يعلم الجميع أن للرياضة أدوارًا مهمة وفاعلة؛ فمن خلالها تُبنى علاقات اجتماعية، وتتوطد أواصر التراحم، كما تتيح تأسيس صداقات متينة وتعارف بين أبناء الوطن كافة. وقد حققنا من خلال الرياضة الكثير من الروابط الاجتماعية التي أسهمت في تعزيز الوحدة الوطنية، فكانت الرياضة أفقًا واسعًا لعلاقات وطيدة وصداقات دائمة تركت آثارًا إيجابية مستمرة.
من هذا المنطلق، كان للمؤسسات الرياضية دور كبير في توطيد العلاقات الاجتماعية، وأثمرت عن نجاحات متواصلة وعلاقات أخوية متينة امتدت في أنحاء العراق كافة. وقد حظيتُ، بفضل الرياضة، بصداقات وعلاقات أخوية أعتز بها.
لهذا، أوجّه ندائي إلى قادة الأندية الرياضية وأعضاء هيئاتها الإدارية: لنعمل معًا على إعادة الحياة إلى أنديتنا، ونُعيد لها بريقها وابتسامة أبنائها التي كانت ترتسم على وجوههم عند اللقاء.
قبل أيام، زرت أحد الأندية الرياضية عصرًا، فلم أجد سوى عدد لا يتجاوز العشرين رياضيًا يمارسون بعض ألعاب الحديد وكرة القدم، بينما كانت الساحات والملاعب شبه خالية، ولا أثر لأي نشاط اجتماعي أو ثقافي أو فعالية فنية. في حين كنا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي نشهد الأندية الرياضية تزخر بالحيوية والأنشطة المتنوعة: رياضية، ثقافية، اجتماعية، فنية، وغيرها.
اليوم، للأسف، تلاشت تلك الفعاليات واختزلت الأندية نشاطها في بعض الألعاب الرياضية ككرة القدم والسلة. وقد سنحت لي الفرصة قبل سنوات لزيارة بعض الأندية الرياضية في جمهورية مصر العربية، فوجدتها تنبض بالحياة منذ ساعات الصباح الأولى، تستقبل الضيوف، وتقدّم فعاليات رياضية وفنية وثقافية، وتلتقي بالهيئات العامة وأعضاء النادي، وتوفر لهم خدمات متنوعة، بل وتؤدي أدوارًا كانت تؤدى سابقًا من قبل الدوائر الرسمية، مثل خدمات التأمين وتسجيل المركبات.
لقد وجدت في النادي المصري تنوعًا في النشاطات وكثرة في الحضور، وكان يفتح أبوابه منذ الصباح الباكر حتى منتصف الليل. ووجدت نشاطًا مشابهًا، وإن كان أقل، في بعض الأندية الأردنية وأندية الخليج. وكل هذا دفعني لأن أطالب أنديتنا العراقية بأن تبدأ بتقديم النموذج العملي الصحيح لتحويل الأندية إلى ورش عمل نشطة، كما كانت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حين كان الاشتراك الشهري لا يتجاوز 250 فلسًا، ومع ذلك كانت الهيئات الإدارية – وغالبيتهم من المتطوعين – تدير كافة أنشطة النادي.
هكذا كانت أندية الأعظمية، المهداوي، قريش، الأرمني، الآثوري، وفي المحافظات: أندية البصرة، الفتيان في الناصرية، العمارة، التحرير الحلي، الفتوة في الموصل، أربيل، الطف في كربلاء، الغري في النجف، وغيرها من عشرات الأندية التي كان لها دور كبير في تطوير الرياضة، إلى جانب فعاليات اجتماعية وثقافية وتوعوية وطنية. كما كان لمعلمي ومدرسي التربية الرياضية دور رائع في خدمة أبناء مناطقهم.
لكن للأسف، تغير الحال اليوم، وغابت الفعاليات الاجتماعية والثقافية والفنية، وتراجعت العديد من الأنشطة الرياضية.
لهذا، أكرر ندائي لأحبتي قادة الأندية وأعضاء هيئاتها الإدارية والعامة: متى ستعملون على إعادة الحياة إلى أنديتكم؟ متى ستحولونها إلى مؤسسات قادرة على استقطاب جمهور الرياضة والثقافة والأدب والفن؟ متى ستكون الأندية منابر حقيقية لخدمة المجتمع وتقديم الفائدة للناس؟
أملنا كبير بأن تعود أنديتنا إلى أيام مجدها ونشاطها، وأن تصبح بابًا واسعًا لكل الخدمات التي يحتاجها أبناء هذا الوطن.