المؤامرة في الاصطلاح المدرسي هي "مكيدة" من أصل الفعل "أمَرَ" وتأتى بمعنى التشاور والإمارة، والقول (القاموسي) إنهم تآمروا، يعني أنهم تشاوروا حول أحدهم، واتفقوا على إيذائه، وفعل الإيذاء، مسبوق بإيحاءات مطَمْئنة للضحية تؤدي به إلى الغفلة، وكلما كان الضحية قليل التحسب والحذر واليقظة كان أسهل للوقوع في شباك المؤامرة.
أما نظرية المؤامرة فهو اصطلاح حديث في علوم السياسة، وقد دخل في الاستخدام منذ العقد الثالث من القرن الماضي على هامش الانشقاق في النظام الدولي وسيادة نظام القطبين، وأصبح معبرا لتفسير الأحداث مع صعود الحرب الباردة، وخصّه "قاموس أوكسفورد" بسطور ضافية بوصفه "محاولة لشرح السبب النهائي لحدث او سلسلة من الأحداث السياسية والاجتماعية او التاريخية على أنها أسرار" وغالبا ما يحال الحدث إلى عصبة متآمرة.
إلى ذلك، قدمت نظرية المؤامرة (كل حدث وراءه مؤامرة) خدمات جليلة للذين اختلطت عليهم الأمور وصعُب عليهم البحث الصبور الواعي والموضوعي في خلفيات الأحداث، أو الذين ولعوا في توليف الروايات وجمع النتف العابرة من الحقائق لتقديمها كحقائق خافية، كما ساعدت المسؤولين عن الاخفاقات والفشل والنكسات على رفع اللوم عن النفس وإبراء الذمة عنها وإلقاء المسؤولية عن ذلك على متآمرين مفترضين، وفي النتيجة تحولت "نظرية المؤامرة" إلى مخدر للتعايش مع العجز.. وإلى دواء يباع مجاناً.
*قالوا:
" اصْبر على كيد الحسودِ فإن صبرَك قاتله".
عبد الله بن المعتز