اخر الاخبار

تحاول الحكومة التحرك خطوة باتجاه مشروع «الأتمتة» بدءاً بالمنافذ الحدودية لتحقيق كفاءة وانضباط ماليين لموارد الدولة، وتوفير بيانات ومعلومات دقيقة عن عمل المنافذ، لكن تحقيق هذا التقدم لصالح الدولة يُضرّ بجيوب قوى متنفذة تعتاش اقتصادياتها على تلك المنافذ، التي صنعت إمبراطورياتها من خلالها.

وفي 3 آذار الماضي، شرعت وزيرة المالية طيف سامي، في افتتاح أتمتة الجمارك في منفذ أم قصر، مشيرة الى ان هذا النظام تم تطبيقه في 80 دولة إلى الآن كونه يتضمن نظاما إحصائيا متكاملا ويعتمد على نشر المعلومات عبر شبكة إلكترونية ويوفر إحصائية خاصة تعتمد عليها وزارة المالية والوزارات المختلفة.

القضاء على نصف آفة الفساد

وخمّن النائب مضر الكروي، القضاء على 50 بالمئة من آفة الفساد في العراق، اذا ما اعتمدت الحكومة المنظومات الإلكترونية أو ما يعرف بالأتمتة.

وقال الكروي، وهو عضو في اللجنة المالية النيابية، إن «العراق متأخر جدًا في تطبيق برامج الأتمتة، لا سيما ما يخص الضرائب والجمارك وغيرهما»، مشيرا إلى ان «اللجنة المالية تسعى بالتنسيق مع باقي الوزارات والهيئات إلى تطبيق الأتمتة والسعي إلى تنمية الإيرادات غير النفطية للبلاد بنسبة لا تقل عن 50%، بخاصة مع تقلبات أسعار النفط، والتي تجعل مستوى التحدي أكبر بالنسبة لميزانية البلاد».

وأشار إلى أن «الانتقال إلى مبدأ الدفع الإلكتروني يعزز من رصيد الدولة المالي، وينهي الكثير من السلبيات».

توجيه حكومي

فيما أكد مستشار رئيس الوزراء فادي الشمري، توجيه جميع الوزارات بتسريع إجراءات عملية أتمتة عملها.

وقال الشمري في حديث صحفي إن «عملية حوكمة الوزارات والهيئات والمؤسسات المالية والضريبية والجمارك والمنافذ والبنك المركزي وربطها مع المصارف الرقمية تدريجياً سيعطي طابعاً جديداً لعمل وطريقة إدارة الحكومة لمؤسساتها ومفاصلها».

8 مليارات دولار سنوياَ!

المستشار المالي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، قال إن «إدخال التكنلوجيا الى هذا القطاع يمكننا من التعرف إلى نوع البضائع التي تدخل البلاد، ويعطي قوة إلى التخمينات الأساسية بفرض التعرفة الجمركية، علاوة على تقليل الفساد الإداري والمالي حيث لن يكون هناك احتكاك بين المخلصين والموردين».

وأضاف صالح في تصريح سابق خص به «طريق الشعب»، قائلا: إنّ «أتمتة المنافذ الحدودية الجوية والبرية والبحرية التي تتدفق عبرها المواد الاستيرادية من السلع والبضائع المختلفة، والتي تلامس قيمتها السنوية ما يقارب ٦٠ مليار دولار، تضمن للدولة: الحد من التهرب من الرسوم الجمركية والضريبية، وتوافر المعلومات التفصيلية عن المحتوى الاستيرادي، والحد من التداخل البشري في عمليات الرقابة والتقييم والترسيم، وما يترتب عليها أحياناً من مخالفات تتنافى والنظام القانوني بين أطراف العلاقة».

وتابع المستشار المالي، أن الحكومة لديها مشكلة في الإيرادات الجمركية؛ من المفترض ان يدخل لنا سنوياً ما لا يقل عن 8 مليارات دولار، لكن في الواقع ما يدخل إلى خزينة الدولة هو مليار واحد، وربما أقل، وهذا يعني ان هناك تهربا وخللا في النظام الجمركي، لذا يفترض ان تكافح الأتمتة هذه المشكلات وتضبط حركة السلع وتنظم التجارة.

وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أنه «مضى أكثر من عام على العمل في مشروع الأتمتة، لأن منظمة ‘أسيكودا’ الدولية، قد زودتنا بالبرنامج».

واضاف المشهداني في حديث مع «طريق الشعب»، أن «المشكلة تكمن في الموظفين أنفسهم والمخلصين والمستوردين الذين لا يرغبون في التعامل مع هذا النظام»، مشيرًا إلى أن «البرنامج يقدم بيانات شفافة وكاملة، وسيحسب قيمة الجمرك استنادًا إلى قيمة البضاعة الفعلية، وما إذا كانت البضاعة قد دخلت من مناشئ أصلية أم أنها مقلدة».

وأكد أن هناك عمليات تحايل، قائلا: إن «الرشوة ما زالت مستمرة، كما ان الموظفين يقومون بتقليل حجم البضاعة ويحددون ترسيما جمركيا غير دقيق»، متسائلا «كيف يُدفع مبلغ 2 مليون دينار عن حاوية بحجم 20 قدما، و3 ملايين دينار عن حاوية بحجم 30 قدما بغض النظر عن نوعية المواد الموجودة في داخلها؟».

وأشار المشهداني الى ان الأمر يخضع لتقدير المُخمن الذي يحدد الرسم الكمركي؛ فعلى سبيل المثال يتقاضى مبلغ مليون دينار على بضاعة جمركها 20 مليون، لافتا الى ان هؤلاء المرتشين «سيخسرون بوجود نظام ‘أسيكودا’، الذي يعمل بمجرد شحن البضاعة في ميناء الشحن على رفع صورة منها إلى المنافذ الحدودية، ومن ثم يجري تعميمها على جميع المنافذ».

ونوّه بأن «النظام لا يزال تجريبيًا في بعض المنافذ، وأن حادثة تعطيل منظومة الإنترنت لإيقاف النظام بعد زيارة وزيرة المالية إلى البصرة، تشير إلى أن هناك إعادة ضبط جادة للموضوع، وأعتقد أن هذا النظام سيقدم أرقامًا دقيقة للجمارك».

وخلص المشهداني إلى أنّه بمجرد اعتماد الأتمتة ستتضاعف الجمارك ثلاث مرات.

وأعلنت الهيئة العامة للكمارك عن إيراداتها خلال الربع الأول من العام الجاري، مؤكدة انها حققت زيادة كبيرة في نسبة الإيرادات.

وقالت الهيئة، ان الإيرادات بلغت اكثر من (٤٧١) مليار دينار بزيادة بلغت ( ٢٥٧،٤٧٠،٣١٣،٥٢٤ ) دينار (مئتان وسبعة وخمسون مليارا وأربعمائة وسبعون مليونا وثلاثمائة وثلاثة عشر الفا وخمسمائة وأربعة وعشرون دينارا) للفترة نفسها من العام السابق (٢٠٢٣) حيث تحققت نسبة نمو بالإيرادات بمقدار (١٢٠%).

وأكدت الهيئة فرض سلطتها الكمركية في كافة المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية، وهددت بان إجراءاتها ستطال الفاسدين والمتهربين.