركات باتباع معايير السلامة البيئية، والحد من الأضرار الناتجة عن عمليات الاستخراج والنقل".
مناطق مختلفة التضاريس
من جهته، يدعو الخبير النفطي حسين البحراني، الى الضغط على شركات النفط لتخصيص أموال من ارباحها لانشاء بنى تحتية معنية بتحسين جودة البيئة، مبيناً ان المؤسسات الرسمية، للأسف، تضع البيئة وجودتها في درجات متدنية من الاهتمام.
وقال البحراني لـ"طريق الشعب" ان "الشركات النفطية المنقبة في الآبار من المفترض ان يرافقهم خبراء في مجال البيئة لغرض معالجة ما مطلوب منهم في المنطقة النفطية"، منوها الى ان "كل منطقة استكشافية تختلف عن الاخرى والمعالجات البيئية تختلف ايضا، بحسب التضاريس، فالمنطقة الصحراوية أو شبه الصحراوية تختلف عن مناطق المسطحات المائية او الاستكشافات القريبة من المناطق السكنية، وهذه المناطق تحتاج الى خبراء ومهندسين بالبيئة يشخصون الاحتياج المطلوب للتقليل من الانبعاثات والتأثيرات".
واضاف، انه "بشكل عام، أي اعمال في مجال النفط تؤثر على البيئة بشكل مباشر وتؤثر على صحة واداء واعمال الناس".
لا تخطيط!
وعن الحاجة لإضافة رقع استكشافية جديدة في مناطق متضررة بيئياً وتعاني شحاً في المياه، قال حسين ان "الدولة دائما ما تتجه الى استخراج النفط في المناطق المستكشفة لغرض زيادة الموارد المالية، والعراق يعيش على مورد النفط ولا يمتلك صناعة أو زراعة، وحتى الجانب السياحي في البلد غير مستثمر رغم وجود مئات المواقع السياحية الحضارية والتاريخية".
وبين انه "للأسف، لا يوجد تخطيط ودراسة لتنشيط باقي القطاعات غير النفطية، وموضوع اضافة رقع استكشافية اسهل عمليا على الحكومة، ولا يحتاج الى الانشغال بالتفكير وتحفيز العقل لتطوير السياحة على سبيل المثال، وتشغيل عشرات آلاف الشباب العاطلين، كما تفعل باقي البلدان، ومنها مصر التي توفر فرص عمل لـ4 ملايين انسان في هذا القطاع".
ولفت الى ان "المسؤولين في العراق يضعون البيئة في المرتبة العاشرة من حيث الأولوية".
ودعا البحراني، الى "فرض اجراءات وضغط على الشركات النفطية، من اجل ان تهتم بالأمور البيئية من خلال انشاء احزمة خضراء ومسطحات مائية ومحطات لتحلية المياه واستخراج المياه الجوفي لغرض سقي المزروعات وتوفيرها في دعم الثروة الحيوانية".
واشار الى ان "الشركات النفطية لديها ارباح بمليارات الدولارات وبالإمكان الضغط عليها لتخصيص مبالغ من ارباحها بمقدار 5 الى 10 بالمئة لتنفيذ مشاريع تهم البيئة، من بينها المدارس والمستشفيات والاحزمة الخضراء والمسطحات المائية والجداول المائية والانهار الصغيرة، وهذه كلها تساعد على تقليل الضرر البيئي على حياة الناس والموقع الجغرافي".
***************************************
راصد الطريق.. ألم تشبعوا من الشحن الطائفي؟
فيما تتصاعد الدعوات الى اعتماد خطاب انتخابي بعيد عن التأجيج والتحريض الطائفيين، يواصل البعض الشحن المقيت عن قصد ودون اهتمام بعواقبه الجسيمة، وكأنه وهو غارق حتى الاذنين بالطائفية، لم تشبعه النكبات والكوارث التي حلت جراءها بالشعب والوطن.
فقد نقلت مواقع إخبارية مقطعا مصورا لمعمم في حسينية بمدينة الناصرية، يدعو المصلين الى التصويت "مذهبيا" حتى لو كان المرشح "٩٩ ٪ موزين "، فالمهم ان يفوز ما دام من "مذهبك".
إضافة الى كون دعوات كهذه مخالفة للقوانين ذات العلاقة بالانتخابات وبتعليمات المفوضية العليا، ومنها تحريم استخدام دور العبادة للدعاية الانتخابية، يتوجب ان نتصور نوعية مثل هذا المرشح عند فوزه، وماذا سيقدم لمجلس النواب. هنا، وإضافة الى ما تولده مثل هذه الدعوات المنفرة من تداعيات وما تحفر من اخاديد في المجتمع، فهي تُسقط كل معايير الانتخاب السليم، واختيار من هو أفضل وأكفأ لعضوية برلمان يفترض ان يمثل الشعب بأطيافه المختلفة، وليس مكونا بحد ذاته.
ان مفوضية الانتخابات والحكومة مطالبتان بشدة، بالتحرك العاجل لإيقاف هذا العبث بالسلم الأهلي، من أية جهة صدر، في شرق البلاد وغربها، ومن شمالها الى جنوبها.
*********************************************
الصفحة الثانية
التخطيط تضع 720 شركة في القائمة السوداء
بغداد ـ طريق الشعب
أفادت وزارة التخطيط بإدراج 720 شركة في القائمة السوداء لمدة تصل إلى سنتين وسيتم خفض تقييم تلك الشركات.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، يوم امس، إن 720 شركة أدرجت في القائمة السوداء، وعدد الشركات المدرجة في القائمة غير ثابت لأن شركات أخرى تضاف للقائمة أن تستثنى منها.
وتمتد فترة الإدراج في القائمة السوداء لسنتين، ابتداء من تاريخ صدور قرار الإدراج في القائمة.
وطبقا لمتحدث الوزارة فإن الشركة المدرجة في القائمة تستطيع الخروج بعد استيفائها كل الشروط وتعديل حالتها، وبناء على طلب رسمي تتقدم به لهذا الغرض.
واوضح أن الشركة التي يدرج اسمها في القائمة السوداء تعاقب، ومن بين العقوبات خفض تصنيف الشركة، فإن كانت في الدرجة الخامسة ستتراجع إلى الدرجة السادسة، الأمر الذي سيحرمها من خوض المنافسات على العقود والمقاولات التي تتطلب كون الشركة في الدرجة الخامسة.
وعن آلية الإدراج في القائمة السوداء، بين أن هناك مجموعة إجراءات وتقييمات ومتابعات لجميع التفاصيل والأسباب، بعد أن تتقدم جهة حكومية بطلب الإدراج، وبعد إكمال الإجراءات ومعرفة ما إن كانت الشركة تستحق الإدراج في القائمة السوداء أم لا، سيصدر القرار وتبلغ به الجهات المعنية.
****************************************
من الشاحنات إلى النفط والتعليم احتجاجات واسعة تطالب بالتعيين والخدمات ومكافحة الفساد
بغداد – طريق الشعب
تشهد مدن عراقية مختلفة موجة احتجاجات جديدة، امتدت من سائقي الشاحنات الثقيلة إلى الخريجين وسكان المناطق المحرومة، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الشعبية على الحكومة بسبب قرارات إدارية وضرائب وإجراءات تنظيمية وملفات خدمية متعثرة، فضلاً عن تفاقم أزمة البطالة والاتهامات بالفساد.
وتعكس هذه الاحتجاجات المتزامنة حجم الضغوط التي تواجهها الحكومة، بين معالجة قرارات اقتصادية وإدارية مثيرة للجدل، والاستجابة لمطالب خدمية ومعيشية متراكمة. وبينما يؤكد المحتجون على سلمية تحركاتهم، فإن تلويح بعضهم بالتصعيد وإغلاق طرق ومواقع حيوية يشير إلى إمكانية اتساع رقعة الأزمة ما لم تفتح الحكومة قنوات حوار مباشرة وفعالة معهم.
إضراب سائقي الشاحنات
وبدأت شرارة التحركات من مجموعات سائقي الشاحنات الكبيرة "التريلات"، الذين أعلنوا الإضراب في مختلف المحافظات، من الشمال وحتى البصرة، احتجاجاً على قرارات وصفوها بـ"المجحفة".
وتشمل هذه القرارات ضرائب جديدة، وتعليمات تخص الأوزان ومواقيت الدخول والخروج من الموانئ، فضلاً عن إجراءات رقابية اعتبرها السائقون تعقيداً إضافياً يضر بأرزاقهم.
وتحولت مجموعة "كروب سواق تريلات العراق كافة" التي تضم نحو ربع مليون سائق، إلى منصة تعبئة، حيث انتشرت فيديوهات ورسائل تدعو إلى الاحتجاج، وسط حديث عن رفع توصيات رسمية إلى مكتب رئيس الوزراء، بانتظار لقاء مع محمد شياع السوداني لمناقشة الأزمة.
تضامن من الأنبار إلى كردستان
وفي الأنبار، أعلنت رابطة سائقي الشاحنات الانضمام للإضراب، مطالبة بإعادة العمل ببرنامج "النافذ" الإلكتروني الذي ينظم عملية تحميل البضائع في المنافذ والموانئ. ويشكو السائقون من اعتماد الإجراءات اليدوية التي تؤدي إلى تأخير طويل وفرض ضرائب وصفوها بـ"الكبيرة".
ولم تتوقف التحركات عند هذا الحد، ففي ديالى تجمع العشرات قرب تقاطع القدس بمدينة بعقوبة، رافعين شكاوى من سوء المعاملة في منافذ المنذرية ومندلي، إضافة إلى تعرضهم للابتزاز في نقاط الوزن والسيطرات. بعض السائقين أكدوا أنهم يخسرون نصف أجورهم بسبب ساعات الانتظار الطويلة، فيما تكبد ناقلو الدجاج الحي خسائر فادحة نتيجة "الهلاكات".
أما في خانقين، فقد نظم العشرات احتجاجات قرب منفذ "باوه محمود"، رافضين قرار منع مرور الشاحنات القادمة من إقليم كردستان إلى محافظات الوسط والجنوب. وأغلق المحتجون الطريق الرابط بين كلار وخانقين، مؤكدين أن الإجراءات الجديدة رفعت التكاليف وأطالت وقت الرحلة من ثلاث ساعات إلى ثلاثة أيام، ما يهدد بأزمة اقتصادية في منطقة كرميان.
بابل
وفي بابل، نظّم خريجون وقفة أمام ديوان المحافظة في الحلة، للمطالبة بالتعيين وتوفير فرص عمل تتناسب مع سنوات دراستهم، رافعين يافطات تطالب بالعدالة وإنهاء معاناتهم.
احتجاجات خدمية في السماوة
وإلى الجنوب، حيث شهدت منطقة آل جروخي شمال السماوة احتجاجاً شعبياً على تعثر مشروع طريق حيوي يربطهم بالمناطق المجاورة. المتظاهرون أقدموا على قطع الطريق العام، مطالبين الحكومة المحلية والجهات المعنية باستئناف العمل بالمشروع لما له من أهمية في تسهيل تنقل الأهالي.
خريجو النفط في البصرة يصعّدون
وفي البصرة، صعّد خريجو الأقسام الهندسية والاختصاصات النفطية احتجاجاتهم أمام مقر شركة نفط البصرة، ملوحين بنقل التظاهرات إلى مواقع نفطية استراتيجية مثل البرجسية وإغلاق بوابات الآبار. وحمّل المحتجون وزارة النفط مسؤولية "التسويف والمماطلة"، محذرين من أن التصعيد القادم سيكون سلمياً لكنه "منظماً وحازماً".
كما نظم خريجو قضاء القرنة شمال البصرة وقفة احتجاجية أمام قسم التربية، للمطالبة بفتح باب تسجيل بياناتهم وشمولهم في التعيينات المقبلة. المحتجون اتهموا جهات متنفذة وأحزاباً سياسية بـ"بيع الوظائف"، مؤكدين أن إدراج أسماء خارج الأطر الرسمية دليل واضح على الفساد. ولوّحوا بتصعيد أكبر في حال استمرار تجاهل مطالبهم.
****************************************
مجلس النواب يفشل في عقد جلسته لليوم الثالث على التوالي نواب وناشطون: استخفاف واضح بالمسؤوليات وانشغال بالدعايات الانتخابية
بغداد – طريق الشعب
لم يفلح مجلس النواب، أمس الأربعاء، في عقد جلسته، وذلك للمرة الثالثة على التوالي، نتيجة لعدم اكتمال النصاب القانوني، برغم دعوات الرئاسة أعضاء البرلمان الى الحضور، وتحمل المسؤولية التشريعية والقانونية.
وذكرت الدائرة الإعلامية للمجلس في بيان مقتضب، إن "مجلس النواب أجل انعقاد جلسته لعدم اكتمال النصاب القانوني"، فيما أشار مصدر نيابي إلى أن الجلسة تقرر تأجيلها حتى الأسبوع المقبل.
يؤثر على الرقابة!
وقال عضو مجلس النواب محمد عنوز ان "على النواب أن يدركوا أن مواقعهم هي تكليف لخدمة المواطنين، وليست ترفا سياسيا، وأن الغياب المتكرر دون مبررات حقيقية ينعكس سلبا على صورة البرلمان وهيبته".
وأضاف ان "استمرار تعطيل جلسات البرلمان استخفاف واضح بمسؤوليات النواب أمام الشعب"، مضيفا ان "استمرار هذا التعطيل يؤثر بشكل مباشر على إقرار القوانين المهمة وعلى مراقبة أداء الحكومة".
واكد عنوز ضرورة ان تتخذ رئاسة مجلس النواب إجراءات أكثر حزماً بحق النواب المتغيبين بشكل متعمد.
مشغولون بدعايتهم الانتخابية
واكد عدد من الناشطين في احاديث لـ"طريق الشعب"، ان "الدورة الحالية لمجلس النواب، سجلت الإخفاق الأعلى في تمثيل المواطنين، وفي غياب الرقابة على أداء الحكومة، الى جانب ندرة التشريعات التي تهم المواطنين وشؤونهم الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية".
وقال الناشط السياسي زين العابدين البصري، ان "الدورة الحالية لمجلس النواب تعتبر سيئة وضعيفة للغاية، فقدت عجزت عن تقديم شيء يخدم المواطنين ومعيشتهم، عدا تمرير تشريعات طائفية، تهدف لخدمة مصالح الكتل التحاصصية".
وعلل البصري تغيب النواب عن الجلسات بـ"انشغالهم بالحملات الانتخابية التي يمارسون خلالها خداع الناس بخدمات ترقيعية، وكتب شكر، وغيرها من أساليب شراء الذمم".
وشدد على ضرورة ان يمارس الشعب دوره في رفض هذه الأساليب، والتوجه للانتخابات وانتخاب الاكفاء الذين لديهم برامج واقعية تحقق التغيير الشامل لهذه المنظومة السياسية.
رئاسة المجلس تدعو، ولكن..!
ويوم الثلاثاء، أكدت رئاسة مجلس النواب أهمية حضور رؤساء الكتل النيابية وأعضاء المجلس الى الجلسات المقبلة، للمشاركة الفاعلة في تمرير القوانين المهمة، واعتبرت ذلك "واجباً وطنياً لا يقبل التأجيل".
وبعد يوم من صدور هذا البيان تغيب معظم أعضاء المجلس، وبالتالي جرى تأجيلها الى الأسبوع المقبل.
وقال بيان صادر عن المجلس: "إن رئاسة المجلس عقدت اجتماعا لبحث آليات استكمال أعمال المجلس للفترة المتبقية من عمر الدورة النيابية الخامسة". وأكد على "أهمية حضور رؤساء الكتل النيابية والنواب للجلسات المقبلة والمشاركة الفاعلة في التصويت على القوانين الحيوية المرتبطة بالمصلحة العامة وحياة المواطنين باعتباره واجباً وطنياً لا يحتمل التأجيل".
وشدّد الاجتماع، وفق البيان، على أن "انتظام عمل المجلس يمثل ضمانة لحماية مصالح العراقيين وتعزيز استقرار الدولة ومؤسساتها"، فيما أكد أن "غياب النواب وعدم اكتمال النصاب القانوني يؤديان إلى تعطيل المسار التشريعي والرقابي ويضران بالمصلحة العليا للبلاد".
وسبق أن اتهم نائب رئيس لجنة الاقتصاد النيابية ياسر الحسيني جهات سياسية بالوقوف وراء "تعطيل" انعقاد الجلسة النيابية للحيلولة دون تمرير بعض القوانين، وخاصة قانون الاستثمار الصناعي الذي من شأنه أن ينعش السوق العراقي، حسب قوله.
وقال الحسيني، إن "هناك خلافات سياسية عطلت انعقاد جلسة مجلس النواب اليوم، بسبب بعض الجهات السياسية التي لا تريد إقرار بعض القوانين المدرجة على جدول أعمال المجلس"، مبينا أن "القوانين المختلف عليها هي قانون تعويض المتضررين الذين فقدوا أجزاءً من أجسادهم، أو ما يسمى حاملي البطاقة الحمراء، والقانون الآخر هو الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط".
**************************************
كل خميس.. المال السياسي يشتري الأصوات والنزاهة تضمن الثقة
جاسم الحلفي
كل انتخابات عراقية تتحوّل إلى اختبارٍ مزدوجٍ: اختبار للناخبين، واختبار للمرشحين. فالناخب محاصر بين دعايةٍ متخمةٍ بمال الفساد، تُغذّيها أبواقٌ طائفيةٌ وشاشاتٌ مأجورةٌ، وبين خطابٍ آخر يخرج من قلب الشارع، من بيتٍ إلى بيتٍ، من إنسانٍ إلى إنسانٍ.
ومن هنا يأتي السؤال: أيُّ صوتٍ يعلو، وأيّة قيمةٍ تنتصر؟
المتنفذون، ممّن ترسخوا في مفاصل الدولة، جعلوا من مواردها أداةً انتخابيةً. تُنفق الأموال كما لو كانت ملكاً شخصياً، وتُشترى الضمائر كما تُشترى السلع، وتُدار الحملات الانتخابية بمزادٍ مفتوحٍ على الكراهية والتحريض. هم يعرفون أن بضاعة برامجهم السياسية كاسدة، فيعوّضونها بأموالٍ مشبوهةٍ، أو بإحياء الخنادق الطائفية القديمة. وهكذا يغدو الاقتراع مشهداً معكّراً، لا تحكمه قواعد المنافسة الديمقراطية بقدر ما تحكمه شبكات الولاء والمصالح الضيقة.
في المقابل، يقدّم مرشحو الحزب الشيوعي العراقي، ومعهم طيفٌ من المرشحين النزيهين، صورةً مغايرةً تماماً: لا قنوات فضائية تلمّع صورهم، ولا أموال تُنفق على شراء الذمم. ولو عدنا الى رائد فهمي مثلا، لوجدنا أسلوبه مباشراً وبسيطاً: طرقٌ لأبواب الناس، ووقوفٌ معهم في الساحات، وحديثٌ متكافئٌ يتقاسم الهموم اليومية. لا خطاب يُلقى من على منصاتٍ عاليةٍ، بل حوارٌ متكافئٌ بين مواطنٍ مرشح ومواطن ناخبٍ. وهذا ليس تقنيةً انتخابيةً عابرةً، بل هو انعكاسٌ لعلاقةٍ أعمق: علاقة قائمة على النزاهة والقيم السامية، وعلى القناعة بأن السياسة خدمةٌ عامة وليست صفقةً خاصة.
هنا تبرز المفارقة الصارخة:
المتنفذون يستعرضون قوتهم بالمال والسلاح والإعلام الموجَّه، فيما أصحاب الأيادي النظيفة والبرامج الواضحة يعكسون صدقهم بالتوجه الى الناس مباشرة ودون حواجز. المتنفذون يغرسون الارتياب في المستقبل، فيما يزرع النزيهون بذور الثقة والصدقية. المتنفذون يراهنون على تعبئة الطائفية، فيما يراهن ممثلو الكادحين على وحدة المصالح الشعبية.
قد يُقال إن إغراء المال قادرٌ على حسم المعركة، وإن النزاهة لا تكفل ترجيح الكفّة. لكن التاريخ يعلّمنا أن النفوذ المبني على الفساد هشٌّ مهما بدا متماسكاً، وأن القيم حين تجد حاضنتها الاجتماعية تتحوّل إلى طاقةٍ جبارة. ربما لا تُترجم مباشرةً إلى مقاعد نيابية، لكنها تراكم وعياً وموقفاً يظل يحفر في وجدان الناس.
الدعوة هنا ليست رومانسيةً او حالمةً. إنها دعوةٌ إلى النظر بواقعية: أيُّ عراقٍ نريد أن نبني؟ عراقٌ تُدار انتخاباته كصفقاتٍ تجاريةٍ يتقاسمها المتنفذون، أم عراقٌ يُستعاد فيه جوهر الديمقراطية عبر العلاقة المباشرة بين الناس ومن يسعون لتمثيلهم؟
الفارق بين الأسلوبين سابقي الذكر ليس تقنياً في الدعاية، بل هو جوهري في مضمون السياسة: فسادٌ مقابل نزاهة، شراءٌ مقابل إقناع، طائفيةٌ مقابل مواطنة.
ومن هذه الزاوية يصبح الوقوف مع تجربة المرشحين الشيوعيين، أصحاب المشروع الحقيقي والموقف الصادق، ليس مجرد اصطفاف، بل هو دفاع عن فكرة السياسة نفسها بوصفها خدمةً عامةً. فالمتنفذون يراهنون على المال والسلطة، لكن الرهان الحقيقي يبقى على وعي الناس، وعلى تمسكهم في كل الأحوال بكون النزاهة قيمةً لا يمكن أن تُشترى أو تُستبدل.
******************************************
الصفحة الثالثة
هذا ما يتنفسه البغداديون 8 آلاف مشروع صناعي تنفث ملوثات خطرة في هواء بغداد
بغداد – طريق الشعب
تعيش العاصمة بغداد واحدة من أسوأ أزماتها البيئية والصحية على الإطلاق، بعدما صنّفتها منصة عالمية معنية كثاني بالبيئة، أكثر مدن العالم تلوثاً بهوائها، وفق مؤشر جودة بلغ نحو 150 نقطة، وهو ما يضع ملايين السكان أمام مخاطر صحية مباشرة، خصوصاً الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي والقلب.
وبينما تتنوع الأسباب بين الانبعاثات الصناعية، عوادم ملايين السيارات، حرق النفايات، وغياب المساحات الخضراء، يتفق الخبراء والناشطون على أن غياب السياسات المستدامة وضعف الوعي المجتمعي يجعلان الأزمة مرشحة لمزيد من التفاقم ما لم تتحرك الدولة والمجتمع معاً نحو حلول جذرية.
وتقول منصة "IQAir" السويسرية، انه في الوقت الذي تزداد فيه التحذيرات العالمية من تداعيات التغير المناخي وتلوث البيئة، تعيش العاصمة بغداد واحدة من أسوأ أزماتها الصحية والبيئية على الإطلاق، بعد أن صنّفتها المنصة، ثاني أكثر مدن العالم تلوثاً بالهواء.
ووضع مؤشر جودة الهواء الذي تجاوز 150 نقطة، سكان بغداد، لا سيما الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي والقلب، أمام خطر مباشر يهدد حياتهم اليومية.
وبينما تتعدد الأسباب بين الانبعاثات الصناعية والازدحام المروري وحرق النفايات وغياب المساحات الخضراء، تتفق آراء الخبراء والناشطين على أن غياب الوعي البيئي وضعف الخطط الحكومية الشاملة يجعلان الأزمة مرشحة لمزيد من التفاقم، ما لم تتكاتف الجهود الرسمية والشعبية لوضع حلول عملية ومستدامة." السويسرية المتخصصة بمراقبة جودة الهواء، أن العاصمة العراقية بغداد احتلت المرتبة الثانية عالميًا بين أكثر المدن تلوثًا بالهواء.
وبحسب بيانات حديثة صادرة عن المنصة، فإن مؤشر جودة الهواء (AQI) في بغداد بلغ نحو 150 نقطة، وهو ما يصنفه ضمن الفئة "غير الصحية"، خصوصا بالنسبة للأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي والقلب.
وأوضحت المنصة أن هذا التصنيف يستند أساسا إلى ارتفاع مستويات الجسيمات الدقيقة (PM2.5)، والتي تُعد من أخطر الملوثات نظرًا لقدرتها على التغلغل في أعماق الرئتين والوصول إلى مجرى الدم، مما يسبب مشكلات ومضاعفات صحية خطيرة.
غياب المساحات الخضراء!
وحذر عضو مرصد العراق الأخضر، عمر عبد اللطيف، من تفاقم أزمة تلوث الهواء في العاصمة بغداد، مؤكداً أن المشكلة ليست جديدة، بل تعود إلى التحولات العمرانية التي حولت المدينة إلى ما يُعرف بـ"المدن الجزيرية"، حيث تغيب المساحات الخضراء بشكل شبه تام مقابل التوسع في بناء المولات والمجمعات التجارية والسكنية.
وأوضح عبد اللطيف لـ"المدى"، أن "مؤشر جودة الهواء يشهد تراجعاً كبيراً لا يقتصر على بغداد فقط، بل تعاني منه أيضاً دول مثل مصر والبحرين والهند، إلا أن الوضع في العاصمة العراقية يزداد سوءاً بفعل عوامل عدة".
وبين، أن بغداد تضم أكثر من ثمانية آلاف مشروع صناعي، بينها مصانع طابوق، ومصانع أسفلت، ومصانع أدوية، وجميعها تطلق ملوثات ومواد كيميائية خطرة في الهواء.
وأضاف أن "وجود مصافي نفط داخل بغداد مثل مصفى الدورة، إلى جانب أكثر من مليونين ونصف المليون سيارة، فضلاً عن انتشار المولدات الأهلية وحرق النفايات، كلها أسباب مباشرة لتدهور نوعية الهواء".
وأشار عبد اللطيف إلى أن الحلول المطروحة حتى الآن محدودة، ولا تتعدى غلق بعض المشاريع المخالفة، مثل معامل الطابوق، "لكن ذلك لم يحقق نتائج ملموسة"، مضيفاً أن "رائحة الكبريت التي اجتاحت العاصمة منذ بداية شهر آب ما زالت ماثلة، ومن المتوقع أن تتجدد في الأيام المقبلة بفعل طبيعة التراكيب الجوية وحركة الرياح".
وأكد، أن رائحة الكبريت ناتجة عن انبعاثات مكونة من نحو 17 إلى 18 مركباً كيميائياً، تشبه في رائحتها علبة أو عود الكبريت، لكنها في الواقع مواد سامة تهدد صحة المواطنين.
وحذّر من تزايد حالات الاختناق والربو بين سكان بغداد حالياً، لافتاً إلى أنه "على المدى البعيد، وخلال السنوات السبع إلى العشر المقبلة، قد نشهد ارتفاعاً في معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية نتيجة استمرار التلوث".
المسؤولية جماعية
فيما قل الناشط البيئي عصام هشام أن أزمة تلوث الهواء في العاصمة بغداد لا يمكن تحميل مسؤوليتها لطرف واحد فقط، بل هي نتيجة تراكمية تستدعي تعاون جميع الجهات، سواء كانت الحكومة أو المجتمع المدني أو الأفراد.
وقال هشام لـ"طريق الشعب"، إنه من خلال متابعته المستمرة منذ أكثر من عام، ومشاركته في ورش عمل بالتعاون مع الحكومة ومنظمات دولية، توصل إلى أن "المشكلة لا يمكن إلقاء تبعاتها بالكامل على الحكومة أو على المواطنين، بل هي عملية تكاملية تتطلب تكاتف الجميع للخروج بنتائج ملموسة".
وأضاف انه "من واقع التجربة، نستطيع القول إن ما يقارب 60 في المائة من المشكلة يعود إلى سلوك الأفراد، بينما الحكومة أبدت استعداداً لاتخاذ خطوات حقيقية، لكن التحدي الأكبر يكمن في ضعف الوعي المجتمعي. فغالبية الناس لا تتقبل القرارات البيئية، ولا تقتنع أصلاً بخطورة قضايا المناخ والتلوث".
وأشار هشام إلى أن هذا يظهر بوضوح في منصات التواصل الاجتماعي، حيث يواجه أي منشور يتعلق بالبيئة موجة من التهكم والتقليل من شأن الموضوع.
وتناول الناشط مثالاً على ذلك بوجود المصافي والمصانع داخل بغداد، مبيناً أن مواقعها وُضعت في الأصل خارج النطاق العمراني، لكن التوسع السكاني غير المنضبط أدى إلى اقتراب الأحياء السكنية من هذه المنشآت. وأضاف: "إذا أرادت الحكومة اتخاذ إجراءات رادعة، فهي لا تستطيع نقل المصافي، بل ستضطر إلى التفكير في إزاحة المناطق السكنية التي أصبحت ملاصقة لها، وهو أمر شبه مستحيل عملياً، لأنه سيثير مشكلات اجتماعية كبيرة".
وشدد هشام على أن الحل لا يكمن في "القرارات الوهمية أو الشعارات"، بل في رفع الوعي الجمعي وتوحيد الجهود بين الحكومة والمجتمع والأفراد. واختتم بالقول: “إذا أردنا أن نطبّق اتفاقية باريس للمناخ ونصل إلى نتائج واقعية، فلا بد من أن نؤمن أولاً بحقيقة هذه الأزمة ونعمل معاً لإيجاد حلول عملية مشتركة".
تلوث السيارات!
من جهته، ذكر كشبين إدريس، رئيس منظمة هسار البيئية، إن السيارات تعد من أبرز مسببات تلوث الهواء في العراق، موضحاً أن الانبعاثات الغازية الصادرة عنها تسهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري وتؤدي إلى تغيرات مناخية خطيرة تهدد مستقبل الأجيال.
وقال إدريس في حديث لـ "طريق الشعب"، أن العديد من دول العالم بدأت بخطوات عملية للتحول إلى السيارات الكهربائية والمركبات الصديقة للبيئة كخيار استراتيجي للحد من التلوث، غير أن العراق ما زال متأخراً عن هذا التوجه العالمي. ووصف الوضع الحالي بأنه "كارثي"، مشيراً إلى أن غياب منظومة نقل عام متطورة دفع معظم العائلات العراقية إلى الاعتماد على السيارات الخاصة، ما زاد من ازدحام المدن وارتفاع نسب التلوث.
وأكد إدريس أن تحسين النقل العام يمثل الخطوة الأولى لمواجهة هذه الأزمة، يليه التفكير في إدخال السيارات الصديقة للبيئة. وشدد على أن أي حلول مستقبلية يجب أن تكون جزءاً من خطة وطنية متكاملة تشارك فيها الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات المحلية، وتدعمها تشريعات واضحة وبرامج توعية تساعد المجتمع على تقبل التغيير والمساهمة فيه.
واختتم قائلاً: "لا يمكن أن نتحدث عن سيارات كهربائية في العراق قبل أن نؤسس لبنية تحتية للنقل العام، فهي المدخل الحقيقي لأي حل بيئي ناجع يخفف من أزمة التلوث ويحمي صحة الناس".
**********************************************
عين على الاحداث
إن ابتُليـتـم..
في معرض ردّها على الانتقادات الشعبية والنيابية بشأن تقصيرها الكبير، ادّعت وزارة الصحة أن معيار تقييم عملها لا يجب أن يقتصر على عدد المؤسسات فحسب، بل وعلى كفاءة النظام الصحي. وإذ يتفق الناس مع هذا الرأي الحصيف، فإنهم يتساءلون عن مدى انسجامه مع خراب 70 مستشفى حكومي بسبب نقص التمويل أو التعقيدات الإدارية، وتجاهل الحاجة الماسة لأكثر من 95 مستشفى جديد، وتوقّف 50 مستشفى قيد الإنشاء بسبب قلة التخصيصات المالية، وتعطّل الخطط السابقة لبناء مستشفيات بلغت نسب الإنجاز في بعضها 70 في المائة، وهدر 116 مليار دينار بصفقة "أقنعة الحالات الحرجة"، وغيرها من ملفات الفساد.
المهم راسهم سالم
طالبت وزارة الزراعة أصحاب مشاريع الدواجن في البلاد بعدم تجاوز الأسعار المتفق عليها بينها وبينهم، وإلا فإنها ستقوم، وبقرار واحد، بفتح أبواب الاستيراد وتقليل التعريفات الكمركية على البيض المستورد، وذلك كي لا تُستغل أسعاره في الحملة الانتخابية. هذا، وعلى الرغم من أن رخص أسعار البيض قد يُفرح الناس، فإن تصريحات الوزارة لاقت انتقادات شديدة، لأنها كشفت عن غياب خطط علمية لتنظيم الاستيراد وحماية المنتج الوطني، وفضحت "أولي الأمر" الذين يُعطون فوزهم في الانتخابات الأولوية على إصلاح حال البلاد وتنمية الإنتاج الزراعي والحيواني، وضمان الأمن الغذائي، ومعالجة أزمة الاقتصاد الريعي.
هلكونا من صدگ!
كشفت شركة "جلوبال فاينانس" عن احتلال العراق المرتبة 76 من أصل 190 دولة عالميًا، والتاسعة من أصل 22 دولة عربيًا، كأفقر الدول لعام 2025. وسجّل التقرير مفارقة غريبة، إذ جاءت بلادنا أقل ثراءً من عدد من الدول العربية غير النفطية، مثل مصر ولبنان، والأفقر بين الدول المنتجة للبترول. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن عجز "أولي الأمر" عن تبنّي استراتيجية اقتصادية وطنية علمية، وإطلاقهم العنان لاقتصاد السوق، واستنزافهم ثروات البلد وتدهور قدراته الإنتاجية، لم يسبب فقره فحسب، بل فاقم معاناة الناس نتيجة التفاوت الطبقي، وارتفاع معدلات الجوع والتهميش، ودفع بحوالي 4 ملايين عراقي للعيش بجحيم العشوائيات.
يا أمانة.. وينك وينك؟!
قدّرت إحصائيات رسمية كمية النفايات التي تنتجها محافظة بغداد بحوالي 10,000 طن يوميًا، أي بمعدل كغم للفرد الواحد. وتُسبب هذه الكميات الكبيرة ضغطًا هائلًا على البنية التحتية وعمليات الطمر الصحي، إضافة إلى تأخر وصول سيارات جمع القمامة لفترات قد تزيد عن أسبوع أحيانًا، مما يؤدي إلى تكدس النفايات أمام البيوت أو في الساحات القريبة، وتحولها إلى مكبات للأوساخ ومصادر خطر على الصحة العامة وتشويه البيئة. هذا، وفيما يُطالب الناس المسؤولين بتشديد الرقابة، وتحسين ظروف عمل هذا القطاع، وتوفير مستلزمات نجاحه، يؤكدون قيام بعض الموظفين بفرض "بخشيش" إجباري على المساكن، وتشغيل الأطفال في عمليات التجميع.
خراب البيئة
كشف مرصد بيئي عن خسارة البلاد لما يقارب مليون شجرة خلال العامين الماضيين، بسبب الجفاف والإهمال من جهة، وقيام المتنفذين بقطع المياه عن البساتين أو إشعال الحرائق فيها من جهة أخرى، كمقدمة لقطع الأشجار واستثمار الأخشاب في الوقود، ثم تجريف الأرض وتحويلها إلى مناطق سكنية عشوائية. هذا، وفيما أكد المرصد على أن هذه المخالفات لا تُخرّب البيئة وتزيد من العواصف الترابية فحسب، بل وتمثل أيضًا خسارة في الثروة الوطنية، وسببًا لفوضى المدينة وتعطيل تنظيم الخدمات الأساسية فيها، يُحمّل الناس المتنفذين المسؤولية عن هذه التجاوزات، سواء بشكل مباشر أو عبر حمايتهم للمخربين والفاسدين.
************************************************
مكروهة لو محبوبة!
د. إبراهيم إسماعيل
شهدت الأيام الأخيرة تصاعد حملات الإساءة إلى الشيوعيين، أصحاب الأيادي البيضاء والأبناء البررة لهذا الشعب، في تزامنٍ واضح مع اشتداد أزمة منظومة المحاصصة والفساد، واقتراب موعد الانتخابات التشريعية، التي لن تطمئن لنتائجها قلوب الفاسدين، مهما حشدوا لها من مالٍ سياسي، وسلاحٍ منفلت، وأدوات تزوير.
ورغم أن هذا العواء جاء شبيهًا في المظهر والمضمون بسابقين له، فإنه كشف عن اضطرار أصحابه إلى تغيير شكله، وإيقاعه، وحتى الجوق الذي يطلقه؛ إذ راحوا يوظفون، بعطايا السُّحت الحرام الذي ينهبونه، عددًا من المتحذلقين، عسى أن ينقذوا أبواق الكذب والفتنة من الفضيحة. ولكي يُحكموا اللعبة، ارتدى هؤلاء الصغار بدلات أنيقة، معتنين بربطات العنق، وناثرين في زعيقهم عددًا من المفردات الإنكليزية، ومُقسمين بأغلظ الإيمان على أنهم ورثة حقيقيون لليبرالية جدهم الأعلى جون لوك، وأنهم حريصون على خلاص البلاد والعباد مما وصلوا إليه من خراب.
ولأنهم باتوا أشبه بالدمى التي لا تغني إلا إذا ما حُشيت بالمال، ولأن الناس لا تشتري الأصوات مهما تدنّت أسعارها، بفضل قدرتها على التمييز بين اللحن الأصيل والتقليد السمج، وبين آداب الحوار ودونية الأزلام، فقد انفضح ارتزاق هؤلاء، وهم يقتفون أثر أسيادهم في نهب المال العام بمشاريع الإعمار، والإسكان، والصحة، والتعليم وغيرها، أو يؤسسون في أوروبا ولبنان والبصرة وبغداد، شركاتٍ لغسيل الأموال والرشى والعمولات، ثم ينشئون، لتغطية هذا النهب، أحزابًا ومنظمات كارتونية، ويقيمون أوشج صلات السمسرة بمتنفذين "سياديين" أو "غير سياديين"، من أتباع بريمر، أو ممن لم تشملهم المساءلة والعدالة بالاجتثاث، حين اجتُثّ اشباههم من أيتام عدي!
ولأنهم يحفظون دون أن يفهموا، كان سهلًا أن يُدانوا من أفواههم. أحد هؤلاء اتهم، قبل أيام، الحزب الشيوعي العراقي بأنه حزب للهدم، دون أن يدري أنه يقول نصف الحقيقة، فنضال الحزب يستهدف بالتأكيد هدم منظومة المحاصصة التي أهدرت المليارات من ثروات العراقيين، وأوصلت أحد عشر مليونًا منهم إلى ما دون مستوى الفقر، وحرمت أولادهم من التعليم المجاني، واستبدلته بعشرات المؤسسات التعليمية (الأهلية) الفاشلة، وحوّلت مستشفياتهم إلى مواقع لا تطبيب فيها ولا أدوية، وفرّطت بحقوق البلاد المائية حتى باتت مهددة بالموت عطشًا، ودمّرت زراعتها الوطنية، وأبقت مصانعها خرائب، وأغرقت أسواقها بالسلع الرديئة المستوردة، وتركت الملايين في ظلام الأمية، وسلبت حقوق النساء، وشدّدت من عبوديتهن، وصار الحصول في ظلها على سقفٍ يحمي ملايين الأسر حلمًا مستحيلًا.
لكن هذا الدعيّ لم يستطع قول الحقيقة كاملة، لأن الحزب الشيوعي كان أيضًا وعلى الدوام، حزب بناء الهوية الوطنية الجامعة، والعراق الديمقراطي الحر المزدهر الذي تسوده العدالة الاجتماعية؛ كان وما زال حزب بناء مجتمع حديثٍ ومتنور تسوده القيم الوطنية والإنسانية الصادقة؛ حزب دفاع ثابت عن وحدة القوى السياسية، وعن التآخي والسلام الأهلي؛ الحزب الذي قدّم في سبيل ذلك قوافل من الشهداء، وصارت المآثر التي اجترحها مناضلوه صفحات فخرٍ لكل العراقيين، عبر ما يقارب قرنًا من تاريخهم.
وفي هذه الحملة، حاول بوقٌ ثانٍ أن يغمز من قناة الشيوعيين، حين ادّعى بأن من ينتمي منهم لعوائل تؤمن بالمذهب الجعفري ليس من الشيعة. هذا الآخر قال نصف الحقيقة، مقلدًا أصحابه، فالشيوعيون المنحدرون من عوائل شيعية أو سنية أو مسيحية أو إيزيدية أو مندائية، لا يمثلون أية هوية فرعية من هذه الهويات بمفردها ، بل يحترمون ويمثلون جميع هذه الهويات معًا؛ إنهم خلاصة رحيقٍ متعدد الألوان والمذاقات والشذى، في الزهرة العراقية الرائعة. وقد تطهروا بهذا الانتماء الأصيل من أدران التعصب الطائفي والقومي والعشائري، فغصّت ساحاتهم وخلاياهم بمناضلين من كل العوائل والمدن والقصبات العراقية.
على أية حال، لم يدفعني لكتابة هذا التعليق زعيق هؤلاء، لكني تذكرت وأنا أسمعهم حكاية خلاصتها أن الأسماء ليست بالضرورة مطابقة لمسمياتها؛ فقد تجد فتى حزينًا اسمه فرحان، ولصًا اسمه أمين، ومحبوبة يكرهها الجميع، وكاملًا لا علاقة له بالكمال وصادقاً يباري مسيلمة في الكذب.
كما تذكرت أيضاً مقولة الجواهري الكبير، وهو يصف العقرب:
لولا مغبّةُ ما تجني ذنابتها
لقلتُ: رفقًا بهذا الزاحف القذرِ
**********************************************
الصفحة الرابعة
مواطنون يشتكون من جشع التجار وغياب الإجراءات الرادعة أزمة معيشة.. الرواتب ثابتة والأسعار في ارتفاع
بغداد – تبارك عبد المجيد
لم ينفك العراق عن الضغوط الاقتصادية المتصاعدة، التي تلقي بظلالها الثقيلة على حياة المواطنين، نتيجة ارتفاع الأسعار وتفاقم معدلات التضخم، في وقت تحافظ فيه الأجور والرواتب على حالها من دون تعديل يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة. ورغم امتلاك البلد لمقومات اقتصادية كبيرة بفضل موارده النفطية، إلا أن الاعتماد شبه الكامل على الريع النفطي وغياب التنويع الاقتصادي جعلا الاقتصاد هشاً أمام أي صدمات داخلية أو خارجية.
وتتحدث الحكومة عن خطط للمعالجة والإصلاح، لكن خبراء يؤكدون أن مواجهة الأزمة تتطلب إصلاحات عميقة تشمل السياسة النقدية والمالية، ودعماً مباشراً للأسر ذات الدخل المحدود، إلى جانب تفعيل الرقابة على الأسواق ومنع الاحتكار.
ومن المرجح أن تستمر مظاهر الأزمة الاقتصادية في العراق خلال الفترة المقبلة، لاسيما في ظل اعتماد الاقتصاد على النفط، حيث أن إحداث التحول الهيكلي المطلوب لتعزيز مظاهر التوازن في أي اقتصاد تحتاج إلى عقود طويلة.
وتحاصر الاقتصاد مؤشرات حمراء عديدة، في تراجع الإيرادات وتصاعد النفقات، ما يعني تفاقم العجز المالي.
ويعاني المواطن من ضغوط اقتصادية متزايدة نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات، في وقت تبقى الرواتب ثابتة، ما يضاعف صعوبة تلبية الاحتياجات اليومية للأسر، خاصة العائلات التي لديها أطفال.
وتدفع ظروف الحياة الاقتصادية بعض الموظفين لممارسة أعمالاً إضافية لسد النفقات، ولا يقتصر الأمر على الرجال وحسب، بل حتى النساء الموظفات يزاولن أعمالاً أخرى بعد انتهاء الدوام حتى وإن من داخل المنزل.
ويشير خبراء اقتصاد ومواطنون إلى أن ارتفاع الأسعار يعود إلى تراجع قيمة الدينار، ضعف الرقابة على السوق، والأزمات الاقتصادية العالمية، ما يجعل التدخل الحكومي العاجل ضرورياً لضبط الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
يقول المواطن حسين محمد علي، إن "ارتفاع الأسعار أصبح عبئاً كبيراً على الأسر، وخصوصاً العوائل التي لديها أطفال، إذ لم تعد الرواتب اليومية تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية لهم. كل يوم نجد أن أسعار الأكل والماء والكهرباء ترتفع، بينما الدخل يبقى ثابتاً، وهذا يجعل توفير احتياجات الأطفال الأساسية صعباً للغاية".
ويضيف حسين في حديث لـ"طريق الشعب"، ان هناك جشعاً كبيرا في الأسواق: فالباعة يرفعون الأسعار، التجار أيضا. وهذا ما يزيد من معاناة كثير من العائلات، ويجعل تلبية أبسط الاحتياجات صعبة.
ويؤكد أن "الوضع الحالي يتطلب تدخل الحكومة بشكل عاجل لضبط الأسعار وتقديم الدعم للأسر المتضررة، خاصة العوائل التي تعتمد على دخل محدود، لأن الأطفال هم أكثر من يتأثر بهذا الغلاء المستمر".
أسباب الارتفاع!
وقال الخبير الاقتصادي عبدالله نجم، ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وبعض المواد الغذائية في الفترة الأخيرة يعود إلى عدة عوامل متشابكة، أبرزها تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار، الأمر الذي يزيد من تكلفة استيراد المواد الأساسية ويؤثر مباشرة على أسعارها محلياً.
وأضاف نجم، أن ضعف الرواتب وعدم مراجعة سلم الأجور في القطاعين العام والخاص ساهم في تقليص قدرة المواطنين على مواجهة هذه الزيادات، حيث أصبحت المصاريف اليومية مثل الغذاء والكهرباء والمياه والخدمات الصحية تشكل عبئاً كبيراً على الأسرة.
وأشار نجم في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن الأزمات العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً ضاعف من الضغوط على الأسواق المحلية، فيما أدى ضعف الرقابة الحكومية على الأسعار إلى ارتفاع بعض السلع الأساسية بشكل غير مبرر. وأوضح أن هذه العوامل مجتمعة تتسبب في تآكل القوة الشرائية، وزيادة معدلات الفقر، وارتفاع التضخم المحلي، فضلاً عن التأثير السلبي على حركة السوق والاستثمار وفرص العمل.
وأكد نجم، أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تدخلات سريعة من الحكومة، تشمل مراجعة سلم الرواتب بما يتناسب مع مستوى المعيشة، وضع ضوابط لأسعار السلع الأساسية، وتقديم دعم مباشر للأسر الأكثر تضرراً، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على الأسواق لضمان استقرار الأسعار وتقليل الأعباء الاقتصادية عن المواطنين.
ويعاني الاقتصاد الوطني من معدلات تضخم مرتفعة تعتبر خطيرة مقارنة بالمقومات الاقتصادية التي يمتلكها البلد، وفقاً للباحث الاقتصادي أحمد عيد.
وقال عيد لـ"طريق الشعب"، إن ظاهرة التضخم في العراق ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى تدهور الاقتصاد العراقي على مدى العقود السابقة، وخاصة في فترة ما قبل الاحتلال عام 2003.
وأضاف عيد، أن انخفاض القيمة الحقيقية للدينار العراقي في السوق المحلية، والتحول إلى نظام اقتصادي ريعي يعتمد بشكل كامل على إيرادات النفط، من أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم والاسعار. كما ساهمت مشكلات الصناعة وسوء التخطيط الإداري، إلى جانب انكماش الإنتاج الزراعي المحلي، في زيادة الاعتماد على الاستيراد للمنتجات التي كان العراق يُصدرها سابقاً، مثل الحبوب والفواكه.
وتابع أن اعتماد السلطة الحاكمة على الاقتصاد الموجه أدى إلى إلغاء دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، بينما أصبح القطاع العام بيئة خصبة للفساد المالي والإداري والمحاباة، مع تراجع الإنتاجية وجودة المنتجات بشكل عام.
ومن أبرز المشاكل التي يواجهها المواطن، بحسب عيد، هي ثبات الأجور والرواتب التي لا تراعي تقلبات السوق وارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما جعل متابعة معدلات التضخم مهمة صعبة نظراً للزيادة المستمرة في الأسعار.
ولاحظ أن هناك تضارباً كبيراً بين نسب التضخم المعلنة رسمياً من قبل الجهاز المركزي للإحصاء والبنك المركزي العراقي وما يلاحظه المواطن على أرض الواقع، مؤكدا أن الاقتصاد العراقي يواجه أيضاً ظاهرة الاقتصاد الخفي، الذي يشمل مجمل العمليات الاقتصادية غير الرسمية، مثل تهريب العملة والوقود والمخدرات.
ويمثل هذا النوع من الاقتصاد، خطراً كبيراً لأنه غير خاضع لسياسات الدولة النقدية والاقتصادية.
وخلص عيد الى الدعوة لـ"تطبيق سياسات مالية ونقدية سليمة، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، من خلال تحديد مستويات ومخصصات الضرائب والنفقات الحكومية، وتقليل الإنفاق العام، وفتح مجالات التنمية المستدامة، والعمل على ثبات الأسعار كي لا تثقل المواطنين.
********************************************
بحر النجف يقاوم خطر الانحسار منذ 30 عاما ومسؤولون يحذرون من كارثة بيئية وزراعية!
بغداد – طريق الشعب
تواجه محافظة النجف أزمة مائية خانقة ألقت بظلالها على القطاع الزراعي، وحولت بحر النجف إلى مساحات جافة تشبه الصحراء في بعض الفترات، بعدما كان واحداً من أهم المنخفضات المائية في الفرات الأوسط. فقد أدى شح المياه إلى توقف زراعة الشلب في معظم الأراضي، فيما تقلصت المساحات المغمورة بالمياه إلى أقل من النصف، وسط تحذيرات من خبراء ومسؤولين محليين من أن استمرار الوضع الحالي يهدد النشاطات الاقتصادية والزراعية والبيئية، ويستدعي تدخلاً عاجلاً لإيقاف الاستنزاف وإعادة التوازن البيئي للمنطقة.
واقع مأساوي
مستمر منذ 3 عقود
وقال مدير زراعة محافظة النجف، منعم الفتلاوي، أن شح المياه في المحافظة له تأثير كبير على القطاع الزراعي، لا سيما على محصول الشلب لهذا العام.
وأضاف أن زراعة هذا المحصول تكاد تكون منعدمة، باستثناء مساحة محدودة تقدر بـ 140 دونما تابعة لمحطة الأبحاث في المشخاب، بينما بقيت المساحات الأخرى البالغة نحو 220,000 دونم غير مزروعة.
وأشار الفتلاوي في حديث لـ "طريق الشعب"٬ إلى أن الوضع الحالي للمياه يؤثر بشكل كبير على المزارعين والفلاحين، خاصة في المناطق البعيدة عن الأنهار الرئيسية، مضيفًا أن قلة المياه تشكل أيضًا معاناة لحيوانات الشريحة الفلاحية.
وبخصوص وضع "بحر النجف"، أشار الفتلاوي إلى أن هذا الموضوع متكرر منذ نحو 20 إلى 30 عاما، حيث يشهد البحر تذبذبا في مستويات المياه بين سنوات الجفاف وارتفاع منسوب المياه في سنوات أخرى.
وأكد أن الرئيسية لمياه بحر النجف تعتمد على الأنهار الممتدة من ناحية الحيرة باتجاه البحر، مثل نهر الغازي ونهر البديرية ونهر أبو جدوع، والتي كانت سابقا مساحات واسعة مزروعة بمحصول الشلب، لكنها الآن تعاني من الانحسار وانعدام المياه.
وتابع الفتلاوي، أن آبار المياه المتدفقة التي كانت موجودة تم إغلاق معظمها مؤخرا من قبل دائرة حفر الآبار، مما زاد من أزمة المياه. كما أن انخفاض الأمطار والسيول القادمة من السعودية ومناطق بعيدة أخرى خلال السنوات الأخيرة زاد الوضع سوءًا.
وأشار إلى أن كل هذه العوامل أدت إلى تقليص مساحة مياه بحر النجف إلى نحو 18,000 دونم، في حين كانت مغمورة سابق بمياه تغطي مساحة تصل إلى 40,000 دونم، مما يعكس حجم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في المحافظة.
ناشط يحدد أسباب الانسحار
من جهته، كشف المراقب للشأن المحلي في محافظة النجف، محمود السعيدي، عن الأسباب الرئيسة وراء انحسار المياه في بحر النجف، وتحوله في بعض الفترات إلى ما يشبه الصحراء الجرداء، مؤكداً أن المشكلة باتت أكثر حدة هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة.
وأوضح السعيدي، أن بحر النجف يعتمد بصورة أساسية على المياه الجوفية المتدفقة من صحراء النجف الأشرف، إلى جانب عدد من المصادر السطحية الأخرى. ومن أبرز هذه المصادر مصب نهر الكوفة الواقع أسفل مدينة النجف، والذي كان في السابق يرفد البحر بكميات من المياه التي تستخدم أيضاً في السراديب والممرات المائية القديمة داخل المدينة.
وأشار السعيدي إلى وجود نهر الغازي القادم من ناحية المناذرة جنوب النجف، والذي يصب في بحر النجف بعد مروره عبر مناطق زراعية تُعرف محلياً بـ"الشواطئ"، إلا أن تراجع مناسيب نهر الفرات وانخفاض تدفق المياه من شط الكوفة أسهما بشكل كبير في تقليص كميات المياه الواصلة إلى البحر.
وبين السعيدي، أن انتشار المحميات السمكية في المنطقة، والتي يدير بعضها جهات متنفذة، ساهم في تفاقم الأزمة من خلال حصر المياه في مساحات محدودة لأغراض تربية الأسماك، ما أدى إلى مزيد من الجفاف وانحسار المياه.
وأضاف أن بحر النجف يتأثر أيضاً بالظروف المناخية؛ إذ يشهد في فصل الصيف جفافاً شبه تام نتيجة تراجع المصادر المائية، بينما تتدفق إليه كميات أكبر خلال موسم الشتاء بفعل السيول القادمة من الصحراء والمياه الجوفية المتجددة، مما يجعله أشبه بحالة "المد والجزر".
وحذر السعيدي من أن استمرار هذه الأوضاع سيؤثر على النشاطات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالبحر، مشيراً إلى أن المنطقة كانت في السابق تمثل مصدراً للرزق عبر صيد الأسماك، فضلاً عن كونها متنفساً سياحياً لأهالي النجف.
وختم بالقول إن "الجفاف الموسمي لبحر النجف ليس جديداً، لكنه في هذا العام بلغ مستويات غير مسبوقة، ما يتطلب تدخلاً عاجلاً وإجراءات جادة للحفاظ على هذا المعلم الطبيعي المهم".
الاقمار الاصطناعية ترصد 90 بئرا
أما عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية النائب ثائر الجبوري، فقد أكد في وقت سابق أن لجنته تواصلت مع وزارة الموارد المائية ودائرة زراعة المحافظة للوقوف على أسباب جفاف بحر النجف، باعتباره من المنخفضات المائية المهمة في الفرات الأوسط، والتي تشكل بيئة حيوية تغذي مساحات زراعية واسعة فضلاً عن كونها جزءاً من التنوع البيئي في المنطقة".
وقال الجبوري أن "صور الأقمار الاصطناعية والمسح الجوي بينت وجود أكثر من 90 بئراً بعمق يصل إلى 100 متر، وهي السبب الأبرز في جفاف مساحات شاسعة من المنخفض"، مؤكداً أن "اللجنة شددت على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجهات التي أنشأت تلك الآبار بشكل مخالف، والعمل على إعادة وضع المنخفض إلى سابق عهده ومنع أي تجاوزات جديدة
من جانبه، قال المختص البيئي زيد السدحان إن "ما يشهده بحر النجف اليوم ليس مجرد أزمة موسمية عابرة، بل مؤشر خطير على تدهور المنظومة المائية والبيئية في المنطقة"، مبيناً أن "الجفاف الحاصل يهدد بفقدان التنوع البيولوجي ويؤثر سلباً على حياة المزارعين والصيادين الذين يعتمدون على البحر كمصدر رئيسي للرزق".
وأضاف السدحان، أن "استمرار استنزاف المياه الجوفية وحفر الآبار العشوائية، إلى جانب التغيرات المناخية وتراجع تدفقات الفرات، جعلت البحر في وضع هش، الأمر الذي يتطلب خططاً عاجلة ومستدامة لإدارة الموارد المائية، والحد من التجاوزات، وتنمية بدائل بيئية تقلل من حدة الأزمة"، مشيراً إلى أن "ما نراه حتى الآن لا يتعدى اجتماعات تعقد هنا وهناك دون حلول حقيقية على أرض الواقع".
********************************************
وقفة اقتصادية.. أثر القروض على النمو الاقتصادي المستدام
إبراهيم المشهداني
تعتبر القروض التي تلجأ اليها الدول النامية في الغالب، والعراق بطبيعة الحال من ضمنها، من العقبات الكأداء التي تقف أمام عملية النمو الاقتصادي من خلال حجم ومقدار هذه الديون الخارجية والداخلية منها، وشروط تسديدها، وقد أثبتت التجارب العالمية في العديد من البلدان النامية أنها تدخل اقتصاداتها في حلقة مفرغة تتسبب في إضعاف قدرة البلد على التسديد في المدى الطويل والمتوسط وبالتالي انعكاسها على مستوى التطور الاقتصادي فضلا عن دورها في تنميط شكل النظام السياسي بالنظر إلى الشروط المجحفة التي بضعها المقرضون الخارجيون الذين يحتكرون عمليات الإقراض بفعل هيمنة الدول الكبرى المسيطرة على صناديق الاقراض المعروفة خارج المبادي التي وضعت عام 1945 في اتفاقية (بريتون وودز ) التي شاركت فيها 44 دولة .
والاقتصاد العراقي مكبل بنوعين من هذه القروض والأشد وطأة منها الديون الخارجية التي تسجل بالعملة الأجنبية، وهذ العبء لا يتعلق بمقدار الدين بحد ذاته وانما بخدمات تلك القروض ولاسيما عندما يصار وفقا للاتفاق على تسديد الخدمات قد تستمر لسنوات مع تأجيل التسديد لأصل الدين، فالعراق في مثل هذه القروض مطالب بدفع أكثر من 10 مليار دولار سنويا في موازنة 2024 على سبيل المثال، فحسب تصريحات المستشار المالي لرئيس الحكومة د. مظهر محمد صالح ففي عام 2020 بلغ مجموع الديون الخارجية والداخلية134.4مليار دولار وان حجم الديون الداخلية 60 أما حجم الديون الخارجية وفقا للبنك المركزي قد بلغت 54 مليار و601 مليون دولار في عام 2024 فيما كانت في عام 2023 56 مليار و207 مليون دولار وتشكل 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والعراق مطالب بدفع 25 مليار دولار خلال الفترة بين 2020 و2028، أما الديون الداخلية وهي وإن كانت أقل وطأة من الديون الخارجية من حيث معدل الفائدة وفترة التسديد لكنه في التحليل النهائي واجب التسديد سواء للمصارف الحكومية او المصارف الأهلية، ورغم ذلك فان حسابات النصف الأول من عام 2025 تظهر بلوغ العراق أعلى نسبة ديون داخلية في تاريخه، إذ ارتفع الدين العام الداخلي من 70.575 تريليون دينار في نهاية عام 2023 إلى 92.200 تريليون دينار في نهاية اب 2025 بنسبة زيادة قدرها 23.454 في المائة خلال ثمانية أشهر، هذا في الوقت الذي بلغ معدل النمو في عام 2024 0.9 في المائة حسب إحصاءات البنك الدولي وأن الإيرادات غير النفطية بلغت في النصف الأول من عام 2025 9 في المائة. وهذه النسبة بعيدة كثيرا عن النسبة المستهدفة في البرنامج الحكومي البالغة 20 في المائة، يصاحب هذه التداعيات قيمة الاستيرادات السنوية للعراق تقدر بـ 70 مليار دولار غير أن المسجل منها لدى الهيئة العامة للكمارك يزيد عن 19 مليار دولار فقط بفارق 50 مليار دولار وهو مبلغ ضائع يدلل على حجم الفساد المالي في هذا القطاع، وهذه الأرقام تظهر الفجوة الكبيرة بين حجم الديون على المستويين الداخلي والخارجي وبين الإيرادات ما تعكس ازمة حقيقية في الوضع المالي للدولة وتشير في ذات الوقت إلى توقعات غير متفائلة في مسار النمو الاقتصادي في المستقبل القريب والمتوسط .
إن أهم الأسباب التي تستدعي هذه القروض هي حجم العجوزات التخمينية في الموازنات السنوية التي تتحول عمليا إلى عجوزات حقيقية تتطلب التغطية عن طريق القروض حيث الافتقار إلى قطاع انتاجي حقيقي كفيل بتوفير الأموال الكافية لتغطية هذه العجوزات الناجمة بالأصل عن مبالغات مفرطة في النفقات العامة في الموازنات السنوية.
إن الخروج من هذه الأزمة يتطلب من الدولة استراتيجية اقتصادية تنموية قائمة على أساس تفعيل القطاعات الانتاجية السلعية وزيادة مساهمتها في الانتاج المحلي الاجمالي وسد الطلب المحلي وتحقيق مصادر مالية أخرى بالإضافة إلى قطاع البترول من خلال تنظيم عملية توطيد التعرفة الكمركية والسياسات الضريبية التصاعدية، والأهم من كل ذلك الترشيق الإنفاقي ابتداء من أعلى الهرم الحكومي والتركيز على الاحتياجات الملحة وتقليص حجم الإنفاق لأغراض خدمات شخصية غير مبررة.
********************************************
الصفحة الخامسة
ماذا عن وعود التطوير؟! سكك حديد العراق من العالمية إلى التدهور
متابعة – طريق الشعب
رغم ما سجلته شبكة السكك الحديدية في العراق من تاريخ إنجازي طويل، وما تتمتع به من موقع استراتيجي كان يشكّل شرياناً حيوياً يربط البلاد بدول الجوار والعالم، إلا أن هذا القطاع الحيوي يعاني اليوم تدهورا حادا نتيجة عقود من الإهمال وسوء التخطيط - وفقاً لتحذيرات أطلقها نواب واختصاصيون.
وتتعدد ملامح التراجع في سكك حديد العراق، وتمتد إلى تردي البنية التحتية وعدم تنظيم مسارات القطارات في مناطق عديدة. إذ تمر السكك في شوارع عامة وقرب مناطق سكنية لا تُحظى أحيانا بتنظيم مروري، ما يتسبب في حوادث اصطدام خطيرة بين القطارات والسيارات.
في المقابل، تؤكد وزارة النقل أنها بدأت فعلياً بتنفيذ حزمة من المشاريع لتأهيل الشبكة القائمة، وإطلاق خطوط جديدة ضمن "مشروع طريق التنمية" الذي يُعوّل عليه لإحداث نقلة نوعية في واقع النقل في البلاد.
إهمال طويل
كانت محطة بغداد العالمية للسكك الحديد في منطقة العلاوي، واحدة من المحطات الإقليمية البارزة في الماضي "لكنها أمست اليوم في حال مترد، نتيجة الإهمال الطويل وغياب التطوير" - حسب الخبير في مجال النقل باسل الخفاجي، الذي يوضح أن "شبكة القطارات العراقية كانت في ستينيات القرن الماضي ترتبط بموانئ الجنوب، كأم قصر والمعقل، وتمر عبر الناصرية والفرات الأوسط إلى بغداد، ومنها إلى بيجي والموصل، قبل أن تعبر إلى تركيا وتكمل طريقها إلى أوربا".
ويشير في حديث صحفي إلى ان "المسافرين العراقيين كانوا يصلون إلى تركيا عبر هذه الشبكة، ثم ينتقلون بعدها إلى القطارات الأوربية لاستكمال رحلاتهم".
ويتابع الخفاجي قوله: "أما الوضع الحالي، فهو لا يمت بصلة إلى ذلك الماضي المزدهر. إذ ان الخطوط لا تزال منذ أكثر من خمسة عقود كما هي دون تحديث، والقطارات لم تعد تصل إلى بعض المحطات الرئيسة مثل محطة بيجي. فيما تستغرق رحلة بغداد – البصرة أكثر من 12 ساعة، في وقت تقطع فيه القطارات الحديثة حول العالم المسافة نفسها خلال ساعتين ونصف فقط".
ويلفت إلى ان "المشكلة لا تتعلق بالإمكانات فقط، بل بغياب الرؤية في وزارة النقل، وتراكم الأخطاء الإدارية والتخطيطية، ما تسبب في زيادة الزخم المروري داخل المدن وأضعف جدوى قطاع النقل الجماعي الذي كان يمكن أن يُصبح بديلاً ناجحاً".
وعود غير منفذة
من جهتها، تطرح لجنة النقل البرلمانية موفقاً مشابهاً لموقف باسل الخفاجي، معربة عن اسفها لما وصفتها بـ "الوعود غير المنفذة" التي أطلقتها الحكومة الحالية بشأن تطوير السكك الحديدية.
يقول عضو اللجنة عقيل الفتلاوي في حديث صحفي، أن "الحكومة أبدت اهتماماً أولياً بالمشاريع الاستراتيجية في هذا القطاع عند بداية تسلمها المسؤولية، لكنها لم تترجم ذلك إلى خطوات تنفيذية على أرض الواقع"، مضيفا القول أن "بعض المشاريع التي طُرحت كانت قادرة على إحداث تحول كبير، مثل مشروع سكة حديد كربلاء – النجف، الذي يخدم ملايين الزائرين سنوياً، إضافة إلى تأهيل الخطوط الرابطة بين بغداد وبقية المحافظات".
ويستدرك "لكن هذه المشاريع تم تجاوزها لصالح مشاريع أخرى ذات طابع انتخابي تنتهي عادة قبيل موعد الانتخابات، مثل تشييد بعض الجسور" - على حد تعبيره.
ويتابع الفتلاوي حديثه قائلا أن "تلكؤ الحكومة في المضي بمشاريع السكك يُعد إخفاقاً استراتيجياً"، محملاً إياها "مسؤولية ضياع فرص كانت كفيلة بتحسين قطاع النقل وتخفيف الضغط على الطرق وتقديم خدمة أفضل للمواطنين".
النقل تتحدث عن "سلسلة من المشاريع"
إلى ذلك، تؤكد وزارة النقل أنها لم تقف مكتوفة الأيدي، بل بدأت بالفعل في تنفيذ سلسلة من المشاريع التي تستهدف معالجة المشكلات المتراكمة في شبكة السكك الحديدية، وفي مقدمتها "مشروع طريق التنمية" الاستراتيجي، الذي يُعد حجر الزاوية في خطط الوزارة المستقبلية.
يقول المتحدث باسم الوزارة ميثم الصافي ان "المشروع يهدف إلى تحديث البنية التحتية المتهالكة وتجاوز التحديات المزمنة مثل التجاوزات على المسارات، داخل المدن وخارجها".
ويوضح في حديث صحفي أن "الوزارة تمكنت خلال الفترة الماضية من إعادة تشغيل 12 خطاً حديدياً في مناطق الوسط والجنوب والشمال، خصوصاً في المناطق التي تعرضت لتدمير أو إهمال بفعل الحروب والعمليات الإرهابية".
ومن أبرز هذه الخطوط – وفقا للصافي: بغداد – الفلوجة، الفلوجة – الأنبار، بغداد – صلاح الدين، صلاح الدين – تكريت، بغداد – المسيب، إضافة إلى خطوط خاصة بالموانئ، مثل ميناء أم قصر.
ويشير إلى أن الحكومة دخلت في مفاوضات مع البنك الدولي لإعادة تأهيل الخط القديم الممتد من البصرة إلى بغداد إلى الموصل، ومن ثم إلى الحدود التركية، ضمن المرحلة الأولى من مشروع طريق التنمية. فيما يلفت إلى ان هناك مشاريع استراتيجية أخرى قيد التنفيذ، أبرزها مشروع البصرة – الشلامجة بطول 36 كيلومترا، والذي يربط العراق بإيران "حيث تم توقيع عقد تنفيذه مع شركة إيماثيا الإسبانية المتخصصة".
ويكشف الصافي عن مشروع آخر قيد الإعداد، وهو القطار المعلق بين كربلاء والنجف بطول 85 كيلومترا، والذي يهدف إلى خدمة الزائرين والمسافرين عبر منظومة نقل حديثة تتوافق مع المواصفات العالمية.
ويخلص إلى أن المرحلة الأولى من مشروع طريق التنمية من المتوقع أن تُنجز بحلول عام 2031، فيما تستمر حركة القطارات حالياً بشكل منتظم نحو مناطق الفرات الأوسط والجنوب، إضافة إلى تشغيل خطوط لنقل البضائع والطاقة إلى المحافظات الشمالية.
*******************************************
الزعفرانية باعة {سوق الهوى}: أيُ مصير ينتظرنا؟!
بغداد – طريق الشعب
يواجه باعة "سوق الهوى" في منطقة الزعفرانية جنوبي بغداد، هما كبيرا كالذي واجهه أقرانهم في مناطق أخرى من العاصمة، بعد قرار البلدية برفع بسطاتهم ومحالهم المتجاوزة دون سابق إنذار وبلا بديل، وذلك سعيا لأن تكون "بغداد أجمل"!
ولا يختلف الباعة مع السلطات في كونهم متجاوزين، إلا انهم يستغربون من الطريقة التي ستُنهى فيها وسائل عيشهم بدون بدائل، ما يعني انقطاع قوت مئات العائلات – حسب ما يذكره أحد الباعة لـ"طريق الشعب".
يقول البائع أنه "من المقرر أن تُزال البسطات والمحال قسرا هذا اليوم الخميس. أبلغونا بالقرار في فترة حرجة، ولم نتمكن من إيجاد حلول بديلة"، مشيرا إلى ان "جميع العاملين في هذا السوق فقراء ومسؤولون عن معيشة عائلات، وبينهم أعداد كبيرة من الخريجين العاطلين عن العمل".
ونقلت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وقفات احتجاج يُنظمها الباعة منذ أيام، على أعقاب القرار. إذ يطالبون السلطات بالتأني والحكمة في اتخاذ مثل هذه القرارات، ويدعون الأهالي إلى مساندتهم والوقوف معهم في محنتهم من أجل الضغط على السلطات لتأجيل التنفيذ لحين توفر البدائل.
ويذكر بائع لـ"طريق الشعب"، انهم مجبرون على التجاوز بسبب عدم توفر فرص عمل يعيلون بها أسرهم.
ولا ينكر البائع أن حال السوق بتجاوزاته يشوّه المنطقة ويعيق حركة السابلة والمركبات، لكنه ينتقد إقدام السلطات على إزالة مصادر عيشهم، من دون توفير بدائل تُغيثهم "فنحن نُعتبر من أصحاب الأجر اليومي. ما نجنيه يوميا من مردود مالي بسيط، ننفقه مباشرة على قوت عائلاتنا، في ظل غلاء معيشي ومتطلبات حياتية متزايدة".
ويُطالب الباعة بعدم تكرار المعاناة التي عاشها ولا يزال يعيشها أقرانهم في مناطق أخرى. إذ يأملون من السلطات تأجيل القرار حتى توَفّر البدائل "فنحن أبناء الوطن، ولدينا حق دستوري في العيش بكرامة، لا أن نُذل ونحرم من لقمة الخبز في بلدنا الثري"! – على حد تعبير أحدهم.
**********************************************
زهرة النيل تأتي على مياه ذي قار الشحيحة!
متابعة – طريق الشعب
بينما تُعد ذي قار إحدى المحافظات الأكثر تضررا من أزمة المياه، ينتشر نبات "زهرة النيل" بشكل كبير في عدد من المصادر المائية في المحافظة. ويعد هذا النبات من النباتات الدخيلة سريعة الانتشار، ويتسبب في امتصاص كميات كبيرة من المياه وتقليل نسبة الأكسجين فيها، ما يهدد الحياة المائية ويعيق مجرى الأنهار ويؤثر سلبًا على القطاع الزراعي.
وحذّرت لجنة الزراعة والموارد المائية في مجلس ذي قار من انتشار هذا النبات في عدد من مناطق المحافظة، مؤكدة أن "زهرة النيل" تشكل تهديداً حقيقياً للبيئة والموارد المائية والزراعة. وأوضحت انه تم رصد هذه الزهرة في نهر الفرات وسط الناصرية، ما دفع الحكومة المحلية إلى تشكيل فريق طوارئ لإزالتها، مؤكدة أن الخطر لا يزال قائماً بسبب احتمالية انتشار النبتة في مواقع أخرى داخل المحافظة.
وطالبت اللجنة الجهات المعنية، بتكثيف جهود المراقبة والمعالجة قبل أن يتحول الأمر إلى أزمة بيئية حادة يصعب احتواؤها.
******************************************
اگول.. الإيرادات غير النفطية من جيوب المواطنين!
أنس زامل
بينما يعاني المواطن ظروفا معيشية صعبة إثر اتساع رقعة البطالة والفقر، تأتي الدولة لتعظم إراداتها غير النفطية من جيبه، فتزيد عليه الحمل أحمالاً!
الضرائب والرسوم تزداد مقابل خدمات بائسة لا ترقى حتى لاسم "خدمة"، بدءا من رسوم الكهرباء والماء والمجاري والنفايات، مرورا برسوم مراجعات الدوائر الحكومية التي تحوّلت في الفترة الأخيرة إلى عبء لا يُحتمل، وليس انتهاء بالغرامات المرورية الباهظة!
اللافت في تلك الرسوم، هو ما يُجبى من مراجعي دوائر الدولة. فبدلا من أن تكون الخدمات الإدارية مجانية، أو شبه مجانية على الأقل، ارتفعت بشكل غير معقول، وصولا إلى عشرات الآلاف مقابل إنجاز بعض المعاملات، هذا بالإضافة إلى الإجراءات الإدارية الارتجالية "المزاجية" التي تضع المراجع في دوامة من الروتينات بين الدوائر، وتفرض عليه بالتالي مزيدا من مصاريف النقل والاستنساخ وغيرها.
نظام الدفع الالكتروني الذي عُمم أخيرا في معظم دوائر الدولة، بدلا من أن ييسر عملية دفع الرسوم تحوّل إلى هم إضافي. إذ ان كثيرين من المواطنين لا يملكون بطاقات دفع الكتروني، ما يتطلب منهم استئجار بطاقات من مكتبات وعرضحالجية يعملون بهذه المهنة، مقابل عمولة تُضاف على الرسم!
المواطن في هذه المحنة، يتساءل: هل الدولة على وعي بتداعيات إجراءاتها؟! هل انها على دراية بأن معظم العراقيين يعانون أوضاعا اقتصادية صعبة بينما تنهش البطالة والبؤس أعمار الشباب، أم انها تعيش خارج الواقع فتثقل كواهلهم بمزيد من المحن؟!
*******************************************
مكتبة الطفل العراقي تكسو أطفالها
بغداد – مروة فاضل
بدعم من المنتدى العراقي في بريطانيا، وزعت رابطة المرأة العراقية ملابس مدرسية على الأطفال المنتسبين إلى "مكتبة الطفل العراقي"، التابعة إلى فرع الرابطة في مدينة الثورة (الصدر)، وذلك تزامنا مع قرب انطلاق العام الدراسي الجديد.
وشمل التوزيع 25 طفلة وطفلا من المتعففين والأيتام.
وتأتي هذا المبادرة ضمن سلسلة مبادرات تُطلقها الرابطة لمساعدة الأطفال وتخفيف الأعباء المالية عن أسرهم، فضلا عن تشجيعهم على مواصلة الدراسة.
****************************************
مواساة
- تنعى منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الفجر في محافظة ميسان، المناضل سوادي مديخل (ابو عبد الله)، الذي توفي إثر حادث سير مؤسف.
له الذكر الطيب ولأهله الصبر والسلوان.
***********************************************
الصفحة السادسة
عقوبات أوروبية على {تل أبيب} وتعليق لبنود تجارية تحقيق عن كيف حوّل {الكيان} الغذاء إلى فخ دموي في غزة
رام الله – وكالات
كشف تحقيق مفتوح المصدر -أعدته مؤسسة "ذا نيو هيومانتاريان" التي مقرها جنيف - عن أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت نحو 3 آلاف فلسطيني وأصابت حوالي 20 ألفا آخرين في أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة.
ووثق التحقيق ما يقرب من 200 هجوم إسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين الذين يسعون للحصول على مساعدات بين كانون الثاني 2024 ونهاية تموز 2025، إلى جانب عدد من الجرائم الأخرى المرتبطة بإطلاق النار على المواطنين قرب مواقع توزيع المساعدات، خصوصا بعد بدء عمل "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل في أواخر أيار 2025.
وأكد التحقيق أن هذه الهجمات ليست انحرافا عن المعتاد، وإنما تمثل تصعيدا لاستراتيجية قاتلة تُعد جزءا أساسيا من السياسة الإسرائيلية الاستراتيجية، التي أسهمت في تعميق المجاعة بغزة، عبر تمكين القتل الجماعي الروتيني للأشخاص الذين يحاولون الحصول على الطعام والإمدادات الأساسية الأخرى، وحرمان الفلسطينيين من الأساسيات الضرورية للحياة في غزة.
وأشارت "ذا نيو هيومانتاريان" إلى أن العدد الإجمالي للشهداء نتيجة الهجمات الإسرائيلية على طالبي المساعدة وصل إلى 2957 شخصا على الأقل خلال الـ 23 شهرا الماضية، في حين أصيب ما لا يقل عن 19 ألفا و866 شخصا، أي نحو 4.6 6 في المائة من أكثر من 64 ألفا و600 شهيد منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وأكثر بقليل من 12في المائة من إجمالي المصابين.
بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي عن فرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي على خلفية حربه في قطاع غزة، في خطوة غير مسبوقة من المتوقع أن تُحدث انعكاسات سياسية واقتصادية واسعة.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في بيان رسمي، إن العقوبات ستتركز على "الوزراء المتطرفين والمستوطنين العنيفين"، إلى جانب تعليق بنود رئيسية في اتفاقيات التجارة الموقعة مع تل أبيب.
وأكدت كالاس أن العقوبات ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الأربعاء، مشددة على أن "العملية البرية التي تشنها إسرائيل في غزة ستؤدي إلى تفاقم الوضع اليائس أصلاً، وتعني مزيدا من الموت والدمار والتهجير".
عائلات تأكل علف الحيوانات!
من جانبها، حثت أكثر من 20 منظمة إغاثية قادة دول العالم، الأربعاء، على تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في غزة، محذرة من أن استمرار التقاعس سيؤدي إلى فقدان المزيد من الأرواح.
وقالت المنظمات في بيان أصدرته منظمة "أنقذوا الأطفال" إن "على الدول استخدام كل أداة سياسية واقتصادية وقانونية متاحة لها للتدخل".
وأضاف البيان أن "زعماء العالم يفشلون في اتخاذ الإجراءات. يتم تجاهل الحقائق، وتهمَل الشهادات ويقتل المزيد من الناس كنتيجة مباشرة لذلك". وقالت المنظمات "لقد التقينا بعائلات تأكل علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، وتغلي أوراق الشجر كوجبة لأطفالها".
ومن بين الموقعين على البيان منظمات دولية منها أطباء بلا حدود وكير إنترناشونال والمجلس النرويجي للاجئين وأوكسفام إنترناشونال. وقالت المنظمات إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتعامل مع التزاماتها بموجب القانون الدولي على أنها "اختيارية".
انتهت اللعبة يا إسرائيل
في تصعيد جديد لوتيرة التضامن الرياضي مع غزة، انطلقت حملة دولية تحت شعار “انتهت اللعبة يا إسرائيل” (#GameOverIsrael)، مطالبة باستبعاد المنتخب الإسرائيلي من البطولات الدولية ومنع لاعبيه من المشاركة في الدوريات الأوروبية، وذلك على خلفية ما يوصف بجرائم حرب وعمليات إبادة متواصلة في قطاع غزة.
الحملة التي يقودها تحالف منظمات حقوقية ومجموعات مناصرة، دشنت نشاطها برفع لوحة ضخمة في ميدان تايمز سكوير بنيويورك كتب عليها: “Israel is committing genocide”، في إشارة مباشرة إلى حرب الابادة التي دخلت عامها الثالث في غزة.
وتزامن ذلك مع دعوات موجهة إلى اتحادات كرة القدم في بلجيكا، إنجلترا، فرنسا، اليونان، إيرلندا، إيطاليا، النرويج، اسكتلندا، وإسبانيا لاتخاذ إجراءات عاجلة ضد "إسرائيل"، قبيل انطلاق كأس العالم 2026 المقرر أن تستضيفه الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
إدانات مستمرة
بعد توسيع جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته البرية في مدينة غزة التي تتعرض لقصف متواصل، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن إسرائيل عازمة على "الذهاب حتى النهاية" في حملتها العسكرية في غزة و"ليست منفتحة على محادثات سلام جادة لوقف إطلاق النار".
وصرح غوتيريش، في مؤتمر صحفي، أن ما يحدث في مدينة غزة مروع وأن الحرب في الأراضي الفلسطينية غير مقبولة أخلاقيا وسياسيا وقانونيا.
ودان ملك إسبانيا فيليبي السادس خلال زيارة إلى مصر "المعاناة التي تفوق الوصف لمئات آلاف الأبرياء" في غزة و"الأزمة الإنسانية التي لا تحتمل".
وقال الملك فيليبي السادس في خطاب بثه التلفزيون الإسباني العام "تحولت الحلقة الأخيرة من هذا النزاع (...) إلى أزمة إنسانية لا تحتمل ومعاناة تفوق الوصف لمئات آلاف الأبرياء ودمار كامل لقطاع غزة".
المذبحة يجب أن تتوقف
ومن جانبه، دعا فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إلى وقف ما وصفه بـ "المذبحة"، وقال لفرانس برس ورويترز الثلاثاء إن "العالم كله يصرخ من أجل السلام. الفلسطينيون والإسرائيليون يصرخون من أجل السلام". وأضاف: "من الواضح تماما بأن على هذه المذبحة أن تتوقف".
*****************************************
غوتيريش: هيكلية مجلس الأمن الدولي لا تتناسب مع عالم اليوم
نيويورك - وكالات
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن اعتقاده بأن إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو "أمر منطقي للغاية"، مشيراً إلى أن المجلس يمتلك هيكلية لا تتناسب مع عالم اليوم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده غوتيريش في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية.
ورداً على سؤال حول النقاشات الجارية بشأن إصلاح مجلس الأمن بسبب "الانسداد" في معالجة الأزمات العالمية، قال غوتيريش: "أؤمن أولاً بأن إصلاح مجلس الأمن أمر منطقي للغاية. مجلس الأمن يمتلك هيكلية لا تتناسب مع عالم اليوم".
وأوضح أن مجلس الأمن يمتلك هيكلية تتناسب مع عالم عام 1945، وليس عالم اليوم، وأن هذا لا يكتفي بخلق مشكلة تتعلق بالشرعية فقط، بل يسبب أيضاً مشكلة في الكفاءة.
وذكر أن هناك مقترحات تقضي بتقييد حق النقض (الفيتو) للدول دائمة العضوية في الحالات التي تشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو غيرها من الوقائع الدراماتيكية، لكنه أكد أن أخذ هذه المقترحات على محمل الجد هو أيضا من مسؤولية الدول الأعضاء.
**********************************************
السويداء.. اللجنة القانونية ترفض خارطة طريق الحكومة
دمشق - وكالات
أعلنت اللجنة القانونية العليا في السويداء، الأربعاء، رفضها خارطة الطريق التي أعلنتها الحكومة السورية، متهمة الأخيرة بالتنصل من مسؤوليتها تجاه ما جرى في السويداء، ومطالبة باستقلال المحافظة أو إدارة شؤونها ذاتيا.
وأوضح البيان، الصادر عن اللجنة القانونية التابعة للزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، أن "بيان الحكومة أشار إلى دعوة لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، لكنه عاد ليؤكد أن المحاسبة ستتم وفق القانون السوري. نحن نرى أن هذا التناقض يُفرغ التحقيق الدولي من مضمونه، إذ لا يُعقل أن يكون المتهم هو ذاته القاضي".
وأضافت اللجنة: "الحكومة وأجهزتها الأمنية والعسكرية كانت شريكا مباشرا في المجازر والانتهاكات التي طالت آلاف المدنيين بين قتلى ومفقودين ومختطفين. إن إنكار المسؤولية لا يفتح طريقًا للمصالحة، بل يكرس سياسة الإفلات من العقاب".
كما أشارت إلى أن "الأجهزة القضائية السورية مسيّسة وتابعة للسلطة التنفيذية، وغير قادرة على توفير أي ضمانات لمحاكمات عادلة. وعليه، فإن أي حديث عن محاسبة عبر القانون السوري لا يُعدو كونه واجهة شكلية لتبييض الجرائم".
***********************************************
السجن 27 عاما للرئيس البرازيلي السابق بولسونارو ماذا يعني القرار بالنسبة لفاشيي أمريكا اللاتينية الجدد؟
رشيد غويلب
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا البرازيلية حكمها على الرئيس الفاشي السابق جايير بولسونارو، بالسجن 27 عامًا وثلاثة أشهر بتهمة محاولة الانقلاب عقب خسارته الانتخابات الرئاسية لعام 2022. وقد صوّت أربعة من أصل خمسة قضاة في المحكمة لصالح الإدانة، فيما دافع القاضي الخامس عن البراءة، معتبرًا أن الأدلة لا توفر أي أساس لتهمة محاولة الانقلاب. وبهذا أصبح بولسونارو أول رئيس سابق في تاريخ البرازيل يُدان بتهمة الانقلاب. وبالإضافة إلى بولسونارو، أُدين سبعة متهمين آخرين بتهمة تكوين عصابة إجرامية مسلحة، ومحاولة تقويض سيادة القانون والديمقراطية بالعنف، والانقلاب، وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والآثار التاريخية. ويواصل المتهمون نفي التهم الموجهة إليهم. وسيدخل القرار حيز التنفيذ خلال 60 يومًا. وقضت المحكمة العليا بوجوب قضاء بولسونارو عقوبته في نظام السجن المغلق. بينما يُمكن، في ظروف معينة، وضع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا والذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة تحت الإقامة الجبرية، لم يُحدد بعد ما إذا كان هذا ينطبق على بولسونارو.
وفقًا لاستطلاع رأي نُشر أخيرا اعتبر 49,6 في المائة من السكان الإدانة عادلة أو كانوا سيعتبرون تبرئة بولسونارو غير عادلة. ورأى 36,9 في المائة عكس ذلك. أما البقية فلم يُبدِوا رأيهم أو امتنعوا عن التصويت.
يُعدّ قرار الحكم تاريخيًا من نواحٍ عديدة. وهو يتجاوز مجرد فرض عقوبة: إنه رفضٌ للاستبداد، وله أثر رمزي يتجاوز حدود البرازيل، فلا أحد فوق القانون. فهل وجدت البرازيل وصفةً لكبح جماح النزعات الاستبدادية؟
في 8 كانون الثاني 2023، اقتحم آلاف من أنصار بولسونارو مبنى الكونغرس والمحكمة العليا والقصر الرئاسي في العاصمة برازيليا، لمنع الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من استلام مهام منصبه وتقويض النظام الديمقراطي.
ضد المحكمة الاتحادية
عودة إلى فترة حكم بولسونارو: تولى الضابط اليميني المتطرف السابق منصبه بمعية فريق من المتعصبين والمهرجين السياسيين والوعاظ العلمانيين وشن هجومًا مباشرًا على كل ما أزعجه: اليسار والإعلام وأنصار حماية البيئة. مدفوعًا بزخم مناهض للسياسة في بلد يعاني من الأزمات، وأراد أن يفعل كل شيء بشكل مختلف. وتمكن من تعبئة حركة خلفه: البولسونارية. وفي عرفه لا مكان للشك او النقد، فأما ان تكون مع الرئيس او ضده، عدو او صديق. غذّى بولسونارو هذه العدوانية بواسطة إثارة الصراعات باستمرار مع المؤسسات الديمقراطية.
يعود الفضل، في عدم وقوع البرازيل ضحيةً كاملةً لهذا التوجه الاستبدادي، إلى حدٍ كبير إلى محكمتها العليا. فخلال فترة حكم بولسونارو، وضعت المحكمة خطوطًا حمراء: حققت في شبكات الأخبار الكاذبة، وردّت بقسوة على محاولة الانقلاب على الديمقراطية ا، وعاقبت باستمرار من ينشرون الأكاذيب حول مزاعم تزوير الانتخابات. صحيحٌ أيضًا أن المحكمة وسعت من مساحة سلطتها، منطلقة من ضرورة أخذ تصريحات بولسونارو على محمل الجد. لم يُخفِ بولسونارو قط مبادئه: فهو معروفٌ بمعاداته للديمقراطية ومعجبٌ بالديكتاتورية العسكرية. وكان هدفه تقويض الحياة الديمقراطية. تعطينا البرازيل صورة لقضاء جريء وقوي وحام للديمقراطية.
سيواصلون العدوانية
يواصل أنصار بولسونارو احتجاجاتهم، لأن "الديمقراطية" بالنسبة لهم، نظام يبني فيه رئيس دولة منتخب ديمقراطيًا دكتاتورية. ومع صعود اليمين المتطرف، يُناقش في أوربا الآن مفهوم "الديمقراطيات غير الليبرالية"، حيث يُحافظ على واجهة ديمقراطية بهدف تدمير جوهرها من الداخل. وتبين تجربة ترامب في الحكم، كيف تمارس الفاشية بقدم واحدة، وأن اي فقدان للسيطرة على رؤساء مستبدين واردة.
لقد عانى بولسونارو الكثير في الأشهر الأخيرة: ساعات من الاستجواب، والإقامة الجبرية، ومصادرة جواز سفره. ولا شك أن الإدانة الأخيرة تُعدّ إذلالاً شديداً. وفي الوقت نفسه، تُتيح له فرصة تصوير نفسه شهيدا، على غرار جهادي الإرهاب، ونشر سردية مؤامرة كبيرة. وقد أعلن فريق دفاعه عن استئناف القرار، ويبدو مُستعداً للمواجهة. وسينزل أنصاره إلى الشوارع مجدداً، بينما يحاول أعضاء البرلمان اليمينيون تمرير عفو عام.
أن جوهر حركة بولسونارو المتطرفة، لم تتأثر بالهزيمة الانتخابية. واظهرت أوساط منها استعدادها لبذل كل شيء من أجل معبودها، بما في ذلك العنف السياسي. في العام الفائت، حاول أحد أنصاره تفجير عبوة ناسفة في الحي الحكومي ببرازيليا في محاولة لقتل قضاة. فشلت المحاولة، وقُتل الجاني.
دعم خارجي وتفكك داخلي
لن تتبخر حركة الرئيس المدان، لأنها تعتمد أيضًا على الدعم الخارجي، وخاصةً من الولايات المتحدة. بعد فترة وجيزة من الإدانة، تحدث السيناتور الأمريكي ماركو روبيو عن "اضطهاد سياسي" وأعلن أن بلاده "سترد بشكل مناسب على حملة المطاردة". وكانت إدارة ترامب قد فرضت سابقًا رسومًا كمركية عقابية على البرازيل. بالنسبة لليمين البرازيلي، تُعد هذه الإجراءات دليلًا على التضامن الأيديولوجي، لكنها بالنسبة لبقية البلاد تُمثل إهانةً جسيمة. قد تُفاقم الإدانة التوترات بين البلدين. كما تُمثل اختبارًا جيو سياسيًا لحكومة الرئيس " لولا".
لكن ماذا تعني إدانة بولسونارو لليمين المتطرف في البرازيل؟ قالت الخبيرة السياسية إيزابيلا خليل،: "الحكم لن يعني انسحابهم من الساحة السياسية، لكن يحصر نطاق عملهم داخل مؤسسات محدودة". بدون زعيمهم الأهم، يُهدد التفكك المعسكر الفاشي الجديد. لقد بدأ التنافس على الترشح لانتخابات 2026. يُعتبر حاكم ساو باولو، تارسيسيو دي فريتاس، مرشحًا واعدًا. مع ذلك، يعتبره العديد من أشد مؤيدي بولسونارو تطرفًا. كما يُروّج لأبناء بولسونارو وزوجته كبدائل، لكنهم متورطون في تحقيقات وفضائح فساد.
**********************************************
الصفحة السابعة
إرث صناعي مهدد بالزوال الكاظمية ترفض بيع معمل {فتاح باشا} عبر المساطحة
بغداد – طريق الشعب
أثار قرار وزارة الصناعة عرض معملي الصوفية والسجاد اليدوي في الكاظمية (المعروف سابقًا بمعمل فتاح باشا) للمساطحة، ردود فعل رافضة من أهالي المدينة والمناطق المجاورة، الذين اعتبروا الخطوة مساسًا بأحد أهم معالم الكاظمية الصناعية والتاريخية. ويأتي القرار استنادًا إلى كتاب رئاسة مجلس الوزراء، الذي أعلنت الوزارة عن تنفيذه في شباط الماضي، عارضة المساطحة بمبلغ يناهز تسعة مليارات ونصف المليار دينار.
الناشط باسم المنذري، من أهالي المنطقة، أوضح لـ"طريق الشعب" أن المعمل كان يُعد الأول في العراق ضمن صناعة النسيج، حيث كان يعمل بثلاث وجبات يوميًا، ويضم أكثر من 700 عامل، قبل أن تتراجع أعداد العاملين اليوم إلى 65 عاملاً من كبار السن فقط، دون تجديد في الأيدي العاملة، ما يُعَدّه الأهالي محاولة متعمدة لإعلان المعمل خاسرًا.
وأضاف المنذري أن الوزارة ما تزال تروّج لمنتجات المعمل عبر صفحاتها الرسمية، مما يؤكد قابليته على الإنتاج والاستمرار. وتابع قائلًا: "المعمل يمتد على مساحة 15 دونمًا، وتخطط الجهات الرسمية لإزالته وتحويله إلى حدائق ومشاريع ترفيهية، رغم أن الكاظمية تضم أصلًا متنزهات كبيرة مثل متنزه الجوادين وأرض الشعبة الخامسة".
وبحسب الأهالي، فقد جرى تشكيل لجنة شعبية ضمّت عددًا من الشخصيات، قامت بجمع مئات التواقيع ورفعها إلى الجهات المعنية، فضلًا عن زيارات شملت رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، الذي وعد بتحويل الملف إلى النزاهة، وكذلك زيارة مديري معملي الصوفية والسجاد، والمدير العام للشركة العامة للصناعات النسيجية والجلود، وعقد ندوة جماهيرية في مكتبة الكاظمية العامة، حضرها النائب معين الكاظمي وشخصيات اجتماعية وصناعية، أُلقي خلالها بيان جماهيري باسم الأهالي جاء فيه:
"نحن أهالي الكاظمية نعلن رفضنا القاطع لبيع معمل فتاح باشا وتحويله إلى المساطحة. نطالب بإعادة تأهيل المعمل وتشغيله بما يعزز الصناعة الوطنية ويوفر فرص عمل للشباب. نؤكد على ضرورة إشراك المجتمع المحلي في أي قرار يخص مستقبل مدينتنا، ونطالب بإيقاف إجراءات المساطحة فورًا، فالكاظمية ليست للبيع".
وأشار المنذري إلى أن أمانة بغداد قدّمت المشروع مع المخططات ضمن حملة تطوير المدينة التي أطلقها رئيس الوزراء، ووافق عليه مجلس الوزراء، لكنه لم يحظَ بأي تقدم في المزايدة بسبب القيمة التقديرية المرتفعة للإيجار، ما دفع الوزارة لإعادة طرحه بعد تخفيض القيمة بنسبة 10 بالمئة.
ورغم المطالبات المتكررة بتطوير شركات ومعامل وزارة الصناعة، تؤكد الوزارة في كتاب صدر عنها مؤخرًا على تصفية الشركات "الخاسرة"، وهو ما يثير قلق الأهالي والناشطين بشأن مستقبل المعمل.
هذا، وقد قام وفد من الأهالي والحزب الشيوعي العراقي ونقابات العمال بزيارة المرجع الديني السيد حسين الصدر، الذي أعلن بدوره دعمه لمطالبهم، إضافة إلى إجراء لقاءات مماثلة مع شخصيات دينية واجتماعية، فيما لوّح الأهالي بتنظيم وقفات احتجاجية سلمية أمام المعمل في حال تجاهل مطالبهم.
**************************************
رغم امتيازات قانون التقاعد عمال القطاع الخاص يشتكون من صعوبة الشمول بالضمان الاجتماعي
بغداد – طريق الشعب
رغم دخول قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال حيز التنفيذ في عام 2023، يواجه كثير من عمال القطاع الخاص صعوبات فعلية في الشمول بالضمان الاجتماعي، ما يحد من استفادتهم من الامتيازات التي يوفرها القانون.
"المشكلة ليست في القانون نفسه، بل في أن الكثير من أرباب العمل يرفضون تسجيلنا في الضمان الاجتماعي لتفادي دفع المستحقات المالية التي فرضها القانون لصندوق الضمان"، بهذه الكلمات يُلخّص عبد الله الزهراوي، أحد عمال القطاع الخاص، شكواه، موضحًا الصعوبات التي يواجهها العمال في الحصول على حقوقهم رغم وجود قانون التقاعد والضمان الاجتماعي.
من جهتها، أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وعلى لسان المتحدث باسمها حسن خوام، أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة 2023 يمنح العاملين في القطاع الخاص امتيازات تضاهي حقوق موظفي القطاع الحكومي. وأوضح خوام أن القانون سمح لأول مرة للعاملين لحسابهم الخاص بالتسجيل في الضمان الاجتماعي عبر فرع "الضمان الاختياري"، وتشمل الاشتراكات الشهرية 15 فئة تبدأ من 17,500 دينار وتصل إلى 87,500 دينار، مع إمكانية الحصول على راتب تقاعدي عند بلوغ السن القانونية (63 عامًا) وبخدمة لا تقل عن 15 سنة مدفوعة الاشتراكات.
وأضاف أن الوزارة أطلقت منصة "ضمان" الإلكترونية لتسهيل إجراءات التسجيل ودفع الاشتراكات، بحيث يمكن للمشتركين دفعها إلكترونيًا عبر بطاقة "ماستر كارد" دون الحاجة لمراجعة الدوائر، مؤكدًا على أن القانون يمنح العاملين امتيازات متساوية مع موظفي الدولة.
وفيما يخص ذوي الإعاقة، بيّن خوام أن قانون رقم (38) لسنة 2013، المعدل في 2024، نص على زيادة الراتب المخصص للأشخاص ذوي الإعاقة بنسبة عجز 75 بالمئة ليصبح 250 ألف دينار بدلًا من 170 ألف دينار، إلا أن المستفيدين ما زالوا يتقاضون 170 ألف دينار لحين توفير التخصيصات المالية والتصويت على جداول الموازنة.
وأشار المتحدث إلى مزايا إضافية لذوي الإعاقة، تشمل تخفيض 50 بالمئة على تذاكر السفر للشخص المعاق ولمرافقه مرتين في السنة، واستيراد سيارات معفاة من الرسوم الجمركية، وتخصيص نسبة من الوظائف الحكومية والقطاع الخاص، فضلًا عن تخصيص 5 بالمئة من الأراضي السكنية عند توزيعها.
********************************************
{نشتغل بلا ضمان} عمال المنصات يواجهون الاستغلال
حوراء فاروق
داخل أحد شوارع بغداد، يتحدث حسين علي، سائق توصيل يعمل عبر تطبيق رقمي منذ عامين، قائلًا: "أحيانًا أظل أعمل لعشر ساعات على الدراجة حتى أوفر قوت يومي، وإذا مرضت أو تعبت، لن أجد من يسأل عني. فنحن نعمل بلا ضمان ولا راتب ثابت".
تصريحات حسين تجسّد واقع آلاف الشباب الذين امتهنوا العمل عبر المنصات الرقمية، سواء في خدمات التوصيل أو النقل أو التسوق الإلكتروني. ورغم أن هذه التطبيقات وفرت فرص عمل واسعة نسبيًا للشباب، إلا أن العاملين فيها يواجهون تحديات يومية تتعلق بالاستقرار، والدخل، والحماية الاجتماعية.
دخل غير ثابت
أحمد جاسم، وهو عامل توصيل آخر، يقول إن دخله يتوقف على عدد الطلبات اليومية: "بعض الأيام أحصل على دخل معقول، وفي أيام أخرى لا أحصل إلا على طلب أو طلبين. المشكلة الأكبر أن الشركة تقتطع نسبة كبيرة من كل طلب، فيما نتحمل نحن مصاريف البنزين وتصليح الدراجات".
ويشير أحمد إلى أن غياب الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور يجعل كثيرًا من زملائه يضطرون للعمل لساعات طويلة تتجاوز 12 ساعة يوميًا. ويضيف: "حتى إذا اشتغلنا ليلًا ونهارًا، لن يبقى من الدخل ما يكفي لدفع إيجار البيت ومصاريف العائلة بالكامل".
مخاطر الطريق
يشير عمال التوصيل إلى أن طبيعة عملهم اليومية تعرضهم لمخاطر كبيرة على الطرقات، حيث يعملون في شوارع مزدحمة تفتقر إلى البُنى التحتية المناسبة، مثل ممرات الدراجات أو إشارات المرور الفاعلة.
سائق التوصيل مصطفى خالد يروي تجربته قائلًا: "أكثر من مرة تعرضت لحوادث بسبب الزحام أو رداءة الشوارع، وأحيانًا الزبائن يضغطون علينا للإسراع في إيصال الطلب. نحن نفتقر إلى التأمين الصحي، وأيضًا نفتقر إلى التدريب على متطلبات السلامة".
ويضيف مصطفى أن غياب التزام الشركات بتوفير أدوات أمان، كالخوذ والسترات العاكسة، يزيد من المخاطر: "نشتغل بدراجات رخيصة أو قديمة، وأحيانًا في الليل، حيث لا توجد إنارة كافية في الشوارع. أي إن حياتنا على المحك كل يوم".
غياب الحماية النقابية
جانب آخر يزيد من هشاشة عمال المنصات، هو ضعف التنظيم النقابي الذي يمثلهم. علي كريم، عامل في إحدى شركات النقل الرقمي، يوضح ذلك قائلًا: "الشركة تعتبرنا شركاء ولسنا موظفين، وهذا يعني أننا بلا حقوق. وإذا ما حدث خلاف أو تم إغلاق الحساب، فسنتحمل وحدنا الخسارة، فيما ليس هناك فرص للشكوى أو المطالبة بحقنا".
ويشير علي إلى أن بعض محاولات الشباب لتأسيس تجمع نقابي لم تكتمل بسبب غياب الدعم الرسمي: "فكل واحد يشتغل لوحده، بدون تواصل جماعي بيننا، ولهذا تستغل الشركات الوضع وتفرض شروطها".
هذا الضعف يُفقد عمال المنصات القدرة على التفاوض الجماعي بشأن نسب الاقتطاع، أو المطالبة بتأمين صحي وضمان اجتماعي، أو حتى الاعتراض على القرارات التعسفية، مثل إغلاق الحسابات.
ضغوط نفسية واجتماعية
ولا تقتصر الضغوط على الجانب الاقتصادي أو ضعف الحماية النقابية، بل تمتد إلى الجوانب الاجتماعية والنفسية. سارة عبد الله، طالبة جامعية تعمل عبر تطبيق لتوصيل الوجبات، تقول: "أرجع للبيت متأخرة وأكون مرهقة جدًا. طبيعة العمل ليست سهلة، وتحتاج إلى جهد كبير. أحيانًا أفكر في ترك العمل، لكني لا أجد بديلًا".
وتضيف أن أغلب زملائها ينظرون إلى عملهم في المنصات كحل مؤقت، لكن هذا "المؤقت" يستمر لسنوات بسبب قلة فرص التوظيف في مؤسسات الدولة أو القطاع الخاص.
في المقابل، يظل مستقبل عمال المنصات في البلاد غامضًا ما لم يتم الاعتراف بهم كفئة عمل رسمية. وبينما يستمر الشباب في اللجوء إلى هذه التطبيقات بحثًا عن مصدر رزق، يظل ضعف التنظيم النقابي والقانوني سببًا في بقاء أوضاعهم هشّة.
كما يوضح مصطفى خالد: "المنصات تكبر وتربح، ويبقى العامل هو الحلقة الأضعف، ولهذا لا بد أن تتدخل الحكومة وتنظم العمل وتساعدنا على إنشاء نقابة، قبل أن نصبح جيشًا من العمال بلا ضمان ولا حقوق".
*****************************************
لحظة عمالية.. حقوق العمال بين القانون والواقع
نورس حسن
أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مؤخرًا عن إحالة (4033) مشروعًا مخالفًا إلى المحاكم، بهدف ضمان تطبيق القوانين وحماية حقوق العاملين. وهي خطوة تبدو مهمة على الورق، لكنها تفتح تساؤلات أساسية حول مصير آلاف العمال الذين يعملون في هذه المشاريع، وما إذا كانت ستُعيد إليهم حقوقهم فعلًا بعد الإحالات القضائية.
الواقع أن الكثير من العاملين في المشاريع المخالفة يعيشون حالة من الانعدام شبه التام للحقوق، بدءًا من الرواتب التي لا تتناسب حتى مع الحد الأدنى للأجور (350 ألف دينار شهريًا)، وانتهاءً بالغياب التام للضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي. هؤلاء العمال غالبًا ما يجدون أنفسهم في مواجهة صمت مؤسساتي طويل، بينما تتحرك الجهات الحكومية فقط عند الإعلان عن الإجراءات الكبرى، مثل إحالة المشاريع إلى القضاء.
إحالة المشاريع المخالفة خطوة إيجابية، لكنها لا تضمن حقوق العمال تلقائيًا. السؤال الأهم هنا: هل ستعمل المحاكم على إعادة حقوقهم المالية، وتأمين بيئة عمل مستقرة لهم، أم سيبقى مصيرهم معلّقًا بين أوراق التقاضي وإجراءات بيروقراطية قد تمتد لسنوات؟ فبدون آليات حماية مؤقتة تضمن استمرار دفع الرواتب والحفاظ على الوظائف أثناء فترة التقاضي، يبقى العامل هو الخاسر الأكبر.
الوزارة مطالبة اليوم بأكثر من مجرد إعلان، فهي أمام مسؤولية حقيقية لضمان متابعة قضايا العمال بشكل مباشر، وإيجاد آليات لتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها بسبب مخالفة أصحاب المشاريع للقوانين. كذلك، يجب أن يشمل أي قرار قضائي إلزام أصحاب المشاريع بإصلاح أوضاع العاملين قبل مغادرتهم المكان أو تصفية النشاط، لأن القانون لا يجب أن يبقى حبرًا على ورق.
إن حماية حقوق العمال هي المقياس الحقيقي لنجاح أي إجراء حكومي في سوق العمل، والإحالات القضائية لن تحقق ذلك وحدها. يجب أن تتحول الإجراءات من شكلية إلى فعلية، مع إشراك النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، لضمان ألا يكون العاملون ضحية مرة أخرى، وأن تعود إليهم حقوقهم كاملة، بما في ذلك الرواتب المتأخرة، والتأمينات، والضمان الاجتماعي، وبيئة العمل اللائقة.
************************************************
عمال البناء يواجهون الموت في غياب مستلزمات السلامة
بغداد - طريق الشعب
يواصل عمال البناء العمل في ظروف يصفونها بـ"الخطرة والمجحفة"، بسبب غياب متطلبات السلامة داخل مواقع المشاريع، ما يجعل حياتهم مهددة بشكل يومي.
يقول حسن، عامل بناء في أحد مشاريع السكن بالعاصمة: "نشتغل على ارتفاعات عالية من دون خوذ ولا أحزمة أمان. أحياناً نربط حبال عادية بأيدينا حتى لا نسقط، وإذا ما وقع حادث، فلا أحد يهتم بنا"، مضيفًا أن زملاءه فقدوا حياتهم نتيجة سقوطهم من الطوابق المرتفعة.
من جانبه، يشير العامل محمد العبودي إلى أن التجهيزات الأساسية غائبة تمامًا: "نشتغل بمواد إسمنت وحديد وبلا قفازات. نتعرض لجروح وحروق، وإذا حدثت إصابة بسيطة نتحملها ونرجع للعمل، لأن غيابنا ليوم واحد يعني خسارة قوت عوائلنا"، مبينًا أن صاحب المشروع لا يوفر أي تعويضات عند وقوع الحوادث.
أما العامل مهيمن علي، فيؤكد أن غياب الرقابة الحكومية فاقم من معاناتهم: "ليس هناك من يتابع أو يفتش على السلامة. كل شيء بعهدة المقاول، الذي لا يهتم إلا بإكمال المشروع بسرعة. نحن نشتغل ونتحمل الخطر، وإذا تعرضنا لمصيبة لن يذكرنا أحد حتى ولا بكلمة"، موضحًا أن بعض العمال أصيبوا بعاهات مستديمة ولم يحصلوا على أي دعم.
ويكشف العامل سعد إبراهيم عن حجم المخاطر التي يواجهونها يوميًا: "أكثر من مرة حدثت انهيارات في الطابق العلوي أثناء العمل، فركضنا كي ننجو، فليس لدينا أدوات تحمينا من الغبار ولا من سقوط الطابوق والإسمنت. حياتنا رخيصة أمام كلفة شراء معدات السلامة".
العامل فاضل جلال، وهو معيل لأسرة من خمسة أفراد، يعبر عما يشعر به أغلب العمال من الخوف من الغد، فيقول: "أشتغل بالأجر اليومي، وإذا تعبت أو وقعت لي إصابة، يتم طردي من الموقع، فليس عندي عقد، وبالتالي لا ضمان ولا تأمين، وحتى إذا متُّ فلا أحد يذكر اسمي، وتبقى عائلتي وحدها بلا معيل".
ويجمع العمال على أن مواقع البناء تحولت إلى بيئة خطرة، لا توفر لهم سوى الأجور البسيطة مقابل جهد شاق محفوف بالموت، بينما تبقى متطلبات السلامة غائبة في ظل تجاهل مستمر من أصحاب المشاريع والجهات المسؤولة.
********************************************
الصفحة الثامنة
استقبلوهم بحرارة وأشادوا بدور حزبهم الشيوعيون يطرقون أبواب المواطنين في مدينة الثورة وأحياء أور والأمين والصالحية
بغداد – طريق الشعب
أطلقت منظمات الحزب الشيوعي العراقي في بغداد، حملة لطرق أبواب المواطنين في محافظة بغداد، للتعريف بسياسة الحزب ومواقفه الوطنية وتاريخه المجيد، وكذلك لحث المواطنين على المشاركة الواسعة في الانتخابات، والمساهمة في عملية التغيير المنشودة في انتخاب القوى التي تحمل مشروعاً للتغيير.
منطقة الأمين تفتح أبوابها للحزب
نظم أعضاء من محلية الرصافة الثانية للحزب الشيوعي العراقي فعالية طرق أبواب المواطنين في منطقة الأمين، بمشاركة الرفيق بسام محي نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب.
وتوزع الرفاق على فريقين، وقاموا بطرق أبواب المواطنين، للتعريف بمواقف الحزب السياسية وتاريخه الحافل بالعطاء والتضحيات.
واستقبل أهالي المنطقة هذه الفعالية بترحيب كبير، وعبروا عن اعتزازهم بها، وأكدد عدد منهم على أهمية المشاركة في الانتخابات واختيار البديل الذي يضمن العدالة والمواطنة.
رفاق الثورة يطرقون أبوابها
شكل عدد من الشيوعيين في مدينة الثورة/ الصدر فريقين لطرق أبواب المواطنين في قطاع 55، يوم الاثنين 15 أيلول الجاري، بمشاركة الرفيق عزت أبو التمن عضو المكتب السياسي للحزب في الفعالية، ووزعوا خلالها مطوية للتعريف بمواقف الحزب السياسية وتاريخه العريق، فضلاً عن كارت تعريفي باسم الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية، وقاموا بحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات.
من جانبهم استقبل مواطنو القطاع الشيوعيين بحرارة، وعبروا عن اعتزاهم بالشيوعيين وحزبهم، وأكد عدد منهم عن تضامنه مع الحزب ونشاطه، فيما عبر آخرون عن دعمهم للحزب وحملته الانتخابية المقبلة.
وفعالية أخرى في حي أور
ويوم الثلاثاء 16-9-2025 نظم عدد من شيوعيي محلية الرصافة الثالثة، حملة طرق الأبواب في منطقة حي أور، لتشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات والتعريف بسياسة الحزب ومواقفه، وكذلك كارت تعريفي يحتوي على وسائل الاتصال بالرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية.
وتوزع أعضاء المحلية في مجموعتين متمثلة بهيئة الشهيد أبو فرات وهيئة الشهيد سعدون وطرقوا أبواب أزقة منطقة صباح الخياط في حي أور، حيث تفاعل المواطنون بإيجابية مع هذه الفعالية، وعبرت النسبة الأكبر منهم عن رغبتها بالمشاركة في الانتخابات.
وفي الكريمات وحسون أغا وعلاوي الحلة
وشكلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الصالحية والمنصور يوم الثلاثاء 16-9-2025، فرقة جوالة في مناطق الكريمات وحسون أغا وعلاوي الحلة في الصالحية ووزعوا فيها أعدادا كبيرة من الفولدرات التعريفية بحزبنا إضافة إلى الكارت التعريفي الخاص بالرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على المواطنين وأصحاب المحلات العامة وورش النجارة والصناعة في المناطق المذكورة.
*********************************************
شيوعيو نينوى يزورون النصير هاشم العناز
الموصل – طريق الشعب
زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في نينوى، أول أمس الأحد، الشخصية الانصارية الرفيق هاشم العناز (أبو جاسم) في منزله، من أجل الاطمئنان على صحته بعد خضوعه لعملية جراحية.
والرفيق أبو جاسم كان مدافعا صلبا عن مبادئ الحزب. حيث التحق بصفوفه منذ خمسينيات القرن الماضي. وساهم مساهمة فاعلة في القاعدة الأنصارية الأولى في جبال كردستان، بقيادة القائد توما توماس.
وحمل الوفد إلى الرفيق تحيات رفاقه وتمنياتهم له بالصحة والسلامة الدائمة. فيما أعرب هو من جانبه عن تحياته لرفاقه، مؤكدا انه "باق على العهد".
ضم الوفد الرفيقين أبو براق وابو سلام وصديقهما أبو سمير.
****************************************
رابطة المرأة العراقية في المؤتمر العربي للمرأة
القاهرة – طريق الشعب
شاركت د. خيال الجواهري، عضو سكرتارية رابطة المرأة العراقية، في أعمال المؤتمر العربي العاشر للمرأة، الذي عقد السبت 13 أيلول الجاري في القاهرة، بعنوان "منهجية المرأة في بناء الأوطان"، وتحت شعار "المرأة العربية صانعة الإنجازات".
وسلط المؤتمر الضوء على دور المرأة العربية في بناء المجتمعات والأوطان، بمشاركة عدد من الشخصيات البارزة من مختلف المجالات.
وتقديرا لمشاركتها المتميزة، جرى تكريم د. خيال الجواهري بـ جائزة ولوح المؤتمر.
*****************************************
شيوعيو الرصافة الأولى يتفقدون الرفيق جبار الفتلي
بغداد – طريق الشعب
زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الأولى الرفيق جبار الفتلي (ابو أوراس) في منزله، للاطمئنان على صحته.
وتمنى الوفد للرفيق الصحة والسلامة. فيما تبرّع هو من جانبه بمبلغ مليون دينار لنشاط اتحاد الشبيبة الديمقراطي في فعالية "الزعفرانية تقرأ"، المُقررة إقامتها يوم الجمعة 26 أيلول الجاري في منطقة الزعفرانية.
ولا يدخر الرفيق الفتلي وسعا في دعم الحزب ونشاطاته. حيث سبق أن تبرع بسخاء لبناء مقر الحزب.
******************************************
شيوعيو الكوت يزورون عائلة الشهيد علي نجم اللامي
الكوت - علي جبار العزاوي
تزامنا مع قرب حلول ذكرى انتفاضة تشرين المجيدة، زار وفد من اللجنة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في الكوت عائلة شهيد الانتفاضة الرفيق علي نجم اللامي.
واستقبل نجل الشهيد، محمد، الوفد الزائر. وتبادل معه الحديث حول دور والده في ساحات الاحتجاج، حتى قبل انطلاق انتفاضة تشرين.
كما دار الحديث بين الطرفين حول اوضاع الاحتجاج في المحافظة والبلاد بشكل عام، ومواصلة عائلة الشهيد السير على نهج والدها الذي ضحى بنفسه في سبيل وطنه وشعبه.
وفي الختام، قدم الرفيق عبد الزهرة خضير لوحة تحمل صورة الشهيد اللامي، إلى نجله، مهداة من اللجنة الاساسية.
ضم الوفد إضافة إلى الرفيق خضير، الرفاق علي العزاوي واسماعيل جميل وعلي محسن وستار كاظم.
وزاروا الرفيق بدر عبد الحسين
في السياق، زار شيوعيو الكوت الرفيق بدر عبد الحسين (أبو ضياء) في منزله وسط المدينة، للاطمئنان عليه بعد تعرضه لظرف صحي صعب. وتمنى الرفاق للرفيق أبو ضياء الصحة والعافية. وتبادلوا معه الحديث حول مواقف الحزب واستعداداته للانتخابات المقبلة.
ضم الوفد كلا من الرفاق علي العزاوي، سفاح بدر، علي حسين حمد وظاهر وادي.
***********************************************
الصفحة التاسعة
إصابة يامال تصدم برشلونة وتؤجل عودته للملاعب
برشلونة ـ وكالات
تلقى نادي برشلونة ضربة موجعة بعد تأكد غياب جناحه الشاب لامين يامال لفترة أطول مما كان متوقعًا، نتيجة إصابة في منطقة العانة تواصل حرمانه من المشاركة مع الفريق.
وذكرت صحيفة موندو ديبورتيفو الإسبانية أن اللاعب البالغ من العمر 18 عامًا لن يكون حاضرًا في مواجهة نيوكاسل غدًا، ضمن افتتاح مشوار برشلونة في دوري أبطال أوروبا، كما سيغيب أيضًا عن مباراتي خيتافي وريال أوفييدو في الدوري الإسباني.
وأوضحت الصحيفة أن السيناريو الأكثر ترجيحًا يتمثل في عودة محدودة ليامال خلال مواجهة ريال سوسيداد، بينما يركز النادي على تجهيزه بشكل كامل قبل القمة الأوروبية أمام باريس سان جيرمان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول. وتعود بداية إصابة يامال إلى مباراة ليفانتي في 23 أغسطس/آب الماضي، قبل أن تتفاقم بعد مواجهة رايو فاليكانو، لتتجدد مع منتخب إسبانيا خلال تصفيات المونديال، حيث اضطر للتوقف رغم مشاركته لأكثر من 70 دقيقة في الانتصار العريض على تركيا (6-0).
******************************************
غاز الشمال يتوّج بلقب بطولة أندية العراق للسيدات بكرة السلة
بغداد ـ طريق الشعب
توج فريق غاز الشمال بلقب بطولة الأندية العراقية للسيدات بكرة السلة، عقب فوزه الكبير على فريق أكاد عينكاوة في المباراة النهائية بنتيجة 83–38، ليؤكد أحقيته باللقب بعد سلسلة من العروض المميزة.
وحل فريق سيدات دربندخان في المركز الثالث إثر تغلبه على فريق سيدات الصناعات الحربية بنتيجة 73–30، فيما كان فريق غاز الشمال قد حجز مقعده في المباراة النهائية بجدارة، بعد فوز ساحق على سيدات الصناعات الحربية بنتيجة عريضة بلغت 103–23.
مواهب واعدة ومستقبل مشرق
وفي تعليقه على ختام البطولة، أكد رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، عقيل مفتن، أن المنافسات أظهرت وجوهاً شابة وطاقات نسوية تستحق الاهتمام والرعاية. وقال مفتن في بيان إن "البطولة الأخيرة كشفت عن مواهب واعدة قادرة على رسم مستقبل مشرق لكرة السلة النسوية في العراق"، مشدداً على "أهمية تبني رؤية استراتيجية شاملة، تتضمن برامج تطويرية متكاملة للارتقاء بمستوى اللاعبات وصقل مهاراتهن على مختلف الأصعدة".
دعوة إلى دعم الرياضة النسوية
وأضاف مفتن أن "المرحلة الراهنة تستوجب مزيداً من الدعم والرعاية للرياضة النسوية، سواء عبر توفير معسكرات تدريبية داخلية وخارجية، أو من خلال رفدها بكوادر تدريبية مؤهلة قادرة على بناء جيل منافس".
وبذلك تكون بطولة أندية العراق للسيدات بكرة السلة قد رسخت مكانتها كإحدى أبرز البطولات المحلية في إبراز الإمكانيات النسوية الواعدة، وسط دعوات متزايدة لتوسيع دائرة الاهتمام باللعبة وتوفير كل ما يلزم لتطويرها على المستويين الفني والتنظيمي.
*******************************************
انطلاق الجولة الآسيوية لرابطة محترفي التنس ببطولتين في الصين
بكين ـ وكالات
انطلقت أمس الأربعاء منافسات الجولة الآسيوية لرابطة محترفي التنس، بإقامة بطولتين من فئة 250 في الصين، حيث يستعد نخبة من نجوم اللعبة لخوض مواجهات قوية على طريق حسم بطاقات التأهل إلى البطولة الختامية. يتصدر الإيطالي لورينزو موسيتي، المصنف التاسع عالميًا، قائمة المشاركين في بطولة شينجدو المفتوحة، حيث يعود للمرة الثالثة تواليًا، بعد أن بلغ نصف النهائي عام 2023 والنهائي في نسخة 2024. ويسعى اللاعب الشاب (23 عامًا) إلى حصد لقبه الثالث في بطولات رابطة المحترفين وتعزيز حظوظه في التأهل للبطولة الختامية، إذ يحتل حاليًا المركز الثامن في سباق التأهل. ويعود الأنظار أيضًا إلى النجم الصيني شانج جونشينج، حامل لقب البطولة، الذي صنع التاريخ العام الماضي كأول لاعب صيني يتوج بلقب في جولات رابطة المحترفين على أرضه. ورغم معاناته من إصابات متكررة هذا الموسم، يفتتح مشواره بمواجهة زيزو بيرجس في الدور الأول. كما يخوض الأرجنتيني لوسيانو دارديري، المصنف الثاني في البطولة (30 عالميًا)، المنافسات بعد تألقه في بطولة أمريكا المفتوحة، فيما يشارك اللاعب من هونغ كونغ كولمان وونج ببطاقة دعوة في ظهوره الأول في شينجدو. وعلى صعيد اللاعبين الشباب، يدخل الكرواتي دينو بريزميتش المنافسات بصفته رابع المتأهلين في سباق بطولة الجيل الواعد المقررة في جدة. أما في بطولة هانجتشو المفتوحة، فيتصدر الروسي أندري روبليف (27 عامًا) قائمة المصنفين الأوائل، وهو يسعى لتحقيق دفعة قوية في نهاية الموسم لضمان مشاركته السادسة تواليًا في البطولة الختامية، حيث يحتل المركز 11 في السباق بفارق 660 نقطة عن مراكز التأهل. ويبحث مواطنه دانييل ميدفيديف، المصنف الأول عالميًا سابقًا، عن استعادة مستواه بعد سلسلة نتائج متذبذبة منذ وصوله إلى نهائي بطولة هاله في حزيران الماضي، إذ يطمح للتتويج بلقبه الـ 21 على مستوى الجولة، وقد يواجه في بدايته حامل لقب هانجتشو، الكرواتي مارين سيليتش. وسيكون للجمهور الصيني نصيب من الحضور المحلي، مع مشاركة زهانج زهيزهين ببطاقة دعوة بعد غياب طويل منذ بطولة إنديان ويلز، إضافة إلى وو ييبينج، ابن مدينة هانجتشو، الذي يلتقي المصنف السادس أدريان مانارينو في أول أدواره. كما يدخل الكازاخي ألكسندر بوبليك، المصنف الثالث، البطولة وهو في أفضل حالاته بعد فوزه بـ 11 من آخر 12 مباراة، إلى جانب النجم الواعد ليرنر تين (19 عامًا)، الذي يخوض أول بطولة له في جولات رابطة المحترفين في الصين.وبهذا، تنطلق الجولة الآسيوية برهانات قوية في كل من سينجدون وانتشو، وسط ترقب لعروض النجوم الكبار وبروز وجوه شابة قد تشكل مستقبل التنس العالمي.
******************************************
وجهة نظر.. ترديد كلمة {البعث} في ملاعبنا!
أسعد الدلفي
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الأندية الكبيرة ضد نادي الزوراء، وانتشرت بين الجماهير غير الواعية، وقلّدهم بعض جماهير الأندية الأخرى عند مقابلة الزوراء. وهي ظاهرة تقوم على مهاجمة جمهور الزوراء، صاحب القاعدة الجماهيرية الأوسع في العراق، من خلال ترديد شعارات تطعن بهم عبر الصراخ بكلمة "بعثية". مع أنهم، من حيث لا يدرون، يروّجون لحزب البعث في العراق، وهو أمر لا يسعد إلا قلب العفالقة وبقايا البعث، حين يسمعون جمهوراً رياضياً يردد اسم حزبهم في الملاعب. وتنقل المباريات قنوات محلية وعربية بشكل مباشر، فينتشر اسم البعث ويدخل بيوت العراقيين من دون استئذان، نتيجة لفعل هذه الجماهير وترديدها بجد واجتهاد لاسم البعث!
والحقيقة أن على النخب والمؤسسات الرياضية والمدنية والإعلامية أن تقف وقفة صارمة ضد هذه الظاهرة المعيبة، والخالية من أي قيم أو أخلاق، خصوصاً أن كل شيء حالياً يُصوَّر بالكاميرات، وهم بذلك يروّجون لحزب البعث الكافر.
عندما يموت الضمير
إن التنافس بين الأندية يجب أن يكون داخل الملعب، ومن المعيب جداً أن تتجاوز فئة من جمهور أحد الأندية الكبيرة على جمهور الزوراء بنعتهم بالبعثية. فمن لا يعرف من هم البعثيون؟ إنهم المجرمون القتلة، السراق السفلة، الذين دمّروا العراق خلال فترة حكم النظام السابق، والذين انتهكوا أعراض الناس، وتسببوا بالحروب ضد الجيران. فهل يُعقل أن يتم اتهام أحد بأنه بعثي لمجرد أنه يشجع الزوراء، وهو نادٍ عريق بل زعيم الأندية العراقية؟ لكن بغضاً وحقداً يتم تلفيق التهم.
ومن جانب آخر، فإن إطلاق هذه الهتافات في الملاعب الرياضية يمكن اعتباره ترويجاً لحزب البعث المحظور.
لذلك على الأندية، وخصوصاً صاحبة الجماهيرية الكبيرة، أن توعي جمهورها بمخاطر لعب هذا الدور الدنيء جداً. ولنترك التنافس داخل المستطيل الأخضر، وليشجع كل شخص بضمير من دون الإساءة إلى الآخرين، فمن يسيء إنما يعكس نمط تربيته، وهذا أولاً معيب بحقه.
حقيقة يجب أن يعرفها الصغار
في زمن نظام البعث الكافر، كانت جميع الأندية بقيادة بعثية، فلم يكن هناك نادٍ عراقي معارض للنظام، ولا رئيس نادٍ مستقل يعارض صدام أو عدي. وكان ذلك أمراً واقعاً نتيجة سطوة البعث على البلد، فكل الأندية كانت بيد البعث وهو من يديرها. لذلك من المعيب اليوم أن تأتي مجموعة من المشجعين وتردد بحق نادي الزوراء أنه "بعثي". فهل يسعون لتزكية أنديتهم؟ أم أنهم كانوا ضحية كذبة صدّقوها من دون معرفة الحقيقة؟ هل هناك من أخبرهم أن أنديتهم كانت تعارض نظام البعث؟ هل كان مزاحم صعب معارضاً للنظام؟ أو مصطفى جمال، زوج حلا، معارضاً للنظام؟ أو أيمن السبعاوي معارضاً للنظام؟ بل إنهم رموز في سلطة صدام. أخيراً، يجب علينا كعراقيين أن نحترم بعضنا بعضاً، فالأهم هو حفظ الكرامة وعدم التجاوز أو الإساءة إلى الآخرين، أو تخوينهم واتهامهم بالبعثية فقط لأنهم منافسون على البطولات. والقضية الأخطر أن ترديد كلمة "البعث" في الملاعب يُعدّ ترويجاً لحزب البعث المحظور المجرم. فهل من المنطق أن نروّج لحزب البعث لمجرد الإساءة إلى نادي الزوراء؟
**********************************************
وقفة رياضية.. الرياضة المدرسية رعايتها والاهتمام بها
منعم جابر
في مطلع العام الدراسي الجديد، يسرّنا أن نتحدث عن الرياضة المدرسية وأهميتها في حياة التلاميذ وأثرها في مسيرتهم. فقد أولت البلدان المتقدمة والراقية النشاط الرياضي المدرسي دوراً متميزاً، ولا سيما في المراحل الدراسية المبكرة، حيث ينتقل الطفل من اللعب والحركة إلى حياة الجد والتعلّم. لذا نجد أن معلم التربية الرياضية هو الصديق الأول للتلميذ في مراحله الدراسية الأولى.
وعن طريق معلمي ومدرسي التربية الرياضية نكتشف المواهب والقابليات الرياضية عند الطلبة، لتبدأ من هنا الخطوة الأولى في صناعة البطل الرياضي. فالمدرسة تستطيع أن تضع اللبنة الأولى للأساس الرياضي للتلميذ والطالب، وتقدمه إلى بطولات المدارس، ومن ثم تعمل على رعايته ومتابعة إنجازه وتطور مستواه، لنجد بعد ذلك منتخبات التربية تحتضنه وتقدمه بطلاً ومبدعاً.
إذن، البداية تكون من المدرسة، وبالتحديد من الساحة المدرسية، ومن دور معلم الرياضة في صقل موهبة التلميذ، وزرع الثقة فيه، وتقديمه إلى ساحات الإبداع والإنجاز. ولا يمكن للمبدع أن يتقدم الصفوف، ولصاحب الإنجازات أن يحقق أهدافه، ما لم يكن موهوباً وحريصاً على التطور والسعي لتحقيق النجاح. وهنا يبدأ الدور المهم للأندية والاتحادات الرياضية في رعاية هذه المواهب، وتوفير جميع احتياجاتها، وبذلك تتكامل حلقات العمل الرياضي، وتتحقق الأهداف الوطنية في صناعة البطل الرياضي، من خلال دعمه وتقديم الإرشاد والرعاية التدريبية له، وصولاً إلى تأهيله لتحقيق أفضل الإنجازات.
لذا، أناشد وزارة التربية أن تهتم بالجانب الرياضي، وأن تولي التلاميذ والطلبة عناية خاصة، من خلال توفير جميع مستلزمات النجاح والتطور في مجالات الإبداع الرياضي، عبر تجهيز الساحات المدرسية والعناية بها، وكذلك الاهتمام بمدرسي التربية الرياضية، وألا تُبعدهم عن طبيعة عملهم الأساسية بإلغاء درس التربية الرياضية لصالح دروس أخرى، أو بتحويلهم إلى إداريين يقتصر عملهم على مراجعة مديريات التربية لإنجاز المعاملات المدرسية أو لجلب الرواتب!
وهنا أطالب بأن يكون درس التربية الرياضية درساً منهجياً ومؤثراً، لا يقل أهمية عن بقية الدروس الأخرى، فهو درس أساسي وضروري للطلبة.
*****************************************
مخالفات تنظيمية تهدد الشرطة بعقوبات اسيوية
بغداد ـ وكالات
يواجه نادي الشرطة أزمة تنظيمية بعد مباراة فريقه أمام السد القطري في افتتاح منافسات دوري أبطال آسيا للنخبة، والتي انتهت بالتعادل (1-1) على ملعب الزوراء في بغداد يوم الاثنين الماضي. وكشفت مصادر خاصة لموقع win win أن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم رصد أربع مخالفات جوهرية خلال المباراة، تمثلت في عدم تهيئة الملعب بشكل مناسب، وغياب العلامات الخاصة بمنطقة الإحماء، إضافة إلى استخدام لوحات استبدال إلكترونية قديمة، وعدم أهلية بعض الموظفين الفنيين. وطالب الاتحاد الآسيوي النادي العراقي باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة تلك المخالفات، أبرزها إشراك مستشارين متخصصين في صيانة الملاعب وإدارة العشب لوضع خطة تصحيحية شاملة، لضمان جاهزية الملعب للمباريات المقبلة، خصوصًا المواجهة المرتقبة أمام اتحاد جدة السعودي. كما ألزم الاتحاد إدارة الشرطة بتقديم خطة عمل مفصلة في موعد أقصاه 23 أيلول الحالي، محذرًا من إمكانية فرض عقوبات صارمة قد تصل إلى حرمان الفريق من خوض مبارياته في العراق إذا لم يتم الالتزام بالمعايير المطلوبة. ويعيش النادي حالة استنفار قصوى في محاولة لتفادي العقوبات وضمان استمرار استضافة مبارياته على أرضه في البطولة الآسيوية.
********************************************
الصفحة العاشرة
الاستعلاء الأبيض والمتغربنون بيننا: دماءٌ في غزة وتحقير في بيروت
ندى حطيط
قد يبدو أن لا رابط بين جريمة دمٍ في غزة بحجم الكوكب، وبين عبارة قيلت في بيروت بحجم تحقير كامل المواصفات. لكن الحقيقة أن الرابط قائم وواضح. ما قاله باراك هو التعبير «المنمق» عن الذهنية نفسها التي تشرعن قصف الصحافيين الفلسطينيين. إهانة بالكلمة هنا، واغتيال بالرصاص هناك. في الحالتين، الرسالة واحدة: أنتم أقل، أنتم دون، أنتم لا تستحقون الاحترام ولستم جديرين بالحياة. إذا كانت كلمات باراك تعبيراً عن عنف رمزي، فإن ما فعلته إسرائيل في غزة هو الوجه الأكثر دمويةً للمنطق نفسه: اغتيال خمسة صحافيين فلسطينيين يعملون مع مؤسسات إعلامية دولية، ليس مجرد «حادث عرضي» في سياق حرب، بل هو رسالة سياسية وأخلاقية: هؤلاء لا قيمة لهم، لا كصحافيين ولا كبشر، وعليه لم نشهد موجة استنكار دولية بحجم الفاجعة، وكالعادة لم تتحرك الحكومات الغربية، كما تفعل حين يتعرض صحافي غربي للأذى. حين يُقتل صحافي غربي في أي صراع، نرى غضباً عالمياً وتحقيقات عاجلة وبيانات شديدة اللهجة. أما حين يُقتل الصحافيون الفلسطينيون، فإن الرد يراوح بين الصمت والتبرير. يقال إنهم كانوا «في مكان خطير»، أو يُلمّح إلى أنهم «مقرّبون من فصائل»، أو يُختصر خبر موتهم في جملة هامشية في وسائل الإعلام الدولية.
هذه الازدواجية ليست صدفة. إنها تعكس «سلّم أولويات» عنصري في نظر الغرب: حياة الصحافي الأبيض أهم، كلمته أثمن، دمه أثقل. أما الصحافي الشرقي، وخصوصاً الفلسطيني، فهو كائن فائض، يمكن التخلص منه من دون تكلفة سياسية تُذكر.
الجذور الأيديولوجية: عنصرية بثوب ليبرالي
من الجزائر زمن الاستعمار الفرنسي، حيث كان الصحافي المحلي يُعامل كمتعاون من الدرجة الثانية، إلى حرب العراق، حيث قُتل عشرات الإعلاميين العراقيين من دون تحقيق جدي، نرى استمراراً لنمط واحد: الصحافي غير الغربي ليس محمياً بالقيم الغربية نفسها التي يتغنى بها الخطاب الليبرالي. ما يجعل هذه الممارسات متواصلة ليس فقط مصالح السياسة، بل بنية ثقافية كاملة. في الثقافة الغربية السائدة، ثمة خيط ناظم يجمع بين عنصرية دفينة وتطرف أيديولوجي يتخفى خلف شعارات الحرية وحقوق الإنسان. الإعلام الغربي، مثلاً، يفاخر بحماية الصحافة والاستقلالية، لكنه يتردد حين يتعلق الأمر بالشرق. الدفاع عن حرية الصحافة يصبح انتقائياً، مشروطاً، موجهاً.
هذا التناقض يعود إلى إرث الاستشراق الذي ما زال يلوّن النظرة الغربية إلى الشرق. فحتى حين تُقدَّم شعارات المساواة، يبقى الشرقي محاصراً بتصورات نمطية: أنه «غير عقلاني»، أو «متطرف»، أو «غير مؤهل لممارسة الديمقراطية». هذه التصورات لا تتبخر بسهولة، بل تترسخ في مؤسسات السياسة والإعلام والتعليم، وتظهر فجأة في عبارة هنا أو رصاصة هناك.
من الرصاص إلى الكلمات: ازدواجية المعايير في دم الصحافيين
لذلك، لم يكن ما جرى في بيروت أمام شاشات التلفزيون مجرد زلة لسان في مؤتمر صحافي، بل كان مشهداً مكثفاً يلخص قروناً من الاستعلاء الغربي على الشرق. وقف توم باراك، مبعوث الرئيس الأمريكي وسمسار العقارات، أمام حشد من الصحافيين اللبنانيين، وحين واجهوه بأسئلة ضاغطة لم ترق له، لم يجد ما يقوله سوى أن يصف سلوكهم بـ»الحيواني»، وغير المتحضر. العبارة التي خرجت منه ربما بعفوية وبرود أشعلت عاصفة من النقاشات والجدل. البعض رآها إهانة فردية من رجل عديم الخلفية الدبلوماسية، والبعض الآخر عدّها دليلاً جديداً على عقلية استعمارية متأصلة ترى في شعوب المنطقة مجرد رعايا متوحشين لا يستحقون الاحترام.
هل من رابط بين واقعة بيروت واغتيال غزة؟
الرابط ليس إلاّ «النظرة البيضاء»، تلك العدسة الأيديولوجية التي ترى الشرق دائماً من موقع الدونية. إن إهانة الصحافيين في بيروت واغتيال الصحافيين في غزة وجهان لعملة واحدة: ثقافة غربية متجذرة تعتبر أن حياة وأصوات الشرقيين أقل قيمة.
لغة الاحتقار: الاستشراق في ثوبه العصري
حين وصف باراك الصحافيين اللبنانيين بـ»الحيوانيين»، لم يكن يستخدم كلمة عابرة. الكلمة نفسها تنتمي إلى معجم طويل من الصفات التي ألصقها الغرب بالشرق منذ قرون: الفوضى، الانفعال، الغريزية، العجز عن التحضر.
إدوارد سعيد، في كتابه الكلاسيكي «الاستشراق»، كشف منذ عقود كيف أن الغرب لم يرَ في الشرق سوى مرآة يعكس عليها صورته المتفوقة. الشرق، في المخيال الغربي، هو الآخر النقيض، المتخلف والمختلف جوهرياً، الذي يحتاج دائماً إلى إدارة وتوجيه وضبط.
في هذا السياق، تصبح اللغة سلاحاً. حين يصف مسؤول غربي الصحافيين اللبنانيين بـ»الحيوانية»، فهو لا يكتفي بإهانة أشخاص بعينهم، بل يستدعي تاريخاً طويلاً من التراتب العرقي والثقافي.
إنه يعيد إنتاج تلك الثنائية المريحة للذهنية الغربية: نحن المتحضرون، وأنتم البرابرة. وهذه الثنائية ليست بريئة. لأنها شرعنت الحملات الاستعمارية، وسمحت بقتل الملايين، وأتاحت للغرب أن ينهب بلادنا ويحتلها باسم «تمدين المتوحشين».
ولعل الأخطر أن مثل هذه الممارسات تجد دائماً من يبررها بين النخب العربيّة نفسها. إذ اندفع عدد من الصحافيين الذين طالتهم إهانة باراك إلى القول بأنه «لم يقصد»، أو ترداد دفاع إسرائيل عن جريمتها بالزعم بأن الصحافيين في غزة ربما «كانوا في المكان الخطأ».
إن هذه التبريرات ليست سوى آلية دفاع أيديولوجية لحماية البنية العميقة من التبعية، ولإبقاء الاستعلاء الغربي بمنأى عن المحاسبة.
أما من نهاية لهذا الاستعلاء!
إن تقاطع مشهد بيروت واغتيالات غزة إعادة تأكيد للمؤكد: فالمشكلة ليست في شخص باراك أو في حكومة الدولة العبرية وحدها، بل في ثقافة كاملة ما زالت تؤمن أن الشرق أدنى من الغرب. ثقافة تبدأ بالتصورات اللغوية والرمزية، ولا تنتهي بالقتل والاغتيال والتهميش. وهذا بالطبع لا يقدم أساساً صالحاً لبناء علاقات إيجابية تكسر الهوة التي صنعتها الأيديولوجيات المريضة بين الشرق والغرب منذ الحروب الصليبية إلى العدوان على غزة.
وإلى أن يثبت العكس، ستبقى إهانة باراك وصمت العالم على اغتيال الصحافيين الفلسطينيين تصويراً دقيقاً للوجه الحقيقي للثقافة الغربية حين تتحدث إلى الشرق، مهما برر لها المتغربنون بيننا ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"القدس العربي" – 29 آب 2025
*****************************************
«النساء العربيات والمرجعيات في ظل الرقمنة وفوضى المعلومات» حراك فكري بعيداً من الأطروحات الجاهزة
ليليان قربان عقل
في استكشاف التحديات التي تواجهها النساء العربيات في عصر الرقمنة، يحاول تجمع الباحثات اللبنانيات في كتابه التاسع عشر، نزع غطاء الهيمنة المتخفية تحت ستار الانبهار بالتقدّم التكنولوجي المتسارع عن البحوث، كي لا يعمينا ذلك عن الاهتمام بالمشاعر الإنسانية، ويشيح بنظرنا عن الممارسات اللاأخلاقية التي توظف الاكتشافات العلمية لتدمير البشرية والفتك بالطبيعة والدوس على الكرامات الإنسانية لأغراض ربحية، كما ورد في مقدمة الكتاب الذي تشكلت هيئة تحريره من الدكتورات نهوند القادري وزينب خليل ولمى كحال ومود أسطفان. هذا الكتاب الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، تضمن أبحاثاً ومقالات وشهادات من لبنان وبلدان عربية، توزعت على أربعة محاور في 481 صفحة. يُعالج المحور الأول "مساءلة النساء للمرجعيات وإغراءات الفضاء الرقمي" حيث تساءلت القادري عن معنى هجرة النساء إلى الفضاء الرقمي وأسئلة المرجعية. بينما تناول نصر الدين لعياضي مسألة المرأة في الثقافة الرقمية ورهانات المرجعيات الاجتماعية والثقافية والمعرفية. أما زينب خليل فتطرقت إلى علاقة الطالبات الجامعيات المتحدرات من الأرياف بالبيئة الرقمية. وتناولت رفيف رضا صيداوي رؤية النساء العربيات للعالم الرقمي وآفاقه. وناقشت بيسان طي سياقات منصات التواصل الاجتماعي وآفاق ارتباطها بالواقع، فيما تطرقت تغريد السميري إلى مسألة ترحال الذاكرة الفلسطينية في الفضاء الرقمي. يبحث المحور الثاني في سلوك النساء المعلوماتي وأصواتهنّ في الفضاء الرقمي، ليشمل مقارباتهنّ البحثية وما طرأ عليها من تجديد. فتساءلت مود أسطفان عن مدى إسهام الباحثات في مجال السلوك والممارسات المعلوماتية، وعن التجديد الذي حملته هذه الإسهامات مقارنة بالمقاربات النسوية التقليدية، فيما طرحت هاجر خنفير تساؤلها حول ما إذا كانت الأنوثة تعيد بناءها المؤثّرات العربيات في الفضاء الرقمي. بحثت لمى كحال في طبيعة المحتوى الذي تقدمه اللبنانيات على مواقع التواصل الاجتماعي ومواصفاته. وتطرقت دينا خواجة إلى تضامن صانعات المحتوى في مصر مع غزة ووقوعهنّ بين الواجب الإنساني والديني وشروط السوق. ونقلت رانيا جواد ومادلين الحلبي شهادات عن تجربة نساء فلسطينيات في استخدام وسائل التواصل لإسماع أصواتهنّ في ظلّ حرب إسرائيل على قطاع غزة. يعالج المحور الثالث تحديات تفلّت النساء من المرجعيات في البيئة الرقمية، وتناولت عزة سليمان الحراك النسوي في العالم الرقمي وتحوّله من عنصر فاعل إلى أداة في مرحلة التحولات الكبرى. وتساءلت زهور كرام عن مدى تمكين البيئة الرقمية للنساء في السياق المغربي. وعالجت إصلاح جاد موضوع حقوق المرأة ومنصات التواصل الاجتماعي بين الحقوق الفردية والجماعية. كما وجدت إيمان كنعان أن وصول المرأة إلى المعلومات المتعلقة بصحة الأم والطفل أصبح مصدراً جديداً للمعرفة. وفي السياق ذاته، عرضت كلثم غانم آثار ثقافة الاستهلاك على صورة المرأة في المجتمع القطري والتي تشكل تحدياً في مجتمع يدعم القيم المحافظة. تناول المحور الرابع شهادات في اهتزاز المرجعيات ما قبل الإنترنت وما بعدها لتبيان المتغيرات التي أحدثتها المنظومة الرقمية على حياة النساء اليومية ونظرتهن إلى المرجعيات. ورأت سوسن جميل حسن أن المرأة العربية التي تعاني الأزمات في بعض البلدان ما زالت متأخرة عن الدخول إلى العالم الرقمي. وناقشت نجلا حماده التغيير الذي أحدثته التكونولوجيا على أمومتها بحسناته وسيئاته. وتحدثت أمل حبيب عن حالة من انعدام اليقين رغم غزارة المعلومات. وخلصت جميلة جابر إلى أن التعرض الزائد للفضاء الافتراضي يؤدي إلى تشتت الأفكار وصولاً إلى الأرق. وتوقفت ناتالي إقليموس خلال رحلتها البحثية في الإعلام الفضائي عند مسألة الوقوع بين فوضى المرجعيات وندرة المعلومات.
وأشارت منى سكرية إلى أن الثورة الرقمية ساعدتها في التوسع في الاختيار والحصول على المعلومات ونقلها إلى العالم. وأخيراً مراجعة ماري نويل الخوري لكتاب دانيال بوا الذي تناول سلطة الإنسان على التكنولوجيا ومدى قدرته على مواجهة تحديات الفضاء الرقمي بالحفاظ على قدرة الإنسان على التخيّل والإبداع.
كتاب "النساء العربيات والمرجعيات في ظل الرقمنة وفوضى المعلومات" يشكل مدخلاً بحثياً قيّماً لفهم واقع النساء العربيات في مرحلة "روبتة" المعلومات وتفاعل النساء معها. يقدّم هذا العمل الجماعي قراءة معمّقة حول واقع النساء العربيات في ظل التحول الرقمي ودوره في إعادة تشكيل الحضور النسوي في المجال العام.
ويفتح هذا الكتاب البحثي الباب أمام بحوث جديدة حول هذا الموضوع الراهن والمعقد، ربطاً بواقع النساء العربيات بمختلف أوضاعهن ومواقعهن وأدوارهن، وبمفارقات العالم الرقمي ووعوده وأوهامه وتحيزاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"النهار العربي" – 30 آب 2025
*********************************************
عمران 53: تداعيات العدوان الاسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني بغزة
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثالث والخمسون (صيف 2025) من دورية عمران للعلوم الاجتماعية. وتضمّن أربع دراسات: "وسائط التواصل الاجتماعي وإشكالية المراقبة: دراسة أنثروبولوجية في سير حياتية رقمية مغربية" لمحجوبة قاوقو، و"النشاط الرقمي داخل المجتمع القبطي في أميركا الشمالية: الفرص الجديدة والتهديدات الناشئة" لليليان إسطفانوس، و"نحو أنثروبولوجيا صيدلية بالمغرب: بيوغرافيا دواء الأوريوميسين من الإنتاج المادي إلى إعادة التأويل الثقافي" لفاروق الطاهري، و"سجال الكلمات والرصاص في السودان: تحليل إثنوغرافي رقمي لخطاب حرب الخامس عشر من نيسان/ أبريل" لحواء الزين والشفاء الأمين. وفي باب "تقارير"، أعد صلاح الدين العجلة تقريرًا بعنوان "تداعيات العدوان الإسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة وتحديات التعافي الاقتصادي". واشتمل باب "مراجعات الكتب" على مراجعتين: الأولى هي مراجعة رشيد جرموني لكتاب خلود العجارمة مكة في المغرب: تمثلات الحج الإسلامي في الحياة اليومية المغربية. أما الثانية، فهي مراجعة مجاهد الدومة لكتاب ديما عيسى فيروز والشتات العربي: الموسيقى والهوية في المملكة المتحدة وقطر. واختُتم العدد بعروض لخمسة كتب صدرت حديثا أعدتها هيئة تحرير الدورية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" – تموز 2025
********************************************
عن ونّوس والأمل الذي يحكمنا!
أعاد النقاش والجدل الواسع- الذي أثاره قرار وزارة التربية حول تغيير أسماء المدارس، والذي ورد فيه اسم الكاتب والمسرحي السوري سعد الله ونوس، ضمن قائمة طويلة من الأسماء، جرى تغييره إلى مدرسة «السفيرة المهنية»- إلى الأذهان الاهتمام بالرموز الوطنية والثقافية السورية، إضافة إلى ضرورة الأمل بالمستقبل، الذي آمن به صاحب المقولة الشهيرة: «نحن محكومون بالأمل» ثمة تساؤل حول المعنى فيما قاله سعد الله ونوس وما أراده من الأمل، فالرجل الذي تبنى مفهوم «مسرح التسييس» في أعماله، وركز على الممارسة السياسية كفعل ضروري ولازم في المجتمعات من أجل تطورها، وركز على أهمية الحريات السياسية وطالب بها، ورأى أن كل عملية تسييس للمجتمعات هي في محصلتها العامة تقدّمية، لأن الأنظمة القمعية، هي وحدها التي يكون لها مصلحة جذرية في أن يكون المجتمع غير قادر على التفكير السياسي الذي يعيشه. وعكس في أعماله رفضه القاطع للقمع ودعا باستمرار إلى رفض الاستبداد والتطلّع الدائم إلى الحرية من خلال الوعي، هذا الرجل، لا يعتبر الأمل مجرد شعور زائف بل هو قرار بالبقاء والتحدي الأكبر في وجه كل محاولات الموت المعنوي والفعلي. تحدث عن الأمل كضرورة وليس كرفاهية، واعتبره حاجة وجودية ملحّة، كضرورة التنفس للحياة، ولذلك نحن محكومون به.
عن المصفقين والجهلة
بالعودة إلى قرار الوزارة، والذي جرى التراجع عنه لاحقاً، بعد أن أثار ضجة في الأوساط العامة والثقافية السورية، إذ أعلن وزير الثقافة السوري أنّه تواصل مع وزير التربية، وأكد له الأخير أنّ «الوزارة تراجعت عن القرار ولن يتم استبدال الاسم». يطرح القرار وطريقة التراجع عنه الكثير من الأسئلة، ليس حول دور المؤسسات فقط وطريقة صناعة القرار فيها، ولا الشكل الارتجالي لاتخاذها، بل عن أهمية مثل هكذا قرارات في الوقت الذي تعاني فيه البلاد والعباد من أزمات ومشاكل تكفي لعمل المؤسسات وخاصة الوزارات منها لسنين قادمة. هل تكفي المقاربات السطحية، إذا سلّمنا جدلاً بصحة أي قرار، من حل المشاكل العميقة في الوزارة المعنية. علماً أن التعليم في سورية يعاني من مشاكل بنيوية عميقة ومستعجلة تتطلب حلولاً، أهم بكثير من قرار تغيير الأسماء. وهو ما عكسه فعلاً موقف المصفقين والجهلة لكل ما يصدر عن السلطة، فقد استشرس كثيرون في الدفاع عن قرار وزارة التربية، وحجتهم كانت أنّ «ونوس يستحق هذا التهميش لأنهم لم يسمعوا منه موقفاً صريحاً من ثورة 2011 المباركة»، لم ينتبه هؤلاء بأنّ ونوس توفي في عام 1997 بعد معاناة مع مرض السرطان! في جدلية (مضحكة ومبكية) في آن واحد، كما في الحياة التي يعكس المسرح تناقضاتها. يؤكد أنسي الحاج أن: «ما يُعجِب المصفّقين بالمُصَفَّقِ له هو فراغه، ممّا يمنحهم ذريعة صناعة الفراغ بدورهم، فضلاً عن كونه يعفيهم من الشعور بالنقص».
نقاش لا بد منه
لن يكون هذا النقاش هو الأخير، وهو بكل تأكيد وجزم ليس بحال من الأحوال تفصيلاً ثانوياً، لأنه يمثل جزءاً من معركة الناس حول ما يمكن لهم أن يثبتوه من مساحات ممكنة للحرية السياسية والثقافية في سورية. فما إنّ قرأ السوريون ما ورد في ورقة الأسماء المبدلة حتى انهالوا بالتعليقات المناهضة للقرار، وكان أبرزها ما كتبته زوجته، فايزة شاويش، حيث قالت إنّ «طلب تعديل اسم مدرسة سعد الله ونوس خبر محزن، وسط ما تعيشه سورية من أحزان كثيرة أخرى... يحق لوزير التربية إلغاء رموز النظام البائد، لكن سعد الله رمز وطني وليس من مفردات عائلة الأسد، بل رمز يستحق التكريم لا الإلغاء».
ليس دفاعاً عن ونوس بل عن الذاكرة
أخذ الدفاع عن سعد الله ونوس وإرثه، أهمية من كونه دفاعاً عن الذاكرة الثقافية، وعن بقايا الروح الإنسانية وسط الخراب الذي تعيشه البلاد. وكان من فضائل هذا النقاش العودة إلى الجدية والتساؤل حول معنى الثقافة ودور المثقفين، بدلاً من الانشغال في الثرثرة الفيسبوكية السطحية والتفاهات أو تصفية الحسابات عبر خطاب فئوي طائفي حاقد وتجييش يسيء إلى كل ما هو إيجابي وبنّاء. ثمة معركة لم تحسم بعد حول مفاهيم كثيرة متعلقة بالرموز والإشارات والتراث وغيرها الكثير، وأسئلة تحتاج لإجابات عن كيفية إعادة بناء الفضاء العام في بلاد محكومة بالأمل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"قاسيون" –
***************************************************
الصفحة الحادية عشر
أخبار ثقافية
* التفاعل الحضاري بين التاريخ والادب/ تأليف د. حسين قاسم العزيز، تقديم د. سعيد عدنان، جمع واعداد سلام القريني، اصدار: دار ابجد- بابل.
* القبو/ رواية احمد السعداوي، اصدار: دار نابو- بغداد.
* العزلة والحرية/ تأليف غيوزغي داموفتش/ ترجمة تحسين رزاق عزيز. اصدار: دار المأمون- بغداد.
* عن دار الاهوار- بغداد صدر مؤخراً:
- المساحة المختلفة/ نحو منهج لقراءة الحكاية/ تأليف ياسين النصير.
- هب الله/ رواية علي قاسم.
*توائم الرجل المسيب/ رواية جديدة للدكتور طه حامد الشبيب. صدرت عن اتحاد الادباء والكتاب في العراق- بغداد.
* اولمبياد لألعاب الروح والعقل والجسد/ شعر عادل عبد الله، صدرت عن دار الشؤون الثقافية – بغداد.
* الفنان العراقي المغترب ضياء العزاوي اقام في بيروت معرضه الجديد بعنوان (شهود الزور) وتتناول لوحاته الراهن العربي وهمومه، في ظل واقع مضطرب ومخاطر جمة تحيط به.
* ودعت الاوساط الثقافية والمسرحية الكاتب والمخرج المسرحي العراقي المغترب عباس الحربي.. وكان الفنان الراحل قد عرف بمسرحيته البارزة (النهضة) التي عرضت في العهد الظلامي السابق وحظيت باهتمام الجمهور والنقاد.
*****************************************************
العمارة العراقية : ظاهرة طبيعية أم ممارسة مفتعلة؟
ثامر عباس
في لقاء حواري سابق مع المهندس المعماري المعروف (رفعة الجادرجي) في أحدى الفضائيات العربية ، أوضح من خلاله ان الإنسان العراقي ، خلافا"لما هو شائع لدى شعوب المعمورة ، لا يهتم بما تحمله الأبنية (العمرانية) و(المعمارية) سواء منها القديم أو الحديث ، من دلالات اعتبارية ورمزية ، وبالتالي فهو لا يحمل حيالها أية مشاعر تنم عن الاعتزاز بالموروث التاريخي حين تتعرض لعمليات الهدم أو الإزالة ، مثلما لا يحفل بما تنطوي عليه من أهمية تاريخية أو قيمة حضارية . ولهذا فهو – حسبما يقول الجادرجي – تحسب لمثل هذا الأمر بحيث اضطر خلال مسيرته العلمية والمهنية ، الى عملية (تصوير) مراحل إنشاء وتشييد أي معلم من المعالم التي وضع تصاميمها بنفسه لكي يصار الى حفظها وأرشفتها ، ومن ثمة الرجوع إليها عند الحاجة لأغراض التأرخة الحضرية لمدينة بغداد . معللا"بذلك بتوقعه أنها ستلقى ذات المصير المأساوي الذي آلت إليه بقية الشواهد المعمارية والمعالم العمرانية المندرسة . وبالعودة الى أسباب هذه الظاهرة ، فإن البعض قد يرجعها الى عوامل (الطبيعة) التي تتمثل بعمليات التعرية والتحات والتآكل التدريجي ، جراء سيرورات (التقادم) التاريخي التي تخللت مراحل وجود تلك المعالم العمرانية والمعمارية . وهو الأمر الذي يحملنا على رفض مثل هذه الآراء والمزاعم المبتسرة ، لاسيما وان هناك - في مختلف بلدان المعمورة - الكثير من تلك المعالم والشواخص لا تزال قائمة تقارع الزمن بالرغم من مضي مئات السنين على إنشائها أو تشييدها . ولذلك يبدو احتمال (افتعال) هذا التدمير المتعمد والتخريب المقصود أقرب الى الواقع منه الى الافتراض ، لاسيما وان هناك الكثير من الدلائل والمعطيات التي تثبت تورط العديد من الحكومات أو الكيانات أو المؤسسات أو الشركات في عمليات (الهدم) و(الإزالة) ، ليس فقط تحت ذرائع التطوير العمراني والتحسين المعماري التي تستلزمها المراكز المدينية للعواصم والمدن الكبيرة فحسب ، وإنما تمت بدوافع سياسية مقصودة أو اقتصادية واضحة أو دينية معلنة يصعب إخفاء مقاصدها وحجب مراميها .
ولعل هناك من يتساءل ؛ ما علاقة تلك المعالم العمرانية والمعمارية العتيقة التي أكل الدهر عليها وشرب ، بالأهداف السياسية والمصالح الاقتصادية والدوافع الدينية بحيث يصار الى المبادرة بهدمها وإزالتها من الوجود فبدلا "من أن نتحسر أو نتألم على هكذا معالم متهالكة وآيلة الى السقوط ، ألا يستحسن أن يجري استبدالها بأنماط عمرانية ومعمارية جديدة تتماشى مع معطيات (الحداثة) وما (بعد الحداثة) التي غزت ليس فقط (الجغرافيا) بكل ميادينها ، و(التاريخ) بكل مجالاته ، و(الاجتماع) بكل أطره ، و(الثقافة) بكل تجلياتها ، و(الوعي) بكل مستوياته ؟! . الحقيقية ان المحاججات التي تذهب بهذا الاتجاه لا تقدم شيئا"ذا قيمة ، سوى أنها تفضح (جهل) أصحابها بألف باء ما تعنيه (أماكن الذاكرة) وما تحمله من مضامين وتمثله من رموز ، وخصوصا"بالنسبة للمجتمعات التي تنشد أن يكون لها دور فاعل ومؤثر على خارطة العالم التاريخية والحضارية . ان المواقع المعمارية والمعالم العمرانية التي من النوع الذي يمتلك عمقا"تاريخيا"أو رصيدا"حضاريا"، لا يمكن التعاطي معها كما لو أنها مجرد أبنية وشواخص مادية قديمة استنفدت وظائفها السكانية أو الاقتصادية أو السياسية التي كانت لها في السابق ، بحيث ان الشروع بإجراءات هدمها أو إزالتها لا يشكل تفريطا"بقيمة الموروث التاريخي والحضاري ، كما لا يعتبر بمثابة التقليل من شأنه وانتقاص من أهميته وانتهاك لحرمته .
وإنما هي بمثابة كيانات حية تمتح من نسغ (الجغرافيا / المكان) ، وتنوء بثقل (التاريخ / الماضي) ، وتطفح بخزين (الذاكرة / المخيال) . أي بمعنى أنها ركيزة أساسية من ركائز الوجود ، ومثابة محورية من مثابات الوعي ، ورمز ضروري من رموز الهوية . ان أغلب المعالم المعمارية والعمرانية في العراق – قديما"وحديثا"- ارتبط إنشائها واقترن تشييدها ؛ إما بأسماء الملوك والسلاطين والزعماء ، أو بمصالح الدول والحكومات والسلطات ، لا بل ان هذا الارتباط والاقتران طال حتى (المدن) الكبيرة و(العواصم) المركزية مثل (البصرة – عتبة بن غزوان) و(الكوفة – سعد بن أبي وقاص) و(واسط – الحجاج) و(بغداد – المنصور) . والانكى من تلك ان المدن والعواصم حملت وشم القبائل / العوائل التي حكمت فضائها وساست سكانها مثل ؛ القبائل (الأموية) والقبائل (العباسية) والقبائل (العثمانية) سابقا"، أو جرى تصنيفها على أساس الحقب أو المراحل السياسية مثل ؛ الحقبة (الملكية) والحقبة (الجمهورية) والحقبة (الدينية) حاليا" . بمعنى آخر ان معظم تلك المعالم والأماكن تعرضت – على مدى مئات السنين - لعمليات (شخصنة) و(تسييس) واسعة النطاق ، لم يسلم منها إلاّ القليل ممن اعتبر لا قيمة له في عالم المغالبة (الديني – العصبوي) و(السياسي – الإيديولوجي) .
وفي إطار عمليات (الانتقام) الرمزي المتبادل بين تلك الجماعات المتكارهة والأصوليات المتباغضة ، نجد ان الخليفة العباسي (أبو جعفر المنصور) باني مدينة (بغداد) ، لم يتورع بالإيعاز الى عامليه وعماله من انتزاع كل ما كان يخدم بناء مدينته المدورة من أنقاض المدن المهملة والمنسية ، لاسيما مدينة واسط التي بناها (الحجاج) الأموي ، حيث أمر بجلب أحد أبوابها – كما يرد في بعض المصادر – لغرض استخدامه في عمارة (بغداد) ، بعد أن دبّ الخراب في مدماكها (واسط) وتسلل الاندثار الى أبنيتها ، ناهيك عن غزوات القبائل التي كان الفضاء الجغرافي لتلك البطاح مسرحا"لها . والمفارقة هي الحجاج ذاته (( هدم لعمارة مدينته كثيرا"من المدن والقرى المحيطة بها ، ونقل أخشابها وأبوابها حتى ضج أهل تلك النواحي واحتجوا على ما جرى )) . كما أن الخليفة (المنصور) لم يتردد في الإصغاء لكبار حاشيته ومريديه للقيام بعمليات هدم مدينة (طيسفون – المدائن) الفارسية ، والاستفادة من مواد البناء التي كانت تحتويها لأغراض استعمالها في إكمال المدينة العباسية (بغداد) ، ولكن تبين له لاحقا"ان هذه العملية التخريبية ستكون مكلفة اقتصاديا"مثلما أنها غير مجدية اعتباريا"، ولهذا فقد أعدل عن إكمال عمليات الهدم الجارية والاكتفاء بما تم هدمه مسبقا". ان الانقسامات الاثنية ، والصراعات القبيلة ، والكراهيات الطائفية ، التي طالما كان المجتمع العراقي بمختلف مكوناته مسرحا"لها ومخرطا"فيها ، دخلت على خط المواجهات الدامية بين تلك الجماعات والأصوليات المنفلتة ، بحيث كان دورها بمثابة عامل محفز ومشجع على الانخراط بتلك الممارسات الانتقامية المشينة . ولأن أغلب المعالم المعمارية والعمرانية سبق وأن تمت (شخصنتها) و(تسييسها) من قبل الحكومات / السلطات المتعاقبة – كما سبقت الإشارة – كنوع من أنواع (الهيمنة الرمزية) ، الأمر الذي جعل منها هدفا"مغريا"من جملة الأهداف المعرضة للانتقام ، سواء عبر إهمالها أو تجاهلها في أفضل الحالات ، أو من خلال تخريبها أو تدميرها في أسوأها . وبضوء هذه الحقيقة المؤلمة ، فقد خسرت الحضارة العراقية الكثير من كنوزها المعمارية والعمرانية التي تعاقبت على تشييدها الكثير من الأقوام والسلالات والأجناس المختلفة ، والتي عكست من خلالها تباين ثقافاتها وتنوع فنونها وتعدد حضاراتها ، وبالتالي فقدانها ميزة ثمينة كونها حاضنة لأقدم المواريث الإنسانية في مجالات الفنون المعمارية والإبداعات العمرانية .
**********************************************
توظيف الذاكرة في القصة القصيرة جدا
داود سلمان الشويلي
يركن النص القصصي القصير جدا، حاله حال النصوص السردية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة، الى تقنية مهمة في بنيتها القصصية القصيرة جدا، فهي تقوم بتوظيف الذاكرة البشرية، واستدعاء الماضي بكل مراحله، واستجلاب الذكريات مهما كان لونها، أو ما يسمى بالاسترجاع حسب تقنيات السرد عند البنيوي الفرنسي "جيرار جينيت"، لأهداف جمالية يفرضها النص على بطله، وحسب السياق النصي لذلك النص القصصي، ولهذا أسبابه، منها:
- الحنين للماضي.
- الحزن على لحظة قد مضت.
- إدانة الماضي لو كان سيئا.
ويتداخل الشعر مع السرد من خلال اللغة العميقة التي تحفر في الوجدان مرة، وأخرى من خلال الرؤى والصور في ذلك الوجدان الشفيف، فيقرأ النص السردي بسياق النص الشعري، والنص الشعري بسياق النص السردي، إلا ان النصين مازالا يحتفظان باصولهما الفنية، هذا الأصل السردي، وذاك الأصل الشعري. وهذا ما تقدمه القصة القصيرة جداً والتي يكتبها القاص الليبي حسين بن قرين درمشاكي.
الحنين للماضي: النص "خلود":
((كانت خلود سرًا لا يُدرَك، وشوشةً تهمس بها نبضات الفؤاد الخافقة. لم تكن جسدًا يلمس، بل روحًا تُحلّق عند حافة الغسق، حيث يرقص النور الأخير على شفاه العدم. في كل أمسية، تتلبسها الأجواء كوشاحٍ من ضوءٍ خفي، يترشح شذاها من مسام أنفاسها، كأنفاس الغيب، يُعمد الظلام بتراتيل هيامٍ شفيف، ويعقد الدجى عليها صلواته.
وحدتها، قيثارة الغياب، كانت تعزف لحنها الشفيف في أوردة الشوق، تُناديني من بعيد. حنينٌ كصدىً أبديّ، يُمزق حجاب الروح في أقصى أعماقي. مع كل خفقة أفولٍ في الكون، كانت تتخلق، ومع كل نأمة حنينٍ تتجدد فيّ، توقظ جمرة اشتياقٍ تلسع الروح، لا تُطفئها دهور ولا تُفنيها الليالي. بيننا، كان الصمت الشاهد الوحيد، لغةٌ تتجاوز الحروف والكلمات، تروي حقيقة وجودها الذي يملأ كل فراغٍ في هذا الكون، ويُحيي ما كان مواتًا في الروح. ميثاقٌ أبديّ، وعهدٌ لا يُكسر، حتى لو كان الشاهد عليه مجرد سكون.
لكن الشفق، في لحظة سكونٍ موحشٍ لم أعهده، لم يبتلعها وحسب؛ بل مزّق كينونتها كوشاحٍ مهترئ، ونثر ذرات روحها في مهب العدم. لم تعد الأمسيات تتجلى، ولا الأنفاس تترشح، ولا حتى الصدى يرتد. اختفت خلود، وكأنها لم تكن سوى حُلمٍ باهتٍ لم يُكتب له البقاء. مات الشوق في صدري قبل موتي، وصار وجودها لعنة فراغٍ لا تُحيي، بل تُفني كل أثر، حتى ظل الذكرى.)).
النقد:
لا تشغلنا كلمة "الحنين" كثيرا، والتي وردت في النص أعلاه، وانما علينا أن نقرأ النص جيدا من أوّله الى آخره لنجده ينبض بهذا الشوق الشفاف الى عوالم هذه الفتاة "خلود" هذه التي "توقظ جمرة اشتياقٍ تلسع الروح"، وهذا الاشتياق هو الجاذب للحنين الى شيء غير مرئي عند الوعي، والانتباه، على الواقع، وكأن ما راه شخص النص هو حلم كان يراوده في منامه، أو لا وعيه الباطني، لا شيء، وانما قبض ريح. النص ينبض بالاشتياق والحنين.
الحزن على لحظة قد مضت:النص "صدى الثرى":
((مزق جوف الليل أنين طفله المفقود. هرع الوالد، وقلبه يتصدع رعبًا، ليجد المهد كهفًا باردًا. وما هي إلا هنيهة، حتى ارتجف الفضاء بصوت غائر: صوت دفن يبتلع الفراغ)).
النقد:
هذا النص لا يحتاج الى تفسير، أو شرح، ولا حتى تأويل، ان به حاجة الى قراءة متمعنة ليترك أثره فينا، بحزنه الشفيف على ماض تولى، مع الاعتذار من السيدة أم كلثوم في أغنيتها "أغداً ألقاك"، على طفل هو شخصية النص المتوفي.
الحزن هذا هو فعل انساني، كالحنين، متجذر في نفسية شخصية النص، وليس ترفا شكليا يصبغ حياتنا لحظة ثم ينتهي الى اللا شيء.
إدانة الماضي لو كان سيئا:النص "بقاء":
((في قرية منسية، تتداعى مساكنها الطينية كعظام بالية، تفوح منها رائحة الإهمال. أقامت أم الخير ونجلها بلال، طيفين شاحبين ينطقان بالعوز. عيناها الغائرتان قلقًا تستشرفان الأفق، بينما تومض في عيني بلال بارقة أمل واهنة، يتشبث بردائها البالي كغصن يائس.
في ليالي الجدب، يعوي الهجير بين الدروب المقفرة كجوع ذئب. تضم أم الخير جسدها النحيل حول وليدها، تحميه من صرير الليل وهمس الخوف المتسلل من جدران المسكن المتصدع، وتستعيد في صمت مرارة أرض قاحلة وذبول أعمار، ومستقبلًا يائسًا.
ذات ليلة، استعر العويل حتى اهتز الكوخ. شعرت ببرد يخترق عظامها، ورأت في الظلام أطيافًا متوهجة تمتد نحو طفلها النائم. أحست بقوة تنتزع دفئه، وصدى كلمات أبيها عن الصمود يتردد في أعماقها.
صرخة أمومة مدوية مزقت سكون الليل، إعلان عن بقاء أعمق من الكلمات، كروح تنازع الموت من أجل فلذة كبدها. ضمته بضراوة كأنها تتوحد به، جزءًا من وجودها عصيًا على الفناء. نظرت إلى عينيه المغلقتين، رأت فيهما شعلة الرجاء الوحيدة في هذا العالم القاسي، جذوة ضئيلة يجب أن تحميها بكل قوتها.
فجأة، ومع ذروة نحيبها، توقف العويل وتلاشت الأطياف كزوال الليل مع الفجر. ساد صمت أثقل من الفقد يلف المكان المتصدع والمظلم. لكن قوة خفية سرت في عروقها، إرادة حياة متأصلة. استقام ظهرها وشعرت بدفء يسري في جسدها.
في الصباح، عندما أشرقت الشمس شاحبة كدمعة معلقة، حملت بلالًا على ظهرها بعزم جديد، وودعت بصمت وهدة ابتلعت أحلامًا كثيرة، ونظرت إلى الأمام بعينين تقدحان إصرارًا خفيًا.)).
النقد:
بين ما كان يحدث لهذه الأم، وطفلها في الماضي من آلام وقهر وحزن وبين اصرارها في نهاية المطاف على الوصول الى بر الأمان، وهو فعل انساني كباقي الأفعال الانسانية التي مضى الحديث عنها، تحمل ابنها "بلال" على ظهرها، وتسير في طريق الخلاص، فتتوقف الآلاف من حالات العذاب التي مرت بها، وذاقت، وابنها، مرارتها لتتجاوزها، فتجتازها الى بر الأمان، والخلاص.
بعد هذا النقد نسأل عن مدى قدرة هذه النصوص على تحمل هذا الماضي، والحديث عنه بطرق شتى ووسائل عديدة ومختلفة.
انه الفعل الانساني الذي رافق عملية القص وجعلها عملية تنبض بكل ما تنبض به انسانية الانسان في توظيف الذاكرة لها وذلك بالحنين للماضي، أو الحزن على لحظة مضت أو إدانة هذا الماضي لو كان سيئا.
**********************************************
من مدوّنات حبٍّ مُتعثّر
ليث الصندوق
1 - ( المدونة الأولى ) :
بعدَ ثلاثين عاماً من الصمت
نطقتْ صورتُكِ الفوتوغرافية
وقالت : إنكِ تشبهينني
أنفكِ يُشبهُ أنفي
إذ يضيق على حريتي هواء العالم
عيناكِ تُشبهان عينيّ
إذ تتكدّسُ تحت جَفنيّ
أحلامٌ عسيرة على التحقق
حتى عِنادُكِ إذ تعجزين عن إنطاقِ ما ترسمين
فتشطبينهُ ، أو تمزقينه
يُشبهُ عنادي
إذ أحجبُ أسناني الغاضبة وراءَ ابتسامة
كي لا آكلَ نفسي
**
كيف لم أتنبّه
بأنكِ كنتِ أنا
وبأني عندما أحببتُكِ
إنما كنتُ أحبّ نفسي
2 - ( المدونة الثانية ) :
كثيراً ما التقينا صامتين
يغوصُ كلّ منا في عين الآخر
كاتماً استغاثته في أعماقه :
( النجدة ... أنني أغرق )
لكنّ الكلمات التي كتمناها لم تمت
ظلتْ تتنفس ، وتنبض داخل أفواهنا
تتأرجح
وتقفز كالأرانب فوق أسناننا
كأنها تتوسّلنا
أن نحوّلها إلى قبلات
3 - ( المدونة الثالثة ) :
يأتي صوتها نابضاً عبر الهاتف
كأنّ قلبَها بين شفتيها
أصغيتُ إليها بصمتْ
فقد أردتُ أنْ أرتوي من هذا العطر المسموع
وأسقي به جسدي وذاكرتي
لعلّ خلاياي تتحوّلُ إلى أواني زهور
**
عندما صمتتْ
توقفتْ أمطارُ الموسيقى
فبدأتُ ألهث من العطش
وبدأ جلدي يتشقق من اليباس
**************************************************
الصفحة الثانية عشر
عن الأدب النسوي وتأثيره في المجتمع
متابعة – طريق الشعب
عقد منتدى نازك الملائكة في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب، أخيرا، جلسة نقدية بعنوان "الأدب النسوي وتأثيره في المجتمع"، تحدث فيها كل من د. فاضل عبود التميمي ود. سهير أبو جلود والناقدة أشواق النعيمي، وسط جمع من الأدباء والمثقفين.
الشاعرة غرام الربيعي استهلت الجلسة بالحديث عن منتدى نازك الملائكة باعتباره "مساحة تعكس تفاصيل الحياة بواقعية وخيال، وتمنح قوة مؤثرة في صياغة الوعي المجتمعي".
من جانبه، تناول د. التميمي أدب الرحلات بوصفه جزءاً أصيلاً من التراث العراقي، مبيّناً أن الريادة لم تقتصر على الرجال، بل شملت النساء أيضا.
واستشهد بتجربة ماري تيريز أسمر التي كانت أول رحّالة عربية وعراقية، واتقنت أكثر من عشر لغات وجابت أقطار العالم وهي تؤكد أحقية المرأة في صناعة الحياة والوعي.
في حين تناولت د. سهير ابو جلود في مداخلتها، مساهمة الأدب النسوي في إعادة تشكيل صورة المرأة وإبراز صوتها الإبداعي، مؤكدة أن الوعي الجمعي أنتج نصوصاً نسوية راسخة في العراق والوطن العربي.
فيما رأت أشواق النعيمي أن "الأدب النسوي يمثل أداة تغيير وحياة، وقوة ناعمة قادرة على كسر الجمود وإحداث التحولات وصنع الفارق عبر محطات كثيرة أهمها الثقافة".
واختتمت الجلسة بقراءات شعرية للشاعرتين ابتسام إبراهيم ورجاء الشجيري.
***************************************
في اتحاد الأدباء .. الشخصية العراقية بين الوردي وصالح
متابعة – طريق الشعب
ضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتّاب أول أمس الثلاثاء، الباحث د. قاسم حسين صالح، الذي قدم محاضرة بعنوان "الشخصية العراقية بين تنظير د. علي الوردي وتنظيرنا".
المحاضرة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس، استمعت إليها نخبة من الأدباء والمثقفين، واستهلها أمين الشؤون الثقافية في الاتحاد الشاعر منذر عبد الحر بكلمة، ذكر فيها أن "د. صالح يُعدّ قامة ثقافية ومعرفية بارزة بما قدّمه من دراسات وأبحاث في علم النفس وميادين معرفية أخرى".
في معرض حديثه، استعرض المحاضر أبرز أبحاثه النفسية التي أجراها على عينات من المجتمع العراقي، لاسيما النساء، متوقفاً عند قصة "الحاجة مبروكة" التي حوّلها لاحقاً إلى عمل درامي.
فيما ذكر أن عدداً من علماء الاجتماع الأمريكيين تنبأوا بمكانة علي الوردي العلمية، من بينهم رئيس جامعة تكساس الذي قال له "ستكون الأول في علم الاجتماع"، حينما كان يدرس الماجستير في تلك الجامعة.
وأشار إلى ان الوردي أصدر بعد ذلك مجموعة من أهم مؤلفاته، في مقدمتها "وعّاظ السلاطين" الذي أثار حفيظة السلطات في البلاد آنذاك.
ثم تطرق د. صالح إلى أبرز ما طرحه الوردي في كتبه، مشيراً إلى أثر أفكاره ومقولاته في المجتمع العراقي، خصوصاً بعد عام 2003 "حين شهدت القيم الاجتماعية تراجعاً كبيراً".
وأوضح أن الوردي تأثر بوضوح بأفكار ابن خلدون، التي انعكست على بحوثه وتنظيراته الاجتماعية في ما بعد. بعدها ألقى المحاضر الضوء على رؤيته النظرية، هو نفسه، للشخصية العراقية وتحوّلاتها وتناقضاتها.
وفي سياق حديثه، تناول د. صالح احتجاجات تشرين باعتباره مشاركا فيها وأصدر عنها كتابا، معرّجا على كيفية تعامل الشخصية العراقية مع تلك الاحتجاجات.
***************************************
قريبا في كركوك المعرض الدولي الأول للكتاب والتكنولوجيا
متابعة – طريق الشعب
تستعد مدينة كركوك لاحتضان المعرض الدولي الأول للكتاب والتكنولوجيا الحديثة، المقرر افتتاحه يوم 25 أيلول الجاري في القصر الأبيض وسط المدينة.
ويتوقع القائمون على المعرض أن يشكل هذا الحدث نقلة نوعية في الحياة الثقافية للمدينة، باعتباره الأول من نوعه على المستوى الدولي وليس العراق فقط.
ويُقام المعرض برعاية وزارة الثقافة الاتحادية وبالتعاون مع الحكومة المحلية وقصر الثقافة والفنون في كركوك.
ووفقا لعضو اللجنة العليا للمعرض يوسف طيب، فإن 50 دار نشر ومؤسسة للطباعة والتوزيع من داخل العراق وخارجه، ستشارك في المعرض، وتعرض إصدارات في مجالات الأدب والفكر والعلوم والتكنولوجيا الحديثة، مبينا أن المعرض سيمتد سبعة أيام متواصلة، ليتيح الفرصة أمام القراء والمهتمين للاطلاع على ثراء التجربة الثقافية العالمية.
ولا يقتصر المعرض على عرض الكتب وحسب، بل ستتخلله فعاليات موازية، منها ندوات فكرية وحلقات نقاشية ينظمها كل من اتحاد الأدباء الكرد واتحاد الأدباء والكتاب في كركوك. إذ ستتناول تلك الفعاليات قضايا الأدب المعاصر ودور الثقافة في تعزيز التعايش السلمي داخل المجتمع.
كما سيُخصص جناح لتكريم الكاتب والصحفي الراحل ظاهر شكور، الذي ترك بصمة واضحة في المشهد الأدبي والإعلامي الكركوكي، وذلك تقديراً لمسيرته ومساهماته.
ويرى مراقبون أن إقامة هذا المعرض في كركوك يشكل فرصة لتعزيز موقعها على الخارطة الثقافية العراقية والإقليمية. كما أنه يبرز الوجه المشرق للمدينة التي طالما عرفت بتنوعها الثقافي والاجتماعي.
ويتوقع أن يساهم الحدث في تنشيط الحركة الفكرية والأكاديمية، وفتح آفاق جديدة أمام القراء والباحثين والطلبة، للاطلاع على أحدث المؤلفات والكتب العلمية والتقنية.
*******************************************
قف.. ستار خضير
عبد المنعم الأعسم
في المنتصف الثاني من العام 1969 كان العراق قد دخل في عنق زجاجة ضيق، حيث اصبح واضحا ان حكم البلاد اختطف من مجموعة صغيرة من حزب البعث، منبوذة حتى من قياداتها الرئيسية، وهي وريثة انقلاب شباط العام 1963 الذي اغرق البلاد في بركة دم، لكنها حرصت خلال عودتها الى الحكم اواخر العام 1968 ومع صعود صدام الى سلطة القرار ان توحي بانها هجرت عقيدتها الاجرامية واخذت الدرس من سقوط سلطة شباط ولم يكن ذلك إلا محاولة تأجيل الكشف عن انيابها البغيضة.
آنذاك، مرّ حادث استشهاد ستار خضير مرورَ شهابٍ بارقٍ سقط مدويا فوق كومة من الاسئلة، واشعل فينا نار الغضب ضد القتلة، وكان (الاغتيال) موضوعا للتأملِ وامعانِ النظر في حال الحزب والاخطار المحيطة به، وفي مصائر العراق اذ يجدد مجرمو البعث سيناريو 8 شباط بوسائل جديدة، واتذكر ان المناقشات، آنذاك، كانت تتركز على السوال" لماذا ستار خضير؟" وذلك قبل ان يلعلع رصاص العصابة، فيما بعد، ليغتال المزيد من المناضلين.
حينها، وقبل خمس وخمسين عاما، اتذكر اننا أسمينا هيئتنا الحزبية باسم ستار خضير بعد ايام من اغتياله، وبقينا لفترة طويلة نقف دقيقة صمت مع كل اجتماع نعقده لتجديد مآثره واستذكار أمثولته.
*قالوا:
"الابطال لا يُصنعون في صالات التدريب".
محمد علي كلاي
**********************************************
كفاح الأمين يوقّع كتابيه الجديدين في كربلاء
كربلاء - طريق الشعب
ضيّفت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء، السبت الماضي، الرفيق المؤرشف كفاح الأمين، ليوقّع كتابيه الجديدين "كفاح وسلاح" و"نريد وطن".
عُقدت جلسة التوقيع في قاعة "مقهى بن رضا علوان" وسط المدينة. وقد حضرها جمع من الشيوعيين وأدارها سكرتير محلية كربلاء الرفيق مرتجى فاضل، الذي قدم نبذة عن سيرة الضيف النضالية في صفوف الحزب.
بعد ذلك، ألقى الأمين الضوء على كتابيه التوثيقيين، مبينا أنه في كتاباته يتناول التاريخ بصورة موضوعية بعيدا عن العاطفة والانتماءات، وان تجربته هذه سبق أن خاضها في كتابه عن بغداد الذي صدر قبل سنوات بتسعة مجلدات، وكتابه الخاص بشهداء الحركة الأنصارية "بنادق الحرية"، الذي صدر بخمسة مجلدات.
وعن كتابه "كفاح وسلاح"، ذكر الأمين أنه يتناول المآثر البطولية لعدد من الثوار اليساريين العراقيين الذين توجهوا إلى الكفاح المسلح ضد السلطة الدكتاتورية عام 1968، وغالبيتهم من الشيوعيين.
وأضاف قوله أن كتابه الآخر، يتحدث عن انتفاضة تشرين 2019.
وفي الختام، وقّع الأمين نسخا من كتابيه ووزعها على الحاضرين.
جدير بالذكر، أن المختصة الثقافية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب في كربلاء، كانت قد أقامت على قاعتها أمسية شعرية للشاعرين الشابين علي عليان وحيدر هواد الياسري. وقد أدار الأمسية الرفيق علاء مشتاق.
****************************************
اما بعد... نساؤنا المخترعات مهملات في الظل
منى سعيد
بدءا لابد من تأشير الخلل الفاضح لدى معظم وسائل الأعلام وتقصيرها وهي تغفل منجزات النساء العاملات في المجالات العلمية، خصوصا ممن سجلن براءات اختراع مميزة وبقين في الظل لا يعرفهن أحد.
هذا الموضوع نوقش أخيرا في ندوة بمنتدى بيتنا الثقافي حول "دور النساء المخترعات والمبتكرات في التنمية المستدامة" قدمتها الاقتصادية الدكتورة إكرام عبد العزيز.
ألقت د. عبد العزيز في بدء محاضرتها الكرة في ملعب النساء أنفسهن ، مركزة على القول أن لا أحد يمنع المرأة من تقديم منجزاتها واثبات كفاءاتها العلمية، الأمر الذي أثار موجة من التعليقات، منها التذكير بمعوّقات المرأة في البيت والتعليم والوظائف ، إلى جانب الإجحاف الذي تواجهه في التشريعات الأخيرة، بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959.
لكن المحاضرة أكدت بعد ذلك ضرورة تمكين المرأة، ورصد التمويل الكافي لتشجيع الاختراع والابتكار، فضلا عن تذليل المعوقات امام الوصول إلى المراكز البحثية ، وضعف الدعم من الجهات الاستثمارية ، والافتقار للتشريعات الخاصة بالملكية الفكرية ، وغياب برامج الدعم الواضحة. بل انك لا تجد للاختراعات عموما بندا في الموازنة المالية. إضافة الى تقصير الإعلام والمنظمات النسوية والمجتمع المدني في إبراز منجزات المخترعات، وعدم اكتراث لجنة المرأة في البرلمان العراقي بها، وعدم توفر القدوة البارزة من النساء المبتكرات في المجتمع، عدا بعض الاستثناءات مثل المعمارية زها حديد، وفي السياسة نزيهة الدليمي وغيرهما القليل.
واشارت الدكتورة عبد العزيز الى غياب الإحصاءات الدقيقة وقاعدة البيانات الواضحة حول عدد المخترعات المسجلة، على الرغم من انجازات العديد منهن مثل الدكتورة منى الموسوي صاحبة ستة عشر براءة اختراع، والدكتورة آمنة الثويني عميدة كلية العلوم في جامعة المشرق وهي صاحبة براءتي اختراع. وقد حضرتا كليهما الندوة، حيث احاطهن الحضور بالإعجاب والتصفيق.
وذكرت المحاضرة عددا من ابتكارات النساء العراقيات في مجال بحوث الطاقة الشمسية ، والوقود الاحفوري، والطاقة عموما. وحول المقترحات المتعلقة بالمعضلات القائمة، أكدت ضرورة وضع برامج تمويل خاصة بالمخترعات، ودعم التعليم العلمي ، فضلا عن عقد شراكات دولية لتعزيز الابتكارات المحلية.
وقد أثارت المحاضرة ردودا وتعليقات عديدة من جانب الجمهور، منها ما تحدث به الأستاذ فاروق فياض حول عدم إتاحة الفرص للمرأة العاملة وتقليص دورها في الاقتصاد. مبينا أن من بين سبعة عشر مليون عامل لا يزيد عدد النسوة العاملات عن سبعة ملايين. وشدد على عدم إلقاء اللوم على المجتمع فقط، بل لابد من ملاحظة دور الجهات السياسية، وتأشير نسب دعم قطاع الابتكار في البنك المركزي.
جدير بالذكر أن الدكتورة إكرام عبد العزيز تقلدت مناصب اقتصادية مهمة، فكانت لها مساهمتها في تأسيس صندوق الإسكان العراقي، وإدارة قسم القروض والعون الفني في الصندوق العراقي للتنمية الخارجية. كما كانت عضوة في اللجنة الفنية الدائمة لسياسات التخفيف من الفقر في العراق، وفي اللجنة الاستشارية للتمكين الاقتصادي للمرأة في البنك الدولي.
*******************************************
يوميات
- يُضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، الباحث حيدر سعيد، ليتحدث في ندوة عن "جماعة الأهالي – إعادة تركيب".
تبدأ الندوة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
جدير بالذكر، أن "جماعة الأهالي" جمعية سياسية عراقية تأسست عام 1932. يعتبرها مؤرخون نواة العمل السياسي الديمقراطي في العراق الحديث. وتضم الجمعية فئة متعلمة من خريجي المعاهد العليا، ومن عناصر وطنية كانت تُطالب بالاستقلال السياسي ببعده الاجتماعي، والعناية بمصالح الأهالي، أي الشعب. وقد انطلقت الجماعة من صحيفة "الأهالي" التي صدرت في العام ذاته.
- يعقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب، بعد غد السبت، جلسة بعنوان "النقد الثقافي والدراسات الثقافية/ المعنى والاتجاه"، يتحدث فيها د. عبد العظيم السلطاني.
الجلسة التي من المقرر أن يديرها د. أحمد الزبيدي، تبدأ في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.