الصفحة الأولى
طالب يدفع 10 آلاف دولار سنويا الى كلية أهلية وآخر يكافح لتوفير أجرة النقل الى جامعة حكومية بين الفقر والثراء.. تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع
بغداد – طريق الشعب
تشهد البلاد تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة، تعصف ببنية المجتمع، وتعيد رسم الطبقات فيه على نحو مشوه؛ ففي ظل تصاعد التضخم وارتفاع معدلات البطالة، تتآكل الطبقة الوسطى التي كانت لسنوات تشكل عمودًا فقريًا للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. بينما تتسع الهوة بين فئات مرفهة تتمتع بثروات فاحشة، وأخرى فقيرة تكافح من أجل البقاء.
هذا المشهد المأزوم يتفاقم بفعل السياسات الحكومية غير المتوازنة واعتماد سياسة السوق المفتوح وغياب التخطيط والمنهج العملي وانتشار الفساد الذي وكل هذا وغيره يسهم في تعمّيق الفجوة بين الأثرياء والفقراء. وعلى الرغم من الثروات الهائلة التي يمتلكها البلد، يكافح المواطن العادي من اجل الصمود في وجه الفقر والتهميش، فيما تتصاعد الدعوات لإصلاحات اقتصادية جذرية، تعيد التوازن إلى المجتمع، وتحمي الفئات الأكثر ضعفًا.
تحولات اجتماعية!
يقول الباحث الاجتماعي سلمان الشمري، أن "التحولات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة أدت إلى تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع، ما أدى إلى تفاقم الفجوة بين طبقتين رئيسيتين: الطبقة المترفة والطبقة الفقيرة"، مضيفا أن "العوامل الاقتصادية مثل التضخم والبطالة، بالإضافة إلى السياسات الحكومية غير المتوازنة، لعبت دورًا محوريًا في هذه التغيرات".
ويضيف الشمري في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "الطبقة الوسطى كانت تمثل العمود الفقري للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، حيث كانت تتمتع بقدرة شرائية معقولة، وتسهم بشكل فعال في الإنتاج والاستهلاك. ومع غياب الدعم المناسب لهذه الطبقة، شهدنا ارتفاعًا في معدلات الفقر وتزايد عدد الأثرياء بشكل ملحوظ، ما يعمق الفوارق المجتمعية ويؤدي إلى مشكلات جديدة تتعلق بالتهميش وانعدام العدالة".
ويشير الى أن "العراق يعاني من الفساد وسوء إدارة الدولة ومؤسساتها، وهذا سبب بارز في خلق تلك الفجوة"، مبينا انه "على الرغم من عدم وجود ارقام دقيقة عن نسب الطبقات الاجتماعية المختلفة، إلا أن الكتابات التاريخية تؤشر أن أكبر حراك اجتماعي وانتقال بين الطبقات في العراق، قد حدث بعد الخمسينيات، حيث تقلص حجم الطبقة الغنية والفقيرة وزاد حجم الطبقة المتوسطة".
ويواصل حديثه قائلاً: "أما اليوم فنرى شبانا يتجولون بسيارات فارهة في شوارع بغداد، ويرتادون أفخم المطاعم، التي تثار حولها شبهات تتعلق بغسل الأموال".
وختم الشمري بالتأكيد على ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية وتوجيه الدعم للطبقات المتضررة من أجل إعادة بناء التوازن الاجتماعي والاقتصادي، لافتاً إلى ان الأطفال هم الأكثر ضررا من تلك الفجوة الطبقية.
دعم غير كاف
يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، عبد السلام حسن، في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "الدعم الحكومي للمواطنين غير كافٍ، وأن من الممكن توفير مستوى معيشي أفضل للعراقيين بسهولة من خلال استثمار الرسوم والضرائب بشكل صحيح".
ويعتقد حسن أن "من الممكن رفع دخل المواطن إلى أكثر من 750 ألف دينار عراقي شهرياً إذا ما تم استثمار الرسوم بشكل صحيح، دون الحاجة إلى الاعتماد على برامج النفط أو البترودولار"، مردفا أن "هذه الاقتراحات لا تلقى الاهتمام الكافي، لأن النظام الحالي ورث أفكارا متأصلة من النظام السابق، تعتمد على سياسات التجويع لضمان السيطرة على الشعب" طبقا لقوله.
وتطرق عبد السلام إلى مشكلة توظيف الخريجين، مؤكدًا أن الحل لا يكمن في تعيينهم في الدوائر الحكومية فقط، بل يجب التفكير في فتح معامل ومشاريع إنتاجية تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي للعراق، مشيرا الى ان "فتح مشاريع إنتاجية يمكن أن يفرز دعمًا حقيقيًا للاقتصاد الداخلي، ويقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويعزز فرص العمل ويسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين".
واختتم عبد السلام حديثه بأن "الوضع في العراق يتجه نحو الأسوأ إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لتحسين الأوضاع المعيشية، مشيرا الى ان "التظاهرات والانفجارات الشعبية تشير إلى أن الأمور تسير في اتجاه سيئ للغاية، بدلاً من التركيز على تحسين البنية التحتية مثل الجسور، يجب أن تكون الأولوية لتحسين مستوى معيشة المواطن، ورفع قدرته الاقتصادية".
أكثر فسادا وأشد فقرا
وكشفت دراسة لمركز الأبحاث الفرنسي (CFRI) حول اتساع حجم الفوارق بين الطبقات المجتمعية في العراق، الذي يطفو على بحر من الثروات وانقسام المجتمع إلى طبقات عليا تعيش الترف، تمثلها أقلية من الشعب، وطبقة دنيا تحت خط الفقر تصارع من أجل البقاء، بسبب الفساد المستشري، وسوء إدارة موارد الدولة.
ومنذ تولي الحكومات المتعاقبة بعد 2003 إدارة البلاد ارتفعت معدلات الفقر والبطالة والفساد. وصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادًا والأشد فقرا.
وذكر مركز الأبحاث الفرنسي، أن هناك 36 مليارديرا وأكثر من 16 ألف مليونير في العراق. وبحسب الدراسة “منذ عام 2003، كانت قضية العدالة الاجتماعية في قلب الاحتجاجات المختلفة، لأسباب كثيرة ومعقدة، لكن لا بد من القول إن المجتمع العراقي منقسم الآن بين طبقة عليا حيث تعيش الأقلية بشكل مريح وطبقة دنيا حيث الأغلبية تناضل بشدة من أجل البقاء. وبين الاثنين، اختفت ببساطة الطبقة المتوسطة التي كانت حاضرة إلى حد كبير بين السبعينيات والتسعينيات".
يقول الباحث السياسي علي القيسي إن "المواطن هو المتضرر الأكبر من الخلافات والمناوشات السياسية، إلى جانب سوء إدارة الدولة والمال العام، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر"، مضيفا أنه "لم يعد صعبًا توثيق مشاهد لأطفال ونساء يبحثون في حاويات القمامة عن أي شيء يمكن بيعه لمساعدة عائلاتهم الفقيرة في مناطق عدة من العراق، على الرغم من أن العراق يُصنف من بين الدول الغنية بالموارد الطبيعية الهائلة، وفي مقدمتها النفط".
ويضيف القيسي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "هذه العوامل أسهمت في خلق فجوة كبيرة بين طبقات المجتمع. هناك من يستطيع دفع ما يقرب من 13 مليون دينار سنويًا فقط للدراسة في كلية أهلية، بينما يكافح آخرون لتأمين أجرة النقل للالتحاق بالجامعة الحكومية. هذه الفجوة المتزايدة أسهمت في تلاشي الطبقة المتوسطة في العراق".
***********************************************
راصد الطريق.. حين تكون الضريبة بكيف المسؤول!
اتهمت الحكومة، في بيان أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، مدير عام هيئة الضرائب بإصدار قرار منفرد بزيادة ضريبة نقل ملكية العقارات، وبتعميمه على فروع الهيئة في المحافظات. وجاء هذا الإجراء حسبما بدا من البيان بمبادرة فردية من المدير العام، مخالفاً موقف اللجنة العليا للإصلاح الضريبي، وقرار مجلس الوزراء الرقم 24074 لسنة 2024.
ويفتح هذا باب التساؤلات حول الأموال التي تُجبى من المواطنين بطرق غير واضحة. فمثلا قامت إحدى مديريات تربية الرصافة بجباية 9 آلاف دينار من كل طالب يطلب الانتساب، واتخذت وزارة الصحة قرارات بزيادة الرسوم المفروضة على المرضى الراقدين في المستشفيات، وفرض مبالغ مالية على من يريدون زيارة المرضى.
لا يمكن لاعتراف الحكومة بهذا الخلل أن يمر مرور الكرام؛ فهو يؤشر قصورا إداريا كبيرا، وكأن الأمور تُدار على طريقة "كلمن بكيفه". والا فكيف يستطيع مدير عام في نظام مركزي، أن يفرض ضريبة غير قانونية دون أساس قانوني يستند إليه؟ وأين الوزارة من ذلك؟
انه أحد أبواب الفساد العديدة التي يبدو إغلاقها صعبا، رغم الادعاءات بغير ذلك.
**********************************************************
خريجو المهن الصحية والطبية يطالبون بالتعيين
بغداد ـ طريق الشعب
تتواصل احتجاجات ذوي المهن الصحية والطبية من غير المعينين مطالبين بتطبيق قانون التدرج الطبي والإسراع في تعيينهم، فيما تؤكد لجنة الصحة النيابية وجود فائض كبير في بعض الاختصاصات الطبية، بالإضافة إلى نقص في اختصاصات أخرى، وهذا الأمر يفتح المجال واسعا أمام دعوات إصلاح النظام الصحي في العراق.
وأكد رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، أن العراق يعاني من فائض كبير في عدد الصيادلة، يتجاوز 200 في المائة، وهناك زيادة مماثلة لهذا الرقم في عدد أطباء الأسنان والعلميين ومساعدي المختبرات. كما أشار إلى أن هناك نقصاً حاداً في الكوادر التمريضية والإدارية والأطباء في العديد من التخصصات.
***********************************************************
الصفحة الثانية
العثور على 478 قطعة أثرية في بابل
بغداد ـ طريق الشعب
أعلنت الهيئة العامة للتراث والآثار العراقية، أمس السبت، عن العثور على 478 قطعة أثرية في محافظة بابل.
وقالت الهيئة في بيان لها، إن لجنة متابعة البعثات برفقة مدير قسم التنقيبات زارت القطعة المرقمة 19/3 في مقاطعة 38 الفياضية للاطلاع على أعمال البعثة التنقيبية العاملة في محافظة بابل.
وأستمع رئيس اللجنة، خلال الزيارة إلى شرح مفصل من رئيس البعثة حول ما توصلت إليه أعمال التنقيب، حيث تم تقسيم الموقع إلى نقطتين (A) و(B)، موضحا أن النقطة (A) الجنوبية تبلغ مساحتها 6 دونم، وتتكون من طبقتين؛ الطبقة الأولى تعود إلى الفترة الساسانية وقد أزيلت نتيجة التجريف والعوامل الطبيعية، بينما تعود الطبقة الثانية إلى العصر البابلي القديم. أما النقطة (B) فتمتد على مساحة 9 دونم، حيث تم الكشف عن وحدتين سكنيتين تضم غرفًا مختلفة الأبعاد.
وعثر فريق التنقيب على 478 قطعة أثرية متنوعة تشمل جرارًا فخارية ونصوصًا مسمارية وأختامًا اسطوانية، بحسب البيان، الذي أضاف أن العمل لا يزال مستمرًا لاستكمال أعمال الحفر العلمي وفق المدة المحددة.
وأوصت لجنة البعثات بضرورة الكشف عن كامل أعمال التنقيب وتوثيق العمل من حيث الرسم والتصوير، وتسجيل اللقى الأثرية وفق السياقات العلمية المتبعة في الهيئة العامة للآثار والتراث.
************************************************
كيف تؤثر على أداء المؤسسات الحكومية؟ تزايد غير مبرر لأيام العطل في العراق
بغداد – طريق الشعب
يسجل العراق سنويًا قرابة 140 يومًا كعطلات رسمية وغير رسمية ترتبط بالمناسبات المختلفة، بالإضافة إلى يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع. وتعتبر مسألة العطل الرسمية الكثيرة، احد عوائق الحياة العامة، خاصة في ما يتعلق بتقديم الخدمات الحكومية والتعليمية.
ويمنح القانون العراقي حكومات المحافظات الحق في إعلان عطلات خاصة، مما يؤدي إلى تكرار ذلك لأسباب مختلفة، لا سيما في المناسبات الدينية.
وبرغم هذا، لا يتم تعويض ساعات العمل المفقودة.
تأثير سلبي على موازنة البلد
وأعربت النائبة السابقة، ريزان شيخ دلير، عن قلقها إزاء تزايد عدد العطل وتأثيرها السلبي على ميزانية الدولة وحياة المواطنين اليومية.
وقالت دلير، أن الوضع الحالي يزيد من العبء على المواطنين الذين يحتاجون إلى استمرارية الخدمات الحكومية، مثل المحاكم والدوائر الخدمية. وتطرقت إلى أن بعض الفترات والمناسبات الدينية، تتسبب في توقف الدوام الرسمي لمدة قد تصل إلى 40 يوماً في بعض المؤسسات، ما يؤخر تلبية احتياجات المواطنين ويعطل الاقتصاد.
وأضافت دلير لـ “طريق الشعب”، أن “العديد من العطل الرسمية تُعطى نتيجة مجاملات سياسية”.
وأكدت أن كثرة العطل تتسبب في تأخير معاملات المواطنين في الدوائر الحكومية، خاصة في المحاكم، ما يترك المواطن في وضع صعب.
وأشارت دلير إلى أن “العدد الكبير من العطل يصيب المؤسسات الحكومية والتعليمية بالشلل، حيث تُعاني المدارس من صعوبة في إكمال المناهج الدراسية”، مبينة أن ما يتلقاه الطلبة والتلاميذ خلال العام الدراسي غير كافٍ لتطوير مهاراتهم بسبب هذه العطل المتكررة.
وتحدثت دلير عن التباين في عدد أيام العطل في العراق مقارنة بالدول الأخرى.
ودعت إلى تقليص عدد أيام العطل بما يتماشى مع حاجة الاقتصاد إلى حركة العمل المستمرة.
وأوضحت دلير أن تنوع المكونات الدينية والعرقية في العراق يزيد من صعوبة وضع جدول موحد للعطل الرسمية، مما يؤدي أحياناً إلى شعور بعض المكونات بالتمييز.
وذكرت، أن المكونات غير المسلمة قد تشعر بالظلم نتيجة عدم التوازن في عدد أيام العطل الممنوحة لهم مقارنةً بالعطل الإسلامية، داعية إلى إعادة النظر في هذا الموضوع لتحقيق العدالة.
واختتمت دلير حديثها بحث البرلمان على تعديل القوانين المتعلقة بالعطل الرسمية، مؤكدةً أن المجتمع بحاجة إلى تقليل عدد العطل وتشجيع العمل لرفع مستوى الإنتاجية، مع ضرورة استجابة الحكومة لمطالب المواطنين في تقليل العطل وضمان انتظام العمل في القطاعات الحيوية.
تراجع مستوى الخدمات
استعرض الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، الأثر المالي الكبير الذي تحمله العطل الرسمية وغير الرسمية على الاقتصاد العراقي. ووفقاً لما ذكره المرسومي، فإن العطل في العراق تشكل عبئاً مالياً هائلاً على الدولة وتعد واحدة من العوامل التي تؤدي إلى تراجع مستوى الخدمات والتنمية.
ويقول المرسومي لـ “طريق الشعب”، أن “العراق يتمتع بعدد كبير من العطل الرسمية يصل إلى 104 أيام سنوياً، وهذا يشمل أيام الجمعة. بالإضافة إلى ذلك، هناك 16 يوماً من العطل الرسمية المثبتة بموجب تشريعات البرلمان العراقي. تكلف هذه العطل الاقتصاد العراقي نحو 4 تريليونات دينار سنوياً”.
ويضيف انه “إلى جانب العطل الرسمية، هناك عطل غير رسمية يقررها المحافظون بناءً على اجتهاداتهم، وغالباً ما تكون هذه العطل مرتبطة بظروف الطقس أو مناسبات محلية أخرى، وفي بعض الأحيان تكون لأغراض انتخابية”.
ويُقدر عدد العطل غير الرسمية بحوالي 20 يوماً سنوياً، ما يضيف تكلفة إضافية تصل إلى 5 تريليونات دينار على الموازنة العامة للبلد”.
ويذكر، أن مجموع تكلفة العطل في العراق، سواء الرسمية أو غير الرسمية، يعادل تقريباً ميزانية دول مثل سوريا، مشيرا الى أن هذه العطل تؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي حيث تعطل سير العمل في المؤسسات الحكومية وتحد من مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
ويرى المرسومي ضرورة التزام مجلس الوزراء بالعطل الرسمية فقط، دون إعطاء المزيد من العطل بناءً على اجتهادات محلية غير مستندة إلى تشريعات البرلمان. كما يدعو إلى تقنين العطل بما يتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية والتنموية للبلاد.
ويؤكد، ان “العطل في العراق، سواء الرسمية أو غير الرسمية، تفرض تكاليف ضخمة على الاقتصاد وتؤثر سلباً على الخدمات العامة”.
٣٤ مليار دينار لليوم الواحد!
وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي إبراهيم الشمري أن “كثرة العطل الرسمية وغير الرسمية في العراق تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني وعلى تقديم الخدمات للمواطنين”.
وأوضح الشمري لـ “طريق الشعب”، أن “العراق يشهد عددًا كبيرًا من العطل الرسمية بالإضافة إلى عطل إضافية تُقر من قبل المحافظات، ما يفاقم من التحديات التي تواجه البلاد مع اقتراب فصل الشتاء الذي يتميز بتكرار انقطاعات الطاقة وسوء الأحوال الجوية.”
وأشار الشمري، إلى أن هذه العطل تؤدي إلى تأخير كبير في إنجاز معاملات المواطنين وتعطيل تقديم الخدمات الحكومية، موضحًا أن الدولة تتحمل تكاليف ثابتة، من بينها رواتب الموظفين، حتى خلال أيام العطل.
وأوضح، أن “كل يوم عطلة يتسبب بخسارة تقدر بحوالي 34 مليار دينار عراقي، وهي مبالغ ضخمة يمكن استغلالها في عمليات التنمية الاقتصادية”.
وأضاف، أن “هذا الوضع يضع ضغوطًا كبيرة على الميزانية العامة للدولة ويحد من قدرتها على تمويل المشاريع التنموية الضرورية، مؤكدًا أن تقليل عدد العطل وإدارة الطاقة بشكل أكثر كفاءة سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد العراقي”.
********************************************
إضاءة.. نحو انتخابات ذات صدقية وعادلة
محمد عبد الرحمن
آتية هي الانتخابات العامة الجديدة سواء حصلت في موعدها القانوني، أم جرى تقديمها وغدت مبكرة، وهو ما يطالب به البعض من الكتل والشخصيات السياسية لاسباب ودوافع مختلفة. وقد راجت هذه المطالبة غداة التعثر الكبير في أداء مجلس النواب لمهامه التشريعية والرقابية، وعجزه عن انتخاب رئيس له، وفي ظل الصراعات الطافية على السطح بين قوى الكتلة المتنفذة في المجلس.
واجراء الانتخابات هو واجب واستحقاق دستوري، ويبقى التطلع دائما الى ان تكون انتخابات ذات صدقية وشفافية وضامنة لحق وحرية الناخب، والى حين تعزز الممارسة الديمقراطية وتعمق نهجها.
الانتخابات يراد منها ان تكون رافعة للتغيير الذي طالبت به الناس وما زالت، وان توفر الظروف لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب في السلطتين التشريعية والتنفيذية كلتيهما، والبدء بمعالجة أسباب الازمة العامة التي تشمل جوانب مختلفة في الدولة والمجتمع.
ولعل ما رافق الانتخابات السابقة من ثغرات واشكاليات جدية وثلم لصدقيتها، هو في الأساس ما كمن وراء عزوف الناس الكبير عن المشاركة فيها، وهو ما يتوجب التوقف الجدي عنده والتوجه منذ الان نحو ارسال تطمين الى المواطنين، وان تصدر من مختلف الجهات ذات العلاقة، وان يكون في مقدمة ذلك توفير ضمانات لعدم تزوير إرادة المواطنين او التلاعب بها تحت أي عنوان كان، وبضمنها توظيف الدين سياسيا والتأثير على مشاعر الناس وعواطفهم،
او استغلال حاجاتهم وعوزهم وفقرهم، كذلك التلاعب باصوات الناخبين في مراحل العد والفرز المتعددة.
وهناك أيضا الممارسات المخالفة للقوانين النافذة، ومنها السماح لمالكي السلاح من الأحزاب بالترشح والمشاركة في الانتخابات، وتوظيف المال السياسي وغير ذلك.
هذه الممارسات الشائنة والمخلة لم تعد خافية على المواطنين، ولكن نرى أيضا ان من قام ويقوم بها يتهيأ لمعاودة الكرّة، بعد أن أمن العقاب وتهرب من المساءلة القانونية، فهل يسمح له المواطنون بذلك؟
وضمن القضايا التي بدت مطلوبة وملحة، ان تكون عندنا منظومة انتخابية متكاملة وتعمل بانسيابية، وقانون انتخابات عادل يحقق الانصاف ويوفر فرص التنوع والتمثيل الحقيقي للمواطنين في البرلمان القادم.
ان من المهم جدا ان تبدأ كل الجهات ذات العلاقة بتبديد الشكوك والهواجس، وطمأنة الناخب على ضمان صوته، وتخفيض معدلات التزوير الى الحدود المسموح بها عالميا. فالعبرة ليست في مجرد اجراء الانتخابات، بل في تأمين صدقيتها وشفافيتها وعدالتها.
ولا حاجة للاشارة ربما الى صعوبة تحقيق ما هو مرتجى من الانتخابات، مع انخفاض المشاركة الشعبية ذات الخيارات الواضحة، وان نهج المنظومة الحاكمة قد وصل الى طريق مسدود، ولا يمكن التعويل عليها في إيجاد مخارج للازمات التي تحل بالبلد.
ومن الطبيعي ان تحاول الجهات والقوى المتنفذة تدوير نفسها، وحل الإشكاليات التي تواجهها ومنها عدم الثقة بها وبمنظومتها، وهو ما يعبر عنه مواطنون كثيرون بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات. وقد تكرر ذلك مرات عديدة، لكن من دون وجود خطة متكاملة او توجهات واضحة للخروج من هذه الحلقة. فالعزوف كما نراه هو موقف سلبي وهو امر تطرب له المنظومة الحاكمة، التي لا يضيرها في شيء ان تشارك نسبة ٢٠ في المائة فقط ممن يحق له الانتخاب، او حتى اقل من ذلك، ما دامت هي في موقع الهيمنة والسطوة.
وفي رأينا ان تكرار الموقف السلبي من الانتخابات لن يفضي الا الى ادامة الحال، وتكرار ذات الوجوه او شبيهاتها التي أوصلت بلدنا الى ما هي عليه، عبر تدوير الازمات لا حلها.
وهنا يتوجب تأكيد عدم التعارض بين مختلف اشكال العمل والنضال، التي يفترض فيها التكامل والتنسيق، وان توضع قضية الانتخابات في سياقها الطبيعي، كونها احدى روافع التغيير المنشود. ولكي تبلغ غاياتها فلا بديل عن تحفيز وحشد الطاقات الجماهيرية الواسعة، وهنا يكمن دور ضروري من جانب قوى التغيير، دور مبادر ومحفز ومنظم.
***********************************************
الصفحة الثالثة
تحالف 188 - السليمانية يشيد بالدعوة البرلمان الأوروبي ومنظمة العفو الدولية يدعوان العراق لرفض "تعديل الأحوال الشخصية"
بغداد ـ طريق الشعب
في خطوة تعكس قلقاً دولياً متزايداً بشأن حقوق المرأة والانسان عموما في العراق، طالب البرلمان الأوروبي البرلمان العراقي بالرفض الكامل والفوري للتعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، محذرا من "العواقب السلبية" لهذا الاقتراح، الذي ينتهك الالتزامات الدولية للعراق في مجال حقوق الإنسان.
إشادة بالجهود
وحذر أعضاء في البرلمان الأوروبي، بحسب بيان رسمي، من عواقب هذا الاقتراح الأخير، الذي ينتهك التزامات العراق الدولية بشأن الحقوق الأساسية للمرأة.
وأشاد الأعضاء، بالنساء، بمن فيهم أعضاء البرلمان العراقي اللاتي أيّدْنَ المقترح، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية والناشطين وأعضاء المجتمع المدني، الذين يقاتلون للحفاظ على أحد أكثر القوانين تقدمية في المنطقة.
ورأوا أن قانون العقوبات لا يحمي قانوناً النساء والأطفال ضحايا العنف المنزلي في العراق، وبالتالي من شأن التعديلات المقترحة على قانون الأحوال "إذا سنت" فستؤدي إلى تطبيق "أكثر راديكالية" للقانون.
وحث البرلمان الأوروبي، بحسب ما نقلته وكالة شفق نيوز في قرار اتخذه أمس الخميس، العراق على اعتماد خطة عمل وطنية للقضاء على زواج الأطفال، وتجريم الاغتصاب الزوجي، ومكافحة العنف المنزلي، وتعزيز حقوق النساء والفتيات، بما يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
العفو الدولية: تعديل يرسخ التمييز
بدورها، شددت منظمة العفو الدولية على ضرورة إسقاط المشرعين العراقيين لتعديلات قانون الأحوال الشخصية، والتي من شأنها أن تنتهك حقوق النساء والفتيات، وترسّخ التمييز، ويمكن أن تسمح بزواج الفتيات في سن التاسعة.
وأكدت الباحثة في منظمة العفو الدولية في العراق رزاو صليحي أن زواج الأطفال لا يحرم الفتيات من تعليمهن فحسب، فإن الفتيات المتزوجات هنّ أكثر عرضة للاعتداء الجنسي والجسدي والمخاطر الصحية المتعلقة بالحمل المبكر.
وأضافت: "من المثير للقلق أن يتم الدفع بهذه التعديلات في الوقت الذي نحتاج فيه إلى إصلاحات قانونية مختلفة تماماً وعاجلة لحماية حقوق النساء والفتيات العراقيات".
ورأت أن على البرلمان العراقي رفض التعديلات المقترحة وتركيز جهوده بدلاً من ذلك على معالجة أوجه القصور في قانون العقوبات، مثل السماح بالعقاب البدني للزوجة والأبناء من قبل الزوج.
دعم حقوق أطفالنا ونسائنا
من جانبه، أعرب تحالف 188 في السليمانية عن سعادته بنتائج اجتماع البرلمان الأوروبي واعتماده قراراً بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 في العراق.
وقال التحالف في بيان له: "نحن كمجموعة من المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والصحفيين، انضممنا منذ البداية إلى التحالف العراقي 188 تحت اسم (تحالف 188 – السليمانية). وقد بذلنا جهوداً جادة لوقف أحد أكثر التعديلات تحفظاً على القانون، الذي تمت قراءته مرتين في البرلمان العراقي خلال شهري آب وايلول 2024".
وأضاف البيان أن التحالف قام بعدة أنشطة هامة، مثل التجمع أمام مكتب مجلس النواب في السليمانية، وكتابة رسائل إلى الجهات المعنية داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى جمع مئات التوقيعات ورفعها إلى الجهات المختصة، لإيقاف تعديل القانون الذي يمس حقوق النساء والأطفال في العراق.
وأشار البيان إلى الدور الكبير الذي لعبه التحالف من خلال التواصل مع السيد بيير كلاوسن، عضو البرلمان الأوروبي عن تحالف الأحمر والأخضر في الدنمارك، الذي ساهم في نقل صوت التحالف والمحتجين العراقيين إلى البرلمان الأوروبي.
واختتم التحالف بيانه معبراً عن شكره لأعضاء البرلمان الأوروبي، مؤكداً أن هذا القرار يمثل دعماً هاماً في جهودهم لإيقاف تعديل قانون الأحوال الشخصية وحماية حقوق النساء والأطفال في العراق.
يجب احترام الالتزامات الدولية
وفي سياق ردود الفعل على قرار البرلمان الأوروبي، أكد الحقوقي علي أحمد أن قضايا حقوق الإنسان لا يمكن اعتبارها شأناً داخلياً بحتاً.
وقال إن حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة، تخضع لمجموعة من المواثيق والاتفاقيات الدولية، مما يمنح الدول الحق في التعبير عن مواقفها حيال انتهاكات حقوق الإنسان في دول أخرى.
ودعا أحمد إلى ضرورة احترام العراق لالتزاماته الدولية، مشدداً على أن حماية حقوق الإنسان يجب أن تكون واجباً يتطلب التزاماً فعلياً من جميع الأطراف، وأن دعم حقوق الإنسان هو ما يضمن تحقيق العدالة والمساواة في المجتمعات.
********************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
طريق التنمية وازدهار العراق
لصحيفة (ذي ناشيونال) الناطقة بالإنكليزية كتب مظفر الجبوري مقالاً أشار فيه إلى أن مشروع طريق التنمية الضخم، والذي من المتوقع أن يكلف 17 مليار دولار، ويربط بين الخليج والبحر الأبيض المتوسط، يعّد مبادرة محورية في استخدام موقع العراق لترسيخ مركزه التجاري، بما يمكّنه من الحصول على مليارات الدولارات، وتغطية برامج التنمية الاقتصادية والازدهار له وللمنطقة بشكل عام.
مستقبل واعد
وأكد المقال على أن دولة العراق التي تتمتع بتاريخ حضاري عريق ومكانة جيوسياسية متميزة في قلب الشرق الأوسط، تريد اليوم تأكيد دورها داخل ممرات التجارة بين الشرق والغرب، وأن يكون لها صوت مسموع بين المتنافسين كأصحاب الممر الأوسط المدعوم من الصين، والممر الشمالي الجنوبي المدعوم من روسيا، والممر الاقتصادي الهندي الأوربي، الذي يربط الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وأوروبا عبر اليونان.
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن طريق التنمية "العراقي" الذي يمكن أن يكون طريقًا بديلًا أكثر أمانًا وسرعة للتجارة، يختلف عن بعض منافسيه بكونه يشرك أصحاب المصلحة الإقليميين في المشروع بدلاً من استبعادهم، ولهذا فإن نجاحه قد يضع البلاد في موقع حجر الزاوية للتجارة الدولية، ويساعدها في معالجة التحديات التي قوضت طموحاتها تاريخياً من جهة ويعزز لديها القدرة على تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط من جهة اخرى.
فؤائد المشروع
وشرح الكاتب تفاصيل مشروع التنمية، الذي يشمل إقامة طريق سريع بطول 1200 كيلومتر ونظام سكة حديدية موازٍ يربط دول الخليج بتركيا، وتحديث ميناء الفاو الكبير وميناء أم قصر، في محافظة البصرة.
وأكد الكاتب على أنه ومع حاجز الأمواج القياسي الذي يبلغ طوله 15 كيلومترًا، يرمز ميناء الفاو الكبير إلى التزام العراق بتعزيز قدراته التجارية مع الحد من الآثار البيئية، فيما يمكن أن يوفر هذا الميناء نحو 250 ألف فرصة عمل ويدر ما يصل إلى 4 مليارات دولار سنويا على الحكومة من رسوم عبور البضائع، ويمكن أن يحيي المناطق الريفية ويخفف الضغوط الديموغرافية في المدن الكبرى.
وعلى الصعيد المحلي، سيخدم خط السكة الحديدية للمشروع، 28 مليون شخص، أي حوالي 66 في المائة من سكان العراق، من خلال 14 محطة تقع في مواقع استراتيجية، قريبة من المراكز الحضرية الكبرى، 8 كيلومترات من وسط البصرة، و 15 كيلومترًا من الناصرية و12 كيلومترًا من الديوانية، و 36 كيلومترًا من بغداد.
تحديات كبيرة
وذكر المقال عدداً من التحديات التي يواجهها المشروع ومنها المنافسة القوية مع مشاريع الطرق والموانئ وتعقيدات الجغرافيا السياسية الإقليمية، ولهذا فإن نجاح وجاذبية مشروع طريق التنمية سوف يعتمدان بشكل كبير على قدرات التعاون والبنية الأساسية للدول التي يمر بها، بما في ذلك تركيا وبلغاريا ورومانيا وصربيا وغيرها، وعلى توفر مستوى عال من الموثوقية والكفاءة والسلامة والقدرة على الإستثمار من قبل الجميع سواءً في البنية التحتية القوية أو في الخدمات اللوجستية وبروتوكولات السلامة الصارمة.
واختتم الكاتب مقاله بالتذكير بأن العراق المستقر أمر بالغ الأهمية بالنسبة للشرق الأوسط، ويمكن لهذا المشروع أن يلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل طرق التجارة العالمية وتعزيز التعاون الإقليمي. كما أن الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد الفوائد الاقتصادية، فهو يجسد تطلعات العراق إلى مستقبل مزدهر، متجذر في التعاون والاستقرار والالتزام بأن يصبح لاعباً حيوياً في المشهد التجاري العالمي.
**************************************************
عين على الأحداث
إلى متى؟
ارتفعت أسعار صرف الدولار بشكل خطير خلال الأيام الماضية، ليزداد الفرق بين السعرين الرسمي والموازي إلى أكثر من 20 في المائة، فيما تخطت مبيعات البنك المركزي 5 مليار دولار في مزاد العملة خلال الشهر الماضي، والذي شارك فيه مصرفان بالشراء النقدي و26 مصرفاً وشركة في تعزيز الأرصدة في الخارج. هذا ويؤكد هذا الارتفاع على فشل الحكومة في السيطرة على سعر الصرف، مما يزيد من المضاربة ويربك التعاملات التجارية ويرفع الأسعار ويضاعف من معاناة المواطنين جراء إنخفاض القيمة الشرائية لدخولهم، في وقت تخلف الحكومة ما وعدت به قبل عام من قرب سيطرتها على سوق العملة.
قلق مشروع
أكدت وزارة الكهرباء على أهمية الاستثمار في الطاقات النظيفة، لتنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة والاستفادة من تمتع العراق بموقع جغرافي فريد يتيح له إمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. هذا وفي الوقت الذي ياتي فيه هذا التوجه متأخراً جداً، بعد إهمال الحكومات المتعاقبة لواجبها في توفير الكهرباء للمواطنين والمؤسسات، وبعد بلوغ مستويات التلوث 150-225 ملغرام للمتر المكعب اي 18-24 مرة عن الحد الصحي المقبول عالمياً، يعرب الناس عن قلقهم من فشل المشروع كسابقيه، جراء تحديات الفساد والإدارة غير الكفوءة، التي اُهدرت بسببها مليارات الدولارات على قطاع الكهرباء دون جدوى.
المغانم أولا
نقلت وكالات الأنباء صوراً عن محاولات المؤسسة القضائية حسم الصراع بين أعضاء ورؤساء مجالس بعض المحافظات، كنينوى وذي قار وغيرها، والذي مازال محتدماً منذ تشكيل هذه المجالس قبل ما يقارب العام. وتحدثت هذه الوكالات عن اقتحام البعض لمكاتب المجالس وقيامه بترويع خصومه بمختلف السبل، قبل أن يواجهوه هم بنفس الممارسة "السلمية" في تبادل السلطة. هذا ويُذكر بأن مجالس المحافظات عجزت عن تقديم الخدمات للناس منذ "انتخابها" بسبب انشغال أعضائها في صراعات على المواقع والمغانم، الأمر الذي ضاعف من خيبة أمل الناس في ضياع أحلامهم بالديمقراطية، جراء هيمنة متنفذي منظومة المحاصصة وفاسدوها.
تخطيط مضبوط
في الوقت الذي كشفت فيه الأنباء عن خسارة الحكومة لنصف مليار دولار جراء عدم امتلاكها مخازن صالحة لحفظ الكميات الكبيرة من محصول الحنطة واضطرارها لبيعها بأسعار منخفظة، اشتكى عدد كبير من منتجي الدواجن من المنافسة الشديدة مع البضائع المستوردة، والتي اجبرتهم على التخلي عن انتاجهم، مما أدى إلى فقدان العديد من فرص العمل وتعطيل الاستثمارات المحلية وزيادة الاعتماد على الخارج وتعريض الأمن الغذائي للخطر. الناس الذين سمعوا بإعلان اتحاد مزارعي الدواجن الإيرانيين عن فتح أسواقنا أمام استيراد البيض رغم الإكتفاء الذاتي من المنتوج المحلي، يتساءلون عن المدى الذي سيصله تخبط "أولي الأمر" في إدارة البلاد.
تضامن دولي
انتقد البرلمان الأوروبي، مقترح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية بسبب انتهاكها لحقوق الطفل والمرأة، داعياً العراق لمنع زواج الأطفال وتجريم الاغتصاب ومكافحة العنف الأسري وتعزيز حقوق النساء بما يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز. وربط البرلمان بين منح العراق مساعدات تنموية وبين تنظيم جهود القضاء على العنف الجنسي وإنشاء ملاجئ للنساء ودعم الناشطين دفاعاً عن حقوق المرأة والطفل. هذا وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت بإسقاط هذه التعديلات، التي من شأنها أن تنتهك حقوق النساء وتزيد من ترسيخ التمييز المجحف ضدهن، في وقت يصر فيه المتنفذون الذين أصابهم الصمم، على التمسك بتعديلاتهم.
اصفحة الرابعة
تضارب الروايات الرسمية حول مصدرها رائحة الكبريت تخنق بغداد ليلاً واللجان الحكومية تتكاثر بلا نتائج!
بغداد – تبارك مجيد
تختنق مناطق العاصمة بغداد، عشية كلّ يوم، ومنذ أكثر من شهر، على رائحة الكبريت التي أخذت تثير الخوف والهلع والاستياء بين سكان العاصمة وأطرافها، بينما تعجز الحكومة حتى الآن عن تحديد مصدر تلك السموم، في ظل تبادل جهات حكومية الاتهامات بالتقصير والمسؤولية.
وبحسب تقارير خبراء الأرصاد والبيئة، فإن مصدر هذه الروائح يعود إلى انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري في مصافي النفط ومعامل الطابوق، بالإضافة إلى حرق النفايات العشوائي.
ويحل العراق بالمرتبة 178 ضمن 180 دولة في مؤشر أداء الحفاظ على الطبيعة 2024، بعدد نقاط بلغ 43 نقطة، اما عربيا فحل بالمرتبة الأخيرة. ويستخدم مؤشر الحفاظ على الطبيعة 25 مؤشرًا رئيسيًا لتوفير نظرة مباشرة للتنوع البيولوجي وطرق الحفاظ عليه في 180 دولة. كما يدرس عوامل مختلفة مثل تغطية المناطق المحمية والأنواع المعرضة للخطر وقوانين الحفاظ والاتجاهات المستقبلية.
السوداني ينتظر النتيجة خلال 48 ساعة
ووجّه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها.
المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء ذكر في بيان طالعته "طريق الشعب"، أن الأخير "وجّه بتشكيل لجنة متخصصة برئاسة مستشار وزارة البيئة، وعضوية كل من مستشار وزارة النفط وممثلين عن وزارة الكهرباء، والوكيل الفني لأمانة بغداد، ومدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الوسطى، لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها".
وقال البيان، ان رئيس الوزراء شدد على وجوب وضع حلول جذرية للمشكلة، ودراسة الأمر من جميع جوانبه، على أن تقدم اللجنة تقريرها الخاص بالموضوع خلال يومين.
الى ماذا توصلت اللجنة المشتركة؟
والى جانب لجنة السوداني، أكد المتحدث باسم وزارة البيئة لؤي المختار، تشكيل لجنة مشتركة تضم وزارات البيئة النفط والكهرباء ومحافظة وأمانة بغداد، للوقوف على أسباب رائحة الكبريت.
ولم تعلن اللجنة المشتركة نتائجها حتى الان، بينما تتمدد تلك الرائحة ليلا الى جميع مناطق بغداد.
وشكا السكان في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد، عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الانباء من كثافة رائحة الكبريت بعد الساعة العاشرة مساء كل يوم، الامر الذي أثار استياء شعبيا كبيرا، فيما لم تحدد الجهات الحكومية المعنية، حتى الان، أسبات تلك الملوثات للعمل على مكافحتها.
وقال المختار لـ"طريق الشعب"، أن "المعلومات المتوفرة من التحقيق تشير إلى أن الرائحة ناتجة عن عمليات حرق النفايات في المطامر الصحية بمنطقة معسكر الرشيد في الرصافة، بالإضافة إلى المخلفات الصناعية الناتجة عن معامل صهر الحديد والعبوات المعدنية في مناطق شرق القناة".
رواية أخرى
ويفيد مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية عامر الجابري بأن رائحة الكبريت تنتج عن احتراق الوقود الأحفوري، وهو أمر شائع في المناطق التي توجد فيها مصافي النفط. كما ذكر أن "المشكلة ليست مقتصرة على العراق فقط، بل توجد أيضًا في العديد من دول العالم، خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، مشيرا إلى أن السعودية، الإمارات، الكويت، وليبيا من الدول، تشهد تركيزات عالية من هذه الانبعاثات.
ويقول الجابري لـ"طريق الشعب"، إنّ "هناك تفسيرات خاطئة انتشرت حول مصدر هذه الرائحة، حيث أشار بعض المتخصصين إلى أنها قد تكون ناتجة عن احتراق في مواقع الطمر الصحي"، مؤكدًا أن "المشكلة الحقيقية تكمن في انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت من المصافي وعمليات احتراق الوقود الأحفوري، وهي انبعاثات تحمل مخاطر صحية كبيرة على السكان".
ويضيف، أن "استنشاق هذه الانبعاثات، خاصة كبار السن والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي كالربو، يشكل خطرًا كبيرًا، ويؤدي التعرض المستمر لهذه الغازات إلى أمراض خطرة مثل أمراض القلب، السكتة الدماغية، وسرطان الرئة".
ويؤكد، أن "الإنسان بحاجة إلى هواء نقي خالٍ من الشوائب للحفاظ على صحته، وأن استنشاق هواء ملوث بثاني أكسيد الكبريت قد يسبب ضررًا كبيرًا على المدى الطويل"، مشيرا إلى أن "الظروف الجوية، مثل الرياح الساكنة، تسهم في زيادة تركيز هذه الانبعاثات في مناطق معينة، ما يزيد من حدة المشكلة. وفي حالة وجود رياح متغيرة الاتجاه، يمكن أن تساعد في تقليل تأثير الانبعاثات على تلك المناطق، إذ تقوم بنقلها إلى أماكن أخرى".
ويعرب الجابري عن استيائه من عدم اتخاذ الجهات المعنية، وخاصة وزارة البيئة، إجراءات جدية لمعالجة هذه المشكلة المتكررة.
ويختتم الجابري بالتأكيد على أن "المؤسسات الحكومية، وخاصة وزارة البيئة، تتحمل مسؤولية كبيرة عن حماية المواطنين من المخاطر البيئية"، مشيرًا إلى أن "العمل الجاد على معالجة مشكلة انبعاثات الكبريت يجب أن يكون من الأولويات، نظرًا لتأثيراتها الخطيرة على الصحة العامة".
السبب محدد منذ عام 2018!
وكان علي الوائلي، رئيس مراقبة جودة الهواء في وزارة البيئة، قال في لقاء متلفز تابعته "طريق الشعب"، بأن "رائحة الكبريت تمثل مشكلة قديمة تتكرر سنويًا. منذ عام 2018، حيث قمنا برصد عدد من مسببات هذه الرائحة، وخاصة في المناطق المتأثرة بمصفى ومحطة كهرباء الدورة".
وأضاف الوائلي، "من خلال الاستطلاعات التي أجرتها وزارة البيئة في السنوات الماضية، تبين أن بعض الأسباب تعود لحالات الصيانة في وحدات مصفى الدورة، مما يؤدي إلى انبعاث هذه الرائحة".
وأكد أن هذه السنة شهدت زيادة في الرائحة بالتزامن مع تغير الجو خلال هذه الاشهر، حيث تصبح الرياح ساكنة وتزداد طبقة الانعكاس الحراري في ساعات الصباح الأولى".
وأشار إلى أنه "خلال هذا العام تمت إضافة مصدر جديد لرائحة الكبريت، وهو صناعة الأسفلت، التي تتطلب استخدام مواد أسفلتية تحتاج إلى حرق الوقود الأحفوري، وعادةً ما يكون ذلك من النفط الأسود أو الخام، الذي يحتوي على محتوى كبريتي عال. وتفاقمت الحالة مع عدم توفر وسائل السيطرة على الانبعاثات وعدم تحقيق المتطلبات البيئية".
وفي ما يتعلق بالملوثات، أشار الوائلي إلى أن "أكثر من 50 في المائة من هواء بغداد ملوث حتى لو لم تكن هناك رائحة، وذلك وفقا لمؤشرات القياس، حيث تتجاوز نسبة الهيدروكربونات والغبار 30 أو 35. المستجد هو وجود الرائحة، التي تعكس تدهور الوضع البيئي في المدينة".
تحديد المصدر الرئيس
ويقول المتنبئ الجوي صادق عطية، أن "رائحة الكبريت المنتشرة حاليًا في العاصمة بغداد وبعض مدن الفرات الأوسط، بالإضافة إلى البصرة بنسبة أقل، تعود إلى انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت. ويُعزى السبب الرئيس لهذه الانبعاثات إلى حرق الوقود الأحفوري، حيث إن الرياح الساكنة أو الجنوبية الشرقية تعمل على حمل هذه الانبعاثات إلى المناطق السكنية في بغداد والفرات الأوسط".
ويضيف العطية في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "معامل الطابوق، التي تعتمد على النفط الأسود في عملياتها، تسهم بشكل كبير في زيادة تركيز هذا الغاز في الهواء. كما أن حرق النفايات العشوائي في تلك المناطق يؤدي إلى تفاقم المشكلة"، مبينا أن "هذه الانبعاثات تتفاعل مع الهواء وتؤدي إلى تكوّن غاز ثاني أكسيد الكبريت. وعلى الرغم من أن التعرض المعتدل لهذا الغاز قد لا يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان، إلا أن استنشاقه بكميات أكبر قد يتسبب في تحسس القصبات الهوائية والتهابات الرئة. وفي حالات أكثر خطورة، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل الربو وسرطان الرئة، أو حتى الأزمات الدماغية عند ارتفاع التركيزات".
ويوضح، أن "منطقة الشرق الأوسط تُعتبر من أكثر المناطق حول العالم التي تشهد انبعاثات عالية لغاز ثاني أكسيد الكبريت، حيث تأتي السعودية في المرتبة الأولى، تليها الكويت، الإمارات، العراق، وإيران"، لافتا إلى أن العراق يشهد انخفاضا في كميات الانبعاثات خلال عامي 2018 و2019، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة، نتيجة لزيادة الاستخراجات النفطية وارتفاع أعداد السيارات.
نسبة الملوثات تتصاعد
الخبير البيئي تحسين الموسوي، يؤكد وجود تحديات بيئية خطيرة تواجه العاصمة بغداد، مشيرا الى ان "هذه التحديات تتركز حول ارتفاع مستويات التلوث، خصوصًا غاز الكبريت، بالإضافة إلى مشكلات أخرى تتعلق بالتوسع السكاني، استنزاف الموارد الطبيعية، وانبعاثات الغازات السامة".
ويقول الموسوي لـ"طريق الشعب"، إن "بغداد شهدت في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في مستويات غاز الكبريت، والذي يرتبط بالتلوث الناجم عن معالجات الصرف الصحي التقليدية وغياب تقنيات حديثة لمعالجة النفايات. فمن بين المصادر الرئيسة لهذه الغازات، أشار إلى محطة معسكر الرشيد ومعالجات أخرى غير متطورة داخل العاصمة".
ويضيف الموسوي، ان "الانفجار السكاني في بغداد أدى إلى زيادة الضغط على البنية التحتية، بما في ذلك الطلب على الطاقة، بسبب النقص في إنتاج الكهرباء، وبالتالي فان المولدات الأهلية تنبعث منها كميات كبيرة من الغازات السامة، ما يزيد من مستويات التلوث".
وتحدث الموسوي عن "فقدان الغطاء النباتي نتيجة لعمليات التجريف واستغلال المساحات الخضراء في بغداد. الأشجار والمساحات الخضراء كانت تلعب دورًا كبيرًا في امتصاص الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون والكبريت"، منبها الى ان أن "عدد السيارات في بغداد تجاوز أربعة ملايين سيارة، ما يزيد من انبعاثات الغازات الضارة من العوادم. هذا الارتفاع في عدد المركبات، وعدم تطبيق معايير صارمة للحد من الانبعاثات، أدى إلى زيادة تلوث الهواء في المدينة بشكل كبير".
ويتطرق الموسوي إلى انعكاسات هذا التدهور البيئي على الصحة العامة، مشيرًا إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والسرطان الرئوي. هذه الزيادة في الأمراض ترتبط بشكل وثيق بارتفاع مستويات التلوث في الهواء، وهو ما تعكسه تقارير وزارة الصحة التي ترصد ارتفاعًا في عدد الإصابات بهذه الأمراض. ويختتم الموسوي حديثه بالتحذير من أن "العراق يمر بمرحلة تجاوز فيها الحدود البيئية الطبيعية. إذا استمرت هذه التوجهات، فإن البلاد قد تواجه تدهورًا بيئيًا خطيرًا يصعب معالجته في المستقبل القريب"، محذرا من أن "التدهور البيئي سيتفاقم إذا لم تتخذ إجراءات جذرية وسريعة".
*******************************************
ترهّل في بعض الاختصاصات وشحّ في أخرى خريجو المهن الصحية والطبية يطالبون بالتعيين.. والحكومة تبحث عن مخرج
بغداد ـ طريق الشعب
تتواصل احتجاجات ذوي المهن الصحية والطبية من غير المعينين مطالبين بتطبيق قانون التدرج الطبي والإسراع في تعيينهم، فيما تؤكد لجنة الصحة النيابية وجود فائض كبير في بعض الاختصاصات الطبية، بالإضافة إلى نقص في اختصاصات أخرى، وهذا الأمر يفتح المجال واسعا أمام دعوات إصلاح النظام الصحي في العراق.
فائض ونقص في آن واحد
وأكد رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، أن العراق يعاني من فائض كبير في عدد الصيادلة، يتجاوز 200 في المائة، وهناك زيادة مماثلة لهذا الرقم في عدد أطباء الأسنان والعلميين ومساعدي المختبرات. كما أشار إلى أن هناك نقصاً حاداً في الكوادر التمريضية والإدارية والأطباء في العديد من التخصصات.
وقال شنكالي لـ"طريق الشعب"، إنّ الحكومة تعمل على شراكة مع القطاع الخاص، حيث قامت شركة إيطالية بإجراء دراسة لمستشفى محلي طلبت فقط سبعة صيادلة من أصل 200 موجودين، مؤكدا أن هذا الفائض في العدد يتناقض مع النقص الحاد في تخصصات طبية أخرى، مثل طب الطوارئ والطب العدلي وجراحة الدماغ والصدر.
وأضاف ان لجنته تنصح الجهات الحكومية بإصدار قرارات تشجيعية لجذب الأطباء إلى هذه التخصصات، مثل زيادة الرواتب ومنح الأراضي، مشددا على ضرورة تطبيق تعديل قانون التدرج الطبي بشكل كامل لضمان معالجة هذه الفجوات في النظام الصحي.
تطبيق قانون التدرج الطبي
من جانبه، أكد نقيب المهن الصحية علاء المالكي، أن الحكومة العراقية ملزمة بتعيين جميع الخريجين وفق قانون التدرج رقم 6 لسنة 2000، الذي ينص بوضوح على التعيين المركزي لجميع الخريجين من المجموعة الطبية دون استثناء أو تفريق بين الاختصاصات.
وأشار المالكي الى أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً بعد تظاهرات الخريجين بتعيين دفعة كاملة على "الحدف والاستحداث"، وجمع درجات وظيفية من وزارات أخرى. لكنه وصف هذه الحلول بـ"الترقيعية"، لأنها غير كافية، وأن التظاهرات مستمرة للضغط على الحكومة من اجل توفير درجات وظيفية لـ27 ألف خريج متبقين، بينهم اختصاصات الصيدلة وطب الأسنان والتقنيات والتحليلات المرضية والتخدير والأدلة الجنائية وفاحصو البصر.
ترهل في المؤسسات الصحية
ولفت المالكي إلى أن الخريجين بحاجة لفترة تدرج في القرى والأرياف، والتي تستغرق ثلاث سنوات للأطباء وسنتين للمهن الصحية. هذه الفترة تعتبر شرطاً للحصول على إجازة ممارسة المهنة في العيادات الخاصة، لكن عدم تعيين الخريجين حتى الآن يحول دون قدرتهم على بدء فترة التدرج، ما يعيق قدرتهم على العمل في القطاع الخاص.
وأكد، ضرورة إيقاف استحداث الأقسام الطبية والصحية في الكليات الأهلية، مشيراً إلى أن الترهل في المؤسسات الصحية يتفاقم مع تزايد أعداد الخريجين دون توفير فرص عمل كافية.
وما زال 27 ألف خريج من المهن الطبية والصحية دفعة 2023 ينتظرون تنفيذ قرارات مجلس الوزراء العراقي الخاصة بتعيينهم، حيث يطالبون بتطبيق قانون التدرج رقم 6 لسنة 2000.
ويستمر الخريجون في تنظيم تظاهرات دورية، كان آخرها أمام وزارة الصحة في بغداد في 6 تشرين الأول الجاري، احتجاجاً على عدم تعيينهم.
ماذا عن مصير الخريجين؟
المتظاهرة سرى حمزة، خريجة طب أسنان، أشارت إلى أن الدراسة في المجموعة الطبية داخل الكليات الأهلية تكلف أموالًا طائلة، وأن أغلب من التحقوا بهذه الدراسة، كان دافعهم الأول هو الحصول على فرصة عمل في القطاع الحكومي.
وأضافت سرى في حديث لـ"طريق الشعب": "إذا كانت الحكومة ترغب في إلغاء التعيين المركزي لخريجي المجموعة الطبية، كان عليها الإعلان عن ذلك بشكل واضح بدلاً من السماح بقبول آلاف الطلبة سنويًا في الكليات الأهلية"، متسائلة عن مصير مئات الآلاف من هؤلاء الخريجين: "هل سيجلسون في منازلهم مثل غيرهم من خريجي باقي التخصصات؟".
***************************************************
الصفحة الخامسة
السرطان يستفحل وصرخات الأهالي لا تجد من يصغي غازات «حقل الغرّاف» النفطي السامة تجتاح قرى الرفاعي
متابعة – طريق الشعب
على بعد 600 متر من حقل الغراف النفطي في قضاء الرفاعي شمالي ذي قار، يقع منزل الشاب علي حسين علوان (19سنة)، الذي اكتشف الأطباء مطلع شباط 2023 ورماً في دماغه، فخضع إثر ذلك إلى عمليتين جراحيتين لاستئصال الورم، وحصل على 6 جرعات كيمياوي.
فيما يلقي والده حسين علوان (45 سنة) باللائمة على الانبعاثات الغازية من حقل الغراف. ويقول: “الغازات هي السبب.. علي يواجه الموت في كل لحظة، وجميع أفراد عائلتي مهددون بالإصابة بالمرض ذاته”! وضع علي الصعب، إلى جانب إصابة 36 آخرين من أهالي قريته (خضر الفشاخ) بأمراض سرطانية، ووفاة بعضهم خلال عشر سنوات.. كل ذلك دفع والده عام 2023، إلى الاستنجاد بوزيري البيئة والنفط، للوقوف على ما يجري في المنطقة.
وحينها أرسل الوزيران لجانا فنية لتقدير نسبة التلوث “لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بعد كتابة تلك اللجان تقاريرها. فلا تزال الملوثات موجودة وفي تزايد” – حسب ما يؤكده علوان، الذي يرافق ابنه في رحلة علاجه المرهقة، متنقلا بين ذي قار وبغداد.
ويلفت في حديث لشبكة “نيرج” للصحافة الاستقصائية، إلى انه زود اللجان بتقارير تثبت التلوث، ومنها شهادات وفاة مصابين بالسرطان، مشيرا إلى ان الأهالي خرجوا في أكثر من تظاهرة أمام بوابة الحقل، لوضع حد للمخالفات البيئية القاتلة “لكن لا شيء حدث”! تجاهل الشركة النفطية، وهي “بتروناس” الماليزية التي تدير الحقل منذ 2010، دفع سكان القرية للجوء إلى القضاء. حيث أقاموا مطلع هذا العام دعوى قضائية ضد وزارة النفط، مطالبين بإيجاد حل لمشكلة التلوث التي يحدثها الحقل النفطي، ولا تزال الدعوى قيد النظر.
وتحيط بحقل الغراف قرى عديدة، منها “البو حمزة” و”آل شايع” و”أولاد زايد” و”خضر الفشاخ” البالغ عدد سكانها نحو ألف نسمة، والتي تعتبر الأقرب إلى الحقل.
استغاثات
منذ عام 2018، قدم أهالي القرى شكاوى عديدة ضد الحقل، إلى مجلس النواب ووزارات البيئة والنفط والصحة، آخرها في شباط الماضي رفعت إلى رئيس مجلس الوزراء، وطالبت بإيجاد حلول عاجلة لمشكلة السموم المنبعثة من الحقل.
ويؤكد الأهالي في شكاواهم أن ما يجري في منطقتهم كارثة بيئية تخالف بنود العقد المبرم بين وزارة النفط و”شركة بتروناس”، والذي ينص على معالجة الغازات المنبعثة نتيجة عمليات الحفر والحرق في الحقل.
وحسب تقرير فني صادر عن وزارة البيئة في آب 2023، نشرت وكالات أنباء نسخة منه، فإن كمية الغاز المصاحب للانتاج تبلغ 85-90 مقمق يومياً، المستثمر منه في الوقت الحالي تتراوح نسبته بين 8 - 10 مقمق، يستخدم في تشغيل محطة الكهرباء الغازية الخاصة بالحقل.
مساومات: اما الهجرة أو السكوت!
الأدخنة السوداء المنبعثة من الحقل، والتي تخنق الأنفاس وتعكر هواء المنطقة، باتت مصدر قلق للأهالي، لا سيما أن الجهات المعنية لم تستطع فرض أي إجراءات تحد من الانتهاكات البيئية – حسب ما يؤكده ممثل عن أهالي “قرية خضر الفشاخ”، الشيخ حسن العبساوي.
يقول الشيخ الذي يملك مساحات زراعية واسعة في محيط القرية، أنه توقف عن الزراعة، بسبب الانبعاثات الغازية التي أضرت بالزرع، مؤكدا أن “الجفر النفطية لا تزال مكشوفة وأصبحت سبباً لتزايد الأمراض السرطانية والتنفسية في القرية، وهذا ما نبه إليه اختصاصيون”.
ويتهم العبساوي الشركة في حديث لشبكة “نيرج”، بأنها تساوم السكان بين الانتقال لمنطقة أخرى أو السكوت عما يجري. ويقول: “35 حالة سرطان في قريتنا، ويقولون لنا هذا، ليس لديهم الحق مطلقا، فنحن نسكن هذه الأرض منذ عشرات السنين، ولدينا عقود موقعة مع دائرة الزراعة بشأنها”.
إقرار رسمي بالتلوث
من جانبه، يؤيد مدير مركز الشرطة البيئية في ذي قار، العميد رشيد جاسم، ما ذهب إليه الشيخ العبساوي.
ويقول في حديث صحفي أنه “سجلنا من خلال الجولات الميدانية لحقل الغراف مع الفريق المتخصص في مكافحة الملوثات البيئية، وبالتنسيق مع قسم الكيمياويات في مديرية بيئية ذي قار وجهاز الأمن الوطني، العديد من المخالفات”، داعيا الحكومة المحلية الى تخصيص مبالغ سنوية لمعالجة التلوث وتوفير أدوية السرطان ودعم المصابين وأهالي المتوفين.
وبناء على شكاوى الأهالي، وجهت الدائرة الفنية في مديرية بيئة ذي قار، بتشكيل لجنة بمعية الأجهزة الأمنية وشركة نفط ذي قار، للكشف عن التلوث الذي تحدثه الشركات النفطية في المحافظة.
وهددت اللجنة في مخاطباتها شركة نفط ذي قار، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق الشركة الماليزية ما لم تعالج الانبعاثات الغازية السوداء التي تغطي الرفاعي – حسب وثيقة نشرتها وكالات أنباء.
ووفقاً للوثيقة، فإن مديرية البيئة أشرت عدم التزام الشركة المستثمرة للحقل بالمتطلبات البيئية التي تنص على “استخدام المنظومة الملائمة التي تعتمد على تقليل الانبعاثات والدخان الأسود في اختبار الآبار النفطية، أو مشروع خطة التطوير النهائية للحقل”.
وفي تشرين الثاني 2021 أخبرت الدائرة الفنية في وزارة البيئة، وزارة النفط بتأثر المواطنين بـ”بسحب كثيفة من الدخان ناتجة عن عمليات الحرق في الحقل”.
مخاطر مستمرة
توصيات وزارة البيئة بتصويب أوضاع الحقل وضرورة مطابقتها للمتطلبات البيئية، لم تجد طريقها إلى التطبيق - بحسب مدير بيئية ذي قار السابق كريم هاني، الذي يقر في حديث صحفي بأن مشكلة الجفر النفطية وحرق الغاز المصاحب للاستخراج النفطي لا تزال مستمرة دون معالجة.
ويضيف قوله أن “الروائح الكريهة التي يتحسسها أهالي القرى القريبة من الحقل، سببها الجفر التي يتم فيها عزل المياه التي تحمل الشوائب النفطية المصاحبة لاستخراج النفط، بالتالي تحدث فيها عملية تخمر وتحلل فتنبعث منها الروائح المسببة للأمراض”، لافتا إلى ان “معالجة تلك المخالفة تحتاج إلى شركة متخصصة ومجازة رسمياً من وزارة البيئة”.
وتنقل شبكة “نيرج” عن مصدر مسؤول في بيئة ذي قار، قوله أن “الجميع يعلم بالمشكلة البيئية لحقل الغراف، وبتسببها في ارتفاع معدلات الأمراض السرطانية، لكن لا أحد يعلن ذلك بنحو رسمي خوفاً من المساءلة القانونية”.
ويرى المسؤول الذي حجبت الشبكة اسمه، أن “الحكومة تغلب الجدوى الاقتصادية على الجدوى الصحية، باعتبار ان موازنة البلاد تعتمد بنحو كامل على النفط في الإيرادات”.
السرطانات تتزايد
تفيد وكالات أنباء بأن وثيقة صادرة عن مستشار رئيس الوزراء موسى الفياض، موجهة إلى مدير مكتب السوداني، كشفت عن تلوث حاصل في حقل الغراف النفطي عمره 14 سنة، أصاب 3 آلاف شخص بمختلف أنواع السرطان، وتوفي 10 في المائة منهم، ولا يزال عدد المصابين في زيادة.
وطالب الفياض في الوثيقة، بإنشاء مركز متخصص لعلاج السرطان في الرفاعي، ودعم المصابين وذوي المتوفين ماديا عبر وزارة النفط، وشمولهم بقطع أراض ورواتب الرعاية الاجتماعية، فضلا عن شمول أهالي القرى القريبة من الحقل بقروض ميسرة لمساعدتهم في الانتقال والسكن في مناطق بعيدة عن الحقل.
أما مسؤول مشروع العيادة المجانية في قضاء الرفاعي، الدكتور الصيدلاني قاسم الشويلي، فيقول أنه “نقدم الخدمات العلاجية لـ400 مصاب بالسرطان من قضاء الرفاعي، ونعاني عدم وجود أطباء اختصاصيين، وأيضا شح العلاجات الخاصة بالسرطان”.
منع دائرة البيئة من دخول الحقل!
وتؤكد وكالات أنباء، أن الشركة الماليزية لم تسمح للفرق البيئية التابعة لدائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الجنوبية، بدخول الحقل النفطي لغرض تقييم الواقع البيئي. وقد عدت وزارة البيئة، في وثيقة أرسلتها إلى شركة نفط ذي قار، قرار المنع مخالفة للمادة 22 من قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009، التي تلزم الشركات بإبداء التعاون الكامل والتسهيلات اللازمة لفرق الرقابة البيئية بما في ذلك دخول مواقع العمل.
وفي الوثيقة، طالبت وزارة البيئة شركة نفط ذي قار، بمعالجة كافة المخالفات الناتجة عن عمل الحقل، باستخدام أفضل التقنيات والطرق التكنولوجية المتخصصة في المعالجة وفقا للمتطلبات البيئية والتشريعات النافذة.
رئيس الوزراء يتدخل
في آذار الماضي، وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وزارتي النفط والبيئة، بالإيعاز إلى شركة نفط ذي قار بتكليف الشركة المشغلة لحقل الغراف بإنشاء وحدة مركزية لمعالجة المخلفات الناتجة عن عمليات الاستخراج النفطي، وفق المواصفات البيئية العالمية والمعتمدة لدى الوزارتين، مع تخصيص المبالغ اللازمة ضمن الموازنة الاستثمارية، وبنحو استثنائي، بعد إعداد الدراسة الفنية والاقتصادية للمشروع.
كما وجه بقيام الشركة الماليزية، وبإشراف من شركة نفط ذي قار ومتابعة مديرية بيئة ذي قار، بمعالجة السوائل الموجودة في البرك النفطية، لمنع تخمرها، واستخدام الوسائل السليمة والآمنة لنقل المخلفات إلى مراكز المعالجة خارج الحقل، وإنشاء وحدات معالجة دائمية، وذلك لقرب هذه البرك ووحدات الانتاج من القرى والقصبات المحيطة بالحقل.
ورغم كل هذا الواقع، لا يزال زين العابدين حمود (24 سنة) عاطلا عن العمل، يمني النفس بإيقاف “رائحة الموت” التي تحيط بقريته، والتي تسببت في إصابته بالربو القصبي الحاد.
ويقول في حديث صحفي: “إننا نموت ببطء.. بح صوتنا ونحن نطالب هذه الجهة وتلك، لكنهم لا يقومون بشيء”، مضيفا قوله: “الشركة التي تدير الحقل لديها المال، ونحن مجرد فقراء في قرية صغير، لذلك لن يستمع الينا أحد”!
***********************************************
اكول.. الطمر غير الصحي إلى متى؟!
د. محمود القبطان
تقوم البلدان التي تهتم لصحة شعوبها ونظافة بيئتها، بتأسيس وبناء محطات لتدوير النفايات والاستفادة منها في أغراض مختلفة، أهمها إنتاج الطاقة من حرق النفايات بشكل مسيطر عليه. ولا تزال تلك البلدان تدوّر بقايا أكياس البلاستيك، لتنتج عنها أنواعا مختلفة من المنتجات التي يجري بيعها مرة أخرى.
وفي العراق، ومنذ أكثر من 10 أعوام، يتكلمون عن بناء مثل هذه المحطات لتخليص المدن من حرق النفايات العشوائي، الذي تنبعث منه سموم قاتلة.
ويوميا، ينتظر الفقراء في المطامر وصول الآليات المحملة بالنفايات، وما أن تفرغ أحمالها حتى يباشرون البحث فيها عن مواد قابلة للبيع، أو حاجات ما صالحة للاستخدام في بيوتهم المبنية من الصفيح، من دون معرفة خطورة هذا العمل على صحتهم، في ظل عدم توعيتهم بذلك. لكن الحاجة لسد رمق عائلاتهم، تجعلهم يجازفون في مزاولة هذه الأعمال الخطيرة المهلكة.
ماذا تفعل الدولة تجاه هذه الآفة الخطيرة المتمثلة في آلاف الأطنان من النفايات التي تُطرح يوميا؟ الأمر سهل بالنسبة للبلديات، وهو حرقها لتزيد الطين بلة! إذ يتصاعد الدخان القاتل ويتوجه نحو المناطق المحاذية للمطمر غير الصحي، ما يدمر البيئة وصحة المواطن. وأول المتضررين هم مرضى الربو وأصحاب الأمراض المزمنة، ناهيك عن الاضرار البيئية المتمثلة في ارتفاع نسب ثاني أكسيد الكاربون، وغيره من الانبعاثات السامة.
ان آليات نقل النفايات هي الأخرى ملوثة، وتنبعث منها روائح كريهة عندما تمر في الطرقات. وتحمل تلك الآليات عمالا من الشباب والأطفال الذين تركوا مقاعد الدراسة ليعيلوا أهاليهم. إذ يجمعون النفايات بأياديهم العارية دون أن يرتدوا قفازات وقائية. أما الآليات، وبعد أن تمتلئ بالنفايات، يذهب سائقوها ليفرغوا الأحمال، دون رقابة، في أماكن طمر متفق عليها، وهي في معظمها غير قانونية!
المطلوب من الدولة أن تباشر، بجدية، بناء معامل لتدوير النفايات وتخليص المواطنين من أضرارها الكبيرة، ومنها الأدخنة السامة المنبعثة منها إثر حرقها. على أن يكون ذلك في جميع المحافظات، وليس في بغداد فقط. كما يتطلب الأمر زيادة الوعي الصحي والبيئي لدى المواطن، عبر الفضائيات والسوشيال ميديا، ومن خلال حملات واسعة مستمرة.
***************************************************
الحلة سحب دخانية تخنق أهالي برنون وكويريش
متابعة – طريق الشعب
غطت سحب دخانية، الأسبوع الماضي، سماء مدينة بابل الأثرية ومنطقتي برنون وكويريش السكنيتين المحيطتين بها، وذلك بعد أن أقدم عدد من “النباشة” على حرق مكب للنفايات يقع عند مدخل منطقة برنون، الأمر الذي أرغم الأهالي على مغادرة المنطقة.
ويقوم ما يُطلق عليهم “النباشة”، الذين يبحثون في النفايات عن المواد القابلة للبيع، بحرق المطامر الصحية لتسهيل العثور على المواد المعدنية.
يقول المواطن عيسى العطواني، من أهالي كويريش، أن “الدخان غطى سماء المدينة الأثرية والمناطق القريبة منها، مثل كويريش وبرنون والصياحية”، مضيفا في حديث صحفي أن “الأهالي لديهم أطفال وكبار سن ومرضى، اضطروا بسبب كثافة الدخان إلى إخراجهم من منازلهم، ونقلهم إلى منازل أقرباء لهم في مناطق أخرى”.
ويلفت إلى ان هذه المشكلة تتكرر باستمرار، من دون أن تتخذ الحكومة إجراءات حازمة بإنهاء أزمة النفايات، وتهيئة مواقع للطمر الصحي، ومنع “النباشة” من حرق النفايات.
من جانبه، يقول مدير بلدية الحلة أحمد جابر، أن “موقع مكب النفايات خارج حدود البلدية ويقع ضمن حدود بلدية المحاويل. وبالرغم من ذلك أرسلنا آليات للسيطرة على مصدر الدخان”.
**************************************************
مواساة
- اللجنة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في قضاء الحي/ اللجنة المحلية في واسط، تقدم التعازي والمواساة للرفيق بشار قفطان بوفاة زوجة شقيقه مهدي محمد جواد قفطان اثر مرض عضال.
الذكر الطيب للفقيدة والصبر والسلوان لأسرتها الكريمة وجميع معارفها.
************************************************
لقطة اليوم
اذا كانت لديك مراجعة لدائرة كاتب العدل في مدينة الكوت، لن تكون سعيدا وأنت تواجه أكوام نفايات وأزبال ليست بعيدة عن واجهة مبنى الدائرة!
المصيبة أن هذه الأكوام من الأوساخ والقاذورات التي تطرحها المحال التجارية القريبة من المنطقة، تقع في الشارع المقابل لثانوية المتفوقين للبنين في منطقة الجعفرية، ما يعني أن الطلبة يمرون عليها يوميا مرتين، عند بداية دوامهم وعند انتهائه، لتشكل لهم مشهدا مثيرا للاشمئزاز، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة منها!
عدسة: نجم خطاوي
********************************************************
الصفحة السادسة
المستوطنون الصهاينة يعتدون على قاطفي الزيتون في الضفة الغربية نيكاراغوا تقطع علاقاتها مع إسرائيل والمكسيك: سنعترف بدولة فلسطين
متابعة – طريق الشعب
أطلق الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال قطاع غزة، يبدو انها أكثر وحشية وخطورة من سابقاتها، حيث شملت هجوما مفاجئا، تتخللته أوامر إخلاء لكل المناطق التي أصبحت مباحة للقصف، وحصاراً مطبقاً على مخيم جباليا للاجئين.
وتهدف هذه الخطوة إلى تجويع سكان شمال القطاع، بعد عزله بشكل كامل عن جنوبه، ضمن ما يسمى (خطة الجنرالات) التي تهدف إلى فرض حصار مطبق على كامل المنطقة، ومنع وصول المساعدات بما في ذلك الاحتياجات الأساسية.
وأصدر الاحتلال أوامر اخلاء لـ 600 ألف مواطن فلسطيني، وطلب منهم التوجه إلى الجنوب عبر ممرات يحددها جيش الاحتلال، خلال أسبوع، لكن المواطنين يرفضون ذلك، بالقول: نواجه الموت في كل مكان في غزة
وتظاهر المئات من العراقيين في ساحة التحرير، للتضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، كما نظمت تظاهرات كبيرة في المعرب، شارك الآلاف في وقفات احتجاجية للأسبوع الـ 53، أعلنوا خلالها استمرار تضامنهم مع فلسطين ولبنان.
حكومة فاشية ومجرمة حرب
أعلنت حكومة نيكاراغوا، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ردا على "الإبادة الجماعية الوحشية التي تواصل حكومتها الفاشية ومجرمة الحرب ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني". وذلك بحسب بيان للحكومة.
وقالت روزاريو موريو، نائبة الرئيس: "طلب رئيسنا من وزارة الخارجية المضي قدمًا في قطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة إسرائيل الفاشية والمجرمة". مشيرة إلى أن الصراع "يمتد الآن أيضًا ضد لبنان، ويهدد بشكل خطير سوريا، واليمن، وإيران".
إلى ذلك، دعت رئيسة المكسيك اليسارية كلاوديا شينباوم إلى الاعتراف بدولة فلسطينية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وقالت في أول تصريح لها حول هذا الموضوع منذ توليها منصبها "يجب الاعتراف بالدولة الفلسطينية تماما مثل دولة إسرائيل. لقد كان هذا موقف المكسيك منذ سنوات عدة". وأدانت العنف في الشرق الأوسط وقالت: إن "الحرب لن تؤدي أبدا إلى وجهة جيدة".
يمنعونهم من قطف الزيتون
أقدم مستوطنون إسرائيليون، أمس السبت، على تكسير أشجار زيتون في قرى الضفة الغربية المحتلة، بعد يومين من هجوم شنّوه على المزارعين الفلسطينيين خلال قطاف الزيتون.
وأفادت وكالة فلسطين للأنباء، بأن "عددًا من المستوطنين كسروا نحو 7 أشجار زيتون، تزيد أعمارها عن 20 عامًا، تعود ملكيتها لمواطن فلسطيني.
وقبل يومين، هاجم عشرات المستوطنين المزارعين أثناء قطافهم ثمار الزيتون في المنطقة الشمالية من القرية نفسها، قبل أن يتصدى لهم الأهالي، ويجبروهم على الفرار من المكان.
وفي سياق متصل، هاجم مستوطنون بحماية قوات الاحتلال، قاطفي الزيتون في قرية جالود وبلدة قصرة جنوب نابلس، وأجبروهم على ترك أراضيهم، تحت تهديد السلاح.
وقف تصدير الأسلحة
أعلن جيش الاحتلال أنه أطلق النار في اتجاه تهديد قريب من موقع لقوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، ما أسفر عن إصابة عنصرين من قوات اليونيفيل.
وندد عدد من الدول وهي الصين والمملكة المتحدة وايرلندا وإيطاليا والولايات المتحدة وكذلك الأمين العام المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، بهذا الهجوم.
اما إسبانيا وفرسنا لم تدينان ذلك فحسب، بل طالبا بوقت تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، فقد اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن "استهداف القوات الإسرائيلية المتعمد لعناصر قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان هو أمر غير مقبول على الإطلاق"، منبها إلى أن "فرنسا لن تقبل" بإطلاق النار مجددا على الجنود الأمميين بعد ما حصل في اليومين الأخيرين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن وقف تصدير الأسلحة المستخدمة في غزة ولبنان هو "الرافعة الوحيدة لوضع حد للنزاعات"، وذلك بعد ساعات من دعوة إسبانية مشابهة.
وأضاف ماكرون -خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط- إن "فرنسا دعت بإلحاح إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة على مسرحي الحرب هذين. وثمة قادة آخرون هنا قاموا بالأمر نفسه. نعلم جميعا أنها الرافعة الوحيدة التي يمكنها اليوم وضع حد" لما يحصل.
من جانبه، طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بـ "وضع حد لكل أشكال العنف" ضد قوة الأمم المتحدة، وقال إن "ما حصل في مقر اليونيفيل في لبنان (...) غير مقبول على الإطلاق، ونطالب بوضع حد لكل أشكال العنف التي يتعرض لها للأسف الجنود الأمميون" في هذا البلد.
*****************************************************
غوتيريش يدعو للقضاء على «أجهزة الموت» منظمة يابانية: ما يحدث في غزة حصل في اليابان قبل 80 عاماً
متابعة – طريق الشعب
فازت منظمة نيهون هيدانكيو اليابانية، وهي حركة شعبية من الناجين من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي، بجائزة نوبل للسلام في تحذير للدول النووية من استخدام أسلحتها ومن حيازة دول جديدة هذا السلاح الفتاك.
أعلنت لجنة جائزة نوبل في النرويج، فوز المنظمة اليابانية تقديراً "لجهودها في مجال تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية".
وفي معرض الإعلان عن الفائزين، لفتت لجنة الجائزة، إلى أنه "وقت مقلق للعالم حيث أنه يبدو أن دولاً جديدة مستعدة لامتلاك أسلحة نووية".
وقال رئيس المنظمة الفائزة توشيوكي ميماكي إن "فكرة أن الأسلحة النووية تجلب السلام مغالطة". وأوضح "يقال إنه بفضل الأسلحة النووية يحافظ العالم على السلام. لكن الأسلحة النووية يمكن أن يستخدمها الإرهابيون. وتابع بالقول "على سبيل المثال، إذا استخدمتها روسيا ضد أوكرانيا أو إسرائيل ضد غزة، لن ينتهي الأمر عند هذا الحد. يجب أن يكون السياسيون على دراية بهذه الأمور".
ويأمل ميماكي بأن يشارك الجيل الثاني (من الناجين من القنبلة الذرية) وعامة الناس في نشاطات السلام من أجل السلام بدون أسلحة نووية". واعتبر أن وضع الأطفال في غزة يشبه ما واجهته اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقال "في غزة أهل يحملون أطفالهم المضرجين بالدماء. الأمر يشبه اليابان قبل 80 عاما".
من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قادة العالم، إلى التخلص من كل الأسلحة النووية التي وصفها بـ "أجهزة الموت".
وقال غوتيريش، في بيان: "الناجون من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي (...) هم شهود على الكلفة البشرية المروعة للأسلحة النووية".
وأضاف: "حان الوقت لقادة العالم أن يروا الأسلحة النووية على حقيقتها: أجهزة موت لا توفر أي أمان أو حماية أو أمن. والطريقة الوحيدة للقضاء على تهديد الأسلحة النووية هي بالقضاء عليها تماما".
***************************************************
ترامب لأنصاره: سنحرر أمريكا المحتلة!
نيويورك - وكلات
جدد المرشح الجمهوري دونالد ترامب هجماته على المهاجرين وشيطنتهم، معتبرا أن "أمريكا محتلة وانتخابه رئيسا للولايات المتحدة سيكون تحريرا لها من جانب قوة إجرامية". على حد وصفه.
وهاجم ترامب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس ووصفها بأنها "مجرمة استوردت جيشا من الأجانب غير الشرعيين الذين هم أعضاء عصابات ومهاجرون مجرمون".
وقال ترامب أمام حشد في كولورادو نحن محتلون من جانب قوة إجرامية. وأضاف وسط الهتافات أن الخامس من تشرين الثاني، موعد الانتخابات الرئاسية، سيكون يوم تحرير أمريكا.
في المقابل، تراهن المرشحة الديمقراطية على أن الفوز في الانتخابات سيتحقق من خلال استمالة بعض المعتدلين إلى صفها.
ووعدت الجمهوريين الذين يواصلون دعم ترامب بأنها لن تسعى فقط إلى تعيين وزير جمهوري في إدارتها بحال فوزها، بل إنها ستعمل أيضا على تشكيل مجلس مختلط في البيت الأبيض، يضم ديمقراطيين وجمهوريين، يمكن الاعتماد عليهم.
*********************************************
أثينا تحتفل بالذكرى الثمانين لتحريرها من الحكم النازي
متابعة – طريق الشعب
احتفلت أثينا، أمس، بذكرى تحريرها قبل 80 عاما من الاحتلال النازي الذي شهد مجاعة رهيبة، ثمّ اختفت ذكراه لفترة طويلة في اليونان بسبب الحرب الأهلية التي تلته.
وفي وسط أثينا، تحوّل المقر السابق للشرطة السرية الألمانية (غستابو) إلى متجر كبير. ولم يبق هناك سوى نصب تذكري بسيط يوحي بأنّ هذا الموقع كان يضم مكاتب ومركز تعذيب تابع للشرطة السرية النازية أثناء احتلال قوات هتلر اليونان بين عامَي 1941 و1944.
في تلك الحقبة التي تُعَد الأكثر عنفا في التاريخ اليوناني المعاصر، تعرّض آلاف المقاومين للتعذيب والقتل.
ويقول المؤرّخ المتخصّص في شؤون الاحتلال مينيولواس خارالامبيديس في مقابلة مع وكالة فرانس برس "في بلد أوروبي آخر، تتحوّل هذه المواقع إلى متحف".
ويضيف أنّ مواقع ذكرى هذه الفترة "لم يتم تسليط الضوء عليها بشكل كافٍ. وبالنسبة إلى بعض الأحداث الكبرى، لا يوجد حتى نصب تذكاري".
وفي هذا السياق، تقول المؤرّخة تاسولا فيرفينيوتي إنّ "الحرب الأهلية في اليونان، كما في إسبانيا، أصابت المجتمع بصدمة عميقة، ما حال دون معالجة أحداث الماضي".
وتؤكد الباحثة أنه "إذا لم نتمكّن من معالجة ماضينا، هناك خطر فقدان الأماكن المرتبطة بالذاكرة".
غير أنّ بلدية أثينا دعت سكان المدينة هذه السنة إلى المشاركة في مؤتمرات ومعارض "تكريما لجميع الذين قاتلوا من أجل الديموقراطية والحرية".
وقال رئيس البلدية الاشتراكي خاريس دوكاس أخيرا "نحن نحافظ على الذاكرة حية حتى يتمكّن الأصغر سنّا من التعلّم واتخاذ القرار بقوة ونشاط بشأن مستقبلهم".
من جهته، يرى مينيلاووس خارالامبيديس أنّ "المقاومة الوطنية ضدّ النازيين في اليونان والتي كانت في معظمها من اليساريين، حُكم عليها بالنسيان بسبب المواجهة الشرسة بين الأحزاب اليمينية والشيوعيين" خلال الحرب الباردة.
ولم يتمّ الاعتراف رسميا بـ "المقاومة الوطنية" إلا في العام 1981، عندما وصلت أول حكومة اشتراكية إلى السلطة.
وفضلا عن ذلك، أُعيقت الأعمال البحثية التاريخية لفتة طويلة بسبب عدم إمكان الوصول إلى أرشيفات الشرطة.
وفي العام 2017، أنشأت الحكومة اليسارية برئاسة أليكسيس تسيبراس مديرية لتاريخ الشرطة اليونانية. لكن حتى الآن، لم يتم دمج أرشيفات الشرطة في هذه المديرية، الأمر الذي لا يضمن الوصول إليها بشكل منهجي، وفقا لعدد من الخبراء.
في السنوات الأخيرة، ازداد اهتمام سكان أثينا بماضي هذه المدينة. وراح العشرات يطلبون من خارالامبيدس تنظيم "جولات تاريخية" في المواقع التي كان يحتلها النازيون.
***************************************************
بعد تجاوز حكومة الأقلية مشروع حجب الثقة تحالف اليسار الفرنسي يكشف التناغم بين اليمين واليمين المتطرف
رشيد غويلب
صوت الثلاثاء الفائت 197 عضوا في البرلمان الفرنسي لصالح طلب حجب الثقة عن حكومة الأقلية اليمينية، الذي تقدم به تحالف اليسار الفرنسي. وكان تمرير حجب الثقة يحتاج إلى 289 صوتاً، أي الأغلبية المطلقة من إجمالي 577 مقعداً. ولم يصوت لصالح الطلب سوى الجبهة الشعبية، وهي تحالف الأحزاب اليسارية الذي يضم 193 نائباً، بالإضافة إلى أربعة نواب من كتلة "ليوت" الصغيرة.
كان حجب الثقة عن حكومة الأقلية يحتاج أصوات كتلة "التجمع القومي" اليميني المتطرف، لكنهم لا يريدون فعل ذلك حاليا، وبدلا من ذلك يريدون منح الحكومة فرصة أكبر، كما أوضحت ذلك، منذ أيام، ماري لوبان الشخصية الأهم في "التجمع القومي".
ووفقاً لمراقبي المشهد السياسي الفرنسي، فان تكتيك اليمين المتطرف مبني على توظيف حيادهم "الإيجابي" لقاء ثمن باهض قدر الإمكان. والتأثير على سياسة الحكومة من المقاعد الخلفية. وبهذه الطريقة يستطيع اليمين المتطرف الضغط على حكومة الأقلية، التي تحتاج تحالفات آنية، لعدم تمتعها بالأكثرية، لتحقيق تغيير طفيف في قانون "اصلاح" المعاشات التقاعدية، الذي فرضه الرئيس ماكرون سابقا بمرسوم رئاسي، وفق مادة دستورية مثيرة للجدل. وبهذا يستطيع اليمين المتطرف تعزيز رصيده بين الأوساط الأضعف اجتماعياً من الناخبين.
رؤية تحالف اليسار
وصف زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، الذي عرض أسباب تقديم حجب الثقة في البرلمان نيابة عن الجبهة الشعبية، سلوك الرئيس ماكرون بأنه "عمل من أعمال العنف ضد الديمقراطية" و"تجاهل صارخ لإرادة الناخبين"، وقال: "بدلا من تكليف التحالف الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة، أسند ماكرون هذه المهمة باستعلاء إلى سياسي من قائمة الجمهوريين، التي شغلت المركز الخامس فقط، بحصولها على 6 في المائة من الأصوات".
وبرر الرئيس ماكرون قراره غير الديمقراطي، باهتمامه بــ "الاستقرار المؤسسي" وأنه يريد منع وصول البلاد سياسيا إلى طريق مسدود. واعتبر نية تحالف اليسار الالتزام بتنفيذ برنامجه الانتخابي تهديدًا، والعمل فقط مع الشركاء الذين سيكونون على استعداد لدعم برنامج اليسار.
الرئيس لا يريد الاعتراف بالهزيمة
نظراً لوجود ثلاث كتل متعارضة ومتقاربة بالقوة التصويتية داخل الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، فإن ما تحتاجه فرنسا، هو حكومة قادرة على خلق تحالفات آنية قائمة على المصلحة لتمرير المشاريع المختلفة. لكن الرئيس ماكرون كرر، في الآونة الأخيرة، عدم إمكانية القيام بذلك بمشاركة تحالف اليسار.
بالمقابل فإن تحالف اليسار مقتنع، بان الرئيس لا يريد الاعتراف بهزائمه المتكررة، وعيّن حكومة أقلية تدعم توجه نحو اليمين. وأن "الاستقرار المؤسسي" الذي ابتدعه ماكرون، لا يمثل في نهاية المطاف، أكثر من اعتماد الحكومة على حسن نية حزب "التجمع القومي" اليميني المتطرف.
وأخيرا أكد هذه الرؤية قول وزير الاقتصاد في حكومة الأقلية أنطوان أرماند في مقابلة، بالنسبة له لم يتغير شيء بشأن رفضه لليمين المتطرف، وأنه ما يزال يدعم "جبهة دفاع جمهورية" ضد المتطرفين اليمينيين.
وعلى الفور هددت ماري لوبان، بان كتلتها البرلمانية قد "تعيد النظر" في موقفها من الحكومة في الأيام القليلة المقبلة خلال مناقشة موازنة 2025. مما دفع رئيس الوزراء بارنييه إلى الاتصال بها فورا واعتذر عن "انحراف وزيره عن المسار".
أدت هذه التركيبة إلى توقع فشل اقتراح حجب الثقة الذي قدمته الجبهة الشعبية الجديدة. لكن وفق قناعة المعارضة اليسارية، أصبح واضحا أمام الرأي العام من يؤيد حكومة الأقلية اليمينية ومن يرفضها.
ومن المعروف في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت قبل ثلاثة أشهر، بعد أن حل الرئيس الفرنسي البرلمان، إثر هزيمة حزبه في انتخابات البرلمان الأوربي، قد مكنت تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة" من احتلال المركز الأول بحصولها على 182 مقعدا من أصل 577 مقعدا. وجاء ثانيا التحالف الذي يقوده حزب ماكرون، والذي يضم أحزابا صغيرة أخرى، بحصوله على 168 مقعدا، فيما احتل حزب "التجمع القومي" اليمني المتطرف المركز الثالث بحصوله على 143 مقعدا.
لكن ماكرون تجاهل تقليد الجمهورية الفرنسية الخامسة المتمثل في قيام الرئيس بتعيين مرشح التحالف الحائز على أكبر عدد من المقاعد لتشكيل الحكومة. وبدلاً من تعيين مرشحة تحالف اليسار جولي كاستيتس، رئيسة للوزراء، عين ماكرون الوزير السابق ومفوض الاتحاد الأوروبي، اليميني المحافظ ميشيل بارنييه.
************************************************************
الصفحة السابعة
بعد قرن كامل: الفاشية من جديد
د. إبراهيم اسماعيل
بعد مرور 100 عام على وصول موسوليني إلى السلطة وما يقارب ذلك على وصول صاحبه هتلر، يقاتل الفاشيون والنازيون الجدد لتكرار المأساة البشرية من جديد، والتي كان من أبرز معالمها مقتل 52 مليون إنسان وجرح وإعاقة أعداد أكبر وتدمير مدن كاملة وإعادة التطور الحضاري لسنين طويلة إلى الوراء. فهل تعني هيمنة هؤلاء على الحكم في بلدانهم، شعوب تلك البلدان وحدها، أم هي مؤشر خطير على مستقبل مقلق ومخيف للبشرية كلها، لاسيما إذا ما تواصل هذا "الغزو" في سيناريو مشابه لما جرى في العقود الأولى من القرن الماضي؟ سؤال يكاد يطغي على حوارات الناس واليساريين منهم بشكل خاص، في ظل تنامي شعبية 53 حركة وحزب فاشي في 15 دولة أوربية حتى الآن.
في إيطاليا
شهدت إيطاليا خلال عامي 1919 و 1920، الذين عُرفا بالعامين الأحمرين، أزمة اجتماعية حادة، جراء ما سببته الحرب العالمية الأولى من مجاعة وتضخم وتدنِ في مستويات المعيشة. وأطلقت هذه الأزمة تباشير الثورة في موجة من النضالات العمالية والإستيلاء على المصانع والقيام بإدارتها، مما ألقى الرعب في قلوب الرأسماليين، ودفعهم لدعم الحزب الوطني الفاشي، بقيادة بنيتو موسوليني، وشنّ حملة عنف وحشية ضد اليسار والبروليتاريا وعموم الكادحين.
وكان حزب موسوليني قد تأسس قبلها، استجابة لجزع الرأسماليين الصغار والحرفيين وأغنياء الفلاحين من آثار الأزمة، وخشيتهم على مصالحهم الطبقية من انتصارات الطبقة العاملة، وأنشأ لنفسه ذراعاً عسكرية (أصحاب القمصان السوداء)، وتلقى دعماً شاملاً من الرأسمالية، واستفاد من فشل تكتيكات اليسار حينها في تعبئة قطاعات من العمال والفلاحين والعاطلين عن العمل.
وفي عام 1922، احتل 20 ألف من مسلحي هذا الحزب مدينة بولونيا، التي كانت معقلًا سابقًا للنضال العمالي، وسحقوا بوحشية الإضراب العام الذي شهدته المدينة احتجاجاً على وجودهم، وهاجموا فروع النقابات في جميع أنحاء إيطاليا، ثم قاموا بمسيرة إلى روما للاستيلاء بالقوة على السلطة وتعيين موسوليني رئيساً للوزراء. وبعد عامين زوروا الانتخابات ففازوا بالترهيب وأقاموا دكتاتورية سقطت بدخول الجيش الأحمر إلى روما العام 1944.
وفيما دعم الليبراليون حينها حكومة موسوليني واكتفى نواب الوسط بتعليق عضويتهم في البرلمان مشترطين على الملك إقالة موسوليني قبل أن يعودوا لمقاعدهم، شن الشيوعيون والإشتراكيون مقاومة عنيفة، أغتيل على إثرها أحد قادتهم جياكومو ماتيوتي، وألقي بالأخرين وفي مقدمتهم انطونيو غرامشي في السجن، ليموتوا فيه.
أحفاد موسوليني
في عام 2012، قام بينيتو لا روسا، وهو أبن سكرتير الحزب الوطني الفاشي القديم، وبالتعاون مع جيورجيا ميلوني، رئيسة الحكومة حالياً، بتأسيس حزب "أخوة ايطاليا"، معتبرين اياه الوريث الشرعي لحزب موسوليني، دون أن يفصحوا عن ذلك رسمياً، ربما بسبب مخالفته للدستور، رغم أن وثائقهم وسياساتهم والكثير من تصرفاتهم تدل على ذلك بوضوح، فهم يتبنون ذات الأفكار اليمينية القومية المتطرفة، ويعرضون آثار موسوليني ويمجّدوها، ويؤدون التحية الفاشية التي عُرف بها في مناسباتهم، ويعتمد حزبهم على بقايا حركة MSI (موسوليني: أنت خالد)، ويتعاملون بقوة، وبأسماء مختلفة مع حكومات اليمين، التي ساعدتهم ليتمددوا ويستولوا على السلطة، خاصة حكومات قطب الإعلام برلسكوني المتعاقبة، التي لعبت دوراً خطيراً في مناهضة الشيوعية وفي التأهيل الأيديولوجي للفاشية، وأزالت الحرج عن مدح موسوليني، الذي وصفه برلسكوني يوماً بأعظم رجل عرفته ايطاليا، وبأنه فعل أشياءَ جيدة للبلاد.
كما ساهم في نمو شعبيتهم، التضليل الذي مارسته كل القوى الفاشية في إخفاء حقيقتها، خاصة حين راحت تغير أسماءها او تعتني بانتقاء مفرداتها عند العودة للتاريخ. لقد تمكنت ميلوني من تقديم نفسها على أنها ممثلة للإيطاليين الحقيقيين، ولا علاقة لها بالفاشية، في وقت تعلن فيه صراحة بأن الخطر الذي يهدد ايطاليا يتمثل باليسار والنقابات والإسلام الراديكالي، وأنها نذرت نفسها لاستعادة مجد إيطاليا. كما تعمل ميلوني على تغيير النظام السياسي لنظام رئاسي، يُنتخب فيه الرئيس من قبل الشعب مباشرة ويُمنح صلاحيات هائلة، وعلى استخدام البرلمان لشرعنة سياساتها، بعد تحويله لسوق مقايضات، تُشترى فيه أصوات المعارضين مقابل منصب أو شيء من أموال الأتحاد الأوربي، الذي لا زال دهانقة اليمين المهيمن عليه، يرون في "أخوة ايطاليا"، مجرد بلطجية عنصريين، يمكن تدجين المعتدلين منهم والتخلص من المستهترين.
وفي فرنسا
قام ممثل الليبرالية الجديدة، الرئيس إيمانويل ماكرون، بتجاهل الفوز الانتخابي الذي حققه تحالف اليسار، وكلّف ممثل اليمين الجمهوري ميشيل بارنييه، الذي احتل المركز الرابع والأخير في الانتخابات، بتشكيل الحكومة، في قرار يمكن وصفه بالاستبدادي وغير الليبرالي والمناقض للديمقراطية.
ويشكّل هذا القرار بكل بساطة، إنعاشاً للمواقف المتوحشة والمتأصلة منذ عقود في سلطة رأس المال ودكتاتوريته الطبقية، ضد التطلعات اليسارية للفرنسيين، لاسيما بعيد وصول اليسار للسلطة في الثمانينيات، مؤكداً على ما كشفت عنه قبل فترة، دراسة استقصائية مهمة، نشرتها صحيفة لوموند الفرنسية الليبرالية النزعة، والتي فضحت عمق وقوة نفوذ المجاميع العنصرية في مؤسسات الحكم وقوى الأمن. لقد بات معروفاً بأن معظم رجال الدرك الذين صوتوا للفاشية الجديدة في انتخابات العام 2017، قاموا وبأمر من ماكرون، بمعاملة أصحاب الستر الصفراء المطالبين بتعزيز الديمقراطية وتحسين مستوى العدالة الاجتماعية، بوحشية مفرطة.
كما أن "إصلاحات" ماكرون العنيدة لتفكيك إنجازات الرفاه الاجتماعي، وتحايله على الديمقراطية وجهده لتقويضها، تشير إلى نجاح جهود سلطة رأس المال لتحويل التوازن مرة أخرى لصالحها، مبقيةً الباب موارباً أمام التعاون مع حزب التجمع الوطني، ذي التوجهات الفاشية، عند الحاجة.
وتعود جذور هذا الحزب إلى العام 1972، حين أسس جان ماري لوبان الجبهة الوطنية، كحزب يميني متطرف يضم قدامى المحاربين الذين خاضوا حرب الجزائر وبقايا نظام فيشي الذي كان تابعاً للاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية. ولم يتمتع الحزب بأية أهمية تذكر حتى تسعينيات القرن الماضي، حين جرى استبدال لوبان بابنته "المعتدلة" التي أجرت تغييرات شكلية بما فيها اتخاذ اسم جديد، التجمع الوطني، واختيار رئيس جديد للحزب من الشباب (جوردان بارديلا)، والمطالبة بتخفيض الضرائب على الخدمات والشركات، ورفع الحد الأدنى للأجور لأصحاب الدخول المنخفضة، وإيقاف الهجرة، مما ساعده كثيراً على توسيع جماهيريته، حتى صار الفائز الأول في انتخابات البرلمان الأوربي الأخيرة.
وكما هو الحال في إيطاليا برلسكوني، تؤكد تجربة ماكرون على وجود علاقة تكافلية بين الليبرالية الجديدة والفاشية، إذ تخطط حكومته الحالية لتقليل الضرائب على الشركات والمزيد من الهجمات على مكتسبات دولة الرفاه ورفع سن التقاعد وخفض إعانات البطالة وتحميل المهاجرين المسؤولية عن كل مشاكل البلاد.
أحفاد هتلر
وفي المانيا، التي لايزال تاريخها مثقلاً بالمآسي التي سببتها فترة الحكم النازي للبلاد وللبشرية، يحقق حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) وهو مزيج من الفاشيين والعنصريين، تقدماً مضطرداً في الشعبية وفي الفوز بالإنتخابات العامة والمحلية. ويبدو أن التحسينات التي أجراها على برنامجه بعد 2013 وتغيير بعض المتنفذين فيه واستبدال القادة المتشككين في الاتحاد الأوروبي بآخرين موالين للاتحاد والكشف بشكل أوضح عن برنامجه العنصري، قد ساهم في ذلك.
ويضم حزب البديل من أجل ألمانيا نحو 48 ألف عضو، وله 77 نائبًا في البرلمان الفيدرالي، و275 نائبًا في برلمانات الولايات، وهناك 100 نازي يعملون بسببه اليوم كموظفين برلمانيين يطلّعون على مختلف أسرار البلاد. وقد أدى النمو السريع في شعبية هذا الحزب في حدوث استقطاب هائل في المجتمع وسباق بين القوى الفاشية والمناهضة للفاشية، والتي تعتقد بأن حزب البديل من أجل ألمانيا هو الذراع البرلمانية للإرهاب اليميني، والمشجع الرئيسي للنازيين على شن هجمات في الشوارع، في مسعى لتأسيس حركة شارع فاشية، بغض النظر عن مبرر الهجمة أو التحرك. كما يشجع هذا الحزب والحركات الرديفة له عصابات نازية من الشباب، خاصة في القرى، لمهاجمة المختلفين معهم.
وقد بدا هنا جلياً ايضاً، التخادم بين الليبراليين الجدد والنازيين، ففي الوقت الذي يحدد هؤلاء سياسات الليبرالية الجديدة الحاكمة يحصلون بالمقابل على نجاحات انتخابية وهو ما حدث في شرق ألمانيا وفي تورينجيا وساكسونيا.
ومهما كانت مزاعم يسار الوسط الحاكم وشعاراته الإنتخابية، فقد ثبت عجزه عن تخفيف المصاعب الاجتماعية، ولم يجرؤ على زيادة الضرائب على الأغنياء، وأقر برنامجاً لإعادة التسلح بقيمة 100 مليار يورو، بالإضافة إلى الإنفاق العسكري السنوي. كما عمدت حكومته صاغرة لاسترضاء العنصريين من خلال تشديد الإجراءات ضد الأجانب ولجم النقابات العمالية عن التحرك، والتي أصبحت هي أيضاً مرتعاً للنازية الجديدة، حيث صّوت ربع أعضائها لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا.
لقد بات معروفاً بأن الشر النازي الجديد، إنما يعتاش على فشل سياسات اليمين التقليدي وافتضاح زيف الوعود التي أعلنها بعد توحيد البلاد من جهة وعلى الأثار الكارثية لما سُميت بالإصلاحات النيوليبرالية التي تبنتها حكومة يسار الوسط الديمقراطية الاجتماعية العام 2010 من جهة أخرى، تلك السياسات التي أدت إلى تراجع التصنيع وزيادة معدلات البطالة والتقليل من مكتسبات دولة الرفاه الاجتماعي. ولمواجهة ذلك، وجدت الليبرالية الجديدة في القوى العنصرية والنازية الجديدة أداة كفيلة بتقويض المظاهرات العمالية التي خرجت ضد تلك السياسات، مستخدمة اللاجئين كشماعة تحمّلها كل اسباب المشكلة.
و في بريطانيا
نشأت المجاميع الفاشية على يد أوزوالد موزلي 1932، متأثرة بما جرى في إيطاليا وألمانيا، لكنها بقيت ضعيفة وهامشية طيلة القرن الماضي، لتعود للنشاط بقوة قبل سنوات، متمثلة بالحزب القومي ورابطة الدفاع وحزب التغيير وحزب الإستقلال وبريطانيا أولاً وغيرها. وتشير التقديرات إلى أن عدد أعضاء هذه التجمعات قد يصل لعشرات الآلاف، منهم من يعمل في مؤسسات الدولة الحساسة كالجيش والشرطة وأجهزة المخابرات، الأمر الذي دفع بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات لتوجيه تحذير يشير إلى أن هذا الإرهاب اليميني المتطرف والمنظم، أخطر بكثير على بريطانيا من الإرهاب "الجهادي".
ورغم أن معظم هؤلاء، الذين صّوت لهم الملايين في الانتخابات، يقفون وراء يافطة معاداة الإسلام والمطالبة بإيقاف الهجرة وترحيل المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، فأن التعصب الأعمى للجنس الأبيض وكراهية كل المختلفين، إلى حد المطالبة باستعبادهم وإبادتهم، يعّد القاسم المشترك بين افكارهم.
ويعّد ما حققه حزب الإصلاح ذو النزعات الفاشية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، مفاجأة بكل المقاييس. ويعتبر هذا الحزب، الذي يضم اليوم 80 ألف عضو، الأهم في جبهة قوى الفاشية الجديدة، من خلال فكره العنصري ومتبنياته اليمينية، لاسيما بعد أن أفصح في مؤتمره الأخير عن توجهات واضحة في تبني خطاب الكراهية ورهاب التحول الجنسي والإسلاموفوبيا، ووضع خططاً للتحول لحزب جماهيري ولبناء قاعدة من الناشطين الملتزمين، وكان بارعاً في التضليل.
سمات قديمة جديدة
تكمن خطورة الفاشيين الجدد في أقنعة الاعتدال التي يرتدونها، وحماسة القبول المخادع باللعبة الديمقراطية البرجوازية واهتمامهم ببناء قاعدة انتخابية تجعلهم مقبولين من قبل الليبرالية الجديدة، وسعيهم للظهور مستقلين عن اليمين التقليدي، والإيحاء بأنهم الحل، حين لا يُحسم الصراع الانتخابي بين اليسار وبين قوى هذا اليمين.
غير أن كل قدراتهم على التضليل لا تستطيع أن تُخفي جوهر فكرهم العنصري وإيمانهم بالعنف، وميلهم لبناء ميليشات خاصة بهم، وتمجيدهم لأكثر ما في تاريخ شعوبهم من ظلم وقمع دموي، ودعوتهم لبناء الدولة القوية التي يحكمها "القائد الضرورة"، ومناهضتهم للديمقراطية والحريات، واحتقارهم لكل الشعوب الأخرى ودعوتهم بمختلف الأشكال إلى استعبادها ونهب ثرواتها.
ويستغل الفاشيون الجدد بشكل جيد غضب واستياء الملايين من الفقر وارتفاع تكاليف المعيشة ومشكلات الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية، واشتداد الفوارق الطبقية والتضحية بمكتسبات دولة الرفاه الاجتماعي، والآثار المدمرة للمزيد من الخصخصة. ويستثمرون كل وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي (يبلغ عدد متابعيهم عليها عشرات الملايين) للتأثير في الناس، كما يستخدمون الأندية الرياضية والنشاطات المدرسية وينفذون فيها سياسات غير مباشرة تضمن تخفيهم، ساعين لإحداث استقطاب مجتمعي حاد ينفذون من خلاله، دون أن يعيروا أهمية للفترة التي سيأخذها تحقيق ذلك، تماماً كما فعل أسلافهم.
وعلى الصعيد الثقافي، يدرك الفاشيون الجدد أهمية السيطرة على التراث الثقافي الغني لبلادهم وإرغام الناس على البقاء أسرى العصور القديمة، بل ومطاردتهم بأشباحها المخيفة، مستثمرين الانقسام المجتمعي حول قضايا معاصرة ومعقدة لإثارة عواصف من الكراهية والترويج لنظريات المؤامرة والتنصل من بعض المعاهدات الأوربية والادعاء بأنهم هم وحدهم من يمثلون ورثة تاريخ البلاد وحضارتها، وهم وحدهم سدنة معابدها المقدسة.
ولابد من الاعتراف بقدراتهم على التضليل، ففي الوقت الذي تراجعت فيه ميلوني مثلاً عن وصفها الزعيم الفاشي موسوليني كأفضل رجل مر على حكم ايطاليا، قامت شبيبة حزبها، إخوة ايطاليا، بالإحتفال بمولد هذا الدكتاتور وأداء التحية "الرومانية" التي اتخذها النازيون شعاراً لهم، فيما يواصلون التبشير بعظمة الهندسة المعمارية التي استخدمها الفاشيون في إقامة النصب. وفي بريطانيا تنصل حزب الإصلاح من عدد من مرشحيه في الانتخابات لأنهم أدلوا بتصريحات عنصرية، وبدت زعيمة التجمع الوطني الفرنسي صديقة لليهود فطردت والدها من الحزب بسبب معاداته للسامية! كما يستفيد هؤلاء من المشاعر القومية ذات الجوهر المغلق لدى الناس، كأسماء الأشخاص والأحداث، موفرين لها من مساحيق التجميل ما يخفي طبيعتها الاستعمارية او العدوانية او العنصرية.
كيف نوقف الفاشيين؟
سرت في أوساط ليبرالية معتدلة وحتى لدى بعض أطياف اليسار فكرة تقول بأن هذه الأحزاب الفاشية الجديدة، منتخبة ديمقراطياً وبالتالي يجب منحها فرصاً ومناصب تنفيذية وتشريعية، وبأنهم سرعان ما يفشلون ويتضح عجزهم إذا ما تولوا المسؤولية.
ولا تعتبر هذه الفكرة جديدة، إذ سبق وطغت على الحياة السياسية في الثلاثينيات وأثبتت فشلها بقيام الدكتاتوريتين الفاشية والنازية، في انتخابات "ديمقراطية" كانت الأخيرة وأكدت على أن العملية الديمقراطية لا تجعل الفاشيين ديمقراطيين، بل تسمح لهم بتقييد الحقوق المدنية وهتك حقوق الإنسان وتغيير الهياكل الدستورية التي تستند إلى مبادئ الديمقراطية والحرية. كما تساعد هذه الفكرة على تطبيع علاقة المجتمع بهذه القوى المدمرة، وتعرقل نضالات مناهضي الفاشية، التي حققت نجاحات معقولة في الحد من نفوذها.
ولهذا، وفي مواجهة التضليل الذي تمارسه الفاشية الجديدة، لابد من فضح الشوفينية وفكرة التفوق القومي باعتبارهما نتاجاً قذراً للرأسمالية، استخدمته لتبرير سرقة ثروات الشعوب وشن الحروب التوسعية، والتثقفيف بتناقضهما الجوهري مع قيم الحرية والعدالة، وذلك عبر سياسة يسارية واضحة ومعللة فكرياً، لا يتم فيها أيضاً إغفال الحاجة لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي أُرتكبت على مدى عقود بحجة التفوق العرقي، وتجريم جميع اشكالها مهما تلونت.
كما لابد من أن نشير إلى وقوع البعض من مناهضي الفاشية في شراكها وتجرعهم سمها المداف بالعسل، عبر قبولهم بازدواجية المعايير وفشلهم في كشف ديماغوجية اليمين الفاشي وقدراته على التكيف وعلى التقدم والتراجع في الوقت المناسب. ومن الأمثلة على ذلك قبول التبريرات بهيمنة "النخبة" على الحياة السياسية والاقتصادية، وعزل المفكرين والعلماء المختلفين، وتبني قوانين تقضم تدريجياً الحريات دفاعاً عن الوطن والحضارة، وتعبئة كل وسائل الإتصال والدعاية لتعميم افكار محددة و "اقناع" الناس بقدسيتها. ولعل ما حدث من صمت الأغلبية تجاه الاجراءات القمعية ضد مناصري الشعب الفلسطيني في اوربا وأمريكا، أو منع عرض بالية بحيرة البجع وروايات دوستويفسكي "احتجاجاً" على حرب بوتين في اوكرانيا، سوى أمثلة على ذلك.
كما لا بد من رصد نقاط ضعف الفاشيين المتمثلة في تهديد السلام وايقاف جهود انقاذ البيئة وتقليص الحريات، والتركيز عليها وفضحها لتعبئة البشرية كلها ضدهم، مع بقاء اليسار بشكل خاص متمسكاً بشعاراته في الحرية والعدالة والسلام والرقابة الشعبية على الاقتصاد والمجتمع والتفكير النقدي بالمعضلات والحلول، إضافة إلى تخلي الوسط ويساره عن دور التابع الأمين لليبرالية الجديدة، والعودة للأقتصاد الصناعي بدلا من الخدمي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمزيد من المعلومات يمكن مراجعة:
جريدة الشعلة السويدية تموز 2020 وأذار 2022، جريدة لوموند الفرنسية تموز 2024، الإندبندنت عربية أب 2020، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات 2019.
الصفحة الثامنة
ايال سيفان: مصير الفلسطينيين لا يهم الإسرائيليين
ترجمة: فؤاد الصفار
في ظل استمرار خطر توسع الحرب إقليميا، والإصرار الإسرائيلي على ارتكاب مجازر يومية في قطاع غزة، وتكثيف الجيش الإسرائيلي لهجماته في الضفة الغربية، ووقوع العديد من الفلسطينيين ضحية أعمال القتل التي يرتكبها المستوطنون المدعمون من الحكومة وإفلاتهم من العقاب، وفي ظل فشل المفاوضات بشأن وقف الحرب، وظهور الانقسامات الداخلية في إسرائيل التي تعاني من اقتصاد متدهور، أجرت الصحفية جونتايل لينوار من موقع ميديابار حواراً مع المخرج السينمائي والكاتب والمناهض للصهيونية ايال سيفان ونشرته تحت عنوان " كيف يمكن النظر إلى المجتمع الإسرائيلي ضمن هذه المعطيات؟".
س: أنت تعيش في فرنسا ولكنك تذهب باستمرار إلى إسرائيل لزيارة عائلتك، كيف يمكنك أن تصف المجتمع الإسرائيلي اليوم؟
ج: أعتقد أن المجتمع منقسم فعليا؛ فمن جانب هناك شريحة تتحرك بعيداً عن نتنياهو باتجاه الوسط، ومن جانب آخر، فإن انصار نتنياهو بما فيهم اليمين المتطرف وهم من أسميهم "الجهاديون اليهود"، يدفعون باتجاه المزيد من إدخال الدين في هذه الحرب، التي في حقيقتها حرب استعمارية إقليمية، بل أنهم يسعون إلى نهاية العالم؛ فعندما يذهب اينامار بن غفير (الصهيوني المتعصب، وزير الأمن) للصلاة في باحة المسجد الاقصى فهو يحاول إثارة الدول العربية والإسلامية، اما عميحاي الياهو (وزير التراث) فقد قال في نوفمبر 2023، يجب إلقاء قنبلة نووية على غزة، وهذا ما نشر مؤخرا في صحيفة هارتس، اليوم حتى السيناريوهات المروعة أصبحت شائعة ، كل شيء ممكن ومحتمل.
س : ماهي نقاط الانقسام في المجتمع وكيف تصفها؟
ج: يتعلق الانقسام بمكانة المتدينين في مواجهة العلمانيين. لا يوجد انقسام اليوم حول مسألة العنصرية، بل هناك أسئلة حول المؤسسات الديمقراطية وهي نفس الأسئلة التي كانت قبل 7 اكتوبر. ما يسمى بالمعارضة لسياسة نتنياهو ليس لديها أي مقترح بديل لوقف الحرب، لنأخذ مثال المظاهرات الكبيرة التي تخرج يوميا من أجل اطلاق سراح الرهائن وضد سياسة نتنياهو وضد الفساد الأخلاقي لحكومته ولكن لا نجد أي شعار مرفوع لوقف الحرب وهذا يشابه المظاهرات الكبرى التي سبقت 7اكتوبر2023، التي كانت من أجل الدفاع عن الديمقراطية ولكن فقط الديمقراطية اليهودية، التي وضعت القضية الفلسطينية جانبا، فقط بضع مئات من الإسرائيليين "الكتلة المناهضة للاحتلال" الذين ينتمون إلى مختلف الحركات المناهضة للاستعمار ومنظمات حقوق الانسان، يتحدثون عن المجازر والإبادة الجماعية.
س: حصيلة الحرب على غزة مروعة والضحايا بأعداد كبيرة، كيف يمكن أن نفسر عدم وجود حركة رفض قوية لما يجري؟
ج: الإسرائيليون لا يريدون معرفة ماذا يجري في غزة، هم يقولون ذلك، وعندما نتحدث إلى الناس في الشارع مع سواق التاكسي والبائعين يكررون " أن الفلسطينيين هم من جلبوا ذلك على انفسهم" إنهم يضعون أغطية على أعينهم ولا يريدون معرفة أن جيشهم قتل اكثر من 16000 طفل في غزة ولا يرون عمليات الهدم الجماعية والتعذيب المنهجي وما يحدث في الضفة الغربية (موثق من قبل منظمة ONG الإسرائيلية B ‘’ Tselem)، ويقولون " ليس لدينا ما يكفي من التعاطف مع أنفسنا، لذلك ليس لدينا ما يكفي للآخرين"، هذا ما يقوله جزء من الإسرائيليين.
<< يحلم الإسرائيليون بشكل عام باختفاء الفلسطينيين، ومصيرهم لا يهمهم >>
هناك قسم آخر من الناس العاديين، المعلقون العسكريون، المتخصصون في الشؤون العربية يقولون إذا استمرت هذه الحرب لفترة طويلة بسبب " أننا نقاتل بالقفازات" هذا يعني أن الجيش الإسرائيلي نظيف ويأخذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على المدنيين، القنوات التلفزيونية تتحدث باستمرار عن الرهائن والعمليات العسكرية ولكن بدون إظهار عواقبها. حلم رابين القديم " أحلم بأن أستقيظ ذات يوم وأرى أن البحر ابتلع غزة " هذا الحلم يتقاسمه الإسرائيليون بأن الفلسطينيين سوف يختفون ومصيرهم لا يهمهم.
س: وجهت انتقادات شديدة ضد نتيناهو وحكومته، وكانت المؤسسة العسكرية في منأى عن ذلك.
ج: الجزء الاكبر يدعم الجيش رغم أن هذا الجيش فشل في جنوب البلاد، هذا الجيش الذي قيل لنا حتى 7 اكتوبر، إنه الأقوى في المنطقة ومن أقوى جيوش العالم، ولكنه حتى اليوم غير قادر على التغلب على منظمة حماس المسلحة، ولكنها ليست دولة، هذا الجيش لا زال يستفيد من الدعم، فانه يستفيد من دعم الأمهات رغم معرفتهم بذهاب أبنائهم إلى الحرب وماذا يفعلون في غزة.
س: أدى التصويت على القانون الذي يلزم اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية والتي كانوا معفيين منها، أدى إلى اندلاع مظاهرات أدت إلى الخوف من حرب اهلية.
ج: الصحف لا تتكلم عن حرب أهلية وإنما عن حرب بين الأشقاء وهذا ما يكشف عن الطابع القبلي للمجتمع، انا لا اصدق ذلك، واريد أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي أن العلمانيين يتهمون المتدينين في هذا القصة ويقولون "لا نريد أن نتحمل عبء الحرب وحدنا وليس من الطبيعي أن نكون وحدنا الجنود والقتلة"، المتدينون يريدون مواصلة الدراسة وعدم الالتحاق بالجيش. أذا كنا نعارض هذه الحرب فإن المتشددين هم الذين يجب دعمهم.
س: كيف تفاعل الإسرائيليون مع طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في إصدار أوامر اعتقال نتنياهو، رئيس الوزراء ويواف غالانت وزير الدفاع وكذلك حكم محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال؟
ج: إن أغلبية المجتمع الإسرائيلي بما في ذلك الفئة الصالحة، حسب تعبير حنه أرندت، تعتبر أن هذا هجوماً عنيفاً ضد إسرائيل. أن البلاد تواجه سياسة الكيل بمكيالين، لأن الدول الإجرامية الأخرى لا تدان، وهذه الفكرة تتمسك بها حتى ما تسمى بالمعارضة الإسرائيلية، بمجرد إصدار المدعي العام أوامر الاعتقال سارع يائير لابيد، المعارض وممثل الطبقة الوسطى إلى دعم عدوه الاكبر نتنياهو، مدعيا أن هذا عدوان معاد للسامية ضد إسرائيل.
س: ألا يخشى الإسرائيليون أن تتعرض بلادهم للعقوبات؟
ج: لا، بالنسبة للإسرائيليين، المجتمع الدولي منقسم إلى قسمين، من ناحية أمريكا، وناحية اخرى أوروبا المعادية للسامية. طالما أن أمريكا تقف إلى جانبنا، فنحن آمنون، وفي الواقع لدى الإسرائيليين قناعة راسخة عن علم، لأن الماضي أثبت ذلك، كل قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالاحتلال وبناء المستوطنات وكل التصريحات الادانة لم تؤد إلى اي شيء.
<<خلال هذه المدة أحد عشر شهرا مضت، كان هناك تدريب وتعليم للمجتمع لقبول كل الرعب >>
الإسرائيليون مقتنعون هنا مرة اخرى لن تؤدي إلى شيء، فالحقائق تثبت صحة كلامهم حيث يستمر وصول المعدات العسكرية وتستمر حملات القمع في الضفة الغربية وبناء المستوطنات مع استمرار الدمار الهائل في غزة وقصف الجنوب اللبناني، ولا شيء يحدث لإيقاف ذلك.
س: ما الذي يمكن أن يغير الرأي العام الإسرائيلي؟
ج: هناك فعلان: الاول استمرار الضغط من جانب شركات الائتمان الدولية، هذا سوف يؤثر على الاقتصاد الحقيقي، هروب الشركات ونقص الاستثمار، وقد قلت سابقا، طالما أن الإسرائيلي العادي لا يشعر بأن امتيازاته مقيدة، فلن يتغير شيء. إذا تم تعليق اتفاقية الشراكة بين أوروبا وإسرائيل باسم المادة 2، "اعتداء خطير على حقوق الانسان" فإن جميع المستفيدين من التخفيضات الضريبة، والرحلات الجوية إلى الخارج سوف يتأثرون عندما تتم ادانة او اعتقال الجنود الإسرائيليين مزدوجي الجنسية او عندما لا يستطيعون التسجيل في جامعة انكليزية، على سبيل المثال، فإن الامور سوف تتغير. نحن بحاجة إلى علامة قوية تشير إلى أننا تجاوزنا الكلمات والسخط والتحذير إلى العمل الفعلي، فلا يتغير شيء. عندما كنا اطفال، كنا نغني أغنية علمنا إياها اباؤنا واجدادنا، نردد فيها << العالم كله ضدنا ...العالم كله ضدنا.. إلى آخر جملة.. العالم كله ضدنا ونحن لا نهتم >>.
س: كيف يمكن وصف ما أصبحت عليه إسرائيل بعد 7 اكتوبر 2023؟
ج: كما ذكرت سابقا، هناك تدريب على قبول الرعب، المجتمع الإسرائيلي لا يهتم بغزة، سواء كان هناك 10, 15,40, او 180000 ألف قتيل، كما تقول مجلة لانسيت، أن الفكرة الرهيبة لديهم هو موت الرهائن بسبب القصف الإسرائيلي او موت الجنود كل يوم وإلى أي مدى يتحملون النزوح الداخلي؟
شمال إسرائيل تحول إلى منطقة حرب، عدد كبير من السجناء الفلسطينيين يموتون في السجون، سابقا كان موت سجين واحد يؤدي إلى إضراب الضفة الغربية بالكامل، الآن لا يحدث شيء وعليه إسرائيل مستمرة في سياستها، ومن عجيب المفارقات، أن إسرائيل تسير في طريق الاندماج في الشرق الاوسط، وهذه الدول الشرق اوسطية مدعومة من الغرب وخاصة امريكا من أجل مصالحها التجارية. إسرائيل مثل الدول الاخرى، نظام عسكري ثيوقراطي موجه نحو الأعمال التجارية حيث الاستثمار الاساسي في الجيش وهو بلد فيه فجوات هائلة بين الأغنياء والفقراء ويتمتع بثروات كبيرة والعديد من أصوله وأمواله استثمارات في الخارج، لقد اصبحت إسرائيل مجتمعا ثنائي الجنسية، أي برجوازية ثنائية الجنسية لديها امكانيات اختيار المغادرة، وفعلا بدوا بأرسال أبنائهم إلى الخارج لأن النظام الجامعي الوطني ينهار مع أقلية فلسطينية من مواطني دولة إسرائيل، تعاني بالكامل من الخوف وفي منطقة خارجة عن القانون، نفعل ما نريد.
***************************************************
الغضب وعدم اليقين والهوية رعد موسى الجبوري
ينتشر الغضب، اليوم وفي كل انحاء العراق تقريبا، كأسلوب رفض لأوضاع الحياة. ومن أجل إنقاذ الامن والسلم الاجتماعي وسيادة الاستقرار، يدعو الخبراء إلى ضرورة تحلي السياسيين والنخبة الوطنية بالحصافة ومراعاة مصالح وتفهم مشاعر المواطنين في سلوكهم السياسي.
فقد يؤدي تصاعد هذا الغضب المتزايد الى نمو قوى سياسية تتغذى عليه، سواء كانت الأحزاب اليمينية الشوفينية أو الدينية الطائفية المتطرفة، فجميعهم يتفشون بسبب عدم الرضا عن السياسات والعلاقات السائدة. وعندما تسأل عن الأمور التي نحتاج إلى تغييرها، تكون الإجابة الأولى في كل مكان تقريبا: استبدال الساسة والأحزاب الحالية بأشخاص أفضل.
ان الأسباب التي تجري مناقشتها كدافع للابتعاد عن الأحزاب القائمة ـ البطالة والتضخم والفساد وممارسات التغيير الديموغرافي، ضعف الخدمات والكهرباء، واهمال تأثيرات التغيير المناخي وانتشار التصحر، ونشر الفكر الطائفي وفرض العقيدة ذات اللون الواحدـ هذه كلها أسباب تدعوا للغضب، ولكن هناك خطر أخر كبير لا يقل أهمية وهو محو وتهديد الهوية والقيم الوطنية العراقية.
وهنا جاءت الهجمة التي تشنها القوى الهادفة لهدم الهوية والأخلاق العراقية من خلال المحاولة الحالية لتعديل قانون الأحوال الشخصية بشكل واتجاه يجهله المجتمع، ويبيح ممارسات غريبة عن القيم والأخلاق التي بناها العراقيون، مثل زواج القاصرات والأطفال والرضع، هذه الممارسات المرفوضة في قيم الشعب العراقي واعرافه. والبعيدة كل البعد عن مبادئ الاديان السمحاء التي يؤمن بها أبناء العراق بمختلف معتقداتهم.
وفي هذا السياق، يجب الإشارة الى ان سياسات وسلوك هذه القوى المتسلطة والمهيمنة على مصائر الشعب العراقي تحاول دفع غالبية جماهير الشعب الى صفوف «الخاسرين» في ظلال التقلبات والتغييرات التي تحدث تحت ستارة "الديموقراطية الكاذبة" فيقوم ممثلو هذه الأحزاب والحركات المتسلطة بسلب وتشويه مفاهيم الديموقراطية الحقيقية من كل محتوى يخدم المواطن العراقي، فهذه القوى المتسلطة حاليا، هي نفسها التي دفعت الكثير من العراقيين الغاضبين الى الظلمات وأصبحوا ضحايا الإرهاب والتطرف وجلبت الكوارث الى البلاد.
ان النقمة والغضب ليسا سلبيين بطبيعتهما، فلهما أيضا إمكانات وجوانب إيجابية، وهما مثل إشارات إنذار الشعور العاطفي، فيمكنهما لفت الانتباه إلى المظالم والظلمات، وهز مشاعر واحاسيس الناس، ويدفعان إلى أفعال كان من الممكن أن يفتقر المرء إلى الشجاعة للقيام بها. وكما ينطبق هذا على الحياة الشخصية ينطبق كذلك على المستوى المجتمعي: فالعديد من الحركات الاجتماعية دفعها الغضب الجماعي بسبب الظلم، مثل النضال من أجل نيل الحقوق المدنية والمساواة في الحقوق. ولولا الغضب، لم يكن من الممكن أبدا اقتحام سجن الباستيل في باريس وتحطيم الطغيان والظلم، ولولا الغضب لكانت أمريكا لاتزال مستعمرة بريطانية مستعبدة تابعة حتى يومنا هذا، ولولا الغضب لبقي شعب جنوب افريقيا يرزح تحت ظلم القهر والتمييز العنصري، ويمكن القول: فبدون الغضب لا يمكن أن يكون هناك تقدم.
ولكن ما هو نوع التقدم الذي يهدف إليه الغضب الموجه ضد الأحزاب المتسلطة حاليا؟ وما هي الفكرة الكامنة وراء الدعوة العامة للتغيير واستبدال "السياسيين المتسلطين بآخرين أفضل"؟
إن مجرد طرح هذه الأسئلة لن تؤدي إلى أي شيء مفيد. فعدم الرضا الحالي إذا لم يرتبط بتحقيق أهداف محددة، سيتحول في كثير من الأحيان الى ممارسة تتعلق "بمجرد الرفض كأسلوب حياة"، وربما لن يعطي هذا قدرا معينا من الأمن والاستقرار الداخلي في وقت يشوبه قدر كبير من عدم اليقين -رغم أن الأمر قد يبدو غريبا.
يرى رئيس معهد فيكتور فرانكل للأبحاث، أن عدم الرضا السياسي لا يمكن فهمه إلا من خلال رؤية آليات نفسية أعمق. وتشمل هذه انتشار الخوف بين افراد المجتمع من فقدان السيطرة على مسيرة التطور، فضلا عن الشعور المزعج بنقص المعنى والاهمية الذي يؤثر على كثير من الناس. يقول باتياني: "إن هذه القوى النفسية بالذات هي التي يتم استغلالها على وجه التحديد من قبل استراتيجيي الشبكات اليمينية المتطرفة" ونضيف هنا إمكانية استغلالها من قبل قوى إرهابية أو طائفية متطرفة تخلقها الأحزاب المتنفذة وتستخدمها لترسيخ تفكيك الهوية والمجتمع واثارة العدوانية بين مكوناته لتثبيت هيمنتها وترسيخ قوى السلطة الفاسدة.
ولا يبدو التشخيص غير قابل للتصديق. فيعد الخوف من فقدان السيطرة على سبل الوجود، أحد أقوى القوى النفسية على الإطلاق. فيمكن وصف تاريخ البشرية بأكمله بأنه كان محاولات للسيطرة على المخاطر الوجودية -قوى الطبيعة، الحروب، المرض، القحط ...الخ. ومن المفارقات الهامة أنه عند مواجهة التهديد، يُنظر إلى الخوف من فقدان السيطرة المحتمل على أنه أكثر تهديدا من الخطر نفسه.
وقد تم اثبات ذلك مختبريا من خلال تجربة الصدمة الكهربائية التي أجراها علماء نفس أمريكيون عام 2006: حيث تم منح الأشخاص الخاضعين للاختبار خيار تلقي صدمة كهربائية قوية على الفور أو تلقي صدمة ضعيفة في وقت غير محدد لاحقا في المستقبل. فاختار معظم الناس الألم الفوري: الأقوى، ولكن تحت السيطرة. لأن توقع الألم الذي لا تعرف متى سيأتي يعلق أثره بالدماغ أكثر من الألم الفعلي -وهذا ما تم إثباته الآن أيضا من خلال تحليلات نشاط الدماغ.
ومن الممكن تطبيق هذا المبدأ على السياسة الداخلية والعالمية: فانتظار كارثة حروب أهلية أو اقليمية وشيكة التي لا أحد يعرف ما إذا كانت ستحدث ومتى – وتأثيرات تغير المناخ الغير متوقعة، ومفاجئات الأزمات المالية والاقتصادية - تشغل الناس أكثر من مجرد محنة محسوسة عابرة بشكل ملموس، ففي الحالات الحادة، يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة والتعامل مع الضرر، ولكن من ناحية أخرى فالأزمة التي لم تحدث ويحتمل حدوثها تعمل على خلق شعور مستمر بعدم اليقين ــ وهذا على وجه التحديد ما تزايد بشكل هائل في الأعوام الأخيرة وتحاول القوى الحاكمة الفاسدة على ادامته. فنجد كثير من المواطنين لديهم شعور بأنهم يعيشون زمن غير واضح المعالم والنتائج. وهذا أمر متفجر سياسيا لأن الشعور بعدم اليقين يخلق حاجة ملحة لاستعادة السيطرة. ولكن الأحزاب الحاكمة في العراق أقصت وعزلت، من خلال إجراءاتها ومن خلال تنظيماتها المسلحة وغيرها، المواطن العراقي عن المساهمة باتخاذ القرار، فلا يستطيع الأفراد فعل أي شيء تجاه التطورات الداخلية والعالمية في السياسة والاقتصاد والمناخ وحتى تأثيرات الذكاء الاصطناعي. ولهذا أصبح الكثير من الناس يميلون إلى اتخاذ إجراءات رمزية تعيد إليهم الشعور بالسيطرة على نطاق صغير-ومن اكثرها خطورة هي خلق حواجز وفروقات بينهم وبين الاخرين "الغرباء".
وقد ثبت ذلك من خلال التجارب التي أجرتها عالمة النفس إيزابيلا أول هاديك من جامعة سالزبورغ. وفيها، واجه المشاركون في الاختبار تهديدا (على سبيل المثال، معلومات مروعة حول تغير المناخ)، ثم تم قياس مواقفهم تجاه الغرباء. النتيجة كانت: ان نظرتهم إلى المجموعات الأخرى تغيرت بشكل أكثر سلبية، في حين أن النظرة الى المجموعة الخاصة بالفرد أصبحت تميل إلى أن تكون أكثر إيجابية، وتوصلت دراسات أخرى إلى نتائج مماثلة: ففي تلك الدراسات، عندما واجه الأشخاص الخاضعون للاختبار مواقف غير آمنة، كانوا يميلون إلى استبعاد أو معاقبة أشخاص آخرين "غرباء" بشكل أكبر، حتى لو لم يكن لذلك تأثير على التهديد الفعلي.
لذا، نلاحظ منذ مجيء هذه القوى التي تسلطت على الحكم في العراق، توسع وانتشار ظاهرة رفض المجموعات (الأفكار، الطوائف، المذاهب) الاخرى وزيادة الكراهية ونظريات المؤامرة وخاصة في أوقات الأزمات، فالأمر يتعلق هنا أيضا بالرغبة في الحفاظ على السيطرة على عالم يهدد بالانزلاق. وهذا ما يفسر لماذا الخوف من فقدان السيطرة يصب في المقام الأول في مصالح الأحزاب الحاكمة والمتطرفة التي ترفض الاخر " المختلف فكريا او طائفيا اوعرقيا" وتهتم بإقامة حدود فاصلة لتعزل الاخر.
وهنا نجد الأحزاب القائمة تعمل على ترسيخ شعور المواطن بفقدان السيطرة بشكل مستمر ولا تقوم بتقديم معالجة حقيقية وفعالة لهذه المسألة في سياساتها وتنكرها، وغالبا ما تخلق الظروف لتأجيجها مثل نشر مجاميع مسلحة أو القيام بأحداث واعمال تثير عدم الاستقرار. ومن ضمن ما قامت به هذه القوى مؤخرا هو اثارة موضوع تغير قانون الأحوال الشخصية في البرلمان لتعزيز هذه المشاعر السلبية عند المواطنين وإبقاء المجتمع العراقي في هذه الدوامة لمنع تقدمه واستقراره. وإذا ترسخ الانطباع أيضا بأن الأمور التي يمكن السيطرة عليها فعليا بدأت تخرج عن نطاق السيطرة ـ على سبيل المثال، عندما تنهار شبكة الطاقة وتعم الفوضى في قطاع المال ومؤسسات الدولة ـ فإن الشعور بالأزمة ينتشر ويصبح موجودا في كل مكان.
يقول ألكسندر باتياني: "إن هذا يصب في مصلحة القوى المتطرفة التي تستغل هذه المخاوف بشكل واعي". كما أن الأحزاب الشعبوية الحاكمة التي تستخدم اللغة الطائفية والمذهبية، من شأنها أن تعمل أيضا على تغذية الخوف من فقدان السيطرة ــ على سبيل المثال من خلال ممارسة "التهجير الجماعي" أو "التغيير السكاني". و"كلما زاد عدم اليقين، ازدادت الرغبة في اللجوء لفعل شيء ما."
من وجهة نظر ألكسندر باتياني، فهناك ايضا آليات نفسية أخرى مسؤولة عن مثل هذه "الدوائر العاطفية القصيرة". وأهم هذه الأمور يتعلق بالحاجة إلى المعنى والهوية: أن تعرف إلى أين تنتمي، وما فائدة حياتك. ويقول باتياني إن هذا هو مصدر قلق إنساني أساسي. إذا لم يتم اشباعه، فسيشكل نقطة انطلاق مثالية لتأجيج المزاج الغاضب. لذلك تسعى الأحزاب والقوى الحاكمة المتسلطة في العراق على اضعاف الهوية الوطنية الجامعة ليس فقط في ممارسات الطقوس والاعياد الوطنية الرسمية بل تجاوز ذلك الى شؤون الأحوال الشخصية.
ويوضح أولهاديك: "إن نظرتنا للعالم وأعرافنا الاجتماعية، أي الاقتناع بما هو مناسب وما هو غير مناسب، كل هذا يمنحنا شعورا بالسيطرة". "إذا ركزنا أكثر على مثل هذه المعايير في مواجهة التهديد، فإن ذلك يساعدنا على التعامل بشكل أفضل مع مشاعر انعدام الأمن".
ولكن القوى الطائفية المتطرفة تحاول من خلال طرح تعديل قانون الأحوال الشخصية، هدم الحواجز والمعايير الأخلاقية التي تعارف عليها المجتمع العراقي في مجال العلاقة بمفهوم مؤسسة العائلة كنواة في البنية المجتمعية وبمفهوم حماية الطفل الذي يمثل الأساس لأجيال المستقبل. وهكذا يبيتون النية لتوجيه ضربة مؤذية للهوية الوطنية العراقية ويسعون بخبث لتفتيت المجتمع وخلق تخندقات فئوية تفرط بالنسيج المجتمعي وفي النهاية يهدفون لانحدار وتحطيم المجتمع وزعزعة امنه وتفتيته.
ويعتمد باتياني على دراسات أجراها عالم النفس آري كروجلانسكي من جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة الأمريكية. فكتب كروجلانسكي أن دراساته تظهر باستمرار أن "الأشخاص الذين تتعرض حاجتهم إلى المعنى والهوية والأمن للتهديد هم أكثر عرضة لأن تكون لديهم آراء وسلوكيات متطرفة". ويبدو أن حكام العراق يريدون الكثير منهم هذه الأيام. فهم يحضرون الظروف لفقس بيضهم الطائفي والتحضير للانتخابات التي تستند على فكرهم الطائفي المقيت.
ويمكن للسياسيين الوطنين التعلم أيضا من كل هذه الآليات النفسية: فلا ينبغي لهم، على سبيل المثال، أن يتركوا لعبة العواطف لأولئك الذين يحتقرون الديمقراطية. فأنه من الأفضل مكافحة المخاوف المنتشرة ليس بالحجج الجافة، ولكن من خلال مخاطبة الناس على المستوى العاطفي ايضا.
يقول الخبير الاقتصادي السلوكي ستيفن هاك، لا ينبغي للسياسيين أن يرتكبوا خطأ التركيز بشكل حصري على المواضيع السلبية للخصم. بل من الأفضل مواجهة هذا بالمحتوى الإيجابي الخاص بك. ولا يجب الاكتفاء بالرؤى المتألقة وإثارة المشاعر، فمن المفيد جدا منح المواطنين الشعور بأنك تفهم حقا احتياجاتهم النفسية.
***************************************************
الصفحة التاسعة
لولا دا سيلفا يدعو إلى منح فرصة تمثيل البرازيل للاعبي الداخل
البرازيل ـ وكالات
هاجم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اللاعبين البرازيليين المحترفين خارج حدود البلاد.
وأبرزت صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية تصريحات دا سيلفا، التي قال فيها: "اللاعبون المحترفون في الخارج، ليسوا أفضل من هؤلاء الموجودين هنا".
يأتي ذلك بعد قيادة ثنائي بوتافوجو، لويز هنريك وإيجور جيسوس، منتخب البرازيل للفوز على تشيلي (2-1)، في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.
وأكد رئيس البرازيل أنه لم يعد هناك لاعبين كبار بحجم غارينشا أو روماريو في الأندية الأجنبية، مضيفا: "لدينا لاعبون جيديون بنفس جودة المحترفين في الخارج، لذلك يجب أن يمنحوا الفرصة".
***********************************************
المنتخب العراقي يتدرب في مدينة سوون الكورية وكاساس يريح 8 لاعبين
بغداد ـ طريق الشعب
خاض المنتخب الوطني العراقي أمس السبت أولى وحداته التدريبية في مدينة سوون، تحضيرًا لمواجهة منتخب كوريا الجنوبية يوم الثلاثاء القادم، ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
شارك في التدريبات مجموعة من اللاعبين، بينهم: جلال حسن، فهد طالب، حسين حسن، علي جاسم، لوكاس شليمون، محمد الطائي، علي فائز، صفاء هادي، أحمد يحيى، مهند علي، أحمد ياسين، أمين الحموي، لؤي العاني، ريبين سولاقا، أمجد عطوان، ومصطفى سعدون. بينما فضل مدرب المنتخب الوطني أن يواصل بقية اللاعبين عمليات الاستشفاء تحت إشراف الجهاز الطبي من مقر الإقامة، وهم: أيمن حسين، ميرخاس دوسكي، إبراهيم بايش، حسين علي، يوسف أمين، زيد تحسين، مناف يونس، وأمير العماري.
ورغم تحقيق الفوز على المنتخب الفلسطيني، إلا أن أداء المنتخب واجه انتقادات بسبب المستوى الفني الضعيف، حيث اكتفى الفريق بهدف وحيد في مرمى الفلسطينيين. ومع ذلك، يرى البعض أن الأهم في هذه المرحلة هو حصد النقاط وتجنب العثرات لتحقيق الحلم.
وحسب الإحصائيات الأخيرة، يحتل المنتخب العراقي المرتبة الأولى بين منتخبات المنطقة العربية في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، حيث لم يخسر في أي مباراة بعد مرور ثلاث جولات، كما أنه الأكثر جمعًا للنقاط برصيد سبع نقاط، وهو المنتخب العربي الوحيد الذي لم يستقبل مرماه أي هدف حتى الآن.
***************************************************
منتخب العراق للتجذيف يحرز الوسام الفضي في بطولة آسيا
بغداد ـ طريق الشعب
أحرز منتخب العراق للتجديف الوسام الفضي في منافسات بطولة آسيا المقامة حاليًا في مدينة سمرقند بأوزبكستان، بمشاركة ثلاثة عشر منتخبًا.
وقال رئيس الاتحاد العراقي للتجديف، عبد السلام خلف، أن الثنائي المؤلف من اللاعبين محمد رياض وبكر شهاب تمكن من تحقيق الوسام الفضي في سباق نهائي الزوجي الثقيل، حيث نال الزوجي الصيني الوسام الذهبي بينما حصل الزوجي الأوزبكي على الوسام النحاسي. وقال خلف: "المنافسة لم تكن سهلة أبداً، نظرًا لمشاركة نخبة من أفضل وأبرز المنتخبات الآسيوية التي تمتلك تاريخًا مميزًا في رياضة التجديف، لكن الثنائي العراقي استطاع وبجدارة التفوق على أغلب المتسابقين والفوز بالمركز الثاني."
وأضاف أن العراق سيشارك يوم غد الأحد في سباقين نهائيين؛ الأول في منافسات فعالية الفردي الخفيف، حيث سيمثل العراق اللاعب محمد رياض، والثاني في فعالية الفردي الثقيل، والذي سيمثل العراق فيه اللاعب بكر شهاب.
تستمر فعاليات البطولة، ويتطلع المنتخب العراقي إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في السباقات القادمة.
************************************************
رغم مرور 3 سنوات على موعد الاستلام المفترض نسب الإنجاز في ملعب التاجيات 33 في المائة
متابعة ـ طريق الشعب
كشفت وزارة الشباب والرياضة أمس السبت عن نسب الإنجاز في ملعبي التاجيات والرصافة، مؤكدة استمرار العمل على تحقيق التقدم في كلا المشروعين.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة، حسام حسن، في حديث للوكالة الرسمية أن "العمل في ملعب التاجيات الأولمبي، الذي يتسع لـ 60 ألف متفرج، لا يزال متواصلاً"، مشيرًا إلى حرص الوزارة على إكماله في المدة المقررة، بعد التلكؤ الذي شهدته العمليات الإنشائية من قبل الشركة المنفذة.
وأشار حسن إلى أنه تم حل المشكلات التي كانت تعيق إكمال تنفيذ المشروع، وخاصة مسألة "التراك الدائري" المخصص لألعاب الساحة والميدان، مما سيساهم في إنجاز هذا الملعب الحيوي، الذي من المقرر أن يستضيف المباريات.
وكشف المتحدث عن أن نسبة إنجاز الملعب تبلغ حتى الآن 33 بالمائة، رغم أنه كان من المفترض إنجازه قبل ثلاث سنوات.
وأوضح أن وزير الشباب والرياضة قام بنقل مكتبه الخاص إلى الملعب للإشراف المباشر على تنفيذ فقرات المشروع.
فيما يتعلق بملعب الرصافة (ملعب عمو بابا)، أشار حسن إلى أن الوزارة تنتظر اكتمال الإجراءات الخاصة به. وأكد أن نسبة الإنجاز في هذا الملعب، الذي تنفذه شركة "آرينا الإسبانية"، بلغت 69 بالمائة بعد تسلم المستحقات المالية، مشيرًا إلى العمل المتواصل على المدرجات الخاصة بالملعب الرئيس وملاعب التدريب في هذا المجمع الرياضي الضخم.
كما أوضح أن العمل مستمر في عدة ملاعب في المحافظات الأخرى، مثل ملعب كركوك الأولمبي، وملعب السماوة، وملعب صلاح الدين الأولمبي، بالإضافة إلى مرافق رياضية أخرى، بما في ذلك قاعة مغلقة تتسع لـ 7 آلاف متفرج في مجمع المدينة الشبابية.
**************************************************
بعد مسيرة أسطورية.. من يعوض نادال؟
أعلن لاعب التنس الإسباني رافائيل نادال اعتزاله اللعبة عن عمر يناهز 38 عامًا، ليترك فراغًا كبيرًا في عالم التنس بعد مسيرة استثنائية. لطالما كان نادال يتمتع بقدرة فريدة على تحقيق المستحيل، حيث كان يضرب الكرة بقوة لتمر من منافسيه في لحظات غير متوقعة.
مدريد ـ وكالات
تعتبر بطولاته في رولان غاروس، حيث حصل على 14 لقبًا، أبرز إنجازاته، مما جعله رمزًا للتفوق في الملاعب الرملية. فقد فاز في أول ألقابه في البطولة كطفل يبلغ من العمر 19 عامًا، ومنذ ذلك الحين، لم يخسر سوى ثلاث مباريات خلال 17 عامًا.
على الرغم من سمعته كمتخصص في الملاعب الرملية، أثبت نادال قدراته في مختلف الظروف، حيث فاز أيضًا ببطولتي ويمبلدون في إنجاز تاريخي يُعتبر أحد أعظم المباريات في تاريخه.
القوة العقلية والتواضع
لم يكن نادال فقط لاعبًا قويًا، بل أظهر قوة عقلية مذهلة. حتى بعد خسارته في بعض المباريات، كان يلعب بكل شغف وتركيز. كان يفضل اللعب بلا انفعال، ويحتفظ بتواضعه رغم تحقيقه أرقامًا قياسية.
على مر السنين، كان لعائلته دور كبير في تشكيل مسيرته. عمه توني، الذي كان له تأثير كبير على تطوير قدراته، جعل من الانضباط والتواضع حجر الأساس لشخصيته. ورغم تقاعده، فإن نادال لا يزال يمثل مثالًا يُحتذى به للعديد من اللاعبين.
البحث عن بديل
مع اعتزال نادال، يبقى السؤال مطروحًا: من سيملأ الفراغ الذي تركه؟ يعتبر بعض النقاد أن التحديات التي واجهها نادال في السنوات الأخيرة، مثل الإصابات، قد أثرت على مسيرته، لكن عودته إلى القمة بفضل المدرب كارلوس مويا تُظهر عزيمته.
من المتوقع أن يتطلع اللاعبون الجدد إلى ملء هذا الفراغ، لكن نادال، بمزيجه الفريد من المهارة، القوة العقلية، والتواضع، سيبقى في ذاكرة عشاق التنس كأحد أعظم اللاعبين في تاريخ اللعبة.
****************************************************
وقفة رياضية.. مظاهر سلبية لا بد من معالجتها
منعم جابر
بدأت الخطوات العملية لتطوير لعبة كرة القدم وتنظيم مبارياتها ودوريها، وانعكس هذا الواقع على الجمهور الحاضر وعشاق اللعبة، وأن حضور بعض المسؤولين من وزراء وبرلمانيين وغيرهم يعطي قوة وهيبة للمباريات والسباقات، إلا أننا نطالب في الوقت نفسه بضرورة عدم حضورهم مع حماياتهم وقواتهم وصعودهم إلى المقصورة الرئيسية للملاعب او بقائهم واقفين على رؤوس (أسيادهم) او متجمعين بشكل يدعو إلى الفوضى. وهذا يتطلب منا تبليغ المسؤولين بأهمية وضرورة بقاء حماياتهم خارج الملعب او على الأقل الجلوس في الأماكن المخصصة لهم في المقصورة وبالملابس المدنية لإضفاء قدسية وهيبة للملعب وحرمة الجماهير.
الأمر الآخر الذي نجده في بعض ملاعبنا هو تواجد البعض من الجماهير او المسؤولين وإدارة الملعب يتجولون في الملعب اثناء المباريات، وهذا الامر معيب ويشكل فوضى وارباكا للمشرفين على المباريات، لذا نطالب بمنع أي شخص من التجوال أثناء سير المباريات أو جلوس عدد أكبر من المطلوب على مصطبة الاحتياط من غير المسموح لهم بالجلوس.
لذا نقول للمشرفين والإخوة في الاتحاد العراقي لكرة القدم بأنه لا مكان لأي شخص داخل ساحة الملعب. والشيء المهم الآخر هو أهمية وضرورة اختيار مشرفي المباريات من العناصر المتمكنة والقادرة على ضبط إيقاع المباراة من دون مجاملة، فالمشرف يجب ان يعرف مسؤولياته ولا يتردد في تطبيق القانون والتعليمات الاتحادية بدون ليونة او تساهل، وللجان الاتحادية العاملة معرفة دقيقة بقابليات وقدرات المشرفين العاملين في الاتحاد وخاصة في المباريات الجماهيرية، وبذلك نستطيع ان نسيطر على سير المباريات.
إن التواجد الأمني متمثلاً بأمن الملاعب ضروري ومهم من أجل السيطرة على الجماهير وتنظيمها بشكل جيد وإخراج العناصر غير المنضبطة، فالتواجد الأمني يجب أن يمارس مسؤولياته ودوره بشكل ودي بعيدا عن التعسف. أملنا ان يبقى جمهورنا ملتزماً بتشجيعه وهتافاته وأهازيجه المفرحة والبهيجة.
*************************************************
مشجع يزرع جهاز تنصت
في غرفة ملابس مانشستر يونايتد
مانشستر ـ وكالات
تعرض فريق مانشستر يونايتد لواقعة تنصت غير مسبوقة قبل مباراته الأخيرة ضد أستون فيلا، حيث تمكن أحد مشجعي الفريق من التسلل إلى ملعب فيلا بارك وزرع جهاز تسجيل في غرفة ملابس الفريق.
وفقًا لتقرير صحيفة "ذا صن" البريطانية، قام المشجع بخداع موظفي الملعب للتسلل وإخفاء جهاز تسجيل قبل يومين من المباراة، التي انتهت بالتعادل 0-0. وأشار المصدر إلى أن الجهاز كان يهدف إلى تسجيل تعليمات المدرب إريك تين هاج قبل المباراة المهمة.
ووصفت الصحيفة الواقعة بأنها "خرق أمني صادم"، وأكدت أنه رغم عدم وجود مخاطر جدية، إلا أن هذا الحادث يثير العديد من الأسئلة حول كيفية حدوثه. وأوضح أحد المصادر: "كان الأمر مجرد مزحة من مشجع أراد فقط سماع ما كان يُقال داخل غرفة الملابس".
وأفادت الصحيفة أنها استمعت إلى التسجيلات التي كانت تحتوي على كلمات واضحة للمدرب واللاعبين، لكنها اختارت عدم نشر تفاصيلها. وذكرت أن المشجع استخدم هاتفًا من الصين يحتوي على خاصية تفعيل الميكروفون عن بعد، حيث ألصق الهاتف في مكان مخفي داخل غرفة الملابس.
المشجع عاد إلى الغرفة يوم الاثنين الماضي واستعاد الهاتف الذي تركه، مما يطرح تساؤلات حول الإجراءات الأمنية المتبعة في أحد أكبر أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.
*******************************************************
الصفحة العاشرة
تولياتي يحذر الحزب الشيوعي السوفييتي من الانفصال عن الحزب الشيوعي الصيني / يينس رينر*
ترجمة:حازم كويي
في تأريخنا المعاصر، عندما أشتدت الخلافات الأيديولوجية بين مركزي قيادة الحركة الشيوعية العالمية، حاول بالميرو تولياتي التوسط فكتب “مذكرة يالطا”.
ظل نص بالميرو تولياتي الأخير المنشور هذا بعد وفاته (مذكرة يالطا)، واحدا من أهم النصوص حتى بعد وفاته. فقد سافر الأمين العام للحزب الشيوعي الإيطالي (PCI) الى الاتحاد السوفيتي في صيف عام 1964 لتوضيح الاختلافات الإستراتيجية مع الحزب الشيوعي السوفييتي. المذكرة حول هذا الموضوع كانت مكتوبة قبل محادثة شخصية مع نيكيتا خروتشوف، السكرتير الأول للحزب الشيوعي آنذاك - لكن ذلك لم يحدث أبداً.
في 21 آب، بعد أيام قليلة من وصوله إلى شبه جزيرة القرم، توفي تولياتي بسبب نزيف في المخ بعد إصابته بسكتة دماغية عن عمر يناهز 71 عاماً. وقد تمت طباعة مذكرته في 5 أيلول في الصحيفة المركزية للحزب الشيوعي ألإيطالي L’Unità وفي صحيفة Rinascita الأسبوعية، وبقرار من خليفة تولياتي لويجي لونغو (1900 - 1980). وظهرت الترجمات في وقت واحد تقريباً في صحيفة لوموند الباريسية اليومية وفي صحيفة نويس دويتشلاند في برلين الشرقية.
ولم تُطبع في الاتحاد السوفييتي، على الرغم من أن المحتوى واللهجة لم تكن إستفزازية على الإطلاق، بل كانت نابعة من القلق على آفاق الحركة الشيوعية العالمية، وخاصة الصراع المتصاعد في ذلك الوقت بين أقوى قواها، الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي الصيني.
بدأ هذا النزاع في عام 1956 وتصاعد بعد أن كتبت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني رسالة مفتوحة إلى الرفاق الصينيين في مارس 1963، متضمنة عرضاً بإجراء مناقشة حول “كيف يمكن ضمان إنتصار الدول الاشتراكية في المنافسة السلمية مع الرأسمالية بسرعة أكبر وبشكل أفضل”. وردت اللجنة المركزية الصينية بإجمالي تسعة تعليقات يمكن أن تملأ الكتب. كان “الجدل حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية” وهي عبارة عن مجموعة من الانتقادات الحادة الموجهة إلى “التحريفية” السوفييتية و”الشيوعية الزائفة”، بما في ذلك الإهانات الشخصية.
وتعرضت القيادة السوفييتية للسخرية ووصفت بأنها “زمرة خروتشوف بقيادة مهرج”. ولمواجهة هذه الهجمات، خطط الحزب الشيوعي السوفييتي لعقد مؤتمر دولي للأحزاب الشيوعية.
لم يعتقد تولياتي أن هذه فكرة جيدة. وكان من الواضح أن الأحزاب الشيوعية الأخرى إلى جانب الصينيين سترفض أيضاً، ليتعمق الصدع وتصبح أي وساطة أكثر صعوبة، إن لم تكن مستحيلة، كما حذر تولياتي. وبعد توقفه في موسكو، حيث التقى ليونيد بريجنيف، الذي كان آنذاك الرجل الثاني في قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي، ولخص حججه كتابياً في يالطا.
وكما أكد في البداية، فإنه كان مهتماً بـ «الأسلوب الأفضل لمحاربة الأطروحات الصينية»، أثناء إدارة الجدل «بشكل واقعي ومقنع ودائماً مع احترام مُعين للخصم».
ومن وجهة نظره فإن الوضع العالمي المهدد يتطلب ذلك. كتب: “إن الولايات المتحدة تشكل الخطر الأكبر اليوم”. وبعد إغتيال جون كينيدي في تشرين الثاني 1963، شنت الجماعات الرجعية هناك هجوماً، وسعت إلى التحالف مع قوى مماثلة في أوروبا الغربية.
إضافة إلى ذلك، كان هناك خطر فوز المرشح الجمهوري باري غولدووتر في الانتخابات الرئاسية الأميركية التالية، و«الذي أدرج الحرب في برنامجه متحدثاً بلغة فاشية». لم يذكر تولياتي سوى الوتيرة المتزايدة للحرب الأمريكية في فيتنام الجنوبية، والتي كانت تمر كجزء من سياسة إمبريالية لـ “الاستعمار الجديد” كانت موجهة أيضاً ضد “الدول الفتية المستقلة في إفريقيا”.
كل هذا يتطلب “وحدة جميع القوى الاشتراكية في عمل مشترك ضد الجماعات الإمبريالية الأكثر رجعية، حتى رغم الاختلافات الأيديولوجية”.
ولا ينبغي طرد الرفاق الصينيين من هذه الجبهة الموحدة. ومن الضروري أيضاً أن تتعاون الأحزاب الشيوعية في المراكز الرأسمالية مع حركات التحرر في الدول المستعمرة والدول التي كانت مستعمرة سابقاً.
وعلى الصعيد الداخلي، يتعين على الشيوعيين أن يعتمدوا أيضاً على تحالفات واسعة، بما في ذلك مع “العالم الكاثوليكي المنظم”، حيث حدث “تحول كبير نحو اليسار” منذ عام 1958، مع بداية بابوية يوحنا الثالث والعشرين، وفقاً لتولياتي. وكانت “الدعاية الملحدة القديمة” عديمة الفائدة ضد الجماهير الكاثوليكية.
كان سلف تولياتي أنطونيو غرامشي (1891- 1937) قد أتخذ هذا الموقف بالفعل في عام 1917 عندما شن هجوماً ضد “المناهضة الغبية للإكليروسية” المنتشرة في اليسار الإيطالي، والتي وقفت في ذلك الوقت في طريق التحالف مع الشباب الكاثوليك المعارضين للحرب.
ولكن بعد ما يقرب من نصف قرن من الزمان، أصبح من الممكن تفسير إشارة تولياتي إلى “العالم الكاثوليكي المنظم” على نطاق أوسع كثيراً. وفي إيطاليا، بعد عام 1945، أصبح الحزب الديمقراطي المسيحي (DC) أفضل قوة منظمة للكاثوليكية السياسية.
ومع ذلك، فإن الحزب الشيوعي الإيطالي والحزب الديمقراطي المسيحي لم يصبحا أقرب إلا في السبعينيات في عهد الأمين العام إنريكو بيرلينغوير (1922 - 1984)، أحد مؤسسي الشيوعية الأوروبية.
من المشكوك فيه أن تكون سياسة بيرلينغوير القصيرة الأمد المتمثلة في “التسوية التاريخية” مع الديمقراطية المسيحية، والتي كانت في نهاية المطاف كارثية بالنسبة للحزب الشيوعي الإيطالي، تتوافق مع روح تولياتي و”مذكرته”.
ولم تتم مناقشة “مذكرة يالطا” بجدية في أي مكان، ولا حتى في إيطاليا. وكتب لوسيو ماغري (1932 – 2011)، عضو مجموعة Il Manifesto عام 1969 والمؤسس المشارك للصحيفة التي تحمل الاسم نفسه، في مذكراته التي يروي فيها “التاريخ المحتمل” للحزب الشيوعي الإيطالي: “عندما قرأت المذكرات مرة اخرى بعد وقت طويل، لاحظت ما هو فيها جديد حقاً.”. مالم يكن جديداً هو الألتزام بـ “الطريق الإيطالي نحو الأشتراكية” وتعددالمراكز للحركة الشيوعية العالمية .
وكان تولياتي قد أعلن بالفعل عن الأمرين في عام 1956، ولكن، بحسب ماغري، لم يحقق بعد “نتائج عظيمة”. ومع ذلك، فقد كان هناك شك في “الطريقة الإيطالية” في كل من موسكو وبكين، كونها قريبة للغاية من الديمقراطية الاجتماعية.
بالنسبة إلى ماغري، كان الجديد في نص تولياتي الأخير هو “التحذير بعيد النظر”: “إنه من بين كل الناس، الذي كان هدفاً للجدل المباشر والفج من الصين لسنوات، أراد أن يقول لموسكو: كن حذراً!” وأن الحزب الشيوعي الإيطالي أراد مناقشة ذلك، بعد وفاته المفاجئة.
“لكن رفاقه الإيطاليين لم يفهموه أيضاً، على الرغم من أنهم نشروا هذا النص على الفور، فهل كان هذا أيضاً بسبب “البيان” نفسه؟”، والذي كانت بالنسبة لماغري بمثابة “رسالة في زجاجة” ألقيت في البحر؟ والصورة مأخوذة من ثيودور دبليو أدورنو وماكس هوركهايمر.
فهو يصف الرسالة بأنها غير موجهة لشخص محدد، ولكن إلى مرسل مُحتمل في المستقبل. تولياتي لم يكن فيلسوفاً، بل كان سياسياً، وباعتباره زعيم واحد من أقوى الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية، كان معتاداً على الإدلاء بتصريحات واضحة، إن لم يكن حتى إعطاء توجيهات ملزمة.
وربما طغى على حزبه لأنه جادل بطريقتين. فبينما رفض من ناحية “الحملة المخزية والفاسقة” التي قام بها الصينيون، توقع في الوقت نفسه أن يتغلب الاتحاد السوفييتي على “نظام تقييد وقمع الحريات الديمقراطية والشخصية” في جميع المجالات. سيكون من “المفيد في بعض الحالات” لو جرت مناقشات مفتوحة أيضاً في البلدان الاشتراكية “التي شارك فيها قادتهم”.
لسوء الحظ - هذا ما يقوله الشرط المستخدم عمداً - من وجهة نظره، لم تكن هذه المناقشات موجودة أو لم تكن موجودة إلى حد كافٍ، ولا حتى في الوطن الأم لجميع العمال. وعلى الرغم من النية الطيبة، التي تكاد تكون خاضعة ــ “مفيدة في بعض الحالات” ــ فقد كانت شجاعة.
قد تكون رفيقة لوسيو ماغري السياسية روسانا روساندا (1924 - 2020) هي الأقرب إلى الحقيقة بتفسيرها لنية تولياتي. وباعتبارها واحدة من النساء القلائل جداً في المناصب القيادية في الحزب الشيوعي الإيطالي، والتي يدعمها (ويسيطر عليها) تولياتي شخصياً، فقد كانت على إتصال متكرر به وبالتالي كانت لديها نظرة ثاقبة على طريقة تفكيره. كتبت روساندا في سيرتها الذاتية “إبنة القرن العشرين” أن تولياتي “استمتع برمي العصا بين أرجل الحزب “. لم يكن يريد إقناع خروتشوف، بل أراد فقط إظهار بعده عن مركز السلطة في موسكو.
يبدو من المشكوك فيه أن تولياتي أراد أن يترك إرثاً واعياً للأجيال القادمة من خلال “مذكرة يالطا”. خاصة وأنه يقترح في النهاية أن هناك بالتأكيد الكثير مما يمكن قوله عن “الوضع الإيطالي”. ولكن من الأفضل أن يتم الاحتفاظ بهذا “للتفسيرات الشفهية” اللاحقة. لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
ــــــــــــــــــــــــــــ
يينس رينر*: هو مدرس وصحفي مؤهل. شارك في الصحافة الإيطالية لسنوات عديدة، يكتب في عدة صحف ألمانية، في التحليل والنقد، من منشوراته :العودة الى الحياة الطبيعية الأوربية، اليسار في أيطاليا، قضية برلسكوني، السياسة اليمينية والدكتاتورية.
عن: صحيفة (فرايتاغ) الألمانية – 31 آب 2024
********************************************************
في رحيل فريدريك جيمسون: مفكّك ثقافة الرأسمالية
أسامة إسبر
رحل الناقد الأدبي والفيلسوف الأميركي فريدريك جيمسون في الثاني والعشرين من شهر أيلول الجاري، عن عمر يناهز التسعين عاماً، لتعلن وفاته نهاية حقبة في نظرية النقد، وتترك فراغاً عميقاً في المشهد الفكري. وقد عانى جيمسون المرض لعدة سنوات، وواجه العديد من المشكلات الصحية المختلفة التي حالت مؤخراً دون ظهوره في الأجواء العامة، إلا أنه واصل الكتابة وإلهام الآخرين، مساهماً في النقاش حول الثقافة والرأسمالية والأيديولوجيا حتى النّفَس الأخير، حيث قضى يوم الأحد الأخير في حياته بمنزله في كيلينغورث بولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة الأميركية، وأذاعت ابنته شارلوت نبأ وفاته في بيان من دون أن تذكر السبب بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
تعدى تأثير جيمسون الفكري الأوساط الأكاديمية، وعدّه المفكر الراحل إدوارد سعيد رائداً في دراسة الثقافة والإمبريالية والعلاقة بين الإنتاج الثقافي والأوضاع الاقتصادية.
ففي حوار نُشر عام 1969 في “نيويورك تايمز” بعنوان “حديث مع إدوارد سعيد”، أشار سعيد إلى أن كتابات جيمسون أساسية لفهم كيفية عمل الثقافة ضمن أطر السلطة والأيديولوجيا، وأن لديه قدرة فكرية استثنائية على شرح تعقيدات الهويّة والتمثيل في سياق ما بعد الحداثة.
تحدى جيمسون الأسس التي كان يتم فهم الفن والأدب والمجتمع في ضوئها، وسعى في كتاباته إلى فك شيفرة تعقيدات الرأسمالية وتأثيرها الطاغي على الوعي البشري.
وانخرط طوال ستة عقود في دراسة مواضيع متعددة، بينها النظرية الماركسية وما بعد الحداثة وفن العمارة والثقافة الشعبية، مركّزاً على البنى الأيديولوجية التي تكمن خلفها.
ووجّه في تحليله لثقافة ما بعد الحداثة نقداً قاسياً إلى الطرق التي تسلّع بها الرأسمالية المتأخرة الفنون وتشوه وعينا الجمعي.
وكان جيمسون يؤمن بالقوة التحويلية للنقد، وبأن الأدب والفن قادران على تحدي الوضع القائم وإلهام التغيير. وانتقد السطحية وغياب العمق في الثقافة الحديثة التي تعمل على تسويقها في العالم قوى العولمة التي لا تريد للبشر أن يفهموا، بل أن يستهلكوا فقط من دون تفكير، وأن يتم تلقينهم المعلومات المطلوبة عن كل شيء، وتؤكد هذه القوى هذا الأمر وهي تردد: إن عقول البشر وبطونهم مُلك لنا، نحن أصحاب الشركات والمصالح الكبرى ونملؤهما بما نشاء. لكن هذه اللعبة لم تنطلِ على جيمسون، ففي عقر دار الرأسمالية وجّه سهام بحثه النظري لاختراق الثقافة السطحية المعمّمة وتأكيد رؤية الأمور في سياقها التاريخي.
ولد فريدريك جيمسون في الرابع عشر من نيسان عام 1934، في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو، ودرس في “جامعة شيكاغو” حيث اطلع على تيارات فكرية مختلفة كالماركسية والبنيوية وما بعد البنيوية، ثم نال لاحقاً شهادة الدكتوراه من “جامعة كاليفورنيا”، بيركلي. وعكف أثناء حياته الأكاديمية على دراسة كتابات كارل ماركس وسيغموند فرويد والمنظّرين الفرنسيين المختلفين خاصة ميشيل فوكو وجاك ديريدا. وألّف أثناء مسيرته الفكرية أكثر من ثلاثين كتاباً وعدداً كبيراً من المقالات. وقد تُرجمت بعض كتبه إلى معظم اللغات وبينها العربية، إلّا أن ترجمته إلى العربية لم ترافقها دراسات محلية تستضيء بأفكاره في السياق العربي وتتناول على وجه الخصوص التغيرات التي طرأت على الثقافات والأديان المحلية العربية نتيجة تأثير العولمة والتحولات المتسارعة في العالم، من ثم لم يُدرس جيمسون عربياً، أي لا توجد قراءة عربية خاصة وعميقة له، وأعتقد أن من محن الترجمة الفكرية إلى العربية هي أن كتب المفكّرين الكبار تصبح بعد أن تُترجم معزولة وحكراً على النخبة. وما يفقد الترجمة قيمتها هي أنها تتم في جو من التبعية الفكرية، ما يمنعها من أن تشكل منطلقاً لدراسة الآخر من منظار الخصوصية المحلية التي تمنح الترجمة الفكرية قيمة جوهرية.
صدر كتاب جيمسون “ما بعد الحداثة: أو المنطق الثقافي للرأسمالية المتأخرة” في 1991، وتُرجم إلى العربية. وكما هو واضح من العنوان، يتناول فيه خصائص ثقافة ما بعد الحداثة وعلاقتها بالرأسمالية المتأخرة. ويرى في هذا الكتاب أن ما بعد الحداثة تمثل حقبة ثقافية جديدة تعكس تغيرات جاء بها الطور اللاحق من الرأسمالية. ويشير جيمسون، بانياً على أفكار الفيلسوف الفرنسي جان بودريارد، إلى أنه يصعب التمييز بين الواقع والتمثيل في العالم ما بعد الحداثي، الأمر الذي يقود إلى ثقافة تهيمن عليها الصور والعلامات بدلاً من التجربة المباشرة.
قبل ذلك كان جيمسون قد ألّف كتاباً آخر مهماً صدر عام 1988 بعنوان “أيديولوجيات النظرية” يضم مجموعة مقالات حلّل فيها العلاقة بين النظرية والأيديولوجيا وأكد فيه أن الأطر النظرية لا يمكن أن تكون محايدة، وتتأثر دوماً بالبنى الأيديولوجية ولهذا كان السياق التاريخي مهماً لفِهم التطورات في حقل النظرية.
درَس جيمسون تأثير العولمة المدمّر على الثقافات المحلية، وتحدث عن نزوع فيها إلى فرض التجانس أو التماثل الثقافي، ذلك أن الرأسمالية العالمية تفرض، عن طريق تمددها وانتشارها، مجموعة معايير وقيم ثقافية متماثلة. وتتجلى هذه العملية في نشر ثقافة الاستهلاك، التي تحل فيها العلامات التجارية ووسائل الإعلام العالمية محل العادات والممارسات المحلية. وتقوم الشركات المتعددة الجنسيات ووسائل الإعلام الغربية المهيمنة بخلق سيناريو يهدد الثقافات المحلية بخطر فقدان تميزها واختلافها، ينتج عن هذا ما يسميه جيمسون “غياب العمق” في التعبير الثقافي.
ففي عالم معولم، تُجرّد المنتجات الثقافية من سياقاتها ومعانيها التاريخية، وتتمخض عن ذلك هيمنة ثقافة سطحية. ويؤدي هذا إلى قطع صلة الأفراد بتراثهم الثقافي، وينتقل التركيز من سرديات هادفة ومتأصلة في سياق تاريخي إلى صور عابرة وتجارب مُسلَّعة، الأمر الذي يؤدي إلى شعور بالاغتراب والانفصال بين الأفراد. ومن هنا يؤكد جيمسون ضرورة أن تطور الثقافات المحلية آليات مقاومة للحفاظ على خصوصيتها، أو أن تبدع أشكالا جديدة قائمة على إدماج العناصر المختلفة أو التهجين.
ولعل نقد جيمسون لهندسة عمارة الفنادق الفخمة يرتبط جوهرياً بنقده للأيديولوجيا الرأسمالية التي تعكس قيم الاستهلاك. فالفنادق المترفة، على غرار “الميريديان” و”الشيراتون” و”الفصول الأربعة” والفنادق الأخرى التي تضيء ليل العواصم العربية والعالمية، تخدم بوصفها عوالم صغيرة للأيديولوجيا الرأسمالية وتعكس قِيم الاستهلاك والإقصاء والتسليع. كما أنها تجسد الهرمية الاجتماعية وتعززها، وتؤكد، بهندسة عمارتها وتصميمها، الفروق الاقتصادية والطبقية. فالفنادق، كما يراها جيمسون، ليست أمكنة وظيفية فحسب، بل نصوص ثقافية تعبّر عن المعاني والأيديولوجيات. ويساعدنا تحليل التصميم المعماري للفندق في فهم كيف تصوغ هذه الأمكنة التجارب والتفاعلات.
وهذا بدوره يؤكد الدلالة الثقافية لهندسة العمارة في المجتمع المعاصر. ذلك أن الفنادق الفخمة تجسد خصائص جماليات ما بعد الحداثة، كمثل المزج بين الزخارف المختلفة، وجاذبية السطح، والانتقائية.
وداخل هذه الأمكنة تتحول الضيافة وأوقات اللهو والفراغ إلى منتجات للتسويق تعكس تغيراً في القيم الثقافية يشجّع على الاستهلاك بدلاً من الانخراط والتفاعل الحقيقي. وهذا يسوّق لتجربة جمالية مغلقة ومسلّعة تخدم مستهلكين أثرياء ينشدون المتعة والهرب وتقصي المشاركة الاجتماعية الأوسع.
ثم إن الفنادق الفخمة بوصفها أمكنة تعكس قيم المجتمع الرأسمالي وتُسوّقها.
ركز جيمسون في كتاباته المتأخرة على تحليل العولمة والإمبريالية وتأثير التكنولوجيا على الثقافة. ودرس الحرب في سياق ما بعد الحداثة، وعدّها انعكاساً لصراعات أيديولوجية أعمق داخل النظام الاجتماعي، تكشف عن التوترات بين الطبقات والجماعات المختلفة.
كما تحدث عن حروب التحرير وكيف يمكن أن يُساء فهمها عبر التمثيل والتغطية الإعلامية، ويتم تحويل أحداث الحروب إلى سلعة للتسويق من دون اكتراث بالعواقب الحقيقية للحرب.
لهذا دعا إلى التسلح بالفكر النقدي لفهم الصراعات في سياقها التاريخي.
تجسد مسيرة جيمسون مفكراً طوّر النظرية النقدية في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين.
ومنذ تركيزه في بداية حياته الفكرية على اللاوعي السياسي إلى تفكيكه اللّاحق لما بعد الحداثة وتأثيرات العولمة على الساحة الدولية، بنى جيمسون مشهد النقد الأدبي والثقافي الذي يواصل فيه المفكرون مقاربة تعقيدات الثقافة في عالم سريع التغير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شاعر وكاتب سوري مقيم في الولايات المتحدة
“العربي الجديد” – 30- أيلول 2024
********************************************************
الصفحة الحادية عشر
الروائية الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل 2024
فازت الروائية الكورية الجنوبية هان كانغ (53) سنة بجائزة نوبل لهذا العام 2024. وكانت روايتها “النباتية” التي ترجمها عن الكورية محمود عبد الغفار فازت بجائزة مان بوكر الدولية في 2016.
رواياتها الـ (18) تكشف عن هشاشة الحياة البشرية وتتميز بأسلوب شعري مكثف يواجه الصدمات التاريخية؛ بحسب لجنة التحكيم.
وقد تحولت “النباتية” الى فلم سينمائي من اخراج ليم ووسونغ، واعدت قصتها القصيرة “طفل بوذا” فلماً بعنوان “ندوب”. من اعمالها ايضاً (دروس اغريقية/ و / عشق يوسو/ و / يداك الباردتان/ و / أفعال بشرية/ و /الكتاب الأبيض/.
****************************************************
بحّاثة الذكاء الاصطناعي يفوزون بجوائز نوبل
متابعة: طريق الشعب
فاز رائدا الذكاء الاصطناعي جون هوبفيلد وجيفري هينتون بجائزة نوبل للفيزياء لهذا العام؛ عمل الأول على ما يعرف بالذاكرة الارتباطية التي تتمكن من تخزين الصور وإعادة بنائها، والثاني لوضعه أسس التعلم الآلي.
لقد أثارت التكنولوجيا الناشئة التي عمل عليها الثنائي جون هوبفيلد وجيفري هينتون، والتي تم الإشادة بها لإمكاناتها الثورية في مجالات تتراوح من الاكتشافات العلمية المتطورة إلى الإدارة الأكثر كفاءة، مخاوف من أن الذكاء الاصطناعي سيتفوق على البشرية قريبًا في المنافسة من خلال ابتكارها الخاص.
تم اعتبار هينتون على نطاق واسع عرابًا للذكاء الاصطناعي وتصدر عناوين الأخبار عندما استقال من وظيفته في شركة جوجل حيث فتح علامة تبويب جديدة العام الماضي ليكون قادرًا على التحدث بسهولة أكبر عن مخاطر التكنولوجيا التي كان رائدها.
قال هينتون عبر الهاتف في المؤتمر الصحفي لجائزة نوبل، متحدثًا من فندق في كاليفورنيا: “سيكون (استخدام الذكاء الاصطناعي) أمرا رائعًا في كثير من النواحي، في مجالات مثل الرعاية الصحية. لكن يتعين علينا أيضًا أن نقلق بشأن عدد من العواقب السيئة المحتملة. وخاصة التهديد بخروج هذه الأشياء عن السيطرة”.
أما هوبفيلد، 91 عامًا، الأستاذ الفخري بجامعة برينستون، والذي أنشأ ذاكرة ارتباطية يمكنها تخزين وإعادة بناء الصور وأنواع أخرى من الأنماط في البيانات فقال “عندما تحصل على أنظمة غنية بالتعقيد والحجم بما يكفي، يمكن أن يكون لها خصائص لا يمكنك استنتاجها من الجسيمات الأولية التي وضعتها فيها. عليك أن تقول إن هذا النظام يحتوي على بعض الفيزياء الجديدة”.
كما ردد مخاوف هينتون، قائلاً إن هناك شيئًا مزعجًا بشأن الإمكانات والحدود غير المعروفة للذكاء الاصطناعي مبينا “لقد اعتدنا على امتلاك تقنيات ليست جيدة أو سيئة فحسب، بل لديها قدرات في كلا الاتجاهين”.
أما الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم فإنها منحت الجائزة للرجلين لأنهما استخدما “أدوات من الفيزياء لتطوير أساليب تشكل أساس التعلم الآلي القوي اليوم” الذي “يُحدث ثورة في العلوم والهندسة والحياة اليومية”.
إن هينتون، المولود في بريطانيا والبالغ من العمر 76 عامًا، والذي يعمل الآن أستاذًا فخريًا في جامعة تورنتو، اخترع طريقة يمكنها العثور بشكل مستقل على خصائص في البيانات وتنفيذ مهام مثل تحديد عناصر معينة في الصور.
“أفكار نابعة من الآلات”
عند السؤال عن المخاوف المحيطة بالتعلم الآلي وأشكال أخرى من الذكاء الاصطناعي، قالت إلين مونز، رئيسة لجنة نوبل للفيزياء: “في حين أن التعلم الآلي له فوائد هائلة، فإن تطوره السريع أثار أيضًا مخاوف بشأن مستقبلنا. يتحمل البشر بشكل جماعي مسؤولية استخدام هذه التكنولوجيا الجديدة بطريقة آمنة وأخلاقية، من أجل أعظم فائدة للبشرية”.
بخلاف الخيارات المثيرة للجدل أحيانًا للسلام والأدب، غالبًا ما تشكل الفيزياء أكبر ضجة بين الجوائز، حيث تضم قائمة الفائزين السابقين نجومًا علميين مثل ألبرت أينشتاين ونيلز بور وإنريكو فيرمي.
أما جائزة نوبل في الكيمياء فقد منحت إلى ديميس هاسابيس وجون جامبر، وديفيد بيكر لاستخدامهم التعلم الآلي لمعالجة أحد أكبر تحديات علم الأحياء: التنبؤ بالشكل الثلاثي الأبعاد للبروتينات وتصميمها من الصفر.
برزت جائزة هذا العام لأنها كرمت الأبحاث التي نشأت في شركة ديب مايند (DeepMind)، وهي شركة ناشئة لأبحاث الذكاء الاصطناعي استحوذت عليها كوكل في عام 2014. ذهبت معظم جوائز نوبل السابقة في الكيمياء إلى باحثين في الأوساط الأكاديمية.
ذهب العديد من الحائزين على الجائزة إلى تأسيس شركات ناشئة لتوسيع وتسويق أعمالهم الرائدة - على سبيل المثال، تقنية تحرير الجينات CRISPR والنقاط الكونتمية - لكن البحوث، من البداية إلى النهاية، لم تتم في الشركات التجارية.
على الرغم من أن جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء تُمنح بشكل منفصل، إلا أن هناك ارتباطًا رائعًا بين الأبحاث الفائزة في تلك المجالات في عام 2024.
وتؤكد جوائز نوبل لعام 2024 على أهمية هذا النوع من الذكاء الاصطناعي وكيف يتجاوز العلم اليوم الحدود التقليدية غالبًا، ويمزج بين مجالات مختلفة لتحقيق نتائج رائدة.
*********************************************************
(ألوان العار) ومقاومة الخراب
عبد المطلب عبد الواحد
عنوان رواية الراحل ألبير قصيرى (1913 ـ 2008م)، الروائي والكاتب الذي ولد في مصر وعاش في باريس وكتب بالفرنسية، وعبر في مجمل أعماله الأدبية والفكرية عن حبه لمصر، وعن معاناة وهموم الشعب المصري.
شخصيات رواية “ألوان العار” ترمز إلى الحالة الاجتماعية التي آلت اليها مصر بعد ما سمي بمرحلة الانفتاح، والصادرة عن الدار القومية في 2011، يتناول فيها بلغة وحبكة جميلة التدهور السياسي والاقتصادي والبيئي، والثقافي والأخلاقي، وتشوه القيم المجتمعية، ومحنة المواطن العادي في بحثه الدائب لمقاومة الخراب المتراكم المعجون بشتى ألوان العار، ولو من خلال سلاح السخرية والنكتة، اللتين يبدعهما الوعي الجمعي للفئات الشعبية كشكل من اشكال الرفض والتحدي عند استعصاء الأزمات.
وبالنظر إلى أن التجربة السياسية في العراق التي تأسست بعد 2003 على أنقاض عار الدكتاتورية البغيض، هذه التجربة الديمقراطية شكلا، والمبنية على المحاصصة الاثنية والطائفية مضمونا، قد تفننت في تطوير مديات العار عبر العشرين عاما الماضية، مرتدية اثواب العفة المهلهلة التي لم تعد تستر عوراتها دون ذرة حياء، ولا مسحة وجل من احتمالات بطش تفجر التفاعلات في مرجل التاريخ المؤجل إلى حين، ماضية بالمجتمع نحو بئر عميق من اشد ألوان العار قبحا.
“ تتنوع ألوان العار وتتعدد أوجهه باختلاف الزمان والمكان، خيانة الوطن عار، الفرار من الجندية عار، القتل عار، ممارسة البغاء عار، السرقة عار، كلها جرائم أخلاقية مشينة وبغيضة وحقيرة تنال من شرف الانسان ومن سمعته أمام القانون وأمام الرأي العام.
في هذه الرواية يسلط البير قصيرى على “ألوان العار” التي اجتاحت ارض الكنانة في عصر الانفتاح، والتي تركزت في شره تكديس الثروات بأساليب ملتوية، والذي جعل اللصوصية غير مقصورة على النشالين، هؤلاء اللصوص غير القانونيين، بل امتدت لتشمل رجال الأعمال والأغنياء وصيارفة البنوك الذين يصفهم الكاتب باللصوص القانونيين.
ترسم الرواية صورة الانهيار والانحدار والفوضى في شوارع القاهرة مع روح الفكاهة التي تكفل وحدها لأهلها بقاءهم على قيد الحياة وهم محتفظون بكرامتهم. خلفية تبرز عليها عدة شخصيات منهم أسامة النشال المؤمن بضرورة إسهامه في إعادة التوزيع العادل للثروات، وكرم الله الذي يعيش في المقابر إلى جانب آلاف غيره اتخذوا منها ملاذا لعدم مقدرتهم على حل مشكلة السكن.”
اما نحن فإن مشكلاتنا بنيوية عميقة الجذور، وأن عارنا كما ونوعا يفوق حدود التصور، واللصوصية في بلاد الرافدين ليست قانونية فحسب، واللصوص ليسوا أفرادا، انهم يتربعون على عرش أهم مؤسسات السلطة، واللصوصية مؤسسة متماسكة تتحكم بمفاتيح القرار في قلب الدولة العميقة.
والمفارقة الهامة أن مرحلة الانفتاح المصرية أطلقت العنان للتدين السياسي والعنف السياسي على أوسع نطاق، لاشاعة الخوف ولتكميم الافواه، ولمصادرة الحقوق والحريات، والتضييق على نشاط القوى الديمقراطية والعلمانية واليسارية، والعمل بكل الوسائل الممكنة للحد من تواصلها مع الجمهور. تماما كما تزامنت محاولات إشاعة الديمقراطية في العراق بعد 2003 مع ركوب أحزاب الإسلام السياسي على مفاصل السلطة كافة وتوظيفها في الاحتراب الطائفي وتمزيق اللحمة المجتمعية وإشاعة التخلف، والهيمنة على موارد الدولة وابتلاعها لصالح قيادات وشخصيات سياسية مازالت تدعي انها تمثل الإرادة الشعبية رغم عزلتها عن جمهورها وافتضاح زيفها، وعمق الازمات والاختناقات في الاقتصاد والمجتمع والثقافة وكافة مناحي الحياة، وهشاشة الدولة التي يرزح المواطن المقهور في ظلها حتى اللحظة الحاضرة.
*******************************************************
قصص قصيرة جدا
كريم الفارس
- استوب
حين تعدت درجة الحرارة حدود (51 ) قرر ان يغادر مدينته المحاطة بالحرائق والدخان، وهو محمل بافكار عن كتابة رواية ربما تحمل عنوان : المدينة المنكوبة او استغاثة كائنات من كوكب الارض. عندما وصل الى المنفذ الحدودي ، سلم جوازه الى موظف المنفذ فصرخ بوجهه:
-استوب
-استوب
بقي واقفا ينتظر ذلك الموظف المغرور كي يفك شفرة الجواز ، انتهت العملية البطولية ! سار نحو المنفذ المقابل ، وجال بفكره حول ذلك الموظف المتغرطس الذي يرمي الجواز بوجهه كل مرة، لكن القدر هذه كان يخطط لصالحه ، فلم يجد ذلك الموظف الذي كان يقدم له الضيافة على طريقته الخاصة ! ووجد بدلا عنه سيدة رقيقة محتشمة، احتار ان يصف ملامحها واخذ يتمتم مع نفسه:
- تشبه من ؟
ثم صاح بأعلى صوته :
-تشبه ( س.م ) انها هي...
- في باب المعظم
عرفته منذ زمن ليس بالقصير ، مازال ينوء بحمل خسائره ، يجوب المدينة الغنية بالذكريات ، وكأنها منجم للانسانية لم تكتشف عناصره باهظة الثمن ...
لم اتوقف في البحث عنه ، انهكتني المسافات والطرق غير المعبدة بالاخلاق ....
يبدو ان القدر لاول مرة ،انصفني حيث وجدته تائه يقرأ في وجوه المارة، سألته اين كنت :
-ابحث عن ديواني غير المطبوع ، الذي فقدته في باب المعظم....
- مكاشفة
كان يحاول اقناعها ان تتوقف عن التلاعب بأزرار البرمجة واعدادات المشاعر ومجسات الاحساس .استمر ٧ ساعات على ذلك التأرجح بين الاستثارة والانطفاء ، حتى ان الشمس احتجت على الذي جرى وانسحبت من الجدال ..
عاد الليل محتفيا بقدومه ، اما هي فقد قالت له :
-روح . روح عد حبات المطر
عد البشر
روح وتعالى ..
************************************************
خوان غابرييل فاسكيز: رواية ما بعد ماركيز
ترجمة: جودت جالي
إن خوان غابريل فاسكيز واحد من أكثر الروائيين المؤثرين اليوم في أميركا اللاتينية. إنه منارة لجيل من المؤلفين الكولومبيين الذين يكافحون للتخلص من تأثير ماركيز. هو الآن في التاسعة والأربعين وقد أصدر عددا من الكتب يُعد كتاب (استذكارية) ذروتها، ولحسن الحظ أن لغته غير معقدة وهو ما سهل ترجمته الى الإنكليزية، مثل كتابه الاستعادي السابق. كان فاسكيز مهتما بشكل خاص خلال عمله الإبداعي بالعلاقات العائلية المنهارة وأثر العنف السياسي الماضي على الحاضر، وكلا الموضوعين مركزيان في الكتاب وفي بنيته السردية، والأحداث يجري سردها بتسلسل عكسي، معقدة فهمنا لأحداث الماضي. نحن نقرأ عن سلسلة أحداث جرت في حياة الشخصيات، ولكننا نبدأ بفهمها فقط عندما نقرأ فيما بعد عن الحدث السابق لها، وبينما نعود الى الوراء زمنيا يزداد فهمنا، ما يثير دهشتنا، لأنه يصبح واضحا لنا أن ماضي الشخصيات مختلف كليا عما تخيلناه أولا.
في بداية الرواية كان صانع الأفلام الكولومبي سيرجي كابريرا في برشلونة لعرض أفلام “استذكارية” له. هو الآن في لشبونة يزور سيلفيا، زوجته البرتغالية المنفية، وآماليا ابنته التي لم يرها لزمن طويل. علم وهو في لشبونة بأن أباه فاوستو، وهو ممثل، قد توفي. قرر بشكل غير مفهوم أن لا يعود ليحضر التشييع ما أوحى بأن علاقته بوالده ليست أفضل من علاقته بزوجته. تكتشف الأشياء حين نكتشف قبل سفره الى برشلونة ببضعة أيام أنه صوّت في العام 2016 على اتفاقية معاهدة السلام بين الحكومة ومنظمة فارك، وكان تصويته بنعم غير أن غالبية الكولومبيين رفضوها. هذا يلقي الضوء على استقبال الجمهور غير الموحد لفيلمه عن حرب العصابات، وعندها نعرف بأن كابريرا كان عنصرا من عناصرها، مع أبيه وشقيقته ماريانيلا، وأن كابريرا وماريانيلا قضيا معظم طفولتهما في الصين الماوية حيث تلقيا تدريبا عسكريا. كما نعرف أنه وشقيقته وأمهما لوز إيلينا وفاوستو كلهم ماويون منتمون ومستعدون للتضحية بحياتهم من أجل الثورة. نعلم كذلك بيوميات ماريانيلا التي كتبتها في الصين : “ آه يا أيها الرئيس المحبوب ماو! إنك حقا الأكثر احمرارا من احمرار شمس قلبي!! أنا مصممة على إطاعة كلماتك دائما! مصممة على أخذ آيديولوجيتك الى كولومبيا... يمكنني ذلك دون أمي وأبي، ولكنني لا أستطيع دون آيديولوجيتك”. دخلت عائلة كابريرا معترك الكفاح المسلح حيث أخلاقيات رجال العصابات ليست هي كما كان متوقعا فعدلت الى عيش حياة هادئة مكرسة لميول أفرادها الفنية. غير أن الحماس الماوي لم يكن سهلا كبته على الشبيبة التي التحقت في أميركا اللاتينية بحركات حرب العصابات في الستينيات.
يلقي (استذكارية) الضوء على هذا الحماس الآيديولوجي أحادي التفكير. إن أكثر القراء الكولومبيين يعلمون، بعكس القراء الأجانب، بأن آل كابريرا عائلة شهيرة في كولومبيا، والكتاب في الحقيقية سيرة أدبية للحياة الواقعية لثلاثة أجيال من هذه العائلة بدءا من والد فاوستو، وهو جمهوري اسباني هاجر الى كولومبيا بعد الحرب الأهلية الإسبانية، كما نرى في الكتاب صورا فوتوغرافية للعائلة عليها آثار القِدم ومن بينها صورة لسيرجيو بوصفه مخرج افلام في حياته الحقيقية، وعبارة مقتبسة من فورد مادوكس فورد عن كونراد يقول فيها بأن “ الرواية يجب أن تكون سيرة ذاتية لإنسان أو قضية، والسيرة الذاتية عن إنسان أو قضية يجب أن تكون رواية”. غير أن القارئ العالم وحده سيدرك تماما أن (استذكارية) هي الإثنتان، سيرة ورواية.
إن فاسكيز شديد الاعجاب بكونراد. إحدى رواياته (التاريخ السري لكوستاغوانا) 2007 هو إعادة كتابة ﻟـ (نوسترومو) (رواية لكونراد)، وهو كذلك معجب بخورخه لويس بورخس والخط الرقيق بين الرواية والسيرة في (استذكارية) هو بورخسي تماما، وبرغم أن بورخس لم يتنازل أبدا ويقرأ رواية أميركية لاتينية فإن هذه الرواية كانت ستكون بالتأكيد مسلية له. سيجد القارئ لقاءات على الانترنيت (أون لاين) مع سيرجيو وماريانيلا وحتى الراحل فاوستو، وفي هذه اللقاءات يناقش سيرجيو وماريانيلا رواية فاسكيز بمرح معبرين عن استحسانهما التام لأمانته في الحديث عن حياتهما وتصرح ماريانيلا بأنها بكت خلال قراءتها لها مشيرة الى أن سرد فاسكيز الجلي ساعدها على أن تفهم معنى حياتهما. كذلك سيجد أفلام كابريرا على الأنترنيت. تم تعيين كابريرا مؤخرا سفيرا لكولومبيا في الصين، وهكذا يبدو أن على فاسكيز كتابة تتمة للرواية.
Tls November 4, 2022 David Gallagher,
*****************************************************
تِشْرينُ يَغْسِلُ الأحْزانْ
عادل الياسري
وَجْهٌ لِبَغْدادَ تَغْسِلُهُ الأغْنِياتُ
المَرايا لَها مَطَرٌ
عَلى رَذاذِهِ الأطفالُ يَرْقِصونْ
البَساتينُ ..،
عَلى أشْجارِها الطَّيْرُ
تَرْسِمُ الأحْلامَ ألْواناً مِنَ الْضِحْكاتِ
جِسْرٌ عَلى النَّهْرِ
تَأتيهِ النَوارِسُ
جَماعاتٌ
جَماعاتْ
يَهْمي عَلى الناسِ قُدّاسَهُ
“ نُريدُ وَطَنْ “
يُرَدِّدُ النَّهْرُ
“نُريدُ وَطَنْ “
مَطَرُ السَماءِ حينَها يَصيح
يُحِبُّنا الوَطَنْ
نَعْشَقُهُ الوَطَنْ
تِشْرينُ يَندَهُنا
الغَزالاتُ في ألطُرُقاتِ
هَمْسُ الفُقَراءِ،
لَيْسَ مِنّا
مَنْ يَكْرَهُ الحُبَّ
مَنْ يُسْدِلُ العَباءَةَ السَّوْداءَ عَلى وَجْهِ الْصَباحْ
لَيْسَ مِنّا
مَنْ يَجْعَلُ الكَفَّ زِناداً
يَزْرَعُ الطَلقاتَ عَلى الأجْسادْ
*******************************************************
بيروت
كرم الاعرجي
بيروت والعصافير تخاف الشوارع
ودمع الحبيبات رصاص
بيروت في الاحداق غابه .
تكفر فيها الوحوش
والدماء قصاص
ياسيدة البحر الحزين
ياسفري في جديلة .
تخضبها الرياح والحرائق
متى تنقر الطيور الطليقة
وحدتها في قامة الارز.
وتفيق من وجع الدمار
خمس عقود
تلفعت بالمذابح
والعدو لايزال فوق صدرها
يذيب اللمعان
ولازالت تخبئ جمالها في غرف الحقائق
والاحقاد
من كل جانب تحيطها
هي غزالة الشرق
تركض الان في الفلوات وحيده
والقدس وحيده
ولامنقذ يسبق الريح
لجرف ما تكاثر من ارتال الغزاة
ولن يأت غودو
في ايما صباح
تلك الاياقين
تخرج من غرف حمراء
انهم يخططون
ويخلطون الابرياء
تحت سماء عاريه
لتغرق من جديد
هذي البلاد
بالجوع والدماء
والرحيل
مؤلم درب القوارير بلاسقف
متى
متى
تشعل فيروز فينا اغان (جديدة) للصباح؟
**********************************************************
الصفحة الثانية عشر
في منتدى بيتنا الثقافي استذكار انتفاضة تشرين
بغداد - طه رشيد
ضيّف منتدى بيتنا الثقافي امس السبت، وبمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق انتفاضة تشرين الباسلة، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حسين النجار، الذي تحدث في جلسة بعنوان "انتفاضة تشرين.. الأسباب والنتائج".
قدم النجار عرضاً تمهيدياً تحدث فيه عن الحركة الاجتماعية واشكالها، وتطرق الى الحركة الاحتجاجية وتعريفات الانتفاضة والثورة بشكل عام، مشيرا إلى أن انتفاضة تشرين انطلقت بصورة عفوية، وتحولت لاحقاً الى انتفاضة عارمة تحمل شعارات واهدافا سياسية.
وأشار الرفيق النجار الى ان وعي المتظاهرين المطلبي تحول إلى وعي سياسي، خاصة بالارتباط مع ظهور أفراد يمتلكون المليارات مقابل اكثرية محرومة ونقص حاد في الخدمات العامة، وهذا ما كان احد اهم اسباب تفجير الانتفاضة. وسعى المحاضر للابتعاد عن تاريخية الانتفاضة من اجل الغوص في اعماقها باعتبارها فعلا جمعيا. فالحركة الاجتماعية تعدُ محاولة مقصودة بهدف التدخل في عملية التغيير الاجتماعي، وترمي إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام الاجتماعي، وان الحركة الاحتجاجية جزء منها. ومن اشكالها الانتفاضة، وهي حركة احتجاج تنطلق بصورة عفوية لأسباب محددة، وهي تندلع بعد تحرك مفاجئ، بسبب خلل بنيوي في وظيفة الدولة. وحين تهب تعلن رغبتها الواضحة بالتغيير، ويمكن ان يرافقها عنف اجتماعي يدفع في النهاية بالانتفاضة من فعل مطلبي الى مطالب بالتغيير الشامل، وهو ما حصل في انتفاضة تشرين التي نحتفل بذكراها الخامسة.
وتحدث النجار عن ابرز أسباب اندلاع الانتفاضة التشرينية، وركز على تشويه صورة الديمقراطية لغرض السيطرة على المال العام من خلال السلطة. وتبعا لذلك حدثت تغيرات حقيقة في الجانب الاجتماعي، ونشأت اقلية حاكمة ثرية مقابل أكثرية محرومة، مع انتشار الفساد السياسي والأمني وما رافقه من سوء في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والمعيشية، فضلاً عن تردي الخدمات الصحية والتعليمية.
وعرض المتحدث جداول بيّن فيها نسب الفساد المستشري وحجم البطالة وانتشار العشوائيات وهدر المال العام وعدد الضحايا جراء الانفلات الأمني، مؤكداً ان العراق تحول الى بلد ريعي بامتياز، بسبب المحاصصة والفساد ونهج إدارة السلطة الفاشل.
كما استعرض مسحاً إحصائياً لعدد التظاهرات التي خرجت في العراق قبل وبعد 2011، كذلك تظاهرات 2015. ثم تحدث عن مواقف الحزب المنحازة الى الانتفاضة، وقال انه في احد أيام الانتفاضة تم نقل البيان الذي اصدره الحزب أثر انقطاع الانترنيت، وتم إيصاله إلى القنوات الفضائية في بغداد مشيا على الأقدام، بتحايل على القوات الأمنية بسبب حظر التجوال وقطع الانترنت!
وفي تلك المرحلة اتخذ الحزب مواقف جديدة، بينها استقالة الرفيق رائد فهمي والرفيقة هيفاء الأمين من عضوية البرلمان واعلانهما تبني ودعم الانتفاضة ورفض القمع المفرط من قبل السلطة واجهزتها المختلفة بحق المنتفضين!
واصبح الحزب الشيوعي العراقي وقتذاك اول حزب سياسي يطالب الحكومة بالاستقالة.
وتناولت الندوة نتائج الانتفاضة، والأسباب والعوامل التي دعت الى تشكيل أحزاب ناشئة، وهي في طور المساهمة في العملية السياسية. وعرّج النجار على بعض المواقف التي اتخذتها هذه الأحزاب، واكد أهمية توسع نشاطها الجماهيري في الأوساط الشعبية، كما اكد إمكانية بزوغ انتفاضة جديدة، ما دامت أسباب الانتفاضة التشرينية قائمة.
هذا وفتح بعد ذلك حوار مع الحاضرين، الذين أثنوا على ما قدمه المحاضر من قراءة سليمة لأسباب الانتفاضة ونتائجها.
************************************************
في متحف لندن صورة لأم غزيّة وطفلها الجريح تغطي لوحة لبيكاسو
متابعة – طريق الشعب
قام ناشطون بريطانيون مؤيدون للقضية الفلسطينية، بتغطية لوحة "الأمومة" لبابلو بيكاسو، والمعروضة في متحف لندن الوطني، بصورة لأم من قطاع غزة تحتضن طفلها الجريح.
ولصق ناشطان من مجموعة "يوذ ديماند"، الصورة على زجاج لوحة الفنان الإسباني، التي تعود إلى العام 1901، ثم سكبا طلاء أحمر على الأرض.
وفي بيان صحفي، قال المتحف أن الشرطة حضرت وألقت القبض على الناشطين، مضيفا أن اللوحة لم يلحق بها أي ضرر.
وأظهر مقطع فيديو الناشط جاي هالاي (23 عاما) والناشطة مونداي مالاكي روزنفيلد (21 عاما)، وهما يلصقان الصورة على الزجاج الواقي الذي يغطي لوحة بيكاسو. فيما هتف جاي اثناء قيام الحارس بدفعه إلى الخارج: "فلسطين حرة".
أما روزنفيلد، وبعد أن سكبت الطلاء الأحمر على الأرض، قام حارس آخر باستدعاء جهاز الاتصال اللاسلكي الخاص به، وطلب من الزائرين مغادرة المكان، لتكشف وهي جالسة على الأرض عن قميص مكتوب عليه "أوقفوا تسليح إسرائيل". وقالت: "المملكة المتحدة متواطئة في الإبادة الجماعية. تُستخدم الأسلحة التي يتم تصنيعها في المملكة لقتل الأطفال الفلسطينيين وأمهاتهم وعائلات بأكملها"، مضيفة قولها: "أنا أتخذ إجراءً لأنني كيهودية، أشعر أنه من واجبي أن أذكر بالإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة. أريد أن يعرف العالم أن ما يجري لا يمكن أن يكون باسم اليهود، وأريد أن أرى فلسطين حرة".
والصورة التي لصقها الناشطان على لوحة بيكاسو، من تصوير الصحفي الفلسطيني علي جاد الله. وتظهر فيها أم تبكي وهي تحتضن طفلها الملطخ بالدماء في مستشفى في غزة بعد غارة إسرائيلية.
****************************************************
يوميات
- يضيّف "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة، بعد غد الثلاثاء، المحامي صبيح عمر، ليلقي محاضرة بعنوان "قراءة جديدة للدستور العراقي".
تبدأ المحاضرة التي سيديرها المحامي سمير ياسر، في الساعة الخامسة والنصف عصرا على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة.
****************************************************
نادٍ للقراءة في اتحاد الأدباء العراقيين
متابعة – طريق الشعب
افتتح الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الخميس الماضي، ناديا للقراءة في "مكتبة الشاعر ألفريد سمعان" في مقره، وذلك بمشاركة مجموعة من المعنيّين بشأن الكتاب والمطالعة.
وفي مستهل جلسة افتتاح النادي الذي يتابع نشاطاته الشاعر حسين المخزومي، ألقى الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي كلمة أشار فيها إلى أهمية القراءة، وإلى مدى فاعلية وجود مكتبة عامة في مقر الاتحاد، تستقطب محبي الثقافة.
ودشّن النادي باكورة جلساته بمناقشة رواية "الحمامة" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند، والظروف والمنعطفات التي دعت الكاتب إلى تأليف هذا العمل الغرائبي بطابع رمزي معبر عن العزلة الذاتية أو المفروضة على الإنسان.
وذكر الاتحاد على صفحته في فيسبوك، أن النادي سيشهد قراءات جديدة للعديد من الكتب في حقول المسرح والشعر والرواية والقصة وغيرها من الأجناس الأدبية على المستوى العراقي والعربي والعالمي، مبينا أن أبواب النادي ستكون مفتوحة أمام الجميع للمشاركة في جلساته القادمة، وانه سيجري الإعلان عن الكتاب المستهدف للقراءة قبل الجلسة بفترة كافية، لمشاركة أكبر عدد ممكن من المهتمين.
**********************************************
اكتشاف أثري جديد في بابل
متابعة – طريق الشعب
أعلنت الهيئة العامة للآثار والتراث، أول أمس الجمعة، اكتشاف موقع لصناعة الزجاج والفخار يعود إلى العصر العباسي، في محافظة بابل.
وقالت الهيئة في بيان صحفي، أن البعثة التنقيبية العاملة في تل أم حمدان، اكتشفت بقايا وحدات بنائية يوجد في داخلها لُقى أثرية، إضافة إلى وحدات بنائية أخرى تحتوي على عدد كبير من التنانير بأحجام مختلفة، فضلا عن فرن لشي الفخار وآخر لصنع الزجاج.
وأشارت إلى أن هذه الوحدات تعود إلى فترة الحكم العباسي المتأخر، بالاستناد إلى اللُقى الأثرية المكتشفة والتي بلغ عددها 195 قطعة متنوعة، مؤكدة أنه تمت التوصية بتوثيق وصف اللُقى في "سجل المعاثر"، واستكمال عمليات الحفر وفق الأسس العلمية المتبعة لضمان توثيق شامل للموقع من خلال الرسم والتصوير.
************************************************
لقد قصدها يوما
عن "منشورات أحمد المالكي" للنشر والتوزيع في بغداد، صدرت أخيرا رواية بعنوان "لقد قصدها يوما"، للكاتب حسام آل زوين.
تقع الرواية في 336 صفحة من القطع المتوسط.
****************************************************
في متحف لندن صورة لأم غزيّة وطفلها الجريح تغطي لوحة لبيكاسو
متابعة – طريق الشعب
قام ناشطون بريطانيون مؤيدون للقضية الفلسطينية، بتغطية لوحة "الأمومة" لبابلو بيكاسو، والمعروضة في متحف لندن الوطني، بصورة لأم من قطاع غزة تحتضن طفلها الجريح.
ولصق ناشطان من مجموعة "يوذ ديماند"، الصورة على زجاج لوحة الفنان الإسباني، التي تعود إلى العام 1901، ثم سكبا طلاء أحمر على الأرض.
وفي بيان صحفي، قال المتحف أن الشرطة حضرت وألقت القبض على الناشطين، مضيفا أن اللوحة لم يلحق بها أي ضرر.
وأظهر مقطع فيديو الناشط جاي هالاي (23 عاما) والناشطة مونداي مالاكي روزنفيلد (21 عاما)، وهما يلصقان الصورة على الزجاج الواقي الذي يغطي لوحة بيكاسو. فيما هتف جاي اثناء قيام الحارس بدفعه إلى الخارج: "فلسطين حرة".
أما روزنفيلد، وبعد أن سكبت الطلاء الأحمر على الأرض، قام حارس آخر باستدعاء جهاز الاتصال اللاسلكي الخاص به، وطلب من الزائرين مغادرة المكان، لتكشف وهي جالسة على الأرض عن قميص مكتوب عليه "أوقفوا تسليح إسرائيل". وقالت: "المملكة المتحدة متواطئة في الإبادة الجماعية. تُستخدم الأسلحة التي يتم تصنيعها في المملكة لقتل الأطفال الفلسطينيين وأمهاتهم وعائلات بأكملها"، مضيفة قولها: "أنا أتخذ إجراءً لأنني كيهودية، أشعر أنه من واجبي أن أذكر بالإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة. أريد أن يعرف العالم أن ما يجري لا يمكن أن يكون باسم اليهود، وأريد أن أرى فلسطين حرة".
والصورة التي لصقها الناشطان على لوحة بيكاسو، من تصوير الصحفي الفلسطيني علي جاد الله. وتظهر فيها أم تبكي وهي تحتضن طفلها الملطخ بالدماء في مستشفى في غزة بعد غارة إسرائيلية.
******************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- ستار الناصر100 دولار.
- محمد مصطفى الخياط 25 الف دينار.
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
********************************************
في المعنى.. تمظهرات الثقافة وأسلحة الشيطان
محمد حيّاوي
سؤال لطالما شغلني، هل الثقافة هي مجموعة الإبداعات الرفيعة والخلاقة في تمظهراتها بالرواية والمسرح والسينما والفنون التشكيلية؟ أم تتعدى ذلك إلى كل ما من شأنه تجسيد الجمال الإنساني من حولنا؟ أقصد ذلك الجمال الكامن في ممارسة ما أو سلوكيات إنسانية ما، طالما تصادفنا في حياتنا اليوميّة من دون أن ننتبه إليها.
شخصياً أعدّ ابتسامة بائعة النعناع البسيطة التي تفترش الأرض أمام سلّتها الكبيرة المملؤة بنضد من حزم النعناع، ثقافة. معشرها الحلو، كرمها العفوي، منطقها، قدرتها الهائلة على ابتكار سعادتها وسط السوق الشعبي، ثقافة. جمالها المخبوء تحت فوطتها السوداء، الوشم الأزرق المتسرب من زيق ثوبها ليكشف بطريقة رحيمة فلقة بيضاء من صدرها، عدم اكتراثها بموبقات رجال البلدية، قدرتها الفذّة على السخرية من بائع الشاي المجاور حين يغازلها بشكل مبطن، ثقافة. الأثواب الملوّنة لزبوناتها اللواتي يضعن سلال التسوق بطريقة مختلفة فوق رؤوسهن، ثقافة. مرة كنت عابرًا في السوق الشعبي في هولندا، فوجدت نفسي منقادًا لرائحة حلوى "الوافل" تقليدية الشهيرة، فاكتشفت سيّدة تضع مشواة خاصّة تحت مظلة ملوّنة وتخلط مزيج السكّر والطحين واللوز لتصنعها. كانت الرائحة الفذّة تبتكر غوايتها بحذاقة، وتُجبر المارّة على الوقوف وتأمّل طريقتها في صنع تلك الحلوى، وحين سألتها عن سرّ تلك الرائحة، ابتسمت وقالت، أنّه الحب يا صديقي. لكن ما علاقة الحب بحلوى الوافل؟ ضحكت مرّة أخرى وهي تقلّب الأقراص البُنيّة بمهارة، وقالت، أنا أصنع الوافل منذ أكثر من خمسين سنة.. هل تتخيّل الأمر؟ أصنعه بمتعة كبيرة وأغدق عليه من مشاعري الصادقة، هو إذن وافل مُداف بالحب كما ترى، اقترب كي تتذوقه.. خذ قضمة من هذه.. لن تندم صدّقني، لا تشتر مني، ليس بالضرورة، لكن أرغب برؤية تأثير إجادتي للصنعة على ملامحك وحسب، وحين قضمت، شعرتُ كما لو ان نافذّة صغيرة تطل على الجنّة قد فُتحت لي. أليس ما تصنعه تلك السيّدة ثقافة من نوع ما أيضا؟
حسنًت. عندما تقف عائلة من الهنود الحمر لتعزف على آلات خشبية صغيرة تشبه الهارمونيكا تطلق أنغامًا تحملك إلى جبال الإنديز وغابات الأمازون حين تغمض عينيك، وكل هذا بخمسين سنتاً فقط، أليست ثقافة؟
ما هي الثقافة إذن لو لم تكن متجسدة بتمظهراتها اليومية؟
سوى أن العين المتعجلة، والعقل المُربك المزحوم بالخطط الساحقة، واللحاق بالمواعيد التي لا تنتهي، جميعها أدوات الشيطان التي يحاول بواسطتها حرماننا من انسانيتنا والتمتع بتلك التمظهرات ونِعمها، طالما كان ذلك ممكناً.
"الطريق الثقافي" العدد 149