اخر الاخبار

بالتزامن مع حلول 1 أيّار - عيد العمال العالمي، تنشر “طريق الشعب” سلسلة تقارير، تسلط فيها الضوء على وضع العمّال والمصاعب المعيشية والمشكلات التي يتعرضون لها في العمل.

لم تعمل الحكومات المتعاقبة بعد التغيير على تفعيل دور الصناعة الوطنية، بل على العكس أغُرقت السوق المحلية ببضائع وسلع مستوردة، ما اضعف قدرة القطاع الخاص على الإنتاج والمنافسة. كذلك الامر بالنسبة للقطاع العام. وفي كل الاحوال فإن هذه التوجهات الاقتصادية كان العمال ضحيتها.

قوانين معطلة

المختص في الشؤون الصناعية، باسم جميل انطوان، قال لـ”طريق الشعب”، إنه كان “يأمل بعد سقوط النظام ان تنهض الصناعة العراقية، وتشبع حاجة السوق من البضائع والسلع التي تنتج بواسطة القطاعين العام والخاص”. وأضاف في حديث لـ”طريق الشعب”، يوم أمس، ان “عملية اغراق السوق في البضائع من دول شرق اسيا ودول الجوار، جعلت الصناعة العراقية خارج المنافسة، كون انها لأكثر من ثلاثة عقود كانت معطلة عن العمل ومعظم مكائنها تعرضت للاندثار”.

وأوضح انه “بعد سقوط النظام، صدرت اربع قوانين وهي: قانون حماية المنتج الوطني وقانون حماية المستهلك وقانون التعريفة الكمركية وقانون التنافسية ومنع الاغراق السلعي، هذه القوانين كانت يجب ان توفر الحماية للصناعة الوطنية”.

وشدد انطوان على ان “الصناعة المحلية تحتاج الى دعم وتمكين وتقديم قروض ميسرة وتطوير مهارات العمال والفنيين. كل ذلك كان مفقوداً طيلة السنوات الماضية.”

ونبه الى ضرورة “العناية بمجال الصناعات الانشائية، كون ان هذه الصناعة تتداخل مع موضوع الاسكان، والبلاد تحتاج الى ثلاثة ملايين ونصف الميون وحدة سكنية، لكن الدعم غائب عنها”.

شروط المنافسة

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، نبيل جبار العلي لـ”طريق الشعب”، يوم أمس، ان “الصناعة في العالم اصبحت معقدة، وشروط التنافس كثيرة، منها في الجودة والسعر والابتكار. وبحكم العولمة بدأت دول صناعية كبرى تواجه صعوبة في التنافس”.

وقال العلي ان “توظيف الصناعة العراقية لتغطية الاحتياج المحلي، من اصعب المهام امام الصناعة، ولكن العراق يتميز بمجموعة صناعات قادر على ان ينافس فيها محلياً ويصدر، منها صناعة المواد البتروكيمياوية والانشائية.”

وأشار الخبير الاقتصادي الى ان “في صناعة البتروكيمياويات لدينا ميزة مطلقة، كوننا بلداً نفطياً، وبإمكاننا ان نبيع منتجاتنا بسعر ارخص من الاسعار العالمية”، لافتا الى “اننا لا يمكننا البقاء على استيراد المواد الانشائية من البلدان المجاورة والاسيوية، لان كلف نقلها عالية”.

العمال.. في مهب الريح

من جهتها، قالت عضو المكتب التنفيذي لأتحاد العام لنقابات عمال العراق، سميرة ناصر، ان “وضع العمال بعد 2003 يختلف بحسب المكان، في القطاعين العام او الخاص، او القطاع غير المنظم”.

وذكرت في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “ عدد مؤسسات القطاع العام بلغ اكثر من 54 شركة عامة، حيث تعرض قسم منها الى التخريب او التعطيل، وقسم منها ذهب الى الخصخصة، وعدد قليل منها بدأت تعمل ضمن امكانيات محدودة.”

وأضافت أن “سوء الادارة والتخطيط اوصل مجموعة شركات وزارة الصناعة الى طرق مغلقة، وبالتالي فإن العاملين فيها اصبحوا عرضة للتسريح في اي وقت، بسبب ايقاف عجلة الانتاج لهذه المؤسسات، ودمج الشركات لتصبح 34 شركة حكومية.”

وأوضحت ان “ذلك الدمج ادى الى تقليص عدد العمال، واصبحوا في مهب الريح”، مؤكدة انهم جميعهم “اصحاب خبرات وامكانيات فنية وعلمية”.

وقالت ناصر انه “بسبب السياسات الاقتصادية التي يفرضها صندوق النقد الدولي والبنك المركزي، اصبح معظم شركات القطاع العام، بلا عمل.”

وزادت ان “الشركات الناجحة تعرضت للاستثمار، وبالتالي فان المتضرر الاول من تلك القرارات كانت القوى العاملة، بالاضافة الى التعديل الذي طرأ على قانون التقاعد المدني، حيث اصبح العامل يحال الى التقاعد في سن الـ 60 سنة، بدلاً من الـ63”.

معاناة عمال القطاع الخاص

وذكرت النقابية، ان “القطاع الخاص يعاني من الاستيراد المفتوح لكل المنتجات على حساب مبدأ الانتاج، ويعاني كذلك من عدم توفير المواد الاولية، بالاضافة الى إهمال قانون حماية المنتج المحلي”. وأكملت انه “بحسب احصائيات اتحاد الصناعات العراقي فإن 50 الف معمل وشركة في القطاع الخاص، توقفت عن العمل، وان عمال هذه المؤسسات كلهم تعرضوا للتسريح”، مشيرة الى ان “خطط البنك الدولي تقتضي ان يقود القطاع الخاص العملية الاقتصادية في البلد، لكن ذلك لم يحدث.”

ونبهت ناصر الى “عامل اخر، اثر سلباً على مصير العمالة المحلية، الا وهو الاستقطاب الكثيف للعمالة الاجنبية، بسبب أجورها الرخيصة، اضافة الى استعدادها لمواجهة ظروف عمل صعبة، وساعات عمل طويلة”.

6 ملايين عامل بلا ضمانات

وتواصل عضو المكتب التنفيذي لأتحاد العام لنقابات عمال العراق، سميرة ناصر حديثها بأن “القطاع الاكثر ضرراً في العراق هو القطاع غير المنظم، الذي يضم 5 – 6 ملايين عامل، وهؤلاء ليس لهم ضمان او حماية، ولا يشملهم قانون العمل”.

وأشار الى أنه “في ظل جائحة كورونا أضحت المشكلة اكثر تعقيداً، ووضعت الطبقة العاملة في البلاد تحت وطأة التدهورات الاقتصادية، حيث فقدنا الكثير من الارواح التي كانت تخرج للعمل في ظل وجود الوباء، ما عرضها الى الاصابة ثم الموت”، مبينة ان “ذلك حصل بسبب عدم تخصيص الدولة الأموال اللازمة في حالات الطوارئ والازمات”.