كردستان
الانتخابات والمستقبل
كتب نيقولاي ملادينوف مقالاً لموقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، حول الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان، أشار فيه إلى أن هذه الفعالية التي تأجل إجراؤها عدة مرات منذ عام 2022، لا تعدّ مجرد تصويت روتيني آخر، بل قد تكون لحظة حاسمة للشعب الكردي وقياداته المتصارعة مع تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
مخاطر قد تهدد الاستقرار
وأشار الكاتب إلى أن الإقليم كان من أكثر مناطق البلاد استقراراً وامتلاكاً لمؤسسات متقدمة، قبل أن تشهد الفترة الأخيرة، والتي سبقت الانتخابات، إتساع الشقوق في النظام السياسي من جهة واشتداد الضغوط والتدخلات من الدول والقوى المجاورة من جهة أخرى، إلى الحد الذي أثار مخاوف الكثيرين من انهياره.
مشاكل انتخابية
وسجل المقال ملاحظات سلبية على العملية الانتخابية، كان من أبرزها عدم تمكن ربع الناخبين المؤهلين البالغ عددهم 3.7 مليون ناخب (أي ما يقارب 800 ألف شخص) من الإدلاء بأصواتهم، بسبب مجموعة من التحديات اللوجستية ونقص بطاقات تسجيل الناخبين، وكذلك بسبب الافتقار إلى الوعي أو القدرة على الوصول إلى مرافق التسجيل، وهي ما لا يمكن اعتبارها نتاجاً للبيروقراطية فقط، بل وأيضاً نتاجا لمشكلة مؤسسية، قد تغذي خيبة الأمل في العملية السياسية، وفق رأي الكاتب.
استقطاب سياسي
وذكر المقال بأن المشهد السياسي في كردستان يبدو منقسماً بشكل كبير، خاصة بين الحزبين الرئيسيين، وبروز قوى جديدة أو أخرى شهدت جماهيريتها نمواً كبيراً في الأونة الأخيرة. ورأى الكاتب بأن الحزبين الكبيرين يعتقدان بأنهما القادران الوحيدان على مواجهة التحديات التي يعاني منها شعب الإقليم، وأن وجودهما على رأس العملية السياسية شرط لتحقيق السلام والرفاهية. إلّا أن هناك من له رأي آخر كالكثير من الشبيبة العاطلة عن العمل، وخاصة من الخريجين الجدد، وكموظفي القطاع الحكومي الذين لم ينتظم حصولهم على رواتبهم، الأمر الذي دفع بالأحزاب التقليدية لبذل أقصى جهودها قبيل الإنتخابات من أجل تلبية مطالب هؤلاء وإقناعهم.
ما بعد الانتخابات
وتقاسم الكاتب الرأي مع العديد من المراقبين الدوليين، الذين يشعرون بالقلق من المستقبل، إذا ما جاءت نتائج الإنتخابات غير حاسمة في تحديد من سيتولى السلطة، خاصة مع تزايد الصراعات الداخلية في المنطقة وتفاقم تأثير النفوذ الخارجي، في ظل وجود مؤسسات غير قادرة على الصمود بقوة إذا ما هبت عواصف غير متوقعة، وكذلك في ظل اختلاف استراتيجيات التعامل مع بغداد والدول المجاورة لدى القوى الكردستانية.
كما حذر الكاتب من أن الإنقسام السياسي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على اقتصاديات الإقليم وثقة الشركاء الدوليين به كحليف مستقر وموثوق به في العراق. كما قد يمثل الانقسام فشلاً في التحدي الخاص بإضفاء الطابع المؤسسي على سياسة تخدم مصالح جميع المواطنين وتدير العلاقات مع بغداد والقوى الدولية بحكمة.
اهتمام بغداد
وأكد الكاتب على أن الاهتمام بانتخابات كردستان ونتائجها يمتد إلى بغداد، التي يعدّ استقرار المنطقة أمرا مهما لها، جراء الترابط الاقتصادي والأمني بينها وبين أربيل، ولهذا فإن إجراء الانتخابات والقدرة على تشكيل إدارة مستقرة بوجود حكومة أقوى وأكثر وحدة في الإقليم، سيمهد الطريق لتعاون أفضل مع بغداد في مجالات رئيسية، منها عائدات النفط وتخصيصات الميزانية والأمن.
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن القوى السياسية في الإقليم مطالبة بتحقيق توازن دقيق في إظهار الاستقرار الديمقراطي والإستجابة للمطالب المتزايدة بالإصلاح والمساءلة من جانب شعبهم، والارتقاء إلى مستوى الحدث وعدم الإكتفاء بإدارة الديناميكيات السياسية داخل المنطقة، بل وأيضاً الحفاظ على الثقة مع المجتمع الدولي ومع بغداد.