اخر الاخبار

تقول هيئة النزاهة إنها تمكنت، نسبيا، من تحجيم عمليات الفساد في دوائر الدولة، لكن قانونيين ومراقبين يجدون أنّ الجهود الرسمية في مكافحة الظاهرة غير مجدية، بسبب “التراخي” في ملاحقة الرؤوس الكبيرة، التي تحتمي بالأحزاب المتنفذة، مؤكدين ان الإبقاء على نظام المحاصصة والروتين الإداري، يديم الآفة ويزيد من تغولها.

النزاهة تؤكد تحجيمه

المتحدث باسم هيئة النزاهة علي محمد يذكر لـ”طريق الشعب”، ان “الفساد وفقا لتقرير الهيئة الأخير في العام 2021، تراجع بواقع وحدتين عن العام الماضي”.

ويقول إن “الهيئة تعمل ـ وبجهود كبيرة ومستمرة ـ على الحد من نسبه”.

تراخٍ حكومي

فيما يشير الناشط السياسي حسين الجاف في حديث لـ”طريق الشعب”، إلى ان “اغلب مؤسسات الدولة تسيّر عملها آفة الفساد”، معللا ذلك بـ”التراخي الحكومي في متابعة رؤوس الفساد الكبيرة، ما يتسبب في استفحال الفساد بين مفاصل الدولة”.

ويلاحظ الجاف ان “الجانب القضائي هو الآخر لم يأخذ دوره الحقيقي في مكافحة الفساد”، مسترسلا “هناك مجرمون تم القاء القبض عليهم بالجرم المشهود، وجرت محاكمتهم، إلا انهم في نهاية المطاف اطلق سراحهم بمرسوم جمهوري، لأسباب يجهلها الجميع”.

عمليات المكافحة غير مجدية

ويذكر خبير قانوني، رفض الكشف عن هويته، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “نسب الفساد تتجاوز اليوم 95 بالمائة في المؤسسات الرسمية”.

ويشير إلى ان الأجهزة الرقابية ومؤسسات مكافحة الفساد لم تكن فاعلة “بسبب ان الجهات المتنفذة تعمل على تنصيب شخصيات تضمن لها مصالحها في تلك المؤسسات. وبناء على ذلك لم تجر ملاحقة أية قضية فساد يقف وراءها رؤوس على صلة بتلك الجهات”.

ويكرر المتحدث ان “مؤسسات مكافحة الفساد هي مجرد واجهة امام المجتمع الدولي لا أكثر”.

ويصف المتحدث التشريعات القانونية النافذة بأنها “ضعيفة”، مردفا أن “البلاد بحاجة الى استحداث تشريعات حقيقية تلوح مسببات الفساد الذي بات اليوم دولة عميقة، يشترك فيها حتى صغار الموظفين”.

ويزيد أن “الأحكام التي تفرضها المادتان 340 و341 من قانون العقوبات، والمعنيتان بالهدر المتعمد للمال العام، تنصان على الحبس، لكن بإمكان القاضي التخفيف. وبالتالي حكم المادتين لا ينسجم مع مستوى جرائم الفاسدين المستغلين للمال العام”.

اعتبارات سياسية!

ويحمل الخبير القانوني “السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ارتفاع نسب الفساد على اعتبارها سلطات باتت تتأثر بالاعتبارات السياسية التي حلت محل النصوص القانونية والدستورية”، بحسب قوله.

ويشدد على ان الدستور تضمن “تشكيل مكاتب الادعاء العام لمكافحة الفساد إلا ان الحكومات المتعاقبة تجنبت المضي في ذلك، لكونه اجراء رقابيا رادعا”.

روتين إداري

فيما يعزو عبد الله عون، الموظف في احدى المؤسسات الحكومية، ارتفاع نسب الفساد إلى “ضعف الرقابة الداخلية في مؤسسات الدولة”.

ويقول عون لـ”طريق الشعب”، انه “لم يلحظ يوما ان مؤسسة من مؤسسات مكافحة الفساد، بضمنها السلطات القضائية، قد تمكنت من ايقاف جريمة فساد في الوقت المناسب”.

ويضيف أن “اغلب جرائم الفساد اليوم تكتشف بعد مضي اشهر أو سنوات من ارتكابها”، مؤكدا ان “الروتين الإداري لدى الجهات القضائية والأمنية عادة ما يغذي إحصائيات الظاهرة بأرقام مرتفعة”.

ويرى عون أنّ “الحد من نسب الفساد يتطلب رقابة رادعة وحقيقية داخل المؤسسات الحكومية التي تعاني منذ عقود من هيمنة الاحزاب الفاسدة في السلطة ونظام المحاصصة المقيت، إضافة إلى ضرورة إبعاد مؤسسات مكافحة الفساد عن سياقات المنظومات الحزبية الفاسدة”.

وتعليقا على حديث هيئة النزاهة بتقويض إجراءاتها لنسب الفساد، يرى عون انه “لا ينسجم مع الواقع، فاغلب المؤسسات الحكومية ينخرها الفساد، ولكن بأشكال مختلفة”.

عرض مقالات: