لو لم اكن شاهدا على سلسلة من التعديات الشنيعة على قيم الوظيفة مسجلة على جهاز الشرطة التابع لوزارة الداخلية، وتعاطي الرشوة علنا بالصوت والصورة، والتواطؤ مع العصابات المنفلتة، والتراخي في رصد الجريمة التي تعربد هنا وهناك، وممارسة الزجر والاذلال للمارة والعابرين.. اقول، لو لم أكن شاهدا على كل ذلك ما جازفت بسمعتي ككاتب احترم نفسي وقلمي وتاريخي باطلاق هذا الاتهام "الثقيل" الذي قد يعرضني الى المساءلة، بل، ما كنت سأكتب هذه السطور "المغامِرة" في صحيفة لها مكانتها في خارطة المسؤوليات الادبية والمعنوية، فقد كنت طرفا في اكثر من حادثة واحدة يتصرف فيها الجناة بكل "رهاوة" وكنت عينا في اكثر من ساحة تفتح ستارتها على انتهاكات، في وضح النهار وعلى بعد ياردات من مفرزة للشرطة. مسرحيات نصب وتشليح وتهديد توقع بمواطنين وتبتز آخرين، ثم يفلت "الممثلون" وهم يرتدون ملابس الشرطة ويستخدمون سياراتها.
أكيد ستقول الجهات المسؤولة في وزارة الداخلية، نعم تحدث مثل هذه الاعمال الخارجة على القانون، ولكنها (ستقول ايضا) اعمال فردية، وتحدث في جميع الدول، بما فيها الدول التي تتمتع بأرقى انواع تقنيات المراقبة والملاحقة والضبط والالتزام الوظيفي، وسنقبل هذا التبرير الافتراضي، لكن، لابد من القول ان تلك الدول تقبض على 90 بالمائة من الاعمال الموصوفة بالجريمة المنظمة، فيما نحن نمرر اكثر من 90 بالمائة من تلك الجرائم، دون عقاب.
*قالوا:
"كل ما يتطلبه الطغيان للوجود هو بقاء ذوي الضمير الحي صامتين".
جيفرسون- الرئيس الامريكي الثالث