اخر الاخبار

ندّدت منظمات إغاثية دولية بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والتي تعد الجهة المحورية في تقديم المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، محذرة من وقوع أزمة إنسانية محققة تتنافى مع توصيات محكمة العدل الدولية، وتعرقل مسار تنفيذ توصياتها التي طالبت بوصول المساعدات الإنسانية، في وقت شكلت الأمم المتحدة لجنة دولية للتحقيق في مزاعم الكيان الصهيوني.

لجنة دولية

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنشاء لجنة مستقلة مكلفة بتقييم «حيادية» وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والرد على الاتهامات التي استهدفت عددا من موظفيها.

وأوضح غوتيريش في بيان صحافي، أن مجموعة التقييم هذه ستكون برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، بالتعاون مع ثلاثة مراكز أبحاث هي معهد راوول والنبرغ في السويد ومعهد ميكلسن في النرويج والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان.

«حكم بالاعدام»

ووصفت مؤسسة «آكشن إيد» البريطانية قرار وقف الدعم بـ»حكم بالإعدام» على الفلسطينيين في غزة والمنطقة، ما جعل بعض المراكز الحقوقية تحذر من أن متخذي هذا القرار قد يحاكَمون بتهم التواطؤ في جرائم حرب.

وقال كريستيان بنديكت مدير الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة: إن «هذا قرار رهيب، ويجب التراجع عنه فورا. وقد قالت الأونروا بالفعل إنها تحقق بشكل عاجل في هذه الادعاءات».

وأضاف في حديث للجزيرة نت، «تحاول الأونروا يائسة مساعدة المدنيين الفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة والمرض في غزة وسط القصف والحصار الإسرائيلي المستمر، وهؤلاء المدنيون هم الذين سيعاقَبون بقرار المملكة المتحدة».

وانتقد بنديكت الحكومة البريطانية مؤكدا أنه «وبعد فترة وجيزة من الانتقادات المزيفة لقضية الإبادة الجماعية التي رفعت بمحكمة العدل، يبدو أن المملكة المتحدة تعطي الأولوية مرة أخرى لعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل والولايات المتحدة، على حساب المحنة الكارثية للشعب الفلسطيني».

وأصدرت الحكومة البريطانية بيانا عقب قرار العدل الدولية، جاء فيه أن «المملكة المتحدة لا تعدّ أفعال إسرائيل في غزة إبادة جماعية»، وأنّ قرار رفع الدعوى من جنوب أفريقيا «خطأ واستفزازي».

وتقول أكشايا كومار مديرة المناصرة لشؤون الأزمات في هيومن رايتس ووتش، انه «رغم أن الدول الموقعة لا توجد لديها واجبات المحتل التي تقع على دولة إسرائيل، لكنها ملزمة بموجب اتفاقيات القانون الدولية وبالتحديد اتفاقية الإبادة الجماعية».

وأوضحت المسؤولة بهذه المنظمة الحقوقية للجزيرة نت، أن هناك التزامات لكل من حكومتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة اللتين وقعتا على اتفاقات دولية، ومن ضمنهما التزامان جرى تجاوزهما وهما: منع الإبادة الجماعية، والتحقق قبل إرسال أي نوع من التسليح العسكري من احتمال أن يخرق القانون الدولي أو الإنساني.

تفاقم الأوضاع

وأشارت كومار إلى توصية محكمة العدل بالحرص على عدم تفاقم الأوضاع وضمان توصيل المساعدات، وهو ملزم لكل الحكومات الموقعة على تلك الاتفاقية من قبل، مشددة على ضرورة أن ينعكس هذا التوقيع على قرارات الحكومات الموقعة، خصوصا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وحذّرت من قطع المساعدات عن الأونروا، معتبرة أنه تجويع لآلاف الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والأطفال والحوامل والمسنين الذين يعتمدون على مساعدات الوكالة، وأن المجتمع الدولي يعلم بحقيقة التجويع.

وأعربت كومار عن قلقها قائلة «أبلغتنا الأونروا رسميا أنها لن تكون قادرة على العمل بنهاية الشهر الحالي، وبالتالي ستكون هناك صعوبات مرعبة، وهو خطر مجاعة محقق، وبالقطع هذا أمر من اختصاص محكمة العدل، والتي دعت الدول المعنية والموقعة على اتفاقيتها لضمان دخول المساعدات الإنسانية».

وأكدت مديرة المناصرة لشؤون الأزمات لدى ووتش، أن منظمتها تحث إسرائيل حاليا على وقف النزاع والامتثال لواجبها كقوة محتلة، وهو يشمل ضرورة تحمل إسرائيل مسؤولية حصول الشعب الفلسطيني على احتياجاته الإنسانية، والانصياع لقرار محكمة العدل الدولية بالسماح بدخول المساعدات.

ورفضت كومار الحديث عن أي خطط بديلة للأونروا، محذرة من هذا السيناريو، ووصفته بالخطة الإسرائيلية، وأن هذه مطالبات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته يسرائيل كاتس بوقف عمل الوكالة في غزة.

وشددت مديرة شؤون الأزمات على أن أي محاولة للبحث عن خطة بديلة للأونروا تبنٍّ للهدف الإسرائيلي، وناشدت ألا يتم الاستسلام لهذا الهدف.

وأشارت إلى استمرار ووتش في توثيق الحقائق، وأنهم وثقوا «بالأدلة الدامغة فظائع قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي» وأنها جرائم حرب خطيرة بما في ذلك أدلة عن تعمّد العقاب الجماعي واستخدام التجويع سلاحا من أسلحة الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

وحذّرت كومار من المقامرة بحياة الفلسطينيين في غزة، ومطالبتهم بالانتظار حتى انتهاء التحقيقات ليحصلوا على مساعدات غذائية. وقالت إنه أمر ينذر بكارثة إنسانية محققة.

ادعاءات بلا أدلة

وأوضحت كومار أن مسارات التحقيق جارية في الأمم المتحدة، والجهة المسؤولة عن التحقيقات في تلك المزاعم والادعاءات تم تفعيلها بقرار من الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش.

وقالت إنه، ورغم ما يُتَدَاوَل من مزاعم واتهامات لـ12 موظفاً من الوكالة، اطّلعت الهيئة المستقلة على ادعاءات سردية فقط دون أية أدلة، ومع ذلك أخذت المزاعم على أعلى حد من الجدية للتحقيق.

وقالت كومار، إن ثمة أنباء متداولة عن وجود «ملف» ولكنها نفت اطلاع منظمتها أو الأمم المتحدة على أي أدلة مكتوبة قد تدعم تلك الادعاءات، مشيرة إلى أنه لا توجد معلومات كافية لتأكيد أو نفي ما إذا كانت الدول التي أوقفت الدعم تسلمت ملفا يتعلق بأدلة دامغة «لتورط» هؤلاء الموظفين بأي أنشطة «مخالفة للقانون» أم أن قرار المنع جاء بناء على ادعاءات شفهية.

وبناء على ذلك، قالت كومار إن المنظمة ستجري التحقيقات الآن بنفسها دون استلامها أي أدلة تساعدها في التحقق من تلك الادعاءات، بحسب قولها.