اخر الاخبار

ذات يوم جاء أحد أصدقائي من المهجر ليسجل أطفاله المولودين هناك في السجلات العراقية ويستخرج لهم هوية أحوال مدنية، فرحتي به كانت كبيرة وأنا ألتقيه بعد فراق دام سنوات، أخذ يراجع دائرة الجنسية يوم.. يومين.. أسبوع .. وبعد مراجعته التقيته ضجراً يتأفف ويضرب أخماساً بأسداس.

سألته: ما بكَ ؟ أجاب: دوخوني! سألت: لماذا؟ أجاب:  روح وتعال .. روح وتعال، حتى جزعت نفسي. قلت له: هذا حال دوائرنا جميعاً، يعجبون بك جداً فيطلبون منك أن تراجعهم مرة وأخرى لإكمال معاملتك! وهذه مشكلتنا جميعا. قال : يا أخي هناك تكمل معاملتك وتستلم الهوية أو أي شيء آخر خلال دقائق ، قلت له : هناك .. لكننا نعيش هنا.

نعم هذا حال كل مراجع إلى أي دائرة من دوائرنا وبالأخص الخدمية بحيث يصل بك الجزع إلى ترك معاملتك وتمزيقها .. لا توجد فوق شفاههم إلا : روح.. تعال باجر ..ناهيك عن الاستنساخ الذي يصل بالورقة الواحدة ــ أيّ استمارة مثلاً ــ إلى العشرات إضافة إلى المستمسكات الأربعة ، هذا إذا أراد الموظف أن ينهيها لك بوقت قصير .

ذات يوم كنت أراجع دائرة، واستغرقت مراجعاتي أسبوعين. وعند إدخال معاملتي إلى المدير العام انتظرتها حتى بعد نهاية الدوام بربع ساعة ليقول لي السكرتير: أخي معاملتك يمكن ضاعت، اندهشت وقلت له: معقولة تضيع معاملة في غرفة المدير العام ؟! ، أجابني :  كل شيء معقول أخي .. قبل يومين ضاع كتاب الوزارة وغيره وغيره ... صفقت كفي وقلت :  لهذا لم نتطور أبداً ولن تُحل مشاكلنا، فنحن لا نعير أهمية لأي شيء . لحظتها انفعلت  فدخلت غرفة المدير  لأتحدث معه في الموضوع. سبقني السكرتير بالكلام قائلاً:  أستاذ ، الأخ ضاعت معاملته يمك فانزعج، التفت الي المدير قائلاً: أخي لا تنزعج هواي تضيع معاملات، إحمِد ربك ما بيها كتب من دوائر أخرى حتى ما ترجع لتلك الدوائر مرة ثانية ، يوم لو يومين ونكملها لك .

استذكرت مقدمتي هذه وأنا أسمع أن الكابينة الوزارية الجديدة لم يتم الاتفاق عليها لحد هذه اللحظة وكذلك قضية رئيس الجمهورية، فيما الانتخابات مرّ عليها أربعة أشهر، وجلّ ما أخشاه أن تكون عملية التأجيل هذه مرتبطة بروتين دوائرنا ... روح ... تعال باجر ..( وتيتي تيتي مثل مارحتي إجيتي) ..

وهكذا يريدون للوطن ان يبقى يسير في دهليز مظلم !!

عرض مقالات: