لقد اعتدنا منذ سنوات طويلة، خاصة في فترات قلة الطواقم الرياضية ونُدرة قادة المؤسسات الرياضية، على التساهل في توزيع المناصب الرياضية. بسبب قلة العاملين في القطاع الرياضي، كان من المعتاد أن يشغل البعض العديد من المناصب في وقت واحد. وقد تحولت هذه الظاهرة بمرور الوقت إلى عادة تتسم بالاحتكار للمواقع، ثم تطورت لتصبح نموذجاً ديكتاتورياً شبيهاً بما كان سائداً في تلك الأيام.
اليوم، ومع التغيرات الكبيرة في المجال الرياضي وتعدد المهام والواجبات، أصبح من الضروري أن نسعى إلى توزيع المواقع الرياضية على القيادات بشكل عادل. فمن غير المعقول أن يجمع شخص واحد في وقت واحد، على سبيل المثال، رئاسة نادٍ رياضي في محافظة معينة، ورئاسة اتحاد رياضي في نفس المحافظة، ورئاسة ممثلية اللجنة الأولمبية في تلك المحافظة، بالإضافة إلى عضوية اتحاد مركزي في لعبة جماهيرية، وعضوية في المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الوطنية، فضلاً عن عمله في منصب حكومي.
هذا التجميع في المناصب يُطرح تساؤلاً مهماً: كيف سيجد هذا "القائد الرياضي" الوقت الكافي لعائلته، ولإدارة جميع هذه المؤسسات الرياضية؟ من هنا، يجب أن نفتح الأبواب أمام القيادات الشابة، وأن نمنح الفرص لدماء جديدة قادرة على التطور والنمو.
في الماضي، كان العاملون في المجال الرياضي معظمهم من معلمي ومدرسي التربية الرياضية، وهم الذين تولوا المناصب الرياضية نظرًا لندرة المتخصصين. لكن اليوم، ومع تزايد الكوادر المتخصصة، وأصبح للرياضة في العراق مجال خصب ومتنوع، حيث يعمل العديد من الشباب في النشاط الرياضي المدرسي، والاتحادي، والأولمبي. أصبح العمل في الرياضة مهنة رئيسية ومصدرًا لتحقيق الإنجازات على مختلف الأصعدة.
اليوم، تحولت الرياضة إلى قطاع حيوي مهم، يولي اهتمامًا خاصًا بتحقيق الإنجازات على المستوى الأولمبي والدولي. ومن أجل الوصول إلى هذه الإنجازات، يجب على القيادات الرياضية أن تتسم بالاجتهاد والصدق في عملها، وأن تكون وطنية في أفعالها وأدائها. وهذه السمات لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال التفرغ الكامل لمؤسساتهم الرياضية، وهو ما سيمكنهم من تقديم أفضل الحلول والابتكارات لتطوير الأنشطة والفعاليات الرياضية.
أما السعي وراء العمل في مناصب متعددة ومشتتة، فذلك لن يساعد في تطوير العمل الرياضي بالشكل المطلوب. لذلك، أناشد زملائي من قادة المؤسسات الرياضية بالتركيز على أعمالهم الحالية، وترك الفرص للمؤهلين الجدد في بقية المناصب. هذا التوجه سيساهم في تحسين وتطوير الأداء الرياضي، ويضمن نجاح المهام الملقاة على عاتقهم.
إذ أن التمسك بمناصب متعددة سيؤدي إلى تراجع الأداء وضياع الجهود، بينما التخصص والتفرغ سيؤديان إلى تحقيق نتائج إيجابية وبناء هيكل رياضي قوي. علينا أن نبتعد عن أسلوب القيادة الاحتكارية الذي عانينا منه لعشرات السنين، والذي أدى إلى الكثير من السلبيات. فلنركز على تحسين العمل الرياضي بشكل حقيقي وبناء، من أجل الوطن ومن أجل الرياضة.