اخر الاخبار

تشترك جميع المدن العراقية بنفس الهم، وهو توفير الخدمات المناسبة للمواطنين. وبعد أن شهدت السنوات الماضية عجزاً واضحاً عن معالجة اي ملف خدمي، لجأ الاهالي الى مختلف الوسائل لايصال صوتهم، بغية الحصول على هذا الحق توفير.

وضمن تلك الوسائل التي لجأ اليها المواطنون، كانت هناك “مجموعات مناطقية، وصفحات” في موقع الفيس بوك، تروج مشاكل الناس وهمومهم، بالإضافة الى القيام بخدمات اخرى تشمل الاعلانات والاخبار وغيرها.

يقول مشرفو ومروّجو تلك الصفحات، ان “كروباتهم” لم تعد افتراضية، انما لها وجود حقيقي في الشارع. فيما وصف بعضهم تلك “الصفحات” بأنها “حكومات مصغّرة” تهتم باحتياجات الناس ومشاكلها.

ويبرر الناشطون لجوءهم الى تلك المنصات بسبب عدم قدرة الحكومة “على توفير الخدمات بسبب الآليات والاجراءات الروتينية التي تتبعها، لذا هي بحاجة الى من يرشدها الى نقص الخدمات ‏في إحياء بغداد وغيرها.

وفي كل منطقة ببغداد هناك مجموعات او صفحات على التواصل الاجتماعي، تستعرض نقص الخدمات، او المشاكل الطارئة التي تحدث. 

بعض الناشطين اكد ان الكثير من الدوائر الحكومية تشترك معنا في هذه المجموعات “بعضها يستجيب والاخر لا يتابع”، خصوصاً دوائر الكهرباء.

 

‏ ‏مناطق مهمّشة ‏

علاء كاطع الفريجي، مؤسس كروب “مجموعة الارتقاء بواقع منطقة حي ‏النصر”، تحدث لـ”طريق الشعب”، عن منطقة المعامل في شرق العاصمة بغداد، التي “‏تعاني نقصا في الخدمات وعدم الاهتمام من قبل المسؤولين، وأن ‏الكثير من الناس تقدم مطالبات لكنها لا تصل الى الجهات المسؤولة، ‏وهناك مجاميع شبابية كبيرة نظمت تظاهرات ايضاً، لكن الرأي العام غض ‏النظر عنها”. ‏

وعلى أثر ذلك، قرر الفريجي وأصدقاؤه “إنشاء قناة لإيصال مطالبهم الى الجهات المتنفذة. والجميع ‏يعلم ان وسائل التواصل الاجتماعي هي اسرع قناة لإيصال الشكاوى او ‏المطالبات الخدمية والانسانية”، مضيفاً “وفي بعض الاحيان ننظم تظاهرات من ‏خلال الكروب”. ‏

وبيّن المتحدث أن “الكروب فيه 20 الف عضو ومتابع، ومن بين هؤلاء، موظفو ومسؤولو ‏الدوائر الخدمية البلدية والامانة والقائم مقام، وما يتم نشره في الكروب ‏يطلع عليه الجميع”.

ووصف الفريجي هذا الكروب بأنّه “قرية صغيرة لتنظيم مختلف ‏فعالياتنا في المناطق المهمشة”. ‏

وذكر أنّ “في بداية تأسيس الكروب كان المسؤولون يشاهدون الشكاوى ‏الخدمية، ولا يعيرون اية اهمية للمطالبات، لكن بعد ان نظمنا تظاهرات ‏من اجل توفير الخدمات، اصبحت الاستجابة افضل”.‏

وتابع الفريجي، لاحقاً تحولت مجموعتنا الى منصة تواصل مباشر، اذ يجري عقد اجتماعات سنوية لاعضاء المجموعة لبحث اهم القضايا التي تخص المنطقة.

‏أدوار متعددة ‏ 

ولم تعد هذه المجموعات محصورة بالمناشدات الخدمية، اذ تعدى دورها الى اعلانات المناسبات الاجتماعية وكذلك الى ترويج الحالات الانسانية الطارئة، وبيع الأغراض المستعملة والسيارات والمنازل بالإضافة الى تنظيم الفعاليات الاحتجاجية 

 

‏تجمعات واقعية‏

في السياق، قال حسين حبيب، مؤسس كروب “منطقة حي اور ‏والشعب”، في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “هذه التجمعات لم تعد افتراضية فقط ‏واصبح لها تواجد في العالم الحقيقي”.‏

وأكد أن  “الكروب يقدم العديد من المناشدات منها الانسانية، وهي ‏معنية بالطعام والعلاجات، للفقراء الذين لا يستطيعون تأمين قوتهم ‏وعلاجهم، ونقوم بجمع التبرعات”. ‏

وأضاف حبيب، أن “هناك ايضاً مناشدات خدمية معنية بموضوع الكهرباء ‏والماء ومجاري الصرف الصحي، وتعبيد الشوارع، ونحن في الكروب نحاول ‏ان نوصل مطالب الاهالي الى الدوائر، وبحكم التنسيق العالي مع دائرة ‏البلدية، فإن اي خلل يحدث ضمن مهام البلدية تقوم الدائرة بمعالجته ‏خلال 24 ساعة”. ‏

وأشار الى “أننا نعاني كثيراً اهمال دائرة الكهرباء للمطالبات التي ‏نقدمها، والدائرة غير متعاونة معنا، ولا احد يستطيع التأثير عليهم”. ‏

وفي سياق الكهرباء، بين حبيب قائلاً “من خلال الكروب نظمنا تظاهرات ‏في السابق على اجور المولدات الاهلية واخذت التظاهرات صدى واسعا، ‏حضره عشرات الموطنين والقوات الامنية، وتمت معالجة ارتفاع اجور ‏المولدات الاهلية، لفترة معينة ثم عادت لترتفع مجدداً”. ‏

ولفت الى أن “هذه المجاميع تعبر عن حالة من التضامن المجتمعي ‏خصوصاً انها نظمت وقفات احتجاجية وفعاليات تأبينية، حداداً على ارواح ‏الشهداء الذين سقوط في مناسبات مختلفة”. ‏

 

حكومات مصغرة ‏

محمد قاسم، احد مؤسسي “رابطة محبي مدينة الثورة”، أكد لـ”طريق ‏الشعب”، “في بداية التأسيس كانت فكرة الكروب للنخبة فقط، ولأجل ‏تسليط الضوء على الشخصيات المعروفة التي تركت أثرا ايجابيا في مدينة ‏الصدر”. ‏

وذكر أنه “في وقت لاحق اصبح للكروب اعضاء ومتابعون كثيرون. وبدأت ‏تصل الينا شكاوى على مختلف القضايا، واصبحت مسؤوليتنا أكبر”.‏

وبين أن “استجابة المسؤولين لمناشدة الرابطة جيدة جداً، ثم تطور ‏الكروب ليبدأ تنظيم حملات كبرى، تشمل تنظيف الازقة، وحمالات ‏لمكافحة المخدرات، وآخرها حملات السلال الغذائية التي نظمنها في ‏العام الماضي خلال ايام الحظر. واخذت صدى كبيرا جداً”. ‏

وقال ايضا إن “هذه المجموعات تتولى كثيرا من المهام، من بينتها ‏الكترونية معنية باستقبال المطالب والشكاوى، ومهام اخرى معنية ‏بالتواصل مع الدوائر الحكومية او الجهات المعنية. كل هذه المهام يقوم ‏بها مسؤولو ومشرفو الكروب”. ‏

 

سلاح ذو حدين

من جهته، علّق مدير عام بلدية الكرادة، سمير رحيم لـ “طريق الشعب”، عن ظاهرة المجموعات او الكروبات في التواصل الاجتماعي، التي وصفها بأنها “سلاح ذو حدين: ايجابي وسلبي”. 

وقال ان “بالنسبة لنا هذه المواقع تلعب دورا ايجابيا اكثر من ما هو سلبي. نحن نتفاعل معها بشكل سريع جدا. ونرغب في تقديم الخدمة للناس”. 

وفيما أكد ان “البلدية ليست بحاجة الى من يرشدها الى مهامها”، أردف كلامه “لكن في بعض الاحيان تحدث مشاكل في أزقة وشوارع لم تكن آلياتنا قد مرّت من خلالها في ذلك اليوم. وهنا يأتي الدور المهم لمواقع التواصل الاجتماعي”.