أخذتُ عهداً، منذ زمن بعيد، أنْ لا أدخل في خصومة أو مجادلة أو مباراة لسانية (حين يتعلق بوجهات النظر) مع جاهل، او متَحامل، او "لغْوي" لأنه سيسعد بذلك، ولأني سأتسخ في نهاية الامر، لكن أصدقاء احترمهم لا يشاركوني هذا الرأي (حسناً) ويعتبرون موقفي هروبا، وضعفا، وهشاشة دروع دفاعية، والحال، ففي حساباتي أن يساء فهمي القائم على ادخار الوقت والانشغال بما هو أهم، أفضل لي (وللقراء) من أن افرّط بوقتي الثمين ومساحات الكتابة في مخاشنات ومناكفات تنزل منزلة المهاترات، مما نتابعها على بعض صفحات التواصل الاجتماعي، وبعض الشاشات الملونة، إذْ أعترف (وباختصار) اني لا أجيد اللعب في هذه الملاعب، وعندي أن صاحب الحق، الواثق من نفسه، عنده رؤيا، فيما أبناء الباطل لديهم رطانات.
إلى ذلك كنت شديد الإعجاب بالردود اللاذعة التي يطلقها "برنارد شو" نحو الذين يحاولون استدراجه إلى الملاسنة. أوقفه أحدهم يوما قائلاً: أليس الطبّاخ أنفع للأمة من ثرثراتك؟ فردّ عليه: "نعم، الكلاب تعتقد ذلك" كما احببتُ التصديات التي أوردها هادي العلوي في "المستطرف الجديد" فذكر ان جاهلاً أراد ان ينال من مكانة العالِم السرياني "ابن ماسويه" فرد عليه الأخير بالقول "لو كان ما فيك من الجهلِ عقلٌ ثم قُسّم على مائة خنفساء، لكانت كل واحدةٍ منهنّ أعقل من أرسطوطاليس".. وكان ذلك اللغْوي يستحق.