اخر الاخبار

ص1

 

مراقبون: الفساد جزء من بنية المنظومة السياسية.. والتغيير يجب أن يكون جذرياً.. الأمم المتحدة تدعو العراق لمحاسبة الفاسدين بعيداً عن {الانتقائية}

بغداد ـ بسام عبد الرزاق

حذر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، أمس السبت، من الفساد المالي والإداري المتفشي في مؤسسات الدولة العراقية ودوائرها وانعكاسه وتمدده في مجالات أخرى داخل البلاد، في وقت يرى مراقبون ان الفساد أصبح جزءا من بنية المنظومة السياسية، وأن الحديث عن معالجة هذا الفساد، في جميع الحكومات المتعاقبة، يجري للاستهلاك الإعلامي، لا أكثر.

عثرة أمام العدالة والتنمية

وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، إن الفساد عثرة أمام العدالة والتنمية، مؤكدا أن محاربته واجب ومسؤولية دينية واخلاقية لأن المجتمعات الفاسدة لا تقوم لها قائمة.

وتطرق ايضا الى دور بعثة الأمم المتحدة في العراق في مكافحة الفساد، مبيناً إنها عملت على مدى السنوات الماضية، ولا تزال تعمل على وضع برامج واضحة لمكافحة الفساد، وسعت على مدى السنوات إلى تعزيز قدرات الهيئات الرقابية في مجال التحقق والشفافية، كما وضعت نُظما وأُسسا إذا ما طُبقت سترسخ قضاءً نزيهاً مستقلا خالياً من الفساد

واستطرد ممثل الأمين العام لبعثة الأمم المتحدة قائلا: أخشى ما أخشى على أي بلد عزيز كالعراق أن ينتشر فيه، ويتفشى الفساد، ولا احصره في الفساد السياسي فحسب - وهو خطير جدا - بل في الفساد بمفهومه الواسع سواء كان فسادا اخلاقيا أم ماليا أو إداريا أو قضائيا أو حتى علميا ومؤسسيا.

وختاما، دعا الحسان إلى الوقوف بـ"حزم وثبات ضد الفساد"، حاثا على "تعزيز معايير النزاهة واستقلال القضاء والشفافية ومحاسبة الفاسدين والمفسدين من دون انتقاء"، مردفا بالقول "اريد من قلب حريص على هذا الوطن للجميع إلى توخي النزاهة والتحلي بالمسؤولية حفاظا على مسيرة هذا الوطن بعيدا عن الطائفية والفئوية".

تخادم سياسي مع الرأسمال

وقال الرفيق ياسر السالم، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، إن مهمة إيقاف الفساد في العراق بالمفهوم الواسع، لا تقدر على مواجهتها جهة واحدة، انما أصبح منظومة متغلغلة في مفاصل الدولة، وانتشر في المجتمع أيضًا.

وأضاف السالم في تصريح لـ"طريق الشعب"، أن كسر منظومة الفساد يتطلب إرادة سياسية من قوى نزيهة ذات منظور وطني ديمقراطي، إلى جانب إجراءات متكاملة تشمل تحقيق استقلال قضائي فعلي، وسياسات مالية شفافة، ومؤسسات رقابية فعالة.

وأوضح أن الفساد في العراق يمثل عملية تخادم سياسي مع رؤوس الأموال، حيث تكونت شبكة مصالح متشابكة بين الاقتصاديات الحزبية، والمؤسسات التنفيذية، ورؤوس الأموال النافذة على مدى السنوات الماضية.

وأكد السالم، أن القوى الحاكمة المحاصصاتية ليست لديها القدرة على إحداث تغييرات حقيقية، لأن منظومة المحاصصة تضمن توزيع إيرادات الدولة ومنافعها فيما بينها.

استهلاك إعلامي

الباحث بالشأن السياسي والقانوني د. سيف السعدي، يرى ان الفساد المالي والاداري هو جزء من بنية النظام السياسي من عام 2003 الى غاية يومنا هذا، بحيث لا يستطيع الاستمرار من دون الفساد كونه اصبح جزءا من بنيته السياسية والادارية، حتى اصبحت ديمومة هذه الطبقة السياسية مرتبطة بهذا الفساد.

وقال السعدي لـ"طريق الشعب" ان "اي حديث عن معالجة الفساد على مرّ الحكومات المتعاقبة هو للاستهلاك الاعلامي لا أكثر، كون اي عملية لمعالجة هذا الفساد تتطلب تغييرا جذريا شاملا للطبقة السياسية وهذا ما لم يحصل"، مبيناً ان "جميع الحكومات، كانت شكلت لجان لمعالجة الفساد، والمنهاج الحكومي احتوى على فقرات تتناول معالجة الفساد الاداري والمالي، ولكن ما يزال هذا الفساد يهدد مؤسسات الدولة، كوننا نتحدث عن خلل بنيوي في بنية النظام السياسي".

نظام كليبتوقراطي

وأشار إلى "وجود تخادم بين الطبقة السياسية، إضافة إلى الفساد المشرعن من اجل البقاء والاستمرار بهذا الفساد، بحيث وصلنا الى القول ان لجنة مكافحة الفساد بحاجة إلى لجنة مكافحة فساد والنزاهة كذلك والحارس بحاجة الى حارس بسبب الفساد".

وأشار السعدي إلى "التحذير الذي وثقه التقرير الاستعراضي في 24 اذار 2024 ورسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرتش الموجه الى رئيس مجلس الامن، وهذا التقرير يحتوي على 101 نقطة من 30 صفحة، وفي النقطة 28 قال ان العراق مهدد بسبب 3 اخطار، الاول هو هشاشة المؤسسات بسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، والثاني بسبب السلاح المنفلت وهذا أيضا بسبب الفساد، والثالث هو ان تتشكل عصابات على غرار عصابات داعش واسماها بالجماعات الراديكالية وأيضا هذا الموضوع سببه الفساد، ولو كان هناك منظومة صحيحة ولا يوجد فساد لما شهدنا هشاشة في المؤسسات وسلاح منفلت وان تنبثق جماعات راديكالية".

وانهى بالقول ان "الجميع يحذر من الفساد في العراق، دول ومعاهد ومؤسسات، جميعها تحذر من خطر الفساد على النظام السياسي بعد عام 2003"، لافتاً الى ان "الفساد يهدد استمرارية النظام السياسي وممكن ان يسقط في اي لحظة بسبب توفر عوامل هذا السقوط، وبالتالي يهدد المنظومة السياسية".

محاصصات عائلية

من جانبه، قال الخبير في مجال مكافحة الفساد سعيد ياسين، ان المؤشر الدولي على العراق، وفق مؤشر مدركات الفساد، هو ان الفساد السياسي قد انتج الفساد المالي والإداري من خلال منظومة المحاصصة الطائفية التي ذهبت نحو محاصصات عائلية، وبالنتيجة حماية منظومة الفساد.

واضاف في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "الضمان الوحيد للنهوض بالعراق هو العمل على نظام النزاهة الوطني، وتوفير إرادة سياسية ووعي عام وتعزيز القيم الإيجابية مع توزيع الأدوار بين السلطات والجهات الرقابية والإعلام والمجتمع المدني والجهات الدينية معززا بالتعاون الدولي"، لافتا الى ان "أبرز الأدوار يكمن في جودة التشريعات التي أوجدتها السلطتين التنفيذية والتشريعية، فضلا عن المؤشر الدولي مؤخرا بما يخص التشريع الفاسد".

استنزاف أموال الدولة

واوضح ياسين، ان "هناك فجوات قانونية لدى العراق تجاه الالتزامات الدولية ابتداء بالوقاية لتعزيز النزاهة، وأخرى رادعة من خلال الملاحقة. وهنا نحتاج إلى تشريع قانون جديد للعقوبات، وهو مقدم من قبل السلطة القضائية منذ أربع سنوات"، مبينا ان "التدابير الوقائية تحتاج لتشريعات ذات جودة مع تكليف الكفاءة والخبرة والنزاهة في الوظائف القيادية، مع إعادة التدريب واعادة التأهيل بشكل دوري".

واشار الى ان "من التحديات الخطرة عدم وجود قانون للعقود والمشتريات الحكومية والتي تستنزف الاموال دون تحقيق الغايات التنموية، اضافة الى استحواذ الأطراف السياسية من خلال المحاصصة على الاموال والممتلكات العامة، من خلال العقود الحكومية والاستثمارية وبما يصطلح عليه باللجان الاقتصادية".

ونوه ياسين بـ "ضرورة السيطرة على الجرائم العابرة للحدود الوطنية مثل تجارة المخدرات وتهريب النفط والمقتنيات الثمينة وغيرها، وفق المعايير الدولية"، لافتا الى انه "مع وجود تقدم في الجريمة العابرة للحدود نحتاج إلى ضبط منافذ الحدود الدولية للعراق، البرية والبحرية والمنافذ الجوية، وتطبيق برنامج اسيكودا، فضلا عن اهمية العمل على الإصلاح المصرفي وأتمتة التعاملات الحكومية وتبسيط الاجراءات وحوكمة التعاملات اليومية لمنع واحتواء جريمة الرشوة التي تعتبر تحدي كبير امام الجمهور".

*************************************

راصد الطريق.. بنص ساعة .. صارت بحلك أبو عليوي

صوّت مجلس النواب الاربعاء الفائت، بطريقة مسرحية هزيلة، على "مدونة الاحوال الجعفرية" ضمن تعديل قانون الاحوال الشخصية، حالما تسلمها من المجلس العلمي التابع الى الوقف الشيعي، ومن دون ان تمرر على اعضائه ليطلعوا عليها، مثلما جرت اضافتها الى جدول الاعمال دون اشعار مسبق!

وبعد ذلك بساعات جرى تسريب المدونة المكونة من 55 صفحة الى وسائل الاعلام، وعليها ختم خاص "الكتروني" لأحد النواب. فهل يعني هذا انه هو من تحكم بمجريات التصويت؟ وهل بات مجلس النواب رهين صراعات المتنفذين، الذين يمررون القوانين والقرارات رغم رأي الآخرين؟

والسؤال المهم: كم كان المصوتون على القانون، وعدد الحاضرين في الجلسة، واين هم النواب الذين اعترضوا على تعديل القانون؟

وثمة اليوم خلاف كبير حول طريقة تعديل القانون، والغاية منه، وصولا الى طريقة التصويت على المدونة، التي بات الرأي العام أيضا منقسماً بشأنها، وبخصوص ما تتضمنه المدونة من غبن وضرر كبيرين لحقوق المرأة في حياة حرة كريمة، بما نص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية.

وكل هذا يؤكد مجددا الحاجة الماسة الى ازاحة منظومة المحاصصة الفاسدة، واعادة الامور الى نصابها، وان يكون مجلس النواب حقا المؤسسة الدستورية التي ترعى شؤون المواطنين وتحرص على احترام حقوقهم.

************************************

الصفحة الثانية

أوكرانيا تنفي تورطها في تدريب مسلحين بالعراق

بغداد – طريق الشعب

أصدرت السفارة الأوكرانية في العراق، امس السبت، بيانًا تنفي فيه بشكل قاطع التقارير الإعلامية التي تزعم تورط أوكرانيا في تدريب أفراد يشاركون بأنشطة غير قانونية على أراضي العراق أو إقليم كوردستان.

وأكد البيان أن أوكرانيا لم تقم مطلقًا، ولا تقوم حاليًا، بأي أنشطة تتعلق بتدريب مسلحين أو تصنيع طائرات مسيّرة للاستخدام غير القانوني خارج أراضيها.

ووصف البيان هذه الادعاءات بأنها معلومات مضللة بشكل صارخ ولا تستند إلى أي أساس من الحقائق، معتبرًا أن نشر مثل هذه المعلومات يمثل محاولة لتشويه سمعة أوكرانيا وقيادتها.

ودعت السفارة وسائل الإعلام إلى الاعتماد على المصادر الرسمية والموثوقة والامتناع عن نشر الشائعات والتقارير غير المؤكدة.

*****************************************

جرائم انتخابية قد تقود إلى الحبس والحرمان من الترشح مفوضية الانتخابات تؤكد جاهزيتها للانتخابات المقبلة: استبعاد المرشحين يتم عبر جهات مختصة

بغداد ـ طريق الشعب

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، تواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جهودها التحضيرية لضمان سير العملية الانتخابية بشفافية ونزاهة، مؤكدة جاهزية الأجهزة والكوادر الإدارية والفنية، والإجراءات القانونية، لضمان نزاهة المنافسة بين المرشحين.

آلية استبعاد المرشحين

وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، إن آلية استبعاد المرشحين تخضع لإجابات الجهات المختصة، بما في ذلك وزارة الداخلية والأدلة الجنائية ووزارة الدفاع بالنسبة للمنتسبين العسكريين، إلى جانب هيئتي المساءلة والعدالة والمخابرات الوطنية وجهاز الأمن الوطني.

وأضافت الغلاي، أن أي مرشح يثبت بحقه قيد قانوني أو أمني يُستبعد من الانتخابات، مع إمكانية الاستبدال ضمن المدة المقررة، مشيرة إلى أن قرارات الهيئة القضائية ملزمة لجميع الأطراف.

وأوضحت الغلاي، أن الحملات الانتخابية تخضع لقانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2015 المعدل، مؤكدة أن المخالفات قد تؤدي إلى غرامات أو الحبس، بينما تصل عقوبة ارتكاب جريمة انتخابية إلى استبعاد المرشح من العملية الانتخابية.

الجدول الزمني المقرر

من جانبه، أكد رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، أن المفوضية مستمرة في عملها وفق الجدول الزمني المقرر، مشيرًا إلى وصول التحضيرات إلى مراحل متقدمة. وأوضح أن تدريب موظفي شعب التدريب والبيانات سيبدأ في الفترة من 3 إلى 11 أيلول، يعقبه تدريب نحو ثمانية آلاف موظف من مراكز التسجيل لتأهيلهم لتدريب موظفي مراكز الاقتراع، الذين يقدر عددهم بين 250 ألفًا و260 ألف موظف.

وأشار جميل إلى أن أجهزة الاقتراع موجودة حاليًا في مخازن مكاتب المحافظات وتخضع لتدريبات مستمرة، مؤكدًا إجراء محاكاة جديدة اليوم الأحد للتأكد من جاهزية الأجهزة بعد نجاح المحاكاة السابقة.

وتابع، أن المفوضية مستمرة في حملاتها الإعلامية، وتستعد لإطلاق حملة توزيع بطاقة الناخب البايومترية للمحدثين في أيلول المقبل، مع وضع خطة لوجستية لتوزيع مواد الاقتراع وتجهيز قاعات التدريب للموظفين.

نظام الباركود

من جهته، قال عضو مجلس المفوضين السابق، حازم الرديني، إن عمل المفوضية يسير بشكل صحيح حتى الآن، مؤكداً عدم وجود ملاحظات كبيرة على سير العملية الانتخابية.

وأضاف أن موضوع المحاكاة يعد مهمًا لتعزيز الثقة بين جميع شركاء العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن الأجهزة المستخدمة تم تطويرها لتشمل إضافة الصورة الشخصية للناخب بدل الاعتماد الكامل على البصمة، مما يقلل احتمالية وجود أصوات مهدورة كما حصل في الانتخابات السابقة.

وأوضح الرديني، أن المفوضية اعتمدت أيضًا نظام الباركود للنتائج في كل محطة انتخابية، ما يتيح التقاط الصور عبر الهاتف من قبل وكلاء الكيانات، ويساعد في القضاء على الارتباك الناتج عن العدد المحدود من الأشرطة في المحطات السابقة. وشدد على أن هذه الإجراءات الجديدة تعد إضافة إيجابية للانتخابات المقبلة، متوقعًا أن تسير العملية الانتخابية وفق الجدول الزمني المحدد وضمن المعايير الصحيحة للشفافية والنزاهة.

*************************************

أزمات خدمية وسيادية تصاعد الاحتجاجات في البصرة وبغداد

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت محافظتا البصرة وبغداد موجة واسعة من التظاهرات والاعتصامات، تنوعت مطالبها بين معالجة أزمة المياه المالحة وتدهور الخدمات، وتوفير فرص عمل للخريجين، إضافة إلى رفض اتفاقية خور عبد الله البحرية مع الكويت. وفي الوقت الذي يتمسك فيه المحتجون بمطالبهم، تحاول السلطات المحلية والحكومة الاتحادية احتواء الأزمة وسط مخاوف من تصعيد أكبر.

أزمة مياه شمالي البصرة

وخرج أهالي قضاء الدير وناحية الشافي في تظاهرات واعتصامات احتجاجاً على تفاقم أزمة المد الملحي وتلوث المياه. الأهالي أكدوا أن الأزمة ألحقت أضراراً بصحتهم ومصادر رزقهم، في حين ارتفعت أسعار المياه إلى مستويات غير مسبوقة.

وشهدت البصرة تظاهرة كبيرة أمام القنصلية الكويتية، رفضاً لاتفاقية خور عبد الله، حيث اعتبرها المحتجون تفريطاً بالسيادة العراقية، مطالبين الحكومة بموقف حازم ينسجم مع تطلعات الشارع.

خريجو النفط يواصلون احتجاجهم

تواصلت التظاهرات أمام شركة نفط البصرة للشهر السابع على التوالي، حيث طالب خريجو الاختصاصات النفطية بتوفير فرص عمل لهم وإيقاف العمالة الأجنبية، ملوحين بخطوات تصعيدية مقبلة. كما واصل أهالي قضاء الدير اعتصامهم على الطريق الرابط بين البصرة وبغداد، مهددين بإغلاق قناة السويب بالقوة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم بشأن تحسين مياه الإسالة. وأعلن الحراك الشعبي في قضاء الصادق عن انطلاق الموجة الثالثة من التظاهرات، متهماً الحكومة بالتنصل من وعودها السابقة المتعلقة بفرص العمل والمشاريع الخدمية.

بغداد.. الاحتجاج ممنوع!

وفي ساحة التحرير ببغداد، حاول محتجون تنظيم تظاهرة ضد اتفاقية خور عبد الله، لكن القوات الأمنية منعتهم واعتقلت عدداً منهم، وسط انتشار أمني مكثف شمل مناطق واسعة وسط العاصمة.

**********************************

ومضة.. حول استبعاد المرشحين.. أزمة الشرعية وانتقائية المعايير

 

صبحي الجميلي

اثارت الإجراءات الأخيرة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات باستبعادها مئات المرشحين (حتى يوم ٢٩ آب ٢٠٢٥ تجاوز العدد ٦٢٧ مرشحا، ومن المحتمل ارتفاعه) ، جدلا واسعا على المستويين السياسي والشعبي.

تبرر المفوضية إجراءاتها بانها لـ "ترصين" العملية الانتخابية ومنع "البعثيين والفاسدين" من الوصول الى البرلمان، كذلك تطهير قائمة المرشحين من الذين لا تنطبق عليهم "معايير حسن السلوك والسمعة".

لكن قراءة أولية في الأسماء المستبعدة، تشي على نحو واضح بانها اقرب الى "خلطة عطار" منها الى قائمة تستند الى معايير واضحة، وغير متغيرة وفقا للوقت ومواقف الأشخاص والقراءات القصدية. كما ان فيها ما هو غريب، فقد استبعد من الترشح اشخاص سبق ان أسندت اليهم مواقع مهمة في الدولة، او يجري الآن اسناد وظائف عامة حساسة لهم ، وغير ذلك من القضايا  التي يبدو ان الموقف من أصحابها بُني على تفسير خاص او تقارير معينة، أو بناءً على دعاوى مقامة لها علاقة بالرأي والتعبير، حتى قبل ان يبت فيها القضاء، بعكس  مبدأ براءة المتهم حتى تثبت ادانته.

لا خلاف في أهمية وضرورة الحرص على ان تكون العملية الانتخابية نزيهة وذات مصداقية، وهذا مطلب قالت وتقول  به قوى وطنية وشعبية واسعة،  ولا اظن ان أحدا سيعترض عليه، ما دامت إجراءات تحقيقه تأخذ بالشفافية، وبوضوح المعايير واتساقها في كل مفاصل الدولة. لكن ما هو إشكالي وجوهري كون العديد من قرارات الاستبعاد غاب عنها تبيان واضح للأسباب واحكام قضائية باتة، وليس مجرد شبهات وتقارير قد ترقى الى ان تكون كيدية، ومنطلقة من مواقع الخصومة السياسية.

وبناء على ذلك يُنظر على نطاق واسع لهذه الإجراءات على انها جزء من وسائل، تسعى  منظومة الحكم من خلالها وعبر ضغوطها على المفوضية والقضاء، الى تدوير وجودها في السلطة وادامة هيمنتها على مجلس النواب، وابعاد اية أصوات معارضة او حتى "مشاكسة".

 وهذه الإجراءات تشكل هي الأخرى احد أوجه الازمة البنيوية للمنظومة المتنفذة، ومدى استعدادها - حفاظا على مصالحها المغلفة بادعاءات حماية المكون او المذهب او الطائفة - لتقزيم الديمقراطية وسحقها الرأي الاخر المختلف ووأده في المهد ، كي لا يكبر ويهدد سلطتها ونفوذها. كذلك مصادرتها لمباديء مهمة في الأنظمة الديمقراطية الحقة، ذات صلة وثيقة باستقلالية القضاء، وعدم تداخل السلطات، وحيادية ومهنية مفوضية الانتخابات والأجهزة العسكرية والأمنية . فمثل هذه الإجراءات وما يشابهها لا تشكل الا نقاط ضعف جدية في المنظومة الحاكمة، التي ينتابها القلق إزاء اية أصوات معارضة او حراك شعبي مهما كان.

ثم ان على من يريد حقا ضمان سلامة الانتخابات، الاقدام حالا ليس فقط على  تدقيق قوائم  المرشحين انتقائيا، بل أيضا على الكشف عن المال السياسي، وعن أبعاد العملية الواسعة لشراء ذمم المرشحين والناخبين وتقديم الرشى، الرسمية وغير الرسمية، واستغلال مؤسسات الدولة وتوظيفها. كذلك العمل على إبعاد السلاح عن العملية الانتخابية ، والتطبيق الصارم لقانون الأحزاب، ومنع من يملك السلاح من المشاركة فيها، والسعي بكل السبل، بضمنها القانونية ، لضمان الفرص المتكافئة للجميع.

فلا مصداقية للإجراءات المتخذة إن لم تكن مؤسسة على نحو سليم، وبأحكام قضائية باتة ، وان تكون هناك معايير واضحة ومعلنة للاستبعاد، مع ضمان الحقوق القضائية في الطعن والاستئناف، مع الرفض القاطع للتمادي في استخدام الصلاحيات.

وهنا تبرز أهمية وعي الأهداف من مثل هذه الإجراءات، والعمل على تعرية مراميها والتصدي السلمي والقانوني لها. كما ان التطورات الأخيرة في بلادنا تؤكد، بالنسبة الى القوى  المتطلعة الى التغيير خصوصا، ضرورة أن تعي جيدا أهمية وحدة قواها وتنسيق جهدها ومواقفها، وان تبعد نفسها عن اغراءات السلطة والمتنفذين، وتعمل عبر منظومة متكاملة من الوسائل الكفاحية، لعل في مقدمتها تنمية وتطوير الضغط الشعبي والحركة الاحتجاجية الواسعة والمنظمة، التي تجمع على نحو سليم بين المطالب اليومية والمعيشية وتوفير الخدمات ، ومتطلبات التغيير على الصعيد الوطني ، مع وضع الانتخابات المقبلة في هذا السياق. 

***************************************

الصفحة الثالثة

مختصون ينتقدون غياب المعايير العالمية جدل العمارة والهوية في مشروع تأهيل شارع الرشيد

بغداد – تبارك عبد المجيد

يمثل شارع الرشيد، الذي يتجاوز عمره قرناً من الزمان، أحد أبرز المعالم التاريخية والحضرية في بغداد، وذاكرة نابضة تختزن ملامح الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعاصمة، إلا أن الشارع، الذي كان يوماً القلب التجاري والثقافي للمدينة، يعاني منذ عقود من الإهمال والتراجع العمراني، ما جعله محوراً دائماً للنقاش حول جدوى مشاريع التأهيل وإعادة الإحياء.

ومع انطلاق جولة جديدة من أعمال التطوير التي أعلنتها أمانة بغداد مؤخراً، تباينت المواقف بين مختصين في العمارة يؤكدون أن ما يجري يفتقر إلى الأسس العلمية ويهدر الأموال دون تحقيق الأهداف المرجوة، وبين جهات رسمية ترى أن المشروع يمثل خطوة متكاملة لإعادة الشارع إلى صورته الحضارية.

حلة جديدة تليق بتاريخ العاصمة

من جهته، كشف مسؤول الإعلام في أمانة بغداد عدي الجنديل لـ "طريق الشعب"، عن انطلاق أعمال تطوير متكاملة في شارع الرشيد، بهدف إعادة الشارع إلى صورته الحضارية والتاريخية التي تليق بالعاصمة.

وأوضح الجنديل أن المرحلة الأولى من المشروع تشمل المقطع الممتد من ساحة الميدان وصولاً إلى تمثال الرصافي، مشيراً إلى أن الأعمال لا تقتصر على الواجهات الخارجية للمباني، بل تشمل البنى التحتية بالكامل، بما في ذلك شبكات المياه والمجاري والكهرباء والاتصالات، بالإضافة إلى استحداث فوهات الدفاع المدني.

وأضاف أن المشروع يشمل تطوير وتأهيل كامل لأكتاف الشارع ورصفه باستخدام مادة البازلت التركي، مع إضافة مسارات جديدة تشمل مناطق الترامبول لتعزيز الحركة والتنقل في الشارع.

وبخصوص تمويل إعادة تأهيل المباني المتضررة، أكد الجنديل أن الأمانة تعمل على توفير الموارد اللازمة لإعادة بناء المباني بما يتوافق مع الطابع التاريخي للشارع، بهدف الحفاظ على هوية بغداد العمرانية والثقافية.

وأشار إلى أن الأعمال تهدف إلى تقديم شارع الرشيد في حلة جديدة تليق بتاريخ العاصمة ومكانتها، مشدداً على أن المشروع يشمل كافة عناصر الشارع من البنى التحتية إلى الواجهات والمرافق العامة، لضمان تطويره بشكل متكامل ومستدام.

يفتقد الاساس العلمي!

يقول المهندس علي أمير، رئيس فريق "معماريون"، إن أعمال تأهيل شارع الرشيد ما زالت تعاني من التلكؤ وهدر المال دون تحقيق النتائج المرجوة، مبينا ان "المشروع يُنفذ بطريقة لا تستند إلى أسس صحيحة لإعادة التأهيل، إذ يجري التركيز على الجوانب الشكلية أكثر من المضمون الوظيفي".

ويضيف أمير في حديث لـ ’"طريق الشعب"، أن الشارع "ليس مجرد واجهة عمرانية، بل هو قلب بغداد التاريخي، ومن الضروري أن يُعاد إليه دوره الحيوي عبر معالجة مدروسة وشاملة، لا عبر حلول مؤقتة أو سطحية. كان الأجدر أن تُستثمر الموارد الكبيرة المرصودة للمشروع بطريقة علمية تضمن الحفاظ على قيمة الشارع وإعادة الحياة إليه".

ويشير أمير إلى أنه أجرى جولات عديدة في شارع الرشيد رفقة معماريين أجانب، لتعريفهم بالعمارة البغدادية وفرادتها، مؤكداً أن الشارع يمتلك قيمة تاريخية عالمية يجب الحفاظ عليها بعناية ودقة.

أعمال ترقيعية!

ويعلق أستاذ العمارة الهندسية بلال سمير على مشاريع التأهيل، قائلا: أن "فكرة الانطلاق من مراكز المدن أو المناطق القديمة لإعادة تأهيلها تُعد خطوة مهمة جداً للحفاظ على هوية المدن"، واكد إن هذه المقاربة هي الأسلوب الذي تتبعه معظم المدن في العالم لتثبيت ملامحها التاريخية وإعادة إحياء روحها العمرانية والاجتماعية.

لكن سمير يستدرك في تصريحه لـ"طريق الشعب"، قائلاً أن "المختصين في مجال العمارة، وخاصة المتخصصين في إعادة التأهيل والتوثيق المعماري، غالباً ما يعبرون عن عدم رضاهم عن طبيعة الأعمال المنفذة حالياً"، مشيراً إلى وجود سببين رئيسيين لذلك: "التركيز على الواجهات فقط، حيث يجري الاهتمام بالشكل الخارجي للمباني دون الالتفات إلى إعادة تأهيلها وظيفياً".

ويضيف أن المباني يجب أن تُعاد إليها الحياة من خلال استخدامات جديدة، سواء عبر استعادة الوظائف التقليدية التي اعتاد عليها سكان بغداد مثلاً، أو عبر إدخال وظائف حديثة، المهم أن تكون هذه المباني فاعلة من الداخل لا مجرد قوالب جميلة من الخارج". اما السبب الاخر فيتعلق بـ"طرق التنفيذ ومواد البناء، حيث لا تُطبق بشكل كامل المعايير العالمية في إعادة التأهيل، مثل استخدام نفس المواد الأصلية أو التعامل بعناية مع الإضافات المعمارية".

يؤكد أن ما يجري حالياً يبتعد عن الدقة المطلوبة في هذا النوع من المشاريع.

ويردف سمير كلامه بضرورة "النظر بإيجابية إلى مثل هذه المبادرات: بدل أن نلعن الظلام، لنشعل شمعة"، مضيفا أن القبول بهذه المشاريع بحدها الأدنى قد يكون مبرراً في ظل الإمكانيات الحالية، لكن الإشكال الحقيقي يظهر عند الكشف عن ضخامة الأموال المصروفة عليها، ما يثير تساؤلات حول سبب عدم استثمار تلك الموارد في تطبيق الأساليب العلمية الدقيقة لإعادة التأهيل.

وختم بالقول إن الفكرة في جوهرها جيدة وتمثل الطريق الصحيح لإحياء الهوية، لكن ذلك يتطلب صياغة استراتيجية واضحة تحدد الغاية من المشروع، مع توفير الأدوات المادية والبشرية اللازمة لإنجازه وفق معايير تحفظ القيمة التاريخية والمعمارية وتضمن استدامتها.

التاريخ البغدادي مغيب

وفي السياق، قال أ.د. جاسم الدباغ، المعماري وعميد كلية الهندسة بجامعة النهرين سابقاً، أن الحديث عن مدينة بغداد اليوم بمعزل عن جذورها التاريخية لا يمكن أن يفي بمتطلبات إنقاذها من التدهور العمراني الذي تشهده. وشدد على أن استعادة ملامح العمارة البغدادية يستلزم العودة إلى مختصر من تاريخها الممتد لآلاف السنين.

وأوضح الدباغ لـ "طريق الشعب"، أن "جذور البيت البغدادي تمتد عميقاً في التاريخ، وصولاً إلى مساكن الأهوار التي تعود إلى عشرة آلاف عام، ومنها إلى البيت السومري الذي أسس لنمط معماري ظل مستمراً عبر العصور"، وأضاف أن هذا النمط تطور ببطء شديد، متأثراً باحتكاك العراق بالمحتلين، لكنه حافظ في جوهره على خصوصيته الفريدة في تشكيل البيت، ثم المحلة، فالمدينة.

وأشار إلى أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية كان لها أثر بالغ على هذا التراث، حيث أصبحت البيوت البغدادية القديمة والأحياء التراثية مأوى للعائلات الفقيرة والمحتاجة. ورغم قيمتها التاريخية، فإن سوء الاستعمال وقلة الموارد ساهم في تدمير هذه الأحياء الحيوية وتشويه معالمها.

وحمل الدباغ بعض غير المختصين وضعيفي الكفاءة مسؤولية كبيرة في ما أصاب العمارة المحلية من أضرار، مؤكداً أن غياب الرؤية المعمارية الرصينة فتح الباب أمام اجتهادات خاطئة. ولفت إلى أن بعض الآراء المعمارية التي لا تحترم الموروث البغدادي ساهمت في إضعاف هوية المدينة، خصوصاً عبر استنساخ أنماط أوروبية بالية تُقدَّم تحت مسمى "العمارة الكلاسيكية"، من دون أي ارتباط بروح المكان أو احتياجاته.

وختم الدباغ بالتأكيد على أن صيانة الموروث المعماري لبغداد وتطويره لا ينبغي أن يكون مجرد شأن تراثي، بل هو ركيزة أساسية لتأسيس عمارة مستقبلية أصيلة، قادرة على الجمع بين الحداثة والهوية المحلية.

********************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

غزو العراق وأفكار نائب الرئيس

نشرت صحيفة بوليتيكو مقابلة مطوّلة أجراها إيان وارد مع نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، خُصِّصت للتعرّف على تأثير خدمته في العراق على تكوين شخصيته، وكيف شكّل احتلال هذا البلد — الذي شارك فيه كجندي في مشاة البحرية — جزءًا من أيديولوجيته في السياسة الخارجية.

اكتشاف الخديعة

وذكر الكاتب أن فانس، الذي كان مغرمًا بمهمة الذهاب إلى الشرق الأوسط "لقتل الإرهابيين"، أدرك مبكرًا أن القوة العسكرية الأمريكية وحدها عاجزة عن تحويل مجتمع معقّد إلى ديمقراطية على النمط الغربي، وأن الغزو زاد من صعوبة تلك المهمة بزعزعته استقرار المجتمع العراقي.

ويبدو أن مشاركته في حماية انتخابات عام 2005، وما شهدته من طائفية وعنف سياسي ورشاوى، ساهمت في ترسيخ قناعته باستحالة استخدام القوة العسكرية الأمريكية لبناء ديمقراطية من الصفر، حيث كتب عن تلك الفترة في عام 2020 يقول "عدتُ عام 2006 متشككًا في الحرب والأيديولوجية التي قامت عليها".

يمين شعبوي

ووفق المقابلة فقد ظهرت تأثيرات تلك الحرب على فانس في مواقفه الرافضة لتقديم مساعدات عسكرية أمريكية إضافية لأوكرانيا، وتركيّز خطابه الشعبوي على نقد وازدراء النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة، التي قال إنها كذبت عليه عندما أخبرته بأنها تخوض الحروب "من أجل الحرية والديمقراطية". واعتبر أن وعود "مؤسسة السياسة الخارجية في هذا البلد كانت مجرد مزحة"، على حد تعبيره.

ولم تقتصر تلك التأثيرات على مناهضة التدخل العسكري على الساحة الدولية، بل شملت أيضًا تكوين العديد من الأفكار والميول التي حدّدت فلسفته السياسية الأوسع، والمتمثلة بتشككه في النخب السياسية، وعدائه لوسائل الإعلام، ونظرته المتناقضة إلى الديمقراطية الليبرالية، وأفكاره التقييدية بشأن الهجرة والمواطنة الأمريكية.

إخفاء التغييرات

وأوضح الكاتب بأن فانس بعث من العراق العديد من التقارير الإخبارية ذات المحتوى العسكري واللغة الأدبية الراقية، باعتباره مراسلًا ميدانيًا. وبينما اختار زملاؤه أسلوب إرنست همنغواي في كتابة المراسلات، كان فانس مغرمًا بطريقة فوكنر. وقد خلت تلك التقارير من شكوكه حول مسار مهمة الولايات المتحدة، حيث استمر في امتداح دور قوات بلاده في مساعدة العراقيين على إعادة بناء بلدهم والاعتناء بأنفسهم.

ورغم الادعاءات التي كانت تُضخ له ولزملائه حول إنجازات قوات الاحتلال وقرب انسحابها، فقد اكتشف سريعًا زيف تلك الادعاءات، سواء من خلال التوسّيع المتواصل لقاعدة عين الأسد التي خدم فيها، أو في ازدياد عدد القتلى الأمريكيين، أو الفشل في تهدئة "المتمرّدين" العراقيين، أو عدم إرساء ديمقراطية مستقرة في البلاد.

وأضاف المقال بأن فانس، وبعد أن كان يجادل بأن الشعوب المضطهدة حول العالم تتطلّع إلى الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية كنماذج للأنظمة السياسية الليبرالية التي تطمح إلى تبنّيها، وأن على هذه الدول التزامًا أخلاقيًا وحافزًا جيوسياسيًا لتلبية هذا التطلّع، اكتشف واقعًا مختلفًا تمامًا في العراق، فقد خيّمت الصراعات الطائفية والعنف السياسي العلني على مرحلة الاستفتاء على الدستور والانتخابات، وقال عن ذلك: "هؤلاء الناس لطفاء، ولكنهم لا يكترثون لهذا الأمر إطلاقًا".

دروس مستخلصة

وبيّن المقال بأنه وحينما أشادت إدارة بوش بالانتخابات ووصفتها بأنها "لحظة فارقة في مسيرة الحرية"، استخلص فانس ثلاثة دروس رئيسية من تجربته مع الديمقراطية العراقية المتعثّرة:

الدرس الأول: أن خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة كانوا مخدوعين بأيديولوجيتهم الخاصة. ففي واشنطن، كان المعلقون يفسّرون عدم حماس العراقيين للديمقراطية الغربية من منظور سياسي، معتبرين أن العراقيين استاؤوا من انتهاك الولايات المتحدة لسيادتهم الوطنية وردّوا بمقاومة سياسية منظمة. لكن على أرض الواقع، أدرك فانس أن معظم العراقيين يتعاملون مع الصراع بواقعية، فقد جعل وصول القوات الأمريكية البلاد أقل أمانًا واستقرارًا، لذا أرادوا رحيل الولايات المتحدة.

اما الدرس الثاني: أن الديمقراطية، على عكس الفولاذ أو أشباه الموصلات، ليست سلعة قابلة للتصدير بسهولة، إذ "لا يمكنك فرض الديمقراطية على الناس".

ويشير الدرس الثالث الى أن العراقيين كانوا مدفوعين بالحاجة الملحّة إلى الأمن، وربما لا يكترثون كثيرًا بالديمقراطية، فكل ما يريدونه هو بلد آمن.

نقد ما بعد الحرب

بعد تسريحه من الخدمة العسكرية، كتب فانس سلسلة مقالات ألقى فيها باللوم في الحرب على بوش والنخب الجمهورية، التي — حسب رأيه — ضحّت بالأمريكيين البيض بأعداد كبيرة من أجل أوهامها بتصدير الديمقراطية حول العالم، وهو ما أسفر عن "حكومة عراقية عاجزة وغير منظّمة، وشرق أوسط أسوأ حالًا بشكل أقسى مما وجدناه عليه".

************************************

عين على الأحداث

مو خوش بشارة

طمأن المستشار المائي للحكومة الناس بوجود شُحّة مائية وليس جفافًا، وأن خزانًا مائيًا قد شُيّد في العاصمة لدرء المخاطر المائية. هذا، وفي الوقت الذي لم يذكر فيه المستشار شيئًا عن العطش في باقي أنحاء العراق، أشارت أرقام صادمة لامتلاك البلاد 8 مليارات متر مكعب من المياه حاليًا، أي ما يعادل 8 في المائة من القدرة الخزنية الكلية، وأن إجمالي الإيرادات بلغ 1.19 مليار متر مكعب شهريًا، مقابل استهلاك يصل إلى 2.53 مليار متر مكعب شهريًا، فيما تشير التقديرات الدولية إلى أن حصة الفرد ستتراجع إلى 479 مترًا مكعبًا سنويًا بعام 2030، أي لربع المعيار الدولي.

شنو، عناد!

بلغت استيرادات العراق من الفواكه من مصر أكثر من 87 مليون دولار في العام الماضي، شملت استيراد الفراولة بقيمة 51 مليون دولار، والحمضيات بقيمة 27.3 مليون دولار، والتمور والأفوكادو والأناناس والمانجو بقيمة 4.3 ملايين دولار، والموز والكرز بقيمة 3.3 ملايين دولار، والبطيخ والعنب بقيمة 1.6 مليون دولار. هذا، وفيما تؤشّر هذه الأرقام ما أصاب إنتاجنا الزراعي من تدهور، فإنها تؤكد على أن الحكومات لم تكتفِ بفشلها في خلق البيئة التي تشجع الفلاحين على الإنتاج – كتوفير التقنيات الحديثة والقروض– بل عمدت إلى سياسة "الباب المفتوح" أمام الاستيراد، لتقضي على ما تبقى من إنتاج وطني.

مو كافي نهب!

كشف البنك المركزي العراقي عن بلوغ قيمة الصادرات خلال الربع الأول من العام الحالي 24.112 مليار دولار (23.5 مليار منها من النفط الخام)، فيما بلغت قيمة الاستيرادات من السلع خلال الفترة نفسها 21.4 مليار دولار، منها 1.4 مليار استيرادات حكومية، والباقي استيرادات القطاع الخاص. هذا، وفي الوقت الذي تثير فيه هذه المعطيات تساؤلات وشكوكًا حول مصير المبالغ التي تُصرف على الاستيراد ومدى تناسبها مع كمية السلع المستوردة، يؤكد المراقبون على أن التبادل التجاري للبلاد لم يحوّلها إلى سوق لكل بضائع الآخرين، رديئة الجودة فحسب، بل أيضًا إلى منفذ خطير للتهريب والفساد وهدر المال العام.

وكالات {بطرانة}

دعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة العراق إلى إجراء إصلاحات عاجلة لتنويع مصادر الكهرباء، والحدّ من الاعتماد شبه الكامل على النفط، عبر استثمار إمكانياته الهائلة وغير المستغلة في مجال الطاقة الشمسية والرياح، والتي يمكن أن تنتج ما يصل الى 30 غيغاواط بحلول عام 2030، وذلك لمعالجة ضعف كفاءة قطاع الكهرباء، وتعزيز أمن الطاقة، وخلق فرص عمل، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتقليل العجز المالي، وتخفيف الضغوط البيئية. هذا، ويعلّق الناس على هذه الدعوات بترداد المثل الشهير: "عرب وين وطنبورة وين"، فمشكلة الكهرباء كانت وستبقى "دجاجة أولي الأمر" التي تبيض لهم ذهبًا، ولا يُعقل أن يذبحوها ويخرّبون بيوتهم!

يا محلى البرلمان

اعترف عدد من النواب بإقدام مجلسهم على التصويت على مشاريع القوانين وتعيينات الدرجات الخاصة، دون أن يكون هناك نصاب مكتمل أثناء التصويت، مما يعني لا دستورية هذه القوانين والقرارات. هذا، وفي الوقت الذي يشكّل فيه هذا الاعتراف فضيحة تُفقد المجلس مصداقيته، فإنه يتسق مع واقع هذه الدورة التي لا يمتلك 80 في المائة من أعضائها تخصصات دراسية عالية، ولم يعقد المجلس في أشهر الصيف سوى 6 جلسات، نُفذ خلالها نصف فقرات جداول أعماله، ولم يُجر فيها أي نشاط رقابي، واكتفى بإقرار ثلاثة قوانين، وشهدت جلساته اشتباكات بالأيدي وتبادل الشتائم النابية بين "ممثلي" الشعب.

**********************************************

الصفحة الرابعة

يعرقل جهود الاصلاح ويهدد استقرار العراق السلاح المنفلت باقٍ ووعود الحكومات تتبخّر

بغداد - طريق الشعب

مع اقتراب عمر الحكومة الحالية من نهايته، أخذت الوعود الكثيرة، التي أطلقتها قبل ثلاثة أعوام، في ما يخص حصر السلاح بيد الدولة، تتبخر، ومعها الكثير من الملفات التي تضمنها البرنامج الحكومي.

ولا يزال السلاح المنفلت يواصل تهديد الاستقرار والأمن، بالرغم من الحملات الحكومية بفرض السيطرة وتطبيق القانون.

خارج السيطرة

في هذا الشأن، قال الخبير الأمني سيف رعد أن حكومة السوداني واجهت منذ تسلّمها السلطة خروقات أمنية خطرة، بدأت بحادثة آلبوعيثة، عندما استخدمت إحدى الجهات المحسوبة على هيئة الحشد الشعبي، السلاح ضد قوات الشرطة الاتحادية على خلفية نزاع على قطعة أرض، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، في حين لم تُعلن نتائج التحقيقات وتم تسويف القضية.

وأضاف رعد في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هذه الحادثة لم تكن سوى البداية، اذ تكررت الخروقات عبر سلسلة اغتيالات في بابل وبغداد من دون الكشف عن الجناة، مشيرا الى أن من أبرز التحديات الأمنية أيضاً "تسريب بيانات تخص الأجهزة الأمنية والوزارات وأرقام الضباط عبر قنوات على “تلغرام”، مبيناً أن رد الحكومة "كان ضعيفاً واقتصر على إغلاق التطبيق لأيام معدودة من دون إعلان نتائج التحقيقات أو كشف المتورطين".

وتابع الخبير الأمني ان هذه القضايا لم تكن عابرة، انما ترتب في الاساس بالسلاح المنفلت بشكل او بآخر.

وأشار إلى أن الحكومة أعلنت عن "خطة استراتيجية لحصر السلاح بيد الدولة، وأوكلت تنفيذها الى وزير الداخلية عبد الامير الشمري، وشملت تسجيل الأسلحة وربطها ببصمة جنائية، وتقديم حوافز مالية مقابل تسليم السلاح، لكنها اقتصرت على المواطنين والعشائر، ولم تمس جوهر المشكلة المتمثلة بسلاح الفصائل، ما جعل الخطة شكلية أكثر منها فعلية.

وزاد بالقول، أن المشكلة الكبرى هي ان "بعض الخروقات ارتُكبت باستخدام سلاح الدولة نفسه، كما حصل في حادثة السيدية التي استُخدم فيها سلاح وعجلات حكومية"، مؤكداً أن "الامر لم يعد يقتصر على السلاح غير المرخص، بل امتد الى استغلال المنظومة الأمنية الرسمية لأغراض غير مشروعة".

ورأى رعد، أن سياسة "مسك العصا من الوسط" التي انتهجتها الحكومة ساهمت في ترسيخ ظاهرة السلاح المنفلت، إذ ما زال هناك سلاح يخضع للقائد العام للقوات المسلحة، يقابله سلاح آخر مرتبط أيديولوجياً وإقليمياً بجهات خارج الدولة.

وختم قائلاً، انه “لا يمكن اعتبار ما يصدر من الحكومة عن إنجازات في ملف السلاح المنفلت منسجما مع الواقع، فالاجراءات لا تلامس جوهر المشكلة، والواقع الأمني يثبت أن التحدي أكبر بكثير، وأن السلاح غير الخاضع للدولة ما زال فاعلاً ومؤثراً في المعادلة الأمنية والسياسية على حد سواء".

دولة عاجزة

من جانبه، قال المراقب للشأن السياسي هاشم الجبوري، ان "هناك تسويقا اعلاميا للحكومة كانها حكومة تنمية وإعمار، ولكن إذا استعرضنا سريعاً ما يسمى بالانجازات سنجد أنها تقتصر على مجموعة من الجسور بكلف مالية خيالية مقارنة بجسور أُنجزت في حكومات سابقة، الأمر الذي يستدعي تدقيقاً مالياً شفافاً بخصوص المبالغ التي خُصصت لتلك المشاريع في الاساس".

وقال الجبوري في حديث لـ"طريق الشعب"، إن "سبب بروز هذه المجسرات وتسويقها على أنها إنجازات يعود الى أن الشعب لم يلمس أي منجز سابقاً، فتم تمرير الاستحقاقات الطبيعية وكأنها إنجازات استثنائية”، مشدداً على أن “الواقع مختلف تماماً؛ فالقطاع الصحي منهار بالكامل، والقطاع الصناعي شبه غائب، أما قطاع الكهرباء فقد أصبح عقدة أزلية ترافق العراقيين منذ سنوات طويلة، فأين الانجازات؟".

وفي معرض حديثه عن السلاح المنفلت، شدد الجبوري على أن “هذا الملف هو الأخطر والأكثر تعقيداً في العراق، إذ ينقسم إلى نوعين: منظم وغير منظم. فالمنظم هو السلاح الذي يمتلك صفة قانونية، لكنه يُستخدم خارج إطار الدولة وضد المواطنين، بل وحتى ضد القوات الأمنية، كما حدث مؤخراً في حادثة مديرية زراعة بغداد/ السيدية"، مشيرا الى انه كان من المفترض أن "يكون حاملو ذلك السلاح تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة، إلا أن ما رأيناه بعد الجريمة هو تصريحات مستفزة من أحد النواب المعروفين بانتمائهم لفصائل مسلحة، لم تكن سوى استهزاء بالقائد العام وبالأجهزة الأمنية".

وعدّ الجبوري، ان السلاح المنفلت تحول الى عامل موازٍ لسلطة الدولة، يتحكم بالقرار السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، ويُستخدم وسيلة ابتزاز وضغط ضد مؤسسات الدولة وضد أي طرف يهدد مصالح حامليه، مضيفا ان "الأخطر من ذلك أن بعض هذا السلاح بات يمتلك غطاءً قانونياً وسياسياً، ما يجعله عصياً على المحاسبة أو حتى المساءلة، الأمر الذي يُفقد الدولة هيبتها أمام مواطنيها".

ورأى ان “الحكومة تعاني اليوم من صراع بين قوتين أساسيتين؛ الأولى تفرض هيمنتها عبر السلاح المنفلت بشكل صريح. والثانية تعمل على إضفاء صبغة قانونية على ذلك السلاح عبر دمجه أو منحه الشرعية. وفي كلتا الحالتين يبقى خارج سيطرة الدولة. وهذا يعني أن القرار السيادي مرهون بقوة السلاح، لا بقوة القانون”.

وختم الجبوري بالقول: “متى ما جرى تهديد مصالح القوى التي تحتكر السلاح، فإنها لن تتردد في استخدامه كأداة لهدم الدولة وقتل المواطنين. لذلك لا يمكن الحديث عن إنجازات أو إصلاحات حقيقية ما دام هذا السلاح طليقاً، فهو الخطر الأكبر على استقرار العراق ومستقبله”.

تحدٍ مستمر يهدد الدولة والسيادة

وفي سياق متصل، أكد المحلل السياسي داوود سلمان أن “الوضع الأمني الراهن في العراق يعكس فشل الحكومة في فرض سيطرتها على المنظومة المسلحة، ويبرز هشاشة الدولة في مواجهة السلاح غير الخاضع للرقابة، سواء كان مرتبطاً بفصائل مسلحة أو جهات داخلية تمثل سلطة موازية”.

وقال سلمان لـ”طريق الشعب”، أن “الملف الأمني لم يعد مجرد اختلال في الأداء الإداري أو قصور في التحقيقات، بل أصبح عامل ضغط سياسي يؤثر مباشرة على صنع القرار الوطني، ويشكل تهديداً للسيادة العراقية، إذ أن أي تحرك سياسي أو اقتصادي يتطلب مراعاة وجود هذه القوى المسلحة التي تمتلك القدرة على فرض إرادتها بالقوة”.

وأضاف أن “محاولات الحكومة الحالية لحصر السلاح بيد الدولة تبدو شكلية الى حد كبير، لأنها لم تمس جذر المشكلة المتمثل بالسلاح المرتبط بالفصائل أو الجهات ذات النفوذ الاقليمي، ما يضع هذه الاجراءات في خانة الدعاية السياسية، والتي هي بطبيعة الحال لا تغير من الواقع الأمني على الأرض”.

واختتم سلمان تصريحاته بالقول انه “بدون فرض سيطرة الدولة الكامل والحد من نفوذ السلاح المنفلت، سيبقى العراق رهينة للمصالح الخاصة والضغوط الاقليمية، وعرضة للابتزاز، ولن تتحقق الاصلاحات أو الاستقرار المنشود، إذ أن المعادلة الأمنية والسياسية مرتبطة بشكل وثيق بهذا الملف الحساس”.

*******************************************

مسح جديد يرصد مستويات الفقر والبطالة.. التخطيط تعلن انخفاض نسبهما واقتصاديون يؤشرون غياب المعايير واعتماد الحلول الترقيعية

بغداد - طريق الشعب

أعلنت وزارة التخطيط اخيراً، عن نتائج مسح اقتصادي شامل شمل جميع المحافظات، والتي اظهرت تراجعاً في نسب الفقر والبطالة خلال العامين الماضيين، مؤكدة ان هذه المؤشرات تُسهم في رسم خريطة دقيقة لمستويات المعيشة وتوجيه السياسات الحكومية نحو المناطق الأكثر احتياجاً.

لكن عددا من الخبراء الاقتصاديين شككوا في دقة هذه الأرقام، معتبرين أن "غياب معايير واضحة لتحديد خط الفقر وتفاوت البيانات الرسمية، يضعف من جدوى المسوح الاحصائية". ونبهوا الى أن المعالجات الحكومية ما تزال محصورة ببرامج الحماية الاجتماعية، في وقت يواجه فيه سوق العمل تحديات متفاقمة مع تزايد أعداد الخريجين وضعف دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل.

الوزارة توضح

في هذا الصدد، أوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن المسح الاقتصادي الذي أُجرته وزارة التخطيط، شمل 18 محافظة في عموم العراق، بما فيها محافظات اقليم كردستان، وغطى كافة الأقضية البالغ عددها أكثر من 171 قضاءً، واستمر المسح لمدة عام كامل.

وقال الهنداوي لـ"طريق الشعب"، إن المسح شمل أكثر من 24 الف أسرة، بمعدل 5 زيارات خلال العام لمتابعة مستوياتها المعيشية، مشيراً الى أن النتائج أظهرت تراجعاً ملموساً في معدلات الفقر والبطالة في البلاد.

وبيّن أن "نسبة الفقر انخفضت من 23% عام 2022 الى 17.5% عام 2024، بينما تراجعت البطالة من 16% الى 13% خلال نفس الفترة".

وفي ما يخص المحافظات، أشار الهنداوي إلى أن أغلبها شهد انخفاضاً في معدلات الفقر، حيث انخفضت نسبة الفقر في محافظة المثنى من 52% الى 40%، وفي محافظات الجنوب (ميسان وذي قار والديوانية) من أكثر من 40% الى أقل من 20%.

وبحسب المتحدث فقد سجلت "محافظة نينوى انخفاضاً في الفقر من 38% الى أقل من 20%. أما باقي المحافظات، فكان معدل الانخفاض فيها طفيفاً الى متوسط"، لافتا الى أن البيانات التي أظهرها المسح "دقيقة وتعكس الواقع بشكل كبير وفق الآليات المعتمدة".

واشار الى أن "هذه النتائج ستساهم في رسم خريطة جديدة للفقر على مستوى المحافظات والأقضية".

وواصل القول، ان "الخريطة التي سترسمها النتائج، ستمكن الحكومة من توجيه سياسات الدعم ومكافحة الفقر نحو المناطق الأكثر احتياجاً، خصوصاً وان هناك خطة جديدة لمكافحة الفقر".

وزاد بالقول إن هذه المسوح "ستستمر بشكل دوري، حيث من المقرر إجراء مسح آخر العام المقبل لمتابعة كافة المتغيرات في الواقع العراقي، بهدف تعديل السياسات ورسم الخطط لمعالجة جذور وأسباب الفقر بشكل أكثر فعالية".

مسوحات بلا فائدة

من جهته، قال المختص في الشأن الاقتصادي صالح الهماشي، ان "أول سؤال نطرحه: كيف يُحدَّد خط الفقر؟.. كل دولة لديها معايير لتحديد خط الفقر".

وأضاف الهماشي في حديث مع "طريق الشعب"، ان "احد المعايير في بعض الدول هو الدخل، فاذا كان دخل الفرد الشهري أقل من خمسين دولارًا يُعتبر تحت خط الفقر. وهناك دول تعتمد 100 دولار يومياً كمعيار وغيرها".

وتساءل بالقول "على أي معيار اعتمدت الوزارة لتحديد خط الفقر؟ ما هي مستويات دخل الفرد والعائلة؟"، مبينا ان هذه المعايير في البلاد مختلفة، وتجعل الأرقام متباينة؛ فهناك منظمات تقدّر نسبة الفقراء بحوالي 17% واكثر. بينما تعطي وزارة العمل رقماً مختلفاً، وكذلك وزارة التخطيط.

وعزا السبب في ذلك الى "غياب معايير واضحة، فلا يوجد قانون عمل منظم، ولا أنظمة إدارية ومحاسبية دقيقة في العراق، ولا سياسة اقتصادية واضحة. وبالتالي، كل مؤسسة أو وزارة تعتمد معياراً خاصاً بها".

من ناحية أخرى، اشار الى ان "الأرقام التي تصدرها وزارة التخطيط أو وزارة العمل أو بعض المنظمات بشأن نسب البطالة وخط الفقر لا تقدّم حلولاً حقيقية لمعالجة الفقر حتى الآن"، لافتا الى أن "الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 تعالج الفقر فقط عبر شبكة الحماية الاجتماعية، دون وجود برامج جادة لتطوير الموارد البشرية أو استراتيجيات، للحد من البطالة ومكافحة الفقر".

واكد في سياق حديثه ان "المشكلة هي ان سوق العمل لا يستوعب الأعداد الكبيرة من الخريجين؛ فكل سنة يدخل حوالي 400 الف شاب من الجامعات والمعاهد الى سوق العمل، بينما الدولة غير قادرة على استيعاب تلك الاعداد. في المقابل، لم يُفعَّل القطاع الخاص تفعيلًا حقيقياً حتى الآن، وما يزال خاملاً".

ورهن الهماشي حل مشكلة الفقر والبطالة في البلاد بـ"تفعيل القطاع الخاص بشكل حقيقي، وحماية رؤوس الأموال، اضافة لتطوير النظام المصرفي، علاوة على تنظيم عمل التجارة والاستيراد".

الريعية تحافظ على هشاشة الاقتصاد

الى ذلك، أكد الباحث في الشأن الاقتصادي قصي الناهي أن “المسوح الاحصائية التي تعلنها الجهات الرسمية حول انخفاض نسب الفقر والبطالة لا تكفي وحدها لتقديم صورة دقيقة عن الواقع المعيشي في البلاد”، موضحاً أن “عدم تحديد معايير موحدة للفقر والدخل يخلق فجوة بين البيانات الحكومية وما يعيشه المواطن في حياته اليومية”.

وقال الناهي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن “الواقع الفعلي يشير إلى تعمق التحديات، فهناك مئات الآلاف من الشباب الذين يدخلون سوق العمل سنوياً، من دون أن يجدوا فرصاً حقيقية، في وقت يعتمد فيه الاقتصاد العراقي بشكل شبه كامل على العوائد النفطية، وهو ما يجعله هشاً أمام أي ازمات او تقلبات في أسعار السوق العالمية”.

وبيّن أن “المعالجات الحكومية تركز غالباً على الحلول المؤقتة مثل برامج الحماية الاجتماعية أو القروض الصغيرة والتعيينات غير المدروسة، كذلك التي تثقل كاهل الدولة".

ونوه الى انها "لم تضع حتى الآن سياسة اقتصادية شاملة قادرة على استيعاب قوة العمل أو خلق بيئة استثمارية حقيقية”، مشدداً على أن “القطاع الخاص ما زال يفتقر إلى الدعم والتشريعات التي تجعله شريكاً فعلياً في التنمية”.

واضاف بالقول إن “مكافحة الفقر والبطالة تتطلب رؤية اقتصادية بعيدة المدى تستند إلى تنويع مصادر الدخل، وتوسيع الاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، إلى جانب تبني اصلاحات حقيقة وجادة".

وخلص الى القول ان" هذه الاصلاحات يجب ان تتركز في النظام المالي والمصرفي، لضمان جذب رؤوس الأموال وتوظيفها في مشاريع تنموية من شأنها ان توفر فرص عمل مستدامة، حينها يمكن الحديث بشكل واقعي عن مكافحة الفقر والبطالة".

****************************************

الصفحة الخامسة

يستدرجونهم عبر مواقع التواصل تجار أعضاء بشرية يُغرون الفقراء ببيع كُلاهم

متابعة – طريق الشعب

أدرك أمجد كريم (29 سنة) من مدينة الثورة (الصدر)، بعد شهور من تقديم طلبات التعيين للمؤسّسات الحكومية، أن فرصته في الحصول على عمل حكومي بشهادته الجامعية، معدومة. لذلك توجّه نحو العمل الخاصّ بائعاً للشاي في كشك صغير بالقرب من سوق مريدي الشعبي، الذي أزالته البلدية قبل أيام.

طوال ستّ سنوات عمل كريم على إعالة أسرته، مكان أبيه المتوفى. فكان عمله يؤمّن مصاريف العائلة قبل أن يواجه في نيسان 2023 "منعطفاً مأساوياً"، حين اكتشف إصابة والدته بسرطان الثدي. إذ توجّب عليه تحمّل تكاليف علاجها الباهظة، لينفد سريعاً كلّ ما لديه من مال وتتراكم عليه الديون، ما أجبره على البحث عن أي وسيلة تنقذ والدته والعائلة، بما فيها بيع أحد أعضاء جسمه!

في كانون الأول 2023 شاهد كريم منشورا على فيسبوك يطلب متبرعين بالكلى. ومع تردّي وضعه المالي وحالة والدته، لم يقاوم العرض المقدّم له.

يقول في حديث صحفي: "قدّموا 13 مليون دينار مقابل إحدى كليتيّ، وكان هذا المبلغ يعني بالنسبة لي تخفيفاً للديون واستمراراً في علاج أمّي!"، مضيفا أنه اتفق مع صاحب المنشور على كل التفاصيل، بما في ذلك السفر إلى إيران لإجراء العملية الجراحية في أحد مستشفياتها. فأخبر والدته بأنه سيسافر من أجل فرصة عمل عُرضت عليه.

ويضيف كريم أن صاحب المنشور ومعه فتاة عراقية، استقبلاه في طهران، وأسكناه في شقة بالقرب من المستشفى، لمدة 20 يوما خضع خلالها لفحوص مختبرية، أكدت صلاحية كليته للمُتبرَع له، مشيرا إلى أن العملية أجريت له، وبعد أن أمضى خمسة أيام متتالية في المستشفى، عاد إلى بغداد، وأخبر والدته وأخوته الصغار بأن فرصة العمل لم تكن ملائمة!

لكن آلاما مبرحة داهمته. حيث ظهرت مضاعفات العملية، لكنه أخفى الأمر عن والدته التي فارقت الحياة في أيلول 2024.

وأخيرا، ينصح كريم الناس بعدم اختيار الطرق التي يعتقدون أنها سهلة "بيع كليتي لم يكن حلاً صائباً، وللأسف تداعيات ذلك ستؤثّر على حياتي دائماً، كما يؤكّد أطباء".

وانتشرت خلال السنوات الأخيرة في العراق، شبكات للإتجار بالأعضاء البشرية، تتهمها أجهزة الحكومة باستغلال الظروف المالية الصعبة للمواطنين، واستدراجهم عبر عروض لبيع أعضائهم خلافاً للقانون، ومقابل مبالغ زهيدة قياساً بما تحصل عليه تلك الشبكات، التي تُزوّر بعض الوثائق لضمان إجراء الجراحة داخل العراق، أو التوجّه لإجرائها في دول أخرى خارج المتطلّبات القانونية، وبعيداً عن الرقابة.

مفاوضات استقصائية

"شبكة نيرج" للصحافة الاستقصائية، تذكر في تقرير لها أنها من خلال البحث والتقصي ومراقبة حسابات متعددة على مواقع التواصل، عثرت على سبع شبكات نشطة في مجال الإتجار بالأعضاء، مبينة أنها تواصلت مع الشبكات كبائعين مفترضين عبر رسائل خاصة ومكالمات هاتفية.

وتوضح "نيرج" أن أحد الاتصالات كان في شباط الماضي، مع امرأة قدمت نفسها على انها منسقة بين المتبرعين ومرضى الكلى، وانها تسأل المتبرع عن جملة من التفاصيل، بينها العمر والوزن وفصيلة الدم ووجود أية أمراض وتاريخ انتهاء صلاحية جواز السفر. 

وتضيف أن السيدة قدمت عرضا بـ13 مليون دينار مقابل الكلية الواحدة، مع تذكرة سفر جوي ذهابا وإيابا بين بغداد وطهران، فضلا عن تكاليف الإقامة والطعام والمصروف اليومي وتكاليف إجراء العملية.

وتذكر "نيرج" أن الاتصال الثاني قامت به خلال الفترة ذاتها مع فتاة من مروجي بيع الأعضاء البشرية، مبينة ان الفتاة أخبرتها بأنها متعهدة طبية، وانها سألت عن التفاصيل نفسها التي سألت عنها السيدة، وقالت ان العملية ستُجرى أيضا في طهران.

فيما تضيف انها تواصلت مع سمسار ثالث قدم نفسه على انه متعهد طبي في أربيل، وان الأسئلة التي طرحها نفسها التي طرحتها السيدة والفتاة، ما يوحي – وفق "نيرج" – ان الجميع شبكة واحدة، أو شبكات متعددة تدير عملياتها بالطريقة نفسها!

وتلفت إلى أن هذه الرحلة أوصلتها إلى مجموعة خاصة بالمتبرعين بالكلى والمتاجرين، على "فيسبوك"، مبينة أنها شاركت في الدردشات كبائع كلى لكسب ثقة المتاجرين، فقامت امرأة بإرسال رسالة دعائية خاصة إلى البائع (نيرج)، مفادها: "نحن مؤسّسة قانونية بخبرة 14 سنة، ونضمن لك المصداقية والشفافية".

وتتابع القول أنها تواصلت مع صاحبة الدعاية، فكررت كلام من سبقوها، بأن العملية ستُجرى في طهران مقابل 13 مليون دينار، مع التكفل بالنفقات المذكورة!

مراقبات أمنية

في السياق، يقول مدير مكافحة الإتجار بالبشر والأعضاء البشرية في وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتّحادية، العميد مصطفى الياسري، أن "شبكات تجارة الأعضاء البشرية التي تنشط في إيران وكردستان العراق تخضع لمراقبة مستمرّة من قِبل الأجهزة المختصّة"، موضحا في حديث صحفي أن لمديريته فرقاً خاصّة تعمل بالتعاون مع هيئة الإعلام والاتّصالات ووزارة الاتّصالات، إلى جانب مديرية التقنيات في وكالة الاستخبارات وقسم الجريمة الإلكترونية، لتعقّب هذه الشبكات، ومتابعة حساباتها على مواقع التواصل. حيث يتمّ رصدها لمعرفة القائمين عليها، واتّخاذ الإجراءات القانونية بحقّهم داخل العراق.

ويتابع قوله: "أما إذا كانت هذه الشبكات تُدار من الخارج، فنقوم بالتنسيق مع الجهات المختصّة في تلك الدول، لقطع الطريق أمام هذه التجارة غير الشرعية".

ووفق العميد الياسري، فإن هذه الشبكات لا يقتصر دورها على ممارسة السمسرة وترتيب عمليّات البيع فقط، بل يصل الأمر الى الإيقاع بضحاياها بوسائل متعدّدة، كتوقيعهم على كمبيالات وصكوك مالية لا يستطيعون سدادها، ما يُجبرهم على تقديم أعضائهم كتعويض، مبيّناً أن السلطات الأمنية ضبطت شبكة في النجف بداية العام الجاري، كانت تستدرج الضحايا بوسائل عدة لإجراء عمليّات استئصال الكلى في إيران.

ويؤكّد أن "العمليّات تُجرى غالباً بسرّية تامّة عبر وسطاء، كونها غير قانونية، وان المستشفيات الإيرانية التي تُجري هذه العمليّات تخضع لمراقبة السلطات العراقية"، لافتا إلى ان "سلطاتنا اتّخذت إجراءات قانونية ضدّ تلك المستشفيات بالتعاون مع السلطات الإيرانية. حيث تمّ الاتّفاق على عدم السماح لأي مواطن عراقي بإجراء عمليّات التبرّع في المستشفيات الإيرانية، إلا بعد الحصول على موافقة القنصل العراقي في إيران. وهي موافقة تُمنح فقط بعد تقديم المتبرّع شهادة مصدّقة من وزارة الصحّة العراقية".

وتؤكّد مديرية مكافحة الإتجار بالبشر والأعضاء البشرية، أن العراق حقّق أخيرا نجاحاً في مكافحة هذه التجارة، وانه تمّ القضاء بنسبة 80 في المائة على هذه الجريمة، واعتقال بعض أخطر المروجين ومحاكمتهم.

انتهاك القانون

مطلع عام 2024 تقدّم عضو مجلس النواب حيدر المطيري بمقترح إلى وزارة الصحّة لمنح المتبرّعين بالكلى القانونيين تأميناً صحّياً مجّانياً مدى الحياة، مع إعفائهم من أجور الخدمات الصحّية والأقساط الشهرية والاشتراكات. وقد تم إدراج هذا المقترح ضمن مشروع التعديل الأوّل لقانون الضمان الصحّي رقم 22 لسنة 2020.

كما اقترح محافظ البصرة أسعد العيداني، إنشاء "المركز الوطني للتبرّع بالأعضاء البشرية"، وقدم اقتراحه لمجلس الوزراء بهدف تنظيم عمليّات التبرّع، ومعالجة مشكلة نقص الأعضاء. وتضمّن المقترح تقديم مكافآت مالية ورواتب رعاية اجتماعية للمتبرّعين العاطلين عن العمل.

لكن عضو نقابة المحامين العراقيين انسام علي، ترى أن هذه المقترحات قد تشكّل انتهاكاً للقانون: "أي عملية تبرّع يُدفع فيها المال، تندرج تحت المادّة 9 من قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012". وتؤكّد في حديث صحفي أن "إدخال المال في التبرّع يحوّله إلى تجارة واضحة، ما يتعارض مع قانون زراعة الأعضاء البشرية".

وتنصّ المادّة 9 على "حظر بيع العضو أو النسيج البشري أو شرائه أو الإتجار به بأية وسيلة كانت، ويحظر على الطبيب إجراء عمليّة استئصال العضو وزرعه عند علمه بذلك".

وتشير انسام إلى أن الإعلانات المنتشرة عبر وسائل التواصل، والتي تروّج "فرص التبرع"، تستهدف الفقراء الذين يمرّون بضائقة مالية "إذ يتم إقناعهم بالتبرّع مقابل مبالغ زهيدة، في حين تحقّق هذه التجارة أرباحاً طائلة للعاملين فيها".

بنك الأعضاء هو الحلّ

وفقا لرئيس لجنة الصحة في البرلمان ماجد شنكالي، فإن أبرز مشكلة تواجه مكافحة الإتجار بالأعضاء، هي "عدم وجود بنك للأنسجة والأعضاء البشرية، ما يعيق تنظيم عمليّة التبرّع بنحو قانوني"، مؤكدا في حديث صحفي "إمكانيّة تقنين عمليّات التبرّع ومنع تجارة الأعضاء البشرية، إذا وُجد البنك".

ويقول أن "لجنة الصحّة فاتحت في وقت سابق وزارة الصحّة، من أجل إنشاء بنوك خاصّة بالأعضاء البشرية في بغداد والمحافظات، وفقاً لقانون عمليّات زرع الأعضاء البشرية ومنع الإتجار بها رقم 11 لسنة 2016".

وإضافة إلى عدم وجود بنك للأنسجة، يرى شنكالي أن هناك تحدّيات عديدة تواجه جهود مكافحة الإتجار بالبشر، مثل الفقر والبطالة وأيضاً "بعض الفتاوى الفقهية التي تُجيز منح مكافآت مالية للمتبرّع".

وعن أسباب تعطّل إنشاء بنوك الأعضاء في العراق، يقول المتحدّث باسم وزارة الصحّة سيف البدر، في حديث صحفي، أن "هناك تحدّيات تقنية وفنّية تتعلّق بتخزين الأعضاء وحفظها، إضافة إلى الحاجة إلى تأهيل وتدريب الكوادر الطبّية المختصّة".

****************************************

روائح كريهة تخنق البصرة!

متابعة – طريق الشعب

كشف الخبير في الشأن البيئي، أحمد صالح نعمة، عن الأسباب المحتملة وراء انتشار روائح كريهة وغير مألوفة في عدد من مناطق مدينة البصرة، والتي أثارت موجة من الشكاوى بين المواطنين، خصوصاً خلال فترات المساء والصباح الباكر.

وأوضح في حديث صحفي، أن التحاليل الأولية لعينات الهواء التي جُمعت ميدانياً أظهرت نسباً مرتفعة من المركبات العضوية المتطايرة، إضافة إلى غازات ناتجة عن التحلل العضوي والانبعاثات الصناعية، لاسيما تلك المرتبطة بالصناعات النفطية.

وبيّن أن مصدر هذه الروائح يعود على الأرجح إلى اختلاط الانبعاثات الصادرة من محطات معالجة مياه الصرف الصحي غير الفعالة، والنفايات العضوية المكشوفة، فضلاً عن الانبعاثات الغازية من المنشآت النفطية القريبة، في ظل ضعف الرقابة البيئية وتدهور البنية التحتية للخدمات الأساسية.

ودعا نعمة الجهات المعنية، إلى التدخل العاجل لتحديد مصادر التلوث بدقة، وتشديد الرقابة على المصانع والمنشآت الصناعية، وتحسين شبكات الصرف الصحي والنفايات، مشدداً على أهمية إشراك المختبرات البيئية المستقلة في رصد جودة الهواء بشكل دوري، ونشر نتائجها أمام العلن لضمان الشفافية وحماية صحة المواطنين.

**************************************

الزبير.. مجهولون يسرقون محوّلات الكهرباء

متابعة – طريق الشعب

شكا عدد من مزارعي منطقة الراحة ضمن قاطع شعبة زراعة الزبير غربي البصرة، من تكرار حالات سرقة محولات الكهرباء في مزارعهم من قبل مجهولين. فيما طالبوا الجهات الأمنية بوقف تلك السرقات التي تسببت في انقطاع الكهرباء عن مزارعهم، وبالتالي توقف أعمال سقي الأراضي وتهيئتها للموسم الزراعي الشتوي المقبل.

وقال المزارعون في حديث صحفي أن ظاهرة سرقة محولات الكهرباء لا تزال مستمرة، مؤكدين أن "20 محولة تمت سرقتها خلال شهري تموز وآب من مزارع الراحة والرفيع، إضافة إلى مزارع أخرى داخل سفوان". 

وطالبوا الجهات الأمنية باتخاذ إجراءات مشددة لملاحقة سارقي المحولات بعد تكرار تلك الحوادث التي أضرت بنشاطهم الزراعي.

من جهته، قال مدير شعبة زراعة الزبير صالح حسن، أن ظاهرة سرقة المحولات تتكرر في هذه المناطق، التي تتميز بوفرة إنتاجها الزراعي، مبينا أن تلك المزارع ترفد الأسواق سنويا بمحصول الطماطم وغيره من المحاصيل.

ويعتقد حسن في حديث صحفي أن "ما حصل هو عمل ممنهج لوقف وتدمير الواقع الزراعي في قاطعي الزبير وسفوان".

*************************************

اگول.. لا حلَ في التسويف والمماطلة

أحمد علي عبد الله

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسابيع غضبا واسعا بين شريحة المتقدمين على عقود محافظة بغداد، والتي كانت قد أطلقت منذ أيار الماضي لتوفير فرص عمل للخريجين والعاطلين، بعد أن وصلت نسبة البطالة خلال العام الجاري، حسب إحصائية وزارة التخطيط، إلى 13 في المائة. وهي نسبة مرتفعة وغير طبيعية وظالمة لشريحة واسعة من الخريجين والشباب.

وقد تم فتح باب التقديم على عقود المحافظة ابتداءً من 5 أيار ولمدة 30 يوماً من خلال منصة أور الحكومية. ووصل عدد المتقدمين إلى اكثر من نصف مليون متقدم. وهو رقم كبير جدا بالنسبة إلى حصة المحافظة البالغة 11 الف درجة وظيفية. حيث ان عدد المتقدمين بلغ ضعف عدد الدرجات بنحو 45 مرة!

وبالرغم من الفرق الشاسع بين فرص العمل التي اطلقتها المحافظة برعاية المحافظ الأسبق عبد المطلب العلوي، وعدد المتقدمين، تتأخر المحافظة في إعلان اسماء الفائزين بالعقود. حيث تم اغلاق باب التقديم أوائل حزيران، والوقت يمر دون أي تحرك أو توضيح من قبل مجلس المحافظة، لا سيما اننا نقترب من موعد الانتخابات التشريعية، ما يشير إلى احتمالية تأجيل إعلان الأسماء إلى ما بعد العملية الانتخابية. في حين هناك كتل وتحالفات انتخابية تحاول استثمار الموقف عبر التحدث باسم المتقدمين وايصال صوتهم واثارة مطالبهم داخل مجلس المحافظة، من أجل تسريع إعلان الأسماء الفائزة، وهذا ليس لـ"سواد عيون" الخريجين، بل لترويج الحملات الانتخابية وكسب أصوات هذه الشريحة الواسعة.

ويدرك المتقدمون تلك الألاعيب، ومحاولة الصعود على ظهورهم. إذ يرفضون ذلك إلى جانب رفض أي استغلال لقضيتهم في ترويج الحملات الانتخابية. 

وأثار قرار رئيس مجلس النواب محمود المشهداني بإيقاف إجراءات التعيينات بالعقود ضمن تخصيصات محافظة بغداد، ضجة وغضبا واسعا في صفوف المتقدمين على عقود المحافظة، والتي بلغت في الاصل - حسب تصريح المحافظ الحالي عطوان العطواني - 37 ألف درجة. حيث قُطعت منها 20 الف درجة لعقود التربويين و6 آلاف درجة استثناء لرئاسة مجلس الوزراء، ما قلل من فرص المتقدمين للحصول على وظائف، لا سيما خلال الوضع الاقتصادي الحالي الصعب. حيث يرفض المتقدمون نظام الاستثناء الوظيفي الذي بدوره كان سبباً في تأخر إعلان قبولاتهم، كونه أحد أوجه الفساد والمحسوبية!

ويطالب المتقدمون بعدم تسويف قضيتهم، وبالإسراع في إعلان الأسماء وعدم تأجيل الأمر، مع ضمان الاختيار حسب الكفاءة العملية وعدد سنوات التخرج، بالشكل الذي يُنصفهم.

كما يتوعدون باللجوء إلى حق التظاهر والاحتجاج أمام الدوائر المعنية، فيما إذا استمر التسويف والمماطلة. 

******************************************

مواساة

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الشاعر والصحفي علي انكيل (ابو عراق) اثر مرض عضال لم يمهله طويلا.

للفقيد الذكر الطيب ولأهله ورفاقه الصبر والسلوان.

كذلك تعزي المحلية ومعها منظمة مظفر النواب في القبلة، الرفيق فاروق احمد (ابو عمار)، بوفاة ولده احمد بشكل مفاجئ.

للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.

  • يعزي "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة، الوسط الأدبي والثقافي في المحافظة، وفي العراق عامة، برحيل الشاعر والصحفي علي انكيّل (ابو عراق)، بعد معاناة مع المرض.

له الذكر الطيب ولأهله وأصدقائه الصبر والسلوان.

  • بمزيد من الحزن والأسى، تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة الرفيق حكمت علي التميمي، الذي توفي بعد صراع مع المرض.

كان الفقيد مثالاً للوطنية والإباء، مناضلاً مخلصاً لشعبه ووطنه.

له الذكر الطيب، ولأسرته الكريمة وأخوته وذويه الصبر والسلوان.

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الكرخ رفيقها جليل راضي (ابو ايمن)، الذي توفي بعد معاناة طويلة مع المرض.

الفقيد انتمى للحزب منذ اكثر من خمسة عقود، واستمر في عمله الحزبي بعد التحاقه بالعمل في دائرة السكك بوظيفة سائق قطار. وقد شهد له رفاقه خلال عمله كرفيق مناضل صلب وفيّ لحزبه.

وانتسب الفقيد لنقابة المهن الهندسية وعمل ضمن هيئتها الإدارية. كما أصبح عضوا في اللجنة المحلية للحزب في الكرخ الثانية.

له الذكر الطيب ولعائلته ورفاقه الصبر والسلوان.

كما تعزي المحلية الرفيقين كامل وغازي نصيف جاسم، بوفاة شقيقهما جاسم، بعد صراع طويل مع المرض.

له الذكر الطيب ولعائلته جميل الصبر والسلوان.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الثانية الرفيق جليل شعيب الجوراني (ابو حسام)، بوفاة شقيقه كاظم (أبو عادل).

للفقيد الذكر الطيب ولأهله ورفاقه الصبر والسلوان.

***********************************************

الصفحة السادسة

المقاومة الفلسطينية تكبّد الاحتلال خسائر فادحة.. أنباء عن أسر 4 جنود الأمم المتحدة تحذّر من كارثة تجويع غزة

متابعة – طريق الشعب

يواصل جيش الاحتلال الصهيوني، عدوانه الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومساعي إبادته بصورة جماعية، وذلك عبر القصف المستمر بمختلف الآليات الحربية وسياسة التجويع والتهجير الممنهجة، ووسط ذلك وبينما يتصاعد الدعم الشعبي الدولي الرافض للحرب ولسياسة الإبادة الممنهجة، تستمر إدارة الرئيس الأمريكي المتطرفة، دعم الاحتلال بكل الوسائل، وآخرها عدم منح الوفد الفلسطيني تأشيرة دخول الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الأمم المتحدة.

نزوح جديد

حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من أن "نحو مليون شخص في شمال قطاع غزة يواجهون أخطار النزوح"، في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة، وتصنيفه مدينة غزة منطقة قتال خطرة.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة "قد تكون لها تداعيات أكثر فظاعة على المدنيين في مختلف أنحاء القطاع إذا تصاعدت حدتها".

وأضاف أن قرار تصنيف مدينة غزة (منطقة قتال خطرة) سيضاعف المخاطر على حياة السكان، ويعوق وصول عمال الإغاثة وقدرتهم على تقديم الدعم.

وحذرت الأونروا من سقوط آلاف الفلسطينيين بين شهيد وجريح وحدوث انهيارات أكثر للأوضاع إذا نفذ الاحتلال خطته.

مطالبات بنقل جلسة الأمم المتحدة

أعربت الرئاسة الفلسطينية، عن أسفها واستغرابها الشديدين لقرار الخارجية الأميركية، والقاضي بعدم منح تأشيرات للوفد الفلسطيني المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول المقبل.

وأكدت الرئاسة أن هذا القرار يتعارض مع القانون الدولي و"اتفاقية المقر"، خاصة وأن دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة.

وطالبت الرئاسة، الإدارة الأميركية بإعادة النظر والتراجع عن قرارها، بينما رحبت خارجية الاحتلال بهذا القرار.

وطالبت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، دول العالم بنقل جلسة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين إلى بلد آخر، ردا على قرار واشنطن. ونددت دول أوروبية بالقرار من بينها إسبانيا وفرنسا.

والعقوبات على إسرائيل؟

قالت مفوضة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أمس السبت، إنها (غير متفائلة) بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب عدم وجود إجماع بهذا الشأن داخل الاتحاد، مضيفة أن "الوضع الإنساني في غزة لم يتحسن كثيرا وأن ما تقوم به تل أبيب غير مشجع".

يأتي ذلك في حين دعا عدد من القادة الأوروبيين الاحتلال إلى إيصال المساعدات لقطاع غزة واستئناف المدفوعات للسلطة الفلسطينية ووقف مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

فقد طالب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بالاستجابة لهذه المطالب الثلاثة، مؤكدا أن عدم تلبيتها سيدفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات تقييدية على مستوى قادة الدول والحكومات.

كما أعلن وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس أن بلاده قدمت خطة عمل للاتحاد الأوروبي تشمل فرض حظر على تصدير الأسلحة وتوسيع قائمة العقوبات على إسرائيل.

وطالب بالتعليق الكامل للاتفاقية الأوروبية مع إسرائيل، مشيرا إلى أنه "لا يمكننا الاستمرار في الوقوف بلا تحرك".

ماذا حدث في حي الزيتون؟

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل عدد من الجنود وإصابة 11 بجروح خطيرة، مع فقدان أثر 4 جنود يخشى الجيش الإسرائيلي وقوعهم أسرى في يد المقاومة، في حين وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأكبر حدث منذ طوفان الأقصى.

فقد شهد حي الزيتون وحي الصبرة سلسلة عمليات للمقاومة، بدأت بكمين هجومي قُتل فيه جنود، وذلك وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، والتي أكدت أن الجيش الاسرائيلي فعّل ما يُعرف ببروتوكول هانيبال لقتل أي جنود قبل وقوعهم أسرى.

وتعرضت مروحيات إجلاء لإطلاق نيران كثيف، ويعتقد أن قوات تابعة للفرقة 162 واللواء 401 هي التي وقعت في كمين حي الزيتون شرقي غزة.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش بدأ سحب جنوده من حي الزيتون وإعادتهم إلى ثكناتهم، بينما فرضت الرقابة العسكرية حظر النشر بشأن ما جرى مع الجنود الأربعة في حي الزيتون.

وأشارت إلى أن مجموعة من الجنود تعرضت لكمين في حي الزيتون شرقي مدينة غزة، ما أدى إلى حدث أمني صعب آخر، وأن أنباء أولية تتحدث عن استدعاء الجيش أكثر من مرة مروحيات لإجلاء الجنود المصابين على وقع إطلاق نار كثيف.

كما أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الجيش يبحث عن 4 جنود ما زالت آثارهم مفقودة في حي الزيتون، وأن هناك أعمال بحث واسعة عنهم، وفي تطور لاحق وبعد الأنباء عن فقدان أربعة جنود، ذكرت مواقع إخبارية إسرائيلية أن الاتصال عاد بهم.

****************************************

الأمم المتحدة: بؤرة لمعاناة الأطفال..  الفاشر السودانية الجوع يُطبق على سكانها

الخرطوم - وكالات

أخذت الحرب في السودان، في الأسابيع الأخيرة، منحى عنيفا في الفاشر السودانية حيث أطبق الجوع على المدينة، وسط دعوات أممية إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وتحاصر قوات الدعم السريع الفاشر عاصمة شمال دارفور، إلا أن شهود عيان وطواقم إغاثة يتحدثون في الأسابيع الأخيرة عن هجمات للدعم السريع هي الأعنف منذ بدء الحرب.

ودخلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامها الثالث وقد أودت بعشرات الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح، بينما ينتشر الجوع في معظم أنحاء البلاد.

وعلى وقع انفجار القذائف المدفعية المستمر يعيش عشرات الآلاف في الفاشر بلا مأوى أو طعام كافٍ، في حين تنتشر عدوى الكوليرا في غياب المياه النظيفة والرعاية الصحية.

وتشهد الفاشر ومخيمات اللجوء المحيطة بها أعمال عنف متواصلة تستهدف أسواقا وأحياء مدنية. وتحذر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" من أن الفاشر أصبحت "بؤرة لمعاناة الأطفال".

وبفعل الحصار والهجمات العنيفة، لا تدخل المساعدات إلى المدينة التي لم تشهد حركة تجارية منذ أشهر، بينما انقطعت عنها الاتصالات ما يجعل الحصول على صور عن الحياة اليومية تحديا كبيرا.

في السياق ذاته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، عن قلقة إزاء الهجمات المتواصلة التي تشنها قوات الدعم السريع، على الفاشر. ودعا لوقف فوري لإطلاق النار في المدينة.

جاء ذلك في بيان للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قال فيه إن الفاشر تخضع لحصار خانق منذ أكثر من 500 يوم، حيث يُحاصر مئات الآلاف من المدنيين في المنطقة.

وأضاف أن الأسابيع الأخيرة شهدت قصفا شبه متواصل للمنطقة، وتوغلات مميتة متكررة في مخيم أبو شوك للنازحين، حيث تم الإعلان عن ظروف المجاعة هناك.

**************************************

في البرازيل محكمة تجبر فولكس فاغن على تعويض عمالها

برازيليا - وكالات

أمرت محكمة العمل في البرازيل، شركة فولكس فاغن بدفع تعويضات تبلغ 165 مليون ريال برازيلي (نحو 30 مليون دولار)، بعد ثبوت تعرض مئات العمال لانتهاكات وصفت بأنها (تشبه العبودية) في مزرعة مملوكة للشركة خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

وقالت النيابة العامة العمالية إن "الحكم يمثل أكبر تعويض من نوعه في تاريخ البلاد، مشيرة إلى أن التحقيقات بدأت عام 2019 إثر حصول السلطات على وثائق من قس محلي تابع القضية لعقود، قبل أن تُوجَّه اتهامات رسمية للشركة عام 2024".

ووفقاً لملف القضية، فقد تم توظيف نحو 300 عامل في ولاية بارا شمالي البلاد بين عامي 1974 و1986، بعقود غير قانونية للعمل في قطع الغابات وتربية الماشية. وأظهرت الوثائق أن العمال كانوا يخضعون لرقابة حراس مسلحين، ويعيشون في مساكن بدائية، ويعانون نقص الغذاء، فضلا عن إجبارهم على البقاء في المزرعة تحت نظام "عبودية الديون"، دون توفير أي رعاية طبية حتى للمصابين بالملاريا.

وأكد مكتب الادعاء أن هذه الانتهاكات تعد من "أكبر حالات الاستغلال القسري للعمال في التاريخ الحديث للبرازيل".

******************************************

تايلند.. المحكمة تقيل رئيسة الوزراء بسبب {انتهاك للأخلاقيات}

بناكوك - وكالات

أقالت المحكمة الدستورية في تايلند، الجمعة، رئيسة الوزراء بايتونجتارن شيناواترا من منصبها بعد عام واحد فقط في السلطة، معتبرة أنها انتهكت المبادئ الأخلاقية في قضية تتعلق بمكالمة هاتفية مسربة. وقالت المحكمة إن بايتونجتارن، ألحقت ضررا بسمعة البلاد وفضلت مصالحها الشخصية على المصلحة الوطنية خلال المكالمة التي تعود إلى حزيران الماضي، وبدت فيها متذللة للزعيم الكمبودي السابق هون سين، بينما كان البلدان على شفا مواجهة حدودية تحولت لاحقا إلى قتال استمر 5 أيام. وخلال المكالمة المسربة، انتقدت بايتونجتارن قائد الجيش التايلندي، وهو خط أحمر في بلد يتمتع فيه الجيش بنفوذ كبير، واعتذرت بعدها وقالت إن تصريحاتها كانت مجرد تكتيك تفاوضي لتجنب الحرب. ويمهد الحكم الطريق أمام البرلمان لانتخاب رئيس وزراء جديد، في وقت يواجه فيه حزب "فو تاي" الحاكم بزعامة بايتونجتارن صعوبات في الحفاظ على تماسك تحالفه الهش الذي لا يتمتع سوى بأغلبية ضئيلة.

****************************************

على طريق تعزيز الاستبداد والعنصرية.. ترامب يصعّد ضد البنك المركزي الأمريكي

رشيد غويلب

دخل الصراع على السلطة، المستمر منذ أشهر، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) مرحلة جديدة، يتصاعد الصراع بين الطرفين حول السياسة المالية "الصحيحة" منذ فترة. ويطالب الرئيس الأمريكي بتخفيضات أعمق وأسرع في أسعار الفائدة. وقد أقال ترامب الآن أحد محافظي الاحتياطي الفيدرالي السبعة، ليزا كوك. ويتهم ترامب، كوك، التي عيّنها سلفه جو بايدن، بالإدلاء بتصريحات كاذبة بشأن طلبات رهن عقاري، مما يُشكك في كفاءتها وموثوقيتها كمشرفة مالية. ومع ذلك، تُصرّ أول امرأة أمريكية سوداء في مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي على موقفها، وتتهم ترامب بعدم امتلاكه صلاحية اقالتها. ولم تفلح محاولات ترامب لإقناع رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بتنفيذ قرار الاستقالة.

في حين تهدف مطالب ترامب بخفض أسعار الفائدة، من بين أمور أخرى، إلى خفض تكاليف الاقتراض الحكومي، يشير الاحتياطي الفيدرالي التزامه بالمهمة المزدوجة التي كلفه بها الكونغرس الأمريكي، ألا وهي تعزيز استقرار الأسعار والتوظيف الكامل من خلال السياسة النقدية. في قراره الأخير بشأن أسعار الفائدة في نهاية تموز، أبقى الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في حدود   4.25- 4.50 في المائة، مما أثار استياء ترامب، الذي حثّ على خفض كبير. مع ذلك، أشار باول، في خطاب ألقاه مؤخرًا في منتدى الاحتياطي الفيدرالي إلى استعداده لتسهيل السياسة النقدية، ربما في بداية أيلول المقبل.

اتهامات من هيئة تمويل الإسكان الفيدرالية

وفقًا لهذه الادعاءات، أدلت كوك بتصريحات كاذبة عن عمد عند تقديمها طلبات للحصول على قروض عقارية. وفي غضون أسبوعين، قدمت طلبات منفصلة مدّعيةً أن عقارًا في ميشيغان وآخر في جورجيا هما محل إقامتها الرئيسي. أكد ترامب بأن هذا السلوك يدل على إهمال جسيم في إدارة المعاملات المالية، مما يُشكك في "كفاءة كوك ومصداقيتها" كعضو في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي.

نشرت الاتهامات ضد كوك الأسبوع الفائت بعد أن طلب مدير إدارة التمويل الإسكاني الفيدرالي بيل بولتي من المدعية العامة بام بوندي إجراء تحقيق في القضية.

وصرح بولتي بأنه لا يهدف إلى أي أجندة سياسية من الاتهام الموجه لكوك. وفي الوقت نفسه، أعطى ترامب مبررًا لإقالة كوك، مما أكسبه شعبية داخل إدارة ترامب. وبما أن كوك رفضت الامتثال لقرار الإقالة، فمن المرجح أن يُحال القرار في النهاية إلى المحكمة، وربما يصل إلى المحكمة العليا.

ترامب، الذي يدعو منذ أشهر إلى خفض سعر الفائدة، زاد من التشكيك في استقلالية البنك المركزي بإقالته كوك. يُحظر قانونٌ صدر عام ١٩١٣ للحد من نفوذ الحكومة على الاحتياطي الفيدرالي على الرئيس إقالة محافظٍ فيه من تلقاء نفسه. وللقيام بذلك، يحتاج إلى "سبب وجيه".

يقترب المرء من الحقيقة إذا اعتبر الهجوم على موظفي الاحتياطي الفيدرالي جزءًا من إعادة هيكلة شاملة لجهاز الدولة، نُفِّذت وفقًا لأجندة "مشروع 2025"، والتي تهدف جميعها إلى تعزيز السلطات التنفيذية. لكن حتى هذه البونابرتية، وهي النتيجة المحتملة لهذه الجهود، ستبقى مجرد كلام فارغ إذا لم يكن هدفه توسيع السلطة السياسية.

ردود الفعل

ردّ الديمقراطيون بغضب على تصرفات ترامب. ووصفت السيناتور إليزابيث وارن إقالة كوك بأنها "استيلاء استبدادي على السلطة" يجب التراجع عنه. وقالت وارن: "إن المحاولة غير القانونية لإقالة ليزا كوك هي أحدث مثال على رئيس يبحث يائسًا عن كبش فداء للتغطية على فشله في خفض تكاليف الأمريكيين.

كان رد فعل الأسواق المالية مقلقًا بعض الشيء. وصرح المحلل تيم جراف من شركة ستيت ستريت للخدمات المالية: "نشهد مجددًا إقبالًا كبيرًا من المستثمرين المؤسسيين على بيع الدولار". وهم مستعدون لزيادة استثماراتهم في اليورو. وانخفض مؤشر الدولار، ولجأ المستثمرون بشكل متزايد إلى الذهب. ويبقى أن نرى ما إذا كان ترامب سيتمكن من تحقيق مراده مع كوك. فالقانون الأمريكي لا يسمح بإقالة عضو مجلس إدارة حالي إلا لسبب وجيه. ولم يجرؤ أي رئيس أمريكي قبل ترامب على اتخاذ هذه الخطوة.

**********************************************

الصفحة السابعة

جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش

ناظم ختاري

بعد انتفاضة آذار 1990، وتلبية لنداء الحزب قطعت أنا والرفاق توفيق ختاري وملازم هشام ونوزاد عينكاوي وأبو عثمان دراستنا في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو وقررنا الالتحاق بانتفاضة آذار ومواصلة مسيرتنا في إلحاق الهزيمة بالنظام الدكتاتوري، إذ اعتبرنا ذلك واجبنا الأخلاقي أمام شعبنا، ولكن شاءت الظروف المحيطة بالعراق أن يستمر دوران طاحونة النظام في سحق المزيد من أرواح أبناء الشعب العراقي، وأن تستمر معاناته في ظل الحصار القاسي القائم والمفروض عليه من قبل الأمم المتحدة إثر غزو الكويت.

بعدما أبدينا موافقتنا نحن الخمسة من مجموع حوالي 30 رفيقا أو أكثر، بالعودة إلى الوطن، استعجلت الجهات المسؤولة في الجانب السوفيتي ضمن المعهد بالاتفاق مع قيادة حزبنا بتهيئة أوراقنا لهذا الغرض، إذ بعد أيام قليلة كان كل شيء جاهزا للعودة إلى الوطن عن طريق دمشق، فقد كنت أحمل جواز سفر سوري باسم مزور، لا علاقة له باسمي الحقيقي ولا باسم ناظم ختاري، هذا الاسم الذي استمر يكبر معي كلما كبرت.

أجلً الرفيق توفيق عودته معنا إلى دمشق بعض الشي، لغرض تحقيق لقاء مع ولده زكي الذي كان يدرس في إيفانوفا مع مجموعة أخرى من أطفال رفاقنا الأنصار في مدرسة خاصة بأطفال المناضلين من مختلف بقاع العالم، ونحن الأخرون كنا متلهفين للعودة بسرعة، لكي نشارك في دق المسمار الأخير في نعش الدكتاتورية وفق تصوراتنا آنذاك والمعطيات الموجودة على الأرض. كان في استقبالنا في مطار دمشق الرفيق فخري كريم، وكان أول سؤال وجهناه له، ماذا عن آخر تطورات الانتفاضة، رد قائلا إن الانتفاضة تعرضت إلى انتكاسة، والآن هناك نزوح جماعي من كوردستان إلى تركيا وإيران ومدن الجنوب تتعرض إلى هجمات همجية لقوات النظام.

بقينا في دمشق عدة أيام، التقى بنا خلالها الرفيق حميد مجيد موسى، الذي كان عضوا في المكتب السياسي آنذاك، مشيدا بموقفنا وحرصنا على العودة إثر نداء الحزب للمشاركة في الانتفاضة الآذارية. ومن هناك تركت رفاقي وسافرت بقرار من الحزب إلى قامشلي، وهناك كلفني مكتب الحزب عن طريق الفقيد أبو حربي، لإدارة مقرنا في ديريك الحدودية مؤقتا إذ تواجد فيه عدد من الأنصار والملتحقين الجدد صفت بهم الأحداث هناك، علاوة على مراقبة الحدود للعبور إلى زاخو، وعندما حان وقت ذلك، كنت في المجموعة الأولى مع عدد آخر من الرفاق بينهم مجموعة من شباب زاخو اخترقنا الحدود عبر دجلة وكانت تنتظرنا في الجانب العراقي سيارة لاند كروز حشرنا أنفسنا فيها، ومن خلال العديد من حواجز القوات الأمريكية وصلنا إلى مقر حزبنا في مدينة زاخو .

في اليوم الثاني واصلنا إلى بامرنى حيث كان لحزبنا مقر مؤقت هناك، وكان قد ألتحق بنا الرفيق توفيق، فتجمع فيه عدد من كوادر نينوى ودهوك إضافة إلى الرفيق الفقيد أبو جوزيف، بعد أيام من النقاشات، جرى تشكيل لجنة محلية لقيادة العمل في دهوك ونينوى بقيادة الفقيد أبو جوزيف، وكانت الأوضاع تتحرك بسرعة وقوات النظام تتراجع مرة أخرى ، فانتقلنا من هناك إلى مانكيش، إذ استحدث مقرا لنا فيها، ثم انتقلنا نحن كوادر وأنصار تلكيف والشيخان إلى زاويته نقيم في مقر مؤقت، كان عبارة عن مدرسة متروكة، وفي المرحلة الثانية من انسحاب إدارات الحكومة المركزية من دهوك، انتقلنا من زاويته إلى دهوك، ووضعنا اليد على المقر الحالي للجنة محلية دهوك والذي تحول لاحقا إلى ( ملبند دهوك ) للحزب الشيوعي الكوردستاني.

 خلال هذه الأحداث التي ذكرتها، إذ كنا مكلفين بالعمل في تلكيف والشيخان ضمن قوام لجنة حزبية واحدة، قررنا أنا والرفيق توفيق مع الرفيق فرهاد شيخكي الذي سبقنا في الالتحاق بالانتفاضة من سوريا مع مجموعة أخرى من الرفاق بينهم صباح كنجي وكفاح كنجي وآخرون، قررنا النزول إلى سهل الموصل لغرضين إثنين، الأول العمل على إعادة الصلة بمنظماتنا المقطوعة الصلة، والثاني زيارة الأهل واللقاء بهم بعد فترة غياب دامت أكثر من 3 سنوات، كانت هذه الأيام القليلة والسريعة من زيارتنا السرية إلى ختارة مليئة باللقاءات مع الرفاق والأهل والأقرباء، بدأنا فيها بتنظيم بعض الخطوط الحزبية والترتيب لاستئناف العمل الحزبي فيها، وفقا للظروف الجديدة، وعلى المستوى العام كانت الأمور تسير باتجاه إنشاء خط 36 لحماية أمن كوردستان، وعندما حان وقت عودتنا إلى مقراتنا في دهوك وغيرها، اقترح الرفيق توفيق أن نستخدم سيارة أحد رفاقنا في التنظيم للعودة إلى المناطق الآمنة مثل قرية إيسيان وباعذره ، وكان الرفيق شمو حجي جندي الذي استشهد فيما بعد على يد عصابات القاعدة في مدينة الموصل التي تحولت إلى بؤرة للنشاط الإرهابي بعد سقوط النظام هو صاحب السيارة والمعني للقيام بمهمة إيصالنا إلى هناك.

أبديت موافقتي على المقترح بدون تردد، وحرصنا على أهمية استطلاع سيطرة القوش، للتأكد من خلوها من قوات النظام وعدم عودتها إليها بعدما تركتها في وقت سابق، فعلا تم ذلك في عصر ذلك اليوم، وكان كل شيء على ما يرام، فقررنا التحرك من ختارة نحو باعذره في الساعة الرابعة من فجر اليوم التالي.

تهيأت السيارة، وتحركنا وكان كل شيء يبدو هادئا وطبيعيا، ولكن عندما وصلنا إلى قرية شرفية التي يسكنها الأشوريون، وجدنا جانبي الطريق (الشارع) مزروعا بالخيم ذات اللون الأبيض بكثافة غير اعتيادية، استغربنا الأمر، ما دفع ذلك فرهاد للقول ما هذه التلال الملحية ومن أين جاءت...؟ إذ لم يكن يتوقع إنها خيم عسكرية، ورغم ذلك لم نتخذ أي إجراء لتغيير مسار حركتنا، واصلنا طريقنا وسط شكوك راودتنا إن نقطة التفتيش الواقعة على مفرق القوش ربما أصبحت مأهولة هي الأخرى، لم يكن هناك متسع من الوقت، فقد كانت المسافة بين شرفية ونقطة التفتيش لا تتعدى الـ 3 دقائق، ولابد من المواصلة، قبل الوصول إلى النقطة بمسافة قصيرة خففنا السرعة، والصمت أصبح سيد الموقف، عندما وجدنا جنديا ينتصب هناك بقامته الفارعة، جامدا ماسكا بندقيته من جزئها العلوي وأخمصها ثابت على الأرض تقف مستقيمة إلى جانبه، وتحسبا لأي طاري أو حركة غير طبيعية من الجندي، ذهبت أصابعنا تلامس أزندة بنادقنا، مستعدة للضغط عليها في أية لحظة، ولكن بخلاف ظنوننا فإن الجندي بحركة عسكرية ارتجت الأرض تحت قدمه، التي دقتها بقوة في ذلك الصباح الصامت الذي سكن فيه حتى الهواء من أية حركة، محركا بندقيته التي يعلو فوهتها قامة حادة بحركة عسكرية، استقرت فوق كتفه الأيسر، ضاربا أخمصها بكف من يده اليمنى، محدثا صوتا اخترق دهشتنا لهذا المشهد، رافعا إياها إلى أن استقامت مع حاجبه، أخذ تحية عسكرية مجلجلة، أحدثت فينا رهبة شديدة أشعرتنا بالخوف مرة وبالنشوة مرة ثانية، قائلا تفضل سيدي، دون أي ردود أفعال إضافية وشعورا منا بالأمان، واصلنا طريقنا وسط قهقهة تعالت كلما ابتعدنا من نقطة التفتيش.

 يبدو إن أزرار كتافياتنا جعلته يراها نجمات أو رتب عسكرية.

****************************************

‏موسم الوعود الساقطة

محمد النصراوي

‏منذ لحظة إعلان اقتراب الانتخابات، تبدأ حركةٌ غريبةٌ في الشارع العراقي، أصواتٌ تظهر من العدم، وجوهٌ تلمع فجأة، ووعود تتساقط على رؤوس الناس كما يتساقط المطر في الشتاء، بعض المرشحين لا تراهم طوال أربع سنوات وفجأةً يتحولون إلى فاعلي خير يوزعون المواد الغذائية ويتحدثون بلغة الشعب ويزورون البيوت ويعدون بالتعيينات والخدمات والجنة على الأرض، وكأن الصندوق الانتخابي مصباح علاء الدين وهم "جنياته" المسحورة.

‏المشكلة الحقيقية لا تكمن في هؤلاء وحدهم بل في أن هذه "الاستعراضات الانتخابية" تضرب صورة السياسة ككل وتُسيء حتى للقوى الجادة التي تمتلك مشاريع فعلية وتاريخاً في العمل السياسي والمجتمعي، فما أن يُرفع شعارٌ انتخابيٌ جاد حتى ترتفع معه موجة سخريةٍ واستهزاء لأن الذاكرة الجمعية للناس مليئةٌ بالخيبات ولسان حالهم يقول "كلهم نفس الشيء".

‏الانتخابات تحولت عند البعض إلى موسمٍ للارتزاق لا مناسبةً ديمقراطية، وقد صار من المعتاد أن نرى نفس الأدوات القديمة تتكرر علينا، صورٌ عملاقةٌ لمرشحٍ لم نسمع باسمه من قبل، منشوراتٌ تُغدق بعبارات الوطنية ولقطاتٌ تمثيليةٌ على مواقع التواصل تظهره وهو يحمل كيس طحين أو يجلس على الأرض مع الفقراء ويتحدث عن معاناة الناس بلغةٍ فيها تمثيلٌ كثير وصدقٌ قليل.

‏هذه التصرفات لا تضر أصحابها وحدهم، بل تفتح باب التشكيك على الجميع، وتضع القوى الحقيقية التي تعمل بجهدٍ في خانةٍ واحدةٍ مع تجار الانتخابات، فالمرشح الجاد الذي يخطط ويعمل بصمت لا يمتلك أدوات "الضجيج" لكنه يُؤذى حين يتساوى إعلامياً مع من يشتري الأصوات أو يستغل حاجة الناس.

‏نحن لا نحتاج إلى وعودٍ جديدة بل إلى ذاكرةٍ نشطة، فالتصويت مسؤوليةٌ أخلاقية قبل أن يكون قراراً سياسياً، والصوت الذي يُمنح لمن يجيد التمثيل لا لمن يجيد التخطيط، هو سهمٌ يُطلق على صدورنا لا سهمٌ نطلقه نحو التغيير.

‏الوعي الانتخابي اليوم لا يعني فقط أن ننتخب، بل أن نُميز، أن نرفض الابتزاز العاطفي، وأن نمنح أصواتنا لأولئك الذين لم يختفوا عنا في السنوات الماضية ولم يأتوا إلينا الآن وهم يحملون أكياس الطحين ويتحدثون بلهجة الفقراء فقط لأنهم يريدون مقعداً برلمانياً.

‏الانتخابات ليست موسماً للاستعراض الاعلامي ولا حفلةً صاخبة، بل لحظةُ فرزٍ حقيقية بين من يحمل مشروعاً للناس ومن يحمل مشروعاً لنفسه، احذروا ممن يطرق أبوابكم قبل الانتخابات فقط، فالبائع الموسمي لا يعود الا في الموسم القادم.. بعد اربع سنوات.

*********************************************

قصة {لفة الشاورما}          

مصطفى عبد الحسين سمر

الحياة دائرة تدور بها الإحداث و تعاد  علينا  أحداث مررنا بها من قبل،   أنا حاليا عمري 42 سنه و الحمد الله عندي مطعم وجبات سريعة يجهز البرجر و الشاورما (الكص ) حسب اللهجة  العراقية، لكن في أحد الأيام كانت هناك سيدة مع ابنها الصغير  كانت عائده  من المدرسة بعد انتهاء الدوام الرسمي تحمل حقيبة ابنها، مرت من أمام المطعم،  هنا الابن طلب  سندويش شاروما،  يبدو إن السيدة لا تملك ثمن السندويش، كنت في داخل المكتب أراقب  ماذا ستفعل؟ سألت العامل عن ثمن السندويش الواحد قال لها العامل (2000) دينار يا  أختي،  بدا الرقم كبيرا و صاحت على ابنها و أمسكت يده بقوة لنذهب لا أملك ألفين دينار، لكن الصغير وكأنه تسمر في مكانه، أما  الشاورما أو لا أتحرك أبدأ،  لكن وجه السيدة بدا مألوفا، نعم أنا أعرفها فعلا  إنها (سوزان سعد ) زميلتي في الصف السادس الابتدائي، تذكرتها  ناديت  على العامل حضر  دبل سندويش شاورما،  وتبعتها و قلت توقفي يا أختي،  التفت وقالت ماذا تريد،  أعطيت للصغير السندويش وقلت هل نسيتي وجهي يا سوزان؟  تمعنت بالنظر وقالت هذا انت يا سالم  ...فقلت لها مر وقت طويل كنت أنا وأنت عصابة الصف شكرتني وانصرفت .

 أتذكر سنة 1993 كانت سوزان سعد ابنة العائلات الثرية، والدها حسب ما أذكر صاحب أملاك وعنده  سيارة حديثه نوع سوبر1981 ، و أمها المعلمة و المديرة للمدرسة، أخ  سناء أصغر منها بسنه في الصف الخامس، طارق  المدلل الوسيم الأشقر 

موضوع القصة، إني أرجعت لسوزان معروفا قديما ...سابقا  كان قرب مدرستنا مطعم شاروما  راق،  لكن نحن الفقراء نقف نشاهد  من بعيد فقط  منظر اللحم المشوي على السيخ الكبير ومن ضمنهم أنا،  كنت أقول ما هو طعم الشاورما، سألت والدتي المسكينة، أخبرتني أنه مثل الباذنجان المشوي التي كانت وجبتنا الرئيسية،  فكنت أمثل أني أأكل الشاورما  عند أكل الباذنجان،  لكن تشاء الصدف أن أكون محظوظا في ذالك اليوم،  في نهاية دوام  المدرسة تأخر والد سوزان  عن الحضور لاصطحابهم و المديرة الأم تأخرت في الإدارة  إذ  دخل طارق في شجار بالأيدي مع بعض الصبية في المدرسة،  سوزان وطارق كانا معتادين  دوما على الشراء يوميا من نفس المطعم كل واحد سندويش شاروما مع علبة بيبسي  من النوع الكبير.

سوزان تسعى الي راكضه وتقول امسك يا سالم وأعطتني سندويش دبل وعلبة بيبسي كبيره وتهب إلى مساعدة أخوها طارق، بعد القتال (طاخ طيخ) تتدخل المديرة ويهرب الصبية المشاكسون والأب يحضر بسيارته الموضوع صار وكأنه فلم ملحمي يصعد الأولاد والأم الى السيارة، وقفت أنا أمام السيارة كي تلاحظني سوزان وأعطيها السندويش مع البيبسي لكن العائلة كانت مشغولة بأحداث العراك.

جلست قرب منزل تحت ظل شجرة السدرة كانت رائحة لحم السندويش الطازج تفوح وعلبة البيبسي البارد معي، انتظرت مدة من الوقت، بعدها أكلت السندويش قطعه قطعة وشربت البيبسي وعشت اللحظة كما يقول الإعلان، عدت وانا لم أتناول الغداء ولا العشاء لكن بقيت في حيرة يا ترى ماذا سأقول لسوزان يوم غد الأربعاء اختلقت بعض الأعذار لكنها كانت بسيطة جدا.

سوزان تغيبت عن الدوام كنت سعيدا جدا لكن غدا لناظره لقريب، غدا الخميس  

والخميس فيه رفعة العلم ويعاقب فيه المقصرون بالضرب حسب قانون المدارس العراقية، لكن حدث العكس عوقب الصبية الذين تشاجروا مع طارق، في فرصة الدرس الأول جاءت الي سوزان وقالت لي هيا سالم تعال نلعب قلت لها سوزان انا أسف، فردت آسف على ماذا سالم .... لقد أكلت الطعام الذي اشتريته من المطعم،

سوزان وتأسف لهذا ... اعتبره هدية مني إليك أنت مثل طارق، شعرت بسعادة غمرتني لكن لماذا سوزان فقيرة الحال؟ ليس عندي علم لأني لم أرها منذ ان تخرجنا من السادس الابتدائي.

***************************************

إبراهيم الخياط.. ستة أعوام على رحيل الشاعر الشيوعي النبيل

محمد الخياط

تمرّ الذكرى السادسة لرحيل الشاعر والإعلامي والناشط النقابي إبراهيم الخياط، الذي غادر الحياة في 28 آب / 2019 بحادث سير مأساوي وهو في أوج عطائه.

وقد ترك غيابه فراغًا كبيرًا في الساحة الثقافية العراقية، لما عُرف عنه من صدق ونزاهة وإنسانية.

الخياط، ابن ديالى، لم يكن شاعرًا عابرًا.. فقد كتب قصائد تحمل الهم الوطني والإنساني، وجسّد من خلالها رؤيته الفكرية وانتماءه السياسي. كان شيوعيًا نشطًا حتى أنفاسه الأخيرة، ومثقفًا ملتزمًا لم يساوم على مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية.

شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، وكان مثالًا في الدفاع عن الأدباء وحرية الكلمة. عرفه الجميع بتواضعه وصدقه وقربه من الناس، حتى لقّبه محبوه "رئيس جمهورية الحرية والبرتقال" تقديرا لنقائه وصفائه وأمله الدائم.

ستة أعوام مضت على الرحيل، وما زال إبراهيم الخياط حاضرًا في الذاكرة شاعرًا نبيلاً وإنسانًا حراً ورمزًا صادقًا للثقافة العراقية الملتزمة. فقدانه لا يُعوّض، لكن ذكراه تبقى منارة للأجيال وصوته يظل شاهدًا على أن الكلمة الحرة لا تموت.

قصيدة (جمهورية البرتقال)

إبراهيم الخياط

بين الأسى

واستدارة النهر الذبيح

كانت خطاي

تنبئ بالجفاف

وتقرأ سورة الماء المدمّى

أيامئذ

انتكس القلب مرة

وانتكس النهر مراتٍ

فلم يبق لقلبي سوى ظلَّ أنثى

ولم يبق لنهرنا الشقي

سوى حثالة الأهل المتسربين

ومثل كل مرة

كانت المدينة تسورني بالتماعاتها

وتأمرني بالبكاء

– وأنا المجبول دمعاً –

إذن كيف أوهمونا أن للمدن ذاكرة؟

********************************************

الصفحة الثامنة

هل لا تزال الرأسمالية السوداء أسطورة؟ / إيرل أوفاري هاتشينسون*

ترجمة: د. سعدي عواد السعدي

هذه المقالة هي مقدمة للطبعة الجديدة من كتاب إيرل أوفاري هاتشينسون، "أسطورة الرأسمالية السوداء" (دار نشر مونثلي ريفيو، 2023)

في عام 1968، كان المرشح الجمهوري للرئاسة آنذاك، ريتشارد نيكسون، في خضم منافسة حامية الوطيس مع المرشح الديمقراطي ونائب الرئيس، هيوبرت همفري، على البيت الأبيض. كان نيكسون بحاجة إلى ميزة تنافسية.

كانت الميزة التنافسية هي ورقة العِرق، التي باستغلالها غطى نيكسون جانبين من جوانبه السياسية. أحدهما كان يُسمى "الاستراتيجية الجنوبية"، ببساطة، كان يعني ذلك قول القليل وفعل أقل في طريق العمل من أجل المساواة العِرقية، وهو ما من شأنه أن يُثير حفيظة الجنوب الأبيض المحافظ.

كان الهدف الثاني هو ابتكار أي شيء، أي شيء، من شأنه أن يُضعف قبضة الديمقراطيين المتينة على أصوات السود. هذا يعني أنه كان عليه أن يُظهر أنه ليس العنصري المُستقطب الذي اعتبره الكثير من السود والحزب الجمهوري كذلك. كانت فكرته فظة وساخرة، لكنها في جانب منها كانت رائعة.

جمع كلمتين بدت ظاهريًا وكأنها تناقض لفظي. هما "أسود" و"رأسمالية". لم تكن هذه مجرد شعارات مُحتالة أو مُلفتة للنظر. فقد سعى نيكسون إلى أن يكون وراءها واقعًا ملموسًا. في خطاب قبوله في المؤتمر الرئاسي للحزب الجمهوري عام 1968، هتف قائلاً: "فلتستخدم الحكومة سياساتها الضريبية والائتمانية لتجنيد أعظم محرك لتقدم طُوّر في تاريخ البشرية - المشاريع الخاصة الأمريكية".

في الأشهر التي تلت ذلك مباشرةً، حشد نيكسون حشدًا من رواد الأعمال الأمريكيين الأفارقة البارزين في مجالات الرياضة والترفيه والأعمال التجارية، ليُشيدوا بدعوته إلى "الرأسمالية السوداء"، وبالطبع، ليُؤيدوا ترشيحه.

أثار هذا جدلاً حاداً بين الأمريكيين الأفارقة، انحصر في سؤالين: هل يُمكن للسود أن يكونوا رأسماليين حقاً؟ كيف يُمكن للسود تحقيق قدرٍ من الاستقلال الاقتصادي، وبناء الثروة، والأهم من ذلك، امتلاك الأعمال والتمويل؟

في عام 1968، كنتُ طالب دراسات عليا، ورئيساً لاتحاد الطلاب السود في الحرم الجامعي، ومثلي مثل العديد من الشباب السود، كنتُ راديكالياً، وهو الوصف الذي كان رائجاً قبل أن يحل محله وصفا "ناشط" و"تقدمي". كنتُ، أنا وآخرون، مفتونين بشدة بكارل ماركس والماركسية. أثارت دعوة نيكسون مزيجاً من الانبهار والرهبة والغضب. كما أثارت رغبةً ملحةً في التعمق في تاريخ التنمية الاقتصادية للسود، وفي الوقت نفسه، دحضه.

كانت النتيجة "أسطورة الرأسمالية السوداء". في المقدمة، وجّهتُ التحدي: "يجب ألا تتضمن الرأسمالية في البرامج المستقبلية لتحرير السود بأي شكل من الأشكال". لقد قدّمتُ نقدًا جذريًا وحازمًا للرأسمالية السوداء، وهاجمتُ بشدة من أسميتهم "النخبة السوداء" لمحاولتهم تعزيز ما اعتبرته هذا الاحتيال على السود.

ولكن هناك حقيقتين غالبًا ما تكونان مُرهِقتين في الحياة. الأولى هي أن الأمور تتغير، وفي الوقت نفسه تبقى على حالها. وهذا ينطبق على السياسة، والناس، وغالبًا على وجهة نظر المرء. أي على تفكيره في الأحداث والقضايا على مر الزمن.

خلال نصف القرن الذي انقضى منذ نشر كتابي، استعار الرؤساء المتعاقبون، بمن فيهم جو بايدن وحتى دونالد ترامب، صفحةً من كتاب نيكسون عن الرأسمالية السوداء في خطاباتهم الموجهة للسود. تعهدوا بتقديم المزيد من التمويل والدعم والبرامج والمساعدة الفنية لشركات الأقليات.

في الفترة نفسها، أصبح بعض السود في كثير من الأحيان، وسط ضجة إعلامية كبيرة، مالكي فرق رياضية كبرى، ورؤساء تنفيذيين لشركات وبنوك وشركات في وول ستريت، ومستثمرين رئيسيين ومالكين لمجموعة متنوعة من الشركات التجارية.

بالنسبة للكثيرين، بدا هذا دليلاً قاطعاً على أن السود ليسوا رأسماليين فحسب، بل هم رأسماليون بالفعل. وهناك أيضاً جدلٌ متزامن حول المصطلحات الجديدة الطنانة، التمكين المالي للسود، وبناء الثروة، والوعي المالي والتجاري، والتخطيط والإدارة المالية، وتجنب الديون. وقد لامس هذان المصطلحان وتراً حساساً لدى العديد من الأمريكيين الأفارقة، وأثارا نقاشاً وحواراً ثرياً، مُلامسين بذلك جوهر الحاجة إلى ملاءة مالية حكيمة وأمان مالي.

ومع ذلك، وبعد نصف قرن من صدور كتابي، لم يتغير شيء، وهو الواقع المرير الذي لا يزال يُعزز بقوة نقدي الأولي. لا يزال السود عالقين في أسفل السلم الاقتصادي أو بالقرب منه. فقد سجّلوا باستمرار، على مدى الخمسين عاماً الماضية، أعلى معدل بطالة وفقر، وأدنى معدل ملكية أعمال. ولا يزالون عالقين في أسفل السلم الاقتصادي والمالي في أمريكا.

وجدت دراسة أجرتها شبكة إن بي سي عام 2019 أن السود يُمثلون أقل من نقطة مئوية واحدة (0.8 في المائة) من الرؤساء التنفيذيين لشركات فورتشن. ويصبح الرقم أكثر إدانةً عندما نأخذ في الاعتبار أن السود يشكلون 10في المائة من خريجي الجامعات. وبالتالي، ينبغي أن يشكل السود خمسين رئيسًا تنفيذيًا أسود على الأقل، بينما كان عددهم أربعة فقط آنذاك.

في عام 2020، امتلك السود أقل من 3 في المائة من الشركات الأمريكية. حتى هذا الرقم كان مضللاً. فمعظمها كان لا يزال شركات فردية صغيرة، يعمل بها موظف أو موظفان.

كشفت جائحة كوفيد-19 حقيقةً مُحبطة أخرى حول ملكية السود للشركات. هذا يُظهر مدى ضعفها وهشاشتها.

كثُر الاستشهاد بهذا الرقم بعد إقرار ترامب والكونجرس لحزم الإغاثة التحفيزية لكوفيد-19 في عام 2020. لم تحصل 90 في المائة من شركات الأقليات على أي تمويل من برنامج حماية الرواتب التابع لجمعية الأعمال الصغيرة (SBA). أما بالنسبة للشركات المملوكة للسود، فكانت النسبة أسوأ. لم تحصل 90 في المائة على أي تمويل.

في العديد من استطلاعات الرأي غير الرسمية على صفحاتي على فيسبوك خلال الجائحة، طرحتُ السؤال نفسه: "هل تعرف أي شركة مملوكة للسود حصلت على قرض من برنامج حماية الرواتب التابع لجمعية الأعمال الصغيرة (SBA) لتحفيز كوفيد؟" كانت هناك حفنة من "الموافقة". وكان هناك سيل من "الرفض". أعرب البعض عن تفاؤلهم بإمكانية تغير الوضع الكارثي لإغلاق صنبور الأموال أمام الشركات السوداء مع إقرار مجلس النواب لحزمة تحفيز إضافية بقيمة 3 تريليونات دولار. ومع ذلك، كان الأمل حذرًا.

للوهلة الأولى، بدت الأرقام المنخفضة للغاية سخيفة. تعهد ترامب وقادة الكونغرس ومسؤولو وزارة الخزانة جهارًا بأن الشركات الصغيرة هي الهدف الرئيسي لبرنامج المساعدة. كانت هناك سلسلة من ورش العمل الإلكترونية واللقاءات العامة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة حول أماكن وكيفية التقدم بطلبات التمويل. أعلنت العديد من البنوك عن امتلاكها أموالًا وشجعت الشركات على التقديم. زاد الديمقراطيون في مجلس النواب من سخائهم بسحب 60 مليار دولار من حزمة القروض لبنوك الأقلية. ومع ذلك، لم يتغير العدد المنخفض لرجال الأعمال السود الذين حصلوا على المال.

كان هناك الكثير من الاتهامات المبررة لإدارة الأعمال الصغيرة، ومسؤولي وزارة الخزانة، وجماعات الضغط في الشركات والبنوك بسبب تراخي الرقابة أو انعدامها، وضعف القواعد المتعلقة بمن يمكنه الحصول على المال، وتخصيص جزء كبير جدًا من نصف تريليون دولار من قروض الأعمال للشركات الكبرى.

كان هناك اتهامٌ مُبرَّرٌ أيضًا للبنوك لتراكمها كمًّا هائلًا من الأوراق، ومستندات الضرائب وإيداع الأعمال، ومتطلبات الحسابات التي لم يكن لدى أصحاب الأعمال الصغيرة فرصةٌ تُذكر لتجاوزها. ثم كانت هناك حالةٌ من الفوضى والارتباك، والتغيير المستمر في المراسيم حول ماهية وكيفية استخدام الأموال، وما إذا كان يجب سداد أيٍّ منها.

لم يتغير شيءٌ يُذكر سوى يأس أعدادٍ لا تُحصى من أصحاب الأعمال الصغيرة السود شبه المُفلسين والمُعسرين. دقّت الساعةُ على بقاء أعمال السود في المستقبل. لم يكن هناك ما يضمن إعادة فتح هذه الأعمال، وعندما تفعل، سيعود لها عملاؤها. فأغلق العديد منها أبوابه نهائيًا.

كان توفير الأموال الحكومية فورًا للشركات المملوكة للسود أمرًا حيويًا آنذاك ودائمًا لمواجهة الميل الأيديولوجي والهيكلي المتأصل نحو الشركات الكبرى، وهو الميل المُتأصل في جميع العقود الحكومية، والضرائب، والدعم اللامتناهي، والذي يُعدّ تقريبًا المجال الوحيد للشركات الأمريكية. على سبيل المثال، خلال الجائحة، صرّح بنك ويلز فارجو صراحةً في مذكرة بأنه "يعطي الأولوية" للقروض لأكبر عملائه، ومن المفترض أنهم الأفضل، أي الشركات الكبرى. وقد تعرّض البنك لانتقادات لاذعة بسبب صراحته، وفي محاولة سريعة للسيطرة على الأضرار، أعلن أنه سيتبرع برسوم الإقراض الباهظة التي جناها للمنظمات غير الربحية. على الأقل هذا ما قاله.

لطالما كانت شركات السود فئةً معرضةً للخطر بشكلٍ خاص عندما يتعلق الأمر بالحصول على سنت واحد من البنوك والحكومة. والأسباب موثقة جيدًا: نقص الائتمان، وسجل أعمال حافل، وموارد، وخبرة، وعلاقة عمل وطيدة طويلة الأمد مع البنوك. ثم هناك التحدي الكبير المتمثل في نماذج الأجور والضرائب والوثائق والملفات اللازمة للتأهل للحصول على قرض. يتم إنجاز معظم العمل عبر الإنترنت، وهذا يعني امتلاك جهاز كمبيوتر، وإمكانية الوصول إلى الكمبيوتر، ومهارات استخدام الكمبيوتر لإنجاز المستندات الإلكترونية المطلوبة.

أظهرت استطلاعات رأي لا حصر لها أجرتها مجموعات الأعمال والهيئات التنظيمية الفيدرالية وهيئات الرقابة أرقامًا صادمة تُظهر أنه على الرغم من الوعود الزائفة التي يُقدمها المُقرضون لرغبتهم في إقراض الشركات الصغيرة، إلا أن العدد الضئيل للقروض التي يُقدمونها سنويًا للشركات الصغيرة، وخاصةً للشركات التي تُمثل الأقليات، ظلّ مجمدًا على مدى العقود الماضية.

على الجانب الإيجابي، أعترف بأن شركات السود كانت محركًا ضروريًا للتوظيف، وبناء الثروة، والأمن المالي، والأهم من ذلك، الأمل للعديد منهم. لقد كانت بمثابة نماذج للإنجاز والاستقلال المالي والاقتصادي للسود. لقد حفزت أجيالًا على السعي وراء الحلم الأمريكي المُروّج له كثيرًا في ريادة الأعمال، وسبل أن يكون المرء سيد نفسه.

ومع ذلك، وبعد أكثر من نصف قرن من نشر كتاب "أسطورة الرأسمالية السوداء"، لا تزال حالة شركات السود كما كتبتُها عام 1970 - صغيرة ومُهمّشة. اليوم، كما كان الحال آنذاك، لا يُمكن القول إنهم يُجسّدون الرأسمالية التي أعلنها نيكسون هدفًا للسود عام 1968. باختصار، كما كتبتُ عام 1970، لا تزال الرأسمالية السوداء خرافة.

ـــــــــــــ

* نشر في «مونثلي ريفيو» العدد 76 بتاريخ 2 حزيران 2024

***************************************

فعاليات

عقدوا لقاءات مع المواطنين في ذي قار.. الأمين والغالبي يواصلان التعريف بسياسة الحزب

ذي قار ـ طريق الشعب

التقت الرفيقة هيفاء الأمين عدداً من المواطنين في مقر التحالف المدني الديمقراطي في الناصرية، وتحدثت عن استعدادات الشيوعيين في ذي قار للانتخابات المقبلة.

وناقش اللقاء سبل النهوض بالحملة الانتخابية وتوسيعها في سبيل تحقيق حضور للتحالف المدني الديمقراطي في البرلمان المقبل، والتأكيد على أهمية المشاركة الواسعة في الانتخابات واعتبارها إحدى روافع التغيير.

وفي ذات السياق، استقبل عدد من شيوخ ووجهاء عشيرة الجوارين في الناصرية الرفيق شهيد الغالبي، سكرتير محلية الشطرة للحزب الشيوعي العراقي.

وتحدث الغالبي عن التطورات السياسية في المنطقة والعراق وانعكاساتها على الوضع داخل البلاد.

وتطرق في اللقاء إلى مشاركة شيوعيي الناصرية في الانتخابات المقبلة ضمن التحالف المدني الديمقراطي، مؤكداً أهمية المشاركة الواسعة في الانتخابات، كونها تُعد أحد أساليب التغيير المنشود.

وختم الغالبي حديثه بالتأكيد على أهمية محافظة ذي قار سياسياً واجتماعياً وأمنياً، وقدم الشكر إلى الوفد المضيف على حفاوة الاستقبال.

*******************************************

شيوعيو الهندية يتفقدون الرفيق حازم شمخي 

الهندية – طريق الشعب

زار وفد من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء الهندية، الرفيق حازم شمخي في منزله، للاطمئنان على صحته بعد خضوعه لعملية قسطرة تكللت بالنجاح.

وتمنى الوفد للرفيق الشفاء العاجل ودوام الصحة والسلامة، والعودة إلى نشاطه في صفوف رفاقه. فيما قدم له باقة ورد.  

من جانبه، شكر الرفيق شمخي رفاقه على زيارتهم وحرصهم على التواصل وتعزيز الروابط الاجتماعية بين الرفاق والأصدقاء.

ضم الوفد كلا من الرفاق سكرتير المنظمة هادي عودة الكفري، ونائبه حسن مهدي، وعلي فاضل.

**************************************

شيوعيو النجف يثقفون بسياسة حزبهم

النجف ـ احمد عباس

نظّم شيوعيو قضاء المشخاب في محافظة النجف، جلسة تثقيفية سياسية في مضيف علي عبد الأمير، رئيس الجمعية الفلاحية في منطقة الهور. وجرى الحديث في الفعالية عن اشتراك الحزب في الانتخابات ضمن تحالف البديل الذي يضم قوى وأحزاباً وطنية ومدنية وديمقراطية. وفي الجلسة تحدث الرفيق كريم بلال عن سياسة الحزب الشيوعي في مجال التحالفات، وبالأخص التحالف الأخير (تحالف البديل)، وتطرّق إلى برنامج التحالف بشكل عام، ولا سيما ما يتعلق بالمسألة الزراعية والفلاحية والفساد والخدمات. وحضر الجلسة عدد من أبناء منطقة الهور، الذين أبدوا ترحابهم وتفاعلهم مع التحالف، مؤكدين أهمية المشاركة في الانتخابات من أجل الخلاص من نهج المحاصصة، واعتبارها طريقاً للانتعاش الاقتصادي والزراعي.

***********************************************

الصفحة التاسعة

مشاكل الركبة تبعد غافي عن برشلونة والمنتخب

برشلونة – وكالات

أعلن نادي برشلونة أن لاعبه غافي لن يتمكن من المشاركة في مباراة الغد أمام رايو فاليكانو ضمن منافسات الليغا، بسبب انزعاجات في الركبة اليمنى. وأشار البيان الطبي إلى أن مدة غياب اللاعب لم تُحدد بعد، وستعتمد على تطور حالته، كما سيغيب جافي عن مباراتي المنتخب الإسباني أمام بلغاريا وتركيا يومي 4 و7 ايلول المقبل. وخضع اللاعب اليوم السبت لفحوصات طبية في المدينة الرياضية خوان جامبر، بينما يخوض الفريق حصته التدريبية الأخيرة استعدادًا للقاء. وأكدت مصادر من النادي لصحيفة "موندو ديبورتيفو" أن الطاقمين الفني والطبي قررا عدم المخاطرة باللاعب، خاصة وأن الركبة المصابة كانت تعرضت في 19 نوفمبر 2023 لتمزق كامل في الرباط الصليبي وإصابة بالغضروف الخارجي، أبعدته عن الملاعب لنحو عام كامل. رغم أن الفحوصات الأخيرة استبعدت وجود إصابة خطيرة، قرر النادي منح غافي فترة راحة تقارب أسبوعين لمحاولة علاج الانزعاجات بشكل كامل قبل العودة للمباريات.

**************************************

سنحاريب يُتـوَّج بلقب دوري كرة الطائرة للسيدات

أربيل – طريق الشعب

توج فريق سنحاريب بلقب الدوري العراقي للكرة الطائرة للسيدات، بعد فوزه على فريق أكاد عنكاوا بثلاثة أشواط مقابل شوط واحد، في المباراة النهائية التي احتضنتها قاعة أكاد عنكاوا بمدينة أربيل وسط حضور جماهيري كبير.

وتمكن سنحاريب من فرض أفضليته على مجريات اللقاء بفضل تماسكه وأداء لاعباته المتميز، ليحسم المواجهة ويحافظ على لقبه للموسم الثاني على التوالي، مؤكداً هيمنته على البطولة.

وفي مباراة تحديد المراكز، نجح فريق سيدات دربنديخان في الفوز على سيدات أمانة بغداد بثلاثة أشواط نظيفة جاءت نتائجها (25-16)، (25-17)، و(25-20)، ليضمن موقعه في ترتيب البطولة ويعكس التطور الملحوظ في مستوى الفرق المشاركة.

**************************************

غداً..ً شباب العراق يواجهون مصر في كأس الخليج تحت 20 عامًا

متابعة ـ طريق الشعب

يستعد منتخب شباب العراق لكرة القدم غدًا الاثنين لمواجهة نظيره المصري، ضمن منافسات بطولة كأس الخليج العربي الأولى للشباب تحت 20 عامًا، التي تستضيفها مدينة أبها السعودية حتى العاشر من أيلول المقبل.

ويدخل المنتخب العراقي اللقاء بمعنويات مرتفعة بعد فوزه في الجولة الأولى على البحرين (1-0)، سجله اللاعب فليح حسن في الدقيقة 52، بينما يسعى المنتخب المصري لتعويض خسارته أمام عمان في المباراة الافتتاحية.

وتقام البطولة بنظام المجموعتين؛ حيث تضم الأولى منتخبات السعودية، قطر، الكويت، واليمن، فيما جاءت الثانية بوجود العراق، عمان، البحرين، ومصر. ويتأهل المتصدر والوصيف من كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

كما أعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم تكليف الحكمين علي حسين وكرار عباس لقيادة بعض مباريات البطولة، في إطار مشاركة التحكيم العراقي في المحفل الخليجي.

يُذكر أن البطولة تقام على ملعبي مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز الرياضية ونادي ضمك، وتشهد مشاركة ثمانية منتخبات بعد دعوة مصر لتعويض انسحاب الإمارات.

******************************************

سابالينكا تواصل حملة الدفاع عن لقب أمريكا المفتوحة للتنس

نيويورك – وكالات

واصلت البيلاروسية أرينا سابالينكا حملة الدفاع عن لقبها في بطولة أمريكا المفتوحة للتنس، بعد فوزها على الكندية ليلى فيرنانديز بمجموعتين دون رد (6-3 و7-6)، لتتأهل إلى الدور الرابع من البطولة.

وبحسب إحصائيات "أوبتا"، أصبحت سابالينكا أول لاعبة أوروبية تبلغ الدور الرابع في أمريكا المفتوحة خمس مرات متتالية منذ الفرنسية أميلي موريسمو (2001 – 2005)، كما باتت خامس لاعبة مصنفة أولى عالميًا تصل إلى الدور الرابع في جميع بطولات الجراند سلام خلال موسم واحد منذ عام 2000.

وستواجه سابالينكا في الدور المقبل الإسبانية كريستينا بوكسا التي أطاحت بالبلجيكية إليز ميرتنز المصنفة 19 بمجموعتين لواحدة.

وفي مباريات أخرى، تأهلت الأمريكية جيسيكا بيجولا، المصنفة الرابعة ووصيفة النسخة الماضية، بفوزها على البيلاروسية فيكتوريا أزارينكا (6-1 و7-5)، لتضرب موعدًا مع مواطنتها أن لي، التي تجاوزت الأسترالية بريسيلا هون.

وشهد الدور الثالث مفاجآت بارزة أبرزها تأهل الأمريكية تايلور تاونسيند على حساب الروسية ميرا أندريفا المصنفة الخامسة بمجموعتين نظيفتين، لتلتقي التشيكية باربورا كريتشيكوفا التي أقصت المصنفة العاشرة إيما نافارو. كما ودعت الإيطالية جاسمين باوليني، المصنفة السابعة، البطولة بعد خسارتها أمام التشيكية ماركيتا فوندروسوفا، التي ستلاقي في الدور الرابع الكازاخستانية إيلينا ريباكينا.

*****************************************

اتحاد اليد يحدد موعد انطلاق دوري النخبة للموسم المقبل

متابعة ـ طريق الشعب

أعلن رئيس الاتحاد العراقي لكرة اليد، أحمد رياض، أمس السبت، انطلاق منافسات دوري النخبة للموسم الرياضي 2025 – 2026 في السادس والعشرين من أيلول المقبل، مبينًا أن البطولة ستقام بنظام المرحلتين (ذهابًا وإيابًا).

وقال رياض إن "الاتحاد راعى عند تحديد المواعيد برنامج إعداد المنتخب الوطني ومشاركته في بطولة التضامن الإسلامي وتصفيات كأس العالم 2026"، مشيرًا إلى أنه "تم إبلاغ الأندية المشاركة بالموعد الجديد وتوزيع لائحة المسابقات وتوقيتها".

وسيشهد الموسم المقبل مشاركة أندية: الحشد، الجيش، ديالى، الكوفة، الكوت، السليمانية، نفط ميسان، كربلاء، الفتوة الموصلي، ذي قار، الناصرية، بلدية البصرة، ونفط البصرة.

وفي سياق متصل، أكد رياض أن الاتحاد ناقش مع الجهاز الفني الجديد للمنتخب، بقيادة المدرب قتيبة أحمد ومساعديه الدكتور محمد كاظم (مدربًا)، مصطفى ياسين (مدرب حراس)، والدكتور فلاح حسن (محلل فني)، المنهاج التدريبي الخاص بالمنتخب، استعدادًا للمشاركة في دورة التضامن الإسلامي بالسعودية، مشددًا على أهمية إعداد المنتخب بالشكل الأمثل لإعادة الصورة المشرقة لكرة اليد العراقية.

****************************************

كرة السلة.. سيدات غاز الشمال يواصلن رحلة الإعداد في إيران

متابعة ـ طريق الشعب

يواصل فريق غاز الشمال النسوي بكرة السلة معسكره التدريبي في مدينة سنه الإيرانية، استعدادًا لخوض منافسات الدوري العراقي الممتاز باللعبة.

وقال الأمين المالي للنادي، حسين ضاحي، إن "الفريق يخوض تدريبات مكثفة ضمن برنامج فني متكامل، وخاض ثلاث مباريات ودية مع أندية إيرانية حقق خلالها نتائج إيجابية".

وأوضح ضاحي أن "غاز الشمال تمكن من الفوز على نادي ياسام بنتيجة (50 – 24) في اللقاء الأول، ثم حسم المباراة الثانية بعد منافسة قوية بنتيجة (77 – 74)، قبل أن يتغلب في ثالث مبارياته على فريق سيدات زنجان براقة بنتيجة (65 – 49)".

وبيّن أن "المعسكر يهدف إلى رفع جاهزية الفريق فنيًا وبدنيًا قبل انطلاق الدوري الممتاز"، مشيرًا إلى أن إدارة النادي "وفرت جميع احتياجات اللاعبات، فيما سيخوض الفريق معسكرًا داخليًا في محافظة السليمانية الشهر المقبل ضمن المرحلة الثانية من الإعداد".

*****************************************

العراق الثامن آسيوياً و41 عالمياً في تصنيف كرة الصالات

متابعة ـ طريق الشعب

أصدر الاتحادان الدولي والآسيوي لكرة القدم، التصنيف الجديد لمنتخبات كرة الصالات، حيث حل المنتخب العراقي في المركز الـ 41 عالميًا من بين 139 منتخبًا.

وعلى المستوى القاري، جاء العراق في المرتبة الثامنة آسيويًا من بين 39 منتخبًا، فيما احتل المركز الثالث عربيًا خلف المغرب ومصر. أما المراتب السبع الأولى آسيويًا فجاءت من نصيب منتخبات: إيران، اليابان، أوزبكستان، إندونيسيا، تايلاند، فيتنام، وأفغانستان، ثم العراق ثامنًا.

وأوضح الاتحاد العراقي لكرة القدم في بيان أن "هذا التصنيف يعكس مكانة المنتخب بين نخبة منتخبات القارة"، مشيرًا إلى أن الفريق يواصل استعداداته المكثفة بقيادة المدرب البرازيلي جواو كارلوس باربوسا، تحضيرًا لخوض تصفيات كأس آسيا المقررة في المملكة العربية السعودية.

***************************************

وقفة رياضية.. ما المطلوب في ملحق كأس العالم؟

منعم جابر

اختار لاعبونا الطريق الأصعب للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026 التي ستقام في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك. ولم يكن هذا الاختيار بإرادتهم، بل نتيجة إضاعة فرص عديدة ومهمة للتأهل المباشر. ومع تراجع مستوى منتخبنا الوطني، احتل المركز الثالث في مجموعته بعد أن تأهل منتخبا كوريا الجنوبية والأردن، تاركين لفريقنا والعُماني مهمة المنافسة في الملحق، وهو الطريق الأكثر تعقيدًا.

من هنا تبرز الحاجة إلى خارطة طريق واضحة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، حيث ستقسم المنتخبات إلى مجموعتين، ويتأهل الأول من كل مجموعة إلى النهائيات. والجميع يسعى لانتزاع الصدارة وحجز بطاقة التأهل لهذا المحفل العالمي الكبير. وبرأيي، المهمة شاقة للغاية وتستوجب معالجة مسارات المنتخب الوطني على مستويين: الإداري والفني.

فعلى الصعيد الإداري، ما زال الاتحاد العراقي لكرة القدم يعاني خلافات ومشاكل ينبغي إنهاؤها فورًا، لأنها ستؤدي حتمًا إلى نتائج وخيمة إذا استمرت. أما فنيًا، فقد تجاوز المنتخب مرحلة التعارف بين المدرب الأسترالي غراهام أرنولد ولاعبيه، وأمامه فترة زمنية كافية لاستثمارها في تحسين الأداء وتطوير المستوى.

لقد رأى كثير من المختصين في التدريب والإعداد أن المنتخب العراقي كان من أضعف الفرق في المنافسات الماضية، ولم يقدم مستويات متميزة. ومن أبرز العيوب التي برزت ضرورة التركيز على نوعية اللاعبين واختيار الأفضل أداءً لا الأسماء الأبرز. كما أن البناء النفسي للاعبين عنصر حاسم، فهذه المباريات صراع نفسي قبل أن تكون بدنيًا أو فنيًا، والفوز من نصيب الأكثر قدرة على الصمود الذهني.

لذلك، نطالب الاتحاد العراقي لكرة القدم بتشكيل لجنة تضم خبراء وأخصائيًا نفسيًا لمساندة اللاعبين على اجتياز هذه المرحلة الصعبة. كما نؤكد على أهمية إبعاد اللاعبين عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتجنيبهم الضغوط، والاكتفاء بمنح الجهاز الفني كامل الصلاحيات لاتخاذ قراراته الفنية دون تدخل خارجي. ويُسمح بالمناقشات والآراء خلال التدريبات، لكن بعد دخول الفريق أرض الملعب يجب أن تتوقف هذه التدخلات نهائيًا.

كذلك، من الضروري إقامة مباريات تجريبية مبكرة، خصوصًا مع اللاعبين المحليين، لإتاحة الفرصة للمدرب أرنولد وطاقمه للتعرف بشكل أعمق على قدرات اللاعبين المختارين، مما يتيح تقييمًا أدق لمستوياتهم الحقيقية.

أما الإعلام الرياضي العراقي، فواجبه اليوم أن يكون داعمًا ومساندًا، من خلال بث رسائل إيجابية تحفز المنتخب وترفع معنويات اللاعبين والجماهير على حد سواء. وهنا أخاطب الاتحاد العراقي لكرة القدم: تجاوزوا خلافاتكم، ضعوا مصلحة الوطن فوق مصالحكم الشخصية، واجعلوا هدفكم الأول والأخير هو قيادة المنتخب إلى نهائيات كأس العالم.

وللجماهير العراقية التي عانت من خيبات متكررة، نقول: إن دوركم لا يقل أهمية، فمساندتكم وتشجيعكم الصادق هو السند الأكبر للمنتخب في هذه المهمة التاريخية.

وأخيرًا، رسالتي إلى لاعبينا: أنتم اليوم مطالبون بإسعاد جماهيركم وتقديم أفضل أداء ممكن في ملحق كأس العالم. فلتظهروا بالصورة اللائقة، ولتعكسوا بأدائكم الفني وأخلاقكم الرياضية الوجه المشرق للكرة العراقية.

*******************************************

الصفحة العاشرة

الفكر الإنساني تاريخيا: أصالة وارتقاء

ماجد الياسري

في معاجم اللغة العربية مثل "لسان العرب" و"تاج العروس من جواهر القاموس" تعني مفردة الاصالة التميز والابتكار والجودة والعراقة في الفكر كنقيض للتقليد والمحاكاة.

تاريخيا جاءت الاصالة كنتاج للثورة العقلية الأولى للإنسان القديم قبل 70000 سنة كما عكستها نقوش ورسوم وأدب ما قبل التاريخ بما حوته من مضمون رمزي وجمالي وفلسفي وروحي رافقت ظهور الوعي والقدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر استجابة لحاجة الانسان القديم عن أجوبة لفضوله المعرفي عن ذاته والعالم المحيط به والتواصل على شكل قصص، ورقص وموسيقى ورسم ونحت.

ومع ارتقاء المجتمع البشري وظهور التشكيلات العبودية واكتشاف الكتابة الصورية المسمارية في بلاد الرافدين حوالي 3600 ق م التي تطورت لاحقا الى الكتابة المقطعية ثم الابجدية، كحاجة اجتماعية - اقتصادية  لتوثيق المعاملات التجارية والمخزون الزراعي والتنظيم المجتمعي شكل ذلك انتقاله في الوعي البشري من الرمزية الى منظومة فكرية وفنية جمالية معقدة ومتشابكة حول السلطة، والاقتصاد، والدين، والهوية. وشملت الاصالة  ظهور القوانين والرموز الدينية والعمارة ومنظومة جمالية مميزة من الادب والشعر الرومانسي المليء بالروحانيات عكست مفاهيم الحب، والصداقة، والخلود، والموت.

ورافق ظهور المجتمعات العبودية الكلاسيكية في أثينا وروما ارتقاء الفكر مجددا مع تاليس المالطي (624-546 ق م) مؤسس للمدرسة الايونية العقلانية الذي اعتبر الكون كلا موحدا ممهدا الى فكرة الجوهر الأول (يعنى الثابت والمستقل بذاته في الوجود الذي لا يقبل التجزئة وأساس كل ما يوجد) التي امتد صداها الى المدارس الفلسفية الغربية والإسلامية. وتواصل مع تباشير الفكر الفلسفي المادي في التحول الى تفسير الظواهر الطبيعية من الأسطورة الى العقل مثل أناكساغوراس (500 – 428 ق م) وديموقريطس (460 – 370 ق م).

وخلال قرنين من الزمان تكاملت   المنظومة الفلسفية الاغريقية في نتاجات فلاسفة عظام منهم   افلاطون (427-347 ق م) وارسطو (384-322 ق م) التي وصلت الى أوروبا لاحقا بفضل ترجمتها الى اللاتينية من قبل علماء الحضارة الإسلامية.

وجاء الصراع الثقافي في أوروبا خلال القرون الوسطى تعبيرا عن التحولات الاجتماعية التي رافقت نمو وتدهور التشكيلة الاقطاعية كالخلاف السياسي بين الكنيسة والسلطة الزمنية والصراع الفكري الحاد حول طبيعة العالم والكون والمعرفة والوجود وعن العلاقة بين الوحي والعقل. وقد ظهرت في تلك الفترة دعوات الى تحرير العقل من سطوة النص المقدس أو التوفيق بينهما مثل توما الاكويني (توفى في 1274).

وقد تعرض حملة الفكر المادي للاضطهاد والتكفير من قبل الكنيسة مثل ديفيد من دينانت (1160- 1210) والمدرسة الطبيعية في باريس بينما تميز في الجانب الاخر من العالم ابن رشد (1126-1198)  بشروحه العميقة لأرسطو وتأكيده على أهمية التفاعل بين العقل والدين في سعيه لتأويل النص الديني بما ينسجم مع العقل كما اعتبر الدولة الفاضلة تبنى على المعرفة والعدالة وليس الدين. وفي الوقت الذي طمست أفكاره في الشرق الذي دخل قرون الظلام المعرفي ازدهرت أفكاره في أوروبا حيث نشأت المدرسة الرشدية اللاتينية ومنهم الإيطالي جوردانو برونو (1548- 1600) الذي أعدم حرقا بتهمة الهرطقة لدعوته لاستخدام العقل لمعرفة قوانين الطبيعة ورفض فكرة خلود الروح. 

واعقبت القرون الوسطى في أوروبا مرحلتان تاريخيتان متداخلتان كجزء من تجليات البنية الفوقية المرتبطة ديناميكيا مع التحول التدريجي في قوى وعلاقات الإنتاج من الاقطاع الى الرأسمالية وهما عصر النهضة (القرن 14-17) اتسمت بالاهتمام بالفلسفة والعلوم والفنون وشهدت نهضة ثقافية وعصر التنوير (القرن 17-18) الذي شهد صعود العقلانية والتفكير العلمي والعلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والاحياء ومن روادها نيوتن (1643-1727). وشهدت تلك الفترة أيضا تطور الأفكار السياسية والفلسفية والاهتمام بالحرية الفردية وحقوق الانسان والتسامح الديني في بريطانيا مثل  فرانسيس بيكون (1561 – 1626) وتوماس هوبز (1588 – 1679)، وجون لوك (1632 – 1704) وظهور الأفكار الليبرالية والمدارس الاقتصادية. بينما انتشرت في فرنسا مدرسة فلسفية مادية كان أحد روادها رينيه ديكارت (1596-1650) الذي اتبع مقاربة نقدية تعتبر العقل هو المقياس والبارون هولباخ (1723-1789) الذي رأى الكون تحركه قوانين طبيعية.

ومن الفلاسفة اللذين تركوا تراثا فكريا بالغ الأهمية هو الهولندي سبينوزا (1623-1677) لما قدمه من منظومة فلسفية شاملة اعتبرت الطبيعة والخالق والعقل والجسم صفتان لنظام وجوهرا واحدا. ومن اهم الرموز الفلسفية الألمانية الحديثة  كان إيمانويل كانت (1724-1804) الذي كان مهتما بحدود وقدرات العقل البشري في معرفة العالم و طور نظريات في الاخلاق والجمال والفن ونرك بصماته على التطور اللاحق للفكر الألماني مثل شوبنهاور ( 1788-1860) وفيخته ( 1762-1814) و هيجل (  1770-1831  ) الذي اتبع  المنهج الديالكتيكي في تحليل الظواهر الطبيعية و التاريخية ولكن بمنظور مثالي.

 وقد لعبت الطبقة البرجوازية في بداية صعودها دورا تقدميا في فترة احتدم فيها الصراع الثقافي والاجتماعي خاصة في ميادين العلوم الطبيعية والفلسفة والعلوم الإنسانية والاجتماعية بين الاتجاهين الرئيسين المادية التي ترى العالم كواقع مادي والمثالية التي اعتمدت المقاربات الميتافيزيقية التي تؤكد على أولوية الروح وهيمنة النص المقدس على العقل والفكر.

وكان هذا المسار الفكري صعبا ومعقدا حتى انعطافه التحول الثقافي في أوروبا نتيجة تقدم العلوم الطبيعية كالفيزياء والطب والحياة والأرض والكون وخروج العلوم الإنسانية من معطف الفلسفة المثالية فظهرت تخصصات كعلوم النفس والاجتماع والتاريخ والأنثروبولوجيا وغيرها.

 وانتشرت أيضا مفاهيم الحرية والإنسانية والأفكار الاشتراكية الطوباوية كتجسيد لشعارات الثورة الفرنسية (1789) تهدف الى إقامة مجتمع العدالة والمساواة ومن رموزها روبرت اوين (1771-1851) وشارل فورييه (1772-1827) ولويس بلان (1811-1882) وسان سيمون (1760-1825). 

 ويمكن تتبع سير الفلسفة المادية الحديثة من ارهاصات عصر التنوير الفكرية   الى فلسفة الألماني فيورباخ (1804-1872) وهو أحد اليساريين الهيجليين اللذين تصدوا لميتافزيقية هيجل الذي اعتبر الروح هي المحرك الأساس غايتها تحقيق الروح المطلقة. وقدم فيورباخ تفسيرا ماديا كانت الأولوية فيه للمادة على الروح وأن الإدراك الحسي للفرد هو الذي يحدد فهم العالم وقدم نقدا فلسفيا هاما للدين لكنه أهمل دور النشاط الاجتماعي – الاقتصادي في تشكل الأفكار. ثقافيا استخدم مفهوم الحداثة في اوروبا للدلالة على هذه التحولات في مجالات التكنولوجيا والعلوم والفلسفة والفن والأدب.

وقد رافق صعود التشكيلة الرأسمالية في القرن الثامن عشر ظهور الطبقة العاملة التي يبيع أفرادها قوة عملهم لقاء أجر في صراع مستمر مع الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج لتحسين ظروف العمل وانهاء الاستغلال الطبقي والذي اتخذ شكل انتفاضات عمالية أولها كانت لعمال النسيج في إنجلترا عام 1811 ثم امتدت الى فرنسا وبلدان أوروبية أخرى في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي شكلت القاعدة الاجتماعية  لظهور المنظومة الفكرية  الماركسية من فلسفة واقتصاد سياسي واشتراكية علمية ( لتمييزها عن الاشتراكية الطوباوية ). ومع سعة التفاصيل عن المنظومة الفكرية التي طرحها كارل ماركس (1818-1883) وفردريك انجلز (1820 -1895 ) الفلسفية  الاقتصادية والسياسية، الا أن القضية الرئيسية التي شكلت إضافة نوعية في مسار الفكر الإنساني هو تأكيدهما على أن الكون والطبيعة والأفكار والمجتمع تسير في حالة حركة وتطور دائمة  وفق قوانين عامة يمكن معرفتها والتحقق منها عبر المقاربة المادية الجدلية (المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية) . وطبقا لهذه المنظومة الفكرية تتطور المجتمعات وتتعاقب وترتقى التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية وبحتمية وصولا الى الاشتراكية والشيوعية بفعل الصراع الطبقي والتناقضات المحتدمة وبفعل  الثورات الاجتماعية كمحرك أساس لتقدمها . والأكثر من ذلك، أن هذه المنظومة الفكرية تتعدى حالة تفسير العالم الى تغييره عبر الممارسة الثورية (البراكسيس) من خلال ثورة سياسية واقتصادية واجتماعية هدفها تحقيق البناء الاشتراكي على أنقاض الرأسمالية. 

 في هذه الأجواء الفكرية نشأت ما بعد الحداثة كحركة ثقافية فكرية فلسفية تشكك بالأسس العقلانية والعلمية لمفهوم الحداثة وتلغى دور السرديات الكبرى الدينية والهيجلية والكانتيه والماركسية عن الحقيقة المطلقة ولانهائية المعرفة والتركيز على تحليل وتفسير الجزئيات المرتبطة بالسلطة وعلاقات القوة وديناميكيات الهيمنة  عبر تفكيك النصوص والأفكار واللغة، كما امتدت الى مجالات الأدب والجمال والفن والعمارة وتدعو الى التعددية الثقافية وأنماط من الهويات. وفي مجموعها عكست ما بعد الحداثة ردة فعل في أوساط النحب الثقافية تجاه مآسي الحرب العالمية الثانية ومجازر الفاشية بحق الشعوب الأوروبية، ولكن في سياق هيمنة ثقافة الرأسمالية المعولمة لصياغة فكر ينسجم مع متطلبات الحرب الباردة في الوسط الثقافي الأوروبي.

ومن أهم مفكري ما بعد الحداثة ميشيل فوكو (1926-1984) الذي ركز على نقد السلطة والمعرفة وتحليل الخطاب والهوية ومؤسسات مثل السجون والمصحات العقلية. وأسس جاك دريدا (1930-2004) الذي طور النظرية التفكيكية لتحليل النصوص الأدبية والفلسفية للكشف عن معانيها الخفية وتناقضاتها بينما قدم جان بودريار (1929-2007) الذي انتقد المجتمعات الاستهلاكية والثقافة الشعبية ودور الرموز والعلامات في صناعة فهمنا للعالم بواسطة الاعلام. ومن مفكريها أيضا رومان بارت (1915-1980) من الذين انتقد الثقافة الشعبية الاستهلاكية وأهمية الإشارات والعلامات في اللغة والثقافة.

كما نمت في فرنسا فلسفة البنيوية الحداثية ومن ممثليها عالم الانثروبولوجيا ليفي شتراوس (1908-2009) والمحلل النفسي جاك لاكان (1901-1981) والماركسي لويس التوسير (1918-1990) ولكن في بدايات القرن الحالي طرح مفهوم " ما بعد بعد الحداثة " دلالة على موتها .

ولكن عادت الماركسية مجددا الى الواجهة بعد وفاة ماركس بما حملته من مضامين ثورية وبعد سلسلة من الانتفاضات العمالية في أوروبا توجها انتصار ثورة أكتوبر في روسيا التي قادها لينين (1870-1924) في 1917 وتشكل المنظومة الاشتراكية القائمة بعد الحرب العالمية الثانية وتصاعد حركات التحرر الوطني.

وقد برز بعد ماركس الكثير من المفكرين الماركسيين مثيرين للجدل  في أوروبا منهم روزا لوكسمبورغ ( 1871-1919 ) وجورج لوكاتش ( 1885-1971 )  وغرامشي (1891-1937  ) وعرب منهم مهدي عامل (  1936-1987) وحسين مروة ( 1910-1987 ) وسمير امين (1931-2018  ) وفالح عبد الجبار (1946-2018)، اضافوا الى الخزين التاريخي للماركسية التي أصبحت هدفا خلال سنوات الحرب الباردة بهدف شيطنة الماركسية وتشويه مضامينها الثورية والترويج لصيغ بديلة تهادن الأيديولوجيا النيوليبرالية حتى انهيار الاتحاد السوفيتي والعالم الاشتراكي نتيجة الاخطاء المتراكمة على صعيد النظرية والتطبيق. ومن الجدير بالذكر ان ما هو مشترك في معظم بدائل الماركسية التي تم نشرها في مراكز أكاديمية غربية هو انتقاء جزئيات من المنظومة الفكرية الماركسية وتجريدها من قوانين تطور التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية وحتمية الاشتراكية ومن الممارسة الثورية ومزاوجتها بأخرى من علوم الاجتماع، والانثروبولوجيا ونتاجات ما بعد الحداثة.

 ولكن جاء مع هذا الانفجار نقيضه في تشكل فضاء فكري رحب وواسع لاعتماد المقاربة الجدلية النقدية الماركسية بشقيها النظري والتطبيقي التي لا تتوقف عند أطر أو مسلمات جامدة والتي تنطلق من حقيقة أن التاريخ في حركة دائمة تتطور وفق قوانين مادية وذات بنية سياسية وروحية وأخلاقية تعكس التناقض بين قوى وعلاقات الإنتاج في نظام اقتصادي ريعي مستهلك وغير منتج كما هو في الحالة العراقية.

**********************************************

ابن رشد المغيّب في التنوير

يصرّ الباحث السوسيولوجي عثمان أشقرا في كتابه "موجز فكر التنوير" (سلمى الثقافية، المغرب، 2025) على أنّ التنوير لم يكن اختراعاً غربياً محضاً، بل شاركت في صياغته روافد متعدّدة، من أبرزها الفلسفة الإسلامية في تجليها الرّشدي العقلاني. لهذا؛ يستعيد الدور المغيّب للفيلسوف ابن رشد، الذي لم تستوعبه ثقافته المحلية، لكنّه وجد صدى واسعاً في أوروبا الوسيطة، حتى غدا الشارح الأكبر لأرسطو وركيزة أساسية في تأسيس العقلانية الحديثة. وفي هذا التوظيف الرشدي داخل الحداثة الأوروبية دلالة عميقة على أنّ الهدر المعرفي في ثقافتنا كان يجري لصالح الآخر، لا بسبب الآخر.

يشير المؤلف إلى أنّ الفكرة جاءت لتصحيح ما شُوّه من صورة التنوير، معتبراً أن من الخطأ اختزاله في الإرث الأوروبي، لأن ذلك يقطع العربي والمسلم عن امتداداته الحضارية، ويجعله يشعر بالاغتراب عن مشروع إنساني أسهم فيه. فالتنوير ليس فرنسياً ولا أوروبياً خالصاً، بل هو مشترك إنساني.

ويُبرز المؤلف أن الفكر الرشدي الذي ازدهر في القرنَين الثالث عشر والرابع عشر شكّل رافداً أساسياً للتنوير الأوروبي، عبر ما عُرف بـ"الرشديين اللاتين" الذين وجدوا في كتاباته مادة خصبة لبناء عقلانية جديدة. ويرى أنّ العقلانية الديكارتية في القرن السابع عشر لها امتداد وجذور في الفلسفة الرشدية، ما يدحض الزعم بأن لحظة التنوير انطلقت فجأة مع ديكارت.

يسلك الكتاب مساراً تاريخياً دقيقاً وغير تقليدي، إذ لا يقف عند لحظات التوهج الكبرى فحسب، بل يلتفت إلى التفاصيل التي صنعت التحول: من إحياء التراث الإغريقي، إلى النزعة الإنسانية التي أعادت الاعتبار للإنسان بوصفه غاية لا وسيلة، مروراً بالإصلاح الديني الذي زعزع البنى اللاهوتية المغلقة في القرن السادس عشر، وصولاً إلى تأسيس العقلية الفلسفية الحديثة في القرن السابع عشر، ثم بروز المرحلة التنويرية في القرن الثامن عشر. كل لحظة هنا تُقرأ في سياقها وفي توترها الجدلي مع القوى النقيضة لها.

يسلط الكتاب الضوء أيضاً على التجربتَين الهولندية والإنكليزية في التنوير، اللتين غالباً ما تُهمّشان أمام النموذج الفرنسي. ففي هولندا، أزهرت فلسفة الحرية الفكرية مع سبينوزا وتلامذته، الذين وسّعوا أفق التفكير العقلاني ليشمل نقد النصوص المقدسة والدعوة إلى الفصل بين اللاهوت والسياسة، وإعلاء حرية التفلسف ضماناً لسلامة الدولة. أما إنكلترا، فقدّمت نموذجاً لتنوير معتدل مع إسحاق نيوتن وجون لوك.

ولا يتوقف المؤلف عند تخوم الحداثة بوصفها امتداداً للتنوير، بل يتجاوزها إلى مساءلة اللحظة الراهنة، التي باتت تحتفي باللامعنى واللايقين، وتروّج لفكرة أنّ العقل أُنهك، وأنّ البشرية دخلت "عصر ما بعد العقل". وهنا ينبه أشقرا بوضوح إلى أنّ ما يُسوّق تحت اسم ما بعد الحداثة قد لا يكون سوى وجه جديد لخيانة التنوير والتفريط في أعزّ ما أبدعه الإنسان: حريته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

"العربي الجديد" – 23 آب 2025

******************************************

{تبيّن} 53: التسامح

وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

صدر حديثا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثالث والخمسون (صيف 2025) من الدورية المحكّمة "تبيّن" للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية. وتضمن ست دراسات: "مفهوم بورديو للدولة" لعز الدين الفراع، و"أوراق كازاخستان: جون رولز والإسلام" لمحمد الرحموني، و"التربية في عصر الأنثروبوسين: نحو نموذج تربوي قائم على المسؤولية" لأحمد صديقي، و"المشكلة النظرية والعملية للتأويلية القانونية عند غادامير" لمحمد شوقي الزين، و"استشكال مفهوم الموضوعية في براغماتية ريتشارد رورتي الجديدة" لمحمود العكري وأحمد الفرحان، و"تفكيك الخلفيات الإبستيمولوجية والأيديولوجية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: مقاربة ناقدة" لخالد قطب.

ونقرأ، في باب "ترجمات"، ترجمة منير الكشو لدراسة برنارد ويليامز "هل التسامح فضيلة مستحيلة؟". واشتمل باب "مراجعات الكتب" على مراجعتين: الأولى مراجعة كتاب حدود الليبرالية: التراث، والنزعة الفردية، وأزمة الحرية لمارك ت. ميتشل أعدها لحمدان العكله، والثانية مراجعة كتاب نماذج الديمقراطية لديفيد هيلد أعدّها عمار المحمد. واختُتم العدد بعروضٍ لخمسة كتب صدرت حديثا أعدّتها هيئة تحرير الدورية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" – 10 آب 2025

******************************************

قاموس اقتصادي فلسفي.. دمقرطة الرأسمال

اعداد: د. صالح ياسر

نظرية برجوازية خادعة تدعي تبدل طبيعة الرأسمالية نتيجة تطور الشكل المساهم للمؤسسة، وان كل عامل يشتري سهماً يصبح مالكاً شريكاً في المؤسسة المساهمة، ويستطيع الاشتراك في ادارتها. والحقيقة ان الشركات المساهمة واقعة كلياً تحت سلطان كبار الرأسماليين الذين يملكون ما يسمى بحزمة الرقابة على الاسهم، ويجنون جميع فوائد الرأسمال المساهم. أما الكادحون الذين يملكون سهما أو سهمين أو اكثر من عداد مئات الألوف من الاسهم، فإنهم لا يقومون، ولا يمكنهم القيام، بأي دور في ادارة المؤسسة المساهمة، وتدر عليهم اسهمهم دخلا تافهاً. يضاف الى ذلك أن شراء بعض العمال القليل من الاسهم يتيح للرأسماليين امكانية التصرف بتوفيرات المواطنين البسطاء الصغيرة واستخدام هذه الاموال من أجل الاستثمار الرأسمالي. ولا تقل عن هذه النظرية كذباً النظرية الذاهبة الى أن نظام اشتراك العمال في أرباح المؤسسة الراسمالية يساعد على "دمقرطة الراسمال". فجوهر هذا النظام يقوم على أن الرأسمالي ينقص الاجور المدفوعة للعمال، ويعود ليدفع لهم فرق الاجرة، كحصة لهم في الارباح. وهدف هذا النظام هو إضعاف التضامن الطبقي بين العمال، وإحداث الانقسام في أوساطهم.

********************************************

الصفحة الحادية عشر

الجديد في المكتبة

- نبرة خافتة لنشيد هائل/ قراءات نقدية في الشعر العراقي المعاصر/ تأليف الشاعر والناقد علي عبد الامير عجام. صدر مؤخراً عن منشورات كناية.

- يمامة بغداد/ رواية للشاعر والمحامي شلال عنوز، صدرت مؤخراً عن دار السرد- بغداد، تتناول وفاء الزوجة لزوجها الذي قتل في عاصفة الصحراء.

- جرعة واحدة لا تكفي/ قصص حميد الزاملي، اصدار دار السرد.

- النص المرئي في فضاء العرض المسرحي/ فاضل الجاف، اصدار الهيئة العربية للمسرح- الشارقة. يبحث عبر فصوله الثلاثة عن ابرز المشكلات الابداعية التي تقلق المسرحي وتخضع لمفهوم بصريات النص والعرض مع مقترحات الازمات لتحقيق حلم الانسان والقيم العليا للجمال.

- البسطال الاخير/ رواية عامر حميو، صدرت عن دار السرد- بغداد.

- اتعبت الموتى يا موفق/ كتاب جديد للاستاذ حسين نهابة، صدر عن دار ابجد/ بابل.

*********************************************

رأي.. الثقافة ومسؤولية الاعتراف

علي حسن الفواز

قد يكون البحث عن الذات مبررا، وحاملا معه رغبة عميقة للتعبير عن علاقتها بالوجود أو المعنى، لكن ذلك لا يعني تعسفا إزاء الآخرين، ولا تجاوزا عليهم، وتحويل تلك الذات الى اشبه بالفيل الذي يطير..

يكتب البعض أو يحضر بوصفه بطلا في المقهى، أو الشارع، كاشفا عن بالونات تلك الذات، مُعرّيا لأوهامها، ولما لا تمتلكه من أهلية "ثقافية" تُبيح له التصرّف بعنف إزاء هذه الظاهرة أو تلك، أو إزاء هذا المواطن الثقافي أو ذاك..

لست معنيا بتشخيص حملة رايات "الخصخصة الثقافية" والموهمين بذوات معلولة في تاريخها وأفكارها، وفي طرق تعبيرها عن الوعي المسالم أو "الوعي الشقي" لكني أجد نفسي حزينا حين تتحول بطولة المقهى الى "اشهار" وربما الى ملحمة، وبطولة الفراغ الى "سبرانو موسيقي" صاخب، حيث يتحول الآخرون الى "اغيار" او الى خصوم" رغم غياب الأسباب الموجبة لتسويق هذه الغيرية المتعسفة في توصيفها، وفي تأطيرها..

أنا أكره التماثل، وانحاز جدا الى الاختلاف، لكنه الاختلاف القائم على الوعي، والجدّة، وعلى الإرادة والمسؤولية، وهي شروط ضرورية لصياغة وجود متعال، نحتاجه في التعاطي مع افكارنا واسئلتنا، وحتى مع حواراتنا التي غابت تقاليدها في المقاهي، وصارت الشكوك والتهم ورمي "المنجنيقات" جاهزة في التصرف، وفي البحث عن أوهام لا علاقة لها بالحق الثقافي، بما فيه حق المعارضة..

اسمع كثيرا، واقرأ كثيرا، ويصلني بعض الهمس القاسي، لأجد نفسي إزاء ذوات ثقافية لا تملك شجاعة تمثيل المسؤولية الثقافية، وحيوية النقد، لكنها تمارس وظائف صناعة البالونات، وصناعة الكراهيات، في الوقت الذي يفترض وظيفة أخرى متعالية ل"العقل الثقافي" العقل بمعناه الكانطي، الرافض للجهل، وللرثاثة، والقادر على أن يؤسس "نقده" على أساس وجود الواجب، وليس الوهم الذي تصنعه الكراهية..

الحق في المعارضة حقٌ أخلاقي وثقافي، وحتى قانوني، لكن هذا الحق سيكون مشوها حين يُستعمل بوصفه مجالا لتصريف الكراهية، ولرمي الناس بالضلالة، وربما بالجحود الثقافي، وبما يجعل من "الثقافي" خاضعا الى ضيق أفق "العيادي" بتوصيف فوكو، إذ سيكون هذا الثقافي جزءا من توصيف "المرض" ومن ثنائية المراقبة والعقاب، وليس جزءا من الحياة، ومن "العافية الثقافية" التى تحتاج فيها الى جرعات عالية من الحرية، لكي نعترف إزاء انفسنا، وإزاء أصدقائنا، بعيدا عن ذاكرة الغبار القديم...

*******************************************

الأصفر محوراً بصرياً عند سلام جبار!

اميرة ناجي

يهندس الفنان الدكتور سلام جبار عناصر لوحته كما لو تكون مسرحا بصريا نابضا بالحوار الصامت حيث تتقاطع الرموز والأساليب لتفتح باب التأويل على مصراعيه.

تجمع المشهدية بين شخصيات متعددة الطباع والانفعالات وكأنها تجلس حول مائدة نقاش لا ينتهي فيما تتداخل عناصر الحياة اليومية مع إشارات الفن المعاصر - مثل العمل الشهير للموزة الملصقة على حائط - في إحالة ذكية إلى أسئلة القيمة والمعنى في الفن.

ان الألوان الجريئة وتباين الضوء والظل يخلقان توتراً بصرياً يعكس حرارة النقاش بينما توضع الفاكهة وأدوات المائدة كرموز للغواية والمعرفة وربما السخرية من الاستهلاك البصري.

لا يكتفي الفنان هنا بتسجيل لحظة بل يحوّلها إلى فضاء فلسفي يسائل المتلقي:

هل ان الفن انعكاس للحياة أم ان الحياة صدى للفن؟

لم تكن هذه اللوحة مجرد جدل بين شخوصها بل هي جدل بين اللوحة والناظر. والاهم من ذلك انها جدل بين الفن وسؤال وجوده.

تتخذ لوحة سلام جبار من اللون الأصفر محورًا بصريًا لافتًا  إذ يحضر كطاقة دافئة ومضيئة تكسر التوترات الداكنة. وتُدخل عنصرًا من المرح والغرابة في المشهد  فيحيلنا إلى دلالات النور والخصوبة والعبث في آن واحد فليس الأصفر هنا مجرد لون بل صوت داخلي يعلو وسط النقاشات الصامتة.

وإذا ما حاولنا رسم خط (البنكتوم) الأهم للقطة بموجب فهم رولان بارت في كتابه (الغرفة المضيئة: تأملات في الفوتوغرافيا) لتكوين ليس فقط الصورة الفوتوغرافية انما اية صورة فسينشأ من متجهات نظر الشخوص مثلث تخيلي داخل تكوين اللوحة (تتجمع) قمته في رأس الموزة الملتصقة بالحائط وكأنها العين العليا التي تراقب هذا المسرح وبذلك سينشا مثلث (مقلوب) تكون قمته في الجهة اليسرى من اللوحة ويذكرنا هذا التكوين بما يُعرف بـمثلث (قسم هوراس) لجاك لوي دافيد  حيث يُوظف الشكل الهندسي لفرض نظام ومعنى خفي في المشهد. لكن مثلث سلام جبار يتحول الى نظام بصري او معادل بصري ان شئنا لبنية فلسفية ساحرة تتشكل قاعدته من شخصيات الحوار الذي لا ينتهي وهو يرسل تردداته الى قمته التي يحتلها (رمز) فني معاصر يثير التساؤلات عن القيمة والجدوى.

إنها لوحة تبني جدلًا بين: الشكل والرمز  وبين اللون والفراغ وبين الموروث الكلاسيكي والفن المعاصر لتضع المتلقي أمام سؤال يتجدد مع كل نظرة:

هل نحن أمام محاكاة للحياة أم أمام محاكاة لسؤال الفن ذاته؟

يؤكد هذا العمل أن تجربته ليست معزولة بل هي ثمرة تراكم خبرة طويلة في قراءة التاريخ البصري وفي إعادة صياغته بلغة حداثية فاستطاع عبر سلسلة من الأعمال أن يطوّر خطابًا تشكيليًا يقوم على الحوار بين الرمز والمعنى ليمنح المتلقي دومًا مساحة للتفكير وإعادة الاكتشاف.

*********************************************

قصتان قصيرتان جدا

د. ناظم علاوي

تَوَحُد

خلالَ أسلاك الهاتف راحت تتناسل الكلمات، وفي زاوية ضيّقة مظلمة من الأعماق جاءني صوتها مغسولاً بالشهوة: متى عدّت؟ بُعدكَ ليلٌ طويل.

انساحَت ظلالٌ قاتمة على الأرض وهي مُمسكةٌ بسماعةِ الهاتف، أصوات متناغمة اندَمجت مع صوت الضِّل، لتَزيد انعِكاسَ بقعة مُعتمة، تتداخل وتتشظى إلى خيوط فاتحة كلما ابتعدت عن المركز المُعتِم. ولتضيعِ في وجه المِصباح المُعلَّق على الجدار أمامه. بينما أخذت الأحلام المحشورة تَتسرب عبر الأسلاك لتُحقِق رغبات مُشتَعلة تَثور في الداخل، لم يكن ذلك كل ما أوحى به صوتُها المتدفق، أحسَ بالذوبان والتلاشي عندما تناغم صوتُها مع موسيقى كلمة (أحِبكَ) حينها أحسَّ بالشوق يُذيبه ويُحيله إلى شيء هلامي، فَبدأتْ عُتمة الضِّل تَصغر، وبَدأَ وهَج المصباح يَجتاحُها كجيوشٍ جَبارة، عندها بدأَ الصوتُ يضيعُ ويخفُتُ ليتداخل مع الأصوات القادمة وتَوحدا.! ولم يبق من ذلك الضِّل المنساحِ على الأرض غير ضِلُّ سماعة الهاتف وحدها معلقة في الهواء، وكأن يداً ممسكة بها.!  

 واحد في واحد

ظلال أشجار الأغصان المنعكسة على الطريق (القيري) الأجدب تنسحب بطيئاً نحو الغروب تابعة قرص الشمس، تتوالد ظلال فاتحة لتلك الأغصان نفسها، المنتشرة خلال ضياء البدر، بينما يصارع ظلي الأليف تلك العتمة خلال الأشباح المتشابكة للأغصان، يبقى متوحداً مع ساقيَّ، فأراهُ يتوالد ويَندحر بعد مروري عبر تلك الإنفتاحات الضوئية الهزيلة، وسقوط الظل للأشجار المتسامقة. الضياع اللامتناهي يمسخني ليحيلني شيخاً هرماً، ربما تعكس شرودي وتعبي، ضاع مني كل شيء لم أعد أرى حتى نفسي؛ فقد سقَطَت في عتمة النفس التائهة عندما أحسست بوحش من تلك الزوايا السوداء يخرج ليطبق على صدري ويردد بصوت صم أذني كم حاصل ضرب واحد في واحد؟ أذهلني ثم أرعبني صراخهُ معيداً السؤال.! بزغت طفولتي البريئة وأحلامي الهاربة مني دفقة واحدة. وخلصتني لوهلة من شرودي، أبعدتُ يديه أو أشباح يديه الجاثمة على صدري. عدوتُ مسرعاً فتوالدت تلك الظلال مرة أخرى خلال ضياء البدر. لكني انتبهتُ إلى نفسي لأرى هل ما زال ظلي؛ يتبعني!

*********************************************

خالد أمين ومساءلة المركزية الغربية في المسرح

عواد علي

في سياق مشروعه النقدي المهم، الذي يُحلل  فيه مفاهيم "التناسج" و"المثاقفة" و"الهجنة"، يسائل الباحث والناقد المسرحي والأكاديمي المغربي د. خالد أمين، في بحثه "المسرح العربي في محكّ التفكير العابر للحدود"، المركزية المسرحية الغربية عبر التفاعل مع السؤال الذي سبق أن طرحه الناقد العراقي د. عبد الله إبراهيم، في كتابه "المطابقة والاختلاف"، حول الأسباب التي تجعل من الثقافة العربية الحديثة -بما فيها المسرح- تتصف بالاستجابة السلبية للثقافة الغربية.

يؤكد أمين أن استحضار الإرث المسرحي الغربي ضروري في هذا الباب، لأن نزعته المتمركزة جعلت رحلته من المحلية إلى الكونية تفرض إبدالًا واحدًا لممارسة المسرح طغى على الأشكال الفُرجوية الأخرى ووضعها في الهامش، إلا أن ذلك لا يمكن أن يمثل وحده التفسير الوحيد لأزمة الحداثة المسرحية العربية، ذلك أنها عانت من وطأة الافتتان بالبحث عن المطابقات والسكون إلى المرجعيات المستعارة التي نقلت معها أزماتها.

كما يدافع أمين عن الفرضية الآتية: لا يمكن لمسرحنا العربي أن يتطور بمعزل عن الاحتكاك مع الآخر ومواجهة النموذج المحلي الغربي، من خلال إبداع تفكير عابر للحدود، كونه "الإبستمولوجيا الظرورية للانفكاك وإزاحة الحالة الاستعمارية عن المعرفة، ومن ثم بناء تواريخ محلية ممانعة تعيد الكرامة إلى الملايين من الناس الذين سلبتهم إياها الفكرة الغربية للتاريخ الكوني" على وفْق الفيلسوف الأرجنتيني والتر مينيولو.

ويرى أمين أن الحداثة العربية لم تكن ممكنةً من دون حالة استعمارية؛ إذ تُعد هذه الأخيرة مؤسسة للأولى بدل كونها مصوغةً منها أو تشبهها في التركيب البنائي. والمسرح لا يحيد عن هذا التصور، ذلك أنه استُقدم إلى عالمنا مدعومًا من لدن جيوش الاحتلال، منذ حملة نابليون بونابارت على مصر (1798– 1801). ومنذ ذلك الحين شكّلت الحملة العسكرية النابليونية بداية تفاعل متضارب بين الحداثة والاستعمار. وقد جاء تبني العرب للمسرح، في صيغته الغربية، نتيجة هذا التفاعل المفارق. وبينما كان نابليون يستعد لمغادرة مصر في 22 أغسطس 1799، كتب ملاحظةً مهمةً لخليفته، الجنرال كليبر، موضحًا ضرورة النشاط المسرحي: "لقد طلبت بالفعل عدة مرات فرقة من الكوميديين. وسأحرص بشكل خاص على إرسال فرقة إليك. فهذا البند له أهمية كبيرة بالنسبة إلى الجيش، كما أنه وسيلة للبدء في تغيير عادات البلاد"، حسبما جاء في كتاب "المسرح المصري في القرن التاسع عشر" للمؤرخ البريطاني فيليب صادغروف، المتخصص في الدراسات العربية بجامعة مانشستر.

ويشبّه أمين التطلعات النابليونية بأطروحة كارل ماركس حول الاستعمار البريطاني ومهمته المزدوجة في الهند، التي يفترض أنها متخلفة من منظوره، واحدة مدمرة، والأخرى تعمل على تجديد إبادة المجتمع الآسيوي القديم، ووضع الأسس المادية للمجتمع الغربي في آسيا. وقد أدت المهمة التدميرية إلى تفكك المجتمعات الأصلية، واقتلاع الصناعة المحلية، واختزال الثقافات الفرجوية المحلية في خانة الفولكلور، في حين اتّبعت عملية التجديد مسار تحديث الهند. وكان التأثير فيه عميقًا جدًا  إلى درجة أن الهنود وجدوا أنفسهم بين واقعين وبوابتين: بوابة الغرب التي يتعذر فتحها بالكامل، وبوابة الهند التي تأبى أن تُوصد نهائيًا.

وهكذا أدخلت التقاليد المسرحية الأوروبية بوصفها قوةً ناعمةً ووسيلةً ناجعةً لإعادة الشرق إلى ذلك الغرب المتمركز حول ذاته. كما عّد الإبدال المسرحي الأوروبي أفقًا كونيًّا يجب تبنيه من طرف الإنسانية جمعاء.

ومع بداية الستينيات من القرن العشرين، بدأت رحلة المسرحيين الغربيين الميدانية المختبرية في اتجاه الشرق، وعلى رأسهم أوجينيو باربا وجيرزي غروتوفسكي. وكانت رحلة التعلم والنهل من خبرات الجسد الفُرجوي الشرقي التي تفتق عنها أهـم إنجازات المسرح الغـربي المعـاصر.

لكن كيـف ينبغـي أن تمثّل هـذه الرحلة من وجهة نظر خالد أمين، هنا، الآن؟ يتساءل: أذلك تمرد (مـن الداخل) عـلى المركزيـة الغربيـة وبنيـات التفكير المثالية/ الماهوية المرتبطة بها، أم اتساع لمساحات المركزية الغربية الهادفة إلى احتواء الآخر ومحو اختلافـه؟ وهي الحقيقـة التي يقـرّ بها أغلب الباحثين المسرحيين، ولا يخرج عنها حتى دعـاة مسرح المثاقفـة، ومنهم الباحـث الفرنـسي باتريـس بافيـس الذي يقـول في هـذا الشأن: "إذا كان هنالك خطاب يجب أن نسعى إلى تجــاوزه، فهـو التمركـز الأوروبي المنكفئ الـذي يجعـل مـن أوروبا حصنًا منيعًا ضد أي شكل مـن أشكال المثاقفــة مع آخرهـا... لقـد كان اسـتشراف آفـاق المثاقفـة خارج مدار المركزية الأوروبية رهانًا استراتيجيًا لحل مشاكل المسرح المعاصر".

وفي هذا السياق يعرض أمين الجهد النقدي البارز للمخرج المسرحي والناقد الهندي رستم بهاروتشا، في كتابه "المسرح والعالم: الأداء وفن السياسة الثقافية"، الذي فكك فيه أعمال أربعة من المخرجين الغربيين الشهيرين (أنتونين آرتو، جيرزي غروتوفسكي، بيتر بروك، وريتشارد ششنر)، المستندة إلى الملاحم والطقوس الشرقية، عبر تركيزه على ما يسميه "أخلاقيات العرض" التي تكمن وراء كل تبادل ثقافي، والعلاقات الاجتماعية التي تؤسسه، منطلقًا من مقولات إدوارد سعيد ومواطنيه غاياتري سبيفاك، هومي بابا، وبارتا تشاترجي، المعنية بتفكيك الخطابات الغربية الاستشراقية، القائمة على رغبة دفينة في موضعة الآخر (الشرقي) في إطار من التهميش والانتقاص، وإعادة تشكيله في المتخيل الغربي بطريقة تستبعد هويته وتطمس حقيقته، ليجري إدراكه بوصفه عالمًا عجائبيًا، مؤكدًا أن الاتجاه السائد في إنتاج تلك الأعمال المسرحية يفصل بين التاريخ الشرقي والحضارة الشرقية بأساليب تخفي تحت قشرتها الخارجية نزعةً مركزيةً غربيةً، واستشراقيةً براغماتيةً، بحثًا عن مادة مسرحية خام، على النحو الذي عُرف عن الشركات المتعددة الجنسية التي تستغل المواد الخام والعمالة الرخيصة في العالم النامي.

ويستنتج أمين من ذلك أن الرحلة المسرحية الغربية نحو الشرق اتجهت إلى استغلال الأشكال الفُرجوية غير الغربية وتبنّيها خدمةً لكونية مزعومة كرّست الانجذابات الثقافية الإمبريالية أكثر من العمل على تقويضها، وذلك من خلال نقل أشكال تعبيرية بعينها إلى بنيات الإنتاج المسرحي الغربي بمعزل عن مراعاة سياقات تحققها؛ وهذا في جوهره ما هو إلا أحد تمظهرات الحالة الاستعمارية. ولا يزال هذا النوع من المثاقفة المسرحية المهيمنة مستمرًا حتى الآن؛ ويتلقى الدعم الكافي من الجهات الراعية للثقافة الاستهلاكية.

إن التفكير العابر للحدود، سواء أعند المفكر المغربي عبدالكبير الخطيبي (الذي ينعته بالنقد المزدوج) أم عند والتر مينيولو، يدفع، في رأي أمين، إلى الإقامة على الحدود، وهي إقامة محفوفة بالمخاطر وكأنها رقص على حد السيف في المساحة الفاصلة/ الواصلة. ولإبراز بعض معالم هذه المواقع العابرة للحدود، يتناول أمين بعض النماذج العربية التي تحاول جاهدةً استشراف رحابة آفاق ذلك العصيان الإبستيمولوجي المنشود. ومن بين تلك التجارب: "قمة هاملت" للمؤلف والمخرج الكويتي البريطاني سليمان البسام، "إنسوا هاملت" للمؤلف والمخرج العراقي جواد الأسدي، "دموع بالكحول" لفرقة مسرح أنفاس من المغرب، "بيوخرافيا وثلاث ملصقات" و"وجه أ وجه ب ومَن يخاف التمثيل؟" للفنانين اللبنانيين لينا مجدلاني وربيع مروة.

ومن بين ما يخلص إليه خالد أمين، في خاتمة البحث، أن الخيارات الديكولونيالية المتاحة على مستوى الإبداع المسرحي العربي الراهن خيار المصالحة مع وجدان الفُرجة المحلي من جهة، ووضعه في مواجهة دائمة مع الإبدالات المسرحية الغربية، من جهة أخرى. ويبرز هذا النوع من الاحتكاك والخبرة الحسية لدى جسد مؤدّ مقيم على الحدود بين حساسيات فُرجوية/ أدائية تنتمي إلى الشرق والغرب، وهو (أي الاحتكاك) يستشرف آفاق فك الارتباط مع النماذج الأدائية المحلية والأدائيات الغربية من دون الوقوع مجددًا في مآزق "الاختلاف المتوحش". وتُعد الخبرة الحسية مجالًا لإبراز الحساسيات المسرحية/ الأدائية المغايرة، وتقتضي ضمنيًّا تفكيرًا/ إبداعًا عابرًا للحدود عبر التعاطي مع الإبدالين معًا (الغربي والشرقي)، وفي الآن نفسه، إبداع أفق مغاير ومختلف عن كل منهما.

*********************************************

نبيُّ الأغانِي

محمد جلال الصائغ 

أُعيذُكِ الآنَ مِن قلبٍ بُلِيتُ بِهِ

ما لاحَ بابٌ لَهُ

إلّا وقد طَرَقَا

أُعيذُكِ الآنَ مِن عُمْرٍ

طَوَى حَزِناً أيّامَهُ

وعلى أوجاعِهِ انْغَلَقَا

أُعيذُكِ الآنَ مِن ماض

تُطاردُني اشباحُه

حيث سَدَّت حوليَ الطُّرُقَا

أنا نبيُّ الأغانِي

إنَّ مُعجِزَتي

أنِّي أُلوِّنُ -رَغْمَ الحُزنِ بي- الوَرَقَا

مشيتُ خمسينَ عاماً

طامعاً بغَدٍ ما مسه اليأسُ

لكنْ لم أزَلْ قَلِقَا 

وشوَّهَتْني بلادٌ

قالَ مَن سَرَقُوا أحلامَها 

سوفَ نُلقي لحمَكم مِزَقَا

فلا تَلومي فَتى ضاعتْ مَلامِحُهُ

و عُمرُهُ في دُروبِ الحب قد سُرِقَا

ولا تَلومي الحكايا

فهي زائفةٌ

وكلُّ ما قيل عند الشوق ما صَدَقَا

سأرحلُ الآنَ 

أوراقي أُمَزِّقُها

وأترُكُ الوطنَ المجنونَ مُحترِقَا

وأترُكُ القلبَ أيضاً

فهو يُتعبُني

عندَ الرحيلِ  بدمعٍ عاشقٍ شَرِقَا

فودّعيني 

فلا آتٍ يليقُ بنا

فكُلُّ ما سوفَ يأتي

طامعاً نَزِقَا

ولا تَلومي اصْطِباري 

لستُ أملكُهُ

في عالمٍ رغمَ كُلِّ الموتِ ما نَطَقَا

أنا وأنتِ 

وطَعمُ الحزنِ في فمِنا

حُلْمانِ قد جُمِعا لكن لِيَفْتَرِقَا

*******************************************

الصفحة الثانية عشر

عدد جديد من {النصير الشيوعي}

عن رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، صدر أخيرا العدد (38) أيلول 2025 من جريدة "النصير الشيوعي".

ضم العدد أخبارا وتقارير عن نشاطات الرابطة في العراق والخارج، وكتابات عن مسيرة الحركة الانصارية وشهدائها، غطت جميعها 12 صفحة ملوّنة. 

 

 

[1]

 

[1] اصدار جديد

الريع والتنمية للباحث

عباس الفياض

 

بغداد ـ طريق الشعب

 

 صدر عن دار المدى كتاب جديد بعنوان "الريع والتنمية" للدكتور عباس الفياض المقيم في لندن، في ثلاثة أجزاء، يعالج موضوعات اقتصادية حيوية تتعلق بالريعية والتنمية الاقتصادية.

خُصِّصَ الجزء الأول من الكتاب لمناقشة مفهوم الريع، واقتصاد الريع، والدولة الريعية، فيما ركز الجزء الثاني على دراسة الريع في بلدان أمريكا اللاتينية وأفريقيا والعالم العربي، وتحليل أسباب عدم تحقيق النهوض الاقتصادي في هذه المناطق وتأثير ذلك على النمو ومستوى المعيشة.

وفي الجزء الثالث، تناول المؤلف الموارد الطبيعية كنعمة مجانية تسهم في التنمية الاقتصادية في بعض الدول النامية، مؤكدًا أن الاستفادة منها مرتبطة بالسياسات الحكومية لكل بلد.

وأشار الفياض إلى أن الهدف الأساسي من كتابه هو بحث سبل معالجة التطور الاقتصادي المعتمد على الريع، وتحقيق اقتصاد غير ريعي يسهم في بناء دولة تنموية، مؤكدًا على أهمية الإرادة الوطنية كشرط للتطور، والابتعاد عن تبعية المؤسسات المالية الدولية وشروطها الصارمة، مستشهدًا بمثال العراق الذي لا يمكن أن يحقق تنميته دون التخلص من المحاصصة الطائفية والإملاءات الدولية والإقليمية.

 

-*

 

***********************************************

للموسم الثاني  احتفاء جماهيري بالكتاب في مدينة الصدر - الثورة

بغداد – طريق الشعب

احتضنت "ساحة مظفر" في مدينة الثورة (الصدر)، عصر أول أمس الجمعة، مهرجان الكتاب بموسمه الثاني، والذي أقامه "منتدى الركن المعرفي" في المدينة بمشاركة دور نشر وروابط ثقافية ومؤسسات مدنية ومتطوعين.

وبفضل إقامته على الساحة الواسعة المفتوحة في الهواء الطلق، جذب المهرجان أعدادا كبيرة حتى من المواطنين المستطرقين، كبارا وصغارا، ما منح الجميع فرصة الانضمام إلى الفضاء الثقافي، وإشباع اهتماماتهم بالثقافة وميادينها.  

وشهد المهرجان الذي حملت دورته هذه اسم الشاعر الشعبي الراحل جبار رشيد، حضور آلاف القادمين من مناطق مختلفة في بغداد والمحافظات القريبة، إضافة إلى حضور وجوه ثقافية وإعلامية وأدبية وشخصيات رسمية، ما يُدلل – وفقا لمتابعين – على توق الناس للمعرفة والجمال، وتطلعهم الى كل ما يشيع أملا في الارتقاء بالواقع الثقافي، لا سيما في هذه المدينة التي أنجبت على مدى تاريخها مبدعين كثرا في مختلف المجالات الثقافية والأدبية والفنية والرياضية، بينما عانت ما عانت من ويلات الفقر والتهميش.

وحضر المهرجان أيضا عدد من القياديين في الحزب الشيوعي العراقي، إضافة إلى العشرات من الرفيقات والرفاق. وكان بين المساهمين في فعاليات المهرجان وأعضاء لجنته التنظيمية، رابطة المرأة العراقية، فضلا عن اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي. حيث دعم العديد من الرفاق ومن أعضاء الرابطة والاتحاد، المهرجان بالتبرع بالكتب، إلى جانب الدعم المالي.

وازدانت أرض المهرجان بموائد الكتاب. إذ تم توزيع نحو 8 آلاف كتاب مجانا على الزائرين في خطوة لاقت تفاعلاً واسعاً بين الحاضرين، لما تحمله من رسالة تشجيع على القراءة وتعزيز الوعي الثقافي. فيما شهد المهرجان فعاليات منوعة، منها قراءات شعرية ومعارض فنية وجلسات حوارية مع أدباء ومثقفين ومهتمين بالكتاب، فضلا عن عرض مسرحي يُشجّع على اقتناء الكتب ومطالعتها، قدمه فنانون شباب، وورش عمل لتعزيز مهارات الكتابة.  

كذلك خُصصت زاوية لأدب الأطفال جذبت أعدادا كبيرة من الصغار وأسرهم. في حين نُظمت فعالية رسم حر استعادت صورة الشاعر الراحل جبار رشيد.

ويسعى منظمو المهرجان لتحويل هذا الحدث السنوي إلى منصة دائمة لتلاقح الأفكار وتشجيع القراءة والإبداع. بينما عدّوا في تصريح صحفي، الاحتفاء بالشاعر الراحل جبار رشيد في هذه الدورة، رمزية حية للحفاظ على إرث الشعر الشعبي العراقي العريق ونقله للأجيال القادمة.

ولفتوا إلى أن الدورة الثالثة ستنطلق بحجم أكبر وبفعاليات أوسع، بما يحوّل المهرجان إلى تقليد ثقافي سنوي يعزز مكانة مدينة الصدر كمركز إشعاع معرفي وفني.

وفي المقابل رأى العديد من زائري المهرجان أن هذا الحدث يمثل ولادة جديدة للثقافة في هذه المدينة.

 *************************************

تحت اسم الشاعر ناهض الخياط الحلة تزدان بـ{مهرجان بوابة عشتار} الخامس

 متابعة – طريق الشعب

 

شهدت مدينة الحلة يومي الخميس والجمعة والماضيين، فعاليات "مهرجان بوابة عشتار" للأدباء الشباب بدورته الخامسة – دورة الشاعر ناهض الخياط.

المهرجان الذي أقامه اتحاد الأدباء والكتاب في بابل برعاية الاتحاد العام للأدباء والكتاب، شارك فيه أدباء من بابل والمحافظات الأخرى، وحضره الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي ونائب الأمين العام الناقد علي الفواز، إلى جانب شخصيات ثقافية وأدبية.

وخصصت دورة المهرجان لقصيدة النثر، وشهدت على مدى يومين جلسات شعرية ونقدية.

من جانبه، ألقى الناقد علي الفواز كلمة باسم اتحاد أدباء العراق، ذكر فيها أن هذا المهرجان يفتح أفقا إبداعيا متجددا، يربط بين رمزية بابل وحيوية الشعر العراقي.

أما كلمة المهرجان، فقد ألقاها رئيس اتحاد أدباء بابل الشاعر أنمار مردان، وقال فيها: "إننا نؤمن أن هذا المهرجان ليس مجرد فعالية أدبية، بل هو مشروع مستمر. وها نحن اليوم في دورته الخامسة نحتفي بثمار هذا الجهد ونؤكد أن المستقبل يبدأ من هنا، من بابل، من هذه الأرض".

وأعلت قصائد الشعراء من قيمة الهوية الوطنية. واستحضرت مآثر بابل التاريخية. وبينما عبّرت عن قلق الإنسان العراقي وهمومه اليومية، بثت الأمل في روح مستقبل متجدد.

******************************************

أربيل.. فنان يُحوّل منزله  إلى سينما مجانية

متابعة – طريق الشعب

بسبب حبه الكبير للفن السابع، أقدم الفنان الكردي جوهر أنور إلى تحويل منزله الذي ولد فيه، والواقع في حي طيراوة بمدينة أربيل، إلى صالة سينما تحت اسم "سينما جوهر مومباي".  ولا يتطلب الدخول إلى هذه السينما أي مقابل مادي. فالدخول مجاني، لا بل أن جوهر نفسه يُقدم الطعام والشراب مجانا إلى ضيوفه!

يقول جوهر في حديث صحفي، أن "هذه السينما، إضافة إلى كونها تعرض أفلاما، توفر فرصة لاجتماع الأصدقاء، الذين لا يلتقون باستمرار". وعن توقيتات العروض، يوضح أن السينما تفتح أبوابها أمام الضيوف مسائي الاثنين والجمعة، مبينا أن مساء الاثنين مخصص لعرض الأفلام الأمريكية، في حين تُعرض مساء الجمعة أفلام هندية كلاسيكية.

وتبلغ مساحة المنزل 130 متراً مربعاً، وتتّسع السينما لحوالي 50 شخصاً. وقد جُهّزت بشاشة عرض بحجم 3×6 أمتار ونظام صوت "هوم سينما". وقد بلغت تكلفة إنشاء السينما نحو 30 ألف دولار، تحمّلها الفنان جوهر بالكامل على نفقته الخاصة. من بين زائري السينما، الممثل البغدادي مجد الخضر، الذي ذكر في حديث صحفي أن شغف جوهر بالسينما والتمثيل، دفعه لخطو هذه الخطوة، مشيرا إلى أن هذا التصرف ينم عن ثقافة وإنسانية.  وُلد جوهر أنور عام 1956 في حي طيراوة بأربيل، وشارك كممثل في عدد من الأفلام والأعمال المسرحية. وفي سبعينيات القرن الماضي، كان أول من امتلك سينما متنقلة في أربيل. كما أدار لاحقاً سينما "صلاح الدين" في المدينة.

 

************************************************

بجهد تطوّعي.. 4 آلاف شتلة {مانغروف} تحيي سواحل الفاو

متابعة – طريق الشعب

تعد شجرة المانغروف من الأشجار الساحلية القادرة على النمو والعيش في ظروف مناخية بالغة القسوة. إذ يوضح خبراء أن هذه الشجرة تُحب المياه المالحة، ما يتيح زراعتها على شواطئ البحار، وان جذورها الظاهرة تتحول إلى مأوى للكائنات البحرية، فضلا عن كونها تحمي الشواطئ من التآكل.  ونظرا لهذه الامتيازات، دشّن متطوعون من أهالي قضاء الفاو أقصى جنوبي البصرة، عام 2023، حملة تطوعية بعنوان "من أجل بصرة خضراء"، لغرس شتلات مانغروف على ساحل البحر، وحتى الآن نجحوا في غرس 4 آلاف شتلة توزعت على امتداد مناطق رأس البيشة ومحيط ميناء الفاو وكاسر الأمواج وحوز العشار.

في حديث صحفي، يقول رئيس الحملة محمد أبو عطاف، أن "هذه الشجرة قادرة على تحمل الملوحة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة. وقد وصل ارتفاع بعض الشتلات التي غرسناها إلى مترين، بينما لا يقل ارتفاع غيرها عن 40 سنتيمتراً".

ويوضح أنهم غرسوا في رأس البيشة 2000 شتلة، وعند كاسر الأمواج في ميناء الفاو الكبير غرسوا 750 شتلة، والبقية غرسوها في مداخل الفاو ومنطقة حوز العشار على الخليج العربي، مشيرا إلى أن "هذه الحملة جاءت بجهد تطوعي من أهالي الفاو. حيث يتم جمع البذور وزراعتها أولاً في بيئة رطبة خلال شهر أيلول. وبعد أن تنموا وتصبح شتلات، يتم نقلها إلى التربة الساحلية".

ويلفت أبو عطاف إلى أن حملتهم ستستمر وتتوسع خلال الشهور القادمة، لتشمل بقية مناطق الفاو والبصرة بشكل عام.

اطارٌ لعصر الجواري

عبد المنعم الأعسم

الاختراق مستمر لروح الدستور باعتباره ضامن للحريات العامة، وسياج لحقوق المرأة، والقضم متواصل للنصوص، الدستورية والقانونية، ذات العلاقة بالامومة والميراث والنفقة، ودسّ التأويلات الجاهلية في حشوة الحياة الاجتماعية والاسرية يمضي قدما بما يتعارض مع مقدمة الدستور التي تشير الى التزام النصوص والتطبيقات بالمعاهدات والقوانين والقيم الدولية والانسانية حين يتعلق الامر بحقوق الانسان، وفي المقدمة منها حقوق النساء.، واللافت ان احزاب السلطة، وبغطاء حكومي منهجي، بدأت، منذ اكثر من عام، بالاسراع في تمهيد الطريق الى تشريعات الردة نحو عصر الجواري، حيث تُغلق كل منافذ الاوكسجين على حياة النساء وحقهن في المساواة والحرية ودرء سطوة الرجل والعشيرة وعربدة السلاح والثأر، والحال، فاننا نتابع الاندفاع المحموم الى فرض اطار الهمجية الجديدة لتسويق بيئة التخويف والتهديد لفرض ثقافة الجواري، مُصصمة في غرف مظلمة، تحرسها مفارز مسلحة: تغتال وتختطف وتكتم الانفاس وتشهّر، وتقول.. اذا لم يعجبكم هذا فاقصدوا بيت القضاء.. "ابيتنا ونلعب بي".

*قالوا:

" من أَسْرَعِ إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون".

الاحنف بن قيس- صحابي

 

 

معًا لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب

دعمًا للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع

الرفاق والأصدقاء:

  • عيسى عودة 1000 كرون سويدي
  • بشير آدم 1000 كرون سويدي

الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة

الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.

معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.