اخر الاخبار

تعد جرائم الفساد الإداري والمالي من المعضلات المعقدة التي تواجه العراقيين الذين ذاقوا الأمرّين من النظام الدكتاتوري السابق والحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2003 بسبب تفشي ظواهر استغلال المنصب الوظيفي وسرقة ثروات الشعب، وتهريبها الى الخارج كأرصدة وعقارات، فيما يتفنن الفاسدون في  إخفاء جرائمهم عبر تسجيل الأموال في أرصدة بنكية بأسماء ذويهم أو غيرها، مستغلين تعدد جنسياتهم وعلاقاتهم مع بعض الجهات الخارجية.

وفي الاثناء بدأت محاولات استرداد الأموال عبر تأسيس صندوق لها.

رادع قانوني

يقول مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية د. مظهر محمد صالح، في تصريح لـ»طريق الشعب»، إنّ «الصندوق يرتبط بدائرة استرداد الأموال في هيئة النزاهة»، مشيراً إلى أن الصندوق انتقل اليوم إلى مرحلة جديدة في العمل، حيث جرى وضع فقرة التعاون في موضوع استرداد أموال العراق المنهوبة عن طريق الفساد في عهد حكومات ما بعد 2003، او أموال النظام السابق، ضمن اتفاقات العراق الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة».

وتأسس صندوق استرداد الأموال بتشريع صدر عام 2012، لكنه لم يفعّل حتى العام 2019 حين صدر تعديل قانوني، أعاد تشكيل الصندوق برئاسة هيئة النزاهة.

وأطلق الصندوق مطلع العام الحالي نافذة إلكترونية تُعنى بتسلم الطلبات من المواطنين الراغبين بالتعاون لاسترداد الحقوق المالية للعراق.

وبحسب المادة 14 من قانون استرداد الأموال رقم 7 لسنة 2019 ألزمت الحكومة عند عقدها اتفاقيات استثمارية أو اقتصادية مع أي دولة توجد فيها أموال للعراق، أن تشمل بأحكام قانون استرداد الأموال بما فيها الأموال التي هربت بعد العام 2003، بسبب عمليات الفساد والجرائم الاقتصادية والمالية المختلفة.

كيف تتم العملية؟

ويثني صالح على هذه المادة التي عدها «نقطة جوهرية سهلت على صندوق استرداد الأموال أن يتعاطى مع بلدان العالم»، مبينا ان على الادعاء العام ان يرفع دعوى على الشخصية الطبيعية أو المعنوية في المحاكم العراقية، للحصول على حكم قضائي، ليتحول في ما بعد إلى البلد الأجنبي، ويتم تعيين محام عن طريق وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الخارجية، للدفاع عن حقوق العراق واسترداد الأموال».

ويشير المستشار الحكومي إلى ان هناك تقديرات كثيرة ومختلفة لهذه الأموال، ويصعب حصرها، فهي على شكل ودائع أو أسهم وسندات أو عقارات أو ممتلكات خارجية.

بطء في الاسترداد

من جهته، أكّد عضو اللجنة النزاهة النيابية النائب دريد جميل، ان هناك بطئا في استرداد الاموال، بسبب مماطلة الدول في التعاطي مع هذا الملف، مشيرا الى ان هناك «إجراءات قانونية وفنية كبيرة يقوم بها الصندوق من أجل استرداد الأموال المهربة او استرداد بعض المتهمين الهاربين بسبب تهم الفساد التي تلاحقهم».

وقال جميل في تصريح صحفي، إن «الإجراءات الروتينية من قبل تلك الدول هي ما يؤخر حسم الكثير من تلك النشاطات بهذا الصدد. وبالتالي ليس هناك رقم دقيق لمبالغ العراق المهربة الى الخارج.

وكانت وزارة العدل، كشفت منتصف العام الماضي، عن اتخاذها خطوات متسارعة لاستعادة أموال البلاد المجمدة في الخارج والتي تعود إلى أشخاص على صلة بالنظام السابق، مؤكدة أن العراق رفع دعاوى قضائية بحق العديد من الشركات والأشخاص خارج البلاد، لاستيلائهم على الأموال المجمدة، وهم كيانات وأفراد، يرفضون تسليم الأموال على الرغم من أنها تعود للدولة العراقية.

يشار إلى أنه جرى الإعلان أكثر من مرة عن استعادة أموال مجمدة من بعض الدول الأوروبية، وتراوحت بين 20 – 40 مليون دولار، وهي لا تمثل نسبة عالية من مجموع المبالغ التي تقدر بأكثر من ملياري دولار.

الفساد مستمر..

يقول الخبير الاقتصادي همام الشماع إنّ «استرداد الأموال المنهوبة، ينبغي ان تسبقه عملية تقويض لصفقات الفساد في جميع مؤسسات الدولة، وان تكون هناك محاسبة لرؤوس الفساد الكبيرة، التي تحميها القوى السياسية المتنفذة».

ويكرّر الشماع حديثه لـ»طريق الشعب»، أنّه «إذا لم نقضِ على الفساد، ونوقف نزف سرقة الأموال ونهبها وتهريبها، فلا يمكن أن نتحدث عن استرداد الأموال»، متسائلا «كيف تنجح خطة استرداد الأموال المنهوبة من مجاميع تمسك بيدها مقاليد الحكم في البلاد؟».

والشماع يجد أن «اي حديث عن استرداد الاموال المنهوبة، ما هو الا ضحك على الذقون وذر للرماد في العيون، ومحاولة لإعلاء شأن السلطات والحكومة الحالية».