انطلقت أول أمس الثلاثاء فعاليات مهرجان كانّ السينمائي بدورته الـ78، وسط عالم تتقاذفه الحروب والنزاعات، من أوكرانيا إلى غزة. حيث أضحت المأساة هناك نداءً يدوّي في الكواليس قبل أن يُسمع ويُرى على الشاشة!
في هذا الجو الملبّد، يلمع على السجادة الحمراء اسم روبرت دي نيرو، الذي سيُكرَّم بجائزة السعفة الذهبية الفخرية عن مجمل مسيرته، في لحظة مؤثرة يقدّم فيها الجائزة صديقه وشريكه على الشاشة، ليوناردو دي كابريو.
ومن المتوقع أن تُشدّ آذان السينمائيين لكلمة دي نيرو، المعروف بمواقفه الصريحة المعارضة لسياسات دونالد ترامب، لا سيما بعد تهديد الأخير بفرض ضريبة بنسبة مائة في المائة على الأفلام الأجنبية، ما ينذر بتحولات خطيرة في صناعة السينما العالمية. خارج أروقة المهرجان، وبالتزامن مع افتتاحه، نشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية رسالة مفتوحة وقّعها نحو 400 سينمائي، بينهم بيدرو ألمودوبار، سوزان ساراندون وريتشارد غير، دعوا فيها إلى عدم الصمت حيال "الإبادة الجارية في غزة". وحملت الرسالة طابعاً إنسانياً لافتاً، وحيّت ذكرى المصوّرة فاطمة حسونة التي قُتلت في قصف إسرائيلي منتصف نيسان الفائت، والتي ستُعرض سيرتها في وثائقي ضمن برمجة المهرجان.
وجاء في الرسالة: "ما الهدف من مهنتنا إن لم نستخلص دروس التاريخ والأفلام الملتزمة، إن لم نكن موجودين لحماية الأصوات المضطهدة؟". وكانت من بين الموقّعين أيضاً المخرجة جوستين ترييه والممثل رالف فاينز. فيما نقلت وكالة "فرانس برس" عن إحدى المجموعات التي تقف خلف هذه المبادرة، أنّ اسم جولييت بينوش، رئيسة لجنة التحكيم، ورد سابقاً بين الداعمين، لكنه لم يظهر في النسخة النهائية للائحة المنشورة.
في المقابل، وجّهت بينوش في حفل الافتتاح تحية للمصورة فاطمة حسونة التي كان من المفترض أن تحضر، مؤكّدة أنّ "الفن يبقى. فهو الشهادة القوية على حياتنا وأحلامنا".
وسيُعرض في المهرجان فيلم "ضع روحك على يدك وامشِ"، من إخراج الإيرانية سبيده فارسي، والذي يروي قصة محنة غزة والحياة اليومية للفلسطينيين من خلال محادثات فيديو مُصورة بين حسونة وفارسي.
بدورها، اعتبرت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي أنّ الموقف الذي اتخذه الفنانون "جزء من مسؤوليتهم".