اخر الاخبار

حل حزب العمال الكردستاني نفسه وأنهى ممارسته للكفاح المسلح، تنفيذا لقرار مؤتمره الثاني الذي عقد الأسبوع الفائت في مناطق جبل قنديل داخل الحدود العراقية، التي أطلق عليها الحزب تسمية "مناطق الدفاع المشروع".

وبهذا استجاب الحزب لطلب مؤسسه عبد الله أوجلان الذي طرحه في 27 شباط الفائت. وصرح أوجلان حينها، أنه يتبني مبادرة الدولة التركية لتحويل الصراع العسكري، الذي استمر قرابة 40 عاما، وقُتل فيه أكثر من 40 ألف ضحية في المعارك بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، ناهيك عن القمع وتدمير المدن والقصبات الكرية، إلى عملية تُدار ديمقراطيا. وشدد أوجلان المسجون في جزيرة إمرالي منذ عام 1999، أنه يتحمل بنفسه "المسؤولية التاريخية" عن هذه الخطوة.

وجاء في البيان الختامي الذي صدر يوم الاثنين الفائت أن حزب العمال الكردستاني "حقق مهمته التاريخية"، ووضع القضية الكردية "في مركز الخطاب السياسي وكسر سياسة الإنكار والاحتواء التي استمرت لعقود من الزمن".

 تأسس حزب العمال الكردستاني في 27 تشرين الثاني 1978، "كحركة ماركسية لينينية تهدف إلى إقامة دولة كردية اشتراكية". ومنذ تسعينيات القرن العشرين، خضع الحزب لعملية تحول وضعت الديمقراطية والحكم الذاتي داخل حدود الدولة التركية في مركز نضالها.

وقالت النائبة والقيادية في حزب "العدالة والديمقراطية"، وهو الاسم البديل لحزب الشعوب الديمقراطي المحظور برفين بولدان، التي كانت إلى جانب آخرين حلقة الوصل بين أوجلان والحكومة التركية في الأشهر الأخيرة، في بيان صدر عقب بيان حزب العمال الكردستاني: "لقد أكد لنا السيد أوجلان باستمرار أنه يريد إنهاء الصراع المستمر منذ 52 عاماً وتمهيد الطريق للسلام والحلول السياسية".

ردود فعل المسؤولين الاتراك

أدلى عمر تشيليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بتصريح تصالحي غير معتاد بعد قرار الحل: "قد تكون أسماؤنا مختلفة، لكن لقبنا المشترك هو: الجمهورية التركية". وقال محمد أوجوم، المستشار الرئيسي للرئيس التركي، الاثنين: "لقد بدأ فصل جديد من الإصلاحات الشاملة في مجالات الديمقراطية وسيادة القانون".

وكانت عملية التفاوض قد بدأت في نهاية العام الفائت بعد أن طالب دولت بهجلي، رئيس حزب الحركة القومية الفاشية، المشارك في الائتلاف الحاكم بزعامة أردوغان، بأن يأتي أوجلان إلى البرلمان ويعلن حل حزب العمال الكردستاني. وتلت ذلك جولات عديدة من المحادثات بين الطرفين حتى شباط 2025.

تشكيك في نوايا أردوغان

وهذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها الحكومة التركية انفتاحها على إمكانية التوصل إلى سلام مع الحركة الكردية. في عامي 1993 و2002، وكذلك من عام 2013 إلى عام 2015، كانت هناك عملية سلام واعدة إلى حد ما بين أنقرة والحركة الكردية، ولكن هذه المحاولات كانت تنتهي دائمًا برد حكومي عسكري عنيف، وحاليا ورغم كل هذه المحالات، يظل من المشكوك فيه ما إذا كانت تركيا سوف تعمل على تهيئة الظروف الملائمة لسياسة ديمقراطية للحركة الكردية، وكيف سوف تعمل على ذلك. وتظل هناك مسائل قانونية أخرى دون حل، مثل مستقبل كوادر الحزب المحلول. ربما دفعت التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة الكبرى الحكومة إلى تغيير موقفها. وكان بهجلي قد أكد باستمرار أن تركيا تقع في "دائرة نار" وبالتالي فهي بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن السياسة الداخلية.

وتشكك الخبيرة في الشؤون التركية غونول تول من معهد الشرق الأوسط في الولايات المتحدة في أن الاهتمام الأساسي لأردوغان هو "تعزيز سلطته". هدفه هو التنافس في انتخابات 2028 بقوة ضد المعارضة المنقسمة. إذا تم حل حزب العمال الكردستاني بسلاسة، فسيكون ذلك بمثابة "انتصار كبير لأردوغان". إن المستوى المنخفض لمشاركة السكان الأكراد في الاحتجاجات ضد اعتقال منافس أردوغان أكرم إمام أوغلو يُظهر أن استراتيجية أردوغان المتمثلة في "خلق انقسام بين الحزب المؤيد للأكراد وبقية المعارضة" ناجحة.

مستقبل التدخل التركي في العراق

وجاءت نبرة تفاؤل أيضا من العراق، قال رئيس إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني أنهم "سيدعمون كل الجهود الرامية إلى حل المشاكل بالوسائل السلمية". ولا يزال حزب العمال الكردستاني يحتفظ بمقره في جبل قنديل.

في الواقع، قد يكون السلام الدائم مفيدًا بشكل مباشر لإقليم كردستان والعراق عموما: ففي السنوات الأخيرة، نفذت تركيا عمليات عسكرية متكررة، داخل الأراضي العراقية بحجة مطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، واحتلت أجزاء كبيرة في المنطقة الحدودية في انتهاك صريح لسيادة العراق والقانون الدولي.  وسببت الهجمات التركية مقتل وهجرة اعداد كبيرة من سكان المنطقة. ومن الضروري ان تدفع التطورات الأخيرة الحكومة العراقية إلى المطالبة الجدية بانسحاب جميع القوات التركية من الأراضي العراقية.

عرض مقالات: