يبدو أن الانفتاح على اليمين المتطرف تخطى حدود النمسا وفرنسا ليصل ألمانيا، فقبل قرابة الشهر من موعد الانتخابات البرلمانية العامة المبكرة في 23 شباط، طرح الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ مشروعي قرار في البرلمان الاتحادي، والهدف هو تحقيق تحول رجعي في سياسة الهجرة.
يشير أحد المشروعين: "إن سياسة الهجرة واللجوء الراهنة، تشكل خطرا على أمن المواطنين، وثقة عموم المجتمع بالدولة". وفي توظيف للجرائم التي شهدها عدد من المدن الألمانية في الأشهر الأخيرة، تحاول الورقتان تحميل اللاجئين والمهاجرين مسؤولية ما حدث. ويتضمن المشروع الثاني مطالب مشددة في الباب المعنون "من أجل تحول في السياسة الأمنية"، ويسطر قادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي 27 إجراءً يهدف إلى توسيع صلاحيات أجهزة الدولة تحت ذريعة "تعزيز الأمن"، تتم المطالبة بمنح سلطات الشرطة والأجهزة السرية مزيدًا من الصلاحيات، فضلاً عن فرض عقوبات أكثر صرامة على الاعتداءات على رجال الشرطة. ومن المتوقع أيضًا زيادة عمليات الترحيل إلى أفغانستان وسوريا في المستقبل. في حالة ارتكاب جرائم خطيرة، ينبغي أن يكون من الممكن سحب الجنسية الألمانية من المواطنين مزدوجي الجنسية.
وفي الوثيقة المكونة من صفحتين حول "نهاية الهجرة غير الشرعية"، دعت الاتحاد الأوروبي إلى فرض ضوابط دائمة على الحدود ورفض جميع محاولات الدخول غير الشرعي. ويجب أيضًا "احتجاز المشمولين بالترحيل الفوري". سيتم تشديد حق الإقامة للمجرمين والأفراد الخطيرين. ويتضمن المشروع أيضًا فقرة حول حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف. وكان زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي ومرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمنصب المستشار فريدريش ميرتس قد تعرض لانتقادات في وقت سابق بسبب تلميحه إلى إمكانية تمرير إجراءات التشديد في البرلمان أيضا بأصوات حزب البديل لألمانيا. وعلى الرغم من ذلك ينص المشروع على أن حزب البديل من أجل المانيا "يستخدم المشاكل والقلق والمخاوف الناجمة عن الهجرة غير الشرعية الجماعية لإثارة كراهية الأجانب". ورد الحزب اليميني المتطرف على الفور بغضب. وقال زعيم الحزب تينو شروبالا: "التشهير بالمعارضين السياسيين في المشاريع المقترحة" لا يتفق مع "المعايير البرلمانية الجيدة".
ردود فعل أولية
قبل أن تجري مناقشة المشروعين في البرلمان، جاءت الموافقة من الحزب الديمقراطي الحر. وقال زعيم الكتلة البرلمانية كريستيان دور، إن حزبه يقترح أيضا "التوقف عن تقديم مساعدات التنمية" للدول التي لا تستقبل مواطنيها. وبالنسبة لحزب "تحالف سارا فاكنكنشت" المنشق عن حزب اليسار الالماني، فان الخطط المقترحة غير كافية. وقالت مؤسسة الحزب، سارة فاكينكنيشت: "سوف نوافق، ولكن بعض مقترحات ميرتس رمزية فقط". وتقترح القيام بإجراءات اللجوء والمساعدات الاجتماعية فقط لطالبي اللجوء الذين لا يدخلون ألمانيا عبر بلد ثالث وآمن.
من جانبه انتقد المستشار الألماني المنتهية ولايته ومرشح الحزب الديمقراطي الاجتماعي لمنصب أولاف شولتس في العديد من الفعاليات الانتخابية المشاريع المقترحة لعدم توافقها مع الدستور الألماني وقوانين الاتحاد الأوروبي. وانتقد حزب الخضر هذه المشاريع أيضا. وقالت زعيمة الكتلة البرلمانية كاثرينا دروغي، إن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ميرتس يقترح تدابير غير دستورية. واندلعت تظاهرات في عدد من المدن الألمانية، احتجاجا على المشاريع المقترحة، لأنها تعزز صعود اليمين المتطرف، وتوفر مادة للحملة الانتخابية لحزب البديل من أجل المانيا.
حزب اليسار ومناهضة الفاشية
يكاد حزب اليسار الألماني ينفرد بوضوح عن الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان الألماني في إرجاع المشاكل المرتبطة بملف الهجرة واللجوء إلى أسبابها الحقيقية المرتبطة بالنظام الرأسمالي والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها. ويفضح الحزب على أساس نظرة أممية شاملة عملية تحميل المهاجرين واللاجئين، مسؤولية عجز النظام الرأسمالي تجاوز ازماته المستمرة.
ويرى الحزب، أن حزب البديل من أجل ألمانيا ليس بديلاً ديمقراطياً، كما و "لا يوجد شيء ديمقراطي في هذا الحزب". وفي الحملة الانتخابية أعلن قياديو الحزب أن لليسار العديد من المنافسين، "ولكن لديه خصم واحد فقط، هو حزب البديل من أجل ألمانيا"، الذي يؤكد برنامجه الانتخابي انه "حزب معادٍ للمجتمع وحزب حرب". وأكدت قيادة الحزب ومرشحيه الرئيسين، أن الصراع الأساسي في عدد من الدوائر الانتخابية في شرق المانيا، على التفويضات المباشرة، هو مواجهة مباشرة وشرسة مع اليمين المتطرف.
ولهذا فإن الحزب يرفض مشاريع القوانين العنصرية والتي تستخدم كوسيلة للتطبيع مع النازيين الجدد، انطلاقا من أن الديمقراطية الحقيقية يجب ان تكون اجتماعية وبعيدة عن العنصرية. إن النضال ضد كارهي الديمقراطية من اليمين يتطلب سياسة اجتماعية متسقة تخفف الأعباء عن الناس وتجعل حياتهم أسهل مرة أخرى.