اخر الاخبار

تظهر خطط وتصريحات وممارسات ترامب، أنه جاد في تقويض الديمقراطية في بلاده. لقد وقّع قرابة 100 أمر تنفيذي في يوم تنصيبه. وقد واجه العديد منها الرفض والملاحقة القانونية. وعلى الرغم من ذلك تتسارع وتيرة تآكل الديمقراطية. وأساس هذا التوجه، يكمن في خطة "مشروع 2025" لمؤسسة "هيرِتيدج" (التراث)، لا عادة هيكلة الولايات المتحدة لتتحول إلى دولة قومية مستبدة. والمتابعون للمشروع يتحدثون عن تنفيذ 34 في المائة منه، حتى نهاية شباط، فما الذي تم تنفيذه؟

مراقبة المؤسسات والأفراد

 يتضمن مشروع 2025، استبدال موظفي الخدمة العامة خلال أول 180 يومًا من الولاية الجديدة، على اساس الإخلاص او عدمه للرئيس، وبالتالي يصبح   قرابة 50 ألف موظف فيدرالي دون حماية، ويمكن طردهم واستبدالهم بالموالين. وهذا ما يحدث الآن. وقّع ترامب على الأمر التنفيذي، الذي يوظف ذريعة "الكفاءة"، لاستبدال آلاف الأفراد بمؤيدين مخلصين لحزب الرئيس. وكانت مؤسسة التراث، قد أعدت، قبل بدء مهامها قائمة بأسماء المؤهلين.

وينص مشروع 2025 كذلك، على حل بعض الوكالات الحكومية أيضا، أو على الأقل وضعها تحت سيطرة ترامب المباشرة. وسوف يستغرق الأمر وقتًا أطول، لكن تم تنفيذ بعض الإجراءات. مثلا، أقال ترامب العديد من الهيئات الرقابية في الوكالات الفيدرالية الكبرى في فترة زمنية قصيرة للغاية. وتم طرد بعض موظفي وزارة العدل الذين عملوا في القضايا المثارة ضد ترامب. وقد قام المتضررون برفع دعاوى قضائية لاسترداد حقوقهم.

وأخيرا، وقع ترامب على أمر تنفيذي يضع جميع الوكالات المستقلة، مثل هيئة الخدمات المالية أو هيئة الاتصالات، تحت سيطرته. باستثناء مجلس المحافظين ولجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، التي تقرر أسعار الفائدة. يقول ترامب إن الوكالات التي كانت مستقلة في السابق ليست مسؤولة بشكل كافٍ أمام الشعب الأمريكي، الذي يعني بالنسبة له شخص الرئيس.

خفض مساعدات التنمية

وفق مشروع 2025، قام ترامب بشكل أولي، بإعادة هيكلة وكالة التنمية الأمريكية. وستتبع مستقبلا وزارة الخارجية. وتم تسريح آلاف الموظفين أو منعهم من دخول المبنى. وإغلاق موقعها الالكتروني، وإيقاف البرامج والموارد المالية لمدة 90 يومًا، سيتم خلالها مراجعة كل برنامج واتخاذ قرار بشأن استمراره، تعديله، او إيقافه.

وستتم أيضًا دراسة مدى توافق المشاريع مع سياسة "أميركا أولاً". ويحذر الخبراء من أن هذا يتناقض مع مبادئ مساعدات التنمية، والإجماع الاجتماعي العالمي.

ان الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مسؤولة عن مساعدات التنمية والمساعدات الإنسانية في الخارج. والولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر مانح لمساعدات التنمية الدولية. وتعتمد البرامج ضد أمراض مثل فيروس نقص المناعة أو الملاريا على هذه الأموال. ويتم من خلال المساعدات تمويل مشاريع لمكافحة الجوع ولتوفير مياه الشرب النظيفة وللسلام والاكتفاء الذاتي وغير ذلك الكثير. وقد أصبح العديد من هذه المشاريع الآن متوقفا. ويفترض الخبراء أن مؤسسات التنمية في شكلها المعتاد أصبحت من الماضي. ويشير مشروع 2025 إلى ذلك أيضًا.

التضيق على التنوع

وفق مشروع 2025، يفترض حظر ما يسمى " برامج التوعية" في المدارس، أي تعليم وفهم أنماط الحياة المختلفة. وتم إيقاف البرامج الرامية إلى تحقيق المزيد من التنوع والشمول في الوكالات الفيدرالية، ولا يشترط على الذين يتعاونون مع الحكومة الالتزام ببرامج مماثلة في المستقبل. ويكرس المشروع قيما تذكرنا بالقرون الوسطى، التي دمرت التنوع، وينظر المشروع إلى التنوع باعتباره تهديدا. وكذلك، ينبغي تكثيف العمل العسكري ضد الهجرة.  ونص أحد أول الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب على نشر الحرس الوطني على الحدود مع المكسيك، وأعلن ترامب حالة الطوارئ. وينبغي فرض قيود صارمة على الهجرة، وتم إيقاف برامج الهجرة ويتم ترحيل المهاجرين بشكل جماعي.

تدمير حماية المناخ

وينص مشروع 2025 على إنهاء الصراع بشأن الطاقة الأحفورية، ويرى أن هناك مبالغة في حماية المناخ. وفي حين تتزايد الحاجة إلى المزيد من الطاقة المتجددة، يعتمد ترامب على الطاقة الأحفورية. ينبغي أن يبدأ الحفر بحثا عن النفط والغاز مجددا في المناطق المحمية بيئيا. وانسحبت الولايات المتحدة مجددا من اتفاقية باريس لحماية المناخ. وينص المشروع على أن تصبح الولايات المتحدة أكثر استقلالية، وتعزل نفسها، وتلغي التزامها بالقواعد المنصوص عليها في الاتفاقات الدولية. وبتكثيف شديد يعمل ترامب على بناء دولة استبداد، فلم يعد هناك هيئات مراقبة متبقية. ويتمتع الحزب الجمهوري حاليا بالأغلبية في مجلسي الكونغرس الأمريكي، والمحكمة العليا أيضًا في أيدي بعض القضاة اليمينيين المتطرفين. ويبقى سلاح التضامن المجتمعي والاحتجاج، والمطالبة بالالتزام بالدستور، بعيدا عن التأويل، أحد أهم الأسلحة لمواجهة هذا الجنون الفاشي.

عرض مقالات: