اخر الاخبار

يعد حق الحصول على المعلومة ركيزة أساسية لتعزيز الشفافية والمساءلة والرقابة، الى جانب ضمان ممارسة الصحفيين لدورهم. هذا الحق أقرته مواثيق دولية عديدة، من أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذان نصّا بوضوح على ضرورة تمكين الأفراد من الوصول إلى المعلومات كجزء أساسي من حقوقهم المدنية.

وتصاعدت موجة الانتقادات الواسعة لمشروع القانون المقترح الذي يفرض قيوداً شديدة على هذا الحق. ويستند المنتقدون إلى أن الصيغة الحالية للقانون تتضمن استثناءات واسعة تحد من دور الصحافيين في الكشف عن الفساد، وتمنعهم من الوصول إلى معلومات تتعلق بالعقود والمداولات الحكومية.

مهمة مستحيلة

ووصف المرصد العراقي للحريات الصحافية، في وقت سابق، بنود مشروع القانون، بأنها مثيرة للقلق والخوف، مبينا انه وفقا للمقترح المطروح فإن تقصي الحقائق هو أشبه بالمهمة المستحيلة، مؤكدا أن "المقترح المطروح لقانون حق الحصول على المعلومة، يهدد بتقييد العمل الصحفي في العراق"، لافتا الى أن "الحصول على المعلومة وتقصي الحقائق واكتشاف بعض الخفايا والملفات، أصبح مهمة مستحيلة وهو ما يدعو للخوف والقلق".

حق لا يجوز منعه

وفي السياق ذاته، قال عضو اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز ان هناك توجها لعقد جلسة للجنة الثقافة والاعلام مع اللجان الساندة القانونية، لغرض وضع البصمات الاخيرة على بعض النصوص، واخذ الملاحظات التي قُدمت في الجلسات التي جرى عقدها مع منظمات ومختصين ومعنيين بالشأن.

وأضاف عنوز في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "المعلومة يجب ان تكون متوفرة لدى مصدر السلطات والسيادة والشعب"، مبينا ان "الملاحظات التي قُدمت كانت جادة ومفيدة وتضمن عملية الحصول على المعلومة".

وواصل عنوز القول: "لا يجوز لأي نظام سياسي او حكومة او سلطة ـ مهما علا شأنها ـ ان تمنع الشعب حقه في معرفة المعلومة التي تخص حياته المستقبلية والآنية، سياسية كانت ام اقتصادية او اجتماعية"، موضحاً انه "لا يجب ان يكون هناك مانع من الوصول إلى المعلومات، عدا تلك التي تتعلق بالمسائل الأمنية والعسكرية منها".

وتابع قائلاً إن "قضية العقود والاستثمارات وتنظيم الحياة الإدارية بالدولة وغيرها مثل كيفية صرف الموازنة وإعدادها، يفترض ان تكون متوفرة أمام الباحثين والصحفيين وكل قطاعات الشعب".

وخلص الى القول: ان "الشعب مصدر السلطات ولا يجوز لأي طرف سواء أكان سياسيا او متسلطا أو متنفذا، ان يمنع الشعب من الوصول للمعلومات".

استثناءات كثيرة

ويطالب صحافيون ومنظمات مدنية بإدخال تعديلات جوهرية على مشروع القانون لضمان توافقه مع الدستور وحقوق المواطنين في الشفافية والمساءلة، في حملة التواقيع التي اطلقت وانضم اليها 14 منظمة ومؤسسة دولية، إلى جانب نحو 600 صحفي وكاتب وباحث ومدون وناشط عراقي، بينهم مسؤولون في وسائل إعلام ومؤسسات ومنظمات غير حكومية.

وفي هذا الصدد قال عضو الحملة ـ رئيس شبكة نيريج، للصحافة الاستقصائية سامان نوح: إن "الحملة التي اطلقت منذ ثلاثة اسابيع تهدف لإيقاف او تعديل هذا القانون"، مؤكداً ان "قانون حق الحصول على المعلومة مهم ونحن مع اقراره، ولكن ليس بهذا الشكل والصورة الحالية المقدمة من قبل الحكومة الى البرلمان".

واضاف لـ"طريق الشعب"، ان "صيغة المشروع الحالي خطيرة جداً، ونعتبره بدورنا قانونا يحد من حرية الحصول على المعلومة ويضيق على الصحفيين ويمنع حصولهم على معلومات اساسية وبالتالي يحد من الحرية الصحافية".

وتابع، ان "الاستثناءات الواردة في المشروع كثيرة جداً، مثل حظر المداولات المتعلقة بالمسائل الاقتصادية وما يتعلق بالعقود التي تبرمها المؤسسات الحكومية والوزارات"، مضيفاً انه "في ظل هذه الاستثناءات، لن يكون بمقدور الصحافيين الحصول على معلومات اساسية في عملهم من اجل مواجهة الفساد، في حين ان المشكلة الكبرى في البلاد تتمثل بالفساد".

ونبه الى ان "القانون بصيغته الحالية، يعني ان الصحافيين لن يتمكنوا من المساهمة بمحاربة الفساد وتأدية دورهم"، مطالبا بإجراء تعديلات جوهرية على المسودة.

وأردف كلامه بأن هناك مجموعة من النقاط الاساسية التي تم عرضها على لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية وبعض النواب المستقلين، والكل ابدى تأييده لها.

وزاد بالقول: "برغم التأييد النيابي لكننا لا نثق بإمكانية المضي بكل هذه التعديلات التي طالبنا بها والتي تضمنتها ورقة وقع عليها اكثر من 600 صحافي ومؤسسة اعلامية ومنظمات مجتمع مدني و14 مؤسسة دولية".

وخلص الى القول انه في حال مضي البرلمان بتشريع القانون وعدم الاخذ بالتعديلات المقدمة من قبلنا، فأننا سنرفض العمل به ونحاول الطعن به أمام المحكمة الاتحادية، لان التعديلات التي نطالب بها تمس جوهر حق الحصول على المعلومة، وهو حق دستوري، وبالتالي فأن تمرير القانون بصيغته الحالية يعد خرقاً للدستور.

عرض مقالات: