اخر الاخبار

العراق.. حرية الإعلام والفترة الحرجة

نشر معهد صحافة الحرب والسلام على موقعه الإلكتروني، مقالاً للكاتبة عايدة القيسي حول حرية الإعلام في العراق، أشارت فيه إلى أن الاحتجاجات المطالبة بالتغيير وذات التأثير الحقيقي على المستويين السياسي والاجتماعي، والتي جرت في عام 2019 وسُميت بانتفاضة تشرين، تم إهمالها تماماً من قبل وسائل الإعلام الرئيسية في البلاد، مما دفع بالنشطاء الشباب، لإنشاء منصاتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل نقص واضح في أي نوع من وسائل الإعلام المحلية أو لأي مساحة معلوماتية يمكنهم الوصول إليها لإسماع صوتهم.

صحافة متعددة ولكن!

وتحدث المقال عن تجربة أجرتها الكاتبة مع زميلين آخرين لها، أنشأوا على ضوئها منصة لخلق مساحة للصحافة الدقيقة والمهنية، تمّكن الشباب العراقي من سرد قصصهم وتطوير مهاراتهم الصحفية. وذكر بأن الإعلام قبل 2003 كان مجرد أداةً دعائيةً للدولة، قبل أن تُسّن وبعد هذا التاريخ وكجزء من تجربة التحول الديمقراطي في البلاد، قوانين لدعم التعددية في الإعلام.

ورغم عدم وجود لوائح تنظيمية تتعلق بالملكية، أو تلقي الأموال من الأحزاب العامة، أو أنواع المحتوى، توجد اليوم وفق الدستور، هيئة بث عامة وهيئة تنظيمية، إلى جانب منصات إعلامية متعددة، كالإنترنت، والتلفزيون، والصحافة المطبوعة، والإذاعة.

وأضاف المقال بأن المشهد الإعلامي اليوم يهيمن عليه سياسيون، وأحزاب، وأثرياء، أو رجال أعمال لديهم طموحات سياسية أو علاقات وثيقة بالطبقة السياسية. كما أن بعض وسائل الإعلام مرتبطة جيوسياسيًا بجهات فاعلة في المنطقة وخارجها، ولها مصالحها الخاصة في السلطة، فيما شهدت السنوات التي أعقبت احتجاجات تشرين، تدهوراً في الوضع، جراء شعور أصحاب السلطة بالتهديد من الأصوات الداعية للتغيير.

لا أحد يفعل شيئًا

وذكر المقال بأن السلطات قد بدأت بالفعل بتضييق الخناق على المجتمع المدني ووسائل الإعلام، فلجأت إلى أساليب بيروقراطية، مثل جعل التسجيل مكلفًا وصعبًا؛ وهو نوع من الإجراءات الاستبدادية التي نراها في سياقات أخرى. ثم جاءت حملة قمع أخلاقية، تمثلت بإطلاق منصة إلكترونية، شُجّع فيها العراقيون على إبلاغ الحكومة عن أي شخص يكتب أي شيء على وسائل التواصل الاجتماعي قد يُعتبر غير أخلاقي. وضرب المقال مثلاً على ذلك بحظر استخدام مفردة "جندر" وكلمات أخرى ذات صلة، مثل "تمكين المرأة".

وأشار المقال إلى أن منصة الكاتبة وزميليها قد سُجّلت في ألمانيا كي يتمكنوا من مواصلة تغطية بعض القضايا دون ضغوط، ولهذا فمنصتهم عراقية – ألمانية، رغم أنها منصة عراقية بامتياز، وتتبع نهجًا عراقيًا خالصًا بدءًا من تصميمها وشعارها وصولاً إلى اللغة العربية المستخدمة في محتواها والجمهور العراقي الذي يتابعها.

وذكرت الكاتبة بأن العراقيين في الشتات، وبعض صانعي السياسات والأكاديميين والمؤسسات الإعلامية في جميع أنحاء المنطقة والعالم، يساهمون في دعم المنصة، التي تشهد المزيد من الحوار والتفاعل مع جمهورها الرئيسي المتمثل بشبيبة العراق، دون أن تهتم كثيراً بقضايا تتعلق بسياسات وهموم المنطقة والعالم، معّربة عن سعادتها بالتجاوب الكبير الذي تحظى به المنصة من داخل البلاد.

وأكد المقال على أن العراق يمر بمرحلة حرجة، فقد خرج البلد من قائمة أولويات العديد من الجهات الفاعلة الدولية. ويُصنفه البنك الدولي الآن ضمن الدول متوسطة الدخل، مما يعني أن العديد من المنظمات المؤسسية لا ترى العراق أولوية للمساعدات الخارجية والتنمية.

لكن هذا لا يعكس الواقع على الأرض، وفق الكاتبة، التي تعتقد بأن هناك تحديات هائلة تواجه الإعلام المستقل في العراق، والعاملون في الإعلام بحاجة ماسة إلى دعم مباشر وتمويل أساسي وتوجيه للمبدعين الشباب الناشئين والكتاب والفنانين والموسيقيين والمصممين، ليتمكنوا من التعبير عن رغبتهم في التغيير والعمل. ودعت إلى متابعة الكثير من النقاشات الدائرة حاليًا في أوساط الإعلام الدولي حول أهمية صحافة المصلحة العامة، والبدء بالاستماع إلى الأصوات العراقية، وإيجاد طريقة لإعادة العراق إلى المشهد الإعلامي العالمي.

عرض مقالات: